وسيله النجاه (مع حواشي الگلپايگاني)

اشارة

سرشناسه : اصفهاني، ابوالحسن، 1246 - 1325.

عنوان و نام پديدآور : وسيله النجاه/ تاليف ابو الحسن الاصفهاني.

مشخصات نشر : چاپخانه مهر [بي جا: بي نا]، [ 13] -

مشخصات ظاهري : 3ج.

يادداشت : عربي .

موضوع : فقه جعفري -- رساله عمليه

رده بندي كنگره : BP183/9/الف 6و5 1300ي

رده بندي ديويي : 297/3422

شماره كتابشناسي ملي : 1571924

ص: 1

الجزء الأول

اشارة

ص: 2

ص: 3

[مقدّمة (في أحكام التقليد]

اشارة

مقدّمة (في أحكام التقليد) اعلم أنه يجب (1) على كل مكلف غير بالغ مرتبة الاجتهاد في عباداته و معاملاته و تمام أعماله (2) و لو في المستحبات و المباحات أن يكون اما مقلدا أو محتاطا، بشرط أن يعرف موارد الاحتياط و لا يعرف ذلك الا القليل. فعمل العامي غير العارف بمواضع الاحتياط من غير تقليد باطل عاطل (3).

[مسألة: 1 يجوز العمل بالاحتياط و لو كان مستلزما للتكرار على الأقوى]

مسألة: 1 يجوز العمل بالاحتياط و لو كان مستلزما للتكرار على الأقوى.

[مسألة: 2 التقليد المصحح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتوى مجتهد معين]

مسألة: 2 التقليد المصحح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتوى مجتهد معين، و يتحقق بأخذ المسائل منه للعمل بها و ان لم يعمل بعد بها. نعم في مسألتي جواز البقاء على تقليد الميت و عدم جواز العدول من الحي إلى الحي يتوقف على العمل بها كما يأتي في المسألتين (4).

[مسألة: 3 يجب أن يكون المرجع للتقليد عالما مجتهدا عادلا ورعا في دين اللّٰه]

مسألة: 3 يجب أن يكون المرجع للتقليد عالما مجتهدا عادلا ورعا في دين اللّٰه كما وصفه عليه السلام بقوله «و أما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه».

[مسألة: 4 لا يجوز العدول من الحي إلى الحي في المسائل التي عمل]

مسألة: 4 لا يجوز (5) العدول من الحي إلى الحي في المسائل التي عمل.


1- قوله بإلزام من العقل.
2- في غير الضروريات و ما حصل له اليقين به.
3- على ما سيأتي تفصيله.
4- على الأحوط الاولى في البقاء فيقتصر فيه على ما عمل به، و أما في العدول فالأحوط تركه فيما أخذ للعمل و ان لم يعمل به الا إذا كان الثاني أعلم.
5- على الأحوط

ص: 4

بها إلا إذا كان الثاني أعلم، و أما ما لم يعمل بها فالظاهر جواز العدول (1) و لو الى المساوي.

[مسألة: 5 يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على الأحوط]

مسألة: 5 يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على الأحوط (2) و يجب الفحص عنه.

و إذا تساوى مجتهدان في العلم أو لم يعلم الأعلم منهما (3)، تخير بينهما، إلا إذا كان أحدهما المعين أورع أو أعدل فيتعين تقليده (4). و إذا تردد بين شخصين يحتمل أعلمية أحدهما المعين دون الأخر تعين تقليده.

[مسألة: 6 إذا كان الأعلم منحصرا في شخصين و لم يتمكن من تعيينه]

مسألة: 6 إذا كان الأعلم منحصرا في شخصين (5) و لم يتمكن من تعيينه تعين الأخذ بالاحتياط أو العمل بأحوط القولين منهما مع التمكن، و مع عدمه يكون مخيرا بينهما.

[مسألة: 7 يجب على العامي أن يقلد الأعلم في مسألة وجوب تقليد الأعلم]

مسألة: 7 يجب على العامي أن يقلد الأعلم في مسألة وجوب تقليد الأعلم، فان أفتى بوجوبه لا يجوز له تقليد غيره في المسائل الفرعية، و ان أفتى بجواز تقليد غير الأعلم فيتخير بين تقليده و تقليد غيره، و لا يجوز له تقليد غير الأعلم إذا أفتى بعدم وجوب تقليد الأعلم. نعم لو أفتى بوجوب تقليد الأعلم يجوز الأخذ بقوله، لكن لا من جهة حجية قوله بل لكونه موافقا للاحتياط.

[مسألة: 8 إذا كان مجتهدان متساويان في العلم يتخير العامي في الرجوع الى أيهما]

مسألة: 8 إذا كان مجتهدان متساويان في العلم يتخير العامي في الرجوع الى أيهما، كما يجوز له التبعيض في المسائل بأخذ بعضها من أحدهما و بعضها من آخر.

[مسألة: 9 يجب على العامي في زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن يعمل بالاحتياط]

مسألة: 9 يجب على العامي في زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن يعمل بالاحتياط (6).

[مسألة: 10 يجوز تقليد المفضول في المسائل التي توافق فتواه فتوى الأفضل فيها]

مسألة: 10 يجوز تقليد المفضول في المسائل التي توافق فتواه فتوى الأفضل فيها، بل فيما لم يعلم تخالفهما في الفتوى أيضا.


1- قوله بل الأحوط فيه أيضا تركه الا إذا كان الثاني اعلم.
2- فيما خالف فتواه مع فتوى غيره و علم به المكلف تفصيلا أو إجمالا في المسائل المبتلى بها.
3- بأن لم يعلم الأعلمية، و مع العلم بها و عدم العلم بالأعلم فهو مفروض المسألة الآتية.
4- على الأحوط الاولى.
5- و لم يحتمل تساويهما، و الا فمخير بينهما مطلقا بعد اليأس عن تعيين الأعلم.
6- و يجوز فيه الأخذ بأحوط الأقوال.

ص: 5

[مسألة: 11 إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل يجوز الرجوع في تلك المسألة إلى غيره]

مسألة: 11 إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل يجوز الرجوع في تلك المسألة إلى غيره، مع رعاية الأعلم فالأعلم على الأحوط.

[مسألة: 12 إذا قلد من ليس له أهلية الفتوى ثم التفت وجب عليه العدول]

مسألة: 12 إذا قلد من ليس له أهلية الفتوى ثم التفت وجب عليه العدول، و كذا إذا قلد غير الأعلم وجب العدول إلى الأعلم (1)، و كذا إذا قلد الأعلم ثم صار غيره أعلم منه.

[مسألة: 13 لا يجوز تقليد الميت ابتداء]

مسألة: 13 لا يجوز تقليد الميت ابتداء. نعم يجوز البقاء على تقليده في المسائل التي عمل بها في زمان حياته (2) أو الرجوع الى الحي الأعلم، و الرجوع أحوط، و لا يجوز بعد ذلك الرجوع الى فتوى الميت ثانيا و لا إلى حي آخر (3) الا الى أعلم منه. و يعتبر أن يكون البقاء بتقليد الحي، فلو بقي على تقليد الميت من دون الرجوع الى الحي الذي يفتي بجواز ذلك كان كمن عمل من غير تقليد (4).

[مسألة: 14 إذا قلد مجتهدا ثم مات فقلد غيره ثم مات فقلد في مسألة البقاء على تقليد الميت]

مسألة: 14 إذا قلد مجتهدا ثم مات فقلد غيره ثم مات فقلد في مسألة البقاء على تقليد الميت من يقول بوجوب البقاء أو جوازه، فهل يبقى على تقليد المجتهد الأول أو الثاني؟ الأظهر البقاء على تقليد الأول ان كان الثالث قائلا بوجوب البقاء و على تقليد الثاني (5) ان كان قائلا بجوازه.

[مسألة: 15 المأذون و الوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو الوصايا أو في أموال القصر]

مسألة: 15 المأذون و الوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو الوصايا أو في أموال القصر ينعزل بموت المجتهد، و أما المنصوب من قبله- بأن نصبه متوليا للوقف أو قيما على القصر- هل ينعزل بموته؟ فيه اشكال، فلا يترك الاحتياط بتحصيل النصب الجديد من المجتهد الحي (6).


1- قوله على الأحوط فيهما خالف قوله قول غيره.
2- أو أخذ فتواه للعمل و ان لم يعمل به. نعم الاقتصار في البقاء على ما عمل به هو الاولى و الأحوط.
3- على الأحوط.
4- بل كان كمن قلد من غير تقليد، فلو كان البقاء موافقا لفتوى مرجعه الحي صح جميع أعماله، و الا كان كمن عمل بلا تقليد.
5- إذا أراد البقاء، و الا فيجوز له الرجوع الى الحي أيضا.
6- أو تحصيل الاذن في التصرف.

ص: 6

[مسألة: 16 إذا عمل عملا من عبادة أو عقد أو إيقاع على طبق فتوى من يقلده]

مسألة: 16 إذا عمل عملا من عبادة أو عقد أو إيقاع على طبق فتوى من يقلده، فمات ذلك المجتهد فقلد من يقول ببطلانه، يجوز له البناء على صحة الأعمال السابقة (1) و لا يجب عليه إعادتها، و ان وجب عليه فيما يأتي العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني.

[مسألة: 17 إذا قلد مجتهدا من غير فحص عن حاله أو قطع بكونه جامعا للشرائط]

مسألة: 17 إذا قلد مجتهدا من غير فحص عن حاله أو قطع بكونه جامعا للشرائط ثم شك في أنه كان جامعا لها أم لا وجب عليه الفحص (2). و أما إذا أحرز كونه جامعا للشرائط ثم شك في زوال بعضها عنه كالعدالة و الاجتهاد لا يجب عليه الفحص، و يجوز البناء على بقاء حالته الأولى.

[مسألة: 18 إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقده للشرائط]

مسألة: 18 إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقده للشرائط من فسق أو جنون أو نسيان يجب العدول الى الجامع للشرائط و لا يجوز البقاء على تقليده، كما أنه لو قلد من لم يكن جامعا للشرائط و مضى عليه برهة من الزمان كان كمن لم يقلد أصلا، فحاله كحال الجاهل القاصر أو المقصر.

[مسألة: 19 يثبت الاجتهاد بالاختبار و بالشياع المفيد للعلم]

مسألة: 19 يثبت الاجتهاد بالاختبار و بالشياع المفيد للعلم و بشهادة العدلين (3) و كذا الأعلمية. و لا يجوز تقليد من لا يعلم أنه بلغ رتبة الاجتهاد و ان كان من أهل العلم، كما انه يجب على غير المجتهد أن يقلد أو يحتاط و ان كان من أهل العلم و قريبا من الاجتهاد.

[مسألة: 20 عمل الجاهل المقصر الملتفت من دون تقليد باطل]

مسألة: 20 عمل الجاهل المقصر الملتفت من دون تقليد باطل (4) و ان كان مطابقا للواقع، و أما عمل الجاهل القاصر أو المقصر الغافل مع تحقق قصد القربة فصحيح ان كان مطابقا لفتوى (5) المجتهد الذي يقلده بعد ذلك.


1- قوله و ان كان الأحوط ترتيب الآثار الفعلية للبطلان.
2- لجواز تقليده فعلا، و اما الأعمال السابقة فمحكومة بالصحة مع احتمالها بلا فحص.
3- من أهل الخبرة، و كذا في الأعلمية.
4- ان كان عباديا و لم يتمش منه القربة.
5- المناط في صحة العمل مطابقته للواقع، و فتوى المجتهد الذي يجب عليه تقليده طريق إليه.

ص: 7

[مسألة: 21 كيفية أخذ المسائل من المجتهد على أنحاء ثلاثة]

مسألة: 21 كيفية أخذ المسائل من المجتهد على أنحاء ثلاثة: «أحدها» السماع منه. «الثاني» نقل عدلين أو عدل واحد عنه، بل الظاهر كفاية نقل شخص واحد إذا كان ثقة يطمأن بقوله. «الثالث» الرجوع الى رسالته إذا كانت مأمونة من الغلط.

[مسألة: 22 إذا اختلف ناقلان في نقل فتوى المجتهد يؤخذ بقول أوثقهما]

مسألة: 22 إذا اختلف ناقلان في نقل فتوى المجتهد يؤخذ بقول أوثقهما، و مع تساويهما في الوثاقة يتساقطان. فإذا لم يمكن الرجوع الى المجتهد أو رسالته يعمل بما وافق الاحتياط من الفتويين، أو يعمل بالاحتياط.

[مسألة: 23 يجب تعلم مسائل الشك و السهو و غيرها مما هو محل الابتلاء غالبا]

مسألة: 23 يجب تعلم مسائل الشك و السهو و غيرها مما هو محل الابتلاء غالبا، كما يجب تعلم أجزاء العبادات و شرائطها و موانعها و مقدماتها. نعم لو علم (1) إجمالا أن عمله واجد لجميع الاجزاء و الشرائط و فاقد للموانع صح و ان لم يعلم تفصيلا.

[مسألة: 24 إذا علم انه كان في عباداته بلا تقليد مدة من الزمان و لم يعلم مقداره]

مسألة: 24 إذا علم انه كان في عباداته بلا تقليد مدة من الزمان و لم يعلم مقداره، فان علم بكيفيتها و موافقتها لفتوى المجتهد الذي رجع اليه فهو، و الا فالأحوط (2) أن يقضي الأعمال السابقة بمقدار يعلم معه بالبراءة.

[مسألة: 25 إذا كانت أعماله السابقة مع التقليد و لا يعلم أنه كان عن تقليد صحيح أم فاسد]

مسألة: 25 إذا كانت أعماله السابقة مع التقليد و لا يعلم أنه كان عن تقليد صحيح أم فاسد يبني على الصحة.

[مسألة: 26 إذا مضت مدة من بلوغه و شك بعد ذلك في أن أعماله كانت عن تقليد صحيح أم لا]

مسألة: 26 إذا مضت مدة من بلوغه و شك بعد ذلك في أن أعماله كانت عن تقليد صحيح أم لا، يجوز له البناء على الصحة في أعماله السابقة، و في اللاحقة يجب عليه التصحيح فعلا.

[مسألة: 27 يعتبر في المفتي و القاضي العدالة]

مسألة: 27 يعتبر في المفتي و القاضي العدالة، و تثبت بشهادة عدلين و بالمعاشرة المفيدة للعلم أو الاطمئنان و بالشياع المفيد للعلم.

[مسألة: 28 العدالة عبارة عن «ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى]

مسألة: 28 العدالة عبارة عن «ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى من


1- قوله أو اطمأن بذلك، و كذا إذا لم يطمئن لكن أتى به برجاء عدم الشك فلم يتفق أو اتفق و عمل بوظيفته برجاء المطابقة فاتفق التطابق.
2- و ان كان لا يبعد جواز الاكتفاء بالقدر المتيقن.

ص: 8

ترك المحرمات و فعل الواجبات». و تعرف بحسن الظاهر و مواظبته في الظاهر على الشرعيات و الطاعات، و مزايا الشرع من حضور الجماعات و غيره مما كان كاشفا عن الملكة و حسن الباطن علما أو ظنا (1). و تعرف أيضا بشهادة العدلين، و بالشياع المفيد للعلم.

[مسألة: 29 تزول صفة العدالة بارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر]

مسألة: 29 تزول صفة العدالة بارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر، و تعود بالتوبة إذا كانت الملكة المذكورة باقية.

[مسألة: 30 إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه اعلام من تعلم منه]

مسألة: 30 إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه اعلام من تعلم منه.

[مسألة: 31 إذا اتفق في أثناء الصلاة مسألة لا يعلم حكمها و لم يتمكن حينئذ من استعلامها]

مسألة: 31 إذا اتفق في أثناء الصلاة مسألة لا يعلم حكمها و لم يتمكن حينئذ من استعلامها بنى على أحد الطرفين بقصد أن يسأل عن الحكم بعد الصلاة و أن يعيدها إذا ظهر كون المأتي به خلاف الواقع، فلو فعل كذلك فظهرت المطابقة صحت صلاته.

[مسألة: 32 الوكيل في عمل عن الغير كاجراء عقد أو إيقاع أو أداء خمس]

مسألة: 32 الوكيل في عمل عن الغير كاجراء عقد أو إيقاع أو أداء خمس أو زكاة أو كفارة أو نحوها يجب عليه أن يعمل بمقتضى تقليد الموكل لا تقليد نفسه إذا كانا مختلفين، بخلاف الوصي في مثل ما لو كان وصيا في استيجار الصلاة عن الميت يجب أن يستأجر على وفق فتوى مجتهده (2) لا مجتهد الميت و كذلك الولي.

[مسألة: 33 إذا وقعت معاملة بين شخصين و كان أحدهما مقلدا لمن يقول بصحتها]

مسألة: 33 إذا وقعت معاملة بين شخصين و كان أحدهما مقلدا لمن يقول بصحتها و الأخر مقلدا لمن يقول ببطلانها يجب على كل منهما مراعاة فتوى مجتهده، فلو وقع النزاع بينهما يترافعان عند أحد المجتهدين أو عند مجتهد آخر فيحكم بينهما على طبق فتواه و ينفذ حكمه على الطرفين. و كذا الحال فيما إذا وقع إيقاع متعلق بشخصين كالطلاق و العتق و نحوهما.

[مسألة: 34 الاحتياط المطلق في مقام الفتوى من غير سبق فتوى على خلافه أو لحوقها كذلك]

مسألة: 34 الاحتياط المطلق في مقام الفتوى من غير سبق فتوى على خلافه أو لحوقها كذلك لا يجوز تركه، بل يجب اما العمل بالاحتياط أو الرجوع الى الغير.


1- قوله الظاهر كفاية حسن الظاهر و ان لم يورث الظن.
2- هذا إذا كان وصيا لاستئجار صلاة صحيحة مثلا، و أما ان كان وصيا لاستئجار صلاة بكيفية خاصة فلا يجوز له التخطي عنها، و كذلك الأجير.

ص: 9

الأعلم فالأعلم. و أما إذا كان الاحتياط في الرسائل العملية مسبوقا بالفتوى على خلافه- كما لو قال بعد الفتوى في المسألة «و ان كان الأحوط كذا»- أو ملحوقا بالفتوى على على خلافه- كأن يقول «الأحوط كذا و ان كان الحكم كذا» أو «و ان كان الأقوى كذا»- أو كان مقرونا بما يظهر منه الاستحباب- كأن يقول «الاولى و الأحوط كذا»- جاز في الموارد الثلاثة ترك الاحتياط.

ص: 10

[كتاب الطهارة]

اشارة

كتاب الطهارة

[ (فصل: في المياه)]

اشارة

(فصل: في المياه) الماء اما مطلق أو مضاف كالمعتصر من الأجسام كماء الرقي و الرمان، و الممتزج بغيره مما يخرجه عن صدق اسم الماء كماء السكر و الملح.

و المطلق أقسام: الجاري، و النابع بغير جريان، و البئر، و المطر، و الواقف و يقال له الراكد.

[مسألة: 1 الماء المضاف طاهر في نفسه و غير مطهر لا من الحدث و لا من الخبث]

مسألة: 1 الماء المضاف طاهر في نفسه و غير مطهر لا من الحدث و لا من الخبث، و لو لاقى نجسا ينجس جميعه و ان كان ألف كر. نعم إذا كان جاريا من العالي الى السافل (1) و لاقى أسفله النجاسة تختص النجاسة بموضع الملاقاة (2) و لا تسري الى الفوق.

[مسألة: 2 الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن الإطلاق]

مسألة: 2 الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن الإطلاق. نعم لو مزج معه غيره و صعد يصير مضافا (3) كماء الورد و نحوه، كما ان المضاف المصعد يكون مضافا (4).

[مسألة: 3 إذا شك في مائع انه مطلق أو مضاف، فان علم حالته السابقة يبنى عليها]

مسألة: 3 إذا شك في مائع انه مطلق أو مضاف، فان علم حالته السابقة يبنى عليها، و الا فلا يرفع حدثا و لا خبثا. و إذا لاقى النجاسة فإن كان قليلا ينجس قطعا، و ان كان كثيرا فالظاهر أنه يحكم بطهارته.

[مسألة: 4 الماء المطلق بجميع أقسامه يتنجس فيما إذا تغير بسبب ملاقاة النجاسة أحد أوصافه]

مسألة: 4 الماء المطلق بجميع أقسامه يتنجس فيما إذا تغير بسبب ملاقاة.


1- قوله الظاهر أن المدار في عدم السراية على الدفع عن قوة و لو من السافل كالفوارة.
2- و ما بعده.
3- إذا كان بحيث يخرجه عن صدق الماء المطلق.
4- في بعض الموارد و لا تخفى مصاديقه.

ص: 11

النجاسة أحد أوصافه اللون و الطعم و الرائحة، و لا يتنجس فيما إذا تغير بالمجاورة، كما إذا كان قريبا من جيفة فصار جائفا. نعم إذا وقعت الجيفة خارج الماء و وقع جزء منها في الماء و تغير بسبب المجموع من الداخل و الخارج تنجس (1).

[مسألة: 5 المعتبر تأثر الماء بأوصاف النجاسة لا المتنجس]

مسألة: 5 المعتبر تأثر الماء بأوصاف النجاسة لا المتنجس، فإذا أحمر الماء بالبقم المتنجس لا ينجس إذا كان الماء مما لا يتنجس بمجرد الملاقاة كالكر و الجاري.

[مسألة: 6 المناط تغير أحد الأوصاف الثلاثة بسبب النجاسة و ان كان من غير سنخ وصف النجس]

مسألة: 6 المناط تغير أحد الأوصاف الثلاثة بسبب النجاسة و ان كان من غير سنخ وصف النجس، فلو اصفر الماء مثلا بوقوع الدم فيه تنجس.

[مسألة: 7 لو وقع في الماء المعتصم متنجس حامل لوصف النجس بوقوعه فيه]

مسألة: 7 لو وقع في الماء المعتصم متنجس حامل لوصف النجس بوقوعه فيه فغيره بوصف النجس تنجس على الأقوى (2)، كما إذا وقعت ميتة في ماء فغيرت ريحه ثم أخرجت الميتة منه و صب ذلك الماء في كر فغير ريحه.

[مسألة: 8 الماء الجاري- و هو النابع السائل- لا ينجس بملاقاة النجس كثيرا كان أو قليلا]

مسألة: 8 الماء الجاري- و هو النابع السائل- لا ينجس بملاقاة النجس كثيرا كان أو قليلا، و يلحق به النابع الواقف كبعض العيون، و كذلك البئر على الأقوى، فلا تنجس المياه المزبورة إلا بالتغير كما مر.

[مسألة: 9 الراكد المتصل بالجاري حكمه حكم الجاري]

مسألة: 9 الراكد المتصل بالجاري حكمه حكم الجاري، فالغدير المتصل بالنهر بساقية و نحوها كالنهر، و كذا أطراف النهر و ان كان ماؤها واقفا.

[مسألة: 10 يطهر الجاري و ما في حكمه إذا تنجس بالتغير إذا زال تغيره]

مسألة: 10 يطهر الجاري و ما في حكمه إذا تنجس بالتغير إذا زال تغيره (3) و لو من قبل نفسه.

[مسألة: 11 الراكد بلا مادة ينجس بملاقاة النجس إذا كان دون الكر]

مسألة: 11 الراكد بلا مادة ينجس بملاقاة النجس إذا كان دون الكر، سواء كان واردا على النجاسة (4) أو مورودا، و يطهر بالاتصال بماء معتصم كالجاري و الكر و ماء المطر و لو لم يحصل الامتزاج على الأقوى (5) ..


1- قوله على الأحوط.
2- مع صدق التغير بالنجاسة.
3- الأحوط اعتبار الامتزاج في تطهير مطلق المياه.
4- إلا في الغسالة فيأتي حكمها ان شاء اللّٰه.
5- القوة ممنوعة، بل الأحوط خلافه كما مر.

ص: 12

[مسألة: 12 إذا كان الماء قليلا و شك في أن له مادة أم لا]

مسألة: 12 إذا كان الماء قليلا و شك في أن له مادة أم لا، فان كان في السابق ذا مادة و شك في انقطاعها يبنى على الحالة الاولى، و الا يحكم بنجاسته (1) بملاقاة النجاسة.

[مسألة: 13 الراكد إذا بلغ كرا لا ينجس بالملاقاة و لا ينجس الا بالتغير]

مسألة: 13 الراكد إذا بلغ كرا لا ينجس بالملاقاة و لا ينجس الا بالتغير، و إذا تغير بعضه فان كان الباقي بمقدار كر يبقى غير المتغير على طهارته، و يطهر المتغير إذا زال تغيره لأجل اتصاله بالباقي الذي يكون كرا، و لا يحتاج الى الامتزاج على الأقوى (2) و إذا كان الباقي دون الكر ينجس الجميع، المقدار المتغير بالتغير و الباقي بالملاقاة.

[مسألة: 14 الكر له تقديران: أحدهما بحسب الوزن، و الأخر بحسب المساحة]

مسألة: 14 الكر له تقديران: أحدهما بحسب الوزن، و الأخر بحسب المساحة.

أما بحسب الوزن فهو ألف و مائتا رطل بالعراقي، و هو بحسب حقة كربلاء و النجف المشرفتين- التي هي عبارة عن تسعمائة و ثلاثة و ثلاثين مثقالا و ثلث مثقال- خمس و ثمانون حقة و ربع و نصف ربع بقالي و مثقالان و نصف مثقال صيرفي، و بحسب حقة اسلامبول- و هي مائتان و ثمانون مثقالا- مائتا حقة و اثنتان و تسعون حقة و نصف حقة، و بحسب المن الشاهي- و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا- يصير أربعة و ستين منا الا عشرين مثقالا، و بحسب المن التبريزي يصير مائة و ثمانية و عشرين منا الا عشرين مثقالا، و بحسب من البمبئي- و هو أربعون سيرا و كل سير سبعون مثقالا- يصير تسعة و عشرين منا و ربع من.

و أما بحسب المساحة فهو ما بلغ مكسره- أعني حاصل ضرب أبعاده الثلاثة بعضها في بعض- ستة و ثلاثين شبرا (3) على الأحوط، و ان كان الأقوى كفاية بلوغه سبعة و عشرين.

[مسألة: 15 الماء المشكوك الكرية ان علم حالته السابقة يبنى على تلك الحالة]

مسألة: 15 الماء المشكوك الكرية ان علم حالته السابقة يبنى على تلك الحالة، و الا فالأقوى عدم تنجسه بالملاقاة و ان لم يجر عليه باقي أحكام الكر ..


1- قوله على الأحوط و ان كان الأقوى طهارته.
2- قد مر أن القوة ممنوعة و الأحوط خلافها.
3- بل ثلاثة و أربعين شبرا الا ثمن شبر على الأقوى كما هو المشهور.

ص: 13

[مسألة: 16 إذا كان الماء قليلا فصار كرا و قد علم ملاقاته للنجاسة و لم يعلم سبق الملاقاة على الكرية أو العكس]

مسألة: 16 إذا كان الماء قليلا فصار كرا و قد علم ملاقاته للنجاسة و لم يعلم سبق الملاقاة على الكرية أو العكس، يحكم بطهارته إلا إذا علم تاريخ الملاقاة دون الكرية. و أما إذا كان الماء كرا فصار قليلا و قد علم ملاقاته للنجاسة و لم يعلم سبق الملاقاة على القلة أو العكس، فالظاهر الحكم بطهارته مطلقا حتى فيما إذا علم تاريخ القلة.

[مسألة: 17 ماء المطر حال نزوله من السماء كالجاري]

مسألة: 17 ماء المطر حال نزوله من السماء كالجاري، فلا ينجس ما لم يتغير، و الأحوط اعتبار كونه بمقدار يجري على الأرض الصلبة، و ان كان كفاية صدق المطر عليه لا يخلو من قوة.

[مسألة: 18 المراد بماء المطر الذي لا يتنجس الا بالتغير القطرات النازلة]

مسألة: 18 المراد بماء المطر الذي لا يتنجس الا بالتغير القطرات النازلة و المجتمع منها تحت المطر حال تقاطره عليه، و كذا المجتمع المتصل بما يتقاطر عليه المطر، فالماء الجاري من الميزاب تحت سقف حال عدم انقطاع المطر كالماء المجتمع فوق السطح المتقاطر عليه المطر.

[مسألة: 19 يطهر الماء كلما أصابه من المتنجسات القابلة للتطهير من الماء و الأرض و الفرش و الأواني]

مسألة: 19 يطهر الماء كلما أصابه من المتنجسات القابلة للتطهير من الماء و الأرض و الفرش و الأواني، و لا يحتاج في الأول إلى الامتزاج على الأقوى (1)، كما أنه لا يحتاج في الفرش الى العصر و التعدد، بل لا يحتاج في الأواني أيضا الى التعدد.

نعم إذا كان متنجسا بولوغ الكلب يشكل طهارته بدون التعفير، فالأحوط (2) أن يعفر أو لا ثم يوضع تحت المطر، فإذا نزل عليه يطهر من دون حاجة الى التعدد.

[مسألة: 20 الفرش النجس إذا وصل الى جميعه المطر و نفذ في جميعه يطهر جميعه ظاهرا و باطنا]

مسألة: 20 الفرش النجس إذا وصل الى جميعه المطر و نفذ في جميعه يطهر جميعه ظاهرا و باطنا، و إذا أصاب بعضه يطهر ذلك البعض، و إذا أصاب ظاهره و لم ينفذ فيه يطهر ظاهره فقط.

[مسألة: 21 إذا كان السطح نجسا فنفذ فيه الماء و تقاطر حال نزول المطر يكون طاهرا]

مسألة: 21 إذا كان السطح نجسا فنفذ فيه الماء و تقاطر حال نزول المطر يكون طاهرا، و ان كانت عين النجس موجودة على السطح و كان الماء المتقاطر مارا


1- قد مر أن القوة ممنوعة و ان الأحوط اعتبار الامتزاج.
2- بل الأقوى.

ص: 14

عليها و كذلك المتقاطر بعد انقطاع المطر إذا احتمل كونه من الماء المحتبس في أعماق السقف أو كونه غير مار على عين النجس (1) بعد انقطاع المطر. نعم إذا علم أنه من الماء المار على عين النجس بعد انقطاع المطر يكون نجسا.

[سألة: 22 الماء الراكد النجس يطهر بنزول المطر عليه و بالاتصال بماء معتصم كالكر و الجاري]

مسألة: 22 الماء الراكد النجس يطهر بنزول المطر عليه و بالاتصال بماء معتصم كالكر و الجاري، و ان لم يحصل الامتزاج على الأقوى (2). و لا يعتبر كيفية خاصة في الاتصال، بل المدار على مطلقه و لو بساقية أو ثقب بينهما، كما لا يعتبر علو المعتصم أو تساويه مع الماء النجس. نعم لو كان النجس جاريا من الفوق على المعتصم فالظاهر عدم كفاية هذا الاتصال في طهارة الفوقاني في حال جريانه عليه.

[مسألة: 23 الماء المستعمل في الوضوء لا إشكال في كونه طاهرا و مطهرا للحدث و الخبث]

مسألة: 23 الماء المستعمل في الوضوء لا إشكال في كونه طاهرا و مطهرا للحدث و الخبث، كما لا إشكال في كون المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهرا و مطهرا للخبث. و في كونه مطهرا للحدث اشكال (3)، فلا يترك الاحتياط في التجنب عنه مع وجود غيره و الجمع بين التطهير به و بين التيمم مع الانحصار به.

[مسألة: 24 الماء المستعمل في رفع الخبث المسمى بالغسالة طاهر فيما لا يحتاج الى التعدد]

مسألة: 24 الماء المستعمل في رفع الخبث المسمى بالغسالة طاهر فيما لا يحتاج الى التعدد، و في الغسلة الأخيرة فيما يحتاج اليه، و في غير الأحوط الاجتناب (4)

[مسألة: 25 ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط طاهر إذا لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة]

مسألة: 25 ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط طاهر إذا لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، و لم يكن فيه أجزاء متميزة من الغائط، و لم يتعد فاحشا على وجه لا يصدق معه الاستنجاء، و لم يصل إليه نجاسة من خارج، و منه ما إذا خرج مع البول أو الغائط نجاسة أخرى مثل الدم. نعم الدم الذي يعد جزءا من البول أو الغائط لا بأس به (5).

[مسألة: 26 لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء سبق الماء على اليد]

مسألة: 26 لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء سبق الماء على اليد، و ان كان أحوط.


1- أو المتنجس.
2- قد مر ان القوة ممنوعة و ان الأحوط اعتبار الامتزاج.
3- الأقوى كونه مطهرا له أيضا.
4- بل الأقوى في المزيلة لعين النجاسة الاجتناب.
5- ان كان مستهلكا و الا ففيه اشكال و الأحوط الاجتناب عنه.

ص: 15

[مسألة: 27 إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة كإناء في عشرة يجب الاجتناب عن الجميع]

مسألة: 27 إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة كإناء في عشرة يجب الاجتناب عن الجميع، لكن إذا لاقى أحد الأطراف شي ء لا يحكم بنجاسته إلا إذا كانت الحالة السابقة فيها النجاسة، فالأحوط لو لم يكن الأقوى الحكم بنجاسة الملاقي.

[مسألة: 28 لو أريق أحد الإناءين المشتبهين يجب الاجتناب عن الأخر.]

مسألة: 28 لو أريق أحد الإناءين المشتبهين يجب الاجتناب عن الأخر.

[ (فصل: في أحكام التخلي)]

اشارة

(فصل: في أحكام التخلي)

[مسألة: 1 يجب في حال التخلي كسائر الأحوال ستر العورة عن الناظر المحترم]

مسألة: 1 يجب في حال التخلي كسائر الأحوال ستر العورة عن الناظر المحترم، رجلا كان أو امرأة، حتى المجنون (1) أو الطفل المميز، كما يحرم النظر إلى عورة الغير و لو كان المنظور مجنونا أو طفلا مميزا. نعم لا يجب سترها عن غير المميز، كما يجوز النظر الى عورته. و كذا الحال في الزوجين و المالك و مملوكته ناظرا و منظورا. و أما المالكة و مملوكها فلا يجوز لكل منهما النظر إلى عورة الأخر، بل إلى سائر بدنه أيضا على الأظهر. و العورة في المرأة هنا القبل و الدبر، و في الرجل هما مع البيضتين، و ليس منها الفخذان و لا الأليتان، بل و لا العانة و لا العجان. نعم في الشعر النابت أطراف العورة الأحوط (2) الاجتناب ناظرا و منظورا، كما أنه يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة بل الى نصف الساق.

[مسألة: 2 يكفي الستر بكل ما يستر و لو بيده أو يد زوجته مثلا]

مسألة: 2 يكفي الستر بكل ما يستر و لو بيده أو يد زوجته مثلا.

[مسألة: 3 لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزجاج، بل و لا في المرآة و الماء الصافي]

مسألة: 3 لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزجاج، بل و لا في المرآة و الماء الصافي.

[مسألة: 4 لو اضطر الى النظر إلى عورة الغير- كما في مقام العلاج]

مسألة: 4 لو اضطر الى النظر إلى عورة الغير- كما في مقام العلاج فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة المقابل لها ان اندفع الاضطرار بذلك، و الا فلا بأس.

[مسألة: 5 يحرم في حال التخلي استدبار القبلة و استقبالها بمقاديم بدنه]

مسألة: 5 يحرم في حال التخلي استدبار القبلة و استقبالها بمقاديم بدنه،


1- إذا كان مميزا.
2- و الأقوى عدم لزومه خصوصا البعيدة منها.

ص: 16

و هي الصدر و البطن و الركبتان (1) و ان أمال العورة عنها، و الأحوط ترك الاستقبال بعورته فقط و ان لم يكن مقاديم بدنه إليها، و الأقوى عدم حرمتها في حال الاستبراء (2) أو الاستنجاء، و ان كان الترك أحوط خصوصا في الأول. و لو اضطر إلى أحدهما تخير، و الأحوط اختيار الاستدبار. و لو دار أمره بين أحدهما و ترك الستر عن الناظر اختار الستر، و لو اشتبهت القبلة بين الجهات يتخير بينها (3)، و لا يبعد العمل (4) بالظن لو كان.

[ (فصل: في الاستنجاء)]

اشارة

(فصل: في الاستنجاء)

[مسألة: 1 يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين على الأحوط]

مسألة: 1 يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين على الأحوط، و الأفضل ثلاث، و لا يجزي غير الماء. و يتخير في مخرج الغائط بين الغسل بالماء و المسح بشي ء قالع للنجاسة كالحجر و المدر و الخرق و غيرها، و الغسل أفضل، و الجمع بينهما أكمل. و لا يعتبر في الغسل التعدد، بل الحد النقاء. و في المسح لا بد من ثلاث، و ان حصل النقاء بالأقل على الأحوط، و إذا لم يحصل النقاء بالثلاث فإلى النقاء. و يجزي ذو الجهات الثلاث، و ان كان الأحوط (5) ثلاثة منفصلات. و يعتبر فيما يمسح به الطهارة، فلا يجزي النجس و لا المتنجس قبل تطهيره. و يعتبر أن لا يكون فيه رطوبة مسرية، فلا يجزي الطين و الخرقة المبلولة. نعم لا تضر النداوة التي لا تسري.

[مسألة: 2 يجب في الغسل بالماء ازالة العين و الأثر]

مسألة: 2 يجب في الغسل بالماء ازالة العين و الأثر أعني الأجزاء الصغار التي لا ترى- و في المسح يكفي إزالة العين و لا يضر بقاء الأثر.

[مسألة: 3 انما يكتفى بالمسح في الغائط إذا لم يتعد المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء]

مسألة: 3 انما يكتفى بالمسح في الغائط إذا لم يتعد المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، و أن لا يكون في المحل نجاسة من الخارج، حتى إذا خرج


1- المناط في الحرمة صدق الاستقبال و الاستدبار عرفا في حال التخلي، و لا دخل للركبتين إلا إذا كان قائما في حال التخلي، و كذا بعض حالات الجلوس.
2- في غير حال خروج القطرات، و أما فيه فالأقوى الحرمة.
3- بعد اليأس عن تمييز القبلة و تعسر التأخير إلى التمييز.
4- عند الاضطرار و الحرج.
5- لا يترك.

ص: 17

مع الغائط نجاسة أخرى كالدم يتعين الماء.

[مسألة: 4 يحرم الاستنجاء بالمحترمات]

مسألة: 4 يحرم الاستنجاء بالمحترمات، و كذا بالعظم (1) و الروث على الأحوط، لكن لو فعل يطهر المحل على الأقوى.

[مسألة: 5 لا يجب الدلك باليد في مخرج البول و ان احتمل خروج المذي معه]

مسألة: 5 لا يجب الدلك باليد في مخرج البول و ان احتمل خروج المذي معه، و ان كان الأحوط (2) الدلك في هذه الصورة.

[ (فصل: في الاستبراء)]

اشارة

(فصل: في الاستبراء) و كيفيته (3) أن يمسح بقوة ما بين المقعد و أصل الذكر ثلاثا، ثم يضع سبابته مثلا تحت الذكر و إبهامه فوقه و يمسح بقوة الى رأسه ثلاثا، ثم يعصر رأسه ثلاثا.

فإذا رأى بعد ذلك رطوبة مشتبهة لا يدري أنها بول أو غيره فيحكم بطهارته و عدم ناقضيته للوضوء لو توضأ قبل خروجها، بخلاف ما إذا لم يستبرئ فإنه يحكم بنجاستها و ناقضيتها، و هذا هو فائدة الاستبراء. و يلحق به في الفائدة المزبورة على الأقوى طول المدة و كثرة الحركة، بحيث يقطع بعدم بقاء شي ء في المجرى و ان البلل الخارج المشتبه نزل من الأعلى، فيحكم بطهارته و عدم ناقضيته.

[مسألة: 1 لا يلزم المباشرة في الاستبراء، فيكفي أن باشره غيره كزوجته أو مملوكته]

مسألة: 1 لا يلزم المباشرة في الاستبراء، فيكفي أن باشره غيره كزوجته أو مملوكته.

[مسألة: 2 إذا شك في الاستبراء يبنى على عدمه]

مسألة: 2 إذا شك في الاستبراء يبنى على عدمه، و لو مضت مدة و كان من عادته. نعم لو استبرأ و شك بعد ذلك انه كان على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحة.

[مسألة: 3 إذا شك من لم يستبرئ في خروج الرطوبة و عدمه بنى على عدمه]

مسألة: 3 إذا شك من لم يستبرئ في خروج الرطوبة و عدمه بنى على عدمه، كما إذا رأى في ثوبه رطوبة مشتبهة لا يدري أنها خرجت منه أو وقعت عليه من الخارج


1- الحكم بالحرمة فيها مشكل، و كذا الحكم بحصول الطهارة بها.
2- لا يترك.
3- الظاهر عدم تعيين تلك الكيفية و لا مستند لها الا كونها مذكورة في كلمات بعض العلماء، و لا بأس به.

ص: 18

فيحكم بطهارتها و عدم انتقاض الوضوء معها.

[مسألة: 4 إذا علم أن الخارج منه مذي و لكن شك في أنه خرج معه بول أم لا]

مسألة: 4 إذا علم أن الخارج منه مذي و لكن شك في أنه خرج معه بول أم لا لا يحكم عليه بالنجاسة و لا الناقضية، الا أن يصدق عليه الرطوبة المشتبهة، كأن يشك في أن هذا الموجود هل هو بتمامه مذي أو مركب منه و من البول.

[مسألة: 5 إذا بال و توضأ ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول و المني]

مسألة: 5 إذا بال و توضأ ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول و المني، فإن استبرأ بعد البول يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء و الغسل، و ان لم يستبرئ فكذلك في وجه لا يخلو من قوة (1)، و ان خرجت الرطوبة المشتبهة قبل أن يتوضأ يكتفى بالوضوء خاصة و لا يجب عليه الغسل، سواء استبرأ بعد البول أم لم يستبرئ.

[فصل: في الوضوء]

(فصل: في الوضوء) و الكلام في: واجباته، و شرائطه، و موجباته، و غاياته، و أحكام الخلل.

[القول في الواجبات]
اشارة

القول في الواجبات:

[مسألة: 1 الواجب في الوضوء غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و القدمين]

مسألة: 1 الواجب في الوضوء غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و القدمين، و المراد بالوجه ما بين قصاص الشعر و طرف الذقن طولا و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى (2) عرضا، فما خرج عن ذلك لا يجب غسله. نعم يجب غسل شي ء مما خرج عن الحد المذكور للمقدمة لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحد.

[مسألة: 2 يجب أن يكون الغسل من أعلى الوجه]

مسألة: 2 يجب أن يكون الغسل من أعلى الوجه، و لا يجوز الغسل منكوسا.

نعم لو رد الماء منكوسا و لكن نوى الغسل من الأعلى برجوعه جاز.

[مسألة: 3 لا يجب غسل ما استرسل من اللحية]

مسألة: 3 لا يجب غسل ما استرسل من اللحية، أما ما دخل منها في حد الوجه فإنه يجب غسله، لكن الواجب غسل الظاهر منه، من غير فرق بين الكثيف و الخفيف مع صدق إحاطة الشعر بالبشرة، و ان كان التخليل في الثاني أحوط.

و أما اليدان فالواجب غسلهما من المرفقين إلى أطراف الأصابع، و يجب غسل


1- لا قوة فيه و لكنه أحوط.
2- في المتعارف منها، و أما غير المتعارف فيغسل من وجهه ما يغسله المتعارف منها.

ص: 19

شي ء من العضد للمقدمة كالوجه. و لا يجوز ترك شي ء من الوجه أو اليدين بلا غسل و لو مقدار مكان شعرة.

[مسألة: 4 لا يجب غسل شي ء من البواطن كالعين و الأنف و الفم]

مسألة: 4 لا يجب غسل شي ء من البواطن كالعين و الأنف و الفم إلا شي ء منها من باب المقدمة، و ما لا يظهر من الشفتين بعد الانطباق من الباطن فلا يجب غسله، كما لا يجب غسل باطن الثقبة التي في الأنف موضع الحلقة أو الخزامة، سواء كانت الحلقة فيها أم لا.

[مسألة: 5 الوسخ تحت الأظفار لا يجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدودا من الظاهر]

مسألة: 5 الوسخ تحت الأظفار لا يجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدودا من الظاهر، كما أنه لو قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا وجب غسله بعد ازالة الوسخ عنه.

[مسألة: 6 إذا انقطع لحم من اليدين أو الوجه وجب غسل ما ظهر بعد القطع]

مسألة: 6 إذا انقطع لحم من اليدين أو الوجه وجب غسل ما ظهر بعد القطع، و يجب غسل ذلك اللحم أيضا و ان كان اتصاله بجلدة رقيقة.

[مسألة: 7 الشقوق التي تحدث على ظهر الكف من جهة البرد ان كانت وسيعة يرى جوفها]

مسألة: 7 الشقوق التي تحدث على ظهر الكف من جهة البرد ان كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها و الا فلا.

[مسألة: 8 ما يعلو البشرة مثل الجدري عند الاحتراق ما دام باقيا يكفي غسل ظاهره و ان انخرق]

مسألة: 8 ما يعلو البشرة مثل الجدري عند الاحتراق ما دام باقيا يكفي غسل ظاهره و ان انخرق، و لا يجب إيصال الماء تحت الجلدة، بل لو قطع بعض الجلدة و بقي البعض الأخر يكفي غسل ظاهر ذلك البعض و لا يجب قطعه بتمامه، و لو ظهر ما تحت الجلدة بتمامه لكن الجلدة متصلة قد تلصق و قد لا تلصق يجب غسل ما تحتها، و ان كانت لاصقة يجب رفعها أو قطعها.

[مسألة: 9 يصح الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى]

مسألة: 9 يصح الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى، لكن في اليد اليسرى لا بد أن يقصد الغسل حال الإخراج حتى لا يلزم المسح بماء جديد، بل و كذا في اليد اليمنى الا أن يبقي شيئا من اليد اليسرى ليغسله باليد اليمنى حتى يكون ما يبقى عليها من الرطوبة من ماء الوضوء.

[مسألة: 10 يجب رفع ما يمنع وصول الماء أو تحريكه كالخاتم و نحوه]

مسألة: 10 يجب رفع ما يمنع وصول الماء أو تحريكه كالخاتم و نحوه،

ص: 20

و لو شك في وجود الحاجب لم يلتفت إذا لم يكن منشأ عقلائي لاحتمال وجوده، و لو شك في أنه حاجب أم لا وجب إزالته أو إيصال الماء الى ما تحته.

[مسألة: 11 ما ينجمد على الجرح عند البرء و يصير كالجلدة لا يجب رفعه]

مسألة: 11 ما ينجمد على الجرح عند البرء و يصير كالجلدة لا يجب رفعه و يجزي غسل ظاهره و ان كان رفعه سهلا، و اما الدواء الذي انجمد عليه فما دام لم يمكن رفعه يكون بمنزلة الجبيرة (1) يكفي غسل ظاهره، و ان أمكن رفعه بسهولة وجب.

[مسألة: 12 الوسخ على البشرة ان لم يكن جرما مرئيا لا يجب إزالته]

مسألة: 12 الوسخ على البشرة ان لم يكن جرما مرئيا لا يجب إزالته و ان كان عند المسح بالكيس يجتمع و يكون كثيرا ما دام يصدق عليه غسل البشرة، و كذا مثل البياض الذي يتبين على اليد من الجص أو النورة إذا كان يصل الماء الى تحته و يصدق غسل البشرة، و لو شك في كونه حاجبا وجب إزالته.

و أما مسح الرأس فالواجب مسح شي ء من مقدمه، و الأحوط عدم الاجتزاء بما دون عرض إصبع (2)، و أحوط منه مسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة، بل الاولى كون المسح بالثلاثة. و المرأة كالرجل في ذلك.

[مسألة: 13 لا يجب كون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على المقدم]

مسألة: 13 لا يجب كون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على المقدم. نعم إذا كان الشعر الذي منبته مقدم الرأس طويلا بحيث يتجاوز بمده عن حده لا يجوز المسح على ذلك المقدار المتجاوز، سواء كان مسترسلا أو مجتمعا في المقدم.

[مسألة: 14 يجب أن يكون المسح بباطن الكف]

مسألة: 14 يجب أن يكون المسح بباطن الكف، و الأحوط الأيمن، بل الأولى بالأصابع منه، و أن يكون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء، فلا يجوز استيناف ماء جديد.

[مسألة: 15 يجب جفاف الممسوح على وجه لا ينتقل منه أجزاء الى الماسح]

مسألة: 15 يجب جفاف الممسوح على وجه لا ينتقل منه أجزاء الى الماسح، و أما مسح القدمين فالواجب مسح ظاهرهما من أطراف الأصابع إلى المفصل على


1- سيأتي حكمها إن شاء اللّٰه تعالى.
2- و ان كان يكفى المسمى.

ص: 21

الأحوط طولا. و لا تقدير للعرض، فيجزي ما يتحقق به اسم المسح، و الأفضل بل الأحوط أن يكون بتمام الكف. و ما تقدم في مسح الرأس- من تجفيف الممسوح على النحو المزبور و كون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء- يجري في القدمين أيضا.

[مسألة: 16 إذا تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهرها]

مسألة: 16 إذا تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهرها، و ان تعذر مسح بذراعه.

[مسألة: 17 إذا جفت رطوبة الكف أخذ من سائر مواضع الوضوء]

مسألة: 17 إذا جفت رطوبة الكف أخذ من سائر مواضع الوضوء من حاجبه أو لحيته (1) أو غيرهما و مسح به، و إذا لم يمكن الأخذ منها أعاد الوضوء، و لو لم تنفع الإعادة من جهة حرارة الهواء أو البدن بحيث كلما توضأ جف ماء وضوئه فلا يترك الاحتياط بالجمع بين المسح باليد اليابسة ثم بالماء الجديد ثم التيمم.

[مسألة: 18 لا بد في المسح من إمرار الماسح على الممسوح]

مسألة: 18 لا بد في المسح من إمرار الماسح على الممسوح، فلو عكس لم يجز. نعم لا تضر الحركة اليسيرة في الممسوح.

[مسألة: 19 لا يجب في مسح القدمين وضع أصابع الكف مثلا على أصابعهما و جرها الى الحد]

مسألة: 19 لا يجب في مسح القدمين وضع أصابع الكف مثلا على أصابعهما و جرها الى الحد، بل يجزي أن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم ثم يجرها قليلا بمقدار يصدق عليه المسح.

[مسألة: 20 يجوز المسح على القناع و الخف و الجورب و غيرها عند الضرورة]

مسألة: 20 يجوز المسح على القناع و الخف و الجورب و غيرها عند الضرورة من تقية أو برد أو سبع أو عدو و نحو ذلك مما يخاف بسببه عن رفع الحائل، و يعتبر في المسح على الحائل كل ما اعتبر في مسح البشرة من كونه بالكف و بنداوة الوضوء و غير ذلك.

[القول في شرائط الوضوء]
اشارة

القول في شرائط الوضوء:

[مسألة: 1 شرائط الوضوء أمور]

مسألة: 1 شرائط الوضوء أمور: منها طهارة الماء و إطلاقه و إباحته، و طهارة المحل المغسول و الممسوح، و رفع الحاجب عنه، و إباحة المكان الذي هو بمعنى


1- فالأحوط عدم أخذها مما خرج عن حد الوجه كالمسترسل منها.

ص: 22

الفضاء الذي يقع فيه الغسل و المسح، و كذا إباحة المصب (1) و الانية (2) مع الانحصار، بل و مع عدمه أيضا إذا كان الوضوء بالغمس فيها لا بالاغتراف منها، و عدم المانع من استعمال الماء من مرض أو عطش على نفسه أو نفس محترمة، و نحو ذلك مما يجب معه التيمم، فلو توضأ و الحال هذه بطل.

[مسألة: 2 المشتبهة بالنجس بالشبهة المحصورة كالنجس في عدم جواز التوضي به]

مسألة: 2 المشتبهة بالنجس بالشبهة المحصورة كالنجس في عدم جواز التوضي به، و إذا انحصر الماء في المشتبهين يتيمم للصلاة، لكن إذا أمكن أن يتوضأ بأحدهما و يصلي ثم يغسل محال الوضوء بالماء الأخر ثم يتوضأ به و يعيد صلاته ثانيا يقوى الصحة، لكن الأحوط مع ذلك ضم التيمم أيضا مع أحد الوضوئين (3).

[مسألة: 3 إذا لم يكن عنده الا ماء مشكوك إضافته و إطلاقه]

مسألة: 3 إذا لم يكن عنده الا ماء مشكوك إضافته و إطلاقه، فإذا كانت حالته السابقة الإطلاق يتوضأ به، و إذا كانت الإضافة يتيمم، و إذا لم يعلم الحالة السابقة يجب الاحتياط بالجمع بين الوضوء به و التيمم.

[مسألة: 4 لو اشتبه مضاف في محصور و لم يكن عنده ماء آخر يجب عليه الاحتياط بتكرار الوضوء]

مسألة: 4 لو اشتبه مضاف في محصور و لم يكن عنده ماء آخر يجب عليه الاحتياط بتكرار الوضوء على نحو يعلم التوضؤ بماء مطلق. و الضابط: أن يزاد عدد الوضوءات على عدد المضاف المعلوم بواحد، فإذا كان عنده إناءان يتوضأ بهما، و ان كان عنده ثلاث اناءات أو أزيد و قد علم بإضافة واحد منها يتوضأ باثنين منها، و إذا كان إناءان بين ثلاثة أو أزيد يتوضأ بالثلاثة، و هكذا.

[مسألة: 5 المشتبه بالغصب كالغصب، لا يجوز الوضوء به]

مسألة: 5 المشتبه بالغصب كالغصب (4)، لا يجوز الوضوء به، فإذا انحصر الماء به تعين التيمم.


1- ان كان الوضوء مستلزما للصب فيه.
2- ان كانت منحصرة أو كان الوضوء بالرمس منها دون الاغتراف.
3- إذا أراد الاحتياط بضم التيمم لا بد من إتيانه قبل الوضوئين، لان بعد كل وضوء يقطع بلغوية التيمم اما لكونه متوضئا و اما لنجاسة محل تيممه.
4- إذا كان المشتبه من أطراف العلم الإجمالي، و أما المشتبه بالشبهة البدوية فالأقوى أنه محكوم بالإباحة. نعم لو كان ملكا للغير لا يجوز التصرف فيه الا مع إحراز رضاء المالك.

ص: 23

[مسألة: 6 طهارة الماء و إطلاقه شرط واقعي يستوي فيهما العالم و الجاهل]

مسألة: 6 طهارة الماء و إطلاقه شرط واقعي يستوي فيهما العالم و الجاهل، بخلاف الإباحة. فإذا توضأ بماء مغصوب مع الجهل بغصبيته أو نسيانها (1) صح و ضوؤه، حتى انه لو التفت الى الغصبية في أثناء الوضوء صح ما مضى من اجزائه و يتم الباقي بماء مباح، و إذا التفت إليها بعد غسل اليد اليسرى هل يجوز المسح بما في يده من الرطوبة و يصح وضوؤه أم لا؟ وجهان، بل قولان، أحوطهما الثاني، بل لا يخلو من قوة. و كذا الحال فيما إذا كان على محال وضوئه رطوبة من ماء مغصوب و أراد أن يتوضأ بماء مباح قبل جفاف الرطوبة.

[مسألة: 7 يجوز الوضوء و الشرب و سائر التصرفات اليسيرة مما جرت عليه السيرة من الأنهار الكبيرة]

مسألة: 7 يجوز الوضوء و الشرب و سائر التصرفات اليسيرة مما جرت عليه السيرة من الأنهار الكبيرة من القنوات و غيرها و ان لم يعلم رضى المالكين، بل و ان كان فيهم الصغار و المجانين. نعم مع النهي منهم أو من بعضهم يشكل الجواز. و إذا غصبها غاصب يبقى الجواز لغيره دونه.

[مسألة: 8 إذا كان ماء مباح في إناء مغصوب لا يجوز الوضوء منه]

مسألة: 8 إذا كان ماء مباح في إناء مغصوب لا يجوز الوضوء منه بالغمس فيه مطلقا، و أما بالاغتراف منه فلا يصح الوضوء مع الانحصار به و يتعين التيمم.

نعم لو صب الماء المباح من الإناء المغصوب في الإناء المباح يصح الوضوء منه، و أما إذا تمكن من ماء آخر مباح صح وضوؤه بالاغتراف منه و ان فعل حراما من جهة التصرف في الإناء.

[مسألة: 9 يصح الوضوء تحت الخيمة المغصوبة]

مسألة: 9 يصح الوضوء تحت الخيمة المغصوبة، بل في البيت المغصوب سقفه و جدرانه إذا كان أرضه مباحا.

[مسألة: 10 الظاهر أنه يجوز الوضوء من حياض المساجد و المدارس]

مسألة: 10 الظاهر أنه يجوز الوضوء من حياض المساجد و المدارس و نحوهما إذا لم يعلم شرط الواقف عدم استعمال غير المصلين و الساكنين منها و لم يزاحم المصلين و الطلبة، خصوصا إذا جرت السيرة و العادة على وضوء غيرهم منها مع عدم منع من أحد.


1- و كان معذورا فيهما.

ص: 24

[مسألة: 11 الوضوء من آنية الذهب و الفضة كالوضوء من الانية المغصوبة]

مسألة: 11 الوضوء من آنية الذهب و الفضة كالوضوء من الانية المغصوبة، فيبطل ان كان بالرمس فيها مطلقا، و ان كان بالاغتراف منها فيبطل مع الانحصار كما تقدم. و لو توضأ منها جهلا أو نسيانا بل مع الشك في كونها منهما صح و لو كان بنحو الرمس أو بنحو الاغتراف مع الانحصار.

[مسألة: 12 إذا شك في وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء]

مسألة: 12 إذا شك في وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء لا يجب الفحص إلا إذا كان منشأ عقلائي لاحتماله، و حينئذ يجب الفحص حتى يطمئن بعدمه. و ان شك بعد الفراغ في أنه كان موجودا أم لا بنى على عدمه و صحة وضوئه، و كذلك إذا كان موجودا و كان ملتفتا اليه سابقا و شك بعد الوضوء في أنه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا، و كذا إذا علم بوجود الحاجب و شك في أنه كان موجودا حال الوضوء أو طرأ بعده، فيحكم في جميع هذه الصور بصحة الوضوء.

نعم لو علم بوجود شي ء في حال الوضوء مما يمكن أن لا يصل الماء تحته و قد يصل و قد لا يصل كالخاتم و قد علم أنه لم يكن ملتفتا اليه حين الغسل أو علم انه لم يحركه و مع ذلك شك في أنه وصل الماء تحته من باب الاتفاق أم لا يشكل الحكم بالصحة، بل الظاهر وجوب الإعادة (1).

[مسألة: 13 إذا كان بعض محال الوضوء نجسا فتوضأ و شك بعده في أنه طهره قبل الوضوء أم لا]

مسألة: 13 إذا كان بعض محال الوضوء نجسا فتوضأ و شك بعده في أنه طهره قبل الوضوء أم لا يحكم بصحة وضوئه (2)، لكن يبني على بقاء نجاسة المحل فيجب غسله للأعمال الآتية.

و منها المباشرة اختيارا، و مع الاضطرار جاز بل وجب الاستنابة (3)، فيوضئه الغير و ينوي هو الوضوء، و ان كان الأحوط نية الغير أيضا. و في المسح لا بد أن يكون بيد المنوب عنه و إمرار النائب، و ان لم يمكن أخذ الرطوبة التي في يده و مسح


1- على الأحوط.
2- الا إذا علم بعدم التفاته حال الوضوء فالأحوط حينئذ الإعادة.
3- بل وجبت الاستعانة إن أمكن و الا فالاستنابة.

ص: 25

بها، و الأحوط مع ذلك ضم التيمم لو أمكن.

و منها الترتيب في الأعضاء، فيقدم تمام الوجه على اليد اليمنى، و هي على اليسرى، و هي على مسح الرأس، و هو على مسح الرجلين، و لا يجب الترتيب في مسحهما.

نعم الأحوط عدم تقديم اليسرى على اليمنى.

و منها الموالاة بين الأعضاء، بمعنى أن لا يؤخر غسل العضو المتأخر بحيث يحصل بسبب ذلك جفاف جميع ما تقدم (1).

[مسألة: 14 إنما يضر جفاف الأعضاء السابقة إذا كان بسبب التأخير و طول الزمان]

مسألة: 14 إنما يضر جفاف الأعضاء السابقة إذا كان بسبب التأخير و طول الزمان، و أما إذا تابع عرفا في الافعال، و مع ذلك حصل الجفاف بسبب حرارة الهواء أو غيرها لم يبطل وضوؤه.

[مسألة: 15 لو لم يتابع في الافعال و مع ذلك بقيت الرطوبة من جهة البرودة و رطوبة الهواء]

مسألة: 15 لو لم يتابع في الافعال و مع ذلك بقيت الرطوبة من جهة البرودة و رطوبة الهواء بحيث لو كان الهواء معتدلا لحصل الجفاف لا بطلان، فالعبرة في صحة الوضوء بأحد الأمرين: اما بقاء البلل حسا، أو المتابعة عرفا.

[مسألة: 16 إذا ترك الموالاة نسيانا بطل وضوؤه]

مسألة: 16 إذا ترك الموالاة نسيانا بطل وضوؤه، و كذا لو اعتقد عدم الجفاف ثم تبين الخلاف.

[مسألة: 17 لو لم يبق من الرطوبة إلا في مسترسل اللحية ففي كفايتها اشكال]

مسألة: 17 لو لم يبق من الرطوبة إلا في مسترسل اللحية ففي كفايتها اشكال.

و منها النية، و هي القصد الى الفعل بعنوان الامتثال (2)، و هو المراد بنية القربة.

و يعتبر فيها الإخلاص، فمتى ضم إليها ما ينافيه بطل خصوصا الرياء، فإنه إذا دخل في العمل على أي نحو كان أفسده. و أما غيره من الضمائم فإن كانت راجحة لا يضر ضمها إلا إذا كانت هي المقصود الأصلي، و يكون قصد امتثال الأمر الوضوئى تبعا (3)، أو تركب الداعي منهما بحيث يكون كل منهما جزءا للداعي، و أما إذا كانت مباحة كالتبرد فيبطل الوضوء إلا إذا دخلت على وجه التبعية (4) و كان امتثال أمر الوضوء هو


1- بل لا يؤخر حتى يحصل جفاف بعض ما تقدم و لو كان العضو السابق على السابق على الأحوط.
2- أو لرجحان الفعل و محبوبيته و ان لم يكن مأمورا به لمانع من الأمر.
3- بل الأحوط عدم الصحة مع تأثير أمر غير الوضوء و لو تبعا.
4- الأحوط فيه أيضا عدم الصحة إذا كان مؤثرا و لو تبعا.

ص: 26

المقصود الأصلي.

[مسألة: 18 لا يعتبر في النية التلفظ بها و لا الاخطار بها في القلب تفصيلا]

مسألة: 18 لا يعتبر في النية التلفظ بها و لا الاخطار بها في القلب تفصيلا، بل يكفي فيها الإرادة الإجمالية المرتكزة في النفس، بحيث لو سئل عن شغله يقول أتوضأ. و هذه الإرادة الإجمالية هي التي يسمونها بالداعي و هو الكافي. نعم لو شرع في العمل ثم ذهل عنه و غفل بالمرة بحيث لو سئل عن شغله بقي متحيرا و لا يدري ما يصنع يكون عملا بلا نية.

[مسألة: 19 كما يجب النية في أول العمل كذلك يجب استدامتها الى آخره]

مسألة: 19 كما يجب النية في أول العمل كذلك يجب استدامتها الى آخره، فلو تردد أو نوى العدم و أتم الوضوء على هذا الحال بطل. نعم لو عدل إلى النية الأولى قبل فوات الموالاة و ضم الى ما أتى به مع النية باقي الأفعال صح.

[مسألة: 20 يكفي في النية قصد القربة، و لا يجب نية الوجوب أو الندب لا وصفا و لا غاية]

مسألة: 20 يكفي في النية قصد القربة، و لا يجب نية الوجوب أو الندب لا وصفا و لا غاية، فلا يلزم أن يقصد إني أتوضأ الوضوء الذي يكون واجبا علي، أو يقصد إني أتوضأ لأنه يجب علي، بل لو نوى الوجوب في موضع الندب أو العكس اشتباها بعد ما كان قاصدا للقربة و الامتثال على أي حال كفى و صح، فإذا نوى الوجوب بتخيل دخول الوقت فتبين خلافه صح وضوؤه كالعكس.

[مسألة: 21 لا يعتبر في صحة الوضوء نية رفع الحدث و لا نية استباحة الصلاة و غيرها من الغايات]

مسألة: 21 لا يعتبر في صحة الوضوء نية رفع الحدث و لا نية استباحة الصلاة و غيرها من الغايات (1)، بل لو نوى التجديد فتبين كونه محدثا صح الوضوء و يجوز معه الصلاة و غيرها. و يكفى وضوء واحد عن الأسباب المختلفة و ان لم يلحظها بالنية، بل لو قصد رفع حدث بعينه صح (2) الوضوء و ارتفع الجميع.


1- هذا على القول باستحباب نفس الوضوء، و أما على ما استشكلنا فالظاهر لزوم قصد الطهارة أو ما يترتب عليها لتوقف قصد القربة عليه.
2- ان لم يقصد عدم ارتفاع غيره.

ص: 27

[فصل: في موجبات الوضوء و غاياته]
اشارة

(فصل: في موجبات الوضوء و غاياته)

[أما موجبات الوضوء]
اشارة

أما موجبات الوضوء

[مسألة: 1 الأحداث الناقضة للوضوء و الموجبة له أمور]

مسألة: 1 الأحداث الناقضة للوضوء و الموجبة له أمور:

«الأول و الثاني»- خروج البول و ما في حكمه كالبلل المشتبه قبل الاستبراء، و خروج الغائط من الموضع الطبيعي أو من غيره مع انسداد الطبيعي أو بدونه، كثيرا كان أو قليلا، و لو بمصاحبة دود أو نواة مثلا.

«الثالث»- خروج الريح عن الدبر إذا كان من المعدة (1)، سواء كان له صوت و رائحة أم لا. و لا عبرة بما يخرج من قبل المرأة، و لا بما لا يكون من المعدة كما إذا دخل من الخارج ثم خرج.

«الرابع»- النوم الغالب على حاستي السمع و البصر.

«الخامس»- كل ما أزال العقل مثل الجنون و الإغماء و السكر و نحوها.

«السادس»- الاستحاضة القليلة بل المتوسطة و الكثيرة أيضا (2) و ان أوجبتا الغسل أيضا حسب ما يأتي في محله.

[مسألة: 2 إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء]

مسألة: 2 إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء، و كذلك لو شك في خروج شي ء معه، و كذلك الحال فيما إذا خرج دود أو نواة غير متلطخ بالغائط.

[مسألة: 3 المسلوس و المبطون ان كانت لهما فترة تسع الطهارة و الصلاة و لو بالاقتصار على أقل واجباتها]

مسألة: 3 المسلوس و المبطون ان كانت لهما فترة تسع الطهارة و الصلاة و لو بالاقتصار على أقل واجباتها انتظراها و أوقعا الصلاة في تلك الفترة، و ان لم تكن لهما تلك الفترة: فاما أن يكون خروج الحدث في أثناء الصلاة مرة أو مرتين أو ثلاث مثلا بحيث لا حرج عليهما في التوضي في الأثناء و البناء، و اما أن يكون متصلا بحيث لو توضأ بعد كل حدث و بنيا لزم عليهما الحرج. ففي الصورة الأولى يتوضئان و يشتغلان


1- أو من الأمعاء.
2- على ما يأتي حكمها، و كذا الحيض و النفاس، و أما مس الميت فيأتي حكمه إن شاء اللّٰه تعالى.

ص: 28

بالصلاة بعد أن يضعا الماء قريبا منهما، فإذا خرج منهما شي ء توضئا بلا مهلة و بنيا على صلاتهما، و الأحوط أن يصليا صلاة أخرى بوضوء واحد، بل لا يترك هذا الاحتياط (1) في المسلوس.

و أما في الصورة الثانية يتوضئان لكل صلاة، و لا يجوز أن يصليا صلاتين بوضوء واحد فريضة كانتا أو نافلة أو مختلفين، و الظاهر إلحاق مسلوس الريح بمسلوس البول في التفصيل المتقدم.

[مسألة: 4 يجب على المسلوس التحفظ من تعدي بوله بكيس فيه قطن و نحوه]

مسألة: 4 يجب على المسلوس التحفظ من تعدي بوله بكيس فيه قطن و نحوه، و الظاهر عدم وجوب تغييره أو تطهيره لكل صلاة. نعم الأحوط تطهير الحشفة إن أمكن من غير حرج، و يجب التحفظ بما أمكن في المبطون أيضا، كما أن الأحوط فيه أيضا تطهير المخرج ان أمكن من غير حرج.

[مسألة: 5 لا يجب على المسلوس و المبطون قضاء ما مضى من الصلوات بعد برئهما]

مسألة: 5 لا يجب على المسلوس و المبطون قضاء ما مضى من الصلوات بعد برئهما. نعم الظاهر وجوب إعادتها إذا بري ء في الوقت و اتسع الزمان للصلاة مع الطهارة.

[فصل: في غايات الوضوء]
اشارة

(فصل: في غايات الوضوء) غايات الوضوء ما كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله، من جهة كونه شرطا لصحته كالصلاة، أو شرطا لجوازه و عدم حرمته كمس كتابة القرآن، أو شرطا لكماله كقراءة القرآن، أو لرفع كراهته كالأكل في حال الجنابة، فإنه مكروه و ترتفع كراهته بالوضوء.

أما الأول- و هو ما كان الوضوء شرطا لصحته- فهو شرط للصلاة (2) فريضة كانت أو نافلة أداء كانت أو قضاءا عن النفس أو الغير، و لأجزائها المنسية، بل و سجدتي السهو أيضا على الأحوط، و كذا للطواف الذي كان جزءا للحج أو العمرة و ان كانا مندوبين.


1- إذا استلزم الوضوء في الأثناء الفعل الكثير، من غير فرق بين المسلوس و المبطون.
2- إذا استلزم الوضوء في الأثناء الفعل الكثير، من غير فرق بين المسلوس و المبطون.

ص: 29

و أما الثاني فهو شرط لجواز مس كتابة القرآن، فيحرم مسها على المحدث، و لا فرق بين آياتها و كلماتها بل و الحروف و المد و التشديد و أعاريبها. و يلحق بها أسماء اللّٰه و صفاته الخاصة، و أما أسماء الأنبياء و الأئمة و الملائكة ففي إلحاقها بها تأمل و اشكال، و الأحوط التجنب خصوصا في الأوليين.

[مسألة: 1 لا فرق في حرمة المس بين أجزاء البدن ظاهرا و باطنا]

مسألة: 1 لا فرق في حرمة المس بين أجزاء البدن ظاهرا و باطنا. نعم لا يبعد جواز المس بالشعر، كما لا فرق بين أنواع الخطوط حتى المهجور منها كالكوفي، و كذا بين أنحاء الكتابة من الكتب بالقلم أو الطبع أو غير ذلك.

و أما الثالث فهو أقسام كثيرة لا يناسب ذكرها في هذه الوجيزة فليطلب من المطولات، و الأقوى كون الوضوء بنفسه (1) مستحبا كسائر المستحبات النفسية، فيصح إتيانه بقصد القربة و ان لم يقصد احدى الغايات كسائر العبادات.

[مسألة: 2 يستحب للمتوضئ أن يجدد وضوءه، و الظاهر جوازه ثالثا و رابعا فصاعدا]

مسألة: 2 يستحب للمتوضئ أن يجدد وضوءه، و الظاهر جوازه ثالثا و رابعا فصاعدا، و لو تبين مصادفته للحدث يرتفع به على الأقوى فلا يحتاج الى وضوء آخر (2).

[القول: في أحكام الخلل]
اشارة

(القول: في أحكام الخلل)

[مسألة: 1 لو تيقن الحدث و شك في الطهارة أو ظن بها تطهر]

مسألة: 1 لو تيقن الحدث و شك في الطهارة أو ظن بها تطهر، و لو كان شكه في أثناء العمل- كما لو دخل في الصلاة مثلا و شك في أثنائها في الطهارة- فإنه يقطعها و يتطهر، و الأحوط الإتمام (3) ثم الاستئناف بطهارة جديدة، و لو كان شكه بعد الفراغ من العمل بنى على صحة العمل السابق و تطهر جديدا للعمل اللاحق، و لو تيقن الطهارة و شك في الحدث لم يلتفت، و لو تيقنهما و شك في المتأخر منهما تطهر إلا إذا علم تاريخ الطهارة فيبني عليها على الأقوى، و لو تيقن ترك غسل عضو أو مسحه أتى به و بما بعده إذا لم يحصل مفسد من فوات موالاة و نحوه و الا استأنف، و لو شك في


1- استحبابه للمحدث بالحدث الأصغر محل تأمل و اشكال، و الظاهر أن المستحب له هو الطهارة و سائر الغايات مرتبة عليها.
2- مشكل على ما مر من الإشكال في استحباب الوضوء بنفسه للمحدث بالحدث الأصغر، فلا يترك الاحتياط بإعادة الوضوء.
3- لا يترك.

ص: 30

فعل شي ء من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه أتى بما شك فيه مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما مما يعتبر في الوضوء. و الظن هنا كالشك، و كثير الشك لا عبرة بشكه، كما أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ، سواء كان شكه في فعل من أفعال الوضوء أو في شرط من شروطه.

[مسألة: 2 إذا كان متوضئا و توضأ للتجديد و صلى ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين]

مسألة: 2 إذا كان متوضئا و توضأ للتجديد و صلى ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين لا أثر لهذا العلم الإجمالي لا بالنسبة إلى الصلاة التي أوقعها و لا بالنسبة إلى الصلاة الآتية، و أما إذا صلى بعد كل من الوضوئين ثم تيقن بطلان أحدهما فالصلاة الثانية صحيحة قطعا، كما أنه تصح الصلاة الآتية ما لم يقع الناقض، و أما الصلاة الاولى فلا يبعد الحكم بصحتها، و ان كان الأحوط إعادتها.

[مسألة: 3 إذا توضأ وضوئين و صلى صلاة واحدة بعدهما ثم تيقن بوقوع الحدث بعد أحدهما]

مسألة: 3 إذا توضأ وضوئين و صلى صلاة واحدة بعدهما ثم تيقن بوقوع الحدث بعد أحدهما يجب عليه الوضوء (1) للصلوات الآتية و يحكم بصحة الصلاة (2) التي أتى بها، و أما لو صلى بعد كل وضوء ثم علم بوقوع الحدث بعد أحد الوضوئين قبل الصلاة يجب عليه اعادة الصلاتين (3). نعم إذا كانتا متفقتين في العدد كالظهرين فالظاهر كفاية صلاة واحدة بقصد ما في الذمة، و ان كان الأحوط في هذه الصورة أيضا إعادتهما.

[فصل: في وضوء الجبيرة]
اشارة

(فصل: في وضوء الجبيرة)

[مسألة: 1 من كان على أعضائه جبيرة فإن أمكن نزعها نزعها]

مسألة: 1 من كان على أعضائه جبيرة فإن أمكن نزعها نزعها (4) و غسل أو مسح ما تحتها، و ان لم يمكن ذلك فان كان في موضع المسح مسح عليها، و ان كان في موضع الغسل و أمكن إيصال الماء تحتها على نحو يحصل مسمى الغسل (5) وجب، و الا مسح عليها.


1- ان كان تاريخ الوضوء الثاني معلوما فيستصحب.
2- مع احتمال التذكر حين العمل و يراعى ذلك في جميع فروع القاعدة على الأحوط.
3- أما إذا علم تاريخ أحد الوضوئين فقط فيستصحب معلوم التاريخ منهما و يترتب عليه آثاره.
4- ان لم يتمكن من الغسل بلا نزع.
5- مع مراعاة الترتيب بحصول الغسل من الأعلى.

ص: 31

[مسألة: 2 يجب استيعاب المسح في أعضاء الغسل]

مسألة: 2 يجب استيعاب المسح في أعضاء الغسل. نعم لا يلزم مسح ما يتعذر أو يتعسر مسحه مما بين الخيوط، و أما في أعضاء المسح يكون حال المسح على الجبيرة كمسح محلها قدرا و كيفية، فيعتبر أن يكون باليد و نداوتها، بخلاف ما كان في موضع الغسل.

[مسألة: 3 إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد أو تمام الأعضاء و أمكن التيمم بلا حائل]

مسألة: 3 إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد أو تمام الأعضاء و أمكن التيمم بلا حائل فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الجبيرة و التيمم، خصوصا في الصورة الثانية. نعم إذا استوعب الحائل أعضاء التيمم أيضا و لا يمكن التيمم على البشرة تعين الوضوء على الجبيرة في الصورتين.

[مسألة: 4 إذا وقعت الجبيرة على بعض الأطراف الصحيحة فالمقدار المتعارف الذي يلزمه]

مسألة: 4 إذا وقعت الجبيرة على بعض الأطراف الصحيحة فالمقدار المتعارف الذي يلزمه شد غالب الجبائر يلحق بها في الحكم فيمسح عليه، و ان كان أزيد من ذلك المقدار فإن أمكن رفعها رفعها و غسل المقدار الصحيح ثم وضعها و مسح عليها، و ان لم يمكن ذلك مسح عليها، و لا يترك الاحتياط بضم التيمم أيضا.

[مسألة: 5 إذا لم يمكن المسح على الجبيرة من جهة النجاسة وضع خرقة فوقها]

مسألة: 5 إذا لم يمكن المسح على الجبيرة من جهة النجاسة وضع خرقة فوقها (1) على نحو يعد جزء منها و مسح عليها.

[مسألة: 6 الأقوى أن الجرح المكشوف الذي لا يمكن غسله يجوز الاكتفاء بغسل ما حوله]

مسألة: 6 الأقوى أن الجرح المكشوف الذي لا يمكن غسله يجوز الاكتفاء بغسل ما حوله، و الأحوط (7) مع ذلك وضع شي ء عليه و المسح عليه.

[مسألة: 7 إذا أضر الماء بالعضو من دون أن يكون جرح أو قرح أو كسر يتعين التيمم]

مسألة: 7 إذا أضر الماء بالعضو من دون أن يكون جرح أو قرح أو كسر يتعين التيمم، و كذا فيما إذا كان الكسر أو الجرح في غير مواضع الوضوء لكن استعمال الماء في مواضعه يضر بالكسر أو الجرح.

[مسألة: 8 في الرمد الذي يضر به الوضوء يتعين التيمم]

مسألة: 8 في الرمد الذي يضر به الوضوء يتعين التيمم.

[مسألة: 9 إذا كان مانع على البشرة لا يمكن إزالته كالقير و نحوه يكتفى بالمسح عليه]

مسألة: 9 إذا كان مانع على البشرة لا يمكن إزالته كالقير و نحوه يكتفى بالمسح عليه، و الأحوط كونه على وجه يحصل أقل مسمى الغسل، و أحوط من ذلك ضم


1- طاهرة.

ص: 32

التيمم.

[مسألة: 10 الوضوء الجبيري رافع للحدث لا مبيح فقط]

مسألة: 10 الوضوء الجبيري رافع للحدث لا مبيح فقط.

[مسألة: 11 من كان على بعض أعضائه جبيرة و حصل موجب الغسل مسح على الجبيرة]

مسألة: 11 من كان على بعض أعضائه جبيرة و حصل موجب الغسل مسح على الجبيرة و غسل المواضع الخالية عنها مع الشرائط المتقدمة في وضوء ذي الجبيرة، و الأحوط كون غسله ترتيبيا لا ارتماسيا.

[مسألة: 12 من كان تكليفه التيمم و كان على أعضائه جبيرة لا يمكن رفعها مسح عليها]

مسألة: 12 من كان تكليفه التيمم و كان على أعضائه جبيرة لا يمكن رفعها مسح عليها، و كذا فيما إذا كان حائل آخر لا يمكن إزالته.

[مسألة: 13 إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة لا يجب إعادة الصلاة التي صلاها]

مسألة: 13 إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة لا يجب إعادة الصلاة التي صلاها بل الظاهر جواز الصلوات الآتية (1) بهذا الوضوء.

[مسألة: 14 يجوز أن يصلى صاحب الجبيرة أول الوقت مع اليأس عن زوال العذر الى آخره]

مسألة: 14 يجوز أن يصلى صاحب الجبيرة أول الوقت مع اليأس عن زوال العذر الى آخره، و مع عدمه الأحوط التأخير.

[فصل: في الأغسال]

اشارة

(فصل: في الأغسال) و الواجب (2) منها ستة: غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة، و النفاس، و مس الميت، و غسل الأموات.

[فصل: في غسل الجنابة]
اشارة

(فصل: في غسل الجنابة) و الكلام في سبب الجنابة، و أحكام الجنب، و واجبات الغسل.

[القول في السبب]
اشارة

القول في السبب:

[مسألة: 1 سبب الجنابة أمران]

مسألة: 1 سبب الجنابة أمران:

«أحدهما»- خروج المني و ما في حكمه من البلل المشتبه قبل الاستبراء بالبول كما ستعرفه إن شاء اللّٰه تعالى. و المعتبر خروجه الى الخارج، فلو تحرك من محله


1- مشكل فلا يترك الاحتياط بتجديد الوضوء للصلوات الآتية.
2- و المراد به أعم من النفسي كغسل الأموات و الغيري كبقية الأقسام، و قد تجب الأغسال المستحبة بالنذر.

ص: 33

و لم يخرج لم يوجب الجنابة، كما أن المعتبر كونه منه، فلو خرج من المرأة مني الرجل لا يوجب جنابتها الا مع العلم باختلاطه بمنيها. و المني ان علم فلا اشكال، و الا رجع الصحيح في معرفته الى اجتماع الدفق (1) و الشهوة و فتور الجسد، و يرجع المريض و المرأة إلى الأخيرين، و لا يكفي الواحد من الثلاثة، لكن الأحوط مع عدم اجتماع الثلاث الغسل و الوضوء إذا كان مسبوقا بالحدث الأصغر و الغسل وحده ان كان مسبوقا بالطهارة.

«ثانيهما»- الجماع و ان لم ينزل. و يتحقق بغيبوبة الحشفة و قدرها من مقطوعها (2) في القبل أو الدبر، فيحصل حينئذ وصف الجنابة لكل منهما، من غير فرق بين الصغير و المجنون و غيرهما، و ان وجب الغسل حينئذ بعد حصول شرائط التكليف.

و يصح الغسل من الصبي المميز، فإذا اغتسل يرتفع عنه حدث الجنابة.

[مسألة: 2 إذا رأى في ثوبه منيا و علم أنه منه و لم يغتسل بعده]

مسألة: 2 إذا رأى في ثوبه منيا و علم أنه منه و لم يغتسل بعده يجب عليه قضاء الصلوات التي صلاها بعده، و أما الصلوات التي يحتمل وقوعها قبله فلا يجب قضاؤها. و إذا علم انه منه و لكن لم يعلم انه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها، فالظاهر انه لا يجب عليه الغسل، و ان كان أحوط.

[مسألة: 3 إذا تحرك المني عن محله في اليقظة أو في النوم بالاحتلام لم يجب الغسل ما لم يخرج]

مسألة: 3 إذا تحرك المني عن محله في اليقظة أو في النوم بالاحتلام لم يجب الغسل ما لم يخرج كما مر، فإذا كان بعد دخول الوقت و لم يكن عنده ماء للغسل لا يجب حبسه (3) عن الخروج، فإذا خرج يتيمم للصلاة. نعم إذا لم يكن عنده ما يتيمم به أيضا لا يبعد وجوب حبسه (4) إلا إذا تضرر به. و كذا الحال في إجناب (5) نفسه اختيارا بعد


1- الظاهر كفاية اجتماع الدفق مع واحد من الفتور و الشهوة، و لا يبعد أن يكون الحكم في المرأة أيضا كذلك. نعم في المريض تكفيه الشهوة.
2- لا يترك الاحتياط مع صدق الإدخال في المقطوع و ان لم يدخل بقدرها.
3- الحكم بعدم الوجوب مع عدم الضرر مشكل فلا يترك الاحتياط.
4- ان كان على وضوء.
5- بإتيان اهله و هو مورد النص.

ص: 34

دخول الوقت، فيجوز لو لم يكن عنده ماء الغسل دون ما يتيمم به، بخلاف ما إذا لم يكن عنده ما يتيمم به أيضا كما مر.

[القول في أحكام الجنب]
اشارة

القول في أحكام الجنب:

يتوقف على الغسل من الجنابة أمور، بمعنى انه شرط في صحتها:

«الأول»- الصلاة بأقسامها، ما عدا صلاة الجنازة، لها و لأجزائها المنسية، بل و كذا سجدتي السهو على الأحوط.

«الثاني»- الطواف الواجب دون المندوب.

«الثالث»- صوم شهر رمضان و قضاؤه، بمعنى بطلانه إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا للجنابة، و اما غيرهما من أقسام الصيام فلا يبطل بالإصباح جنبا، و ان كان الأحوط في الواجب منها ترك تعمده. نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع أقسام الصيام حتى المندوب منها، بخلاف غيرها كالاحتلام فلا يضر بشي ء منها حتى صوم شهر رمضان.

[فصل: فيما يحرم على الجنب]

(فصل: فيما يحرم على الجنب) يحرم على الجنب أمور:

«الأول»- مس كتابة القرآن على التفصيل المتقدم في الوضوء، و مس اسم اللّٰه تعالى و سائر أسمائه و صفاته المختصة به، و كذا مس أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام على الأحوط.

«الثاني»- دخول مسجد الحرام و مسجد النبي صلى اللّٰه عليه و آله و ان كان بنحو الاجتياز.

«الثالث»- المكث في غير المسجدين من المساجد، بل مطلق الدخول فيها إذا لم يكن مارا، بأن يدخل من باب و يخرج من آخر أو دخل فيها لأجل أخذ شي ء منها فإنه لا بأس به. و يلحق بها المشاهد المشرفة على الأحوط، و أحوط من ذلك إلحاقها بالمسجدين (1)، كما أن الأحوط فيها إلحاق الرواق بالروضة المشرفة.


1- لا يترك هذا الاحتياط.

ص: 35

«الرابع»- وضع شي ء في المساجد و ان كان من الخارج (1) أو في حال العبور.

«الخامس»- قراءة سور العزائم الأربع سورة اقرأ و النجم و الم تنزيل و حم السجدة، و لو بعض منها (2) حتى البسملة بقصد أحدها.

[مسألة: 1 إذا احتلم في أحد المسجدين أو دخل فيهما جنبا عمدا أو سهوا أو جهلا]

مسألة: 1 إذا احتلم في أحد المسجدين أو دخل فيهما جنبا عمدا أو سهوا أو جهلا وجب عليه التيمم للخروج الا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتيمم أو مساويا له، فحينئذ يخرج بدون تيمم على الأقوى.

[مسألة: 2 إذا كان جنبا و كان الماء في المسجد يجب عليه أن يتيمم و يدخل المسجد لأخذ الماء]

مسألة: 2 إذا كان جنبا و كان الماء في المسجد يجب عليه أن يتيمم (3) و يدخل المسجد لأخذ الماء، و لا ينتقض التيمم بهذا الوجدان الا بعد الخروج مع الماء أو بعد الاغتسال. و هل يباح لهذا التيمم غير دخول المسجد و اللبث فيه بمقدار الحاجة؟

فيه تأمل و اشكال.

[فصل: في المكروهات على الجنب]

(فصل: في المكروهات على الجنب) يكره على الجنب أمور:

«منها»- الأكل و الشرب، و يرتفع كراهتهما عليه بأمور: أكملها الوضوء الكامل، ثم غسل اليد و الوجه و المضمضة، ثم غسل اليدين فقط.

«و منها»- قراءة ما زاد على سبع آيات غير العزائم، و تشتد الكراهة ان زاد على سبعين آية.

«و منها»- مس ما عدا خط المصحف من الجلد و الورق و الهامش و ما بين السطور.

«و منها»- النوم، و ترتفع كراهته بالوضوء، و إذا لم يجد الماء تيمم بدلا عن الغسل.

«و منها»- الخضاب، و كذا إجناب نفسه إذا كان مختضبا قبل أن يأخذ اللون.


1- على الأحوط ان كان الوضع من الخارج.
2- على الأحوط و ان كان الأقوى اختصاص الحرمة بآيات السجدة.
3- إذا كان الغسل واجبا عليه فورا و الا فجوازه محل اشكال فضلا عن وجوبه.

ص: 36

«و منها»- الجماع إذا كان جنبا بالاحتلام.

«و منها»- حمل المصحف و تعليقه.

[القول في واجبات الغسل]
اشارة

القول في واجبات الغسل:

[مسألة: 1 واجبات الغسل أمور]

مسألة: 1 واجبات الغسل أمور:

«الأول»- النية، و يعتبر فيها الإخلاص، و لا بد من استدامة حكمها كما تقدم في الوضوء.

[مسألة: 2 إذا دخل الحمام بنية الغسل فإن بقي في نفسه الداعي الأول]

مسألة: 2 إذا دخل الحمام بنية الغسل فإن بقي في نفسه الداعي الأول و كان غمسه و اغتساله بذلك الداعي بحيث لو سئل عنه حين غمسه ما تفعل يقول اغتسل فغسله صحيح و قد وقع غسله مع النية، و أما إذا كان غافلا بالمرة بحيث لو قيل له ما تفعل بقي متحيرا بطل غسله، بل لم يقع منه الغسل أصلا.

[مسألة: 3 إذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك في أنه اغتسل أم لا]

مسألة: 3 إذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم، أما لو علم انه اغتسل لكن شك في أنه على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحة.

«الثاني»- غسل ظاهر البشرة، فلا يجزي غيرها، فيجب عليه حينئذ رفع الحاجب و تخليل ما لا يصل الماء اليه الا بتخليله. و لا يجب غسل باطن العين و الأنف و الاذن و غيرها، حتى الثقبة التي في الاذن أو الأنف للقرط أو الحلقة إلا إذا كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر، و الأحوط غسل ما شك في انه من الظاهر أو الباطن.

[مسألة: 4 لا يجب غسل الشعر، بل يجب غسل ما تحته من البشرة]

مسألة: 4 لا يجب غسل الشعر، بل يجب غسل ما تحته من البشرة. نعم ما كان دقيقا بحيث يعد من توابع الجسد يجب غسله.

«الثالث»- الترتيب في الترتيبي الذي هو أفضل من الارتماس الذي هو عبارة عن تغطية البدن في الماء مقارنا للنية، و يكفى فيها استمرار القصد. و الترتيب عبارة عن غسل تمام الرأس و منه العنق (1) مدخلا لبعض الجسد معه مقدمة، ثم تمام النصف


1- و الأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانيا مع الأيمن و النصف الأيسر مع الأيسر.

ص: 37

الأيمن مدخلا لبعض الأيسر معه مقدمة، ثم تمام النصف الأيسر مدخلا لبعض الأيمن معه مقدمة، و تدخل العورة و السرة في التنصيف المذكور، فيغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن و نصفهما الأيسر مع الأيسر، الا أن الاولى غسلهما مع الجانبين، و اللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبة واحدة أو أكثر بفرك و دلك أو غير ذلك.

[مسألة: 5 لا ترتيب في العضو، فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى]

مسألة: 5 لا ترتيب في العضو، فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى، و ان كان الاولى البدأة بأعلى العضو فالأعلى، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل المراد هنا، بل يكفي تحقق مسماه، فيجزي حينئذ مس الرأس بالماء أولا ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر، و يجزيه أيضا رمس البعض و الصب على آخر. و لو ارتمس ثلاث ارتماسات ناويا بكل واحدة غسل عضو صح، بل يتحقق مسمى الغسل بتحريك العضو في الماء على وجه يجري الماء عليه، فلا يحتاج إلى إخراجه منه ثم غمسه فيه.

[مسألة: 6 اللازم في الغسل الارتماسي أن يكون تمام البدن في الماء في آن واحد]

مسألة: 6 اللازم في الغسل الارتماسي أن يكون تمام البدن في الماء في آن واحد و ان كان غمسه على التدريج، فلو خرج بعض بدنه قبل أن يغمس البعض الأخر لم يكف، فلو كانت رجله في الطين حال دخول سائر بدنه في الماء و حال ازالة الطين عنها كان بعض بدنه خارجا عنه لم يتحقق الارتماس، ففي الأنهار و الجداول التي يدخل الرجل في الطين و الوحل يشكل الغسل الارتماسي، فلا محيص عن اختيار الترتيبي فيها، بأن يغسل الرأس و الرقبة بالصب أو الرمس أولا، ثم يغسل من الطرف الأيمن ما كان غير داخل في الوحل ثانيا، ثم يخرج رجله اليمنى من الوحل و يزيل عنها الوحل و يغسلها حتى يتم غسل الطرف الأيمن، ثم يفعل بالطرف الأيسر ما صنعه بالطرف الأيمن.

[مسألة: 7 لو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت اعادة الغسل من رأس في الارتماسي]

مسألة: 7 لو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت اعادة الغسل من رأس في الارتماسي، و أما في الترتيبي فإن كان ذلك الجزء من الطرف الأيسر يكفي غسل ذلك الجزء و لا يحتاج إلى إعادة الغسل، بل و لا اعادة غسل سائر أجزاء الأيسر و لو طالت المدة حتى جف تمام الأعضاء، و ان كان ذلك الجزء من الأيمن

ص: 38

يغسل خصوص ذلك الجزء و يعيد غسل الأيسر، و إذا كان من الرأس يغسل خصوص ذلك الجزء و يعيد غسل الطرفين.

[مسألة: 8 لا يجب الموالاة في الغسل الترتيبي]

مسألة: 8 لا يجب الموالاة في الغسل الترتيبي، فلو غسل رأسه و رقبته في أول النهار و الأيمن في وسطه و الأيسر في آخره صح.

[مسألة: 9 يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا]

مسألة: 9 يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا.

«الرابع»- من الواجبات إطلاق الماء، و طهارته (1) و إباحة المكان (2) و المصب و الانية، و المباشرة اختيارا، و عدم المانع من استعمال الماء لمرض و نحوه على ما سمعته في الوضوء، و كذا طهارة المحل الذي يراد اجراء ماء الغسل عليه، فلو فرض نجاسته طهره أولا ثم أجرى الماء عليه للغسل.

[مسألة: 10 إذا كان قاصدا عدم إعطاء الأجرة للحمامي أو كان بناؤه على إعطاء الأجرة]

مسألة: 10 إذا كان قاصدا عدم إعطاء الأجرة للحمامي أو كان بناؤه على إعطاء الأجرة من الفلوس الحرام أو على النسيئة من غير إحراز رضى الحمامي بطل غسله و ان استرضاه بعد الغسل.

[مسألة: 11 يشكل الوضوء و الغسل بالماء المسبل الا مع العلم بعموم الإباحة]

مسألة: 11 يشكل الوضوء و الغسل بالماء المسبل الا مع العلم بعموم الإباحة من مالكه.

[مسألة: 12 الظاهر أن ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس و كذا أجرة تسخينه]

مسألة: 12 الظاهر أن ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس و كذا أجرة تسخينه إذا احتاج اليه على زوجها، لانه يعد جزء من نفقتها، خصوصا في غسلها من الجنابة.

[مسألة: 13 يتعين على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيبيا]

مسألة: 13 يتعين على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيبيا، فلو اغتسل ارتماسيا بطل غسله و صومه، نعم لو اغتسل ارتماسا نسيانا لم يبطل صومه و صح غسله.

[مسألة: 14 لو شك في شي ء من أجزاء الغسل و قد دخل في آخر]

مسألة: 14 لو شك في شي ء من أجزاء الغسل و قد دخل في آخر يجب تدارك (3) ما شك فيه كالوضوء، فإنك قد عرفت وجوب التدارك عليه فيه ما لم يفرغ.


1- و كذا إباحته.
2- على نحو ما مر في الوضوء، و كذا المصب و الانية.
3- على الأحوط.

ص: 39

[مسألة: 15 ينبغي الاستبراء بالبول قبل الغسل]

مسألة: 15 ينبغي الاستبراء بالبول (1) قبل الغسل، و ليس هو شرطا في صحة الغسل، و لكن فائدته أنه لو فعله و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه لم يعد الغسل، بخلاف ما لو اغتسل بدونه ثم خرج منه البلل المزبور، فإنه يعيد الغسل حينئذ لكونه محكوما عليه بأنه مني، سواء استبرأ بالخرطات لتعذر البول عليه أولا.

[مسألة: 16 المجنب بسبب الانزال لو اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بين المني و البول]

مسألة: 16 المجنب بسبب الانزال لو اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بين المني و البول فان لم يستبرئ بالبول يحكم بكونه منيا، فيجب عليه الغسل خاصة، و ان بال و لم يستبرئ بالخرطات بعده يحكم بكونه بولا، فيجب عليه الوضوء خاصة. و لا فرق في هاتين الصورتين بين احتمال غيرهما من المذي أو غيره أيضا و عدمه، و ان استبرأ بالبول و بالخرطات بعده فان احتمل غير البول و المنى أيضا لم يجب عليه شي ء لا الغسل و لا الوضوء، و ان لم يحتمل غيرهما فإن أوقع الأمرين قبل الغسل و خرج البلل المشتبه بعده يجب الاحتياط (2) بالجمع بين الغسل و الوضوء، و ان أوقعهما بعده ثم خرج البلل المزبور يكفى الوضوء خاصة.

[مسألة: 17 إذا خرج من المنزل بعد الغسل رطوبة مشتبهة بين المنى و غيره و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا]

مسألة: 17 إذا خرج من المنزل بعد الغسل رطوبة مشتبهة بين المنى و غيره و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل. و مع احتمال كونه بولا الأحوط ضم الوضوء أيضا.

[مسألة: 18 يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به]

مسألة: 18 يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

[مسألة: 19 إذا أحدث بالأصغر في أثناء الغسل لم يبطل على الأقوى]

مسألة: 19 إذا أحدث بالأصغر في أثناء الغسل لم يبطل على الأقوى لكن يجب الوضوء بعده لكل ما اشترط به، و الأحوط (3) استيناف الغسل قاصدا به ما يجب عليه من التمام أو الإتمام و الوضوء بعده.

[مسألة: 20 إذا ارتمس في الماء بقصد الاغتسال و شك في أنه كان ناويا للغسل الارتماسي]

مسألة: 20 إذا ارتمس في الماء بقصد الاغتسال و شك في أنه كان ناويا للغسل الارتماسي حتى يكون فارغا أو الترتيبي و كان ارتماسه بقصد غسل الرأس و الرقبة


1- للمجنب بسبب الانزال.
2- بل الأحوط الجمع مطلقا الا في المحدث بالحدث الأصغر فيكفيه الوضوء.
3- لا يترك.

ص: 40

فبقي الطرفان يجب عليه الاستيناف، و يكفيه غسل الطرفين (1) بعنوان الاحتياط لأجل احتمال الاحتياج الى غسلهما.

[مسألة: 21 إذا صلى المجنب ثم شك في أنه اغتسل من الجنابة أم لا]

مسألة: 21 إذا صلى المجنب ثم شك في أنه اغتسل من الجنابة أم لا بنى على صحة صلاته و لكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية، و لو كان الشك في أثناء الصلاة بطلت، و لكن الأحوط (2) إتمامها ثم إعادتها مع الغسل.

[مسألة: 22 إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو مختلفة]

مسألة: 22 إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو مختلفة، فإن نوى الجميع بغسل واحد صح و كفى عن الجميع مطلقا، و حينئذ ان كان فيها غسل الجنابة لا حاجة الى الوضوء للمشروط به، و الا وجب الوضوء قبل الغسل أو بعده. و كذلك يكفي عن الجميع ان كان فيها الجنابة و قد قصد غسلها، و ان لم يكن فيها الجنابة أو كانت و قد قصد واحدا من الأغسال الواجبة غير غسل الجنابة فلا يبعد (3) كفايته عن الجميع أيضا، لكن الأحوط خلافه. و ان نوى بعض الأغسال المستحبة كفى أيضا عن غير المنوي من المستحبات، أما كفايته عن الواجبات ففيه اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[فصل: في غسل الحيض]

اشارة

(فصل: في غسل الحيض) دم الحيض أسود أو أحمر غليظ (4) حار يخرج بحرقة، كما أن دم الاستحاضة أصفر بارد صاف يخرج من غير لذع و حرقة. و هذه صفات غالبية لهما يرجع إليها في مقام التميز و الاشتباه في بعض المقامات، و ربما كان كل منهما بصفات الأخر. و كل دم تراه الصبية قبل إكمال تسع سنين ليس بحيض و ان كان بصفاته، بل هو استحاضة مع عدم العلم بغيرها. و كذا ما تراه المرأة بعد اليأس ليس بحيض، و انما هو استحاضة


1- بل تعين الاحتياط بذلك و لا يكفيه الارتماس على الأحوط، و استئناف الترتيبي بغسل الرأس يقطع بلغويته.
2- لا يترك.
3- مشكل إلا في غسل الجنابة فإنه يكفي عن الجميع.
4- طري حار يخرج بقوة و حرقة.

ص: 41

مع احتمالها. و تيأس المرأة بإكمال ستين سنة ان كانت قرشية، و خمسين ان كانت غيرها، و المشكوك كونها قرشية تلحق بغيرها، و المشكوك البلوغ تحكم بعدمه، و كذلك المشكوك يأسها.

[مسألة: 1 إذا خرج ممن شك في بلوغها دم بصفات الحيض يحكم بكونها حيضا]

مسألة: 1 إذا خرج ممن شك في بلوغها دم بصفات الحيض يحكم بكونها حيضا و يكون امارة على سبق البلوغ.

[مسألة: 2 الحيض يجتمع مع الإرضاع]

مسألة: 2 الحيض يجتمع مع الإرضاع، و في اجتماعه مع الحمل قولان، أقواهما ذلك و ان ندر وقوعه، فيحكم بحيضية ما تراه الحامل مع اجتماع الشرائط و الصفات و لو بعد استبانة الحمل.

[مسألة: 3 لا إشكال في حدوث صفة الحيض و ترتب أحكامه عند خروج دمه الى الخارج]

مسألة: 3 لا إشكال في حدوث صفة الحيض و ترتب أحكامه عند خروج دمه الى الخارج و لو بإصبع و نحوه و ان كان بمقدار رأس إبرة، كما لا إشكال في أنه يكفي في بقائها و استدامتها تلوث الباطن به و لو قليلا بحيث تتلطخ به القطنة لو أدخلتها إذا انصب من محله في فضاء الفرج بحيث يمكن إخراجه بالإصبع و نحوه و لم يخرج بعد فهل يحدث به صفة الحيض و يترتب أحكامه أم لا؟ فيه تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أفعال الطاهر، و لا يبعد جواز إخراج الدم حينئذ و لو بالعلاج و إجراء أحكام الحائض.

[مسألة: 4 لو شك في أصل الخروج حكم بعدمه، كما أنه لو شك في أن الخارج]

مسألة: 4 لو شك في أصل الخروج حكم بعدمه، كما أنه لو شك في أن الخارج دم أو غيره من الفضلات حكم بالطهارة من الحدث و الخبث. و لو علمت بالدم و تردد بين كونه خارجا من الموضع أو من غيره حكم بالطهارة من الحدث خاصة، و لا يجب عليها الفحص في الصور الثلاث. و لو علمت بخروج الدم و اشتبه حاله فله صور يعرف حكمها في ضمن المسائل الآتية.

[مسألة: 5 إذا اشتبه دم الحيض بدم البكارة- كما إذا افتضت البكر فسال دم كثير لا ينقطع]

مسألة: 5 إذا اشتبه دم الحيض بدم البكارة- كما إذا افتضت البكر فسال دم كثير لا ينقطع فشك في أنه من الحيض أو البكارة أو منهما- يختبر بإدخال قطنة و الصبر قليلا ثم إخراجها، فإن كانت مطوقة بالدم فهو من البكارة و ان كان بصفات

ص: 42

الحيض، و ان كانت منغمسة به فهو من الحيض. و الاختبار المذكور واجب، بل هو شرط لصحة عملها مع الإمكان، فلو صلت بدونه بطلت (1)، و لو تعذر عليها ترجع إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض فتبنى عليها، و مع الجهل بها تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أفعال الطاهر.

[مسألة: 6 الظاهر أن التطويق و الانغماس المذكورين علامتان للبكارة و الحيض مطلقا]

مسألة: 6 الظاهر أن التطويق و الانغماس المذكورين علامتان للبكارة و الحيض مطلقا حتى عند الشك في البكارة أو الافتضاض، و ان كان الأقوى عدم وجوب الاختبار عليها حينئذ، بل لها الرجوع (2) الى الحالة السابقة كمن تعذر عليها الاختبار.

[مسألة: 7 لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة التي في جوفها ترجع إلى الحالة السابقة]

مسألة: 7 لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة التي في جوفها ترجع إلى الحالة السابقة (3) من الحيض أو الطهارة، و مع الجهل بها تعمل بالاحتياط.

[مسألة: 8 أقل الحيض ثلاثة أيام، و أكثره كأقل الطهر عشرة]

مسألة: 8 أقل الحيض ثلاثة أيام، و أكثره كأقل الطهر عشرة، فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدا عن العشرة ليس بحيض، و كذا ما تراه بعد انقطاع الدم الذي حكم بحيضيته من جهة العادة أو غيرها من دون فصل العشرة و لم يمكن حيضية الدمين مع النقاء المتخلل في البين لكون المجموع زائدا على العشرة ليس بحيض بل هو استحاضة، كما إذا رأت ذات العادة سبعة أيام مثلا في العادة ثم انقطع سبعة أيام ثم رأت ثلاثة أيام فالثاني ليس بحيض بل هو استحاضة.

[مسألة: 9 الأقرب عدم اعتبار التوالي]

مسألة: 9 الأقرب عدم اعتبار التوالي في الأيام الثلاثة، بل يكفي كونها في ضمن العشرة، فإذا رأت الدم يوما أو يومين ثم رأت قبل انقضاء العشرة ما به يتم الثلاثة يمكن كونها حيضا. و يلحق بها أيام النقاء الذي في البين، إذ الطهر لا يكون أقل من عشرة، بخلاف ما لو رأت يوما أو يومين ثم رأت ما به تكمل الثلاثة بعد انقضاء العشرة كالحادي عشر أو الثاني عشر، فان الكل استحاضة. نعم الظاهر أنه يعتبر استمرار


1- إلا إذا انكشف كونها في حال الطهر و حصل منها قصد القربة، فالاختبار شرط لإحراز الصحة لا للصحة.
2- مشكل فلا يترك الاحتياط بالاختبار مع التمكن.
3- بل تحتاط بالجمع بين أفعال الطاهرة و تروك الحائض.

ص: 43

الدم في نفس الأيام، بأن يكون ثلاثة أيام كاملة، فلا يجزي الدماء المتفرقة بين العشرة إذا كان المجموع بمقدار ثلاثة أيام. و يكفى الاستمرار العرفي فلا يضر (1) الفترات اليسيرة المتعارفة بين النساء، كما أن الظاهر كفاية التلفيق في الأيام، كما لو رأت الدم من الظهر و استمر الى الظهر من اليوم الرابع مثلا، و لكن لا ينبغي (2) ترك الاحتياط مع عدم التوالي بالجمع بين وظيفتي الحائض و المستحاضة في أيام الدم و بين وظيفتي الحائض و الطاهر في النقاء في البين.

[مسألة: 10 المراد من اليوم النهار، و هو ما بين طلوع الفجر الى الغروب]

مسألة: 10 المراد من اليوم النهار، و هو ما بين طلوع الفجر الى الغروب، فالليالي خارجة، فإذا رأت من الفجر الى الغروب و انقطع ثم رأت يومين آخرين كذلك في ضمن العشرة كفى. نعم بناء على اعتبار التوالي في الأيام الثلاثة يدخل الليلتان المتوسطتان خاصة لو كان مبدأ الدم أول النهار، و الليالي الثلاث لو كان مبدؤه أول الليل أو عند التلفيق كالمثال المتقدم.

[مسألة: 11 الحائض اما ذات العادة أو غيرها]

مسألة: 11 الحائض اما ذات العادة أو غيرها، و الثانية اما مبتدئة و هي التي لم تر حيضا قط و اما مضطربة و هي التي تكرر منها الحيض و لم تستقر لها عادة و اما ناسية و هي التي نسيت عادتها، و تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين متفقتين في الزمان أو العدد أو فيهما، فتصير بذلك ذات عادة وقتية أو عددية و وقتية و عددية.

[مسألة: 12 لا إشكال في أنه لا تزول العادة برؤية الدم على خلافها مرة]

مسألة: 12 لا إشكال في أنه لا تزول العادة برؤية الدم على خلافها مرة، كما انه لا إشكال في زوالها بطرو عادة أخرى حاصلة من تكرر الدم مرتين متماثلتين على خلافها، و في زوالها بتكرر رؤية الدم على خلافها لا على نسق واحد بل مختلفا قولان، أقواهما ذلك فيما لو وقع التخلف مرارا بحيث يصدق في العرف انها ليس لها أيام معلومة.

[مسألة: 13 ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة]

مسألة: 13 ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة، فتترك العبادة، سواء كان بصفة الحيض أم لا. و كذا إذا رأت


1- مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع فيها بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض.
2- بل لا يترك هذا الاحتياط مع عدم التوالي في الثلاثة و في النقاء في البين مطلقا و لو مع التوالي في الثلاثة الأولى.

ص: 44

قبل العادة أو بعدها (1) بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت و العادة و تأخرهما، فإن انكشف عليها بعد ذلك عدم كونه حيضا لكونه أقل من أقله تقضي ما تركته من العبادة. و أما غير ذات العادة المذكورة فتتحيض أيضا بمجرد الرؤية إذا كان بصفات الحيض، و أما مع عدمها فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة، فإن استمر إلى ثلاثة أيام تجعلها (2) حيضا، و إذا زاد عليها إلى العشرة تجعل الزائد حيضا، فتكتفي بوظيفة الحائض و لا تحتاج إلى مراعاة أعمال المستحاضة.

[مسألة: 14 ذات العادة الوقتية إذا رأت في العادة و قبلها أو رأت فيها و بعدها أو رأت فيها و في الطرفين]

مسألة: 14 ذات العادة الوقتية إذا رأت في العادة و قبلها أو رأت فيها و بعدها أو رأت فيها و في الطرفين، فان لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضا، و ان تجاوز عنها فالحيض خصوص أيام العادة و الزائد استحاضة.

[مسألة: 15 إذا رأت المرأة ثلاثة أيام متوالية و انقطع بأقل من عشرة]

مسألة: 15 إذا رأت المرأة ثلاثة أيام متوالية و انقطع بأقل من عشرة ثم رأت ثلاثة أيام أو أزيد، فإن كان مجموع الدمين و النقاء المتخلل في البين لا يزيد على عشرة كان الطرفان حيضا، و يلحق بهما (3) النقاء المتخلل، سواء كان الدمان أو أحدهما بصفات الحيض أم لا، و سواء كانت ذات العادة و صادف الدمان أو أحدهما العادة (4) أم لا، و ان تجاوز (5) المجموع عن العشرة فإن كانت ذات عادة و كان أحد الدمين في العادة جعلته (6) خاصة حيضا دون الأخر، و كذلك إذا وقع بعض أحدهما في العادة


1- في الحكم بالحيضية مع التأخر عن العادة بمجرد الرؤية إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين.
2- مشكل، بل ظاهر بعض الاخبار الحكم بعدم الحيضية مع صفات الاستحاضة، و قاعدة الإمكان عندي محل نظر، فالأحوط مع عدم صفات الحيض الجمع بين الوظيفتين.
3- بل تحتاط في أيام النقاء بالجمع بين الوظيفتين.
4- ان لم يكونا بصفة الحيض و ان لم يصادفها العادة، فالأحوط الجمع بين وظيفتي الحائض و المستحاضة في أيام الدمين و بين وظيفتي الحائض و الطاهرة في أيام النقاء.
5- و كان النقاء أقل من العشرة.
6- إذا كان موافقا لأيام العادة عددا أو أكثر منها و الا فتتم عدد العادة مما ترى في غيرها ما لم يتجاوزا مع النقاء عن العشرة.

ص: 45

دون الأخر تجعل ذلك (1) حيضا دون الأخر، و ان لم تكن ذات عادة أو لم يقع أحدهما أو بعض أحدهما في العادة تجعل ما كان بصفة الحيض (2) حيضا دون الأخر، و ان تساويا (3) في الصفة فالأحوط لو لم يكن الأقوى جعل أولهما حيضا (4).

[مسألة: 16 ذات العادة إذا رأت أزيد من العادة و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض]

مسألة: 16 ذات العادة إذا رأت أزيد من العادة و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض.

[مسألة: 17 إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين مع فصل أقل الطهر في البين]

مسألة: 17 إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين مع فصل أقل الطهر في البين، فان كان أحدهما في العادة تجعله حيضا و كذلك الأخر ان كان بصفة الحيض، و أما ان كان بصفة الاستحاضة تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة، و ان كانا معا في غير وقت العادة تجعل كل واحد منهما حيضا، سواء كانا معا واجدين لصفة الحيض أو فاقدين لها أو مختلفين، و ان كان الاحتياط (5) في الدم الثاني في الصورة الثانية و في الفاقد منهما في الثالثة لا ينبغي تركه.

[مسألة: 18 المبتدئة و المضطربة و من كانت عادتها عشرة إذا انقطع عنهن ظهور الدم قبل العشرة]

مسألة: 18 المبتدئة و المضطربة و من كانت عادتها عشرة إذا انقطع عنهن ظهور الدم قبل العشرة مع احتمال بقائه في الباطن يجب عليهن الاستبراء، بإدخال قطنة و نحوها و الصبر هنيئة ثم إخراجها، فإن خرجت نقية اغتسلن و صلين، و ان خرجت متلطخة و لو بالصفرة صبرن حتى تنقى أو تمضي عشرة أيام، فان لم يتجاوز عن العشرة كان الكل حيضا و ان تجاوز عنها فسيأتي حكمه.

و أما ذات العادة التي كانت عادتها أقل من عشرة، فإن انقطع عنها ظهور الدم قبل العادة استبرأت، فان نقيت اغتسلت و صلت و الا صبرت إلى إكمال العادة، فإن بقي الدم حتى كملت العادة و انقطع عليها بالمرة اغتسلت و صلت، و كذلك لو انقطع ظهور الدم على العادة فاستبرأت فرأتها نقية.


1- و مع نقصان العدد تتمها من خارج الوقت مع الإمكان.
2- و مع نقصان العدد في ذات العدد تتمها من الفاقد مع الإمكان.
3- هذا إذا كانا واجدين لصفة الحيض، و أما الفاقدين فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين في مجموع الدمين و النقاء في تمام العشرة.
4- و تتم نقصان العدد من الثاني مع الإمكان.
5- بل لا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين في الفاقدين و الفاقد من المختلفين.

ص: 46

و أما لو لم ينقطع على العادة و تجاوز عنها استظهرت بترك العبادة إلى العشرة وجوبا إذا كان بصفات الحيض (1)، و أما إذا كان فاقدا لها استظهرت أيضا الى العشرة وجوبا في يوم واحد و استحبابا في الزائد، و ان كان الأحوط الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة، و حينئذ إذا دام الدم عليها و لم يتجاوز عن العشرة كان الكل حيضا، و ان تجاوز عنها فسيأتي حكمه.

[مسألة: 19 إذا تجاوز الدم عن العشرة قليلا كان أو كثيرا فقد اختلط حيضها بطهرها]

مسألة: 19 إذا تجاوز الدم عن العشرة قليلا كان أو كثيرا فقد اختلط حيضها بطهرها، فان كانت لها عادة معلومة من حيث الزمان و العدد تجعلها حيضا و ان لم يكن بصفاته و البقية استحاضة و ان كان بصفاته، و ان لم تكن لها عادة معلومة لا عددا و لا وقتا- بأن كانت مبتدئة أو مضطربة وقتا و عددا أو ناسية كذلك- فان اختلف لون الدم فبعضه أسود أو أحمر و بعضه أصفر ترجع الى التميز، فتجعل ما بصفة الحيض حيضا و غيره استحاضة، بشرط أن لا يكون ما بصفة الحيض أقل من ثلاثة و لا أزيد من عشرة، و ان لا يعارضه (2) دم آخر واجد لصفة الحيض مفصول بينه و بينه بالفاقد الذي يكون أقل من عشرة، كما إذا رأت خمسة أيام دما أسود ثم خمسة أيام أصفر ثم خمسة أسود، و ان كان الدم على لون واحد أو لم تجتمع الشروط المذكورة تكون فاقدة التميز، و حينئذ فالأحوط لو لم يكن الأقوى أن تجعل سبعة من كل شهر حيضا و البقية استحاضة. و المشهور (3) على أن المبتدئة الفاقدة التميز ترجع أولا إلى عادة أقاربها من أمها و أختها و خالتها و عمتها و غيرهن، فتأخذ بها مع اتفاقهن و العلم بحالهن، و مع عدمهما ترجع الى العدد. و ألحق بها الأكثر من لم تستقر لها عادة أيضا، و عندي


1- بل و ان لم يكن بصفات الحيض ما لم يطمأن بالتجاوز عن العشرة و لو الى تمام العشرة، و الاولى و الأحوط بعد العادة الجمع بين الوظيفتين.
2- و مع التعارض تحتاط في المتصفتين ان كان كل منهما واجدا للشرائط.
3- و هو الأقوى في المبتدئة و المضطربة، فترجع مع قصد التميز إلى أقاربها في عدد الأيام بشرط اتفاقها أو كون النادر كالمعدوم، و مع عدم الأقارب أو اختلافها ترجع الى الروايات مخيرة بين اختيار الثلاثة في كل شهر أو ستة أو سبعة، و أما الناسية فترجع الى التميز و مع عدمه الى الروايات و لا ترجع إلى أقاربها، و الأحوط أن تختار السبع.

ص: 47

في ذلك اشكال، خصوصا في الثانية، و الأحوط فيما إذا كانت عادتهن أقل من سبعة أيام أو أكثر أن تجمع في مقدار التفاوت بين وظيفتي الحائض و المستحاضة.

[مسألة: 20 الأحوط لو لم يكن الأقوى أن تجعل فاقدة التميز سبعة التحيض في أول رؤية الدم]

مسألة: 20 الأحوط لو لم يكن الأقوى أن تجعل فاقدة التميز سبعة (1) التحيض في أول رؤية الدم، و ان استمر إلى أزيد من شهر واحد يجب عليها الموافقة بين الشهور، فإذا كان ابتداء الدم في الشهر الأول من أوله جعلتها في الشهور التالية أيضا في أولها، و ان كان من وسطه جعلتها فيها أيضا في وسطها، و هكذا.

[مسألة: 21 ذات العادة الوقتية فقط إذا تجاوز دمها العشرة ترجع في الوقت الى عادتها]
اشارة

مسألة: 21 ذات العادة الوقتية فقط إذا تجاوز دمها العشرة ترجع في الوقت الى عادتها، و أما في العدد فان كان لها تميز يمكن رعايته مع الوقت رجعت اليه، و الا تحيضت (2) سبعة أيام و جعلتها في وقت العادة. و أما ذات العادة العددية فقط ترجع في العدد الى عادتها، و أما بحسب الوقت فان كان لها تميز يوافق العدد رجعت اليه، و ان كان مخالفا له ترجع إليه أيضا، لكن تزيد مع نقصانه عن العدد و تنقص مع زيادته عليه، و مع عدم التميز أصلا تجعل العدد في أول الدم كما تقدم.

[القول في أحكام الحيض]
اشارة

القول في أحكام الحيض:

و هي أمور:

«منها»- عدم جواز الصلاة و الصيام و الطواف و الاعتكاف لها.

«و منها»- حرمة ما يحرم على مطلق المحدث عليها، و هي أمور: مس اسم اللّٰه تعالى، و كذا مس أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام على الأحوط، و مس كتابة القرآن على التفصيل المتقدم في الوضوء.

«و منها»- حرمة ما يحرم على الجنب عليها، و هي أيضا أمور: قراءة السور العزائم أو بعضها، و دخول المسجدين، و اللبث في غيرهما، و وضع شي ء في المساجد


1- و لها أن تختار ثلاثة أو ستة على ما مر في الحاشية السابقة.
2- بل حالها في العدد كالمبتدئة في الرجوع الى أقاربها و التخيير مع فقدهم أو اختلافهم. نعم إذا علم بزيادتها عن الثلاثة ليس لها اختيارها، و كذا إذا علمت بنقيصتها عن السبعة فليس لها اختيارها.

ص: 48

على التفصيل المتقدم في الجنابة، فإن الحائض كالجنب في جميع هذه الاحكام.

«و منها»- حرمة الوطي بها على الرجل و عليها، و يجوز الاستمتاع بها بغير الوطي من التقبيل و التفخيذ و نحوهما، و ان كره الاستمتاع بها بما بين السرة و الركبة.

و اما الوطي في دبرها فالأحوط اجتنابه. و انما يحرم مع العلم بحيضها علما وجدانيا أو بالأمارات الشرعية كالعادة و التميز و نحوهما، و لو جهل بحيضها و علم به في حال المقاربة يجب المبادرة بالإخراج، و كذا إذا لم تكن حائضا فحاضت في حالها. و إذا أخبرت بالحيض أو ارتفاعه يسمع قولها، فيحرم الوطي عند اخبارها به، و يجوز عند اخبارها بارتفاعه.

[مسألة: 1 لا فرق في حرمة وطي الحائض بين الزوجة الدائمة و المنقطعة و الحرة و الأمة]

مسألة: 1 لا فرق في حرمة وطي الحائض بين الزوجة الدائمة و المنقطعة و الحرة و الأمة.

[مسألة: 2 إذا طهرت جاز لزوجها وطيها قبل الغسل على كراهية]

مسألة: 2 إذا طهرت جاز لزوجها وطيها قبل الغسل على كراهية، و الأحوط التجنب الا بعد أن غسلت فرجها.

«و منها»- ترتب الكفارة على وطيها على الأحوط، و هي في وطي الزوجة دينار في أول الحيض و نصفه في وسطه و ربعه في آخره، و في وطي مملوكته ثلاثة أمداد من طعام يتصدق بها على ثلاثة مساكين لكل مسكين مد، و لا كفارة على المرأة و ان كانت مطاوعة، و انما يوجب الكفارة مع العلم بالحرمة و كونها حائضا.

[مسألة: 3 المراد بأول الحيض ثلثه الأول و بوسطه ثلثه الثاني و بآخره ثلثه الأخير]

مسألة: 3 المراد بأول الحيض ثلثه الأول و بوسطه ثلثه الثاني و بآخره ثلثه الأخير، فإن كان أيام حيضها ستة يكون كل ثلث يومان و ان كان سبعة فكل ثلث يومان و ثلث و هكذا.

[مسألة: 4 إذا وطئها معتقدا حيضها فبان عدمه أو معتقدا عدم الحيض فبان وجوده لا شي ء عليه]

مسألة: 4 إذا وطئها معتقدا حيضها فبان عدمه أو معتقدا عدم الحيض فبان وجوده لا شي ء عليه.

[مسألة: 5 إذا اتفق حيضها حال المقاربة و لم يبادر في الإخراج فعليه الكفارة]

مسألة: 5 إذا اتفق حيضها حال المقاربة و لم يبادر في الإخراج فعليه الكفارة (1).


1- على الأحوط.

ص: 49

[مسألة: 6 يجوز إعطاء قيمة الدينار، و المعتبر قيمة وقت الأداء]

مسألة: 6 يجوز إعطاء قيمة الدينار، و المعتبر قيمة وقت الأداء.

[مسألة: 7 تعطى كفارة الأمداد لثلاثة مساكين]

مسألة: 7 تعطى كفارة الأمداد لثلاثة مساكين، و أما كفارة الدينار فلا بأس بإعطائها لمسكين واحد، و الأحوط إعطاؤها (1) لستة أو سبعة مساكين.

[مسألة: 8 تتكرر الكفارة بتكرر الوطي إذا وقع في أوقات مختلفة]

مسألة: 8 تتكرر الكفارة بتكرر الوطي إذا وقع في أوقات مختلفة، كما إذا وطئها في أوله و في وسطه و في آخره، فتكفر بدينار و ثلاثة أرباع دينار، و كذا إذا تكرر منه في وقت واحد مع تخلل التكفير، و أما مع عدمه ففيه قولان أحوطهما ذلك.

«و منها»- بطلان طلاقها إذا كانت مدخولة (2) و لم تكن حاملا و كان زوجها حاضرا أو بحكمه، بأن تمكن من استعلام حالها بسهولة مع غيبته، فلو لم تكن مدخولا بها أو كانت حاملا أو كان زوجها غائبا أو بحكمه بأن لم يكن متمكنا من استعلام حالها مع حضوره صح طلاقها.

[مسألة: 9 إذا كان الزوج غائبا و وكل حاضرا متمكنا من استعلام حالها]

مسألة: 9 إذا كان الزوج غائبا و وكل حاضرا متمكنا من استعلام حالها لا يجوز له طلاقها في حال الحيض.

«و منها»- وجوب الغسل (3) عند انقطاع الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، و غسله كغسل الجنابة في الكيفية و الاحكام، الا انه لا يجزي عن الوضوء، فوجب الوضوء معه قبله أو بعده لكل مشروط به كالصلاة و نحوها، بخلاف غسل الجنابة كما مر. و لو تعذر الوضوء فقط تغتسل و تتيمم بدلا عنه، كما أنه لو تعذر الغسل فقط تتوضأ و تتيمم بدلا عن الغسل، و لو تعذرا معا تتيمم تيممين أحدهما بدلا عن الغسل و الأخر بدلا عن الوضوء.

[مسألة: 10 لو لم يكن عندها الماء الا بقدر أحدهما تقدم الغسل]

مسألة: 10 لو لم يكن عندها الماء الا بقدر أحدهما تقدم الغسل.

[مسألة: 11 إذا تيممت بدلا عن الغسل ثم أحدث بالحدث الأصغر لم يبطل]

مسألة: 11 إذا تيممت بدلا عن الغسل ثم أحدث بالحدث الأصغر لم يبطل


1- ما عثرت على مستنده. نعم لو قيل إلى عشرة كان له احتمال.
2- و لو دبرا.
3- و منها استحبابه للأعمال التي يستحب فيها الطهارة، و منها شرطيته للأعمال غير الواجبة التي يشترط فيها الطهارة.

ص: 50

تيممها، بل هو باق الى أن تتمكن من الغسل، و الأحوط تجديده.

«و منها»- وجوب قضاء ما تركته في حال الحيض من الصيام الواجب، سواء كان صوم شهر رمضان أو غيره على الأقوى، و كذا الصلاة الواجبة غير اليومية كالآيات (1) و ركعتي الطواف و المنذورة على الأحوط لو لم يكن الأقوى، بخلاف الصلاة اليومية، فإنه لا يجب عليها قضاء ما تركته في حال حيضها. نعم إذا حاضت بعد دخول الوقت و قد مضى منه مقدار أقل الواجب من صلاتها بحسب حالها من البطء و السرعة و الصحة و المرض و الحضر و السفر و مقدار تحصيل الشرائط غير الحاصلة بحسب تكليفها الفعلي من الوضوء أو الغسل أو التيمم و لم تصل وجب عليها قضاء تلك الصلاة، بخلاف ما إذا لم تدرك من أول الوقت هذا المقدار، فإنه لا يجب عليها القضاء، و ان كان الأحوط (2) القضاء إذا أدركت مقدار أداء الصلاة مع الطهارة و ان لم تدرك مقدار تحصيل سائر الشرائط، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 12 إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت فإن أدركت منه مقدار أداء ركعة مع إحراز الشرائط وجب عليها الأداء]

مسألة: 12 إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت فإن أدركت منه مقدار أداء ركعة مع إحراز الشرائط وجب عليها الأداء، و مع تركها وجب عليها القضاء، بل الأحوط لو لم يكن الأقوى القضاء مع عدم سعة الوقت إلا للطهارة من الشرائط و أداء ركعة.

[مسألة: 13 إذا ظنت ضيق الوقت عن أداء ركعة فتركت فبان السعة وجب القضاء]

مسألة: 13 إذا ظنت ضيق الوقت عن أداء ركعة فتركت فبان السعة وجب القضاء.

[مسألة: 14 إذا طهرت في آخر النهار و أدركت من الوقت مقدار أربع ركعات في الحضر]

مسألة: 14 إذا طهرت في آخر النهار و أدركت من الوقت مقدار أربع ركعات في الحضر أو ركعتين في السفر صلت العصر و سقط عنها الظهر أداء و قضاءا، و إذا أدركت مقدار خمس ركعات في الحضر أو ثلاث ركعات في السفر تجب عليها الصلاتان، و إذا تركتهما يجب قضاؤهما. و أما العشاءان فإذا بقي من آخر الليل مقدار


1- في الآيات و ركعتي الطواف تفصيل موكول الى محله.
2- لا يترك.

ص: 51

خمس ركعات في الحضر أو أربع ركعات في السفر تجب الصلاتان، و مع الترك يجب قضاؤهما، و إذا بقي أقل من خمس ركعات في الحضر أو أقل من أربع في السفر تجب خصوص العشاء و سقط عنها المغرب أداء و قضاءا.

[مسألة: 15 إذا اعتقدت سعة الوقت للصلاتين فتبين عدمها و ان وظيفتها خصوص الثانية وجب قضاؤها]

مسألة: 15 إذا اعتقدت سعة الوقت للصلاتين فتبين عدمها و ان وظيفتها خصوص الثانية وجب قضاؤها، و إذا قدمت الثانية باعتقاد الضيق فبانت السعة صحت و وجب إتيان الاولى بعدها، و ان كان التبين بعد خروج الوقت وجب قضاؤها.

[مسألة: 16 يستحب للحائض أن تبدل القطنة و تتوضأ وقت كل صلاة و تجلس بمقدار صلاتها مستقبلة ذاكرة للّٰه تعالى]

مسألة: 16 يستحب للحائض أن تبدل القطنة و تتوضأ وقت كل صلاة و تجلس بمقدار صلاتها مستقبلة ذاكرة للّٰه تعالى، و يكره لها الخضاب بالحناء أو غيره، و قراءة القرآن و لو أقل من سبع آيات، و حمل المصحف و لو بغلافه، و لمس هامشه و ما بين سطوره.

[فصل: في الاستحاضة]
اشارة

(فصل: في الاستحاضة) و الكلام في دم الاستحاضة و أحكامها. دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق يخرج بغير قوة و لذع و حرقة، و قد يكون بصفة الحيض كما مر، و ليس لقليله و لا لكثيرة حد. و كل دم تراه المرأة قبل البلوغ أو بعد اليأس أو أقل من ثلاثة و لم يكن دم قرح و لا جرح و لا نفاس فهو استحاضة (1)، و كذا إذا تجاوز الدم عن عشرة أيام لكن حينئذ قد امتزج حيضها بالاستحاضة، فلا بد في تعيينهما من أن ترجع الى التفصيل الذي سبق في فصل الحيض.

و أما أحكامها فهي على أقسام ثلاثة: قليلة، و متوسطة، و كثيرة.

فالأولى ان تتلوث القطنة بالدم من دون ان يغمس فيها، و حكمها وجوب الوضوء لكل صلاة بعد تبديل القطنة أو تطهيرها على الأحوط (2).


1- و المتيقن مما يحكم بأنه استحاضة هو المردد بين الحيض و الاستحاضة أو المردد بين النفاس و الاستحاضة إذا لم يحكم بأحدهما، و في غيره إذا لم يعلم بالأمارات فالأحوط إجراء أحكام الاستحاضة عليه مع احتمالها.
2- بل الأقوى.

ص: 52

و الثانية أن يغمس الدم في القطنة و لا يسيل منها إلى الخرقة التي فوقها، و حكمها مضافا الى ما ذكر أنه يجب عليها في ذلك اليوم غسل واحد لصلاة الغداة، بل لكل صلاة حدث قبلها أو في أثنائها على الأقوى، فإن حدث بعد صلاة الغداة يجب للظهرين، كما انه ان حدث بعدهما يجب للعشاءين.

و الثالثة أن يسيل الدم من القطنة إلى الخرقة، و حكمها مضافا (1) الى ما ذكر و الى تبديل الخرقة أو تطهيرها غسل آخر للظهرين تجمع بينهما و غسل للعشاءين تجمع بينهما. هذا إذا كانت قبل صلاة الفجر، و لو حدثت بعدها يجب في ذلك اليوم غسلان غسل للظهرين و غسل للعشاءين، كما أنه ان حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشاءين. و الظاهر ان الجمع بين الصلاتين بغسل واحد مشروط بالجمع بينهما و انه رخصة لا عزيمة، فلو لم تجمع بينهما يجب الغسل لكل منهما. فظهر مما مر أن الاستحاضة الصغرى حدث أصغر كالبول، فإذا استمرت أو حدثت قبل كل صلاة من الصلوات الخمس تكون كالحدث المستمر كالسلس، و الكبرى و الوسطى كما انها حدث أصغر حدث أكبر أيضا.

[مسألة: 1 يجب على المستحاضة اختبار حالها في وقت كل صلاة بإدخال قطنة و نحوها و الصبر قليلا]

مسألة: 1 يجب على المستحاضة اختبار حالها في وقت كل صلاة بإدخال قطنة و نحوها و الصبر قليلا لتعلم أنها من أي قسم من الأقسام لتعمل بمقتضى وظيفتها، و لا يكفي الاختبار قبل الوقت إلا إذا علمت بعدم تغير حالها الى ما بعد الوقت، و إذا لم تتمكن من الاختبار فان كان لها حالة سابقة من القلة أو التوسط أو الكثرة تأخذ بها و تعمل بمقتضى وظيفتها، و الا فتأخذ بالقدر المتيقن، فإذا ترددت بين القليلة و غيرها تعمل عمل القليلة، و ان ترددت بين المتوسطة و الكثيرة تعمل عمل المتوسطة، و الأحوط مراعاة أسوأ الحالات (2).


1- وجوب الوضوء في الكثيرة محل تأمل لكن لا يضر إتيانه قبل الغسل رجاء. و أما بين الظهرين و العشاءين فهو خلاف الاحتياط عند الجمع بينهما الا حال الاشتغال بالإقامة بحيث لا ينافي الجمع العرفي.
2- بل تحتاط فيما تقطع معه صحة الصلاة.

ص: 53

[مسألة: 2 انما يجب تجديد الوضوء لكل صلاة و الأعمال المذكورة إذا استمر الدم]

مسألة: 2 انما يجب تجديد الوضوء لكل صلاة و الأعمال المذكورة إذا استمر الدم، فلو فرض انقطاعه قبل صلاة الظهر يجب لها فقط و لا يجب للعصر و لا للعشاءين، و ان انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط و هكذا. بل إذا انقطع الدم و توضأت للظهر و بقي وضوؤها إلى المغرب و العشاء صلتهما بذلك الوضوء و لم تحتج الى تجديده.

[مسألة: 3 يجب بعد الوضوء و الغسل المبادرة إلى الصلاة إذا لم ينقطع الدم بعدهما]

مسألة: 3 يجب بعد الوضوء و الغسل المبادرة إلى الصلاة إذا لم ينقطع الدم بعدهما أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو في أثنائها. نعم إذا توضأت و اغتسلت في أول الوقت مثلا و انقطع الدم حين الشروع في الوضوء و الغسل و لو انقطاع فترة و علمت بعدم عوده الى آخر الوقت جاز لها تأخير الصلاة.

[مسألة: 4 يجب عليها بعد الوضوء و الغسل التحفظ من خروج الدم]

مسألة: 4 يجب عليها بعد الوضوء و الغسل التحفظ من خروج الدم (1) مع عدم خوف الضرر بحشو قطنة أو غيرها و شدها بخرقة، فلو خرج الدم لتقصيرها في الشد أعادت الصلاة، بل الأحوط لو لم يكن الأقوى إعادة الغسل أيضا. نعم لو كان خروج الدم لغلبته لا لتقصير منها في التحفظ فلا بأس.

[مسألة: 5 إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى- كما إذا صارت القليلة متوسطة أو كثيرة]

مسألة: 5 إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى- كما إذا صارت القليلة متوسطة أو كثيرة أو المتوسطة كثيرة- فبالنسبة إلى الصلاة التي صلتها مع وظيفة الأدنى لا أثر لهذا الانتقال فلا يجب إعادتها، و أما بالنسبة إلى الصلوات المتأخرة تعمل (2) عمل الأعلى، فإذا تبدلت القليلة بالمتوسطة أو بالكثيرة بعد صلاة الصبح مضت صلاتها و تكون بالنسبة إلى الظهرين و العشاءين، كما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القلة فتغتسل غسلا واحدا للظهرين في الصورة الاولى و غسلين لهما و للعشاءين في الصورة الثانية، بخلاف ما إذا تبدلت إليهما قبل صلاة الصبح، فإنه تغتسل لها،


1- و الأحوط المحافظة عليها بقدر الإمكان تمام النهار ان كانت صائمة.
2- و ان انتقلت من الأدنى إلى الأعلى بعد الشروع في العمل و قبل إتمامها فعليها الاستيناف و العمل على الأعلى حتى إذا انتقلت المتوسطة في أثناء صلاة الصبح إلى الكثيرة بعد الغسل تستأنفها، أى تغتسل للصبح للكثيرة ثم تأتي لصلاة الصبح و كذا سائر الصلوات.

ص: 54

بل لو توضأت قبل التبدل تستأنف الوضوء، حتى إذا تبدلت المتوسطة بالكثيرة بعد الاغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل و تعمل في ذلك اليوم عمل الكثيرة، كما إذا لم يكن مسبوقا بالتوسط. و ان انتقلت من الأعلى إلى الأدنى تعمل لصلاة واحدة عمل الأعلى ثم تعمل عمل الأدنى، فلو تبدلت الكثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح و استمرت عليها اغتسلت للصبح و اكتفت بالوضوء للبواقي، و لو تبدلت الكثيرة الى المتوسطة بعد صلاة الصبح اغتسلت للظهر و اكتفت بالوضوء للعصر و العشاءين.

[مسألة: 6 يصح الصوم من المستحاضة القليلة]

مسألة: 6 يصح الصوم من المستحاضة القليلة، و لا يشترط في صحته الوضوء، و أما غيرها فيشترط في صحة صومها الأغسال النهارية على الأحوط، و أما غسل العشاءين في الكثيرة فليس شرطا في صحة صوم ذلك اليوم، و ان كان الأحوط مراعاته أيضا.

[مسألة: 7 إذا انقطع دمها فان كان قبل فعل الطهارة أتت بها و صلت]

مسألة: 7 إذا انقطع دمها فان كان قبل فعل الطهارة أتت بها و صلت، و ان كان بعده فعلها و قبل فعل الصلاة إعادتها و صلت إذا كان الانقطاع لبرء، و كذا لو كان لفترة (1) و كانت واسعة للطهارة و الصلاة في الوقت، و أما لو لم تكن واسعة لهما اكتفت بتلك الطهارة وصلت، و كذلك لو كانت شاكة في سعتها أو علمت (2) بالسعة لكنها شكت في انه للبرء أو الفترة. نعم في الصورة الثانية لو انكشف بعد ذلك كونه لبرء أعادت الطهارة و الصلاة، و لو انقطع في أثناء الصلاة أعادت الطهارة و الصلاة ان كان لبرء أو لفترة واسعة، و ان لم تكن واسعة أتمت صلاتها. و لو انقطع بعد فعل الصلاة فلا اعادة عليها على الأقوى (3) و ان كان لبرء.

[مسألة: 8 قد تبين مما مر حكم المستحاضة و ما لها من الأقسام و وظائفها بالنسبة إلى الصلاة و الصيام]

مسألة: 8 قد تبين مما مر حكم المستحاضة و ما لها من الأقسام و وظائفها بالنسبة إلى الصلاة و الصيام، و أما بالنسبة إلى سائر الاحكام فلا إشكال في انه يجب عليها الوضوء


1- على الأحوط.
2- بل الأحوط فيه اعادة الوضوء فقط أو مع الغسل و الإتيان بالصلاة.
3- بل الأحوط الإعادة لو انقطع في الوقت و ان كان عن فترة واسعة.

ص: 55

فقط للطواف الواجب إذا كانت ذات الصغرى، و هو مع الغسل إذا كانت ذات الكبرى أو الوسطى، لكونها محدثة بالحدث الأصغر في الاولى و به و بالأكبر في غيرها.

و الظاهر عدم (1) كفاية الوضوء الصلاتي في الاولى مع استدامتها، و لا الإتيان به مع الغسل في غيرها، خصوصا إذا أوقعت ذات الوسطى الطواف في غير وقت الغداة أو ذات الكبرى في غير الأوقات الثلاثة، فيتوقف صحة طوافها على الوضوء و الغسل له مستقلا. و أما الطواف المستحب فحيث انه لا يشترط فيه الطهارة من الحدث لا يحتاج الى الوضوء و لا الى الغسل من حيث هو، و ان احتاج الى الغسل في غير ذات الصغرى من جهة دخول المسجد لو قلنا به. و أما مس كتابة القرآن فلا إشكال في أنه لا يحل لها الا بالوضوء فقط في ذات الصغرى، و به مع الغسل في غيرها، و لا يكفي مجرد الإتيان بوظائف الصلاة بل يحتاج (2) الى الوضوء أو الغسل له مستقلا. نعم الظاهر جوازه حال إيقاع الصلاة التي أتت بوظيفتها، و هل تكون ذات الكبرى و الوسطى بحكم الحائض مطلقا فيحرم عليهما ما يحرم عليها بدون الغسل أم لا، الأحوط لو لم يكن الأقوى أن لا يغشاها زوجها ما لم تغتسل، بل الأحوط ضم الوضوء أيضا، و يكفي الغسل الصلاتي إذا واقع في وقتها بعد الصلاة، و أما إذا واقع في وقت آخر يحتاج الى غسل له مستقلا كما قلنا في الطواف. و أما مكثها في المساجد و دخولها في المسجدين فالأقوى جوازه لها بدون الاغتسال، و ان كان الأحوط الاجتناب عنه بدونه للصلاة أو له مستقلا كالوطي. و أما صحة طلاقها فلا إشكال في عدم كونها مشروطة بالاغتسال.

[فصل: في النفاس]
اشارة

(فصل: في النفاس) و هو دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أيام من حيضها، و لو كان سقطا و لم تلج فيه الروح، بل و لو كان مضغة أو علقة إذا علم كونها مبدأ نشو الولد، و مع الشك لم يحكم بكونه نفاسا، و ليس لأقله حد، فيمكن أن يكون لحظة بين العشرة. و لو لم


1- على الأحوط.
2- على الأحوط، و أحوط منه ترك مس كتابة القرآن لها مطلقا.

ص: 56

تر دما أصلا أو رأته بعد العشرة من حين الولادة فلا نفاس لها. و أكثره عشرة أيام، و ابتداء الحساب بعد انفصال الولد لا من حين الشروع في الولادة. و ان ولدت في أول النهار فالليلة الأخيرة خارجة، و أما الليلة الاولى لو ولدت في الليل فهي جزء من النفاس و ان لم تحسب من العشرة، و ان ولدت في وسط النهار يلفق من اليوم الحادي عشر، و لو ولدت اثنين كان ابتداء نفاسها من الأول و مبدأ العشرة من وضع الثاني.

[مسألة: 1 إذا انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكل ما رأته نفاس]

مسألة: 1 إذا انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكل ما رأته نفاس، سواء رأت تمام العشرة أو بعضها، و سواء كانت ذات العادة في حيضها أولا. و النقاء المتخلل بين الدمين أو الدماء بحكم النفاس على الأقوى (1)، فلو رأت يوما بعد الولادة و انقطع ثم رأت العاشر يكون الكل نفاسا، و كذا لو رأت يوما فيوما إلى العشرة، و لو لم تر الدم الا اليوم العاشر يكون هو النفاس و ما سبق من النقاء طهر كله، و لو رأت الثالث ثم رأت العاشر يكون نفاسها ثمانية.

[مسألة: 2 لو رأت الدم في تمام العشرة و استمر الى أن تجاوزها]

مسألة: 2 لو رأت الدم في تمام العشرة و استمر الى أن تجاوزها، فان كانت ذات عادة عددية في الحيض ترجع في نفاسها الى مقدار أيام حيضها، سواء كانت عشرة أو أقل و عملت بعدها عمل المستحاضة، و ان لم تكن ذات عادة تجعل نفاسها عشرة و تعمل بعدها عمل المستحاضة، و ان كان الاحتياط إلى الثمانية عشرة بالجمع بين وظيفتي النفساء و المستحاضة لا ينبغي تركه.

[مسألة: 3 يعتبر فصل أقل الطهر، و هو العشرة بين النفاس و الحيض المتأخر]

مسألة: 3 يعتبر فصل أقل الطهر، و هو العشرة بين النفاس و الحيض المتأخر، فلو رأت الدم من حين الولادة إلى اليوم السابع ثم رأت بعد العشرة ثلاثة أيام أو أكثر لم يكن حيضا بل كان استحاضة، و ان كان الأحوط إلى الثمانية عشر الجمع بين وظيفتي النفساء و المستحاضة إذا لم تكن ذات عادة كما مر، و أما بينه و بين الحيض المتقدم فلا يعتبر فصل أقل الطهر على الأقوى، فلو رأت قبل المخاض ثلاثة أيام أو


1- بل الأحوط في النقاء المتخلل الجمع بين وظيفة النفساء و الطاهرة كما مر في الحيض.

ص: 57

أكثر متصلا به أو منفصلا عنه بأقل من عشرة يكون حيضا، خصوصا إذا كان في عادة الحيض.

[مسألة: 4 إذا استمر الدم الى شهر أو أقل أو أزيد فبعد مضي العادة في ذات العادة و العشرة في غيرها]

مسألة: 4 إذا استمر الدم الى شهر أو أقل أو أزيد فبعد مضي العادة في ذات العادة و العشرة في غيرها محكوم بالاستحاضة. نعم بعد مضي عشرة أيام من دم النفاس أمكن أن يكون حيضا، فان كانت معتادة و صادف العادة يحكم بكونه حيضا، و الا فترجع الى الصفات و التميز ان كان، و الا فتجعل سبعة حيضا و ما عداها استحاضة كما مر في الحيض (1).

[مسألة: 5 إذا انقطع دم النفساء في الظاهر يجب عليها الاستظهار]

مسألة: 5 إذا انقطع دم النفساء في الظاهر يجب عليها الاستظهار على نحو ما مر في الحيض، فإذا انقطع الدم واقعا يجب عليها الغسل للمشروط به كالحائض.

و أحكامها كأحكامها في: عدم جواز وطيها، و عدم صحة طلاقها، و حرمة الصلاة و الصوم عليها، و مس كتابة القرآن و قراءة العزائم، و دخول المسجدين و المكث في غيرهما، و وجوب قضاء الصوم عليها دون الصلاة على التفصيل الذي سبق في الحيض.

[ (فصل: في غسل مس الميت)]
اشارة

(فصل: في غسل مس الميت) و سببه مس ميت الإنسان بعد برد تمام جسده و قبل تمام غسله لا بعده و لو كان غسلا اضطراريا، كما إذا كانت الأغسال الثلاثة بالماء القراح لفقد الخليطين، بل و لو كان المغسل كافرا لفقد المسلم المماثل، و ان كان الأحوط عدم الاكتفاء به (2). و يلحق بالغسل التيمم عند تعذره، و ان كان الأحوط عدمه. و لا فرق في الميت بين المسلم و الكافر و الكبير و الصغير، حتى السقط إذا تم له أربعة أشهر، كما لا فرق بين ما تحله الحياة و غيره ماسا و ممسوسا بعد صدق اسم المس، فيجب الغسل بمس ظفره و لو بالظفر. نعم لا يوجبه (3) مس الشعر ماسا و ممسوسا.


1- و قد مر منا ما هو المختار فراجع.
2- لا يترك الاحتياط فيه و في التيمم.
3- فيه تأمل فلا يترك الاحتياط.

ص: 58

[مسألة: 1 القطعة المبانة من الحي بحكم الميت في وجوب الغسل بمسها]

مسألة: 1 القطعة المبانة من الحي بحكم الميت في وجوب الغسل بمسها إذا اشتملت على العظم دون المجردة عنه، و الأحوط إلحاق العظم دون المجرد باللحم المشتمل عليه، و أما القطعة المبانة من الميت فكل ما كان يوجب مسه الغسل في حال الاتصال يكون كذلك حال الانفصال.

[مسألة: 2 الشهيد كالمغسل، فلا يوجب مسه الغسل]

مسألة: 2 الشهيد كالمغسل، فلا يوجب مسه الغسل، و كذا من وجب قتله قصاصا أو حدا فأمر بتقديم غسله ليقتل.

[مسألة: 3 إذا مس ميتا و شك في أنه قبل برده أو بعده لا يجب الغسل]

مسألة: 3 إذا مس ميتا و شك في أنه قبل برده أو بعده لا يجب الغسل، بخلاف ما إذا شك في انه كان شهيدا (1) أو غيره أو كان قبل الغسل أو بعده فيجب الغسل.

[مسألة: 4 إذا يبس عضو من أعضاء الحي و خرج منه الروح بالمرة]

مسألة: 4 إذا يبس عضو من أعضاء الحي و خرج منه الروح بالمرة لا يوجب مسه الغسل ما دام متصلا، و أما بعد الانفصال ففيه اشكال (2). و إذا قطع عضو منه و اتصل ببدنه و لو بجلدة لا يجب الغسل بمسه في حال الاتصال، و يجب بعد الانفصال إذا كان مشتملا على العظم.

[مسألة: 5 مس الميت ينقض الوضوء على الأحوط]

مسألة: 5 مس الميت ينقض الوضوء على الأحوط، فيجب الوضوء مع غسله لكل مشروط به.

[مسألة: 6 يجب غسل المس لكل واجب مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر على الأحوط]

مسألة: 6 يجب غسل المس لكل واجب مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر على الأحوط، و شرط على الأحوط فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة و الطواف الواجب و مس كتابة القرآن.

[مسألة: 7 يجوز للماس قبل الغسل دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم]

مسألة: 7 يجوز للماس قبل الغسل دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم، و يجوز وطيه لو كان امرأة، فحال المس حال الحدث الأصغر إلا في إيجاب الغسل للصلاة و نحوها.

[مسألة: 8 تكرار المس لا يوجب تكرار الغسل كسائر الاحداث]

مسألة: 8 تكرار المس لا يوجب تكرار الغسل كسائر الاحداث و لو كان


1- الأقوى فيه أيضا عدم الوجوب.
2- إذا اشتمل على العظم فالأقوى وجوب الغسل بمسه.

ص: 59

الممسوس متعددا.

[فصل: في أحكام الأموات]
اشارة

(فصل: في أحكام الأموات) يجب على من ظهر عنده أمارات الموت أداء الحقوق الواجبة خلقيا أو خالقيا، و رد الأمانات التي عنده، أو الإيصاء بها مع الاطمئنان بانجازها، و كذا يجب الإيصاء بالواجبات التي لا تقبل النيابة حال الحياة كالصلاة و الصيام و الحج و نحوها إذا كان له مال (1)، و فيما يجب على الولي كالصلاة و الصوم يتخير بين إعلامه أو الإيصاء به.

[مسألة: 1 لا يجب عليه نصب قيم على أطفاله الصغار إلا إذا كان عدمه تضييعا لهم و لحقوقهم]

مسألة: 1 لا يجب عليه نصب قيم على أطفاله الصغار إلا إذا كان عدمه تضييعا لهم و لحقوقهم، و إذا نصب فليكن المنصوب أمينا، و كذا من عينه لأداء الحقوق الواجبة.

[القول فيما يتعلق بحال الاحتضار]
اشارة

القول فيما يتعلق بحال الاحتضار:

[مسألة: 2 يجب كفاية في حال الاحتضار و النزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة]

مسألة: 2 يجب كفاية في حال الاحتضار و النزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره و يجعل باطن قدميه و وجهه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها، رجلا كان أو امرأة صغيرا كان أو كبيرا، و الأحوط مراعاة الاستقبال بالكيفية المذكورة في جميع الحالات الى ما بعد الفراغ من الغسل، و أما بعده الى حال الدفن فالأولى بل الأحوط وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.

[مسألة: 3 يستحب تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة الاثنى عشر و كلمات الفرج]

مسألة: 3 يستحب تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة الاثنى عشر و كلمات الفرج، و نقله الى مصلاه إذا اشتد نزعه بشرط ان لا يوجب أذاه، و قراءة سورتي يس و الصافات عنده لتعجيل راحته. و كذا يستحب تغميض عينيه، و تطبيق فمه، و شد فكيه، و مد يديه الى جنبيه، و مد رجليه، و تغطيته بثوب، و الإسراج عنده في الليل، و اعلام المؤمنين ليحضروا جنازته، و التعجيل في تجهيزه الا مع اشتباه حاله فينتظر الى حصول اليقين بموته.


1- بل مطلقا إذا احتمل وجود متبرع.

ص: 60

و يكره مسه في حال النزع، و وضع شي ء ثقيل على بطنه، و إبقاؤه وحده، فان الشيطان يعبث في جوفه، و كذا يكره حضور الجنب و الحائض عنده حال الاحتضار.

[القول في غسل الميت]
اشارة

القول في غسل الميت:

يجب كفاية تغسيل كل مسلم و لو كان مخالفا (1)، و لا يجوز تغسيل الكافر و من حكم بكفره من المسلمين كالنواصب و الغلاة و الخوارج، و أطفال المسلمين حتى ولد الزنا منهم بحكمهم، فيجب تغسيلهم، بل يجب تغسيل السقط أيضا إذا تم له أربعة أشهر و يكفن و يدفن على المتعارف، و إذا كان له أقل من أربعة أشهر لا يجب غسله (2) بل يلف في خرقة و يدفن.

[مسألة: 1 يسقط الغسل عن الشهيد، و هو المقتول في الجهاد مع الامام عليه السلام أو نائبه الخاص]

مسألة: 1 يسقط الغسل عن الشهيد، و هو المقتول (3) في الجهاد مع الامام عليه السلام أو نائبه الخاص. و يلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام، فلا يغسل و لا يحنط و لا يكفن بل يدفن بثيابه إلا إذا كان عاريا فيكفن، و كذا عمن وجب قتله برجم أو قصاص، فإن الإمام أو نائبه الخاص أو العام يأمره بأن يغتسل غسل الميت ثم يكفن كتكفينه و يحنط ثم يقتل و يصلى عليه و يدفن بلا تغسيل. و الظاهر ان نية الغسل من المأمور، و ان كان الأحوط نية الآمر أيضا.

[مسألة: 2 القطعة المنفصلة من الحي أو الميت قبل الاغتسال ان لم تشتمل على العظم]

مسألة: 2 القطعة المنفصلة من الحي أو الميت قبل الاغتسال ان لم تشتمل على العظم لا يجب غسلها بل تلف في خرقة و تدفن، و ان كان فيها عظم و لم تشتمل على الصدر تغسل و تلف في خرقة و تدفن، و كذا ان كان عظما مجردا، و ان كانت صدرا أو اشتملت على الصدر أو كانت بعض الصدر المشتمل على القلب تغسل و تكفن


1- و يجب ان يكون بطريق المذهب الاثني عشري إلا في مورد التقية، و معها يكتفى على طريقتهم.
2- ان لم يستو خلقته قبل ذلك و الا فلا يبعد الحاقه بمن تم له أربعة أشهر.
3- و يشترط فيه أن يكون خروج روحه قبل إخراجه من المعركة مع بقاء الحرب، و أما ان خرجت روحه بعد إخراجه فلا يترك الاحتياط فيه و لو مع بقاء الحرب، أما إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب فيجب تغسيله و تكفينه و لو كان في المعركة.

ص: 61

و يصلى عليها و تدفن، و يجوز الاقتصار في الكفن على الثوب و اللفافة إلا إذا كانت مشتملة على بعض محل المئزر أيضا، و إذا كان معها بعض المساجد يحنط ذلك البعض أيضا.

[مسألة: 3 تغسيل الميت كتكفينه و الصلاة عليه فرض على الكفاية]

مسألة: 3 تغسيل الميت كتكفينه و الصلاة عليه فرض على الكفاية، فهو فرض على جميع المكلفين، و بقيام بعضهم به يسقط عن الباقين، و ان كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه، بمعنى أن الولي لو أراد القيام به أو عين شخصا لذلك لا يجوز مزاحمته لا ان أذنه شرط (1) في صحة عمل غيره على الأقوى، فيجوز قيام الغير به بدون استيذان مع عدم المزاحمة، خصوصا فيما إذا كان الولي قاصرا، و ان كان الأحوط الاستيذان حتى فيما إذا كان الولي قاصرا أو غائبا الأحوط قيام الحاكم الشرعي به أو الاستيذان منه، و الاذن أعم من الصريح و الفحوى و شاهد الحال القطعي.

[مسألة: 4 المراد بالولي الذي لا يجوز مزاحمته أو يجب الاستيذان منه كل من يرثه]

مسألة: 4 المراد بالولي الذي لا يجوز مزاحمته أو يجب الاستيذان منه كل من يرثه بنسب أو سبب، و يترتب ولايتهم على ترتيب طبقات الإرث، فالطبقة الاولى مقدمون على الثانية و هي على الثالثة، و إذا فقدت الأرحام فالمولى المعتق ثم ضامن الجريرة، و إذا فقد الجميع فالحاكم الشرعي، فإنه ولي من لا ولي له.

و أما في نفس الطبقات فالذكور مقدمون على الإناث، و البالغون على غيرهم، و من تقرب الى الميت بالأبوين مقدم على من تقرب اليه بأحدهما، و من انتسب إليه بالأب أولى ممن انتسب إليه بالأم. و في الطبقة الأولى الأب مقدم على الام و الأولاد، و هم على أولادهم. و في الطبقة الثانية الجد مقدم على الاخوة، و هم على أولادهم.

و في الثالثة العم مقدم على الخال، و هما على أولادهما.

[مسألة: 5 الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها الى أن يضعها في قبرها]

مسألة: 5 الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها الى أن يضعها في قبرها، حرة كانت أو أمة دائمة أو منقطعة على اشكال في الأخيرة، و المالك أولى بعبده أو أمته


1- بل الظاهر ان اذنه شرط في صحة عمله. نعم مع امتناعه من المباشرة و الاذن يسقط اعتبار اذنه، و الأحوط إجبار الحاكم إياه بالاذن، و ان لم يمكن يستأذن من الحاكم، و الأحوط الاستيذان من المرتبة المتأخرة أيضا.

ص: 62

من كل أحد.

[مسألة: 6 إذا أوصى الميت في تجهيزه الى غير الولي فالأقوى صحة الوصية]

مسألة: 6 إذا أوصى الميت في تجهيزه الى غير الولي فالأقوى صحة الوصية و وجوب العمل بها، فيكون الوصي أولى، فليس للولي مزاحمته (1).

[مسألة: 7 يشترط المماثلة بين المغسل و الميت في الذكورية و الأنوثية]

مسألة: 7 يشترط المماثلة بين المغسل و الميت في الذكورية و الأنوثية، فلا يغسل الرجل المرأة و لا العكس، و لو كان من وراء الساتر و من دون لمس و نظر، الا الطفل الذي لا يزيد عمره على ثلاث سنين، فيجوز لكل من الرجل و المرأة تغسيل مخالفه و لو مع التجرد، و الا الزوج و الزوجة، فيجوز لكل منهما تغسيل الأخر و لو مع وجود المماثل و التجرد، حتى انه يجوز لكل منهما النظر إلى عورة الأخر على كراهية. و لا فرق في الزوجة بين الحرة و الأمة و الدائمة و المنقطعة، بل و المطلقة الرجعية على اشكال في الأخيرتين (2).

[مسألة: 8 لا إشكال في جواز تغسيل الرجل محارمه و بالعكس مع فقد المماثل من وراء الثياب]

مسألة: 8 لا إشكال في جواز تغسيل الرجل محارمه و بالعكس مع فقد المماثل من وراء الثياب، و أما مع وجوده أو مجردا ففيه تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط (3).

[مسألة: 9 يجوز للمولى تغسيل أمته إذا لم تكن مزوجة و لا معتدة و لا مبعضة]

مسألة: 9 يجوز للمولى تغسيل أمته إذا لم تكن مزوجة و لا معتدة و لا مبعضة (4)، و أما تغسيل الأمة مولاها ففيه إشكال.

[مسألة: 10 الميت المشتبه بين الذكر و الأنثى و لو من جهة كونه خنثى يغسله من وراء الثوب]

مسألة: 10 الميت المشتبه بين الذكر و الأنثى و لو من جهة كونه خنثى يغسله من وراء الثوب كل من الرجل و الأنثى.

[مسألة: 11 يعتبر في المغسل الإسلام، بل الايمان في حال الاختيار]

مسألة: 11 يعتبر في المغسل الإسلام، بل الايمان في حال الاختيار، و إذا انحصر المماثل في الكتابي أو الكتابية أمر المسلم الكتابية و المسلمة الكتابي أن


1- على الأحوط، و الأحوط للوصي الاستئذان من الولي و للغير الاستئذان منهما.
2- فلا يترك الاحتياط فيهما خصوصا في المطلقة الرجعية بعد انقضاء عدتها، بل الأقرب فيها عدم الجواز.
3- و الأقوى مع فقد المماثل الجواز مع الكراهة مجردا. نعم يحرم النظر الى عورته و يجب عليه سترها.
4- و لا مكاتبة، و الأحوط ترك تغسيل المولى أمته مع وجود المماثل مطلقا و مع فقده مجردا.

ص: 63

يغتسل أولا ثم يغسل الميت، و ان أمكن أن لا يلمس الماء و بدن الميت أو يغسل في الكر أو الجاري تعين، و إذا انحصر المماثل في المخالف فكذلك الا انه لا يحتاج الى الاغتسال قبل التغسيل، و لو انحصر المماثل في الكتابي و المخالف يقدم الثاني.

[مسألة: 12 لو لم يوجد المماثل حتى الكتابي سقط الغسل على الأقوى]

مسألة: 12 لو لم يوجد المماثل حتى الكتابي سقط الغسل على الأقوى، و ان كان الأحوط تغسيل غير المماثل من وراء الستر، كما أن الأحوط أن ينشف بدنه قبل التكفين لاحتمال بقاء نجاسته فيتنجس الكفن به.

[مسألة: 13 الظاهر عدم اعتبار البلوغ في المغسل فيجزي تغسيل]

مسألة: 13 الظاهر عدم اعتبار البلوغ في المغسل فيجزي تغسيل الصبي المميز بناء على صحة عباداته كما هو الأقوى، و يسقط عن المكلفين، و ان كان الأحوط عدم الاجتزاء به.

[القول في كيفية غسل الميت:]
اشارة

القول في كيفية غسل الميت:

يجب أولا إزالة النجاسة عن بدنه، و الأقوى كفاية غسل كل عضو قبل تغسيله، و ان كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل.

و يجب تغسيله ثلاثة أغسال: أولها بماء السدر، ثم بماء الكافور، ثم بالماء الخالص. و لو خالف الترتيب عاد الى ما يحصل به بإعادة ما حقه التأخير. و كيفية كل غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة: فيبدأ بغسل الرأس و الرقبة، ثم الطرف الأيمن، ثم الأيسر. و لا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة على الأحوط، بأن يكتفي في كل غسل بارتماسة واحدة. نعم يجوز في غسل كل عضو من الأعضاء الثلاثة من كل غسل من الأغسال الثلاثة رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.

[مسألة: 1 يعتبر في كل من السدر و الكافور أن يكون بمقدار يصدق أنه مخلوط بهما]

مسألة: 1 يعتبر في كل من السدر و الكافور أن يكون بمقدار يصدق أنه مخلوط بهما مع بقاء الماء على إطلاقه.

[مسألة: 2 إذا تعذر أحد الخليطين أو كلاهما غسل بالماء الخالص بدل المتعذر]

مسألة: 2 إذا تعذر أحد الخليطين أو كلاهما غسل بالماء الخالص بدل المتعذر على الأحوط قاصدا به البدلية مراعيا للترتيب بالنية.

ص: 64

[مسألة: 3 إذا فقد الماء للغسل تيمم ثلاث تيممات بدلا عن الأغسال الثلاثة على الترتيب]

مسألة: 3 إذا فقد الماء للغسل تيمم ثلاث تيممات بدلا عن الأغسال الثلاثة على الترتيب، و الأحوط تيمم آخر (1) بقصد بدلية المجموع، و يتيمم أيضا إذا كان مجروحا أو محروقا أو مجدورا بحيث يخاف من تناثر جلده لو اغتسل. و يجب أن يكون التيمم بيد الحي، و ان كان الأحوط تيمم آخر بيد الميت ان أمكن، و يكفي ضربة واحدة للوجه و اليدين، و ان كان الأحوط التعدد.

[مسألة: 4 إذا لم يكن عنده من الماء الا بمقدار غسل واحد غسله غسلا واحدا و تيممه تيممين]

مسألة: 4 إذا لم يكن عنده من الماء الا بمقدار غسل واحد غسله غسلا واحدا و تيممه تيممين، فان كان عنده الخليطان أو السدر خاصة صرف الماء في الغسل الأول و تيممه للأخيرين، و ان لم يكونا عنده فيحتمل أن يكون الحكم كذلك و يحتمل قريبا وجوب صرفه في الثالث (2) و التيمم للأولين، و طريق الاحتياط في مراعاة الاحتمالين، بأن تيمم تيممين بدلا عن الغسلين الأولين على الترتيب احتياطا، ثم يغسل بالماء بقصد ما في الذمة مرددا بين كونه الغسل الأول أو الثالث، ثم تيممين بقصد الاحتياط أحدهما بدلا عن الغسل للثاني و الأخر بدلا عن الثالث. و ان كان عنده الكافور فقط صرفه في الغسل الثاني و تيممه للأول و الثالث، و يحتمل صرفه في الأول (3) و التيمم للأخيرين، و الأحوط أن ييمم أولا بدلا عن الغسل الأول ثم يغسل بماء الكافور قاصدا به ما في الواقع من بدليته عن الغسل بماء السدر أو كونه الغسل الثاني ثم تيمم تيممين أحدهما بدلا عن الغسل بماء الكافور و الثاني بدلا عن الغسل بالماء الخالص.

و لو كان ما عنده من الماء يكفي لغسلين، فان كان عنده الخليطان صرفه في الأولين و يممه للثالث، و كذا إذا كان عنده السدر خاصة.

[مسألة: 5 إذا كان الميت محرما يغسله ثلاثة أغسال كالمحل]

مسألة: 5 إذا كان الميت محرما يغسله ثلاثة أغسال كالمحل، لكن لا يخلط الماء بالكافور في الغسل الثاني، الا أن يكون موته بعد الطواف في العمرة أو الحج،


1- و ان نوى في التيمم الثالث ما في الذمة من بدلية الجميع أو خصوص ماء القراح كفى في الاحتياط.
2- و ذلك لان الأولين هما المتعذران، لكن لا يترك الاحتياط المذكور.
3- بل لا يخلو من وجه، و لكن لا يترك ما ذكر من الاحتياط.

ص: 65

و كذلك لا يحنط (1) بالكافور.

[مسألة: 6 إذا يممه عند تعذر الغسل أو غسله بالماء الخالص لأجل تعذر الخليط ثم ارتفع العذر]

مسألة: 6 إذا يممه عند تعذر الغسل أو غسله بالماء الخالص لأجل تعذر الخليط ثم ارتفع العذر، فان كان قبل الدفن يجب الغسل (2) في الأول و يعيده مع الخليط في الثاني، و ان كان بعده مضى.

[مسألة: 7 لو كان على الميت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما أجزأ عنها غسل الميت]

مسألة: 7 لو كان على الميت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما أجزأ عنها غسل الميت.

[مسألة: 8 إذا دفن الميت بلا غسل و لو نسيانا وجب نبشه لتغسيله]

مسألة: 8 إذا دفن الميت بلا غسل و لو نسيانا وجب نبشه (3) لتغسيله، و كذا إذا ترك بعض الأغسال أو تبين بطلانها، و كذا إذا دفن بلا تكفين أو مع الكفن الغصبي (4).

و أما إذا تبين انه لم يصل عليه أو تبين بطلانها فلا يجوز نبشه لأجلها بل يصلى على قبره.

[مسألة: 9 لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت إلا إذا جعل الأجرة في قبال بعض الأمور غير الواجبة]

مسألة: 9 لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت إلا إذا جعل الأجرة في قبال بعض الأمور غير الواجبة، مثل تليين أصابعه و مفاصله و غسل يديه قبل التغسيل الى نصف الذراع و غسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي و غسل فرجيه بالسدر أو الأشنان قبل التغسيل و تنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف و غير ذلك.

[مسألة: 10 إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج نجاسة أو نجاسة خارجة لا يجب معه إعادة الغسل]

مسألة: 10 إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج نجاسة أو نجاسة خارجة لا يجب معه إعادة الغسل، حتى فيما لو خرج منه بول أو غائط على الأقوى، و ان كان الأحوط إعادته فيما لو خرجا في الأثناء. نعم يجب ازالة الخبث عن جسده و لو كان بعد وضعه في القبر الا مع التعذر و لو لاستلزامها هتك حرمته بسبب إخراجه.

[مسألة: 11 اللوح أو السرير الذي يغسل عليه الميت لا يجب غسله بعد كل غسل من الأغسال الثلاثة]

مسألة: 11 اللوح أو السرير الذي يغسل عليه الميت لا يجب غسله بعد كل غسل من الأغسال الثلاثة. نعم الأحوط غسله لميت آخر، و ان كان الأقوى أنه يطهر


1- و لا يقرب اليه طيب آخر.
2- على الأحوط فيه و في الإعادة لفقد الخليط، و كذا بعد الدفن إذا اتفق خروجه بعده.
3- ما لم يمض زمان يوجب هتكه بتفرق اجزائه أو انتشار رائحته أو تناثر لحمه، و الا فلا يبعد لزوم التأخير حتى يصير عظما فيجري عليه حكمه.
4- إذا لم يرض به صاحبه متبرعا أو مع العوض، و الأحوط له ذلك.

ص: 66

بالتبعية. و كذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه، فإنها أيضا تطهر بالتبع.

[مسألة: 12 الأحوط أن يوضع الميت حال الغسل مستقبل القبلة على هيئة المحتضر]

مسألة: 12 الأحوط أن يوضع الميت حال الغسل مستقبل القبلة على هيئة المحتضر.

[مسألة: 13 لا يجب الوضوء للميت على الأصح]

مسألة: 13 لا يجب الوضوء للميت على الأصح. نعم يقوى استحبابه، بل هو الأحوط، و ينبغي تقديمه على الغسل.

[القول في آداب الغسل]
اشارة

القول في آداب الغسل:

و هي أمور: وضعه على ساجة أو سرير، و أن ينزع قميصه من طرف رجليه، بل و ان استلزم فتقه لكن حينئذ يراعى رضى الورثة، و أن يكون تحت الظلال من سقف أو خيمة و نحوهما، و ستر عورته و ان لم ينظر إليها أو كان المغسل ممن يجوز له النظر إليها، و تليين أصابعه و مفاصله برفق، و غسل يديه قبل التغسيل الى نصف (1) الذراع، و غسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي، و غسل فرجيه بالسدر أو الأشنان (2) أمام الغسل، و مسح بطنه (3) برفق في الغسلين الأولين، و تثليث غسل كل عضو من كل غسل، فيصير مجموع الغسلات سبعا و عشرين، و تنشيف بدنه بعد الفراغ بثوب نظيف و غير ذلك.

[مسألة: 1 إذا سقط من بدن الميت شي ء من جلد أو شعر أو ظفر أو سن]

مسألة: 1 إذا سقط من بدن الميت شي ء من جلد أو شعر أو ظفر أو سن يجعل معه في كفنه و يدفن.

[القول في تكفين الميت]

القول في تكفين الميت:

و هو واجب كفائي كالتغسيل، و الواجب منه ثلاثة أثواب: مئزر يستر ما بين


1- في كل غسل ثلاث مرات، و الاولى أن يكون في الأولى بماء السدر و في الثانية بماء الكافور و في الثالثة بماء القراح.
2- ثلاث مرات.
3- الا أن يكون حاملا مات ولدها في بطنها.

ص: 67

السرة (1) و الركبة، و قميص يصل الى نصف الساق (2) لا أقل على الأحوط بل الأقوى، و إزار يغطي تمام البدن، فيجب أن يكون طوله زائدا على طول الجسد، و عرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الأخر و يلف عليه بحيث يستر جميع الجسد، و عند تعذر الجميع أتى بما تيسر (3) حتى إذا لم يمكن الا ستر العورة وجب.

[مسألة: 1 لا يجوز التكفين بالمغصوب و لو في حال الاضطرار]

مسألة: 1 لا يجوز التكفين بالمغصوب و لو في حال الاضطرار، و لا بالحرير الخالص و لو للطفل و المرأة، و لا بجلد الميتة، و لا بالنجس حتى ما عفي عنه في الصلاة، و لا بما لا يؤكل لحمه جلدا كان أو شعرا أو وبرا، بل و لا بجلد المأكول أيضا على الأحوط دون صوفه و شعره و وبره، فإنه لا بأس به.

[مسألة: 2 يختص عدم جواز التكفين بما ذكر فيما عدا المغصوب بحال الاختيار]

مسألة: 2 يختص عدم جواز التكفين بما ذكر فيما عدا المغصوب بحال الاختيار، فيجوز الجميع مع الاضطرار، و مع الدوران يقدم جلد المأكول ثم النجس (4) ثم الحرير ثم أجزاء غير المأكول.

[مسألة: 3 لو تنجس الكفن قبل الوضع في القبر وجب إزالة النجاسة عنه بغسل]

مسألة: 3 لو تنجس الكفن قبل الوضع في القبر وجب إزالة النجاسة عنه بغسل أو قرض غير قادح في الكفن، و كذا بعد الوضع فيه. و لو تعذر غسله و لو من جهة توقفه على إخراجه تعين القرض، كما أنه يتعين الغسل لو تعذر القرض، و لو من جهة استلزامه زوال ساترية الكفن، و لو تعذرا وجب تبديله مع الإمكان.

[مسألة: 4 يخرج الكفن من أصل التركة]

مسألة: 4 يخرج الكفن من أصل التركة، مقدما على الديون و الوصايا و الميراث، و كذا القدر الواجب (5) من سائر مؤن التجهيز من الماء و السدر و الكافور و قيمة الأرض، حتى ما تأخذه الحكومة للدفن في الأرض المباحة، و أجرة الحمال


1- و الأفضل من الصدر الى القدم.
2- من الطرفين، و ما هو المتعارف في بعض البلاد من جعله الى المنكبين في طرف الخلف لا وجه له.
3- مقدما للإزار على القميص و القميص على المئزر عند الدوران و المئزر على ستر العورة.
4- وجه الترجيح فيه و فيما بعده غير معلوم.
5- الظاهر أن المستحبات المتعارفة أيضا كذلك.

ص: 68

و الحفار و نحوها، و لو كانت التركة متعلقا لحق الغير بسبب الفلس أو الرهانة فالظاهر تقديم الكفن عليه. نعم في تقديمه على حق الجناية إشكال، و إذا لم تكن له تركة بمقدار الكفن دفن عريانا، و لا يجب على المسلمين بذله بل يستحب.

[مسألة: 5 كفن الزوجة بل و سائر مؤن تجهيزها على زوجها]

مسألة: 5 كفن الزوجة بل و سائر مؤن تجهيزها على زوجها و لو مع يسارها كبيرة كانت أو صغيرة مجنونة كانت أو عاقلة حرة كانت أو امة مدخولة كانت أو غير مدخولة مطيعة كانت أو ناشزة، و في المنقطعة (1) سيما إذا كانت مدة نكاحها قصيرة جدا و كذلك في المطلقة الرجعية تأمل و إشكال.

[مسألة: 6 إذا تبرع متبرع بكفنها سقط عن الزوج]

مسألة: 6 إذا تبرع متبرع بكفنها سقط عن الزوج.

[مسألة: 7 إذا مات الزوج بعد زوجته و لم يكن له من المال الا بمقدار كفن واحد قدم عليها]

مسألة: 7 إذا مات الزوج بعد زوجته و لم يكن له من المال الا بمقدار كفن واحد قدم عليها.

[مسألة: 8 إذا كان الزوج معسرا فكفن الزوجة من تركتها]

مسألة: 8 إذا كان الزوج معسرا فكفن الزوجة من تركتها فلو أيسر بعد (2) ذلك ليس للورثة مطالبة قيمته.

[مسألة: 9 لا يلحق بالزوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من الأقارب.]

مسألة: 9 لا يلحق بالزوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من الأقارب.

نعم كفن المملوك على سيده إلا الأمة المزوجة فعلى زوجها.

[القول في مستحبات الكفن و آداب التكفين]

القول في مستحبات الكفن و آداب التكفين:

يستحب الزيادة على القطع الثلاث في كل من الرجل و المرأة: بخرقة للفخذين طولها ثلاثة أذرع و نصف و عرضها شبر، تشد من الحقوين ثم تلف على الفخذين لفا شديدا على وجه لا يظهر منهما شي ء الى ان تصل الى الركبتين ثم يخرج رأسها من تحت رجليه الى الجانب الأيمن. و جعل شي ء من القطن بين الأليتين على وجه يستر العورتين بعد وضع شي ء من الحنوط عليه، و يحشى دبره بشي ء منه إذا خشي خروج شي ء منه،


1- في المنقطعة و الناشزة إشكال، و اما المعتدة بالعدة الرجعية فالظاهر انه لا اشكال فيه حيث انها في حكم الزوجة ان لم نقل بكونها زوجة.
2- يعنى بعد الدفن.

ص: 69

بل و قبل المرأة أيضا، سيما إذا كان يخشى خروج دم النفاس و نحوه منه، كل ذلك قبل اللف بالخرقة المذكورة. و لفافة أخرى فوق اللفافة الواجبة، و الأفضل كونها بردا يمانيا، بل يقوى استحباب لفافة ثالثة سيما في المرأة. و في الرجل خاصة بعمامة يلف بها رأسه بالتدوير و يجعل طرفاها تحت الحنك و يلقيان على صدره الأيمن على الأيسر و بالعكس، و في المرأة خاصة بمقنعة بدل العمامة و لفافة يشد بها ثدياها الى ظهرها.

و يستحب إجادة الكفن، فان الموتى يتباهون يوم القيامة بأكفانهم، و كونه من طهور المال لا تشوبه شبهة، و ان يكون من القطن، و ان يكون أبيض، و أن يكون من ثياب أحرم فيها أو كان يصلى فيها، و ان يخاط بخيوطه إذا احتاج الى الخياطة، و ان يلقى عليه شي ء من الكافور، و ان يكتب على حاشية جميع قطع الكفن «ان فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أن محمدا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و ان عليا و الحسن و الحسين- و يعد الأئمة عليهم السلام الى آخرهم- أئمته و سادته و قادته و ان البعث و الثواب و العقاب حق»، و ان يكتب عليه الجوشن الصغير بل و الكبير، نعم الاولى بل الأحوط أن يكون ذلك كله في مقام يؤمن (1) عليه من النجاسة و القذارة.

و يستحب للمباشر للتكفين إذا كان هو المغسل الغسل من المس و الوضوء قبل التكفين، و إذا كان غيره الطهارة من الحدث الأكبر و الأصغر.

[القول في الحنوط]
اشارة

القول في الحنوط:

و هو واجب على الأصح صغيرا كان الميت أو كبيرا ذكرا كان أو أنثى، و لا يجوز تحنيط المحرم كما تقدم. و يشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم، و الأقوى جوازه قبل التكفين و بعده و في أثنائه، و ان كان الأول أولى.


1- و لا يكون هتكا و منافيا للاحترام.

ص: 70

و كيفيته: أن يمسح الكافور (1) على مساجده السبعة، و يستحب اضافة طرف الأنف إليها، بل هو الأحوط، بل لا يبعد استحباب مسح إبطيه (2) و لبته و مفاصله به، و لا يقوم مقام الكافور طيب آخر حتى عند الضرورة.

[مسألة: 1 لا يجب مقدار معين من الكافور في الحنوط]

مسألة: 1 لا يجب مقدار معين من الكافور في الحنوط، بل الواجب المسمى مما يصدق معه المسح به، و الأفضل و الأكمل أن يكون سبع مثاقيل صيرفية، و دونه في الفضل أربعة مثاقيل شرعية، و دونه أربعة دراهم، و دونه مثقال شرعي. و لو تعذر الجميع حتى المسمى منه دفن بغير حنوط.

[مسألة: 2 يستحب خلط كافور الحنوط بشي ء من التربة الشريفة]

مسألة: 2 يستحب خلط كافور الحنوط بشي ء من التربة الشريفة، لكن لا يمسح به المواضع المنافية لاحترامها كالابهامين.

[القول في الجريدتين]

القول في الجريدتين:

من السنن الأكيدة عند الشيعة وضع عودين رطبين مع الميت صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى، و الأفضل كونهما من جريد النخل، و ان لم يتيسر فمن السدر، و الا فمن الخلاف أو الرمان، و الا فمن كل شجر رطب (3)، و الاولى كونهما بمقدار عظم الذراع و ان أجزأ الأقل و الأكثر، كما أن الاولى في كيفية وضعهما جعل إحداهما في جانبه الأيمن من عند الترقوة الى ما بلغت ملصقة بجلده، و الأخرى في جانبه الأيسر من عند الترقوة الى ما بلغت فوق القميص تحت اللفافة (4).

[القول في تشييع الجنازة]

القول في تشييع الجنازة:

و فضله كثير و ثوابه خطير، حتى ورد في الخبر «من شيع جنازة فله بكل خطوة حتى يرجع مائة ألف حسنة و يمحى عنه مائة ألف سيئة و يرفع له مائة ألف درجة، فإن


1- بل يضعه عليه، يجعل مقدارا منه في كل من المواضع المذكورة.
2- و كل موضع من بدنه فيه رائحة كريهة.
3- و الجريدة اليابسة لا تكفى.
4- و لو تركت لنسيان و نحوه جعلت فوق قبره.

ص: 71

صلى عليها يشيعه مائة ألف ملك كلهم يستغفرون له، فان شهد دفنها و كل اللّٰه به مائة ألف ملك يستغفرون له حتى يبعث من قبره، و من صلى على ميت صلى عليه جبرئيل و سبعون ألف ملك و غفر له ما تقدم من ذنبه، و ان أقام عليه حتى يدفنه و حثا عليه من التراب انقلب من الجنازة و له بكل قدم من حيث تبعها حتى يرجع الى منزله قيراط من الأجر، و القيراط مثل جبل أحد يلقى في ميزانه من الأجر».

و أما آدابه فهي كثيرة:

منها: أن يقول حين حمل الجنازة «بسم اللّٰه و باللّه و صلى اللّٰه على محمد و آل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات».

و منها: المشي، بل الظاهر كراهة الركوب الا لعذر. نعم لا يكره في الرجوع.

و منها: المشي خلف الجنازة أو جانبيها لا قدامها، و الأول أفضل.

و منها: أن يحملوها على أكتافهم لا على الدابة و نحوها الا لعذر كبعد المسافة.

و منها: أن يكون المشيع خاشعا متفكرا متصورا أنه هو المحمول و قد سأل الرجوع الى الدنيا فأجيب.

و منها: التربيع، بمعنى أن يحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة، و الأفضل أن يبتدئ بمقدم السرير من طرف يمين الميت فيضعه على عاتقه الأيمن، ثم يحمل مؤخره الأيمن على عاتقه الأيمن، ثم مؤخره الأيسر على عاتقه الأيسر، ثم ينتقل الى المقدم الأيسر و يضعه على عاتقه الأيسر.

و منها: أن يكون صاحب المصيبة حافيا واضعا رداءه أو مغيرا زيه على وجه آخر حتى يعرف.

و يكره الضحك و اللعب و اللهو، و وضع الرداء لغير صاحب المصيبة، و الكلام بغير الذكر و الدعاء و الاستغفار، حتى أنه نهي عن السلام على المشيع، و تشييع النساء الجنازة حتى للنساء، و الإسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميت، سيما إذا كان بالعدو، بل ينبغي الوسط في المشي، و اتباعها بالنار و لو بمجمرة الا

ص: 72

المصباح في الليل، و القيام عند مرورها إذا كان جالسا إلا إذا كان الميت كافرا فيقوم لئلا يعلو على المسلم.

[القول في الصلاة على الميت]
اشارة

القول في الصلاة على الميت:

يجب الصلاة على كل مسلم و ان كان مخالفا للحق على الأصح، و لا يجوز على الكافر بأقسامه حتى المرتد و من حكم بكفره ممن انتحل بالإسلام كالنواصب و الخوارج و الغلاة. و من وجد ميتا في بلاد المسلمين يلحق بهم، و كذا اللقيط دار الإسلام، و أما لقيط دار الكفر إذا وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه ففيه اشكال (1). و أطفال المسلمين حتى ولد الزنا منهم بحكمهم في وجوب الصلاة عليهم إذا بلغوا ست سنين، و تستحب على من لم يبلغ ذلك إذا ولد حيا دون من ولد ميتا و ان ولجته الروح قبل ولادته. و قد تقدم سابقا أن بعض البدن ان كان صدرا أو مشتملا على تمام الصدر أو كان بعض الصدر المشتمل على القلب حكمه حكم تمام البدن في وجوب الصلاة عليه.

[مسألة: 1 محل الصلاة بعد الغسل و التكفين]

مسألة: 1 محل الصلاة بعد الغسل و التكفين، فلا تجزي قبلهما، و لا تسقط بتعذرهما، كما أنه لا تسقط بتعذر الدفن أيضا، فلو وجد في الفلاة ميت و لم يمكن غسله و لا تكفينه و لا دفنه يصلى عليه و يخلى. و الحاصل أن كلما تعذر من الواجبات يسقط و كلما يمكن يثبت.

[مسألة: 2 يعتبر في المصلي أن يكون مؤمنا]

مسألة: 2 يعتبر في المصلي أن يكون مؤمنا، فلا يجزي صلاة المخالف فضلا عن الكافر. و لا يعتبر فيه البلوغ على الأقوى، فيصح صلاة الصبي المميز، بل الظاهر اجزاؤها (2) عن المكلفين البالغين. و لا يعتبر فيه الذكورة، فتصح صلاة المرأة و لو على الرجال، و لا يشترط في صحة صلاتها عدم الرجال.

[مسألة: 3 الصلاة على الميت و ان كان فرضا على الكفاية]

مسألة: 3 الصلاة على الميت و ان كان فرضا على الكفاية الا أنه كسائر أنواع


1- فلا يترك الاحتياط بالصلاة عليه رجاء، و ان كان الأقرب الإلحاق.
2- مع العلم بإتيانها صحيحة، و أما مع الشك في الصحة فلا تجري أصالة الصحة في عمله.

ص: 73

تجهيزه أولى الناس بها أولاهم بميراثه، بمعنى أن الولي لو أراد المباشرة بنفسه أو عين شخصا لها لا يجوز لغيره مزاحمته، لا ان اذنه (1) شرط لصحة عمل غيره، و قد مر ذلك مفصلا في الغسل فلا نعيده. و إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين فالظاهر وجوب العمل بها (2) على الولي بأن لا يزاحم الوصي.

[مسألة: 4 يستحب فيها الجماعة]

مسألة: 4 يستحب فيها الجماعة، و الأحوط (3) اعتبار اجتماع شرائط الإمامة من العدالة و نحوها هنا أيضا، بل الأحوط اعتبار اجتماع شرائط الجماعة من عدم الحائل و نحوه أيضا، و لا يتحمل الامام هنا عن المأمومين شيئا.

[مسألة: 5 يجوز أن يصلي على ميت واحد في زمان واحد أشخاص متعددون فرادى]

مسألة: 5 يجوز أن يصلي على ميت واحد في زمان واحد أشخاص متعددون فرادى بل و بالجماعات المتعددة، و يجوز لكل واحد منهم قصد الوجوب ما لم يفرغ منها أحد، فإذا فرغ نوى الباقون الاستحباب أو القربة، و كذلك الحال في المصلين المتعددين في جماعة واحدة.

[مسألة: 6 يجوز للمأموم نية الانفراد في الأثناء]

مسألة: 6 يجوز للمأموم نية الانفراد في الأثناء، لكن بشرط أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضر و لا خارجا عن المحاذاة المعتبرة في المنفرد.

[القول في كيفية صلاة الميت]
اشارة

القول في كيفية صلاة الميت:

و هي خمس تكبيرات: يأتي بالشهادتين بعد الاولى، و الصلاة على النبي و آله بعد الثانية، و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات بعد الثالثة، و الدعاء للميت بعد الرابعة، ثم يكبر الخامسة و ينصرف. و لا يجوز أقل من خمس تكبيرات إلا للتقية، و ليس فيها أذان و لا اقامة و لا قراءة و لا ركوع و لا سجود و لا تشهد و لا سلام.

و يكفي في الأدعية الأربعة مسماها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الأولى «أشهد


1- قد مر أن اذنه شرط في صحة عمله.
2- على الأحوط، و الأحوط للوصي الاستيذان من الولي و للغير الاستيذان منهما.
3- بل الأظهر فيه و فيما بعده.

ص: 74

أن لا إله إلا اللّٰه و أشهد أن محمدا رسول اللّٰه» و بعد الثانية «اللهم صل على محمد و آل محمد» و بعد الثالثة «اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات» و بعد الرابعة «اللهم اغفر لهذا الميت» ثم يقول «اللّٰه أكبر» و ينصرف.

و الاولى أن يقول بعد التكبيرة الأولى «أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا فردا حيا قيوما دائما أبدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدي و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون». و بعد الثانية «اللهم صل على محمد و آل محمد و بارك على محمد و آل محمد و ارحم محمدا و آل محمد أفضل ما صليت و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد، و صل على جميع الأنبياء و المرسلين». و بعد الثالثة «اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الاحياء منهم و الأموات تابع اللهم بيننا و بينهم بالخيرات انك على كل شي ء قدير». و بعد الرابعة «اللهم ان هذا المسجى قدامنا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك نزل بك و أنت خير منزول به، اللهم انك قبضت روحه إليك و قد احتاج الى رحمتك و أنت غني عن عذابه، اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا و أنت أعلم به منا، اللهم ان كان محسنا فزد في إحسانه و ان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته و اغفر لنا و له، اللهم احشره مع من يتولاه و يحبه و أبعده ممن يتبرأ منه و يبغضه، اللهم ألحقه بنبيك و عرف بينه و بينه و ارحمنا إذا توفيتنا يا إله العالمين، اللهم اكتبه عندك في أعلى عليين و اخلف على عقبه في الغابرين و اجعله من رفقاء محمد و آله الطاهرين و ارحمه و إيانا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم عفوك عفوك عفوك».

و ان كان الميت امرأة يقول بدل قوله «هذا المسجى» الى آخره «هذه المسجاة قد أمنا أمتك و ابنة عبدك و ابنة أمتك» و اتى بالضمائر مؤنثة. و ان كان الميت طفلا دعا في الرابعة لأبويه بأن يقول «اللهم اجعله لأبويه و لنا سلفا و فرطا و أجرا».

[مسألة: 1 في كل من الرجل و المرأة يجوز تذكير الضمائر]

مسألة: 1 في كل من الرجل و المرأة يجوز تذكير الضمائر باعتبار أنه ميت

ص: 75

أو شخص، و تأنيثها باعتبار أنه جنازة، فيسهل الأمر فيما إذا لم يعلم أن الميت أ رجل أو امرأة، و لا يحتاج الى تكرار الدعاء أو الضمائر.

[مسألة: 2 إذا شك في التكبيرات بين الأقل و الأكثر بنى على الأقل]

مسألة: 2 إذا شك في التكبيرات بين الأقل و الأكثر بنى على الأقل.

[القول في شرائط صلاة الميت]
اشارة

القول في شرائط صلاة الميت:

تجب فيها: نية القربة، و تعيين الميت على وجه يرفع الإبهام و لو بأن يقصد الميت الحاضر أو من عينه الامام، و استقبال القبلة و القيام، و ان يوضع الميت أمامه مستلقيا على قفاه محاذيا له إذا كان إماما أو منفردا بخلاف ما إذا كان مأموما في صف اتصل بمن يحاذيه، و ان يكون رأسه الى يمين المصلي و رجله الى يساره، و ان لا يكون بينه و بين المصلي حائل كستر أو جدار مما لا يصدق معه اسم الصلاة عليه بخلاف الميت في النعش و نحوه مما هو بين يدي المصلي، و ان لا يكون بينهما بعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف عليه الا في المأموم مع اتصال الصفوف، و ان لا يكون أحدهما أعلى من الأخر علوا مفرطا، و ان تكون الصلاة بعد التغسيل و التكفين و الحنوط الا فيمن سقط عنه ذلك كالشهيد أو تعذر عليه فيصلى عليه بدون ذلك، و أن يكون مستور العورة، و من لم يكن له كفن أصلا فإن أمكن ستر عورته بشي ء قبل وضعه في القبر سترها و صلى عليه و الا فليحفر قبره و يوضع (1) في لحده و يوارى عورته بلبن أو أحجار أو تراب ثم يصلى عليه ثم يوارى في قبره.

[مسألة: 1 لا يعتبر فيها الطهارة من الحدث و الخبث و لا سائر شروط الصلاة]

مسألة: 1 لا يعتبر فيها الطهارة من الحدث و الخبث و لا سائر شروط الصلاة ذات الركوع و السجود و ترك موانعها، و ان كان الأحوط (2) مراعاة جميع ما يعتبر فيها.

[مسألة: 2 إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط]

مسألة: 2 إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط، و ان اشتبهت القبلة و لم يتمكن من تحصيل العلم بها و فقدت الأمارات التي يرجع إليها عند عدم إمكان العلم يعمل


1- على نحو يوضع في خارجه للصلاة ثم بعد الصلاة يوضع على كيفية الدفن.
2- لا يترك في الالتفات عن القبلة و التكلم و القهقهة و كل ماح لصورة الصلاة.

ص: 76

بالظن (1) مع إمكانه، و الا فليصل إلى أربع (2) جهات.

[مسألة: 3 إذا لم يقدر على القيام و لم يوجد من يقدر على الصلاة قائما تعين عليه الصلاة جالسا]

مسألة: 3 إذا لم يقدر على القيام و لم يوجد من يقدر على الصلاة قائما تعين عليه الصلاة جالسا، و مع وجوده يجب عينا على المتمكن، و لا يجزي عنه صلاة العاجز على الأظهر، لكن إذا عصى و لم يقم بوظيفته يجب على العاجز القيام بوظيفته، و إذا فقد المتمكن و صلى العاجز جالسا ثم وجد قبل أن يدفن فالأحوط اعادة المتمكن، و أولى بذلك ما إذا صلى معتقدا عدم وجوده فتبين خلافه و ظهر كونه موجودا من الأول.

[مسألة: 4 من أدرك الإمام في أثناء الصلاة جاز له الدخول معه]

مسألة: 4 من أدرك الإمام في أثناء الصلاة جاز له الدخول معه و تابعه في التكبير و جعله أول صلاته أول تكبيراته، فيأتي بوظيفته من الشهادتين، فإذا كبر الإمام الثالثة مثلا كبر معه و كانت له الثانية، فيأتي بالصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و آله، فإذا فرغ الإمام أتم ما عليه من التكبير مع الأدعية ان تمكن منها و لو مخففا، و ان لم يمهلوه اقتصر (3) على التكبير ولاء من غير دعاء في موقفه.

[مسألة: 5 لا يسقط صلاة الميت عن المكلفين ما لم يأت بها بعضهم على وجه صحيح]

مسألة: 5 لا يسقط صلاة الميت عن المكلفين ما لم يأت بها بعضهم على وجه صحيح، فإذا شك في أصل الإتيان بنى على العدم، و ان علم به و شك في صحة ما أتى به حمل على الصحة، و ان علم بفساده وجب عليه الإعادة و ان كان المصلي قاطعا بالصحة. نعم لو تخالف المصلي مع غيره بحسب التقليد أو الاجتهاد- بأن كانت الصلاة صحيحة بحسب تقليد المصلي أو اجتهاده فاسدة عند غيره بحسبهما- ففي الاجتزاء (4) بها وجه، لكنه لا يخلو عن اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 6 يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن لا بعده]

مسألة: 6 يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن لا بعده. نعم لو دفن قبل الصلاة


1- ان لم يتمكن من الاحتياط.
2- ان لم يخف الفساد و الا فيتخير و يحتاط بالصلاة إلى سائر الجهات بعد الدفن ان لم تنكشف القبلة و الا فإليها.
3- بل له إتمامها خلف الجنازة فرادى إن أمكن من الاستقبال و سائر الشرائط، بل لا بأس بإتمامها على القبر و ان لم يجب بسقوط التكليف بفعل السابقين.
4- بل الأقوى عدم الاجتزاء بها.

ص: 77

نسيانا أو لعذر آخر أو تبين فسادها لا يجوز نبشه لأجل الصلاة، بل يصلى على قبره مراعيا للشرائط من الاستقبال و غيره ما لم يمض مدة تلاشى فيها بحيث خرج عن صدق اسم الميت، بل من لم يدرك الصلاة على من صلى عليه قبل الدفن يجوز له أن يصلي عليه بعده الى يوم و ليلة، و إذا مضى أزيد من ذلك فالأحوط الترك.

[مسألة: 7 يجوز تكرار الصلاة على الميت على كراهية]

مسألة: 7 يجوز تكرار الصلاة على الميت على كراهية إلا إذا كان الميت ذا شرف و منقبة و فضيلة.

[مسألة: 8 إذا حضرت جنازة في وقت الفريضة]

مسألة: 8 إذا حضرت جنازة في وقت الفريضة، فان لم تزاحم الصلاة عليها مع الفريضة من جهة سعة وقتها و لم يخش من الفساد على الميت لو أخرت صلاته تخير بينهما، و الأفضل تقديم صلاته إلا إذا زاحمت مع وقت فضيلة الفريضة فترجح عليها، و يجب تقديمها على الفريضة في سعة وقتها إذا خيف على الميت من الفساد لو أخرت صلاته، كما أنه يجب تقديم الفريضة مع ضيق وقتها و عدم الخوف على الميت، و أما مع الخوف عليه و ضيق وقت الفريضة فإن أمكن صونه عن الفساد بالدفن و إتيان الصلاة في وقتها ثم الصلاة عليه مدفونا تعين ذلك، و ان لم يمكن ذلك بل زاحم وقت الفريضة مع الدفن الذي يصونه من الفساد فلو تشاغل بالدفن يفوته الفرض و ان تشاغل بالفريضة و أخر الدفن عرض عليه الفساد، ففي تقديم الدفن على الفريضة أو العكس تأمل (1) و اشكال، و ان أمكن أن يصلي الفريضة موميا مع التشاغل بالدفن صلى كذلك، لكن مع ذلك لا يترك القضاء.

[مسألة: 9 إذا اجتمعت جنازات متعددة فالأولى انفراد كل واحد منها بصلاة]

مسألة: 9 إذا اجتمعت جنازات متعددة فالأولى انفراد كل واحد منها بصلاة إذا لم يخش على بعضها الفساد من جهة تأخير صلاتها، و يجوز التشريك بينها في صلاة واحدة، بأن يوضع الجميع قدام المصلي مع رعاية المحاذاة، أو يجعل الجميع صفا واحدا، بأن يجعل رأس كل عند الية الأخر شبه الدرج و يقوم المصلي


1- لا يبعد وجوب تقديم الدفن و قضاء الصلاة ان خيف عليه من الفساد الكلي و لو بإتيان أقل الواجب من الصلاة، و أما في مثل تغيير الرائحة فيقدم الصلاة عليه.

ص: 78

وسط الصف، و يراعي في الدعاء لهم بعد التكبير الرابع ما يناسبهم من تثنية الضمير أو جمعه و تذكيره و تأنيثه.

[مسألة: 10 إذا حضر في أثناء الصلاة على الجنازة- كما بعد التكبيرة الأولى- جنازة أخرى]

مسألة: 10 إذا حضر في أثناء الصلاة على الجنازة- كما بعد التكبيرة الأولى- جنازة أخرى يجوز تشريك الاولى مع الثانية في التكبيرات الباقية، فتكون ثانية الأولى أولى الثانية و ثالثة الاولى ثانية الثانية و هكذا، فإذا تمت تكبيرات الاولى يأتي ببقية تكبيرات الثانية، فيأتي بعد كل تكبير مختص ما يخصه من الدعاء و بعد التكبير المشترك يجمع بين الدعاءين، فيأتي بعد التكبير الذي هو أول الثانية و ثاني الاولى بالشهادتين مع الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و آله، و هكذا.

[القول في آداب الصلاة على الميت]

القول في آداب الصلاة على الميت:

و هي أمور (1):

منها: ان يقال قبل الصلاة «الصلاة» ثلاث مرات، و هي بمنزلة الإقامة للصلاة.

و منها: أن يكون المصلي على طهارة من الحدث من الوضوء أو الغسل أو التيمم، و يجوز التيمم بدل الغسل أو الوضوء هنا حتى مع وجدان الماء ان خاف فوت الصلاة لو توضأ أو اغتسل، بل مطلقا.

و منها: أن يقف الإمام أو المنفرد عند وسط الرجل بل مطلق الذكر، و عند صدر المرأة بل مطلق الأنثى.

و منها: نزع النعل، بل يكره الصلاة بالحذاء، و هو النعل دون الخف و الجورب، و ان كان الحفاء لا يخلو من رجحان خصوصا للإمام.

و منها: رفع اليدين عند التكبيرات و لا سيما الاولى.

و منها: أن يقف قريبا من الجنازة بحيث لو هبت الريح وصل ثوبه إليها.

و منها: الإجهار للإمام و الاسرار للمأموم.


1- إتيان جميع ما ذكر من الآداب رجاء لا بأس به.

ص: 79

و منها: اختيار المواضع المعدة للصلاة على الجنائز.

و منها: أن لا توقع في المساجد عدا مسجد الحرام.

و منها: إيقاعها جماعة.

[القول في الدفن]
اشارة

القول في الدفن:

يجب كفاية دفن الميت المسلم و من بحكمه، و هو مواراته في حفيرة في الأرض، فلا يجزي البناء عليه و لا وضعه في بناء أو تابوت و لو من صخر أو حديد مع القدرة على المواراة في الأرض. نعم لو تعذر الحفر لصلابة الأرض مثلا أجزأ البناء عليه و وضعه فيه و نحو ذلك من أقسام المواراة، كما أنه لو أمكن نقله إلى أرض يمكن حفرها قبل أن يحدث بالميت شي ء وجب، و الأحوط كون الحفيرة بحيث تحرس جثته من السباع و تكتم رائحته عن الناس، و ان كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين و لو من جهة عدم وجود السباع و عدم من يؤذيه رائحته من الناس، أو البناء على قبره بعد مواراته.

[مسألة: 1 راكب البحر مع تعذر البر لخوف فساده لو انتظر أو لمانع آخر أو تعسره]

مسألة: 1 راكب البحر مع تعذر البر لخوف فساده لو انتظر أو لمانع آخر أو تعسره يغسل و يكفن و يحنط و يصلى عليه و يوضع في خابية و نحوها و يوكأ رأسها أو يثقل بحجر أو نحوه في رجله و يلقى فيه (1)، و الأحوط اختيار الأول مع الإمكان، و كذا لو خيف على الميت من نبش العدو قبره و التمثيل به ألقي في البحر بالكيفية المزبورة.

[مسألة: 2 يجب كون الدفن مستقبل القبلة]

مسألة: 2 يجب كون الدفن مستقبل القبلة، بأن يضجعه على جنبه الأيمن بحيث يكون رأسه الى المغرب و رجليه الى المشرق مثلا في البلاد الشمالية. و بعبارة أخرى يكون رأسه الى يمين من يستقبل القبلة و رجلاه الى يساره، و كذا في دفن الجسد بلا رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل و في الصدر وحده، إلا إذا كان الميت


1- مستقبل القبلة على الأحوط.

ص: 80

كافرة حاملة بولد مسلم، فإنها تدفن مستدبرة القبلة على جانبها الأيسر ليصير الولد في بطنها مستقبلا.

[مسألة: 3 مئونة الدفن حتى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه من القير و الساروج و غير ذلك]

مسألة: 3 مئونة الدفن حتى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه من القير و الساروج و غير ذلك بل ما يأخذه الجائر للدفن في الأرض المباحة تخرج من أصل التركة، و كذا مئونة الإلقاء في البحر من الحجر أو الحديد الذي يثقل به أو الخابية التي يوضع فيها.

[مسألة: 4 إذا اشتبهت القبلة يعمل بالظن على الأحوط]

مسألة: 4 إذا اشتبهت القبلة يعمل بالظن على الأحوط، و مع عدمه يسقط الاستقبال (1).

[مسألة: 5 يجب دفن الاجزاء المبانة من الميت حتى الشعر و السن و الظفر]

مسألة: 5 يجب دفن الاجزاء المبانة من الميت حتى الشعر و السن و الظفر، و الأحوط لو لم يكن الأقوى إلحاقه ببدن الميت و الدفن معه مع الإمكان.

[مسألة: 6 إذا مات شخص في البئر و لم يمكن إخراجه و لا استقباله يخلى على حاله]

مسألة: 6 إذا مات شخص في البئر و لم يمكن إخراجه و لا استقباله يخلى على حاله و يسد البئر و يجعل قبرا له.

[مسألة: 7 إذا مات الجنين في بطن الحامل و خيف عليها من بقائه يجب التوصل إلى إخراجه بكل حيلة]

مسألة: 7 إذا مات الجنين في بطن الحامل و خيف عليها من بقائه يجب التوصل إلى إخراجه بكل حيلة، ملاحظا للأرفق فالأرفق، و لو بتقطيعه قطعة قطعة، و يكون المباشر زوجها أو النساء، و مع عدمها فالمحارم من الرجال، فان تعذر فالأجانب. و لو ماتت الحامل و كان الجنين حيا وجب إخراجه و لو بشق بطنها، فيشق جنبها الأيسر و يخرج الطفل ثم يخاط و تدفن. و لا فرق في ذلك بين رجاء بقاء الطفل بعد الإخراج و عدمه، و لو خيف مع حياتهما على كل منهما ينتظر حتى يقضى.

[مسألة: 8 لا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعة]

مسألة: 8 لا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعة، و منها الأراضي الموقفة لغير الدفن، و ما تعلق بها حق الغير كالمرهونة بغير اذن المرتهن، بل و منها قبر ميت (2) آخر قبل صيرورته رميما. و في جواز الدفن في المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمين و عدم المزاحمة للمصلين تأمل و اشكال (3).


1- ان لم يمكن تحصيل العلم و لو بالتأخير على وجه لا يضر بالميت و لا بالمباشر.
2- لا مانع منه إذا كانت الأرض مباحة. نعم لا يجوز نبشه لذلك.
3- أقواه عدم الجواز.

ص: 81

[مسألة: 9 لا يجوز أن يدفن الكفار و أولادهم في مقبرة المسلمين]

مسألة: 9 لا يجوز أن يدفن الكفار و أولادهم في مقبرة المسلمين، بل لو دفنوا نبشوا، سيما إذا كانت المقبرة مسبلة للمسلمين، و كذا لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفار، و لو دفن عصيانا أو نسيانا ففي جواز نبشه و نقله تأمل و اشكال (1).

[القول في مستحبات الدفن و مكروهاته]

القول في مستحبات الدفن و مكروهاته:

أما المستحبات فهي أمور:

منها: حفر القبر (2) إلى الترقوة أو بقدر القامة.

و منها: اللحد في الأرض الصلبة، بأن يحفر في القبر مما يلي القبلة حفيرة بقدر ما تسع جثته فيوضع فيها، و الشق في الأرض الرخوة، بأن يحفر في قعر القبر حفيرة شبه النهر فيوضع فيها الميت و يسقف عليه.

و منها: وضع جنازة الرجل قبل إنزاله في القبر مما يلي الرجلين، و جنازة المرأة مما يلي القبلة أمام القبر.

و منها: ان لا يفجأ به القبر و لا ينزله فيه بغتة، بل يضعه دون القبر بذراعين أو ثلاثة و يصبر عليه هنيئة ثم يقدمه قليلا و يصبر عليه هنيئة، ثم يضعه على شفير القبر ليأخذ أهبته للسؤال، فإن للقبر أهوالا عظيمة نستجير باللّه منها، ثم بسله من نعشه سلا فيدخله برفق سابقا برأسه ان كان رجلا و عرضا ان كان امرأة.

و منها: أن يحل جميع عقد الكفن بعد وضعه في القبر.

و منها: أن يكشف عن وجهه و يجعل خده على الأرض و يعمل له وسادة من تراب و يسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلا يستلقي على قفاه.

و منها: أن يسد اللحد باللبن أو الأحجار لئلا يصل اليه التراب، و إذا أحكمها بالطين كان أحسن.


1- لا إشكال في جوازه لرعاية احترامه، بل الأحوط وجوبه إلا إذا استلزم النبش هتكا آخر.
2- الإتيان بما ذكر من المستحبات رجاء لا بأس به، و كذا ترك ما ذكر من المكروهات.

ص: 82

و منها: أن يكون من ينزله في القبر متطهرا مكشوف الرأس حالا أزراره نازعا عمامته و رداءه و نعليه.

و منها: أن يكون المباشر لانزال المرأة و حل أكفانها زوجها أو محارمها، و مع عدمهم فأقرب أرحامها من الرجال فالنساء ثم الأجانب، و الزوج أولى من الجميع.

و منها: أن يهيل عليه التراب غير أرحامه بظهر الأكف.

و منها: أن يقرأ بالأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المبسوطة في مواضع مخصوصة: عند سله من النعش، و عند معاينة القبر، و عند إنزاله فيه، و بعد وضعه فيه، و بعد وضعه في لحده، و حال اشتغاله بسد اللحد، و عند الخروج من القبر، و عند إهالة التراب عليه.

و منها: تلقينه العقائد الحقة من أصول دينه و مذهبه بالمأثور بعد وضعه في اللحد قبل أن يسده.

و منها: رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرجة.

و منها: تربيع القبر، بمعنى تسطيحه و جعله ذا أربع زوايا قائمة، و يكره تسنيمه، بل الأحوط تركه.

و منها: أن يرش الماء على قبره، و الاولى في كيفيته أن يستقبل القبلة و يبتدئ بالرش من عند الرأس الى الرجل، ثم يدور به على القبر حتى ينتهي إلى الرأس، ثم يرش على وسط القبر ما يفضل من الماء.

و منها: وضع اليد على القبر مفرجة الأصابع مع غمزها بحيث يبقى أثرها، و قراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات، و الاستغفار و الدعاء له بنحو «اللهم جاف الأرض عن جنبيه و أصعد إليك روحه و لقه منك رضوانا و أسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك». و نحو «اللهم ارحم غربته و صل وحدته و آنس وحشته و آمن روعته و أفض عليه من رحمتك و أسكن إليه من برد عفوك و سعة غفرانك و رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولاه». و لا يختص استحباب الأمور المزبورة بهذه الحالة، بل تستحب عند زيارة كل مؤمن في كل زمان

ص: 83

و على كل حال، كما أن لها آدابا خاصة و أدعية مخصوصة مذكورة في الكتب المبسوطة.

و منها: ان يلقنه الولي أو من يأمره بعد تمام الدفن و رجوع المشيعين و انصرافهم أصول دينه و مذهبه بأرفع صوته من الإقرار بالتوحيد و رسالة سيد المرسلين و امامة الأئمة المعصومين و الإقرار بما جاء به النبي صلى اللّٰه عليه و آله و البعث و النشور و الحساب و الميزان و الصراط و الجنة و النار، و بذلك التلقين يدفع سؤال منكر و نكير إن شاء اللّٰه تعالى.

و منها: ان يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر و ينصب عند رأسه.

و منها: دفن الأقارب متقاربين.

و منها: احكام القبر.

و أما المكروهات، فهي أيضا أمور:

منها: دفن ميتين في قبر واحد كجمعهما في جنازة واحدة، و أما دفن ميت في قبر ميت آخر بعد دفنه (1) فهو حرام قبل أن يصير رميما.

و منها: فرش القبر بساج و نحوه كالاجر و الحجر الا إذا كانت الأرض ندية.

و منها: نزول الوالد في قبر ولده خوفا عن جزعه و فوات أجره.

و منها: أن يهيل ذو الرحم على رحمه التراب.

و منها: سد القبر و تطيينه بغير ترابه.

و منها: تجديد القبر بعد اندراسه الا قبور الأنبياء و الأوصياء و الصلحاء و العلماء.

و منها: الجلوس على القبر.

و منها: الحدث في المقابر.

و منها: الضحك فيها.

و منها: الاتكاء على القبر.

و منها: المشي على القبر من غير ضرورة.

و منها: رفع القبر عن الأرض أزيد من أربع أصابع مفرجات.


1- قد مر أن المحرم هو النبش لذلك.

ص: 84

[خاتمة: تشتمل على مسائل]

(خاتمة: تشتمل على مسائل)

[مسألة: 1 يجوز نقل الميت من بلد موته الى بلد آخر قبل دفنه على كراهية]

مسألة: 1 يجوز نقل الميت من بلد موته الى بلد آخر قبل دفنه على كراهية إلا المشاهد المشرفة و الأماكن المقدسة فلا كراهة في النقل إليها، بل فيه فضل و رجحان، و انما يجوز النقل مع الكراهة في غير المشاهد و بدونها فيها إذا لم يستلزم من جهة بعد المسافة و تأخير الدفن أو غير ذلك تغير الميت و فساده و هتكه، و أما مع استلزامه ذلك فلا يجوز في غير المشاهد قطعا، و أما فيها ففيه تأمل و اشكال (1). و أما بعد الدفن فلو فرض إخراج الميت عن قبره أو خروجه بسبب من الأسباب يكون بحكم غير المدفون في التفصيل المزبور. و أما نبشه للنقل فلا يجوز في غير المشاهد قطعا، و أما فيها ففيه تأمل و اشكال.

و ما تعارف في زماننا من توديع الميت و تأمينه لينتقل فيما بعد الى المشاهد انما هو لأجل التخلص عن محذور النبش، و هو تخلص حسن (2) الا ان جواز أصل هذا العمل حتى فيما إذا طالت المدة الى ان آل الى طرو التغير و الفساد و تقطع الأوصال عندي محل نظر و إشكال.

[مسألة: 2 يجوز البكاء على الميت]

مسألة: 2 يجوز البكاء على الميت، بل قد يستحب عند اشتداد الحزن و الوجد، و لكن لا يقول ما يسخط الرب، و كذا يجوز النوح عليه بالنظم و النثر إذا لم يشتمل على الباطل من الكذب (3)، بل و الويل و الثبور على الأحوط. و لا يجوز


1- و الأقوى جوازه للنقل الى المشاهد المشرفة.
2- إذا صدق عليه الدفن و لم يصدق على إخراجه النبش، مثل أن يوضع في تابوت بنحو ما يوضع شرعا في القبر ثم يدفن ذلك التابوت ثم اخرج التابوت للنقل و لم يخرج الميت من التابوت، لكن عدم حرمة نبش القبر لإخراج التابوت لا يخلو عن شوب الاشكال لكن الإنصاف أنه أهون من إخراج الميت. هذا بناء على حرمة النبش للنقل الى المشاهد المشرفة، و أما بناء على ما اخترنا من جوازه فلا اشكال فيه. نعم توديع الميت فوق الأرض و البناء عليه مثل القبر المرتفع أو توديعه بين الحائط من دون مواراة في الأرض فلا يجوز، و إذا فعلوا جهلا أو عصيانا يجب إخراجه و دفنه بنحو شرعي.
3- و سائر المحرمات.

ص: 85

اللطم و الخدش و جز الشعر و نتفه، بل و الصراخ الخارج عن حد الاعتدال على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و كذا لا يجوز شق الثوب على غير الأب (1) و الأخ، بل في بعض الأمور المزبورة تجب الكفارة، ففي جز المرأة شعرها في المصيبة كفارة شهر رمضان و في نتفه كفارة اليمين، و كذا تجب كفارة اليمين في خدش المرأة وجهها في المصاب و في شق الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده، و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة و ان لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

[مسألة: 3 يحرم نبش قبر المسلم و من بحكمه الا مع العلم باندراسه]

مسألة: 3 يحرم نبش قبر المسلم و من بحكمه الا مع العلم باندراسه و صيرورته رميما و ترابا. نعم لا يجوز نبش قبور الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و ان طالت المدة، بل و كذا قبور أولاد الأئمة و الصلحاء و الشهداء مما اتخذ مزارا و ملاذا. و المراد بالنبش كشف جسد الميت المدفون بعد ما كان مستورا بالدفن، فلو حفر القبر و اخرج ترابه من دون أن يظهر جسد الميت لم يكن من النبش المحرم، و كذا إذا كان الميت موضوعا على وجه الأرض و بني عليه بناء أو كان في تابوت من صخرة (2) و نحوها فأخرج.

و يجوز النبش في موارد:

منها: فيما إذا دفن في مكان مغصوب عينا أو منفعة عدوانا أو جهلا أو نسيانا و لا يجب على المالك الرضا ببقائه مجانا أو بالعوض و ان كان الاولى بل الأحوط إبقاؤه و لو بالعوض، خصوصا فيما إذا كان وارثا أو رحما أو دفن فيه اشتباها. و لو اذن المالك في دفن ميت في ملكه و أباحه له ليس له أن يرجع عن اذنه و إباحته. نعم إذا خرج الميت بسبب من الأسباب لا يجب عليه الرضا و الاذن بدفنه ثانيا في ذلك المكان، بل له الرجوع عن اذنه. و الدفن مع الكفن المغصوب أو مال آخر مغصوب كالدفن في المكان المغصوب فيجوز (3) النبش لأخذه. نعم لو كان معه شي ء من أمواله من


1- و الام و الزوج، بل و بعض الأقارب الأخر غير الولد و الزوجة، لكن ما ذكر هو الأحوط.
2- قد مر الكلام فيه.
3- بل يجب فيما يجب رده.

ص: 86

خاتم و نحوه فدفن معه ففي جواز نبش الورثة إياه لأخذه تأمل و اشكال، خصوصا فيما إذا لم يجحف بهم.

و منها: لتدارك (1) الغسل أو الكفن أو الحنوط فيما إذا دفن بدونها مع التمكن منها، و أما لو دفن بدونها لعذر- كما إذا لم يوجد الماء أو الكفن أو الكافور ثم وجد بعد الدفن- ففي جواز النبش لتدارك الفائت تأمل و اشكال، و لا سيما فيما إذا لم يوجد الماء فيمم بدلا عن الغسل و دفن ثم وجد، بل عدم جواز النبش لتدارك الغسل حينئذ هو الأقوى، و أما إذا دفن بلا صلاة فلا ينبش لأجل تداركها قطعا، بل يصلى على قبره كما تقدم.

و منها: إذا توقف إثبات حق من الحقوق على مشاهدة جسده.

و منها: فيما إذا دفن في مكان يوجب هتكه، كما إذا دفن في بالوعة أو مزبلة، و كذا إذا دفن في مقبرة الكفار في وجه لا يخلو من قوة.

و منها: لنقله الى المشاهد المشرفة مع إيصاء الميت بنقله إليها بعد دفنه أو بنقله إليها قبل دفنه فخولف عصيانا أو جهلا أو نسيانا فدفن في مكان آخر أو بلا وصية منه أصلا، و عندي في جميع هذه الصور الثلاث تأمل و اشكال، و ان كانت هي متفاوتة فأشكلها (2) ثالثتها ثم ثانيتها ثم أوليها.

و منها: إذا خيف عليه من سبع أو سيل أو عدو و نحو ذلك.

[مسألة: 4 يجوز محو آثار القبور التي علم اندراس ميتها]

مسألة: 4 يجوز محو آثار القبور التي علم اندراس ميتها، سيما إذا كانت في المقبرة المسبلة للمسلمين مع حاجتهم، عدا ما تقدم من قبور الشهداء و الصلحاء و العلماء و أولاد الأئمة مما جعلت مزارا.

[مسألة: 5 إذا أخرج الميت عن قبره في مكان مباح عصيانا أو بنحو مباح]

مسألة: 5 إذا أخرج الميت عن قبره في مكان مباح عصيانا أو بنحو مباح


1- النبش لتدارك الغسل و الكفن أو الحنوط في الفرض واجب ما لم يستلزم الهتك لفساد الجسد، و أما مع الهتك فلا يجوز.
2- الظاهر جواز النبش للنقل الى المشاهد المشرفة مطلقا أوصى به أو لم يوص.

ص: 87

أو خرج بسبب من الأسباب لا يجب دفنه ثانيا في ذلك المكان، بل يجوز أن يدفن في مكان آخر.

[ختام: فيه أمران]

(ختام: فيه أمران) «أحدهما»- من المستحبات الأكيدة التعزية لأهل المصيبة و تسليتهم و تخفيف حزنهم بذكر ما يناسب المقام و ما له دخل تام في هذا المرام من ذكر مصائب الدنيا و سرعة زوالها و ان كل نفس فانية و الآجال متقاربة، و نقل ما ورد فيما أعد اللّٰه تعالى للمصاب من الأجر، و لا سيما مصاب الولد من أنه شافع مشفع لأبويه، حتى أن السقط يقف وقفة الغضبان على باب الجنة فيقول «لا أدخل حتى يدخل أبواي فيدخلهما اللّٰه الجنة» الى غير ذلك.

و تجوز التعزية قبل الدفن و بعده و ان كان الأفضل كونها بعده، و أجرها عظيم و لا سيما تعزية الثكلى و اليتيم، فمن عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شي ء، و ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته الا كساه اللّٰه من حلل الكرامة، و كان فيما ناجى به موسى ربه انه قال «يا رب ما لمن عزى الثكلى؟ قال:

أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي، و ان من سكت يتيما عن البكاء وجبت له الجنة، و ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم الا و يكتب اللّٰه عز و جل له بعدد كل شعرة مرت عليها يده حسنة». الى غير ذلك مما ورد في الاخبار، و يكفي في تحققها مجرد الحضور عند المصاب لأجلها بحيث يراه، فان له دخلا في تسلية الخاطر و تسكين لوعة الحزن.

و يجوز جلوس أهل الميت للتعزية، و لا كراهة فيه على الأقوى. نعم الاولى أن لا يزيد على ثلاثة أيام، كما أنه يستحب إرسال الطعام إليهم في تلك المدة، بل إلى الثلاثة و ان كان مدة جلوسهم أقل.

«ثانيهما»- يستحب ليلة الدفن صلاة الهدية للميت، و هي المشتهرة في الألسن بصلاة الوحشة، ففي الخبر النبوي صلى اللّٰه عليه و آله «لا يأتي على الميت ساعة أشد من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة فان لم تجدوا فليصل أحدكم ركعتين».

ص: 88

و كيفيتها على ما في الخبر المزبور أن يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب مرة و قل هو اللّٰه أحد مرتين، و في الثانية فاتحة الكتاب مرة و ألهاكم التكاثر عشر مرات، و بعد السلام يقول «اللهم صلى على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها الى قبر فلان بن فلان» فيبعث اللّٰه من ساعته ألف ملك الى قبره مع كل ملك ثوب و حلة و يوسع في قبره من الضيق الى يوم ينفخ في الصور، و يعطى المصلي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات، و ترفع له أربعون درجة.

و على رواية أخرى يقرأ في الركعة الأولى الحمد و آية الكرسي مرة، و في الثانية الحمد مرة و انا أنزلناه عشر مرات، و يقول بعد الصلاة «اللهم صل على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها الى قبر فلان».

و ان أتى بالكيفيتين كان أولى، و تكفي صلاة واحدة عن شخص واحد، و ما تعارف من عدد الأربعين أو الواحد و الأربعين غير وارد. نعم لا بأس به إذا لم يكن بقصد الورود في الشرع، و الأحوط قراءة آية الكرسي إلى هم فيها خالدون. و في جواز الاستيجار و أخذ الأجرة على هذه الصلاة إشكال، و الأحوط (1) البذل بنحو العطية و الإحسان و تبرع المصلي بالصلاة، و الظاهر أن وقتها تمام الليل، و ان كان الاولى إيقاعها في أوله.

[القول في الأغسال المندوبة]

اشارة

القول في الأغسال المندوبة:

و هي أقسام: زمانية، و مكانية، و فعلية.

[أما الزمانية]

أما الزمانية فكثيرة:

منها: غسل الجمعة، و هو من المستحبات المؤكدة حتى قال بعض بوجوبه، و لكن الأقوى استحبابه. و وقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال و بعده الى آخر يوم السبت قضاءا، و لكن الأحوط فيما بعد الزوال الى الغروب من يوم الجمعة أن


1- لا يترك، بل الأقوى عدم جواز الاستيجار و أخذ الأجرة.

ص: 89

ينوي القربة من غير تعرض للقضاء و الأداء، كما أن الأحوط (1) إتيانه في ليلة السبت رجاء، و يجوز تقديمه يوم الخميس إذا خاف إعواز الماء يوم الجمعة، ثم ان تمكن منه يومها يستحب (2) إعادته، و ان تركه حينئذ يستحب قضاؤه يوم السبت. و لو دار الأمر بين التقديم و القضاء فالأول أولى، و في إلحاق ليلة الجمعة بيوم الخميس (3) وجه، لكن الأحوط إتيانه به فيها رجاء، كما أن الأحوط فيما إذا كان فوته يوم الجمعة لا لإعواز الماء بل لأمر آخر تقديمه يوم الخميس بعنوان الرجاء لا بقصد المشروعية.

و منها: أغسال ليالي شهر رمضان، و هي ليالي الافراد الاولى و الثالثة و الخامسة و هكذا و تمام ليالي العشر الأخيرة. و الآكد منها ليالي القدر و ليلة النصف و ليلة سبعة عشر و الخمس و عشرين و السبع و عشرين و التسع و عشرين منه. و يستحب في ليلة الثالث و العشرين غسل ثان في آخر الليل، و وقت الغسل فيها تمام الليل، و ان كان الاولى أوله (4).

و منها: غسل يومي العيدين الفطر و الأضحى، و الغسل في هذين اليومين من السنن الأكيدة، و وقته بعد الفجر الى الزوال، و يحتمل الى الغروب، و الأحوط إتيانه بعد الزوال رجاء لا بقصد الورود.

و منها: غسل يوم التروية.

و منها: غسل يوم عرفة، و الأولى إيقاعه عند الزوال.

و منها: غسل أيام من رجب اوله و وسطه و آخره.

و منها: غسل يوم الغدير، و الأولى إتيانه قبل الزوال بنصف ساعة.

و منها: يوم المباهلة، و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة.


1- لا يترك، و الاولى بل الأحوط منه ترك الغسل في الليل و قضاؤه في النهار.
2- قبل الزوال أما بعده فيأتي به رجاء.
3- مشكل.
4- و أولى منه إتيانه مقارنا للغروب. نعم لا يبعد في ليالي العشر الأخيرة رجحان الإتيان بها بين المغرب و العشاء تأسيا بالنبي صلى اللّٰه عليه و آله على ما روى، و الغسل الثاني في الليلة الثالثة و العشرين آخرها.

ص: 90

و منها: يوم دحو الأرض، و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة.

و منها: يوم المبعث، و هو السابع و العشرون من رجب.

و منها: ليلة النصف من شعبان.

و منها: يوم المولود، و هو السابع عشر من ربيع الأول.

و منها: يوم النيروز.

و منها: يوم التاسع من ربيع الأول. و لا تقضى هذه الأغسال بفوات وقتها، كما أنها لا تتقدم على أوقاتها مع خوف فوتها فيها.

[و أما المكانية]

و أما المكانية فهي ما استحب للدخول في بعض الأمكنة الخاصة، مثل حرم مكة و بلدها و مسجدها و الكعبة و حرم المدينة و بلدتها و مسجدها و جميع المشاهد المشرفة، فإنه يستحب للدخول في كل من هذه الأمكنة.

[و أما الفعلية]

و أما الفعلية فهي قسمان:

«أحدهما»- ما يكون لأجل الفعل الذي يريد إيقاعه أو الأمر الذي يريد وقوعه، كغسل الإحرام و الطواف و الزيارة، و الغسل للوقوف بعرفات، و للوقوف بالمشعر، و للذبح و النحر و الحلق، و لرؤية أحد الأئمة في المنام كما روي عن الكاظم عليه السلام «إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال و يناجيهم فيراهم في المنام»، و لصلاة الحاجة، و للاستخارة، و لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أم داود، و لأخذ التربة الشريفة من محلها أو لإرادة السفر خصوصا لزيارة الحسين عليه السلام، و لصلاة الاستسقاء، و للتوبة من الكفر بل من كل معصية، و للتظلم و الاشتكاء الى اللّٰه من ظلم من ظلمه، فإنه يغتسل و يصلي ركعتين في موضع لا يحجبه عن السماء ثم يقول «اللهم ان فلان ابن فلان ظلمني و ليس لي أحد أصول به عليه غيرك فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي إذا سألك به المضطر أجبته فكشفت ما به من ضر و مكنت له في الأرض و جعلته خليفتك على خلقك، فأسألك أن تصلي على محمد و آل محمد و آن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة» فسترى ما تحب، و للخوف من الظالم فإنه يغتسل و يصلي

ص: 91

ثم يكشف ركبتيه و يجعلهما قريبا من مصلاه و يقول مائة مرة «يا حي يا قيوم يا لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث فصل على محمد و آل محمد و ان تلطف لي و أن تغلب لي و أن تمكر لي و ان تخدع لي و أن تكيد لي و أن تكفيني مئونة فلان بن فلان بلا مئونة».

«ثانيهما»- ما يكون لأجل الفعل الذي فعله، و هي أغسال: منها لقتل الوزغ، و منها لرؤية المصلوب مع السعي إلى رؤيته متعمدا، و منها للتفريط في أداء صلاة الكسوفين مع احتراق القرص، فإنه يستحب أن يغتسل عند قضائها، بل وجوبه لا يخلو من قوة (1)، و منها لمس الميت بعد تغسيله.

[مسألة: 1 وقت إيقاع الأغسال المكانية قبل الدخول]

مسألة: 1 وقت إيقاع الأغسال المكانية قبل الدخول (2) في تلك الأمكنة بحيث يقع الدخول فيها بعده من دون فصل كثير، و يكفي الغسل في أول النهار أو الليل و الدخول فيها في آخرهما، بل كفاية غسل النهار لليل و بالعكس لا يخلو من قوة، و كذا الحال في القسم الأول من الأغسال الفعلية مما استحب لإيجاد عمل بعد الغسل كالإحرام و الزيارة و نحوهما، فوقته قبل ذلك الفعل و لا يضر الفصل بينهما بالمقدار المزبور.

و أما القسم الثاني من الأغسال الفعلية فوقتها عند تحقق السبب، و يمتد الى آخر العمر و ان استحب المبادرة إليها.

[مسألة: 2 لا تنتقض الأغسال الزمانية و القسم الثاني من الفعلية بشي ء من الاحداث بعدها]

مسألة: 2 لا تنتقض الأغسال الزمانية و القسم الثاني من الفعلية بشي ء من الاحداث بعدها، و أما المكانية و القسم الأول من الفعلية فالظاهر انتقاضها بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر، فإذا أحدث بينها و بين الدخول في تلك الأمكنة أو بينها و بين تلك الأفعال أعيد الغسل.

[مسألة: 3 إذا كان عليه أغسال متعددة زمانية أو مكانية أو فعلية أو مختلفة]

مسألة: 3 إذا كان عليه أغسال متعددة زمانية أو مكانية أو فعلية أو مختلفة يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها.

[مسألة: 4 في قيام التيمم عند التعذر مقام تلك الأغسال تأمل و إشكال]

مسألة: 4 في قيام التيمم عند التعذر مقام تلك الأغسال تأمل و إشكال، فالأحوط


1- بل عدم وجوبه لا يخلو من قوة و لا ينبغي ترك الاحتياط.
2- و ان ترك فبعده إذا أراد البقاء.

ص: 92

الإتيان به عنده بعنوان الرجاء و احتمال المطلوبية.

[فصل: في التيمم]

اشارة

(فصل: في التيمم) و الكلام في: مسوغاته، و فيما يصح التيمم به، و في كيفيته، و فيما يعتبر فيه، و في أحكامه.

[القول في مسوغاته]
اشارة

القول في مسوغاته:

[مسألة: 1 مسوغات التيمم أمور]

مسألة: 1 مسوغات التيمم أمور:

منها: عدم وجدان ما يكفيه من الماء لطهارته غسلا كانت أو وضوءا، و يجب الفحص عنه إلى اليأس، و في البرية يكفي الطلب غلوة سهم في الحزنة و غلوة سهمين في السهلة في الجوانب الأربعة مع احتمال وجوده في الجميع، و يسقط عن الجانب الذي يعلم بعدمه فيه، كما أنه يسقط في الجميع إذا قطع بعدمه في الجميع و ان احتمل وجوده فوق المقدار. نعم لو علم (1) بوجوده فوق المقدار وجب تحصيله إذا بقي الوقت و لم يتعسر.

[مسألة: 2 الظاهر عدم وجوب المباشرة في الطلب]

مسألة: 2 الظاهر عدم وجوب المباشرة في الطلب، بل يكفي الاستنابة، كما أن الظاهر كفاية نائب واحد عن جماعة، و يكفي فيه الامانة و الوثاقة، و لا يعتبر فيه العدالة.

[مسألة: 3 إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة]

مسألة: 3 إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة يكون لكل جانب حكمه من الغلوة أو الغلوتين.

[مسألة: 4 المناط في السهم و الرمي و القوس و الهواء و الرامي هو المتعارف]

مسألة: 4 المناط في السهم و الرمي و القوس و الهواء و الرامي هو المتعارف المعتدل.

[مسألة: 5 إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت تيمم و صلى و صحت صلاته و ان أثم بالترك]

مسألة: 5 إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت تيمم و صلى و صحت صلاته و ان أثم بالترك، و الأحوط القضاء خصوصا فيما لو طلب الماء لعثر به، و أما مع السعة بطلت صلاته و تيممه و ان صادف عدم الماء في الواقع. نعم مع المصادفة لو حصل


1- أو اطمأن به.

ص: 93

منه قصد القربة لا يبعد الصحة.

[مسألة: 6 إذا طلب بالمقدار اللازم فتيمم و صلى ثم ظفر بالماء في محل الطلب]

مسألة: 6 إذا طلب بالمقدار اللازم فتيمم و صلى ثم ظفر بالماء في محل الطلب أو في رحله أو قافلته صحت صلاته و لا يجب القضاء أو الإعادة.

[مسألة: 7 يسقط وجوب الطلب مع الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله]

مسألة: 7 يسقط وجوب الطلب مع الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله (1) من سبع أو لص أو غير ذلك، و كذلك مع ضيق (2) الوقت عن الطلب. و لو اعتقد الضيق فتركه و تيمم و صلى ثم تبين السعة فإن كان في مكان صلى فيه فليجدد الطلب، فان لم يجد الماء تجزي صلاته و ان وجده أعادها، و ان انتقل الى مكان آخر فان علم بأنه لو طلبه لوجده يعيد الصلاة، و ان كان في هذا الحال غير قادر على الطلب و كان تكليفه التيمم و ان علم بأنه لو طلب لما ظفر به صحت صلاته و لا يعيدها، و مع اشتباه الحال ففيه اشكال، فلا يترك الاحتياط بالإعادة أو القضاء.

[مسألة: 8 الظاهر عدم اعتبار كون الطلب في وقت الصلاة]

مسألة: 8 الظاهر عدم اعتبار كون الطلب في وقت الصلاة، فلو طلب قبل الوقت و لم يجد الماء لا يحتاج الى تجديده بعده، و كذا إذا طلب في الوقت لصلاة فلم يجد يكفي لغيرها من الصلوات. نعم لو احتمل تجدد الماء بعد ذلك الطلب مع وجود أمارة ظنية عليه (3) يجب تجديده.

[مسألة: 9 إذا لم يكن عنده الا ماء واحد يكفي للطهارة]

مسألة: 9 إذا لم يكن عنده الا ماء واحد يكفي للطهارة لا يجوز إراقته بعد دخول الوقت، بل و لو كان على وضوء و لم يكن له ماء لا يجوز له إبطاله، و لو عصى فأراق أو أبطل يصح تيممه و صلاته، و ان كان الأحوط قضاؤها. و في جواز الإراقة و الابطال قبل الوقت مع عدم الماء في الوقت تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 10 لو تمكن من حفر البئر بلا حرج وجب على الأحوط]

مسألة: 10 لو تمكن من حفر البئر بلا حرج وجب على الأحوط.

و منها: الخوف من الوصول اليه من اللص أو السبع أو الضياع أو نحو ذلك مما يحصل معه خوف الضرر، و لو جبنا على النفس أو العرض أو المال المعتد به.

و منها: خوف الضرر المانع من استعماله لمرض أو رمد أو ورم أو جرح أو


1- المعتد به.
2- و كذا إذا كان فيه حرج و مشقة لا تتحمل.
3- بل يكفى الاحتمال إذا كان عقلائيا.

ص: 94

قرح أو نحو ذلك مما يتضرر معه باستعمال الماء على وجه لا يلحق بالجبيرة و ما في حكمها، و لا فرق بين الخوف من حصوله أو الخوف من زيادته أو بطئه و بين شدة الألم باستعماله على وجه لا يتحمل للبرد أو غيره.

و منها: الخوف باستعماله من العطش للحيوان المحترم.

و منها: الحرج و المشقة الشديدة التي لا تتحمل عادة في تحصيل الماء أو استعماله و ان لم يكن ضرر و لا خوفه، و من ذلك حصول المنة التي لا تتحمل عادة باستيهابه و الذل و الهوان بالاكتساب لشرائه.

و منها: توقف حصوله على دفع جميع ما عنده أو دفع ما يضر بحاله، بخلاف غير المضر فإنه يجب و ان كان أضعاف ثمن المثل.

و منها: ضيق الوقت عن تحصيله أو عن استعماله.

و منها: وجوب استعمال الموجود من الماء في غسل نجاسة و نحوه مما لا يقوم غير الماء مقامه، فإنه يتعين التيمم حينئذ، لكن الأحوط صرف الماء في الغسل أولا ثم التيمم.

[مسألة: 11 لا فرق في العطش الذي يسوغ معه التيمم بين المؤدي إلى الهلاك أو المرض]

مسألة: 11 لا فرق في العطش الذي يسوغ معه التيمم بين المؤدي إلى الهلاك أو المرض أو المشقة الشديدة التي لا تتحمل و ان أمن من ضرره، كما لا فرق فيما يؤدي الى الهلاك بين ما يخاف على نفسه أو على غيره آدميا كان أو غيره مملوكا كان أو غيره مما يجب حفظه عن الهلاك، بل لا يبعد التعدي الى من لا يجوز قتله و ان لم يجب حفظه كالذمي. نعم الظاهر عدم التعدي الى ما يجوز قتله بأي حيلة كالمؤذيات من الحيوانات و من يكون مهدور الدم من الآدمي كالحربي و المرتد عن فطرة و نحوهما، و لو أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله كالخمر و النجس و عنده ماء طاهر يجب حفظه لعطشه و يتيمم لصلاته، لان وجود المحرم كالعدم.

[مسألة: 12 إذا كان متمكنا من الصلاة مع الطهارة المائية فأخر حتى ضاق الوقت عن الوضوء و الغسل]

مسألة: 12 إذا كان متمكنا من الصلاة مع الطهارة المائية فأخر حتى ضاق الوقت عن الوضوء و الغسل تيمم و صلى و صح صلاته و ان أثم بالتأخير، و الأحوط احتياطا شديدا قضاؤها أيضا.

[مسألة: 13 إذا شك في مقدار ما بقي من الوقت فتردد بين ضيقه حتى يتيمم]

مسألة: 13 إذا شك في مقدار ما بقي من الوقت فتردد بين ضيقه حتى يتيمم

ص: 95

أو سعته حتى يتوضأ أو يغتسل بنى على السعة (1) و توضأ و اغتسل، و أما إذا علم مقدار ما بقي و لو تقريبا و شك في كفايته للطهارة المائية حتى خاف فوت الوقت لأجلها ينتقل الى التيمم.

[مسألة: 14 إذا دار الأمر بين إيقاع تمام الصلاة في الوقت مع التيمم و إيقاع ركعة منها مع الوضوء]

مسألة: 14 إذا دار الأمر بين إيقاع تمام الصلاة في الوقت مع التيمم و إيقاع ركعة منها مع الوضوء قدم الأول على الأقوى.

[مسألة: 15 التيمم لأجل ضيق الوقت مع وجدان الماء لا يستباح به الا الصلاة التي ضاق وقتها]

مسألة: 15 التيمم لأجل ضيق الوقت مع وجدان الماء لا يستباح به الا الصلاة التي ضاق وقتها، فلا ينفع لصلاة أخرى و لو صار فاقدا للماء حينها. نعم لو فقد في أثناء الصلاة الاولى لا يبعد كفايته لصلاة أخرى، كما انه يستباح به غير تلك الصلاة أيضا من الغايات إذا أتى بها حال الصلاة، فيجوز له مس كتابة القرآن حالها.

[مسألة: 16 لا فرق بين عدم الماء أصلا و وجود ما لا يكفيه لتمام الأعضاء]

مسألة: 16 لا فرق بين عدم الماء أصلا و وجود ما لا يكفيه لتمام الأعضاء و كان كافيا لبعضها في الانتقال الى التيمم، لان الوضوء و الغسل لا يتبعضان، و لو تمكن من مزج الماء الذي لا يكفيه لطهارته بما لا يخرج عن الإطلاق و يحصل به الكفاية فهل يجب عليه ذلك أم لا؟ وجهان، أحوطهما ذلك.

[مسألة: 17 لو خالف من كان فرضه التيمم فتوضأ أو اغتسل فطهارته باطلة]

مسألة: 17 لو خالف من كان فرضه التيمم فتوضأ أو اغتسل فطهارته باطلة الا أن يأتي بها في مقام ضيق الوقت لا للأمر بها من حيث الصلاة، بل يفعلها بعنوان الكون على الطهارة أو غيره من الغايات فتصح حينئذ، كما أنها تصح أيضا لو خالف و دفع المضر بحاله ثمنا عن الماء أو تحمل المنة و الهوان أو المخاطرة في تحصيله و نحو ذلك مما كان الممنوع منه مقدمات الطهارة لا هي نفسها، و كذلك أيضا لو تحمل ألم البرد أو مشقة العطش و تطهر إذا فرض عدم الضرر و ان المانع مجرد الألم و المشقة، و ان كان الأحوط خلافه (2).


1- لاستصحاب الوقت و هو المؤمن لخوف الفوت مع الشك في السعة، بخلاف ما لو علم مقدار الوقت حيث لا مجال للاستصحاب و لا مؤمن لخوف الفوت.
2- لا يترك بترك الاستعمال و عدم الاكتفاء به على فرضه فتيمم أيضا.

ص: 96

[مسألة: 18 يجوز التيمم لصلاة الجنازة و النوم مع التمكن من الماء]

مسألة: 18 يجوز التيمم لصلاة الجنازة و النوم مع التمكن من الماء، الا انه ينبغي الاقتصار في الأخير على ما كان من الحدث الأصغر، يخلاف الأول فإنه يجوز مع الحدث الأصغر و الأكبر.

[القول فيما يتيمم به]
اشارة

القول فيما يتيمم به:

[مسألة: 1 يعتبر فيما يتيمم به أن يكون صعيدا]

مسألة: 1 يعتبر فيما يتيمم به أن يكون صعيدا، و هو مطلق وجه الأرض، من غير فرق بين التراب و الرمل و الحجر و المدر و أرض الجص و النورة قبل الإحراق و تراب القبر و المستعمل في التيمم و ذي اللون و الحصى و غيرها مما يندرج تحت اسمها و ان لم يعلق منه في اليد شي ء، الا أن الأحوط التراب بخلاف ما لا يندرج تحت اسمها و ان كان منها كالنبات و الذهب و الفضة و غيرهما من المعادن الخارجة عن اسمها، و كذا الرماد و ان كان منها.

[مسألة: 2 إذا شك في كون شي ء ترابا أو غيره مما لا يتيمم به]

مسألة: 2 إذا شك في كون شي ء ترابا أو غيره مما لا يتيمم به، فان علم بكونه ترابا في السابق و شك في استحالته الى غيره يجوز التيمم به، و ان لم يعلم حالته السابقة يجمع (1) بين التيمم به و التيمم بالمرتبة اللاحقة من الغبار و الطين لو كانت، و الا يحتاط بالجمع بين التيمم به و الصلاة في الوقت و القضاء في خارجه.

[مسألة: 3 لا يجوز التيمم بالخزف و الجص و النورة بعد الإحراق]

مسألة: 3 لا يجوز التيمم بالخزف و الجص و النورة بعد الإحراق مع التمكن من التراب و نحوه، و أما مع عدم التمكن فالأحوط الجمع بين التيمم بواحد منها و بين الغبار أو الطين اللذين هما مرتبة متأخرة، و أما مع فرض الانحصار فالأحوط الجمع بينهما و بين الإعادة أو القضاء.

[مسألة: 4 لا يصح التيمم بالصعيد النجس]

مسألة: 4 لا يصح التيمم بالصعيد النجس و ان كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا، و لا بالمغصوب إلا إذا أكره على المكث فيه كالمحبوس (2) أو كان جاهلا، و لا بالممتزج


1- في صورة عدم التمكن من غيره في المرتبة الأولى.
2- فيه اشكال، و كذا في الجاهل بالحكم ان كان مقصرا فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بتلك الصلاة و الجمع بينهما و بين الإعادة أو القضاء.

ص: 97

بغيره مزجا يخرجه عن إطلاق اسم التراب، فلا بأس بالمستهلك، و لا الخليط المتميز الذي لا يمنع شيئا يعتد به من باطن الكف بحيث ينافي الصدق. و حكم المشتبه هنا بالمغصوب و الممتزج حكم الماء بالنسبة إلى الوضوء و الغسل بخلاف المشتبه بالنجس مع الانحصار، فإنه يتيمم بهما و ان لم نقل به في الماءين. و لو كان عنده ماء و تراب و علم بنجاسة أحدهما يجب عليه مع الانحصار (1) الجمع بين التيمم و الوضوء أو الغسل مقدما للتيمم عليهما، و ان كان جواز الاكتفاء بالغسل أو الوضوء لا يخلو من وجه.

و يعتبر إباحة مكان (2) التيمم كالوضوء و الغسل.

[مسألة: 5 المحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمم فيه بلا اشكال]

مسألة: 5 المحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمم فيه بلا اشكال، و أما التيمم به فلا يبعد جوازه أيضا و ان لم يخل عن اشكال (3). و أما التوضؤ فيه فان كان بماء مباح فهو كالتيمم فيه لا بأس به، خصوصا إذا تحفظ من وقوع (4) قطرات الوضوء على أرض المحبس، و أما بالماء الذي في المحبس فلا يجوز التوضؤ به ما لم يحرز رضا صاحبه كخارج المحبس، فان لم يرض به يكون كفاقد الماء يتعين عليه التيمم.

[مسألة: 6 لو فقد الصعيد تيمم بغبار ثوبه أو لبد سرجه]

مسألة: 6 لو فقد الصعيد تيمم بغبار ثوبه أو لبد سرجه أو عرف دابته مما يكون على ظاهره غبار الأرض ضاربا على ذي الغبار، و لا يكفي الضرب على ما في باطنه الغبار دون ظاهره و ان ثار منه بالضرب عليه. هذا إذا لم يتمكن من نفضه و جمعه ثم التيمم به و الا وجب، و مع فقد ذلك تيمم بالوحل، و لو تمكن من تجفيفه ثم التيمم به وجب، و ليس منه الأرض الندية و التراب الندي، بل يكونان من المرتبة الاولى. و إذا تيمم بالوحل فلصق بيده يجب إزالته أولا ثم المسح بها، و في جواز إزالته بالغسل اشكال (5).


1- و يجب عليه ازالة التراب عن موضع التيمم بعده و تجفيف الماء عن مواضع الغسل و الوضوء بعده.
2- دون المتيمم كما مر في الوضوء و الغسل الا مع الانحصار.
3- و قد مر أنه لا يترك فيه الاحتياط.
4- و كان فضاء الوضوء أيضا مباحا.
5- بل الأقوى عدم الجواز.

ص: 98

[مسألة: 7 لا يصح التيمم بالثلج]

مسألة: 7 لا يصح التيمم بالثلج، فمن لم يجد غيره مما ذكر و لم يتمكن من حصول مسمى الغسل به كان فاقد الطهورين، و الأحوط (1) هنا التمسح بالثلج على أعضاء الوضوء و التيمم به و فعل الصلاة في الوقت ثم القضاء بعده إذا تمكن.

[مسألة: 8 يكره التيمم بالرمل و كذا بالسبخة]

مسألة: 8 يكره التيمم بالرمل و كذا بالسبخة، بل لا يجوز في بعض أفرادها الخارج عن اسم الأرض. و يستحب له نفض اليدين بعد الضرب و أن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض و عواليها، بل يكره أيضا أن يكون من مهابطها.

[القول في كيفية التيمم]
اشارة

القول في كيفية التيمم:

[مسألة: 1 كيفية التيمم مع الاختيار]

مسألة: 1 كيفية التيمم مع الاختيار: ضرب الأرض بباطن الكفين معا دفعة، ثم مسح الجبهة و الجبينين بهما معا مستوعبا لهما (2) من قصاص الشعر الى طرف الأنف الأعلى و الى الحاجبين، و الأحوط المسح عليهما، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن الكف اليسرى (3) ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى. و ليس ما بين الأصابع من الظاهر، إذ المراد ما يماسه ظاهر بشرة الماسح، بل لا يعتبر التدقيق و التعميق فيه. و لا يجزي الوضع (4) من دون مسمى الضرب، و لا الضرب بأحدهما، و لا بهما على التعاقب، و لا الضرب بظاهرهما، و لا ببعض الباطن بحيث لا يصدق عليه الضرب بتمام الكف عرفا، و لا المسح بأحدهما و لا بهما على التعاقب، و لا بهما على وجه لا يصدق المسح بتمامهما.

[مسألة: 2 لو تعذر الضرب و المسح بالباطن انتقل الى الظاهر]

مسألة: 2 لو تعذر الضرب و المسح بالباطن انتقل الى الظاهر، و لا ينتقل اليه لو كان الباطن متنجسا بغير المتعدي و تعذرت الإزالة، بل يضرب بهما و يمسح


1- لا يترك.
2- بتمام باطنها على الأحوط، و كذا باطن اليمنى مثل ما في الجبهة و الجبينين.
3- بتمام باطنها على الأحوط، و كذا باطن اليمنى مثل ما في الجبهة و الجبينين.
4- على الأحوط.

ص: 99

و ان كانت النجاسة حائلة مستوعبة و لم يمكن التطهير و الإزالة فالأحوط الجمع بين الضرب بالباطن و الضرب بالظاهر. نعم مع التعدي إلى الصعيد و لم يمكن التجفيف ينتقل الى الظاهر حينئذ، و لو كانت النجاسة على الأعضاء الممسوحة و تعذر التطهير و الإزالة مسح عليها.

[القول فيما يعتبر في التيمم]
اشارة

القول فيما يعتبر في التيمم:

[مسألة: 1 يعتبر النية في التيمم على نحو ما سمعته في الوضوء]

مسألة: 1 يعتبر النية في التيمم على نحو ما سمعته في الوضوء، قاصدا به البدلية عما عليه من الوضوء أو الغسل، مقارنا بها الضرب الذي هو أول أفعاله.

و يعتبر فيه المباشرة و الترتيب على حسب ما عرفته، و الموالاة بمعنى عدم الفصل المنافي لهيئته و صورته، و المسح من الأعلى إلى الأسفل في الجبهة و اليدين، بحيث يصدق ذلك عليه عرفا، و رفع الحاجب عن الماسح و الممسوح حتى مثل الخاتم، و الطهارة فيهما. و ليس الشعر النابت على المحل من الحاجب، فيمسح عليه. نعم يكون منه الشعر المتدلي من الرأس على الجبهة إذا كان خارجا عن المتعارف، فيجب رفعه. هذا كله مع الاختيار، أما مع الاضطرار فيسقط المعسور، و لكن لا يسقط به الميسور.

[مسألة: 2 يكفي ضربة واحدة للوجه و اليدين في بدل الوضوء و الغسل]

مسألة: 2 يكفي ضربة واحدة للوجه و اليدين في بدل الوضوء و الغسل، و ان كان الأفضل ضربتين، مخيرا بين إيقاعهما متعاقبتين قبل مسح الوجه أو موزعتين (1) على الوجه و اليدين، و أفضل من ذلك ثلاث ضربات اثنتان متعاقبتان قبل مسح الوجه و واحدة قبل مسح اليدين، و مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالضربتين، خصوصا فيما هو بدل عن الغسل، بإيقاع واحدة للوجه و أخرى لليدين.

[مسألة: 3 العاجز ييممه غيره، لكن يضرب الأرض بيد العاجز ثم يمسح بها]

مسألة: 3 العاجز ييممه غيره، لكن يضرب الأرض بيد العاجز ثم يمسح بها.

نعم مع فرض (2) العجز عن ذلك يضرب المتولي بيده و يمسح بهما، و لو توقف وجوده


1- و الاولى مسح الجبهة و اليدين بعد الاولى و اليدين بعد الثانية.
2- عن الضرب و الوضع.

ص: 100

على أجرة وجب بذلها و ان كانت أضعاف أجرة المثل ما لم يضر بحاله.

[مسألة: 4 من قطعت احدى يديه ضرب الأرض بالموجودة]

مسألة: 4 من قطعت احدى يديه ضرب الأرض بالموجودة و مسح بها جبهته ثم مسح ظهرها بالأرض، و الأحوط الجمع بينه و بين تولية الغير (1) ان أمكن، بأن يضرب يده على الأرض و يمسح بها ظهر كف الأقطع. و من قطعت يداه يمسح بجبهته على الأرض، و الأحوط تولية الغير أيضا ان أمكن، بأن يضرب يديه على الأرض و يمسح بهما جبهته.

[مسألة: 5 في مسح الجبهة و اليدين يجب إمرار الماسح على الممسوح]

مسألة: 5 في مسح الجبهة و اليدين يجب إمرار الماسح على الممسوح، فلا يكفي جر الممسوح تحت الماسح. نعم لا تضر الحركة اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحا.

[القول في أحكام التيمم]
اشارة

القول في أحكام التيمم:

[مسألة: 1 لا يصح التيمم للفريضة قبل دخول وقتها و ان علم بعدم التمكن منه في الوقت]

مسألة: 1 لا يصح التيمم للفريضة قبل دخول وقتها و ان علم بعدم التمكن منه في الوقت على اشكال، و الأحوط احتياطا لا يترك لمن يعلم بعدم التمكن منه في الوقت إيجاده قبله لشي ء من غاياته و عدم نقضه الى وقت الصلاة مقدمة لإدراك الصلاة مع الطهور في وقتها، و أما بعد دخول الوقت فيصح و ان لم يتضيق مع رجاء ارتفاع العذر في آخره و عدمه. نعم مع العلم بالارتفاع يجب الانتظار، و الأحوط مراعاة الضيق مطلقا، و لا يعيد ما صلاه بتيممه الصحيح بعد ارتفاع العذر، من غير فرق بين الوقت و خارجه.

[مسألة: 2 لو تيمم لصلاة قد حضر وقتها و لم ينتقض و لم يرتفع العذر حتى دخل وقت صلاة أخرى]

مسألة: 2 لو تيمم لصلاة قد حضر وقتها و لم ينتقض و لم يرتفع العذر حتى دخل وقت صلاة أخرى جاز الإتيان بها في أول وقتها الا مع العلم بارتفاع العذر في آخره، فيجب (2) تأخيرها، بل يستبيح بالتيمم لغاية كالصلاة غيرها من الغايات كالمتطهر ما لم ينتقض و بقي العذر، فله أن يأتي بكل ما يشترط فيه الطهارة، كمس كتابة القرآن و دخول المساجد و غير ذلك. و هل يقوم الصعيد مقام الماء في كل ما طلب الوضوء أو الغسل له و ان لم يكن طهارة، فيجوز التيمم حينئذ بدلا عن الأغسال المندوبة


1- ان لم يكن له ذراع و الا يتيمم به أيضا، و كذا في مقطوع اليدين.
2- على الأحوط.

ص: 101

و الوضوء الصوري و الوضوء التجديدي؟ فيه تأمل و إشكال، فالأحوط الإتيان به برجاء المطلوبية.

[مسألة: 3 المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم تيممين أحدهما عن الغسل و الأخر عن الوضوء]

مسألة: 3 المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم تيممين أحدهما عن الغسل و الأخر عن الوضوء، و لو وجد ما يكفي لأحدهما خاصة صرفه فيه و تيمم عن الأخر، و لو وجد ما يكفي أحدهما و أمكن صرفه في كل منهما قدم الغسل و تيمم عن الوضوء، و يكفي الجنابة تيمم واحد لها.

[مسألة: 4 لو اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر كفاه]

مسألة: 4 لو اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر كفاه تيمم واحد (1) عن الجميع، فلو كان فيها جنابة فتواها خاصة أو نوى الجميع لا يحتاج الى تيمم عن الوضوء، و الا أتى بتيمم آخر عنه أيضا.

[مسألة: 5 ينتقض التيمم الواقع عن الوضوء بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر]

مسألة: 5 ينتقض التيمم الواقع عن الوضوء بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر، كما أنه ينتقض ما يكون بدلا عن الغسل بما يوجب الغسل، و هل ينتقض ما يكون بدلا عن الغسل بما ينقض الوضوء فيعود الى ما كان فالمجنب المتيمم إذا أحدث بالأصغر يعيد تيممه و الحائض مثلا إذا أحدثت انتقض تيمماها أولا بل لا يوجب الحدث الأصغر إلا الوضوء أو التيمم بدلا عنه الى ان يجد الماء أو يتمكن من استعماله في الغسل فحينئذ ينقض ما كان بدلا عنه؟ قولان، أشهرهما الأول و أقواهما الثاني، خصوصا في غير الجنب (2)، فالمجنب إذا أحدث بعد تيممه يكون كالمغتسل المحدث بعد غسله لا يحتاج الا الى الوضوء أو التيمم بدلا عنه، و الحائض إذا أحدثت بعد تيممها تكون كما أحدثت بعد أن توضأت و اغتسلت لا ينتقض الا تيممها الوضوئي، و الأحوط لمن تمكن من الوضوء الجمع بينه و بين التيمم بدلا عن الغسل و لمن لم يتمكن منه الإتيان بتيمم واحد بقصد ما في الذمة مرددا بين كونه بدلا عن الغسل أو الوضوء إذا كان مجنبا، و أما غيره فيأتي بتيممين أحدهما بدلا عن الوضوء و الأخر بدلا عن الغسل احتياطا.


1- لو قصد بدليته عن الجميع دون ما لو قصد واحدا منها. نعم لو قصد بدل الجنابة لا يبعد سقوط الجميع و ان لم يقصدها كما في غسل الجنابة.
2- بل فيه أيضا.

ص: 102

[مسألة: 6 إذا وجد الماء أو زال عذره قبل الصلاة انتقض تيممه]

مسألة: 6 إذا وجد الماء أو زال عذره قبل الصلاة انتقض تيممه، و لا يصح أن يصلي به، و ان تجدد فقدان الماء أو حصول العذر فيجب ان يتيمم ثانيا. نعم لو لم يسع زمان الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل لا يبعد عدم انتقاضة، و ان كان الأحوط تجديده ثانيا مطلقا، و كذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في ضيق الوقت لا ينتقض تيممه و يكتفى به للصلاة التي ضاق وقتها.

[مسألة: 7 المجنب المتيمم إذا وجد ماء بقدر كفاية وضوئه لا يبطل تيممه]

مسألة: 7 المجنب المتيمم إذا وجد ماء بقدر كفاية وضوئه لا يبطل تيممه، و أما غيره ممن تيمم تيممين إذا وجد بقدر الوضوء بطل خصوص تيممه الذي هو بدل عنه، و إذا وجد ما يكفي للغسل فقط صرفه فيه و بقي تيمم الوضوء، و كذلك فيما إذا كان كافيا لأحدهما و أمكن صرفه في كل منهما لا في كليهما.

[مسألة: 8 إذا وجد الماء بعد الصلاة لا يجب إعادتها بل تمت و صحت]

مسألة: 8 إذا وجد الماء بعد الصلاة لا يجب إعادتها بل تمت و صحت، و كذا إذا وجده في أثناء الصلاة بعد الركوع من الركعة الاولى، و أما إذا كان قبل الركوع ففي بطلان تيممه و صلاته اشكال لا يبعد عدم البطلان مع استحباب الرجوع و استيناف الصلاة من رأس مع الطهارة المائية، و لكن الاحتياط بالإتمام و الإعادة مع سعة الوقت لا ينبغي تركه.

[مسألة: 9 إذا شك في بعض أجزاء التيمم بعد الفراغ منه لم يعتن و بنى على الصحة]

مسألة: 9 إذا شك في بعض أجزاء التيمم بعد الفراغ منه لم يعتن و بنى على الصحة، بخلاف ما إذا شك في جزء من أجزائه في أثنائه فإنه يأتي به على الأحوط لو لم يكن الأقوى، من غير فرق بين ما هو بدل عن الوضوء أو الغسل.

[فصل: في النجاسات]

اشارة

(فصل: في النجاسات) و الكلام: فيها، و في أحكامها، و كيفية التنجيس بها، و ما يعفى عنه منها، و ما يطهر منها.

ص: 103

[القول في النجاسات]
اشارة

القول في النجاسات:

[مسألة: 1 النجاسات احدى عشر]

مسألة: 1 النجاسات احدى عشر:

«الأول و الثاني»- البول و الخرء من الحيوان ذي النفس السائلة غير مأكول اللحم و لو بالعارض كالجلال و موطوء الإنسان، و أما ما كان من المأكول و غير ذي النفس (1) فإنهما منهما طاهران، كما أنهما من الطير كذلك مطلقا و ان كان غير مأكول اللحم حتى بول الخفاش، و ان كان الاحتياط فيهما من غير المأكول منه التجنب خصوصا الأخير.

[مسألة: 2 إذا كان خرء حيوان و شك في كونه من مأكول اللحم أو من محرمة]

مسألة: 2 إذا كان خرء حيوان و شك في كونه من مأكول اللحم أو من محرمة أو في انه مما له نفس سائلة أو من غيره، اما من جهة الشك في ذلك الحيوان الذي هذا خرؤه و اما من جهة الشك في الخرء و انه من الحيوان الفلاني الذي يكون خرؤه نجسا أو من الفلاني الذي يكون خرؤه طاهرا، كما إذا رأى شيئا لا يدري انه بعرة فار أو بعرة خنفساء، ففي جميع هذه الصور يحكم بطهارته، و لأجل ذلك يحكم بطهارة خرء الحية لعدم العلم بأن لها دم سائل.

«الثالث»- المني من كل حيوان ذي نفس حل أكله أو حرم، دون غير ذي النفس فإنه منه طاهر.

«الرابع»- ميتة ذي النفس من الحيوان مما تحله الحياة و ما يقطع من جسده حيا مما تحله الحياة، عدا ما ينفصل من بدن الإنسان (2) من الاجزاء الصغار كالبثور و الثالول و ما يعلو الشفة و القروح و نحوها عند البرء و قشور الجرب و نحوه، أما ما لا تحله الحياة كالعظم و القرن و السن و المنقار و الظفر و الحافر و الشعر و الصوف و الوبر و الريش فإنه طاهر، و كذا البيض من الميتة الذي اكتسى القشر الأعلى من


1- فيه اشكال. نعم فيما لا يعتد بلحمه فلا اشكال.
2- بل من مطلق الحيوان الطاهر العين.

ص: 104

مأكول اللحم بل و غيره. و يلحق بما ذكر الانفحة، و هي الشي ء الأصفر الذي يجبن به و يكون منجمدا في جوف كرش الحمل و الجدي قبل الأكل، و كذا اللبن في الضرع، و لا ينجسان بمحلهما، و الأحوط لو لم يكن الأقوى اختصاص (1) الحكم بلبن مأكول اللحم.

[مسألة: 3 فأرة المسك المبانة من الحي طاهر بلا إشكال]

مسألة: 3 فأرة المسك المبانة من الحي طاهر بلا إشكال إذا زال عنها الحياة قبل الانفصال، و الا ففيه اشكال، و كذا المبانة (2) من الميت، و أما مسكها فلا إشكال في طهارته في جميع الصور إلا في الصورة الثانية إذا كانت رطوبة مسرية حال الانفصال، و كذا في المبان من الميت إذا كانت رطوبة مسرية حال موت الضبي، فطهارته في الصورتين لا تخلو من اشكال، و مع الجهل بالحال محكوم بالطهارة.

[مسألة: 4 ما يؤخذ من يد المسلم و سوق المسلمين من اللحم أو الشحم أو الجلد]

مسألة: 4 ما يؤخذ من يد المسلم (3) و سوق المسلمين (4) من اللحم أو الشحم أو الجلد إذا لم يعلم كونه مسبوقا بيد الكافر محكوم بالطهارة و ان لم يعلم تذكيته، و كذا ما يوجد مطروحا في أرض المسلمين. و أما إذا علم بكونه مسبوقا بيد الكفار، فان احتمل أن المسلم الذي أخذه من الكفار قد تفحص من حاله و أحرز تذكيته فهو أيضا محكوم بالطهارة، و أما إذا علم أن المسلم قد أخذه من الكافر من غير فحص فالأحوط بل الأقوى وجوب الاجتناب عنه.

[مسألة: 5 إذا أخذ لحما أو شحما أو جلدا من الكافر أو من سوق الكفار]

مسألة: 5 إذا أخذ لحما أو شحما أو جلدا من الكافر أو من سوق الكفار و لم يعلم أنه من ذي النفس أو من غيره كالسمك و نحوه فهو محكوم بالطهارة و ان لم يحرز تذكيته، و لكن لا يجوز الصلاة فيه.

[مسألة: 6 إذا أخذ شي ء من الكفار أو من سوقهم]

مسألة: 6 إذا أخذ شي ء من الكفار أو من سوقهم و لم يعلم انه من أجزاء


1- بل لا يبعد عدم الاختصاص.
2- و أما المبانة من المذكى فلا اشكال فيها و ان بانت قبل أوان انفصالها.
3- في سوق المسلمين، و اما المأخوذ منه في سوق الكفار فالأحوط الاجتناب عنه الا إذا عامل المسلم معه معاملة الطهارة مع احتمال إحرازه لها.
4- المأخوذ من يد المسلم أو المطروح في أرضهم، و اما المأخوذ من يد الكفار في سوق المسلمين فالأحوط الاجتناب عنه الا إذا كان مسوقا بيد المسلم.

ص: 105

الحيوان أو غيره فهو محكوم بالطهارة ما لم يعلم بملاقاته للنجاسة، بل يصح الصلاة فيه أيضا. و من هذا القبيل اللاستيك و الشمع المجلوبان من بلاد الكفر في هذه الأزمنة عند من لم يطلع على حقيقتهما.

«الخامس»- دم ذي النفس السائلة بخلاف دم غيره كالسمك و البق و القمل و البراغيث فإنه طاهر، و المشكوك في أنه من أيهما محكوم بطهارته. و العلقة المستحيلة من المني نجسة حتى العلقة في البيضة، و الأحوط الاجتناب عن الدم الذي يوجد فيها، بل عن جميع ما فيها، نعم لو كان الدم في عرق أو تحت جلدة رقيقة حائلة بينه و بين غيره يكفي الاجتناب عن خصوص الدم (1)، فيكتفى بأخذه.

[مسألة: 7 الدم المتخلف في الذبيحة طاهر بعد قذف ما يعتاد قذفه]

مسألة: 7 الدم المتخلف في الذبيحة طاهر (2) بعد قذف ما يعتاد قذفه من الدم بالذبح أو النحر، من غير فرق بين المتخلف في بطنها أو في لحمها أو عروقها أو قلبها أو كبدها إذا لم ينجس بنجاسة آلة التذكية و نحوها، الا أن الأحوط الاجتناب عن دم الاجزاء الغير المأكولة. و ليس من الدم المتخلف الذي يكون طاهرا ما يرجع من دم المذبح الى الجوف لرد النفس أو لكون رأس الذبيحة في علو، و الدم الطاهر من المتخلف حرام أكله إلا ما كان مستهلكا في الامراق و نحوها أو كان في اللحم بحيث عد جزءا منه.

[مسألة: 8 ما شك في أنه دم أو غيره طاهر]

مسألة: 8 ما شك في أنه دم أو غيره طاهر، مثل ما إذا خرج من الجرح شي ء اصفر قد شك في أنه دم أم لا، أو شك من جهة الظلمة أو العمى أو غير ذلك في أن ما خرج منه دم أو قيح و لا يجب عليه الاستعلام، و كذا ما شك في أنه مما له نفس سائلة أولا اما من جهة عدم العلم بحال الحيوان كالحية مثلا أو من جهة الشك في الدم و انه من الشاة مثلا أو من السمك، فإذا رأى في ثوبه دما و لا يدرى انه منه أو من البق أو البرغوث يحكم بطهارته.


1- و إذا كان في الصفار و عليه جلدة رقيقة لا ينجس معه البياض إلا إذا تمزقت الجلدة.
2- من مأكول اللحم، و أما من غيره فهو نجس على الأحوط.

ص: 106

[مسألة: 9 الدم الخارج من بين الأسنان نجس و حرام لا يجوز بلعه]

مسألة: 9 الدم الخارج من بين الأسنان نجس و حرام لا يجوز بلعه، و إذا استهلك في الريق يطهر و يجوز بلعه، و لا يجب تطهير الفم بالمضمضة و نحوها.

[مسألة: 10 الدم المنجمد تحت الأظفار أو الجلد بسبب الرض نجس]

مسألة: 10 الدم المنجمد تحت الأظفار أو الجلد بسبب الرض نجس ما لم يعلم، استحالته، فلو انخرق الجلد و وصل اليه (1) الماء تنجس، و يشكل معه الوضوء أو الغسل، فيجب إخراجه ان لم يكن حرج، و معه يجب أن يجعل عليه شيئا كالجبيرة و يمسح عليه أو يتوضأ أو يغتسل بالغمس في ماء معتصم كالكر و الجاري. هذا إذا علم من أول الأمر انه دم منجمد، و ان احتمل أنه لحم صار كالدم بسبب الرض كما هو الغالب فهو طاهر.

«السادس و السابع»- الكلب و الخنزير البريان عينا و لعابا و جميع أجزائهما و ان كانت مما لا تحله الحياة كالشعر و العظم و نحوهما، أما كلب الماء و خنزيره فطاهران.

«الثامن»- المسكر المائع بالأصل دون الجامد كالحشيش و ان غلا و صار مائعا بالعارض، و أما العصير العنبي فالظاهر طهارته إذا غلا بالنار و لم يذهب ثلثاه و ان كان حراما بلا اشكال، و كذلك الحال في الزبيبي، كما ان الظاهر نجاستهما (2) لو غليا بنفسهما، و كذلك التمري.

[مسألة: 11 لا بأس بأكل الزبيب و الكشمش إذا غليا في الدهن أو جعلا في المحشي و الطبيخ]

مسألة: 11 لا بأس بأكل الزبيب و الكشمش إذا غليا في الدهن أو جعلا في المحشي و الطبيخ، بل إذا جعلا في الامراق إذا لم يعلم بغليان ما في جوفهما كما هو الغالب فيما إذا انتفخا. نعم إذا علم بغليان ما في جوفهما فيشكل أكلهما من حيث الحرمة (3) لا النجاسة. و أما التمر فيجوز أكله على كل حال و ان جعل في المرق و علم بغليانه.

«التاسع»- الفقاع، و هو شراب مخصوص متخذ من الشعير غالبا، أما المتخذ


1- هذا إذا كان الدم طاهرا و أما إذا كان الدم في الباطن و وصل اليه الماء من ثقبة و نحوها فالحكم بنجاسة الماء إذا خرج نظيفا مشكل بل الأقوى طهارته.
2- بل الأقوى طهارتهما ما لم يعلم بصيرورتهما مسكرا و كذلك التمري.
3- الأقوى عدم حرمتهما بالغليان فلا بأس بأكلهما و لو بعد الغليان.

ص: 107

من غيره ففي حرمته و نجاسته تأمل و ان سمي فقاعا إلا إذا كان مسكرا.

«العاشر»- الكافر، و هو من انتحل غير الإسلام أو انتحله و جحد ما يعلم من الدين ضرورة أو صدر منه ما يقتضي كفره من قول أو فعل، من غير فرق بين المرتد و الكافر الأصلي الحربي و الذمي و الخارجي و الغالي و الناصبي.

[مسألة: 12 غير الاثنى عشرية من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب و معاداة]

مسألة: 12 غير الاثنى عشرية من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب و معاداة و سب لسائر الأئمة الذين لا يعتقدون بإمامتهم طاهرون، و أما مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب.

«الحادي عشر»- عرق الإبل الجلالة، بل عرق مطلق الحيوان الجلال على الأحوط. و في نجاسة عرق الجنب من الحرام تردد، و الأظهر الطهارة و ان وجب التجنب عنه في الصلاة، و الأحوط التجنب عنه مطلقا.

[القول في أحكام النجاسات]
اشارة

القول في أحكام النجاسات:

[مسألة: 1 يشترط في صحة الصلاة و الطواف واجبهما و مندوبهما طهارة البدن]

مسألة: 1 يشترط في صحة الصلاة و الطواف واجبهما و مندوبهما طهارة البدن حتى الشعر و الظفر و غيرهما مما هو من توابع الجسد و اللباس الساتر منه و غيره، عدا ما استثنى من النجاسات و ما في حكمها من متنجس بها، و قليلها و لو مثل رءوس الإبر ككثيرها، عدا ما استثنى منها. و يشترط في صحة الصلاة أيضا طهارة موضع الجبهة في حال السجود دون المواضع الأخر، فلا بأس بنجاستها ما دامت غير مسرية الى بدنه أو لباسه بنجاسة غير معفو عنها. و يجب إزالة النجاسة عن المساجد بجميع أجزائها من أرضها و بنائها حتى الطرف الخارج (1) من جدرانها على الأحوط، كما أنه يحرم تنجيسها. و يلحق بها المشاهد المشرفة و الضرائح المقدسة و كل ما علم من الشرع وجوب تعظيمه على وجه ينافيه التنجيس، كالتربة الحسينية، بل و تربة الرسول و سائر الأئمة، و المصحف الكريم حتى جلده و غلافه، بل و كتب الأحاديث المعصومية على الأحوط لو لم يكن الأقوى. و وجوب تطهير ما ذكر كفائي لا يختص بمن نجسها،


1- الا ان يجعلها الواقف جزءا من المسجد.

ص: 108

كما أنه يجب المبادرة مع القدرة على تطهيرها. و لو توقف تطهيرها على صرف مال وجب، و هل يرجع به على من نجسها؟ لا يخلو من وجه. و لو توقف تطهير المسجد مثلا على حفر أرضه أو على تخريب شي ء منه جاز بل وجب، و في ضمان من نجسه لخسارة التعمير وجه قوي. و لو رأى نجاسة في المسجد مثلا و قد حضر وقت الصلاة تجب المبادرة إلى إزالتها مقدما على الصلاة مع سعة وقتها، فلو ترك الإزالة مع القدرة و اشتغل بها عصى، لكن الأقوى صحة صلاته، و مع ضيق وقت الصلاة قدمها على الإزالة.

[مسألة: 2 حصير المسجد و فرشه كنفس المسجد في حرمة تلويثه و وجوب إزالة النجاسة عنه]

مسألة: 2 حصير المسجد و فرشه كنفس المسجد في حرمة تلويثه و وجوب إزالة النجاسة عنه و لو بقطع (1) موضع النجس.

[مسألة: 3 لا فرق في المساجد بين المعمورة و المخروبة أو المهجورة]

مسألة: 3 لا فرق في المساجد بين المعمورة و المخروبة أو المهجورة، بل لا يبعد جريان الحكم فيما إذا تغير عنوانه، كما إذا غصب و جعل دارا أو خانا أو دكانا أو بستانا.

[مسألة: 4 إذا علم إخراج الواقف بعض أجزاء المسجد عن المسجد لا يلحقه الحكم]

مسألة: 4 إذا علم إخراج الواقف بعض أجزاء المسجد عن المسجد لا يلحقه الحكم، و مع الشك في ذلك ففيه اشكال فلا يترك الاحتياط، و لا سيما في السقف و الجدران.

[مسألة: 5 كما يحرم تنجيس المصحف يحرم كتابته بالمداد النجس]

مسألة: 5 كما يحرم تنجيس المصحف يحرم كتابته بالمداد النجس، و لو كتب جهلا أو عمدا يجب محوه فيما ينمحي، و في غيره كمداد الطبع يجب تطهيره.

[مسألة: 6 من صلى بالنجاسة متعمدا بطلت صلاته و وجب إعادتها]

مسألة: 6 من صلى بالنجاسة متعمدا بطلت صلاته و وجب إعادتها، من غير فرق بين بقاء الوقت و خروجه، و كذا الناسي لها و لم يذكر حتى فرغ من صلاته أو ذكرها في أثنائها، بخلاف الجاهل بها حتى فرغ، فإنه لا يعيد في الوقت فضلا عن خارجه، و ان كان الأحوط الإعادة. أما لو علم بها في أثناء صلاته، فان لم يعلم بسبقها و أمكنه إزالتها بنزع أو غيره على وجه لا ينافي الصلاة و بقاء التستر فعل ذلك و مضى


1- ان لم يمكن التطهير بغيره.

ص: 109

في صلاته، و ان لم يمكنه ذلك استأنفها من رأس إذا كان الوقت واسعا و صلى بها (1) مع ضيقه، و كذا لو عرضت له في الأثناء. أما لو علم بسبقها وجب الاستيناف مع سعة الوقت مطلقا.

[مسألة: 7 إذا انحصر الساتر في النجس، فان لم يقدر على نزعه لبرد و نحوه صلى فيه]

مسألة: 7 إذا انحصر الساتر في النجس، فان لم يقدر على نزعه لبرد و نحوه صلى فيه و يجب عليه الإعادة، و ان تمكن من نزعه فالأحوط (2) تكرار الصلاة بالإتيان بها عاريا و معه مع سعة الوقت، و مع الضيق الأحوط اختيار أحد الأمرين و القضاء في خارج الوقت مع الثوب الطاهر.

[مسألة: 8 إذا اشتبه الثوب الطاهر بالنجس يكرر الصلاة فيهما مع الانحصار بهما]

مسألة: 8 إذا اشتبه الثوب الطاهر بالنجس يكرر الصلاة فيهما مع الانحصار بهما، و إذا لم يسع الوقت فالأحوط أن يصلي في أحدهما و يقضي في الثوب الأخر أو في ثوب آخر، و لو كان أطراف الشبهة ثلاثة أو أكثر يكرر الصلاة على نحو يعلم بوقوع الصلاة في ثوب طاهر. و الضابط أن يزاد عدد الصلاة على عدد الثوب النجس المعلوم بواحدة، فإذا كان عنده ثلاثة أثواب واحد منها نجس صلى صلاتين في اثنين، و إذا كان النجس اثنين في ثلاثة أو أزيد صلى ثلاث صلوات في ثلاثة أبواب، و هكذا.

[القول في كيفية التنجيس بها]
اشارة

القول في كيفية التنجيس بها:

[مسألة: 1 لا ينجس الملاقي لها مع اليبوسة في كل منهما]

مسألة: 1 لا ينجس الملاقي لها مع اليبوسة في كل منهما، و لا مع النداوة التي لم تنتقل منها أجزاء بالملاقاة. نعم ينجس الملاقي مع البلة في أحدهما على وجه تصل منه الى الأخر، فلا يكفي مجرد الميعان كالزيبق، بل و الذهب و الفضة الذائبين ما لم يكن رطوبة من الخارج مسرية، فالذهب الذائب في البوطقة النجسة لا يتنجس ما لم يكن رطوبة مسرية فيها أو فيه، و لو كانت لا تنجس الا ظاهره كالجامد.

[مسألة: 2 مع الشك في الرطوبة أو السراية يحكم بعدم التنجيس]

مسألة: 2 مع الشك في الرطوبة أو السراية يحكم بعدم التنجيس، فإذا وقع


1- و يجوز أن يتمها عاريا مع الأمن من الناظر المحترم و عدم إمكان التبديل أو التطهير.
2- و الأقوى التخيير بين الصلاة في النجس أو عاريا، و لا يجب القضاء مطلقا و لا التكرار.

ص: 110

الذباب على النجس ثم على الثوب لا يحكم بالتنجيس، لاحتمال عدم تبلل رجله ببلة تسري إلى ملاقيه.

[مسألة: 3 لا يحكم بنجاسة الشي ء و لا بطهارة ما ثبتت نجاسته الا باليقين أو بإخبار ذي اليد]

مسألة: 3 لا يحكم بنجاسة الشي ء و لا بطهارة ما ثبتت نجاسته الا باليقين أو بإخبار ذي اليد أو بشهادة العدلين، و في الاكتفاء بالعدل الواحد اشكال، فلا يترك مراعاة الاحتياط في الصورتين. و لا يثبت الحكم في المقامين بالظن و ان كان قويا، و لا بالشك الا الخارج قبل الاستبراء كما عرفته سابقا.

[مسألة: 4 العلم الإجمالي كالتفصيلي]

مسألة: 4 العلم الإجمالي كالتفصيلي، فإذا علم بنجاسة أحد الشيئين يجب الاجتناب عنهما، إلا إذا لم يكن أحدهما محلا لابتلائه فلا يجب الاجتناب عما هو محل ابتلائه أيضا. و في حكم العلم الإجمالي الشهادة بالإجمال، كما إذا قامت البينة على وقوع قطرة من البول في أحد الإناءين و لا يدرى أنها وقعت في أي منهما، فحينئذ يجب الاجتناب عنهما.

[مسألة: 5 إذا شهد الشاهدان بالنجاسة السابقة مع الشك في زوالها كفى في وجوب الاجتناب]

مسألة: 5 إذا شهد الشاهدان بالنجاسة السابقة مع الشك في زوالها كفى في وجوب الاجتناب عملا بالاستصحاب.

[مسألة: 6 المراد بذي اليد كل من كان مستوليا عليه]

مسألة: 6 المراد بذي اليد كل من كان مستوليا عليه، سواء كان بملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة بل أو غصب، فإذا أخبرت الزوجة أو الخادمة أو المملوكة بنجاسة ما في يدها من ثياب الزوج أو المولى أو ظروف البيت كفى في الحكم بالنجاسة، بل و كذا إذا أخبرت المربية للطفل بنجاسته أو نجاسة ثيابه.

[مسألة: 7 إذا كان الشي ء بيد شخصين كالشريكين يسمع قول كل منهما في نجاسته]

مسألة: 7 إذا كان الشي ء بيد شخصين كالشريكين يسمع قول كل منهما في نجاسته، و لو أخبر أحدهما بنجاسته و الأخر بطهارته تساقطا (1)، كما ان البينة تسقط عند التعارض، و لو عارضت مع قول صاحب اليد تقدم عليه.

[مسألة: 8 لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلا أو فاسقا]

مسألة: 8 لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلا أو فاسقا، و في اعتبار قول الكافر اشكال، و كذا الصبي و ان لم يكن بعيدا إذا كان مراهقا.


1- فيما لم يكن قول أحدهما بالخصوص مستندا الى الأصل و الا فيقدم قول الأخر، و كذلك في تعارض البينتين و تعارض البينة مع قول ذي اليد.

ص: 111

[مسألة: 9 المتنجس منجس على الأقوى]

مسألة: 9 المتنجس منجس على الأقوى و ان لم يجر عليه أحكام ذلك النجس الذي تنجس به، فالمتنجس بالبول إذا لاقى شيئا ينجسه لكن لا يكون ذلك الشي ء كملاقي البول، و كذلك الإناء الذي ولغ فيه الكلب إذا لاقى إناء آخر ينجسه لكن لا يكون الثاني بحكم الإناء الأول في وجوب (1) تعفيره، و هكذا.

[مسألة: 10 ملاقاة ما في الباطن بالنجاسة التي في الباطن لا ينجسه]

مسألة: 10 ملاقاة ما في الباطن بالنجاسة التي في الباطن لا ينجسه، فالنخامة إذا لاقت الدم في الباطن و خرجت غير متلطخة به طاهرة، نعم لو أدخل شي ء من الخارج و لاقى النجاسة في الباطن فالأحوط الاجتناب عنه (2).

[القول فيما يعفى عنه منها في الصلاة]
اشارة

القول فيما يعفى عنه منها في الصلاة:

[مسألة: 1 ما يعفى عنه منها في الصلاة أمور]

مسألة: 1 ما يعفى عنه منها في الصلاة أمور:

«الأول»- دم الجروح و القروح في البدن و اللباس حتى يبرأ، الا ان الأحوط اعتبار المشقة النوعية في الإزالة و التبديل، و في كون دم البواسير منها فيما إذا لم يكن قرحة في الظاهر تأمل و اشكال (3)، و كذا كل قرح أو جرح باطني خرج دمه الى الظاهر.

«الثاني»- الدم في البدن و اللباس إذا كان سعته أقل من الدرهم البغلي و لم يكن من الدماء الثلاثة الحيض و النفاس و الاستحاضة و لا من نجس العين و الميتة، بل الاولى (4) الاجتناب عما كان من غير مأكول اللحم.

[مسألة: 2 لو كان الدم متفرقا في الثياب و البدن لوحظ التقدير على فرض اجتماعه]

مسألة: 2 لو كان الدم متفرقا في الثياب و البدن لوحظ التقدير على فرض اجتماعه، فيدور العفو مداره، و لو تفشى الدم من أحد جانبي الثوب إلى الأخر فهو دم


1- لكن إذا صب ماء الولوغ في إناء آخر فلا يترك الاحتياط بتعفير الثاني أيضا.
2- و الأقوى عدم وجوبه.
3- بل يعفى عن دم البواسير و عن كل قرح و جرح باطني خرج دمه الى الظاهر.
4- بل اللازم الاجتناب عما كان من غير مأكول اللحم و لو كان غير الدم.

ص: 112

واحد على اشكال (1) خصوصا إذا كان غليظا، و أما مثل الظهارة و البطانة و الملفوف من طيات عديدة و نحو ذلك فلا إشكال في كونه متعددا.

[مسألة: 3 لو اشتبه الدم الذي يكون أقل من الدرهم انه من المستثنيات كالدماء الثلاثة]

مسألة: 3 لو اشتبه الدم الذي يكون أقل من الدرهم انه من المستثنيات كالدماء الثلاثة أو من غيرها حكم بالعفو عنه حتى يعلم أنه منها، و لو بان بعد ذلك أنه منها فهو من الجاهل بالنجاسة و قد عرفت حكمه، و لو علم انه من غيرها و شك في أنه أقل من الدرهم أم لا فالأحوط (2) عدم العفو، إلا إذا كان مسبوقا بالاقلية و شك في زيادته.

[مسألة: 4 المتنجس بالدم ليس كالدم في العفو عنه إذا كان أقل من الدرهم]

مسألة: 4 المتنجس بالدم ليس كالدم في العفو عنه إذا كان أقل من الدرهم، و لكن الدم الأقل إذا أزيل عنه يبقى حكمه.

«الثالث»- كل ما لا تتم به الصلاة منفردا كالتكة و الجورب و نحوهما، فإنه معفو عنه إذا كان متنجسا و لو بنجاسة من غير مأكول (3) اللحم. نعم لا يعفى عما كان منه متخذا من النجس كجزء ميتة أو شعر كلب أو خنزير أو كافر.

«الرابع»- ما صار من البواطن و التوابع، كالميتة التي أكلها و الخمر الذي شربه و الدم النجس الذي أدخله تحت جلده و الخيط النجس الذي خاط به جلده، فان ذلك معفو عنه في الصلاة، و أما حمل النجس فيها فالأحوط الاجتناب عنه خصوصا الميتة، بل و كذا المتنجس الذي تتم فيه الصلاة أيضا، و أما ما لا تتم فيه الصلاة مثل السكين و الدراهم فالأقوى جواز الصلاة معه.

«الخامس»- ثوب المربية للطفل أما كانت أو غيرها، فإنه معفو عنه ان تنجس ببوله و غسلته في اليوم و الليلة مرة و لم يكن عندها غيره، و لا يتعدى من البول الى غيره و لا من الثوب (4) الى البدن على الأحوط، و لا من المربية الى المربي و لا من ذات


1- لا اشكال فيه الا إذا كان الثوب ذا طبقات فتفشى من طبقة إلى أخرى فالظاهر فيه التعدد.
2- و الأقوى العفو إلا في المسبوق بعدمه.
3- مشكل فلا يترك الاحتياط ان لم يكن فيه جزء منه، و الا فالصلاة في كل شي ء من غير مأكول اللحم باطل و ان كان طاهرا.
4- و ان كان في إلحاق البدن بالثوب وجه لكن لا يترك الاحتياط.

ص: 113

الثوب الى ذات الثياب المتعددة مع عدم الحاجة الى لبسهن جميعا و الا كانت كذات الثوب الواحد.

[القول في المطهرات]

اشارة

القول في المطهرات:

و هي أحد عشر:

[ «أولها»- الماء]
اشارة

«أولها»- الماء، و يطهر به كل متنجس حتى الماء كما تقدم في فصل المياه، و قد مر كيفية تطهيره به. و أما كيفية تطهير غيره به فيكفي في المطر (1) استيلاؤه على المتنجس بعد زوال العين كما مر، و كذا في الكر و الجاري على الأظهر، فلا يحتاج في التطهير بهما الى العصر فيما يقبله كالثياب و لا التعدد، من غير فرق بين أنواع النجاسات و أصناف المتنجسات، فيطهر المتنجس الذي لا ينفذ فيه الماء و النجاسة كالبدن بمجرد غمسه في الكر و الجاري بعد زوال عين النجاسة و ازالة المانع لو كان، و كذلك الثوب المتنجس و نحوه مما يرسب فيه الماء و يمكن عصره، و الاولى و الأحوط فيه تحريكه في الماء بحيث يتخلل الماء في أعماقه، و أحوط منه عصره أو ما يقوم مقامه كالفرك و الغمز بالكف و نحو ذلك. و المتنجس الذي ينفذ فيه الماء و لا يمكن عصره كالكوز و الخشب و الصابون و نحو ذلك يطهر ظاهره بمجرد غمسه فيهما و باطنه بنفوذ الماء المطلق الى حيث نفذت النجاسة، و لا يحتاج (2) الى التجفيف أولا لو كانت في أعماقه الرطوبة، و ان كان أحوط. هذا بعض الكلام في كيفية التطهير بالكر و الجاري، و سنذكر بعض ما يتعلق به في طي المسائل الآتية.

و أما التطهير بالقليل فالمتنجس بالبول غير الانية يعتبر فيه التعدد مرتين، و الأحوط كونهما غير غسلة الإزالة، و أما المتنجس بغير البول و لم يكن آنية فيجزي فيه المرة بعد الإزالة و لا يكتفى بما حصل به الإزالة. نعم يكفي استمرار اجراء الماء بعدها.

و يعتبر في التطهير بالقليل انفصال الغسالة، ففي مثل الثياب مما ينفذ فيه الماء


1- فيما لا يحتاج الى التعفير.
2- لا يترك الاحتياط فيه بالتجفيف.

ص: 114

و يقبل العصر لا بدّ من العصر أو ما يقوم مقامه، و في مثل الصابون و غيره مما ينفذ فيه الماء و لا يقبل العصر يطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، و لا يضر بقاء نجاسة الباطن لو نفذت فيها، بل القول بطهارة الباطن تبعا للظاهر غير بعيد (1) و ان كان الأحوط خلافه.

هذا كله في تطهير غير الانية، و اما الانية فان تنجست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يتحقق معه اسم الولوغ غسلت ثلاثا أولاهن بالتراب، و يعتبر فيه الطهارة، و لا يقوم غير التراب مقامه و لو عند الاضطرار، و الاولى و الأحوط في الغسل بالتراب مسحه بالتراب الخالص أولا ثم غسله بوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه عن اسم التراب، ثم يوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه التراب عن اسم الإطلاق. و في إلحاق مطلق مباشرته بالفم كاللطع و نحوه و الشرب بلا ولوغ بالولوغ وجه قوي (2)، بل إلحاق مطلق مباشرته و لو بباقي أعضائه به لا يخلو من وجه (3)، و كذا مباشرة لعابه من غير ولوغ، و الاحتياط (4) في الجميع بالجمع بين التعفير و الغسل بالماء ثلاثا لا ينبغي تركه.

[مسألة: 1 لو كانت الانية المتنجسة بالولوغ مما يتعذر تعفيرها بالتراب لضيق رأس أو غيره]

مسألة: 1 لو كانت الانية المتنجسة بالولوغ مما يتعذر تعفيرها بالتراب لضيق رأس أو غيره فلا يسقط تعفيرها بما يمكن، و لو بإدخال التراب فيها و تحريكها تحريكا عنيفا، و لو فرض التعذر أصلا لم يبعد البقاء على النجاسة حينئذ و لا يسقط التعفير بالغسل بالماء الكثير و الجاري، بل و الأحوط احتياطا شديدا عدم سقوط العدد أيضا.

نعم لا يبعد (5) سقوطهما في ماء المطر، و لكن لا يترك الاحتياط بالتعفير فيه أيضا.

[مسألة: 2 يجب غسل الإناء سبعا لموت الجرذ و لشرب الخنزير و لا يجب التعفير]

مسألة: 2 يجب غسل الإناء سبعا لموت الجرذ و لشرب الخنزير و لا يجب التعفير. نعم هو الأحوط في الثاني قبل السبع. و ينبغي غسله سبعا أيضا لموت الفارة و لشرب النبيذ فيه أو الخمر أو المسكر، و مباشرة الكلب و ان لم يجب ذلك، و انما


1- بل بعيد.
2- القوة ممنوعة لكن لا يترك الاحتياط فيه.
3- غير وجيه.
4- لا يترك الاحتياط المذكور في جميع ما يحتمل الحاقه بالولوغ و يحتمل عدم الحاقه و لا ترجيح لأحد الاحتمالين.
5- الأقوى عدم سقوط التعفير مطلقا.

ص: 115

الواجب ان يغسل بالقليل ثلاثا كما يغسل من غيرها من النجاسات.

[مسألة: 3 تطهير الأواني الصغيرة و الكبيرة ضيقة الرأس و واسعته بالكثير و الجاري واضح]

مسألة: 3 تطهير الأواني الصغيرة و الكبيرة ضيقة الرأس و واسعته بالكثير و الجاري واضح، بأن توضع فيه حتى يستولي عليها الماء، و أما بالقليل فبصب الماء فيها و إدارته حتى يستوعب جميع أجزائها بالإجراء الذي يتحقق به الغسل ثم يراق منها، يفعل ذلك بها ثلاثا، و الأحوط الفورية في الإدارة عقيب الصب فيها و الإفراغ عقيب الإدارة على جميع أجزائها. هذا في الأواني الصغار و الكبار التي يمكن فيها الإدارة و الإفراغ عقيبها، و أما الأواني الكبار المثبتة و الحياض و نحوها فتطهيرها بإجراء الماء عليها حتى يستوعب جميع أجزائها، ثم يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع في وسطها مثلا بنزح و غيره، من غير اعتبار للفورية المزبورة، بل لا يعتبر (1) تطهير آلة النزح إذا أريد عودها اليه، كما أنه لا بأس بما يتقاطر فيه حال النزح، و ان كان الأحوط ذلك كله.

[مسألة: 4 إذا تنجس التنور يطهر بصب الماء في الموضع النجس من فوق الى تحت]

مسألة: 4 إذا تنجس التنور يطهر بصب الماء في الموضع النجس من فوق الى تحت، و لا يحتاج الى التثليث، لعدم كونه من الأواني، فيصب عليه مرتين إذا تنجس بالبول، و في غيره يكفي المرة.

[مسألة: 5 إذا تنجس الأرز أو الماش و نحوهما يجعل في وصلة و يغمس في الكر أو الجاري فيطهر]

مسألة: 5 إذا تنجس الأرز أو الماش و نحوهما يجعل في وصلة و يغمس في الكر أو الجاري فيطهر، و ان نفذ فيه الماء النجس يصبر حتى يعلم بنفوذ الماء الطاهر الى حيث نفذ فيه الماء النجس و لا يحتاج الى التجفيف، و ان كان أحوط (2) بل لا يبعد تطهيره بالقليل (3)، بأن يجعل في ظرف و يصب عليه الماء ثم يراق غسالته و يطهر الظرف أيضا بالتبع، و الأحوط التثليث.

[مسألة: 6 اللحم المطبوخ بالماء النجس يمكن تطهيره في الكثير]

مسألة: 6 اللحم المطبوخ بالماء النجس يمكن تطهيره في الكثير، بل و القليل أيضا إذا صب عليه الماء و نفذ فيه الى المقدار الذي نفذ فيه الماء النجس.


1- فيما إذا كانت مغسولة بالتبع و الا فلا يترك الاحتياط بتطهيره.
2- لا يترك الاحتياط بالتجفيف فيه و في أمثاله.
3- تطهير ظاهره به لا اشكال فيه، و أما باطنه فبعيد جدا.

ص: 116

و كذا يمكن تطهير الكوز الذي صنع من طين نجس بوضعه في الكثير أو الجاري فنفذ الماء في أعماقه.

[مسألة: 7 إذا غسل ثوبه المتنجس ثم رأى فيه شيئا من الطين أو الأشنان لا يضر ذلك بتطهيره]

مسألة: 7 إذا غسل ثوبه المتنجس ثم رأى فيه شيئا من الطين أو الأشنان لا يضر ذلك بتطهيره، بل يحكم بطهارته أيضا لانغساله (1) بغسل الثوب.

[مسألة: 8 إذا أكل طعاما نجسا فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته و يطهر بالمضمضة]

مسألة: 8 إذا أكل طعاما نجسا فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته و يطهر بالمضمضة، و أما إذا كان طاهرا و خرج الدم من بين أسنانه فان لم يلاقه الدم و ان لاقاه الريق الملاقي له فهو طاهر، و ان لاقاه ففي الحكم بنجاسته اشكال (2).

[ «ثانيها»- الأرض]

«ثانيها»- الأرض، فإنها تطهر ما يماسها من القدم بالمشي عليها أو بالمسح بها مما يزول معه عين النجاسة ان كانت، و كذا ما يوقى به القدم كالنعل، و لو فرض زوالها قبل ذلك كفى في التطهير حينئذ المماسة على اشكال (3)، و الأحوط أقل مسمى المسح أو المشي حينئذ، كما أن الأحوط قصر الحكم بالطهارة على ما إذا حصلت النجاسة من المشي على الأرض النجسة. و لا فرق في الأرض بين التراب و الرمل و الحجر أصليا كان أو مفروشة به، و يلحق به المفروش بالأجر أو الجص على الأقوى، بخلاف المطلي بالقبر و المفروش بالخشب. و يعتبر جفاف الأرض و طهارتها على الأحوط.

[ «ثالثها»- الشمس]
اشارة

«ثالثها»- الشمس، فإنها تطهر الأرض، و كل ما لا ينقل من الابنية، و ما اتصل بها من الأخشاب و الأبواب و الأعتاب و الأوتاد و الأشجار و النبات و الثمار و الخضراوات و ان حان قطفها، و غير ذلك حتى الأواني المثبتة و نحوها. و الظاهر أن السفينة و الطرادة من غير المنقول، و في الكاري و نحوه اشكال، و في تطهير الحصر و البواري بها مما ينقل اشكال، و يعتبر في طهارة المذكورات و نحوها بالشمس بعد


1- إذا علم ذلك و علم بوصول الماء الى جميع أجزاء الثوب و عدم كونه مانعا.
2- و الأقوى عدم النجاسة.
3- غير معتد به و الأقوى كفايتها.

ص: 117

زوال عين النجاسة عنها ان تكون رطبة رطوبة تعلق باليد ثم تجففها الشمس تجفيفا يستند إلى إشراقها نفسها بدون واسطة، بل لا يبعد اعتبار اليبس على النحو المزبور.

و يطهر باطن (1) الشي ء الواحد إذا طهر ظاهره باشراقها عليه على الوجه المذكور، دون المتعدد المتلاصق إذا أشرقت على بعضه.

[مسألة: 9 إذا كانت الأرض أو نحوها جافة و أريد تطهيرها بالشمس يصب عليها الماء الطاهر أو النجس]

مسألة: 9 فإذا كانت الأرض أو نحوها جافة و أريد تطهيرها بالشمس يصب عليها الماء الطاهر أو النجس مما يورث الرطوبة فيها حتى تجففها فتطهر.

[مسألة: 10 الحصى و التراب و الطين و الأحجار ما دامت واقعة على الأرض تكون بحكمها]

مسألة: 10 الحصى و التراب و الطين و الأحجار ما دامت واقعة على الأرض تكون بحكمها، و ان أخذت منها ألحقت بالمنقولات، و ان أعيدت عاد حكمها.

و كذلك المسمار الثابت في الأرض أو البناء يلحقهما في الحكم، و إذا قلع زال حكمه، و إذا أعيد عاد، و هكذا كل ما يشبه ذلك.

[ «رابعها»- الاستحالة الى جسم آخر]

«رابعها»- الاستحالة الى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار مادا أو دخانا أو بخارا، سواء كان نجسا أو متنجسا، و كذا المستحيل بخارا بغيرها. أما ما احالته فحما أو خزفا أو آجرا أو حصى أو نورة فهو باق على النجاسة. و يطهر كل حيوان تكون من نجس أو متنجس كدود العذرة و الميتة، و يطهر الخمر بانقلابه خلا بنفسه أو بعلاج كطرح جسم فيه و نحوه، سواء استهلك الجسم أولا. نعم لو تنجس الخمر بنجاسة خارجية ثم انقلب خلا لم يطهر على الأحوط (2).


1- المتصل بظاهر النجس مع جفافه بجفاف الظاهر باشراق الشمس عليه المتصل جفافه بجفاف الظاهر، بخلاف ما إذا كان الباطن فقط نجسا أو كان منفصلا عن الظاهر بالتراب الطاهر أو بالهواء أو جف الباطن دون الظاهر أو جف بجفاف غير متصل بجفاف ظاهرها، مثل أن يكون جفاف الباطن في غير وقت جفاف الظاهر.
2- بل الأقوى.

ص: 118

[ «خامسها»- ذهاب الثلثين في العصير بالنار أو بالشمس]

«خامسها»- ذهاب الثلثين في العصير بالنار (1) أو بالشمس، إذا غلا بأحدهما فإنه مطهر للثلث الباقي بناء على النجاسة، و قد مر أن الأقوى طهارته، فلا يؤثر التثليث إلا في حليته، و أما إذا غلى بنفسه فقد مر أن الأقوى (2) نجاسته، و حينئذ لا يؤثر التثليث في زوالها، بل يتوقف طهارته على صيرورته خلا.

[ «سادسها»- الانتقال]

«سادسها»- الانتقال، فإنه موجب لطهارة المنتقل إذا أضيف إلى المنتقل اليه و عد جزء منه، كانتقال دم ذي النفس الى غير ذي النفس، و كذا لو كان المنتقل غير الدم و المنتقل اليه غير الحيوان من النبات و غيره، و لو علم عدم الإضافة أو شك فيها من حيث عدم الاستقرار في بطن الحيوان مثلا على وجه يستند اليه كالدم الذي يمصه العلق بقي على النجاسة.

[ «سابعها»- الإسلام]

«سابعها»- الإسلام، فإنه مطهر للكافر بجميع أقسامه حتى الرجل المرتد عن فطرة إذا علم توبته فضلا عن الامرأة، و يتبع الكافر فضلاته المتصلة به من شعره و ظفره و بصاقه و نخامته و قيحه و نحو ذلك.

[ «ثامنها»- التبعية]

«ثامنها»- التبعية، فإن الكافر إذا أسلم يتبعه ولده في الطهارة أبا كان أو جدا أو أما، كما أن الطفل يتبع السابي (3) المسلم إذا لم يكن معه أحد آبائه على اشكال، و يتبع الميت بعد طهارته آلات تغسيله من السدة و الخرقة الموضوعة عليه و ثيابه التي غسل فيها و يد الغاسل، و في باقي بدنه و ثيابه إشكال أحوطه العدم، بل الاولى الاحتياط فيما عدا يد الغاسل.

[ «تاسعها»- زوال عين النجاسة]

«تاسعها»- زوال عين النجاسة بالنسبة إلى الصامت من الحيوان و بواطن


1- في الحكم بالطهارة على القول بالنجاسة بسبب ذهاب الثلثين بغير النار اشكال، و كذا فيما غلى بغير النار و لو كان ذهاب ثلثيه بالنار، و كذا في الحكم بالحلية فيما غلى بغير النار الا إذا صار خلا.
2- و قد مر منا أن الأقوى طهارته.
3- فيه إشكال.

ص: 119

الإنسان، فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها و جفاف رطوبتها، و كذا بدن الدابة المجروح و فم الهرة الملوث بالدم و ولد الحيوان المتلطخ به عند الولادة بمجرد زوال الدم عنها، و كذا يطهر فم الإنسان إذا أكل أو شرب شيئا متنجسا أو نجسا كالدم و الخمر بمجرد بلعه.

[ «عاشرها»- الغيبة]

«عاشرها»- الغيبة، فإنها مطهرة للإنسان و ثيابه و فرشه و أوانيه و غيرها من توابعه إذا كان عالما بالنجاسة و احتمل تطهيره لها، من غير فرق بين المتسامح في دينه و عدمه.

[ «حادي عشرها»- استبراء الجلال من الحيوان المحلل]

«حادي عشرها»- استبراء الجلال من الحيوان المحلل إنما يخرجه عن اسم الجلل، فإنه مطهر لبوله و خرئه، و الأحوط مع زوال اسم الجلل استبراء الحيوان في المدة المنصوصة للحيوانات، و هي: في الإبل أربعون يوما، و في البقرة ثلاثون، و في الغنم عشرة أيام، و في البطة خمسة أو سبعة، و في الدجاجة ثلاثة أيام، و في غيرها يكفي زوال الاسم.

[القول في الأواني]

اشارة

القول في الأواني:

[مسألة: 1 أواني الكفار كأواني غيرهم محكومة بالطهارة]

مسألة: 1 أواني الكفار كأواني غيرهم محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة المسرية، و كذا كل ما في أيديهم من اللباس و الفرش و غير ذلك.

نعم ما كان في أيديهم من الجلود محكومة بالنجاسة إذا علم كونها من الحيوان الذي له نفس سائلة و لم يعلم تذكية حيوانها و لم يعلم (1) سبق يد مسلم عليها، و كذلك الحال في اللحوم و الشحوم التي في أيديهم بل في سوقهم، فإنها محكومة بالنجاسة مع الشروط المزبورة.

[مسألة: 2 يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة في الأكل و الشرب و الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها]

مسألة: 2 يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة في الأكل و الشرب و الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها، و المحرم نفس استعمالها و تناول المأكول أو المشروب


1- و قد مر التفصيل فيه فراجع.

ص: 120

مثلا منها دون (1) المأكول و المشروب، فلو أكل منها طعاما مباحا في نهار شهر رمضان لا يكون مفطرا بالحرام و ان ارتكب الحرام من جهة التناول منها و استعمالها. و يدخل في استعمالها المحرم على الأحوط وضعها على الرفوف للتزيين، بل و تزيين المساجد و المشاهد بها، و هل يحرم اقتناؤها من غير استعمال؟ فيه تردد و اشكال. و يحرم استعمال الملبس بأحدهما إذا كان على وجه لو انفصل كان إناء مستقلا، دون ما إذا لم يكن كذلك، و دون المفضض و المموه بأحدهما، و الممتزج منهما بحكم أحدهما و ان لم يصدق عليه اسم أحدهما، بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما إذا لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما.

[مسألة: 3 الظاهر أن المراد من الأواني ما يستعمل في الأكل و الشرب و الطبخ و الغسل أو العجن]

مسألة: 3 الظاهر أن المراد من الأواني ما يستعمل في الأكل و الشرب و الطبخ و الغسل أو العجن مثل الكأس و الكوز و القصاع و القدور و الجفان و الأقداح و الطست و السماور و القوري و الفنجان، بل و كوز القليان و النعلبكي و القاشق، فلا يشمل مثل رأس القليان و رأس الشطب و غلاف السيف و الخنجر و السكين و الصندوق و ما يصنع بيتا للتعويذ و قاب الساعة و القنديل و الخلخال و ان كان مجوفا، و في شمولها للهاون و المجامر و المباخر و ظروف (2) الغالية و المعجون و الترياك و نحو ذلك تردد و اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 4 كما يحرم الأكل و الشرب من آنية الذهب و الفضة بوضعها على فمه و أخذ اللقمة منها]

مسألة: 4 كما يحرم الأكل و الشرب من آنية الذهب و الفضة بوضعها على فمه و أخذ اللقمة منها مثلا، كذلك يحرم تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد الأكل و الشرب. نعم لو كان تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد التخلص من الحرام لا بأس به، بل و لا يحرم الأكل و الشرب أيضا من ذلك الإناء بعد ذلك، بل لا يبعد أن يكون المحرم في الصورة الأولى أيضا نفس التفريغ في إناء آخر بذلك القصد، دون الأكل أو الشرب من ذلك الإناء. فلو كان الصاب منها في إناء آخر شخص و أكل أو


1- و دون البلع و الازدراد.
2- و دون البلع و الازدراد.

ص: 121

شرب منه شخص آخر كان الصاب مرتكبا للحرام بسبب صبه دون الأكل و الشارب بسبب أكله أو شربه. نعم لو كان الصب بأمره و استدعائه لا يبعد أن يكون كلاهما مرتكبا للحرام (1).

[مسألة: 5 الظاهر أن الوضوء من آنية الذهب و الفضة كالوضوء من الانية المغصوبة، يبطل]

مسألة: 5 الظاهر أن الوضوء من آنية الذهب و الفضة كالوضوء من الانية المغصوبة، يبطل ان كان بنحو الرمس، و ان كان بنحو الاغتراف يبطل مع الانحصار و يصح مع عدمه، و قد تقدم.


1- بل الحكم بالحرمة عليهما مبنى على الاحتياط.

ص: 122

[كتاب الصّلاة]

اشارة

كتاب الصّلاة و هي التي تنهى عن الفحشاء و المنكر، و هي عمود الدين ان قبلت قبل ما سواها و ان ردت رد ما سواها.

[فصل: في مقدمات الصلاة]

اشارة

(فصل: في مقدمات الصلاة) و هي ست:

[المقدمة الاولى: في أعداد الفرائض و مواقيت اليومية و نوافلها]
اشارة

المقدمة الاولى: في أعداد الفرائض و مواقيت اليومية و نوافلها

[مسألة: 1 الصلاة واجبة و مندوبة]

مسألة: 1 الصلاة واجبة و مندوبة، فالواجبة خمس: اليومية و منها الجمعة، و صلاة الآيات، و الطواف الواجب، و الأموات، و ما التزمه المكلف بنذر أو إجارة أو غيرهما.

و المندوبة أكثر من أن تحصى:

منها: الرواتب اليومية، و هي ثمان ركعات للظهر قبله، و ثمان للعصر قبله أيضا، و أربع للمغرب بعده، و ركعتان من جلوس بعد العشاء تعدان بركعة تسمى بالوتيرة و يمتد وقتها بامتداد وقتها، و ركعتان للفجر قبل الفريضة و وقتها الفجر الأول و يمتد الى ان يبقى من طلوع الحمرة مقدار أداء الفريضة و يجوز دسها في صلاة الليل قبل الفجر و لو عند نصف الليل، و إحدى عشرة ركعة نافلة الليل صلاة الليل ثمان ركعات ثم ركعتا الشفع ثم ركعة الوتر و هي مع الشفع أفضل من صلاة الليل و ركعتا الفجر أفضل منهما، و يجوز الاقتصار على الشفع و الوتر، بل على الوتر خاصة. و وقت صلاة الليل نصف الليل الى الفجر الصادق، و السحر أفضل من غيره، و الثلث الأخير من الليل كله

ص: 123

سحر، و أفضله القريب من الفجر. فعدد النوافل بعد عد الوتيرة بركعة أربع و ثلاثون ركعة ضعف عدد الفرائض، و تسقط في السفر الموجب للقصر ثمانية الظهر و ثمانية العصر، و تثبت البواقي حتى الوتيرة على الأقوى (1).

[مسألة: 2 الأقوى ثبوت صلاة الغفيلة و ليست من الرواتب]

مسألة: 2 الأقوى ثبوت صلاة الغفيلة و ليست (2) من الرواتب، و هي ركعتان بين العشاءين يقرأ في الأولى بعد الحمد «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ»، و في الثانية بعد الحمد «وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ»، فإذا فرغ من القراءة رفع يديه و قال «اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا، اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آل محمد عليه و عليهم السلام لما قضيتها لي» و سأل اللّٰه حاجته أعطاه اللّٰه عز و جل ما سأله إن شاء اللّٰه.

[مسألة: 3 يجوز إتيان النوافل و الرواتب و غيرها جالسا حتى في حال الاختيار]

مسألة: 3 يجوز إتيان النوافل و الرواتب و غيرها جالسا حتى في حال الاختيار، لكن الأولى حينئذ عد كل ركعتين بركعة حتى في الوتر، فيأتي بها مرتين كل مرة ركعة.

[مسألة: 4 وقت نافلة الظهر من الزوال الى الذراع أي سبعي الشاخص]

مسألة: 4 وقت نافلة الظهر من الزوال الى الذراع أي سبعي الشاخص، و العصر الى الذراعين أي أربعة أسباعه، فإذا وصل الى هذا الحد يقدم الفريضة (3).


1- القوة ممنوعة و لا بأس بإتيانها رجاء.
2- لكن يجوز إتيان نافلة المغرب بهذه الكيفية، و لا يبعد اجزاؤها عنهما، بل الأحوط ذلك و ان كان الأقوى جواز الإتيان بها مستقلا.
3- و الأقوى امتداد وقتهما الى وقت أجزاء الفريضتين، و ان كان الاولى بعد الذراع تقديم الظهر و بعد الذراعين تقديم العصر و الإتيان بالنافلتين بعد الفريضتين، و مع ذلك الأحوط بعد الذراع و الذراعين عدم نية الأداء و القضاء في النافلتين. ثم الحكم بدخول وقت نافلة العصرين أول الزوال مشكل، بل لا يخلو من بعد فيما يختص بالظهر، فمن نسي الظهر و أتى بنافلة العصر في الوقت المختص بالظهر لم يحكم بصحتها على الأحوط.

ص: 124

[مسألة: 5 لا إشكال في جواز تقديم نافلتي الظهر و العصر على الزوال في يوم الجمعة]

مسألة: 5 لا إشكال في جواز تقديم نافلتي الظهر و العصر على الزوال في يوم الجمعة، بل يزاد على عددهما أربع ركعات فتصير عشرين ركعة، و أما في غير يوم الجمعة فالأقوى جواز تقديمهما أيضا، خصوصا إذا علم بعدم التمكن من إتيانهما فيما بعد، و ان كان فيه خلاف الفضل، و كذا يجوز تقديم نافلة الليل على النصف للمسافر و الشاب الذي يخاف من فوتها في وقتها، بل و كل ذي عذر كالشيخ و خائف البرد أو الاحتلام، و ينبغي لهم نية التعجيل لا الأداء.

[مسألة: 6 وقت الظهرين من الزوال الى المغرب]

مسألة: 6 وقت الظهرين من الزوال الى المغرب، و يختص الظهر بأوله مقدار أدائها بحسب حاله و العصر بآخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما. و من المغرب الى نصف الليل وقت العشاءين للمختار، و يختص المغرب بأوله بمقدار أدائها و العشاء بآخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما، و يمتد وقتهما الى طلوع الفجر للمضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها، و يختص العشاء من آخره بمقدار أدائها، و لا يبعد امتداد وقتهما اليه للعامد أيضا، فلا يكون صلاته بعد نصف الليل قضاءا و ان اثم بالتأخير منه، و لكن الأحوط الإتيان بعده بقصد ما في الذمة من الأداء و القضاء، و ما بين طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس وقت الصبح.

و وقت فضيلة الظهر من الزوال الى بلوغ الظل الحادث مثل الشاخص، كما أن منتهى فضيلة العصر المثلان. و مبدأ فضيلته (1) إذا بلغ الظل أربعة أقدام أي أربعة أسباع الشاخص، و وقت فضيلة المغرب من المغرب الى ذهاب الشفق، و هو أول فضيلة العشاء الى ثلث الليل، فلها وقتا أجزاء قبل ذهاب الشفق و بعد الثلث الى النصف، و وقت فضيلة الصبح من أوله إلى حدوث الحمرة المشرقية.

[مسألة: 7 المراد باختصاص الوقت]

مسألة: 7 المراد باختصاص الوقت عدم صحة الشريكة فيه مع عدم أداء


1- لا يبعد أن يكون مبدأ فضيلته من الزوال بعد ما يختص بالظهر.

ص: 125

صاحبتها بوجه صحيح، فلا مانع من إتيان غير الشريكة كصلاة القضاء من ذلك اليوم أو غيره فيه، و كذا لا مانع من إتيان الشريكة فيه إذا حصل فراغ الذمة من صاحبة الوقت، فإذا قدم العصر سهوا على الظهر و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات يصح إتيان الظهر في ذلك الوقت أداء، و كذا لو صلى الظهر قبل الزوال بظن دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها لا مانع من إتيان العصر بعد الفراغ منها و لا يجب التأخير إلى مضي مقدار أربع ركعات.

[مسألة: 8 لو قدم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمدا بطل ما قدمه]

مسألة: 8 لو قدم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمدا بطل ما قدمه، سواء كان في الوقت المختص بالأولى أو في الوقت المشترك، و إذا قدم سهوا و تذكر بعد الفراغ صح ما قدمه (1) و يأتي بالأولى بعده، و ان تذكر في الأثناء عدل بنيته إلى السابقة إلا إذا لم يبق محل العدول، كما إذا قدم العشاء و تذكر بعد ركوع الرابعة، فيتم (2) بنية اللاحقة و يأتي بعدها بالسابقة.

[مسألة: 9 إذا بقي للحاضر مقدار خمس ركعات الى الغروب و للمسافر ثلاث أو أكثر]

مسألة: 9 إذا بقي للحاضر مقدار خمس ركعات الى الغروب و للمسافر ثلاث أو أكثر قدم الظهر و ان وقع بعض العصر في خارج الوقت، و إذا بقي للحاضر أربع أو أقل و للمسافر ركعتان أو أقل صلى العصر، و إذا بقي للحاضر الى نصف الليل خمس ركعات أو أكثر و للمسافر أربع ركعات أو أكثر قدم المغرب ثم العشاء، و إذا بقي للمسافر إليه أقل من أربع ركعات قدم العشاء، و يجب المبادرة إلى إتيان المغرب بعده إذا بقي بعده مقدار ركعة أو أزيد.

[مسألة: 10 يجوز العدول من اللاحقة إلى السابقة]

مسألة: 10 يجوز العدول من اللاحقة إلى السابقة بخلاف العكس، فلو دخل في الظهر أو المغرب فتبين في الأثناء أنه صلاهما لا يجوز له العدول إلى اللاحقة، بخلاف ما إذا دخل في الثانية بتخيل أنه صلى الاولى فتبين في الأثناء خلافه فإنه يعدل إلى الأولى إذا بقي محل العدول كما تقدم.


1- في الوقت المشترك دون المختص و كذا ان تذكر في الأثناء.
2- على الأحوط و الأقوى بطلانها فيأتي بها بعد الاولى مطلقا سواء أتمها احتياطا أولا.

ص: 126

[مسألة: 11 إذا كان مسافرا و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات فنوى الظهر مثلا]

مسألة: 11 إذا كان مسافرا و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات فنوى الظهر مثلا ثم نوى الإقامة في الأثناء بطلت صلاته، و لا يجوز له العدول إلى اللاحقة فيقطعها و يشرع فيها، و إذا كان في الفرض ناويا للإقامة فشرع في اللاحقة ثم عدل عن نية الإقامة فالظاهر أنه يعدل إلى الأولى فيأتي بها ثم يأتي باللاحقة.

[مسألة: 12 يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار مع رجاء زوالها في آخر الوقت]

مسألة: 12 يجب تأخير (1) الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار مع رجاء زوالها في آخر الوقت، إلا في التيمم فإنه يجوز فيه البدار الا مع العلم بارتفاع (2) العذر في آخره، و قد مر في بابه.

[مسألة: 13 الأقوى جواز التطوع في وقت الفريضة ما لم تتضيق]

مسألة: 13 الأقوى جواز التطوع في وقت الفريضة ما لم تتضيق، و كذا لمن عليه قضاء الفريضة.

[مسألة: 14 إذا تيقن بدخول الوقت فصلى أو عول على الظن المعتبر كشهادة العدلين أو أذان الثقة]

مسألة: 14 إذا تيقن بدخول الوقت فصلى أو عول على الظن المعتبر كشهادة العدلين أو أذان الثقة (3)، فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت، و ان وقع بعضها في الوقت و لو قليلا منها صحت.

[مسألة: 15 إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله ثم حصل أحد الأعذار]

مسألة: 15 إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله (4) ثم حصل أحد الأعذار كالجنون و الحيض وجب عليه القضاء و الا لم يجب، و إذا ارتفع العذر في آخر الوقت فان وسع الصلاتين وجبتا و ان وسع الواحدة اتى بها، و ان بقي مقدار ركعة أتى بالثانية، و ان زاد على الثانية بمقدار ركعة وجبتا معا.

[مسألة: 16 يعتبر لغير ذي العذر العلم بدخول الوقت حين الشروع في الصلاة]

مسألة: 16 يعتبر لغير ذي العذر العلم بدخول الوقت حين الشروع في الصلاة، و يقوم مقامه شهادة العدلين على الأقوى، و لا يكفي الأذان لو كان المؤذن عدلا (5) عارفا بالوقت على الأحوط، و ان كان الاكتفاء بأذان العدل بل الثقة العارف


1- في إطلاقه إشكال لكنه أحوط.
2- على الأحوط.
3- العارف.
4- الأحوط في غير الحائض و النفساء القضاء ان أدرك بمقدار التكليف الاضطراري بلحاظ ضيق الوقت سواء كان أول الوقت أو آخره.
5- لا يبعد كفاية أذان العارف الثقة إذا كان شديد المحافظة على الوقت.

ص: 127

بالوقت لا يخلو عن قوة. و أما ذو العذر ففي مثل الغيم و نحوه من الأعذار العامة يجوز له التعويل على الظن به، و أما ذو العذر الخاص كالأعمى و المحبوس فلا يترك الاحتياط بالتأخير الى أن يحصل له العلم بدخول الوقت.

[المقدمة الثانية: في القبلة]
اشارة

المقدمة الثانية: في القبلة

[مسألة: 1 يجب الاستقبال مع الإمكان في الفرائض اليومية و غيرها من الفرائض حتى صلاة الجنائز]

مسألة: 1 يجب الاستقبال مع الإمكان في الفرائض اليومية و غيرها من الفرائض حتى صلاة الجنائز، و في النافلة إذا صليت في الأرض في حال الاستقرار، أما لو صليت حال المشي و الركوب و في السفينة فلا يعتبر فيها الاستقبال.

[مسألة: 2 يعتبر العلم بالتوجه إلى القبلة حال الصلاة]

مسألة: 2 يعتبر العلم (1) بالتوجه إلى القبلة حال الصلاة، و مع تعذر العلم يبذل تمام جهده و يعمل على ظنه، و مع تعذر الظن يكتفي بالجهة العرفية (2)، و مع تساوي الجهات صلى إلى أربع جهات ان وسع الوقت و الا فبقدر ما وسع (3)، و لو علم عدمها في بعض الجهات سقط اعتبارها و صلى الى المحتملات الأخر، و يعول على قبلة بلد المسلمين في صلاتهم و قبورهم و محاريبهم إذا لم يعلم بناءها على الغلط.

[مسألة: 3 المتحير الذي يجب عليه الصلاة الى أزيد من جهة واحدة لو كان عليه صلاتان كالظهرين]

مسألة: 3 المتحير الذي يجب عليه الصلاة الى أزيد من جهة واحدة لو كان عليه صلاتان كالظهرين، فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الاولى، كما أن الأحوط ان يتمم جهات (4) الاولى ثم يشرع في الثانية.

[مسألة: 4 من صلى إلى جهة قطع أو ظن بها في مقام الاكتفاء بالظن ثم تبين خطأه]

مسألة: 4 من صلى إلى جهة قطع أو ظن بها في مقام الاكتفاء بالظن ثم تبين خطأه، فان كان منحرفا عنها الى ما بين اليمين و الشمال صحت صلاته، و ان كان في أثنائها مضى ما تقدم منها و استقام في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه،


1- و الأقوى اعتبار شهادة العدلين فيها إذا كان مستندا الى الحس.
2- ان لم يتجاوز ربع الدائرة و الا فعليه التكرار.
3- و الأحوط القضاء أيضا بعد العلم.
4- و الأقوى ان له أيضا ان يأتي بالصلاتين متعاقبتين في كل جهة.

ص: 128

و ان تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال أعاد في الوقت (1) دون خارجه و ان بان أنه مستدبر، الا ان الأحوط القضاء مع الاستدبار بل مطلقا، و كذا إذا كان في الأثناء

[المقدمة الثالثة: في الستر و الساتر]
اشارة

المقدمة الثالثة: في الستر و الساتر

[مسألة: 1 يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة و توابعها]

مسألة: 1 يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة و توابعها و النافلة دون صلاة الجنازة، و ان كان الأحوط فيها ذلك أيضا، و يجب ستر العورة في الطواف أيضا.

[مسألة: 2 لو بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت خارجة من أول الأمر و هو لا يعلم بها فالصلاة صحيحة]

مسألة: 2 لو بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت خارجة من أول الأمر و هو لا يعلم بها فالصلاة صحيحة لكن يبادر الى الستر ان علم في الأثناء، و الأحوط الإتمام (2) ثم الاستيناف، و كذا لو نسي سترها من أول الأمر أو بعد التكشف في الأثناء.

[مسألة: 3 عورة الرجل في الصلاة عورته في النظر]

مسألة: 3 عورة الرجل في الصلاة عورته في النظر، و هي الدبر و القضيب و الأنثيان، و الأحوط ستر الشبح الذي يرى من خلف الثوب من غير تميز للونه.

و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتى الرأس و الشعر، ما عدا الوجه الذي يجب غسله في الوضوء و اليدين الى الزندين و القدمين الى الساقين، و يجب عليها ستر شي ء من أطراف هذه المستثنيات مقدمة.

[مسألة: 4 يجب على المرأة ستر رقبتها و تحت ذقنها حتى المقدار الذي يرى منه عند اختمارها]

مسألة: 4 يجب على المرأة ستر رقبتها و تحت ذقنها حتى المقدار الذي يرى منه عند اختمارها على الأحوط.

[مسألة: 5 الأمة و الصبية كالحرة و البالغة، الا انه لا يجب عليهما ستر الرأس]

مسألة: 5 الأمة و الصبية كالحرة و البالغة، الا انه لا يجب عليهما ستر الرأس و الشعر و العنق.

[مسألة: 6 لا يجب التستر من جهة التحت]

مسألة: 6 لا يجب التستر من جهة التحت. نعم لو وقف على طرف سطح أو شباك بحيث ترى عورته لو كان هناك ناظر فالأحوط بل الأقوى التستر من جهة التحت أيضا و ان لم يكن ناظر من تحت (3).


1- ان كان مخطئا في اجتهاده، اما إذا كان ناسيا أو غافلا أو جاهلا فالأحوط الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه و كذلك في الأثناء.
2- لا يترك إذا احتاج الى زمان و لو غير معتد به.
3- بشرط ان يكون معرضا لوجود الناظر دون ما لم يكن كشباك البئر.

ص: 129

[مسألة: 7 الستر عن النظر يحصل بكل ما يمنع عن النظر]

مسألة: 7 الستر عن النظر يحصل بكل ما يمنع عن النظر و لو باليد أو الطلي بالطين أو الولوج في الماء، حتى أن الدبر يكفي في ستره الأليتان، و أما الستر الصلاتي فلا يكفي فيه ذلك و لو في حال الاضطرار، نعم لا يبعد كفاية الطلي (1) بالطين حال الاضطرار، و ان كان الأحوط خلافه، فمع الاضطرار و إمكانه يجمع بين صلاة فاقد الساتر و واجده، و أما الستر بالورق و الحشيش و كذا القطن و الصوف الغير المنسوجين فالأقوى جوازه على كل حال.

[مسألة: 8 يعتبر في الساتر بل مطلق لباس المصلي أمور]

مسألة: 8 يعتبر في الساتر بل مطلق لباس المصلي أمور:

«الأول»- الطهارة إلا في ما لا تتم الصلاة فيه منفردا كما تقدم.

«الثاني»- الإباحة، فلا يجوز في المغصوب مع العلم بالغصبية، فلو لم يعلم بها صحت صلاته (2) و كذا الناسي (3).

[مسألة: 9 لا فرق في الغصب بين أن يكون عينه مال الغير أو منفعته أو يكون متعلقا لحق الغير]

مسألة: 9 لا فرق في الغصب بين أن يكون عينه مال الغير أو منفعته أو يكون متعلقا لحق الغير كالمرهون، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلق به الخمس أو الزكاة مع عدم أدائهما من مال آخر حكمه حكم المغصوب.

[مسألة: 10 إذا صبغ الثوب بصبغ مغصوب أو خيط بخيط مغصوب ففي جريان حكم المغصوب عليه اشكال]

مسألة: 10 إذا صبغ الثوب بصبغ مغصوب أو خيط بخيط مغصوب ففي جريان حكم المغصوب عليه اشكال، فلا يترك الاحتياط خصوصا في الثاني. نعم لا اشكال فيما إذا أجير الصباغ أو الخياط على عمله و لم يعط أجرته مع كون الصبغ و الخيط من مالك الثوب، و كذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو أزيل وسخه بصابون مغصوب أو أجبر الغاسل على غسله و لم يعط أجرته.

«الثالث»- أن يكون مذكى مأكول اللحم، فلا تجوز الصلاة في جلد غير مذكى و لا في غير جلده من أجزائه التي تحلها الحياة، و لو كان طاهرا من جهة عدم


1- مشكل فلا يترك الاحتياط المذكور في المتن.
2- ان كان معذورا كالجاهل بالموضوع أو بالحكم عن قصور، و أما المقصر فالأقوى فيه البطلان.
3- ان لم يكن هو الغاصب و الا فالأحوط إعادة الصلاة.

ص: 130

كونه ذا نفس سائلة كالسمك (1). و يجوز فيما لا تحله الحياة من اجزائه كالصوف و الشعر و الوبر و نحوها، و أما غير مأكول اللحم فلا يجوز الصلاة في شي ء منه و ان ذكي، من غير فرق بين أجزائه التي تحلها الحياة و غيرها، بل يجب ازالة الفضلات الطاهرة منه كالرطوبة و الشعرات الملتصقة بلباس المصلي و بدنه. نعم لو شك في اللباس أو فيما على اللباس من الرطوبة و نحوها في أنها من المأكول أو من غيره أو من الحيوان أو غيره صحت الصلاة فيه، بخلاف ما إذا شك فيما تحله الحياة من الحيوان أنه مذكى أو ميتة فإنه لا يصلي فيه حتى يحرز التذكية. نعم ما يؤخذ من يد المسلم أو من سوق المسلمين مع عدم العلم بسبق يد الكافر عليه أو سبق يده مع احتمال أن المسلم الذي بيده قد تفحص عن حاله محكوم بالتذكية (2) فيجوز الصلاة فيه.

[مسألة: 11 لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممتزج]

مسألة: 11 لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممتزج، و أجزاء مثل البق و البرغوث و الزنبور و نحوها مما لا لحم لها، و كذلك الصدف.

[مسألة: 12 استثني مما لا يؤكل الخز و السنجاب]

مسألة: 12 استثني مما لا يؤكل الخز و السنجاب (3) الا أن الذي يسمونه الان بالخز لم يعلم أنه الخز، و مع ذلك لا بأس بالصلاة فيه لمن اشتبه حاله بعد ما جوزنا الصلاة في المشتبه، و ان كان الأحوط شديدا الاجتناب عنه.

[مسألة: 13 لا بأس بفضلات الإنسان كشعره و ريقه و لبنه]

مسألة: 13 لا بأس بفضلات الإنسان كشعره و ريقه و لبنه، سوءا كان لنفسه أو لغيره، فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر و صحت الصلاة فيه (4) سواء كان من الرجل أو المرأة.

«الرابع»- ان لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة و غيرها و لو كان حليا كالخاتم و نحوه.

[مسألة: 14 لا بأس بشد الأسنان بالذهب، بل و لا تركيبها به في الصلاة و غيرها]

مسألة: 14 لا بأس بشد الأسنان بالذهب، بل و لا تركيبها به في الصلاة و غيرها.


1- على الأحوط.
2- و قد مر التفصيل فيه فراجع.
3- لا يترك الاحتياط في السنجاب.
4- لا يترك الاحتياط في الساتر من شعر الإنسان ان لم يكن له ساتر غيره.

ص: 131

نعم في مثل الثنايا مما كان ظاهرا (1) و قصد به التزين لا يخلو من اشكال، فالأحوط الاجتناب. و كذا لا بأس بكون قاب الساعة من الذهب و استصحابها في الصلاة. نعم إذا كان زنجير الساعة من الذهب و علقه على رقبته أو علق رأسه بلباسه يشكل الصلاة معه، بخلاف ما إذا كان غير معلق، و ان كان معه في جيبه فلا بأس به.

«الخامس»- ان لا يكون حريرا محضا للرجال، بل لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضا و ان كان مما لا تتم فيه الصلاة منفردا كالتكة و القلنسوة و نحوهما على الأحوط، و المراد به ما يشمل القز، و يجوز للنساء و لو في الصلاة، و للرجال في الضرورة و في الحرب.

[مسألة: 15 الذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس بالافتراش و الركوب عليه]

مسألة: 15 الذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس بالافتراش و الركوب عليه و التدثر (2) به، و لا بزرّ الثياب و أعلامها و السفائف و القياطين الموضوعة عليها، كما لا بأس بعصابة الجروح و القروح و حفيظة المسلوس و غير ذلك، بل و لا بأس بأن يرقع الثوب به و لا الكف به إذا لم يكونا بمقدار يصدق معه لبس الحرير، و ان كان الأحوط في الكف أن لا يزيد على مقدار أربع أصابع مضمومة، بل الأحوط ملاحظة التقدير المزبور في الرقاع أيضا.

[مسألة: 16 قد عرفت أن المحرم لبس الحرير المحض]

مسألة: 16 قد عرفت أن المحرم لبس الحرير المحض، أي الخالص الذي لم يمتزج بغيره، فلا بأس بالممتزج. و المدار على صدق مسمى الامتزاج الذي به يخرج عن المحوضة و لو كان الخليط بقدر العشر. و يشترط في الخليط من جهة صحة الصلاة فيه كونه من جنس ما يصح الصلاة فيه، فلا يكفى مزجه بصوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه و ان كان كافيا في رفع حرمة اللبس. نعم الثوب المنسوج من الإبريسم المفتول بالذهب يحرم لبسه كما لا يصح الصلاة فيه.

[مسألة: 17 لبس لباس الشهرة]

مسألة: 17 لبس لباس الشهرة و ان كان حراما و كذا ما يختص بالنساء للرجال


1- لا يترك الاحتياط في الفرض و لو مع عدم قصد الزينة.
2- على نحو لا يصدق عليه اللبس.

ص: 132

و بالعكس على الأحوط، لكن لا يضر لبسها بالصلاة.

[مسألة: 18 لو شك في أن اللباس أو الخاتم ذهب أو غيره يجوز لبسه و الصلاة فيه]

مسألة: 18 لو شك في أن اللباس أو الخاتم ذهب أو غيره يجوز لبسه و الصلاة فيه، و كذلك الحال فيما شك أنه من الحرير أو غيره. و من هذا القبيل اللباس المتعارف في زماننا المسمى بالشعري لمن لم يعرف حقيقته، و لو شك في أنه حرير محض أو ممتزج فالأحوط الاجتناب عنه (1).

[مسألة: 19 لا بأس بلبس الصبي الحرير]

مسألة: 19 لا بأس بلبس الصبي الحرير، فلا يحرم (2) على الولي إلباسه و لا يجب عليه نزعه منه، و لكن لا تصح صلاته فيه.

[مسألة: 20 إذا لم يجد المصلي ساترا حتى الورق و الحشيش]

مسألة: 20 إذا لم يجد المصلي ساترا حتى الورق و الحشيش، فان وجد ما يستر به عورته حتى الطين أو الماء الكدر أو حفرة يلج فيها و يتستر بها صلى صلاة (3) المختار، و ان لم يجد ذلك فان لم يكن ناظر فالأحوط (4) تكرار الصلاة، بأن يصلي صلاة المختار تارة و قائما مؤميا للركوع و السجود و أخرى واضعا يديه على قبله في حال القيام على الأحوط، و ان لم يأمن من النظر صلى جالسا منحنيا (5) للركوع و السجود بمقدار لا يبدو عورته.

[مسألة: 21 يجب تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر]

مسألة: 21 يجب تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت.


1- و ان كان الأقوى عدم وجوبه.
2- بل الأحوط للولي و غيره من سائر المكلفين ترك إلباسه و ترك التسبيب له الا في الصغار الذين لا ميز لهم في اللباس، و أما صحة صلاة المميز فيه ففيها اشكال، و الأحوط عدم الصحة.
3- في خصوص الحفرة، و أما غيرها مما ذكر فالأقوى اتحاد حكمه مع العاري، و الأحوط الجمع بين وظيفتي المختار و العاري.
4- و الأقوى الاجتزاء بالثاني.
5- بل يومى برأسه مع عدم التمكن من الركوع و السجود بحيث لا تبدو عورته، و الا فهما المتعينان، و لا يبعد التمكن للجالس خصوصا في الركوع.

ص: 133

[المقدمة الرابعة: المكان]
اشارة

المقدمة الرابعة: المكان

[مسألة: 1 كل مكان يجوز الصلاة فيه الا المغصوب عينا أو منفعة]

مسألة: 1 كل مكان يجوز الصلاة فيه الا المغصوب عينا أو منفعة، و في حكم الغصب ما تعلق به حق الغير كالرهن، و حق الميت إذا أوصى بالثلث و لم يخرج بعد، بل ما تعلق به حق السبق، بأن سبق شخص الى مكان من المسجد أو غيره للصلاة فيه و لم يعرض عنه على الأحوط (1) لو لم يكن الأقوى. و انما يبطل الصلاة في المغصوب إذا كان عالما بالغصبية و كان مختارا، من غير فرق بين الفريضة و النافلة، أما الجاهل (2) بالغصبية و المضطر و المحبوس بباطل و الناسي فصلاتهم و الحالة هذه صحيحة، و صلاة المضطر كصلاة غيره بقيام و ركوع و سجود.

[مسألة: 2 الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز الصلاة فيها]

مسألة: 2 الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز الصلاة فيها و يرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي، و كذا في الأرض المشتركة إلا بإذن جميع الشركاء.

[مسألة: 3 لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب]

مسألة: 3 لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب، و في الخيمة المغصوبة و الصهوة و الدار التي وقع غصب في بعض سؤرها إذا كان ما يقع فيه الصلاة مباحا، و ان كان الأحوط الاجتناب في الجميع.

[مسألة: 4 إذا اشترى دارا بعين المال الذي تعلق به الخمس أو الزكاة يشكل الصلاة فيها]

مسألة: 4 إذا اشترى دارا بعين المال الذي تعلق به الخمس أو الزكاة يشكل الصلاة فيها (3) إلا إذا جعل الحق في ذمته بوجه شرعي و لو بالمصالحة مع المجتهد، و كذا يشكل تصرفات الورثة من الصلاة و غيرها في تركة مورثهم إذا كان عليه حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس قبل أداء ما عليه من الحقوق، و كذا يشكل تصرفاتهم حتى الصلاة في تركة الميت إذا كان عليه دين مستغرق للتركة، بل و غير المستغرق الا مع رضى الديان أو كون الورثة بانين على الأداء غير متسامحين.


1- بل الأقوى.
2- بالموضوع أو الحكم قاصرا دون المقصر كما مر.
3- بل الأقوى البطلان في غير الغافل و الجاهل المعذورين.

ص: 134

[مسألة: 5 المدار في جواز التصرف و الصلاة في ملك الغير على إحراز رضائه و طيب نفسه]

مسألة: 5 المدار في جواز التصرف و الصلاة في ملك الغير على إحراز رضائه و طيب نفسه و ان لم يأذن صريحا، بأن علم ذلك بالقرائن و شاهد الحال و ظواهر تكشف عن رضاه كشفا اطمئنانيا لا يعتنى باحتمال الخلاف، و ذلك كالمضائف المفتوحة الأبواب و الحمامات و الخانات و نحو ذلك.

[مسألة: 6 يجوز الصلاة في الأراضي المتسعة كالصحاري و المزارع و البساتين التي لم يبن عليها الحيطان]

مسألة: 6 يجوز الصلاة في الأراضي المتسعة كالصحاري و المزارع و البساتين التي لم يبن عليها الحيطان، بل و سائر التصرفات اليسيرة مما جرت عليه السيرة كالاستطراقات العادية غير المضرة و الجلوس و النوم فيها و غير ذلك، و لا يجب التفحص عن ملاكها، من غير فرق بين كونهم كاملين أو قاصرين كالصغار و المجانين. نعم مع ظهور الكراهة و المنع عن ملاكها- و لو بوضع ما يمنع المارة عن الدخول فيها- يشكل جميع ما ذكر و أشباهها.

[مسألة: 7 المراد بالمكان الذي تبطل الصلاة بغصبه ما استقر عليه المصلي]

مسألة: 7 المراد بالمكان الذي تبطل الصلاة بغصبه ما استقر عليه المصلي و لو بوسائط، أو ما شغله من الفضاء في قيامه و ركوعه و سجوده و نحوها، فقد يجتمعان و قد يفترقان، ففي الصلاة في الأرض المغصوبة اجتمع الغصب من جهة المقر مع الغصب من جهة الفضاء، و على الجناح المباح الخارج الى الفضاء غير المباح تحقق الغصب من جهة الفضاء دون المقر، و على الفراش المغصوب المطروح على أرض مباح تحقق من جهة المقر دون الفضاء.

[مسألة: 8 الأقوى صحة صلاة كل من الرجل و المرأة مع المحاذاة أو تقدم المرأة]

مسألة: 8 الأقوى صحة صلاة كل من الرجل و المرأة مع المحاذاة أو تقدم المرأة لكن على كراهية بالنسبة إليهما مع تقارنهما في الشروع في الصلاة و بالنسبة إلى المتأخر منهما مع اختلافهما، و الأحوط لهما ترك ذلك و لو فعلا، فالأحوط إعادتهما للصلاة مع التقارن و اعادة المتأخر منهما مع الاختلاف. و لا فرق في الحكم المذكور كراهة أو حرمة بين المحارم و غيرهم، و بين كونهما بالغين أو غير بالغين أو مختلفين، بل يعم الحكم الزوج و الزوجة أيضا. و ترتفع الكراهة أو الحرمة بوجود الحائل، و بالبعد بينهما عشرة أذرع بذراع اليد، و بتأخر المرأة. و الأحوط في الحائل كونه

ص: 135

بحيث يمنع المشاهدة، كما أن الأحوط في التأخر كون مسجدها وراء موقفه، و ان لم يبعد كفاية مطلقهما.

[مسألة: 9 الأحوط أن لا يتقدم في الصلاة على قبر المعصوم]

مسألة: 9 الأحوط أن لا يتقدم في الصلاة على قبر المعصوم، بل و لا يساويه أيضا، و يرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التقدم و المحاذاة و يخرج عن صدق وحدة المكان، و كذا بالحائل الرافع لسوء الأدب. و الظاهر أنه ليس منه الشباك و الصندوق الشريف و ثوبه.

[مسألة: 10 لا تعتبر الطهارة في مكان المصلي إلا مع تعدي النجاسة الى الثوب أو البدن]

مسألة: 10 لا تعتبر الطهارة في مكان المصلي إلا مع تعدي النجاسة الى الثوب أو البدن. نعم تعتبر في خصوص مسجد الجبهة كما مر. و يعتبر فيه أيضا مع الاختيار كونه أرضا أو نباتا أو قرطاسا (1)، و أفضل الثلاثة التربة الحسينية التي تخرق الحجب السبع و تنور إلى الأرضين السبع، و لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن كالذهب و الفضة و القير و نحو ذلك، و كذا ما خرج عن اسم النبات كالرماد. و في جواز السجود على الخزف و الآجر و النورة و الجص المطبوخين و كذا الفحم تأمل و اشكال. نعم يجوز على الجص قبل الطبخ و طين الأرمني و حجر الرحى، بل و بعض أصناف المرمر. و يعتبر في جواز السجود على النبات أن يكون من غير المأكول و الملبوس، فلا يجوز السجود على ما في أيدي الناس من المآكل و الملابس كالمخبوز و المطبوخ و الحبوب المعتاد أكلها من الحنطة و الشعير و نحوهما و الفواكه و البقول المأكولة و الثمرة المأكولة و لو قبل وصولها الى زمان الأكل.

نعم لا بأس بالسجود على قشورها و نواها بعد انفصالهما عنها دون المتصل بها، كما انه لا بأس بغير المأكول منها كالحنظل و الخرنوب و نحوهما، و كذا لا بأس بالتبن و القصيل و نحوهما. و لا يمنع شرب التتن من جواز السجود عليه، و في جواز السجود على نخالة الحنطة و الشعير اشكال، فلا يترك الاحتياط، و كذا على قشر البطيخ و الرقي.


1- إذا كان متخذا مما يجوز السجود عليه، و في غيره فالأحوط تركه.

ص: 136

نعم لا يبعد الجواز في قشر الأرز (1) و الرمان بعد الانفصال.

و الكلام في الملبوس كالكلام في المأكول، فلا يجوز على القطن و الكتان و لو قبل وصولهما استعداد الغزل. نعم لا بأس بالسجود على خشبهما و غيره كالورق و الخوص و نحوهما مما لم يكن معدا لاتخاذ الملابس المعتادة منها، فلا بأس حينئذ بالسجود على القبقاب و الثوب المنسوج من الخوص مثلا فضلا عن البوريا و الحصير و المروحة و نحوها، و الأحوط ترك السجود على القنب، و كذا على القرطاس المتخذ من غير النبات (2) كالمتخذ من الحرير و الإبريسم.

[مسألة: 11 يعتبر فيما يسجد عليه مع الاختيار كونه بحيث يمكن تمكين الجبهة عليه]

مسألة: 11 يعتبر فيما يسجد عليه مع الاختيار كونه بحيث يمكن تمكين الجبهة عليه، فلا يجوز على الوحل غير المتماسك، بل و لا على التراب الذي لا يتمكن الجبهة عليه، و مع إمكان التمكين على الطين لا بأس بالسجود عليه و ان لصق بجبهته، لكن يجب إزالته للسجدة الثانية، و لو لم يكن عنده الا الطين غير المتماسك سجد عليه بالوضع من غير اعتماد.

[مسألة: 12 إذا كان في الأرض ذات الطين و الوحل بحيث لو جلس للسجود و التشهد يتلطخ به بدنه و ثيابه]

مسألة: 12 إذا كان في الأرض ذات الطين و الوحل بحيث لو جلس للسجود و التشهد يتلطخ به بدنه و ثيابه و لم يكن له مكان آخر جاز له الصلاة قائما مؤميا للسجود و يتشهد قائما، لكن الأحوط (3) مع عدم الحرج الشديد الجلوس لهما و ان تلطخ بدنه و ثيابه.

[مسألة: 13 إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه أو كان و لم يتمكن من السجود عليه]

مسألة: 13 إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه أو كان و لم يتمكن من السجود عليه لحر أو برد أو تقية أو غيرها سجد على ثوب القطن أو الكتان، و ان لم يكن سجد على ظهر كفه، و ان لم يتمكن فعلى المعادن.

[مسألة: 14 إذا فقد ما يصح السجود عليه في أثناء الصلاة قطعها في سعة الوقت]

مسألة: 14 إذا فقد ما يصح السجود عليه في أثناء الصلاة قطعها في سعة الوقت، و في الضيق يسجد على ثوبه القطن أو الكتان، ثم على ظهر الكف، ثم


1- و الأحوط ترك السجدة على قشر المأكولات و نواها.
2- قد مر الاشكال فيه فلا يترك الاحتياط.
3- لا يترك

ص: 137

على المعادن على الترتيب.

[مسألة: 15 يعتبر في المكان الذي يصلى فيه الفريضة أن يكون قارا غير مضطرب]

مسألة: 15 يعتبر في المكان الذي يصلى فيه الفريضة أن يكون قارا غير مضطرب، فلو صلى اختيارا في سفينة أو على سرير أو بيدر، فان فات الاستقرار المعتبر في الفريضة بطلت صلاته، و ان حصل الاستقرار بحيث يصدق عليه أنه مستقر مطمئن صحت صلاته، و ان كانت في سفينة سائرة و شبهها كالكاري و الشمندفر و نحوهما لكن يجب المحافظة على بقية ما يجب في الصلاة من الاستقبال و نحوه. هذا كله مع الاختيار، اما مع الاضطرار فلا بأس، فيصلي ماشيا و على الدابة و في السفينة غير المستقرة، لكن مع مراعاة الاستقبال بما أمكنه من صلاته، و ينحرف إلى القبلة كل ما انحرفت الدابة أو السفينة، فان لم يتمكن من الاستقبال إلا في تكبيرة الإحرام اقتصر على ذلك، و ان لم يتمكن من الاستقبال أصلا سقط لكن يجب عليه تحري الأقرب إلى القبلة فالأقرب، و كذا بالنسبة الى غير الاستقبال مما هو واجب في الصلاة فإنه يأتي بما يتمكن منه أو بدله، و يسقط ما تقتضي الضرورة سقوطه.

[مسألة: 16 يستحب الصلاة في المساجد]

مسألة: 16 يستحب الصلاة في المساجد، بل يكره عدم حضورها بغير عذر كالمطر، خصوصا لجار المسجد، حتى ورد في الخبر «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد». و أفضلها مسجد الحرام، فإن الصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد النبي صلى اللّٰه عليه و آله تعدل الصلاة فيه عشرة آلاف، ثم مسجد الكوفة و الأقصى الصلاة فيهما تعدل ألف صلاة، ثم المسجد الجامع و فيه تعدل مائة صلاة، ثم مسجد القبيلة و فيه تعدل خمسا و عشرين، ثم مسجد السوق و فيه تعدل اثنى عشر.

و الأفضل للنساء الصلاة في بيوتهن، و الأفضل بيت المخدع. و كذا يستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السلام، خصوصا مشهد علي عليه السلام و حائر الحسين عليه السلام.

[مسألة: 17 يكره تعطيل المسجد]

مسألة: 17 يكره تعطيل المسجد، فإنه أحد الثلاثة الذين يشكون الى اللّٰه عز و جل يوم القيامة، و الآخران عالم بين جهال و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار

ص: 138

لا يقرأ فيه، و من مشى الى مسجد من مساجد اللّٰه فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع الى منزله عشر حسنات و محي عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات.

[مسألة: 18 من المستحبات الأكيدة بناء المسجد]

مسألة: 18 من المستحبات الأكيدة بناء المسجد، و فيه أجر عظيم و ثواب جسيم، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله «من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه اللّٰه لكل شبر منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب و فضة و لؤلؤ و زبرجد».

[مسألة: 19 المشهور اعتبار إجراء صيغة الوقف في صيرورة الأرض مسجدا]

مسألة: 19 المشهور اعتبار إجراء صيغة الوقف في صيرورة الأرض مسجدا، بأن يقول «وقفتها مسجدا قربة الى اللّٰه تعالى»، لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجدا مع صلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فيجري عليه حكم المسجدية و ان لم تجر الصيغة.

[مسألة: 20 تكره الصلاة في الحمام حتى المسلخ منه]

مسألة: 20 تكره الصلاة في الحمام حتى المسلخ منه، و في المزبلة و المجزرة و المكان المتخذ للكنيف و لو سطحا متخذا مبالا و بيت المسكر، و في أعطان الإبل، و في مرابط الخيل و البغال و الحمير و البقر و مرابض الغنم، و في الطرق ان لم تضر بالمارة و الا حرمت، و في قرى النمل، و في مجاري المياه و ان لم يتوقع جريانها فيها فعلا، و في الأرض السبخة، و في كل أرض نزل فيها عذاب، و على الثلج، و في معابد النيران، بل كل بيت أعد لإضرام النار فيه، و على القبر أو الى القبر أو بين القبور.

و ترتفع الكراهة في الأخير و سابقه بالحائل و ببعد عشرة أذرع، و لا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمة عليهم السلام و لا على يمينها و شمالها، و ان كان الاولى الصلاة عند الرأس على وجه لا يساوي (1) الامام. و كذا تكره و بين يديه نار مضرمة أو سراج أو تمثال ذي الروح، و تزول في الأخير بالتغطية. و تكره و بين يديه مصحف أو كتاب مفتوح أو كان مقابله باب مفتوح أو حائط ينز من بالوعة يبال فيها، و ترتفع بستره.


1- بل الأحوط كما مر منه قدس سره.

ص: 139

[المقدمة الخامسة: في الأذان و الإقامة]
اشارة

المقدمة الخامسة: في الأذان و الإقامة

[مسألة: 1 الأذان و الإقامة لا إشكال في تأكد رجحانهما للصلوات الخمس أداء و قضاءا]

مسألة: 1 الأذان و الإقامة لا إشكال في تأكد رجحانهما للصلوات الخمس أداء و قضاءا حضرا و سفرا في الصحة و المرض للجامع و المنفرد للرجال و النساء، حتى قال بعض بوجوبهما، و خصه بعض بالصبح و المغرب، و بعضهم بالجماعة، و الأقوى استحباب الأذان مطلقا (1)، و أما الإقامة فلا يترك الاحتياط في الإتيان بها بالنسبة إلى الرجال في كل من الصلوات الخمس.

[مسألة: 2 يسقط الأذان في العصر و العشاء إذا جمع بينهما و بين الظهر و المغرب]

مسألة: 2 يسقط الأذان في العصر و العشاء إذا جمع بينهما و بين الظهر و المغرب، من غير فرق بين موارد استحباب الجمع مثل عصر يوم الجمعة و عصر يوم عرفة و عشاء ليلة العيد في المزدلفة، حيث انه يستحب الجمع بين الصلاتين في هذه المواضع الثلاثة و بين غيرها. و يتحقق التفريق المقابل للجمع بطول الزمان بين الصلاتين، و بفعل النافلة الموظفة بينهما على الأقوى، فباتيان نافلة العصر بين الظهرين و نافلة المغرب بين العشاءين يتحقق التفريق الموجب لعدم سقوط الأذان.

و الأقوى أن سقوط الأذان في موارد الجمع (2) عزيمة، بمعنى عدم المشروعية، فيحرم إتيانه بقصدها خصوصا في عصر يوم الجمعة إذا جمعت مع الظهر أو الجمعة.

[مسألة: 3 يسقط الأذان مع الإقامة في مواضع]

مسألة: 3 يسقط الأذان مع الإقامة في مواضع (3):

منها: للداخل في الجماعة التي أذنوا و أقاموا لها، و ان لم يسعهما و لم يكن حاضرا حينهما و كان مسبوقا.

و منها: من صلي في مسجد (4) فيه جماعة لم تتفرق، سواء قصد الإتيان إليها


1- و كذا الإقامة لكن لا ينبغي تركهما خصوصا الإقامة لما ورد فيها من الحث و الترغيب.
2- بل الأقوى انه رخصة. نعم لا يترك الاحتياط في المستحاضة التي وظيفتها الجمع بين الظهرين و العشاءين، و كذا في المسلوس.
3- و مشروعيتهما حينئذ لا تخلو من اشكال.
4- و الظاهر أن سقوطهما فيه على وجه الرخصة لا العزيمة.

ص: 140

أم لا، و سواء صلى جماعة إماما أو مأموما أو منفردا، فلو تفرقت بمعنى سيلانها في الأزقة أو أعرضوا عن الصلاة و تعقيبها و ان بقوا في مكانهم لم يسقطا عنه، كما انهما لا يسقطان لو كانت الجماعة السابقة بغير أذان و اقامة، و لو كان تركهم لهما من جهة اكتفائهم بالسماع من الغير، و كذا فيما إذا كانت باطلة من جهة فسق الامام مع علم المأمومين به أو من جهة أخرى، و كذا مع اتحاد مكان الصلاتين عرفا، بأن إحداهما داخل المسجد مثلا و الأخرى على سطحه، أو بعدت إحداهما عن الأخرى كثيرا. و هل يختص الحكم بالمسجد أو يجري في غيره أيضا؟ محل اشكال، و كذا لا اشكال فيما إذا لم يكن صلاته مع صلاة الجماعة أدائيتين، بأن كانت إحداهما أو كلتاهما قضائية عن النفس أو الغير على وجه التبرع أو الإجارة. و كذا فيما إذا لم تشتركا في الوقت، كما إذا كانت الجماعة السابقة عصرا و هو يريد أن يصلي المغرب، و الأحوط الإتيان بهما في موارد الاشكال بعنوان الرجاء و احتمال المطلوبية.

[المقدمة السادسة: إحضار القلب في الصلاة]
اشارة

المقدمة السادسة: إحضار القلب في الصلاة

[مسألة: 1 ينبغي للمصلي إحضار قلبه في تمام الصلاة في أقوالها و أفعالها]

مسألة: 1 ينبغي للمصلي إحضار قلبه في تمام الصلاة في أقوالها و أفعالها، فإنه لا يحسب للعبد من صلاته الا ما أقبل عليه. و معنى الإقبال الالتفات التام إلى الصلاة و الى ما يقول فيها، و التوجه الكامل نحو حضرة المعبود جل جلاله، و استشعار عظمته و جلال هيبته، و تفريغ قلبه عما عداه، فيرى نفسه متمثلا بين يدي ملك الملوك عظيم العظماء مخاطبا له مناجيا إياه، فإذا استشعر الى ذلك و وقع في قلبه هيبته يهابه ثم يرى نفسه مقصرا في أداء حقه فيخافه ثم يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة بين الخوف و الرجاء. و هذا صفة الكاملين، و لها درجات شتى و مراتب لا تحصى على حسب درجات المتعبدين.

و ينبغي له الخضوع و الخشوع و السكينة و الوقار و الزي الحسن و الطيب و السواك قبل الدخول فيها و التمشيط، و ينبغي أن يصلي صلاة مودع فيجدد التوبة

ص: 141

و الإنابة و الاستغفار، و أن يقوم بين يدي ربه قيام العبد الذليل بين يدي مولاه، و ان يكون صادقا في مقالته «إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ»، لا يقول هذا القول و هو عابد لهواه و مستعين بغير مولاه. و ينبغي له أيضا ان يبذل جهده في التحذر عن موانع القبول من العجب و الحسد و الكبر و الغيبة و حبس الزكاة و سائر الحقوق الواجبة، فإن ذلك كله من موانع قبول الصلاة.

[فصل: في أفعال الصلاة]

اشارة

(فصل: في أفعال الصلاة) و هي: واجبة، و مسنونة.

[و الواجب أحد عشر]
اشارة

و الواجب أحد عشر: النية، و تكبيرة الإحرام، و القيام، و الركوع، و السجود، و القراءة، و الذكر، و التشهد، و التسليم، و الترتيب، و الموالاة.

و الخمسة الأولى أركان، بمعنى أنه تبطل الصلاة بزيادتها أو نقصانها عمدا و سهوا، لكن لا يتصور الزيادة في النية بناء على الداعي و بناء على الاخطار غير قادحة، و باقي الواجبات لا تبطل الصلاة بزيادتها أو نقصانها الا مع العمد دون السهو (1).

[القول في النية]
اشارة

القول في النية:

[مسألة: 1 النية عبارة عن قصد الفعل قربة الى اللّٰه تعالى و امتثالا لأمره]

مسألة: 1 النية عبارة عن قصد الفعل قربة الى اللّٰه تعالى و امتثالا لأمره، و ذلك اما لانه أهل للعبادة و هو أعلاها، أو جزاء لشكر نعمته، أو طلبا لرضاه، أو خوفا من سخطه، أو رجاء لثوابه و هذا أدناها. و لا يجب في النية اللفظ لأنها أمر قلبي، كما لا يجب فيها الاخطار و هو الحديث الفكري و التصور القلبي، بأن يرتب في فكره و خزانة خياله مثلا آتي بالصلاة الفلانية التي هي ذات أفعال و أقوال لغرض الامتثال شكرا للّٰه، بل يكفي الداعي، و هو الإرادة الإجمالية المؤثرة في صدور الفعل المنبعثة عما في نفسه من الغايات على وجه يخرج به عن الساهي و الغافل، و يدخل


1- نقصان الترتيب و الموالاة سهوا قد يورث البطلان، و يأتي في محله أيضا إن شاء اللّٰه تعالى.

ص: 142

فعله في فعل الفاعل المختار كسائر أفعاله الإرادية و الاختيارية، و يكون الباعث و المحرك للعمل الامتثال.

[مسألة: 2 يعتبر الإخلاص في النية]

مسألة: 2 يعتبر الإخلاص في النية، فمتى ضم إليها ما ينافيه بطل، خصوصا الرياء فإنه إذا دخل في النية على أي حال يكون مفسدا، سواء كان في الابتداء أو في الأثناء في الاجزاء الواجبة (1)، و أما المندوبة ففي كون الرياء فيها مبطلا للعمل تأمل و اشكال، و كذلك في الأوصاف ككون الصلاة في المسجد (2) أو جماعة و نحو ذلك.

و يحرم الرياء المتأخر و ان لم يكن مبطلا، كما لو أخبر بما فعله من طاعة رغبة في الأغراض الدنيوية من المدح و الثناء و الجاه و المال.

[فائدة]

(فائدة) روي عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال «المرائي يوم القيامة ينادي بأربعة أسماء يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر ضل سعيك و بطل أجرك و لا خلاق لك التمس الأجر ممن كنت تعمل له يا مخادع». و عنه صلى اللّٰه عليه و آله انه قال «ان اللّٰه يعطي الدنيا بعمل الآخرة و لا يعطي الآخرة بعمل الدنيا، فإذا أنت أخلصت النية و جردت الهمة للآخرة حصلت لك الدنيا و الآخرة».

[مسألة: 3 غير الرياء من الضمائم المباحة أو الراجحة ان كانت مقصودة تبعا]

مسألة: 3 غير الرياء من الضمائم المباحة أو الراجحة ان كانت مقصودة تبعا و كان الداعي و الغرض الأصلي امتثال الأمر الصلاتي فلا اشكال (3)، و ان كان بالعكس بطلت بلا اشكال. و كذا إذا كان كل منهما جزءا للداعي، بحيث لو لم ينضم كل منهما إلى الأخر لم يكن باعثا و محركا للعمل، و اما إذا كان كل منهما داعيا مستقلا فالأقوى الصحة في الراجحة، بل لا يبعد في المباحة، و ان كان الأحوط الإعادة.


1- لو اكتفى به، لكن الأحوط في مثل الحمد و السورة و بعض الآيات منهما و التشهد و أمثالها التدارك ثم الإتمام و الإعادة، و في مثل القنوت و الأذكار المستحبة الأحوط إتمام الصلاة ثم الإعادة سواء تدارك الجزء أم لا.
2- و الأقوى فيهما أيضا البطلان.
3- بل الأحوط عدم الصحة إذا كانت الضميمة مؤثرة و لو تبعا فضلا عما إذا كان كل منهما مستقلا.

ص: 143

[مسألة: 4 إذا رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير لم يبطل]

مسألة: 4 إذا رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير لم يبطل (1) بعد ما كان أصل إتيانهما بقصد الامتثال، و كذلك لو أوقع صلاته في مكان أو زمان خاص لغرض من الأغراض المباحة، بحيث يكون أصل الإتيان بداعي الامتثال و كان الداعي على اختيار ذلك المكان أو الزمان ذلك الغرض كالبرودة (2) و نحوها.

[مسألة: 5 يجب تعيين نوع الصلاة التي يأتي بها في القصد و لو إجمالا]

مسألة: 5 يجب تعيين نوع الصلاة التي يأتي بها في القصد و لو إجمالا، بأن ينوي مثلا ما اشتغلت به ذمته إذا كان متحدا أو ما اشتغلت به ذمته أولا من الصلاتين أو ثانيا إذا كان متعددا.

[مسألة: 6 لا يجب قصد الأداء و القضاء بعد قصد العنوان الذي يتصف بصفتي القضاء و الأداء]

مسألة: 6 لا يجب قصد الأداء و القضاء بعد قصد العنوان الذي يتصف بصفتي القضاء و الأداء كالظهرية و العصرية مثلا و لو على نحو الإجمال، فلو نوى الإتيان بصلاة الظهر الواجبة عليه فعلا و لم يشتغل ذمته بالقضاء يكفي. نعم لو اشتغلت ذمته بالقضاء أيضا لا يكفي ذلك، بل لا بد منه تعيين ما يأتي به و انه فرض لذلك اليوم أو غيره، و لو كان من قصده امتثال الأمر المتعلق به فعلا و تخيل ان الوقت باق فهو أمر أدائي فبان انقضاء الوقت و انه كان قضائيا صحت صلاته و وقعت قضاءا.

[مسألة: 7 لا يجب نية القصر و الإتمام في موضع تعينهما]

مسألة: 7 لا يجب نية القصر و الإتمام في موضع تعينهما، بل و في أماكن التخيير أيضا، فلو شرع في صلاة الظهر مثلا مع الترديد و البناء على انه بعد التشهد الأول اما يسلم على الركعتين أو يلحق بهما الأخيرتين صحت، بل لو عين أحدهما في النية لم يلتزم به على الأظهر و كان له العدول إلى الأخر، بل ربما يقال يتعين عليه ذلك فيما لو نوى القصر فشك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين، فإنه يعدل الى التمام و يعالج صلاته عن الفساد، و ان كان في تعيين ذلك عليه بل في كون العلاج مجديا نظر و اشكال، و الأحوط العدول (3) و العلاج ثم اعادة الصلاة.


1- هذا في القراءة الجهرية مشكل فلا يترك الاحتياط.
2- إذا كانت الضميمة مؤثرة في الخصوصية دون العمل الخالص و الا فالصحة مشكلة.
3- لا يترك هذا الاحتياط.

ص: 144

[مسألة: 8 لا يجب قصد الوجوب و الندب، بل يكفي قصد القربة المطلقة]

مسألة: 8 لا يجب قصد الوجوب و الندب، بل يكفي قصد القربة المطلقة، و ان كان الأحوط قصدهما.

[مسألة: 9 لا يجب حين النية تصور الصلاة تفصيلا بل يكفي الإجمال]

مسألة: 9 لا يجب حين النية تصور الصلاة تفصيلا بل يكفي الإجمال.

[مسألة: 10 لو نوى في أثناء الصلاة قطعها أو الإتيان بالقاطع]

مسألة: 10 لو نوى في أثناء الصلاة قطعها أو الإتيان بالقاطع، فإن أتم صلاته على تلك الحال بطلت، و كذا لو أتى ببعض الاجزاء ثم عاد إلى النية الاولى و اكتفى بما أتى (1) به، و أما لو عاد إلى النية الأولى قبل أن يأتي بشي ء لم يبطل، و ان كان الأحوط الإتمام ثم الإعادة.

[مسألة: 11 لو شك فيما بيده انه عينها ظهرا أو عصرا و يدري انه لم يأت بالظهر قبل ذلك]

مسألة: 11 لو شك فيما بيده انه عينها ظهرا أو عصرا و يدري انه لم يأت بالظهر قبل ذلك ينويها ظهرا (2)، و أما ان أتى بالظهر قبل ذلك يرفع اليد عنها و يستأنف العصر. نعم لو رأى نفسه في صلاة العصر و شك في أنه من أول الأمر نواها أو نوى الظهر بنى على أنه من أول (3) الأمر نواها.

[مسألة: 12 يجوز العدول من صلاة إلى أخرى في مواضع]

مسألة: 12 يجوز العدول من صلاة إلى أخرى في مواضع:

منها: في الصلاتين المؤداتين المرتبتين كالظهرين و العشاءين إذا دخل في الثانية قبل الاولى سهوا أو نسيانا، فإنه يجب أن يعدل إليها إذا تذكر في الأثناء و لم يتجاوز محل العدول، بخلاف ما إذا تذكر بعد الفراغ أو بعد تجاوز محل العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء فتذكر ترك المغرب فلا عدول، بل يصح اللاحقة (4) فيأتي بعد بالسابقة. و بحكم الصلاتين المؤداتين الصلاتان المقضيتان


1- الأحوط بعد العود التدارك ثم الإتمام ثم الإعادة إلا إذا كان ما أتى به من الاجزاء فعلا كثيرا فإنه مبطل قطعا.
2- في الوقت المشترك، و في الوقت المختص بالظهر يرفع اليد عنها و يستأنف الظهر، و في المختص بالعصر يرفع اليد عنها و يستأنف العصر ان أدرك و لو ركعة منه و الا فالأحوط إتمامها عصرا ثم يقضيهما أو يقضي العصر ان علم انه اتى بالظهر.
3- مشكل و الأحوط إلحاقها بالصورة الاولى.
4- ان تذكر بعد الفراغ من اللاحقة، و ان تذكر في أثنائها بعد تجاوز محل العدول فالأقوى بطلانها، و الأحوط إتمامها ثم الإتيان بالصلاتين مرتبا و كذا في القضاءين المرتبين.

ص: 145

المرتبتان، كما إذا فات الظهران أو العشاءان من يوم واحد فشرع في قضائهما مقدما للثانية على الاولى فتذكر في الأثناء عدل إليها إذا بقي محله.

و منها: إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه قضاءا، فإنه يستحب أن يعدل اليه مع بقاء المحل.

و منها: العدول من الفريضة إلى النافلة، و ذلك في موضعين: أحدهما في ظهر يوم الجمعة لمن نسي قراءة سورة الجمعة و قرأ سورة أخرى و بلغ النصف أو تجاوزه، ثانيهما فيما إذا كان متشاغلا بالصلاة و أقيمت الجماعة و خاف السبق فيجوز له العدول إلى النافلة و إتمامها ركعتين ليلحق بها.

[مسألة: 13 لا يجوز العدول من النفل الى الفرض و لا من النفل الى النفل]

مسألة: 13 لا يجوز العدول من النفل الى الفرض و لا من النفل الى النفل حتى فيما كان منه كالفرائض في التوقيت و السبق و اللحوق، و كذا لا يجوز العدول من الفائتة إلى الحاضرة، فلو دخل في فائتة ثم ذكر في أثنائها أن الحاضرة قد ضاق وقتها قطعها و شرع في الحاضرة، و لا يجوز العدول عنها إليها. و كذا لا يجوز العدول في الحاضرتين المرتبتين من السابقة إلى اللاحقة، بخلاف العكس كما مر، فلو دخل في الظهر بتخيل عدم إتيانها فبان في الأثناء إتيانها لم يجز له العدول الى العصر، و إذا عدل في موضع لا يجوز العدول بطلتا معا (1).

[مسألة: 14 إذا دخل في ركعتين من صلاة الليل مثلا بقصد الركعتين الثانيتين فتبين انه لم يصل الأولتين]

مسألة: 14 إذا دخل في ركعتين من صلاة الليل مثلا بقصد الركعتين الثانيتين فتبين انه لم يصل الأولتين صحت و حسبت له الأولتان قهرا، و ليس هذا من باب العدول و لا يحتاج اليه، حيث أن الأولية و الثانوية لا يعتبر فيهما القصد، بل المدار على ما هو الواقع.


1- إلا إذا عدل من اللاحقة إلى السابقة بزعم عدم إتيانها و تذكر إتيانها قبل الإتيان بشي ء بقصد السابقة فالأقوى الصحة فيتمها بقصد ما شرع فيه.

ص: 146

[القول في تكبيرة الإحرام]
اشارة

القول في تكبيرة الإحرام:

و تسمى تكبيرة الافتتاح أيضا، و صورتها «اللّٰه أكبر» من غير تغيير، و لا يجزي مرادفها من العربية و لا ترجمتها بغير العربية، و هي ركن كما عرفت تبطل الصلاة بنقصانها عمدا و سهوا و كذا بزيادتها، فإذا كبر للافتتاح ثم زاد ثانية للافتتاح أيضا عمدا أو سهوا بطلت الصلاة و احتاج الى ثالثة، فإن أبطلها برابعة احتاج الى خامسة و هكذا.

و يجب فيها القيام التام، فلو تركه عمدا أو سهوا بطلت، بل لا بد من تقديمه عليها مقدمة، من غير فرق في ذلك بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعا و غيره، بل ينبغي التربص في الجملة حتى يعلم وقوع التكبير تاما قائما، و الأحوط كون الاستقرار في القيام كالقيام في البطلان (1) بتركه حال التكبير عمدا و سهوا.

[مسألة: 1 الظاهر جواز وصلها بما قبلها من الدعاء]

مسألة: 1 الظاهر جواز وصلها بما قبلها من الدعاء، فيحذف الهمزة من «اللّٰه»، و كذا وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة فيظهر اعراب راء «أكبر»، و لكن الأحوط عدم الوصل خصوصا في الأول (2)، كما أن الأحوط تفخيم اللام من «اللّٰه» و الراء من «أكبر»، و ان كان الأقوى جواز تركه.

[مسألة: 2 يستحب زيادة ست تكبيرات على تكبيرة الإحرام قبلها أو بعدها أو بالتوزيع]

مسألة: 2 يستحب زيادة ست تكبيرات على تكبيرة الإحرام قبلها أو بعدها أو بالتوزيع، و الأحوط الأول، فيجعل الافتتاح الأخيرة. و الأفضل أن يأتي بالثلاث ولاء ثم يقول «اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، ثم يأتي باثنتين و يقول «لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهدي من هديت لا ملجأ منك إلا إليك سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت»، ثم يأتي باثنتين و يقول «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ عالم الغيب و الشهادة حَنِيفاً مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ


1- الأحوط في ترك الاستقرار سهوا الإتمام ثم الإعادة.
2- لا يترك الاحتياط فيه.

ص: 147

الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و انا من المسلمين» ثم يشرع في الاستعاذة و سورة الحمد.

[مسألة: 3 يستحب للإمام الجهر بتكبيرة الإحرام]

مسألة: 3 يستحب للإمام الجهر بتكبيرة الإحرام بحيث يسمع من خلفه و الاسرار بالست الباقية.

[مسألة: 4 يستحب رفع اليدين عند التكبير إلى الأذنين أو الى حيال وجهه]

مسألة: 4 يستحب رفع اليدين عند التكبير إلى الأذنين أو الى حيال وجهه، مبتدأ بالتكبير بابتداء الرفع و منتهيا بانتهائه، و الاولى أن لا يتجاوز الأذنين، و أن يضم أصابع الكفين، و الاستقبال بباطنهما القبلة.

[مسألة: 5 إذا كبر ثم شك في كونه تكبيرة الإحرام أو الركوع بنى على الأول]

مسألة: 5 إذا كبر ثم شك في كونه تكبيرة الإحرام أو الركوع بنى على الأول.

[القول في القيام]
اشارة

القول في القيام:

[مسألة: 1 القيام ركن في تكبيرة الإحرام التي تقارنها النية]

مسألة: 1 القيام ركن في تكبيرة الإحرام التي تقارنها النية، و في الركوع و هو الذي يقع الركوع عنه، و هو المعبر عنه بالقيام المتصل بالركوع، فمن أخل به في هاتين الصورتين عمدا أو سهوا- بأن كبر للافتتاح و هو جالس أو سها و صلى ركعة تامة من جلوس أو ذكر حال الركوع و قام منحنيا بركوعه أو ذكر قبل تمام الركوع و قام متقوسا و غير منتصب و لو ساهيا- بطلت صلاته. و القيام في غير هاتين الصورتين واجب ليس بركن لا تبطل الصلاة بنقصانه الا عن عمد دون السهو كالقيام حال القراءة، فمن سها و قرأ جالسا ثم ذكر و قام فصلاته صحيحة (1)، و كذا الزيادة، كما لو قام ساهيا في محل القعود.

[مسألة: 2 يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام و الانتصاب بحسب حال المصلي]

مسألة: 2 يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام و الانتصاب بحسب حال المصلي، فلو انحنى أو مال الى أحد الجانبين بطل، بل الأحوط الأولى نصب العنق، و ان كان الأقوى جواز اطراق الرأس. و لا يجوز الاستناد إلى شي ء حال القيام مع الاختيار. نعم لا بأس به مع الاضطرار، فيستند حينئذ على إنسان أو جدار أو خشبة


1- و الأحوط الأولى استيناف القراءة قائما.

ص: 148

أو غير ذلك، و لا يجوز القعود مستقلا مع التمكن من القيام مستندا.

[مسألة: 3 يعتبر في القيام عدم التفريج الفاحش بين الرجلين بحيث يخرج عن صدق القيام]

مسألة: 3 يعتبر في القيام عدم التفريج الفاحش بين الرجلين بحيث يخرج عن صدق القيام.

[مسألة: 4 لا يجب التسوية بين الرجلين في الاعتماد]

مسألة: 4 لا يجب التسوية بين الرجلين في الاعتماد. نعم الأحوط الوقوف على القدمين لا على قدم واحدة و لا على الأصابع و لا على أصل القدمين.

[مسألة: 5 إذا لم يقدر على القيام أصلا و لو مستندا أو منحنيا أو متفرجا]

مسألة: 5 إذا لم يقدر على القيام أصلا و لو مستندا أو منحنيا أو متفرجا، و بالجملة لم يقدر على جميع أنواع القيام حتى الاضطراري منه بجميع أنحائه صلى من جلوس و كان الانتصاب جالسا كالانتصاب قائما، فلا يجوز فيه الاستناد و التمايل مع التمكن من الاستقلال و الانتصاب، و يجوز مع الاضطرار. و مع تعذر الجلوس أصلا صلى مضطجعا على الجانب الأيمن كالمدفون، فان تعذر منه فعلى الأيسر عكس الأول، فإن تعذر صلى مستلقيا كالمحتضر.

[مسألة: 6 إذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الركوع قائما صلى قائما ثم جلس و ركع جالسا]

مسألة: 6 إذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الركوع قائما صلى قائما ثم جلس و ركع جالسا، و ان لم يتمكن من الركوع و السجود أصلا حتى جالسا صلى قائما و أومى للركوع و السجود، و الأحوط فيما إذا تمكن من الجلوس أن يكون ايماؤه للسجود جالسا، بل الأحوط وضع ما يصح (1) السجود عليه على جبهته إن أمكن.

[مسألة: 7 إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم الى أن يحس من نفسه العجز فيجلس]

مسألة: 7 إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم الى أن يحس من نفسه العجز فيجلس، ثم إذا أحس من نفسه القدرة على القيام قام، و هكذا.

[مسألة: 8 يجب الاستقرار في القيام و غيره من أفعال الفريضة كالركوع و السجود و القعود]

مسألة: 8 يجب الاستقرار في القيام و غيره من أفعال الفريضة كالركوع و السجود و القعود، فمن تعذر عليه الاستقرار و كان متمكنا من الوقوف مضطربا قدمه على القعود مستقرا، و كذا الركوع و الذكر و رفع الرأس، فيأتي بكل منها مضطربا و لا ينتقل الى الجلوس و ان حصل به الاستقرار.


1- بل الأحوط وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه.

ص: 149

[القول في القراءة و الذكر]
اشارة

القول في القراءة و الذكر:

[مسألة: 1 يجب في الركعة الاولى و الثانية من الفرائض قراءة الحمد و سورة كاملة عقيبها]

مسألة: 1 يجب في الركعة الاولى و الثانية من الفرائض قراءة الحمد و سورة كاملة عقيبها، و له ترك السورة في بعض الأحوال، بل قد يجب مع ضيق الوقت و الخوف و نحوهما من أفراد الضرورة. و لو قدمها على الفاتحة عمدا استأنف الصلاة (1)، و لو قدمها سهوا و ذكر قبل الركوع فان لم يكن قرأ الفاتحة بعدها أعادها بعد أن يقرأ الفاتحة، و ان قرأها بعدها أعادها دون الفاتحة.

[مسألة: 2 يجب قراءة الحمد في النوافل كالفرائض، بمعنى كونها شرطا في صحتها]

مسألة: 2 يجب قراءة الحمد في النوافل كالفرائض، بمعنى كونها شرطا في صحتها، و أما السورة فلا يجب في شي ء منها و ان وجبت بالعارض بالنذر و نحوه.

نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور خاصة يعتبر في الإتيان بتلك النافلة تلك السورة، إلا إذا علم أن إتيانها بتلك السورة شرط لكمالها لا لأصل مشروعيتها و صحتها.

[مسألة: 3 الأقوى جواز قراءة أزيد من سورة واحدة في ركعة في الفريضة]

مسألة: 3 الأقوى جواز قراءة أزيد من سورة واحدة في ركعة في الفريضة لكن على كراهية، بخلاف النافلة فلا كراهة فيها، و ان كان الأحوط تركها في الفريضة.

[مسألة: 4 لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال]

مسألة: 4 لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال، فان فعله عامدا بطلت صلاته على اشكال، و ان كان سهوا عدل الى غيرها مع سعة الوقت، و ان ذكر بعد الفراغ منها و قد فات الوقت أتم صلاته. و كذا لا يجوز قراءة احدى سور العزائم (2) في الفريضة على اشكال، و لو قرأها نسيانا الى أن وصل الى آية السجدة أو استمعها و هو في الصلاة فالأحوط أن يومى الى السجدة و هو في الصلاة ثم يسجد بعد الفراغ.

[مسألة: 5 البسملة جزء من كل سورة]

مسألة: 5 البسملة جزء من كل سورة، فيجب قراءتها عدا سورة براءة.

[مسألة: 6 سورتا الفيل و لإيلاف سورة واحدة]

مسألة: 6 سورتا الفيل و لإيلاف سورة واحدة، و كذلك و الضحى و ألم


1- و الأحوط الإتمام بعد تدارك الترتيب ثم الاستيناف.
2- و تبطل الصلاة بقراءة آية السجدة عمدا، و بطلانها بقراءة غيرها من تلك السور محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالإتمام و الإعادة.

ص: 150

نشرح، فلا يجزي واحدة منها، بل لا بد من الجمع مرتبا مع البسملة الواقعة في البين.

[مسألة: 7 يجب تعيين السورة عند الشروع في البسملة]

مسألة: 7 يجب تعيين السورة عند الشروع في البسملة على الأحوط، و لو عين سورة ثم عدل الى غيرها يجب إعادة البسملة للمعدول إليها، و إذا عين سورة عند البسملة ثم نسيها و لم يدر ما عين أعاد البسملة مع تعيين سورة معينة، و لو كان بانيا من أول الصلاة ان يقرأ سورة معينة فنسي و قرأ غيرها أو كانت عادته قراءة سورة فقرأ غيرها كفى و لم يجب إعادة السورة.

[مسألة: 8 يجوز العدول اختيارا من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النصف عدا التوحيد]

مسألة: 8 يجوز العدول اختيارا من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النصف عدا التوحيد و الجحد فإنه لا يجوز العدول منهما الى غيرهما و لا من إحداهما إلى الأخرى بمجرد الشروع. نعم يجوز العدول منهما إلى الجمعة (1) في ظهر يوم الجمعة ما لم يبلغ النصف إذا شرع فيهما نسيانا.

[مسألة: 9 يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر و العصر]

مسألة: 9 يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر و العصر، و يجب على الرجال الجهر بها في الصبح و أوليي المغرب و العشاء، فمن عكس عامدا بطلت صلاته، و يعذر الناسي و الجاهل بالحكم من أصله الغير المتنبه للسؤال، بل لا يعيدان ما وقع منهما من القراءة بعد ارتفاع العذر في الأثناء، أما العالم به في الجملة الا انه جهل محله أو نساه و الجاهل بأصل الحكم المتنبه للسؤال عنه و ما سأل فالأحوط (2) لهما الاستيناف، و ان كان الأقوى الصحة مع حصول نية القربة منهما. و لا جهر على النساء، بل يتخيرن بينه و بين الإخفات مع عدم الأجنبي، أما الإخفات فيجب عليهن فيما يجب على الرجال و يعذرن فيما يعذرون فيه.

[مسألة: 10 يستحب للرجل الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد و السورة]

مسألة: 10 يستحب للرجل الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد و السورة، كما انه يستحب له الجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة.


1- و المنافقين في الجمعة و ظهر الجمعة.
2- فلا يترك الاحتياط في الجاهل الملتفت التارك للسؤال عمدا.

ص: 151

[مسألة: 11 مناط الجهر و الإخفات ظهور جوهر الصوت و عدمه لا سماع من بجانبه و عدمه]

مسألة: 11 مناط الجهر و الإخفات ظهور جوهر الصوت و عدمه لا سماع (1) من بجانبه و عدمه، و لا يجوز الإفراط في الجهر كالصياح، كما أنه لا يجوز في الإخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع.

[مسألة: 12 يجب القراءة الصحيحة]

مسألة: 12 يجب القراءة الصحيحة، فلو صلى و قد أخل عامدا بحرف أو حركة أو تشديد أو نحو ذلك بطلت صلاته، و من لا يحسن الفاتحة أو السورة يجب عليه تعلمهما.

[مسألة: 13 المدار في صحة القراءة على أداء الحروف من مخارجها على نحو يعده أهل اللسان مؤديا للحرف الفلاني دون حرف آخر]

مسألة: 13 المدار في صحة القراءة على أداء الحروف من مخارجها على نحو يعده أهل اللسان مؤديا للحرف الفلاني دون حرف آخر، و مراعاة حركات البنية، و ما له دخل في هيئة الكلمة، و الحركات و السكنات الاعرابية (2) و البنائية على وفق ما ضبطه علماء العربية، و حذف همزة الوصل في الدرج كهمزة أل و همزة «اهدنا»، و إثبات همزة القطع كهمزة «أنعمت». و لا يلزم مراعاة تدقيقات علماء التجويد في تعيين مخارج الحروف، فضلا عما يرجع الى صفاتها من الشدة و الرخاوة و الاستعلاء و الاستفال و التفخيم و الترقيق و غير ذلك، و لا الإدغام الكبير و هو إدراج الحرف المتحرك بعد إسكانه في حرف مماثل له مع كونهما في كلمتين مثل «يَعْلَمُ مٰا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» بإدراج الميم في الميم، أو مقارب له (3) و لو في كلمة واحدة ك «يَرْزُقُكُمْ» و «زُحْزِحَ عَنِ النّٰارِ» بإدراج القاف في الكاف و الحاء في العين، بل و لا بعض أقسام الإدغام الصغير كادراج الساكن الأصلي فيما يقاربه ك «مِنْ رَبِّكَ» بإدراج النون في الراء. نعم الأحوط مراعاة المد اللازم، و هو ما كان حرف المد و سبباه- أعني الهمزة و السكون- في كلمة واحدة، مثل «جاء و سوء و جي ء و دابة و ق و ص»، و كذا ترك الوقف على المتحرك و الوصل مع السكون و إدغام التنوين و النون الساكنة


1- الأحوط اعتبار عدم سماع البعيد في الإخفات و سماع القريب في الجهر كما هو المتعارف فيهما.
2- و التشديد و المد الواجب فيما يتوقف عليه أداء الكلمة صحيحة.
3- الأحوط ترك الإدغام في المقارب.

ص: 152

في حروف «يرملون»، و ان كان المترجح في النظر عدم لزوم شي ء مما ذكر.

[مسألة: 14 الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع]

مسألة: 14 الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع، و ان كان الأقوى عدم وجوبها و كفاية القراءة على النهج العربي و ان خالفهم في حركة بنية أو إعراب.

[مسألة: 15 يجوز قراءة مالك يوم الدين ملك يوم الدين]

مسألة: 15 يجوز قراءة «مٰالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» و «ملك يوم الدين»، و لعل الثاني أرجح، و كذا يجوز في «الصراط» أن يقرأ بالصاد و السين و في «كُفُواً أَحَدٌ» وجوه أربعة بضم الفاء أو سكونه مع الهمزة أو الواو، و الأرجح ان يقرأ بالهمزة مع ضم الفاء، و أدونها بالواو مع إسكان الفاء.

[مسألة: 16 من لا يقدر الا على الملحون أو تبديل بعض الحروف و لا يستطيع ان يتعلم أجزأه ذلك]

مسألة: 16 من لا يقدر الا على الملحون أو تبديل بعض الحروف و لا يستطيع ان يتعلم أجزأه ذلك و لا يجب عليه الايتمام، و ان كان أحوط، بخلاف من كان قادرا على التصحيح و التعلم و لم يتعلم فإنه يجب عليه (1) الايتمام مع الإمكان.

[مسألة: 17 يتخير فيما عدا الركعتين الأوليين من فرائضه بين الذكر و الفاتحة]

مسألة: 17 يتخير فيما عدا الركعتين الأوليين من فرائضه بين الذكر و الفاتحة، و الأفضل الذكر، و صورته «سبحان اللّٰه و الحمد للّٰه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر».

و يجب المحافظة على العربية، و يجزي أن يقول ذلك مرة واحدة، و الأحوط التكرار ثلاثا، فتكون اثني عشر تسبيحة، و الأولى اضافة الاستغفار إليها، و يلزم الإخفات في الذكر و في القراءة حتى البسملة على الأحوط إذا اختار الإتيان بها بدل الذكر، و لا يجب اتفاق الركعتين الأخيرتين في القراءة و الذكر، بل له القراءة في إحداهما و الذكر في الأخرى.

[مسألة: 18 لو قصد التسبيح مثلا فسبق لسانه إلى القراءة]

مسألة: 18 لو قصد التسبيح مثلا فسبق لسانه إلى القراءة فالأحوط عدم الاجتزاء به، أما لو فعل ذلك غافلا من غير قصد إلى أحدهما اجتزأ به (2) و ان كان من عادته خلافه، بل و ان كان عازما من أول الصلاة على غيره، و الأحوط استيناف غيره.


1- على الأحوط ان لم يتعلم حتى ضاق الوقت، و في الوقت الموسع مخير بين الايتمام و التعلم.
2- مع الالتفات الى عنوان الحمد أو التسبيح و قصد القربة.

ص: 153

[مسألة: 19 إذا قرأ الفاتحة بتخيل انه في الأوليين فتبين كونه في الأخيرتين يجتزئ به كالعكس]

مسألة: 19 إذا قرأ الفاتحة بتخيل انه في الأوليين فتبين كونه في الأخيرتين يجتزئ به كالعكس، بأن قرأها بتخيل انه في الأخيرتين فتبين كونه في الأوليين.

[مسألة: 20 الأحوط أن لا يزيد على ثلاث تسبيحات الا بقصد الذكر المطلق]

مسألة: 20 الأحوط أن لا يزيد على ثلاث تسبيحات الا بقصد الذكر المطلق.

[مسألة: 21 يستحب قراءة عم يتساءلون أو هل أتى أو الغاشية أو القيامة]

مسألة: 21 يستحب قراءة عم يتساءلون أو هل أتى أو الغاشية أو القيامة و أشباهها في صلاة الصبح، و قراءة سبح اسم أو و الشمس و نحوهما في الظهر و العشاء، و قراءة إذا جاء نصر اللّٰه و ألهاكم التكاثر في العصر و المغرب، و قرأه سورة الجمعة في الركعة الاولى و المنافقين في الثانية في الظهر و العصر من يوم الجمعة، و كذا في صبح يوم الجمعة، أو يقرأ فيها في الأولى الجمعة و التوحيد في الثانية، و كذا في العشاء في ليلة الجمعة يقرأ في الأولى الجمعة و في الثانية المنافقين و في مغربها الجمعة في الاولى و التوحيد في الثانية، كما انه يستحب في كل صلاة قراءة إنا أنزلناه في الاولى و التوحيد في الثانية.

[مسألة: 22 قد عرفت انه يجب الاستقرار حال القراءة و الأذكار]

مسألة: 22 قد عرفت انه يجب الاستقرار حال القراءة و الأذكار، فلو أراد حالهما التقدم أو التأخر أو الانحناء لغرض من الأغراض يجب أن يسكت حال الحركة، لكن لا يضر مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين، و ان كان الترك أولى. و إذا تحرك حال القراءة قهرا فالأحوط إعادة ما قرأه في تلك الحالة.

[مسألة: 23 إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة يجب إعادتها إذا لم يتجاوز]

مسألة: 23 إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة يجب إعادتها (1) إذا لم يتجاوز، و يجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز، و لو شك ثانيا أو ثالثا لا بأس بتكرارها ما لم يكن عن وسوسة فلا يعتني بالشك.

[القول في الركوع]
اشارة

القول في الركوع:

[مسألة: 1 يجب في كل ركعة من الفرائض اليومية ركوع واحد]

مسألة: 1 يجب في كل ركعة من الفرائض اليومية ركوع واحد، و هو ركن تبطل الصلاة بزيادته و نقصانه عمدا و سهوا، لا في الجماعة للمتابعة. و لا بد فيه من


1- على الأحوط ان كان الشك بعد الفراغ منه لكن الأقوى فيه الصحة.

ص: 154

الانحناء المتعارف بحيث تصل اليد إلى الركبة، و الأحوط وصول الراحة إليها، فلا يكفي مسمى الانحناء.

[مسألة: 2 من لم يتمكن من الانحناء المزبور اعتمد]

مسألة: 2 من لم يتمكن من الانحناء المزبور اعتمد، فان لم يتمكن و لو بالاعتماد اتى بالممكن منه، و لا ينتقل الى الجلوس و ان تمكن من الركوع جالسا.

نعم لو لم يتمكن من الانحناء أصلا انتقل اليه، و الأحوط صلاة أخرى بالإيماء قائما، فان لم يتمكن من الركوع جالسا أجزأ الإيماء حينئذ، فيومئ برأسه قائما، فان لم يتمكن غمض عينيه للركوع و فتحهما للرفع منه. و ركوع الجالس بالانحناء الذي يحصل به مسماه عرفا، و يتحقق بانحنائه بحيث يساوي وجهه ركبتيه، و الأفضل له الزيادة على ذلك بحيث يحاذي مسجده.

[مسألة: 3 يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع]

مسألة: 3 يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى بقصد وضع شي ء على الأرض مثلا لا يكفي في جعله ركوعا، بل لا بد من القيام ثم الانحناء للركوع.

[مسألة: 4 من كان كالراكع خلقة أو لعارض ان تمكن من الانتصاب]

مسألة: 4 من كان كالراكع خلقة أو لعارض ان تمكن من الانتصاب و لو بالاعتماد لتحصيل القيام الواجب ليركع عنه وجب، و ان لم يتمكن من الانتصاب التام فالانتصاب في الجملة و ما هو أقرب الى القيام ليركع عنه، و ان لم يتمكن أصلا وجب أن ينحني أزيد من المقدار الحاصل إذا لم يخرج بذلك عن حد الركوع، و ان لم يتمكن من ذلك- بأن لم يقدر على زيادة الانحناء أو كان انحناؤه بالغا أقصى مراتب الركوع بحيث لو زيد خرج عن حده- نوى الركوع بانحنائه، و الأحوط أن يومي (1) برأسه إليه أيضا.

[مسألة: 5 إذا نسي الركوع فهوى الى السجود و تذكر قبل وضع جبهته على الأرض]

مسألة: 5 إذا نسي الركوع فهوى الى السجود و تذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع الى القيام ثم ركع، و لا يكفي أن يقوم منحنيا الى حد الركوع، و لو


1- ان لم يتمكن من الركوع جالسا و الا فالأحوط تكرار الصلاة، و مع الدوران لا يبعد تقديم الركوع عن جلوس على الإيماء و الغمض و قصد الركوع بانحنائه.

ص: 155

تذكر بعد الدخول في السجدة الأولى أو بعد رفع الرأس منها فالأحوط العود الى الركوع كما مر و إتمام الصلاة ثم إعادتها (1).

[مسألة: 6 لو انحنى بقصد الركوع فلما وصل الى حده نسي و هوى إلى السجود]

مسألة: 6 لو انحنى بقصد الركوع فلما وصل الى حده نسي و هوى إلى السجود، فان تذكر قبل أن يخرج عن حده بقي على تلك الحال مطمئنا و أتى بالذكر، و ان تذكر بعد خروجه عن حده ففي وجوب العود الى حده و الإتيان بالذكر مطمئنا أو العود الى القيام و استيناف الركوع عن قيام، أو القيام (2) بقصد الرفع عن الركوع ثم الهوي إلى السجود، وجوه لا يخلو أولها عن رجحان، لكن الأحوط العود ثم اعادة الصلاة بعد الإتمام.

[مسألة: 7 يجب الذكر في الركوع]

مسألة: 7 يجب الذكر في الركوع، و الأحوط لزوما (3) التسبيح مخيرا بين الثلاث من الصغرى و هي «سبحان اللّٰه» و بين التسبيحة الكبرى التامة المجزية عن التثليث و هي «سبحان ربي العظيم و بحمده»، و الأحوط الأولى اختيار الأخيرة، و أحوط منه تكريرها ثلاثا.

[مسألة: 8 تجب الطمأنينة حال الذكر الواجب]

مسألة: 8 تجب الطمأنينة حال الذكر الواجب، فان تركها عمدا بطلت صلاته بخلاف السهو، و ان كان الأحوط الاستيناف معه أيضا. و لو شرع بالذكر الواجب عامدا قبل الوصول الى حد الراكع أو بعده قبل الطمأنينة أو أتمه حال الرفع قبل الخروج عن اسمه أو بعده لم يجز الذكر المزبور قطعا، فهل تبطل صلاته و ان اتى بذكر جديد؟ الأحوط إتمامها ثم استينافها، بل الأحوط له ذلك في الذكر المندوب أيضا لو جاء به كذلك بقصد الخصوصية، و الا فلا اشكال. و لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، لكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج من مسمى الركوع، و يجب أيضا رفع الرأس منه حتى ينتصب قائما مطمئنا فيه، فلو سجد قبل ذلك عامدا بطلت صلاته.


1- لكن الأقوى عدم وجوب الإعادة بعد ما عاد الى الركوع عن قيام.
2- و هو الأقوى لكن لا يترك الاحتياط.
3- و الأقوى كفاية مطلق الذكر بشرط أن لا يكون أقل من الثلاث الصغريات.

ص: 156

[مسألة: 9 يستحب التكبير للركوع و هو قائم منتصب]

مسألة: 9 يستحب التكبير للركوع و هو قائم منتصب، و الأحوط عدم تركه، و رفع اليدين حال التكبير، و وضع الكفين مفرجات الأصابع على الركبتين حال الركوع، و الأحوط عدم تركه مع الإمكان. و كذا يستحب رد الركبتين الى الخلف و تسوية الظهر و مد العنق و التجنيح بالمرفقين، و ان تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين، و اختيار التسبيحة الكبرى و تكرارها ثلاثا أو خمسا أو سبعا بل أزيد و رفع اليدين للانتصاب من الركوع، و ان يقول بعد الانتصاب «سمع اللّٰه لمن حمده» و ان يكبر للسجود و يرفع يديه له. و يكره ان يطأطئ رأسه حال الركوع، و ان يضم يديه الى جنبيه، و ان يدخل يديه بين ركبتيه.

[القول في السجود]
اشارة

القول في السجود:

[مسألة: 1 يجب في كل ركعة سجدتان]

مسألة: 1 يجب في كل ركعة سجدتان، و هما معا ركن تبطل الصلاة بزيادتهما معا في الركعة الواحدة و نقصانهما كذلك عمدا أو سهوا، فلو أخل بواحدة زيادة أو نقصانا سهوا فلا بطلان. و لا بد فيه من الانحناء و وضع الجبهة على وجه يتحقق به مسماه، و على هذا مدار الركنية و الزيادة العمدية و السهوية. و يعتبر في السجود أمور أخر لا مدخلية لها في ذلك.

منها: السجود على ستة أعضاء الكفين و الركبتين و الإبهامين، و يجب الباطن في الكفين، و الأحوط الاستيعاب العرفي. هذا مع الاختيار، و أما مع الضرورة فيجزي مسمى الباطن، و لو لم يقدر الا على ضم أصابعه إلى كفه و السجود عليها يجتزئ به، و مع تعذر ذلك كله يجزي الظاهر، و مع عدم إمكانه أيضا لكونه مقطوع الكف أو لغير ذلك ينتقل إلى الأقرب فالأقرب من الكف. و الركبتان يجب صدق مسمى السجود على ظاهرهما و ان لم يستوعبه، اما الإبهامان فالأحوط مراعاة طرفيهما، و لا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي صدق السجود على مسماها و يتحقق بمقدار الدرهم، و الأحوط عدم الأنقص، كما ان الأحوط كونه مجتمعا لا متفرقا، و ان كان

ص: 157

الأقوى جوازه، فيجوز على السبحة غير المطبوخة إذا كان مجموع ما وقع عليه الجبهة بمقدار الدرهم، و لا بد من رفع ما يمنع من مباشرتها لمحل السجود من وسخ (1) أو غيره فيها أو فيه حتى لو لصق بجبهته تربة أو تراب أو حصاة و نحوها في السجدة الأولى يجب إزالتها للسجدة الثانية على الأحوط لو لم يكن الأقوى. و المراد بالجبهة هنا ما بين قصاص الشعر و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين طولا و ما بين الجبينين عرضا.

[مسألة: 2 الأحوط الاعتماد على الأعضاء السبعة]

مسألة: 2 الأحوط (2) الاعتماد على الأعضاء السبعة، فلا يجزي مجرد المماسة، و لا يجب مساواتها في الاعتماد، كما لا يضر مشاركة غيرها معها فيه كالذراع مع الكفين و سائر أصابع الرجلين مع الإبهامين.

و منها: وجوب الذكر على نحو ما تقدم في الركوع، الا أن هنا يبدل «العظيم» ب «الأعلى» في التسبيحة التامة الكبرى.

و منها: وجوب الطمأنينة بمقدار الذكر نحو ما سمعته في الركوع.

و منها: وجوب كون المساجد السبعة في محالها الى تمامه (3). نعم لا بأس بتعمد رفع ما عدي الجبهة منها قبل الشروع في الذكر مثلا ثم وضعه حاله فضلا عن السهو، من غير فرق بين كونه لغرض كالحك و نحوه و بدونه.

و منها: وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه من الأرض أو ما ينبت منها غير المأكول و الملبوس على ما مر في مبحث المكان.

و منها: رفع الرأس من السجدة الأولى معتدلا مطمئنا كما سمعته في رفع الرأس من الركوع.

و منها: أن ينحني للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه، فلو ارتفع أحدهما على الأخر لم تصح الصلاة الا أن يكون التفاوت بينهما قدر لبنة موضوعة على سطحها


1- ان كان له جرم بحيث لا يحسب من تغير اللون.
2- و الأقوى عدم وجوب أزيد مما يتوقف عليه صدق السجود.
3- اللازم كونها في محالها حال الذكر فلا بأس برفع غير الجبهة في غير حال الذكر.

ص: 158

الأكبر أو أربع أصابع مضمومات فلا بأس حينئذ، و لا يعتبر التساوي في باقي المساجد لا في بعضها مع بعض و لا بالنسبة إلى الجبهة، فلا يقدح حينئذ ارتفاع مكانها و انخفاضه ما لم يخرج به السجود عن مسماه.

[مسألة: 3 المراد بالموقف الذي يجب عدم التفاوت بينه و بين موضع الجبهة]

مسألة: 3 المراد بالموقف الذي يجب عدم التفاوت بينه و بين موضع الجبهة أزيد عن مقدار لبنة ما وقع عليه اعتماد أسافل البدن في حال السجود و هو الركبتان، فلا يلاحظ (1) الإبهامان و القدمان، فلو تساوى محل ركبتيه مع موضع جبهته و وضع إبهاميه على مكان أخفض من جبهته بأزيد من لبنة بأن ادخل تمام مشط قدمه في ذلك المكان المنخفض لم يكن به بأس، بخلاف العكس بأن كان ركبتاه على مكان أخفض عن محل الجبهة بأزيد من لبنة و وضع الإبهامين على اكمة ساوت محلها.

[مسألة: 4 لو وقعت جبهته على مكان مرتفع أزيد من المقدار المغتفر]

مسألة: 4 لو وقعت جبهته على مكان مرتفع أزيد من المقدار المغتفر، فان كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا جاز رفعها و وضعها ثانيا كما يجوز جرها (2)، و ان كان بمقدار يصدق معه السجدة عرفا فالأحوط الجر إلى الأسفل، و لو لم يمكن الجر فالأحوط الرفع و الوضع ثم اعادة الصلاة (3) بعد إتمامها.

[مسألة: 5 لو وضع جبهته على الممنوع من السجود عليه]

مسألة: 5 لو وضع جبهته على الممنوع من السجود عليه جرها عنه جرا الى ما يجوز السجود عليه، و ليس له رفعها عنه لانه يستلزم زيادة سجدة، اما إذا لم يمكن الا الرفع المستلزم لذلك فالأحوط (4) إتمام صلاته ثم استينافها من رأس. نعم لو كان الالتفات اليه بعد الإتيان بالذكر الواجب أو بعد رفع الرأس من السجود كفاه الإتمام، على اشكال في الأول، فلا يترك الاحتياط بإعادة الذكر، بل إعادة الصلاة أيضا.


1- الأحوط ملاحظتهما أيضا.
2- الأحوط ترك الجر في هذا الفرض.
3- إذا وضع الجبهة في موضع مرتفع عمدا فالظاهر وجوب الاستيناف عليه من دون الإتمام، و في غير العمد لا يبعد عدم وجوب الإعادة و ان كان أحوط، و أحوط منه الإتيان بالذكر في الموضع المرتفع ثم الرفع و الوضع و إتمام الصلاة ثم الإعادة.
4- في غير العامد، و أما فيه فالظاهر بطلان الصلاة بمجرد الوضع عليه إذا صدق عليه السجدة و يجب عليه الاستيناف من دون الإتمام.

ص: 159

[مسألة: 6 من كان بجبهته علة كالدمل ان لم يستوعبها و أمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض]

مسألة: 6 من كان بجبهته علة كالدمل ان لم يستوعبها و أمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض و لو بحفر حفيرة و جعل الدمل فيها وجب، و ان استوعبها أو لم يمكن وضع الموضع السليم منها عليها و لو بحفر حفيرة سجد على أحد الجبينين و الاولى تقديم الأيمن على الأيسر، و ان تعذر سجد على ذقنه، فان تعذر اقتصر على الانحناء (1) الممكن و سقط عنه الوضع على الأرض من أصله.

[مسألة: 7 إذا ارتفعت الجبهة من الأرض قهرا و عادت إليها قهرا لم يتكرر السجدة]

مسألة: 7 إذا ارتفعت الجبهة من الأرض قهرا و عادت إليها قهرا لم يتكرر السجدة، فإن كان ارتفاعها قبل القرار الذي به يتحقق مسمى السجود يأتي بالذكر (2) وجوبا، و ان كان بعده و قبل الذكر فالأحوط أن يأتي به بنية القربة المطلقة. هذا إذا كان عودها قهرا، بأن لم يقدر على إمساكها بعد ارتفاعها، و أما مع القدرة عليه ففي الصورة الأولى حيث لم يتحقق السجدة بوصول الجبهة يجب أن يأتي بها اما بأن يعود من حيث ارتفع أو يجلس ثم يسجد، و أما في الصورة الثانية يحسب الوضع الأول سجدة فيجلس و يأتي بالأخرى ان كانت الاولى و يكتفي بها ان كانت الثانية.

[مسألة: 8 من عجز عن السجود انحنى بقدر ما يتمكن و رفع المسجد الى جبهته]

مسألة: 8 من عجز عن السجود انحنى بقدر ما يتمكن و رفع المسجد الى جبهته واضعا للجبهة عليه باعتماد، محافظا على ما عرفت وجوبه من الذكر و الطمأنينة و نحوهما، حتى وضع باقي المساجد في محالها، و ان لم يتمكن من الانحناء أصلا أومى إليه بالرأس، فان لم يتمكن فبالعينين (3)، و الأحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكن من وضع الجبهة عليه، بل لا يترك الاحتياط في وضع ما يتمكن منه من المساجد في محله.

[مسألة: 9 يستحب التكبير حال الانتصاب من الركوع للأخذ في السجود]

مسألة: 9 يستحب التكبير حال الانتصاب من الركوع للأخذ في السجود


1- و الأحوط ضم الإيماء بالرأس اليه رجاء.
2- و الأحوط الإتمام ثم الإعادة لعدم تحقق السجدة بالأولى بالفرض و عدم كون الثانية عن اختيار الا بالتمحل.
3- و ان لم يتمكن من جميع ذلك ينوى بقلبه جالسا ان تمكن و الا فقائما، و الأحوط الإشارة باليد ان تمكن.

ص: 160

و للرفع منه، و السبق باليدين إلى الأرض عند الهوي اليه، و استيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه، و الإرغام بمسمى الأنف على مسمى ما يصح السجود عليه، و الأحوط عدم تركه، و تسوية موضع الجبهة مع الموقف بل جميع المساجد، و بسط الكفين مضمومتي الأصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين موجها بهما إلى القبلة، و التجافي حال السجود بمعنى رفع البطن عن الأرض، و التجنيح بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرجا بين عضديه و جنبيه مبعدا يديه عن بدنه جاعلا يديه كالجناحين، و الدعاء بالمأثور قبل الشروع في الذكر و بعد رفع الرأس من السجدة الاولى، و اختيار التسبيحة الكبرى و تكرارها و الختم على الوتر، و الدعاء في السجود أو الأخير بما يريد من حاجات الدنيا و الآخرة و خصوصا طلب الرزق الحلال، بأن يقول «يا خير المسئولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق عيالي من فضلك فإنك ذو الفضل العظيم»، و التورك في الجلوس بين السجدتين، بأن يجلس على فخذه الأيسر جاعلا ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى، و أن يقول بين السجدتين (1) «استغفر اللّٰه ربي و أتوب اليه»، و وضع اليدين حال الجلوس على الفخذين اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى، و الجلوس مطمئنا بعد رفع الرأس من السجدة الثانية قبل أن يقوم، و هو المسمى بجلسة الاستراحة، و الأحوط لزوما عدم تركها، بل وجوبها لا يخلو (2) من قوة، و ان يقول إذا أراد النهوض الى القيام «بحول اللّٰه و قوته أقوم و اقعد»، أو يقول «اللهم بحولك و قوتك أقوم و أقعد»، و أن يعتمد على يديه عند النهوض من غير عجن بهما، أي لا يقبضهما بل يبسطهما على الأرض.


1- و بعدهما كما يأتي منه قدس سره.
2- القوة ممنوعة لكنه أحوط.

ص: 161

[القول في سجدتي التلاوة و الشكر]
اشارة

القول في سجدتي التلاوة و الشكر:

[مسألة: 1 يجب السجود عند تلاوة آيات أربع في السور الأربع]

مسألة: 1 يجب السجود عند تلاوة آيات أربع في السور الأربع: آخر النجم، و العلق، «و لٰا يَسْتَكْبِرُونَ» في الم تنزيل، و «تَعْبُدُونَ» في حم فصلت.

و كذا عند استماعها دون سماعها على الأظهر، و السبب مجموع الآية، فلا يجب بقراءة بعضها و لو لفظ السجدة منها و ان كان أحوط (1). و وجوبها فوري لا يجوز تأخيرها، و لو أخرها و لو عصيانا يجب إتيانها فيما بعد.

[مسألة: 2 يتكرر السجود مع تكرر السبب مع التعاقب و تخلل السجود قطعا]

مسألة: 2 يتكرر السجود مع تكرر السبب مع التعاقب و تخلل السجود قطعا، أما مع عدم التعاقب أو عدم تخلل السجود ففيه تأمل و إشكال (2).

[مسألة: 3 إذا قرأها أو استمعها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثم الوضع]

مسألة: 3 إذا قرأها أو استمعها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثم الوضع، و لا يكفي البقاء بقصده و لا الجر الى مكان آخر، و كذا فيما إذا كان جبهته على الأرض لا بقصد السجدة فسمع أو قرأ آية السجدة.

[مسألة: 4 الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة على المستمع كون المسموع صادرا بعنوان التلاوة و قصد القرآنية]

مسألة: 4 الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة على المستمع كون المسموع صادرا بعنوان التلاوة و قصد القرآنية، فلو تكلم شخص بالاية لا بقصد القرآنية لا يجب السجود بسماعها، و كذا لو سمعها من صبي غير مميز أو من النائم أو من صندوق حبس الصوت، و ان كان الأحوط (3) السجود في الجميع على اختلاف مراتب الاحتياط فيها، بل لا يترك في أولها.

[مسألة: 5 يعتبر في السماع تمييز الحروف و الكلمات]

مسألة: 5 يعتبر في السماع تمييز الحروف و الكلمات، فلا يكفي سماع الهمهمة و ان كان أحوط.

[مسألة: 6 يعتبر في هذا السجود بعد تحقق مسماه النية و إباحة المكان]

مسألة: 6 يعتبر في هذا السجود بعد تحقق مسماه النية و إباحة المكان، و الأحوط وضع المواضع السبعة و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، بل اعتبار عدم


1- خصوصا لفظها.
2- فلا يترك الاحتياط فيهما.
3- لا يترك مع صدق القراءة.

ص: 162

كونه مأكولا و ملبوسا لا يخلو من قوة. و لا يعتبر فيه الاستقبال، و لا الطهارة من الحدث، و لا من الخبث، و لا طهارة موضع الجبهة، و لا ستر العورة فضلا عن صفات الساتر.

[مسألة: 7 ليس في هذا السجود تشهد و لا تسليم]

مسألة: 7 ليس في هذا السجود تشهد و لا تسليم، بل و لا تكبيرة افتتاح.

نعم يستحب التكبير للرفع عنه، و لا يجب فيه الذكر و ان استحب، و يكفي فيه كل ما كان. و الاولى أن يقول «لا إله إلا اللّٰه حقا حقا لا إله إلا اللّٰه ايمانا و تصديقا لا إله إلا اللّٰه عبودية و رقا سجدت لك يا رب تعبدا و رقا لا مستنكفا و لا مستكبرا بل أنا عبد ذليل خائف مستجير».

[مسألة: 8 السجود للّٰه عز و جل في نفسه من أعظم العبادات]

مسألة: 8 السجود للّٰه عز و جل في نفسه من أعظم العبادات بل ما عبد اللّٰه بمثله، و ما من عمل أشد على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنه أمر بالسجود فعصى و هذا أمر بالسجود فأطاع و نجى، و أقرب ما يكون العبد الى اللّٰه و هو ساجد.

و يستحب أكيدا للشكر للّٰه عند تجدد كل نعمة و دفع كل نقمة، و عند تذكرهما، و للتوفيق لأداء كل فريضة أو نافلة، بل كل فعل خير حتى الصلح بين اثنين. و يجوز الاقتصار على واحدة، و الأفضل أن يأتي باثنتين، بمعنى الفصل بينهما بتعفير الخدين أو الجبينين.

و يكفي في هذا السجود مجرد وضع الجبهة مع النية، و الأحوط فيها وضع المساجد السبعة و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، بل اعتبار عدم كونه ملبوسا أو مأكولا لا يخلو من قوة كما تقدم في سجود التلاوة. و يستحب فيه افتراش الذراعين و إلصاق الجؤجؤ و الصدر و البطن بالأرض.

و لا يشترط فيه الذكر و ان استحب أن يقول «شكرا للّٰه» أو «شكرا شكرا» مائة مرة، و يكفي ثلاث مرات بل مرة واحدة، و أحسن ما يقال فيه ما ورد عن مولانا الكاظم عليه السلام: قل و أنت ساجد «اللهم إني أشهدك و أشهد ملائكتك و أنبياءك و رسلك و جميع خلقك انك أنت اللّٰه ربي و الإسلام ديني و محمدا نبيي و عليا و الحسن و الحسين- تعدهم الى آخرهم- أئمتي بهم أتولى و من أعدائهم أتبرأ اللهم إني أنشدك

ص: 163

دم المظلوم- ثلاثا- اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا و أيدي المؤمنين اللهم إني أنشدك بإيوائك [بوأيك خ] على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك و عدوهم أن تصلي على محمد و على المستحفظين من آل محمد- ثلاثا- اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر- ثلاثا» ثم تضع خدك الأيمن على الأرض و تقول «يا كهفي حين تعييني المذاهب و تضيق علي الأرض بما رحبت يا بارئ خلقي رحمة بي و قد كنت عن خلقي غنيا صل على محمد و على المستحفظين من آل محمد» ثم تضع خدك الأيسر و تقول «يا مذل كل جبار و يا معز كل ذليل قد و عزتك بلغ مجهودي- ثلاثا-» ثم تقول «يا حنان يا منان يا كاشف الكرب العظام» ثم تعود للسجود فتقول مائة مرة «شكرا شكرا» ثم تسأل حاجتك تقضى إن شاء اللّٰه.

[القول في التشهد]
اشارة

القول في التشهد:

[مسألة: 1 يجب التشهد في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة]

مسألة: 1 يجب التشهد في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، و في الثلاثية و الرباعية مرتين: الاولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية، و الثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة. و هو واجب غير ركن، فلو تركه عمدا بطلت الصلاة دون السهو حتى ركع، و ان وجب عليه قضاؤه بعد الفراغ كما يأتي في الخلل. و الواجب فيه الشهادتان ثم الصلاة على محمد و آله، و الأحوط (1) في عبارته أن يقول «أشهد ان لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل على محمد و آل محمد». و يستحب الابتداء بقوله «الحمد للّٰه» أو يقول «بسم اللّٰه و باللّه و الحمد للّٰه و خير الأسماء للّٰه» أو «الأسماء الحسنى كلها للّٰه» و أن يقول بعد الصلاة على النبي و آله «و تقبل شفاعته (2) في أمته و ارفع درجته». و يجب فيه اللفظ الصحيح الموافق للعربية، و من عجز عنه وجب عليه تعلمه.


1- الأقوى عدم الاجتزاء بأقل منها.
2- في الأول، و في الثاني الأحوط عدم قصد الورود فيه بل يأتي به رجاء.

ص: 164

[مسألة: 2 يجب الجلوس مطمئنا حال التشهد بأي كيفية كان]

مسألة: 2 يجب الجلوس مطمئنا حال التشهد بأي كيفية كان. نعم الأحوط (1) ترك الإقعاء، و هو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه، و يستحب فيه التورك، كما يستحب ذلك بين السجدتين و بعدهما كما تقدم.

[القول في التسليم]
اشارة

القول في التسليم:

[مسألة: 1 التسليم واجب في الصلاة و جزء منها على اشكال]

مسألة: 1 التسليم واجب في الصلاة و جزء منها على اشكال في الصيغة الثانية (2) و يتوقف تحلل المنافيات عليه، و له صيغتان الاولى «السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين» و الثانية «السلام عليكم» بإضافة «و رحمة اللّٰه و بركاته» على الأحوط. و يجوز الاجتزاء بالثانية، و الأحوط عدم الاجتزاء بالأولى. و أما «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته» فهي من توابع التشهد، لا يحصل بها تحليل و لا تبطل الصلاة بتركها عمدا فضلا عن السهو، لكن الأحوط المحافظة عليها، كما أن الأحوط الجمع بين الصيغتين بعدها مقدما للصيغة الاولى.

[مسألة: 2 يجب في التسليم بكل من الصيغتين العربية و الاعراب]

مسألة: 2 يجب في التسليم بكل من الصيغتين العربية و الاعراب، و يجب تعلمه كما سمعته في التشهد، كما انه يجب الجلوس حالته مطمئنا. و يستحب فيه التورك.

[القول في الترتيب]
اشارة

القول في الترتيب:

[مسألة: 1 يجب الترتيب في أفعال الصلاة]

مسألة: 1 يجب الترتيب في أفعال الصلاة، فيجب تقديم تكبيرة الإحرام على القراءة، و الفاتحة على السورة، و هي على الركوع، و هو على السجود، و هكذا.

فمن صلى و قد قدم مؤخرا أو أخر مقدما عمدا بطلت صلاته (3)، و كذا لو كان ساهيا و قد قدم ركنا على ركن، أما لو قدم ركنا على ما ليس بركن سهوا- كما لو ركع


1- و الأقوى الكراهة.
2- لا إشكال في جزئيتها، و الأحوط عدم تركها و ان اتى بالأولى.
3- في الأركان و كذا في السجدة الواحدة إذا قدمها، و في غيرهما فالأحوط إتمام الصلاة مرتبا ثم الإعادة.

ص: 165

قبل القراءة- فلا بأس و يمضي في صلاته، كما انه لا بأس بتقديم غير الأركان (1) بعضها على بعض سهوا، و لكن هنا يعود الى ما يحصل به الترتيب مع إمكانه و تصح صلاته.

[القول في الموالاة]
اشارة

القول في الموالاة:

[مسألة: 1 يجب الموالاة في أفعال الصلاة]

مسألة: 1 يجب الموالاة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بين أفعالها على وجه تنمحي صورتها بحيث يصح سلب الاسم عنها، فلو ترك الموالاة بالمعنى المزبور عمدا أو سهوا بطلت صلاته، و أما الموالاة بمعنى المتابعة العرفية التي لا يقطع فيها التخلل في الجملة فهي واجبة أيضا لكن لا تبطل الصلاة بتركها عمدا دون السهو.

[مسألة: 2 كما يجب الموالاة في أفعال الصلاة بالنسبة إلى بعضها مع بعض يجب الموالاة في القراءة]

مسألة: 2 كما يجب الموالاة في أفعال الصلاة بالنسبة إلى بعضها مع بعض يجب الموالاة في القراءة و التكبير و الذكر و التسبيح بالنسبة إلى الآيات و الكلمات بل و الحروف، فمن ترك الموالاة عمدا في أحد المذكورات الموجب لمحو أسمائها بطلت (2) صلاته، و ان كان سهوا فلا بأس لعدم بطلان الصلاة بنسيانه أصلا فضلا عن موالاته، فيعيد ما يحصل به الموالاة إذا لم يتجاوز المحل. لكن هذا إذا لم يكن فوات الموالاة المزبورة في أحد الأمور المذكورة موجبا لفوات موالاة الصلاة بالمعنى المزبور، أما إذا كان كذلك فقد عرفت البطلان و لو مع السهو.

[بقي أمران: القنوت، و التعقيب]
اشارة

بقي أمران: القنوت، و التعقيب:

[القول في القنوت]
اشارة

القول في القنوت:

[مسألة: 1 يستحب القنوت في الفرائض اليومية، و يتأكد في الجهرية]

مسألة: 1 يستحب القنوت في الفرائض اليومية، و يتأكد في الجهرية، بل الأحوط عدم تركه فيها. و محله قبل الركوع في الركعة الثانية بعد الفراغ عن القراءة.

نعم لو نساه أتى به بعد رفع الرأس من الركوع و هوى إلى السجود، فان لم يذكره في


1- و كذا لا بأس بتقديم غير الركن على الركن، كما إذا قدم التشهد على السجدتين سهوا فيأتي به بعدهما و تصح الصلاة.
2- إذا ترك الموالاة بين كلمات تكبيرة الإحرام بحيث أوجب محو الاسم، و أما في غيرها مما ذكر فالأحوط الإتيان بها ثانيا و إتمام الصلاة ثم الإعادة ما لم يوجب التكرار محو الاسم.

ص: 166

هذا الحال و ذكره بعد ذلك فلا يأتي به حتى يفرغ من صلاته فيأتي به حينئذ، فان لم يذكره الا بعد انصرافه فعله متى ذكره و لو طال الزمان، و لو تركه عمدا فلا يأتي به بعد محله. و يستحب أيضا في كل نافلة ثنائية في المحل المزبور، بل و وحدانية كالوتر، بل هو فيها من المؤكد. و محله ما عرفت، و هو قبل الركوع بعد القراءة. نعم استحبابه في صلاة الشفع محل تأمل و إشكال (1)، فالأحوط إتيانه فيها رجاء.

[مسألة: 2 لا يعتبر في القنوت قول مخصوص]

مسألة: 2 لا يعتبر في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه كلما تيسر من ذكر و دعاء و حمد و ثناء، بل يجزي البسملة مرة واحدة، بل «سبحان اللّٰه» خمس أو ثلاث مرات، كما يجزي الاقتصار على الصلاة على النبي و آله و مثل قول «اللهم اغفر لي» و نحو ذلك. نعم لا ريب في رجحان ما ورد عنهم عليهم السلام من الأدعية فيه، بل و الأدعية التي في القرآن و كلمات الفرج، و يجزي من المأثور «اللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا انك على كل شي ء قدير»، و يستحب فيه الجهر سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية إماما أو منفردا بل أو مأموما إذا لم يسمع الامام صوته.

[مسألة: 3 لا يعتبر رفع اليدين في القنوت على اشكال]

مسألة: 3 لا يعتبر رفع اليدين في القنوت على اشكال، فالأحوط عدم تركه.

[مسألة: 4 يجوز الدعاء في القنوت و في غيره بالملحون]

مسألة: 4 يجوز الدعاء في القنوت و في غيره بالملحون (2) مادة أو إعرابا إذا لم يكن فاحشا أو مغيرا للمعنى، و كذا الدعاء في غيره و الأذكار المندوبة، و الأحوط الترك مطلقا، أما الأذكار الواجبة فلا يجوز فيها غير العربية الصحيحة.

[القول في التعقيب]
اشارة

القول في التعقيب:

[مسألة: 1 يستحب التعقيب بعد الفراغ من الصلاة و لو نافلة]

مسألة: 1 يستحب التعقيب بعد الفراغ من الصلاة و لو نافلة، و ان كان في الفريضة آكد خصوصا في صلاة الغداة، و هو أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد. و المراد به الاشتغال بالدعاء و بالذكر، بل كل قول حسن راجح شرعا بالذات من قرآن أو دعاء أو ثناء أو تنزيه أو غير ذلك.


1- و الأقوى استحبابه فيها.
2- الأحوط تركه عن عمد الا مع عدم القدرة على الصحيح.

ص: 167

[مسألة: 2 يعتبر في التعقيب أن يكون متصلا بالفراغ من الصلاة على وجه لا يشاركه الاشتغال بشي ء آخر]

مسألة: 2 يعتبر في التعقيب أن يكون متصلا بالفراغ من الصلاة على وجه لا يشاركه الاشتغال بشي ء آخر كالصنعة و نحوها مما تذهب به هيئته عند المتشرعة، و الاولى فيه الجلوس في مكانه الذي صلى فيه و الاستقبال و الطهارة، و لا يعتبر فيه قول مخصوص كما عرفت. نعم لا ريب في أن الأفضل و الأرجح ما ورد عنهم عليهم السلام فيه من الأدعية و الأذكار مما تضمنته كتب الدعاء و الاخبار خصوصا بحار الأنوار، و هي مشتركات و مختصات، و نذكر نبذا يسيرا من المشتركات:

فمنها: التكبيرات الثلاث بعد التسليم رافعا بها يديه على هيئة غيرها من التكبيرات.

و منها: تسبيح الزهراء عليها السلام الذي ما عبد اللّٰه بشي ء من التحميد أفضل منه، بل هو في كل يوم في دبر كل صلاة أحب الى الصادق عليه السلام من صلاة ألف ركعة في كل يوم، و لم يلزمه عبد فشقي، و ما قاله عبد قبل أن يثني رجليه من المكتوبة إلا غفر اللّٰه له و أوجب له الجنة. و هو مستحب في نفسه و ان لم يكن في التعقيب.

نعم هو مؤكد فيه، و عند ارادة النوم لدفع الرؤيا السيئة. و لا يختص التعقيب به في الفرائض، بل هو مستحب بعد كل صلاة، و كيفيته أربع و ثلاثون تكبيرة، ثم ثلاث و ثلاثون تحميدة، ثم ثلاث و ثلاثون تسبيحة. و يستحب أن يكون تسبيح الزهراء عليها السلام بل كل تسبيح بطين القبر الشريف و لو كان مشويا، بل السبحة منه تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح، و يكتب له ذلك التسبيح و ان كان غافلا، و الاولى اتخاذها بعدد التكبير في خيط أزرق. و لو شك في عدد التكبير أو التحميد أو التسبيح بنى على الأقل ان لم يتجاوز المحل، و لو سها فزاد على عدد التكبير أو غيره رفع اليد عن الزائد و بنى على الأربع و ثلاثين أو الثلاث و ثلاثين، و الاولى أن يبني على واحدة ثم يكمل العدد.

و منها: قول «لا إله إلا اللّٰه وحده وحده أنجز وعده و نصر عبده و أعز جنده و غلب الأحزاب وحده فله الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو على كل شي ء قدير».

و منها: «اللهم صل على محمد و آل محمد و أجرني من النار و ارزقني الجنة

ص: 168

و زوجني من الحور العين».

و منها: «اللهم اهدني من عندك و أفض علي من فضلك و انشر علي من رحمتك و أنزل علي من بركاتك».

و منها: «أعوذ بوجهك الكريم و عزتك التي لا ترام و قدرتك التي لا يمتنع منها شي ء من شر الدنيا و الآخرة و من شر الأوجاع كلها و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم».

و منها: «اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك و أعوذ بك من كل شر أحاط به علمك اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها و أعوذ بك من خزي الدنيا و عذاب الآخرة».

و منها: قول «سبحان اللّٰه و الحمد للّٰه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر» مائة مرة أو ثلاثين.

و منها: قراءة آية الكرسي و الفاتحة و آية «شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ» و آية «قُلِ اللّٰهُمَّ مٰالِكَ الْمُلْكِ».

و منها: الإقرار بالنبي و الأئمة عليهم السلام.

و منها: سجود الشكر و قد مر كيفيته سابقا.

[مسألة: 3 تختص المرأة في الصلاة بآداب: الزينة بالحلي، و الخضاب]

مسألة: 3 تختص المرأة في الصلاة بآداب: الزينة بالحلي، و الخضاب، و الإخفات في قولها، و الجمع بين قدميها في حال القيام، و ضم ثدييها بيديها حاله، و وضع يديها على فخذيها حال الركوع غير رادة ركبتيها الى ورائها، و البدأة للسجود بالقعود، و التضمم حاله لاطئة بالأرض فيه غير متجافية، و التربع في جلوسها مطلقا، بخلاف الرجل في جميع ما ذكر كما مر.

[القول في مبطلات الصلاة]

اشارة

القول في مبطلات الصلاة:

و هي أمور:

[أحدها- الحدث الأصغر و الأكبر]

«أحدها»- الحدث الأصغر و الأكبر، فإنه مبطل لها أينما وقع فيها و لو عند

ص: 169

الميم من التسليم على الأحوط (1) عمدا أو سهوا أو سبقا، عدا المسلوس و المبطون و المستحاضة كما مر.

[ثانيها- التكفير]

«ثانيها»- التكفير، و هو وضع احدى اليدين على الأخرى نحو ما يصنعه غيرنا و هو مبطل على الأحوط (2) مع العمد دون السهو، و ان كان الأحوط فيه الاستيناف أيضا، و لا بأس به حال التقية.

[ثالثها- الالتفات بكل البدن]

«ثالثها»- الالتفات بكل البدن الى الخلف أو الى اليمين أو الشمال، بل و ما بينهما على وجه يخرج به عن الاستقبال، فان تعمد ذلك كله مبطل للصلاة، بل الالتفات بكل البدن بما يخرج به عما بين المشرق و المغرب مبطل أيضا حتى مع السهو و القسر و لو بمرور شخص يزدحم به و نحوه. نعم لا يبطلها الالتفات بالوجه يمينا و شمالا مع بقاء البدن مستقبلا، الا انه مكروه، و الأحوط اجتنابه، بل في الالتفات الفاحش اشكال، فلا يترك فيه الاحتياط.

[رابعها- تعمد الكلام]
اشارة

«رابعها»- تعمد الكلام و لو بحرفين مهملين أو حرف مفهم ك «ق» و «ل» فإنه مبطل للصلاة، و لا يبطلها ما وقع سهوا و لو لزعم كمال الصلاة، كما أنه لا بأس برد سلام التحية، بل هو واجب. نعم لا بطلان بترك الرد و ان اشتغل بالضد من قراءة و نحوها، و انما عليه الإثم خاصة.

[مسألة: 1 لا بأس بالذكر و الدعاء و قراءة القرآن غير ما يوجب السجود في جميع أحوال الصلاة]

مسألة: 1 لا بأس بالذكر و الدعاء و قراءة القرآن غير ما يوجب السجود في جميع أحوال الصلاة، و في جواز الدعاء مع مخاطبة الغير- بأن يقول «غفر اللّٰه لك»- تأمل و اشكال (3). و مثله ما إذا قال للغير «صبحك اللّٰه بالخير» أو «مساك اللّٰه بالخير» إذا قصد الدعاء، و اما إذا قصد مجرد التحية فلا إشكال في عدم الجواز كالابتداء بالسلام.


1- بل الأقوى.
2- بل الأقوى.
3- و الأحوط ترك الدعاء مع المخاطبة.

ص: 170

[مسألة: 2 يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم]

مسألة: 2 يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم (1)، فلو قال «سلام عليكم» يجب أن يقول «سلام عليكم»، بل الأحوط المماثلة في التعريف و التنكير و الافراد و الجمع، فلا يقول «السلام عليكم» في جواب «سلام عليكم» و بالعكس، و «سلام عليكم» في جواب «سلام عليك» و بالعكس. و أما في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالأحسن، بأن يقول في جواب «سلام عليكم» مثلا «عليكم السلام و رحمة اللّٰه و بركاته».

[مسألة: 3 لو سلم بالملحون وجب الجواب صحيحا]

مسألة: 3 لو سلم بالملحون وجب الجواب صحيحا (2).

[مسألة: 4 لو كان المسلم صبيا مميزا يجوز بل يجب الرد]

مسألة: 4 لو كان المسلم صبيا مميزا يجوز بل يجب الرد، و الأحوط (3) قصد القرآنية.

[مسألة: 5 لو سلم على جماعة كان المصلي أحدهم فرد الجواب غيره لم يجز له الرد]

مسألة: 5 لو سلم على جماعة كان المصلي أحدهم فرد الجواب غيره لم يجز له الرد، و كذا إذا كان بين جماعة فسلم واحد عليهم و شك في أنه قصده أيضا أم لا لا يجوز له الجواب.

[مسألة: 6 يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة و غيرها]

مسألة: 6 يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة و غيرها، بمعنى رفع الصوت به على المتعارف، بحيث لو لم يكن مانع عن السماع لسمعه، فإذا كان بعيدا أو أصم بحيث لا يسمع الصوت أصلا أو يحتاج إسماعه الى المبالغة في رفعه يكفي الجواب (4) على المتعارف بحيث لو لم يكن بعيدا أو أصم لسمعه. نعم لو أمكن أن ينبهه الى الجواب و لو بالإشارة لا يبعد وجوبه.

[مسألة: 7 يجب الفورية العرفية في الجواب]

مسألة: 7 يجب الفورية العرفية في الجواب، فلا يجوز تأخيرها على وجه لا يصدق معه الجواب ورد التحية، فلو أخره عصيانا أو نسيانا الى ذلك الحد سقط،


1- في صيغة «السلام عليكم» و «سلام عليكم». و اما إذا قال المسلم «عليكم السلام» فالأحوط الرد بصيغة «سلام عليكم»، و ان كان الأقوى جواز الجواب بمثله أيضا.
2- مع صدق السلام على الملحون.
3- صدق رد التحية مع قصد القرآن أو الدعاء محل تأمل بل منع، فمع صدق السلام يجب الرد بقصد رد التحية، و مع الشك فمقتضى القواعد عدم جوازه في الصلاة.
4- لكن وجوبه حينئذ غير معلوم، و كذا جوازه في الصلاة.

ص: 171

فلا يجوز في حال الصلاة و لا يجب في غيرها. و لو شك في بلوغ التأخير الى ذلك الحد وجب في حال الصلاة فضلا عن غيرها.

[مسألة: 8 الابتداء بالسلام مستحب كفائي]

مسألة: 8 الابتداء بالسلام مستحب كفائي، كما أن رده واجب كفائي، فلو دخل جماعة على جماعة يكفي في الوظيفة الاستحبابية تسليم شخص واحد و يجتزى بجواب شخص واحد من الجماعتين.

[مسألة: 9 إذا سلم أحد على أحد شخصين و لم يعلما أنه أيهما أراد لا يجب الرد على واحد منهما]

مسألة: 9 إذا سلم أحد على أحد شخصين و لم يعلما أنه أيهما أراد لا يجب الرد على واحد منهما، و لا يجب عليهما الفحص و السؤال، و ان كان الأحوط الرد من كل منهما إذا كانا في غير حال الصلاة.

[مسألة: 10 إذا سلم شخصان كل على الأخر يجب على كل منهما رد سلام الأخر]

مسألة: 10 إذا سلم شخصان كل على الأخر يجب على كل منهما رد سلام الأخر، حتى من وقع سلامه الأول عقيب سلام الأخر حيث انه لم يقصد به الرد بل الابتداء بالسلام. و لو انعكس الأمر- بأن سلم كل منهما بعنوان الرد بزعم انه سلم عليه الأخر- لا يجب على واحد منهما رد سلام الأخر، و ان كان الأحوط (1) فيما لو تقارنا، و مع عدمه فالأحوط لمن تقدم سلامه رد سلام الأخر. و لو سلم شخص على أحد بعنوان الرد بزعم أنه سلم عليه مع انه لم يسلم عليه و تنبه الى ذلك المسلم عليه فالأحوط ان يرد عليه.

[خامسها- القهقهة]

«خامسها»- القهقهة و لو اضطرارا. نعم لا بأس (2) بالسهو منها كما لا بأس بالتبسم عمدا، و القهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت (3)، و لو اشتمل عليه تقديرا- كمن منع نفسه عنه الا انه قد امتلأ جوفه ضحكا و أحمر وجهه و ارتعش مثلا- أبطلها أيضا (4).


1- لا ينبغي تركه لهما، و كذا لمن تقدم سلامه و لمن سلم عليه بزعم انه سلم، و ذلك لاحتمال أن يكون الرد غير المسبوق بالسلام عليك عند العرف تحية تحتاج الى الجواب.
2- ما لم توجب محو اسم الصلاة، و كذا البكاء سهوا أو لأمر أخروي.
3- بل هي المشتمل على الصوت و المد و الترجيع، و المشتمل على الصوت فقط ملحق بها على الأحوط.
4- إذا صار بحيث خرج عن صورة المصلي عند المتشرعة.

ص: 172

[سادسها- تعمد البكاء بالصوت لفوات أمر دنيوي]

«سادسها»- تعمد البكاء بالصوت لفوات أمر دنيوي دون ما كان منه للسهو عن الصلاة أو على أمر أخروي أو طلب أمر دنيوي من اللّٰه تعالى خصوصا إذا كان المطلوب راجحا شرعا، فإنه غير مبطل. و أما غير المشتمل على صوت ففيه اشكال، فلا يترك الاحتياط في الاستيناف، كما ان الأحوط ذلك فيمن غلب عليه البكاء قهرا، بل لا يخلو من قوة. و في جواز البكاء على سيد الشهداء أرواحنا فداه تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[سابعها- كل فعل ماح لها مذهب لصورتها على وجه يصح سلب الاسم]

«سابعها»- كل فعل ماح لها مذهب لصورتها على وجه يصح سلب الاسم عنها و ان كان قليلا كالوثبة و الصفقة لعبا و العفطة هزوا و نحوها فإنه مبطل لها عمدا و سهوا، أما غير الماحي لها فان كان مفوتا للموالاة فيها- بمعنى المتابعة العرفية- فهو مبطل مع العمد دون السهو (1)، و ان لم يكن مفوتا لها فعمدة غير مبطل فضلا عن سهوه، و ان كان كثيرا كحركة الأصابع و نحوها و الإشارة باليد أو غيرها لنداء أحد و قتل الحية و العقرب و حمل الطفل و وضعه و ضمه و إرضاعه و عد الاستغفار في الوتر بالسبحة و نحوها و عد الركعات بالحصى و مناولة الشيخ العصي و الجهر بالذكر و القرآن للاعلام و غير ذلك مما هو غير مناف للموالاة و ان كان كثيرا و لا ماح للصورة.

[ «ثامنها»- الأكل و الشرب]

«ثامنها»- الأكل و الشرب و ان كانا قليلين. نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام في الفم، و ان يمسك في فيه قليلا من السكر الذي يذوب و ينزل شيئا فشيئا، و نحو ذلك مما هو غير ماح للصورة و لا مفوت للموالاة. و لا فرق في جميع ما سمعته من المبطلات بين الفريضة و النافلة. نعم يستثنى من ذلك العطشان المتشاغل بالدعاء في الوتر العازم على صوم ذلك اليوم إذا خشي مفاجاة الفجر و كان الماء أمامه و احتاج الى خطوتين أو ثلاثة، فإنه يجوز له التخطي و الشرب حتى يروى و ان طال زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتى إذا أراد العود الى مكانه رجع القهقرى لئلا يستدبر القبلة.

و الأقوى الاقتصار على خصوص شرب الماء دون الأكل و ان قل زمانه، كما أن الأحوط


1- على الأحوط و ان كان الأقوى عدم وجوبها في القراءة و الأذكار.

ص: 173

الاقتصار على خصوص الوتر دون سائر النوافل. نعم الظاهر عدم الاقتصار على حال الدعاء، فيلحق بها غيرها من أحوالها.

[تاسعها- تعمد قول آمين]

«تاسعها»- تعمد قول «آمين» بعد تمام الفاتحة لغير تقية، أما الساهي فلا بأس، كما لا بأس مع التقية.

[عاشرها- الشك في عدد غير الرباعية]

«عاشرها»- الشك في عدد غير الرباعية من الفرائض و الأوليين منها كما تسمعه في محله إن شاء اللّٰه.

[حادي عشرها- زيادة جزء فيها أو نقصانه]

«حادي عشرها»- زيادة جزء (1) فيها أو نقصانه كما عرفته و تعرفه أيضا.

[مسألة: 11 يكره في الصلاة مضافا الى ما سمعته سابقا نفخ موضع السجود]

مسألة: 11 يكره في الصلاة مضافا الى ما سمعته سابقا نفخ موضع السجود (2) و العبث و البصاق و فرقعة الأصابع و التمطي و التثاؤب الاختياري و التأوه و الأنين و مدافعة البول و الغائط ما لم يصل الى حد الضرر، فيحرم حينئذ و ان كانت الصلاة صحيحة معه.

[مسألة: 12 لا يجوز قطع الفريضة اختيارا بل النافلة أيضا على الأحوط]

مسألة: 12 لا يجوز قطع الفريضة اختيارا بل النافلة أيضا (3) على الأحوط، و تقطع الفريضة فضلا عن النافلة للخوف على نفسه أو نفس محترمة أو على عرضه أو ماله المعتد به و نحو ذلك، بل قد يجب قطعها في بعض هذه الأحوال، لكن لو عصى فلم يقطعها حينئذ أثم و صحت صلاته.

[القول في صلاة الآيات]

اشارة

القول في صلاة الآيات:

[مسألة: 1 سبب هذه الصلاة كسوف الشمس و خسوف القمر]

مسألة: 1 سبب هذه الصلاة كسوف الشمس و خسوف القمر و لو بعضهما و الزلزلة و كل آية مخوفة عند غالب الناس، سماوية كانت كالريح السوداء أو الحمراء أو الصفراء غير المعتادة و الظلمة الشديدة و الصيحة و الهدة و النار التي تظهر في السماء و غير ذلك، أو أرضية كالخسف و نحوه. و لا عبرة (4) بغير المخوف، و لا بخوف النادر


1- عمدا في غير الأركان و مطلقا في الأركان.
2- ما لم يتولد منه حرفان، و كذا في البصاق و التأوه و الأنين و الا فتبطل الصلاة كما مر.
3- و ان كان الأقوى فيها جواز القطع.
4- لا يبعد اعتبار كونها آية و ان لم تكن مخوفة.

ص: 174

من الناس. نعم لا يعتبر الخوف في الكسوفين و الزلزلة، فتجب الصلاة مطلقا و ان لم يحصل منها خوف.

[مسألة: 2 الظاهر أن المدار في كسوف النيرين صدق اسمه]

مسألة: 2 الظاهر أن المدار في كسوف النيرين صدق اسمه و ان لم يستند إلى سببية المتعارفين من حيلولة الأرض و القمر، فيكفي انكسافهما ببعض الكواكب الأخر أو بسبب آخر. نعم لو كان قليلا جدا بحيث لا يظهر للحواس المتعارفة و ان أدركته بعض الحواس الخارقة أو بواسطة بعض الآلات المصنوعة فالظاهر عدم الاعتبار به و ان كان مستندا الى أحد سببية المتعارفين.

[مسألة: 3 وقت أداء صلاة الكسوفين من حين الشروع الى تمام الانجلاء]

مسألة: 3 وقت أداء صلاة الكسوفين من حين الشروع (1) الى تمام الانجلاء، و الأحوط المبادرة إليها قبل الأخذ في الانجلاء، و لو أخر عنه أتى بها لا بنية الأداء و القضاء بل بنية القربة المطلقة، و أما في الزلزلة و نحوها مما لا تسع وقتها الصلاة غالبا كالهدة و الصيحة فهي من ذوات الأسباب لا الأوقات، فتجب حال الآية، فان عصى فبعدها طول العمر، و الكل أداء.

[مسألة: 4 يختص الوجوب بمن في بلد الآية]

مسألة: 4 يختص الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم. نعم يقوى إلحاق المتصل بذلك المكان مما يعد معه كالمكان الواحد.

[مسألة: 5 تثبت الآية و كذا وقتها و مقدار مكثها بالعلم و شهادة العدلين]

مسألة: 5 تثبت الآية و كذا وقتها و مقدار مكثها بالعلم و شهادة العدلين، بل و بالعدل الواحد و اخبار الرصدي الذي يطمأن بصدقه (2) أيضا على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 6 تجب هذه الصلاة على كل مكلف]

مسألة: 6 تجب هذه الصلاة على كل مكلف، و في سقوطها عن الحائض و النفساء كاليومية إشكال، فلا يترك الاحتياط بقضاء ذات (3) الوقت كالكسوفين و أداء غيرها بعد الطهر.

[مسألة: 7 من لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء]

مسألة: 7 من لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء


1- يعنى الشروع في الأخذ.
2- لا إشكال في لزوم العمل بقولهما إذا حصل الاطمئنان بصدقهما.
3- و أحوط منه عدم قصد الأداء و القضاء.

ص: 175

و لم يحترق جميع القرص لم يجب القضاء، أما إذا علم و أهمل و لو نسيانا أو احترق جميع القرص وجب القضاء، و أما سائر الآيات فمع التأخير متعمدا أو لأجل النسيان يجب الإتيان بها ما دام العمر، أما إذا لم يعلم بها حتى مضى الزمان المتصل بالاية ففي وجوب الصلاة بعد العلم بها اشكال (1)، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 8 إذا أخبر جماعة غير عدول بالكسوف و لم يحصل له العلم بصدقهم و بعد مضي الوقت تبين صدقهم]

مسألة: 8 إذا أخبر جماعة غير عدول بالكسوف و لم يحصل له العلم بصدقهم و بعد مضي الوقت تبين صدقهم فالظاهر الحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق القرص، و كذا لو أخبر شاهدان و لم يعلم عدالتهما ثم ثبتت عدالتهما بعد الوقت، لكن الأحوط القضاء خصوصا في الصورة الثانية، بل لا يترك فيها.

[مسألة: 9 صلاة الآيات ركعتان في كل واحدة منهما خمس ركوعات]

مسألة: 9 صلاة الآيات ركعتان في كل واحدة منهما خمس ركوعات فيكون المجموع عشرة. و تفصيل ذلك: بأن يحرم مقارنا للنية كما في الفريضة، ثم يقرأ الحمد و السورة، ثم يركع، ثم يرفع رأسه، ثم يقرأ الحمد و السورة، ثم يركع، ثم يرفع رأسه، و هكذا حتى يتم خمسا على هذا الترتيب، ثم يسجد سجدتين بعد رفع رأسه من الركوع الخامس، ثم يقوم و يفعل ثانيا كما فعل أولا، ثم يتشهد و يسلم. و لا فرق في السورة بين كونها متحدة في الجميع أو متغايرة، و يجوز تفريق سورة كاملة على الركوعات الخمسة من كل ركعة، فيقرأ بعد تكبيرة الإحرام الفاتحة، ثم يقرأ بعدها آية من سورة أو أقل أو أكثر، ثم يركع، ثم يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من تلك السورة متصلا بما قرأ منها أولا، ثم يركع، ثم يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر منها كذلك، و هكذا الى الركوع الخامس حتى يتم سورة، ثم يركع، ثم يسجد ثم يقوم إلى الثانية و يصنع كما صنع في الركعة الأولى، فيكون في كل ركعة الفاتحة مرة مع سورة تامة متفرقة. و لا يجوز الاقتصار على بعض سورة في تمام الركعة، كما أنه في صورة تفريق السورة على الركوعات لا يشرع الفاتحة إلا مرة واحدة في القيام الأول بعد التكبيرة إلا إذا أكمل السورة في القيام الثاني أو الثالث مثلا، فإنه يجب عليه في القيام اللاحق بعد الركوع قراءة الفاتحة، ثم سورة


1- و الأظهر الوجوب.

ص: 176

أو بعضها، و هكذا كلما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام منه بخلاف ما لو ركع عن بعضها فإنه يقرأ من حيث قطع و لا يعيد الحمد كما عرفت. نعم لو ركع الركوع الخامس (1) عن بعض سورة فسجد ثم قام للثانية فالأقوى وجوب الفاتحة ثم القراءة من حيث قطع.

[مسألة: 10 يعتبر في الصلاة هاهنا ما يعتبر في الفريضة من الشرائط و غيرها]

مسألة: 10 يعتبر في الصلاة هاهنا ما يعتبر في الفريضة من الشرائط و غيرها من حيث اتحادها معها في جميع ما عرفته و تعرفه من واجب و ندب في القيام و القعود و الركوع و السجود و في الشرائط و احكام السهو و الشك في الزيادة و النقيصة بالنسبة إلى الركعات و غيرها، فلو شك في عدد ركعاتها بطلت كما في كل فريضة ثنائية فإنها منها و ان اشتملت ركعتها على خمس ركوعات، و لو نقص ركوعا منها أو زاده عمد أو سهوا بطلت صلاته لأنها أركان، و كذا القيام المتصل بها على نحو ما تقدم في الفريضة. و لو شك في ركوعها فكالفريضة أيضا، يأتي به ما دام في المحل و يمضي ان خرج عنه، و لا تبطل صلاته بذلك إلا إذا بان له بعد ذلك النقصان أو رجع الشك في ذلك الى الشك في الركعات، كما إذا لم يعلم أنه الخامس فيكون آخر الركعة الأولى أو السادس فيكون أول الركعة الثانية.

[مسألة: 11 يستحب فيها الجهر بالقراءة ليلا أو نهارا]

مسألة: 11 يستحب فيها الجهر بالقراءة ليلا أو نهارا حتى صلاة كسوف الشمس، و أن يكبر عند كل هوي للركوع و كل رفع منه الا في الرفع من الخامس و العاشر، فإنه يقول «سمع اللّٰه لمن حمده» ثم يسجد. و يستحب فيها التطويل خصوصا في كسوف الشمس، و قراءة السور الطوال ك «يس و الروم و الكهف» و نحوها، و إكمال السورة في كل قيام، و ان يجلس في مصلاه مشتغلا بالدعاء و الذكر الى تمام الانجلاء، أو يعيد الصلاة إذا فرغ من الصلاة قبل تمام الانجلاء. و يستحب فيها أيضا في كل قيام ثان بعد القراءة قنوت، فيكون في مجموع الركعتين خمس قنوتات، و يجوز الاجتزاء بقنوتين أحدهما (2) قبل الركوع الخامس و الثاني قبل العاشر، و يجوز


1- الأحوط إتمام السورة قبل الخامس.
2- فيه تأمل لكن لا بأس بإتيانه رجاء.

ص: 177

الاقتصار على الأخير منها.

[مسألة: 12 يستحب فيها الجماعة]

مسألة: 12 يستحب فيها الجماعة، و يتحمل فيها الامام عن المأموم القراءة خاصة كما في اليومية دون غيرها من الافعال و الأقوال، و الأحوط للمأموم الدخول في الجماعة قبل الركوع الأول أو فيه من الركعة الأولى أو الثانية حتى ينتظم صلاته.

[القول في الخلل الواقع في الصلاة]

اشارة

القول في الخلل الواقع في الصلاة:

[مسألة: 1 من أخل بالطهارة من الحدث بطلت صلاته مع العمد و السهو و العلم و الجهل]

مسألة: 1 من أخل بالطهارة من الحدث بطلت صلاته مع العمد و السهو و العلم و الجهل، بخلاف الطهارة من الخبث فإنك قد عرفت تفصيل الحال فيها، كما عرفت تفصيل الحال في غيرها من الشرائط كالوقت و الاستقبال و الستر و غيرها في محالها. و من أخل بشي ء من واجبات صلاته عمدا بطلت صلاته، و لو حركة من قراءتها و أذكارها الواجبة كما عرفته سابقا، و كذا من زاد فيها جزءا متعمدا قولا أو فعلا، من غير فرق بين كونه ركنا أو غيره، بل و لا بين كونه موافقا لاجزاء الصلاة أو مخالفا لها، و ان كان الحكم (1) في المخالف بل و في غير الجزء الركني لا يخلو من تأمل و اشكال. و يعتبر في تحقق الزيادة في غير الأركان الإتيان بالشي ء بعنوان أنه من الصلاة أو أجزائها، فليس منها الإتيان بالقراءة و الذكر و الدعاء في أثنائها إذا لم يأت بها بعنوان انها منها، فلا بأس بها ما لم يحصل بها المحو للصورة، كما لا بأس بتخلل الأفعال المباحة الخارجية كحك الجسد و نحوه إذا لم يكن مفوتا للموالاة أو ماحيا للصورة كما عرفت فيما سبق.

و أما الزيادة السهوية، فمن راد ركعة أو ركنا من ركوع أو سجدتين من ركعة أو تكبيرة الإحرام سهوا بطلت صلاته على اشكال (2) في الأخير، و أما زيادة القيام الركني فلا تتحقق الا مع زيادة الركوع أو تكبيرة الإحرام، و أما النية فبناء على


1- الحكم بالبطلان بالمخالف من حيث الزيادة محل تأمل. نعم قد يوجب البطلان من حيث التشريع.
2- لا إشكال في بطلان الصلاة بزيادتها.

ص: 178

أنها الداعي لا يتصور زيادتها و على القول بالإخطار لا تضر زيادتها، و أما زيادة غير الأركان سهوا فلا تبطل الصلاة و ان أوجبت سجدتي السهو على الأحوط كما سيأتي.

[مسألة: 2 من نقص شيئا من واجبات صلاته سهوا و لم يذكره الا بعد تجاوز محله]

مسألة: 2 من نقص شيئا من واجبات صلاته سهوا و لم يذكره الا بعد تجاوز محله، فان كان ركنا بطلت صلاته، و الا فصلاته صحيحة و لا شي ء عليه الا سجود السهو (1) و قضاء الجزء المنسي بعد الفراغ من صلاته ان كان المنسي التشهد أو إحدى السجدتين، و لا يقضى من الاجزاء المنسية غيرهما كما يأتي. أما إذا ذكر الجزء المنسي في محله تداركه و ان كان ركنا و أعاد ما فعله مما هو مترتب عليه بعده، و المراد بتجاوز المحل الدخول في ركن آخر بعده أو يكون محل إتيان المنسي فعلا خاصا و قد جاز محل ذلك الفعل كالذكر في الركوع و السجود إذا نسيه و تذكر بعد رفع الرأس منهما، فمن نسي الركوع حتى دخل في السجدة الثانية أو نسي السجدتين حتى دخل في الركوع من الركعة الثانية بطلت صلاته، بخلاف ما لو نسي الركوع تذكر قبل أن يدخل في السجدة الأولى أو نسي السجدتين و تذكر قبل الركوع رجع و أتى بالمنسي و أعاد ما فعله سابقا مما هو مترتب عليه، و لو نسي الركوع و تذكر بعد الإتيان بالسجدة الاولى الأحوط ان يرجع الى المنسي و يعيد الصلاة بعد إتمامها، و من نسي القراءة و الذكر أو بعضهما أو الترتيب فيهما و ذكر قبل ان يصل الى حد الراكع تدارك ما نسيه و أعاد ما فعله مما هو مترتب بعده.

و من نسي القيام أو الطمأنينة في الذكر أو القراءة و ذكر قبل الركوع الأحوط إعادتهما بقصد القربة المطلقة لا الجزئية. نعم فيما لو نسي الجهر و الإخفات في القراءة الظاهر عدم وجوب تلافيهما، و ان كان الأحوط فيهما التدارك أيضا بقصد القربة المطلقة.

و من نسي الانتصاب (2) من الركوع أو الطمأنينة فيه و ذكر قبل ان يدخل في السجود انتصب مطمئنا و مضى في صلاته.


1- على ما يأتي تفصيله.
2- إذا كان المنسي الطمأنينة فيه الأحوط أن ينتصب بقصد الرجاء.

ص: 179

و من نسي الذكر في السجود أو الطمأنينة فيه أو وضع أحد المساجد حاله و ذكر قبل أن يخرج عن مسمى السجود أتى بالذكر، لكن إذا كان المنسي الطمأنينة يأتي به بقصد القربة المطلقة لا الجزئية، و أما لو ذكر بعد رفع الرأس من السجود فقد جاز محل تدارك المنسي فيمضي في صلاته.

و من نسي الانتصاب من السجود الأول أو الطمأنينة فيه و ذكر قبل الدخول في مسمى السجود الثاني انتصب مطمئنا و مضى في صلاته، بخلاف ما لو ذكر بعد الدخول في السجود الثاني فإنه قد جاز محل تداركه فيمضي في صلاته.

و من نسي السجدة الواحدة أو التشهد أو بعضه و ذكر قبل الوصول الى حد الراكع أو قبل التسليم إذا كان المنسي السجدة الأخيرة أو التشهد الأخير يتدارك المنسي و يعيد ما فعله مما هو مترتب عليه، و أما لو نسي سجدة واحدة أو التشهد من الركعة الأخيرة و ذكر بعد التسليم، فان كان بعد فعل ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا كالحدث فقد جاز محل الرجوع و التدارك و انما عليه قضاء المنسي و سجدتا السهو كما يأتي.

و أما ان كان قبل ذلك فالأحوط في صورة نسيان السجدة الإتيان بها من دون تعيين للأداء و القضاء ثم التشهد ثم التسليم احتياطا (1)، و في صورة نسيان التشهد الإتيان به كذلك ثم التسليم.

و من نسي التسليم و ذكره قبل حصول ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا تداركه، فان لم يتداركه و لا تدارك ما ذكرناه مما ذكره في المحل بطلت صلاته.

[مسألة: 3 من نسي الركعة الأخيرة مثلا فذكرها بعد التشهد قبل التسليم قام و أتى بها]

مسألة: 3 من نسي الركعة الأخيرة مثلا فذكرها بعد التشهد قبل التسليم قام و أتى بها، و لو ذكرها بعد التسليم قبل فعل ما يبطل سهوا قام و أتم، و لو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس، من غير فرق بين الرباعية و غيرها. و كذا لو نسي أكثر من ركعة، و كذا يستأنف لو زاد ركعة قبل التسليم بعد التشهد أو قبله.


1- ثم يسجد سجدتي السهو بقصد ما في الذمة من السجدة أو التسليم بغير محل و كذا في نسيان التشهد.

ص: 180

[مسألة: 4 لو علم إجمالا قبل أن يدخل في الركوع اما بفوات سجدتين من الركعة السابقة]

مسألة: 4 لو علم إجمالا قبل أن يدخل في الركوع اما بفوات سجدتين من الركعة السابقة أو القراءة من هذه الركعة، يكتفي بالإتيان بالقراءة على الأقوى. نعم لو حصل له العلم الإجمالي المذكور بعد الإتيان بالقنوت يجب عليه العود لتداركهما و صحت صلاته على الأقوى، و الاحتياط مع ذلك بإعادة الصلاة لا ينبغي تركه.

[مسألة: 5 إذا علم بعد الفراغ أنه ترك سجدتين و لم يدر أنهما من ركعة أو ركعتين]

مسألة: 5 إذا علم بعد الفراغ أنه ترك سجدتين و لم يدر أنهما من ركعة أو ركعتين، فالأحوط أن يأتي بقضاء سجدتين ثم الإتيان بسجدتي السهو مرتين ثم اعادة الصلاة، و كذا إذا كان في الأثناء و كان بعد الدخول في الركوع، فإن الأحوط إتمام الصلاة ثم إعادتها بعد قضاء سجدتين و الإتيان بسجدتي السهو مرتين، و لكن الأقوى جواز الاكتفاء بالإعادة في الصورتين، و أما لو كان في الأثناء و قبل الدخول في الركوع فله صور لا يسع هذا المختصر تفصيلها.

[مسألة: 6 إذا علم بعد القيام إلى الثالثة انه ترك التشهد و لا يدري أنه ترك السجدة أيضا أم لا]

مسألة: 6 إذا علم بعد القيام إلى الثالثة انه ترك التشهد و لا يدري أنه ترك السجدة أيضا أم لا، الأحوط الإتيان بالسجدة ثم التشهد و إتمام الصلاة ثم إعادتها.

[القول في الشك]

اشارة

القول في الشك:

و هو اما في أصل الصلاة، و اما في اجزائها، و اما في ركعاتها.

[مسألة: 1 من شك في الصلاة فلم يدر انه صلى أم لا]

مسألة: 1 من شك في الصلاة فلم يدر انه صلى أم لا، فان كان بعد مضي الوقت لم يلتفت و بنى على الإتيان بها، و ان كان في أثنائه أتى بها، و الظن بالإتيان و عدمه هنا حكمه حكم الشك.

[مسألة: 2 لو علم انه صلى العصر و لم يدر انه صلى الظهر أيضا أم لا]

مسألة: 2 لو علم انه صلى العصر و لم يدر انه صلى الظهر أيضا أم لا، فالأحوط بل الأقوى وجوب الإتيان بها، حتى فيما لو لم يبق من الوقت الا مقدار الاختصاص بالعصر. نعم لو لم يبق الا هذا المقدار و علم بعد الإتيان بالعصر أو شك فيه و كان شاكا في الإتيان بالظهر اتى بالعصر و جرى حكم الشك بعد الوقت في الظهر.

[مسألة: 3 إذا شك في بقاء الوقت و عدمه يلحقه حكم البقاء]

مسألة: 3 إذا شك في بقاء الوقت و عدمه يلحقه حكم البقاء.

ص: 181

[مسألة: 4 لو شك في أثناء صلاة العصر في أنه صلى الظهر أم لا]

مسألة: 4 لو شك في أثناء صلاة العصر في أنه صلى الظهر أم لا، فان كان في وقت اختصاص العصر بنى على الإتيان بالظهر، و ان كان في الوقت المشترك بنى على عدم الإتيان بها فيعدل إليها.

[مسألة: 5 إذا علم انه صلى احدى الصلاتين من الظهر أو العصر و لم يدر المعين منهما]

مسألة: 5 إذا علم انه صلى احدى الصلاتين من الظهر أو العصر و لم يدر المعين منهما، فان كان في وقت الاختصاص بالعصر يأتي به و يبني على الإتيان بالظهر، و ان كان في الوقت المشترك أتى بأربع ركعات بقصد ما في الذمة، و لو علم أنه صلى احدى العشاءين ففي وقت الاختصاص بالعشاء يبني على الإتيان بالمغرب و يأتي بالعشاء، و في الوقت المشترك يأتي بالصلاتين.

[سألة: 6 انما لا يلتفت بالشك في الصلاة بعد الوقت و يبني على إتيانها فيما إذا كان حدوثه بعده]

مسألة: 6 انما لا يلتفت بالشك في الصلاة بعد الوقت و يبني على إتيانها فيما إذا كان حدوثه بعده، فإذا شك فيها في أثناء الوقت و نسي الإتيان بها حتى خرج الوقت وجب قضاؤها، و ان كان شاكا فعلا في إتيانها في الوقت.

[مسألة: 7 إذا شك و اعتقد أنه خارج الوقت ثم تبين بعد الوقت ان شكه كان في أثناء الوقت]

مسألة: 7 إذا شك و اعتقد أنه خارج الوقت ثم تبين بعد الوقت ان شكه كان في أثناء الوقت يجب عليه قضاؤها، بخلاف العكس بأن اعتقد حال الشك انه في الوقت فترك الإتيان بها عمدا أو سهوا ثم تبين انه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء.

[مسألة: 8 حكم كثير الشك في الإتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره]

مسألة: 8 حكم كثير الشك (1) في الإتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره، فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت و خارجه. نعم في الوسواسي الظاهر أنه يبنى على الإتيان بها و ان كان في الوقت.

[القول في الشك في شي ء من أفعال الصلاة]
اشارة

القول في الشك في شي ء من أفعال الصلاة:

[مسألة: 1 من شك في شي ء من أفعال الصلاة، فإن كان قبل الدخول في غيره مما هو مترتب عليه وجب الإتيان به]

مسألة: 1 من شك في شي ء من أفعال الصلاة، فإن كان قبل الدخول في غيره مما هو مترتب عليه وجب الإتيان به، كما إذا شك في تكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في القراءة أو في الحمد و لم يدخل في السورة أو فيها قبل الركوع أو فيه قبل الهوي


1- لا يبعد اجراء حكم كثير الشك عليه و ان كان ما في المتن أحوط.

ص: 182

إلى السجود أو فيه و لم يدخل في القيام أو التشهد، و ان كان بعد الدخول في غيره مما هو مترتب عليه و ان كان مندوبا لم يلتفت و بنى على الإتيان به، من غير فرق بين الأوليين و الأخيرتين، فحينئذ لا يلتفت الى الشك في الفاتحة و هو آخذ في السورة و لا إلى السورة و هو في القنوت، و لا الى الركوع أو الانتصاب و هو في الهوي للسجود، و لا الى السجود و هو قائم أو في التشهد، و لا الى التشهد و هو قائم. نعم يجب (1) تداركه لو شك فيه و هو آخذ في القيام، و كذلك السجود لو شك فيه كذلك.

[مسألة: 2 انما لا يلتفت الى الشك بعد الدخول في الغير و يبني على الإتيان بالمشكوك]

مسألة: 2 انما لا يلتفت الى الشك بعد الدخول في الغير و يبني على الإتيان بالمشكوك إذا كان من الاجزاء المستقلة كالأمثلة المتقدمة، و يشكل جريان الحكم في جزء الجزء، كما إذا شك في أول السورة و هو في آخرها أو في الآية و هو في الآية المتأخرة أو في أول الآية و هو في آخرها، فالأحوط (2) في هذه الصور الإتيان بالمشكوك بقصد القربة المطلقة.

[مسألة: 3 لو شك في صحة الواقع و فساده لا في أصل الوقوع لم يلتفت و ان كان في المحل]

مسألة: 3 لو شك في صحة الواقع و فساده لا في أصل الوقوع لم يلتفت و ان كان في المحل، لكن الاحتياط في الصورة الثانية لا ينبغي تركه، بل لا يترك (3) بإعادة القراءة أو الذكر بنية القربة المطلقة، و في مثل الركوع و السجود بإتمام الصلاة ثم الإعادة.

[مسألة: 4 لو شك في التسليم لم يلتفت إذا كان قد دخل فيما هو مترتب على الفراغ]

مسألة: 4 لو شك في التسليم لم يلتفت إذا كان قد دخل فيما هو مترتب على الفراغ من التعقيب و نحوه أو في بعض المنافيات أو نحو ذلك مما لا يفعله المسلم الا بعد الفراغ، كما ان المأموم إذا شك في التكبير و قد كان في هيئة المصلي جماعة من الإنصات (4) و وضع اليدين على الفخذين و نحو ذلك لم يلتفت.


1- رجاء على الأحوط في التشهد و وجوبا في السجدة للنص.
2- و الأقوى جريان الحكم في جميع ما ذكر من الأمثلة.
3- بل لا بأس بتركه.
4- بما هو وظيفة للمقتدى و كذلك الاستماع أو الذكر.

ص: 183

[مسألة: 5 كل مشكوك أتى به لأنه في المحل ثم ذكر أنه فعله فإنه لا يبطل الصلاة]

مسألة: 5 كل مشكوك أتى به لأنه في المحل ثم ذكر أنه فعله فإنه لا يبطل الصلاة الا أن يكون ركنا، كما انه لا يبطل أيضا إذا لم يأت به لانه خرج عن المحل فبان عدم فعله ما لم يكن ركنا بعد أن لا يمكن تداركه بأن كان داخلا في ركن آخر، و الا تداركه مطلقا.

[مسألة: 6 لو شك و هو في فعل أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة عليه سابقا أم لا لم يلتفت]

مسألة: 6 لو شك و هو في فعل أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة عليه سابقا أم لا لم يلتفت (1)، و كذلك لو شك أنه هل سها كذلك أو لا بل هو أولى. نعم لو شك في السهو و عدمه و كان في محل يتلافى فيه المشكوك اتى به.

[القول في الشك في عدد ركعات الفريضة]
اشارة

القول في الشك في عدد ركعات الفريضة:

[مسألة: 1 لا حكم للشك المزبور بمجرد حصوله ان زال بعد ذلك بل بعد استقراره]

مسألة: 1 لا حكم للشك المزبور بمجرد حصوله ان زال بعد ذلك بل بعد استقراره، فحينئذ يكون مفسدا للثنائية و الثلاثية و الأوليين من الرباعية، و يصح في صور مخصوصة منها بعد إحراز الأوليين منها الحاصل برفع الرأس من السجدة الأخيرة، و أما مع إكمال الذكر الواجب فيها فالأحوط معه البناء ثم الإعادة (2).

(الصورة الاولى) من الصور المزبورة الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين، فإنه يبني على الثلاث و يأتي بالرابعة و يتم صلاته ثم يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس (3)، و الأحوط الأولى الجمع بينهما مع تقديم ركعة القيام ثم استيناف الصلاة من رأس.

(الثانية) الشك بين الثلاث و الأربع في أي موضع كان، فإنه يبني على الأربع و حكمه كالسابق حتى في الاحتياط الا في تقديم الركعة من قيام.

(الثالثة) الشك بين الاثنتين و الأربع بعد إكمال السجدتين، فإنه يبني على الأربع


1- ان كان ما شك في انه شك فيه مشكوكا فعلا و احتمل حدوث الشك في المحل ليكون حدوثه بعد المحل عودا لما ذهل، فإجراء قاعدة الشك بعد المحل فيه محل منع.
2- الأقوى كفاية البناء و عدم وجوب الإعادة و تحقق إكمال السجدتين بإكمال الذكر الواجب.
3- الأحوط اختيار الركعة من قيام في هذه الصورة.

ص: 184

و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام.

(الرابعة) الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد إكمال السجدتين، فإنه يبني على الأربع و يتم صلاته تم يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس، و الأحوط بل الأقوى تأخير الركعتين من جلوس.

(الخامسة) الشك بين الأربع و الخمس، و له صورتان: إحداهما بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع و يتشهد و يسلم ثم يسجد سجدتي السهو.

ثانيتهما حال القيام (1)، فيهدم و يجلس و يرجع شكه الى ما بين الثلاث و الأربع فيتم صلاته ثم يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.

(السادسة) لو شك بين الثلاث و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و يرجع شكه الى ما بين الاثنتين و الأربع فيتم صلاته و يعمل عمله.

(السابعة) الشك بين الثلاث و الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم القيام و يرجع شكه الى الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فيتم صلاته و يعمل عمله.

(الثامنة) الشك بين الخمس و الست حال القيام، يهدم القيام و يرجع شكه الى ما بين الأربع و الخمس فيتم و يسجد سجدتي السهو مرتين، و الأحوط في الصور الأربع المتأخرة استيناف الصلاة من رأس مع ذلك.

[مسألة: 2 إذا شك بين الثلاث و الأربع أو بين الثلاث و الخمس أو بين الثلاث و الأربع و الخمس في حال القيام]

مسألة: 2 إذا شك بين الثلاث و الأربع أو بين الثلاث و الخمس أو بين الثلاث و الأربع و الخمس في حال القيام و علم انه ترك سجدة أو سجدتين من الركعة السابقة بطلت الصلاة، لأنه يجب عليه الهدم لتدارك السجدة أو السجدتين، فيرجع (2) شكه الى ما قبل الإكمال.

[مسألة: 3 في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين]

مسألة: 3 في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين: إذا شك في الإكمال


1- و يسجد سجدتي السهو على الأحوط في هذه الصورة بعد الإتيان بما في المتن للقيام في غير المحل. و التعبير ب «يرجع شكه» مسامحة، لأن حال القيام شاك بين الثلاث و الأربع التام و لذا يجب عليه البناء على الأربع و ان ما بيده الخامسة فيجب هدمه، و كذا في السادسة و السابعة و الثامنة.
2- قد مر أن التعبير ب «يرجع» مسامحة، بل في جميع الصور قبل الجلوس شاك في الاثنين قبل الإكمال و الصلاة باطلة لا أنه يجب الهدم و يبطل بعد الجلوس.

ص: 185

و عدمه، فان كان حال الجلوس قبل القيام أو التشهد بطلت الصلاة لأنه محكوم بعدم الإتيان بالسجدتين أو إحداهما فيكون قبل الإكمال، و ان كان بعد تجاوز المحل لم تبطل لانه محكوم بالإتيان شرعا فيكون بعد الإكمال (1).

[مسألة: 4 الشك في الركعات ما عدا الصور المزبورة موجب للبطلان]

مسألة: 4 الشك في الركعات ما عدا الصور المزبورة موجب للبطلان. نعم لا يبعد الصحة فيما كان الطرف الأقل أربع و كان بعد إكمال السجدتين، فيبني عليها و ينفي الزائد و يتم الصلاة ثم يأتي بسجدتي السهو، كما في الشك بين الأربع و الخمس، بل و كذلك فيما إذا شك بين الأربع و الأقل منها و الأكثر و كان بعد إكمال السجدتين، كما إذا شك بين الثلاث و الأربع و الست، فلا يبعد أن يعمل عمل الشك بين الثلاث و الأربع و عمل الشك بين الأربع و الخمس، فيبني على الأربع و يأتي بصلاة الاحتياط ثم يسجد سجدتي السهو، و الاحتياط مع ذلك بالإعادة لا ينبغي تركه (2).

[مسألة: 5 لو علم و هو في الصلاة أنه شك سابقا بين الاثنين و الثلاث و لا يدري انه كان قبل إكمال السجدتين]

مسألة: 5 لو علم و هو في الصلاة أنه شك سابقا بين الاثنين و الثلاث و لا يدري انه كان قبل إكمال السجدتين أو بعده بنى على الثاني (3) و عمل عمله، و كذا إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة، و الأحوط البناء و عمل الشك ثم اعادة الصلاة.

[مسألة: 6 لو شك بعد الفراغ أن شكه كان موجبا لركعة أو ركعتين فالأحوط الإتيان بهما]

مسألة: 6 لو شك بعد الفراغ أن شكه كان موجبا لركعة أو ركعتين فالأحوط الإتيان بهما ثم اعادة الصلاة، و كذا لو لم يدر أنه اي شك كان من الشكوك الصحيحة، فإنه يعيد الصلاة بعد الإتيان بموجب الجميع، و يحصل ذلك بالإتيان بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس (4) و سجود السهو، و ان لم ينحصر المحتملات في الشكوك الصحيحة بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة (5).

[مسألة: 7 إذا عرض له أحد الشكوك و لم يعلم الوظيفة]

مسألة: 7 إذا عرض له أحد الشكوك و لم يعلم الوظيفة، فان لم يسع الوقت


1- و الأحوط البناء و الإتمام و الإعادة.
2- بل لا يترك.
3- مشكل فلا يترك الاحتياط بالبناء و عمل الشك ثم الإعادة.
4- و ركعة من قيام أيضا على الأحوط.
5- بعد الإتيان بوظيفة جميع الشكوك الصحيحة المحتملة على الأحوط.

ص: 186

أو لم يتمكن من التعلم في الوقت تعين عليه العمل على الراجح من المحتملات لو كان أو أحدها لو لم يكن و يتم صلاته، و إذا تبين له بعد ذلك أن العمل مخالف للواقع استأنف الصلاة و لو قضاءا، و أما إذا اتسع الوقت و تمكن من التعلم في الوقت يقطع الصلاة، و ان جاز له إتمام العمل على طبق بعض المحتملات ثم التعلم، فان كان موافقا اكتفى به و الا أعاد، و ان كان الأحوط الإعادة حتى مع الموافقة.

[مسألة: 8 لو انقلب شكه بعد الفراغ الى شك آخر]

مسألة: 8 لو انقلب شكه بعد الفراغ الى شك آخر- كما إذا شك بين الاثنتين و الأربع و بعد الصلاة انقلب الى الثلاث و الأربع أو شك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع فانقلب الى الثلاث و الأربع- صحت صلاته و لا شي ء عليه، و ان كان الأحوط (1) عمل الشك الثاني خصوصا في المثال الثاني. هذا إذا لم ينقلب الى ما يعلم معه بالنقيصة كالمثالين المذكورين، و أما إذا انقلب الى ذلك- كما إذا شك بين الاثنتين و الأربع ثم انقلب بعد الصلاة الى الاثنتين و الثلاث- فلا شك في أن اللازم أن يعمل عمل الشك المنقلب اليه لتبيين كونه في الصلاة و ان السلام وقع في غير محله، فيضيف الى عمل الشك الثاني سجدتي السهو للسلام في غير محله.

[مسألة: 9 إذا شك بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث ثم شك بين الثلاث البنائي و الأربع]

مسألة: 9 إذا شك بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث ثم شك بين الثلاث البنائي و الأربع، فالظاهر انقلاب شكه الى الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع فيعمل عمله.

[مسألة: 10 لو شك بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث فلما أتى بالرابعة تيقن انه حين الشك لم يأت بالثلاثة]

مسألة: 10 لو شك بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث فلما أتى بالرابعة تيقن انه حين الشك لم يأت بالثلاثة لكن يشك في انه في ذلك الحين أتى بركعة أو ركعتين، يرجع شكه بالنسبة الى حاله الفعلي بين الاثنتين و الثلاث فيعمل عمله.

[مسألة: 11 من كان عاجزا عن القيام و عرض له أحد الشكوك الصحيحة]

مسألة: 11 من كان عاجزا عن القيام و عرض له أحد الشكوك الصحيحة، الظاهر أن صلاته الاحتياطية القيامية تصير جلوسية و ما كانت جلوسية بالتعيين تبقى


1- لا وجه لهذا الاحتياط، بل الأحوط الإتيان بالنقيصة المحتملة موصولة ان لم يأت بالمنافي، و معه فإعادة الصلاة في الفرعين و لا خصوصية للثاني.

ص: 187

على حالها، و أما الجلوسية التي تكون بدلا عن القيامة ينتفى موضوعها فليست مشروعة (1).

ففي الشك بين الاثنتين و الثلاث أو الشك بين الثلاث و الأربع تتعين ركعة جالسا و ليس لها بدل. و في الشك بين الاثنتين و الأربع يتعين ركعتان جالسا، و في الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع ركعتان جالسا ثم ركعتان أخريان جالسا، و الأحوط في الجميع إعادة الصلاة بعد العمل المذكور.

[مسألة: 12 لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة و استينافها]

مسألة: 12 لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة و استينافها، بل يجب في كل منها العمل على وظيفته، نعم لو أبطل صلاته ثم استأنفها صحت صلاته المستأنفة و ان كان آثما في الإبطال.

[مسألة: 13 في الشكوك الباطلة: إذا غفل عن شكه و أتم الصلاة ثم تبين له الموافقة للواقع]

مسألة: 13 في الشكوك الباطلة: إذا غفل عن شكه و أتم الصلاة ثم تبين له الموافقة للواقع ففي الصحة و عدمها وجهان أوجههما البطلان (2).

[مسألة: 14 لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى بصلاته القصر و شك في الركعات بطلت]

مسألة: 14 لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى بصلاته القصر و شك في الركعات بطلت، و هل يجديه العدول الى التمام و يعالج به صلاته عن الفساد؟ فيه نظر و اشكال (3) كما مر في النية. نعم لو عرض له الشك بعد العدول صح.

[مسألة: 15 إذا شك و هو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين و الثلاث و علم بعدم إتيان التشهد]

مسألة: 15 إذا شك و هو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين و الثلاث و علم بعدم إتيان التشهد في هذه الصلاة، اما من جهة الشك في الركعات فيبني على الثلاث و اما من جهة التشهد فالأقوى الجمع (4) بين الإتيان به و قضائه بعد الصلاة للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما، و كذلك لو شك و هو قائم بين الثلاث و الأربع مع علمه بعدم الإتيان بالتشهد في الثانية وجب عليه العود لإتيانه ثم قضائه بعد الصلاة.


1- هذا على تقدير مشروعيتها بعنوان البدلية، و أما إذا كانت إحدى فردي التخييري كما هو الظاهر فتتعين بالعجز عن الأخر. نعم في الشك بين الثلاث و الأربع يحتاط بالجمع بين الركعة و الركعتين عن جلوس ثم الإعادة.
2- على الأحوط في الثنائية و الثلاثية و الأوليين من الرباعية، و أما في غيرها فلا يبعد الصحة مع الموافقة، لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط بالإعادة.
3- الأقوى بطلان الصلاة و عدم جواز العدول بعد الشك.
4- بل الأحوط أن يأتي بالتشهد رجاء، و الأقوى وجوب قضاء التشهد في الفرعين.

ص: 188

[القول في الشكوك التي لا اعتبار بها]
اشارة

القول في الشكوك التي لا اعتبار بها:

و هي في مواضع:

منها: الشك بعد تجاوز المحل و قد مر.

و منها: الشك في الصلاة بعد الوقت و قد مر أيضا.

و منها: الشك بعد الفراغ من الصلاة سواء تعلق بشروطها أو أجزائها أو ركعاتها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشك الصحة، فلو شك في الرباعية أنه صلى ثلاثا أو أربع أو خمس و في الثلاثية انه صلى ثلاثا أو أربع و في الثنائية انه صلى اثنتين أو ثلاثا بنى على الصحيح في الكل، بخلاف ما إذا شك في الرباعية أنه صلى ثلاثا أو خمسا و في الثلاثية انه صلى اثنتين أو أربع بطلت، للعلم الإجمالي بالزيادة أو النقيصة.

و منها: شك كثير الشك، سواء كان في الركعات أو الافعال أو الشرائط، فيبني على وقوع ما شك فيه و ان كان في محله، إلا إذا كان مفسدا فيبني على عدم وقوعه.

و لو كان كثير الشك في شي ء خاص أو في صلاة خاصة يختص الحكم به، فلو شك في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشك.

[مسألة: 1 المرجع في كثرة الشك الى العرف]

مسألة: 1 المرجع في كثرة الشك الى العرف، و لا يبعد تحققه فيما إذا لم تخل منه ثلاث صلوات متوالية من الشك، و يعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة (1) عروض عارض من خوف أو غضب أو هم و نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس.

[مسألة: 2 لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك أم لا]

مسألة: 2 لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك أم لا بنى على عدمها (2)، كما أن كثير الشك لو شك في زوال تلك الحالة بنى على بقائها.

[مسألة: 3 لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه]

مسألة: 3 لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه، فلو شك في الركوع في المحل لا يجوز أن يركع و الا بطلت صلاته. نعم في الشك في القراءة أو الذكر لو أتى بقصد القربة المطلقة لا بأس به (3) ما لم يكن بحد الوسواس.


1- بل المعتبر صدق كونها حالة ثانوية له عرفا من غير فرق بين أسباب عروضها.
2- في الشبهة المصداقية، و أما في الشبهة المفهومية فيرجع الى أحكام الشك، و كذلك في الشك في البقاء.
3- الأحوط عدم الاعتناء به مطلقا.

ص: 189

و منها: شك كل من الامام و المأموم في الركعات مع حفظ الأخر، فإنه يرجع الشاك منهما إلى الأخر. و لا يجري الحكم في الشك في الافعال (1)، و الظان منهما يرجع الى المتيقن (2)، بل لا يبعد رجوع الشاك الى الظان. و إذا كان الامام شاكا و المأمومون مختلفين في الاعتقاد لم يرجع إليهم. نعم لو كان بعضهم شاكا و بعضهم متيقنا رجع الى المتيقن منهم، بل يرجع الشاك منهم بعد ذلك الى الامام إذا حصل له الظن، و أما مع عدم حصوله له ففيه اشكال لا يترك الاحتياط (3) بالرجوع ثم اعادة الصلاة بعد تمامها.

[مسألة: 4 إذا عرض الشك لكل من الامام و المأموم]

مسألة: 4 إذا عرض الشك لكل من الامام و المأموم، فإن اتحد شكهما عمل كل منهما عمل ذلك الشك، كما انه لو اختلف شكهما و لم يكن بين شكيهما رابطة- كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين و الثلاث و الأخر بين الأربع و الخمس- ينفرد المأموم و يعمل كل منهما عمل شكه، و أما إذا كان بينهما رابطة و قدر مشترك- كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين و الثلاث و الأخر بين الثلاث و الأربع- فإن الثلاث طرف شك كل منهما يبنيان على ذلك القدر المشترك، لان ذلك قضية رجوع الشاك منهما الى الحافظ، حيث ان الشاك بين الاثنتين و الثلاث معتقد بعدم الأربع و شاك في الثلاث و الشاك بين الثلاث و الأربع معتقد بوجود الثلاث و شاك في الأربع، فالأول يرجع الى الثاني في تحقق الثلاث و الثاني يرجع الى الأول في نفي الأربع، فينتج بناءهما على الثلاث، و الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة. نعم يكتفى في تحقق الاحتياط في الأول (4) البناء على الثلاث و الإتيان بصلاة الاحتياط.

و منها: الشك في ركعات النافلة، سواء كانت ركعة كصلاة (5) الوتر أو ركعتين


1- بل الجريان أيضا لا يخلو عن وجه إذا كان الشك في فعلهما معا.
2- بل الظان يعمل بظنه و الشاك يرجع اليه.
3- بل الاحتياط في الفرض عدم الرجوع و تعين العمل بالشك.
4- و كذا في كل من كان رجوعه إلى الأخر موافقا لوظيفة شكه، فيكفيه في الاحتياط العمل بها بعد الرجوع و الإتمام.
5- الاحتياط فيها الإعادة.

ص: 190

كسائر النوافل، فيتخير بين البناء على الأقل أو الأكثر، و ان كان الأول هو الأفضل، الا أن يكون الأكثر مفسدا فيتعين البناء على الأقل. و أما الشك في أفعال النافلة فهو كالشك في أفعال الفريضة، أتى به إذا كان في المحل و لم يلتفت إذا كان بعد تجاوز المحل، و لا يجب فيها قضاء السجدة المنسية و لا التشهد المنسي، كما أنه لا يجب سجود السهو فيها لموجباته.

[مسألة: 5 النوافل التي لها كيفية خاصة أو سورة مخصوصة كصلاتي ليلة الدفن]

مسألة: 5 النوافل التي لها كيفية خاصة أو سورة مخصوصة كصلاتي ليلة الدفن و الغفيلة إذا نسي فيها تلك الكيفية، فإن أمكن الرجوع و التدارك رجع و تدارك، و ان لم يمكن أعادها، لأن الصلاة و ان صحت الا انها لا تكون تلك الصلاة المخصوصة.

نعم لو نسي بعض (1) التسبيحات في صلاة جعفر قضاه متى تذكر.

[القول في حكم الظن في أفعال الصلاة و ركعاتها]

اشارة

القول في حكم الظن في أفعال الصلاة و ركعاتها:

[مسألة: 1 الظن في عدد الركعات إذا كان متعلقا بالركعتين الأخيرتين من الرباعية كاليقين]

مسألة: 1 الظن في عدد الركعات إذا كان متعلقا بالركعتين الأخيرتين من الرباعية كاليقين، فيجب العمل بمقتضاه و لو كان مسبوقا بالشك، فلو شك أولا ثم ظن بعد ذلك فيما كان شاكا فيه كان العمل على الأخير كالعكس، و كذا لو انقلب شكه الى شك آخر عمل بالأخير، فلو شك في حال القيام بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع فلما رفع رأسه من السجود شك بين الأربع و الخمس عمل عمل الشك الثاني، و هكذا.

و أما الظن في الثنائية و الثلاثية و الركعتين الأوليين من الرباعية كالظن في الأفعال، ففي اعتباره اشكال (2)، خصوصا في الأفعال، فلا يترك الاحتياط فيما لو خالف الظن مع وظيفة الشك، كما إذا ظن بالإتيان و هو في المحل بإتيان مثل القراءة بنية القربة المطلقة و إتيان مثل الركوع ثم الإعادة، و كذا إذا ظن بعدم الإتيان بعد المحل.

[مسألة: 2 لو تردد في أن الحاصل له ظن أو شك كما يتفق كثيرا لبعض الناس]

مسألة: 2 لو تردد في أن الحاصل له ظن أو شك كما يتفق كثيرا لبعض الناس


1- بل أتاه في محل آخر، و إذا نسي قضاه بعد الصلاة.
2- و الأقوى اعتباره مطلقا في الركعات و الافعال.

ص: 191

كان ذلك شكا (1). نعم لو كان مسبوقا بالظن لا يبعد البناء عليه (2).

[القول في ركعات الاحتياط]

اشارة

القول في ركعات الاحتياط:

[مسألة: 1 ركعات الاحتياط واجبة]

مسألة: 1 ركعات الاحتياط واجبة، فلا يجوز تركها و اعادة الصلاة من الأصل، و يجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة، كما أنه لا يجوز الفصل بينها و بين الصلاة بالمنافي، فإن فعل ذلك فالأحوط الإتيان بها و اعادة الصلاة، و إذا أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثم تبين له تمامية الصلاة لا يجب إعادتها (3).

[مسألة: 2 لا بد في صلاة الاحتياط من النية و تكبيرة الإحرام و قراءة الفاتحة سرا]

مسألة: 2 لا بد في صلاة الاحتياط من النية و تكبيرة الإحرام و قراءة الفاتحة سرا حتى في البسملة على الأحوط و ركوع و سجود و تشهد و تسليم، و لا قنوت فيها و ان كانت ركعتين، كما انه لا سورة فيها.

[مسألة: 3 لو نسي ركنا في ركعات الاحتياط أو زاده فيها بطلت]

مسألة: 3 لو نسي ركنا في ركعات الاحتياط أو زاده فيها بطلت، فلا يترك الاحتياط بفعل الاحتياط ثم استيناف الصلاة.

[مسألة: 4 لو بان الاستغناء عن صلاة الاحتياط قبل الشروع فيها لا يجب الإتيان بها]

مسألة: 4 لو بان الاستغناء عن صلاة الاحتياط قبل الشروع فيها لا يجب الإتيان بها، و ان كان بعد الفراغ منها وقعت نافلة، و ان كان في الأثناء أتمها كذلك، و الأحوط له إضافة ركعة ثانية لو كانت ركعة من قيام. و إذا تبين نقص الصلاة بعد الفراغ من صلاة الاحتياط، فان كان النقص بمقدار ما فعله من الاحتياط- كما إذا شك بين الثلاث و الأربع و بعد صلاة الاحتياط تبين كونها ثلاثا- تمت صلاته، و الأحوط الاستيناف، و ان كان أزيد منه- كما إذا شك بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و صلى صلاة الاحتياط فتبين كونها ركعتين و ان الناقص ركعتان- فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط


1- مشكل، بل الأقوى إجراء حكم الظن عليه لكفاية هذا الترديد في إخراجه من حد الاعتدال المأخوذ في موضوع أحكام الشكوك.
2- مشكل لان الشك ليس في ارتفاع شي ء و بقائه، بل في أن مفهوم الظن يشمل هذا الموجود أم لا. و أما استصحاب الحكم مع الشك في الموضوع فهو أشكل، اللهم الا أن يستصحب حكم المظنون لا العمل بالظن.
3- و لا الإتيان بصلاة الاحتياط.

ص: 192

بل يجب إعادة الصلاة (1). و كذا لو تبين كون النقص أقل منه- كما إذا شك بين الاثنتين و الأربع فبنى على الأربع و أتى بركعتين من قيام ثم تبين كون صلاته ثلاث ركعات.

و إذا تبين النقص في أثناء صلاة الاحتياط، فأما أن يكون ما بيده من صلاة الاحتياط موافقا لما نقص من الصلاة كما و كيفا، و اما أن يكون مخالفا له كذلك، و اما أن يكون موافقا له في أحدهما، و الأقوى الاكتفاء (2) بإتمام صلاة الاحتياط في الصورة الاولى، و إلغاء صلاة الاحتياط و الرجوع الى حكم تذكر النقص في باقي الصور، و الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة. و إذا تبين النقص قبل الدخول في الاحتياط كان له حكم من نقص ركعة من التدارك الذي قد عرفته، فلا تكفي صلاة الاحتياط بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص و سجدتا السهو للسلام في غير محله.

[مسألة: 5 لو شك في إتيان صلاة الاحتياط فان كان بعد الوقت لا يلتفت اليه]

مسألة: 5 لو شك في إتيان صلاة الاحتياط فان كان بعد الوقت لا يلتفت اليه، و ان كان في الوقت فان لم يدخل في فعل آخر و لم يأت بالمنافي و لم يحصل الفصل الطويل بنى على عدم الإتيان، و مع أحد الأمور الثلاثة فللبناء على الإتيان بها وجه، و لكن الأحوط الإتيان بها ثم اعادة الصلاة.

[مسألة: 6 لو شك في فعل من أفعالها أتى به لو كان في المحل]

مسألة: 6 لو شك في فعل من أفعالها أتى به لو كان في المحل، و بنى على الإتيان لو تجاوز، كالشك في أفعال أصل الصلاة، و لو شك في ركعاتها فلا يبعد (3) وجوب البناء على الأكثر الا أن يكون مبطلا فيبني على الأقل، لكن الأحوط مع ذلك إعادتها ثم اعادة أصل الصلاة.

[مسألة: 7 إذا نسيها و دخل في صلاة أخرى من نافلة أو فريضة قطعها و أتى بها]

مسألة: 7 إذا نسيها و دخل في صلاة أخرى من نافلة أو فريضة قطعها (4) و أتى بها خصوصا فيما إذا كانت الثانية مرتبة على الاولى، و الأحوط مع ذلك إعادة أصل الصلاة


1- بعد تتميم ما نقص متصلة ان كان تبين قبل المنافي على الأحوط، و كذا لو تبين زيادة صلاة الاحتياط عن النقص في الصلاة.
2- بل الأقوى فيه أيضا إلغاء صلاة الاحتياط و الرجوع الى حكم تذكر النقص ثم اعادة الصلاة كما في باقي الصور، لأن صلاة الاحتياط مخصوصة للشاك و هذا متيقن.
3- لا يترك الاحتياط بالبناء على الأكثر أو الأقل ثم إعادتها و اعادة أصل الصلاة.
4- و الأحوط ان يأتي بالاحتياط في أثنائها ثم يعيد الصلاتين، و كذا في المرتبتين.

ص: 193

[القول في الاجزاء المنسية]

اشارة

القول في الاجزاء المنسية:

[مسألة: 1 لا يقضى من الاجزاء المنسية في الصلاة غير السجود و التشهد]

مسألة: 1 قد عرفت أنه لا يقضى من الاجزاء المنسية في الصلاة غير السجود و التشهد و أبعاضه (1)، خصوصا الصلاة على النبي و آله، فينوي أنهما عوض ذلك المنسي مقارنا بالنية لاولهما محافظا على ما كان واجبا فيهما حال الصلاة، فإنهما كالصلاة في الشرائط و الموانع، بل لا يجوز الفصل بينهما و بين الصلاة بالمنافي على الأحوط، فلو فعل فلا يترك الاحتياط (2) في استيناف الصلاة بعد فعلهما كما مر مثله في الاحتياط.

[مسألة: 2 لو تكرر نسيان السجدة أو التشهد يتكرر قضاؤهما بعدد المنسي]

مسألة: 2 لو تكرر نسيان السجدة أو التشهد يتكرر قضاؤهما بعدد المنسي، و لا يشترط التعيين و لا ملاحظة الترتيب. نعم لو نسي السجدة و التشهد معا فالأحوط تقديم قضاء السابق منهما في الفوت، و لو لم يعلم السابق احتاط بالتكرار، فيأتي بما قدمه مؤخرا أيضا.

[مسألة: 3 لا يجب التسليم في التشهد القضائي]

مسألة: 3 لا يجب التسليم في التشهد القضائي، كما لا يجب التشهد و التسليم في السجدة القضائية. نعم لو كان المنسي التشهد الأخير الأحوط إتيانه بقصد القربة من غير نية الأداء و القضاء مع الإتيان بالسلام بعده، كما أن الأحوط في نسيان السجدة من الركعة الأخيرة إتيانها كذلك مع الإتيان بالتشهد و التسليم، لاحتمال وقوع السلام في الأول و التشهد و التسليم في الثاني في غير محله (3)، و كان تداركهما بعنوان الجزئية للصلاة لا بعنوان القضاء.

[مسألة: 4 لو اعتقد نسيان السجدة أو التشهد مع فوات محل تداركهما، ثم بعد الفراغ من الصلاة]

مسألة: 4 لو اعتقد نسيان السجدة أو التشهد مع فوات محل تداركهما، ثم بعد الفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده شكا، الأحوط وجوب القضاء (4).


1- على الأحوط.
2- و الأقوى جواز الاكتفاء باتيانهما.
3- و يجب الإتيان في الفرعين بسجدتي السهو اما لنسيان السجدة أو التشهد و أما للتسليم في غير المحل.
4- و الأقوى عدم وجوبه.

ص: 194

[مسألة: 5 لو شك في أن الفائت سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين بنى على الأقل]

مسألة: 5 لو شك في أن الفائت سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين بنى على الأقل.

[مسألة: 6 لو نسي قضاء السجدة أو التشهد و تذكر بعد الدخول في صلاة أخرى قطعها]

مسألة: 6 لو نسي قضاء السجدة أو التشهد و تذكر بعد الدخول في صلاة أخرى قطعها (1) و أتى به حتى إذا كانت الثانية فريضة، خصوصا إذا كانت مرتبة على الاولى.

[مسألة: 7 لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر و ضاق وقت العصر]

مسألة: 7 لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر و ضاق وقت العصر، فإن أدرك منها ركعة قدمهما (2) و الا قدم العصر و قضى الجزء بعدها، و كذا الحال لو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر و ضاق وقت العصر، لكن في هذه الصورة مع تقديم العصر يحتاط (3) بإعادة الظهر أيضا بعد الإتيان باحتياطها.

[القول في سجود السهو]

اشارة

القول في سجود السهو:

[مسألة: 1 يجب سجود السهو للكلام ساهيا و لو لظن الخروج]

مسألة: 1 يجب سجود السهو للكلام ساهيا و لو لظن الخروج، و السلام في غير محله، و نسيان السجدة الواحدة إذا فات محل تداركها، و نسيان التشهد مع فوت محل تداركه، و الشك بين الأربع و الخمس، و الأحوط إتيانه لكل زيادة في الصلاة و نقيصة لم يذكرها في محلها، و ان كان الأقوى عدم وجوبه لغير ما ذكر. نعم لا يترك الاحتياط في القيام في موضع القعود و بالعكس، و الكلام و ان طال له سجدتا سهو ان كان كلاما واحدا. نعم ان تعدد- كما لو تذكر في الأثناء ثم سها بعد ذلك فتكلم- تعدد السجود.

[مسألة: 2 التسليم الزائد لو وقع مرة واحدة و لو بجميع صيغه سجد له سجدتي السهو مرة واحدة]

مسألة: 2 التسليم الزائد لو وقع مرة واحدة و لو بجميع صيغه سجد له سجدتي السهو مرة واحدة، و ان تعدد سجد له متعددا، و الأحوط تعدده لكل تسليم، و كذا الحال في التسبيحات الأربع.

[مسألة: 3 لو كان عليه سجود سهو و أجزاء منسية و ركعات احتياطية أخر السجود]

مسألة: 3 لو كان عليه سجود سهو و أجزاء منسية و ركعات احتياطية أخر السجود


1- بطلان النافلة بإتيان المنسي في أثنائها غير معلوم، و أما الفريضة فالأحوط إتمامها ثم الإتيان به.
2- بل يقدم العصر عليهما.
3- لكن يجب.

ص: 195

عنهما، و يتخير في الاجزاء و الركعات في تقديم أحدهما على الأخر، و ان كان الأحوط (1) تقديم الركعات الاحتياطية.

[مسألة: 4 يجب المبادرة في سجود السهو بعد الصلاة]

مسألة: 4 يجب المبادرة في سجود السهو بعد الصلاة، و يعصي بالتأخير لكن صلاته صحيحة، و لم يسقط وجوب السجود عنه بذلك و لا فوريته، فيسجد مبادرا.

كما أنه لو نسيه مثلا يسجد حين الذكر كذلك، فلو أخره عصى أيضا.

[مسألة: 5 يجب في السجود المزبور النية مقارنا لأول مسماه]

مسألة: 5 يجب في السجود المزبور النية مقارنا لأول مسماه و لو بالاستمرار من الهوي اليه، و لا يجب فيه تعيين السبب و لو مع التعدد، كما أنه لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه على الأقوى، و لا يجب فيه التكبير و ان كان الأحوط فعله. و يجب فيه جميع ما يجب في سجود الصلاة على الأحوط خصوصا في وضع المساجد السبعة و عدم وضع الجبهة على المأكول و الملبوس، بل اعتبارهما لا يخلو من قوة. و يجب فيه الذكر المخصوص، فيقول في كل من السجدتين «بسم اللّٰه و باللّه و صلى اللّٰه على محمد و آل محمد» أو يقول «بسم اللّٰه و باللّه اللهم صل على محمد و آل محمد» أو يقول «بسم اللّٰه و باللّه السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته»، و الأحوط اختيار الأخير. و يجب بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة التشهد و التسليم، و الواجب من التسليم أن يقول «السلام عليكم» و من التشهد المتعارف منه في الصلاة.

[مسألة: 6 لو شك في تحقق موجبه بنى على عدمه]

مسألة: 6 لو شك في تحقق موجبه بنى على عدمه، و لو شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب الإتيان به، و لو علم بالموجب و تردد بين الأقل و الأكثر بنى على الأقل. و لو شك في فعل من أفعاله، فإن كان في المحل أتى به، و ان تجاوز (2) لم يلتفت.

و إذا شك في أنه سجد سجدتين أو واحدة بنى على الأقل إلا إذا دخل في التشهد، و لو علم بأنه زاد سجدة أو علم أنه نقص واحدة عاد.


1- بل الأقوى.
2- إجراء حكم الشك بعد المحل فيه لا يخلو عن إشكال، فالأحوط تحصيل اليقين بالبراءة. نعم لا إشكال في الحكم بالصحة إذا شك فيها بعد الفراغ منه.

ص: 196

[القول في صلاة القضاء]

اشارة

القول في صلاة القضاء:

يجب قضاء الصلوات اليومية التي فاتت في أوقاتها عمدا أو سهوا أو جهلا أو لأجل النوم المستوعب للوقت و غير ذلك، و كذا المأتي بها فاسدا لفقد شرط أو جزء يوجب تركه البطلان. و لا يجب قضاء ما تركه الصبي في زمان صباه، و المجنون في حال جنونه، و المغمى عليه إذا لم يكن إغماؤه بفعله، و الكافر الأصلي دون المرتد، فإنه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده بعد التوبة، و تصح منه و ان كان عن فطرة على الأصح، و الحائض و النفساء مع استيعاب الوقت.

[مسألة: 1 يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فات منه]

مسألة: 1 يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فات منه أو أتى به على وجه يخالف مذهبه، بخلاف ما إذا أتى به على وفق مذهبه، فإنه لا يجب عليه قضاؤها و ان كانت فاسدة بحسب مذهبنا. نعم إذا كان الوقت باقيا يجب عليه الأداء، و حينئذ لو تركه يجب عليه القضاء.

[مسألة: 2 إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه في الوقت وجب عليهم الأداء]

مسألة: 2 إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه في الوقت وجب عليهم الأداء و ان لم يدركوا (1) الا مقدار ركعة، و مع الترك يجب عليهم القضاء، و كذلك الحائض و النفساء إذا زال عذرهما، كما أنه إذا طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضي (2) مقدار صلاة المختار من أول الوقت بحسب حالهم من السفر و الحضر و الوضوء و التيمم و لم يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء.

[مسألة: 3 فاقد الطهورين يجب عليه القضاء]

مسألة: 3 فاقد الطهورين يجب عليه القضاء، و لا يترك الاحتياط بالإتيان بالأداء أيضا.

[مسألة: 4 يجب قضاء غير اليومية سوى العيدين حتى المنذورة في وقت معين]

مسألة: 4 يجب قضاء غير اليومية سوى العيدين حتى المنذورة في وقت معين على الأقوى (3).


1- على الأحوط.
2- بل و صلاة المضطر أيضا إلا في الحائض و النفساء، فإنهما لا تقضيان الا مع إدراك صلاة المختار و كذا في آخر الوقت.
3- بل الأحوط.

ص: 197

[مسألة: 5 يجوز قضاء الفرائض في كل وقت من ليل أو نهار]

مسألة: 5 يجوز قضاء الفرائض في كل وقت من ليل أو نهار أو سفر أو حضر، و يصلي في السفر ما فات في الحضر تماما، كما انه يصلي في الحضر ما فات في السفر قصرا كما سيأتي في صلاة المسافر، و إذا كان في أول الوقت حاضرا و في آخر الوقت مسافرا أو بالعكس فالعبرة بحال الفوت على الأصح، فيقضي قصرا في الأول و تماما في الثاني. و إذا فاتته فيما يجب عليه فيه الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام فالقضاء كذلك.

[مسألة: 6 إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالظاهر التخيير في القضاء أيضا]

مسألة: 6 إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالظاهر (1) التخيير في القضاء أيضا إذا قضاها في تلك الأماكن، و تعين القصر إذا قضاها في غيرها.

[مسألة: 7 يستحب قضاء النوافل و الرواتب]

مسألة: 7 يستحب قضاء النوافل و الرواتب، و من عجز عن قضائها استحب له التصدق عن كل ركعتين بمد، و ان لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمد، و ان لم يتمكن فمد لصلاة الليل و مد لصلاة النهار.

[مسألة: 8 إذا تعددت الفوائت فالأقوى عدم وجوب الترتيب في قضائها]

مسألة: 8 إذا تعددت الفوائت فالأقوى عدم وجوب الترتيب في قضائها، بمعنى تقديم قضاء السابق في الفوات على اللاحق، إلا إذا كانت من يوم واحد و كان الترتيب معتبرا في أدائها شرعا كالظهرين و العشاءين، فإذا فات الظهر من يوم و العصر من يوم آخر أو الصبح من يوم و الظهر من يوم آخر يجوز له تقديم قضاء ما تأخر فواته، و كذا إذا فات الصبح و الظهر معا أو العصر و المغرب أو العصر و العشاء من يوم واحد، بخلاف ما إذا فات الظهران أو العشاءان من يوم واحد، فإنه لا يجوز تقديم قضاء العصر على الظهر و العشاء على المغرب، و لكن الأحوط ملاحظة الترتيب مطلقا.

[مسألة: 9 لو علم أن عليه احدى صلوات الخمس من غير التعيين يكفيه صبح و مغرب و أربع ركعات]

مسألة: 9 لو علم أن عليه احدى صلوات الخمس من غير التعيين يكفيه صبح و مغرب و أربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر و العصر و العشاء مخيرا فيها بين الجهر و الإخفات، و إذا كان مسافرا يكفيه مغرب و ركعتان مرددتان بين الأربع، و ان لم يعلم أنه كان حاضرا أو مسافرا يأتي بركعتين مرددتين بين الأربع


1- مشكل بل الأحوط القصر مطلقا.

ص: 198

و أربع ركعات مرددة بين الثلاث، و إذا علم ان عليه اثنتين من الخمس من يوم أتى بصبح ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر ثم مغرب ثم عشاء (1)، و إذا علم انه كان في السفر أتى باثنتين مرددتين بين الصبح و الظهر ثم ركعتين (2) للعصر ثم مغرب ثم ركعتين للعشاء، و ان لم يعلم انه كان مسافرا أو حاضرا أتى بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر ثم ركعتين للعصر ثم المغرب ثم ركعتين للعشاء ثم أربع ركعات للظهر ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء، و إذا علم ان عليه ثلاث من الخمس و كان حاضرا وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب، و ان كان في السفر يكفيه أربع صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح و الظهر ثم ركعتان للعصر (3) ثم المغرب ثم العشاء، و إذا علم بفوات أربع منها أتى بالخمس تماما إذا كان في الحضر و قصرا إذا كان في السفر.

[مسألة: 10 إذا علم بفوات صلاة معينة كالصبح مثلا مرات و لم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى]

مسألة: 10 إذا علم بفوات صلاة معينة كالصبح مثلا مرات و لم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، و لكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ، خصوصا مع سبق العلم بالمقدار و حصول النسيان بعده، بل الاحتياط فيه لا يترك، و كذلك الحال فيما إذا فاتت منه صلوات أيام لا يعلم عددها.

[مسألة: 11 لا يجب الفور في القضاء]

مسألة: 11 لا يجب الفور في القضاء، بل هو موسع ما دام العمر إذا لم ينجر إلى المسامحة في أداء التكليف و التهاون به.

[مسألة: 12 الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء الى زمان رفع العذر]

مسألة: 12 الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء الى زمان رفع العذر إلا إذا علم ببقائه إلى آخر العمر أو خاف مفاجاة الموت. نعم فيما إذا كان معذورا عن الطهارة المائية الظاهر جواز القضاء مع الترابية، حتى مع رجاء زوال العذر فيما بعد.


1- بل يأتي بأربع مردد بين العصر و العشاء، و يمكن أن يأتي بصبح ثم بمغرب ثم يأتي بأربع مردد بين الظهر و العصر و العشاء ثم بأربع مردد بين العصر و العشاء.
2- و يمكن أن يأتي بمغرب ثم يأتي بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر و العشاء ثم يأتي بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر و العشاء.
3- بل مرددتان بين الظهر و العصر.

ص: 199

[مسألة: 13 لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة]

مسألة: 13 لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة لمن عليه القضاء، و ان كان الأحوط تقديمها عليها خصوصا في فائتة ذلك اليوم، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول منها إليها إذا لم يتجاوز محل العدول.

[مسألة: 14 يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى]

مسألة: 14 يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى، كما يجوز الإتيان بها أيضا بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة.

[مسألة: 15 يجوز الإتيان بالقضاء جماعة]

مسألة: 15 يجوز الإتيان بالقضاء جماعة، سواء كان الامام قاضيا أو مؤديا، بل يستحب ذلك، و لا يجب اتحاد صلاة الامام و المأموم.

[مسألة: 16 يجب على الولي- و هو الولد الأكبر- قضاء ما فات عن والده من الصلاة]

مسألة: 16 يجب على الولي- و هو الولد الأكبر- قضاء ما فات عن والده من الصلاة لعذر من نوم أو مرض (1) و نحو ذلك، و الأحوط إلحاق الوالدة بالوالد، و ما تركه عمدا بما تركه لعذر، بل لا يترك الاحتياط في الثاني. نعم الظاهر أنه لا يجب عليه قضاء ما أتى به فاسدا من جهة إخلاله (2) بما اعتبر فيه. و انما يجب عليه قضاء ما فات عن الميت من صلاة نفسه دون ما وجب عليه بالإجارة أو من جهة كونه وليا، و لا يجب (3) على البنات و لا على غير الولد الأكبر من الذكور و لا على الذكور من سائر الأقارب كالأب و الأخ و العم و الخال و ان كان أحوط. و إذا مات الولد الأكبر بعد والده لا يجب على من دونه في السن من اخوته، و لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت، فيجب على الصبي إذا بلغ و المجنون إذا عقل، كما أنه لا يعتبر كونه وارثا، فيجب على الممنوع منه بسبب القتل أو الرق أو الكفر. و لو تساوى ولدان في السن يقسط القضاء عليهما، و لو كان كسر يجب عليهما كفاية. و لا يجب على الولي المباشرة، بل يجوز له أن يستأجر، و الأجير يقصد النيابة عن الميت لا عن الولي، و إذا باشر الولي يراعي تكليف نفسه باجتهاد أو تقليد في أحكام الشك و السهو، بل و في أجزاء الصلاة و شرائطها دون تكليف الميت، كما انه يراعي تكليف


1- إذا فرض بحيث لا يقدر على الصلاة بأي مرتبة منها مع حفظ عقله و شعوره.
2- الظاهر عدم الفرق بينها و بين ما لم يأت بها أصلا.
3- الأحوط قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور ثم الإناث في كل طبقة.

ص: 200

نفسه في أصل وجوب القضاء إذا اختلف مقتضى تقليده أو اجتهاده مع الميت.

[القول في صلاة الاستيجار]

اشارة

القول في صلاة الاستيجار:

يجوز الاستيجار للنيابة عن الأموات في قضاء الصلوات كسائر العبادات، كما يجوز النيابة عنهم تبرعا، و يقصد النائب بفعله أجيرا كان أو متبرعا النيابة و البدلية عن فعل المنوب عنه و فراغ ذمته، و تفرغ بذلك ذمته و يتقرب به و يثاب عليه كما يثاب النائب أيضا عليه. و لا يعتبر فيه (1) قصد القربة على النحو الذي يعمل المكلف لنفسه.

و يجب تعيين الميت المنوب عنه في قصده و لو بالإجمال كصاحب المال و نحوه.

[مسألة: 1 يجب على من عليه واجب من الصلاة و الصيام الإيصاء باستئجاره]

مسألة: 1 يجب على من عليه واجب من الصلاة و الصيام الإيصاء باستئجاره، و يجب على الوصي إخراجها من الثلث، و هذا بخلاف الحج و الواجبات المالية كالزكاة و الخمس و المظالم و الكفارات، فإنها تخرج من أصل المال أوصى بها أو لم يوص إلا إذا أوصى بأن تخرج من الثلث فتخرج منه فان لم يف بها يخرج الزائد من الأصل، و إذا أوصى بأن يقضى عنه الصلاة و الصوم و لم يكن له تركة لا يجب على الوصي (2) و لا على الوارث المباشرة و لا الاستيجار من مالهما. نعم يجب على وليه قضاء ما فات منه اما بالمباشرة أو الاستيجار من ماله و ان لم يوص به كما مر.

[مسألة: 2 إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به]

مسألة: 2 إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به، فان اشترط عليه المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة الى ما بقي عليه و تشتغل ذمته بمال الإجارة ان قبضه فيخرج من تركته، و ان لم يشترط المباشرة وجب الاستيجار من تركته ان كان له تركة، و الا فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون (3) إذا لم يكن له تركة.

[مسألة: 3 يشترط في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة و شرائطها و منافياتها]

مسألة: 3 يشترط في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة و شرائطها و منافياتها


1- فإن الذي يعتبر فيه هو قصد امتثال أمر المنوب عنه و تقربه و لو كان الداعي لهذا القصد إيفاء الإجارة و استحقاق الجعل، و هذا معنى القرب المعتبر فيه.
2- الأحوط عدم مخالفة الولد ذكرا كان أو أنثى للوصية إلا إذا كان حرجا عليه، و أما غير الولد ممن يجب عليه اطاعته فلا يجب عليه.
3- نعم يجوز تفريغ ذمته من الزكاة و نحوها و تبرعا.

ص: 201

و أحكام الخلل و غيرها عن اجتهاد أو تقليد صحيح. نعم لا يبعد جواز استيجار تارك الاجتهاد و التقليد إذا كان عارفا بكيفية الاحتياط و كان محتاطا في عمله.

[مسألة: 4 لا يشترط عدالة الأجير]

مسألة: 4 لا يشترط عدالة الأجير، بل يكفى كونه أمينا بحيث يطمأن بإتيانه على الوجه الصحيح و ان لم يكن عادلا. و هل يعتبر فيه البلوغ فلا يصح استئجار الصبي المميز و نيابته و ان علم إتيانه على الوجه الصحيح؟ لا يبعد (1) عدمه بناء على ما هو الحق من شرعية عباداته، و ان كان الأحوط خلافه.

[مسألة: 5 لا يجوز استيجار ذوي الأعذار]

مسألة: 5 لا يجوز استيجار ذوي (2) الأعذار كالعاجز عن القيام مع وجود غيره، بل لو تجدد له العجز ينتظر زمان رفعه، و ان ضاق الوقت انفسخت الإجارة (3). نعم لا يبعد صحة استيجار ذي الجبيرة و من كان تكليفه التيمم، و ان كان الأحوط خلافه.

[مسألة: 6 لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بحكمه على طبق اجتهاده أو تقليده]

مسألة: 6 لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بحكمه على طبق اجتهاده أو تقليده و ان خالف الميت (4) كما أنه يجب عليه ان يأتي بالصلاة على مقتضى تكليفه و اعتقاده من تقليده أو اجتهاده إذا استؤجر على الإتيان بالعمل الصحيح. نعم لو عين له كيفية خاصة لا يجوز له التعدي عنها (5).

[مسألة: 7 يجوز استيجار كل من الرجل و المرأة للآخر]

مسألة: 7 يجوز استيجار كل من الرجل و المرأة للآخر، و في الجهر و الإخفات و كيفية التستر و شرائط اللباس يراعى حال المباشر النائب لا المنوب عنه، فالرجل يجهر في الجهرية و ان كان نائبا عن المرأة، و المرأة مخيرة فيها و ان كانت نائبة عن الرجل.

[مسألة: 8 قد عرفت في السابق أنه لا يجب الترتيب في القضاء]

مسألة: 8 قد عرفت في السابق أنه لا يجب الترتيب (6) في القضاء، فإذا


1- لكن لا يجري في فعله أصالة الصحة عند الشك فيها.
2- إطلاق الحكم بجميع ذوي الأعذار محل منع. نعم هو أحوط.
3- الحكم بالانفساخ في بعض الموارد ممنوع، فالأحوط هو التراضي بالفسخ في الموارد المشكوكة.
4- لكن لا يجوز للمستأجر الاكتفاء بصلاة الأجير لو علم ببطلانها اجتهادا أو تقليدا.
5- لكن لا يجوز له اجارة نفسه لما يعلم اجتهادا أو تقليدا بطلانه، و لا يجوز له أخذ الأجرة.
6- إلا إذا شرط المستأجر الترتيب عليه.

ص: 202

استؤجر جماعة للنيابة عن واحد في قضاء صلاته لا يجب تعيين الوقت لكل منهم حذرا من وقوع صلاة بعضهم مقارنا لصلاة البعض الأخر فلا يتحقق الترتيب، لما عرفت من عدم وجوبه، مع أنه لو قلنا به فالمسلم عدم جواز تقديم اللاحق لا وجوب تقديم السابق، فلا يضر المقارنة.

[مسألة: 9 لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا اذن من المستأجر]

مسألة: 9 لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا اذن من المستأجر. نعم لو تقبل العمل من دون أن يؤاجر نفسه له يجوز أن يستأجر غيره له، لكن حينئذ لا يجوز أن يستأجره بأقل من الأجرة المجعولة له الا إذا أتى ببعض العمل و ان قل.

[مسألة: 10 إذا عين للأجير وقتا أو مدة و لم يأت بالعمل أو تمامه في تلك المدة]

مسألة: 10 إذا عين للأجير وقتا أو مدة و لم يأت بالعمل أو تمامه في تلك المدة ليس له أن يأتي به بعدها إلا بإذن من المستأجر و لو أتى به فهو كالمتبرع لا يستحق أجرة. نعم لو كان الإتيان بالعمل في الوقت المعين و المدة المضروبة بعنوان الاشتراط يستحق الأجرة المسماة، و ان كان للمستأجر خيار الفسخ من جهة تخلف الشرط، فإذا فسخ يرجع الى الأجير بالأجرة المسماة و هو يستحق أجرة المثل للعمل.

[مسألة: 11 إذا تبين بعد العمل بطلان الإجارة استحق الأجير أجرة المثل بعمله]

مسألة: 11 إذا تبين بعد العمل بطلان الإجارة استحق الأجير أجرة المثل بعمله، و كذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن أو غيره.

[مسألة: 12 إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات]

مسألة: 12 إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات يجب الإتيان بالمستحبات المتعارفة كالإقامة و القنوت و تكبيرة الركوع و نحو ذلك.

[القول في صلاة العيدين الفطر و الأضحى]

اشارة

القول في صلاة العيدين الفطر و الأضحى:

و هي واجبة مع حضور الامام عليه السلام و بسط يده مستحبة جماعة و فرادى في زمان الغيبة، و وقتها من طلوع الشمس الى الزوال، و لا قضاء لها لو فاتت. و هي ركعتان في كل منهما يقرأ الحمد و سورة، و الأفضل أن يقرأ في الأولى سورة الشمس و في الثانية سورة الغاشية أو في الأولى سبح اسم و في الثانية سورة الشمس، و يكبر بعد السورة في الأولى خمس تكبيرات و خمس قنوتات بعد كل تكبيرة قنوت، و في الثانية أربع تكبيرات و أربع قنوتات بعد كل تكبيرة قنوت. و يجزي في القنوت كل

ص: 203

ما جرى على اللسان من ذكر و دعاء كسائر الصلوات، و الأفضل ما هو المأثور، و هو أن يقول «اللهم أهل الكبرياء و العظمة و أهل الجود و الجبروت و أهل العفو و الرحمة و أهل التقوى و المغفرة أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا و لمحمد صلى اللّٰه عليه و آله ذخرا و شرفا و كرامة و مزيدا أن تصلي على محمد و آل محمد و ان تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا و آل محمد و أن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا و آل محمد صلواتك عليه و عليهم اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون و أعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون»، و يأتي بخطبتين بعد الصلاة.

و يجوز تركهما في زمان الغيبة و ان كانت الصلاة بجماعة، و يستحب فيها الجهر بالقراءة للإمام و المنفرد و رفع اليدين حال التكبيرات و الإصحار بها إلا في مكة، و يكره أن يصلي تحت السقف.

[مسألة: 1 لا يتحمل الإمام في هذا الصلاة ما عدا القراءة كسائر الصلوات]

مسألة: 1 لا يتحمل الإمام في هذا الصلاة ما عدا القراءة كسائر الصلوات.

[مسألة: 2 إذا شك في التكبيرات أو القنوتات بنى على الأقل]

مسألة: 2 إذا شك في التكبيرات أو القنوتات بنى على الأقل (1).

[مسألة: 3 إذا أتى بموجب سجود السهو فيها فالأحوط إتيانه]

مسألة: 3 إذا أتى بموجب سجود السهو فيها فالأحوط إتيانه، و ان كان عدم وجوبه في صورة استحبابها لا يخلو من قوة، و كذا الحال في قضاء التشهد و السجدة المنسيين.

[مسألة: 4 ليس في هذه الصلاة أذان و لا اقامة]

مسألة: 4 ليس في هذه الصلاة أذان و لا اقامة، نعم يستحب أن يقول المؤذن «الصلاة» ثلاثا.

[القول في بعض الصلوات المندوبة]

اشارة

القول في بعض الصلوات المندوبة:

[فمنها: صلاة جعفر بن أبى طالب]
اشارة

فمنها: صلاة جعفر بن أبى طالب، و هي من المستحبات الأكيدة و من المشهورات بين العامة و الخاصة و مما حباه النبي صلى اللّٰه عليه و آله ابن عمه حين قدومه من سفره حبا له و كرامة عليه، فعن الصادق عليه السلام انه قال النبي صلى اللّٰه عليه و آله لجعفر حين قدومه من الحبشة يوم فتح خيبر: ألا أمنحك ألا أعطيك ألا


1- ان كان في المحل، أما بعد المحل فلا يبعد جواز البناء على إتيانه.

ص: 204

أحبوك؟ فقال: بلى يا رسول اللّٰه. قال: فظن الناس انه يعطيه ذهبا أو فضة، فأشرف الناس لذلك، فقال له: اني أعطيك شيئا ان أنت صنعته في كل يوم كان خيرا لك من الدنيا و ما فيها، فان صنعته بين يومين غفر اللّٰه لك ما بينهما، أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما. و أفضل أوقاتها يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، و يجوز احتسابها من نوافل الليل أو النهار تحسب له من نوافله و تحسب له من صلاة جعفر كما في الخبر، فينوي بصلاة جعفر نافلة المغرب مثلا، و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد و سورة، ثم يقول «سبحان اللّٰه و الحمد للّٰه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر» خمسة عشر مرة، و يقولها في الركوع عشر مرات، و كذا بعد رفع الرأس منه عشر مرات، و كذا في السجدة الاولى، و بعد رفع الرأس منها، و في السجدة الثانية، و بعد رفع الرأس منها يقولها عشر مرات، فتكون في كل ركعة خمسة و سبعون مرة، و مجموعها ثلاثمائة تسبيحة. و الظاهر الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع و السجود، و الأحوط عدم الاكتفاء بها عنه، و لا تتعين فيها سورة مخصوصة، لكن الأفضل أن يقرأ في الركعة الأولى «إذا زلزلت» و في الثانية «و العاديات» و في الثالثة «إذا جاء نصر اللّٰه» و في الرابعة «قل هو اللّٰه أحد».

[مسألة: 1 يجوز تأخير التسبيحات الى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا]

مسألة: 1 يجوز تأخير التسبيحات الى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا، كما يجوز التفريق في أصل الصلاة إذا كانت له حاجة ضرورية، فيأتي بركعتين و بعد قضاء تلك الحاجة يأتي بالبقية.

[مسألة: 2 لو سها عن بعض التسبيحات في محلها]

مسألة: 2 لو سها عن بعض التسبيحات في محلها، فان تذكرها في بعض المحال الأخر قضاها في ذلك المحل مضافا الى وظيفته، فإذا نسي تسبيحات الركوع و تذكرها بعد رفع الرأس منه سبح عشرين تسبيحة و هكذا في باقي المحال و الأحوال، و ان لم يتذكرها الا بعد الصلاة قضاها بعدها.

[مسألة: 3 يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات]

مسألة: 3 يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات «يا من لبس العز و الوقار يا من تعطف بالمجد و تكرم به يا من لا ينبغي

ص: 205

التسبيح الا له يا من أحصى كل شي ء علمه يا ذا النعمة و الطول يا ذا المن و الفضل يا ذا القدرة و الكرم أسألك بمعاقد العز من عرشك و منتهى الرحمة من كتابك و باسمك الأعظم الأعلى و كلماتك التامات أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا» و يذكر حاجاته.

و يستحب أن يدعو بعد الفراغ من الصلاة ما رواه الشيخ الطوسي و السيد ابن طاوس عن المفضل بن عمر قال: رأيت أبا عبد اللّٰه عليه السلام يصلي صلاة جعفر و رفع يديه و دعا بهذا الدعاء «يا رب يا رب» حتى انقطع النفس «يا رباه يا رباه» حتى انقطع النفس «رب رب» حتى انقطع النفس «يا اللّٰه يا اللّٰه» حتى انقطع النفس «يا حي يا حي» حتى انقطع النفس «يا رحيم يا رحيم» حتى انقطع النفس «يا رحمان يا رحمان» سبع مرات «يا أرحم الراحمين» سبع مرات. ثم قال «اللهم اني أفتتح القول بحمدك و أنطق بالثناء عليك و أمجدك و لا غاية لمدحك و اثني عليك و من يبلغ غاية ثنائك و أمد مجدك و أنى لخليقتك كنه معرفة مجدك و أي زمن لم تكن ممدوحا بفضلك موصوفا بمجدك عوادا على المذنبين بحلمك تخلف سكان أرضك عن طاعتك فكنت عليهم عطوفا بجودك جوادا بفضلك عوادا بكرمك يا لا إله إلا أنت المنان ذو الجلال و الإكرام». ثم قال لي: يا مفضل إذا كانت لك حاجة مهمة فصل هذه الصلاة و ادع بهذا الدعاء و سل حاجتك يقضيها اللّٰه إن شاء اللّٰه و به الثقة.

[و منها صلاة الغفيلة]

و منها صلاة الغفيلة:

و هي ركعتان بين المغرب و العشاء، و الظاهر أنها غير نافلة المغرب (1) يقرأ في الأولى بعد الحمد «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ»


1- لكن يجوز إتيان نافلة المغرب على هذه الكيفية، و لا يبعد اجزاؤها عنهما، بل الأحوط ذلك و ان كان الأقوى جواز الإتيان مستقلا، و الأحوط الإتيان بها رجاء، و كذا صلاة الوصية و الاحتياط فيها آكد.

ص: 206

، و في الثانية بعد الحمد «عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ»، ثم يرفع يديه و يقول «اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا» و يذكر حاجته ثم يقول «اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما قضيتها لي» و سأل اللّٰه حاجته أعطاه اللّٰه ما سأل إن شاء اللّٰه تعالى.

[و منها صلاة أول كل شهر]

و منها صلاة أول كل شهر:

يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الحمد «قل هو اللّٰه أحد» ثلاثين مرة، و في الثانية بعد الحمد «إنا أنزلناه في ليلة القدر» ثلاثين مرة، و يتصدق بما يتيسر يشتري به سلامة ذلك الشهر كله. و يستحب ان يقرأ بعد الصلاة «بسم اللّٰه الرحمن الرحيم وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّٰا عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهٰا وَ مُسْتَوْدَعَهٰا كُلٌّ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلٰا كٰاشِفَ لَهُ إِلّٰا هُوَ وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلٰا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم سَيَجْعَلُ اللّٰهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً- مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لٰا قُوَّةَ إِلّٰا بِاللّٰهِ- حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ و أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ- لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ- رَبِّ إِنِّي لِمٰا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ- رَبِّ لٰا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوٰارِثِينَ» و ليس لها وقت معين، و يجوز الإتيان بها في تمام اليوم.

و منها: صلاة ليلة الدفن و قد مرت في باب الدفن من أحكام الأموات.

ص: 207

[و منها صلوات الحاجة]
اشارة

و منها صلوات الحاجة:

و هي مما لا تحصى:

فمنها: ما رواه في الكافي (1) بسند معتبر عن عبد الرحيم القصير قال: دخلت على أبى عبد اللّٰه عليه السلام فقلت: جعلت فداك اني اخترعت دعاء. فقال: دعني من اختراعك، إذا نزل بك أمر فافزع الى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و صل ركعتين تهديهما الى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله. قلت: كيف أصنع؟ قال: تغتسل و تصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة و تشهد تشهد الفريضة، فإذا فرغت من التشهد و سلمت قلت «اللهم أنت السلام و منك السلام و إليك يرجع السلام اللهم صلى على محمد و آل محمد و بلغ روح محمد صلى اللّٰه عليه و آله مني السلام و أرواح الأئمة الصالحين سلامي و أردد علي منهم السلام و السلام عليهم و رحمة اللّٰه و بركاته اللهم ان هاتين الركعتين هدية مني الى رسول اللّٰه فأثبني عليهما ما أملت و رجوت فيك و في رسولك يا ولي المؤمنين» ثم تخر ساجدا فتقول أربعين مرة «يا حي يا قيوم يا حيا لا يموت يا حي لا إله إلا أنت يا ذا الجلال و الإكرام يا أرحم الراحمين»، ثم ضع خدك الأيمن فتقولها أربعين مرة، ثم ضع خدك الأيسر فتقولها أربعين مرة، ثم ترفع رأسك و تمد يدك فتقول أربعين مرة، ثم تردد يدك الى رقبتك و تلوذ بسبابتك و تقول ذلك أربعين مرة، ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى و ابك أو تباك و قل «يا محمد يا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله أشكو الى اللّٰه و إليك حاجتي و الى أهل بيتك الراشدين حاجتي و بكم أتوجه الى اللّٰه في حاجتي»، ثم تسجد و تقول «يا اللّٰه يا اللّٰه» حتى ينقطع نفسك «صلى على محمد و آل محمد و افعل بي كذا و كذا» و تذكر حاجتك. قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام: فأنا الضامن على اللّٰه عز و جل ان لا يبرح حتى تقضى حاجته، و قد قيل انه جرب مرارا.


1- لا بأس بإتيانها رجاء.

ص: 208

و منها: ما عن الأمالي بإسناده إلى الحذاء قال: قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام:

من كانت له الى اللّٰه حاجة فليقصد الى مسجد الكوفة و يسبغ وضوءه و يصلي في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب و سبع سور معها و هي «المعوذتان» و «قل هو اللّٰه أحد» و «قل يا أيها الكافرون» و «إذا جاء نصر اللّٰه و الفتح» و «سبح اسم ربك الأعلى» و «انا أنزلناه في ليلة القدر»، فإذا فرغ من الركعتين و تشهد و سلم سأل اللّٰه حاجته فإنها تقضى بعون اللّٰه إن شاء اللّٰه.

[ (مسألة) يجوز إتيان الصلوات المندوبة جالسا اختيارا و كذا ماشيا و راكبا]

(مسألة) يجوز إتيان الصلوات المندوبة جالسا اختيارا و كذا ماشيا و راكبا، كما يجوز إتيان ركعة قائما و ركعة جالسا، لكن إتيانها قائما أفضل. و يستحب إذا أتى بها جالسا احتساب كل ركعتين بركعة، فيأتي في نافلة الصبح مثلا أربع ركعات بتسليمتين جالسا بدل ركعتين قائما، و هكذا. و إذا وجبت النافلة بنذر و نحوه فالظاهر بقاء حكمها، فيجوز اختيار الجلوس فيها.

[فصل: في صلاة المسافر]

اشارة

(فصل: في صلاة المسافر يجب القصر على المسافر في الصلوات الرباعية مع اجتماع الشروط الآتية، و أما الصبح و المغرب فلا قصر فيهما، و يشترط في التقصير للمسافر أمور:

«أحدهما»- المسافة، و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو ملفقة، بشرط عدم كون الذهاب أقل من أربعة (1)، سواء اتصل إيابه بذهابه و لم يقطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء أو قطعه بذلك لا على وجه تحصل به الإقامة القاطعة للسفر و لا غيرها من قواطعه فيقصر و يفطر، الا ان الأحوط احتياطا شديدا في الصورة الأخيرة التمام مع ذلك و قضاء الصوم.

[مسألة: 1 الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع]

مسألة: 1 الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله عرض أربع و عشرين إصبعا، و كل إصبع عرض سبع شعيرات، و كل شعيرة


1- الأقوى اعتبار كون كل من الذهاب و الإياب أربعة أو أزيد.

ص: 209

عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون، فان نقصت عن ذلك و لو يسيرا بقي على التمام.

[مسألة: 2 إذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة وجب القصر]

مسألة: 2 إذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة وجب القصر، بخلاف العكس (1). و لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا و جائيا مراتب حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر و ان لم يصل الى حد الترخص، فلا بد في التلفيق أن يكون المجموع من ذهاب واحد و إياب واحد ثمانية.

[مسألة: 3 لو كان للبلد طريقان و الا بعد منهما مسافة دون الأقرب]

مسألة: 3 لو كان للبلد طريقان و الا بعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الا بعد قصر، و ان سلك الأقرب أتم. و إذا ذهب من الأقرب و رجع من الأبعد، فإذا كان الأقرب أربعة فراسخ أو أزيد قصر دون ما إذا كان أقل.

[مسألة: 4 مبدأ حساب المسافة سور البلد]

مسألة: 4 مبدأ حساب المسافة سور البلد (2)، و فيما لا سور له آخر البيوت.

هذا في غير البلدان الكبار الخارقة (3)، و أما فيها فهو آخر المحلة إذا كان منفصل المحال، و أما مع الاتصال ففيه اشكال لا يترك الاحتياط بالجمع فيها فيما إذا لم يبلغ المسافة من آخر البلد و كان بمقدارها إذا لو حظ آخر المحلة.

[مسألة: 5 إذا كان قاصدا للرواح الى بلد و كان شاكا في كونه مسافة أو معتقدا للعدم]

مسألة: 5 إذا كان قاصدا للرواح الى بلد و كان شاكا في كونه مسافة أو معتقدا للعدم ثم بان في أثناء السير كونه مسافة يقصر و ان لم يكن الباقي مسافة.

[مسألة: 6 تثبت المسافة بالعلم و بالبينة]

مسألة: 6 تثبت المسافة بالعلم و بالبينة، بل و خبر العدل الواحد في وجه لا يخلو من اشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع، فلو شك في بلوغها أو ظن به بقي على التمام، و لا يكلف الاختبار بالمسافة المستلزم للحرج. نعم يجب السؤال (4) و نحوه عنها، و لو شك العامي في مقدار المسافة شرعا من جهة جهله بها وجب عليه الاحتياط بالجمع (5).


1- قد مر ان الأقوى اعتبار كون كل من الإياب و الذهاب أربعة أو أكثر فلا يقصر فيه و لا في عكسه.
2- بل آخر البلد و ان كان خارجا من السور.
3- بحيث عد الخروج من محله الى آخر مسافرا عند العرف.
4- على الأحوط.
5- أو التقليد.

ص: 210

[مسألة: 7 لو اعتقد كونه مسافة فقصر ثم ظهر عدمها وجبت الإعادة]

مسألة: 7 لو اعتقد كونه مسافة فقصر ثم ظهر عدمها وجبت الإعادة، و كذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة، فإنه يجب عليه الإعادة في الوقت على الأقوى (1) و في خارجه على الأحوط (2).

[مسألة: 8 في المسافة المستديرة الذهاب هو السير الى المقصد إذا كان في منتصف الدائرة]

مسألة: 8 في المسافة المستديرة الذهاب هو السير الى المقصد إذا كان في منتصف الدائرة (3)، أعني النقطة المقابلة لمبدإ السير أو بعده، و أما لو كان المقصد قبله ففيه اشكال، فعلى المختار من اعتبار عدم كون الذهاب أقل من أربعة إذا كان المجموع ثمانية و كان من البلد إليه أقل من أربعة فلا يترك الاحتياط بالجمع.

«ثانيها»- قصد قطع المسافة من حين الخروج، فلو قصد ما دونها و بعد الوصول الى المقصد قصد مقدارا آخر دونها و هكذا يتم في الذهاب و ان كان المجموع أزيد من مسافة التقصير بكثير. نعم لو شرع في العود يقصر إذا كملت المسافة فما زاد، و كذا لا يقصر لو لم يكن له مقصد معين و لا يدري أي مقدار يقطع، كما لو طلب عبدا آبقا أو دابة شاردة و لم يدر إلى أين مسيره فلا يقصر في ذهابه و ان قطع مسافات.

نعم يقصر في العود إذا كان مسافة، كما أنه يقصر لو عين في الأثناء مقصدا يبلغ المسافة و لو بالتلفيق (4)، و كذا لا يقصر لو خرج الى ما دون الأربعة و ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم و الا فلا، أو كان سفره منوطا بحصول أمر و لم يطمئن بتيسر الرفقة أو حصول ذلك الأمر.

[مسألة: 9 المدار على قصد قطع المسافة و ان حصل ذلك منه في أيام مع عدم تخلل أحد قواطع السفر]

مسألة: 9 المدار على قصد قطع المسافة و ان حصل ذلك منه في أيام مع عدم تخلل أحد قواطع السفر ما لم يخرج بذلك عن صدق اسم السفر عرفا، كما لو قطع في كل يوم مقدارا يسيرا جدا للتنزه و نحوه لا من جهة صعوبة السير، فإنه يتم حينئذ، و الأحوط الجمع.


1- بل على الأحوط.
2- و الظاهر عدم وجوب مراعاته.
3- بل مطلقا إذا أراد طي الدائرة و ان كان المقصد قبل النقطة المقابلة لمبدئه، و أما ان كان قبلها و يريد الرجوع عن طريق ذهابه فيشترط كونها أربعة أو أزيد.
4- بنحو ما مر.

ص: 211

[مسألة: 10 لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا]

مسألة: 10 لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا، بل يكفي و لو كان من جهة التبعية، سواء كان لوجوب الطاعة كالزوجة و العبد أو قهرا كالأسير أو اختيارا كالخادم، بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة، و الا بقي على التمام. و في وجوب الاستخبار تأمل، و ان كان أحوط. و لا يجب على المتبوع الاخبار و ان أوجبنا على التابع الاستخبار.

[مسألة: 11 إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة]

مسألة: 11 إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة، أو شك في ذلك و علم في الأثناء انه كان قاصدا لها، فان كان الباقي مسافة يجب عليه القصر، و الا فالظاهر انه يجب عليه التمام (1).

«ثالثها»- استمرار القصد، فلو عدل عنه قبل بلوغ أربعة فراسخ أو تردد أتم و مضى ما صلاه قصرا و لا يحتاج إلى إعادته في الوقت فضلا عن خارجه، و ان كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة بقي على التقصير و ان لم يرجع ليومه إذا كان عازما على العود قبل عشرة أيام.

[مسألة: 12 يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع و ان عدل عن الشخص]

مسألة: 12 يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع و ان عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر الى مكان خاص فعدل في أثناء الطريق الى آخر يبلغ ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر حينئذ على الأصح، كما أنه يقصر لو كان من أول الأمر قاصدا للنوع دون الشخص، بأن يشرع في السفر قاصدا للرواح الى أحد الأمكنة التي كلها مسافة و لم يعين أحدها، بل أو كل التعيين الى ما بعد الوصول الى آخر الحد المشترك بينها.

[مسألة: 13 لو تردد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ ثم عاد الى الجزم]

مسألة: 13 لو تردد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ ثم عاد الى الجزم، فان لم يقطع شيئا من الطريق بعد التردد بقي على القصر و ان لم يكن ما بقي مسافة و لو ملفقة، و ان قطع شيئا منه بعده فان كان ما بقي مسافة بقي على القصر أيضا، و أما ان لم يكن مسافة فلا إشكال في وجوب التمام إذا لم يكن ما بقي بضم ما قطع قبل حصول التردد مسافة، و أما إذا كان المجموع بإسقاط ما تخلل في البين مسافة ففي وجوب التمام أو العود


1- ان لم يكن مقصد المتبوع معينا عنده قاطعا بعدم كونه مسافة أو شاكا فيه، أما معه فيقصر بعد انكشاف كونه مسافة و ان لم يكن الباقي مسافة.

ص: 212

إلى التقصير اشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

«رابعها»- ان لا ينوي قطع المسافة بإقامة عشرة أيام فصاعدا في أثنائها أو مرور في وطنه كذلك، كما لو عزم على قطع أربعة فراسخ قاصدا لنية الإقامة في أثنائها أو على رأسها أو كان له وطن كذلك و قد قصد المرور به، فإنه يتم حينئذ، و كذا لو كان مترددا في نية الإقامة أو المرور في المنزل المزبور على وجه ينافي القصد الى قطع المسافة. أما إذا لم يكن كذلك- كما إذا قصدها و لكن يحتمل (1) عروض مقتض لنية الإقامة أو المرور في المنزل في الأثناء- فإنه يقصر.

[مسألة: 14 لو كان حين الشروع قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية أو كان مترددا]

مسألة: 14 لو كان حين الشروع قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية أو كان مترددا ثم عدل و بنى على عدم الأمرين، فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة و لو ملفقة قصر و الا فلا.

[مسألة: 15 لو لم يكن من نيته الإقامة قطع مقدارا من المسافة ثم بدا له قبل بلوغ الثمانية]

مسألة: 15 لو لم يكن من نيته الإقامة قطع مقدارا من المسافة ثم بدا له قبل بلوغ الثمانية ثم عدل عما بدا له و عزم على عدم الإقامة، فإذا كان ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة قصر بلا اشكال، و كذا ان لم يكن كذلك و لم يقطع بين العزمين شيئا، و أما ان قطع شيئا بينهما فهل يضم ما مضى قبل العدول الى ما بقي إذا كان المجموع مسافة بإسقاط ما تخلل في البين؟ فيه اشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع، نظير ما مر في الشرط الثالث.

«خامسها»- ان يكون السفر سائغا، فلو كان معصية لم يقصر، سواء كان نفسه معصية كاباق العبد و نحوه أو غايته كالسفر لقطع الطريق و نيل المظالم من السلطان و نحو ذلك. نعم ليس منه ما وقع المحرم في أثنائه مثل الغيبة و نحوها مما ليس غاية للسفر، فيبقى على القصر، بل ليس منه ما إذا ركب دابة مغصوبة (2) على الأقوى، بل و ليس منه ما كان ضدا لواجب قد تركه و سافر على الأقوى، كما إذا كان مديونا


1- احتمالا غير معتنى به عند العقلاء.
2- لا يترك الاحتياط فيه بالجمع.

ص: 213

و سافر مع مطالبة الديان و إمكان الأداء في الحضر دون السفر و نحو ذلك. نعم لا يترك الاحتياط بالجمع فيما إذا كان السفر لأجل التوصل الى ترك الواجب، و ان كان تعين الإتمام حينئذ لا يخلو من قوة.

[مسألة: 16 التابع للجائر يقصر إذا كان مجبورا في سفره أو كان قصده دفع مظلمة]

مسألة: 16 التابع للجائر يقصر إذا كان مجبورا في سفره أو كان قصده دفع مظلمة و نحوه من الأغراض الصحيحة، و أما إذا كان من قصده اعانة الجائر في جوره أو كان سفره و متابعته له تقوية لشوكته (1) و معاضدة له في جهة ظلمه وجب عليه التمام.

[مسألة: 17 لو كانت غاية السفر طاعة و معصية معا يقصر إذا كان داعي المعصية تبعا]

مسألة: 17 لو كانت غاية السفر طاعة و معصية معا يقصر إذا كان داعي المعصية تبعا بحيث ينسب السفر إلى الطاعة، و يتم في غيره. و الأحوط الجمع فيما إذا اشتركا بحيث لو لا اجتماعهما لم يسافر، بل لا يترك الاحتياط في هذه الصورة (2).

[مسألة: 18 لو كان ابتداء سفره طاعة ثم قصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه]

مسألة: 18 لو كان ابتداء سفره طاعة ثم قصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه و ان كان قد قطع مسافات، و لا يجب اعادة ما صلاه قصرا، فلو عاد الى قصد الطاعة قبل أن يضرب في الأرض عاد حكمه فيجب عليه القصر، و كذلك فيما إذا كان بعد ضربه في الأرض و كان الباقي مسافة و لو ملفقة، بأن كان الذهاب الى المقصد أربعة أو أزيد. و أما لو لم يكن الباقي مسافة، فإن كان مجموع ما مضى مع ما بقي بعد طرح ما تخلل في البين من المصاحب للمعصية بقدر المسافة يجب القصر، و الأحوط ضم التمام أيضا، و ان لم يكن المجموع مسافة إلا بضم ما تخلل من المصاحب للمعصية ففيه اشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع. و إذا كان ابتداء سفره معصية ثم عدل إلى الطاعة يقصر ان كان الباقي مسافة و لو ملفقة، و الا بقي على التمام، و الأحوط الجمع.

[مسألة: 19 لو كان ابتداء سفره معصية فنوى الصوم ثم عدل إلى الطاعة]

مسألة: 19 لو كان ابتداء سفره معصية فنوى الصوم ثم عدل إلى الطاعة، فإن كان قبل الزوال وجب الإفطار (3)، و ان كان بعده لا يبعد الصحة، لكن الأحوط (4)


1- و كانت تقوية شوكته حراما.
2- الأقوى في هذه الصورة التمام.
3- فيما إذا كانت البقية مسافة.
4- لا يترك.

ص: 214

الإتمام ثم القضاء. و لو كان طاعة في الابتداء ثم عدل إلى المعصية في الأثناء، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول شيئا نوى الصوم و صح منه (1)، و ان كان بعد تناول المفطر أو بعد الزوال لم يجب عليه الصوم.

[مسألة: 20 الراجع من سفر المعصية ان كان بعد التوبة]

مسألة: 20 الراجع من سفر المعصية ان كان بعد التوبة يقصر (2) و ان كان مع عدم التوبة فلا يبعد (3) وجوب التمام عليه، لان العود يعد جزءا من سفر المعصية، و الأحوط الجمع.

[مسألة: 21 يلحق بسفر المعصية السفر للصيد لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا]

مسألة: 21 يلحق بسفر المعصية السفر للصيد لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا، و أما إذا كان للقوت يقصر، و كذا ما كان للتجارة بالنسبة إلى الإفطار، و أما بالنسبة إلى الصلاة ففيه إشكال، الأحوط الجمع بين القصر و التمام. و لا يلحق به السفر بقصد مجرد التنزه، فلا يوجب التمام.

«سادسها»- أن لا يكون كبعض أهل البوادي الذين يدورون في البراري و ينزلون في محل الماء و العشب و الكلاء و لم يتخذوا مقرا معينا، فيجب على أمثال هؤلاء التمام في سيرهم المخصوص، لان بيوتهم معهم فلا يصدق عليهم المسافر.

نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج أو زيارة و نحوهما قصروا كغيرهم (4)، و لو سار أحدهم لاختيار منزل مخصوص أو لطلب محل الماء أو العشب أو الكلاء و كان يبلغ مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه اشكال (5)، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

«سابعها»- أن لا يتخذ السفر عملا له كالمكاري و الملاح و غيرهما من أصحاب السفن و الساعي و نحوهم ممن عمله ذلك، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم الذي هو عمل لهم و ان استعملوه لأنفسهم لا لغيرهم، كحمل المكاري مثلا متاعه و أهله من


1- لكن لا يترك القضاء معه أيضا.
2- ان كان العود مسافة.
3- ان لم يعد العود سفرا مستقلا عرفا و الا فيقصر فيه و لو قبل التوبة.
4- ان لم تكن بيوتهم معهم و لم تكن مسافرتهم إلى مكة كسائر أسفارهم.
5- ان لم يكن بيته معه و الا فلا إشكال في وجوب التمام عليه.

ص: 215

مكان الى مكان آخر. نعم يقصرون في السفر الذي ليس عملا لهم، كما لو فارق الملاح مثلا سفينته و سافر للزيارة أو غيرها. و المدار على صدق اتخاذ السفر عملا و شغلا له، و يتحقق ذلك بالعزم على ذلك مع الاشتغال بالسفر مقدارا معتدا به من الزمان.

و لو كان في سفرة واحدة لطولها و تكرر ذلك منه من مكان غير بلده الى مكان آخر، فلا يعتبر في تحقق ذلك تعدد السفر ثلاث مرات أو مرتين. نعم ربما لا يتحقق الا بالتعدد فيما إذا كان تلبسه و اشتغاله بالسفر في أول الأمر في زمان قصير فيحتاج في تحققه الى التكرر، و الظاهر كفاية سفرتين فيتم في الثانية، و ان كان الأحوط فيها الجمع و تعين التمام في الثالثة.

[مسألة: 22 من كان شغله مكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر انه يجب عليه التمام]

مسألة: 22 من كان شغله مكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر انه يجب عليه التمام، و ان كان الأحوط الجمع. و أما مثل الحملدارية الذين يتشاغلون بالسفر في خصوص أشهر الحج فالظاهر وجوب القصر عليهم.

[مسألة: 23 يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده عشرة أيام و لو غير منوية]

مسألة: 23 يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده عشرة أيام و لو غير منوية أو في غيره عشرة إذا كانت منوية (1)، و الا انقطع حكم عملية السفر و عاد الى القصر، لكن في السفرة الأولى خاصة دون الثانية فضلا عن الثالثة، و ان كان الأحوط فيهما الجمع.

[مسألة: 24 إذا لم يكن شغله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة يقصر]

مسألة: 24 إذا لم يكن شغله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة يقصر، كما لو كان له شغل في بلد و قد احتاج الى التردد اليه مرات عديدة، بل و كذا فيما إذا كان من منزله إلى الحائر الحسيني مثلا مسافة و نذر أو بنى على أن يزوره كل ليلة جمعة إلى مدة، فإن الظاهر أنه ليس ممن يجب عليه التمام. نعم الظاهر أنه منه السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا، و لو أدخل ذلك في العنوان السابق- أعني من كان بيته معه- لم يكن بعيدا، و كيف كان يجب عليه التمام.

[مسألة: 25 و ممن شغله السفر الراعي الذي ليس له مكان مخصوص]

مسألة: 25 و ممن شغله السفر الراعي الذي ليس له مكان مخصوص، و التاجر


1- و في غير المنوية لا يترك الاحتياط بالجمع في السفر الأول.

ص: 216

الذي يدور في تجارته، فيجب عليهما التمام.

«سابعها»- ان يضرب في الأرض حتى يصل الى محل الترخص. فلا يقصر قبله. و المراد به المكان الذي يخفى عليه فيه الأذان أو يتوارى عنه فيه صور الجدران و إشكالها لا أشباحها، و لا يترك الاحتياط (1) في مراعاة حصولهما معا.

[مسألة: 26 كما يعتبر في التقصير الوصول الى محل الترخص إذا سافر من بلده]

مسألة: 26 كما يعتبر في التقصير الوصول الى محل الترخص إذا سافر من بلده كذلك يعتبر في السفر من محل الإقامة، بل و من محل التردد ثلاثين يوما، و ان كان الاولى فيهما مراعاة الاحتياط.

[مسألة: 27 كما أنه من شروط القصر في ابتداء السفر الوصول الى حد الترخص كذلك عند العود]

مسألة: 27 كما أنه من شروط القصر في ابتداء السفر الوصول الى حد الترخص كذلك عند العود ينقطع حكم السفر بالوصول اليه فيجب عليه التمام، و ان كان الأحوط تأخير الصلاة الى الدخول في منزله أو الجمع بين القصر و التمام إذا صلى بعد الوصول الى الحد، و أما بالنسبة إلى المحل الذي عزم على الإقامة فيه فهل يعتبر فيه حد الترخص فينقطع حكم السفر بالوصول اليه أو لا؟ فيه اشكال (2)، فلا يترك الاحتياط اما بتأخير الصلاة اليه أو الجمع.

[مسألة: 28 المدار في عين الرائي و أذن السامع و صوت المؤذن و الهواء على المتوسط المعتدل]

مسألة: 28 المدار في عين الرائي و أذن السامع و صوت المؤذن و الهواء على المتوسط المعتدل.

[مسألة: 29 يكفي في خفاء الأذان عدم تميز فصوله]

مسألة: 29 يكفي في خفاء الأذان عدم تميز فصوله، و يحتمل أن يكون المعتبر خفاء أصل الصوت حتى المتردد بين كونه أذانا أو غيره أو خفاؤه بحيث لا يتميز (3) بين كونه أذانا أو غيره، فينبغي رعاية الاحتياط في جميع الصور.

[مسألة: 30 إذا لم يكن هناك بيوت و لا جدران يعتبر التقدير]

مسألة: 30 إذا لم يكن هناك بيوت و لا جدران يعتبر التقدير. نعم في بيوت الاعراب و نحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها و لا يحتاج الى تقدير الجدران.


1- الأحوط فيما بين الخفاءين الجمع أو تأخير الصلاة.
2- و الأقوى اعتبار حد الترخص فيه أيضا.
3- و هذا الاحتمال هو الأقوى.

ص: 217

[مسألة: 31 إذا شك في البلوغ الى حد الترخص بنى على عدمه]

مسألة: 31 إذا شك في البلوغ الى حد الترخص بنى على عدمه، فيبقى على التمام في الذهاب و على القصر في الإياب (1).

[مسألة: 32 إذا كان في السفينة و نحوها فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام]

مسألة: 32 إذا كان في السفينة و نحوها فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام ثم وصل إليه في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمها قصرا و صحت (2)، و ان كان بعده ففيه اشكال، فلا يترك الاحتياط بإتمامها تماما ثم إعادتها قصرا. و لو كان في حال العود و شرع في الصلاة بنية القصر قبل الوصول الى الحد ثم في الأثناء وصل إليه أتمها تماما.

[القول في قواطع السفر]
اشارة

القول في قواطع السفر:

و هي أمور:

[أحدها- الوطن]
اشارة

«أحدها»- الوطن، فينقطع السفر بالمرور عليه، و يحتاج في القصر بعده الى قصد مسافة جديدة. و هو المكان الذي اتخذه مسكنا و مقرا له دائما (3)، سواء كان مسكنا لأبويه و مسقط رأسه أو مما استجده. و لا يعتبر فيه حصول ملك و لا إقامة ستة أشهر. نعم يعتبر في المستجد الإقامة فيه بمقدار يصدق عرفا أنه وطنه و مسكنه.

[مسألة: 1 إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد و توطن في غيره]

مسألة: 1 إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد و توطن في غيره، فان لم يكن له فيه ملك أو كان و لم يكن قابلا للسكنى، أو كان و لم يسكن فيه ستة أشهر بقصد التوطن الأبدي يزول عنه حكم الوطنية. و أما إذا كان له ملك و قد سكن فيه بعد اتخاذه وطنا دائما ستة أشهر، فالمشهور على أنه بحكم الوطن الفعلي، و يسمونه بالوطن الشرعي، فيوجبون عليه التمام بالمرور عليه ما دام ملكه باقيا فيه، بل قال بعضهم بوجوب التمام فيما إذا كان له فيه ملك غير قابل للسكنى أيضا و لو نخلة و نحوها،


1- لكن إذا صلى في الإياب قصرا في موضع صلى في الذهاب تماما يجب الجمع بين قضاء ما صلى فيه تماما قصرا و اعادة ما صلى فيه قصرا تماما و قضاءها مع عدم الإعادة للعلم الإجمالي.
2- الأحوط عدم الاكتفاء بمثل ذلك في جميع فروض المسألة ذهابا و إيابا.
3- لا يبعد عدم اعتبار قصد الدوام خصوصا في الأصلي. نعم يضر التوقيت في المستجد.

ص: 218

بل فيما إذا سكن ستة أشهر و لو لم يكن بقصد التوطن دائما بل بقصد التجارة مثلا و الأقوى خلاف ذلك كله من عدم جريان حكم الوطن على جميع الأقسام و ان بالإعراض عن الوطن الأصلي أو الاتخاذي يزول حكم الوطنية مطلقا، و ان كان الأحوط الجمع بين اجراء حكم الوطن و غيره في جميع الصور، خصوصا الصورة الأولى.

[مسألة: 2 يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليان في زمان واحد]

مسألة: 2 يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليان في زمان واحد، بأن جعل بلدين مسكنا له دائما، فيقيم في كل منهما ستة أشهر مثلا في كل سنة، بل يمكن أن يكون له ثلاثة أوطان أو أزيد، بأن يكون كل منها مسكنا له، بأن يقيم في كل منها مقدارا من السنة، فيجري على كل منها حكم الوطنية من كونه قاطعا للسفر بمجرد المرور اليه و غير ذلك.

[مسألة: 3 الظاهر أن الأولاد الصغار تابعون لابويهم]

مسألة: 3 الظاهر أن الأولاد الصغار تابعون لابويهم (1) فيعد وطنهما وطنا لهم حتى بعد بلوغهم ما لم يعرضوا عنه، و لا يحتاج الى أن يقصدوا التوطن فيه مستقلا.

نعم إذا اتخذوا وطنا و معهما أولادهما البالغون فلا يكون وطنهما وطنا لهم الا أن يقصدوا التوطن فيه أيضا.

[مسألة: 4 إذا حصل له التردد في المهاجرة عن الوطن الأصلي فالظاهر بقاؤه على الوطنية]

مسألة: 4 إذا حصل له التردد في المهاجرة عن الوطن الأصلي فالظاهر بقاؤه على الوطنية ما لم يتحقق الخروج و الاعراض عنه، و أما في الوطن المستجد فلا إشكال في زواله ان كان ذلك قبل أن يبقى فيه مقدارا يتوقف عليه صدق الوطن عرفا، و ان كان بعد ذلك ففي زوال حكم الوطنية بمجرد ذلك من دون تحقق الخروج و الاعراض تأمل و اشكال (2)، فلا يترك الاحتياط فيه بالجمع بين أحكام الوطن و غيره.

[الثاني من قواطع السفر العزم على إقامة عشرة أيام]
اشارة

«الثاني»- من قواطع السفر العزم على إقامة عشرة أيام متواليات أو العلم


1- الحكم بكون الصغار تابعين بمجرد عدم البلوغ الشرعي مشكل، بل الظاهر أن المميز المستقل القاصد للخلاف ليس بتابع عرفا، و البالغ المطيع المقهور غير القاصد للخلاف تابع، فالمناط الصدق العرفي.
2- الأقوى بقاء الوطنية في المستجد أيضا بعد الصدق العرفي ما لم يتحقق الاعراض و الخروج كالأصلي.

ص: 219

ببقائه و ان كان لا عن اختيار.

[مسألة: 5 الليالي المتوسطة داخلة دون الليلة الاولي و الأخيرة]

مسألة: 5 الليالي المتوسطة داخلة دون الليلة الاولي و الأخيرة، فيكفي عشرة أيام و تسع ليال، و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأقوى، كما إذا نوى المقام عند الزوال من اليوم الأول إلى الزوال من اليوم الحادي عشر. و مبدأ اليوم طلوع الفجر الثاني على الأقوى، فلو دخل حين طلوع الشمس كان انتهاء العشرة طلوع الشمس من الحادي عشر لا غروب الشمس من العاشر.

[مسألة: 6 يشترط وحدة محل الإقامة، فلو قصد الإقامة في أمكنة متعددة عشرة أيام لم ينقطع حكم السفر]

مسألة: 6 يشترط وحدة محل الإقامة، فلو قصد الإقامة في أمكنة متعددة عشرة أيام لم ينقطع حكم السفر، كما إذا عزم على إقامة عشرة أيام في النجف و الكوفة معا أو في الكاظمين و بغداد مثلا. نعم لا يضر بوحدة المحل فصل مثل الشط بعد كون المجموع بلدا واحدا كجانبي الحلة و بغداد، فلو قصد الإقامة في مجموع الجانبين يكفي في انقطاع حكم السفر.

[مسألة: 7 لا يعتبر في نية الإقامة قصد عدم الخروج عن خطة سور البلد]

مسألة: 7 لا يعتبر في نية الإقامة قصد عدم الخروج عن خطة سور البلد، بل لو قصد حال نيتها الخروج الى بعض بساتينها و مزارعها جرى عليه حكم المقيم، بل لو كان من نيته الخروج عن حد الترخص بل الى ما دون الأربعة أيضا لا يضر (1) إذا كان من قصده الرجوع قريبا، بأن كان مكثه مقدار ساعتين أو ثلاث ساعات مثلا، بحيث لا يخرج عن صدق إقامة عشرة أيام في ذلك البلد عرفا، و أما الزائد على ذلك ففيه اشكال خصوصا إذا كان قصده المبيت.

[مسألة: 8 لا يكفي القصد الإجمالي في تحقق الإقامة]

مسألة: 8 لا يكفي القصد الإجمالي في تحقق الإقامة، فالتابع للغير كالزوجة و العبد و الرفيق إذا كان قاصدا للمقام بمقدار ما قصده المتبوع لا يكفي و ان كان المتبوع قاصدا لإقامة العشرة إذا لم يدر من أول الأمر مقدار قصده، فإذا تبين له بعد أيام أنه كان قاصدا للعشرة يبقى على القصر، إلا إذا نوى بعد ذلك بقاء عشرة أيام. نعم إذا كان قاصدا للمقام الى آخر الشهر أو الى يوم العيد مثلا و كان في الواقع عشرة أيام و لم


1- مشكل بل لا بد من نية إقامة العشرة بتمامها في البلد و ما بحكمه.

ص: 220

يكن عالما به حين القصد لا يبعد كفايته، و انه يجب عليه التمام لو تبين له بعد أيام أنه عشرة أيام، لكن الأحوط فيه الجمع بين القصر و التمام (1).

[مسألة: 9 إذا عزم على الإقامة ثم عدل عن قصده]

مسألة: 9 إذا عزم على الإقامة ثم عدل عن قصده، فان صلى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام ما دام في ذلك المكان، و لو كان من قصده الارتحال بعد ساعة أو ساعتين، و ان لم يصل أو صلى صلاة ليس فيه تقصير كالصبح يرجع بعد العدول الى القصر. و لو صلى رباعية تماما مع الغفلة عن عزمه على الإقامة أو صلاها تماما لشرف البقعة بعد الغفلة عن نية الإقامة ثم عدل عنها، فالأحوط فيهما الجمع بين القصر و التمام، و ان كان تعين الثاني في الأول و الأول في الثاني لا يخلو من قوة (2).

[مسألة: 10 لو فاتته الصلاة على وجه يجب عليه قضاؤها فقضاها تماما ثم عدل عن نية الإقامة]

مسألة: 10 لو فاتته الصلاة على وجه يجب عليه قضاؤها فقضاها تماما ثم عدل عن نية الإقامة بقي على حكم التمام على اشكال (3)، فالأحوط الجمع. و أما ان عدل عنها قبل قضائها فالظاهر العود الى القصر.

[مسألة: 11 إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما]

مسألة: 11 إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما رجع الى القصر في صلاته لكن صح صومه (4)، فهو كمن صام ثم سافر بعد الزوال.

[مسألة: 12 لا فرق في العدول عن قصد الإقامة بين أن يعزم على عدمها أو يتردد فيها]

مسألة: 12 لا فرق في العدول عن قصد الإقامة بين أن يعزم على عدمها أو يتردد فيها في أنه لو كان بعد الصلاة تماما بقي على التمام و لو كان قبله رجع الى القصر.

[مسألة: 13 إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة]

مسألة: 13 إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة، بل قد عرفت بقاء حكمه بمجرد النية مع صلاة واحدة تماما، فما دام لم ينشئ سفرا جديدا يبقى على التمام.


1- لا يترك.
2- الأقوى في الصورتين التمام و ان كان الأحوط فيهما الجمع.
3- فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام.
4- فيه اشكال فلا يترك الاحتياط بالإتمام و القضاء.

ص: 221

[مسألة: 14 إذا قصد الإقامة و استقر حكم التمام- سواء تمت العشرة أو لم تتم]

مسألة: 14 إذا قصد الإقامة و استقر حكم التمام- سواء تمت العشرة أو لم تتم لكن صلى صلاة واحدة بتمام ثم خرج الى ما دون المسافة و كان من نيته العود الى محل الإقامة من حيث انه محل إقامته بأن كان رحله باقيا فيه و لم يعرض عنه- فان كان من نيته مقام عشرة أيام فيه بعد العود اليه فلا إشكال في بقائه على حكم التمام، و إذا لم يكن من نيته ذلك سواء كان مترددا (1) أو ناويا للعدم فالأقوى (2) أيضا البقاء على التمام في الذهاب و المقصد و الإياب و محل الإقامة ما لم ينشئ سفرا جديدا، و ان كان الأحوط الجمع خصوصا في الإياب و محل الإقامة (3). نعم لو كان منشئا للسفر من حين الخروج عن محل الإقامة و كان ناويا للعود اليه من حيث أنه أحد منازله في سفره الجديد كان حكمه وجوب القصر (4) في الجميع. هذا كله فيما إذا لم يكن من نيته الخروج في أثناء العشرة الى ما دون المسافة من أول الأمر، و الا فقد مر أنه ان كان من قصده العود قريبا يكون حكمه التمام (5)، و الا ففيه اشكال. و لو خرج الى ما دون المسافة و كان مترددا في العود الى محل الإقامة و عدمه أو ذاهلا عنه، فلا يترك الاحتياط (6) بالجمع بين القصر و التمام في الذهاب و المقصد و الإياب و محل الإقامة إذا عاد إليه الى أن يعزم على الإقامة أو ينشئ السفر.

[مسألة: 15 إذا بدا للمقيم السفر ثم بدا له العود الى محل الإقامة و البقاء عشرة أيام]

مسألة: 15 إذا بدا للمقيم السفر ثم بدا له العود الى محل الإقامة و البقاء عشرة أيام، فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصر في الذهاب و المقصد و العود، و ان كان قبله فيقصر حال الخروج بعد التجاوز عن حد الترخص الى حال العزم على


1- و في صورة التردد يبقى على التمام.
2- إذا كان المقصد في طريق بلده.
3- ان كان محل الإقامة في طريق بلده و كان ناويا لعدم الإقامة فيه يقصر في الإياب و محل الإقامة.
4- بل يتم في الذهاب و المقصد لما مر من اعتبار الأربعة في كل من الذهاب و الإياب في السفر التلفيقى.
5- و قد مر الاشكال و انه لا بد من نية إقامة العشرة بتمامها في البلد و ما بحكمه.
6- و الأقوى التمام في الذهاب و المقصد و محل الإقامة ما لم ينشئ سفرا جديدا.

ص: 222

العود، و يتم عند العزم عليه و لا يجب عليه قضاء ما صلى قصرا، و أما إذا بدا له العود بدون اقامة جديدة بقي على القصر حتى في محل الإقامة، لأن المفروض الاعراض عنه (1).

[مسألة: 16 لو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له الإقامة في أثنائها أتمها]

مسألة: 16 لو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له الإقامة في أثنائها أتمها.

و لو نوى الإقامة و دخل في الصلاة بنية التمام ثم عدل عنها في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصرا، و ان كان بعده قبل الفراغ من الصلاة فلا يترك الاحتياط (2) بإتمامها تماما ثم إعادتها قصرا و الجمع بين القصر و التمام ما لم يسافر.

[الثالث من القواطع البقاء ثلاثين يوما في مكان مترددا]
اشارة

«الثالث»- من القواطع البقاء ثلاثين يوما في مكان مترددا، و يلحق بالتردد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد ثم لم يخرج، و هكذا الى أن مضى ثلاثون يوما، بل يلحق به أيضا إذا عزم على الإقامة تسعة أيام مثلا ثم بعدها عزم على إقامة تسعة أخرى و هكذا، فيقصر الى ثلاثين يوما ثم يتم و لو لم يبق الا مقدار صلاة واحدة.

[مسألة: 17 الظاهر إلحاق شهر الهلالي بثلاثين يوما إذا كان تردده من أول الشهر]

مسألة: 17 الظاهر إلحاق (3) شهر الهلالي بثلاثين يوما إذا كان تردده من أول الشهر.

[مسألة: 18 يشترط اتحاد مكان التردد كمحل الإقامة]

مسألة: 18 يشترط اتحاد مكان التردد كمحل الإقامة، فمع التعدد لا ينقطع حكم السفر.

[مسألة: 19 حكم المتردد ثلاثين يوما إذا خرج عن مكان التردد الى ما دون المسافة]

مسألة: 19 حكم المتردد ثلاثين يوما إذا خرج عن مكان التردد الى ما دون المسافة و كان من نيته العود الى ذلك المكان حكم المقيم، و قد مر حكمه.

[مسألة: 20 لو تردد في مكان تسعة و عشرين مثلا أو أقل ثم سافر الى مكان آخر و بقي مترددا فيه كذلك]

مسألة: 20 لو تردد في مكان تسعة و عشرين مثلا أو أقل ثم سافر الى مكان آخر و بقي مترددا فيه كذلك، بقي على القصر ما دام كذلك إلا إذا نوى الإقامة في مكان أو بقي مترددا ثلاثين يوما.


1- هذا إذا كان الذهاب أربعة أو أزيد، لما مر من اشتراط كون كل من الذهاب و الإياب أربعة في السفر التلفيقى و الا فالحكم التمام في الذهاب و المقصد.
2- و الأقوى بطلان الصلاة و الرجوع الى القصر.
3- مشكل، و الأحوط في اليوم الثلاثين الجمع بين القصر و الإتمام.

ص: 223

[القول في أحكام المسافر]
اشارة

القول في أحكام المسافر:

قد عرفت انه تسقط عن المسافر بعد تحقق الشرائط ركعتان من رباعيات الثلاث الظهرين و العشاء، كما انه تسقط عنه نوافل الظهرين و تبقى بقية النوافل حتى نافلة العشاء على الأقوى (1).

[مسألة: 1 لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما، فان كان عالما بالحكم و الموضوع]

مسألة: 1 لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما، فان كان عالما بالحكم و الموضوع بطلت صلاته و أعاده في الوقت و خارجه، و ان كان جاهلا بأصل الحكم و ان حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الإعادة فضلا عن القضاء. و أما ان كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيات- مثل جهله بأن السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر أو أن كثير السفر إذا أقام في بلده عشرة أيام يجب عليه القصر في السفر الأول فأتم و نحو ذلك- وجب عليه الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه (2)، و كذا إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع، كما إذا تخيل عدم كون مقصده مسافة فأتم مع كونه مسافة. و أما إذا كان ناسيا لسفره فأتم، فإن تذكر في الوقت وجب عليه الإعادة، و ان تذكر في خارجه لا يجب عليه القضاء.

[مسألة: 2 يلحق الصوم بالصلاة فيما ذكر على الأقوى]

مسألة: 2 يلحق الصوم بالصلاة فيما ذكر على الأقوى، فيبطل مع العلم و العمد و يصح مع الجهل بأصل الحكم دون الجهل (3) بالخصوصيات و دون الجهل بالموضوع.

[مسألة: 3 لو قصر من كانت وظيفته التمام بطلت صلاته مطلقا]

مسألة: 3 لو قصر من كانت وظيفته التمام بطلت صلاته مطلقا حتى في المقيم المقصر للجهل بأن حكمه التمام.

[مسألة: 4 إذا تذكر الناسي للسفر في أثناء الصلاة]

مسألة: 4 إذا تذكر الناسي للسفر في أثناء الصلاة، فإن كان قبل الدخول


1- الأحوط أن يأتي بها رجاء.
2- على الأحوط، لكن لا يبعد عدم وجوب القضاء على غير العامد مطلقا ان لم يلتفت في الوقت.
3- لا يبعد صحة الصوم في مطلق الجهل. نعم لا يصح مع النسيان.

ص: 224

في ركوع الركعة الثالثة أتم الصلاة قصرا و اجتزأ بها، و ان تذكر بعد ذلك بطلت و وجبت عليه الإعادة مع سعة الوقت و لو بإدراك ركعة من الوقت.

[مسألة: 5 إذا دخل الوقت و هو حاضر متمكن من فعل الصلاة ثم سافر قبل أن يصلي]

مسألة: 5 إذا دخل الوقت و هو حاضر متمكن من فعل الصلاة ثم سافر قبل أن يصلي حتى تجاوز محل الترخص و الوقت باق قصر، و الأحوط الإتمام معه، كما أنه لو دخل الوقت و هو مسافر فحضر قبل أن يصلي و الوقت باق فإنه يتم، و الأحوط القصر معه.

[مسألة: 6 إذا فاتت منه الصلاة في الحضر يجب عليه قضاؤها تماما]

مسألة: 6 إذا فاتت منه الصلاة في الحضر يجب عليه قضاؤها تماما و لو في السفر، كما انه إذا فاتت منه في السفر يجب عليه قضاؤها قصرا و لو في الحضر.

[مسألة: 7 إذا فاتت منه الصلاة و كان في أول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا و بالعكس الأقوى]

مسألة: 7 إذا فاتت منه الصلاة و كان في أول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا و بالعكس الأقوى مراعاة حال الفوت و هو آخر الوقت في القضاء، فيقضي الأول قصرا و الثاني تماما.

[مسألة: 8 يتخير المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر و الإتمام في الأماكن الأربعة]

مسألة: 8 يتخير المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر و الإتمام في الأماكن الأربعة، و هي مسجد الحرام و مسجد النبي صلى اللّٰه عليه و آله و مسجد الكوفة و الحائر الحسيني على مشرفه السلام، و الإتمام أفضل. و إلحاق بلدي مكة و المدينة بمسجديهما لا يخلو من قوة، و لا يلحق بها سائر المشاهد. و لا فرق في المساجد بين السطوح و الصحن و المواضع المنخفضة كبيت الطشت في مسجد الكوفة، و الأقوى دخول تمام الروضة الشريفة في الحائر، فيمتد من طرف الرأس إلى الشباك المتصل بالرواق، و من طرف الرجل الى الباب و الشباك المتصلين بالرواق، و من الخلف الى حد المسجد، و ان كان دخول المسجد و الرواق الشريف فيه أيضا لا يخلو من قوة، لكن الاحتياط بالقصر لا ينبغي تركه.

[مسألة: 9 التخيير في هذه الأماكن استمراري]

مسألة: 9 التخيير في هذه الأماكن استمراري، فيجوز لمن شرع في الصلاة بنية القصر العدول الى التمام و بالعكس ما لم يتجاوز محل العدول، بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين للقصر أو التمام من أول الأمر.

ص: 225

[مسألة: 10 لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور]

مسألة: 10 لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور، فلا يصح له الصوم فيها ما لم ينو الإقامة أو بقي مترددا ثلاثين يوما.

[مسألة: 11 يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة]

مسألة: 11 يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة «سبحان اللّٰه و الحمد للّٰه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر».

[فصل: في صلاة الجماعة]

اشارة

(فصل: في صلاة الجماعة) و هي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصا اليومية، و يتأكد في الصبح و العشاءين، و لها ثواب عظيم يبهر العقول. و ليست واجبة بالأصل لا شرعا و لا شرطا إلا في الجمعة مع الشرائط المذكورة في محلها، و لا تشرع في شي ء من النوافل الأصلية و ان وجبت بالعارض بنذر و نحوه عدا صلاة الاستسقاء، و لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض كصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب.

[مسألة: 1 لا يشترط في صحة الجماعة اتحاد صلاة الامام و المأموم نوعا أو كيفية]

مسألة: 1 لا يشترط في صحة الجماعة اتحاد صلاة الامام و المأموم نوعا أو كيفية، فيأتم مصلي اليومية أي صلاة كانت بمصلي اليومية كذلك، و ان اختلفتا في القصر و التمام أو الأداء و القضاء، و كذا مصلى الآية بمصليها و ان اختلفت الآيتان.

نعم لا يجوز اقتداء اليومية بالعيدين و الآيات و صلاة الأموات، بل و صلاة الاحتياط و صلاة الطواف، و بالعكس، و كذا لا يجوز اقتداء كل من الخمس بعضها ببعض، بل مشروعية الجماعة في صلاة الطواف محل إشكال (1).

[مسألة: 2 أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام]

مسألة: 2 أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلا أو امرأة، بل و صبيا مميزا على الأقوى.

[مسألة: 3 لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة و العيدين]

مسألة: 3 لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة و العيدين (2) نية الامام


1- و كذا في صلاة الاحتياط، لكن لا إشكال في إتيان صلاة الطواف جماعة رجاء، لكن لا يكتفى بها بل الأحوط الجمع بينهما و بين الفرادى لمن لا يحسن القراءة.
2- بل لا يعتبر نية الجماعة مطلقا. نعم فيما يشترط فيه الجماعة يعتبر للإمام الوثوق بتحققها حين الشروع في الصلاة.

ص: 226

الجماعة و الإمامة و ان توقف حصول الثواب في حقه عليها، و أما المأموم فلا بد له من نية الاقتداء، فلو لم ينوه لم تنعقد الجماعة و ان تابع الإمام في الأقوال و الافعال.

و يجب وحدة الامام، فلو نوى الاقتداء باثنين لم تتحقق الجماعة و لو كانا متقاربين، و كذا يجب تعيين الامام بالاسم أو الوصف (1) أو الإشارة الذهنية أو الخارجية، كأن ينوي الاقتداء بهذا الحاضر و لو لم يعرفه باسمه و وصفه الا انه يعلم كونه عادلا صالحا للاقتداء، فلو نوى الاقتداء بأحد هذين لم تقع الجماعة و ان كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك.

[مسألة: 4 لو شك في أنه نوى الايتمام أم لا بنى على العدم]

مسألة: 4 لو شك في أنه نوى الايتمام أم لا بنى على العدم، و ان علم انه قام بنية الدخول في الجماعة. نعم لو ظهر فيه (2) حال الايتمام كالانصات و نحوه بنى عليه.

[مسألة: 5 إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان انه عمرو]

مسألة: 5 إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان انه عمرو، فان لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته (3)، بل و صلاته أيضا إذا أتى بما يخالف صلاة المنفرد، و ان كان عادلا ففي المسألة صورتان: إحداهما ان يكون قصده الاقتداء بزيد و تخيل (4) ان الحاضر هو زيد، و في هذه الصورة تبطل جماعته، بل و صلاته أيضا ان خالفت صلاة المنفرد. الثانية أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر و لكن تخيل أنه زيد فبان انه عمرو، و في هذه الصورة تصح جماعته و صلاته.

[مسألة: 6 لا يجوز للمنفرد العدول الى الايتمام في الأثناء]

مسألة: 6 لا يجوز للمنفرد العدول الى الايتمام في الأثناء.

[مسألة: 7 يجوز العدول من الايتمام الى الانفراد و لو اختيارا]

مسألة: 7 يجوز العدول من الايتمام الى الانفراد و لو اختيارا في جميع


1- في كفاية التعيين بالاسم و الوصف تأمل إذا لم تكن الإشارة إليه ذهنا و لا حسا، و كذا الاقتداء بمن يجهر إذا كان مرددا.
2- بل إذا اشتغل بوظيفة من وظائف المأموم.
3- مقتضى الاحتياط بطلان الجماعة في الصورتين، و أما الصلاة فمقتضى القاعدة صحتها إلا إذا زاد ركنا أو رجع الى الامام في الشكوك. و يمكن أن يقال بصحة جماعته أيضا إذا قصد الاقتداء بهذا الحاضر بزعم أنه زيد العادل، لانه حين الاقتداء كان عالما بعدالة امامه، و يكفى ذلك في صحة الجماعة و لا يحتاج إلى العدالة في الواقع.
4- الظاهر عدم الفرق بين الصورتين، لان هذا أيضا لا ينفك عن قصد الاقتداء بهذا، فالأقوى صحة الصلاة و الجماعة في الصور الثلاث بل الأربع.

ص: 227

أحوال الصلاة و ان كان من نيته ذلك في أول الصلاة، لكن الأحوط (1) عدم العدول إلا لضرورة و لو دنيوية، خصوصا في الصورة الثانية.

[مسألة: 8 إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع لا يجب عليه القراءة]

مسألة: 8 إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع لا يجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها، و ان كان الأحوط استينافها بقصد القربة المطلقة، خصوصا في الصورة الثانية.

[مسألة: 9 لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود الى الايتمام]

مسألة: 9 لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود الى الايتمام، كما انه لا يجوز للمنفرد العدول الى الايتمام في الأثناء.

[مسألة: 10 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه و لو بعد الذكر]

مسألة: 10 إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه و لو بعد الذكر أو أدركه قبله لكن لم يدخل في الصلاة الى أن ركع جاز له الدخول معه و تحسب له ركعة، و هو منتهى ما يدرك به الركعة في ابتداء الجماعة، فإدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقف على إدراك ركوع الامام قبل الشروع في رفع رأسه، و أما في الركعات الأخر فلا يضر (2) عدم إدراك الركوع مع الإمام، بأن ركع بعد رفع رأسه منه.

[مسألة: 11 الظاهر أنه إذا دخل في الجماعة في أول الركعة أو في أثناء القراءة و اتفق]

مسألة: 11 الظاهر أنه إذا دخل في الجماعة في أول الركعة أو في أثناء القراءة و اتفق أنه تأخر (3) عن الإمام في الركوع، و ما لحق به فيه صحت صلاته و جماعته و تحسب له ركعة. و ما ذكرنا في المسألة السابقة من أن إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقف على إدراك ركوع الامام قبل الشروع في رفع رأسه، مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة لا فيما إذا دخل فيها من أول الركعة أو في أثنائها.


1- لا يترك. نعم مع العذر خصوصا في التشهد الأخير و في السلام مطلقا لا بأس به.
2- إذا أدرك القيام و تأخر لمانع، أما إذا لم يدرك القيام أو تأخر عمدا فالأحوط إتمام الصلاة جماعة أو فرادى ثم الإعادة.
3- من غير تعمد، و الا فقد مر الاحتياط فيه في الركعات الأخر فضلا عن الأولى.

ص: 228

[مسألة: 12 لو ركع بتخيل أنه يدرك الامام راكعا و لم يدركه بطلت]

مسألة: 12 لو ركع بتخيل أنه يدرك الامام راكعا و لم يدركه بطلت (1) صلاته، بل و كذا لو شك في إدراكه و عدمه.

[مسألة: 13 الأحوط عدم الدخول في الجماعة بقصد الركوع مع الإمام إلا مع الاطمئنان بإدراكه]

مسألة: 13 الأحوط (2) عدم الدخول في الجماعة بقصد الركوع مع الإمام إلا مع الاطمئنان بإدراكه. نعم لا بأس بأن يكبر للإحرام بقصد أنه ان أدركه لحق و الا انفرد قبل الركوع أو انتظر الركعة الثانية.

[مسألة: 14 لو نوى الايتمام و كبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع لزمه الانفراد]

مسألة: 14 لو نوى الايتمام و كبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائما إلى الركعة الأخرى، فيجعلها الاولى له على اشكال في الثاني (3).

[مسألة: 15 إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة]

مسألة: 15 إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة نوى و كبر و سجد معه السجدة أو السجدتين و تشهد، ثم يقوم بعد تسليم الامام و يستأنف الصلاة و لا يكتفى بتلك النية و ذلك التكبير، بل إذا أدركه في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه، بأن ينوي و يكبر ثم يجلس معه و يتشهد، فإذا سلم الامام يقوم فيصلي، لكن في هذه الصورة يكتفي بتلك النية و ذلك التكبير، و يحصل له بذلك فضل الجماعة و ان لم يدرك ركعة.

[القول في شرائط الجماعة]
اشارة

القول في شرائط الجماعة مضافا الى ما مر:

و هي أمور:

[الأول- أن لا يكون بين المأموم و الامام أو بين بعض المأمومين مع البعض الأخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام حائل يمنع المشاهدة]

«الأول»- أن لا يكون بين المأموم و الامام أو بين بعض المأمومين مع البعض الأخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام حائل يمنع المشاهدة، و انما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو غيره من المأمومين (4).


1- جماعة، و أما فرادى فالأحوط الإتمام ثم الإعادة و ان لم يبعد صحتها، و كذا في صورة الشك قبل ذكر الركوع، و أما بعده كبعد الركوع فالجماعة محكومة بالصحة للتجاوز عن المحل.
2- لا يترك.
3- بل هذا هو المتعين على الأحوط فيما لا يوجب الفصل فوات صدق القدوة.
4- من الرجال، و أما الحائل بين المرأتين فمشكل، و الأحوط أنه كالحائل بين الرجلين و ان كان الامام رجلا.

ص: 229

[الثاني- ان لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين]

«الثاني»- ان لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوا معتدا به، و لا بأس بغير المعتد به مما هو دون الشبر (1)، كما انه لا بأس بعلو المأموم على الامام و لو بكثير (2).

[الثالث ان لا يتباعد المأموم عن الإمام]

«الثالث»- ان لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن الصف المتقدم عليه بما يكون كثيرا في العادة، و الأحوط تقديره بأن لا يكون بين مسجد المأموم و موقف الإمام أو بين مسجد اللاحق و موقف السابق أزيد من مقدار الخطوة المتعارفة، و أحوط منه أن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.

[الرابع- أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف]

«الرابع»- ان لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، و الأحوط تأخره عنه و لو يسيرا (3)، و لا يضر تقدم المأموم في ركوعه و سجوده لطول قامته بعد عدم تقدمه في الموقف، و ان كان الأحوط (4) مراعاته في جميع الأحوال خصوصا حال الجلوس بالنسبة إلى ركبتيه.

[مسألة: 1 ليس من الحائل الظلمة و الغبار المانعان من المشاهدة]

مسألة: 1 ليس من الحائل الظلمة و الغبار المانعان من المشاهدة، و كذا النهر و الطريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة، بل الظاهر عدم كون الشباك أيضا من الحائل إلا مع ضيق الثقب بحيث يصدق عليه السترة و الجدار. نعم إذا كان الحائل زجاجا فالظاهر عدم جوازه (5) و ان كان يحكي ما وراءه.

[مسألة: 2 لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصلاة]

مسألة: 2 لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصلاة و ان كان مانعا منها حال السجود كمقدار شبر بل و أزيد أيضا. نعم إذا كان مانعا حال الجلوس فيه اشكال، فلا يترك فيه الاحتياط.

[مسألة: 3 لا يقدح حيلولة المأمومين المتقدمين و ان لم يدخلوا في الصلاة]

مسألة: 3 لا يقدح حيلولة المأمومين المتقدمين و ان لم يدخلوا في الصلاة


1- إذا كان يسيرا لا يعتد به.
2- بشرط صدق الجماعة.
3- خصوصا في غير الواحد من الرجال.
4- لا يترك.
5- على الأحوط.

ص: 230

إذا كانوا متهيئين له، كما لا يقدح عدم مشاهدة بعض الصف الأول أو أكثرهم للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف، و كذا عدم مشاهدة بعض الصف الثاني للصف الأول إذا كان من جهة أطولية الثاني للأول.

[مسألة: 4 إذا وصلت الصفوف الى باب المسجد مثلا و وقف صف في خارج المسجد]

مسألة: 4 إذا وصلت الصفوف الى باب المسجد مثلا و وقف صف في خارج المسجد- بحيث وقف واحد منهم مثلا بحيال الباب و الباقون في جانبيه- فالظاهر صحة صلاة الجميع.

[مسألة: 5 لو تجدد الحائل أو البعد في الأثناء فالأقوى كونه كالابتداء]

مسألة: 5 لو تجدد الحائل أو البعد في الأثناء فالأقوى كونه كالابتداء، فتبطل الجماعة و يصير منفردا.

[مسألة: 6 لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان أو حيوان]

مسألة: 6 لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان أو حيوان. نعم إذا اتصلت المارة لا يجوز ان كانوا غير مستقرين لاستقرار المنع حينئذ.

[مسألة: 7 إذا انتهت صلاة الصف المتقدم يشكل اقتداء المتأخر]

مسألة: 7 إذا انتهت صلاة الصف المتقدم يشكل اقتداء المتأخر إلا إذا عادوا (1) إلى الجماعة بلا فصل.

[مسألة: 8 إذا علم ببطلان الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة]

مسألة: 8 إذا علم ببطلان الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة. نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحة (2)، و يكفي كون صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم و ان كانت باطلة بحسب تقليد الصف المتأخر (3).

[مسألة: 9 يجوز لأهل الصف المتأخر الإحرام قبل إحرام المتقدم]

مسألة: 9 يجوز لأهل الصف المتأخر الإحرام قبل إحرام المتقدم إذا كانوا قائمين متهيئين للإحرام.


1- صحة الجماعة للصف المتأخر بذلك محل اشكال بل محل منع، فاللازم عليهم إتمام الصلاة فرادى.
2- إذا كان احتمال البطلان مستندا الى فعلهم، و اما إذا كان لاحتمال عروض مبطل قهري فلا بد من إحراز عدمه و لو بالأصول المعتبرة غير أصالة الصحة.
3- بل المدار في صحة الاقتداء للصف المتأخر صحة صلاة الصف المتقدم بحسب تقليد المتأخر.

ص: 231

[القول في أحكام الجماعة]
اشارة

القول في أحكام الجماعة:

الأحوط بل الأقوى وجوب ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1)، و كذا في الأوليين من الجهرية إذا سمع صوت الامام و لو الهمهمة، و أما إذا لم يسمع حتى الهمهمة جاز بل استحب له القراءة، و أما في الأخيرتين من الجهرية أو الإخفاتية فهو كالمنفرد يجب عليه القراءة أو التسبيح مخيرا بينهما، سمع قراءة الإمام أو لم يسمع.

[مسألة: 1 لا فرق بين كون عدم السماع للبعد أو لكثرة الأصوات]

مسألة: 1 لا فرق بين كون عدم السماع للبعد أو لكثرة الأصوات أو للصمم أو لغير ذلك.

[مسألة: 2 إذا سمع بعض قراءة الإمام دون البعض فالأحوط ترك القراءة مطلقا]

مسألة: 2 إذا سمع بعض قراءة الإمام دون البعض فالأحوط ترك القراءة مطلقا.

[مسألة: 3 إذا شك في السماع و عدمه أو ان المسموع صوت الإمام أو غيره]

مسألة: 3 إذا شك في السماع و عدمه أو ان المسموع صوت الإمام أو غيره فالأحوط ترك القراءة.

[مسألة: 4 لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الامام و ان كان الأحوط ذلك]

مسألة: 4 لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الامام و ان كان الأحوط ذلك، و كذا لا تجب المبادرة (2) إلى القيام حال قراءته في الركعة الثانية، فيجوز أن يطيل سجوده و يقوم بعد ان قرأ الإمام بعض القراءة.

[مسألة: 5 لا يتحمل الامام عن المأموم شيئا غير القراءة في الأوليين إذا ائتم به فيهما]

مسألة: 5 لا يتحمل الامام عن المأموم شيئا غير القراءة في الأوليين إذا ائتم به فيهما، و أما في الأخيرتين فهو كالمنفرد و ان قرأ الإمام فيهما الحمد و سمع المأموم قراءته، و إذا لم يدرك الأوليين وجب عليه القراءة فيهما لأنهما أولتا صلاته، و ان لم يمهله الامام لإتمامها اقتصر على الحمد و ترك السورة و لحق به في الركوع، و ان لم يمهله عن الحمد أيضا فالأحوط قصد الانفراد (3).


1- و ان كان الأقوى فيها الجواز مع الكراهة. نعم في الأوليين من الجهرية لا يترك الاحتياط بترك القراءة إذا سمع صوت الامام و لو همهمة.
2- بل يجب المتابعة و لا يجوز التأخر الفاحش.
3- بل الأحوط إتمام الحمد و اللحوق به في السجود، و أحوط منه اعادة الصلاة بعده.

ص: 232

[مسألة: 6 إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمل عنه القراءة فيها]

مسألة: 6 إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمل عنه القراءة فيها و يتابع الإمام في القنوت و التشهد، و الأحوط التجافي فيه ثم بعد القيام إلى الثانية يجب القراءة فيها لكونها ثالثة الإمام، سواء قرأ الإمام فيها الحمد أو التسبيح.

[مسألة: 7 إذا قرأ المأموم خلف الامام وجوبا- كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين]

مسألة: 7 إذا قرأ المأموم خلف الامام وجوبا- كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين- أو استحبابا- كما في الأوليين إذا لم يسمع صوت الإمام في الصلاة الجهرية- تجب عليه الإخفات و ان كانت الصلاة جهرية.

[مسألة: 8 إذا أدرك الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه وجب عليه القراءة]

مسألة: 8 إذا أدرك الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه وجب عليه القراءة، و إذا لم يمهله ترك السورة، و إذا علم انه لو دخل معه لم يمهله لإتمام الفاتحة فالأحوط عدم الدخول الا بعد ركوعه، فيحرم و يركع معه و ليس عليه الفاتحة حينئذ.

[مسألة: 9 يجب متابعة المأموم للإمام في الافعال]

مسألة: 9 يجب متابعة المأموم للإمام في الافعال، بمعنى أن لا يتقدم فيها عليه و لا يتأخر عنه تأخرا فاحشا، و أما في الأقوال فالأقوى عدم وجوبها فيها عدا تكبيرة الإحرام، من غير فرق بين المسموع منها و غيره، و ان كان أحوط في المسموع و في خصوص التسليم. و لو ترك المتابعة فيما وجبت فيه عصى و لكن صحت (1) صلاته بل جماعته أيضا. نعم لو تقدم أو تأخر فاحشا على وجه ذهبت هيئة الجماعة بطلت جماعته.

[مسألة: 10 لو أحرم قبل الامام سهوا أو بزعم انه قد كبر كان منفردا]

مسألة: 10 لو أحرم قبل الامام سهوا أو بزعم انه قد كبر كان منفردا، فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة و أتمها ركعتين.

[مسألة: 11 إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام سهوا]

مسألة: 11 إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام سهوا أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود و المتابعة، و لا يضر زيادة الركن حينئذ، و ان لم يعد أثم و صحت صلاته (2). و لو رفع رأسه قبل الامام عامدا (3) أثم و لم يجز له المتابعة، فان


1- إلا إذا ركع عمدا قبل تمام قراءة الإمام فإنه تبطل صلاته، لكن لا من حيث التقدم في الركوع بل من حيث تركه للقراءة و بدله.
2- إلا إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب نسيانا، فإنه لو لم يعد فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة بعد الإتمام.
3- بعد الذكر الواجب و الا تبطل صلاته لترك الذكر عمدا.

ص: 233

تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمدية، و لو تابع سهوا فكذلك إذا كان ركنا كالركوع.

[مسألة: 12 لو رفع رأسه من الركوع قبل الامام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة]

مسألة: 12 لو رفع رأسه من الركوع قبل الامام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله الى حد الركوع لا يبعد بطلان صلاته، و الأحوط إتمام الصلاة ثم الإعادة.

[مسألة: 13 لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيل أنها الاولى]

مسألة: 13 لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيل أنها الاولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية، و ان تخيل انها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان انها الاولى حسبت متابعة، و الأحوط إعادة الصلاة (1) في الصورتين و لا سيما في الثانية.

[مسألة: 14 إذا ركع أو سجد قبل الامام عمدا لا يجوز له المتابعة]

مسألة: 14 إذا ركع أو سجد قبل الامام عمدا لا يجوز له المتابعة، و أما إذا كان سهوا وجبت بالعود (2) الى القيام أو الجلوس ثم الركوع أو السجود معه، و الأحوط مع ذلك الإعادة بعد الإتمام.

[مسألة: 15 إذا كان مشتغلا بالنافلة فأقيمت الجماعة و خاف عدم إدراكها]

مسألة: 15 إذا كان مشتغلا بالنافلة فأقيمت الجماعة و خاف عدم إدراكها جاز له قطعها، و لو كان مشتغلا بالفريضة منفردا استحب له العدول إلى النافلة و إتمامها ركعتين إذا لم يتجاوز محل العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الثالثة.

[القول في شرائط إمام الجماعة]
اشارة

القول في شرائط إمام الجماعة:

و يشترط فيه أمور: الايمان، و طهارة المولد، و العقل، و البلوغ إذا كان المأموم بالغا، و الذكورة إذا كان المأموم ذكرا بل مطلقا على الأحوط، و العدالة فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق و لا مجهول الحال.

و هي حالة نفسانية (3) باعثة على ملازمة التقوى، مانعة عن ارتكاب الكبائر التي منها الإصرار على الصغائر، و عن منافيات المروة و هي كل ما دل ارتكابها على مهانة


1- لا يترك.
2- على الأحوط.
3- الظاهر أن العدالة نفس الاجتناب عن الكبائر الناشئ عن تلك الحالة النفسانية.

ص: 234

النفس و قلة الحياء و عدم المبالاة بالدين.

و أما الكبائر فهي كل معصية ورد التوعيد عليها بالنار أو ورد النص بكونها كبيرة:

كالاشراك (1) باللّه، و إنكار ما أنزله، و اليأس من روحه، و الأمن من مكره، و الكذب عليه أو على رسوله أو أوصيائه، و محاربة أوليائه، و قتل النفس التي حرمها اللّٰه الا بالحق، و عقوق الوالدين، و أكل مال اليتيم ظلما، و قذف المحصنة، و الفرار من الزحف، و قطعية الرحم، و السحر، و الزنا، و اللواط، و السرقة، و اليمين الغموس، و كتمان الشهادة، و شهادة الزور، و نقض العهد، و الحيف في الوصية، و شرب الخمر، و أكل الربا، و أكل السحت، و القمار، و أكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ لغير اللّٰه من غير ضرورة، و البخس في المكيال و الميزان، و التعرب بعد الهجرة، و معونة الظالمين و الركون إليهم، و حبس الحقوق من غير عذر، و الكذب، و الكبر، و الإسراف، و التبذير، و الخيانة، و الغيبة، و النميمة، و الاشتغال بالملاهي، و الاستخفاف بالحج، و ترك الصلاة، و منع الزكاة، و الإصرار على الصغائر من الذنوب.

[مسألة: 1 الإصرار الموجب لدخول الصغيرة في الكبيرة هو المداومة و الملازمة على المعصية]

مسألة: 1 الإصرار الموجب لدخول الصغيرة في الكبيرة هو المداومة و الملازمة على المعصية من دون تخلل التوبة، و لا يبعد أن يكون من الإصرار العزم على العود إلى المعصية بعد ارتكابها و ان لم يعد إليها، خصوصا إذا كان عزمه على العود حال ارتكاب المعصية الأولى. نعم الظاهر عدم تحققه بمجرد عدم التوبة (2) بعد المعصية من دون العزم على العود إليها.

[مسألة: 2 الأقوى جواز تصدي الإمامة لمن يعرف نفسه بعدم العدالة]

مسألة: 2 الأقوى جواز تصدي الإمامة لمن يعرف نفسه بعدم العدالة مع اعتقاد المأمومين عدالته، و ان كان الأحوط الترك.

[مسألة: 3 تثبت عدالة الإمام بالبينة، و الشياع الموجب للاطمئنان]

مسألة: 3 تثبت عدالة الإمام بالبينة، و الشياع الموجب للاطمئنان، بل يكفي


1- فإنه كفر، و كذا إنكار ما أنزل اللّٰه، فينتفى بهما الشرط الأول و هو الايمان.
2- بل لا يبعد تحقق الإصرار بعد ما كانت التوبة واجبة في كل آن فورا ففورا.

ص: 235

الاطمئنان و الوثوق من أي وجه حصل و لو من جهة اقتداء جماعة من أهل البصيرة و الصلاح لا من الهمج و الرعاع و الجهال، كما أنه يكفي حسن الظاهر الكاشف (1) ظنا عن تلك الحالة النفسانية الباعثة على ملازمة التقوى.

[مسألة: 4 لا يجوز امامة القاعد للقائمين، و لا المضطجع للقاعدين]

مسألة: 4 لا يجوز امامة (2) القاعد للقائمين، و لا المضطجع للقاعدين، و لا من لا يحسن القراءة بعدم تأدية الحرف من مخرجه أو إبداله بغيره حتى اللحن في الاعراب و ان كان لعدم استطاعته لغيره ممن يحسنها، و كذا الأخرس للناطق و ان كان ممن لا يحسنها. نعم لا بأس بإمامة من لا يحسن القراءة في غير المحل الذي يتحملها الامام عن المأموم، كالركعتين الأخيرتين إذا كان ذلك لعدم استطاعته حتى لمن يحسنها فيه.

[مسألة: 5 لا بأس بإمامة القاعد للقاعد و المضطجع لمثله]

مسألة: 5 لا بأس بإمامة القاعد للقاعد و المضطجع لمثله، كما انه لا بأس بإمامة المتيمم للمتوضئ و ذي الجبيرة لغيره و مستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره، بل لا يبعد جواز امامة المسلوس و المبطون لغيرهما فضلا عن مثلهما.

[مسألة: 6 إذا اختلف الامام مع المأموم في المسائل المتعلقة بالصلاة اجتهادا أو تقليدا]

مسألة: 6 إذا اختلف الامام مع المأموم في المسائل المتعلقة بالصلاة اجتهادا أو تقليدا صح الاقتداء إذا اتحد في العمل، كما إذا رأى أحدهما اجتهادا أو تقليدا وجوب السورة و الأخر عدمه، يجوز اقتداء الأول بالثاني إذا قرأها و ان لم يوجبها، و أما مع المخالفة في العمل فيشكل جواز الاقتداء، خصوصا فيما يتعلق بقراءة الإمام التي يتحملها عن المأموم إذا أتى بما رآه المأموم (3) باطلا، فلا يترك الاحتياط فيه بترك الاقتداء. نعم إذا لم يعلم اختلافهما في المسائل أو تخالفهما (4) في العمل يجوز


1- و الظاهر كفاية حسن الظاهر و ان لم يورث الظن فعلا.
2- الظاهر عدم جواز الاقتداء بالمعذور الا بالمتيمم و بذي الجبيرة و بالقاعد ان كان المأموم غير قائم.
3- الظاهر عدم جواز الاقتداء بمن تكون صلاته أو قراءته باطلة عند المأموم، سواء كان منشأ البطلان متعلقا بالقراءة أو بغيرها.
4- جواز الاقتداء فيما علم تخالفهما في المسائل و شك في تخالفهما في العمل محل منع الا فيما لا يضر مخالفة الإمام بصحة صلاته و لو بأصالة الصحة.

ص: 236

الايتمام و لا يجب الفحص و السؤال.

[مسألة: 7 إذا دخل الإمام في الصلاة معتقدا دخول الوقت و المأموم معتقد عدمه أو شاك فيه]

مسألة: 7 إذا دخل الإمام في الصلاة معتقدا دخول الوقت و المأموم معتقد عدمه أو شاك فيه لا يجوز له الايتمام في الصلاة. نعم إذا علم بالدخول في أثناء صلاة الإمام جاز له الايتمام به (1).

[مسألة: 8 إذا تشاح الأئمة لا لغرض دنيوي يقدح في العدالة يرجح من قدمه المأمومون]

مسألة: 8 إذا تشاح الأئمة لا لغرض دنيوي يقدح في العدالة يرجح من قدمه المأمومون، و مع الاختلاف يقدم الفقيه الجامع للشرائط، فان لم يكن أو تعدد يقدم الأجود قراءة، ثم الأفقه في أحكام الصلاة، ثم الأسن. و الامام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره، و ان كان أفضل لكن الاولى له تقديم الأفضل، و كذا صاحب المنزل أولى من غيره المأذون في الصلاة، و الأولى أيضا تقديم الأفضل، و كذا الهاشمي أولى من غيره المساوي له في الصفات. و الترجيحات المذكورة انما هي من باب الأفضلية و الاستحباب لا على وجه اللزوم و الإيجاب حتى في أولوية الإمام الراتب، فلا يحرم (2) مزاحمة الغير له و ان كان مفضولا من جميع الجهات أيضا.

[مسألة: 9 يكره إمامة الأجذم و الأبرص و الأغلف المعذور في ترك الختان]

مسألة: 9 يكره إمامة الأجذم و الأبرص و الأغلف المعذور في ترك الختان، و المحدود بعد توبته، و من يكره المأمومون إمامته، و المتيمم للمتطهر، بل الاولى عدم امامة كل ناقص للكامل.

[مسألة: 10 إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة كونه محدثا أو تاركا لركن و نحوه]

مسألة: 10 إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة كونه محدثا أو تاركا لركن و نحوه لا يجوز له الاقتداء به و ان اعتقد الامام صحتها جهلا أو سهوا.

[مسألة: 11 إذا رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسة غير معفو عنها]

مسألة: 11 إذا رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسة غير معفو عنها، فان علم انه قد نسيها لا يجوز الاقتداء به، و ان علم كونه جاهلا يجوز الاقتداء به، و إذا لم يدر أنه جاهل أو ناس ففي جواز الاقتداء به تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط.


1- بعد دخول الوقت و إحراز صحة صلاة الامام و لو بأصالة الصحة.
2- ما لم تستلزم محرما آخر كهتك عرض المؤمن أو وهن في الدين. أعاذنا اللّٰه من شرور أنفسنا.

ص: 237

[مسألة: 12 إذا تبين بعد الصلاة كون الامام فاسقا أو محدثا]

مسألة: 12 إذا تبين بعد الصلاة كون الامام فاسقا أو محدثا مثلا انكشف بطلان الجماعة (1)، لكن صلاة المأموم صحيحة إذا لم يزد ركنا أو نحوه مما يخل بصلاة المنفرد، و أما ترك القراءة يكون كتركها سهوا، فلا يضر بصحة صلاته.


1- لا يبعد صحة الجماعة و اغتفار ما يغتفر فيها. نعم في زيادة الركن من صلاة الإمام أو نقيصته لا يخلو من اشكال.

ص: 238

[كتاب الصّوم]

اشارة

كتاب الصّوم و فيه فصول:

[فصل: في النية]

اشارة

(فصل: في النية)

[مسألة: 1 يشترط في الصوم النية]

مسألة: 1 يشترط في الصوم النية (1)، بأن يقصد الى تلك العبادة المقررة في الشريعة، و يعزم على الإمساك عن المفطرات المعهودة بقصد القربة. و لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، فلو نوى الإمساك عن كل مفطر يضر بالصوم و لم يعلم بمفطرية بعض الأشياء كالاحتقان أو القي ء مثلا أو زعم عدم مفطريته و لكن لم يرتكبه صح صومه، و كذا لو نوى الإمساك عن أمور يعلم باشتمالها على المفطرات صح على الأقوى.

و لا يعتبر في النية بعد القصد و القربة و الإخلاص سوى تعيين الصوم الذي قصد إطاعة أمره، و يكفي في صوم شهر رمضان نية صوم غد من غير حاجة الى تعيينه، بل لو نوى غيره فيه جاهلا به أو ناسيا له صح و وقع عن رمضان، بخلاف العالم به فإنه لا يقع لواحد منهما. و لا بد فيما عدا شهر رمضان من التعيين، بمعنى القصد الى صنف الصوم المخصوص، كالكفارة و القضاء و النذر المطلق، بل المعين أيضا على الأقوى.

و يكفي التعيين الإجمالي، كما إذا كان ما وجب في ذمته صنفا واحدا فقصد ما في ذمته، فإنه يجزيه. و الأظهر عدم اعتبار التعيين في المندوب المطلق، فلو نوى صوم غد متقربا الى اللّٰه تعالى صح و وقع ندبا إذا كان الزمان صالحا و كان الشخص ممن يجوز له أن يتطوع بالصوم، بل و كذا المندوب المعين أيضا إذا كان تعينه بالزمان الخاص، كأيام البيض و الجمعة و الخميس. نعم في إحراز ثواب الخصوصية يعتبر إحراز ذلك


1- على ما يأتي تفصيله في المسائل إن شاء اللّٰه تعالى.

ص: 239

اليوم و قصده.

[مسألة: 2 يعتبر في القضاء عن الغير نية النيابة و لو لم يكن في ذمته صوم آخر لنفسه]

مسألة: 2 يعتبر في القضاء عن الغير نية النيابة و لو لم يكن في ذمته صوم آخر لنفسه.

[مسألة: 3 لا يقع في شهر رمضان صوم غيره واجبا كان أو ندبا]

مسألة: 3 لا يقع في شهر رمضان صوم غيره واجبا كان أو ندبا، سواء كان مكلفا بصومه أو لا كالمسافر و نحوه. نعم مع الجهل بكونه رمضانا أو نسيانه لو نوى فيه غير صومه يقع من رمضان كما مر.

[مسألة: 4 محل النية في الواجب المعين رمضانا كان أو غيره]

مسألة: 4 محل النية في الواجب المعين رمضانا كان أو غيره مع التنبه المقارنة لطلوع الفجر الصادق أو في أي جزء من ليلة اليوم الذي يريد صومه و ان نام أو تناول المفطر بعدها فيها مع استمرار العزم على مقتضاها الى طلوع الفجر. هذا مع التنبيه و الالتفات، و أما مع النسيان أو الغفلة أو الجهل بكونه رمضانا فيمتد وقتها الى الزوال (1) لو لم يتناول المفطر قبله، و كذا لو فاتته النية لعذر آخر من مرض (2) أو سفر فزال عذره قبل الزوال و لم يتناول مفطرا. و إذا زالت الشمس فقد فات (3) محلها، و يمتد محلها اختيارا في غير المعين الى الزوال دون ما بعده، فلو أصبح ناويا للإفطار و لم يكن تناول مفطرا فبدا له قبل الزوال أن يصوم قضاءا من شهر رمضان أو كفارة أو نذرا مطلقا جاز و صح دون ما بعده (4). و محلها في المندوب يمتد الى أن يبقى من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه.

[مسألة: 5 يوم الشك في انه من شعبان أو رمضان يبني على أنه من شعبان]

مسألة: 5 يوم الشك في انه من شعبان أو رمضان يبني على أنه من شعبان، فلا يجب صومه، و لو صامه بنية انه من شعبان ندبا أجزأه عن رمضان لو بان بعد ذلك انه من رمضان، و كذا لو صامه بنية أنه منه قضاءا أو نذرا أجزأه لو صادف. و لو صامه بنية انه من رمضان لم يقع لأحدهما، و كذا لو صامه على أنه ان كان من شهر


1- متى تذكر، و لا يجوز له التأخير بعد التذكر.
2- على الأحوط، و ان كان الأقوى عدم وجوب الصوم عليه و وجوب القضاء عليه و ان صام.
3- لكن لا يترك الاحتياط بالإتمام و القضاء.
4- على الأحوط.

ص: 240

رمضان كان واجبا و الا كان مندوبا على وجه الترديد في النية (1).

[مسألة: 6 لو كان في يوم الشك بانيا على الإفطار ثم ظهر في أثناء النهار أنه من شهر رمضان]

مسألة: 6 لو كان في يوم الشك بانيا على الإفطار ثم ظهر في أثناء النهار أنه من شهر رمضان، فان تناول المفطر أو لم يتناوله لكن ظهر الحال (2) بعد الزوال يجب عليه إمساك بقية النهار تأدبا و قضاء ذلك اليوم، و ان كان قبل الزوال و لم يتناول شيئا يجدد النية و أجزأ عنه.

[مسألة: 7 لو صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ثم تناول المفطر نسيانا]

مسألة: 7 لو صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ثم تناول المفطر نسيانا و تبين بعد ذلك أنه من رمضان أجزأ عنه. نعم لو أفسد صومه برياء و نحوه لم يجزه من رمضان حتى لو تبين له كونه منه قبل الزوال و جدد النية.

[مسألة: 8 كما يجب النية في ابتداء الصوم يجب الاستدامة على مقتضاها في أثنائه]

مسألة: 8 كما يجب النية في ابتداء الصوم يجب الاستدامة على مقتضاها في أثنائه، فلو نوى القطع في الواجب المعين- بمعنى أنه أنشأ رفع اليد عما تلبس به من الصوم- بطل على الأحوط (3)، و ان عاد إلى نية الصوم قبل الزوال. نعم لو كان ذلك لزعم اختلال في صومه ثم بان عدمه لم يبطل على الأقوى، و كذا ينافي الاستدامة المزبورة التردد في الأثناء. نعم لو كان تردده في البطلان و عدمه لعروض عارض لم يدر أنه مبطل لصومه أم لا لم يكن فيه بأس (4) و ان استمر ذلك الى أن يسأل عنه، و أما غير الواجب المعين فلو نوى القطع ثم رجع قبل الزوال صح صومه.

[القول فيما يجب الإمساك عنه]

اشارة

القول فيما يجب الإمساك عنه:

[ «الأول و الثاني»- الأكل و الشرب المعتاد]
[مسألة: 1 يجب على الصائم الإمساك عن أمور]

مسألة: 1 يجب على الصائم الإمساك عن أمور:

«الأول و الثاني»- الأكل و الشرب المعتاد كالخبز و الماء و غيره كالحصاة و عصارة الأشجار و لو كان قليلا جدا كعشر حبة الحنطة أو عشر قطرة من الماء.

[مسألة: 2 المدار على صدق الأكل و الشرب و لو كان على النحو غير المتعارف]

مسألة: 2 المدار على صدق الأكل و الشرب و لو كان على النحو غير المتعارف،


1- و أما إذا كان بنحو الترديد في المنوي بأن يصومه بنية القربة المطلقة بقصد ما في الذامة و كان في ذهنه انه اما من رمضان أو غيره فالأقوى الصحة.
2- الأحوط فيه تجديد النية و الإتمام رجاء ثم القضاء.
3- بل على الأقوى، و كذا لو نوى القاطع.
4- ان لم يتردد في رفع اليد عن الصوم فعلا من جهة الشك في البطلان.

ص: 241

فإذا أوصل الماء الى الجوف من طريق أنفه الظاهر صدق الشرب عليه و ان كان بنحو غير متعارف.

[ «الثالث»- الجماع]

«الثالث»- الجماع للذكر و الأنثى و البهيمة قبلا أو دبرا حيا أو ميتا صغيرا أو كبيرا واطئا كان الصائم أو موطوءا، فتعمد ذلك مبطل لصومه و ان لم ينزل. نعم لا بطلان مع النسيان أو القهر المانع عن الاختيار، و إذا جامع نسيانا أو جبرا (1) فتذكر و ارتفع الجبر في الأثناء وجب الإخراج فورا، فان تراخى بطل صومه. و لو قصد التفخيذ مثلا فدخل بلا قصد لم يبطل، و لو قصد الإدخال فلم يتحقق كان مبطلا من جهة نية المفطر. و يتحقق الجماع بغيبوبة الحشفة أو مقدارها (2) من مقطوعها.

[ «الرابع»- إنزال المني]
اشارة

«الرابع»- إنزال المني باستمناء أو ملامسة أو قبلة أو تفخيذ أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنه مبطل للصوم بجميع افراده، بل لو لم يقصد حصوله و كان من عادته (3) ذلك بالفعل المزبور فهو كذلك أيضا. نعم لو سبقه المني من دون إيجاد شي ء مما يقتضيه منه لم يكن عليه شي ء، فإنه حينئذ كالمحتلم في نهار الصوم و الناسي.

[مسألة: 3 لا بأس بالاستبراء بالبول أو الخرطات لمن احتلم في النهار]

مسألة: 3 لا بأس بالاستبراء بالبول أو الخرطات لمن احتلم في النهار و ان علم (4) بخروج بقايا المني في المجرى، كما انه لا يجب عليه التحفظ من خروج المني بعد الإنزال إن استيقظ قبله خصوصا مع الحرج أو الإضرار.

[ «الخامس»- تعمد البقاء على الجنابة]
اشارة

«الخامس»- تعمد البقاء على الجنابة الى الفجر في شهر رمضان و قضائه، بل الأقوى في الثاني البطلان بالإصباح جنبا و ان لم يكن عن عمد، كما أن الأقوى أيضا بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر حتى مضى عليه


1- إذا كان ذلك بنحو القهر بلا اختيار لا بنحو الإلزام و الإخافة و الإكراه، فإنه مبطل و ان كان معذورا.
2- لا يبعد البطلان بصدق الجماع في المقطوع.
3- بل و ان لم يكن من عادته إذا لم يكن مأمونا من سبق المنى.
4- قبل الغسل، و أما بعده فالأقوى عدم جوازه مع العلم الا مع الإضرار أو الحرج، و الأحوط تقديم الاستبراء إذا علم بأنه لو ترك خرجت البقايا بعد الغسل.

ص: 242

يوم أو أيام، بل الأحوط (1) إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعين و نحوه به، و أما غير شهر رمضان و قضائه من الواجب المعين و الموسع و المندوب ففي بطلانه بسبب تعمد البقاء على الجنابة إشكال أحوطه ذلك، خصوصا في الواجب الموسع، و أقواه العدم خصوصا في المندوب.

[مسألة: 4 من أحدث سبب الجنابة في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم فهو كمتعمد البقاء عليها]

مسألة: 4 من أحدث سبب الجنابة في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم فهو كمتعمد البقاء عليها، و لو وسع التيمم خاصة عصى و صح الصوم المعين، و الأحوط القضاء.

[مسألة: 5 لو ظن السعة و أجنب فبان الخلاف لم يكن عليه شي ء إذا كان مع المراعاة]

مسألة: 5 لو ظن السعة و أجنب فبان الخلاف لم يكن عليه شي ء إذا كان مع المراعاة، أما مع عدمها فعليه القضاء (2).

[مسألة: 6 كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا كذا يبطل بالبقاء]

مسألة: 6 كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض و النفاس الى طلوع الفجر، فإذا طهرتا منهما قبل الفجر وجب عليهما الاغتسال أو التيمم، و مع تركهما عمدا يبطل صومهما. و كذا يشترط في صحة صوم المستحاضة على الأحوط (3) الأغسال النهارية التي للصلاة دون غيرها، فلو استحاضت قبل الإتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة و الكثيرة فتركت الغسل بطل صومها، بخلاف ما لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الظهرين فتركت الغسل الى الغروب، فإنه لا يبطل صومها.

[مسألة: 7 فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث لصحة صومه]

مسألة: 7 فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث لصحة صومه، فيصح منه مع البقاء على الجنابة أو مع حدث الحيض أو النفاس. نعم فيما يفسده البقاء على الجنابة مطلقا و لو لا عن عمد كقضاء شهر رمضان فالظاهر البطلان.


1- و الأقوى عدم الإلحاق.
2- على الأحوط مع إتمام الصوم.
3- بل على الأقوى، و الأقوى اعتبار غسل الليلة الماضية في صحة صومها أيضا، بمعنى أنها لو تركت الغسل للعشاءين حتى أصبحت بطل صومها. نعم لو اغتسلت قبل الفجر لأجل أي علة صح صومها.

ص: 243

[مسألة: 8 لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس الميت]

مسألة: 8 لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس الميت، كما لا يضر مسه في أثناء النهار.

[مسألة: 9 من لم يتمكن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمم و لو لضيق الوقت]

مسألة: 9 من لم يتمكن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمم و لو لضيق الوقت وجب عليه التيمم للصوم، فمن تركه حتى أصبح كان كتارك الغسل.

نعم يجب عليه البقاء على التيمم مستيقظا حتى يصبح على الأحوط (1).

[مسألة: 10 لو استيقظ بعد الصبح محتلما فان علم أن جنابته كانت ليلا صح صومه]

مسألة: 10 لو استيقظ بعد الصبح محتلما فان علم أن جنابته كانت ليلا صح صومه ان كان مضيقا (2) و بادر الى الغسل استحبابا، و ان كان موسعا بطل ان كان قضاء شهر رمضان و صح ان كان غيره أو مندوبا الا أن الأحوط إلحاقهما به. و ان لم يعلم بوقت وقوع الجنابة أو علم بوقوعها نهارا كان كمن احتلم أو سبق منيه في النهار بغير اختيار لا يبطل صومه، من غير فرق بين الموسع و غيره و المندوب. و لا يجب عليه البدار الى الغسل، كما لا يجب على كل من أجنب بالنهار بدون اختيار، و ان كان هو الأحوط.

[مسألة: 11 من أجنب في الليل في شهر رمضان جاز له أن ينام قبل الاغتسال ان احتمل الاستيقاظ]

مسألة: 11 من أجنب في الليل في شهر رمضان جاز له أن ينام قبل الاغتسال ان احتمل الاستيقاظ (3) حتى بعد الانتباه و الانتباهتين، بل و أزيد خصوصا مع اعتياد الاستيقاظ، فلا يكون نومه حراما، و ان كان الأحوط شديدا ترك النوم الثاني فما زاد. و لو نام مع احتمال الاستيقاظ فلم يستيقظ حتى طلع الفجر، فان كان بانيا على عدم الاغتسال لو استيقظ أو مترددا فيه لحقه حكم متعمد البقاء جنبا، فعليه القضاء مع الكفارة كما يأتي، و ان كان بانيا على الاغتسال لا شي ء عليه لا القضاء و لا الكفارة. نعم لو انتبه ثم نام ثانيا حتى طلع الفجر بطل صومه، فيجب عليه الإمساك تأدبا و القضاء. و لو عاد الى النوم ثالثا و لم ينتبه فعليه الكفارة أيضا على المشهور، و فيه تردد، بل عدم


1- و الأقوى عدم الوجوب.
2- ان كان المضيق قضاء شهر رمضان فالأحوط إتمامه و الإتيان به ثانيا.
3- و اعتاد أو اطمأن به، و مع عدم الاعتياد أو الاطمئنان فالأحوط أنه كالعلم بعدم الاستيقاظ حتى في النوم الأول.

ص: 244

وجوبها لا يخلو من قوة، لكن الاحتياط لا ينبغي تركه. و لو كان ذاهلا و غافلا عن الاغتسال و لم يكن بانيا على الاغتسال و لا بانيا على تركه، ففي لحوقه بالأول أو الثاني وجهان، أوجههما الأول (1).

[ «السادس»- تعمد الكذب على اللّٰه و رسوله و الأئمة عليهم السلام]
اشارة

«السادس»- تعمد الكذب على اللّٰه و رسوله و الأئمة عليهم السلام، و كذا باقي الأنبياء و الأوصياء على الأحوط، من غير فرق بين كونه في الدنيا أو الدين، و بين كونه بالقول أو بالكتابة أو الإشارة أو الكناية و نحوها مما يصدق عليه الكذب عليهم، فلو سأله سائل هل قال النبي صلى اللّٰه عليه و آله كذا فأشار نعم في مقام لا أو لا في مقام نعم بطل صومه، و كذا لو أخبر صادقا عن النبي ثم قال ما أخبرت به عنه كذب أو أخبر كاذبا في الليل ثم قال في النهار ان ما أخبرت به في الليل صدق فسد صومه (2).

نعم مع عدم القصد الجدي الى الاخبار- بأن كان هازلا و لاغيا- لا يترتب عليه الفساد.

[مسألة: 12 إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر]

مسألة: 12 إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر، و كذا إذا قصد الكذب فبان صدقا. نعم مع العلم بمفطريته داخل في قصد المفطر و قد مر حكمه.

[مسألة: 13 لا فرق بين أن يكون الكذب مجعولا له أو لغيره]

مسألة: 13 لا فرق بين أن يكون الكذب مجعولا له أو لغيره، كما إذا كان مذكورا في بعض كتب التواريخ أو الاخبار إذا كان على وجه الاخبار. نعم لا بأس بنقله إذا كان على وجه الحكاية و النقل من الشخص الفلاني أو كتابه.

[ «السابع»- رمس الرأس في الماء على الأحوط]
اشارة

«السابع»- رمس الرأس في الماء على الأحوط و لو مع خروج البدن، و الأحوط إلحاق المضاف بالماء المطلق، و لا بأس بالإفاضة أو نحوها مما لا يسمى رمسا و ان كثر الماء، بل لا بأس برمس البعض و ان كان المنافذ، و لا بغمس التمام على التعاقب- بأن غمس نصفه مثلا ثم أخرجه و غمس نصفه الأخر.

[مسألة: 14 إذا ألقى نفسه في الماء بتخيل عدم الرمس فحصل لم يبطل]

مسألة: 14 إذا ألقى نفسه في الماء بتخيل عدم الرمس فحصل لم يبطل صومه (3).

[مسألة: 15 لو ارتمس الصائم مغتسلا، فان كان تطوعا أو واجبا موسعا بطل]

مسألة: 15 لو ارتمس الصائم مغتسلا، فان كان تطوعا أو واجبا موسعا بطل


1- بل أقواهما بشرط الاعتياد أو الاطمئنان بالاستيقاظ.
2- على الأحوط فيهما.
3- إذا كان مأمونا من حصول الرمس.

ص: 245

صومه و صح غسله، و ان كان واجبا معينا فان قصد الغسل بأول مسمى الارتماس بطل صومه و غسله معا، و ان نواه بالمكث أو الخروج صح غسله دون صومه في غير شهر رمضان، و أما فيه بطلا معا (1).

[ «الثامن»- إيصال الغبار الغليظ الى الحلق]

«الثامن»- إيصال الغبار الغليظ الى الحلق، بل و غير الغليظ أيضا على الأحوط، سواء كان باثارته بنفسه بكنس و نحوه أو بإثارة غيره أو بإثارة الهواء مع تمكينه من الوصول لعدم التحفظ. و لا بأس (2) بما يعسر التحرز عنه، كما انه لا بأس به مع النسيان أو الغفلة أو القهر أو تخيل عدم الوصول إلا إذا خرج بهيئة الطين الى فضاء الفم ثم ابتلعه. و يلحق بالغبار البخار و دخان التنباك و نحوه على الأحوط.

[ «التاسع»- الحقنة بالمائع]

«التاسع»- الحقنة بالمائع و لو لمرض و نحوه. نعم لا بأس بالجامد، مع ان الأحوط اجتنابه، كما انه لا بأس بوصول الدواء الى جوفه من جرحه.

[ «العاشر»- تعمد القي ء]
اشارة

«العاشر»- تعمد القي ء و ان كان للضرورة دون ما كان منه بلا عمد، و المدار على صدق مسماه، و لو ابتلع في الليل ما يجب عليه (3) قيئه بالنهار فسد صومه مع انحصار إخراجه بذلك. نعم لو لم ينحصر فيه صح.

[مسألة: 16 لو خرج بالتجشؤ شي ء و وصل الى فضاء الفم ثم نزل من غير اختيار لم يبطل صومه]

مسألة: 16 لو خرج بالتجشؤ شي ء و وصل الى فضاء الفم ثم نزل من غير اختيار لم يبطل صومه (4)، بخلاف ما إذا بلعه اختيارا، فإنه يبطل صومه و عليه القضاء و الكفارة.

و لا يجوز للصائم التجشؤ اختيارا إذا علم بأنه يخرج معه شي ء يصدق عليه القي ء أو ينحدر بعد الخروج بلا اختيار، و أما إذا لم يعلم بذلك بل احتمله فلا بأس به، بل لو ترتب عليه حينئذ الخروج و الانحدار لم يبطل صومه.

[مسألة: 17 لا يفسد الصوم بابتلاع البصاق المجتمع في الفم]

مسألة: 17 لا يفسد الصوم بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و ان كان بتذكر ما كان سببا في جمعه، و لا بابتلاع النخامة التي لم تصل الى فضاء الفم، من غير فرق


1- على الأحوط، و لا يبعد صحة الغسل إذا قصده بالمكث أو الخروج.
2- مشكل، بل الأقوى البطلان. نعم مع كون التحفظ حرجيا لا كفارة فيه.
3- لأهمية ما يجب له القي ء أو عدم تعين الصوم و تعين وجوب القي ء.
4- ان كان التجشؤ بغير اختيار أو كان مأمونا من ذلك.

ص: 246

بين النازلة من الرأس و الخارجة من الصدر على الأقوى، و أما الواصلة إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط بترك ابتلاعها. نعم لو خرجت عن الفم ثم ابتلعها بطل صومه قطعا، و كذا البصاق، بل لو كانت في فمه حصاة فأخرجها و عليها بلة من الريق ثم أعادها و ابتلع الريق أفطر، و كذا لو بل الخياط الخيط بريقه ثم رده الى الفم و ابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه، و كذا لو استاك و أخرج المسواك المبلل بالريق ثم رده و ابتلع ما عليه من الرطوبة، إلا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة في ريقه (1) على وجه لا يصدق أنه ابتلع ريقه مع غيره. و مثله ذوق المرق و مضغ الطعام و المتخلف من ماء المضمضة، و كذا لا يفسده العلك على الأصح و ان وجد منه طعما في ريقه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزائه و لو كان بنحو الذوبان في الفم.

[مسألة: 18 كلما عرفت انه يفسد الصوم ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر تفصيل الكلام فيه]

مسألة: 18 كلما عرفت انه يفسد الصوم ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر تفصيل الكلام فيه، انما يفسده إذا وقع عن عمد لا بدونه كالنسيان أو عدم القصد، فإنه لا يفسد الصوم بأقسامه، بخلاف العمد فإنه يفسده بأقسامه، من غير فرق بين العالم (2) بالحكم و الجاهل به. و من العمد من أكل ناسيا فظن فساد صومه فأفطر عامدا، و المكره المؤجر في حلقه مثلا لا يبطل صومه، بخلاف المكره على تناول المفطر بنفسه، فإنه يفطر و لو كان لتقية (3) كالافطار معهم في عيدهم.

[القول فيما يكره للصائم ارتكابه]

اشارة

القول فيما يكره للصائم ارتكابه:

[مسألة: 1 يكره للصائم أمور]

مسألة: 1 يكره للصائم أمور:

منها: مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة لمن تتحرك شهوته و لم يقصد الانزال بذلك و لا كان من عادته (4)، و الا حرم في الصوم المعين، بل الاولى ترك ذلك حتى


1- الأحوط مع العلم باشتماله للرطوبة الاجتناب و لو مع الاستهلاك.
2- الحكم بالبطلان في الجاهل القاصر مشكل. نعم هو أحوط.
3- نعم لو كان ما ارتكبه تقية غير مفطر بحسب فتواهم فالظاهر صحة الصوم معه و ان كان الأحوط الإتمام ثم القضاء.
4- و كان مأمونا من سبق المنى.

ص: 247

لمن لم تتحرك شهوته بذلك عادة مع احتمال التحرك بذلك.

و منها: الاكتحال، خصوصا إذا كان بالذر أو شبهه أو كان فيه مسك أو يصل منه أو يخاف وصوله أو يجد طعمه في الحلق لما فيه من الصبر و نحوه.

و منها: إخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها، بل كل ما يورث ذلك أو يصير سببا لهيجان المرة، من غير فرق بين شهر رمضان و غيره و ان اشتد فيه، بل يحرم ذلك فيه، بل في مطلق الصوم المعين (1) إذا علم حصول الغثيان المبطل و لم تكن ضرورة تدعو اليه.

و منها: دخول الحمام إذا خشي به الضعف.

و منها: السعوط، و خصوصا مع العلم بوصوله الى الدماغ أو الجوف، بل يفسد الصوم مع التعدي إلى الحلق.

و منها: شم الرياحين خصوصا النرجس، و المراد بها كل نبت طيب الريح.

نعم لا بأس بالطيب فإنه تحفة الصائم، لكن الاولى ترك المسك منه، بل يكره التطيب به للصائم، كما ان الاولى ترك شم الرائحة الغليظة حتى تصل الى الحلق.

[مسألة: 2 لا بأس باستنقاع الرجل في الماء]

مسألة: 2 لا بأس باستنقاع الرجل في الماء، و يكره للمرأة (2)، كما انه يكره لهما بلّ الثوب و وضعه على الجسد، و لا بأس بمضغ الطعام للصبي و لا زق الطائر و لا ذوق المرق و لا غيرها مما لا يتعدى الى الحلق أو تعدى من غير قصد أو مع القصد و لكن عن نسيان. و لا فرق بين أن يكون أصل الوضع في الفم لغرض صحيح أو لا.

نعم يكره الذوق للشي ء، و لا بأس بالسواك باليابس، بل هو مستحب. نعم لا يبعد الكراهة بالرطب (3)، كما انه يكره نزع الضرس بل مطلق ما فيه ادماء.


1- أو في قضاء شهر رمضان إذا كان بعد الزوال.
2- و الأحوط تركها.
3- لم يعلم كراهته.

ص: 248

[القول فيما يترتب على الإفطار]

اشارة

القول فيما يترتب على الإفطار:

[مسألة: 1 الإتيان بالمفطرات المذكورة كما أنه موجب للقضاء يوجب الكفارة]

مسألة: 1 الإتيان بالمفطرات المذكورة كما أنه موجب للقضاء يوجب الكفارة (1) إذا كان مع العمد و الاختيار من غير كره و لا إجبارا إلا في القي ء على الأصح، و لا فرق بين العالم و الجاهل إذا كان مقصرا، و أما إذا كان قاصرا غير ملتفت إلى السؤال فالظاهر عدم وجوب الكفارة عليه و ان كان أحوط.

[مسألة: 2 كفارة إفطار صوم شهر رمضان أمور ثلاثة]

مسألة: 2 كفارة إفطار صوم شهر رمضان أمور ثلاثة: عتق رقبة، و صيام شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكينا مخيرا بينها. و ان كان الأحوط الترتيب مع الإمكان، و يجب الجمع بين الخصال إذا أفطر بشي ء محرم كأكل المغصوب و شرب الخمر و الجماع المحرم و نحو ذلك.

[مسألة: 3 الأقوى أنه لا تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يوم واحد في غير الجماع]

مسألة: 3 الأقوى أنه لا تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يوم واحد في غير الجماع و ان اختلف جنس الموجب، و أما هو فالأقوى تكررها بتكرره (2).

[مسألة: 4 لا تجب الكفارة إلا في إفطار صوم شهر رمضان و قضائه بعد الزوال و النذر المعين]

مسألة: 4 لا تجب الكفارة إلا في إفطار صوم شهر رمضان و قضائه بعد الزوال و النذر المعين، و لا تجب فيما عدا ذلك من أقسام الصوم واجبا كان أو مندوبا أفطر قبل الزوال أو بعده. نعم ذكر جماعة من الأصحاب وجوبها في صوم الاعتكاف إذا وجب، و هم بين معمم لها لجميع المفطرات و بين مخصص لها بالجماع، و لكن الظاهر اختصاصها بالجماع، كما أن الظاهر أنها لأجل نفس الاعتكاف لا لأجل الصوم، و لذا لا يفرق بين وقوعه في الليل أو في النهار. نعم لو وقع في نهار شهر رمضان (3) تجب الكفارتان، كما أنه لو وقع الإفطار فيه بغير الجماع تجب كفارة شهر رمضان.

[مسألة: 5 إذا أفطر متعمدا ثم سافر لم تسقط عنه الكفارة]

مسألة: 5 إذا أفطر متعمدا ثم سافر لم تسقط عنه الكفارة، سواء سافر بعد الزوال أو قبله (4)، بل و كذا لو سافر و أفطر قبل الوصول الى حد الترخص، بل الأحوط


1- حتى الارتماس على القول بمفطريته لكن قد مر أنه أحوط.
2- في القوة منع لكنه أحوط.
3- و كذا في الصوم الواجب الأخر إذا اتفق فيه الاعتكاف ففيه كفارته زائدا على كفارة الاعتكاف.
4- للفرار عن الكفارة على الأقوى، و لو بدا له السفر لا بقصد الفرار فالأحوط فيه الكفارة.

ص: 249

احتياطا لا يترك عدم سقوطهما فيما لو أفطر متعمدا ثم عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض و غير ذلك. نعم لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال فالأقوى سقوط الكفارة كالقضاء.

[مسألة: 6 إذا جامع زوجته في شهر رمضان و هما صائمان]

مسألة: 6 إذا جامع زوجته في شهر رمضان و هما صائمان، فإن طاوعته فعلى كل منهما كفارته و تعزيره و هو خمسة و عشرون سوطا، و إذا أكرهها على ذلك يتحمل عنها كفارتها و تعزيرها، و ان أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فالأحوط كفارة منها و كفارتان منه، بل لا يخلو من قوة (1). و لا تلحق بالزوجة المكرهة الأمة (2) و الأجنبية، و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة، و إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا.

[مسألة: 7 إذا كان مفطرا لكونه مسافرا أو مريضا مثلا و كانت زوجته صائمة لا يجوز إكراهها على الجماع]

مسألة: 7 إذا كان مفطرا لكونه مسافرا أو مريضا مثلا و كانت زوجته صائمة لا يجوز إكراهها على الجماع، و ان فعل لا يتحمل عنها الكفارة و لا التعزير.

[مسألة: 8 مصرف كفارة إطعام الفقراء اما باشباعهم و اما بالتسليم إليهم كل واحد مدا من حنطة]

مسألة: 8 مصرف كفارة إطعام الفقراء اما باشباعهم و اما بالتسليم إليهم كل واحد مدا من حنطة أو شعير أو دقيق أو أرز (3) أو خبز أو غير ذلك من أقسام الطعام، و الأحوط مدان. و لا يكفي في كفارة واحدة إشباع شخص واحد مرتين (4) أو مرات أو إعطائه مدين أو أمدادا، بل لا بد من ستين نفسا. نعم إذا كان للفقير عيالات متعددة يجوز إعطاؤه (5) بعدد الجميع لكل واحد مدا. و المد ربع الصاع، و هو ستمائة مثقال و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال، فالمد مائة و خمسون مثقالا و ثلاثة مثاقيل و نصف مثقال و ربع ربع مثقال. و إذا أعطى ثلاثة أرباع الوقية من حقة النجف فقد زاد أزيد من واحد و عشرين


1- في القوة منع فلا يترك الاحتياط.
2- إلحاق الأمة المكرهة بالزوجة لا يخلو من وجه.
3- الأحوط في الإعطاء الاقتصار على الحنطة و الدقيق و الخبز و التمر. نعم في الإشباع يكفى طبيخ الأرز و نحوه.
4- مع التمكن من الستين.
5- ليعطيهم أو يطعمهم و لو كانوا أطفالا صغارا.

ص: 250

مثقالا، إذ ثلاثة أرباع الوقية مائة و خمسة و سبعون مثقالا.

[مسألة: 9 يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره]

مسألة: 9 يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره، و في جواز التبرع بها عن الحي إشكال، و الأحوط العدم خصوصا في الصوم.

[مسألة: 10 يكفي في حصول التتابع في الشهرين صوم الشهر الأول و يوم من الشهر الثاني]

مسألة: 10 يكفي في حصول التتابع في الشهرين صوم الشهر الأول و يوم من الشهر الثاني، و يجوز له التفريق في البقية و لو اختيارا لا لعذر، و أما الشهر الأول (1) فإذا أفطر في أثنائه لا لعذر يجب استينافه و إذا أفطر لعذر من الاعذار كالمرض و الحيض و النفاس و السفر الاضطراري لم يجب استينافه، بل يبني على ما مضى.

و من العذر ما إذا نسي النية حتى فات وقتها، بأن تذكر بعد الزوال.

[مسألة: 11 من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة شهر رمضان]

مسألة: 11 من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة شهر رمضان تخير بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق (2) بما يطيق، و لو عجز أتى بالممكن منهما (3)، و ان لم يقدر على شي ء منهما استغفر اللّٰه و لو مرة بدلا عن الكفارة، و ان تمكن بعد ذلك منها أتى بها.

[مسألة: 12 يجب القضاء دون الكفارة في موارد]

مسألة: 12 يجب القضاء دون الكفارة في موارد:

أحدها- فيما إذا نام المجنب في الليل ثانيا بعد انتباهه من النوم و استمر نومه الى أن طلع الفجر، بل الأقوى ذلك في النوم الثالث الواقع بعد انتباهتين، و ان كان الأحوط شديدا فيه ما هو المشهور من وجوب الكفارة أيضا. و النوم الذي احتلم فيه لا يعد من النومة الأولى حتى يكون النوم بعده النومة الثانية.

الثاني- إذا أبطل صومه لمجرد عدم النية (4) مع عدم الإتيان بشي ء من المفطرات.

الثالث- إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه يوم أو أيام كما مر.


1- و اليوم الأول من الشهر الثاني.
2- و هو الأحوط.
3- بل بالممكن من الصدقة، و مع العجز عنها فالأحوط الجمع بين الممكن من الصوم و الاستغفار، و مع العجز يكفى الاستغفار.
4- و كذا بالرياء أو بنية القطع أو القاطع.

ص: 251

الرابع- إذا أتى بالمفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه، سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجزا عنها، و كذا مع المراعاة و عدم التيقن ببقاء الليل، بأن كان شاكا (1) في الطلوع أو ظانا به فأكل ثم تبين سبقه. نعم لو راعى و تيقن البقاء فأكل ثم تبين خلافه صح صومه. هذا في صوم شهر رمضان، و أما غيره من أقسام الصوم حتى الواجب المعين (2) فالظاهر بطلانه بوقوع الأكل بعد طلوع الفجر مطلقا حتى مع المراعاة و تيقن بقاء الليل.

الخامس- الأكل تعويلا على من أخبر ببقاء الليل مع كون الفجر طالعا.

السادس- الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخرية المخبر.

[مسألة: 13 يجوز لمن لم يتيقن بطلوع الفجر تناول المفطر من دون فحص]

مسألة: 13 يجوز لمن لم يتيقن بطلوع الفجر تناول المفطر من دون فحص، فلو أكل أو شرب و الحال هذه و لم يتبين الطلوع و لا عدمه لم يكن عليه شي ء، و اما مع عدم التيقن بدخول الليل فلا يجوز له الإفطار، فلو أفطر و الحال هذه يجب عليه القضاء و الكفارة و ان لم يحصل له التيقن ببقاء النهار و بقي على شكه.

السابع- الإفطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل و لم يدخل إذا كان المخبر ممن جاز التعويل على اخباره، كما إذا أخبره عدلان بل عدل واحد، و الا فالأقوى وجوب الكفارة أيضا.

الثامن- الإفطار لظلمة قطع بدخول الليل منها و لم يدخل مع عدم وجود علة في السماء، و أما لو كانت في السماء علة (3) فظن دخول الليل فأفطر ثم بان له الخطأ لا يجب القضاء.

التاسع- إدخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه و دخل الحلق، و كذا لو ادخله عبثا، و اما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه، و كذا لو تمضمض لوضوء


1- على الأحوط في صورة الشك أو الظن ببقاء الليل مع المراعاة.
2- الأحوط في الواجب المعين الإتمام ثم القضاء ان كان مما يجب فيه القضاء.
3- الأحوط في العلة الاقتصار على الغيم دون مثل الغبار أو الدخان.

ص: 252

الصلاة فسبقه الماء فلا يجب عليه القضاء، و الأحوط الاقتصار على ما كان الوضوء (1) لصلاة الفريضة.

[القول في شرائط صحة الصوم و وجوبه]

اشارة

القول في شرائط صحة الصوم و وجوبه:

[مسألة: 1 شرائط صحة الصوم أمور: الإسلام، و الايمان، و العقل، و الخلو من الحيض و النفاس]

مسألة: 1 شرائط صحة الصوم أمور: الإسلام، و الايمان، و العقل، و الخلو من الحيض و النفاس. فلا يصح من غير المؤمن و لو في جزء من النهار، فلو ارتد في الأثناء ثم عاد لم يصح و ان كان الصوم معينا و جدد النية قبل الزوال (2)، و كذا من المجنون (3) و لو أدوارا مستغرقا للنهار أو بعضه، و كذا السكران و المغمى عليه.

نعم الصحة مع سبق النية منهما لا يخلو من قوة (4). و يصح من النائم إذا سبقت منه النية في الليل و ان استوعب تمام النهار، و كذا لا يصح الصوم من الحائض و النفساء و ان فاجأهما الدم قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة.

و من شرائط صحة الصوم عدم المرض أو الرمد الذي يضره الصوم لإيجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه، سواء حصل اليقين بذلك أو الظن أو الاحتمال (5) الموجب للخوف. و يلحق به الخوف من حدوث المرض و الضرر بسببه، فإنه لا يصح معه الصوم، و يجوز بل يجب عليه الإفطار، و لا يكفي الضعف و ان كان مفرطا.

نعم لو كان مما لا يتحمل عادة جاز الإفطار، و لو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف


1- و الأقوى عدم وجوب القضاء فيما كان الوضوء أو الغسل لمطلق الطهارة لأي غاية من الغايات كانت، و ان كان الاحتياط المذكور في المتن حسنا.
2- الأحوط فيه الإتمام ثم القضاء.
3- الأحوط في المجنون إذا أفاق قبل الزوال و لم يأت بالمفطر الإتمام و ان لم يتم فالقضاء.
4- القوة ممنوعة، و الأحوط لهما تجديد النية بعد الإفاقة و الإتمام ثم القضاء في السكران، و أما المغمى عليه فالقضاء إذا لم يتم بعد الإفاقة، و مع عدم سبق النية فلو أفاق قبل الزوال فالأحوط تجديد النية و الإتمام و الا فالقضاء.
5- ان كان عقلائيا، و كذا في خوف الصحيح لا بد أن يكون له منشئا عقلائيا.

ص: 253

بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة إشكال، فلا يترك الاحتياط بالقضاء.

و من شرائط الصحة ان لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة (1)، فإنه لا يصح منه الصوم حتى المندوب على الأقوى. نعم استثني في الصوم الواجب ثلاثة مواضع: أحدها صوم ثلاثة أيام بدل الهدي. الثاني صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا و هو ثمانية عشر يوما. الثالث صوم النذر المشترط إيقاعه في خصوص السفر أو المصرح بأن يوقع سفرا و حضرا دون النذر المطلق.

[مسألة: 2 يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا الى ما مر أن لا يكون عليه صوم واجب]

مسألة: 2 يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا الى ما مر أن لا يكون عليه صوم واجب من قضاء أو كفارة أو غيرها، و ان كان تعميم الحكم الى غير القضاء محل إشكال (2).

[مسألة: 3 كلما ذكرنا من أنه شرط للصحة شرط للوجوب أيضا غير الإسلام و الايمان]

مسألة: 3 كلما ذكرنا من أنه شرط للصحة شرط للوجوب أيضا غير الإسلام و الايمان، و من شرائط الوجوب أيضا البلوغ، فلا يجب على الصبي إلا إذا كمل قبل الفجر أو نوى الصوم تطوعا و كمل في أثناء النهار، بل فيما إذا كمل قبل الزوال و لم يتناول شيئا لا يبعد وجوب الصوم عليه (3) و تجديد النية.

[مسألة: 4 إذا كان حاضرا فخرج الى السفر، فان كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار]

مسألة: 4 إذا كان حاضرا فخرج الى السفر، فان كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار (4)، و ان كان بعده وجب عليه البقاء على صومه (5). و لو كان مسافرا و حضر بلده أو بلدا عزم على الإقامة فيه عشرة أيام، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصوم، و ان كان بعده أو قبله لكن تناول المفطر فلا يجب عليه.

[مسألة: 5 المسافر الجاهل بالحكم لو صام صح صومه]

مسألة: 5 المسافر الجاهل بالحكم لو صام صح صومه، و يجزيه على حسب ما عرفته في جاهل حكم الصلاة، إذا القصر كالافطار و الصيام كالتمام، فيجري هنا حينئذ جميع (6) ما ذكرناه بالنسبة إلى الصلاة، فمن كان يجب عليه التمام كالمكاري و العاصي


1- قد مر التفصيل في خصوص سفر الصيد للتجارة.
2- لكن التعميم لا يخلو من قوة.
3- هذا الحكم مطابق للاحتياط.
4- الظاهر أن الواجب على المسافر أن لا يقصد الصوم سواء أتى بالمفطر أم لا.
5- و الأحوط القضاء عليه أيضا إذا نوى السفر من الليل.
6- الا ما مر من التفصيل في سفر الصيد للتجارة فراجع.

ص: 254

بسفره و المقيم و المتردد ثلاثين يوما و غير ذلك يجب عليه الصيام، نعم يتعين عليه الإفطار في الأماكن الأربعة و ان جاز له الإتمام، كما أنه يتعين عليه البقاء على الصوم لو خرج بعد الزوال و ان وجب عليه القصر، و يتعين عليه الإفطار لو قدم بعده و ان وجب عليه التمام إذا لم يكن قد صلى. و قد تقدم في كتاب الصلاة أن المدار في قصر الصلاة على وصول المسافر حد الترخص، فكذا هو المدار في قصر الصوم، فليس له الإفطار قبل الوصول اليه، بل لو فعل كانت عليه مع القضاء الكفارة (1).

[مسألة: 6 يجوز على الأصح السفر اختيارا في شهر رمضان و لو كان للفرار من الصوم]

مسألة: 6 يجوز على الأصح السفر اختيارا في شهر رمضان و لو كان للفرار من الصوم، لكن على كراهية قبل أن يمضي منه ثلاثة و عشرون يوما إلا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه، و أما غير صوم شهر رمضان من الواجب المعين فالأحوط ترك السفر مع الاختيار، كما أنه لو كان مسافرا فالأحوط الإقامة لإتيانه مع الإمكان.

[مسألة: 7 يكره للمسافر في شهر رمضان بل كل من يجوز له الإفطار التملي من الطعام و الشراب]

مسألة: 7 يكره للمسافر في شهر رمضان بل كل من يجوز له الإفطار التملي من الطعام و الشراب، و كذا الجماع في النهار، بل الأحوط تركه و ان كان الأقوى جوازه.

[مسألة: 8 يجوز الإفطار في شهر رمضان لأشخاص]

مسألة: 8 يجوز الإفطار في شهر رمضان لأشخاص: الشيخ و الشيخة إذا تعذر أو تعسر عليهما الصوم، و من به داء العطش، سواء لم يقدر على الصبر أو تعسر عليه، و الحامل المقرب التي يضر بها أو بولدها الصوم، و المرضعة القليلة اللبن إذا أضربها أو بولدها الصوم، فان جميع هذه الأشخاص يفطرون، لكن يجب على كل واحد منهم التكفير (2)، بأن يتصدق بدل كل يوم بمد من الطعام، و الأحوط مدان.

[مسألة: 9 لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها أو متبرعة برضاعة]

مسألة: 9 لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها أو متبرعة برضاعة


1- على الأحوط.
2- الحكم بوجوب التكفير في الشيخ و الشيخة و الحامل المقرب و المرضعة مع الإضرار أو المشقة احتياطي.

ص: 255

أو مستأجرة، و الأحوط بل الأقوى الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرعا أو بأجرة من أبيه أو منها أو من متبرع.

[مسألة: 10 يجب على الحامل و المرضعة القضاء بعد ذلك]

مسألة: 10 يجب على الحامل و المرضعة القضاء بعد ذلك، كما أن الأحوط بل الأقوى وجوب القضاء على الأولين (1) أيضا لو تمكنا بعد ذلك.

[القول في طريق ثبوت هلال شهر رمضان و شوال]

اشارة

القول في طريق ثبوت هلال شهر رمضان و شوال:

يثبت الهلال بالرؤية و ان تفرد بها الرائي، و التواتر، و الشياع المفيدين للعلم، و مضى ثلاثين يوما من الشهر السابق، و بالبينة الشرعية و هي شهادة عدلين، و حكم الحاكم الذي لم يعلم خطأه و لا خطأ مستنده. و لا اعتبار بقول المنجمين، و لا بتطوق الهلال أو غيبوبته بعد الشفق في ثبوت كونه لليلة السابقة و ان أفاد الظن.

[مسألة: 1 لا بد في قبول شهادة البينة أن تشهد بالرؤية]

مسألة: 1 لا بد في قبول شهادة البينة أن تشهد بالرؤية، فلا تكفي الشهادة العلمية.

[مسألة: 2 لا يعتبر في حجية البينة قيامها عند الحاكم الشرعي]

مسألة: 2 لا يعتبر في حجية البينة قيامها عند الحاكم الشرعي، فهي حجة لكل من قامت عنده، بل لو قامت عند الحاكم ورد شهادتها من جهة عدم ثبوت عدالة الشاهد عنده و كانا عادلين عند غيره يجب ترتيب الأثر عليها من الصوم أو الإفطار، و لا يعتبر اتحادهما في زمان الرؤية بعد توافقهما على الرؤية في الليل. نعم يعتبر توافقهما في الأوصاف (2)، بمعنى أنه ان تصديا للوصف لم يتخالفا فيه، فلو أطلقا أو وصف أحدهما و أطلق الأخر كفى.

[مسألة: 3 لا اعتبار في ثبوت الهلال بشهادة أربع من النساء]

مسألة: 3 لا اعتبار في ثبوت الهلال بشهادة أربع من النساء، و لا برجل و امرأتين، و لا بشاهد واحد مع ضم اليمين.

[مسألة: 4 لا فرق أن تكون البينة من البلد أو خارجه إذا كان في السماء علة]

مسألة: 4 لا فرق أن تكون البينة من البلد أو خارجه إذا كان في السماء علة، و أما مع الصحو ففي حجيتها من البلد تأمل و إشكال.


1- قوة وجوب القضاء عليهما ممنوعة. نعم هو أحوط.
2- و يعتبر احتمال صدقهما احتمالا عقلائيا، فلو لم يكن في السماء علة و استهل جماعة فلم ير الا واحد أو اثنان مع عدم الضعف في أبصار غيرهما أو كان في السماء علة بحيث لا يرى بحسب العادة فحجيتها محل منع.

ص: 256

[مسألة: 5 لا يختص حجية حكم الحاكم بمقلديه]

مسألة: 5 لا يختص حجية حكم الحاكم بمقلديه، بل حجة حتى على حاكم آخر إذا لم يثبت عنده خلافه أو خطأ مستنده.

[مسألة: 6 إذا ثبتت الرؤية في بلد آخر و لم تثبت في بلده]

مسألة: 6 إذا ثبتت الرؤية في بلد آخر و لم تثبت في بلده، فان كانا متقاربين أو علم توافقهما كفى و الا فلا (1).

[مسألة: 7 لا يجوز الاعتماد على التلغراف في الاخبار عن الرؤية]

مسألة: 7 لا يجوز الاعتماد على التلغراف في الاخبار عن الرؤية إلا إذا تقارب البلدان و علم و تحقق ثبوتها هناك، إما بحكم الحاكم أو بالبينة الشرعية.

[القول في قضاء صوم شهر رمضان]

اشارة

القول في قضاء صوم شهر رمضان:

لا يجب على الصبي قضاء ما أفطر في زمان صباه، و لا على المجنون و المغمى عليه قضاء ما أفطرا في حال عذرهما، و لا على الكافر الأصلي قضاء ما أفطر في حال كفره. و يجب على غيرهم حتى المرتد بالنسبة إلى زمان ردته، و كذا الحائض و النفساء و ان لم يجب عليهما قضاء الصلاة.

[مسألة: 1 قد عرفت سابقا وجوب الصوم على من بلغ قبل الزوال و لم يتناول شيئا]

مسألة: 1 في وجوب الصوم على من بلغ قبل الزوال و لم يتناول شيئا، و كذا على من نوى الصوم ندبا و بلغ في أثناء النهار، فيتبعه وجوب القضاء لو أفطر.

[مسألة: 2 يجب القضاء على من فاته الصوم لسكر]

مسألة: 2 يجب القضاء على من فاته الصوم لسكر، سواء كان شرب المسكر للتداوي أو على وجه الحرام.

[مسألة: 3 المخالف إذا استبصر لا يقضي ما أتى به على وفق مذهبه كالصلاة]

مسألة: 3 المخالف إذا استبصر لا يقضي ما أتى به على وفق مذهبه كالصلاة، و أما ما فاته في تلك الحال يجب عليه قضاؤه.


1- احتمال الكفاية مطلقا لا يخلو من وجه لكن لا يترك الاحتياط في المتقدم افقا عن البلد المرئي فيه.

ص: 257

[مسألة: 4 لا يجب الفور في القضاء]

مسألة: 4 لا يجب الفور في القضاء. نعم لا يجوز تأخير (1) القضاء الى رمضان آخر، و إذا أخر يكون موسعا بعد ذلك.

[مسألة: 5 لا يجب الترتيب في القضاء و لا تعيين الأيام]

مسألة: 5 لا يجب الترتيب في القضاء و لا تعيين الأيام (2)، فلو كان عليه أيام فصام بعددها كفى و ان لم يعين الأول و الثاني و هكذا.

[مسألة: 6 لو كان عليه قضاء رمضانين أو أكثر يتخير بين تقديم السابق و تأخيره]

مسألة: 6 لو كان عليه قضاء رمضانين أو أكثر يتخير بين تقديم السابق و تأخيره.

نعم لو كان عليه قضاء رمضان هذه السنة مع قضاء رمضان سابق و لم يسع الوقت للاحق لو قدم السابق- بأن لا يبقى الى رمضان آخر زمان يسع قضاء اللاحق- يتعين (3) قضاء اللاحق قبل السابق، و لو عكس و الحال هذه فالظاهر صحة ما قدمه و ان عصى بتأخير ما أخره و لزمه الكفارة أعني كفارة التأخير.

[مسألة: 7 إذا فاته صوم رمضان بمرض أو حيض أو نفاس و مات قبل أن يخرج منه]

مسألة: 7 إذا فاته صوم رمضان بمرض أو حيض أو نفاس و مات قبل أن يخرج منه لم يجب القضاء و ان استحب النيابة عنه (4).

[مسألة: 8 إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر و استمر الى رمضان آخر]

مسألة: 8 إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر و استمر الى رمضان آخر، فان كان العذر هو المرض سقط قضاؤه و كفر عن كل يوم بمد و لا يجزي القضاء عن التكفير، و ان كان العذر غير المرض كالسفر و نحوه فالأحوط احتياطا (5) لا يترك الجمع بين القضاء و المد، و كذا ان كان سبب الفوت هو المرض و كان العذر في التأخير غيره أو العكس، فإن الأحوط فيها الجمع أيضا.

[مسألة: 9 إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل متعمدا و لم يأت بالقضاء الى رمضان آخر]

مسألة: 9 إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل متعمدا و لم يأت بالقضاء الى رمضان آخر وجب عليه مضافا الى كفارة الإفطار العمدي التكفير بمد بدل كل


1- على الأحوط.
2- الا إذا اختلفا في الآثار، بأن يكون تأخير بعضها موجبا لثبوت الكفارة دون بعض فلا بد من التعيين.
3- على الأحوط.
4- لا دليل على استحبابها.
5- و الأقوى وجوب القضاء، و كذا في الفرع اللاحق.

ص: 258

يوم و القضاء فيما بعد، و كذا يجب التكفير بمد إن فاته لعذر و لم يستمر ذلك العذر و لم يطرأ عذر آخر، بل كان قادرا غير معذور فتهاون في القضاء حتى جاء رمضان آخر.

نعم لو كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتفق طرو عذر آخر عند الضيق فلا يبعد (1) كفاية القضاء، لكن لا يترك الاحتياط بالجمع بين التكفير و القضاء.

[مسألة: 10 لا تتكرر كفارة التأخير بتكرر السنين]

مسألة: 10 لا تتكرر كفارة التأخير بتكرر السنين، فإذا فاته ثلاثة أيام من ثلاث رمضانات متتاليات و لم يقضها وجب عليه كفارة واحدة للأول و كفارة أخرى للثاني و القضاء للثالث إذا لم يتأخر إلى الرمضان الرابع.

[مسألة: 11 يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد]

مسألة: 11 يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد، فلا يجب إعطاء كل فقير مدا واحدا ليوم واحد.

[مسألة: 12 يجوز الإفطار قبل الزوال في قضاء شهر رمضان ما لم يتضيق]

مسألة: 12 يجوز الإفطار قبل الزوال في قضاء شهر رمضان ما لم يتضيق، أما بعد الزوال فيحرم بل تجب به الكفارة و ان لم يجب الإمساك بقية اليوم، و الكفارة هنا إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد، فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام.

[مسألة: 13 الصوم كالصلاة في انه يجب على الولي قضاء ما فات عنه لعذر]

مسألة: 13 الصوم كالصلاة في انه يجب على الولي قضاء ما فات عنه لعذر، لكن فيما إذا كان فوته يوجب القضاء، فإذا فاته لعذر (2) و مات في أثناء رمضان أو كان مريضا و استمر مرضه الى رمضان آخر لا يجب لسقوط القضاء حينئذ كما تقدم. و لا فرق بين ما إذا ترك الميت ما يمكن التصدق به عنه و عدمه، و ان كان الأحوط في الأول مع رضاء الورثة الجمع بين التصدق و القضاء، و قد تقدم في قضاء الصلاة بعض الفروع المتعلقة بالمقام.

[القول في أقسام الصوم]

اشارة

القول في أقسام الصوم:

و هي أربعة: واجب، و مندوب، و مكروه، و محظور.

[فالواجب من الصوم ستة]
اشارة

فالواجب من الصوم ستة: صوم شهر رمضان، و صوم الكفارة، و صوم القضاء، و صوم دم المتعة في الحج،


1- مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع.
2- قد مر الاحتياط فيما فات مطلقا.

ص: 259

و صوم النذر و العهد و اليمين و نحوها، و صوم اليوم الثالث من أيام الاعتكاف (1).

[القول في صوم الكفارة]
اشارة

القول في صوم الكفارة:

و هو على أقسام:

منها: ما يجب مع غيره، و هي كفارة قتل العمد، و كفارة من أفطر في شهر رمضان على محرم، فإنه تجب فيهما الخصال الثلاث.

و منها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره، و هي كفارة الظهار و كفارة قتل الخطأ، فان وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق، و كفارة الإفطار في قضاء شهر رمضان، فان الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام، و كفارة اليمين، و هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، و ان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، و كفارة صيد النعامة فإنها صيام ثمانية عشر يوما بعد العجز (2) عن البدنة، و كفارة صيد البقر الوحشي صوم تسعة أيام بعد العجز (3) عن ذبح البقرة، و كفارة صيد الغزال صوم ثلاثة أيام بعد العجز (4) عن شاة، و كفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا ثمانية عشر يوما بعد العجز عن بدنة، و كفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتى أدمته و نتفها رأسها فيه، و كفارة شق الرجل ثوبه على زوجته (5) فإنهما ككفارة اليمين.


1- و كذا ما يجب على ولى الميت مما فات منه لعذر أو مطلقا.
2- بل مع العجز عن البدنة تقوم و يفض ثمنها على البر لكل مسكين مدان، و لا يجب ما زاد عن ستين و لا إتمام ما نقص، و مع العجز يصوم لكل مد يوما و مع العجز عنه يصوم ثمانية عشر يوما.
3- بل مع العجز عن ذبح البقرة تقوم و يفض ثمنها على البر و يتصدق لكل مسكين مدان، و لا يجب ما زاد عن ثلاثين و لا إتمام ما نقص عنه، و ان عجز يصوم لكل مدين يوما و ان عجز يصوم تسعة أيام.
4- بل مع العجز عن الشاة تقوم (بالتشديد) و يفض ثمنها على البر و يتصدق لكل مسكين مدان، و لا يجب ما زاد عن العشرة و لا إتمام ما نقص عنها، و ان عجز يصوم لكل مدين يوما و ان عجز عنه يصوم ثلاثة أيام.
5- أو ولده.

ص: 260

و منها: ما يجب فيه الصوم مخيرا بينه و بين غيره، و هي كفارة الإفطار في شهر رمضان، و كفارة الاعتكاف، و كفارة جز المرأة شعرها في المصاب، فان كل هذه مخيرة بين الخصال الثلاث، و كذا كفارة النذر و العهد على المشهور (1)، و الأقوى عندي أن كفارة النذر ككفارة اليمين.

[ (مسألة) يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير]

(مسألة) يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير، و يكفي في حصوله صوم الشهر الأول و يوم من الشهر الثاني كما مر، و كذا يجب التتابع في الثمانية عشر (2) بدل الشهرين، بل هو الأحوط (3) في صيام سائر الكفارات، و لا يضر بالتتابع فيما يشترط فيه التتابع الإفطار في الأثناء لعذر من الاعذار، فيبني على ما مضى كما تقدم.

[و أما المندوب من الصوم]

و أما المندوب من الصوم:

فالمؤكد منه أفراد:

منها: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، و أفضل كيفيتها أول خميس منه و آخر خميس منه و أول أربعاء في العشر الثاني.

و منها: أيام الليالي البيض، و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر.

و منها: يوم الغدير، و هو الثامن عشر من ذي الحجة.

و منها: يوم مولود النبي صلى اللّٰه عليه و آله، و هو السابع عشر من ربيع الأول.

و منها: يوم مبعثه صلى اللّٰه عليه و آله، و هو اليوم السابع و العشرون من رجب.

و منها: يوم دحو الأرض، و هو اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة.

و منها: يوم عرفة لمن لم يضعفه الصوم عما عزم عليه من الدعاء مع تحقق الهلال على وجه لا يحتمل وقوعه في يوم العيد.


1- و هو الأقوى.
2- على الأحوط.
3- بل هو الأقوى.

ص: 261

و منها: يوم المباهلة، و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة.

و منها: كل خميس و جمعة.

و منها: أول ذي الحجة، بل كل يوم من أوله إلى يوم التاسع منه.

و منها: رجب و شعبان كلا أو بعضا و لو يوما من كل منهما.

و منها: يوم النيروز.

و منها: أول يوم من المحرم و ثالثه و سابعه.

و منها: صوم ستة أيام بعد عيد الفطر، و الاولى جعلها بعد ثلاثة أيام أحدها العيد.

و منها: يوم النصف من جمادى الاولى.

[و أما المكروه]
اشارة

و أما المكروه:

فصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء الذي هو أفضل من الصوم، و كذا صومه مع الشك في الهلال و لو لوجود غيم و نحوه خوفا من أن يكون يوم العيد. و يكره أيضا صوم الضيف نافلة من دون اذن مضيفه، و كذا مع النهي، و ان كان الأحوط تركه حينئذ، بل الأحوط تركه مع عدم الإذن أيضا. و كذا يكره صوم الولد من غير اذن والده، و مع النهي ما لم يكن بذلك إيذاء له من حيث الشفقة، بل لا يترك الاحتياط في ترك الصوم مع عدم الاذن فضلا عن النهي، كما أن الأحوط إجراء الحكم على الولد و ان نزل و الوالد و ان علا، بل الأولى مراعاة إذن الوالدة أيضا.

[ (مسألة) يستحب للصائم ندبا أو موسعا الإفطار إذا دعاه أخوه المؤمن إلى طعام]

(مسألة) يستحب للصائم ندبا أو موسعا الإفطار إذا دعاه أخوه المؤمن إلى طعام، من غير فرق بين من هيأ له طعاما و غيره و بين من شق عليه المخالفة و غيره.

[و أما المحظور]

و أما المحظور:

فصوم يوم العيدين، و صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا أو لا على تأمل (1) في الثاني، و صوم يوم الثلاثين من شعبان بنية انه من رمضان، و الصوم وفاء


1- لا يترك الاحتياط بتركه.

ص: 262

عن نذر المعصية، و الصوم ساكتا على معنى نيته كذلك و لو في بعض اليوم، و لا بأس به إذا لم يكن السكوت منويا فيه و لو في تمام اليوم، و كذا يحرم أيضا صوم الوصال، و الأقوى كونه للأعم من نية صوم يوم و ليلة إلى السحر و يومين مع ليلة، و لا بأس بتأخير الإفطار إلى السحر و الى الليلة الثانية مع عدم النية، و ان كان الأحوط اجتنابه، كما ان الأحوط عدم صوم الزوجة و المملوك تطوعا بدون اذن الزوج و السيد، بل لا يبعد عدم الجواز مع المزاحمة لحق السيد و الزوج، و لا يترك الاحتياط مع النهي مطلقا.

[خاتمة: في الاعتكاف]

اشارة

(خاتمة: في الاعتكاف) و هو اللبث في المسجد بقصد التعبد به، و لا يعتبر فيه ضم قصد عبادة أخرى خارجة عنه، و ان كان هو الأحوط (1). و هو مستحب بأصل الشرع، و ربما يجب لعارض من نذر أو عهد أو يمين أو إجارة و نحوها. و يصح في كل وقت يصح فيه الصوم، و أفضل أوقاته شهر رمضان، و أفضله العشر الأخر منه.

و الكلام: في شروطه، و أحكامه.

[القول في شروطه]
اشارة

القول في شروطه:

يشترط في صحته أمور:

[ «الأول»- العقل]

«الأول»- العقل، فلا يصح من المجنون و لو أدوارا في دوره، و لا من السكران و غيره من فاقدي العقل.

[ «الثاني»- النية]

«الثاني»- النية، و لا يعتبر فيها بعد التعيين أزيد من الإخلاص و قصد القربة، و لا يعتبر فيها قصد الوجه من الوجوب أو الندب كغيره من العبادات و ان كان أحوط، و حينئذ يقصد الوجوب في الواجب و الندب في المندوب و ان وجب فيه الثالث كما يأتي، و الاولى ملاحظته في ابتداء النية، بل تجديد نية الوجوب لليوم الثالث.

و وقت النية في ابتداء الاعتكاف أول الفجر من اليوم الأول، بمعنى عدم جواز تأخيرها


1- لكن الأحوط عدم الاكتفاء به.

ص: 263

عنه. و يجوز أن يشرع فيه في أول الليل أو في أثنائه، فينويه حين الشروع، بل الأحوط إدخال الليلة الأولى أيضا و النية من أولها.

[ «الثالث»- الصوم]

«الثالث»- الصوم، فلا يصح بدونه، و لا يعتبر فيه كونه له، فيكفي صوم غيره واجبا كان أو مستحبا مؤديا عن نفسه أو متحملا عن غيره، من غير فرق بين أقسام الاعتكاف و أنواع الصيام، حتى انه يصح إيقاع الاعتكاف المنذور (1) و الإجاري في شهر رمضان، بل لو نذر الاعتكاف في أيام معينة و كان عليه صوم منذور أجزأه الصوم في أيام الاعتكاف وفاء عن النذر.

[ «الرابع»- ان لا يكون أقل من ثلاثة أيام]

«الرابع»- ان لا يكون أقل من ثلاثة أيام بلياليها المتوسطة، و أما الأزيد فلا بأس به. و لا حد لأكثره و ان وجب الثالث لكل اثنين، فإذا اعتكف خمسة أيام وجب السادس، و إذا صار ثمانية وجب التاسع (2) و هكذا. و اليوم من طلوع الفجر الى زوال الحمرة المشرقية، فلو اعتكف من طلوع الفجر الى الغروب من اليوم الثالث كفى. و لا يشترط إدخال الليلة الاولى و لا الرابعة، و ان جاز كما عرفت. و في كفاية الثلاثة التلفيقية- بأن يشرع من زوال يوم مثلا الى زوال اليوم الرابع- تأمل و اشكال.

[ «الخامس»- أن يكون في مسجد جامع]

«الخامس»- أن يكون في مسجد جامع، فلا يكفي غيره كمسجد القبيلة أو السوق، و الأحوط مع الإمكان كونه في أحد المساجد الأربعة: مسجد الحرام، و مسجد النبي صلى اللّٰه عليه و آله، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة.

[ «السادس»- اذن من يعتبر اذنه]

«السادس»- اذن من يعتبر اذنه، كالسيد بالنسبة إلى مملوكه مطلقا. نعم إذا كان مبعضا و هاياه المولى- بأن جعل له أياما و له أياما- يجوز له إيقاعه في أيامه بدون اذن سيده، بل مع المنع أيضا، و كذا المستأجر بالنسبة إلى أجيره الخاص (3)،


1- إذا لم يكن الصوم لأجله منذورا أو داخلا في الإجارة و الا فلا يكفى عن المنذور و الإجارة و ان صح الاعتكاف، و كذا في الفرع التالي.
2- على الأحوط.
3- إذا كان بحيث لا يملك الأجير عمل نفسه و الا فعصيانه في ترك الوفاء لا يوجب بطلان الاعتكاف، غاية الأمر يكون اعتكافه ضدا لما وجب عليه.

ص: 264

و الزوج (1) بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافيا لحقه، و الوالدين (2) بالنسبة إلى ولدهما إذا كان مستلزما لايذائهما. و أما مع عدم المنافاة و عدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم و ان كان أحوط.

[ «السابع»- استدامة اللبث في المسجد]

«السابع»- استدامة اللبث في المسجد، فلو خرج عمدا اختيارا لغير الأسباب المبيحة بطل و لو كان جاهلا بالحكم. نعم لو خرج ناسيا أو مكرها (3) لم يبطل، و كذا لو خرج لضرورة عقلا أو شرعا أو عادة كقضاء الحاجة من بول أو غائط أو للاغتسال من الجنابة و نحو ذلك، و لا يجب الاغتسال (4) في المسجد و ان أمكن من دون تلويث، و ان كان أحوط.

[مسألة: 1 لا يشترط في صحة الاعتكاف البلوغ]

مسألة: 1 لا يشترط في صحة الاعتكاف البلوغ، فيصح من الصبي المميز على الأقوى.

[مسألة: 2 لا يجوز العدول من اعتكاف الى اعتكاف آخر و ان اتحدا في الوجوب و الندب]

مسألة: 2 لا يجوز العدول من اعتكاف الى اعتكاف آخر و ان اتحدا في الوجوب و الندب، و لا عن نيابة شخص إلى نيابة شخص آخر، و لا عن نيابة غيره الى نفسه و بالعكس.

[مسألة: 3 يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأولين]

مسألة: 3 يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأولين، و بعد تمامهما يجب الثالث، بل يجب الثاني لكل اثنين على الأقوى (5) كما تقدم. و أما المنذور فان كان معينا فلا يجوز قطعه مطلقا و الا فكالمندوب.

[مسألة: 4 لا بد من كون الأيام الثلاثة متصلة]

مسألة: 4 لا بد من كون الأيام الثلاثة متصلة، و يدخل الليلتان المتوسطتان كما أشرنا إليه، فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام منفصلة أو من دون الليلتين لم ينعقد إذا


1- اذن الزوج لا يعتبر في صحة اعتكاف الزوجة إذا لم يكن منافيا لحقه، و أما الخروج من البيت و المكث في المسجد فجوازه مشروط بإذن الزوج، و مع عدمه فالأقوى بطلان الاعتكاف.
2- على الأحوط. نعم مع النهى و التأذي بالمخالفة فالأقوى البطلان.
3- مشكل، فلا يترك مراعاة الاحتياط.
4- بل لا يجوز فيتيمم فورا و يخرج من المسجدين و في غيرهما يخرج بلا تيمم و ان تمكن من الغسل فيه بلا لبث و لا تلويث على الأصح.
5- في الثالث و السادس و الأحوط في التاسع و ما بعده.

ص: 265

كان المنذور الاعتكاف الشرعي، و كذا لو نذر اعتكاف يوم أو يومين مقيدا بعدم الزيادة. نعم لو لم يقيده به صح و وجب ضم يوم أو يومين.

[مسألة: 5 لو نذر اعتكاف شهر يجزيه ما بين الهلالين و ان كان ناقصا]

مسألة: 5 لو نذر اعتكاف شهر يجزيه ما بين الهلالين و ان كان ناقصا، لكن يضم إليه حينئذ يوما بناء على وجوب كل ثالث كما هو الأقوى (1).

[مسألة: 6 يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد]

مسألة: 6 يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد، فلا يجوز أن يجعله في مسجدين و لو كانا متصلين. نعم لو كان اتصالهما على نحو يعدان مسجدا واحدا فلا بأس به. و لو تعذر إتمام الاعتكاف في محل النية لخوف أو هدم و نحو ذلك بطل، و لا يجزيه إتمامه في جامع آخر.

[مسألة: 7 سطوح المساجد و سراديبها و محاريبها من المساجد]

مسألة: 7 سطوح المساجد و سراديبها و محاريبها من المساجد، فحكمها حكمها ما لم يعلم خروجها، بخلاف سنائدها و مضافاتها كالدهليز و نحوه، فإنها ليس منها ما لم يعلم دخولها و جعلها جزءا منها، و من ذلك بقعتا مسلم بن عقيل و هانئ، فإن الظاهر أنهما خارجان عن مسجد الكوفة.

[مسألة: 8 إذا عين موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتكافه لم يتعين]

مسألة: 8 إذا عين موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتكافه لم يتعين و يكون قصده و تعيينه لغوا، حتى فيما لو عين السطح دون الأسفل أو العكس.

[مسألة: 9 من الضرورات المبيحة للخروج: إقامة الشهادة، و حضور الجماعة]

مسألة: 9 من الضرورات المبيحة للخروج: إقامة الشهادة، و حضور الجماعة (2)، و عيادة المريض، و تشييع الجنازة، و تشييع المسافر، و استقبال القادم و غير ذلك و ان لم يتعين عليه شي ء من ذلك. و الضابط كل ما يلزم الخروج اليه عقلا أو شرعا أو عادة من الأمور الواجبة أو الراجحة، سواء كانت متعلقة بأمور الدنيا أو الآخرة حصل ضرر بترك الخروج إليها أو لا. نعم الأحوط مراعاة أقرب الطرق و الاقتصار على مقدار الحاجة و الضرورة، و يجب ان لا يجلس تحت الظلال مع


1- بل الأحوط كما مر.
2- جواز الخروج لحضور الجماعة مشكل إلا للجمعة، بل لا يصلى في خارج ما اعتكف فيه و لو كان خروجه للحاجة التي يجوز لها الخروج إلا في مكة فإنها رخصت للصلاة في بيوتها لأنها كلها حرم اللّٰه.

ص: 266

الإمكان، بل و لا يمشي تحته، بل الأحوط عدم الجلوس مطلقا الا مع الضرورة.

[مسألة: 10 لو أجنب في المسجد وجب عليه الخروج للاغتسال]

مسألة: 10 لو أجنب في المسجد وجب عليه الخروج للاغتسال إذا لم يمكن إيقاعه فيه (1)، و لو ترك الخروج بطل اعتكافه من جهة حرمة لبثه.

[مسألة: 11 لو غصب مكانا في المسجد- بأن دفع من سبق اليه و جلس فيه بطل]

مسألة: 11 لو غصب مكانا في المسجد- بأن دفع من سبق اليه و جلس فيه- بطل اعتكافه (2)، و كذا لو جلس على فراش مغصوب على تأمل و اشكال فيهما. نعم لو كان جاهلا بالغصب أو ناسيا له لا إشكال في الصحة، و لو فرش المسجد بتراب أو آجر مغصوب، فإن أمكن إزالته و التحرز عنه يكون كالفراش المغصوب، و الا فلا مانع من الكون عليه على اشكال، فالأحوط الاجتناب (3).

[مسألة: 12 لو طال الخروج في مورد الضرورة بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل]

مسألة: 12 لو طال الخروج في مورد الضرورة بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل.

[مسألة: 13 يجوز للمعتكف أن يشترط حين النية الرجوع عن اعتكافه متى شاء]

مسألة: 13 يجوز للمعتكف أن يشترط حين النية الرجوع عن اعتكافه متى شاء حتى اليوم الثالث، سواء علقه على عروض عارض أم لا، فهو على حسب ما شرط ان عاما فعام و ان خاصا فخاص، كما يصح للناذر (4) اشتراط ذلك في نذره، كأن يقول «للّٰه علي أن اعتكف بشرط ان يكون لي الرجوع عند عروض كذا» مثلا، فيجوز له الرجوع و لا يترتب عليه اثم و لا حنث و لا قضاء و ان لم يشترط (5) ذلك حين الشروع في الاعتكاف، و ان كان الأحوط ذكر الشرط في حال الشروع أيضا. و لا اعتبار بالشرط المذكور قبل عقد نية الاعتكاف و لا بعده، و لو شرط حين النية ثم أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه.


1- بل و ان أمكن كما مر.
2- على الأحوط فيه و فيما بعده.
3- لا يترك.
4- صحة اشتراطه في النذر محل تأمل بل منع. نعم يصح نذر الاعتكاف المشروط.
5- الظاهر أنه لا يكفي في جواز الرجوع اشتراطه في النذر، فلو لم يشترط في الاعتكاف فيجب تتميم الثلاثة بالاعتكاف و لو لم يجب بالنذر.

ص: 267

[القول في أحكام الاعتكاف]
اشارة

القول في أحكام الاعتكاف:

يحرم على المعتكف أمور:

منها: مباشرة النساء بالجماع، بل و باللمس و التقبيل بشهوة، بل هي مبطلة للاعتكاف. و لا فرق بين الرجل و المرأة، فيحرم ذلك على المعتكفة أيضا.

و منها: الاستمناء على الأحوط.

و منها: شم الطيب و الريحان متلذذا، ففاقد حاسة الشم خارج.

و منها: البيع و الشراء، و الأحوط ترك غيرهما أيضا من أنواع التجارة كالصلح و الإجارة و غيرهما، و لو وقع المعاملة صحت و ترتب عليها الأثر على الأقوى. و لا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعايش حتى الخياطة و النساجة و نحوهما، و ان كان الأحوط الاجتناب. نعم لا بأس بها مع الاضطرار، بل لا بأس بالبيع و الشراء إذا مست الحاجة إليهما للأكل و الشرب، حتى مع إمكان توكيل الغير (1) و النقل بغير البيع، و ان كان الأحوط الاقتصار على صورة تعذرهما.

و منها: المجادلة على أمر دنيوي أو ديني إذا كانت لأجل الغلبة و إظهار الفضيلة، فإن كانت بقصد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ فلا بأس بها، بل هي حينئذ من أفضل الطاعات. و الأحوط للمعتكف اجتناب ما يجتنبه المحرم، لكن الأقوى خلافه، خصوصا لبس المخيط و ازالة الشعر و أكل الصيد و عقد النكاح، فان جميع ذلك جائز له.

[مسألة: 1 لا فرق في حرمة ما سمعته على المعتكف بين الليل و النهار عدا الإفطار]

مسألة: 1 لا فرق في حرمة ما سمعته على المعتكف بين الليل و النهار عدا الإفطار.

[مسألة: 2 يفسد الاعتكاف كلما يفسد الصوم من حيث اشتراطه به]

مسألة: 2 يفسد الاعتكاف كلما يفسد الصوم من حيث اشتراطه به، فبطلانه يوجب بطلانه، و كذا يفسده الجماع و لو وقع في الليل، و كذا اللمس و التقبيل بشهوة، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرمات أيضا. نعم بطلانه بها مختص بحال


1- بل مع تعذر التوكيل و النقل بغير البيع على الأقوى.

ص: 268

العمد (1) و الاختيار، بخلاف الجماع فإنه يفسده و لو وقع سهوا. و إذا فسد بأحد المفسدات فان كان واجبا معينا وجب قضاؤه و لا يجب الفور فيه و ان كان أحوط، و ان كان غير معين وجب استينافه، و كذا يجب قضاؤه إذا كان مندوبا و أفسده بعد اليومين، و أما إذا كان قبلهما فلا شي ء عليه، بل في مشروعية قضائه إشكال. و انما يجب القضاء أو الاستيناف في الاعتكاف الواجب إذا لم يشترط فيه الرجوع، و الا فلا قضاء و لا استئناف.

[مسألة: 3 إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة]

مسألة: 3 إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة، و لا تجب في سائر المحرمات و ان كان أحوط، و كفارته ككفارة شهر رمضان، و ان كان الأحوط كونها مرتبة ككفارة الظهار.

[مسألة: 4 إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع في نهار شهر رمضان فعليه كفارتان]

مسألة: 4 إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع في نهار شهر رمضان فعليه كفارتان، و كذا في قضاء شهر رمضان إذا كان بعد الزوال. و إذا أكره زوجته الصائمة في شهر رمضان فان لم تكن معتكفة فعليه كفارات ثلاث إحداها عن نفسه لاعتكافه و الثانية عن نفسه لصومه و الثالثة عن زوجته لصومها، و ان كانت معتكفة فكذلك على الأقوى، و ان كان الأحوط أربع كفارات بزيادة كفارة أخرى عن زوجته لاعتكافها.

و لو كانت الزوجة مطاوعة فعلى كل منهما كفارة واحدة ان كان في الليل و كفارتان إذا كان في النهار.


1- مشكل، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الإتمام و الاستيناف فيما يجب إتمامه أو الإتمام و القضاء إذا ارتكب المبطل بغير عمد.

ص: 269

[كتاب الزكاة]

اشارة

كتاب الزكاة و هي في الجملة من ضروريات الدين، و ان منكرها مندرج في سبيل الكافرين، و ان مانع قيراط منها ليس من المؤمنين و لا من المسلمين، و ليمت ان شاء يهوديا و ان شاء نصرانيا، و ما من ذي مال أو نخل أو زرع أو كرم يمنع من زكاة ماله الا قلده اللّٰه تربة أرضه يطوق بها من سبع أرضين إلى يوم القيامة، و ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل اللّٰه ذلك ثعبانا من النار مطوقا في عنقه ينهش لحمه حتى يفرغ من الحساب، و ان اللّٰه يحبسه يوم القيامة بقاع قفر و يسلط اللّٰه عليه شجاعا أقرع، أي ثعبانا لا شعر في رأسه لكثرة سمه، يريده و هو يحيد عنه، فإذا رأى انه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل ثم يصير طوقا في عنقه.

و أما فضل الزكاة فعظيم و ثوابها جسيم، و يكفيك ما ورد في فضل الصدقة الشاملة لها من أن اللّٰه يربيها لصاحبها كما يربي الرجل فصيله فيأتي بها يوم القيامة مثل أحد، و انها تدفع ميتة السوء، و تفك من لحيي سبعمائة شيطان، و أنها تطفئ غضب الرب و تمحو الذنب العظيم و تهون الحساب و تنمي المال و يزيد في العمر.

و هنا مقصدان:

[المقصد الأول في زكاة المال]

اشارة

(المقصد الأول في زكاة المال و الكلام فيمن تجب عليه الزكاة، و فيما تجب فيه، و فيمن تصرف اليه، و في أوصاف المستحقين لها

ص: 270

[القول فيمن تجب عليه الزكاة]
اشارة

القول فيمن تجب عليه الزكاة:

[مسألة: 1 يشترط فيمن تجب عليه الزكاة أمور]

مسألة: 1 يشترط فيمن تجب عليه الزكاة أمور:

«أحدها»- البلوغ، فلا تجب على غير البالغ. نعم إذا اتجر له الولي الشرعي استحب له إخراج الزكاة من ماله، كما أنه يستحب له أيضا إخراجها من غلاته، و أما مواشيه فالأحوط الترك. و المتولي لإخراجها الولي لا الطفل، و المعتبر البلوغ أول الحول فيما اعتبر فيه الحول و في غيره البلوغ وقت التعلق.

«ثانيها»- العقل، فلا تجب في مال المجنون، و المعتبر العقل في تمام الحول فيما اعتبر فيه الحول و حال التعلق فيما لم يعتبر فيه كالبلوغ، فإذا عرض الجنون فيما يعتبر فيه الحول و لو في زمان قصير يقطع الحول، بخلاف النوم بل و السكر و الإغماء على الأقوى.

«ثالثها»- الحرية، فلا زكاة على العبد و ان قلنا بملكه كما هو الأقوى، فإذا ملكه السيد نصابا لا تجب الزكاة على واحد منهما، و كذا فيما إذا كان بيد العبد مال من السيد مع عدم تمكنه من التصرف فيه عرفا، و أما ان كان متمكنا عرفا من التصرف فيه يجب زكاته على السيد مع جامعيته لشرائط وجوبها، و لا فرق في العبد بين أقسامه. نعم المبعض يجب عليه إذا كان ما يوزع على شقصه الحر بقدر النصاب مع اجتماع سائر الشرائط.

«رابعها»- الملك، فلا زكاة على الموهوب و لا على القرض الا بعد القبض لكونه شرطا لتملك الموهوب له و المفترض، و لا على الموصى به الا بعد الوفاة و القبول، بناء على ما هو المشهور (1) من اعتبار القبول في حصول الملكية للموصى له، و لكن عدم اعتباره لا يخلو من وجه، فلا يترك الاحتياط.

«خامسها»- تمام التمكن من التصرف، فلا زكاة في الوقف و ان كان خاصا، و لا في نمائه إذا كان عاما (2) و ان انحصر في واحد، و لا في المرهون. نعم لا يترك


1- و هو الأقوى.
2- قبل القبض.

ص: 271

الاحتياط (1) فيما لو أمكن فكه. و كذا لا زكاة في المجحود و ان كانت عنده بينة يتمكن من انتزاعه بها أو بيمين، و لا في المسروق، و لا في المدفون الذي نسي مكانه، و لا في الضال، و لا في الساقط في البحر، و لا في المورث عن غائب مثلا و لم يصل اليه أو الى وكيله، و لا في الدين و ان تمكن من استيفائه.

«سادسها»- بلوغ النصاب كما سيأتي تفصيله.

[مسألة: 2 لو شك في البلوغ حين التعلق أو في التعلق حين البلوغ لم يجب الإخراج]

مسألة: 2 لو شك في البلوغ (2) حين التعلق أو في التعلق حين البلوغ لم يجب الإخراج، و كذا الحال في الشك في حدوث العقل في زمان التعلق مع كونه مسبوقا بالجنون، و أما لو كان مسبوقا بالعقل و شك في طرو الجنون حال التعلق وجب الإخراج.

[مسألة: 3 يعتبر تمام التمكن من التصرف فيما يعتبر فيه الحول في تمام الحول]

مسألة: 3 يعتبر تمام التمكن من التصرف فيما يعتبر فيه الحول في تمام الحول، فإذا طرأ ذلك في أثناء الحول ثم ارتفع انقطع الحول و يحتاج الى حول جديد، و أما فيما لا يعتبر فيه الحول ففي اعتباره حال تعلق الوجوب تأمل و إشكال، أقواه ذلك و أحوطه العدم (3).

[مسألة: 4 ثبوت الخيار لغير المالك لا يمنع من تعلق الزكاة]

مسألة: 4 ثبوت الخيار لغير المالك لا يمنع (4) من تعلق الزكاة، فلو اشترى نصابا من الغنم و كان للبائع الخيار جرى في الحول من حين العقد لا من حين انقضائه.

[مسألة: 5 انما لا تتعلق الزكاة بنماء الوقف العام قبل أن يقبضه من ينطبق]

مسألة: 5 انما لا تتعلق الزكاة بنماء الوقف العام قبل أن يقبضه من ينطبق


1- و الأقوى أنه لا يجب مراعاته.
2- لو شك بعد البلوغ في بلوغه حين التعلق لم يجب عليه الإخراج، لأصالة عدم البلوغ حال التعلق. و أما لو شك في حال التعلق فليس لأصالة عدم البلوغ اثر، لان كونه مكلفا غير محرز. نعم حيث كان في موضوع التكليف شاكا لم يحرز وجوب الزكاة عليه، و كذا في الجنون فان في حال الشك في الجنون لم يحرز حجية الاستصحاب له حتى يستصحب العقل. نعم بعد صيرورته عاقلا يمكن له استصحاب عقله حال التعلق.
3- هذا الاحتياط لا يترك.
4- في الخيار المشروط برد الثمن لا يبعد عدم جواز التصرف الناقل في المبيع و عدم وجوب الزكاة و لو كان الخيار في بعض الحول و في غيره اشكال و الأحوط الإخراج.

ص: 272

عليه عنوان الموقوف عليه، و أما بعد القبض فهو كسائر أمواله تتعلق به مع اجتماع شرائطه، فإذا كان نخيل بستان وقفا على الفقراء و بعد ظهور الثمر و قبل بدو الصلاح دفع المتولي ما على النخيل الى بعض الفقراء و سلم اليه فبدا صلاحها عنده تتعلق بها الزكاة مع اجتماع الشرائط، و كذا لو كانت أغنام وقفا على الفقراء، بأن يكون نتاجها لهم فقبض الفقير منها مقدار النصاب و جرى في الحول عنده.

[مسألة: 6 زكاة القرض على المقترض بعد القبض و جريان الحول عنده]

مسألة: 6 زكاة القرض على المقترض بعد القبض و جريان الحول عنده، و ليس على المقرض و الدائن شي ء قبل أن يستوفي طلبه، فما دام لم يستوفه و لو اختيارا بل و لو فرارا من الزكاة لم تجب عليه (1).

[مسألة: 7 إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الوجوب أو بعد مضي الحول متمكنا]

مسألة: 7 إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الوجوب أو بعد مضي الحول متمكنا فقد استقر وجوب الزكاة، فيجب عليه الأداء إذا تمكن، و إذا تمكن بعد ما لم يكن متمكنا و قد مضى عليه سنون جرى في الحول من حينه، و استحب زكاته لسنة واحدة مما مضى، بل يقوى استحبابها بمضي سنة واحدة أيضا.

[مسألة: 8 إذا كان المال الزكوي مشتركا بين اثنين أو أزيد يعتبر النصاب بالنسبة إلى الحصص لا المجموع]

مسألة: 8 إذا كان المال الزكوي مشتركا بين اثنين أو أزيد يعتبر النصاب بالنسبة إلى الحصص لا المجموع، فكل من بلغت حصته حد النصاب وجبت عليه الزكاة دون من لم تبلغ حصته حده.

[مسألة: 9 لو استطاع الحج بالنصاب، فان تم الحول أو تعلق الوجوب قبل سير القافلة]

مسألة: 9 لو استطاع الحج بالنصاب، فان تم الحول أو تعلق الوجوب قبل سير القافلة و التمكن من الذهاب وجبت الزكاة، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحج و الا فلا، و ان كان تمام الحول بعد زمان سير القافلة و أمكن صرف النصاب أو بعضه في الحج وجب الحج، فان صرفه فيه سقط وجوب الزكاة، و ان عصى و لم يحج وجبت الزكاة بعد تمام الحول، و لو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول، أو تعلق الوجوب وجبت الزكاة دون الحج.


1- و لكن يستحب في هذا الفرض و كذا في صورة الفرار من الزكاة خصوصا لسنة واحدة، بل لا يبعد استحبابها لسنة واحدة مطلقا بعد الاستيفاء.

ص: 273

[مسألة: 10 الكافر تجب عليه الزكاة و ان لم تصح منه لو أداها]

مسألة: 10 الكافر تجب عليه الزكاة و ان لم تصح منه لو أداها. نعم للإمام عليه السلام أو نائبه أخذها منه قهرا، بل يقوى أن له أخذ عوضها منه لو كان قد أتلفها.

نعم لو أسلم بعد ما وجبت عليه سقطت عنه و ان كانت العين موجودة (1) على اشكال.

هذا إذا بقي على كفره الى تمام الحول، و أما لو أسلم قبله و لو بلحظة فالظاهر وجوب الزكاة عليه.

[القول فيما يجب فيه الزكاة و ما يستحب]
اشارة

القول فيما يجب فيه الزكاة و ما يستحب:

[القول فيما يجب فيه الزكاة]
اشارة

(مسألة) تجب الزكاة: في الأنعام الثلاثة الإبل و البقر و الغنم، و النقدين الذهب و الفضة، و الغلات الأربع الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب. و لا تجب فيما عدي هذه التسعة. و تستحب في كل ما أنبت الأرض مما يكال أو يوزن من الحبوب و الثمار و غيرها حتى الأشنان، دون الخضر و البقول كالقت و البادنجان و الخيار و البطيخ و نحو ذلك، و تستحب أيضا في مال التجارة على الأصح. و في الخيل الإناث دون الذكور منها و دون البغال و الحمير و الرقيق. و الكلام في التسعة المزبورة التي يجب فيها الزكاة يقع في ثلاثة فصول:

[ (الفصل الأول) في زكاة الانعام]
اشارة

(الفصل الأول) في زكاة الانعام، و شرائط وجوبها مضافا الى الشرائط العامة السابقة أربعة:

النصاب، و السوم، و الحول، و ان لا تكون عوامل.

[القول في النصاب]
اشارة

القول في النصاب:

[مسألة: 1 في الإبل اثنى عشر نصابا: خمس و فيها شاة]

مسألة: 1 في الإبل اثنى عشر نصابا: خمس و فيها شاة، ثم عشرة و فيها شاتان، ثم خمسة عشر و فيها ثلاث شيات، ثم عشرون و فيها اربع شيات، ثم خمس و عشرون و فيها خمس شيات، ثم ست و عشرون و فيها بنت مخاض، ثم ست و ثلاثون


1- سقوط الزكاة مع بقاء العين محل تأمل بل منع.

ص: 274

و فيها بنت لبون، ثم ست و أربعون و فيها حقة، ثم احدى و ستون و فيها جذعة، ثم ست و سبعون و فيها بنتا لبون، ثم احدى و تسعون و فيها حقتان، ثم مائة و إحدى و عشرون، ففي كل خمسين حقة، و في كل أربعين بنت لبون، بمعنى وجوب مراعاة المطابق منهما، و لو لم تحصل المطابقة إلا بهما لو حظا معا، و يتخير مع المطابقة بكل منهما أو بهما، و على هذا لا يتصور صورة عدم المطابقة، بل هي حاصلة في العقود بأحد الوجوه المزبورة. نعم فيما اشتمل على النيف- و هو ما بين العقدين من الواحد إلى تسعة- لا يتصور المطابقة، فتراعى على وجه يستوعب الجميع ما عدا النيف و يعفى عنه، ففي مائة و إحدى و عشرين يحسب ثلاث أربعينات و تدفع ثلاث بنات لبون، و في مائة و ثلاثين يحسب أربعينين و خمسين فتدفع بنتا لبون و حقة، و في مائة و أربعين يحسب خمسينين و أربعين فتدفع حقتان و بنت لبون، و إذا بلغ مائة و خمسين يحسب ثلاث خمسينات فتدفع ثلاث حقق، و في مائة و ستين يحسب أربع أربعينات و تدفع أربع بنات لبون الى ان بلغ مائتين، فيتخير بين أن يحسبها خمس أربعينات و يعطي خمس بنات لبون، و ان يحسبها أربع خمسينات و يعطي أربع حقق.

و في البقر و منه الجاموس نصابان ثلاثون و أربعون، و في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، و في كل أربعين مسنة. و يجب مراعاة المطابقة هنا أيضا، و لا يتصور عدم المطابقة إذا لو حظ أحدهما أو كل منهما أو هما معا، ففي ثلاثين تبيع أو تبيعة، و في أربعين مسنة، و ما بينهما عفو، كما أن ما بين أربعين إلى ستين عفو أيضا، فإذا بلغ الستين فلا يتصور عدم المطابقة في العقود إذا لوحظا بأحد الوجوه المزبورة، ففي الستين يلاحظ الثلاثون و يدفع تبيعان، و في السبعين يلاحظ ثلاثون مع أربعين فيعطى تبيع و مسنة، و في الثمانين يحسب أربعينين و يدفع مسنتان، و في التسعين يحسب ثلاث ثلاثينات و يدفع ثلاث تبيعات، و في المائة يحسب ثلاثينين و أربعين فيعطى تبيعتان و مسنة، و في المائة و العشرين يتخير بين أن يحسبها أربع ثلاثينات أو ثلاث أربعينات و يعفى عن النيف و هو ما بين العقود كما في الإبل.

ص: 275

و في الغنم خمسة نصب: أربعون و فيها شاة، ثم مائة و إحدى و عشرون و فيها شاتان، ثم مائتان و واحدة و فيها ثلاث شيات، ثم ثلاثمائة و واحدة و فيها اربع شيات، ثم أربعمائة فصاعدا ففي كل مائة شاة بالغا ما بلغ.

[مسألة: 2 تجب الزكاة في كل نصاب من نصب هذه الأجناس]

مسألة: 2 تجب الزكاة في كل نصاب من نصب هذه الأجناس، و لا يجب شي ء فيما نقص عن النصاب، كما أنه لا يجب فيما بين النصابين شي ء غير ما وجب في النصاب السابق (1).

[مسألة: 3 بنت المخاض ما دخلت في السنة الثانية]

مسألة: 3 بنت المخاض ما دخلت في السنة الثانية، و كذا التبيع و التبيعة، و بنت اللبون ما دخلت في الثالثة، و كذا المسنة، و الحقة هي الداخلة في الرابعة، و الجذعة ما دخلت في الخامسة.

[مسألة: 4 من وجب عليه سن من الإبل- كبنت المخاض مثلا- و لم تكن عنده]

مسألة: 4 من وجب عليه سن من الإبل- كبنت المخاض مثلا- و لم تكن عنده و كان عنده أعلى منها بسن كبنت اللبون دفعها و أخذ شاتين أو عشرين درهما، و ان كان ما عنده أخفض بسن دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما، و يجزي ابن اللبون (2) عن بنت المخاض اختيارا، و ان كان الأحوط الاقتصار على حال عدم وجدانها عنده. نعم إذا لم يكونا معا عنده تخير في شراء أيهما شاء.

[مسألة: 5 لا يضم مال إنسان إلى غيره و ان كان مشتركا أو مختلطا متحد المسرح]

مسألة: 5 لا يضم مال إنسان إلى غيره و ان كان مشتركا أو مختلطا متحد المسرح و المراح و المشرب و الفحل و الحالب و المحلب، بل يعتبر في مال كل واحد منهما بلوغ النصاب و لو بتلفيق الكسور، و لا يفرق بين مالي المالك الواحد و لو تباعد مكانهما.

[القول في السوم اى الرعي]
اشارة

القول في السوم اى الرعي:

[مسألة: 1 يعتبر السوم تمام الحول]

مسألة: 1 يعتبر السوم تمام الحول، فلو علفت في أثنائه بما يخرجها عن اسم السائمة في الحول عرفا فلا زكاة. نعم لا عبرة باللحظة و نحوها مما لا يخرج به عن


1- لا بمعنى انه لا زكاة عليه حتى يجوز التصرف فيه قبل أداء الزكاة، بل بمعنى ان زكاة المجموع زكاة النصاب السابق، فلا يجوز التصرف في المجموع الا مع أداء زكاة النصاب السابق.
2- لا يترك الاحتياط باختيار بنت مخاض حتى عند الاشتراء.

ص: 276

ذلك، و في قدح اليوم أو اليومين في الصدق العرفي إشكال (1).

[مسألة: 2 لا فرق في سقوط الزكاة في المعلوفة بين أن يكون العلف بنفسها أو علفها مالكها]

مسألة: 2 لا فرق في سقوط الزكاة في المعلوفة بين أن يكون العلف بنفسها أو علفها مالكها أو غيره من ماله أو من مال المالك بإذنه أو غير اذنه، كما انه لا فرق بين أن يكون بالاختيار أو لأجل الاضطرار أو لوجود مانع عن السوم من ثلج و نحوه، و كذا لا فرق بين أن يعلفها بالعلف المجزوز أو يرسلها لترعى بنفسها في الزرع المملوك، فإنها تخرج عن السوم بذلك كله. نعم الظاهر عدم خروجها عن صدق السوم باستئجار المرعى أو بشرائه إذا لم يكن مزروعا، كما انه لا تخرج عنه بما يدفع الى الظالم على المرعى في الأرض المباحة.

[القول في الحول]
اشارة

القول في الحول:

[مسألة: 1 يتحقق الحول بتمام الأحد عشر شهرا]

مسألة: 1 يتحقق الحول بتمام الأحد عشر شهرا، لكن لا يستقر الوجوب به على الأقوى (2)، و ان كان الأحوط البناء على الاستقرار به. و كيف كان فالأقوى احتساب الثاني عشر من الحول الأول لا الثاني، و حينئذ لو اختل أحد شروط وجوبها في أثناء أحد عشر لا بعده بطل الحول، كما لو نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو عاوضها بغير جنسها و ان كان زكويا أو بجنسها كغنم سائمة ستة أشهر بغنم كذلك أو بمثلها كالضأن بالضأن أو غير ذلك، بل الظاهر بطلان الحول بذلك و ان فعله فرارا من الزكاة، و لو اختل أحدها في الشهر الثاني عشر فعلى ما قويناه من عدم الاستقرار يبطل الحول و على القول الأخر لم يبطل و هو الأحوط.

[مسألة: 2 لو كان مالكا للنصاب لا أزيد فحال عليه أحوال]

مسألة: 2 لو كان مالكا للنصاب لا أزيد فحال عليه أحوال، فإن أخرج في كل سنة زكاة من غيره تكررت لبقاء النصاب حينئذ و عدم نقصانه. نعم إذا أخر إخراج الزكاة عن آخر الحول و لو بزمان يسير كما هو الغالب يتأخر مبدأ الحول اللاحق عن تمام الحول السابق، و بذلك المقدار فلا يجري النصاب في الحول الجديد الا بعد


1- فلا يترك الاحتياط بإعطاء الزكاة.
2- بل يستقر على الأقوى فلا يبطل الحول باختلال الشروط فيها.

ص: 277

إخراج زكاته من غيره، و ان أخرج زكاته منه و لم يخرج أصلا ليس عليه الا زكاة سنة واحدة لعدم بقاء النصاب في غيرها، و لو كان مالكا لما زاد على النصاب و مضى عليه أحوال و لم يؤد زكاته يجب عليه زكاة ما مضى من السنين بما زاد على تلك الزيادة بواحد، فلو كان عنده واحدة و أربعون من الغنم و مضى عليه أحوال و لم يؤد زكاتها يجب عليه زكاة سنتين، و لو كان عنده اثنتان و أربعون يجب عليه زكاة ثلاث سنين، و لو كان ثلاث و أربعون يجب زكاة أربع سنين و هكذا. و لا تجب فيما زاد لنقصانه عن النصاب.

[مسألة: 3 مالك النصاب إذا حصل له في أثناء الحول ملك جديد بالنتاج]

مسألة: 3 مالك النصاب إذا حصل له في أثناء الحول ملك جديد بالنتاج أو بالإرث أو الشراء و نحوها، فان كان بمقدار العفو و لم يكن نصابا مستقلا و لا مكملا لنصاب آخر فلا شي ء عليه، كما إذا كانت عنده أربعون من الغنم فولدت أربعين أو كان عنده خمس من الإبل فولدت أربع، و أما لو كان نصابا مستقلا كخمس من الإبل قد ولدت خمسا أو مكملا لنصاب آخر بأن كان بمقدار لو انضم الى الأصل بعد إخراج الفريضة خرج من ذلك النصاب و دخل في نصاب آخر كما لو ولدت أحد و ثلاثون من البقر عشرا أو ثلاثون منه أحد عشر، ففي الأول يعتبر لكل من القديم و الجديد حول بانفراده، فإذا ولدت خمس من الإبل خمسا بعد ستة أشهر من حولها يخرج شاة بعد تمام حول الأصل و شاة أخرى بعد تمام حول الأولاد، و يكون مبدأ حول الأولاد مع التفرق في الولادة بعد نتاج الأخير الذي يكمل به الخمسة، و في الثاني يستأنف حولا واحدا للمجموع (1) بعد تمام حول الأصل، و يكون مبدأ حول المجموع عند زمان انتهاء حول الأصل، و ليس مبدأ حول الأولاد حين الاستغناء بالرعي عن اللبن حتى فيما إذا كانت أمها معلوفة على الأقوى.


1- و يمكن القول باستيناف الحول للجميع من يوم ملكه للنصاب الثاني و عدم لزوم شي ء لما مضى من النصاب الأول، لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة ما هو أقل عفوا بين القولين.

ص: 278

[القول في الشرط الرابع أى عدم كونها عوامل]
اشارة

القول في الشرط الرابع أى عدم كونها عوامل:

[مسألة: 1 يعتبر فيها أن لا تكون عوامل في تمام الحول]

مسألة: 1 يعتبر فيها أن لا تكون عوامل في تمام الحول، فلو كانت كذلك و لو في بعض الحول فلا زكاة فيها و ان كانت سائمة، و المرجع في صدق العوامل العرف.

و بقي الكلام فيما يؤخذ في الزكاة.

[مسألة: 2 لا تؤخذ المريضة من نصاب السليم و لا الهرمة من نصاب الشاب]

مسألة: 2 لا تؤخذ المريضة من نصاب السليم و لا الهرمة من نصاب الشاب و لا ذات العوار من نصاب السليم و ان عدت منه، أما لو كان النصاب جميعه مريضا بمرض متحد لم يكلف شراء صحيحة و أجزأت مريضة منها، و لو كان بعضه صحيحا و بعضه مريضا فالأحوط ان لم يكن أقوى إخراج صحيحة من أواسط الشياة من غير ملاحظة التقسيط، و كذا لا تؤخذ الربى و هي الشاة الوالدة إلى خمسة عشر يوما و ان بذلها المالك إلا إذا كان النصاب كله كذلك، و كذا لا تؤخذ الأكولة و هي السمينة المعدة للأكل، و لا فحل الضراب، بل لا يعد الجميع من النصاب على الأقوى، و ان كان الأحوط عدها منه.

[مسألة: 3 الشاة المأخوذة في الزكاة في الغنم و الإبل و في الجبر]

مسألة: 3 الشاة المأخوذة في الزكاة في الغنم و الإبل و في الجبر أقل ما يراد منها ما كمل له سنة و دخل في الثانية (1) ان كان من الضأن، و ما دخل في الثالثة ان كان من المعز، و يجزي الذكر عن الأنثى و بالعكس، و المعز عن الضأن و بالعكس، لأنهما جنس واحد في الزكاة كالبقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي (2).

[مسألة: 4 إذا كان للمالك أموال متفرقة في أماكن مختلفة كان له إخراج الزكاة من أيها شاء]

مسألة: 4 إذا كان للمالك أموال متفرقة في أماكن مختلفة كان له إخراج الزكاة من أيها شاء و لا يتعين عليه أن يدفع من النصاب و لا من جنس ما تعلقت به الزكاة، بل له أن يخرج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية، و لا يتعين ذلك عليه دراهم و دنانير، و ان كان الإخراج من العين أفضل. و المدار في القيمة قيمة وقت


1- على الأحوط.
2- إذا كانا من النصاب، و كذا في البقر و الجاموس و الضأن و المعز، و أما إذا أراد أن يعطى من غير النصاب فالأحوط إعطاؤه من باب القيمة.

ص: 279

الأداء (1)، و كذا بلده لو كانت العين تالفة، و أما لو كانت موجودة فالظاهر أن المدار على قيمة البلد الذي هي فيه.

[ (الفصل الثاني (في زكاة النقدين)]
اشارة

(الفصل الثاني (في زكاة النقدين) و يعتبر فيها مضافا الى ما عرفت من الشرائط العامة أمور:

[ «الأول»- النصاب]
اشارة

«الأول»- النصاب، و هو في الذهب عشرون دينارا و فيه عشرة قراريط عبارة عن نصف دينار، و الدينار مثقال شرعي، و هو ثلاثة أرباع الصيرفي، فيكون العشرون دينارا خمسة عشر مثقالا صيرفيا، و زكاته ربع المثقال و ثمنه، و لا زكاة فيما دون عشرين و لا فيما زاد عليها (2) حتى يبلغ أربعة دنانير، و هي ثلاثة مثاقيل صيرفية ففيها قيراطان، إذ كل دينار عشرون قيراطا و هكذا كلما زاد أربعة، و ليس فيما نقص عن أربعة دنانير شي ء.

و نصاب الفضة مائتا درهم، و فيها خمسة دراهم، ثم كلما زاد أربعين كان فيها درهم بالغا ما بلغ، و ليس فيما دون المائتين و لا فيما دون الأربعين شي ء. و الدرهم ستة دوانيق عبارة عن نصف مثقال شرعي و خمسه، لان كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية.

[ (فائدة)]

(فائدة) الضابط الكلي في تأدية زكاة النقدين انهما بعد ما بلغا حد النصاب- أعني عشرين دينارا أو مائتي درهم- يعطي من كل أربعين واحدا فقد ادى ما وجب عليه و ان زاد على المفروض في بعض الصور بقليل، و لا بأس به بل أحسن و زاد خيرا.

[ «الثاني»- كونهما منقوشين بسكة المعاملة]

«الثاني»- كونهما منقوشين بسكة المعاملة و لو ببعض الأزمنة من سلطان و الأمكنة أو شبهه بسكة إسلام و كفر بكتابة أو غيرها و لو صارا ممسوحين بالعارض، و أما الممسوحان بالأصل فلا تجب فيهما إلا إذا كانا رائجين فتجب على الأحوط، و لو اتخذ


1- في المثلي، و أما في القيمي فالظاهر وجوب دفع قيمة يوم التلف و مكانه.
2- على نحو ما مر في زكاة الانعام و كذا في زكاة الفضة.

ص: 280

المسكوك حلية للزينة مثلا لم يتغير الحكم (1) زاده الاتخاذ أو نقصه في القيمة ما دامت المعاملة به على وجهها ممكنة، اما لو تغيرت بالاتخاذ بحيث لم تبق المعاملة بها فلا زكاة.

[ «الثالث»- الحول]

«الثالث»- الحول، و يعتبر أن يكون النصاب موجودا فيه أجمع، فلو نقص عن النصاب في أثنائه أو تبدلت أعيان النصاب بجنسه أو بغير جنسه أو بالسبك لا بقصد الفرار بل و معه لم تجب فيه زكاة، و ان استحب إخراجها إذا كان السبك بقصد الفرار بل هو الأحوط. نعم لو سبك الدراهم و الدنانير بعد وجوب الزكاة بحول الحول لم تسقط الزكاة.

[مسألة: 1 تضم الدراهم و الدنانير بعضها الى بعض بالنسبة إلى تحقق النصاب]

مسألة: 1 تضم الدراهم و الدنانير بعضها الى بعض بالنسبة إلى تحقق النصاب و ان اختلفت من حيث الاسم و السكة، بل و من حيث القيمة و اختلاف الرغبة، فيضم القران العجمي الى المجيدي و الروبية، بل يضم الرائج الفعلي إلى المهجور. و أما بالنسبة إلى إخراج الزكاة فإن تطوع المالك بالإخراج من الأرغب و الفرد الأكمل فقد أحسن و زاد خيرا، و الا اخرج من كل بقسطه و نسبته في الأحوط (2)، و ان كان الأقوى جواز الاجتزاء بالفرد الأدون عن الجميع.

[مسألة: 2 الدراهم المغشوشة بما يخرجها عن اسم الفضة الخالصة و لو الردية]

مسألة: 2 الدراهم المغشوشة بما يخرجها عن اسم الفضة الخالصة و لو الردية لا زكاة فيها حتى بلغ خالصها النصاب، و لو شك فيه و لم يكن طريق الى التعرف لم تجب الزكاة، و في وجوب التصفية و نحوها للاختبار تأمل و إشكال أحوطه ذلك (3).

[مسألة: 3 لو أخرج المغشوشة زكاة عن الخالصة أو المغشوشة]

مسألة: 3 لو أخرج المغشوشة زكاة عن الخالصة أو المغشوشة، فإن علم بأن ما فيها من الفضة الخالصة بمقدار الفريضة فهو، و الا فلا بد من تحصيل العلم بذلك و لو بإعطاء مقدار يعلم بأن ما فيه من الفضة الخالصة ليس بأنقص منها.

[مسألة: 4 لو ملك النصاب و لم يعلم هل فيه غش أم لا وجبت الزكاة]

مسألة: 4 لو ملك النصاب و لم يعلم هل فيه غش أم لا وجبت الزكاة (4) على


1- على الأحوط.
2- لا يترك هذا الاحتياط.
3- لا يترك.
4- أو الاختبار.

ص: 281

الأحوط لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 5 إذا اقترض النصاب و تركه بحاله عنده حتى حال عليه الحول]

مسألة: 5 إذا اقترض النصاب و تركه بحاله عنده حتى حال عليه الحول يكون زكاته عليه لا على المقرض، بل لو شرط كونها عليه لم يلزم الشرط إذا كان المقصود وجوبها عليه. نعم لو شرط عليه التبرع عنه (1) بأداء ما وجب عليه يلزم عليه على اشكال. و على كل حال ان لم يفعل و لم يف بالشرط لم تسقط عن المقترض، بل يجب عليه أداؤها من ماله.

[ (الفصل الثالث (في زكاة الغلات)]
اشارة

(الفصل الثالث (في زكاة الغلات) و قد عرفت أنه لا يجب الزكاة الا في أربعة أجناس منها الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب، و الأحوط إلحاق السلت الذي هو كالشعير في طبعه و كالحنطة في ملاسته و عدم القشر بالشعير، و إلحاق العلس الذي هو كالحنطة بالحنطة، بل في الثاني لا يخلو من قوة، لقوة احتمال كونه نوعا من الحنطة في كل قشر حبتان. و لا تجب الزكاة في غيرها و ان استحبت في كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن من الحبوب كالأرز و الماش و الذرة و نحو ذلك لا الخضر و البقول كما مر. و حكم ما يستحب فيه الزكاة حكم ما تجب فيه من اعتبار بلوغ النصاب و قدره و مقدار ما يخرج منه و غير ذلك، و يقع الكلام في زكاة الغلات في مطالب:

[المطلب الأول: يعتبر في الزكاة أمران]
اشارة

المطلب الأول:

يعتبر في الزكاة أمران (2):

[ «الأول»- بلوغ النصاب]
اشارة

«الأول»- بلوغ النصاب، و هو خمسة أوسق، و الوسق ستون صاعا، فهو ثلاثمائة صاع، و الصاع تسعة أرطال بالعراقي و ستة بالمدني، لأنه أربعة أمداد و المد


1- التبرع بأداء زكاة الحي مطلقا محل اشكال، و يتفرع عليه الإشكال في اشتراطه.
2- مضافا الى ما مر من الشرائط العامة.

ص: 282

رطلان و ربع بالعراقي و رطل و نصف بالمدني، فيكون النصاب ألفين و سبعمائة رطل بالعراقي و ألف و ثمانمائة رطل بالمدني، و الرطل العراقي مائة و ثلاثون درهما عبارة عن احدى و تسعين مثقالا شرعيا و ثمانية و ستين مثقالا و ربع مثقال صيرفي، لان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، و بحسب حقة النجف التي هي عبارة عن تسعمائة و ثلاثة و ثلاثين مثقالا صيرفيا و ثلث مثقال ثمان وزنات و خمس حقق و نصف إلا ثمانية و خمسين مثقالا و ثلث مثقال، و بعيار الاسلامبول و هو مائتان و ثمانون مثقالا سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا، و بالمن الشاة المتداول في بعض بلاد إيران الذي هو عبارة عن ألف و مائتي مثقال و ثمانين مثقالا صيرفيا مائة منّ و أربعة و أربعون منا الا خمسة و أربعون مثقالا صيرفيا، و بالمن التبريزي المتداول في غالب بلاد إيران مائتان و ثمانية و ثمانون منا الا خمسة و أربعين مثقالا صيرفيا. فلا زكاة في الناقص عن النصاب و لو يسيرا، كما أنه يجب الزكاة في النصاب و ما زاد عليه و لو يسيرا.

[مسألة: 1 المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف و ان كان زمان التعلق قبل ذلك]

مسألة: 1 المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف و ان كان زمان التعلق قبل ذلك، فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب لكن ينقص عنها حال الجفاف فلا زكاة، حتى أن مثل البربن و شبهه مما يؤكل رطبا انما تجب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب تمرا و ان قل التمر منه، و لو فرض عدم صدق التمر على يابسة لم تجب الزكاة.

[مسألة: 2 إذا كان له نخيل أو كروم أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها قبل بعض]

مسألة: 2 إذا كان له نخيل أو كروم أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها قبل بعض و لو بشهر أو شهرين أو أكثر بعضها الى بعض بعد ان كان الثمرتان لعام واحد، و حينئذ ان بلغ النصاب ما أدرك منه تعلق الوجوب و وجب ما هو فريضة المدرك، و ما لم يدرك انما يجب ما هو فريضته عند إدراكه قل أو كثر، و ان لم يبلغ النصاب ما سبق إدراكه تربص في الزكاة حتى يدرك ما يكمل النصاب، و لو كان له نخل يطلع أو كرم يثمر في عام مرتين ضم الثاني إلى الأول على اشكال (1).


1- لا يبعد عدم الضم إذا عد في الصرف ثمرة عامين.

ص: 283

[ «الأمر الثاني»- التملك بالزراعة]
اشارة

«الأمر الثاني»- التملك بالزراعة ان كان مما يزرع أو انتقال الزرع أو الثمرة مع الشجرة أو منفردة إلى ملكه قبل تعلق الزكاة، فتجب عليه الزكاة حينئذ و ان لم يكن زارعا.

[مسألة: 3 المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الزرع و حين بدو الصلاح]

مسألة: 3 المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الزرع و حين بدو الصلاح، أعني حين الاصفرار أو الاحمرار في ثمرة النخل و حين انعقاد الحصرم في ثمرة الكرم. و قيل ان المدار على التسمية حنطة أو شعيرا أو تمرا أو عنبا، و القول الأول لا يخلو عن رجحان (1) لكن لا يخلو عن اشكال، فلا يترك مراعاة الاحتياط في الثمرة المترتبة على القولين في المسألة.

[مسألة: 4 وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبيب]

مسألة: 4 وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة و اجتذاذ التمر (2) و اقتطاف الزبيب، و هذا هو الوقت الذي لو أخرها عنه ضمن، و يجوز للساعي مطالبة المالك فيه و يلزمه القبول، و لو طالبه قبله لم يجب عليه القبول و ان جاز له الإخراج بعد زمان التعلق و يجب على الساعي القبول، فوقت وجوب الأداء غير وقت التعلق.

[مسألة: 5 لو أراد المالك الاقتطاف حصرما أو عنبا أو بسرا أو رطبا]

مسألة: 5 لو أراد المالك الاقتطاف حصرما أو عنبا أو بسرا أو رطبا جاز و وجب أداء الزكاة حينئذ من العين أو القيمة (3) بعد فرض بلوغ تمرها و زبيبها النصاب.

[مسألة: 6 يجوز للمالك دفع الزكاة و الثمر على الشجر قبل الجذاذ منه أو من قيمته]

مسألة: 6 يجوز للمالك دفع الزكاة و الثمر على الشجر قبل الجذاذ منه أو من قيمته.

[مسألة: 7 إذا ملك نخلا مثلا قبل أن يبدو صلاح ثمرته أو ثمرا قبل أن يبدو صلاحه]

مسألة: 7 إذا ملك نخلا مثلا قبل أن يبدو (4) صلاح ثمرته أو ثمرا قبل أن يبدو صلاحه أو زرعا قبل اشتداد حبه فالزكاة عليه بعد زمان التعلق مع اجتماع الشرائط، بخلاف ما إذا ملك بعد زمان التعلق، فإن الزكاة على من انتقل عنه ممن كان مالكا


1- غير معلوم، فلا يترك مراعاة الاحتياط مطلقا.
2- بل عند صيرورة الرطب تمرا و العنب زبيبا.
3- قيمة التمر و الزبيب، و أما قيمة الحصرم و الرطب ان كانت أقل ففيها اشكال، و كذا في إلزام الفقير بقطع الحصرم أو الرطب، و كذا في الفرع الآتي.
4- أى قبل تعلق الزكاة.

ص: 284

حال التعلق، لكن لو باعه مثلا قبل أداء ما عليه صح على الأصح (1)، و حينئذ فإن علم المشتري بأدائه أو احتمله ليس عليه شي ء (2)، و ان علم بعدم أدائه يجب عليه أداؤه و يرجع بها على البائع.

[مسألة: 8 إذا باع الزرع أو الثمر و شك في أن البيع كان بعد زمان التعلق حتى تكون الزكاة عليه]

مسألة: 8 إذا باع الزرع أو الثمر و شك في أن البيع كان بعد زمان التعلق حتى تكون الزكاة عليه أو قبله حتى تكون على المشتري لم يكن عليه شي ء، إلا إذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع فيجب عليه حينئذ إخراجها على الأقوى. و إذا شك المشتري في ذلك، فان كان قاطعا بأن البائع لم يؤد زكاته على تقدير كون الشراء بعد زمان التعلق يجب عليه إخراجها مطلقا، و ان لم يكن قاطعا بذلك بل كان قاطعا بأدائها على ذلك التقدير أو احتمله ليس عليه شي ء مطلقا، حتى فيما إذا علم زمان البيع و شك في تقدم التعلق و تأخره على الأقوى، و ان كان الأحوط في هذه الصورة إخراجها.

[مسألة: 9 إذا مات المالك بعد تعلق الزكاة و قبل إخراجها تخرج من تركته]

مسألة: 9 إذا مات المالك بعد تعلق الزكاة و قبل إخراجها تخرج من تركته (3)، و إذا مات قبله وجب على من بلغ سهمه النصاب من الورثة مع اجتماع سائر الشرائط، فإذا لم يبلغ سهم واحد منهم النصاب فلا زكاة، و إذا لم يعلم أن الموت كان قبل زمان التعلق أو بعده فمن بلغ سهمه النصاب يجب عليه إخراج زكاة حصته للعلم بكونها متعلقة للحق الزكاتي على أي حال، و ان لم يعلم بأن التعلق كان في زمان حياة مورثه أو بعده، و من لم يبلغ نصيبه حد النصاب لا يجب عليه شي ء إلا إذا علم زمان التعلق و شك في زمان الموت، فيجب عليه إخراجها على الأحوط (4) لو لم يكن الأقوى.


1- بل البيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضولي، فان اجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن بالنسبة إلى مقدار الزكاة، و ان دفعه الى البائع رجع بعد الدفع الى الحاكم عليه، و ان لم يجزه كان له أخذ مقدار الزكاة من المبيع و يرجع المشتري الى البائع فيأخذ ثمن هذا المقدار منه ان أداه إليه.
2- حملا لفعل البائع على الصحة.
3- بل من عين الزكوي مع بقائها و للورثة أداء القيمة، و مع التلف مضمونا يخرج من التركة.
4- بل على الأقوى.

ص: 285

[مسألة: 10 لو مات الزارع و مالك النخل أو الكرم و كان عليه دين]

مسألة: 10 لو مات الزارع و مالك النخل أو الكرم و كان عليه دين، فان كان موته بعد تعلق الوجوب وجب إخراج الزكاة كما مر حتى فيما إذا كان الدين مستوعبا للتركة، و لا يتحاص الغرماء مع أرباب الزكاة الا إذا صارت في ذمته في زمان حياته بسبب إتلافه أو التلف مع التفريط فيقع التحاص بينهم كسائر الديون، و ان كان موته قبل تعلق الوجوب فان كان قبل ظهور الحب و الثمر وجب الزكاة على من بلغ نصيبه حد النصاب من الورثة مع اجتماع الشرائط كما مر، و لا يمنع دين الميت عن تعلق الزكاة بالنماء الحاصل في ملك الورثة على اشكال، و أما ان كان بعد ظهوره فان كان الورثة قد أدوا الدين أو ضمنوه برضى الديان قبل تعلق الوجوب وجبت الزكاة على من بلغ سهمه النصاب، و الا فالظاهر عدم وجوبها فيما إذا كان الدين مستوعبا و فيما قابل الدين إذا كان غير مستوعب، و ان كان الأحوط (1) الإخراج مع الغرامة للديان أو استرضاءهم.

[مسألة: 11 في المزارعة و المساقاة الصحيحتين حيث أن الحاصل مشترك بين المالك و العامل]

مسألة: 11 في المزارعة و المساقاة الصحيحتين حيث أن الحاصل مشترك بين المالك و العامل يجب على كل منهما الزكاة في حصته مع اجتماع الشرائط بالنسبة إليه، بخلاف الأرض المستأجرة للزراعة، فإن الزكاة على المستأجر مع اجتماع الشرائط و ليس على المؤجر شي ء و ان كانت الأجرة من جنس الحنطة و الشعير.

[مسألة: 12 في المزارعة الفاسدة يكون الزكاة على صاحب البذر]

مسألة: 12 في المزارعة الفاسدة يكون الزكاة على صاحب البذر و يكون أجرة الأرض و العامل من المؤن، فبناء على كون الزكاة بعد إخراجها تخرج قبل إخراجها، و أما في المساقاة الفاسدة يكون الزكاة على صاحب الأصول و تحسب أجرة مثل عمل المساقي من المؤن.

[مسألة: 13 إذا كان عنده أنواع من التمر كالزاهدي و الخستاوي و القنطار و غير ذلك]

مسألة: 13 إذا كان عنده أنواع من التمر كالزاهدي و الخستاوي و القنطار و غير ذلك، يضم بعضها الى بعض بالنسبة إلى بلوغ النصاب، و الأحوط الأخذ من


1- بل الظاهر عدم وجوب الزكاة في الفرض، لان النماء تابع للأصل في تعلق حق الغرماء به.

ص: 286

كل نوع بحصته، و ان كان الأقوى جواز الاجتزاء بمطلق الجيد عن الكل و ان اشتمل على الأجود، و لا يجوز دفع الردي ء عن الجيد على الأحوط، و هكذا الحال في أنواع العنب.

[مسألة: 14 يجوز تعيين مقدار ثمر النخل و الكرم و تقدير ما يجي ء منهما تمرا أو زبيبا]

مسألة: 14 يجوز تعيين مقدار ثمر النخل و الكرم و تقدير ما يجي ء منهما تمرا أو زبيبا بخرص أهل الخبرة، و يتبعه تعيين النصاب و تعيين مقدار الزكاة به، و وقته بعد بدو الصلاح الذي هو زمن التعلق، و فائدته جواز تصرف المالك في الثمر كيف شاء بعده من دون احتياج الى الضبط و الحساب. و الخارص هو الساعي بنفسه أو بغيره، بل يقوى جوازه من المالك بنفسه إذا كان عارفا أو بعارف آخر إذا كان عدلا، مع احتمال جواز الاكتفاء بأمانته و وثاقته. و لا يشترط فيه الصيغة، بل يكتفى بعمل الخرص و بيانه. ثم ان زاد (1) ما في يد المالك عما عين بالخرص كان له، و ان نقص كان عليه على الأصح. نعم لو تلفت الثمرة أو بعضها بآفة سماوية أو أرضية أو ظلم ظالم لم يضمن.

[المطلب الثاني: انما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان من عين الحاصل بعنوان المقاسمة]
اشارة

المطلب الثاني:

انما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان من عين الحاصل بعنوان المقاسمة، بل و ما يأخذه نقدا باسم الخراج أيضا على الأصح. و أما ما يأخذه العمال زائدا على ما قرره السلطان ظلما، فان كانوا يأخذونه من نفس الغلة قهرا فالظلم وارد على الكل و لا يضمن المالك حصة الفقراء و يكون بحكم الخراج في أن اعتبار الزكاة بعد إخراجه، و ان كانوا يأخذونه من غيرها فالأحوط الضمان خصوصا إذا كان الظلم شخصيا، بل هو حينئذ لا يخلو من قوة. و انما يعتبر إخراج الخراج بالنسبة إلى اعتبار الزكاة، فيخرج من الوسط ثم يؤدي العشر أو نصف العشر مما بقي. و أما بالنسبة إلى اعتبار النصاب، فان كان ما ضرب على الأرض بعنوان المقاسمة فلا إشكال في اعتباره بعده، بمعنى أنه يلاحظ بلوغ النصاب في حصته لا في المجموع منها


1- الأحوط مع العلم بالزيادة فسخ الخارص أو إخراج المالك زكاة الزيادة رجاء.

ص: 287

و من حصة السلطان، و أما ان كان بغير عنوان المقاسمة ففيه اشكال، و الأحوط لو لم يكن الأقوى اعتبار قبله (1).

[مسألة: 15 الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة]

مسألة: 15 الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة و الولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعم سلاطين الشيعة الذين لا يدعون ذلك، بل لا يبعد شموله لكل مستول على جباية الخراج حتى فيما إذا لم يكن سلطان، كبعض الحكومات المتشكلة في هذه الأعصار. و في تعميم الحكم لغير الأراضي الخراجية- مثل ما يأخذه الجائر من أراضي الصلح أو التي كانت مواتا فتملكت بالاحياء- وجه، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 16 الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها]

مسألة: 16 الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها، من غير فرق بين السابقة على زمان التعلق و اللاحقة، و الأحوط لو لم يكن الأقوى اعتبار النصاب قبل إخراجها (2)، فإذا بلغ الحاصل حد النصاب تعلق به الزكاة مع اجتماع سائر الشرائط لكنه تخرج المؤن من الوسط ثم يخرج العشر أو نصف العشر من الباقي قل أو كثر. نعم لو استوعبت المئونة تمام الحاصل فلا زكاة. و المراد بالمئونة كل ما يغرمه المالك في نفقة هذه الثمرة و يصرفه من الأموال في تنميتها أو حفظها، كالبذر و ثمن الماء المشتري لسقيها و أجرة الفلاح و الحارث و الحارس و الساقي و الحصاد و الجذاذ و أجرة العوامل التي يستأجرها للزرع و أجرة الأرض و لو كانت غصبا و لم ينو إعطاء أجرتها لمالكها، و ما يصرفه في تجفيف الثمرة و إصلاح موضع الشمس و إصلاح النخل بتكريب و نحوه، و ما يصرفه في تسطيح الأرض و تنقية النهر بل و في إحداثه لو كان هذا الزرع أو النخل أو الكرم محتاجا اليه. و الظاهر أنه ليس منها ما يصرفه مالك البستان مثلا في حفر بئر أو نهر أو بناء دولاب أو ناعور أو حائط أو طوف و نحو ذلك مما يعد من مئونة تعمير البستان لا من مئونة ثمرته. نعم إذا صرف ذلك


1- إلا إذا تعارف أخذه من العين الزكوي بحيث يصير كالمقاسمة فالأقوى اعتباره بعده.
2- إلا إذا تعارف صرف العين الزكوي فيه كما مر.

ص: 288

ضامن النخيل و الكرم و مشتري الثمرة لأجل الثمر الذي اشتراه يكون من مئونته، و لا يحسب منها أجرة المالك إذا كان هو العامل و لا أجرة ولده أو زوجته أو الأجنبي المتبرعين بالعمل، و كذا أجرة الأرض و العوامل إذا كانت مملوكة له، بل الأحوط عدم احتساب ثمن العوامل و الآلات و الأدوات التي يشتريها للزرع و السقي مما يبقى عينها بعد استيفاء الحاصل. نعم في احتساب ما يرد عليها من النقص بسبب استعمالها في الزرع و السقي وجه، لكن الأحوط خلافه (1)، و في احتساب ثمن الزرع و الثمر من المؤن إشكال.

[مسألة: 17 الظاهر أنه يلاحظ في البذر قيمته يوم الزرع لا مثله]

مسألة: 17 الظاهر أنه يلاحظ في البذر قيمته يوم الزرع (2) لا مثله، سواء كان من ماله أو اشتراه، فلو كان بعضه من ماله غير المزكى تعلق زكاته من العشر أو نصف العشر بذمته و يحسب قيمة البقية من مئونة هذا الزرع.

[مسألة: 18 لو كان مع الزكوي غيره وزعت المئونة عليهما]

مسألة: 18 لو كان مع الزكوي غيره وزعت المئونة عليهما، و كذا الخراج (3) الذي يأخذه السلطان، و في توزيعها على التبن و الحب وجه الا ان الأوجه خلافه (4).

[مسألة: 19 إذا كان للعمل مدخلية في ثمر سنين عديدة يجوز احتسابه من مئونة السنة الأولى]

مسألة: 19 إذا كان للعمل مدخلية في ثمر سنين عديدة يجوز احتسابه (5) من مئونة السنة الأولى فيكون غيرها بلا مئونة، كما أنه يجوز التوزيع على السنين.


1- و الأقوى جواز الاحتساب، و كذا ثمن الثمر و الزرع بشرط أن يقسط بين الحنطة و التبن بالنسبة.
2- هذا على ما اختاره قدس سره من كون عين الزكوي متعلقا بحق الفقراء من دون أن يكون الفقراء شركاء في العين، و أما على ما اخترناه من كونهم شركاء في العين فالزرع مشترك بين المالك و الفقراء بمقدار حصتهم. نعم حصة المالك من المئونة لكنه مثلي، فله أن يأخذ من عين الزكوي بمقدار ماله من البذر و له أن يأخذ قيمة يوم التصفية و يعتبر النصاب بعده.
3- يوزع إذا كان مضروبا على الأرض دون ما كان مضروبا على خصوص الزكوي.
4- بل الأقوى في زماننا التوزيع حيث أن التبن مقصود كالحب. نعم إذا لم يكن له قيمة معتنى بها للزارع فلا توزع المئونة عليه.
5- بل يتعين إذا احتاج الانتفاع به في السنة الأولى بهذا العمل و ان كان له تأثير في السنوات الآتية أيضا و الا يتعين التوزيع.

ص: 289

[إذا شك في كون شي ء من المؤن أو لا لم يحسب منها]

مسألة: 20 إذا شك في كون شي ء من المؤن أو لا لم يحسب منها (1).

[المطلب الثالث: كلما سقى سيحا و لو بحفر نهر و نحوه أو بعلا ففيه العشر]
اشارة

المطلب الثالث:

كلما سقى سيحا و لو بحفر نهر و نحوه أو بعلا و هو ما يشرب بعروقه أو عذيا و هو ما يسقى بالمطر ففيه العشر، و ما يسقى بالعلاج بالدلو و الدوالي و النواضح و نحوها من العلاجات ففيه نصف العشر، و ان سقى بهما فالحكم للأكثر الذي يسند السقي إليه عرفا، و ان تساويا بحيث لم يتحقق الاسناد المزبور بل يصدق أنه سقي بهما ففي نصفه العشر و في نصفه الأخر نصف العشر، و مع الشك فالواجب الأقل، و الأحوط الأكثر.

[مسألة: 21 الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه]

مسألة: 21 الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه الا إذا استغنى بها عن الدوالي أو صار مشتركا بينهما.

[مسألة: 22 لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو لغرض فزرعها آخر]

مسألة: 22 لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو لغرض فزرعها آخر و شرب الزرع بعروقه يجب العشر على الأقوى (2)، و كذا إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع ثم بدا له أن يزرع زرعا يشرب بعروقه، بل و كذا إذا أخرجه لزرع فزاد و جرى على أرض أخرى فبدا له أن يزرع فيها زرعا و يشرب بعروقه.

[القول فيما يستحب فيه الزكاة]
اشارة

القول فيما يستحب فيه الزكاة:

و هي أمور:

[ «الأول»- مال التجارة]

«الأول»- مال التجارة على الأصح، و هو المال الذي وقع موردا للتجارة و الاكتساب، بأن عووض بمال آخر و قصد به الاسترباح، سواء كان تملكه لذلك المال بعقد المعاوضة أو بمثل الهبة و الصلح المجاني أو الإرث على الأقوى. و هل


1- في الشبهات المفهومية، و أما في الشبهات المصداقية مع العجز عن تحصيل العلم فلا مانع من أن يحسب.
2- بل على الأحوط في الفروع الثلاثة.

ص: 290

يكفي في الدخول في هذا العنوان اعداد المال للتجارة و ان لم يقع فعلا موردا لها و لم يتجر به أم لا؟ فيه إشكال، أقواهما الثاني (1)، و ان كان الأحوط هو الأول. فلو ملك مالا بالمعاوضة أو غيرها قاصدا به الاقتناء أو الصرف في مئونته ثم بدا له أن يكتسب به و نوى الاتجار به لم يكن من مال التجارة ما لم يشتغل بالاكتساب به ببيعه أو جعله ثمنا لشي ء. نعم لو كان موردا للاتجار عند المنتقل عنه- كما إذا ورث ابن التاجر أموال تجارة أبيه و نوى الاتجار بها- ففي الاكتفاء بذلك وجه (2)، الا ان الأوجه خلافه.

و يشترط فيه أمور:

أحدها: بلوغه حد النصاب، و هو نصاب أحد النقدين، فلا زكاة فيما لم يبلغ حده.

ثانيها: مضي الحول من حين دورانه في التجارة (3) على ما قويناه، و من حين قصدها على الاحتمال الأخر.

ثالثها: إبقاؤه طول الحول (4) لأجل تحصيل رأس المال أو الزيادة، فلو كان رأس ماله مائة دينار مثلا فصار يطلب في أثناء السنة بنقيصة و لو بمقدار قيراط يوما من الأيام سقطت الزكاة، و كذا لو نوى به القنية كذلك. و قدر الزكاة فيه ربع العشر كما في النقدين، و إذا كان المتاع عروضا يكفي بلوغ قيمته حد النصاب بأحد النقدين و ان لم يبلغ حده بحسب النقد الأخر. و لهذه الزكاة مسائل و فروع لم نتعرضها لقلة الابتلاء بها (5).

[ «الثاني»- مما يستحب فيه الزكاة]

«الثاني»- مما يستحب فيه الزكاة كلما يكال و يوزن غير الغلات الأربع عدا


1- بل يكفي الاعداد، بأن يدخله في دكانه و يكتبه من رأس ماله. نعم لا يكفى مجرد قصد الاتجار من دون إعداده.
2- قوي إذا كتبه من رأس ماله و أعده للتجارة.
3- بل من حين إعداده على ما قويناه.
4- بقاؤه بعينه ليس شرطا بلا اشكال. نعم قيل باعتبار السلعة التي اشتريت به لكن الأقوى خلافه.
5- بل لقلة العامل بها في زماننا هذا، أعاذنا اللّٰه من حب الدنيا و متاعها.

ص: 291

الخضر كالبقل و الفواكه و البادنجان و الخيار و البطيخ، و حكمها حكم الغلات الأربع في قدر النصاب، و قدر ما يخرج منها من العشر أو نصف العشر و إخراج الخراج و المؤن و غير ذلك.

[ «الثالث»- الخيل الإناث بشرط كونها سائمة و حال عليها الحول]

«الثالث»- الخيل الإناث بشرط كونها سائمة و حال عليها الحول، ففي العتاق منها- و هي التي تولدت من عربيتين- عن كل فرس منها في كل سنة ديناران، و في البرذون في كل سنة دينار، و الظاهر ثبوتها حتى مع الاشتراك، فلو اشترك جماعة في فرس تثبت الزكاة بينهم.

[ «الرابع» حاصل العقار]

«الرابع»- حاصل العقار المتخذة للنماء من الدكاكين و المساكن و الحمامات و الخانات و نحوها، و الظاهر اعتبار نصاب النقدين فيها، و القدر المخرج ربع العشر.

[ «الخامس»- الحلي]

«الخامس»- الحلي، فإن زكاته إعارته.

[القول في أصناف المستحقين للزكاة و مصارفها]
اشارة

القول في أصناف المستحقين للزكاة و مصارفها:

و هي ثمانية:

[ «الأول و الثاني»- الفقراء و المساكين]
اشارة

«الأول و الثاني»- الفقراء و المساكين، و الثاني أسوأ حالا من الأول، و هم الذين لا يملكون مئونة سنتهم اللائقة بحالهم لهم و لمن يقومون به لا فعلا و لا قوة، فمن كان ذا اكتساب يمون به نفسه و عياله على وجه يليق بحاله ليس من الفقراء و المساكين و لا يحل له الزكاة، و كذا صاحب الصنعة و الضيعة و غيرهما مما يحصل به مئونته، أما القادر على الاكتساب و لكن لم يفعل تكاسلا فلا يترك الاحتياط في اجتنابه عن أخذ الزكاة (1).

[مسألة: 1 مبدأ السنة التي تدور صفتا الفقر و الغنى مدار مالكية مئونتها]

مسألة: 1 مبدأ السنة التي تدور صفتا الفقر و الغنى مدار مالكية مئونتها و عدمها هو زمان عطاء الزكاة، فيلاحظ كفايته و عدمها في ذلك الزمان، فكل زمان كان مالكا لمقدار كفاية سنته كان غنيا، فإذا نقص عن ذلك بعد صرف بعضه يصير فقيرا، فيمكن أن تتبدل صفتا الفقر و الغنى لشخص في يوم واحد مرات عديدة.


1- و الأقوى جواز أخذه بعد العجز. نعم الأحوط له ترك التكاسل.

ص: 292

[مسألة: 2 لو كان له رأس مال يكفي لمئونة سنته لكن لم يكفه ربحه]

مسألة: 2 لو كان له رأس مال يكفي لمئونة سنته لكن لم يكفه ربحه أو ضيعة تقوم قيمتها بمؤنة سنة أو سنوات و لكن لا تكفيه عائداتها لا يكون غنيا، فيجوز له أن يبقيها و يأخذ من الزكاة بقية المئونة.

[مسألة: 3 يجوز إعطاء الفقير أزيد من مقدار مئونة سنته]

مسألة: 3 يجوز إعطاء الفقير أزيد من مقدار مئونة سنته، بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين لكن دفعة لا تدريجا. نعم في المكتسب الذي لا يفي كسبه و صاحب الضيعة التي لا يفي حاصلها و التاجر الذي لا يكفى ربحه الأحوط الاقتصار على إعطاء التتمة (1).

[مسألة: 4 دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله]

مسألة: 4 دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله و لو لعزة و شرفه و الثياب و الا لبسة الصيفية و الشتوية و السفرية و الحضرية و لو كانت للتجمل و الفروش و الظروف و غير ذلك لا يمنع من إعطاء الزكاة. نعم لو كان عنده أزيد من مقدار حاجته المتعارفة بحسب حاله بحيث لو صرفها تكفي لمئونة سنته لا يجوز له أخذ الزكاة.

[مسألة: 5 إذا كان قادرا على التكسب و لو بالاحتطاب و الاحتشاش لكن ينافي شأنه]

مسألة: 5 إذا كان قادرا على التكسب و لو بالاحتطاب و الاحتشاش لكن ينافي شأنه أو يشق عليه مشقة شديدة لكبر أو مرض و نحو ذلك يجوز له أخذ الزكاة، و كذا إذا كان صاحب صنعة أو حرفة لا يمكنه الاشتغال بها لفقد الأسباب (2) أو عدم الطالب.

[مسألة: 6 إذا لم يكن له حرفة و صنعة لائقة بشأنه فعلا و لكن يقدر على تعلمها بغير مشقة شديدة]

مسألة: 6 إذا لم يكن له حرفة و صنعة لائقة بشأنه فعلا و لكن يقدر على تعلمها بغير مشقة شديدة ففي جواز تركه التعلم و أخذه الزكاة إشكال، فلا يترك الاحتياط (3).

نعم لا إشكال في جواز أخذها فيما إذا اشتغل بالتعلم ما دام مشتغلا به.

[مسألة: 7 يجوز لطالب العلم القادر على التكسب اللائق بشأنه أخذ الزكاة]

مسألة: 7 يجوز لطالب العلم القادر على التكسب اللائق بشأنه أخذ الزكاة (4)


1- و الأقوى عدم وجوبه.
2- لكن هذا يقتصر على أخذها لتهيئة الأسباب ان أمكن.
3- و الأقوى عدم وجوبه.
4- لا إشكال في جواز ترك التكسب للقادر عليه مع اشتغاله بطلب العلم الواجب أو المستحب بل المباح مع التمكن من تأمين نفقته و نفقة عياله و لو من الزكاة، لكن الإشكال في جواز أخذها بمجرد الاشتغال مع بقاء القدرة على الكسب، و الأحوط ترك الأخذ إلا بعد العجز. نعم الأخذ من سهم سبيل اللّٰه لا اشكال فيه مع الاشتغال بتحصيل راجح.

ص: 293

إذا كان التكسب مانعا عن الاشتغال أو موجبا للفتور فيه، سواء كان مما يجب تعلمه عينا أو كفاية أو يستحب.

[مسألة: 8 لو شك أن ما في يده كاف لمئونة سنته لا يجوز له أخذ الزكاة]

مسألة: 8 لو شك أن ما في يده كاف لمئونة سنته لا يجوز له أخذ الزكاة الا إذا كان مسبوقا بعدم وجود ما به الكفاية ثم وجد ما يشك في كفايته.

[مسألة: 9 لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة و لو كان ميتا]

مسألة: 9 لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة و لو كان ميتا بشرط ان لا يكون له تركة تفي بدينه و الا لا يجوز. نعم لو كانت له تركة لكن لا يمكن استيفاء الدين منها من جهة امتناع الورثة أو غيره فالظاهر الجواز.

[مسألة: 10 لو ادعى الفقر فان عرف صدقه أو كذبه عومل به]

مسألة: 10 لو ادعى الفقر فان عرف صدقه أو كذبه عومل به، و لو جهل حاله أعطي من غير يمين مع سبق فقره، و الا فالأحوط اعتبار الظن بصدقه (1) الناشئ من ظهور حاله، خصوصا مع سبق غناه.

[مسألة: 11 لا يجب اعلام الفقير أن المدفوع اليه زكاة]

مسألة: 11 لا يجب اعلام الفقير أن المدفوع اليه زكاة، بل يستحب صرفها اليه على وجه الصلة ظاهرا و الزكاة واقعا إذا كان ممن يترفع و يدخله الحياء منها.

[مسألة: 12 لو دفع الزكاة إلى شخص على أنه فقير فبان غنيا ارتجعت منه]

مسألة: 12 لو دفع الزكاة إلى شخص على أنه فقير فبان غنيا ارتجعت منه مع بقاء العين، بل و مع تلفها أيضا مع علم القابض بكونها زكاة و ان كان جاهلا بحرمتها على الغني، بخلاف ما إذا كان جاهلا بكونها زكاة فإنه لا ضمان عليه. و لا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة و غيرها، و كذا الحال فيما لو دفعها الى غني جاهلا بحرمتها عليه. و لو تعذر ارتجاعها في الصورتين أو تلفت بلا ضمان أو معه و تعذر أخذ العوض منه كان ضامنا و عليه الزكاة مرة أخرى. نعم لو كان الدافع هو المجتهد أو وكيله لا ضمان عليه، بل و لا على المالك أيضا إذا كان دفعه الى المجتهد بعنوان أنه ولي عام على الفقراء، و أما إذا كان بعنوان الوكالة عن المالك فالظاهر ضمانه، فيجب عليه أداء الزكاة ثانيا.

[ «الثالث»- العاملون عليها]

«الثالث»- العاملون عليها، و هم الساعون في جبايتها المنصوبون من قبل


1- و أحوط منه اعتبار الوثوق.

ص: 294

الامام عليه السلام أو نائبه لأخذها و ضبطها و حسابها، فان لهم من الزكاة سهما لأجل عملهم و ان كانوا أغنياء، و الامام أو نائبه مخير بين أن يقدر لهم جعالة مقدرة أو اجرة عن مدة مقررة و بين أن لا يجعل لهم جعلا فيعطيهم ما يراه. و في سقوط هذا الصنف في زمان الغيبة و لو مع بسط يد نائبها في بعض الأقطار تأمل و اشكال (1).

[ «الرابع»- الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ]

«الرابع»- الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (2)، و هم الكفار الذين يراد ألفتهم الى الجهاد أو للإسلام، و المسلمون الذين عقائدهم ضعيفة، و الظاهر عدم سقوطه في هذا الزمان.

[ «الخامس»- في الرقاب]

«الخامس»- فِي الرِّقٰابِ، و هم المكاتبون العاجزون عن أداء مال الكتابة و العبيد تحت الشدة، بل مطلق عتق العبد لكن مع عدم وجود المستحق للزكاة، بخلاف الأول فإنه يشترى و يعتق و ان وجد المستحق.

[ «السادس»- الغارمون]
اشارة

«السادس»- الغارمون، و هم الذين علتهم الديون في غير معصية و لا إسراف و لم يتمكنوا من وفائها و لو ملكوا قوت سنتهم.

[مسألة: 13 المراد بالدين كل ما اشتغلت به الذمة و لو كان مهرا لزوجته]

مسألة: 13 المراد بالدين كل ما اشتغلت به الذمة و لو كان مهرا لزوجته أو غرامة لما أتلفه أو تلف عنده مضمونا، و في اعتبار الحلول فيه تأمل و إشكال أحوطه اعتباره (3) و أقواه العدم.

[مسألة: 14 لو كان المديون كسوبا يتمكن من قضاء الدين تدريجا]

مسألة: 14 لو كان المديون كسوبا يتمكن من قضاء الدين تدريجا، فان لم يرض بذلك الديان و يطلبون منه التعجيل فلا إشكال في جواز إعطائه من هذا السهم، و ان رضوا بذلك و لم يطالبوه فالأحوط عدم إعطائه.

[مسألة: 15 لو كان المديون ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه]

مسألة: 15 لو كان المديون ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه و ان لم يجز إعطاؤه لنفقته.


1- و الأقوى عدم السقوط مع بسط اليد.
2- لا يبعد اختصاص إعطاء هذا السهم بالإمام عليه السلام.
3- لا يترك هذا الاحتياط.

ص: 295

[مسألة: 16 كيفية صرف الزكاة في هذا المصرف اما بدفعها الى المديون ليوفي دينه]

مسألة: 16 كيفية صرف الزكاة في هذا المصرف اما بدفعها الى المديون ليوفي دينه، و اما بالدفع إلى الدائن وفاء عن دينه، و لو كان الغريم مديونا لمن عليه الزكاة جاز له احتساب ما في ذمته زكاة، كما جاز له أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاء للدين الذي على الغريم يبرأ بذلك ذمته و ان لم يقبض الزكاة و لم يوكل المالك في قبضها بل و لم يكن له اطلاع.

[مسألة: 17 إذا كان لمن عليه الزكاة دين على شخص و كان لذلك الشخص دين على فقير]

مسألة: 17 إذا كان لمن عليه الزكاة دين على شخص و كان لذلك الشخص دين على فقير جاز له احتساب ما على ذلك الشخص زكاة ثم احتسابه له وفاء عما له على ذلك الفقير، كما جاز أن يحيله ذلك الشخص على ذلك الفقير فيبرأ بذلك ذمة ذلك الشخص عن دين من عليه الزكاة و ذمة الفقير عن دين ذلك الشخص و يشتغل لمن عليه الزكاة، فيحسب ما في ذمته زكاة كما في المسألة السابقة.

[مسألة: 18 قد عرفت اعتبار كون الدين في غير معصية]

مسألة: 18 قد عرفت اعتبار كون الدين في غير معصية، و المدار على صرفه فيها لا على كون الاستدانة لأجلها، فلو استدان لا للمعصية فصرفه فيها لم يعط من هذا السهم بخلاف العكس.

[ «السابع»- في سبيل اللّٰه]

«السابع»- في سبيل اللّٰه، و هو جميع سبل الخير، كبناء القناطر و المدارس و الخانات و بناء المساجد و اعانة الحاج و الزائرين و إكرام العلماء و المشتغلين و تخليص الشيعة من يد الظالمين و نحو ذلك. نعم الأحوط اعتبار الفقر في الزائر و الحاج و نحوهما، الا أن الأقوى خلافه، لكن مع عدم التمكن من الزيارة و الحج و نحوهما من مالهم، بل يجوز دفع هذا السهم في كل قربة و ان تمكن المدفوع اليه من فعلها بغير الزكاة.

[ «الثامن»- ابن السبيل]
اشارة

«الثامن»- ابن السبيل، و هو المنقطع به في الغربة و ان كان غنيا في بلده إذا كان سفره مباحا (1)، فلو كان في معصية لم يعط، و كذا لو تمكن من الاقتراض أو غيره، فيدفع اليه من الزكاة مقدار ما يوصله الى بلده على وجه يليق بحاله و شأنه أو الى


1- و لا يكون نفسه في معصية أيضا على الأحوط و ان كان السفر مباحا.

ص: 296

محل يمكنه تحصيل النفقة و لو بالاستدانة، و لو وصل الى بلده و فضل مما أعطى شي ء و لو بسبب التقتير على نفسه اعاده على الأقوى (1) حتى في مثل الدابة و الثياب و نحوها، فيدفعه الى الحاكم (2) و يعلمه بأنه من الزكاة ليصرفه في مصرفها.

[مسألة: 19 إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيرا معينا يتعين]

مسألة: 19 إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيرا معينا يتعين (3) وجب عليه اختياره و تعيينه، لكن لو سها و أعطى غيره أجزأ (4)، و لا يجوز استرداده منه حتى مع بقاء العين لانه قد ملكها بالقبض، بل الظاهر أن الحكم كذلك فيما لو أعطاه مع الالتفات و العمد، و ان أثم حينئذ بسبب مخالفة النذر مثلا و تجب عليه الكفارة.

[القول في أوصاف المستحقين للزكاة]
اشارة

القول في أوصاف المستحقين للزكاة:

و هي أمور:

[ «الأول»- الإيمان]

«الأول»- الإيمان، فلا يعطى الكافر و لا المخالف للحق و ان كان من فرق الشيعة، بل و لا المستضعف من فرق المخالفين الا من سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (5) كما مر.

نعم يعطى المستضعف من زكاة الفطرة (6) مع عدم وجود المؤمنين في ذلك البلد، و لا يعطى ابن الزنا من المؤمنين في حال صغره فضلا عمن كان من غيرهم، و يعطى أطفال الفرقة الحقة من غير فرق بين الذكر و الأنثى و لا بين المميز و غيره، بل لو تولد بين المؤمن و غيره أعطي منها أيضا، خصوصا إذا كان الأب المؤمن، و لا تعطى بيد الطفل بل يدفع الى وليه أو يصرفها عليه بنفسه أو بواسطة أمين، و المجنون كالطفل، أما


1- بل على الأحوط.
2- ان لم يتمكن من الدفع الى المالك أو وكيله.
3- إذا كان في إعطائه إياه جهة راجحة.
4- محل تأمل بل منع، لأن إعطاء الزكاة بغير المنذور موجب لتفويت موضوع النذر و هو حرام. و يتفرع عليه وجوب العمل بالنذر و وجوب الاسترداد مع بقاء العين ان كان المعطى تعين للزكاة كما إذا كان معزولا قبل ذلك، و الا فجواز الاسترداد مع جواز إعطاء الزكاة من غير هذا المال مشكل.
5- قد مر حكمه فراجع.
6- على ما يأتي في محله.

ص: 297

السفيه فيجوز الدفع اليه و ان تعلق الحجر به.

[ «الثاني»- العدالة على الأحوط]

«الثاني»- العدالة على الأحوط، فلا يعطى غير العدل سيما المتجاهر بارتكاب الكبائر، و ان كان الأقوى الاكتفاء بالايمان و ان تفاوتت في الافراد مراتب الرجحان.

نعم يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع اعانة على الإثم أو إغراء بالقبيح و في المنع ردع عن المنكر، و الأحوط اعتبارها في العامل، أما في الغارم و ابن السبيل و الرقاب فغير معتبرة فضلا عن المؤلفة و في سبيل اللّٰه.

[ «الوصف الثالث»- أن لا يكون ممن تجب نفقته على المالك]
اشارة

«الوصف الثالث»- أن لا يكون ممن تجب نفقته على المالك، كالأبوين و ان علوا و الأولاد و ان سفلوا و الزوجة الدائمة التي لم يسقط عنه وجوب نفقتها بشرط أو غيره من الأسباب الشرعية و المملوك سواء كان آبقا أو مطيعا، فلا يجوز دفعها إليهم للإنفاق و ان سقط عنه وجوبه لعجزه، من غير فرق بين إعطاء تمام الإنفاق من الزكاة أو إتمام ما يجب عليه بها، كما لو كان قادرا على إطعامهم و عجز عن اكسائهم فأراد إعطاء اكسائهم منها. نعم لا يبعد جوازه للتوسعة عليهم، و ان كان الأحوط خلافه.

و يجوز دفعها لهم لأجل إنفاقهم على من تجب نفقته عليهم دونه كالزوجة للوالد أو الولد و المملوك لهما مثلا، كما أنه يجوز دفع الغير لهم و لو للإنفاق. نعم لو كان من يجب عليه باذلا فالأحوط عدم الدفع، و لو عال بأحد تبرعا جاز له دفع زكاته له فضلا عن غيره للإنفاق فضلا عن التوسعة، من غير فرق بين كون المعال به المزبور قريبا أو أجنبيا، و لا بأس بدفع الزوجة زكاتها للزوج و ان أنفقها عليها، و كذا غيرها ممن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب.

[مسألة: 1 الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة هو ما كان من سهم الفقراء]

مسألة: 1 الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة هو ما كان من سهم الفقراء (1) و لأجل فقرهم، و أما من غيره كسهم الغارمين و الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و سبيل اللّٰه و الرقاب و ابن السبيل إذا كانوا من مصاديقها فلا مانع منه على اشكال في الأخير، فيجوز للوالد إعطاء


1- الأحوط ترك الإعطاء للإنفاق الواجب عليه أو تتميمه مطلقا. نعم لا مانع من إعطائه من سهم الفقراء للتوسعة غير الواجبة، كما أنه لا مانع من الإعطاء من سائر السهام إذا كان مصداقا لها.

ص: 298

الزكاة إلى ولده المشتغل لتحصيل الكتب العلمية أو غيره مما يحتاج إليه الطلبة من سهم سبيل اللّٰه، بل يجوز له إعطاؤها له للصرف في مئونة التزويج أو اعانة له في المسير الى الحج أو الزيارة من السهم المزبور.

[مسألة: 2 يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة التي سقط وجوب نفقتها بالشرط و نحوه]

مسألة: 2 يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة التي سقط وجوب نفقتها بالشرط و نحوه. نعم فيما إذا كان سقوط نفقتها لأجل النشوز يشكل جواز الدفع إليها لتمكنها من تحصيلها بتركه، و كذا يجوز دفعها الى المتمتع بها حتى من زوجها.

نعم لو وجبت على الزوج نفقتها من جهة الشرط أو نحوه لا يجوز له أن يدفع إليها، بل لغيره أيضا مع يساره و كونه باذلا.

[ «الوصف الرابع»- ان لا يكون هاشميا إذا كانت الزكاة من غيره]

«الوصف الرابع»- ان لا يكون هاشميا إذا كانت الزكاة من غيره، أما زكاة الهاشمي فلا بأس بتناولها منه، كما انه لا بأس بتناولها من غيره مع الاضطرار، و لكن الأحوط ان لم يكن أقوى الاقتصار على قدر الضرورة يوما فيوما، كما أن الأحوط (1) اجتناب مطلق الصدقة الواجبة و لو بالعارض، و ان كان الأقوى خلافه.

نعم لا بأس بدفع الصدقة المندوبة إليهم و لو زكاة تجارة، و المشكوك كونه هاشميا و لم يكن بينة أو شياع بحكم غيره، فيعطى من الزكاة. نعم لو ادعى كونه هاشميا لا يدفع إليه الزكاة من جهة إقراره بعدم الاستحقاق لا من جهة ثبوت مدعاه بمجرد دعواه، و لذا لا يعطى من الخمس أيضا بذلك ما لم يثبت صحة دعواه من الخارج.

[القول في بقية أحكام الزكاة]
اشارة

القول في بقية أحكام الزكاة:

[مسألة: 1 لا يجب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية]

مسألة: 1 لا يجب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية و ان استحب مع سعتها و وجودهم فيجوز التخصيص ببعضها، و كذا لا يجب في كل صنف البسط على أفراده و ان تعددت فيجوز التخصيص ببعضهم.

[مسألة: 2 تجب النية في الزكاة، و لا تجب فيها أزيد من القربة و التعيين]

مسألة: 2 تجب النية في الزكاة، و لا تجب فيها أزيد من القربة و التعيين دون


1- لا يترك في غير المنذور له.

ص: 299

الوجوب و الندب، و ان كان هو الأحوط، فلو كان عليه زكاة و كفارة مثلا وجب تعيين أحدهما حين الدفع، بل الأحوط ان لم يكن أقوى ذلك بالنسبة إلى زكاة المال و الفطرة.

نعم لا يعتبر تعيين الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنه من الأنعام أو النقدين أو الغلات، فيكفي مجرد قصد كونه زكاة (1) من غير فرق بين أن يكون محل الوجوب متحدا أو متعددا، بل و من غير فرق بين اتحاد نوع الحق، كما لو كان عنده أربعون من الغنم و خمس من الإبل و تعدده كنصاب من النقدين و واحد من النعم (2) و لكن لو عين تعين و يتولاها الحاكم عن الممتنع، و لو وكل أحدا في أداء زكاته يتولى الوكيل النية إذا كان المال الذي يزكيه عند الوكيل و كان مخرجا للزكاة، و أما إذا أخرج زكاته و دفع الى شخص ليوصله الى محله كان هو المباشر للنية (3) حين دفعها الى ذلك الشخص و لا يحتاج إلى نية أخرى من الوكيل حين الإيصال، و إذا دفع المال الى الفقير بلا نية فله تجديد النية و لو بعد زمان طويل مع بقاء العين، و أما لو كانت تالفة فإن كان مضمونا و اشتغلت ذمة الأخذ به له ان يحسبها زكاة كسائر الديون، و أما مع تلفها بلا ضمان فلا محل لما ينويها زكاة.

[مسألة: 3 لو كان له مال غائب و دفع الى الفقير مقدار زكاته و نوى أنه ان كان باقيا فهذا زكاته]

مسألة: 3 لو كان له مال غائب و دفع الى الفقير مقدار زكاته و نوى أنه ان كان باقيا فهذا زكاته و ان كان تالفا فهذا صدقة مستحبة أو من طرف المظالم مثلا صح و أجزأ.

[مسألة: 4 الأحوط لو لم يكن الأقوى عدم تأخير إخراج الزكاة و لو بالعزل]

مسألة: 4 الأحوط لو لم يكن الأقوى عدم تأخير إخراج الزكاة و لو بالعزل


1- إذا كان المعطى مصداقا لكلا الواجبين، مثل أن يكون مالكا لنصاب الأول من الإبل و الغنم فأعطى شاتين بقصد زكاتهما، و أما إذا اعطى شاة لأحد الجنسين أو الأجناس بنحو الإبهام فمشكل. نعم إذا قصد في إعطاء الشاة الواحدة الزكاة بلا قصد أحد الجنسين لا يبعد الصحة فيوزع عليهما.
2- احتسابه زكاة من جنسه لا يحتاج إلى أزيد من قصد الزكاة، بخلاف احتسابه من غير الجنس فإنه لا بد فيه من قصد كونه قيمة لما هو واجب عليه، ففي الفرض المذكور يحسب زكاة من جنسه الا أن يقصد خلافه.
3- و الأحوط استمرارها الى حين دفع الوكيل الى الفقير.

ص: 300

مع الإمكان عن وقت وجوبه الذي يتحد مع وقت التعلق فيما يعتبر فيه الحول كالنقدين و يغايره في غيره كالغلات، بل الأحوط عدم تأخير الدفع و الإيصال أيضا مع وجود المستحق، و ان كان الأقوى الجواز الى شهر أو شهرين خصوصا مع انتظار مستحق معين أو الأفضل، و يضمنها لو تلفت بالتأخير لغير عذر، و لا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب الا على جهة القرض على المستحق، فإذا جاء الوقت احتسبها عليه زكاة مع بقاء القابض على صفة الاستحقاق و الدافع و المال على صفة الوجوب، و له ان يستعيد منه و يدفع الى غيره، الا أن الاولى و الأحوط الاحتساب حينئذ لا الاستعادة.

[مسألة: 5 الأفضل بل الأحوط دفع الزكاة إلى الفقيه في زمن الغيبة]

مسألة: 5 الأفضل بل الأحوط دفع الزكاة إلى الفقيه في زمن الغيبة سيما إذا طلبه لأنه أعرف بمواقعها، و ان كان الأقوى عدم وجوبه إلا إذا طلبها بنحو الحكم و الإيجاب لأداء نظره الى مصلحة موجبة و كان المالك مقلدا له فيجب عليه أتباعه (1).

[مسألة: 6 يستحب ترجيح الأقارب على الأجانب]

مسألة: 6 يستحب ترجيح الأقارب على الأجانب، و أهل الفضل و الفقه و العقل على غيرهم، و من لا يسأل من الفقراء على أهل السؤال.

[مسألة: 7 يجوز عزل الزكاة و تعيينها في مال مخصوص و ان كان من غير الجنس]

مسألة: 7 يجوز عزل الزكاة و تعيينها في مال مخصوص و ان كان من غير الجنس (2) حتى مع وجود المستحق، و حينئذ تكون أمانة في يده لا يضمنها إلا بالتعدي أو التفريط، و ليس له تبديلها بعد العزل.

[مسألة: 8 لو أتلف الزكاة المعزولة متلف]

مسألة: 8 لو أتلف الزكاة المعزولة متلف، فان كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف دون المالك، و ان كان مع التأخير المزبور يكون الضمان عليهما و ان كان قرار الضمان على المتلف.

[مسألة: 9 إذا اتجر بما عزله يكون الخسارة عليه و الربح للفقير]

مسألة: 9 إذا اتجر بما عزله يكون الخسارة عليه و الربح للفقير (3)، و كذا إذا اتجر بالنصاب قبل إخراج الزكاة على الأحوط، فيوزع الربح على الفقير و المالك


1- بل و ان لم يكن مقلدا له إذا حكم به و كان جامعا للشرائط فيجب اتباعه.
2- بقصد القيمة.
3- مع إمضاء الحاكم المعاملة، و كذا إذا اتجر بالنصاب كما مر.

ص: 301

بالنسبة، و ان كان الأقوى اختصاص الربح بالمالك (1).

[مسألة: 10 يجوز نقل الزكاة من بلده سواء وجد المستحق في البلد أو لم يوجد]

مسألة: 10 يجوز نقل الزكاة من بلده سواء وجد المستحق في البلد أو لم يوجد، و لو تلفت يضمن في الأول دون الثاني، كما أن مئونة النقل عليه مطلقا.

[مسألة: 11 إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية على الفقير برئت ذمة المالك]

مسألة: 11 إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية على الفقير برئت ذمة المالك و ان تلفت عنده بتفريط أو غيره أو أعطى لغير المستحق اشتباها، و إذا قبضها بعنوان الوكالة عن المالك لم تبرأ ذمته إلا إذا أعطى للمستحق.

[مسألة: 12 إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت أجرة الكيال و الوزان على المالك]

مسألة: 12 إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت أجرة الكيال و الوزان على المالك لا على الزكاة.

[مسألة: 13 من كانت عليه الزكاة و أدركته الوفاة يجب عليه الإيصاء بإخراجها من تركته]

مسألة: 13 من كانت عليه الزكاة و أدركته الوفاة يجب عليه الإيصاء بإخراجها من تركته، و كذا سائر الحقوق الواجبة، و لو كان الوارث أو الوصي مستحقا جاز احتسابه عليه، لكن يستحب دفع شي ء منه الى غيرهما.

[مسألة: 14 يكره لرب المال أن يطلب من الفقير تملك ما دفعه إليه صدقة و لو مندوبة]

مسألة: 14 يكره لرب المال أن يطلب من الفقير تملك ما دفعه إليه صدقة و لو مندوبة، سواء كان التملك مجانا أو بالعوض. نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان المالك أحق به من غيره من دون كراهة، و كذا لو كانت جزء حيوان لا يتمكن الفقير من الانتفاع به و لا يشتريه غير المالك أو يحصل للمالك ضرر بشراء غيره جاز شراؤه من دون كراهة.

[ (المقصد الثاني في زكاة الأبدان)]

اشارة

(المقصد الثاني (في زكاة الأبدان) المسماة بزكاة الفطرة التي يتخوف الموت على من لم تدفع عنه، و هي من تمام الصوم كما ان الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و آله من تمام الصلاة، و الكلام:

فيمن تجب عليه، و في جنسها، و في قدرها، و في وقتها، و في مصرفها:


1- بل الأقوى خلافه.

ص: 302

[القول فيمن تجب عليه]
اشارة

القول فيمن تجب عليه:

[مسألة: 1 تجب زكاة الفطرة على المكلف الحر الغني فعلا أو قوة]

مسألة: 1 تجب زكاة الفطرة على المكلف الحر الغني فعلا أو قوة، فلا تجب على الصبي و المجنون و لو كان أدواريا (1)، و لا يجب على وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة الى من يعولان به أيضا، و لا على من أهلّ شوال عليه و هو مغمى عليه مثلا، و لا على المملوك، و لا على الفقير الذي لا يملك مئونة سنته له و لعياله زائدا على ما يقابل الدين (2) و مستثنياته لا فعلا و لا قوة. نعم الأحوط لمن زاد على مئونة يومه و ليلته صاع إخراجها، بل يستحب للفقير مطلقا إخراجها، و لو بأن يدير صاعا على عياله ثم يتصدق به على الأجنبي (3) بعد أن ينتهي الدور إليه.

[مسألة: 2 انما يعتبر وجود الشرائط المزبورة عند دخول ليلة العيد]

مسألة: 2 انما يعتبر وجود الشرائط المزبورة عند دخول ليلة العيد (4)، فلا يكفي وجودها قبله إذا زال عنده و لا بعده لو لم تكن عنده، فلو اجتمعت الشرائط عند الغروب بعد فقدها تجب الفطرة، كما لو بلغ الصبي أو زال جنونه أو أفاق من الإغماء أو ملك ما به صار غنيا أو تحرر، بخلاف ما إذا فقدت عنده بعد ما كان موجودا قبله، كما لو جن أو أغمي عليه أو صار فقيرا قبل الغروب و لو بلحظة أو مقارنا له فإنه لا تجب عليهم، و كذا لو حصلت بعده كما لو بلغ أو زال جنونه مثلا بعد الغروب. نعم يستحب إذا كان ذلك قبل الزوال من يوم العيد.

[مسألة: 3 يجب على من استكمل الشرائط المزبورة إخراجها عن نفسه]

مسألة: 3 يجب على من استكمل الشرائط المزبورة إخراجها عن نفسه و عمن يعول به من مسلم و كافر و حر و عبد و صغير و كبير حتى المولود الذي يولد قبل هلال شوال و لو بلحظة، و كذا كل من يدخل في عيلولته قبل الهلال حتى الضيف على الأحوط (5) و ان لم يتحقق منه الأكل، بخلاف المولود بعد الهلال، و كذا كل من دخل


1- إذا أهل عليه شوال و هو مجنون.
2- الحال في هذه السنة.
3- لكن إذا أخذ الولي للصغير فالأحوط أن لا يعطى عنه بل يصرفها له.
4- المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعا للشرائط.
5- بل الأقوى.

ص: 303

في عيلولته كذلك (1) فإنه لا يجب عليه فطرتهم. نعم هو مستحب إذا كان قبل الزوال.

[مسألة: 4 كل من وجبت فطرته على غيره لضيافة أو عيلولة سقطت عنه]

مسألة: 4 كل من وجبت فطرته على غيره لضيافة أو عيلولة سقطت عنه و لو كان غنيا جامعا لشرائط الوجوب لو انفرد. نعم يقوى وجوبها عليه (2) لو كان غنيا و المضيف أو المعيل فقيرا، بل الأحوط إخراجه عن نفسه لو علم بعدم إخراج الغير الذي قد خوطب بها نسيانا أو عصيانا، بل الأحوط في الضيف الذي وجبت عليه لو انفرد إخراجها و لو مع إخراج المضيف أيضا إذا لم يعد من عياله (3) عرفا لطول مقامه و البناء على البقاء عنده مدة. و الحاصل ان الأحوط في هذه الصورة إخراجهما معا.

[مسألة: 5 الغائب عن عيالاته يجب عليه أن يخرجها عنهم إلا إذا وكلهم]

مسألة: 5 الغائب عن عيالاته يجب عليه أن يخرجها عنهم إلا إذا وكلهم في أن يخرجوا فطرتهم من ماله الذي تركه عندهم.

[مسألة: 6 الظاهر أن المدار في العيال على العيلولة الفعلية لا على وجوب النفقة]

مسألة: 6 الظاهر أن المدار في العيال على العيلولة الفعلية لا على وجوب النفقة، و ان كان الأحوط مراعاة أحد الأمرين. و لو كانت له زوجة دائمة فإن كانت في عيلولته وجبت فطرتها عليه و ان لم تجب نفقتها عليه لنشوز و غيره، و أما مع عدم العيلولة لا تجب فطرتها عليه و ان وجبت نفقتها عليه، و حينئذ ان عالها غير الزوج يجب على ذلك الغير، و ان لم يعلها أحد و كانت غنية ففطرتها على نفسها، و ان كانت فقيرة لم تجب فطرتها على أحد، و كذلك الحال في المملوك.

[مسألة: 7 لو كان شخص في عيال اثنين يجب فطرته عليهما مع يسارهما]

مسألة: 7 لو كان شخص في عيال اثنين يجب فطرته عليهما مع يسارهما، و مع يسار أحدهما يجب عليه حصته دون الأخر.

[مسألة: 8 يحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي]

مسألة: 8 يحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، و المدار على المعيل لا العيال، و الأحوط مراعاة كليهما (4).

[مسألة: 9 يجب فيها النية كغيرها من العبادات]

مسألة: 9 يجب فيها النية كغيرها من العبادات، و يجوز أن يتولى إخراجها


1- و الظاهر كفاية صدق انه عاله، و هو يصدق مع الإنفاق الفعلي و لو لم يصدق انه عياله.
2- القوة ممنوعة لكن مطابق للاحتياط.
3- قد مر أنه لا يجب كونه معدودا من عياله بل يكفى صدق انه عاله.
4- لكن لا يجب مراعاته.

ص: 304

من خوطب بها بنفسه أو بتوكيل غيره، و يتولى الوكيل النية و ان كان قصد التقرب من الموكل بتوكيله له (1). نعم لو كان الغير وكيلا في الإيصال دون الإخراج يكون المتولي للنية هو نفسه، و يجوز أن يوكل غيره في الدفع من ماله و الرجوع اليه، فيكون بمنزلة التوكيل في دفعه من مال الموكل، و أما التوكيل في دفعه من ماله بدون الرجوع اليه فهو توكيل في التبرع عنه، و هو لا يخلو عن إشكال كأصل التبرع بها.

[القول في جنسها]
اشارة

القول في جنسها:

[مسألة: 1 الضابط في جنسها ما غلب في القوت لغالب الناس كالحنطة]

مسألة: 1 الضابط في جنسها ما غلب في القوت لغالب الناس كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الأرز و الأقط و اللبن، و الأحوط الاقتصار عليها و ان أجزأ غيرها كالذرة و نحوها، الا أن الأحوط دفع غيرها (2) قيمة، و أحوط منه الاقتصار على الأربعة الأول مع اللبن، و أحوط منه الأربعة و دفع ما عداها قيمة، بل الأحوط دفع الدقيق و الخبز قيمة فضلا عن غيرهما.

[مسألة: 2 يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحا]

مسألة: 2 يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحا، فلا يجزي المعيب، كما لا يجزي الممزوج بما لا يتسامح فيه الا على جهة القيمة، لأن الأقوى الاجتزاء بالقيمة عنها (3)، و تعتبر بحسب حال وقت الإخراج و بلده.

[مسألة: 3 الأفضل إخراج التمر ثم الزبيب ثم غالب قوت البلد]

مسألة: 3 الأفضل إخراج التمر ثم الزبيب ثم غالب قوت البلد، و قد يترجح الأنفع بملاحظة المرجحات الخارجية، كما يرجح لمن يكون قوته من البر الأعلى الدفع منه لا من البر الأدون و لا من الشعير.

[القول في قدرها]

القول في قدرها:

و هو صاع من جميع الأقوات حتى اللبن، و الصاع أربعة أمداد، و هي تسعة


1- بل بدفع المال اليه مع استمرارها الى حين الدفع الى الفقير، و ان كان الأقوى عدم الاحتياج في هذا الفرض الى قصده بل يكفى قصد القربة من الوكيل.
2- الأحوط في أداء القيمة الاقتصار على الأثمان.
3- قد مر الاحتياط فيه.

ص: 305

أرطال بالعراقي و ستة بالمدني، و هي عبارة عن ستمائة و أربعة عشر مثقالا صيرفيا و ربع مثقال، فيكون بحسب حقة النجف التي هي تسعمائة مثقال و ثلاثة و ثلاثون مثقالا و ثلث مثقال نصف حقة و نصف و قيمة و أحد و ثلاثون مثقالا الا مقدار حمصتين، و بحسب حقة اسلامبول و هي مائتان و ثمانون مثقالا حقتان و ثلاثة أرباع الوقية و مثقال و ثلاثة أرباع المثقال، و بحسب المن الشاهي و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا نصف من الا خمسة و عشرون مثقالا و ثلاثة أرباع المثقال.

[القول في وقت وجوبها]
اشارة

القول في وقت وجوبها:

و هو دخول ليلة العيد، و يستمر وقت دفع الفطرة من حين وجوبها الى وقت الزوال، و الأفضل النهار قبل صلاة العيد، بل لا يترك الاحتياط بالنسبة إلى قبلية الصلاة لو صلى، فان خرج وقت الفطرة و كان قد عزلها دفعها لمستحقها، و ان لم يكن قد عزلها فالأحوط الأقوى عدم سقوطها بل يؤديها ناويا بها القربة من غير تعرض للأداء و القضاء.

[مسألة: 1 لا يجوز تقديمها على وقتها في غير شهر رمضان]

مسألة: 1 لا يجوز تقديمها على وقتها في غير شهر رمضان، بل فيه أيضا على الأحوط (1). نعم لا بأس بإعطاء الفقير قرضا ثم احتسابه عليه فطرة عند مجي ء وقتها.

[مسألة: 2 يجوز عزل الفطرة و تعيينها في مال مخصوص من الأجناس أو غيرها بقيمتها]

مسألة: 2 يجوز عزل الفطرة و تعيينها في مال مخصوص (2) من الأجناس أو غيرها بقيمتها، و لو عزل أقل منها اختص الحكم به و بقي البقية غير معزولة، و لو عزلها في الأزيد ففي انعزالها بذلك حتى يكون المعزول مشتركا بينه و بين الزكاة اشكال. نعم لو عينها في مال مشترك بينه و بين غيره مشاعا فالأظهر انعزالها بذلك إذا كان حصته بقدرها أو أقل منها. و على كل حال ان خرج الوقت و قد عزلها في الوقت جاز تأخير دفعها الى المستحق، خصوصا مع ملاحظة بعض المرجحات، و ان كان


1- و لا يبعد جواز تقديمها من أول شهر رمضان لكن الأحوط ان لا يقصد الوجوب الا يوم الفطر بعد الفجر قبل الصلاة.
2- و ينوى حين العزل، و ان كان الأحوط تجديدها حين الدفع أيضا.

ص: 306

يضمنه مع التمكن و وجود المستحق لو تلف، بخلافه فيما إذا لم يتمكن فإنه لا يضمن الا مع التعدي و التفريط في حفظه كسائر الأمانات.

[مسألة: 3 الأحوط عدم نقلها بعد العزل الى بلد آخر مع وجود المستحق]

مسألة: 3 الأحوط عدم نقلها (1) بعد العزل الى بلد آخر مع وجود المستحق، و عدم تأخيرها كذلك، و ان كان الأقوى الجواز مع الضمان.

[القول في مصرفها]

القول في مصرفها:

و الأحوط الاقتصار (2) على دفعها للفقراء المؤمنين و أطفالهم بل المساكين منهم و ان لم يكونوا عدولا، و يجوز إعطاؤها للمستضعفين من المخالفين عند عدم وجود المؤمنين و ان لم نقل به في زكاة المال، و الأحوط أن لا يدفع للفقير أقل من صاع أو قيمته و ان اجتمع جماعة لا تسعهم كذلك، و يجوز ان يعطى الواحد أصواعا بل ما يغنيه. و يستحب اختصاص ذوي الأرحام و الجيران و أهل الهجرة في الدين و العفة و العقل و غيرهم ممن يكون فيه أحد المرجحات، و لا يشترط العدالة فيمن يدفع اليه.

نعم الأحوط أن لا يدفع الى شارب الخمر و المتجاهر بالمعصية و الهاتك لجلباب الحياء، كما انه لا يجوز أن يدفع الى من يصرفها في المعصية.


1- لا يترك هذا الاحتياط في خصوص الفطرة.
2- لا يترك مع التمكن و لو في غير بلده، و الأحوط حينئذ أن ينقل مال نفسه إليها ثم يؤديه فيها الى الفقير بقصد زكاة الفطرة لما مر من الاحتياط في عدم النقل.

ص: 307

[كتاب الخمس]

اشارة

كتاب الخمس الذي جعله اللّٰه تعالى لمحمد صلى اللّٰه عليه و آله و ذريته عوضا عن الزكاة التي هي من أوساخ أيدي الناس إكراما لهم، و من منع درهما منه كان من الظالمين لهم و الغاصبين لحقهم، فعن مولانا الصادق عليه السلام: ان اللّٰه لا إله الا هو حيث حرم علينا الصدقة أبدلنا بها الخمس، فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال.

و عنه عليه السلام: لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول: يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس.

و عن مولانا أبي جعفر الباقر عليه السلام: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا.

و عنه عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال عليه السلام: من أكل من مال اليتيم درهما و نحن اليتيم.

و الكلام: فيما يجب فيه الخمس، و في مستحقيه، و كيفية قسمته بينهم، و في الأنفال.

[القول فيما يجب فيه الخمس]

اشارة

القول فيما يجب فيه الخمس:

يجب الخمس في سبعة أشياء:

[ «الأول»- ما يغتنم قهرا من أهل الحرب]

«الأول»- ما يغتنم قهرا من أهل الحرب الذين يستحل دماؤهم و أموالهم

ص: 308

و سبي نسائهم و أطفالهم إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام، من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه كالأرض و نحوها على الأصح، و أما ما أغتنم بالغزو من غير اذنه فان كان في حال الحضور و التمكن من الاستيذان من الامام فهو من الأنفال و سيأتي أنها للإمام، و أما ما كان في حال الغيبة و عدم التمكن من الاستيذان منه فالأحوط بل الأقوى وجوب الخمس فيه، سيما إذا كان للدعاء إلى الإسلام، و كذا ما اغتنم منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم و لو في زمن الغيبة، و أما ما اغتنم منهم بالسرقة و الغيلة و بالربا و الدعوى الباطلة و نحوها، و ان كان الأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمة (1) لا فائدة، فلا يحتاج إلى مراعاة مئونة السنة و غيرها، لكن الأقوى خلافه. و لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا على الأصح. نعم يعتبر فيه أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمي أو معاهد و نحوهم من محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب و ان لم يكن الحرب معهم في تلك الغزوة. و يقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم و تعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين ما وجد و بأي نحو كان و وجوب إخراج خمسه.

[ «الثاني»- المعدن بكسر الدال]
اشارة

«الثاني»- المعدن بكسر الدال، و المرجع فيه عقلاء العرف، و منه الذهب و الفضة و الرصاص و الحديد و الصفر و الزئبق و الياقوت و الزبر جد و الفيروزج و العقيق و القير و النفط و الكبريت و السبخ و الكحل و الزرنيخ و الملح و الجص و المغرة (2) و طين الغسل و الأرمني على الأحوط، و ما شك في أنه منه لا خمس فيه من هذه الجهة.

و يعتبر فيه بعد إخراج مئونة الإخراج و التصفية مثلا بلوغ عشرين دينارا أو ما يكون قيمته ذلك حال الإخراج، و ان كان الأحوط إخراجه من المعدن البالغ دينارا بل مطلقا. و لا يعتبر الإخراج دفعة على الأقوى، فلو أخرج دفعات و كان المجموع نصابا


1- لا يبعد دخول ما يؤخذ منهم بغير الحرب في الفوائد المكتسبة، بل و مع الحرب في زمان الغيبة أيضا خصوصا ما يؤخذ بجعل الأمير، لكن الأحوط إخراج الخمس مطلقا.
2- على الأحوط، و المغرة هي الطين الأحمر.

ص: 309

وجب خمس المجموع حتى فيما لو أخرج أقل من النصاب و اعرض ثم عاد فأكمله على الأحوط لو لم يكن الأقوى. و لو اشترك جماعة في استخراج المعدن فهل يعتبر بلوغ نصيب كل واحد منهم النصاب أو يكفي بلوغ المجموع نصابا؟ الأحوط الثاني و ان كان الأول لا يخلو من قوة. و لو اشتمل معدن واحد على جنسين أو أزيد كفى بلوغ قيمة المجموع نصابا على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و أما لو كانت معادن متعددة فإن كانت من جنس واحد يضم بعضها الى بعض على الأقوى خصوصا إذا كانت متقاربة (1)، و أما لو كانت أجناسا مختلفة اعتبر في الخارج من كل منها النصاب دون المجموع على الأقوى.

[مسألة: 1 لا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين كونه في أرض مباحة أو مملوكة]

مسألة: 1 لا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين كونه في أرض مباحة أو مملوكة، و ان كان الأول لمن استنبطه و الثاني اختص بصاحب الأرض و ان أخرجه غيره، و حينئذ فإن كان بأمر من مالكها يكون الخمس بعد استثناء المئونة و منها أجرة المخرج إذا لم يكن متبرعا، و ان كان لا بأمر منه يكون له المخرج و عليه الخمس من دون استثناء المئونة لانه لم يصرف عليه مئونة، و ليس عليه ما صرفه المخرج لانه لم يكن بأمره. و لو كان المعدن في الأرض المفتوحة عنوة، فإن كان في معمورها التي هي للمسلمين و أخرجه أحد المسلمين ملكه و عليه الخمس، و ان أخرجه غير المسلم ففي تملكه اشكال، و ان كان في مواتها حال الفتح يملكها المخرج و عليه الخمس و لو كان كافرا (2) كسائر الأراضي المباحة، و لو استنبط المعدن صبي أو مجنون تعلق الخمس به في الأقوى و ان وجب على الولي الإخراج.

[مسألة: 2 قد عرفت أنه لا فرق في تعلق الخمس بما خرج من المعدن بين كون المخرج مسلما أو كافرا]

مسألة: 2 قد عرفت أنه لا فرق في تعلق الخمس بما خرج من المعدن بين كون المخرج مسلما أو كافرا إذا كان في أراضي مملوكة أو مباحة، فالمعادن التي بيد الكفار من الذهب و الفضة و الحديد و النفط و غيرها حتى ما يستخرجون من الفحم


1- بحيث يصدق على المجموع معدن واحد.
2- فيه إشكال.

ص: 310

الحجري يتعلق بها الخمس، و مقتضى القاعدة عدم حل ما نشتري منهم علينا قبل إخراج خمسها و وجوب تخميسها علينا، الا انه قد أبيح لنا ذلك، فإن الأئمة عليهم السلام قد أباحوا لشيعتهم خمس الأموال غير المخمسة المنتقلة إليهم ممن لا يعتقد وجوب الخمس كافرا كان أو غيره، و سواء كان من ربح تجارة أو غيره.

[ «الثالث»- الكنز]

«الثالث»- الكنز الذي يرجع في مسماه الى العرف إذا لم يعرف صاحبه، سواء كان في بلاد الكفار أو في الأرض الموات أو الخربة من بلاد الإسلام، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا، ففي جميع هذه الصور يكون ملكا لواجده و عليه الخمس.

نعم لو وجده في أرض مملوكة للواجد بابتياع و نحوه عرّفه المالك قبله مع احتمال كونه له، فان عرفه يعطى له و ان لم يعرفه عرفه السابق الى أن ينتهي الى من لا يعرفه فيكون للواجد و عليه الخمس، و لا يجب فيه الخمس حتى يبلغ عشرين دينارا في الذهب و مائتي درهم في الفضة و بأيهما كان في غيرهما. و يلحق بالكنز في الأحوط ما يوجد في جوف الدابة المشتراة مثلا، فيجب فيه الخمس بعد عدم معرفة البائع.

و لا يعتبر فيه بلوغ النصاب، بل يلحق به أيضا في الأحوط ما يوجد في جوف السمكة، بل لا تعريف فيه للبائع إلا في فرض نادر، بل الأحوط أيضا إلحاق غير السمكة و الدابة من الحيوان بهما.

[ «الرابع»- الغوص]
اشارة

«الرابع»- الغوص، فكلما يخرج به من الجواهر مثل اللؤلؤ و المرجان و غيرهما يجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته دينارا فصاعدا، فلا خمس فيما ينقص عن ذلك. و لا فرق بين اتحاد النوع و عدمه و بين الدفعة و الدفعات، فيضم بعضها الى بعض فلو بلغ قيمة المجموع دينارا وجب الخمس، و إذا اشترك جماعة في الإخراج فهو كما اشترك جماعة في استخراج المعدن و قد تقدم.

[مسألة: 1 إذا أخرج الجواهر من البحر ببعض الآلات من دون غوص يكون بحكم الغوص على الأحوط]

مسألة: 1 إذا أخرج الجواهر من البحر ببعض الآلات من دون غوص يكون بحكم الغوص على الأحوط. نعم لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فأخذه من غير غوص لم يجب فيه الخمس من هذه الجهة، بل يدخل في أرباح المكاسب فيعتبر فيه إخراج مئونة السنة و لا يعتبر فيه النصاب.

ص: 311

[مسألة: 2 لا فرق بين ما يخرج من البحر بالغوص و بين ما يخرج من الأنهار الكبيرة]

مسألة: 2 لا فرق بين ما يخرج من البحر بالغوص و بين ما يخرج من الأنهار الكبيرة كدجلة و النيل و الفرات إذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر.

[مسألة: 3 إذا غرق شي ء في البحر و اعرض عنه مالكه فأخرجه الغواص ملكه]

مسألة: 3 إذا غرق شي ء في البحر و اعرض عنه مالكه فأخرجه الغواص ملكه، و هل يلحق به حكم الغوص؟ الأحوط إجراء حكمه عليه خصوصا إذا كان مثل اللؤلؤ و المرجان.

[مسألة: 4 العنبر إذا أخرج بالغوص جرى عليه حكمه]

مسألة: 4 العنبر إذا أخرج بالغوص جرى عليه حكمه، و ان أخذ على وجه الماء أو الساحل ففي إجراء حكمه عليه إشكال أحوطه ذلك، بل الأحوط عدم اعتبار النصاب (1).

[مسألة: 5 انما يجب الخمس في الغوص و المعدن و الكنز بعد إخراج ما يغرمه]

مسألة: 5 انما يجب الخمس في الغوص و المعدن و الكنز بعد إخراج ما يغرمه على الحفر و السبك و الغوص و الآلات و نحو ذلك، بل يقوى اعتبار النصاب بعد الإخراج.

[ «الخامس»- ما يفضل عن مئونته له و لعياله]
اشارة

«الخامس»- ما يفضل عن مئونته له و لعياله من الصناعات و الزراعات و أرباح التجارات، بل و سائر التكسبات و لو بحيازة مباحات أو استنماءات أو استنتاج أو ارتفاع قيمة أو غير ذلك مما يدخل تحت مسمى التكسب. و الأحوط (2) تعلقه بكل فائدة و ان لم يدخل تحت مسمى التكسب، و على هذا فالأحوط تعلقه بنحو الهبات و الهدايا و الجوائز و الميراث الذي لم يحتسب، بل الأحوط تعلقه بمطلق الميراث و المهر و عوض الخلع، و ان كان الأقوى عدم تعلقه بهذه الثلاثة، كما انه لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة و ان زاد عن مئونة السنة. نعم يجب الخمس في نمائها إذا تمت في ملكه، و أما ما ملك بالصدقة المندوبة فالأحوط إعطاء خمسها إذا زادت عن مئونة السنة.

[مسألة: 1 إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو أدى خمسها]

مسألة: 1 إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو أدى خمسها


1- و لا استثناء مئونة السنة.
2- بل لا يخلو عن قوة.

ص: 312

و ارتفعت قيمتها السوقية لم يجب عليه خمس تلك الزيادة إذا لم تكن العين من مال التجارة و رأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها و إبقائها اقتناءها و الانتفاع بمنافعها و نمائها، و أما إذا كان المقصود الاتجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها و أخذ قيمتها، و إذا لم يمكن بيعها إلا في السنة التالية تكون الزيادة من أرباح تلك السنة لا السنة الماضية على الأظهر.

[مسألة: 2 إذا كانت بعض الأموال التي يتجر بها و ارتفعت قيمتها موجودة عنده]

مسألة: 2 إذا كانت بعض الأموال التي يتجر بها و ارتفعت قيمتها موجودة عنده في آخر السنة و بعضها دينا على الناس، فان باع الموجودة أو أمكن بيعها و أخذ قيمتها يجب عليه خمس ربحها و زيادة قيمتها، و أما الذي على الناس فان كان يطمئن باستحصالها بحيث يكون ما في ذمتهم كالموجود عنده يخمس المقدار الزائد على رأس ماله، و أما ما لا يطمئن باستحصالها يصبر الى زمان تحصيلها، فإذا حصلها في السنة التالية أو بعدها تكون الزيادة من أرباح تلك السنة.

[مسألة: 3 الخمس في هذا القسم بعد إخراج الغرامات و المصارف التي تصرف في تحصيل النماء]

مسألة: 3 الخمس في هذا القسم بعد إخراج الغرامات و المصارف التي تصرف في تحصيل النماء و الربح، و انما يتعلق بالفاضل عن مئونة السنة، أولها حال الشروع في التكسب فيمن عمله التكسب و استفادة الفوائد تدريجيا يوما فيوما أو في يوم دون يوم مثلا، و في غيره من حين حصول الربح و الفائدة، فالزارع يجعل مبدأ سنته حين حصول فائدة الزرع و وصولها بيده و هو عند تصفية الغلة، و من كان عنده النخيل و الأشجار المثمرة يكون مبدأ سنته وقت اجتذاذ التمر و اقتطاف الثمرة. نعم لو باع الزرع أو الثمار قبل ذلك يكون زمان استفادته وقت البيع و تملك الثمن (1).

[مسألة: 4 المراد بالمئونة ما ينفقه على نفسه و عياله الواجبي النفقة و غيرهم]

مسألة: 4 المراد بالمئونة ما ينفقه على نفسه و عياله الواجبي النفقة و غيرهم، و منها ما يصرفه في زياراته و صدقاته و جوائزه و هداياه و أضيافه و مصانعاته و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة و نحو ذلك، و ما يحتاج اليه من دابة أو جارية أو عبد أو


1- و أخذه.

ص: 313

دار أو فرش أو كتب، بل و ما يحتاج اليه لتزويج أولاده و اختتانهم و ما يحتاج إليه في المرض و في موت أحد عياله و غير ذلك. نعم يعتبر فيه الاقتصار على اللائق بحاله دون ما يعد سفها و سرفا، فلو زاد على ذلك لا يحسب منها، بل الأحوط مراعاة الوسط من المئونة دون الفرد العالي منها الغير اللائق بحاله و ان لم يعد سرفا بل سعة، و ان كان الأقوى عدم وجوب مراعاته. و المناط في المئونة ما يصرف فعلا لا مقدارها، فلو قتر على نفسه أو تبرع بها متبرع لم يحسب له، بل لو وجب عليه في أثناء السنة صرف المال في شي ء كالمشي إلى الحج أو أداء دين أو كفارة و نحو ذلك و لم يصرف فيه عصيانا لم يحسب مقداره منها على الأقوى.

[مسألة: 5 إذا كان له أنواع من الاستفادات من التجارة و الزرع و عمل اليد و غير ذلك]

مسألة: 5 إذا كان له أنواع من الاستفادات من التجارة و الزرع و عمل اليد و غير ذلك يلاحظ في آخر السنة (1) مجموع ما استفاده من الجميع، فيخمس الفاضل عن مئونة سنته و لا يلزم ان يلاحظ لكل فائدة سنة على حدة.

[مسألة: 6 الأحوط بل الأقوى عدم احتساب رأس المال مع الحاجة إليه من المئونة]

مسألة: 6 الأحوط بل الأقوى عدم احتساب رأس المال مع الحاجة إليه من المئونة، فيجب عليه خمسه إذا كان من أرباح مكاسبه، فإذا لم يكن له مال فاستفاد بإجارة أو غيرها مقدارا و أراد ان يجعله رأس المال للتجارة و يتجر به يجب عليه إخراج خمس ذلك المقدار، و كذلك الحال في الملك الذي يشتريه من الأرباح ليستفيد من عائداته.

[مسألة: 7 إذا كان عنده أعيان من بستان أو حيوان مثلا و لم يتعلق بها الخمس]

مسألة: 7 إذا كان عنده أعيان من بستان أو حيوان مثلا و لم يتعلق بها الخمس- كما إذا انتقل إليه بالإرث- أو تعلق بها لكن أداه، فتارة يبقيها للتكسب بعينها كالأشجار الغير المثمرة التي لا ينتفع الا بخشبها و ما يقطع من أغصانها فأبقاها للتكسب بخشبها و أغصانها و كالغنم الذكر الذي يبقيه ليكبر و يسمن فيكتسب بلحمه، و أخرى للتكسب بنمائها المنفصل كالأشجار المثمرة التي يكون المقصود الانتفاع بثمرها و كالأغنام الأنثى التي ينتفع بنتاجها و لبنها و صوفها، و ثالثة للتعيش بنمائها بأن كان


1- هذا إذا لم يكن في شي ء منها خسران و معه فيأتي إن شاء اللّٰه حكمة.

ص: 314

لأكل عياله و أضيافه. أما في الصورة الأولى فيتعلق الخمس بنمائها المتصل فضلا عن المنفصل كالصوف و الشعر و الوبر، و في الثانية لا يتعلق الخمس بنمائها المتصل (1) و انما يتعلق بنمائها المنفصل، كما أن في الثالثة يتعلق بما زاد على ما صرف في أمر معيشتها.

[مسألة: 8 لو اتجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة فباع و اشترى مرارا]

مسألة: 8 لو اتجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة فباع و اشترى مرارا فخسر في بعضها و ربح في بعض آخر يجبر الخسران بالربح، فإذا تساويا فلا ربح و إذا زاد الربح فقد ربح في تلك الزيادة. و أما لو اتجر به أنواعا من التجارة فالأحوط (2) عدم جبران خسارة بعضها بربح أخرى، و اولى بعدم الجبران فيما لو كان له تجارة و زراعة فخسر في إحداهما و ربح في أخرى، بل عدم الجبر هاهنا هو الأقوى.

[مسألة: 9 إذا اشترى لمئونة سنته من ارباحه بعض الأشياء]

مسألة: 9 إذا اشترى لمئونة سنته من ارباحه بعض الأشياء كالحنطة و الشعير و الدهن و الفحم و غير ذلك و زاد منها مقدار في آخر السنة يجب إخراج خمسه قليلا كان أو كثيرا، و أما إذا اشترى فرشا أو فرسا أو ظرفا و نحوها مما ينتفع بها مع بقاء عينها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها.

[مسألة: 10 إذا احتاج الى دار لسكناه مثلا و لا يمكن شراؤها إلا بإبقاء فضلة]

مسألة: 10 إذا احتاج الى دار لسكناه مثلا و لا يمكن شراؤها إلا بإبقاء فضلة سنين متعددة أو احتاج الى جمع صوف غنمه من سنين متعددة لأجل فراشه أو لباسه المحتاج إليها، فالمقدار الذي يكمل به ثمن الدار في السنة التي يشتريها و المقدار من الصوف الذي يكمل به الفراش أو اللباس في السنة الأخيرة لا إشكال في كونه من المئونة فلا يجب خمسه، و أما ما أحرزه في السنين السابقة ففي عده من المئونة اشكال فلا يترك الاحتياط.


1- بل يتعلق الخمس بنمائها المتصل كالمنفصل على الأقوى. نعم لا يتعلق الخمس بزيادة قيمتها السوقية إذا كان أصله لا خمس فيه أو أدى خمسه كما مر.
2- بل الجبر لا يخلو عن قوة مع اتحاد رأس المال و ان كان العدم أحوط.

ص: 315

[مسألة: 11 لو مات في أثناء حول الربح سقط اعتبار إخراج مئونة بقية السنة على فرض حياته]

مسألة: 11 لو مات في أثناء حول الربح سقط اعتبار إخراج مئونة بقية السنة على فرض حياته، و يخرج خمس ما فضل عن مئونته إلى زمان الموت.

[مسألة: 12 لو كان عنده مال آخر لا خمس فيه فالأقوى جواز إخراج المئونة من الربح]

مسألة: 12 لو كان عنده مال آخر لا خمس فيه فالأقوى جواز إخراج المئونة من الربح دون المخمس خاصة و دون الإخراج منهما على التوزيع و ان كان هو الأحوط سيما الثاني، و لو قام بمؤنته غيره لوجوب أو تبرع لم تحسب المئونة و وجب الخمس من الأصل.

[مسألة: 13 إذا استقرض من ابتداء سنته لمئونته أو اشترى لها بعض الأشياء في الذمة]

مسألة: 13 إذا استقرض من ابتداء سنته لمئونته أو اشترى لها بعض الأشياء في الذمة أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح (1).

[مسألة: 14 الدين الحاصل قهرا مثل قيم المتلفات و أروش الجنايات]

مسألة: 14 الدين الحاصل قهرا مثل قيم المتلفات و أروش الجنايات- و يلحق بها النذور و الكفارات- يكون أداؤه في كل سنة من مئونة تلك السنة، فيوضع من فوائدها و أرباحها كسائر المؤن، و أما الحاصل بالاستقراض و النسية و غير ذلك فان كان لأجل مئونة سنة الربح فيوضع من فوائدها و أرباحها كسائر المؤن، و أما الحاصل بالاستقراض و النسية و غير ذلك فان كان لأجل مئونة سنة الربح فيوضع منها أيضا بل لو لم يؤده أيضا (2) يجوز له وضع مقداره منها كما عرفت في المسألة السابقة، و أما ان كان لأجل مئونة السنوات السابقة فأداه في السنة اللاحقة فكون أدائه من مئونة تلك السنة حتى يوضع من فوائدها و أرباحها محل تأمل و اشكال فلا يترك الاحتياط (3).

[مسألة: 15 إذا استطاع في عام الربح فإذا مشى الى الحج في تلك السنة يكون مصارفه من المئونة]

مسألة: 15 إذا استطاع في عام الربح فإذا مشى الى الحج في تلك السنة يكون مصارفه من المئونة فلا يتعلق بها الخمس، و إذا أخر الحج لعذر أو عصيانا يجب إخراج خمسها، و إذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة، و أما المقدار المتمم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه


1- بل يجوز له أداء ما استقرض أو ما في ذمته في سنة الربح، و اما إذا لم يؤد فالأحوط عدم احتسابه. نعم لا بأس بجبران رأس المال من ربح سنة الخسران.
2- قد مر الاحتياط فيه مع عدم الأداء.
3- الأقوى انه من المئونة و ان كان لأجل مئونة السنوات السابقة.

ص: 316

إذا صرفه في المشي إلى الحج. نعم بناء على ما مر فيما سبق من انه إذا كان عنده مال مخمس أو مال لا خمس فيه لا يتعين إخراج المئونة من ذلك المال و لا التوزيع، بل يجوز إخراج المئونة من الربح له أن يخرج جميع مصارف الحج من أرباح السنة الأخيرة. مثلا إذا كان مصارف الحج مائة و قد حصل عنده من فضلة السنين السابقة ثمانون و استفاد في السنة الأخيرة مائة يجوز له أن يصرف جميع ما استفاده في السنة الأخيرة. في الحج، و لا يخرج خمسها و لا يتعين عليه ضم العشرين منه الى الثمانين الحاصلة له من فضلة السنين السابقة و إخراج خمس الباقي- و هو الثمانون.

[مسألة: 16 الخمس متعلق بالعين و ان تخير المالك بين دفعه من العين أو من مال آخر]

مسألة: 16 الخمس متعلق بالعين و ان تخير المالك بين دفعه من العين أو من مال آخر و ليس له أن ينقل الخمس الى ذمته ثم التصرف في المال الذي تعلق به الخمس. نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم الشرعي أو وكيله، فيجوز حينئذ التصرف فيه.

[مسألة: 17 لا يعتبر الحول في وجوب الخمس في الأرباح و غيرها]

مسألة: 17 لا يعتبر الحول في وجوب الخمس في الأرباح و غيرها و ان جاز التأخير إليه في الأرباح احتياطا للمكتسب، و لو أراد التعجيل جاز له، و ليس له الرجوع بعد ذلك لو بان له عدم الخمس مع تلف العين و عدم العلم بالحال (1).

[ «السادس»- الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم]
اشاره

«السادس»- الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم، فإنه يجب على الذمي خمسها و يؤخذ منه قهرا إذا لم يدفعه بالاختيار. و لا فرق بين كونها أرض مزرع و كونها أرض بستان أو دار أو حمام أو دكان أو خان أو غيرها لكن إذا تعلق البيع و الشراء بأرضها مستقلا، و أما إذا تعلق بها تبعا بأن كان المبيع الدار و الحمام مثلا ففي تعلق الخمس بأرضها تأمل و اشكال (2)، و هل يختص وجوب الخمس بما إذا انتقلت اليه بالشراء أو يعم سائر المعاوضات؟ فيه تردد، و الأحوط اشتراط (3) أداء الخمس عليه في عقد


1- اى عدم علم الأخذ.
2- الأقوى وجوب الخمس مع كون الأرض منتقلة إليه بالشراء و لو في ضمن شراء الدار. نعم في الأراضي المفتوحة عنوة لو قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع و انما المبيع هو الآثار إذا اشترى الدار فثبوت الخمس على الأرض محل منع.
3- مشكل إلا إذا اشترط في ضمن العقد رد مقدار الخمس إلى أهله.

ص: 317

المعاوضة، فإنه لا بأس باشتراط الأداء الى أهله في مورد عدم ثبوته. نعم لا يصح اشتراط سقوطه في مورد ثبوته، فلو اشترط الذمي في ضمن عقد المبايعة مع المسلم عدم الخمس لم يصح، و كذا لو اشترط كونه على البائع. نعم لو اشترط عليه أن يعطي مقداره عنه صح على اشكال (1)، و لو باعها من ذمي آخر أو مسلم و لو الأصلي بل و لو ردها إلى البائع المسلم بإقالة أو خيار لم يسقط عنه الخمس بذلك، كما أنه لا يسقط عنه لو أسلم بعد الشراء. و مصرف هذا الخمس مصرف غيره على الأصح. نعم لا نصاب له و لا نية حتى على الحاكم لا حين الأخذ و لا حين الدفع على الأصح.

[مسألة: 1 انما يتعلق الخمس برقبة الأرض]

مسألة: 1 انما يتعلق الخمس برقبة الأرض، و يتخير الذمي بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها، و لو كانت مشغولة بالغرس أو البناء ليس لولي الخمس قلعه، و ان كان عليه أجرة مقدار الخمس لو لم يدفع القيمة و بقيت الأرض متعلقة للخمس.

و لو أراد دفع القيمة في الأرض المشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوّم بوصف كونها مشغولة بها مع الأجرة فيؤخذ خمسها.

[مسألة: 2 لو اشترى الذمي الأرض المفتوحة عنوة، فان بيعت بنفسها في مقام صح بيعها كذلك]

مسألة: 2 لو اشترى الذمي الأرض المفتوحة عنوة، فان بيعت بنفسها في مقام صح بيعها كذلك، كما لو باعها ولي المسلمين في مصالحهم أو باعها أهل الخمس من سهمهم الذي وصل إليهم فلا إشكال في وجوب الخمس عليه، و أما إذا بيعت (2) تبعا للآثار فيما كانت فيها آثار من غرس أو بناء ففيه اشكال، و أشكل منه فيما إذا انتقلت إليه الأرض الزراعية بالشراء من المسلم المتقبل من الحكومة الذي مرجعه الى تملك حق الاختصاص الذي كان للمتقبل، و الأحوط (3) في الصورتين اشتراط دفع الخمس إلى أهله عليه.

[مسألة: 3 إذا اشترى الذمي من ولي الخمس]

مسألة: 3 إذا اشترى الذمي من ولي الخمس الخمس الذي وجب عليه


1- لا إشكال في صحته.
2- لا إشكال في وجوب الخمس إذا بيعت تبعا للآثار، كما لا إشكال في عدم الخمس إذا بيعت الآثار دون الأرض كما مر.
3- الأقوى فيهما عدم الخمس.

ص: 318

بالشراء وجب عليه خمس ذلك (1) الخمس الذي اشتراه و هكذا.

[ «السابع»- الحلال المختلط بالحرام]
اشارة

«السابع»- الحلال المختلط بالحرام مع عدم تميز صاحبه أصلا و لو في عدد محصور و عدم العلم بقدره كذلك أيضا فإنه يخرج منه الخمس حينئذ، أما لو علم قدر المال فان علم صاحبه أيضا دفعه اليه و لا خمس، بل لو علمه في عدد محصور فالأحوط التخلص منهم جميعهم، فان لم يمكن ففي استخراج المالك بالقرعة أو توزيع المال عليهم بالسوية أو الرجوع الى حكم مجهول المالك، وجوه خيرها أوسطها. و لو جهل صاحبه أو كان في عدد غير محصور تصدق بالمال (2) على من شاء ما لم يظنه بالخصوص، و الا فلا يترك الاحتياط حينئذ بالتصدق به عليه إذا كان محلا لذلك. نعم لا يجدي ظنه بالخصوص في المحصور. و لو علم المالك و جهل المقدار تخلص منه بالصلح. و مصرف هذا الخمس كمصرف غيره على الأصح (3).

[مسألة: 1 لو علم أن مقدار الحرام أزيد من الخمس و ان لم يعلم مقداره]

مسألة: 1 لو علم أن مقدار الحرام أزيد من الخمس و ان لم يعلم مقداره فالظاهر كفاية إخراج الخمس في تحليل المال و تطهيره، الا ان الأحوط مع إخراج الخمس المصالحة عن الحرام مع الحاكم الشرعي بما يرتفع (4) به اليقين بالاشتغال و اجراء حكم مجهول المالك عليه.

[مسألة: 2 إذا كان حق الغير في ذمته لا في عين ماله لا محل للخمس]

مسألة: 2 إذا كان حق الغير في ذمته لا في عين ماله لا محل للخمس، بل حينئذ إذا علم مقداره و لم يعلم صاحبه حتى في عدد محصور تصدق بذلك المقدار عن صاحبه بإذن الحاكم الشرعي أو دفعه اليه، و ان علم صاحبه في عدد محصور ففيه الوجوه السابقة من القرعة أو التوزيع أو إجراء حكم المجهول المالك عليه، و خيرها


1- نعم إذا أدى قيمتها حيث انه مختار في أداء القيمة أو العين فلا خمس عليه لخمسه.
2- بإذن الحاكم على الأحوط.
3- لكن الأحوط إعطاء هذا الخمس على أهلها بقصد ما في الذمة من الخمس أو الصدقة.
4- و أحوط من ذلك المصالحة مع الحاكم بعد إخراج الخمس بما يحصل به اليقين بعدم الزيادة.

ص: 319

أوسطها كما مر، و إذا لم يعلم مقداره و تردد بين الأقل و الأكثر أخذ بالأقل (1) و دفعه الى مالكه لو كان معلوما بعينه، و ان كان مرددا بين محصور فحكمه كما مر، و لو كان مجهولا أو معلوما في غير المحصور تصدق به كما مر، و الأحوط حينئذ المصالحة مع الحاكم بمقدار متوسط بين الأقل و الأكثر، فيعامل مع ذلك المقدار معاملة معلوم المقدار.

[مسألة: 3 لو كان الحرام المختلط بالحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص أو العام فهو كمعلوم المالك]

مسألة: 3 لو كان الحرام المختلط بالحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص أو العام فهو كمعلوم المالك، فلا يجزيه إخراج الخمس.

[مسألة: 4 لو كان الحلال الذي في المختلط مما تعلق به الخمس]

مسألة: 4 لو كان الحلال الذي في المختلط مما تعلق به الخمس وجب عليه بعد تخميس التحليل خمس آخر للمال الحلال الذي فيه.

[مسألة: 5 لو تبين المالك بعد إخراج الخمس ضمنه]

مسألة: 5 لو تبين المالك بعد إخراج الخمس ضمنه (2) فعليه غرامته له على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و لو علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أقل منه لا يسترد الزائد (3)، و أما لو علم انه أزيد منه فالأحوط التصدق بالزائد.

[مسألة: 6 لو تصرف في المال المختلط بالحرام بالإتلاف قبل إخراج الخمس صار الحرام في ذمته]

مسألة: 6 لو تصرف في المال المختلط بالحرام بالإتلاف قبل إخراج الخمس صار الحرام في ذمته، و الظاهر سقوط الخمس فيجري عليه حكم رد المظالم و هو وجوب التصدق، و الأحوط دفع مقدار الخمس إلى الهاشمي بقصد ما في الذمة بإذن المجتهد. و لو تصرف فيه بمثل البيع يكون فضوليا بالنسبة إلى الحرام المجهول المقدار، فإن أمضاه الحاكم يصير العوض ان كان مقبوضا متعلقا للخمس لصيرورته من المختلط بالحرام الذي لا يعلم مقداره و لم يعرف صاحبه و يكون المعوض بتمامه ملكا للمشتري، و ان لم يمضه يكون العوض من المختلط بالحرام الذي جهل مقداره


1- إذا تردد ما في الذمة بين المتباينين فالأقوى وجوب الاحتياط بتحصيل المراضاة إن أمكن و الا فيوزع على محتملات ما في الذمة، ففي المردد بين الجنسين يعطى نصف كل منهما و في الثلاث ثلث كل منهما و هكذا.
2- بل الأقوى عدم الضمان، و الحكم في التصدق منصوص.
3- على الأحوط.

ص: 320

و علم صاحبه فيجري عليه حكمه، و أما المعوض فهو باق على حكمه السابق فيجب تخميسه، و لولي الخمس الرجوع الى البائع كما له الرجوع الى المشتري، فان كان البائع أدى خمسه صح البيع (1) و كان تمام الثمن له و تمام المبيع للمشتري، و كذا ان أداه المشتري من الخارج لكنه حينئذ يرجع الى البائع بالخمس الذي أداه، و اما إذا أدى من العين فالظاهر بقاء الأربعة أخماس من المبيع له و يرجع الى البائع بخمس الثمن.

[القول في قسمته و مستحقه]

اشارة

القول في قسمته و مستحقه:

[مسألة: 1 يقسم الخمس ستة أسهم]

مسألة: 1 يقسم الخمس ستة أسهم: سهم للّٰه تعالى جل شأنه، و سهم للنبي صلى اللّٰه عليه و آله، و سهم للإمام عليه السلام. و هذه الثلاثة الان لصاحب الأمر أرواحنا له الفداء و عجل اللّٰه فرجه. و ثلاثة للأيتام و المساكين و أبناء السبيل ممن انتسب بالأب الى عبد المطلب، فلو انتسب إليه بالأم لم يحل له الخمس و حلت له الصدقة على الأصح.

[مسألة: 2 يعتبر الايمان أو ما في حكمه في جميع مستحقي الخمس]

مسألة: 2 يعتبر الايمان أو ما في حكمه في جميع مستحقي الخمس، و لا تعتبر العدالة على الأصح، و ان كان الاولى ملاحظة الرجحان في الافراد، سيما المتجاهر بارتكاب الكبائر فإنه لا ينبغي الدفع اليه منه، بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع اعانة على الإثم و العدوان و إغراء بالقبيح و في المنع ردع عنه.

[مسألة: 3 الأقوى اعتبار الفقر في اليتامى، أما ابن السبيل]

مسألة: 3 الأقوى اعتبار الفقر في اليتامى، أما ابن السبيل- أي المسافر سفر طاعة (2) أو غير معصية- فلا يعتبر فيه الفقر في بلده. نعم يعتبر الحاجة في بلد التسليم و ان كان غنيا في بلده كما عرفته في الزكاة.

[مسألة: 4 الأحوط ان لم يكن أقوى عدم دفع من عليه الخمس لمن تجب نفقته عليه سيما لزوجته إذا كان للنفقة]

مسألة: 4 الأحوط ان لم يكن أقوى عدم دفع من عليه الخمس لمن تجب نفقته عليه سيما لزوجته إذا كان للنفقة، أما دفعه إليهم لغير ذلك مما يحتاجون اليه و لم


1- جواز أداء هذا الخمس من مال آخر محل اشكال.
2- بشرط ان لا يكون نفسه أيضا في معصية.

ص: 321

يكن واجبا عليه كالدواء مثلا و نفقة من يعولون به فلا بأس، كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم و لو للإنفاق حتى الزوجة المعسر زوجها.

[مسألة: 5 لا يصدق مدعى السيادة بمجرد دعواه]

مسألة: 5 لا يصدق مدعى السيادة بمجرد دعواه. نعم يكفي في ثبوتها كونه معروفا و مشتهرا بها في بلده من دون نكير من أحد، و يمكن الاحتيال في الدفع الى المجهول الحال بعد إحراز عدالته بالدفع اليه بعنوان التوكيل في الإيصال إلى مستحقه أي شخص كان حتى الأخذ، و لكن الاولى عدم اعمال هذا الاحتيال (1).

[مسألة: 6 الأحوط عدم دفع الخمس الى المستحق أزيد من مئونة سنة]

مسألة: 6 الأحوط عدم دفع الخمس الى المستحق أزيد من مئونة سنة و لو دفعة، كما أن الأحوط للمستحق عدم أخذه و ان جاز ذلك في الزكاة دفعة كما مر.

[مسألة: 7 النصف من الخمس الذي للأصناف الثلاثة أمره بيد المالك]

مسألة: 7 النصف من الخمس الذي للأصناف الثلاثة أمره بيد المالك، فيجوز له دفعه إليهم بنفسه من دون مراجعة المجتهد، و ان كان الاولى بل الأحوط إيصاله اليه أو الصرف باذنه، و أما النصف الذي للإمام عليه السلام أمره راجع الى المجتهد الجامع للشرائط، فلا بد من الإيصال إليه حتى يصرفه فيما يكون مصرفه بحسب فتواه أو الصرف باذنه فيما عين له من المصرف، و يشكل دفعه الى غير من يقلده إلا إذا كان المصرف (2) عنده هو المصرف عند مجتهده كما و كيفا.

[مسألة: 8 الأقوى جواز نقل الخمس الى بلد آخر]

مسألة: 8 الأقوى جواز نقل الخمس الى بلد آخر، بل ربما يترجح عند وجود بعض المرجحات حتى مع وجود المستحق في البلد، و ان ضمن له حينئذ لو تلف في الطريق، بخلاف ما إذا لم يوجد فيه المستحق فإنه لا ضمان عليه، و كذا لو كان النقل بإذن المجتهد و امره فإنه لا ضمان عليه حتى مع وجود المستحق في البلد، و ربما وجب النقل لو لم يوجد المستحق فعلا و لم يتوقع وجوده فيما بعد، و ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه الى المستحق عوضا عما عليه في بلده أو كان له دين على من في بلد آخر فاحتسبه، بل و كذا لو نقل قدر الخمس من ماله الى بلد


1- بل لا يترك الاحتياط بهذه الحيلة أو دفعه الى معلوم الحال.
2- أو كان بصيرا بما هو المصرف عند مجتهده و مراعيا له.

ص: 322

آخر فدفعه عوضا عنه.

[مسألة: 9 لو كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده يتعين نقل حصة الإمام]

مسألة: 9 لو كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده يتعين نقل حصة الإمام عليه السلام أو الاستئذان منه في صرفها في بلده، بل الأقوى جواز ذلك لو وجد المجتهد في بلده أيضا، بل الاولى و الأحوط النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك بعض المرجحات، و لو كان المجتهد الذي في بلد آخر من يقلده يتعين (1) النقل اليه الا إذا أذن في صرفه في البلد.

[مسألة: 10 يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر و ان كان عروضا]

مسألة: 10 يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر و ان كان عروضا، و لا يعتبر رضى المستحق أو المجتهد بالنسبة إلى حق الامام عليه السلام، لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعية، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمته و ان رضى به المستحق.

[مسألة: 11 إذا كان له في ذمة المستحق دين جاز]

مسألة: 11 إذا كان له في ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا، و في حق الامام عليه السلام موكول الى نظر المجتهد.

[مسألة: 12 لا يجوز للمستحق أن يأخذ من باب الخمس و يرده على المالك إلا في بعض الأحوال]

مسألة: 12 لا يجوز للمستحق أن يأخذ من باب الخمس و يرده على المالك إلا في بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر على أدائه بأن صار معسرا و أراد تفريغ الذمة، فحينئذ لا مانع من ان يحتال بذلك لتفريغ ذمته.

[مسألة: 13 إذا انتقل الى شخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه]

مسألة: 13 إذا انتقل الى شخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكفار و المخالفين لم يجب عليه إخراجه و يحل له الجميع، فإن الأئمة صلوات اللّٰه عليهم قد أباحوا لشيعتهم ذلك، سواء كان من ربح تجارة أو معدن أو غير ذلك، و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها، كما أنهم أباحوا للشيعة في أزمنة عدم بسط أيديهم تقبل الأراضي الخراجية من يد الجائر و المقاسمة معه و عطاياه و أخذ الخراج منه و غير ذلك مما يصل إليهم منه و من اتباعه. و بالجملة نزلوا الجائر منزلتهم و امضوا أفعالهم بالنسبة الى ما يكون محل الابتلاء للشيعة، صونا لهم عن الوقوع في


1- إذا كان مصرف مجتهد بلده مخالفا لفتوى مرجعه و كان يعمل على رأيه.

ص: 323

الحرام و العسر و الحرج.

[القول في الأنفال]

اشارة

القول في الأنفال:

و هي ما يستحقه الامام عليه السلام على جهة الخصوص لمنصب إمامته كما كان للنبي صلى اللّٰه عليه و آله لمنصب نبوته و رئاسته الإلهية، و هي أمور:

«منها»- الأرض التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، سواء انجلى عنها أهلها أو أسلموها للمسلمين طوعا.

«و منها»- الأرض الموات (1) التي لا ينتفع بها الا بتعميرها و إصلاحها لاستيجامها أو لانقطاع الماء عنها أو لاستيلائه عليها أو لغير ذلك، سواء لم يجر عليها ملك لأحد كالمفاوز أو جرى و لكن قد باد و لم يعلم الان. و يلحق بها القرى التي قد جلا أهلها فخربت كبابل و الكوفة و نحوهما، فهي من الأنفال بأرضها و آثارها و آجرها و أحجارها، و الموات الواقعة في الأرض المفتوحة عنوة كغيرها على الأقوى.

نعم ما علم أنها كانت معمورة حال الفتح فعرض لها الموتان بعد ذلك ففي كونها من الأنفال أو باقية على ملك المسلمين كالمعمورة فعلا تردد و اشكال، لا يخلو ثانيهما عن رجحان (2).

«و منها»- سيف البحار و شطوط الأنهار، بل كل ارض لا رب لها و ان لم تكن مواتا، بل كانت قابلة للانتفاع بها من غير كلفة كالجزيرة التي تخرج في دجلة و الفرات و نحوهما.

«و منها»- رءوس الجبال و ما يكون بها من النبات و الأشجار و الأحجار و نحوها و بطون الأودية و الإجام، و هي الأراضي الملتفة بالقصب أو المملوءة من سائر الأشجار، من غير فرق في هذه الثلاثة بين ما كان في أرض الإمام عليه السلام أو الأرض المفتوحة


1- بل ظاهر بعض الاخبار و كلمات بعض أن كل ما لم يوجف عليه بخيل و ركاب فهو للإمام عليه السلام و لا اختصاص له بالأراضي.
2- مع انه موافق للأصل مضافا الى انصراف الأدلة عن ذلك.

ص: 324

عنوة و غيرهما. نعم ما كان ملكا لأحد ثم صار أجمة مثلا فهو باق على ما كان.

«و منها»- ما كان للملوك من قطائع و صفايا.

«و منها»- صفو الغنيمة (1) كفرس جواد و ثوب مرتفع و جارية حسناء و سيف قاطع و درع فاخر و نحو ذلك.

«و منها»- الغنائم التي ليست بإذن الامام.

«و منها»- إرث من لا وارث له.

«و منها»- المعادن التي لم تكن لمالك خاص تبعا للأرض أو بالإحياء.

[ (مسألة) الظاهر إباحة جميع الأنفال للشيعة في زمن الغيبة]

(مسألة) الظاهر إباحة جميع الأنفال للشيعة في زمن الغيبة على وجه يجري عليها حكم الملك، من غير فرق بين الغني منهم و الفقير. نعم الأحوط ان لم يكن أقوى اعتبار الفقر في إرث من لا وارث له، بل الأحوط تقسيمه في فقراء بلده، و أحوط من ذلك ان لم يكن أقوى إيصاله إلى نائب الغيبة، كما ان الأقوى (2) حصول الملك لغير الشيعي أيضا بحيازة ما في الأنفال من العشب و الحشيش و الحطب و غيرها، بل و حصول الملك لهم أيضا للموات بسبب الاحياء كالشيعى.


1- إذا صدق عليها الصفوة عند العرف حقيقة لا مسامحة بملاحظة كونها صفوة بالنسبة الى ما دونها بشرط ان يأخذها و يقبلها الامام، و الا داخل في الغنيمة و محكوم بحكمها على ما يستفاد من ظاهر الاخبار و المتيقن من مطلقاتها.
2- فيه تأمل و اشكال.

الجزء الثاني

اشارة

ص: 2

ص: 3

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[كتاب المكاسب و المتاجر]

اشارة

كتاب المكاسب و المتاجر و هي أنواع نذكرها و نذكر المسائل المتعلقة بها في طي كتب:

[ (مقدمة)]

اشارة

(مقدمة) تشتمل على مسائل:

[مسألة: 1 لا يجوز التكسب بالأعيان النجسة]

مسألة: 1 لا يجوز التكسب بالأعيان النجسة بجميع أنواعها بالبيع و الشراء، و جعلها ثمنا في البيع و أجرة في الإجارة و عوضا للعمل في الجعالة، بل مطلق المعاوضة عليها و لو بجعلها مهرا أو عوضا في الخلع و نحو ذلك، بل يقوى عدم جواز هبتها و الصلح عنها بلا عوض أيضا. و لا يدور حرمة بيعها و التكسب بها مدار عدم المنفعة، بل يحرم ذلك و لو كانت لها منفعة محللة مقصودة كالتسميد في العذرة.

و يستثنى من ذلك العصير المغلي قبل ذهاب ثلثيه بناء على نجاسته، و الكافر بجميع أقسامه حتى المرتد عن فطرة على الأقوى، و كلب الصيد. و ربما يلحق به كلب الماشية و الزرع و البستان و الدور أيضا، و فيه تأمل و اشكال. نعم لا إشكال في إجارتها و إعارتها.

[مسألة: 2 الأعيان النجسة عدي ما استثني و ان لم يعامل معها شرعا]

مسألة: 2 الأعيان النجسة (1) عدي ما استثني و ان لم يعامل معها شرعا معاملة


1- إذا لم يكن لها منفعة معتد بها عند العقلاء أو لم تكن منافعها المعتد بها محللة، و أما إذا كان لها منافع محللة غير مشروطة بالطهارة فعدم جواز بيعها مطلقا للنجاسة محل تأمل بل منع، نعم هو أحوط.

ص: 4

الأموال فلا يجوز الاكتساب بها و لا يصح جعلها عوضا أو معوضا في المعاوضات، بل و هبتها و الصلح عنها كما عرفت، لكن لمن كانت هي في يده و تحت استيلائه حق اختصاص (1) متعلق بها ناش اما من حيازتها أو من كون أصلها مالا له- كما إذا مات حيوان له فصار ميتة أو صار عنبه خمرا- و هذا الحق قابل للانتقال الى الغير بالإرث و غيره، فيصح أن يصالح عنه بلا عوض، بل بالعوض أيضا لو جعل مقابلا لذلك الحق لا عوضا لنفس العين، لكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد دخوله في الاكتساب المحظور. نعم لو بذل له مالا ليرفع يده و يعرض عنها فيحوزها الباذل سلم من الاشكال، نظير بذل المال لمن سبق الى مكان من الأمكنة المشتركة كالمسجد و المدرسة ليرفع يده عنه فيسكنه الباذل.

[مسألة: 3 لا إشكال في جواز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة]

مسألة: 3 لا إشكال في جواز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة مما كانت له منفعة محللة مقصودة كشعرها و صوفها، بل و لبنها أيضا إذا قلنا بطهارته كما مر في النجاسات. و في جواز بيع الميتة الطاهرة كالسمك الطافي إذا كانت له منفعة و لو من دهنه اشكال لا يبعد الجواز، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 4 لا إشكال في جواز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة]

مسألة: 4 لا إشكال في جواز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة، و أما الطاهر من الأبوال فأما بول الإبل فيجوز بيعه بلا اشكال، و أما غيره ففيه اشكال لا يبعد الجواز فيما كان له منفعة محللة مقصودة.

[مسألة: 5 لا إشكال في جواز بيع المتنجس الذي يقبل التطهير]

مسألة: 5 لا إشكال في جواز بيع المتنجس الذي يقبل التطهير، و كذا ما لا يقبله و لكن يمكن الانتفاع به مع وصف نجاسته في حال الاختيار، بأن لا تكون منفعته المحللة المقصودة في حال الضرورة متوقفة على طهارته، كالدهن المتنجس الذي يمكن الانتفاع به بالإسراج و طلي السفن و الصبغ و الطين المتنجسين و الصابون الذي لا يمكن تطهيره. و أما ما لا يقبل التطهير و كان الانتفاع به متوقفا على طهارته


1- اعتبار الحق فيما ليس له منفعة عند العقلاء و الشارع محل تأمل، و كذا في اعتبار الحق في نظر الشارع فيما حرم جميع منافعه المقصودة منه- تأمل.

ص: 5

كالسكنجبين النجس و نحوه، فلا يجوز بيعه و المعاوضة عليه.

[مسألة: 6 لا بأس ببيع الترياق المشتمل على لحوم الأفاعي]

مسألة: 6 لا بأس ببيع الترياق المشتمل (1) على لحوم الأفاعي مع استهلاكها فيه كما هو الغالب بل المتعارف، فجاز استعماله و ينتفع به منفعة محللة معتدا بها، و أما المشتمل على الخمر فلا يجوز بيعه لعدم قابليته للتطهير مع عدم حلية الانتفاع به مع وصف نجاسته، و جواز التداوي به عند الاضطرار ليس عليه المدار (2)، بل المدار على حلية الانتفاع بالشي ء في حال الاختيار.

[مسألة: 7 يجوز بيع الهرة و يحل ثمنها بلا اشكال]

مسألة: 7 يجوز بيع الهرة و يحل ثمنها بلا اشكال، و أما غيرها من أنواع السباع فالظاهر جواز بيع ما كان منها ذا منفعة محللة مقصودة عند العقلاء، و كذا الحشرات بل المسوخ أيضا إذا كانت كذلك، فهذا هو المدار في جميع الأنواع، فلا إشكال في بيع العلق الذي يمص الدم الفاسد و دود القز و نحل العسل و ان كانت من الحشرات، و كذا الفيل الذي ينتفع بظهره و عظمه و ان كان من المسوخ.

[مسألة: 8 يحرم بيع كل ما كان آلة للحرام بحيث كانت منفعته المقصودة منحصرة فيه]

مسألة: 8 يحرم بيع كل ما كان آلة للحرام بحيث كانت منفعته المقصودة منحصرة فيه، مثل آلات اللهو كالعيدان و المزامير و البرابط و نحوها و آلات القمار كالنرد و الشطرنج و نحوهما، و كما يحرم بيعها و شراؤها و يحرم صنعتها و الأجرة عليها، بل يجب كسرها و تغيير هيئتها. نعم يجوز بيع (3) مادتها من الخشب و الصفر مثلا بعد الكسر بل قبله أيضا إذا اشترط على المشتري كسرها، و أما مع عدم الاشتراط ففيه اشكال. و أما أواني الذهب و الفضة فحرمة بيعها و عدمها مبنيان على حرمة اقتنائها و التزين بها باقية على صورتها و هيئتها و عدمها، فعلى الأول يحرم بيعها و شراؤها بل و صياغتها و أخذ الأجرة عليها، بخلافه على الثاني. و قد مر في أحكام الأواني إن أحوطهما


1- الأحوط الاقتصار في أكلها على حال الضرورة.
2- هذا بإطلاقه ممنوع، فما كان الاضطرار به كثيرا و لا يمكن لغالب الناس تهيئته في حال الاضطرار كالعقاقير التي لا منفعة لها إلا في حال الأمراض و الاضطرار يكفى ذلك في جواز بيعه، و الفرق بينها و بين المشتمل على الخمر غير معلوم إذا كان مثلها في كثرة الحاجة إليها في حال الاضطرار.
3- بل الأقوى عدم الجواز حتى مع الاشتراط إذا انحصرت منفعته المقصودة في الحرام كما هو المفروض.

ص: 6

الأول و أظهرهما الثاني (1).

[مسألة: 9 الدراهم الخارجة أو المغشوشة المعمولة لأجل غش الناس تحرم المعاملة بها]

مسألة: 9 الدراهم الخارجة أو المغشوشة المعمولة لأجل غش الناس تحرم المعاملة بها و جعلها عوضا أو معوضا في المعاملات مع جهل من تدفع اليه، بل مع علمه و اطلاعه أيضا على الأحوط لو لم يكن أقوى، بل لا يبعد وجوب إتلافها و لو بكسرها دفعا لمادة الفساد.

[مسألة: 10 يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا و الخشب]

مسألة: 10 يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا و الخشب مثلا ليعمل صنما أو آلة للهو أو القمار و نحو ذلك، و ذلك اما بذكر صرفه في المحرم و الالتزام به في العقد أو تواطئهما على ذلك، و لو بأن يقول المشتري لصاحب العنب مثلا بعني منا من العنب لا عمله خمرا فباعه إياه (2)، و كذا تحرم اجارة المساكن ليباع أو يحرز فيها الخمر أو ليعمل فيها بعض الأمور المحرمة و اجارة السفن أو الحمولة لحمل الخمر و شبهها بأحد الوجهين المتقدمين. و كما يحرم البيع و الإجارة فيما ذكر يفسدان أيضا فلا يحل له الثمن و الأجرة، و أما بيع العنب أو التمر مثلا لمن يعلم أنه يعمله خمرا من دون أن يبيعه له و اجارة المسكن لمن يعلم أنه يجعله محرزا له مثلا من دون ان تكون الإجارة له فالظاهر جوازه، و ان كان الأحوط تركه.

[مسألة: 11 يحرم بيع السلاح لأعداء الدين حال مقاتلتهم مع المسلمين]

مسألة: 11 يحرم بيع السلاح (3) لأعداء الدين حال مقاتلتهم مع المسلمين، بل حال مباينتهم معهم بحيث يخاف منهم عليهم و يكون ذلك تقوية لهم. نعم في حال الهدنة معهم أو في زمان وقوع الحرب بين أنفسهم و مقاتلة بعضهم مع بعض لا بأس ببيعه لهم (4)، خصوصا إذا كان في ذلك تقوية لمن لا يعادي المسلمين على من


1- خصوصا إذا كان بعنوان ادخار الذهب و الفضة و حفظهما دون اتخاذ الانية، و أما بيع مادتها فالظاهر انه لا اشكال فيه إذا لم يقصد منه الاستعمال المحرم.
2- بأن يكون ذلك بنحو الالتزام منه و يكون بيعه إياه مبنيا على ذلك الالتزام، و أما إذا كان بنحو الاخبار و كان بيعه إياه مبنيا على عدم مبالاته فهو كالبيع على من يعلم انه يجعله خمرا.
3- و يفسد على الأقوى.
4- إذا كانا مهدوري الدم، و أما بيعه عليهم في الفتنة بينهم إذا كانا محقوني الدم أو كان أحدهما محقونا و بيع بعدوهم فمشكل لا يترك الاحتياط بتركه.

ص: 7

يعاديهم. و يلحق بالكفار من يعادي الفرقة الحقة من سائر الفرق المسلمة و يخشى عليهم إذا بيع السلاح لهم، و لا يبعد التعدي إلى قطاع الطريق و أشباههم، بل لا يبعد التعدي من بيع السلاح لأعداء الدين الى بيع غيره لهم (1) مما يكون سببا لتقويتهم على أهل الحق كالزاد و الراحلة و الحمولة و نحوها.

[مسألة: 12 يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان إذا كانت الصورة مجسمة كالمعمولة من الشمع]

مسألة: 12 يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان إذا كانت الصورة مجسمة كالمعمولة من الشمع أو الخشب أو الفلزات أو غيرها، و كذا مع عدم التجسيم أيضا على الأحوط لو لم يكن الأقوى (2)، و اما تصوير غير ذوات الأرواح كالأشجار و الأوراد و نحوها فلا بأس به و لو مع التجسيم. و لا فرق بين أنحاء إيجاد الصورة من النقش و التخطيط و التطريز و الحك و غير ذلك، و الظاهر أنه ليس من التصوير العكس المتداول في زماننا، فلا بأس به إذا لم يترتب عليه مفسدة. و كما يحرم عمل التصوير من ذوات الأرواح (3) يحرم التكسب به و أخذ الأجرة عليه، فان اللّٰه تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه. هذا كله في عمل الصور، و أما بيعها و اقتناؤها و استعمالها و النظر إليها فالأقوى جواز ذلك كله خصوصا في غير المجسمة، و ليست هي كآلات اللهو و شبهها مما يحرم اقتناؤها و إبقاؤها و يجب كسرها و إتلافها. نعم يكره اقتناؤها و إمساكها في البيت، و لا سيما المجسمة منها، فإن الكراهة بيعا و اقتناء فيها أشد و آكد.

[مسألة: 13 الغناء حرام فعله و سماعه و التكسب به]

مسألة: 13 الغناء حرام فعله و سماعه و التكسب به، و ليس هو مجرد تحسين الصوت، بل هو مد الصوت و ترجيعه بكيفية خاصة مطربة تناسب مجالس اللهو و محافل الاستيناس و الطرب و يوالم مع آلات الملاهي و اللعب. و لا فرق بين استعماله في كلام حق من قراءة (4) أو دعاء أو مرثية و غيره من شعر أو نثر، بل يتضاعف عقابه


1- على الأحوط.
2- لم يعلم قوته مع عدم التجسيم، بل لا يلزم مراعاة الاحتياط فيه و ان كان حسنا.
3- مع التجسيم دون غيره كما مر، و عليه فلا يحرم التكسب به أيضا في غيره.
4- و المتيقن من المحرم منه هو التغني بالقرآن و الدعاء و المرثية و غيرها من شعر أو نثر بحيث يصدق انها اتخذت مزامير و يترنم بها.

ص: 8

لو استعمله فيما يطاع به اللّٰه تعالى كقراءة القرآن و نحوها. نعم قد يستثنى غناء المغنيات في الأعراس (1) و ليس ببعيد، و ان كان الأحوط تركه.

[مسألة: 14 معونة الظالمين في ظلمهم بل في كل محرم]

مسألة: 14 معونة الظالمين في ظلمهم بل في كل محرم (2) محرم بلا اشكال، بل ورد عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من مشى الى ظالم ليعينه و هو يعلم انه ظالم فقد خرج عن الإسلام. و عنه صلى اللّٰه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الظلمة أين أعوان الظلمة أين أشباه الظلمة حتى من برأ لهم قلما أو لاق لهم دواة، فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم. و أما معونتهم في غير المحرمات فالظاهر جوازه ما لم يعد (3) من أعوانهم و حواشيهم و المنسوبين إليهم و لم يكن اسمه مقيدا في دفترهم و ديوانهم.

[مسألة: 15 يحرم حفظ كتب الظلال و نسخها و قراءتها و النظر فيها]

مسألة: 15 يحرم حفظ كتب الظلال و نسخها و قراءتها و النظر فيها و درسها و تدريسها إذا لم يكن غرض صحيح (4) في ذلك، كأن يكون قاصدا لنقضها و إبطالها و كان أهلا لذلك و كان مأمونا من الضلال، و أما مجرد الاطلاع على مطالبها فليس من الأغراض الصحيحة المجوزة لحفظها لغالب الناس من العوام الذين يخشى عليهم الضلال و الزلل، فاللازم على أمثالهم التجنب عن الكتب المشتملة على ما يخالف


1- مشكل و الأحوط تركه، كما أن الأحوط على فرض الارتكاب الاقتصار بالمغنية المملوكة دون الحرة و الرجل أو الغلام بشرط أن لا يستعمل معها آلات اللهو و لا يكون المستمع رجلا و لا يدخل عليهن الرجال و يكون النكاح شرعيا دائميا و كان في حال الزفاف و هو حال دخول المرأة في بيت زوجها.
2- بل الظاهر أن اعانة الإثم في إثمه حرام، و لا تختص الحرمة بإعانة الظالم في خصوص الظلم أو المحرمات، و لعل مقصود المتن أيضا ذلك.
3- بحيث يكون ذلك موجبا لازدياد شوكتهم و تعظيم مقامهم أو مؤثرا في إدارة رئاستهم.
4- الظاهر أن مناط الحرمة فيما ذكر كونه في معرض ضلالة نفسه أو غيره، فإذا كان الحفظ و القراءة و النظر فيها أو نسخها في معرض ذلك فهو حرام، سواء كان له غرض صحيح أم لا. و إذا كان مأمونا من ذلك فلا يحرم ما ذكر و لو بمجرد الاطلاع، و الظاهر أن مراد المتن أيضا ذلك لكن العبارة لا تخلو من إجمال.

ص: 9

عقائد المسلمين (1)، خصوصا ما اشتمل منها على شبهات و مغالطات عجزوا عن حلها و دفعها، و لا يجوز لهم شراؤها و إمساكها و حفظها، بل يجب عليهم إتلافها.

[مسألة: 16 عمل السحر و تعليمه و تعلمه و التكسب به حرام]

مسألة: 16 عمل السحر و تعليمه و تعلمه و التكسب به (2) حرام، حتى ورد في الخبر: ان الساحر كالكافر، و من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر و كان آخر عهده بربه الا ان يتوب. و المراد بالسحر ما يعمل من كتابة أو تكلم أو دخنة أو تصوير أو نفث أو عقد يؤثر في بدن المسحور (3) أو قلبه أو عقله فيؤثر في إحضاره أو انامته أو إغمائه أو تحبيبه أو تبغيضه و نحو ذلك. و يلحق به استخدام الملائكة و إحضار الجن و تسخيرهم و إحضار الأرواح و تسخيرها و أمثال ذلك، بل و يلحق به أو يكون منه الشعبذة، و هي إراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة، نظير ما يرى من ادارة النار بالحركة السريعة دائرة متصلة مع انها بحسب الواقع منفصلة. و كذلك الكهانة، و هي تعاطي الاخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان بزعم أنه يلقي اليه الاخبار عنها بعض الجان أو بزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات و أسباب يستدل بها على مواقعها. و القيافة، و هي الاستناد الى علامات خاصة في إلحاق بعض الناس ببعض و سلب بعض عن بعض على خلاف ما جعل في الشرع ميزانا للإلحاق و عدمه من الفراش و نحوه. و التنجيم، و هو الاخبار (4) على البت و الجزم عن حوادث الكون من الرخص


1- بل الكتب المشتملة على ما يخالف عقائد الشيعة الاثني عشرية أيضا إذا كانت في معرض الإضلال حكمه حكم الكتب المشتملة على خلاف عقائد المسلمين.
2- حتى لدفع السحر على الأحوط. نعم يجوز بل يجب في مورد يتوقف حفظ واجب أهم عليه كحفظ النفس المحترمة المسحورة أو دفع الشبهة لمن اشتبه عليه السحر بالمعجزة أو لدفع منكر لا يرضى الشارع بوقوعه و كان دفعه أهم من ترك السحر كحفظ عرض أو فرج ضائع بالسحر.
3- لا يبعد صدق السحر على مطلق إيجاد شي ء تترتب عليه آثار غريبة بحسب العادة تشبه الكرامات، سواء كان له أثر في بدن المسحور أم لا، بل سواء كان المسحور إنسانا أو حيوانا أو جمادا كتحريك الشجر أو اضطراب السقف و الجدران أو توقف الماء أو غير ذلك من دون استناد إلى الأمور المحسوسة و لا الى الشرعيات كالآيات و الدعوات المأثورات.
4- هذا ما اختاره جامع المقاصد في تعريفه، لكن الظاهر أن التنجيم عبارة عن استخراج ترتب ما ذكر من الآثار على ما ذكر من الحركات الفلكية و النظرات و الاتصالات الكوكبية بالنظر إليها و المحاسبة و سائر المقدمات من الزيجات و غيرها. نعم كما يحرم التنجيم يحرم الاخبار بما استخرج منه بتا على ما في المتن.

ص: 10

و الغلاء و الجدب و الخصب و كثرة الأمطار و قلتها و غير ذلك من الخير و الشر و النفع و الضر مستندا الى الحركات الفلكية و النظرات و الاتصالات الكوكبية معتقدا تأثيرها (1) في هذا العالم. و ليس منه الاخبار عن الخسوف و الكسوف و الأهلة و اقتران الكواكب و انفصالها، لأن أمثال ذلك بسبب الحساب بعد ضبط الحركات و مقاديرها و تعيين مدارات الكواكب و أوضاعها، و لها أصول و قواعد سديدة عندهم، و الخطأ الواقع أحيانا منهم في ذلك ناش من الخطأ في الحساب.

[مسألة: 17 يحرم الغش بما يخفى في البيع و الشراء]

مسألة: 17 يحرم الغش بما يخفى في البيع و الشراء، كشوب اللبن بالماء و خلط الطعام الجيد بالردي ء و مزج الدهن (2) بالشحم و نحو ذلك من دون إعلام، ففي النبوي صلى اللّٰه عليه و آله «ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ماكره» و في النبوي الأخر «من غش مسلما في بيع أو شراء فليس منا و يحشر مع اليهود يوم القيامة لأنه من غش الناس فليس بمسلم» الى ان قال «من غشنا فليس منا» قالها ثلاثا «و من غش أخاه المسلم نزع اللّٰه بركة رزقه و سد عليه معيشته و وكله الى نفسه».

و قال مولانا الصادق عليه السلام لرجل يبيع الدقيق «إياك و الغش فان من غش غش في ماله فان لم يكن له مال غش في اهله». و لا يفسد أصل المعاملة بوقوع الغش و ان حرم فعله و أوجب الخيار للمغشوش بعد الاطلاع. نعم لو كان الغش بإظهار الشي ء على خلاف جنسه- كبيع المموه على أنه ذهب أو فضة و نحو ذلك- فسد أصل المعاملة.

[مسألة: 18 يحرم أخذ الأجرة على ما يجب عليه فعله و لو كفائيا]

مسألة: 18 يحرم أخذ الأجرة على ما يجب عليه فعله و لو كفائيا، كتغسيل الموتى و تكفينهم و دفنهم. نعم لو كان الواجب توصليا كالدفن و لم يبذل المال لأجل أصل العمل بل لأجل اختيار عمل خاص لا بأس به، فالمحرم أخذ الأجرة لأصل الدفن.


1- مستقلا أو شريكا مع الخالق تعالى عما يقول المشركون، و أما الاعتقاد بما أعطاه اللّٰه إياها من الآثار إذا حصل له عن دليل فلا اشكال فيه و ان كان خاطئا.
2- ان كان قليلا بحيث لا يخرج الدهن عن مسماه عرفا و الا فسد أصل المعاملة لمباينة الشحم و الدهن جنسا بنظر العرف.

ص: 11

و اما إذا اختار الولي مكانا خاصا و قبرا مخصوصا و اعطى المال للحفار لحفر ذلك المكان الخاص فالظاهر انه لا بأس به، كما انه لا بأس بأخذ الطبيب الأجرة للحضور عند المريض، و ان أشكل (1) أخذها لأجل أصل المعالجة. هذا لو كان الواجب توصليا لا يشترط فيه قصد القربة كالدفن، و اما لو كان تعبديا يشترط فيه التقرب كالتغسيل فلا يجوز أخذ الأجرة عليه على أي حال. نعم لا بأس بأخذها على بعض الأمور غير الواجبة كما تقدم في غسل الميت. و مما يجب على الإنسان تعليم مسائل الحلال و الحرام، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، و اما تعليم الأطفال للقرآن فضلا عن غيره من الكتابة و قراءة الخط و غير ذلك فلا بأس بأخذ الأجرة عليه. و المراد بأخذ الأجرة على الواجبات أخذها على ما وجب على نفس الأجير، و اما ما وجب على غيره و لا يعتبر فيه المباشرة فلا بأس بأخذ الأجرة عليه حتى في العبادات التي يشرع فيها النيابة، حيث ان الأجرة تكون في قبال النيابة عنه (2)، فلا بأس بالاستيجار للأموات في العبادات كالحج و الصوم و الصلاة.

[مسألة: 19 كما ان في الشرع معاملات و مكاسب محرمة يجب الاجتناب عنها]

مسألة: 19 كما ان في الشرع معاملات و مكاسب محرمة يجب الاجتناب عنها كذلك مكاسب مكروهة ينبغي التنزه عنها، و هي أمور:

منها: بيع الصرف، فإنه لا يسلم من الربا.

و منها: بيع الأكفان، فإنه لا يسلم من ان يسره الوباء و كثرة الموتى.

و منها: بيع الطعام، فإنه لا يسلم من الاحتكار و حب الغلاء و نزعت منه الرحمة.

و منها: بيع الرقيق، فان شر الناس من باع الناس. و انما تكره البيوع المزبورة فيما إذا جعلها حرفة على وجه يكون صيرفيا و بياع أكفان و حناطا و نخاسا، لا بمجرد صدورها منه أحيانا.


1- لا إشكال في أخذها له إذا لم يتوقف العلاج أو حفظ النفس على المعالجة مجانا، فان الواجب هو بذل العمل و أما المبذول فلا مانع من أخذ شي ء بإزائه كما في المحتكر.
2- لا مانع من أخذ الأجرة في قبال النيابي أيضا و لا ينافي كونه قريبا، و قد مر التفصيل في صلاة الاستيجار.

ص: 12

و منها: اتخاذ الذبح و النحر صنعة، فإن صاحبها يقسو قلبه و يسلب منه الرحمة.

و منها: صنعة الحياكة، فإن اللّٰه تعالى قد سلب عن الحوكة عقولهم، و روي ان عقل أربعين معلما عقل حائك، و عقل حائك عقل امرأة، و المرأة لا عقل لها. بل ورد أن ولد الحائك لا ينجب إلى سبعة أبطن.

و منها: صنعة الحجامة و كسبها، خصوصا إذا كان يشترط الأجرة على العمل.

و منها: التكسب بضراب الفحل، بأن يؤاجره لذلك مع ضبطه بالمرة أو المرات المعينة أو بالمدة أو بغير الإجارة. نعم الظاهر انه لا كراهة فيما يعطى له بعنوان الإهداء و الإكرام عوضا عن ذلك.

[مسألة: 20 لا ريب ان التكسب و تحصيل المعيشة بالكد و التعب محبوب عند الرب]

مسألة: 20 لا ريب ان التكسب و تحصيل المعيشة بالكد و التعب محبوب عند الرب، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: العبادة سبعون جزء أفضلها طلب الحلال.

و عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: ان اللّٰه عز و جل يحب المحترف الأمين.

و عن مولانا الباقر عليه السلام: من طلب الدنيا استعفافا عن الناس و سعيا على أهله و تعطفا على جاره لقي اللّٰه عز و جل يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر.

و أفضل المكاسب التجارة (1)، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: اتجروا بارك اللّٰه لكم، فاني سمعت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله يقول: «الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة و واحد في غيرها».

و في خبر آخر عنه صلى اللّٰه عليه و آله: تسعة أعشار الرزق في التجارة و الجزء الباقي في السابياء- يعني الغنم.

ثم الزرع و الغرس، و أفضله النخل، فعن مولانا الباقر عليه السلام قال: كان أبي يقول خير الاعمال الحرث تزرع فيأكل منه البر و الفاجر- الى ان قال- و يأكل منه البهائم و الطير.

و عن مولانا الصادق عليه السلام: ازرعوا و اغرسوا، فلا و اللّٰه ما عمل الناس


1- بل أربح المكاسب و أدرها للرزق التجارة و أفضلها الزرع و الغرس.

ص: 13

عملا أحل و أطيب منه.

و عنه عليه السلام: الزارعون كنوز الأنام يزرعون طيبا أخرجه اللّٰه عز و جل، و هم يوم القيامة أحسن الناس مقاما و أقربهم منزلة يدعون المباركين.

و عنه عليه السلام: الكيمياء الأكبر الزراعة.

ثم اقتناء الأغنام للاستفادة، فان فيها البركة، فعن مولانا الصادق عليه السلام:

إذا اتخذ أهل بيت شاة آتاهم اللّٰه برزقها و زاد في أرزاقهم و ارتحل عنهم الفقر مرحلة، فإن اتخذوا شاتين آتاهم اللّٰه بأرزاقهما و زاد في أرزاقهم و ارتحل عنهم الفقر مرحلتين، و ان اتخذوا ثلاثة آتاهم اللّٰه بأرزاقها و ارتحل عنهم الفقر رأسا.

و عنه عليه السلام: ما من أهل بيت تروح عليهم ثلاثون شاة إلا لم تزل الملائكة تحرسهم حتى يصبحوا.

ثم اقتناء البقر، فإنها تغدو بخير و تروح بخير.

و أما الإبل فقد نهى عن إكثارها، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: ان فيها الشقاء و الجفاء و العناء.

[مسألة: 21 يجب على كل من يباشر التجارة و سائر أنواع التكسب تعلم أحكامها]

مسألة: 21 يجب على كل من يباشر التجارة و سائر أنواع التكسب تعلم أحكامها و المسائل المتعلقة بها ليعرف صحيحها عن فاسدها و يسلم من الربا، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام كان على المنبر و هو يقول: يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، و اللّٰه للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا أيمانكم بالصدق، التاجر فاجر و الفاجر في النار الا من أخذ الحق و اعطى الحق.

و عنه عليه السلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم.

و عنه عليه السلام: لا يقعدن في السوق الا من يعقل الشراء و البيع.

و عن مولانا الصادق عليه السلام: من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، و من لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات.

ص: 14

و القدر اللازم أن يكون عالما و لو عن تقليد بحكم التجارة و المعاملة التي يوقعها حين إيقاعها، بل و لو بعد إيقاعها، بأن يوقع معاملة مشكوكة في صحتها و فسادها ثم يسأل عن حكمها فإذا تبين كونها صحيحة رتب عليها الأثر و الا فلا (1). نعم فيما اشتبه حكمه من جهة الحرمة و الحلية لا من جهة مجرد الفساد و الصحة كموارد الشك في كون المعاملة ربوية يجب على الجاهل الاجتناب حتى يسأل عن حكمه و يتعلمه.

[مسألة: 22 للتجارة و التكسب آداب مستحبة و مكروهة]

مسألة: 22 للتجارة و التكسب آداب مستحبة و مكروهة.

أما المستحبة فأهمها:

الإجمال في الطلب و الاقتصاد فيه، فعن مولانا الصادق عليه السلام: ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع و دون طلب الحريص.

و عن مولانا الباقر عليه السلام: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و سلم في حجة الوداع: الا ان الروح الأمين نفث في روعي انه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا اللّٰه عز و جل و أجملوا في الطلب، و لا يحملنكم استبطاء شي ء من الرزق أن تطلبوه بشي ء من معصية اللّٰه جل و عز، فان اللّٰه تبارك و تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسمها حراما، فمن اتقى اللّٰه عز و جل و صبر آتاه اللّٰه برزقه من حله، و من هتك حجاب الستر و عجل فأخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال و حوسب عليه يوم القيامة.

و منها: إقالة النادم في البيع و الشراء لو استقاله، فأيما عبد أقال مسلما في بيع أقاله اللّٰه عثرته يوم القيامة.

و منها: التسوية بين المبتاعين في السعر، فلا يفرق بين المماكس و غيره، بأن يقلل الثمن للأول و يزيده للثاني. نعم لو فرق بينهم بسبب الفضل و الدين و نحو ذلك فالظاهر انه لا بأس.


1- هذا بالنسبة الى ما بعد التفحص، و أما قبله فيجب عليه الاحتياط بترك التصرف في الثمن و المثمن للعلم الإجمالي بحرمة التصرف في أحدهما.

ص: 15

و منها: ان يقبض لنفسه ناقصا و يعطي راجحا.

و أما المكروهة فأمور:

منها: مدح البائع لما يبيعه.

و منها: ذم المشتري لما يشتريه.

و منها: اليمين صادقا على البيع و الشراء، ففي النبوي: أربع من كن فيه طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب، و إذا باع لم يمدح، و لا يدلس، و فيما بين ذلك لا يحلف.

و منها: البيع في موضع يستر فيه العيب.

و منها: الربح على المؤمن و على من وعده بالإحسان إلا مع الضرورة أو كون الشراء للتجارة.

و منها: السوم ما بين الطلوعين.

و منها: الدخول الى السوق أولا و الخروج منه أخيرا، بل ينبغي أن يكون آخر داخل و أول خارج عكس المسجد.

و منها: مبايعة الأدنين الذين لا يبالون بما قالوا و ما قيل لهم و لا يسرهم الإحسان و لا تسوؤهم الإساءة و الذين يحاسبون على الشي ء الدني ء.

و منها: مبايعة ذوي العاهات و الأكراد و المحارف و من لم ينشأ في الخير كمستحدثي النعمة.

و منها: التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه.

و منها: الاستحطاط من الثمن بعد العقد.

و منها: الدخول في سوم المؤمن على الأظهر، و قيل بالحرمة، و المراد به الزيادة في الثمن أو بذل مبيع غير ما بذله البائع الأول ليكون الشراء أو البيع له بعد تراضي الأولين و الاشراف على إيقاع العقد في البين، فلا يكون منه الزيادة فيما إذا كان المبيع في المزايدة.

ص: 16

و منها: أن يتوكل حاضر عارف بسعر البلد لباد غريب جاهل غافل، بأن يصير وكيلا عنه في البيع و الشراء، ففي النبوي لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق اللّٰه بعضهم من بعض. و في النبوي الأخر: دعوا الناس على غفلاتها.

و منها: تلقي الركبان و القوافل و استقبالهم للبيع عليهم أو الشراء منهم قبل وصولهم الى البلد، و قيل يحرم و ان صح البيع و الشراء لو تلقى و باع أو اشترى، و هو الأحوط و ان كان الأظهر الكراهة، و انما يكره أو يحرم بشروط:

«أحدها»- كون الخروج بقصد ذلك، فلو خرج لا لذلك فاتفق الركب لم يثبت الحكم.

«ثانيها»- تحقق مسمى الخروج من البلد، فلو تلقى الركب في أول وصوله الى البلد لم يثبت الحكم.

«ثالثها»- ان يكون دون الأربعة فراسخ، فلو تلقى في الأربعة فصاعدا لم يثبت الحكم بل يكون سفر تجارة. و في اعتبار كون الركب جاهلا بسعر البلد فيما يبيعه أو يشتريه وجه (1) و ان كان الأحوط التعميم، و هل يعم الحكم غير البيع و الشراء كالإجارة و نحوها؟

وجهان (2).

[مسألة: 23 الاحتكار- و هو حبس الطعام و جمعه يتربص به الغلاء]

مسألة: 23 الاحتكار- و هو حبس الطعام و جمعه يتربص به الغلاء- حرام مع ضرورة المسلمين و حاجتهم و عدم وجود من يبذل لهم قدر كفايتهم، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: طرق طائفة من بني إسرائيل ليلا عذاب و أصبحوا و قد فقدوا أربعة أصناف: الطبالين و المغنين و المحتكرين للطعام و الصيارفة، آكلة الربا منهم.

و عنه صلى اللّٰه عليه و آله: لا يحتكر الطعام إلا خاطئ. و عنه صلى اللّٰه عليه و آله عن جبرئيل عليه السلام: اطلعت في النار فرأيت واديا في جهنم يغلي. فقلت:

يا مالك لمن هذا؟ فقال: لثلاثة المحتكرين و المدمنين للخمر و القوادين. نعم مجرد


1- غير وجيه.
2- أقواهما عدم التعميم.

ص: 17

حبس الطعام انتظارا لعلو السعر مع عدم ضرورة الناس و وجود الباذل ليس بحرام و ان كان مكروها، و لو لم يحبسه للبيع في زمان الغلاء بل كان لصرفه في محاويجه لا حرمة و لا كراهة، و انما يتحقق الاحتكار بحبس الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الدهن و كذا الزيت و الملح على الأحوط لو لم يكن أقوى (1)، بل لا يبعد تحققه في كل ما يحتاج إليه عامة أهالي البلد من الأطعمة كالأرز و الذرة بالنسبة الى بعض البلاد.

و يجبر المحتكر على البيع، و لا يعين عليه السعر بل له أن يبيع ما شاء الا إذا أجحف فيجبر على النزول من دون تسعير عليه (2).

[مسألة: 24 لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات و المناصب و الأشغال من قبل الجائر]

مسألة: 24 لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات و المناصب و الأشغال من قبل الجائر، و ان كان أصل الشغل مشروعا مع قطع النظر عن كونه متوليا من قبل الجائر، كجباية الخراج و جمع الزكاة و تولى المناصب الجندية و الامنية و حكومة البلاد و نحو ذلك، فضلا عما كان غير مشروع في نفسه كأخذ العشور و القمرك و غير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة. نعم يسوغ كل ذلك (3) مع الجبر و الإكراه بإلزام من يخشى من التخلف عن إلزامه على نفسه أو عرضه أو ماله إلا في الدماء المحترمة فإنه لا تقية فيها، كما أنه يسوغ خصوص القسم الأول، و هو الدخول في الولاية على أمر مشروع في نفسه القيام بمصالح المسلمين و إخوانه في الدين، فعن مولانا الصادق عليه السلام: كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان.

و عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام فقال لي: يا زياد انك لتعمل عمل السلطان؟ قال: قلت أجل. قال لي: و لم؟ قلت: انا


1- في القوة منع. نعم هو أحوط فيه و في كل ما يحتاج إليه أهل البلد من الأطعمة.
2- و مع الامتناع يسعر الحاكم بما لا إجحاف فيه على المتبايعين.
3- جواز أذى الناس و الظلم عليهم و هتك اعراضهم و التصرف في أموالهم بدون رضاهم بمثل الإكراه و الاضطرار و الحرج محل تأمل، لأن تجويز ذلك كله خلاف الامتنان على النوع، فلا تشملها الأدلة الامتنانية فلا يسوغ شي ء من ذلك الا عند التزاحم بما هو أهم كحفظ النفس أو العرض في بعض مراتبهما، اللهم الا أن يكون في المسألة إجماع كما يرى منهم التسليم. نعم نفس الدخول في الولاية عنهم إذا لم يستلزم تلك المفاسد فيسوغ بما ذكره قدس سره.

ص: 18

رجل لي مروة و علي عيال و ليس وراء ظهري شي ء. فقال لي: يا زياد لأن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب الي من أن أتولى لهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم الا لما ذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: الا لتفريج كربة عن مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه- الى أن قال- يا زياد فان و ليت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة و اللّٰه من وراء ذلك- الخبر.

و عن الفصل بن عبد الرحمن الهاشمي قال: كتبت الى أبي الحسن عليه السلام استأذنه في أعمال السلطان. فقال: لا بأس به ما لم تغير حكما و لم تبطل حدا، و كفارته قضاء حوائج إخوانكم.

بل لو كان دخوله فيها بقصد الإحسان إلى المؤمنين و دفع الضرر عنهم كان راجحا، و قد ورد عن أئمتنا عليهم السلام الحث عليه و الترغيب فيه، فقد روى الصدوق عن مولانا الكاظم عليه السلام: ان للّٰه تبارك و تعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه. قال: و في خبر آخر أولئك عتقاء اللّٰه من النار.

و عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان للّٰه تعالى بأبواب الظالمين من نوّر اللّٰه به البرهان و مكن له في البلاد ليدفع بهم عن أوليائه و يصلح اللّٰه بهم أمور المسلمين، إليهم يلجأ المؤمن من الضر و إليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا و بهم يؤمن اللّٰه روعة المؤمن في دار الظلم، أولئك هم المؤمنون حقا، أولئك أمناء اللّٰه في أرضه- الى أن قال- خلقوا و اللّٰه للجنة و خلقت لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم ان لو شاء لنال هذا كله. قال: قلت بما ذا جعلني اللّٰه فداك؟ قال:

يكون معهم فيسرنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا، فكن منهم يا محمد.

و الاخبار في هذا المعنى كثيرة، بل ربما بلغ الدخول في بعض المناصب و الاشتغال لبعض الأشخاص أحيانا إلى حد الوجوب، كما إذا تمكن شخص بسببه على دفع مفسدة دينية أو المنع عن بعض المنكرات الشرعية مثلا، و مع ذلك فيها خطرات كثيرة إلا لمن عصمه اللّٰه تعالى.

ص: 19

[مسألة: 25 ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي جنسا أو نقدا و على النخيل و الأشجار]

مسألة: 25 ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي جنسا أو نقدا و على النخيل و الأشجار يعامل معاملة ما يأخذه السلطان العادل، فتبرأ ذمة الدافع عما كان عليه من الخراج الذي هو أجرة الأرض الخراجية، و يجوز لكل أحد شراؤه و أخذه مجانا و بالعوض و التصرف فيه بأنواع التصرف، بل لو لم تأخذه الحكومة و حول شخصا على من عليه الخراج بمقدار فدفعه الى المحتال يحل له و تبرأ ذمة المحول عليه عما عليه، لكن الأحوط (1) خصوصا في مثل هذه الأزمنة رجوع من ينتفع بهذه الأراضي و يتصرف فيها في أمر خراجها و كذلك من يصل اليه من هذه الأموال شي ء إلى حاكم الشرع أيضا. و الظاهر أن حكم السلطان المؤالف كالمخالف (2)، و ان كان الاحتياط بالرجوع الى حاكم الشرع في الأول أشد.

[مسألة: 26 يجوز لكل أحد أن يتقبل الأراضي الخراجية و يضمنها من الحكومة بشي ء]

مسألة: 26 يجوز لكل أحد أن يتقبل الأراضي الخراجية و يضمنها من الحكومة (3) بشي ء و ينتفع بها بنفسه بزرع أو غرس و غيره أو يقبلها و يضمنها لغيره و لو بالزيادة، كما يصنعه بعض الشيوخ و الزعماء حيث يتقبلون بعض الأراضي من الحكومة بضريبة مقررة ثم يقبلونها قطعا قطعا لأشخاص بتلك الضريبة أو بأزيد منها.

[مسألة: 27 إذا دفع إنسان مالا الى أحد ليصرفه في طائفة و كان المدفوع اليه بصفتهم]

مسألة: 27 إذا دفع إنسان مالا الى أحد ليصرفه في طائفة و كان المدفوع اليه بصفتهم كما إذا دفع الى فقير مالا زكاة أو غيرها ليصرفه في الفقراء أو الى شخص هاشمي خمسا أو غيره ليصرفه في السادة و لم يعين شخصا معينا (4) جاز له أن يأخذ مثل أحدهم من غير زيادة، و كذا له أن يصرفه في عياله، خصوصا إذا أعطاه و قال ان هذا للفقراء أو السادة مثلا، و ان كان الأحوط عدم أخذه منه شيئا إلا بإذن صريح.


1- بل الأقوى في مثل هذه الأزمنة.
2- فيه منع، بل اللازم في المؤالف الاستئذان.
3- ان كان من المخالف، اما في المؤالف فيستأذن من الحاكم الشرعي.
4- و لو بالقرينة أو الانصراف.

ص: 20

[كتاب البيع]

اشارة

كتاب البيع

[مسائل في البيع]
[مسألة: 1 عقد البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول]

مسألة: 1 عقد البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول، و الأقوى عدم اعتبار العربية، بل يقع بكل لغة و لو مع إمكان العربي، كما انه لا يعتبر فيه الصراحة بل يقع بكل لفظ دال على المقصود عند أهل المحاورة «كبعت» و «ملكت» و نحوهما في الإيجاب، و «قبلت» و «اشتريت» و «ابتعت» و نحو ذلك في القبول، كما أن الظاهر عدم اعتبار الماضوية، فيجوز بالمضارع و ان كان المشهور اعتبارها، و لا ريب انه الأحوط (1) و هل يعتبر فيه عدم اللحن من حيث المادة و الهيئة و الاعراب لو أوقعه بالعربي؟ الظاهر العدم إذا كان دالا على المقصود عند أبناء المحاورة (2) و عد ملحونا من الكلام لا كلاما آخر ذكر في هذا المقام، كما إذا قال «بعت» بفتح الباء أو «بعت» بكسر العين و سكون التاء، و أولى بذلك اللغات المحرفة كالمتداولة بين أهل السواد و من ضاهاهم.

[مسألة: 2 الظاهر جواز تقديم القبول على الإيجاب]

مسألة: 2 الظاهر جواز تقديم القبول على الإيجاب إذا كان بمثل اشتريت و ابتعت لا بمثل قبلت و رضيت، و أما إذا كان بنحو الأمر و الاستيجاب كما إذا قال من يريد الشراء بعني الشي ء الفلاني بكذا فقال البائع بعتكه بكذا ففي صحته و تمامية العقد به اشكال لا يبعد الصحة (3)، و ان كان الأحوط إعادة المشتري القبول.


1- بل لا يترك.
2- بحيث يعدونه إنشاء للمعاملة.
3- بل يبعد و لا يكتفى به الا مع اعادة القبول.

ص: 21

[مسألة: 3 يعتبر الموالاة بين الإيجاب و القبول]

مسألة: 3 يعتبر الموالاة بين الإيجاب و القبول، بمعنى عدم الفصل الطويل بينهما بما يخرجهما عن عنوان العقد و المعاقدة، و لا يضر القليل بحيث يصدق معه أن هذا قبول لذلك الإيجاب.

[مسألة: 4 يعتبر في العقد التطابق بين الإيجاب و القبول]

مسألة: 4 يعتبر في العقد التطابق بين الإيجاب و القبول، فلو اختلفا- بأن أوجب البائع البيع على وجه خاص من حيث المشتري أو المبيع أو الثمن أو توابع العقد من الشروط و قبل المشتري على وجه آخر- لم ينعقد، فلو قال البائع «بعت هذا من موكلك بكذا» فقال الوكيل «اشتريته لنفسي» لم ينعقد. نعم لو قال «بعت هذا من موكلك» فقال الموكل الحاضر الغير المخاطب «قبلت» لم يبعد الصحة، و لو قال «بعتك هذا بكذا» فقال «اشتريت لموكلي»، فإن كان الموجب قاصدا وقوع البيع للمخاطب بما هو هو و بنفسه لم ينعقد، و أما إذا كان قاصدا له أعم من كونه أصيلا أو كونه نائبا و وكيلا صح و انعقد. و لو قال «بعتك هذا بألف» فقال «اشتريت نصفه بألف أو بخمسمائة» لم ينعقد، بل لو قال «اشتريت كل نصف منه بخمسمائة» لا يخلو من اشكال. و لو قال لشخصين «بعتكما هذا بألف» فقال أحدهما «اشتريت نصفه بخمسمائة» لم ينعقد، و أما لو قال كل منهما ذلك لا يبعد الصحة، لكنه لا يخلو من اشكال (1). و لو قال «بعتك هذا بهذا على أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام» فقال «اشتريت»، فان فهم و لو من ظاهر الحال و المقام أنه قصد شراءه على الشرط الذي ذكره البائع صح و انعقد، و ان قصده مطلقا و بلا شرط لم ينعقد. و أما لو انعكس- بأن أوجب البائع بلا شرط و قبل المشتري معه- فلا ينعقد مشروطا قطعا، و هل ينعقد مطلقا و بلا شرط؟ فيه إشكال.

[مسألة: 5 يقوم مقام اللفظ مع التعذر لخرس و نحوه الإشارة المفهمة]

مسألة: 5 يقوم مقام اللفظ مع التعذر لخرس و نحوه الإشارة المفهمة و لو مع التمكن من التوكيل على الأقوى، كما أنه يقوم مقامه الكتابة مع العجز عنه و عن الإشارة، و أما مع القدرة عليها فالظاهر تقدمها على الكتابة.


1- بل لا اشكال فيه.

ص: 22

[مسألة: 6 الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة]

مسألة: 6 الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة، سواء كان في الحقير أو الخطير، و هي عبارة عن تسليم العين بقصد كونها ملكا للغير بالعوض و تسليم عين أخرى من آخر بعنوان العوضية. و الظاهر تحققها بمجرد تسليم المبيع بقصد التمليك بالعوض مع قصد المشتري في أخذه التملك بالعوض، فيجوز جعل الثمن كليا في ذمة المشتري، و في تحققها بتسليم العوض فقط من المشتري (1) إشكال.

[مسألة: 7 الأقوى أنه يعتبر في المعاطاة جميع ما اعتبر في البيع العقدي]

مسألة: 7 الأقوى أنه يعتبر في المعاطاة جميع ما اعتبر في البيع العقدي ما عدا الصيغة من الشروط الآتية، فلا تصح مع فقد واحد منها، سواء كان مما اعتبر في المتبايعين أو في العوضين، كما أن الأقوى ثبوت الخيارات الآتية فيها و لو بعد لزومها (2) بأحد الملزمات الآتية، إلا إذا كان وجود الملزم منافيا لثبوت الخيار و موجبا لسقوطه، كما إذا كان المأخوذ، بالمعاطاة معيبا و لم يكن قائما بعينه.

[مسألة: 8 البيع العقدي لازم من الطرفين الا مع وجود أحد الخيارات الآتية]

مسألة: 8 البيع العقدي لازم من الطرفين الا مع وجود أحد الخيارات الآتية.

نعم يجوز فسخه بالإقالة، و هي الفسخ من الطرفين. و أما المعاطاة فالأقوى أنها مفيدة للملك، لكنها جائزة من الطرفين و لا تلزم الا بتلف أحد العوضين أو التصرف المغير أو الناقل للعين، و لو مات أحدهما لم يكن لوارثه الرجوع، و لكن لو جن فالظاهر قيام وليه مقامه في الرجوع.

[مسألة: 9 البيع المعاطاتي ليس قابلا للشروط]

مسألة: 9 البيع المعاطاتي ليس قابلا للشروط (3)، فلو أريد ثبوت خيار بالشرط أو سقوطه به أو شرط آخر حتى جعل مدة و أجل لأحد العوضين يلزم إجراء صيغة البيع و إدراج ذلك الشرط في ضمنها.

[مسألة: 10 هل تجري المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات]

مسألة: 10 هل تجري المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات أو لا تجري فيها أو تجري في بعضها دون بعض، لعل الظاهر هو الأخير، و نحن فيما بعد نشير في كل باب الى جريانها فيه و عدمه إن شاء اللّٰه تعالى.


1- و ان لم يبعد تحققها به أيضا مع أخذ البائع الثمن بقصد التملك بالعوض.
2- على ما يأتي.
3- الظاهر انه لا مانع من إيقاعها مبنيا على الشرط، غاية الأمر قبل تلف أحد العوضين لا يلزم العمل على الشرط كنفس المعاطاة و بعده يلزم، من غير فرق بين الشروط الصحيحة.

ص: 23

[مسألة: 11 كما يقع البيع و الشراء بمباشرة المالك يقع بالتوكيل أو الولاية من طرف واحد]

مسألة: 11 كما يقع البيع و الشراء بمباشرة المالك يقع بالتوكيل أو الولاية من طرف واحد أو من الطرفين، و يجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد أصالة من طرف و وكالة أو ولاية من آخر أو وكالة من الطرفين أو ولاية منهما أو وكالة من طرف و ولاية من آخر.

[مسألة: 12 لا يجوز تعليق البيع على شي ء غير حاصل حين العقد]

مسألة: 12 لا يجوز تعليق البيع على شي ء غير حاصل حين العقد، سواء علم حصوله فيما بعد أم لا، و لا على شي ء مجهول الحصول حينه، و أما تعليقه على معلوم الحصول حينه- كما إذا قال «بعتك ان كان اليوم يوم السبت» مع العلم به- ففيه اشكال لا يبعد الجواز.

[مسألة: 13 لو قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه و كان مضمونا عليه]

مسألة: 13 لو قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه و كان مضمونا عليه، بمعنى انه يجب عليه ان يرده الى مالكه. و لو تلف و لو بآفة سماوية يجب عليه رد عوضه من المثل أو القيمة. نعم لو كان كل من البائع و المشتري راضيا بتصرف الأخر فيما قبضه و لو على تقدير فساده يباح لكل منهما التصرف و الانتفاع بما قبضه و لو بإتلافه و لا ضمان عليه.

[القول في شروط البيع]
اشارة

القول في شروط البيع:

و هي اما في المتعاقدين و اما في العوضين:

[القول في شرائط المتعاقدين]
اشاره

القول في شرائط المتعاقدين:

و هي أمور:

[ «الأول»- البلوغ]
اشارة

«الأول»- البلوغ، فلا يصح بيع الصغير و لو كان مميزا و كان بإذن الولي إذا كان مستقلا في إيقاع المعاملة. نعم لو كان بمنزلة الإله بحيث يكون حقيقة المعاملة بين البالغين لا بأس به.

[مسألة: 1 ظاهر المشهور أنه كما لا تصح معاملة الصبي لنفسه كذلك لا تصح لغيره]

مسألة: 1 ظاهر المشهور أنه كما لا تصح معاملة الصبي لنفسه كذلك لا تصح لغيره أيضا إذا كان وكيلا عنه حتى فيما لو اذن له الولي في الوكالة، بل لا يصح منه مجرد إجراء الصيغة و لو كان أصل المعاملة بين البالغين فهو مسلوب العبارة و كان

ص: 24

عقده كعقد الهازل و الغافل، و هذا التعميم عندي محل نظر و إشكال.

[ «الثاني»- العقل]

«الثاني»- العقل، فلا يصح بيع المجنون.

[ «الثالث»- القصد]

«الثالث»- القصد، فلا يصح بيع غير القاصد كالهازل و الغالط و الساهي.

[ «الرابع»- الاختيار]
اشارة

«الرابع»- الاختيار، فلا يقع البيع من المكره، و المراد به الخائف على ترك البيع من جهة توعيد الغير عليه بإيقاع ضرر عليه، و لا يضر بصحة البيع الاضطرار الموجب للإلجاء و ان كان حاصلا من إلزام الغير بشي ء، كما إذا ألزمه ظالم على دفع مال فالتجأ إلى بيع ماله لدفع ذلك المال اليه. و لا فرق في الضرر المتوعد به بين أن يكون متعلقا بنفس المكره نفسا أو عرضا أو مالا أو بمن يكون متعلقا به كولده و عياله ممن يكون إيقاع محذور عليه بمنزلة إيقاعه عليه، و لو رضي المكره بالبيع بعد زوال الإكراه صح و لزم.

[مسألة: 2 الظاهر أنه لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية]

مسألة: 2 الظاهر أنه لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية، فلو ألزم بالبيع و أوعد على تركه بإيقاع ضرر عليه فباع قاصدا للمعنى مع إمكان أن لا يقصد أصلا أو يقصد معنى آخر غير البيع يكون مكرها (1). نعم لو كان متمكنا من التفصي بغيرها- بأن يخلص نفسه من المكره و من الضرر المتوعد به مع إيقاع البيع بما لم يكن ضررا عليه مثل أن يستعين بمن ليس ضرر و حرج في استعانته و مع ذلك لم يفعل و أوقع البيع لم يكن مكرها عليه.

[مسألة: 3 لو أكرهه على أحد أمرين اما بيع داره أو عمل آخر فباع داره]

مسألة: 3 لو أكرهه على أحد أمرين اما بيع داره أو عمل آخر فباع داره فان كان في العمل الأخر محذور ديني أو دنيوي يتحرز منه وقع البيع مكرها عليه و الا وقع مختارا.

[مسألة: 4 لو أكرهه على بيع أحد الشيئين على التخيير فكل ما وقع منه يقع مكرها عليه]

مسألة: 4 لو أكرهه على بيع أحد الشيئين على التخيير فكل ما وقع منه يقع مكرها عليه، و اما لو أوقعهما معا فان كان تدريجا فالظاهر وقوع الأول مكرها عليه دون الثاني، و اما لو أوقعهما دفعة ففي صحة البيع بالنسبة إلى كليهما أو فساده كذلك


1- إلا إذا كان ملتفتا بإمكان التخلص فعلا بإيقاع البيع تورية و متمكنا بعد ذلك من دفع الضرر من دون التزام بالبيع و مع ذلك باع قاصدا للمعنى فلا يكون مكرها.

ص: 25

أو صحة أحدهما و التعيين بالقرعة وجوه لا يخلو أولها من رجحان، و أما لو أكرهه على بيع معين فضم اليه غيره و باعهما دفعة فالظاهر البطلان فيما أكره عليه و الصحة في غيره.

[ «الخامس»- كونهما مالكين للتصرف]
اشارة

«الخامس»- كونهما مالكين للتصرف، فلا تقع المعاملة من غير المالك إذا لم يكن وكيلا عنه أو وليا عليه كالأب و الجد للأب و الوصي عنهما و الحاكم، و لا من المحجور عليه لسفه أو فلس أو غير ذلك من أسباب الحجر.

[مسألة: 5 معنى عدم الوقوع من غير المالك من المسمى بالفضولي]

مسألة: 5 معنى عدم الوقوع من غير المالك من المسمى بالفضولي- و هو المحجور عليه- عدم اللزوم و النفوذ لا كونه لغوا، فلو أجاز المالك العقد الواقع من غير المالك أو الولي العقد الواقع من السفيه أو الغرماء العقد الواقع من المفلس صح و لزم.

[مسألة: 6 لا فرق في صحة البيع الصادر من غير المالك مع اجازة المالك بين ما إذا قصد وقوعه للمالك]

مسألة: 6 لا فرق في صحة البيع الصادر من غير المالك مع اجازة المالك بين ما إذا قصد وقوعه للمالك و ما إذا قصد وقوعه لنفسه كما في بيع الغاصب و من اعتقد انه مالك و ليس بمالك، كما أنه لا فرق على الأول بين ما إذا سبقه منع المالك عن البيع و ما لم يسبقه المنع على اشكال في الأول (1). نعم يعتبر في تأثير الإجازة عدم مسبوقيتها برد المالك بعد العقد، فلو باع فضولا و بعد ما عرض على المالك قد رده ثم أجازه لغت الإجازة، كما انه لو رد بعد الإجازة لغا الرد.

[مسألة: 7 الإجازة من المالك كما تقع باللفظ الدال على الرضا بالبيع بحسب متفاهم العرف]

مسألة: 7 الإجازة من المالك كما تقع باللفظ الدال على الرضا بالبيع بحسب متفاهم العرف و لو بالكناية كقوله «أمضيت و أجزت و أنفذت و رضيت» و شبه ذلك، و كقوله للمشتري «بارك اللّٰه لك فيه» و شبه ذلك من الكنايات كذلك تقع بالفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد، كما إذا تصرف في الثمن. و من ذلك ما إذا أجاز البيع الواقع عليه لانه مستلزم لإجازة البيع الواقع على المثمن، و كما إذا مكنت الزوجة من نفسها إذا زوجت فضولا.


1- بل لا إشكال إذا لم يرد بعد العقد.

ص: 26

[مسألة: 8 هل الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي من حين وقوعه]

مسألة: 8 هل الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي من حين وقوعه، فتكشف عن أن المبيع كان ملكا للمشتري و الثمن ملكا للبائع من زمان وقوع العقد، أو ناقلة بمعنى كونها شرطا لتأثير العقد من حين وقوعها؟ الظاهر هو الثاني (1) و تظهر الثمرة في النماء المتخلل بين العقد و الإجازة، فعلى الأول نماء المبيع للمشتري و نماء الثمن للبائع و على الثاني بالعكس.

[مسألة: 9 إذا كان المالك راضيا بالبيع باطنا لكن لم يصدر منه اذن و توكيل للغير في البيع أو الشراء]

مسألة: 9 إذا كان المالك راضيا بالبيع باطنا لكن لم يصدر منه اذن و توكيل للغير في البيع أو الشراء فالظاهر أنه لا يكفي في الخروج عن الفضولية، فيحتاج في نفوذه إلى الإجازة، سيما إذا لم يلتفت حين العقد الى وقوعه لكن كان بحيث لو كان ملتفتا كان راضيا.

[مسألة: 10 لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية]

مسألة: 10 لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية، فلو تخيل كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه يكون من الفضولي و يصح بالإجازة، و اما العكس- بأن تخيل كونه غير جائز التصرف فتبين كونه وكيلا أو وليا- فالظاهر صحته و عدم احتياجه (2) إلى الإجازة على اشكال في الثاني، و مثله ما إذا تخيل كونه غير مالك فتبين كونه مالكا، لكن عدم الصحة و الاحتياج إلى الإجازة فيه لا يخلو من قوة.

[مسألة: 11 لو باع شيئا فضولا ثم ملكه اما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالإرث صح]

مسألة: 11 لو باع شيئا فضولا ثم ملكه اما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالإرث صح بإجازته (3) بعد ما ملكه على الأقوى، و ليس باطلا بحيث لا تجدي الإجازة أصلا و لا صحيحا بحيث لا حاجة إليها كما قال بكل منهما قائل.

[مسألة: 12 لا يعتبر في المجيز أن يكون مالكا حين العقد]

مسألة: 12 لا يعتبر في المجيز أن يكون مالكا حين العقد، فيجوز أن يكون المالك حين العقد غير المالك حين الإجازة، كما إذا مات المالك حين العقد قبل


1- أى النقل حقيقة، و لكن المستفاد من الأدلة هو الكشف حكما، بمعنى وجوب ترتيب ما يمكن من آثار النقل من حين العقد تعبدا و ان كان النقل يحصل من حين وقوع الإجازة.
2- أما في الوكيل فلانه باع مأذونا عن الموكل و لا يضره عدم علم الوكيل به، و أما في الولي و المالك فالأقوى الاحتياج إلى الإجازة.
3- مشكل جدا، بل البطلان بحيث لا تجديه الإجازة لا يخلو من وجه.

ص: 27

الإجازة، فيصح بإجازة الوارث (1). و أولى بذلك ما إذا كان المالك حين العقد غير جائز التصرف لمانع من صغر أو سفه أو جنون أو غير ذلك، ثم ارتفع المانع فإنه يصح بإجازته.

[مسألة: 13 لو وقعت بيوع متعددة على مال الغير، فاما ان تقع على نفس مال الغير أو على عوضه]

مسألة: 13 لو وقعت بيوع متعددة على مال الغير، فاما ان تقع على نفس مال الغير أو على عوضه، و على الأول فاما أن تقع تلك البيوع من فضولي واحد- كما إذا باع دار زيد مكررا على أشخاص متعددة- و اما أن تقع من أشخاص متعددة- كما إذا باعها من شخص بفرس ثم باعها المشتري من شخص آخر بحمار ثم باعها المشتري الثاني من شخص آخر بكتاب و هكذا- و على الثاني فاما أن تكون من شخص واحد على الاعواض و الأثمان بالترامي- كما إذا باع دار زيد بثوب ثم باع الثوب ببقر ثم باع البقر بفراش و هكذا- و اما أن تقع على ثمن شخصي مرارا- كما إذا باع الثوب في المثال المزبور مرارا على أشخاص متعددة- فهذه صور أربع. ثم انه للمالك في جميع هذه الصور أن يتتبع البيوع و يجيز أي واحد شاء منها و يصح بإجازته ذلك العقد المجاز، و أما غيره من البيوع فيحتاج الى شرح و تفصيل لا يناسب هذا المختصر.

[مسألة: 14 الرد الذي يكون مانعا عن تأثير الإجازة]

مسألة: 14 الرد الذي يكون مانعا عن تأثير الإجازة كما عرفته سابقا قد يكون مانعا عن لحوقها مطلقا و لو من غير المالك حين العقد، و هو اما بالقول كقوله «فسخت و رددت» و شبه ذلك مما هو ظاهر فيه، و اما بالفعل كما إذا تصرف فيه بما يوجب فوات محل الإجازة عقلا كالإتلاف أو شرعا كالعتق، و قد يكون مانعا عن لحوقها بالنسبة إلى خصوص المالك حين العقد لا مطلقا كالتصرف الناقل للعين كالبيع و الهبة و نحوهما، حيث ان بذلك لا يفوت محل الإجازة إلا بالنسبة إلى المنتقل عنه و أما المنتقل اليه فله أن يجيز بناء على عدم اعتبار (2) كون المجيز مالكا حين العقد كما مر. و أما الإجارة


1- هذا أيضا مشكل جدا، و البطلان و لو مع الإجازة لا يخلو من وجه.
2- قد مر الاشكال فيه، و التحقيق ان البيع من المالك مفوت للمحل مطلقا فيوجب الانفساخ و كذلك موت المالك حين العقد.

ص: 28

فالظاهر أنه لا تكون (1) مانعا عن الإجازة مطلقا حتى بالنسبة إلى المالك المؤجر لعدم التنافي بين الإجارة و الإجازة، غاية الأمر أنه تنتقل العين بعد الإجارة إلى المشتري مسلوبة المنفعة.

[مسألة: 15 حيثما لم تتحقق الإجازة من المالك سواء تحقق منه الرد أم لا]

مسألة: 15 حيثما لم تتحقق الإجازة من المالك سواء تحقق منه الرد أم لا كالمتردد له انتزاع عين ماله مع بقائه ممن وجده في يده، بل و له الرجوع بمنافعه المستوفاة (2) في هذه المدة، و له مطالبة البائع الفضولي برد العين و منافعها إذا كانت في يده و قد سلمها إلى المشتري، بل لو كانت مئونة لردها كانت عليه. هذا مع بقاء العين و أما مع تلفها يرجع ببدلها الى من تلفت عنده. و لو تعاقبت أيدي متعددة عليها- بأن كانت مثلا بيد البائع الفضولي و سلمها إلى المشتري و هو الى آخر و تلفت عنده- يتخير المالك في الرجوع بالبدل الى أي واحد منهم، و ليس له الرجوع الى الكل موزعا عليهم بالتساوي أو بالتفاوت، فان رجع الى واحد سقط عن الباقين و ليس له الرجوع إليهم بعد ذلك. هذا حكم المالك مع البائع الفضولي و المشتري و كل من صار عين ماله بيده، و أما حكم المشتري مع البائع الفضولي فمع علمه بكونه غير مالك ليس له الرجوع إليه بشي ء مما يرجع المالك اليه، و ما وردت من الخسارات عليه حتى انه إذا دفع الثمن إلى البائع و تلف عنده ليس له ان يرجع اليه (3). نعم له أن يسترده لو كان باقيا، و أما مع جهله فله أن يرجع اليه بكل ما اغترم للمالك لو رجع اليه حتى فيما إذا اغترم له بدل المنافع و النماءات التي استوفاها، فإذا اشترى دارا مع جهله بكون البائع غير مالك و أنها مستحقة للغير و سكنها مدة ثم جاء المالك و أخذ داره و أخذ منه اجرة مثل الدار في تلك المدة له أن يرجع بها الى البائع، و كذا يرجع اليه بكل خسارة وردت عليه مثل اتفاق الدابة و ما صرفه في العمارة و ما تلف منه و ضاع من الغرس أو الزرع أو الحفر و غيرها، فإن البائع الغير المالك ضامن لدرك جميع ذلك و للمشتري الجاهل ان يرجع بها اليه.


1- فيه تأمل.
2- بل و غير المستوفاة أيضا.
3- بل له أن يرجع اليه.

ص: 29

[مسألة: 16 لو أحدث المشتري لمال الغير فيما اشتراه بناء أو غرسا أو زرعا]

مسألة: 16 لو أحدث المشتري لمال الغير فيما اشتراه بناء أو غرسا أو زرعا فللمالك إلزامه بإزالة ما أحدثه و تسوية الأرض و مطالبته بأرش النقص لو كان من دون أن يضمن المالك ما يرد عليه من الخسران، كما ان للمشتري إزالة ذلك مع ضمانه أرش النقص الوارد على الأرض و ليس للمالك إلزام المشتري بالإبقاء و لو مجانا، كما أنه ليس للمشتري حق الإبقاء و لو بالأجرة. و لو حفر بئرا أو كرى نهرا مثلا في أرض اشتراها وجب عليه طمها و ردها إلى الحالة الاولى لو اراده المالك و أمكن و ضمن أرش النقص لو كان، و ليس له مطالبة المالك أجرة عمله أو ما صرفه فيه من ماله و ان زاد به القيمة، كما انه ليس له رده الى الحالة الأولى بالطم و نحوه لو لم يرض به المالك.

نعم يرجع بأجرة عمله و كل ما صرف من ماله و كل خسارة وردت عليه إلى البائع الغاصب مع جهله الا مع علمه كما مر. و كذلك الحال فيما إذا أحدث المشتري فيما اشتراه صفة من دون أن يكون له عين في العين المشتراة، كما إذا طحن الحنطة أو غزل و نسج القطن أو صاغ الفضة. و هنا فروع كثيرة نتعرض لها في كتاب الغصب ان شاء اللّٰه تعالى فان المقام أحد مصاديقه أو ملحق به.

[مسألة: 17 لو جمع البائع بين ملكه و ملك غيره أو باع ما كان مشتركا بينه و بين غيره]

مسألة: 17 لو جمع البائع بين ملكه و ملك غيره أو باع ما كان مشتركا بينه و بين غيره نفذ البيع في ملكه بما قابله من الثمن، و نفوذه و صحته في ملك الغير موقوف على إجازته، فان اجازه و الا فللمشتري (1) خيار فسخ البيع من أصله من جهة التبعض ان كان جاهلا.

[مسألة: 18 طريق معرفة حصة كل منهما من الثمن أن يقوّم كل منهما بقيمته الواقعية]

مسألة: 18 طريق معرفة حصة كل منهما من الثمن أن يقوّم كل منهما بقيمته الواقعية (2) ثم يلاحظ نسبة قيمة أحدهما مع قيمة الأخر فيجعل نصيب كل منهما من الثمن


1- و عن بعض تقييد صحة البيع فيما يملك من الرد بما إذا لم يتولد من عدم الإجازة مانع شرعي، كلزوم الربا أو بيع آبق من دون ضميمة، حكاه الشيخ في المكاسب. و صحة البيع في أمثال هذه الموارد و لو مع الإجازة لا تخلو من اشكال.
2- بل يعتبر قيمتها في حال الانضمام إلى الأخر، و ما في المتن يصح في خصوص ما لا يؤثر الانضمام أو يؤثر فيهما بنحو التساوي و لا يصح فيما يؤثر فيهما بالاختلاف.

ص: 30

بتلك النسبة، فإذا باعهما معا بستة و كان قيمة أحدهما ستة و قيمة الأخر ثلاثة يكون حصة ما كان قيمته ثلاثة من ستة الثمن نصف حصة الأخر منها، فلأحدهما اثنان و للآخر أربعة.

[مسألة: 19 يجوز للأب و الجد للأب و ان علا ان يتصرفا في مال الصغير بالبيع و الشراء]

مسألة: 19 يجوز للأب و الجد للأب و ان علا ان يتصرفا في مال الصغير بالبيع و الشراء و الإجارة و غيرها، و كل منهما مستقل في الولاية وجد الأخر معه أم لا، و الأقوى عدم اعتبار العدالة فيهما. و لا يشترط في نفوذ تصرفهما المصلحة، بل يكفي عدم المفسدة و كما لهما الولاية في ماله بأنواع التصرفات لهما الولاية في نفسه بالإجارة و التزويج و غيرهما الا الطلاق فلا يملكانه بل ينتظر بلوغه. و هل يلحق به فسخ عقد النكاح عند موجبه و هبة المدة في المتعة؟ وجهان بل قولان أقواهما العدم (1). و ليس بين الأقارب من له الولاية على الصغير غير الأب و الجد للأب، بل هم كلهم كالأجانب حتى الام و الأخ و الجد للأم.

[مسألة: 20 و كما للأب و الجد الولاية على الصغير في زمان حياتهما كذلك لهما نصب القيم عليه بعد وفاتهما]

مسألة: 20 و كما للأب و الجد الولاية على الصغير في زمان حياتهما كذلك لهما نصب القيم عليه بعد وفاتهما، فينفذ منه ما كان ينفذ منهما، على اشكال في التزويج (2) الا ان الظاهر فيه اعتبار المصلحة، و لا يكفي مجرد عدم المفسدة، كما أن الأحوط فيه لو لا الأقوى اعتبار العدالة، و سيأتي تفصيل ذلك في كتاب الوصية.

[مسألة: 21 إذا فقد الأب و الجد و الوصي عنهما يكون للحاكم الشرعي]

مسألة: 21 إذا فقد الأب و الجد و الوصي عنهما يكون للحاكم الشرعي- و هو المجتهد العادل- ولاية التصرف في أموال الصغار مشروطا بالغبطة و الصلاح، بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر و الفساد. و حيث ان هذا تكليف راجع اليه فيتبع رأيه و نظره، و مع فقد الحاكم يرجع الأمر إلى عدول المؤمنين، فلهم ولاية التصرف في مال الصغير بما يكون في تركه مفسدة و في فعله صلاح و غبطة.


1- أي لا يلحق بالطلاق فيثبت لهما الولاية فيهما.
2- الأحوط لغير الأب و الجد من الأولياء عدم التزويج الا مع الضرورة اللازمة مراعاتها.

ص: 31

[القول في شروط العوضين]
اشارة

القول في شروط العوضين:

و هي أمور:

[ «الأول»- يشترط في المبيع أن يكون عينا متمولا]

«الأول»- يشترط في المبيع أن يكون عينا متمولا، سواء كان موجودا في الخارج أو كليا في ذمة البائع أو في ذمة غيره، كأن يبيع ما كان له في ذمة غيره بشي ء فلا يجوز أن يكون منفعة كمنفعة الدار أو الدابة أو عملا كخياطة الثوب أو حقا، و أما الثمن فيجوز أن يكون منفعة أو عملا متمولا، بل يجوز أن يكون حقا قابلا للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و في جواز كونه حقا قابلا للإسقاط غير قابل للنقل و الانتقال كحقي الخيار و الشفعة إشكال (1).

[ «الثاني» تعيين مقدار ما كان مقدارا]
اشارة

«الثاني» تعيين مقدار ما كان مقدارا بالكيل أو الوزن أو العد بأحدها في العوضين فلا يكفي المشاهدة، و لا تقديره (2) بغير ما يكون به تقديره، فلا يكفي تقدير الموزون بالكيل أو العد و المعدود بالوزن أو الكيل. نعم لا بأس بأن يكال جملة مما يعد أو مما يوزن ثم يعد أو يوزن ما في أحد المكاييل ثم يحسب الباقي بحسابه، و هذا ليس من تقدير المعدود أو الموزون بالكيل كما لا يخفى.

[مسألة: 1 يجوز الاعتماد على اخبار البائع بمقدار المبيع]

مسألة: 1 يجوز الاعتماد على اخبار البائع بمقدار المبيع، فيشتريه مبنيا على ما أخبر به. و لو تبين النقص فله الخيار، فان فسخ يرد تمام الثمن و ان أمضاه ينقص من الثمن بحسابه.

[مسألة: 2 الظاهر انه يكفي المشاهدة في بيع الحطب قبل أن يحل حمله]

مسألة: 2 الظاهر انه يكفي المشاهدة (3) في بيع الحطب قبل أن يحل حمله و صار كونه منه و التبن قبل أن يفرغ من وعاء حمله و صار صبرة منه، و مثلهما كثير من المائعات المحرزة في الشيشات، فهي ليست من الموزون قبل أن يفرغ منها،


1- و ان كان عدم الجواز أقوى.
2- لا يبعد جواز تقدير المكيل و المعدود بالوزن دون العكس.
3- فيما تعارف فيه ذلك، و يختلف ذلك بالنسبة إلى الأزمنة و الأمكنة و مع ذلك يشترط فيه أن لا يكون التفاوت في الافراد كثيرا بحيث يعد بيعه كذلك بيعا غرريا.

ص: 32

و يكفي في بيعها المشاهدة و بعد ذلك تكون منه، بل الظاهر أن مثل ذلك المذبوح من الغنم، فإنه قبل أن يسلخ جلده يكفي فيه المشاهدة و بعده يحتاج الى الوزن.

و بالجملة قد يختلف حال شي ء باختلاف الأحوال و المحال يكون من الموزون في محل دون محل و في حال دون حال.

[مسألة: 3 الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي يقدر ماليتها بحسب الخيط و الذراع]

مسألة: 3 الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي يقدر ماليتها بحسب الخيط و الذراع، بل لا بد من الاطلاع على مساحتها، و كذلك كثير من الأثواب قبل أن يخاط أو يفصل. نعم إذا تعارف عدد خاص في أذرع الطاقات من بعض الأثواب جاز بيعها و شراؤها اعتمادا على ذلك التعارف و مبنيا عليه، نظير الاعتماد على اخبار البائع و البناء عليه.

[مسألة: 4 إذا اختلفت البلدان في شي ء- بأن كان موزونا في بلد مثلا و معدودا في آخر]

مسألة: 4 إذا اختلفت البلدان في شي ء- بأن كان موزونا في بلد مثلا و معدودا في آخر- فالظاهر أن المدار على بلد المعاملة.

[ «الثالث»- معرفة جنس العوضين]

«الثالث»- معرفة جنس العوضين و أوصافهما التي تتفاوت بها القيمة و تختلف لها الرغبات، و ذلك اما بالمشاهدة أو بالتوصيف الرافع للجهالة، و يجوز الاكتفاء بالرؤية السابقة إذا لم يعلم تغير العين (1).

[ «الرابع»- كون العوضين ملكا طلقا]
اشارة

«الرابع»- كون العوضين ملكا طلقا، فلا يجوز بيع الماء و العشب و الكلاء قبل حيازتها و السموك و الوحوش قبل اصطيادها و الموات من الأراضي قبل إحيائها.

نعم إذا استنبط بئرا في أرض مباحة ملك ماءها (2)، و كذا لو حفر نهرا و أجرى فيه الماء من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ماءه فله حينئذ بيعه كسائر أملاكه. و كذا لا يجوز بيع الرهن إلا بإذن المرتهن أو إجازته، و إذا باع الراهن العين المرهونة ثم افتكت من الرهن فالظاهر الصحة من غير حاجة الى الإجازة، و كذا لا يجوز بيع الوقف و لا بيع أم الولد إلا في بعض المواضع فيهما.


1- و لم تجر العادة على تغيرها.
2- بالتملك دون مجرد الاستنباط، فلو أراد بيع الماء لزم ان يتملكه أولا ثم يبيعه. نعم لو حفر البئر بقصد تملكه يملك الماء بمجرد خروجه، و كذا في حفر النهر.

ص: 33

[مسألة: 5 يجوز بيع الوقف في مواضع]

مسألة: 5 يجوز بيع الوقف (1) في مواضع:

منها: إذا خرب الوقف بحيث لم يمكن الانتفاع بعينه مع بقائه كالجذع البالي و الحصير الخلق و الدار الخربة التي لا يمكن الانتفاع حتى بعرصتها، و يلحق بذلك ما إذا خرج عن الانتفاع أصلا من جهة أخرى غير الخراب، و كذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتد به بسبب الخراب أو غيره بحيث يقال في العرف لا منفعة له، كما إذا انهدمت الدار و صارت عرصة يمكن إجارتها بمقدار جزئي و كانت بحيث لو بيعت و بدلت بمال آخر يكون نفعه مثل الأول أو قريبا منه، و أما إذا قلت منفعته لكن لا الى حد يلحق بالمعدوم فالظاهر عدم جواز بيعه، و لو أمكن ان يشترى بثمنه ما له نفع كثير.

و منها: إذا كان يؤدي بقاؤه إلى خرابه، سواء كان لخلف بين أربابه أو لغير ذلك، و سواء كان أداؤه الى ذلك معلوما أو مظنونا (2)، و سواء كان الخراب المعلوم أو المظنون على حد سقوط الانتفاع بالمرة أو الانتفاع المعتد به. نعم لو فرض إمكان الانتفاع به بعد الخراب كانتفاعه السابق بوجه آخر لم يجز بيعه.

و منها: إذا شرط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم أو حصول ضرورة و حاجة شديدة لهم فإنه لا مانع حينئذ من بيعه و تبديله على اشكال (3).

[مسألة: 6 انما لا يجوز بيع أم الولد إذا لم يمت ولدها في حياة سيدها]

مسألة: 6 انما لا يجوز بيع أم الولد إذا لم يمت ولدها في حياة سيدها و الا فهي كسائر المماليك يجوز بيعها، و قد استثنى عن عدم جواز بيعها مع حياة ولدها مواضع جلها أو كلها محل المناقشة (4) و النظر الا موضع واحد، و هو بيعها في ثمن


1- فيما يكون الوقف ملكا للموقوف عليهم، و أما فيما لا يكون ملكا لأحد بل يكون فك ملك نظير التحرير كما في المدارس و المساجد و الرباطات- بناء على عدم دخولها في ملك المسلمين كما هو الأقوى- فلا يجوز بيعها في حال.
2- بحيث يعد عدم تبديله تقصيرا في حفظه عرفا.
3- فلا يترك فيه الاحتياط.
4- و التفصيل موكول الى محله.

ص: 34

رقبتها مع إعسار مولاها، و المتيقن من هذا أيضا صورة موت المالك، بأن مات مديونا بثمنها و لم يترك سواها، و أما مع حياة مولاها فلا يخلو من اشكال.

[مسألة: 7 لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة]

مسألة: 7 لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة، و هي المأخوذة من يد الكفار قهرا المعمورة وقت الفتح فإنها ملك للمسلمين كافة، فهي باقية على حالها بيد من يعمرها و يؤخذ خراجها و يصرف في مصالح المسلمين. و أما ما كانت مواتا حال الفتح ثم عرضت لها الاحياء فهي ملك لمحييها، و بذلك يسهل الخطب في الدور و العقار و بعض الإقطاع من تلك الأراضي التي يعامل معها معاملة الأملاك، حيث انه من المحتمل أن المتصرف فيها ملكها بوجه صحيح فيحكم بملكية ما في يده ما لم يعلم خلافها.

و المتيقن من المفتوح عنوة أرض العراق و بعض الأقطار ببلاد العجم.

[ «الخامس»- القدرة على التسليم]

«الخامس»- القدرة على التسليم، فلا يجوز بيع الطير المملوك إذا طار في الهواء، و لا السمك المملوك إذا أرسل في الماء، و لا الدابة الشاردة و لا العبد الآبق الا مع الضميمة (1)، و إذا لم يقدر البائع على التسليم و كان المشتري قادرا على تسلمه فالظاهر الصحة.

[القول في الخيارات]
اشارة

القول في الخيارات:

[و هي أقسام]
اشارة

و هي أقسام:

[ «الأول»- خيار المجلس]

«الأول»- خيار المجلس، فإذا وقع البيع فللمتبايعين الخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا و لو بخطوة (2) سقط الخيار من الطرفين و لزم البيع من الجانبين، و لو فارقا من مجلس البيع مصطحبين بقي الخيار.

[ «الثاني»- خيار الحيوان]
اشارة

«الثاني»- خيار الحيوان، فمن اشترى حيوانا إنسانا أو غيره ثبت له الخيار


1- فيما يرجى رجوعه دون ما يقطع بعدم رجوعه.
2- إذا صدق الافتراق عرفا.

ص: 35

إلى ثلاثة أيام من حين العقد، و في ثبوته للبائع أيضا إذا كان الثمن حيوانا وجه لا يخلو من قوة.

[مسألة: 1 لو تصرف المشتري في الحيوان تصرفا يدل على الرضا]

مسألة: 1 لو تصرف المشتري في الحيوان تصرفا يدل على الرضا بالبيع سقط خياره.

[مسألة: 2 لو تلف الحيوان في مدة الخيار كان من مال البائع]

مسألة: 2 لو تلف الحيوان في مدة الخيار كان من مال البائع، فيبطل البيع و يرجع إليه المشتري بالثمن إذا دفعه إليه.

[مسألة: 3 العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري لا يمنع عن الفسخ و الرد]

مسألة: 3 العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري لا يمنع عن الفسخ و الرد.

[ «الثالث»- خيار الشرط]
اشارة

«الثالث»- خيار الشرط، أي الثابت بالاشتراط في ضمن العقد، و يجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث، و لا يتقدر بمدة معينة بل هو بحسب ما اشترطاه قلت أو كثرت. و لا بد من كونها مضبوطة من حيث المقدار و من حيث الاتصال و الانفصال.

نعم إذا ذكرت مدة معينة كشهر مثلا و أطلقت فالظاهر اتصالها بالعقد.

[مسألة: 4 يجوز أن يشترط لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستيمار و الاستشارة]

مسألة: 4 يجوز أن يشترط لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستيمار و الاستشارة، بأن يشاور مع ثالث في أمر العقد، فكل ما رأى من الصلاح إبقاء للعقد أو فسخا يكون متبعا. و يعتبر في هذا الشرط أيضا تعيين المدة، و ليس للمشروط له الفسخ قبل أمر ذاك الثالث، و لا يجب عليه لو أمره بل جاز له، فإذا اشترط البائع على المشتري مثلا بأن له المهلة إلى ثلاثة أيام حتى يستشير من صديقه أو الدلال الفلاني، فان رأى الصلاح في هذا البيع يلتزم به و الا فلا، يكون مرجعه الى جعل الخيار له على تقدير أن لا يرى صديقه أو الدلال الصلاح في البيع لا مطلقا، فليس له الخيار الا على ذلك التقدير.

[مسألة: 5 لا إشكال في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع و جريانه في كل عقد لازم]

مسألة: 5 لا إشكال في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع و جريانه في كل عقد لازم (1) سوى عقد النكاح، كما أنه لا إشكال في عدم جريانه في الإيقاعات كالطلاق


1- هذه الكلية محل منع و مجال الكلام فيها واسع.

ص: 36

و العتق و الإبراء و غيرها.

[مسألة: 6 يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن بعينه أو ما يعم مثله إلى مدة معينة]

مسألة: 6 يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن بعينه أو ما يعم مثله إلى مدة معينة، فإن مضت و لم يأت بالثمن كاملا لزم البيع. و مثل هذا البيع يسمى في العرف الحاضر بيع الخيار، و الظاهر صحة اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكل برد بعض الثمن أو فسخ البعض برد البعض، و يكفي في رد الثمن فعل البائع ما له دخل في القبض من طرفه و ان ابى المشتري من قبضه، فلو أحضر الثمن و عرضه عليه و مكنه من قبضه فأبى هو و امتنع ان يقبضه تحقق الرد الذي هو شرط لملك الفسخ فله أن يفسخ.

[مسألة: 7 نماء المبيع و منافعه في هذه المدة للمشتري كما أن تلفه عليه]

مسألة: 7 نماء المبيع و منافعه في هذه المدة للمشتري كما أن تلفه عليه، و الخيار باق مع التلف ان كان المشروط الخيار و السلطنة على فسخ البيع، و حينئذ يرجع بعد الفسخ الى المثل أو القيمة، و ساقط ان كان المشروط ارتجاع العين بالفسخ.

و على أي حال ليس للمشتري قبل انقضاء المدة التصرف (1) الناقل و إتلاف العين.

[مسألة: 8 الثمن المشروط رده إذا كان كليا في ذمة البائع]

مسألة: 8 الثمن المشروط رده إذا كان كليا في ذمة البائع- كما إذا كان في ذمته ألف درهم لزيد فباع داره منه بما في ذمته و جعل له الخيار مشروطا برد الثمن- يكون رده بأداء ما في ذمته و دفع ما كان عليه و ان برأت ذمته عما كان عليه بجعله ثمنا.

[مسألة: 9 إذا لم يقبض البائع الثمن أصلا سواء كان كليا في ذمة المشتري أو عينا موجودا عنده]

مسألة: 9 إذا لم يقبض البائع الثمن أصلا سواء كان كليا في ذمة المشتري أو عينا موجودا عنده، فهل له هذا الخيار و له الفسخ قبل انقضاء المدة المضروبة أم لا؟ وجهان لا يخلو أولهما من رجحان (2)، و اما إذا قبضه فان كان كليا فالظاهر انه لا يتعين (3) رد عين ذلك الفرد المقبوض إلى المشتري بل يكفي دفع فرد آخر اليه


1- و ذلك لان الخيار و ان كان هو السلطنة على فسخ العقد من دون تعلق حق على العين، الا ان المتبادر من هذا الشرط عرفا اشتراط إبقاء المبيع عند المشتري حتى يرد البائع الثمن و يفسخ العقد، لكن هذا الشرط لا يترتب عليه الا الحكم بعدم جواز النقل، و أما عدم النقل فلا يترتب عليه، فلو تخلف و نقل صح و يرجع البائع بعد الفسخ الى المثل و القيمة كما في صورة التلف.
2- بل لا وجه للثاني الا أن يكون لعنوان الرد دخلا في شرط الخيار في نظر الجاعل.
3- بل يتعين إلا إذا صرحا في شرطهما برد ما يعم أو انحصر الانتفاع به بصرفه كما لو كان الثمن شخصيا، و ذلك للانصراف في الكلي أيضا الى رد المأخوذ لا رد الكلي.

ص: 37

مما ينطبق الكلي عليه الا إذا صرح باشتراط كون المردود عين ذلك الفرد المقبوض، و ان كان الثمن عينا شخصيا لم يتحقق الرد الا برد عينه، فلو لم يمكن رده بتلف و نحوه، لم يكن للبائع الخيار إلا إذا صرحا في شرطهما برد ما يعم بدله مع عدم التمكن من العين. نعم إذا كان الثمن مما انحصر انتفاعه المتعارف بصرفه لا ببقائه كالنقود يمكن أن يقال ان المنساق من الإطلاق في مثله ما يعم بدله ما لم يصرح بأن يكون المردود نفس العين.

[مسألة: 10 كما انه يتحقق رد الثمن برده الى نفس المشتري يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في خصوص ذلك]

مسألة: 10 كما انه يتحقق رد الثمن برده الى نفس المشتري يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في خصوص ذلك أو وكيله المطلق أو وليه كالحاكم فيما إذا صار مجنونا أو غائبا بل و عدول المؤمنين أيضا في مورد ولايتهم. هذا إذا جعل الخيار للبائع مشروطا برد الثمن أورده إلى المشتري و أطلق، و اما لو اشترط الرد إلى المشتري بنفسه و إيصاله بيده لا يتعدى منه الى غيره.

[مسألة: 11 لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة و رد الثمن]

مسألة: 11 لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة و رد الثمن فالظاهر تحققه بإيصاله إلى المولى عليه فيملك البائع الفسخ بذلك، بل في كفاية الرد إلى الولي حينئذ نظر و اشكال (1). و لو اشترى أحد الوليين كالأب فهل يصح للبائع الفسخ مع رد الثمن إلى الولي الآخر كالجد؟ لا يبعد ذلك، خصوصا فيما إذا لم يتمكن من الرد إلى الأخر، و كذلك الحال في الحاكمين إذا اشترى أحدهما ورد الثمن إلى الأخر، لكنه لا يخلو من اشكال من جهة الاشكال (2)


1- ان كان الشرط هو الرد المنصرف إطلاقه إلى الرد على من هو أهل لأن يرد عليه، فلا يكفي الرد إلى الولي بلا اشكال، و ان كان الشرط هو الرد الى نفسه و ان لم يكن وليا حين الفسخ فلا إشكال في كفاية الرد اليه و عدم كفاية الرد الى المولى عليه، كما لا إشكال في كفاية الرد الى كل منهما لو كان الشرط هو الرد إلى الأعم. و منه يعلم الحكم في شراء أحد الوليين أو أحد الحاكمين.
2- هذا إذا كان الشرط الرد المنصرف إطلاقه إلى الرد الى من هو أهل لأن يرد عليه، و لكن إذا جعل الشرط الرد الى مطلق الحاكم فيكفي الرد الى حاكم آخر و ان لم يكن وليا في هذه المعاملة، و هذا لا ربط له بالولاية في المعاملة.

ص: 38

في ولاية حاكم آخر في هذه المعاملة التي تصداها الحاكم الأول. نعم لو لم يمكن الرد الى الحاكم الأول يجوز رده الى حاكم آخر بلا اشكال. و هذا أيضا كما مر في المسألة السابقة فيما إذا لم يصرح يكون المردود إليه المشتري بخصوصه و بنفسه، و الا فلا يتعدى منه الى غيره.

[مسألة: 12 إذا مات البائع ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات الى ورثته]

مسألة: 12 إذا مات البائع ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات الى ورثته، فيردون الثمن و يفسخون البيع فيرجع إليهم المبيع على حسب قواعد الإرث، كما ان الثمن المردود أيضا يوزع عليهم بالحصص. و إذا مات المشتري فالظاهر جواز فسخ البائع برد الثمن الى ورثته. نعم لو جعل الشرط رد الثمن إلى المشتري بخصوصه و بنفسه و بمباشرته فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه، فيسقط هذا الخيار بموته.

[مسألة: 13 كما يجوز للبائع اشتراط الخيار له برد الثمن كذا يجوز للمشترى اشتراط الفسخ له عند رد المثمن]

مسألة: 13 كما يجوز للبائع اشتراط الخيار له برد الثمن كذا يجوز للمشترى اشتراط الفسخ له عند رد المثمن، و الظاهر المنصرف إليه الإطلاق فيه رد العين، فلا يتحقق برد بدله و لو مع التلف الا أن يصرح برد ما يعم البدل عند تعذر المبدل، و يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما برد ما انتقل اليه.

[ «الرابع»- خيار الغبن]
اشارة

«الرابع»- خيار الغبن، و هو فيما إذا باع بدون ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه مع الجهل بالقيمة فللمغبون خيار الفسخ، و يعتبر الزيادة أو النقيصة مع ملاحظة ما انضم اليه من الشرط، فلو باع ما يسوى مائة دينار بأقل منه بكثير مع اشتراط الخيار للبائع فلا غبن (1) لان المبيع ببيع الخيار ينقص ثمنه عن المبيع بالبيع اللازم، و هكذا غيره من الشروط. و يشترط فيه أن يكون التفاوت بما لا يتسامح الناس فيه (2) في مثل هذه المعاملة، فلو باع ما يسوى مائة بخمسة و تسعين لم يكن مغبونا، لانه لا ينظر في مقام التكسب و المعاملة الى هذا المقدار من التفاوت، إذ الخمسة يسيرة بالنسبة إلى


1- إلا إذا كان مغبونا حتى في هذا القسم من البيع.
2- هو يختلف بحسب اختلاف المعاملات اليسيرة و الخطيرة، فربما يتسامح في اليسيرة بالعشر و لا يتسامح في الخطيرة بنصف العشر أو أقل، فالميزان تشخيص العرف و تصديقهم بالغبن.

ص: 39

المائة و ان كانت كثيرة في نفسها. و بعبارة أخرى التفاوت بنصف العشر لا ينظر اليه و يتسامح فيه، بل لا يبعد دعوى التسامح في العشر أيضا.

[مسألة: 14 ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة]

مسألة: 14 ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة، بل له الخيار بين أن يفسخ المبيع من أصله أو يلتزم و يرضى به بالثمن المسمى، كما أنه لا يسقط خياره ببذل الطرف المقابل التفاوت. نعم مع تراضى الطرفين لا بأس به (1).

[مسألة: 15 الخيار ثابت للمغبون من حين العقد لا أنه يحدث من حين اطلاعه على الغبن]

مسألة: 15 الخيار ثابت للمغبون من حين العقد لا أنه يحدث من حين اطلاعه على الغبن، فلو فسخ قبل ذلك و صادف الغبن واقعا أثر الفسخ أثره من جهة انه وقع في موقعه.

[مسألة: 16 إذا اطلع على الغبن و لم يبادر بالفسخ]

مسألة: 16 إذا اطلع على الغبن و لم يبادر بالفسخ، فان كان لأجل جهله بحكم الخيار فلا إشكال في بقاء خياره، و ان كان عالما به فان كان بانيا على الفسخ غير راض بهذا البيع بهذا الثمن الا انه أخر إنشاء الفسخ لغرض من الأغراض فالظاهر بقاء خياره (2). نعم ليس له التواني فيه بحيث يؤدي الى ضرر و تعطيل أمر على الغابن، و ان لم يكن بانيا على الفسخ و لم يكن بصدد فسخه الا انه بدا له بعد ذلك ان يفسخه فالظاهر سقوط خياره.

[مسألة: 17 المدار في الغبن على القيمة حال العقد]

مسألة: 17 المدار في الغبن على القيمة حال العقد، فلو زادت بعده و لو قبل اطلاع المغبون على النقصان حين العقد لم ينفع في سقوط الخيار، كما أنه لو نقص بعده أو زاد لم يؤثر في ثبوته.

[مسألة: 18 يسقط هذا الخيار بأمور]

مسألة: 18 يسقط هذا الخيار بأمور:

أحدها: اشتراط سقوطه و عدمه في ضمن العقد، و يقتصر في السقوط على مرتبة من الغبن كانت مقصودة عند الاشتراط و شملته العبارة، فلو كان المشروط سقوط


1- لا بأس بإسقاط الخيار بإزاء ما أخذ.
2- بل الظاهر سقوطه ان كان التأخير مع العلم بالغبن و الحكم.

ص: 40

مرتبة خاصة من الغبن كالعشر فتبين كونه الخمس لم يسقط الخيار، بل لو اشترط سقوطه و ان كان فاحشا أو أفحش لا يسقط الا ما كان كذلك بالنسبة الى ما يحتمل في مثل هذه المعاملة لا أزيد، فلو فرض ان ما اشترى بمائة لا يحتمل فيه ان لا يسوى عشرة أو عشرين و ان المحتمل فيها من الفاحش الى خمسين و الافحش الى ثلاثين و شرطا سقوط الغبن فاحشا كان أو أفحش لم يسقط الخيار إذا كان يسوى عشرا أو عشرين.

الثاني: إسقاطه بعد العقد و لو قبل ظهور الغبن إذا أسقطه على تقدير ثبوته، و هذا أيضا كسابقه يقتصر على مرتبة من الغبن كانت مقصودة عند الاسقاط، فلو أسقط مرتبة خاصة منه كالعشر فتبين كونه أزيد لم يسقط الخيار. و كما يجوز إسقاطه بعد العقد مجانا يجوز المصالحة عنه بالعوض، فمع العلم بمرتبة الغبن لا اشكال و مع الجهل بها فالظاهر جواز المصالحة عنه مع التصريح بعموم المراتب، بأن يصالح عن خيار الغبن الموجود في هذه المعاملة بأي مرتبة كان، و لو عين مرتبة و صالح عن خياره فتبين كونه أزيد فالظاهر بطلان المصالحة.

الثالث: تصرف المغبون بعد العلم بالغبن فيما انتقل اليه بما يكشف عن رضاه بالبيع، بأن تصرف البائع المغبون في الثمن أو المشتري المغبون في المثمن فإنه يسقط بذلك خياره، خصوصا الثاني و خصوصا إذا كان تصرفه بالإتلاف أو بما يمنع الرد كالاستيلاد أو بإخراجه عن ملكه كالعتق أو بنقل لازم كالبيع، و أما تصرفه قبل ظهور الغبن فلا يسقط الخيار كتصرف الغابن فيما انتقل اليه مطلقا.

[مسألة: 19 إذا اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع]

مسألة: 19 إذا اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع، فان كان المبيع موجودا عند المشتري باقيا على حاله استرده منه، و إذا رآه تالفا أو متلفا رجع اليه بالمثل أو القيمة، و ان حدث به عيب عنده سواء كان بفعله أو بآفة سماوية أخذه مع الأرش، و إذا أخرجه عن ملكه بالعتق أو الوقف أو نقله الى الغير بعقد لازم كالبيع فالظاهر أنه بحكم التلف فيرجع اليه بالمثل أو القيمة، و ان كان بنقل غير لازم كالبيع بخيار و الهبة فالظاهر أن له إلزام المشتري بالفسخ و الرجوع و تسليم العين إذا أمكن،

ص: 41

بل في النقل اللازم أيضا لو رجعت العين إلى المشتري بإقالة أو عقد جديد قبل رجوع البائع إليه بالبدل لا يبعد (1) ان يكون له إلزامه برد العين. و إذا نقل منفعتها الى الغير بعقد لازم كالإجارة لم يمنع ذلك عن الفسخ، كما أنه بعد الفسخ تبقى الإجارة على حالها و ترجع العين الى الفاسخ مسلوب المنفعة و له سائر المنافع غير ما ملكه المستأجر لو كانت. و في جواز رجوعه إلى المشتري بأجرة المثل بالنسبة إلى بقية المدة وجه قوى، كما يحتمل وجه آخر، و هو أن يرجع اليه بالنقص الطارئ على العين من جهة كونها مسلوبة المنفعة في تلك المدة، فتقوّم بوصف كونها ذات منفعة في تلك المدة مرة و مسلوبة المنفعة فيها أخرى فيأخذ مع العين التفاوت بين القيمتين، و الظاهر انه لا تفاوت غالبا بين الوجهين.

[مسألة: 20 بعد ما فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجودا عند المشتري]

مسألة: 20 بعد ما فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجودا عند المشتري لكن تصرف فيه تصرفا مغيرا له فأما بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج: اما لو كان بالنقيصة أخذه و رجع إليه بالأرش كما مر، و أما لو كان بالزيادة فاما ان تكون صفة محضة كطحن الحنطة و قصارة الثوب و صياغة الفضة أو صفة مشوبة بالعين كالصبغ أو عينا محضا كالغرس و الزرع و البناء، اما الأول فان لم يكن للزيادة مدخل في زيادة القيمة يرجع الى العين و لا شي ء عليه، كما انه لا شي ء على المشتري، و اما لو كان لها مدخل في زيادة القيمة يرجع الى العين، و في كون زيادة القيمة للمشتري لأجل الصفة فيأخذ البائع العين و يدفع زيادة القيمة أو كونه شريكا معه في القيمة فيباع و يقسم الثمن بينهما بالنسبة أو شريكا معه في العين بنسبة تلك الزيادة أو كون العين للبائع و للمشتري أجرة عمله (2) أو ليس له شي ء أصلا، وجوه أقواها أولها ثم ثانيها. و أما الثاني فالظاهر


1- بل يمكن أن يقال في العقد اللازم أيضا له إلزامه بالإقالة أو الشراء منه بعقد جديد لو تمكن بلا ضرر و لا حرج، لأن إلزام المشتري برد المثل أو القيمة ليس الا لكون العين مضمونا عليه، فإذا فسخ العقد يفرض العين ملكا للبائع تالفا عند المشتري مضمونا عليه، و مقتضى العهدة رد العين مع التمكن ورد المثل أو القيمة مع عدم التمكن.
2- هذا الوجه أقرب بنظر العرف و أوفق بالقواعد.

ص: 42

أنه كالأول فتجي ء فيها الوجوه الأربعة. و اما الثالث فيرجع البائع إلى المبيع و يكون الغرس و الزرع و البناء للمشترى و ليس للبائع إلزامه بالقلع و الهدم و لو بالأرش و لا إلزامه بالإبقاء و لو مجانا، كما انه ليس للمشترى حق الإبقاء مجانا و بلا أجرة، فعلى المشتري اما إبقاؤها بالأجرة و اما قلعها مع طم الحفر و تدارك النقص الوارد على الأرض، و للبائع إلزامه بأحد الأمرين لا خصوص أحدهما، و كل ما اختار المشتري من الأمرين ليس للبائع الفاسخ منعه. نعم لو أمكن غرس المقلوع بحيث لم يحدث فيه شي ء إلا تبدل المكان للبائع ان يلزمه به، و الظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الزرع و غيره. و اما ان كان بالامتزاج فان كان بغير جنسه بحيث لا يتميز فكالمعدوم و يرجع بالمثل أو القيمة، و يحتمل (1) الفرق بين ما كان مستهلكا و عد تالفا كما إذا اختلط ماء الورد بالزيت فيرجع الى البدل، و بين ما لم يكن كذلك كمزج الخل بالانجبين فيثبت الشركة في القيمة أو في العين (2) بنسبة القيمة. و المسألة محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي. و ان كان الامتزاج بالجنس فالظاهر ثبوت الشركة بحسب الكمية و ان كان بالأردإ أو الأجود مع أخذ الأرش في الأول و إعطاء زيادة القيمة في الثاني، لكن الأحوط التصالح خصوصا في الثاني.

[مسألة: 21 إذا باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة و كان مغبونا في أحدهما دون الأخر]

مسألة: 21 إذا باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة و كان مغبونا في أحدهما دون الأخر ليس له التبعيض في الفسخ، بل عليه اما فسخ البيع بالنسبة إلى الجميع أو الرضا به كذلك.

[ «الخامس»- خيار التأخير]
اشارة

«الخامس»- خيار التأخير، و هو فيما إذا باع شيئا و لم يقبض تمام الثمن (3)، فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و الا فللبائع


1- و هو الأقوى.
2- هذا هو المتعين فيما بعد الخليطان موجودين عرفا، و أما إذا عد المخلوط شيئا ثالثا لا يصدق عليه شي ء منهما فالظاهر أنه أيضا بحكم التالف ان لم يكن له قيمة، و الا فهو مشترك بينهما.
3- و لم يسلمه إلى المشتري و لم يشترط تأخير أحد العوضين.

ص: 43

فسخ المعاملة، و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع و قبض بعض الثمن كلا قبض.

[مسألة: 22 لا إشكال في ثبوت هذا الخيار إذا كان المبيع عينا شخصيا]

مسألة: 22 لا إشكال في ثبوت هذا الخيار إذا كان المبيع عينا شخصيا، و في ثبوته إذا كان كليا قولان لا يخلو أولهما من رجحان (1)، و الأحوط أن لا يكون الفسخ الا برضى الطرفين.

[مسألة: 23 الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخر الفسخ عن الثلاثة لم يسقط الخيار]

مسألة: 23 الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخر الفسخ عن الثلاثة لم يسقط الخيار إلا بأحد المسقطات.

[مسألة: 24 يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد و بإسقاطه بعد الثلاثة]

مسألة: 24 يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد و بإسقاطه بعد الثلاثة، و في سقوطه بإسقاطه قبلها إشكال أقواه العدم، كما ان الأقوى عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعدها قبل فسخ البائع، و يسقط أيضا بأخذ الثمن بعد الثلاثة من المشتري بعنوان الاستيفاء لا بعنوان آخر كالعارية و غيرها، و في سقوطه بمطالبة الثمن وجهان الظاهر العدم.

[مسألة: 25 المراد بثلاثة أيام هو بياض اليوم و لا يشمل الليالي عدا الليلتين المتوسطتين]

مسألة: 25 المراد بثلاثة أيام هو بياض اليوم و لا يشمل الليالي عدا الليلتين المتوسطتين، فلو أوقع البيع في أول النهار يكون آخر الثلاثة غروب النهار الثالث.

نعم لو وقع البيع في الليل تدخل الليلة الأولى أو بعضها أيضا في المدة، و الظاهر كفاية التلفيق، فلو وقع البيع في أول الزوال يكون مبدأ الخيار بعد زوال اليوم الرابع و هكذا.

[مسألة: 26 لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات]

مسألة: 26 لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات.

[مسألة: 27 لو تلف المبيع كان من مال البائع في الثلاثة و بعدها على الأقوى]

مسألة: 27 لو تلف المبيع كان من مال البائع في الثلاثة و بعدها على الأقوى.

[مسألة: 28 إذا باع ما يتسارع اليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول]

مسألة: 28 إذا باع ما يتسارع اليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول و بعض الفواكه و اللحم في بعض الأوقات و نحوها و بقي عنده و تأخر المشتري من أن يأتي بالثمن و يأخذ المبيع، للبائع الخيار قبل ان يطرأ عليه الفساد فينفسخ البيع و يتصرف في المبيع كيف شاء.


1- بل ثانيهما.

ص: 44

[ «السادس»- خيار الرؤية]
اشارة

«السادس»- خيار الرؤية، و هو فيما إذا اشترى شيئا موصوفا غير مشاهد ثم وجده على خلاف (1) ذلك الوصف كان للمشتري خيار الفسخ، و كذا إذا وجده على خلاف ما رآه سابقا (2).

[مسألة: 29 الخيار هنا بين الرد و الإمساك مجانا]

مسألة: 29 الخيار هنا بين الرد و الإمساك مجانا و ليس لذي الخيار الإمساك بالأرش، كما انه لا يسقط خياره ببذله و لا بإبدال العين بعين أخرى. نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة توجه أخذ الأرش، لكن لأجل العيب لا لأجل تخلف الوصف.

[مسألة: 30 مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المبايعة]

مسألة: 30 مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المبايعة، و يشترط في صحته اما الرؤية السابقة مع عدم اليقين بزوال تلك الصفات و اما توصيفه بما يرفع به الجهالة الموجبة للغرر بذكر جنسها و نوعها و صفاتها التي تختلف باختلافها الأثمان و تتفاوت لأجلها رغبات الناس.

[مسألة: 31 هذا الخيار فوري عند الرؤية على المشهور، و فيه إشكال]

مسألة: 31 هذا الخيار فوري عند الرؤية على المشهور، و فيه إشكال (3).

[مسألة: 32 يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد]

مسألة: 32 يسقط هذا الخيار (4) باشتراط سقوطه في ضمن العقد، و بإسقاطه بعد الرؤية، و بالتصرف في العين بعدها تصرفا كاشفا عن الرضا بالبيع، و بعدم المبادرة على الفسخ بناء على فوريته.

[ «السابع»- خيار العيب]
اشارة

«السابع»- خيار العيب، و هو فيما إذا وجد المشتري في المبيع عيبا تخير بين الفسخ و الإمساك بالأرش ما لم يتصرف فيه تصرفا (5) مغيرا للعين أو يحدث فيه


1- أى أنقص مما وصف، و كذا لو باعه بالرؤية السابقة فوجده أحسن و أزيد مما وصف أو رآه سابقا فللبائع خيار الفسخ.
2- أى أنقص منه.
3- لا يعبأ به.
4- مشكل إلا إذا كان الوصف موثوقا به من جهة الرؤية السابقة أو بإخبار البائع مثلا حتى لا يكون البيع غرريا.
5- بل ما دام المبيع قائما بعينه، فإذا تغير يسقط الرد و ان لم يتصرف فيه، و كذا يسقط بالقول أو الفعل الدال على إسقاطه بحسب متفاهم العرف و بوطي الجارية غير الحبلى.

ص: 45

عيب (1) عنده، و الا فليس له الرد بل ثبت له الأرش خاصة، و كما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد العيب في المبيع كذلك يثبت للبائع إذا وجده في الثمن المعين.

و المراد بالعيب كلما زاد أو نقص عن المجرى الطبيعي و الخلقة الأصلية كالعمى أو العرج و غير ذلك، بل الحبل عيب لكن في الإماء دون سائر الحيوانات.

[مسألة: 33 يثبت الخيار بمجرد وجود العيب واقعا حين العقد و ان لم يظهر بعد]

مسألة: 33 يثبت الخيار بمجرد وجود العيب واقعا حين العقد و ان لم يظهر بعد، فظهوره كاشف عن ثبوته من أول الأمر لا انه سبب لحدوثه عنده، فلو أسقط الخيار قبل ظهوره لا إشكال في سقوطه، كما أنه يسقط بإسقاطه بعد ظهوره، و كذلك باشتراط سقوطه في ضمن العقد، و بالتبري من العيوب عنده، بأن يقول مثلا بعته بكل عيب.

و كما يسقط بالتبري من العيوب الخيار يسقط أيضا استحقاق مطالبة الأرش.

[مسألة: 34 كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد كذلك يثبت بحدوثه بعده قبل القبض]

مسألة: 34 كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد كذلك يثبت بحدوثه بعده قبل القبض، و العيب الحادث بعد العقد يمنع عن الرد لو حدث بعد القبض، و أما لو حدث قبله فهو سبب للخيار (2)، فلا يمنع عن الرد و الفسخ بسبب العيب السابق بطريق أولى.

[مسألة: 35 لو كان معيوبا عند العقد و زال العيب قبل ظهوره الظاهر سقوط الخيار]

مسألة: 35 لو كان معيوبا عند العقد و زال العيب قبل ظهوره الظاهر سقوط الخيار، و أما سقوط الأرش ففيه اشكال لا يبعد ثبوته (3)، و ان كان الأحوط التصالح.

[مسألة: 36 كيفية أخذ الأرش بأن يقوّم الشي ء صحيحا ثم يقوم معيبا و يلاحظ النسبة بينهما]

مسألة: 36 كيفية أخذ الأرش بأن يقوّم الشي ء صحيحا ثم يقوم معيبا و يلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة، فإذا قوّم صحيحا بتسعة و معيبا بستة و كان الثمن ستة ينتقص من الستة اثنان و هكذا. و المرجع في تعيين ذلك أهل الخبرة، و يعتبر فيه ما يعتبر في الشهادة من التعدد و العدالة، و في الاكتفاء بقول


1- بعد مضى زمان خياره كخيار الحيوان مثلا، و أما الحادث فيه فلا يمنع من الرد كما مر منه قدس سره، و كذا سائر الخيارات إذا اختص بالمشتري.
2- و كذلك العيب الحادث في زمان خيار المشتري سبب للخيار، فلا يمنع الرد بعيب سابق كما مر.
3- بل بعيد.

ص: 46

العدل الواحد وجه.

[مسألة: 37 لو تعارض المقومون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما فقوم الصحيح مثلا عدلان]

مسألة: 37 لو تعارض المقومون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما فقوم الصحيح مثلا عدلان بمقدار و معيبه بمقدار و خالفهما عدلان آخران يؤخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب من كل منهما و يجمع بينهما ثم يؤخذ نصف المجموع، فإذا قوم أحدهما صحيحة بعشرة و معيبة بخمسة و الأخر صحيحه بتسعة و معيبه بستة و كان الثمن اثنى عشر يرد من الثمن خمسة و يعطى البائع سبعة، لأن التفاوت بين الصحيح و المعيب على الأول بالنصف فيكون الأرش ستة، و على الثاني بالثلث فيكون أربعة، و المجموع عشرة و نصفها خمسة. و إذا فرض انه قومه عدلان آخران أيضا صحيحة ثمانية و معيبه ستة فيكون التفاوت بالربع و هو ثلاثة من اثنى عشر فيضم إلى العشرة و المجموع ثلاثة عشر فيؤخذ ثلثها و هو أربعة و ثلث و هو الأرش الذي ينقص من الثمن- أعني اثني عشر- و يبقى للبائع سبعة و ثلثان و هكذا.

[مسألة: 38 لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما كان للمشتري أخذ الأرش]

مسألة: 38 لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما كان للمشتري أخذ الأرش أو رد الجميع و ليس له التبعيض ورد المعيب وحده، و كذا لو اشترك اثنان في شراء شي ء فوجداه معيبا ليس لأحدهما رد حصته خاصة إذا لم يوافقه شريكه، على اشكال فيهما خصوصا في ثانيهما. نعم لو رضي البائع يجوز و يصح التبعيض في المسألتين بلا اشكال فيهما.

[مسألة: 39 قد عرفت أن العيب الموجب للخيار ما كان موجودا حال العقد أو حدث بعده قبل القبض]

مسألة: 39 قد عرفت أن العيب الموجب للخيار ما كان موجودا حال العقد أو حدث بعده قبل القبض، فلا يؤثر في ثبوت الخيار و لا في استحقاق الأرش ما حدث بعد العقد و القبض عدا الجنون و البرص و الجذام و القرن، فان هذه العيوب الأربعة لو حدثت إلى سنة من يوم العقد يثبت لأجلها الخيار، و لأجل ذلك سميت هذه العيوب بأحداث السنة.

ص: 47

[خاتمة في أحكام الخيار]
اشارة

خاتمة في أحكام الخيار:

و ليعلم ان للخيار أحكاما مشتركة بين الجميع و أحكاما تختص ببعضها لا يناسب هذا المختصر تفصيلها.

و من الأحكام المشتركة ان كل خيار يسقط إذا اشترط في متن العقد عدمه، و كذلك يسقط بإسقاطه (1) بعد العقد.

و منها: انه إذا مات من له الخيار انتقل خياره الى وارثه، من غير فرق بين أنواعه و ما هو المانع عن إرث الأموال النقصان في الوارث كالرقية، و القتل و الكفر مانع عن هذا الإرث أيضا، كما ان ما يحجب به حجب حرمان- و هو وجود الأقرب الى الميت- يحجب به هنا أيضا. و لو كان الخيار متعلقا بمال خاص يحرم عنه بعض الورثة كالعقار بالنسبة إلى الزوجة و الحياة بالنسبة الى غير الولد الأكبر، فهل يحرم ذلك الوارث عن الخيار المتعلق بذلك المال مطلقا أو لا يحرم مطلقا أو يفصل بين ما إذا كان ما يحرم عنه الوارث منتقلا الى الميت و ما كان منتقلا عنه فيحرم في الثاني دون الأول، ففيما إذا انتقل العقار الى الميت و كان له الخيار ترثه الزوجة، بخلاف ما إذا باع العقار و كان له الخيار فلا ترثه، وجوه و أقوال أقواها أوسطها.

[مسألة: 1 لا اشكال فيما إذا كان الوارث واحدا]

مسألة: 1 لا اشكال فيما إذا كان الوارث واحدا، و أما إذا تعدد ففي كون الخيار لكل منهم بالاستقلال بالنسبة إلى الجميع أو بالنسبة إلى حصته أو للمجموع بحيث لا اثر لفسخ بعضهم بدون ضمن الباقين لا في تمام المبيع و لا في حصته أقوال، أقواها الأخير ثم أوسطها.

[مسألة: 2 إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورثهم]

مسألة: 2 إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورثهم، فان كان عين الثمن موجودا دفعوه إلى المشتري، و ان لم يكن موجودا أخرج من مال الميت، و لو لم يكن له مال ففي كونه على الميت و اشتغال ذمته به فيجب تفريغها بالمبيع المردود


1- و في خيار التأخير لا يسقط بإسقاطه في الثلاثة، بل لا بد من إسقاطه بعد الثلاثة. و مر الإشكال في إسقاط خيار الرؤية في بعض الموارد.

ص: 48

إليه فإن بقي شي ء يكون للورثة و ان لم يف بتفريغ ما عليه يبقى الباقي في ذمته أو كونه على الورثة كل بقدر حصته، وجهان أوجههما أولهما.

[القول فيما يدخل في المبيع عند الإطلاق]
اشارة

القول فيما يدخل في المبيع عند الإطلاق:

[مسألة: 1 من باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل]

مسألة: 1 من باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل، و كذا الابنية من سورها و ما يعد من توابعها و مرافقها كالبئر (1) و الناعور و الحظيرة و نحوها، بخلاف ما إذا باع أرضا فإنه لا يدخل فيها النخل و الشجر الموجودتان فيها الا مع الشرط، و كذا لا يدخل الحمل (2) في ابتياع الام ما لم يشترط و الثمر في بيع الشجر. نعم لو باع نخلا فان كان مؤبرا فالثمرة للبائع و يجب على المشتري إبقاؤها على الأصول بما جرت العادة على إبقاء تلك الثمرة، و لو لم يؤبر كانت للمشتري. و الظاهر اختصاص ذلك بالبيع، و اما في غيرها فالثمرة للناقل بدون الشرط، سواء كانت مؤبرة أو لم تكن، كما ان هذا الحكم مختص بالنخل فلا يجري في غيرها، بل تكون الثمرة للبائع على كل حال.

[مسألة: 2 إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى السقي يجوز لصاحبها ان يسقيها]

مسألة: 2 إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى السقي يجوز لصاحبها ان يسقيها و ليس لصاحب الأصول منعه، و كذلك العكس. و لو تضرر أحدهما بالسقي و الأخر بتركه ففي تقديم حق البائع المالك للثمرة أو المشتري المالك للأصول وجهان لا يخلو ثانيهما عن رجحان (3)، و الأحوط التصالح و التراضي على تقديم أحدهما، و لو بأن يتحمل ضرر الأخر.

[مسألة: 3 إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها و المخرج]

مسألة: 3 إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها و المخرج و مدى


1- مما يتعارف دخوله فيه دون ما لا يتعارف كالآبار العميقة المستحدثة فإنها مستقلة بالمالية. نعم لو باع القرية بتمامها تدخل فيها القنوات و الآبار العميقة و غيرها.
2- إلا إذا كان المتعارف دخوله بحيث يحتاج خروجه الى الذكر.
3- الظاهر ترجيح ما هو المتعارف. نعم لو كان المتعارف مختلفا لا يبعد ترجيح جانب المشتري لإقدام البائع.

ص: 49

جرائدها و عروقها من الأرض و ليس للمشتري منع شي ء من ذلك، و إذا باع دارا دخل فيها الأرض و الأبنية الأعلى و الأسفل الا أن يكون الأعلى مستقلا من حيث المدخل و المخرج و المرافق و غير ذلك مما يكون امارة على خروجه و استقلاله بحسب العادة، و كذا تدخل السراديب و البئر و الأبواب و الأخشاب المتداخلة في البناء و الأوتاد المثبتة فيه بل السلم المثبت على حذو الدرج، و لا تدخل الرحى المنصوبة إلا مع الشرط، و كذا لو كان (1) فيها نخل أو شجر الا مع الشرط و لو بأن قال «و ما دار عليها حائطها»، و في دخول المفاتيح اشكال لا يبعد دخولها.

[مسألة: 4 الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها]

مسألة: 4 الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها، بخلاف الأحجار المدفونة فيها كالكنوز المودعة فيها و نحوها.

[القول في القبض و التسليم]
اشارة

القول في القبض و التسليم:

[مسألة: 1 يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير]

مسألة: 1 يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير، فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى صاحبه، فان امتنعا أجبرا، و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع. و لو اشترط كل منهما (2) تأخير التسليم الى مدة معينة جاز، و ليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير، و كذا يجوز أن يشترط البائع له سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض و نحو ذلك مدة معينة. و القبض و التسليم فيما لا ينقل كالدار و العقار هو التخلية برفع يده عنه و رفع المنافيات و الاذن منه لصاحبه في التصرف بحيث صار تحت استيلائه، و أما في المنقول كالطعام و الثياب و نحوه ففي كونه التخلية أيضا أو الأخذ باليد مطلقا أو التفصيل بين أنواعه أقوال، لا يبعد كفاية التخلية (3) في مقام وجوب تسليم العوضين على المتبايعين بحيث يخرج عن ضمانه


1- لو لم تكن قرينة و لم يتعارف دخولهما في البيع.
2- في الأعيان الخارجية، و أما في الكلي فاشتراط تأخير كل منهما يوجب أن يكون بيع الكالي بالكالي و هو باطل.
3- بحيث يصير المبيع تحت استيلاء المشتري.

ص: 50

و عدم كون تلفه عليه، و ان لم يكتف بذلك في سائر المقامات التي يعتبر فيها القبض مما لا يسع المقام تفصيلها.

[مسألة: 2 إذا تلف المبيع قبل تسليمه الى المشتري كان من مال البائع]

مسألة: 2 إذا تلف المبيع قبل تسليمه الى المشتري كان من مال البائع فانفسخ البيع و عاد الثمن إلى المشتري، و إذا حصل للمبيع نماء قبل القبض كالنتاج و الثمرة كان ذلك للمشتري، فإن تلف الأصل قبل قبضه عاد الثمن اليه و له النماء (1)، و لو تعيب قبل القبض كان المشتري بالخيار بين الفسخ و الإمضاء بكل الثمن، و في استحقاقه لأخذ الأرش تردد أقواه العدم (2).

[مسألة: 3 لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و عاد إلى المشتري ما يخصه من الثمن]

مسألة: 3 لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و عاد إلى المشتري ما يخصه من الثمن، و له فسخ العقد و الرضا بالموجود بحصته من الثمن.

[مسألة: 4 يجب على البائع مضافا الى تسليم المبيع تفريغه عما كان فيه من أمتعة و غيرها]

مسألة: 4 يجب على البائع مضافا الى تسليم المبيع تفريغه عما كان فيه من أمتعة و غيرها حتى لو كان مشغولا بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته، و لو كان له عروق تضر بالانتفاع كالقطن و الذرة أو كان في الأرض حجارة مدفونة وجب عليه إزالتها و تسوية الأرض، و لو كان فيها شي ء لا يخرج الا بتغيير شي ء من الابنية وجب إخراجه و إصلاح ما يتهدم، و لو كان فيه زرع لم يأن وقت حصاده له إبقاؤه إلى أوانه من غير أجرة على الظاهر و ان لم يخل من اشكال، و الأحوط التصالح.

[مسألة: 5 من اشترى شيئا و لم يقبضه فان كان مما لا يكال أو يوزن جاز بيعه قبل قبضه]

مسألة: 5 من اشترى شيئا و لم يقبضه فان كان مما لا يكال أو يوزن جاز بيعه قبل قبضه، و كذا إذا كان منهما و باع تولية، و أما لو باع بالمرابحة ففيه إشكال أقواه الجواز (3) مع الكراهة. هذا إذا باع الغير المقبوض على غير البائع، و أما إذا باعه عليه فالظاهر أنه لا إشكال في جوازه مطلقا، كما انه لا اشكال فيما إذا ملك شيئا بغير الشراء كالميراث و الصداق و الخلع و غيرها، فيجوز بيعه قبل قبضه بلا اشكال، بل


1- أي للمشترى، و لو كان المقصود غيره فلا وجه له.
2- بل أقواه الاستحقاق.
3- في كونه أقوى تأمل و الأحوط المنع.

ص: 51

الظاهر اختصاص المنع حرمة أو كراهة بالبيع، فلا منع في جعله صداقا أو اجرة و غير ذلك.

[القول في النقد و النسيئة]
اشارة

القول في النقد و النسيئة:

[مسألة: 1 من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا]

مسألة: 1 من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا، فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته في أي زمان، و ليس له الامتناع من أخذه متى أراد المشتري دفعه اليه. و إذا اشترط تأجيله يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل و ان طولب، كما انه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله. و لا بد ان يكون مدة الأجل معينة مضبوطة لا يتطرق إليها احتمال الزيادة و النقصان، فلو اشترط التأجيل و لم يعين أجلا مجهولا كقدوم الحاج كان البيع باطلا. و هل يكفي تعينه في نفسه و ان لم يعرفه المتعاقدان، كما إذا جعل التأجيل إلى النيروز أو الى انتقال الشمس الى برج ميزان؟ وجهان، أحوطهما العدم بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 2 لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه الى أجل- بأن قال مثلا بعتك نقدا بعشرة و نسيئة إلى سنة بخمسة عشر]

مسألة: 2 لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه الى أجل- بأن قال مثلا بعتك نقدا بعشرة و نسيئة إلى سنة بخمسة عشر و قال المشتري قبلت هكذا- يكون البيع باطلا، و كذا لو باعه بثمن إلى أجل و بأزيد منه الى آخر.

[مسألة: 3 لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه]

مسألة: 3 لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه، بأن يزيد في ثمنه الذي استحقه البائع مقدارا ليؤجله إلى أجل كذا، و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل، سواء وقع ذلك على جهة البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها، و يجوز عكس ذلك و هو تعجيل المؤجل بنقصان منه على جهة الصلح أو الإبراء.

[مسألة: 4 إذا باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره]

مسألة: 4 إذا باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره، سواء كان مساويا للثمن الأول أو أزيد منه أو انقص، و سواء كان البيع الثاني حالا أو مؤجلا. و ربما يحتال بذلك عن التخلص من الربا، بأن يبيع من

ص: 52

عنده الدراهم شيئا على من يحتاج إليها بثمن إلى أجل ثم يشتري منه ذلك الشي ء حالا بأقل من ذلك الثمن فيعطيه الثمن الأقل و يبقى على ذمته الثمن الأول. و انما يجوز ذلك إذا لم يشترط في البيع الأول، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري ان يبيعه بعد شرائه أو شرط المشتري على البائع ان يشتريه منه لم يصح على قول مشهور.

[القول في الربا]
اشارة

القول في الربا:

الذي حرمته ثابتة بالكتاب و السنة و إجماع من المسلمين، بل لا يبعد كونها من ضروريات الدين، و هو من الكبائر العظام، حتى ورد فيه انه أشد عند اللّٰه من عشرين زنية بل ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل عمة و خالة، بل في خبر صحيح عن مولانا الصادق عليه السلام: درهم ربا أعظم عند اللّٰه من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت اللّٰه الحرام. و في النبوي: من أكل الربا ملأ اللّٰه بطنه من نار جهنم بقدر ما أكل، و ان اكتسب منه مالا لم يقبل اللّٰه منه شيئا من عمله، و لم يزل في لعنة اللّٰه و الملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد.

و من كلماته صلى اللّٰه عليه و آله الموجزة: شر المكاسب كسب الربا.

بل عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهداه في الوزر سواء.

و قال عليه السلام: لعن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الربا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهديه.

و بالجملة ليس في شريعة (1) الإسلام أعظم منه حرمة و أشد منه عقوبة، و هو قسمان معاملي و قرضي:

أما الأول هو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية كبيع منّ من الحنطة بمنين أو منّ من حنطة بمن منها مع درهم، أو حكمية كمن من حنطة نقدا بمن من حنطة


1- الاولى ان يقال ليس في المعاملات المحرمة في شرع الإسلام أعظم حرمة و أشد عقوبة منه.

ص: 53

نسيئة. و هل يختص بالبيع أو لا بل يثبت في سائر المعاوضات أيضا كالصلح و نحوه؟

قولان، الأشهر و الأحوط هو الثاني و ان كان الأول لا يخلو من قوة (1).

و كيف كان شرطه أمران:

أحدهما: اتحاد الجنس، و ضابطه الاتحاد في الحقيقة النوعية الكاشف عنه دخولهما تحت لفظ خاص، فكل ما صدق عليه الحنطة أو الأرز أو التمر أو العنب جنس واحد، فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل و ان تخالفا في الصفات و الخواص، فلا يتفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء و الجيدة البيضاء، و لا بين العنبر الجيد من الأرز و الردي ء من الشنبة، و ردي ء الزاهدي من التمر و جيد الخستاوى منه، و غير ذلك.

بخلاف ما إذا دخل كل منهما تحت لفظ كالحنطة مع التمن أو العدس، فلو باع منا من حنطة بمنين من التمن أو بمنين من عدس لا رباء.

الثاني: كون العوضين من المكيل أو الموزون، فلا رباء فيما يباع بالعد أو المشاهدة.

[مسألة: 1 الشعير و الحنطة في باب الربا بحكم جنس واحد]

مسألة: 1 الشعير و الحنطة في باب الربا بحكم جنس واحد، فلا يجوز المعاوضة بينهما بالتفاضل و ان لم يكونا كذلك في باب الزكاة، فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر. و هل العلس من جنس الحنطة و السلت من جنس الشعير أو كل منهما خارج من الجنسين؟ فيه إشكال، الأحوط ان لا يباع أحدهما بالآخر و كل منهما بالحنطة و الشعير الا مثلا بمثل.

[مسألة: 2 كل شي ء مع أصله بحكم جنس واحد و ان اختلفا في الاسم]

مسألة: 2 كل شي ء مع أصله بحكم جنس واحد و ان اختلفا في الاسم كالسمسم و الشيرج و اللبن مع الجبن و المخيض و اللباء و غيرها و التمر و العنب مع خلهما و دبسهما، و كذا الفرعان من أصل واحد كالجبن مع الأقط و الزبد و غيرهما.

[مسألة: 3 اللحوم و الألبان و الادهان تختلف باختلاف الحيوان]

مسألة: 3 اللحوم و الألبان و الادهان تختلف باختلاف الحيوان، فيجوز التفاضل بين لحم الغنم و لحم البقر، و كذا بين لبنهما أو دهنهما.


1- بل الثاني لا يخلو من قوة.

ص: 54

[مسألة: 4 لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية]

مسألة: 4 لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية، فما كان أصله مما يكال أو يوزن فخرج منه شي ء لا يكال و لا يوزن لا بأس بالتفاضل بين أصله و ما خرج منه، و كذا بين ما خرج منه بعضه مع بعض، و ذلك كالقطن و الكتان، فأصلهما و غزلهما يوزن و منسوجهما لا يوزن، فلا بأس بالتفاضل بين أصلهما أو غزلهما و منسوجهما. و كذا بين منسوجهما بأن يباع ثوبان بثوب واحد، بل ربما يكون شي ء مكيلا أو موزونا في حال دون حال، فالثمرة غير موزون حال كونها على الشجر و إذا اجتنيت صارت من الموزون، و كذلك الحيوان قبل أن يذبح و يصير لحما ليس من الموزون و صار منه بعد ما ذبح و سلخ جلده، و لذا يجوز بيع شاة بشاتين بلا اشكال.

نعم الظاهر أنه لا يجوز بيع (1) لحم حيوان بحيوان حي من جنسه كلحم الغنم بالشاة، و حرمة ذلك لو قلنا بها ليست من جهة الربا بل لا يبعد تعميم الحكم بالحرمة إلى بيع اللحم بحيوان من غير جنسه كلحم الغنم بالبقر.

[مسألة: 5 إذا كان لشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالتمر يكون رطبا]

مسألة: 5 إذا كان لشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالتمر يكون رطبا ثم يصير تمرا أو العنب يكون عنبا ثم يصير زبيبا و كذا الخبز بل و اللحم أيضا يكون نيا ثم يصير قديدا، لا إشكال في بيع جافة بجافه و رطبه برطبه مثلا بمثل، كما انه لا يجوز بالتفاضل. و أما جافة برطبه كبيع التمر بالرطب ففي جوازه إشكال أقواه العدم (2)، سواء كان بالتفاضل أو مثلا بمثل.

[مسألة: 6 التفاوت بالجودة و الرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار]

مسألة: 6 التفاوت بالجودة و الرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار، فلا يجوز بيع مثقال من الذهب الجيد بمثقالين من الردي ء و ان تساويا في القيمة.

[سألة: 7 يتخلص من الربا بضم غير الجنس بالطرفين]

مسألة: 7 يتخلص من الربا بضم غير الجنس بالطرفين، كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين من حنطة و درهمين، أو بضم غير الجنس في الطرف الناقص كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين منها.


1- على الأحوط سواء كان من جنسه أو غير جنسه.
2- مع التفاضل، و أما مثلا بمثل فالأحوط الترك و ان كانت الكراهة فيه لا تخلو من وجه.

ص: 55

[مسألة: 8 لو كان شي ء يباع جزافا في بلد و موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه]

مسألة: 8 لو كان شي ء يباع جزافا في بلد و موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه.

[مسألة: 9 لا ربا بين الوالد و ولده و لا بين السيد و عبده و لا بين الرجل و زوجته]

مسألة: 9 لا ربا بين الوالد و ولده و لا بين السيد و عبده و لا بين الرجل و زوجته و لا بين المسلم و الحربي، بمعنى أنه يجوز أخذ الفضل للمسلم و يثبت بين المسلم و الذمي (1).

هذا بعض الكلام في الربا المعاملي، و أما الربا القرضي فيأتي.

[القول في بيع الصرف]
اشارة

القول في بيع الصرف:

و هو بيع الذهب بالذهب أو بالفضة أو الفضة بالفضة أو بالذهب، و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره، حتى في الكلبتون المصنوع من الإبريسم و أحد النقدين إذا بيع (2) بأحدهما يكون صرفا بالنسبة الى ما فيه من النقدين على اشكال. و يشترط في صحته التقابض في المجلس، فلو تفرقا و لم يتقابضا بطل البيع، و لو قبض البعض صح فيه خاصة و بطل بالنسبة الى ما لم يقبض، و كذا إذا بيع أحد النقدين مع غيرهما صفقة واحدة بأحدهما و لم يقبض الجملة حتى تفرقا بطل البيع بالنسبة إلى النقد و صح بالنسبة إلى غيره.

[مسألة: 1 لو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع]

مسألة: 1 لو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع، فإذا تقابضا قبل ان يفترقا صح.

[مسألة: 2 انما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع دون ما إذا كانت بغيره]

مسألة: 2 انما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع دون ما إذا كانت بغيره كالصلح و الهبة المعوضة و غيرهما.

[مسألة: 3 إذا وقعت المعاملة على النوت و المنات و الاسكناس المتعارفة]

مسألة: 3 إذا وقعت المعاملة على النوت و المنات و الاسكناس المتعارفة في


1- إذا عملوا بشرائط الذمة، و أما إذا خلعوا شرائط الذمة فيثبت عليهم حكم الحربي و يجوز أخذ الربا منهم.
2- يعني إذا بيع الكلبتون بأحد النقدين فيكون مقدار منه في مقابل خليطه من أحد النقدين، فيكون بالنسبة الى هذا المقدار من الخليط صرفا بشرط أن يكون له مالية و لا يكون قليلا لا يعبأ به عند العرف.

ص: 56

زماننا من طرف واحد أو من الطرفين، ففي جريان أحكام بيع الصرف و عدمه و ثبوت الربا مع الزيادة و عدمه اشكال، لا يبعد أن يقال انه إذا أوقعا البيع على الكاغذ ثمنا أو مثمنا- بأن باع الكاغذ المخصوص الذي يسمى نوت عشر روبيات مثلا بخمس عشرة روبية عين أو بنوت عشر روبيات مع نوت خمس روبيات- فلا يكون من بيع الصرف حتى يحتاج الى التقابض في المجلس و لم يثبت فيه الربا. و أما إذا كانت المعاملة واقعة في الحقيقة بين النقدين- بأن باع في المثال المتقدم عشر روبيات بخمسة عشر روبية و ان كان في مقام التسليم و القبض و الإقباض سلم الكاغذ- فلا ريب في كونه من الصرف و ثبوت الربا. نعم على هذا التقدير يمكن أن يقال بأنه يكفي في حصول القبض المعتبر في بيع الصرف قبض هذا الكاغذ ثمنا أو مثمنا أو كليهما مثلا إذا أوقعا المعاملة بين عشر روبيات و ليرة واحدة، فإذا سلم نوت عشر روبيات و أخذ عين ليرة قبل التفرق تحقق القبض المعتبر في بيع الصرف، لكن المسألة لا تخلو من اشكال (1).

[مسألة: 4 الظاهر أنه يكفي في القبض كونه في الذمة و لا يحتاج الى قبض آخر]

مسألة: 4 الظاهر أنه يكفي في القبض كونه في الذمة و لا يحتاج الى قبض آخر، فلو كان في ذمة زيد دراهم لعمرو فباعها بالدنانير و قبضها قبل التفرق صح، بل لو و كل زيدا بأن يقبض عنه الدنانير التي صارت ثمن الدراهم صح أيضا (2).

[مسألة: 5 إذا اشترى منه دراهم ببيع الصرف ثم اشترى بها منه دنانير قبل قبض الدراهم لم يصح الثاني]

مسألة: 5 إذا اشترى منه دراهم ببيع الصرف ثم اشترى بها منه دنانير قبل قبض الدراهم لم يصح الثاني، فإذا قبض (3) الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح الأول، و ان لم يقبضها حتى افترقا بطل الأول أيضا.

[مسألة: 6 إذا كان له عليه دراهم فقال للذي عليه الدراهم]

مسألة: 6 إذا كان له عليه دراهم فقال للذي عليه الدراهم «حولها دنانير» فرضي بذلك و تقبل دنانير في ذمته بدل الدراهم صح ذلك و يتحول ما في ذمته من


1- بل الأقوى عدم كفاية قبض هذا الكاغذ عن قبض أحد النقدين في الفرض.
2- إذا قبضه في حضور الموكل قبل تفرق المتبايعين.
3- أى حصل التقابض في البيع الأول.

ص: 57

الدراهم الى الدنانير و ان لم يتقابضا، و كذلك لو كان له عليه دنانير فقال له «حولها دراهم»، و لا يبعد أن يكون هذا عنوانا آخر غير البيع (1).

[مسألة: 7 الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة بين عامة الناس مع علمهم]

مسألة: 7 الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة بين عامة الناس مع علمهم (2) بأنها مغشوشة يجوز إخراجها و إنفاقها و المعاملة بها، و الا فلا يجوز إنفاقها إلا بعد إظهار حالها، بل أصل المعاملة بها لا يخلو من اشكال، بل لو كانت معمولة لأجل غش الناس لا يبعد عدم جواز إبقائها و وجوب كسرها.

[مسألة: 8 حيث أن الذهب و الفضة من الربوي فإذا بيع كل منهما بجنسه يلزم على المتعاملين]

مسألة: 8 حيث أن الذهب و الفضة من الربوي فإذا بيع كل منهما بجنسه يلزم على المتعاملين إيقاع المعاملة على نحو لا يقعان في الربا، بأن لا يكون تفاضل أصلا أو ضم ضميمة من غير جنسهما في الطرفين أو في طرف الناقص ليتخلص منه كما مر في بابه. و هذا مما ينبغي ان يهتم به المتعاملون خصوصا الصيارفة، فقد روي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و هو يقول على المنبر: يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، و اللّٰه للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا. و عنه عليه السلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم.

و قد ورد النهي عن الصرف، معللا بأن الصيرفي لا يسلم من الربا.

[مسألة: 9 يكفي في الضميمة وجود الغش في الذهب أو الفضة إذا كان له مالية لو تخلص منهما]

مسألة: 9 يكفي في الضميمة وجود الغش في الذهب أو الفضة إذا كان له مالية لو تخلص منهما، فإذا بيعت فضة مغشوشة بمثلها جاز بالمثل و بالتفاضل، و إذا بيعت المغشوشة بالخالصة لا بد أن تكون الخالصة زائدة على فضة المغشوشة حتى تقع تلك الزيادة في مقابل الغش، فإذا لم يعلم مقدار الغش و الفضة في المغشوشة تباع


1- مثل أن يكون تعهده بالدنانير في الذمة وفاء لما في ذمته من الدراهم، و المستند النص الصحيح المعمول به في الجملة.
2- لا يخفى ما في العبارة من الإشكال أو الإجمال و الخلط، لان الرائج ان كان هو الفضة الخليطة بغيرها فهذا ليس بمغشوش، سواء علم المتبايعان بذلك أم لا، كما إذا كان الرائج رصاصا، و ان كان الرائج الفضة الخالصة فهذه مغشوشة و لا يجوز المعاملة عليها الا بعد اعلام الحال، بل الأحوط كسره أو بيعه لمن يكسره لحوائج أخرى غير النقدين إذا خفي على الغالب، من غير فرق بين ما يعمل لأجل الغش و غيره.

ص: 58

بغير جنس الفضة أو بمقدار منها يعلم إجمالا زيادته عن الفضة المغشوشة، و كذلك الأشياء المحلاة بالذهب أو الفضة. فأما تباع بغير جنس الحلية و إذا بيعت بجنسها لا بد أن يكون العوض زائدا على الحلية حتى تقع تلك الزيادة في مقابل غيرها، و كذلك في مثل الكلبتون المصنوع من الإبريسم و أحد النقدين.

[مسألة: 10 إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب مثلا فوجدها من غير جنس الفضة]

مسألة: 10 إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب مثلا فوجدها من غير جنس الفضة كالنحاس و الرصاص بطل البيع و ليس له مطالبة البدل، كما انه ليس للبائع (1) إلزامه به، و لو وجد بعضها كذلك بطل فيه و صح في الباقي و له رد الكل لتبعض الصفقة. و إذا اشترى فضة كليا في الذمة بذهب أو فضة و بعد ما قبضها وجد المدفوع كلا أو بعضا من غير جنسها، فان كان قبل ان يفترقا فللبائع الابدال بالجنس و للمشتري مطالبة البدل، و ان كان بعد التفرق بطل البيع في الكل أو البعض على حذو ما سبق.

هذا إذا كان من غير الجنس، و اما إذا كان من الجنس و لكن ظهر بها عيب كخشونة الجوهر و الغش الزائد على المتعارف و اضطراب السكة و نحوها، ففي الأول- و هو ما إذا كان المبيع فضة معينة في الخارج- كان له الخيار (2) برد الجميع أو إمساكه، و ليس له رد المعيب وحده لو كان المعيب هو البعض على اشكال تقدم في خيار العيب، و ليس له مطالبة الأرش لو كان العوضان متجانسين كالفضة بالفضة على الأحوط لو لم يكن الأقوى للزوم الربا. و لو تخالفا كالفضة بالذهب فله ذلك قبل التفرق قطعا، و أما بعده ففيه اشكال، خصوصا إذا كان الأرش من النقدين، و لكن الأقوى أن له ذلك خصوصا إذا كان من غيرهما.

و أما في الثاني- و هو ما إذا كان المبيع كليا في الذمة و ظهر عيب في المدفوع-


1- بل لو تراضيا عليه يحتاج إلى معاملة جديدة.
2- إذا لم تكن الزيادة كثيرة بحيث يعد بعض المبيع من غير الجنس ليبطل البيع بالنسبة اليه.

ص: 59

كان له الخيار (1) بين فسخ البيع و رد المدفوع و بين إمضائه و إمساك المعيب بالثمن، كما أن له مطالبة البدل أيضا قبل التفرق، و أما بعده ففيه اشكال. و هل له أخذ الأرش؟

فيه تأمل حتى في المتخالفين كالفضة بالذهب و حتى قبل التفرق.

[مسألة: 11 لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتما أو قرطا مثلا من فضة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرته]

مسألة: 11 لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتما أو قرطا مثلا من فضة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرته، بل اما يشتريه بغير جنسه أو يشتري منه مقدارا من الفضة أو الذهب بجنسه مثلا بمثل و يعين له أجرة معينة لصياغته. نعم لو كان فص الخاتم مثلا من مال الصائغ و كان من غير جنس حلقته جاز شراؤه من الصائغ بجنسه مع الزيادة، لأن الفص من الضميمة و بها يتخلص من الربا كما مر في بابه.

[مسألة: 12 لو كان له على زيد دنانير كالليرات و أخذ منه بعوضها دراهم كالروبيات شيئا فشيئا و تدريجا بمقدار حاجته]

مسألة: 12 لو كان له على زيد دنانير كالليرات و أخذ منه بعوضها دراهم كالروبيات شيئا فشيئا و تدريجا بمقدار حاجته، فان كان ذلك بعنوان الوفاء و الاستيفاء ينتقص من الدنانير في كل زمان بمقدار ما أخذه من الدراهم بسعر ذلك الوقت، فإذا كان له عليه خمس ليرات و أخذ منه في ثلاثة شهور في كل شهر عشر روبيات و كان سعر الليرة في الشهر الأول خمسة عشر روبية و في الشهر الثاني اثني عشر روبية و في الثالث عشر روبيات ينتقص من الليرات في الشهر الأول ثلثا ليرة و في الشهر الثاني خمسة أسداس ليرة و في الثالث ليرة فقد استوفى في هذه المدة ليرتين و ثلث ليرة و نصف ثلث ليرة و هكذا. و ان كان أخذها بعنوان الاقتراض اشتغلت ذمة الأخذ بتلك الدراهم التي أخذها تدريجا و بقيت ذمة زيد مشغولة بتلك الدنانير، فلكل منهما مطالبة صاحبه عما عليه، و في احتساب كل منهما ماله على الأخر وفاء عما عليه للآخر و لو مع التراضي إشكال، كما أن بيع الدنانير التي على زيد في المثال بالدراهم التي على صاحبه أيضا فيه اشكال، فلا محيص الا من إبراء كل منهما ماله على الأخر أو مصالحة الدنانير


1- ثبوت خيار العيب في بيع الكلي بعيب الفرد المدفوع محل تأمل بل منع، فليس له الا مطالبة البدل الصحيح قبل التفرق أو إمساك المعيب بالثمن بلا أرش، و أما ان علم بالعيب بعد التفرق فإن رضي بالعيب بلا أرش فهو و الا يبطل البيع، لان المقبوض غير مرضى و المرضى غير مقبوض قبل التفرق.

ص: 60

التي على زيد بالدراهم التي على صاحبه. نعم لو كانت الدراهم المأخوذة تدريجا قد أخذت بعنوان الامانة حتى إذا اجتمعت عنده بمقدار الدنانير تحاسبا لا إشكال في جواز جعلها عند الحساب وفاء، كما انه يجوز أن يوقعا البيع بين الدنانير التي في الذمة و الدراهم الموجودة. و على أي حال يلاحظ سعر الدنانير و الدراهم عند الحساب و لا ينظر الى اختلاف الأسعار السابقة.

[مسألة: 13 إذا أقرض زيدا نقدا معينا أو باعه شيئا بنقد معين كالليرة إلى أجل معلوم]

مسألة: 13 إذا أقرض زيدا نقدا معينا أو باعه شيئا بنقد معين كالليرة إلى أجل معلوم و زاد سعر ذلك النقد أو نقص عند حلول الأجل عن سعره يوم الإقراض أو البيع لا يستحق الا عين ذلك النقد و لا ينظر إلى زيادة سعره و نقصانه.

[مسألة: 14 يجوز أن يبيع مثقالا من فضة خالصة من الصائغ مثلا بمثقال من فضة]

مسألة: 14 يجوز أن يبيع مثقالا من فضة خالصة من الصائغ مثلا بمثقال من فضة فيها غش متمول و اشترط عليه أن يصوغ له خاتما مثلا، و كذا يجوز أن يقول للصائغ صغ لي خاتما و أنا أبيعك عشرين مثقالا من فضة جيدة بعشرين مثقالا من فضة رديئة مثلا، و لم يلزم ربا في الصورتين.

[مسألة: 15 لو باع عشر روبيات مثلا بليرة واحدة إلا روبية واحدة صح لكن بشرط أن يعلما نسبة روبية]

مسألة: 15 لو باع عشر روبيات مثلا بليرة واحدة إلا روبية واحدة صح لكن بشرط أن يعلما نسبة روبية بحسب سعر الوقت إلى ليرة حتى يعلما أي مقدار من ليرة قد استثنى.

[القول في السلف]
اشارة

القول في السلف:

و يقال السلم أيضا، و هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حالّ عكس النسيئة، و يقال للمشتري «المسلم» بكسر اللام و للثمن «المسلم» بفتحها و للبائع «المسلم اليه» و للمبيع «المسلم فيه»، و هو يحتاج إلى إيجاب و قبول. و من خواصه ان كل واحد من البائع و المشتري صالح لان يصدر منه الإيجاب و القبول من الأخر، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع و أشباهه، بأن يقول مثلا «بعتك تغارا من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا» و يقول المشتري «قبلت» أو «اشتريت». و أما الإيجاب من المشتري

ص: 61

فهو بلفظي «أسلمت» و «أسلفت» بأن يقول «أسلمت إليك أو أسلفتك مائة درهم مثلا في تغار من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا» فيقول المسلم اليه و هو البائع «قبلت».

و يجوز اسلاف غير النقدين في غيرهما، بأن يكون كل من الثمن و المثمن من غيرهما مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون، و كذا إسلاف أحد النقدين في غيرهما و بالعكس. و لا يجوز إسلاف أحد النقدين في أحدهما مطلقا، و لا يصح ان يباع بالسلف ما لا يمكن ضبط أوصافه التي تختلف القيمة و الرغبات باختلافها كالجواهر و اللئالي و العقار و الأرضين و أشباهها مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها إلا بالمشاهدة، بخلاف ما يمكن ضبط أوصافه المذكورة بالتوصيف الغير المؤدي الى عزة الوجود كالخضر و الفواكه و الحبوبات كالحنطة و الشعير و الأرز و نحو ذلك بل البيض و الجوز و اللوز و نحوها، و كذا الحيوان كلها حتى الأناسي منها و الملابس و الأشربة و الأدوية بسيطها و مركبها.

و يشترط فيه أمور:

«الأول»- ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة كما عرفت.

«الثاني»- قبض الثمن قبل التفرق من مجلس العقد، و لو قبل البعض صح فيه و بطل في الباقي، و لو كان الثمن دينا في ذمة البائع فإن كان مؤجلا لا يجوز جعله ثمنا للمسلم فيه، و ان كان حالا فالظاهر جوازه و ان لم يخل عن إشكال فالأحوط تركه.

و لو جعل الثمن كليا في ذمة المشتري ثم حاسبه به بماله في ذمة البائع المسلم اليه سلم عن الاشكال (1).

«الثالث»- تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقدرة.

«الرابع»- تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين و نحو ذلك، و لو جعل الأجل إلى أوان الحصاد أو الدياس و نحو ذلك كان باطلا. و لا فرق


1- هذا أيضا لا يخلو عن إشكال، لأنه بناء على كون القبض شرطا للملك فكيف يحاسب ما لم يملك بما له في ذمة البائع، و الأحوط تركه أيضا.

ص: 62

في الأجل بعد كونه مضبوطا بين أن يكون قليلا كيوم بل نصف يوم أو كثيرا كعشرين أو ثلاثين سنة.

«الخامس»- إمكان وجوده (1) وقت الحلول و في البلد الذي شرط ان يسلم فيه المسلم فيه لو اشترط ذلك.

[مسألة: 1 هل يجب تعيين بلد التسليم؟ الأحوط ذلك]

مسألة: 1 هل يجب تعيين بلد التسليم؟ الأحوط ذلك إلا إذا كان انصراف الى بلد العقد أو بلد آخر.

[مسألة: 2 إذا جعل الأجل شهرا أو شهرين، فان كان وقوع المعاملة في أول الشهر عد شهرا هلاليا أو شهرين هلاليين]

مسألة: 2 إذا جعل الأجل شهرا أو شهرين، فان كان وقوع المعاملة في أول الشهر عد شهرا هلاليا أو شهرين هلاليين، و لا ينظر الى نقصان الشهر و التمام، و ان أوقعاها في أثناء الشهر عد كل شهر ثلاثين يوما. و يحتمل قريبا التلفيق، بأن يعد من الشهر الثاني أو الثالث ما فات و انقضى من الشهر الأول، فإذا وقع العقد في العاشر من الشهر و كان الأجل شهرا حل الأجل في العاشر من الشهر الثاني و هكذا، فربما لا يكون ثلاثين يوما ان كان الشهر الأول ناقصا، و الأحوط فيه التصالح (2).

[مسألة: 3 إذا جعلا الأجل إلى جمادى أو الربيع حمل على أقربهما]

مسألة: 3 إذا جعلا الأجل إلى جمادى أو الربيع حمل على أقربهما، و كذا لو جعل الى الخميس أو الجمعة حمل على الأقرب منهما، و حل بأول جزء من ليلة الهلال في الأول و بأول جزء من نهار اليوم في الثاني.

[مسألة: 4 إذا اشترى شيئا سلفا لم يجز بيعه قبل حلول الأجل لا على البائع و لا على غيره]

مسألة: 4 إذا اشترى شيئا سلفا لم يجز بيعه قبل حلول الأجل لا على البائع و لا على غيره، سواء باعه بجنس الثمن الأول أو بغيره، و سواء كان مساويا له أو أكثر أو أقل. و يجوز بعد حلوله، سواء قبضه أو لم يقبضه على البائع و على غيره بجنس الثمن و مخالفه بالمساوي له أو بالأقل أو الأكثر ما لم يستلزم الربا. نعم لو كان المسلم فيه مما يكال أو يوزن يكره بيعه قبل قبضه (3).


1- عادة بحيث لا يخاف من العجز عن التسليم في وقته.
2- بل الأحوط التعيين في العقد، و مع عدمه فالأحوط على البائع عدم تأخير التسليم عن الملفق و عدم مطالبة المشتري قبل الثلاثين.
3- كما يكره بيع ما يكال أو يوزن قبل قبضه و لو في غير السلف، و قد مر الاحتياط بترك بيعه بالمرابحة بغير البائع.

ص: 63

[مسألة: 5 إذا دفع المسلم إليه إلى المشتري بعد الحلول الجنس الذي أسلم فيه و كان دونه من حيث الصفة]

مسألة: 5 إذا دفع المسلم إليه إلى المشتري بعد الحلول الجنس الذي أسلم فيه و كان دونه من حيث الصفة أو المقدار لم يجب قبوله، و إذا كان مثله فيهما يجب القبول كغيره من الديون، و كذا إذا كان فوقه من حيث الصفة (1). و أما إذا كان أكثر منه بحسب المقدار لم يجب عليه قبول الزيادة.

[مسألة: 6 إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع على أداء المسلم فيه لعارض من آفة]

مسألة: 6 إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع على أداء المسلم فيه لعارض من آفة أو عجز له من تحصيله أو إعوازه في البلد مع عدم إمكان جلبه من مكان آخر الى غير ذلك من الاعذار حتى انقضى الأجل كان المسلم- و هو المشتري- بالخيار بين أن يفسخ المعاملة و يرجع بثمنه و رأس ماله و ان يصبر الى ان يوجد و يتمكن البائع من الأداء. و هل له إلزامه بقيمته وقت حلول الأجل؟ قيل نعم، و قيل لا، و الأحوط أن لا يطالبه إذا كانت أزيد من الثمن المسمى (2). نعم بالتراضي لا مانع منه، سواء زادت عن الثمن أو ساوت أو نقصت عنه.

[القول في المرابحة و المواضعة و التولية]
اشارة

القول في المرابحة و المواضعة و التولية:

اعلم أن ما يقع من المتعاملين في مقام البيع و الشراء على نحوين: فتارة لا يقع منهما إلا المقاولة و تعين الثمن و المثمن من دون ملاحظة رأس المال و ان هذه المعاملة فيها نفع للبائع أو خسران و أي مقدار نفعه أو خسارته، فيوقعان البيع على شي ء معلوم بثمن معلوم، و هذا النحو من البيع يسمى بالمساومة، و هو أفضل أنواعه. و اخرى يكون الملحوظ عندهما كيفية هذه المعاملة الواقعة و انها رابحة للبائع أو خاسرة أو لا رابحة و لا خاسرة، و من هذه الجهة ينقسم البيع إلى أقسام ثلاثة: المرابحة،


1- في إطلاقه تأمل بل منع، لانه قد تتعلق الأغراض بما ليس فيه ذلك التفوق كما إذا اشترى الخصى فأعطاه غير الخصى. نعم لا يجوز له رد الأكمل من مصاديق ما اشتراه و هو ليس فوق ما اشتراه بل هو عين ما اشتراه.
2- بل الأحوط أن لا يطالبه غير عين الثمن ان كان موجودا و بدله ان كان تالفا.

ص: 64

و المواضعة، و التولية. فالأول هو البيع على رأس المال مع الزيادة، و الثاني هو البيع عليه مع النقيصة، و الثالث هو البيع عليه من دون زيادة و لا نقيصة.

و لا بد في تحقق هذه العناوين الثلاثة من إيقاع عقد البيع على نحو يكون مضمونه وافيا بإفادة أحد هذه المطالب الثلاثة، و يعتبر في المرابحة تعيين مقدار الربح و في المواضعة تعيين مقدار النقصان، فعبارة عقد المرابحة بعد تعيين رأس المال اما بإخبار البائع أو تعينه عندهما من الخارج أن يقول البائع «بعتك هذا المتاع مثلا بما اشتريت مع ربح كذا» و يقول المشتري «قبلت أو اشتريت هكذا». و عبارة المواضعة أن يقول «بعتك بما اشتريت مع نقصان ذاك المقدار». و عبارة التولية ان يقول «بعتك بما اشتريت».

[مسألة: 1 إذا قال البائع في المرابحة بعتك هذا بمائة و ربح درهم في كل عشرة مثلا]

مسألة: 1 إذا قال البائع في المرابحة بعتك هذا بمائة و ربح درهم في كل عشرة مثلا، و في المواضعة بعتك بمائة و وضيعة درهم في كل عشرة، فان لم يتبين للمشتري مقدار الثمن و مبلغه بعد ضم الربح أو تنقيص الوضيعة فالظاهر بطلان البيع و ان كان بعد الحساب يتبين له ذلك، و ان تبين عنده مبلغ الثمن و مقداره صح البيع في الأقوى على كراهية.

[مسألة: 2 إذا تعددت النقود و اختلف سعرها و صرفها لا بد من ذكر النقد و الصرف]

مسألة: 2 إذا تعددت النقود و اختلف سعرها و صرفها لا بد من ذكر النقد و الصرف و انه اشتراه بأي نقد و انه كان صرفه أي مقدار، و كذا لا بد من ذكر الشروط و الأجل و نحو ذلك مما يتفاوت لأجلها الثمن.

[مسألة: 3 إذا اشترى متاعا بثمن معين و لم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فرأس ماله ذلك الثمن]

مسألة: 3 إذا اشترى متاعا بثمن معين و لم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فرأس ماله ذلك الثمن، فيجوز عند اخباره عنه أن يقول اشتريته بكذا أو رأس ماله كذا أو تقوم علي بكذا أو هو علي بكذا، و ان أحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فان كان بعمل نفسه لم يجز أن يضم أجرة عمله بالثمن المسمى و يخبر بأن رأس ماله كذا أو اشتريته بكذا، بل عبارته الصحيحة الصادقة أن يذكر كلا من رأس ماله و عمله مستقلا، بأن يقول مثلا «اشتريته بكذا و عملت فيه كذا»، و ان كان باستئجار غيره جاز أن يضم الأجرة بالثمن و يخبر بأنه يقوم علي أو هو علي بكذا، و ان لم يجز ان يقول اشتريته

ص: 65

بكذا أو رأس ماله كذا. و لو اشترى معيبا و رجع بالأرش إلى البائع له ان يخبر بالواقع و له إسقاط مقدار الأرش من الثمن و يجعل رأس المال ما بقي فيقول رأس مالي كذا، و ليس له أن يجعل رأس المال الثمن المسمى من دون إسقاط قدر الأرش، بخلاف ما إذا حط البائع بعض الثمن فإنه يجوز للمشتري ان يخبر بالأصل من دون إسقاط الحطيطة، لأنها تفضل من البائع عليه و لا دخل لها بالثمن.

[مسألة: 4 يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة إذا لم يشترط على المشتري بيعه منه]

مسألة: 4 يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة إذا لم يشترط على المشتري بيعه منه و ان كان من قصدهما ذلك، و بذلك ربما يحتال من أراد أن يجعل رأس ماله أزيد مما اشترى به المتاع، بأن يشتري متاعا بثمن ثم يبيعه من ابنه أو زوجته مثلا بثمن أزيد ثم يشتريه بالثمن الزائدة فيخبر بالزائد. مثلا يشتري متاعا من السوق بدرهمين ثم يبيعه من ابنه بأربعة ثم يشتريه منه بأربعة ثم في مقام المرابحة يقول ان رأس ماله أربعة. و هذا و ان لم يكذب (1) في رأس المال و صح بيعه بلا إشكال إذ هو ليس بأعظم من الكذب الصريح في الاخبار عن رأس المال، لكن الظاهر أن هذا غش و خيانة، فلا يجوز له ذلك. نعم لو لم يكن ذلك عن مواطاة و بقصد الاحتيال جاز له ذلك و لا محذور عليه.

[مسألة: 5 لو ظهر كذب البائع في اخباره برأس المال]

مسألة: 5 لو ظهر كذب البائع في اخباره برأس المال- كما إذا أخبر بأن رأس المال مائة و باعه بربح عشرة فظهر أنه كان تسعين- صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و إمضائه بتمام الثمن و هو مائة و عشرة في المثال. و لا فرق بين تعمد الكذب و صدوره غلطا أو اشتباها، و هل يسقط هذا الخيار بالتلف؟ فيه اشكال لا يبعد عدم السقوط (2).

[مسألة: 6 لو سلم التاجر متاعا الى الدلال ليبيعه له فقومه عليه بثمن معين و جعل ما زاد على ذلك له]

مسألة: 6 لو سلم التاجر متاعا الى الدلال ليبيعه له فقومه عليه بثمن معين و جعل ما زاد على ذلك له بأن قال له بعه عشرة رأس ماله فما زدت عليه فهو لك لم يجز


1- إذا كان في بيعه و شرائه قاصدا للبيع حقيقة.
2- إذا كان ظهور الكذب بعد التلف، و أما إذا كان التلف بعد الظهور فلا خيار لأنه فوري. نعم إذا كان تأخير الفسخ من جهة جهله بالمسألة فلا يبعد عدم السقوط.

ص: 66

له أن يبيعه مرابحة، بأن يجعل رأس المال ما قوم عليه التاجر و يزيد عليه مقدارا بعنوان الربح، بل اللازم اما أن يبيعه مساومة أو يبين ما هو الواقع من أن ما قوم على التاجر كذا و انا أريد النفع كذا، فان باعه بزيادة كانت الزيادة له. و ان باعه بما قوم عليه التاجر صح البيع و يكون الثمن له و لم يستحق الدلال شيئا، و ان كان الأحوط إرضاؤه بشي ء. و ان باعه بالأقل يكون فضوليا يتوقف صحته على اجازة التاجر.

[مسألة: 7 إذا اشترى شخص متاعا أو دارا أو عقارا أو غيرها جاز أن يشرك فيه غيره بما اشتراه]

مسألة: 7 إذا اشترى شخص متاعا أو دارا أو عقارا أو غيرها جاز أن يشرك فيه غيره بما اشتراه، بأن يشركه فيه بالمناصفة بنصف الثمن و بالمثالثة بثلث الثمن و هكذا، و يجوز إيقاعه بلفظ التشريك، بأن يقول «شركتك في هذا المتاع نصفه بنصف الثمن أو ثلثه بثلث الثمن» مثلا فقال «قبلت». و لو أطلق لا يبعد انصرافه إلى المناصفة، و هل هو بيع أو عنوان على حده؟ كل محتمل، و على الأول فهو من بيع التولية.

[القول في بيع الثمار]
اشارة

القول في بيع الثمار:

في النخيل و الأشجار المسمى في العرف الحاضر بالضمان، و يلحق بها الزرع و الخضراوات.

[مسألة: 1 لا يجوز بيع الثمار في النخيل و الأشجار قبل بروزها و ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة]

مسألة: 1 لا يجوز بيع الثمار في النخيل و الأشجار قبل بروزها و ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة (1). و يجوز بيعها عامين (2) فما زاد أو مع الضميمة، و أما بعد ظهورها فان بدا صلاحها أو كان في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا اشكال، و مع انتفاء الثلاثة فيه قولان أقواهما الجواز مع الكراهة (3).

[مسألة: 2 بدو الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره]

مسألة: 2 بدو الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره، و في غيره انعقاد


1- و لا مع الضميمة إلا إذا كانت الضميمة مقصودة و الثمار تابعة.
2- مشكل فلا يترك الاحتياط بضم الضميمة فيه أيضا.
3- و ان كان الأحوط تركه.

ص: 67

حبه بعد تناثر ورده (1).

[مسألة: 3 يعتبر في الضميمة في مورد الاحتياج إليها كونها مما يجوز بيعها منفردة و كونها مملوكة للمالك]

مسألة: 3 يعتبر في الضميمة في مورد الاحتياج إليها كونها مما يجوز بيعها منفردة و كونها مملوكة للمالك، و منها الأصول لو بيعت مع الثمرة، و هل يعتبر عدم كونها تابعة أولا؟ وجهان أقواهما العدم (2).

[مسألة: 4 إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بيع ثمرته أجمع الموجودة و المتجددة في تلك السنة]

مسألة: 4 إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بيع ثمرته أجمع الموجودة و المتجددة في تلك السنة، سواء اتحدت الشجرة أو تكثرت، و سواء اتحد الجنس أو اختلف. و كذلك لو أدركت ثمرة بستان جاز بيعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرك ثمرته (3).

[مسألة: 5 إذا كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرتين الظاهر أنه يكون المرتان بمنزلة عامين]

مسألة: 5 إذا كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرتين الظاهر أنه يكون المرتان بمنزلة عامين (4)، فيجوز بيع ثمرها في المرتين قبل الظهور.

[مسألة: 6 إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أزيد ثم باع الأصول من شخص آخر]

مسألة: 6 إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أزيد ثم باع الأصول من شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة فتنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة، و لو كان جاهلا كان له الخيار في فسخ بيع الأصول كالعين المستأجرة، و كذا لا يبطل بيع الثمار بموت بائعها و لا بموت مشتريها، بل تنتقل الثمرة في الثاني إلى ورثة المشتري و الأصول في الأول إلى ورثة البائع مسلوبة المنفعة.

[مسألة: 7 إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدو صلاحها فأصيبت بآفة سماوية]

مسألة: 7 إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدو صلاحها فأصيبت بآفة سماوية أو أرضية قبل قبضها الذي هو التخلية (5) كان من مال بائعها، و الظاهر إلحاق النهب و السرقة و نحوهما بالافة. نعم لو كان المتلف شخصا معينا كان المشتري بالخيار بين فسخ البيع و بين إمضائه و مطالبة المتلف بالبدل، و لو كان التلف بعد القبض كان من


1- و استبانته بحيث لا تخاف معه الافة.
2- مشكل فالأحوط أن لا تكون الضميمة تابعة للثمرة في هذا البيع، و هذا غير اشتراط كون الثمرة تابعا كما قلنا في بيعها قبل الظهور، فإن الأقوى في المسألة عدم اشتراطه.
3- لكن لا ينبغي ترك الاحتياط.
4- و قد مر الاشكال و الاحتياط بترك بيعها قبل الظهور بلا ضميمة.
5- بحيث يكون المشتري مستوليا على المبيع كما مر في القبض.

ص: 68

مال المشتري و لم يرجع على البائع بشي ء.

[مسألة: 8 يجوز أن يستثني البائع لنفسه حصة مشاعة من الثمرة كالثلث و الربع]

مسألة: 8 يجوز أن يستثني البائع لنفسه حصة مشاعة من الثمرة كالثلث و الربع أو مقدارا معينا كمن أو منين، كما أن له ان يستثني ثمرة نخل أو شجر معين، فان خاست الثمرة سقط من الثنيا بحسابه في الأولين (1).

[مسألة: 9 يجوز بيع الثمرة على النخل و الشجر بكل شي ء يصح أن يجعل ثمنا في أنواع البيوع]

مسألة: 9 يجوز بيع الثمرة على النخل و الشجر بكل شي ء يصح أن يجعل ثمنا في أنواع البيوع من النقود و الأمتعة و الطعام و الحيوان و غيرها، بل المنافع و الاعمال و نحوهما. نعم لا يجوز بيع التمر على النخل بالتمر، سواء كان مقدارا من تمرها أو تمرا آخر على النخيل أو موضوعا على الأرض، و هذا يسمى بالمزابنة المنهي عنها، و الأحوط إلحاق ثمرة ما عدا النخيل من الفواكه بها فلا تباع بجنسها (3).

[مسألة: 10 يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عما ابتاعه به أو نقصان قبل قبضه و بعده]

مسألة: 10 يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عما ابتاعه به أو نقصان قبل قبضه و بعده.

[مسألة: 11 لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره]

مسألة: 11 لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره، و في جواز الصلح عنه وجه، كبيعه تبعا للأرض لو باعها و أدخله في المبيع بالشرط. و أما بعد ظهوره و طلوع خضرته يجوز بيعه قصيلا، بأن يبيعه بعنوان أن يكون قصيلا و يقطعه المشتري قبل أن يسنبل، سواء بلغ أوان قصله أو لم يبلغ و عين مدة لإبقائه، و ان أطلق فله إبقاؤه إلى أوان قصله، و يجب على المشتري قطعه إذا بلغ أوانه إلا إذا رضي البائع بإبقائه، و لو لم يرض به و لم يقطعه المشتري فللبائع قطعه. و الأحوط أن يكون بعد الاستيذان من الحاكم مع الإمكان، و له تركه و المطالبة بأجرة أرضه مدة بقائه. و لو أبقاه الى ان طلعت سنبلته فهل تكون ملكا للمشتري أو للبائع أو هما شريكان؟ فيه وجوه الأحوط التصالح.

و كما يجوز بيع الزرع قصيلا يجوز بيعه من أصله لا بعنوان كونه قصيلا و بشرط ان


1- بلا إشكال في الأول منهما، و أما الثاني فهو كذلك إذا كان استثناء المن و المنين بنحو الإشاعة، و اما إذا كان بنحو الكلي في المعين كما هو الظاهر منه فلازمه عدم حساب الخسارة على البائع، لكن حيث ادعى الإجماع على حسابها عليه فلا يترك الاحتياط فيه بالمصالحة.

ص: 69

يقطعه بل بعنوان كونه ملكا للمشتري ان شاء قصله و ان شاء تركه الى ان يسنبل.

[مسألة: 12 لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره و انعقاد حبه]

مسألة: 12 لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره و انعقاد حبه، و يجوز بعد انعقاد حبه، سواء كان حبه بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة منفردا و مع أصوله قائما و حصيدا، و لا يجوز بيعه بحب من جنسه، بأن تباع سنابل الحنطة بالحنطة و سنابل الشعير بالشعير، و هذا يسمى بالمحاقلة المنهي عنها. و لا يبعد شمولها لبيع سنبل الحنطة بالشعير و بيع سنبل الشعير بالحنطة أيضا، و اما غير الحنطة و الشعير كالأرز و الذرة و الدخن و غيرها ففي جريان هذا الحكم فيها- و هو عدم جواز بيع سنابلها بحب من جنسها- إشكال، الأحوط لو لم يكن الأقوى جريانه فيها (1).

[مسألة: 13 لا يجوز بيع الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ و نحوها قبل ظهورها]

مسألة: 13 لا يجوز بيع الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ و نحوها قبل ظهورها، و يجوز بعد انعقادها و تناثر وردها لقطة واحدة أو لقطات معلومة. و المرجع في اللقطة إلى عرف الزراع و شغلهم و عادتهم، و الظاهر أن ما يلتقط منها من الباكورة لا تعد لقطة.

[مسألة: 14 إنما يجوز بيع الخضر كالخيار و البطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته في خلال الأوراق]

مسألة: 14 إنما يجوز بيع الخضر كالخيار و البطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته في خلال الأوراق، و لا يضر عدم مشاهدة بعضها المستورة، كما لا يضر عدم تناهي عظمها كلا أو بعضا و تناثر وردها، و كذا لا يضر انعدام ما عدا الاولى من اللقطات بعد ضمها إليها.

[مسألة: 15 إذا كان الخضر مما كان المقصود منه مستورا في الأرض كالجزر و الشلجم و الثوم]

مسألة: 15 إذا كان الخضر مما كان المقصود منه مستورا في الأرض كالجزر و الشلجم و الثوم يشكل جواز بيعها قبل قلعها. نعم في مثل البصل مما كان الظاهر منه أيضا مقصودا فالوجه جواز بيعه منفردا و مع أصوله.

[مسألة: 16 يجوز بعد الظهور بيع ما يجز ثم ينمو كالرطبة و الكراث و النعناع جزة و جزات معينة]

مسألة: 16 يجوز بعد الظهور بيع ما يجز ثم ينمو كالرطبة و الكراث و النعناع جزة و جزات معينة، و كذا ما يخرط كورق التوت و الحناء خرطة و خرطات، و المرجع في الجزة و الخرطة هو العرف و العادة كما مر في اللقطة. و لا يضر انعدام بعض


1- مشكل و ان كان أحوط. نعم لا يجوز بيع السنبل بشي ء من حبه.

ص: 70

الأوراق بعد وجود مقدار يكفي للخرط، و ان لم يبلغ أوان خرطه فيضم الموجود الى المعدوم كانضمام الثمرة المتجددة في السنة أو في سنة أخرى مع الموجودة.

[مسألة: 17 إذا كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلا بالمناصفة]

مسألة: 17 إذا كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلا بالمناصفة يجوز أن يتقبل أحد الشريكين حصة صاحبه بخرص معلوم، بأن يخرص المجموع بمقدار فيتقبل أن يكون المجموع له و يدفع لصاحبه من الثمرة نصف المجموع بحسب خرصه زاد أو نقص و يرضى به صاحبه. و الظاهر ان هذه معاملة خاصة برأسها، كما أن الظاهر انه ليس لها صيغة خاصة، فيكفي كل لفظ يكون ظاهرا في المقصود بحسب متفاهم العرف.

[مسألة: 18 من مر بثمرة نخل أو شجر أو زرع مارا مجتازا لا قاصدا إليها لأجل الأكل]

مسألة: 18 من مر بثمرة نخل أو شجر أو زرع مارا مجتازا لا قاصدا إليها لأجل الأكل جاز له ان يأكل منها بمقدار شبعه و حاجته من دون أن يحمل منها شيئا و من دون إفساد للأغصان أو إتلاف للثمار، و الظاهر عدم الفرق بين ما كان على الشجر أو متساقطا عنه، و الأحوط الاقتصار على ما إذا لم يعلم كراهة المالك.

[القول في بيع الحيوان ناطقة و صامته]
اشارة

القول في بيع الحيوان ناطقة و صامته:

[مسألة: 1 يجوز استرقاق الحربي- أعني الكافر الأصلي- إذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام]

مسألة: 1 يجوز استرقاق الحربي- أعني الكافر الأصلي- إذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام، سواء كان في دار الحرب أو في دار الإسلام، و سواء كان بالسرقة أو الغيلة أو القهر و الاغتنام، بل لو قهر الحربي حربيا فباعه صح البيع و ان كان أخاه أو زوجته، بل و ان كان ممن ينعتق عليه كبنته و ابنه و أبويه على اشكال في صحة البيع و لحوق أحكامه فيه. نعم لا إشكال في تملك المشتري المسلم لمن اشتراه بهذا الشراء و ان لم يكن شراء حقيقيا بل كان استنقاذا.

[مسألة: 2 يملك الرجل كل أحد عدا أحد عشر الأب و الام و الأجداد و الجدات]

مسألة: 2 يملك الرجل كل أحد عدا أحد عشر الأب و الام و الأجداد و الجدات و ان علوا و الأولاد و أولادهم ذكورا و إناثا و ان سفلوا و الأخوات و العمات (1) و الخالات


1- أى أخوات الإباء و ان علوا، لا عمة العمة و ان لم تكن أخت الأب، و كذا المقصود من الخالات أخت الأمهات و ان علت دون خالة الخالة و ان لم تكن أختا للأمهات.

ص: 71

و بنات الأخ و بنات الأخت و ان سفلن نسبا و رضاعا، و يملك من عدا هؤلاء من الأقارب حتى الأخ و ان كان مكروها، و تملك المرأة (1) كل أحد عدا الإباء و ان علوا و الأولاد و ان نزلوا نسبا و رضاعا، و معنى عدم ملك هؤلاء عدم استقراره، فلو ملك الرجل أو المرأة أحد هؤلاء بناقل اختياري كالشراء أو قهري كالموت انعتق عليهما في الحال، و يملك كل من الزوجين صاحبه لكن يبطل النكاح.

[مسألة: 3 الكافر لا يملك المسلم ابتداء]

مسألة: 3 الكافر لا يملك المسلم ابتداء، و لو كان له مملوك كافر فأسلم المملوك اجبر على بيعه من مسلم و لمولاه ثمنه.

[مسألة: 4 كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع شرائط الإقرار]

مسألة: 4 كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع شرائط الإقرار من البلوغ و العقل و الاختيار و عدم كونه مشهورا بالحرية، و لا يلتفت الى رجوعه عن إقراره (2).

[مسألة: 5 لو اشترى عبدا فادعى الحرية لم يقبل قوله الا بالبينة]

مسألة: 5 لو اشترى عبدا فادعى الحرية لم يقبل قوله الا بالبينة.

[مسألة: 6 إذا أراد مالك الجارية ان يبيعها و قد وطأها]

مسألة: 6 إذا أراد مالك الجارية ان يبيعها و قد وطأها يجب عليه ان يستبرئها قبل بيعها بحيضة ان كانت تحيض و بخمسة و أربعين يوما ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض، بأن كان بيعها بعد انقضاء هذه المدة من زمن وطيها، و إذا لم يستبرئها البائع و باعها صح البيع لكن يجب على المشتري الاستبراء المزبور، بأن لا يطؤها إلا بعد حيضة أو انقضاء تلك المدة، بل لو لم يعلم ان البائع قد وطأها أو استبرأها بعد وطيها يجب عليه استبراؤها. نعم لو علم أو أخبره ثقة انه قد استبرأها البائع أو انه لم يطأها لم يجب عليه الاستبراء، كما انه لا يجب لا على البائع و لا على المشتري لو كان البائع امرأة أو كانت الجارية صغيرة (3) أو يائسة.


1- يحتاج الى تتبع من جهة تملكها للأمهات.
2- إلا فيما ذكر له تأويلا محتملا، كأن يقول حسبت أن رقية أحد الوالدين يكفي في رقية الولد، فان عدم سماع دعواه فيه محل اشكال.
3- لكن الأحوط عدم جواز وطي المملوكة قبل البلوغ مطلقا، و كذا لا يجب الاستبراء في بيع جارية حائض إذا لم يطأها مولاها في حيضها، فيحوز للمشترى وطيها في الطهر بعد ذلك الحيض.

ص: 72

[مسألة: 7 لا يختص وجوب الاستبراء بالبيع و الشراء]

مسألة: 7 لا يختص وجوب الاستبراء بالبيع و الشراء، بل كل من ملك امة بوجه من وجوه التملك وجب عليه قبل وطيها الاستبراء حتى لو ملكها بالإرث أو الاسترقاق إذا لم تستبرأ قبل ذلك، و كذا لا يختص بالبائع بل يعم كل ناقل لها بمثل الصلح و الهبة و غيرهما، فيجب عليهم الاستبراء المزبور بالشروط المتقدمة قبل إيجاد السبب المملك.

[مسألة: 8 إذا باع جارية حبلى لم يجب على البائع استبراؤها]

مسألة: 8 إذا باع جارية حبلى لم يجب على البائع استبراؤها. نعم يجب على المشتري بل كل من ملكها بوجه من وجوه التملك ترك وطيها قبل أن ينقضي لحملها أربعة أشهر و عشرة أيام و يكره بعد ذلك.

[مسألة: 9 الأقوى أن العبد يملك، و ان كان محجورا عليه لا ينفذ تصرفاته فيما ملكه بدون اذن مولاه]

مسألة: 9 الأقوى أن العبد يملك، و ان كان محجورا عليه لا ينفذ تصرفاته فيما ملكه بدون اذن مولاه و للمولى السلطنة التامة على ما ملكه حتى ان له ان ينتزعه منه، فلو ملكه مولاه شيئا ملكه و كذا ما حاز لنفسه من المباحات بإذن مولاه أو اشترى في الذمة بإذنه ملكه و ان لم يكن ملكا تاما.

[مسألة: 10 كل حيوان مملوك كما يجوز بيع جميعه يجوز بيع بعضه المشاع كالنصف و الربع]

مسألة: 10 كل حيوان مملوك كما يجوز بيع جميعه يجوز بيع بعضه المشاع كالنصف و الربع، و أما جزؤه المعين كرأسه و جلده أو يده و رجله أو نصفه الذي فيه رأسه مثلا، فان كان مما لا يؤكل لحمه أو لم يكن المقصود منه اللحم بل الركوب و الحمل و ادارة الرحى و نحو ذلك لم يجز بيعه قطعا (1)، و أما إذا كان المقصود منه الذبح مثل ما يشتريه القصابون و يباع منهم فالظاهر أنه يصح بيعه، فان ذبحه يكون للمشتري ما اشتراه، و ان باعه و لم يذبحه يكون المشتري شريكا في الثمن بنسبة ماله، بأن ينسب قيمة الرأس و الجلد مثلا على تقدير الذبح إلى قيمة البقية فله من الثمن بتلك النسبة، و كذا الحال فيما لو باع حيوانا قصد به اللحم و استثنى الرأس و الجلد


1- نعم فيما يزكى مما لا يؤكل يجوز بيع جلدة إذا كان مما ينتفع به، و كذا فيما يؤكل و لا يقصد اللحم إذا لم يقصد منه الا الانتفاع باهابه، لكن المتيقن من جواز بيع تلك الاجزاء كذلك هو عند ارادة الذبح حتى يكون الحيوان مشرفا للذبح بحيث كان العرف يعاملون معه معاملة المذبوح.

ص: 73

أو اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد أو الرأس و القوائم مثلا أو اشترى شخص حيوانا ثم شرك غيره معه في الرأس و الجلد مثلا كما إذا اشترى شاة بعشرة دراهم ثم شرك فيها رجلا بدرهمين بالرأس و الجلد فيصح في الجميع فيما يراد ذبحه، فإذا ذبح يستحق العين و الا كان شريكا بالنسبة كما عرفت.

[مسألة: 11 لو قال شخص لآخر اشتر حيوانا مثلا بشركتي كان ذلك منه توكيلا له في الشراء]

مسألة: 11 لو قال شخص لآخر اشتر حيوانا مثلا بشركتي كان ذلك منه توكيلا له في الشراء، فلو اشتراه حسب استدعاء الأمر كان المبيع بينهما نصفين و على كل منهما دفع نصف الثمن إلا إذا صرح بكون الشركة على نحو آخر، و لو دفع المأمور عن الأمر ما عليه من الثمن ليس له الرجوع اليه ما لم يكن قرينة تقتضي أن المقصود الشراء له و الدفع عنه ما عليه من الثمن كالشراء من مكان بعيد لا يدفع المبيع حتى يدفع الثمن فحينئذ يرجع الى الأمر بما دفع عنه.

[القول في الإقالة]
اشارة

القول في الإقالة:

و حقيقتها فسخ العقد من الطرفين، و هي جارية في تمام العقود سوى النكاح، و في قيام وارث المتعاقدين مقامهما اشكال (1)، و تقع بكل لفظ أفاد المعنى المقصود عند أهل المحاورة، كأن يقول المتعاقدان «تقايلنا» أو «تفاسخنا» أو يقول أحدهما للآخر «أقلتك» فقبل الأخر، بل الظاهر كفاية التماس (2) أحدهما مع إقالة الأخر، و لا يعتبر فيها العربية بل تقع بكل لغة، و الظاهر وقوعها بالمعاطاة (3)، بأن يرد كل منهما ما انتقل إليه الى صاحبه بعنوان الفسخ.

[مسألة: 1 لا يجوز الإقالة بزيادة عن الثمن و لا نقصان]

مسألة: 1 لا يجوز الإقالة بزيادة عن الثمن و لا نقصان، فلو أقال المشتري


1- بل لا إشكال في قيام الوارث مقامهما في الإقالة كما يقوم مقامهما في الفسخ إذا ورث الخيار.
2- إذا التمس فيه الإقالة من الطرفين فيقول تفاسخنا أو تقايلنا، و أما إذا أقال بعد التماسه من طرف نفسه و قال أقلتك فالظاهر عدم الكفاية حتى يقبل الملتمس بقوله قبلت أو مثله.
3- مشكل فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بالمعاطاة فيها.

ص: 74

بزيادة عن الثمن الذي اشترى به أو البائع بوضيعة بطلت الإقالة و بقي العوضان على ملك صاحبهما.

[مسألة: 2 لا يجري في الإقالة الفسخ و الإقالة]

مسألة: 2 لا يجري في الإقالة الفسخ و الإقالة.

[مسألة: 3 تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة]

مسألة: 3 تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة، بل إذا تعدد البائع أو المشتري تصح إقالة أحدهما مع الطرف الأخر بالنسبة إلى حصته و ان لم يوافقه صاحبه.

[مسألة: 3 التلف غير مانع عن صحة الإقالة كالفسخ]

مسألة: 3 التلف غير مانع عن صحة الإقالة كالفسخ، فلو تقايلا رجع كل عوض الى مالكه، فان كان موجودا أخذه و ان كان تالفا يرجع الى المثل ان كان مثليا و القيمة ان كان قيميا.

ص: 75

[كتاب الشفعة]

اشارة

كتاب الشفعة

[مسألة: 1 إذا باع أحد الشريكين حصته من شخص أجنبي فللشريك الأخر مع اجتماع الشروط الآتية حق]

مسألة: 1 إذا باع أحد الشريكين حصة من شخص أجنبي فللشريك الأخر مع اجتماع الشروط الآتية حق ان يتملكها و ينتزعها من المشتري بما بذله من الثمن، و يسمى هذا الحق بالشفعة و صاحبه بالشفيع.

[مسألة: 2 لا إشكال في ثبوت الشفعة في كل ما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة]

مسألة: 2 لا إشكال في ثبوت الشفعة في كل ما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة كالأراضي و البساتين و الدور و نحوها، و في ثبوتها فيما ينقل كالثياب و المتاع و السفينة و الحيوان و فيما لا ينقل و كان غير قابل للقسمة كالضيقة من الأنهار و الطرق و الآبار و غالب الأرحية و الحمامات و كذا في الشجر و النخيل و الابنية و الثمار على النخيل و الأشجار إشكال لا يبعد ثبوتها في الجميع بل لا يخلو من قوة (1)، لكن الأحوط للشريك عدم الأخذ فيها بالشفعة إلا برضى المشتري، كما أن الأحوط له إجابة الشريك ان أخذ بها، بل لا يترك هذا الاحتياط في أشياء خمسة النهر و الطريق و الرحى و الحمام و السفينة.

[مسألة: 3 انما تثبت الشفعة في بيع حصة مشاعة من العين المشتركة]

مسألة: 3 انما تثبت الشفعة في بيع حصة مشاعة من العين المشتركة، فلا شفعة بالجوار، فلو باع أحد داره أو عقاره ليس لجاره الأخذ بالشفعة، و كذا لا شفعة في العين المقسومة إذا باع أحد الشريكين حصته المفروزة إلا إذا كانت دار قد قسمت بعد اشتراكها أو كانت من أول الأمر مفروزة و لها طريق مشترك فباع بعض


1- القوة ممنوعة بل المتيقن ثبوتها فيما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة دون غيره، لكن لا يترك ما ذكر من الاحتياط. نعم تثبت في الشجر و النخيل و الأبنية إذا بيعت تبعا للأرض.

ص: 76

الشركاء (1) حصته المفروزة من الدار، فإنه تثبت الشفعة لغير البائع لكن إذا بيعت مع طريقها، بخلاف ما إذا أفرزت الحصة بالبيع و بقي الطريق على ما كان من الاشتراك بين الملاك فإنه لا شفعة حينئذ في بيع الحصة. نعم لو بيعت حصته (2) من الطريق المشترك ثبت فيه الشفعة على اشكال فيما إذا كان ضيقا غير قابل للقسمة كما مر (3).

و في إلحاق الاشتراك في الشرب كالبئر و النهر و الساقية بالاشتراك في الطريق اشكال فلا يترك الاحتياط. نعم لا يبعد إلحاق البستان و الأراضي مع اشتراك الطريق بالدار، لكنه أيضا لا يخلو من اشكال فلا ينبغي ترك الاحتياط.

[مسألة: 4 لو باع عرضا و شقصا من دار أو باع حصة مفروزة من دار مثلا مع حصة مشاعة من دار أخرى صفقة واحدة]

مسألة: 4 لو باع عرضا و شقصا من دار أو باع حصة مفروزة من دار مثلا مع حصة مشاعة من دار أخرى صفقة واحدة كان للشريك الشفعة في تلك الحصة المشاعة بحصتها من الثمن، على اشكال (4) من جهة احتمال أن يكون له الشفعة في المجموع بمجموع الثمن و لم يكن له التبعيض (5) بأخذ المشاع فقط، فالأحوط للشفيع إرضاء المشتري، سواء أراد التبعيض أو أخذ الشفعة في المجموع، كما أن الأحوط للمشتري إجابته في كل ما أراده.

[مسألة: 5 يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصة إلى الأجنبي بالبيع]

مسألة: 5 يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصة إلى الأجنبي بالبيع، فلو انتقلت اليه بجعله صداقا أو فدية للخلع أو بالصلح أو بالهبة فلا شفعة.

[مسألة: 6 انما تثبت الشفعة إذا كانت العين بين شريكين]

مسألة: 6 انما تثبت الشفعة إذا كانت العين بين شريكين، فلا شفعة فيما إذا


1- إثبات الشفعة لغير البائع في أكثر من شريكين و ان كان موافقا للنص الوارد في مسألة الاشتراك في الطريق، لكن حيث لم أعثر على من عمل به في خصوص المسألة ليكون مخصصا للمطلقات الدالة على اختصاص الشفعة بالشريكين فلا بد من حمله على التقية أو بعض محامل أخر، فإثبات الحكم به على خلاف تلك المطلقات مشكل، و المتيقن ثبوت الشفعة في تلك المسألة أيضا مع الشريكين في الطريق لا أكثر.
2- و بقيت الدار على ملكه.
3- قد مر الكلام فيه.
4- ضعيف.
5- بل له التبعيض على الأقوى و ان كان الاحتياط المذكور حسنا.

ص: 77

كانت بين ثلاثة و ما فوقها، من غير فرق على الظاهر بين أن يكون البائع اثنين من ثلاثة مثلا فكان الشفيع واحدا أو بالعكس. نعم لو باع أحد الشريكين حصته من اثنين مثلا أو تدريجا فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع لا مانع من الشفعة للشريك الأخر، و حينئذ فهل له التبعيض- بأن يأخذ بالشفعة بالنسبة الى أحد المشتريين و يترك الأخر- أو لا؟ وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من قوة.

[مسألة: 7 لو كانت الدار مشتركة بين الطلق و الوقف و بيع الطلق لم يكن للموقوف عليه]

مسألة: 7 لو كانت الدار مشتركة بين الطلق و الوقف و بيع الطلق لم يكن للموقوف عليه و لو كان واحدا و لا لولي الوقف شفعة. نعم لو بيع الوقف في صورة صحة بيعه الظاهر ثبوتها لذي الطلق، إلا إذا كان الوقف على أشخاص بأعيانهم و كانوا متعددين فان فيه إشكالا (1).

[مسألة: 8 يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن]

مسألة: 8 يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن، فلو كان عاجزا عن أدائه لا شفعة له و ان بذل الضامن أو الرهن الا ان يرضى المشتري بالصبر، بل يعتبر فيه إحضار الثمن عند الأخذ بها، و لو اعتذر بأنه في مكان آخر فذهب ليحضر الثمن فان كان في البلد ينتظر ثلاثة أيام و ان كان في بلد آخر ينتظر بمقدار يمكن بحسب العادة نقل المال من ذلك البلد بزيادة (2) ثلاثة أيام، فان لم يحضر الثمن في تلك المدة فلا شفعة له.

[مسألة: 9 يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما]

مسألة: 9 يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة للكافر على المسلم و ان اشتراه من كافر، و تثبت للكافر على مثله و للمسلم على الكافر.

[مسألة: 10 تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطلاعه على البيع]

مسألة: 10 تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطلاعه على البيع و لو بعد زمان طويل، بل لو كان له وكيل مطلق (3) و اطلع هو على البيع دون موكله له أن يأخذ بالشفعة له.


1- و الأقوى عدم ثبوتها فيه.
2- ما لم يتضرر المشتري.
3- أو في خصوص الأخذ بالشفعة.

ص: 78

[مسألة: 11 تثبت الشفعة للسفيه و ان لم ينفذ أخذه بها إلا بإذن الولي أو إجازته]

مسألة: 11 تثبت الشفعة للسفيه و ان لم ينفذ أخذه بها إلا بإذن الولي أو إجازته، و كذا تثبت للصبي و المجنون و ان كان المتولي للأخذ بها عنهما وليهما. نعم لو كان الولي هو الوصي ليس له ذلك الا مع الغبطة و المصلحة، بخلاف الأب و الجد فإنه يكفي فيهما عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التصرفات، و لو ترك الولي المطالبة بالشفعة عنهما الى ان كملا لهما ان يأخذا بها.

[مسألة: 12 إذا كان الولي شريكا مع المولى عليه فباع حصته من أجنبي]

مسألة: 12 إذا كان الولي شريكا مع المولى عليه فباع حصته من أجنبي جاز له أن يأخذ بالشفعة فيما باعه، و كذا الوكيل في البيع لو كان شريكا مع موكله فباع حصة موكله من أجنبي فإن له أن ينتزع الحصة التي باعها من المشتري لنفسه لأجل الشفعة.

[مسألة: 13 الأخذ بالشفعة اما بالقول كأن يقول «أخذت بالشفعة» أو «تملكت الحصة»]

مسألة: 13 الأخذ بالشفعة اما بالقول كأن يقول «أخذت بالشفعة» أو «تملكت الحصة» و نحو ذلك مما يفيد إنشاء تملكه و انتزاع الحصة المبيعة من المشتري لأجل ذلك الحق، و اما بالفعل بأن يدفع الثمن و يأخذ الحصة المبيعة، بأن يرفع المشتري يده عنها و يخلى بين الشفيع و بينها، و مع ذلك يعتبر دفع الثمن عند الأخذ بالشفعة قولا أو فعلا إلا إذا رضي المشتري بالصبر. نعم لو كان الثمن مؤجلا فالظاهر أنه يجوز له (1) ان يأخذ بها و يتملك الحصة عاجلا و يكون الثمن عليه الى وقته.

[مسألة: 14 ليس للشفيع تبعيض حقه، بل اما أن يأخذ الجميع أو يدع]

مسألة: 14 ليس للشفيع تبعيض حقه، بل اما أن يأخذ الجميع أو يدع.

[مسألة: 15 الذي يلزم على الشفيع عند أخذه بالشفعة دفع مثل الثمن الذي وقع عليه العقد]

مسألة: 15 الذي يلزم على الشفيع عند أخذه بالشفعة دفع مثل الثمن الذي وقع عليه العقد، سواء كانت قيمة الشقص أقل أو أكثر، و لا يلزم عليه دفع ما غرمه المشتري من المؤن كأجرة الدلال و نحوها، و لا دفع ما زاد المشتري على الثمن و تبرع به للبائع بعد العقد، كما انه لو حط البائع بعد العقد شيئا من الثمن ليس له تنقيص ذاك المقدار.

[مسألة: 16 لو كان الثمن مثليا كالذهب و الفضة و نحوهما يلزم على الشفيع]

مسألة: 16 لو كان الثمن مثليا كالذهب و الفضة و نحوهما يلزم على الشفيع


1- و هو المتيقن من الأخذ بالشفعة، و هو مختار الشيخ في النهاية، و أما ما في المبسوط من التخيير بين الأخذ بالثمن عاجلا و بين التأخير و الأخذ بالثمن في محله فلا يخلو من أحد محذورين اما الأخذ بأكثر من الثمن و اما التأخير بلا عذر.

ص: 79

دفع مثله، و أما لو كان قيميا كالحيوان و الجواهر و الثياب و نحوها ففي ثبوت الشفعة و لزوم أداء قيمته حين البيع أو عدم ثبوتها أصلا وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (1).

[مسألة: 17 إذا اطلع الشفيع على البيع فله المطالبة في الحال]

مسألة: 17 إذا اطلع الشفيع على البيع فله المطالبة في الحال، و تبطل شفعته بالمماطلة و التأخير بلا داع عقلائي و عذر عقلي أو شرعي أو عادي، بخلاف ما إذا كان عدم الأخذ بها لعذر، و من الاعذار عدم اطلاعه على البيع و ان أخبروه به إذا لم يكن المخبر ممن يوثق به، و كذا جهله باستحقاق الشفعة أو عدم جواز تأخير المطالبة بالمماطلة، بل من ذلك لو ترك الأخذ بها لتوهمه كثرة الثمن فبان قليلا أو كونه نقدا يصعب عليه تحصيله كالذهب فبان خلافه و غير ذلك.

[مسألة: 18 لما كانت الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفيع لها]

مسألة: 18 لما كانت الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفيع لها (2)، بل لو رضي بالبيع من الأجنبي من أول الأمر أو عرض عليه شراء الحصة فأبى لم يكن له شفعة من أصلها (3)، و في سقوطها بإقالة المتبايعين أو رد المشتري الى البائع بعيب أو غيره وجه وجيه (4).

[مسألة: 19 لو تصرف المشتري فيما اشتراه، فان كان بالبيع كان للشفيع الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن]

مسألة: 19 لو تصرف المشتري فيما اشتراه، فان كان بالبيع كان للشفيع الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن فيبطل الشراء الثاني، و له الأخذ من الثاني بما بذله من الثمن فيصح الأول. و كذا لو زادت البيوع على اثنين، فان له الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن فتبطل البيوع اللاحقة، و له الأخذ من الأخير بما بذله من الثمن


1- فيه تأمل فالأحوط للشريك ترك الأخذ بغير رضى المشتري و للمشترى ترك الامتناع مع أخذ الشفيع أو التصالح.
2- بعد البيع و اما قبله فلا لأنه إسقاط لما لم يجب.
3- فيه منع، لان الرضا بالبيع ان كان إسقاطا فقد مر انه قبل البيع إسقاط لما لم يجب و انما المسقط رضاه بعده ليبقى الملك عند المشتري، و ان كان من جهة عدم شمول الأدلة ففيه ان ظاهر بعض الأدلة ورودها فيه، و لا أقل من الإطلاق و لا وجه للانصراف. و قد اختار في مسألة بيع الوكيل و الولي مال الموكل و المولى عليه على الأجنبي جواز أخذهما بالشفعة.
4- بل هو المتعين.

ص: 80

فصح جميع البيوع المتقدمة، و له الأخذ من الوسط فصح كل ما تقدم و بطل كل ما تأخر.

و ان كان بغير البيع كالوقف و غير ذلك فله الأخذ بالشفعة و إبطال ما وقع من المشتري و إزالته، بل الظاهر أن صحتها مراعاة بعدم الأخذ بالشفعة و الا فهي باطلة من أصلها.

[مسألة: 20 لو تلفت الحصة المشتراة بالمرة بحيث لم يبق منها شي ء أصلا سقطت الشفعة]

مسألة: 20 لو تلفت الحصة المشتراة بالمرة بحيث لم يبق منها شي ء أصلا سقطت الشفعة. نعم إذا كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة و كان التلف بفعل المشتري (1) ضمنه. و أما ان بقي منها شي ء كالدار إذا انهدمت و بقيت عرصتها و أنقاضها أو عابت لم تسقط الشفعة، فللشفيع الأخذ بها و انتزاع ما بقي منها من العرصة و الانقاض مثلا بتمام الثمن أو الترك من دون ضمان على المشتري. نعم لو كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة و كان (2) بفعل المشتري ضمن قيمة التالف أو أرش العيب.

[مسألة: 21 يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع بالثمن حين الأخذ على الأحوط]

مسألة: 21 يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع (3) بالثمن حين الأخذ على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلو قال بعد اطلاعه على البيع أخذت بالشفعة بالثمن بالغا ما بلغ لم يصح و ان علم بعد ذلك.

[مسألة: 22 الشفعة موروث على اشكال]

مسألة: 22 الشفعة موروث على اشكال، و كيفية إرثها أنه عند أخذ الورثة بها يقسم المشفوع بينهم على ما فرض اللّٰه في المواريث، فلو خلف زوجة و ابنا يكون الثمن لها و الباقي له، و لو خلف ابنا و بنتا فللذكر مثل حظ الأنثيين، و ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون. نعم لو عفى بعضهم و أسقط حقه كانت الشفعة لمن لم يعف و يكون العافي كأن لم يكن رأسا.

[مسألة: 23 إذا باع الشفيع نصيبه قبل أن يأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها]

مسألة: 23 إذا باع الشفيع نصيبه قبل أن يأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها، خصوصا إذا كان بعد علمه بالشفعة.


1- و كذا لو تلف في يده المضمونة و ان لم يكن التلف بفعله.
2- أو تلف في يده المضمونة.
3- و كذا بالمثمن على الأحوط.

ص: 81

[مسألة: 24 يصح أن يصالح الشفيع مع المشتري عن شفعته بعوض و بدونه]

مسألة: 24 يصح أن يصالح الشفيع مع المشتري عن شفعته بعوض و بدونه، و يكون أثره سقوطها فلا يحتاج بعد إلى إنشاء مسقط. و لو صالح معه على إسقاطه أو على ترك الأخذ بها صح أيضا و لزم الوفاء به، لكن لو لم يوجد المسقط و أخذ بها هل يترتب عليه أثره و ان أثم بعدم الوفاء بما التزم أو لا اثر له؟ وجهان أوجههما أولهما (1) في الأول و ثانيهما في الثاني.

[مسألة: 25 لو كانت دارا مثلا بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد آخر فباعها بدعوى الوكالة عنه]

مسألة: 25 لو كانت دارا مثلا بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد آخر فباعها بدعوى الوكالة عنه، لا إشكال في جواز الشراء منه و تصرف المشتري فيما اشتراه أنواع التصرفات ما لم يعلم كذبه في دعواه، و انما الإشكال في انه هل يجوز للشريك الأخر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع و انتزاعها من المشتري أم لا؟ فيه تردد (2).


1- بل أولهما في الثاني أيضا ان كان الالتزام بترك الأخذ بالحق الثابت.
2- الظاهر عدم الفرق بين الشراء من الوكيل و الأخذ بالشفعة بعد الشراء منه.

ص: 82

[كتاب الصلح]

اشارة

كتاب الصلح و هو التراضي و التسالم على أمر من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق و غير ذلك، و لا يشترط كونه مسبوقا بالنزاع، و ان كان تشريعه في شرع الإسلام لقطع التجاذب و رفع التنازع بين الأنام، و يجوز إيقاعه على كل أمر و في كل مقام إلا إذا كان محرما لحلال أو محللا لحرام.

[مسألة: 1 الحق أن الصلح عقد مستقل بنفسه و عنوان برأسه]

مسألة: 1 الحق أن الصلح عقد مستقل بنفسه و عنوان برأسه، و ليس كما قيل راجعا إلى سائر العقود، و ان أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان عن عين بعوض و فائدة الهبة إذا كان عن عين بلا عوض و فائدة الإجارة إذا كان عن منفعة بعوض و هكذا، فلم يلحقه أحكام سائر العقود و لم يجر فيه شروطها و ان أفاد فائدتها، فما أفاد فائدة البيع لا يلحقه أحكامه و شروطه فلا يجري فيه الخيارات المختصة بالبيع كخياري المجلس و الحيوان و لا الشفعة. و لا يشترط فيه قبض العوضين إذا تعلق بمعاوضة النقدين، و ما أفاد فائدة الهبة من تمليك عين بلا عوض لا يعتبر فيه قبض العين كما اعتبر في الهبة و هكذا.

[مسألة: 2 لما كان الصلح عقدا من العقود يحتاج إلى الإيجاب و القبول مطلقا]

مسألة: 2 لما كان الصلح عقدا من العقود يحتاج إلى الإيجاب و القبول مطلقا حتى فيما أفاد فائدة الإبراء و إسقاط الحق على الأقوى، فابراء المديون من الدين و إسقاط الحق عمن عليه الحق و ان لم يتوقفا على قبول من عليه الدين أو الحق لكن إذا وقعا بعنوان الصلح توقفا على القبول.

ص: 83

[مسألة: 3 لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة]

مسألة: 3 لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يقع بكل لفظ أفاد في متفاهم العرف التسالم و التراضي على أمر من نقل عين أو منفعة أو قرار مشروع بين المتصالحين.

نعم اللفظ الدائر في الألسن الذي هو كالصريح في إفادة هذا المعنى من طرف الإيجاب «صالحت»، و هو يتعدى الى المفعول الأول بنفسه و الى المفعول الثاني بعن أو على، فيقول مثلا «صالحتك عن الدار أو منفعتها بكذا» فيقول المتصالح «قبلت المصالحة أو اصطلحتها بكذا».

[مسألة: 4 عقد الصلح لازم من الطرفين لا يفسخ إلا بإقالة المتصالحين أو بوجود خيار في البين]

مسألة: 4 عقد الصلح لازم من الطرفين لا يفسخ إلا بإقالة المتصالحين أو بوجود خيار في البين حتى فيما أفاد فائدة الهبة الجائزة، و الظاهر جريان جميع الخيارات فيه الا خيارات (1) ثلاثة خيار المجلس و الحيوان و التأخير، فإنها مختصة بالبيع. و في ثبوت الأرش لو ظهر عيب في العين المصالح عنها أو عوضها إشكال (2).

[مسألة: 5 متعلق الصلح اما عين أو منفعة أو دين أو حق]

مسألة: 5 متعلق الصلح اما عين أو منفعة أو دين أو حق، و على التقادير اما أن يكون مع العوض أو بدونه، و على الأول اما ان يكون العوض عينا أو منفعة أو دينا أو حقا، فهذه عشرون صورة كلها صحيحة، فيصح الصلح عن عين بعين و منفعة و دين و حق و بلا عوض و عن منفعة بمنفعة و عين و دين و حق و بلا عوض و هكذا.

[مسألة: 6 الصلح إذا تعلق بعين أو منفعة أفاد انتقالهما الى المتصالح]

مسألة: 6 الصلح إذا تعلق بعين أو منفعة أفاد انتقالهما الى المتصالح، سواء كان مع العوض أو بدونه، و كذا إذا تعلق بدين على غير المصالح له أو حق قابل للانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و إذا تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه، و كذا إذا تعلق بحق قابل للإسقاط غير قابل للنقل و الانتقال كحقي الشفعة و الخيار (3).

[مسألة: 7 يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين أو فضاء]

مسألة: 7 يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين أو فضاء، كأن يصالحه على ان يسكن داره أو يلبس ثوبا له مدة أو على أن تكون جذوع سقفه على حائطه


1- و الرد من أحداث السنة.
2- الأقوى عدم ثبوت الأرش في غير البيع.
3- عدم قابليتهما للنقل غير مسلم، بل صحة نقلهما على من هما عليهما لا يخلو من وجه، نظير بيع الدين على من هو عليه، فتكون نتيجته الاسقاط و الإبراء.

ص: 84

أو يجري ماءه على سطح داره أو يكون ميزابه على عرصة داره أو يكون له الممر و المخرج من داره أو بستانه أو على ان يخرج جناحا في فضاء ملكه أو على ان يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه و غير ذلك، فان هذه كلها صحيحة سواء كانت بعوض أو بغير عوض.

[مسألة: 8 انما يصح الصلح عن الحقوق التي تسقط بالإسقاط كحقي الشفعة و الخيار و نحوهما]

مسألة: 8 انما يصح الصلح عن الحقوق التي تسقط بالإسقاط كحقي الشفعة و الخيار و نحوهما و ما تكون قابلة للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و من ذلك حق الأولوية لمن بيده الأراضي الخراجية المسمى في العرف الحاضر بحق اللزمة. و اما ما لا يسقط بالإسقاط و لا يقبل النقل و الانتقال فلا يصح الصلح عنه، و ذلك مثل حق العزل (1) الثابت للموكل في الوكالة، و حق مطالبة الدين الثابت للدائن في الدين الحال، و حق الرجوع الثابت للزوج في الطلاق الرجعي، و حق الرجوع في البذل الثابت للزوجة في الخلع و غير ذلك.

[مسألة: 9 يشترط في المتصالحين ما يشترط في المتبايعين]

مسألة: 9 يشترط في المتصالحين ما يشترط في المتبايعين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار.

[مسألة: 10 الظاهر انه تجري الفضولية في الصلح كما تجري في البيع حتى فيما إذا تعلق بإسقاط دين أو حق]

مسألة: 10 الظاهر انه تجري الفضولية في الصلح كما تجري في البيع حتى فيما إذا تعلق بإسقاط دين أو حق و أفاد فائدة الإبراء و الاسقاط اللذين لا تجري فيهما الفضولية.

[مسألة: 11 يجوز الصلح عن الثمار و الخضر و غيرها قبل وجودها]

مسألة: 11 يجوز الصلح عن الثمار و الخضر و غيرها قبل وجودها و لو في عام واحد و بلا ضميمة و ان لم يجز بيعها كما مر في بيع الثمار.

[مسألة: 12 لا إشكال في انه يغتفر الجهالة في الصلح فيما إذا تعذر للمتصالحين معرفة المصالح عنه]

مسألة: 12 لا إشكال في انه يغتفر الجهالة في الصلح فيما إذا تعذر للمتصالحين معرفة المصالح عنه مطلقا، كما إذا اختلط مال أحدهما بالآخر و لم يعلما مقدار كل منهما فاصطلحا على ان يشتركا فيه بالتساوي أو الاختلاف، أو صالح أحدهما ماله مع الأخر بمال معين، و كذا إذا تعذر عليهما معرفته في الحال لتعذر الميزان و المكيال


1- في كون تلك المذكورات حقوقا اشكال بل الظاهر أنها أحكام شرعية.

ص: 85

على الأظهر، و أما مع إمكان معرفتهما بمقداره في الحال ففيه إشكال (1).

[مسألة: 13 إذا كان لغيره عليه دين أو كان منه عنده عين هو يعلم مقدارهما و لكن الغير لا يعلم المقدار]

مسألة: 13 إذا كان لغيره عليه دين أو كان منه عنده عين هو يعلم مقدارهما و لكن الغير لا يعلم المقدار فأوقعا الصلح بينهما بأقل من حق المستحق (2) لم يحل له الزائد الا ان يعلمه و رضي به. نعم لو رضى بالصلح عن حقه الواقعي على كل حال بحيث لو تبين له الحال لصالح عنه بذلك المقدار بطيب نفسه حل له الزائد.

[مسألة: 14 إذا صولح عن الربوي بجنسه بالتفاضل ففي جريان حكم الربا فيه تأمل]

مسألة: 14 إذا صولح عن الربوي بجنسه بالتفاضل ففي جريان حكم الربا فيه تأمل و اشكال (3) فلا يترك الاحتياط. نعم لا اشكال مع الجهل بالمقدار و ان احتمل التفاضل (4)، كما إذا كان لكل من شخصين طعام عند صاحبه لا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فأوقعا الصلح على أن يكون لكل منهما ما عنده مع احتمال تفاضلهما.

[مسألة: 15 يصح الصلح عن دين بدين حالين أو مؤجلين]

مسألة: 15 يصح الصلح عن دين بدين حالين أو مؤجلين أو بالاختلاف متجانسين أو مختلفين، سواء كان الدينان على شخصين أو على شخص واحد، كما إذا كان له على ذمة زيد وزنة حنطة و لعمرو عليه وزنة شعير فصالح مع عمرو على ماله في ذمة زيد بما لعمرو في ذمته، و الظاهر صحة الجميع إلا في المتجانسين مما يكال أو يوزن مع التفاضل ففيه اشكال (5) من جهة الربا. نعم لو صالح عن الدين ببعضه- كما إذا كان له عليه دراهم إلى أجل فصالح عنها بنصفها حالا- فلا بأس به إذا كان المقصود إسقاط الزيادة و الإبراء عنها و الاكتفاء بالناقص، كما هو المقصود المتعارف في نحو هذه المصالحة لا المعاوضة بين الزائد و الناقص.

[مسألة: 6 يجوز أن يصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس المال]

مسألة: 6 يجوز أن (6) يصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس المال


1- لكن الأقوى فيه أيضا الاغتفار و الصحة ما لم يعد سفهيا.
2- العلم بذلك و لو إجمالا كاف في حلية الزائد و ان لم يعلم مقدارهما.
3- و قد مر أن الجريان فيه لا يخلو من قوة.
4- لكن الأحوط فيه أيضا الترك.
5- قد مر أن الجريان فيه لا يخلو من قوة.
6- عند ارادة فسخ الشركة أو بعد فسخها، و أما في ابتداء الشركة أو في الأثناء مع بقاء الشركة ففيه اشكال لا يترك الاحتياط بتركه.

ص: 86

و الربح للآخر و الخسران عليه.

[مسألة: 17 يجوز للمتداعيين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشي ء من المدعى به]

مسألة: 17 يجوز للمتداعيين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشي ء من المدعى به أو بشي ء آخر حتى مع إنكار المدعى عليه، و يسقط بهذا الصلح حق الدعوى، و كذا حق اليمين الذي كان للمدعى على المنكر، و ليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، لكن هذا فصل ظاهري ينقطع به الدعوى في ظاهر الشرع و لا يحل به ما أخذه من كان غير محق منهما، فإذا ادعى شخص على شخص بدين فأنكره ثم تصالحا على النصف فهذا الصلح و ان اثر في سقوط الدعوى لكن ان كان المدعي محقا بحسب الواقع فقد وصل اليه نصف حقه و بقي الباقي على ذمة المنكر يطالب به في الآخرة إذا لم يكن إنكاره بحق بحسب (1) اعتقاده إلا إذا فرض رضاء المدعي باطنا بالصلح عن جميع ما له في الواقع، و ان كان مبطلا واقعا يحرم عليه ما أخذه من المنكر الا مع فرض طيب نفسه واقعا، بأن يكون للمدعي ما صالح به لا انه رضي به تخلصا من دعواه الكاذبة.

[مسألة: 18 إذا قال المدعى عليه للمدعي صالحني لم يكن هذا إقرارا بالحق]

مسألة: 18 إذا قال المدعى عليه للمدعي صالحني لم يكن هذا إقرارا بالحق، لما عرفت أن الصلح يصح مع الإنكار كما يصح مع الإقرار، و أما لو قال بعني أو ملكني كان إقرارا.

[مسألة: 19 إذا كان لواحد ثوب بعشرين درهما مثلا و لآخر ثوب بثلاثين و اشتبها]

مسألة: 19 إذا كان لواحد ثوب بعشرين درهما مثلا و لآخر ثوب بثلاثين و اشتبها و لم يميز كل منهما ماله عن مال صاحبه، فان خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه، فكل ما اختاره يحل له و يحل الأخر لصاحبه، و ان تضايقا فان كان المنظور و المقصود لكل منهما المالية- كما إذا اشترياهما للمساومة و المعاملة- بيعا و قسم الثمن بينهما بنسبة مالهما، فيعطى صاحب العشرين في المثال سهمين من خمسة و الأخر ثلاثة أسهم منها، و ان كان المقصود و المنظور نفس المالين- كما إذا اشترى كل منهما عباء ليلبسه و ليس لهما نظر الى القيمة و المالية- فلا بد من القرعة.

[مسألة: 20 لو كان لأحد مقدار من الدراهم و لآخر مقدار منها عند ودعي]

مسألة: 20 لو كان لأحد مقدار من الدراهم و لآخر مقدار منها عند ودعي أو


1- بل يبقى الباقي في ذمته و ان كان محقا في اعتقاده.

ص: 87

غيره فتلف مقدار لا يدرى انه من أي منهما، فان تساوى مقدار الدراهم منهما- بأن كان لكل منهما درهمان أو ثلاثة مثلا- يحسب التالف عليهما و يقسم الباقي بينهما نصفين، و ان تفاوتا فاما ان يكون التالف بمقدار ما لأحدهما و أقل مما للآخر أو يكون أقل من كل منهما، فعلى الأول يعطى للآخر ما زاد على التالف و يقسم الباقي بينهما نصفين، كما إذا كان لأحدهما درهمان و للآخر درهم و كان التالف درهما يعطى صاحب الدرهمين درهما و يقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين، أو كان لأحدهما خمسة دراهم و للآخر درهمان و كان التالف درهمين يعطى لصاحب الخمسة ثلاثة و يقسم الباقي- و هو الدرهمان- بينهما نصفين. و على الثاني يعطى لكل منهما ما زاد على التالف و يقسم الباقي بينهما نصفين، فإذا كان لأحدهما خمسة و للآخر أربعة و كان التالف ثلاثة يعطى لصاحب الخمسة اثنان و لصاحب الأربعة واحدا و يقسم الباقي- و هو الثلاثة- بينهما نصفين، فلصاحب الخمسة ثلاثة و نصف و لصاحب الأربعة اثنان و نصف. هذا كله إذا كان المالان مثليين (1) كالدراهم و الدنانير، و أما إذا كانا قيميين كالثياب و الحيوان فلا بد من المصالحة أو تعيين التالف بالقرعة.

[مسألة: 21 يجوز احداث الروشن المسمى في العرف الحاضر بالشناشيل على الطرق النافذة]

مسألة: 21 يجوز احداث الروشن المسمى في العرف الحاضر بالشناشيل على الطرق النافذة و الشوارع العامة إذا كانت عالية بحيث لم تضر بالمارة، و ليس لأحد منعه حتى صاحب الدار المقابل و ان استوعب عرض الطريق بحيث كان مانعا عن احداث روشن في مقابله ما لم يضع منه شيئا على جداره. نعم إذا استلزم الاشراف على دار الجار ففي جوازه تردد و اشكال و ان جوزنا مثل ذلك في تعلية البناء في ملكه، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 22 لو بنى روشنا على الجادة ثم انهدم أو هدم]

مسألة: 22 لو بنى روشنا على الجادة ثم انهدم أو هدم، فان لم يكن من قصده تجديد بنائه لا مانع لأن يبنى الطرف المقابل ما يشغل ذلك الفضاء و لم يحتج الى


1- و لم يمتزجا بحيث أوجب امتزاجهما الشركة الحقيقية كامتزاج المائعين المتجانسين، أو الحكمية كامتزاج بعض الحبوبات المتجانسين، و أما فيهما فالتلف عليهما بنسبة المالين.

ص: 88

الاستيذان من الباني الأول، و الا ففيه اشكال، بل عدم الجواز لا يخلو من قوة (1) فيما إذا هدمه ليبنيه جديدا.

[مسألة: 23 لو أحدث شخص روشنا على الجادة فهل للطرف المقابل احداث روشن آخر فوقه]

مسألة: 23 لو أحدث شخص روشنا على الجادة فهل للطرف المقابل احداث روشن آخر فوقه أو تحته بدون اذنه، فيه اشكال خصوصا في الأول، بل عدم الجواز فيه لا يخلو من قوة. نعم لو كان الثاني أعلى بكثير بحيث لم يشغل الفضاء الذي يحتاج اليه صاحب الروشن الأول بحسب العادة من جهة التشميس و نحو ذلك لا بأس به.

[مسألة: 24 كما يجوز احداث الرواشن على الجادة يجوز فتح الأبواب المستجدة فيها]

مسألة: 24 كما يجوز احداث الرواشن على الجادة يجوز فتح الأبواب المستجدة فيها، سواء كان له باب آخر أم لا. و كذا فتح الشباك و الروازن عليها و نصب الميزاب فيها، و كذا بناء ساباط عليها إذا لم يكن معتمدا على حائط غيره مع عدم اذنه و لم يكن مضرا بالمارة و لو من جهة الظلمة. و لو فرض أنه كما يضرهم من جهة ينفعهم من جهات أخرى كالوقاية عن الحر و البرد و التحفظ عن الطين و غير ذلك لا يبعد الموازنة بين الجهتين فيراعى ما هو الأصلح، و الأولى المراجعة في ذلك الى حاكم الشرع فيتبع نظره (2). و كذا يجوز إحداث البالوعة للأمطار فيها مع التحفظ عن كونها مضرة بالمارة، و كذا يجوز نقب سرداب تحت الجادة مع إحكام أساسه و بنيانه و سقفه بحيث يؤمن من الثقب و الخسف و الانهدام.

[مسألة: 25 لا يجوز لأحد إحداث شي ء من روشن أو جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب]

مسألة: 25 لا يجوز لأحد إحداث شي ء من روشن أو جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب أو فتح باب أو نقب سرداب و غير ذلك على الطرق الغير النافذة المسماة بالمرفوعة و الرافعة و في العرف الحاضر بالدريبة إلا بإذن أربابها، سواء كان مضرا أو لم يكن. و كما لا يجوز إحداث شي ء من ذلك لغير أربابها إلا بإذنهم كذلك لا يجوز لبعضهم إلا بإذن شركائه فيها، و لو صالح غيرهم معهم أو بعضهم مع الباقين على إحداث شي ء من ذلك صح و لزم، سواء كان مع العوض أو بلا عوض، و يأتي في كتاب أحياء


1- بل جواز السبق من دون الاستيذان لا يخلو من قوة.
2- الأحوط عدم التصرف المضر مطلقا و ان كان نافعا من جهة، و لا أثر لنظر الحاكم في المقام.

ص: 89

الموات بعض المسائل المتعلقة بالطريق ان شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 26 لا يجوز لأحد أن يبني بناء أو يضع جذوع سقفه على حائط جاره إلا باذنه و رضاه]

مسألة: 26 لا يجوز لأحد أن يبني بناء أو يضع جذوع سقفه على حائط جاره إلا باذنه و رضاه، و إذا التمس ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته، و ان استحب له استحبابا مؤكدا من جهة ما ورد من التأكيد و الحث الأكيد في قضاء حوائج الاخوان و لا سيما الجيران. و لو بنى أو وضع الجذوع باذنه و رضاه فان كان ذلك بعنوان ملزم كالشرط في ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح عليه لم يجز له الرجوع، و أما إذا كان مجرد الاذن و الرخصة جاز له الرجوع قبل البناء و الوضع قطعا، و أما بعد ذلك فهل يجوز له الرجوع مع الأرش و عدمه أم لا مع استحقاق الأجرة و عدمه؟

وجوه و أقوال، و المسألة في غاية الإشكال، فلا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي بينهما و لو بالإبقاء مع الأجرة أو الهدم مع الأرش.

[مسألة: 27 لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء و لا تسقيف و لا إدخال خشبة]

مسألة: 27 لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء و لا تسقيف و لا إدخال خشبة أو وتد أو غير ذلك إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال كما هو الحال في التصرفات اليسيرة، كالاستناد اليه أو وضع يده أو طرح ثوب عليه أو غير ذلك، بل الظاهر أن مثل هذه الأمور اليسيرة لا يحتاج إلى إحراز الاذن و الرضاء كما جرت به السيرة. نعم إذا صرح بالمنع و أظهر الكراهة لم يجز (1).

[مسألة: 28 لو انهدم الجدار المشترك و أراد أحد الشريكين تعميره لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته]

مسألة: 28 لو انهدم الجدار المشترك و أراد أحد الشريكين تعميره لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته، و هل له التعمير من ماله مجانا بدون اذن شريكه؟

لا إشكال في ان له ذلك إذا كان الأساس مختصا به و بناه بآلات مختصة به، كما انه لا إشكال في عدم الجواز إذا كان الأساس مختصا بشريكه، و أما إذا كان الأساس مشتركا فان كان قابلا للقسمة ليس له التعمير بدون اذنه. نعم له المطالبة بالقسمة فيبني على حصته المفروزة، و ان لم يكن قابلا للقسمة و لم يوافقه الشريك في شي ء يرفع أمره الى الحاكم ليخيره بين عدة أمور من بيع أو إجارة أو المشاركة معه في العمارة أو


1- إلا فيما لا يعد تصرفا عند العرف كالاستظلال بظله.

ص: 90

الرخصة في تعميره و بنائه من ماله مجانا، و كذا الحال لو كانت الشركة في بئر أو نهر أو قناة أو ناعور و نحو ذلك، فلا يجبر الشريك على المشاركة في التعمير و التنقية. و لو أراد الشريك تعميرها و تنقيتها من ماله تبرعا و مجانا له ذلك على الظاهر (1) و ليس للشريك منعه خصوصا إذا لم يمكن القسمة، كما أنه لو أنفق في تعميرها فنبع الماء أو زاد ليس له أن يمنع شريكه الغير المنفق من نصيبه من الماء لانه من فوائد ملكهما المشترك.

[مسألة: 29 لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره و لم يعلم على أي وجه وضعت حكم في الظاهر بكونه عن حق]

مسألة: 29 لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره و لم يعلم على أي وجه وضعت حكم في الظاهر بكونه عن حق و استحقاق حتى يثبت خلافه، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه، بل و لا منعه من التجديد لو انهدم السقف، و كذا الحال لو وجد بناء أو مجرى ماء أو نصب ميزاب من أحد في ملك غيره و لم يعلم سببه، فإنه يحكم في أمثال ذلك بكونه عن حق و استحقاق الا ان يثبت كونها عن عدوان أو بعنوان العارية التي يجوز فيها الرجوع.

[مسألة: 30 إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق]

مسألة: 30 إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق له أن يطالب مالك الشجر بعطف الأغصان أو قطعها من حد ملكه، و ان امتنع صاحبها يجوز للجار عطفها أو قطعها، و مع إمكان الأول لا يجوز الثاني.


1- بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليخيره بين أمور مرت في الجدار.

ص: 91

[كتاب الإجارة]

اشارة

كتاب الإجارة و هي (1) اما متعلقة بأعيان مملوكة من حيوان ناطق أو صامت أو غير حيوان من متاع أو ثياب أو دار أو عقار و غيرها، فتفيد تمليك منفعتها للمستأجر بالعوض. و اما متعلقة بالنفس كإجارة الحر نفسه لعمل معلوم، فتفيد غالبا تمليك عمله للغير بأجرة مقررة، و قد تفيد تمليك منفعته دون عمله، كإجارة المرضعة نفسها للرضاع لا للإرضاع.

[مسألة: 1 عقد الإجارة هو اللفظ المشتمل على الإيجاب الدال بالظهور العرفي على تمليك المنفعة]

مسألة: 1 عقد الإجارة هو اللفظ المشتمل على الإيجاب الدال بالظهور العرفي على تمليك المنفعة (2) أو العمل بعوض، و القبول الدال على الرضا به و تملكهما بالعوض. و العبارة الصريحة في الإيجاب «آجرتك» أو «أكريتك هذه الدار أو هذه الدابة بكذا» مثلا و ما أفاد معناهما. و لا يعتبر فيه العربية، بل يكفي كل لفظ أفاد المعنى المقصود بأي لغة كان، و يقوم مقام اللفظ الإشارة المفهمة من الأخرس و نحوه كعقد البيع. و الظاهر جريان المعاطاة في القسم الأول منها، و هو ما تعلقت بأعيان مملوكة، و تتحقق بتسليط الغير على العين ذات المنفعة و قصد التسليط (3) على منفعتها و تمليكها بالعوض و تسلم الغير لها بهذا العنوان. و أما القسم الثاني منها- و هو ما


1- و الظاهر أن حقيقتها اعتبار اضافة بين العين أو النفس و المستأجر مستتبعة لملك المنفعة أو العمل و التسلط على العين أو النفس لاستيفاء منافعها، و لذا تستعمل أبدا متعلقة بالعين أو النفس و يقال آجرت الدار و آجرت نفسي لكذا.
2- بل كل لفظ دال على الاعتبار المذكور في الحاشية السابقة، و الصريح منها «آجرتك» أو «أكريتك الدار» مثلا، فيقول المستأجر «قبلت» أو «استأجرت» أو «استكريت».
3- بل يقصد الإجارة بما ذكر لها من المعنى.

ص: 92

تعلقت بنفس الحر- ففي جريانها فيه تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 2 يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين- أعني المؤجر و المستأجر]

مسألة: 2 يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين- أعني المؤجر و المستأجر- و بعضها في العين المستأجرة، و بعضها في المنفعة، و بعضها في الأجرة:

أما المتعاقدان فيعتبر فيهما ما اعتبر في المتبايعين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه أو رقية.

و أما العين المستأجرة فيعتبر فيها أمور:

منها: التعيين، فلو آجر احدى الدارين أو إحدى الدابتين لم يصح.

و منها: المعلومية، فإن كان عينا معينا فإما بالمشاهدة و اما بذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها لو كانت غائبة و كذا لو كانت كليا.

و منها: كونها مقدورا على تسليمها، فلا تصح اجارة العبد الآبق و لا الدابة الشاردة و نحوهما.

و منها: كونها (2) مما يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح اجارة ما لا يمكن الانتفاع بها، كما إذا آجر أرضا للزراعة مع انه لم يمكن إيصال الماء إليها و لا ينفعها و لا يكفيها ماء المطر، و كذا ما لا يمكن الانتفاع بها إلا بإذهاب عينها كالخبز للأكل و الشمع أو الحطب للإشعال.

و أما المنفعة فيعتبر فيها أمور:

منها: كونها مباحة، فلا تصح اجارة الدكان لإحراز المسكرات أو بيعها و لا الدابة و السفينة لحملها و الجارية المغناة (3) و نحو ذلك.

و منها: كونها متمولا يبذل بإزائها المال عند العقلاء.


1- و الظاهر جريانها فيه أيضا، و يتحقق بتسليم المؤجر نفسه للعمل بقصد الإجارة و تسليم المستأجر الأجرة بذلك القصد.
2- و منها كونها مملوكة للمؤجر فلا تصح اجارة ملك الغير إلا بإذنه.
3- للتغني و كذا الحائض لكنس المسجد.

ص: 93

و منها: تعيين نوعها إذا كانت للعين منافع متعددة، فإذا استؤجرت الدابة يعين انها للحمل أو الركوب أو لإدارة الرحى و غيرها. نعم تصح إجارتها لجميع منافعها فيملك المستأجر جميعها.

و منها: معلوميتها، اما بتقديرها بالزمان المعلوم كسكنى الدار شهرا أو الخياطة أو التعمير و البناء يوما، و اما بتقدير العمل كخياطة الثوب المعين خياطة كذائية فارسية أو رومية من غير تعرض (1) للزمان (2). و اما الأجرة فيعتبر معلوميتها و تعيين مقدارها بالكيل أو الوزن أو العد في المكيل و الموزون و المعدود و بالمشاهدة أو الواصف في غيرها، و يجوز أن تكون عينا خارجية أو كليا في الذمة أو عملا أو منفعة أو حقا قابلا للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص كالثمن في البيع.

[مسألة: 3 إذا استأجر دابة للحمل لا بد من تعيين جنس ما يحمل عليها لاختلاف الأغراض باختلافه]

مسألة: 3 إذا استأجر دابة للحمل لا بد (3) من تعيين جنس ما يحمل عليها لاختلاف الأغراض باختلافه، و كذا مقداره و لو بالمشاهدة و التخمين. و إذا استأجرها للسفر لا بد من تعيين الطريق و زمان السير من ليل أو نهار و نحو ذلك، بل لا بد من مشاهدة الراكب أو توصيفه بما يرفع الغرر و الجهالة.

[مسألة: 4 ما كانت معلومية المنفعة بحسب الزمان لا بد من تعيينها يوما أو شهرا أو سنة و نحو ذلك]

مسألة: 4 ما كانت معلومية المنفعة بحسب الزمان لا بد من تعيينها يوما أو شهرا أو سنة و نحو ذلك، فلا يصح تقديرها بمجي ء الحاج مثلا.

[مسألة: 5 لو قال كلما سكنت هذه الدار فكل شهر بدينار مثلا بطل]

مسألة: 5 لو قال كلما سكنت هذه الدار فكل شهر بدينار مثلا بطل ان كان المقصود الإجارة للجهالة و صح لو كان المقصود الإباحة بالعوض أو الجعالة (4)،


1- إذا لم تختلف أغراض العقلاء باختلاف الأزمنة الواقع فيها العمل، و اما إذا اختلفت الأغراض و الرغبات باختلاف الأزمنة فلا بد من تعيين الزمان الواقع فيه أيضا.
2- و كونها مملوكة، فلا تصح اجارة مال الغير إلا بإجازته و كذا الكلام في الأجرة.
3- فيما إذا اختلفت باختلافه الأغراض.
4- بأن جعل أحد على نفسه لمن أسكنه داره كل شهر كذا، و أما جعل المالك لنفسه على من سكن داره كل شهر كذا فهو خلاف المعهود من الجعالة، و ان كان في خبر السكوني ما يشعر بذلك على احتمال، حيث قال عليه السلام «فإنه إنما أخذ الجعل على الحمام و لم يأخذ على الثياب».

ص: 94

و الفرق ان المستأجر مالك للمنفعة في الإجارة بخلافهما، فان المباح له و المجعول له ليسا مالكين للمنفعة أصلا و انما يملك المالك عليهما الجعل المقرر على تقدير الاستيفاء، و كذا الحال فيما إذا قال ان خطت هذا الثوب مثلا فارسيا فلك درهم و ان خطته روميا فلك درهمان بطل ان كان بعنوان الإجارة و صح ان كان بعنوان الجعالة كما هو ظاهر العبارة.

[مسألة: 6 إذا استأجر دابة لتحمله أو تحمل متاعه الى مكان في وقت معين]

مسألة: 6 إذا استأجر دابة لتحمله أو تحمل متاعه الى مكان في وقت معين- كأن استأجر دابة لإيصاله إلى كربلاء يوم عرفة و لم يوصله- فان كان ذلك لعدم سعة الوقت أو عدم إمكان الإيصال من جهة أخرى فالإجارة باطلة (1)، و ان كان واسعا و لكن قصر (2) فلم يوصله لم يستحق المؤجر من الأجرة شيئا. نعم لو استأجرها على أن يوصله الى مكان معين لكن شرط عليه ان يوصله في وقت كذا فتعذر أو تخلف، فالإجارة صحيحة بالأجرة المعينة لكن للمستأجر خيار الفسخ من جهة تخلف الشرط، فإذا فسخ يرجع أجرة المسمى إلى المستأجر و يستحق المؤجر أجرة المثل.

[مسألة: 7 إذا كان وقت زيارة عرفة و استأجر دابة للزيارة فلم يصل و فاتت منه الزيارة]

مسألة: 7 إذا كان وقت زيارة عرفة و استأجر دابة للزيارة فلم يصل و فاتت منه الزيارة صحت الإجارة و يستحق صاحب الدابة تمام الأجرة بعد ما لم يشترط عليه (3) في عقد الإجارة أيضا له يوم عرفة.

[مسألة: 8 لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، فلو آجر داره في شهر مستقبل صح]

مسألة: 8 لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، فلو آجر داره في شهر مستقبل (4) صح، سواء كانت مستأجرة في سابقه أم لا. نعم مع الإطلاق تنصرف الى الاتصال، فلو قال «آجرتك داري شهرا» اقتضى الإطلاق اتصاله بزمان العقد، و لو آجرها شهرا و فهم الإطلاق- أعني الكلي الصادق على المتصل و المنفصل- ففي


1- ان كان ذلك على وجه العنوانية و التقييد، و أما ان كان على وجه الشرطية فالإجارة صحيحة و الشرط لغو.
2- بل و ان لم يقصر و كان معذورا في عدم الوصول.
3- و لو بالانصراف و ما لم تكن زيارة عرفة على وجه العنوانية.
4- معين.

ص: 95

صحتها تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 9 عقد الإجارة لازم من الطرفين لا ينفسخ الا بالتقايل أو بالفسخ مع وجود خيار في البين]

مسألة: 9 عقد الإجارة لازم من الطرفين لا ينفسخ الا بالتقايل أو بالفسخ مع وجود خيار في البين، و الظاهر انه يجري فيها جميع الخيارات الا خيار المجلس و خيار الحيوان و خيار التأخير فإنها مختصة بالبيع، فيجري فيها خيار الشرط و خيار تخلف الشرط و خيار العيب و خيار الغبن و خيار الرؤية و غيرها. هذا في الإجارة العقدية، و أما المعاطاتية فهي كالبيع المعاطاتي، فلم تلزم الا بتصرفهما (2) أو تصرف أحدهما فيما انتقل إليه.

[مسألة: 10 لا تبطل الإجارة بالبيع و لا يكون فسخا لها]

مسألة: 10 لا تبطل الإجارة بالبيع و لا يكون فسخا لها فتنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة في تلك المدة. نعم للمشتري مع جهله بالإجارة خيار فسخ البيع، بل له الخيار لو علم بها و تخيل أن مدتها قصيرة فتبين انها طويلة، و لو فسخ المستأجر الإجارة أو انفسخت رجعت المنفعة في بقية المدة إلى المؤجر لا المشتري.

و كما لا تبطل الإجارة ببيع العين المستأجرة على غير المستأجر كذلك لا تبطل (3) لو بيعت عليه، فلو استأجر دارا ثم اشتراها بقيت الإجارة على حالها و يكون ملكه للمنفعة في بقية المدة بسبب الإجارة لا من جهة تبعية العين، فلو انفسخت الإجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع، و لو فسخ البيع بأحد أسبابه بقي ملك المشتري المستأجر للمنفعة على حاله.

[مسألة: 11 الظاهر أنه لا تبطل إجارة الأعيان بموت الموجر و لا بموت المستأجر]

مسألة: 11 الظاهر أنه لا تبطل إجارة الأعيان بموت الموجر و لا بموت المستأجر إلا إذا كانت ملكية الموجر للمنفعة محدودة بزمان حياته فتبطل الإجارة


1- لا إشكال في بطلانه.
2- الملزم هو التلف أو تغيير العين بحيث لا يبقى موضوع للتراد من غير فرق في ذلك بين أن يكون بالتصرف أو بغيره.
3- مشكل جدا، لان اعتبار الإضافة المعتبرة بين العين و المستأجر فيما بينهما و بين المالك في غاية الاشكال، و كذا اعتبار ملك المنفعة استقلالا لمالك العين كما نبه عليه غير واحد من أساطين الفن، فالأحوط التصالح في مال الإجارة من زمان الشراء الى انتهاء مدة الإجارة، و أما المنفعة فملك للمشترى على أى تقدير.

ص: 96

بموته، كما إذا كانت منفعة دار موصى بها لشخص مدة حياته فآجرها سنتين و مات بعد سنة فتبطل الإجارة بالنسبة الى ما بقي من المدة. نعم لما كانت المنفعة في بقية المدة لورثة الموصى فلهم ان يجيزوها بالنسبة إلى تلك المدة فتقع لهم الإجارة و يكون لهم الأجرة، و من ذلك ما إذا آجر العين الموقوفة البطن السابق (1) و مات قبل انقضاء مدة الإجارة فتبطل الا أن يجيز البطن اللاحق. نعم لو آجرها المتولي للوقف لمصلحة الوقف و البطون اللاحقة مدة تزيد على مدة بقاء بعض البطون تكون نافذة على البطون اللاحقة، و لا تبطل بموت الموجر (2) و لا بموت البطن الموجود حال الإجارة. هذا كله في إجارة الأعيان، و أما إجارة النفس لبعض الاعمال فتبطل بموت الأجير بلا اشكال. نعم لو تقبل عملا و جعله في ذمته (3) لم تبطل الإجارة بموته بل يكون العمل دينا عليه يستوفي من تركته.

[مسألة: 12 لو آجر الولي الصبي المولى عليه أو ملكه مدة مع مراعاة المصلحة و الغبطة]

مسألة: 12 لو آجر الولي الصبي المولى عليه أو ملكه مدة مع مراعاة المصلحة و الغبطة فبلغ الرشد قبل انقضاء المدة، الظاهر أنه ليس له نقضها (4) و فسخها بالنسبة الى ما بقي من المدة، خصوصا في إجارة أملاكه. و كذا إذا آجر عبده أو أمته مدة لعمل من خدمته أو غيرها ثم أعتقه فإنه لا تبطل الإجارة بعتقه.

[مسألة: 13 إذا وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا سابقا كان له فسخ الإجارة]

مسألة: 13 إذا وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا سابقا (5) كان له فسخ الإجارة إذا كان ذلك العيب موجبا لنقص المنفعة كالعرج في الدابة أو الأجرة كما إذا كانت مقطوعة الاذن أو الذنب. هذا إذا كان متعلق الإجارة عينا شخصية، و أما إذا كان كليا و كان الفرد المقبوض معيبا فليس له فسخ العقد، بل له مطالبة البدل إلا إذا تعذر


1- بل الأقوى عدم التأثير الإجازة البطن اللاحق في الموقوفة.
2- فيه تأمل.
3- من دون قيد المباشرة بنحو القيدية و العنوانية، و أما معه فتبطل الإجارة، و لو كانت المباشرة دخيلا بنحو الشرطية ثبت للمستأجر خيار الفسخ.
4- و ذلك لان البلوغ غاية للولاية لا لما فيه الولاية.
5- على العقد أو القبض.

ص: 97

فكان له الخيار في أصل العقد. هذا كله في العين المستأجرة، و أما الأجرة فإن كانت عينا شخصية و وجد الموجر بها عيبا كان ان له الفسخ كما له مطالبة الأرش (1)، و إذا كانت كلية فله مطالبة البدل و ليس له فسخ الإجارة إلا إذا تعذر البدل.

[مسألة: 14 إذا ظهر الغبن للموجر أو المستأجر فله خيار الغبن إلا إذا شرطا سقوطه]

مسألة: 14 إذا ظهر الغبن للموجر أو المستأجر فله خيار الغبن إلا إذا شرطا سقوطه.

[مسألة: 15 يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في إجارة النفس على الاعمال]

مسألة: 15 يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في إجارة النفس على الاعمال، و كذا الموجر و الأجير الأجرة بمجرد العقد، لكن ليس لكل منهما مطالبة ما ملكه الا بتسليم ما ملكه، فليس للمستأجر مطالبة المنفعة و العمل الا بعد تسليم الأجرة، كما أنه ليس للموجر و لا الأجير مطالبة الأجرة إلا بعد تسليم المنفعة، فعلى كل من الطرفين و ان وجب التسليم لكن لكل منهما الامتناع عنه إذا رأى من الأخر الامتناع عنه.

[مسألة: 16 إذا تعلقت الإجارة بالعين فتسليم منفعتها بتسليم تلك العين]

مسألة: 16 إذا تعلقت الإجارة بالعين فتسليم منفعتها بتسليم تلك العين، و أما تسليم العمل فيما إذا تعلقت بالنفس فباتمامه إذا كان مثل الصلاة و الصوم و الحج و حفر بئر في دار المستأجر و أمثال ذلك مما لم يكن متعلقا بمال من المستأجر بيد الموجر، فقبل إتمام العمل لا يستحق الأجير مطالبة الأجرة، و بعده لا يجوز للمستأجر المماطلة.

نعم لو كان شرط منهما على تأدية الأجرة كلا أو بعضا قبل العمل صريحا أو ضمنيا- كما إذا كانت عادة تقتضي التزام المستأجر بذلك- كان هو المتبع. و أما إذا كان متعلقا بمال من المستأجر في يد الموجر كالثوب يخيطه و الخاتم يصوغه و الكتاب يكتبه و أمثال ذلك، ففي كون تسليمه بإتمام العمل كالأول أو بتسليم مورد العمل كالثوب و الخاتم و الكتاب، وجهان بل قولان أقواهما الأول. فعلى هذا لو تلف الثوب مثلا بعد تمام العمل على نحو لا ضمان عليه لا شي ء عليه و يستحق مطالبة الأجرة،


1- مشكل.

ص: 98

و إذا تلف مضمونا عليه ضمنه (1) بوصف المخيطية لا بقيمته قبلها و له المطالبة بالأجرة المسماة.

[مسألة: 17 إذا بذل المستأجر الأجرة أو كان له حق أن يؤخرها بموجب شرطهما]

مسألة: 17 إذا بذل المستأجر الأجرة أو كان له حق أن يؤخرها بموجب شرطهما و امتنع الموجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه، و ان لم يمكن إجباره فللمستأجر فسخ الإجارة و الرجوع الى الأجرة، و له إبقاء الإجارة و مطالبة المؤجر بعوض المنفعة الفائتة، و كذا ان أخذها منه بعد التسليم بلا فصل أو في أثناء المدة، لكن في الثاني لو فسخها تنفسخ (2) بالنسبة الى ما بقي من المدة فيرجع الى ما يقابله من الأجرة.

[مسألة: 18 لو آجر دابة من زيد فشردت بطلت الإجارة]

مسألة: 18 لو آجر دابة من زيد فشردت بطلت الإجارة، سواء كان قبل التسليم أو بعده في أثناء المدة (3).

[مسألة: 19 إذا تسلم المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف المنفعة حتى انقضت مدة الإجارة]

مسألة: 19 إذا تسلم المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف المنفعة حتى انقضت مدة الإجارة- كما إذا استأجر دارا مدة و تسلمها و لم يسكنها أو دابة للركوب و لم يركبها حتى مضت المدة- فإن كان ذلك باختيار منه استقرت عليه الأجرة، و في حكمه ما لو بذل الموجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر عن تسلمها و استيفاء المنفعة منها حتى انقضت المدة، و هكذا الحال في الإجارة على الأعمال، فإنه إذا سلم الأجير نفسه و بذلها للعمل و امتنع المستأجر من تسلمه- كما إذا استأجر أحدا يخيط له ثوبا معينا في وقت معين و امتنع من دفع الثوب اليه حتى مضى ذلك الوقت- فقد استحق عليه الأجرة، سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر بشغل آخر لنفسه أو لغيره أو بقي فارغا. و ان كان ذلك لعذر بطلت الإجارة و لم يستحق


1- و أما على الثاني فتنفسخ الإجارة لتلف الوصف قيل قبضه فلا يستحق الأجرة و ضمن قيمتها قبل الخياطة، لأن الوصف كان للمستأجر بالإجارة و قد انفسخت. و لو قيل بضمان قيمة الوصف يستحق الأجرة لأن قبض قيمة الوصف قبض للوصف.
2- بل الأقوى ثبوت الخيار له في فسخ الكل أو البعض.
3- من غير تقصير من المستأجر.

ص: 99

الموجر شيئا من الأجرة ان كان ذلك عذرا عاما معه لم تكن العين قابلة لان تستوفى منها المنفعة، كما إذا استأجر دابة للركوب الى مكان فنزل ثلج مانع عن الاستطراق أو انسد الطريق بسبب آخر، أو دارا للسكنى فصارت غير مسكونة لصيرورتها معركة أو مسبعة و نحو ذلك. و لو عرض مثل هذه العوارض في أثناء المدة بعد استيفاء المستأجر مقدارا من المنفعة بطلت الإجارة بالنسبة، و ان كان عذرا يختص به المستأجر- كما إذا مرض و لم يتمكن من ركوب الدابة المستأجرة- ففي كونه موجبا للبطلان و عدمه وجهان لا يخلو أولهما من رجحان (1). هذا إذا اشترطت المباشرة بحيث لم يمكن له استيفاء المنفعة و لو بالإجارة، و الا لم تبطل قطعا.

[مسألة: 20 إذا غصب العين المستأجرة غاصب و منع المستأجر عن استيفاء المنفعة]

مسألة: 20 إذا غصب العين المستأجرة غاصب و منع المستأجر عن استيفاء المنفعة، فإن كان قبل القبض تخير بين الفسخ و الرجوع بأجرة المسمى على الموجر لو أداها و بين الرجوع الى الغاصب بأجرة المثل، و ان كان بعد القبض تعين الثاني.

[مسألة: 21 إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة]

مسألة: 21 إذا تلفت العين المستأجرة (2) قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، و كذا بعده بلا فصل معتد به. و أما إذا تلفت في أثناء المدة (3) و بعد استيفاء المنفعة مدة بطلت (4) بالنسبة إلى بقية المدة و يرجع من الأجرة بما قابلها ان نصفا فنصف و ان ثلثا فثلث و هكذا. هذا إذا تساوت أجرة العين بحسب الزمان، و أما إذا تفاوتت تلاحظ النسبة، مثلا إذا كانت أجرة الدار في الشتاء ضعف أجرتها في باقي الفصول و بقي من المدة ثلاثة أشهر من الشتاء يرجع بثلثي الأجرة المسماة و يقع في مقابل ما مضى من المدة ثلثها، و هكذا الحال في كل مورد حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء المدة بسبب من الأسباب. هذا إذا تلفت العين المستأجرة بتمامها، و أما إذا تلف بعضها


1- بل الثاني هو الأقوى.
2- المسألة مفروضة فيما تلفت قبل زمان الإجارة، و أما بعد مضى مقدار من زمان الإجارة أو عدم القبض فله حكم آخر.
3- لا فرق بين استيفاء المنفعة و عدمه في تلك المسألة.
4- و لا يبعد ثبوت الخيار للمستأجر بالنسبة الى ما مضى للتبعض، فيرجع الى أجرة المسمى و يضمن أجرة المثل، و هكذا في كل مورد حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء المدة.

ص: 100

تبطل (1) بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة.

[مسألة: 22 إذا آجر دارا فانهدمت بطلت الإجارة ان خرجت عن الانتفاع بالمرة]

مسألة: 22 إذا آجر دارا فانهدمت بطلت الإجارة ان خرجت عن الانتفاع بالمرة (2)، فإن كان قبل القبض أو بعده بلا فصل قبل أن يسكن فيها رجعت الأجرة بتمامها و الا فبالنسبة (3) كما مر. و ان أمكن الانتفاع بها في الجملة (4) كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء و الفسخ، و إذا فسخ كان حكم الأجرة على حذو ما سبق. و ان انهدم بعض بيوتها فان بادر الموجر الى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلا ليس فسخ و لا انفساخ على الأقوى، و الا بطلت الإجارة بالنسبة الى ما انهدمت و بقيت بالنسبة إلى البقية بما يقابلها من الأجرة و كان للمستأجر خيار تبعض الصفقة.

[مسألة: 23 كل موضع كانت الإجارة فاسدة ثبت للموجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه]

مسألة: 23 كل موضع كانت الإجارة فاسدة ثبت للموجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر (5) من المنفعة، و كذلك في إجارة النفس للعمل، فان العامل يستحق أجرة مثل عمله (6). نعم يشكل استحقاق الأجرة إذا كان المؤجر أو الأجير عالمين ببطلان الإجارة خصوصا في الإجارة على العمل، فالاحتياط بالتصالح و التراضي لا ينبغي تركه.

[مسألة: 24 يجوز اجارة المشاع، سواء كان للموجر جزء مشاع من عين فآجره]

مسألة: 24 يجوز اجارة المشاع، سواء كان للموجر جزء مشاع من عين فآجره أو كان مالكا للكل و آجر جزءا مشاعا منه كنصفه أو ثلثه، لكن في الصورة الاولى لا يجوز (7) للموجر تسليم العين للمستأجر إلا بإذن شريكه، و كذا يجوز أن


1- و للمستأجر خيار التبعض كما مر.
2- يكفي في البطلان خروجها عما هو مورد للإجارة و ان كان لها منافع أخرى.
3- مع خيار التبعض للمشتري.
4- أي بقي بعض ما وقع عليه العقد من المنافع.
5- أو تلف في يده مضمونة عليه.
6- إذا استوفاه المستأجر أو كان بأمره ما لم يكن مغرورا، من غير فرق بين كونهما عالمين بالفساد أو جاهلين أو مختلفين.
7- لكن لو عصى و سلم اليه تترتب عليه آثار القبض الصحيح.

ص: 101

يستأجر اثنان مثلا دارا على نحو الاشتراك و يسكناها معا بالتراضي أو يقتسماها بحسب المساكن بالتعديل و القرعة كتقسيم الشريكين الدار المشتركة أو يقتسما منفعتها بالمهاياة بأن يسكنها أحدهما ستة أشهر ثم الأخر كما إذا استأجرا معا دابة للركوب (1) فان تقسيم منفعتها الركوبية لا يكون إلا بالمهاياة، بأن يركبها أحدهما يوما و الأخر يوما مثلا، أو بالتناوب بحسب المسافة بأن يركبها أحدهما فرسخا ثم الأخر مثلا.

[مسألة: 25 إذا استأجر عينا و لم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة]

مسألة: 25 إذا استأجر عينا و لم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة يجوز أن يوجرها بأقل مما استأجر و بالمساوي و بالأكثر. هذا في غير البيت و الدار و الدكان و أما هي فلا يجوز إجارتها بأكثر مما استأجر إلا إذا أحدث فيها حدثا من تعمير أو تبييض أو تنظيف و نحو ذلك، و الأحوط (2) إلحاق الخان و الرحى و السفينة بها أيضا.

و إذا استأجر دارا مثلا بعشرة دراهم فسكن بنصفها و آجر الباقي بعشرة من دون احداث حدث جاز و لم يكن من الإجارة بالأكثر مما استأجر، و كذا لو سكنها في نصف المدة و آجرها في باقي المدة بعشرة. نعم لو آجرها في باقي المدة أو آجر نصفها بأكثر من عشرة يكون من الإجارة بالأكثر المنهي عنها.

[مسألة: 26 إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إليها]

مسألة: 26 إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة و بالأكثر، و أما بالأقل فلا يجوز إلا إذا أحدث حدثا أو أتى ببعض العمل و لو قليلا، كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهم ففصله أو خاط منه شيئا و لو قليلا فلا بأس باستئجار غيره على خياطته بالأقل و لو بعشر دراهم أو ثمنه.

[مسألة: 27 الأجير عن الغير إذا آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة معينة]

مسألة: 27 الأجير عن الغير إذا آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة معينة لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه أو لغيره لا تبرعا و لا بالجعالة أو الإجارة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة و لم تشملها


1- غير مترادفين.
2- لا يترك في إلحاق الرحى و السفينة و الأرض.

ص: 102

و لم تكن منافية لما شملته، كما انه لو كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار، فلا مانع من الاشتغال ببعض الاعمال في الليل (1) له أو لغيره حتى بالإجارة إلا إذا أدى الى ضعفه في النهار، فإذا عمل في تلك المدة عملا مما ليس خارجا عن مورد الإجارة، فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الأجرة إذا لم يعمل الأجير له شيئا أو بعضها إذا عمل له شيئا و بين ان يبقيها و يطالبه أجرة مثل العمل الذي عمله لنفسه و كذا إذا عمل للغير تبرعا. و أما لو عمل للغير بعنوان الجعالة أو الإجارة فله مضافا الى ذلك إمضاء الإجارة أو الجعالة و أخذ الأجرة المسماة في تلك الجعالة أو الإجارة فله التخيير بين أمور ثلاثة.

[مسألة: 28 إذا آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معين لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه]

مسألة: 28 إذا آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معين لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه، كما إذا آجر نفسه يوما معينا للخياطة أو الكتابة ثم آجر نفسه في ذلك اليوم للصوم عن الغير (2) و ليس لهم ان يعمل في ذلك الوقت من نوع ذلك العمل و من غيره مما ينافيه لنفسه و لا لغيره، فلو فعل فان كان من نوع ذلك العمل- كما إذا آجر نفسه للخياطة في يوم فاشتغل في ذلك اليوم بالخياطة لنفسه أو لغيره تبرعا أو بالإجارة- كان حكمه حكم الصورة السابقة من تخيير المستأجر بين أمرين لو عمل الأجير لنفسه أو عمل لغيره تبرعا و بين أمور ثلاثة أو عمل لغيره بالجعالة أو الإجارة، و ان كان من غير نوع ذلك العمل- كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة- فللمستأجر التخيير بين أمرين مطلقا من فسخ الإجارة و استرجاع الأجرة و من مطالبة عوض المنفعة الفائتة (3).

[مسألة: 29 إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة و لو في وقت معين]

مسألة: 29 إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة (4) و لو في وقت معين


1- إذا لم يكن الليل داخلا في الإجارة.
2- إذا لم يوجب منقصة للعمل بحسب المتعارف.
3- و له مطالبة عوض المنفعة المستوفاة أيضا.
4- و لا منصرفا إليها.

ص: 103

أو من غير تعيين (1) الوقت و لو مع اعتبار المباشرة جاز له أن يؤجر نفسه للغير على نوع ذلك العمل أو ما يضاده قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه لعدم التنافي بين الاجارتين.

[مسألة: 30 إذا استأجر دابة للحمل الى بلد فركبها اليه أو بالعكس عمدا]

مسألة: 30 إذا استأجر دابة للحمل الى بلد (2) فركبها اليه أو بالعكس عمدا أو اشتباها لزمته الأجرة المسماة حيث انها قد استقرت عليه بتسليم الدابة و ان لم يستوف المستأجر المنفعة كما مر، و هل لزمته أجرة مثل المنفعة التي استوفاها أيضا فتكون عليه أجرتان أو لم يلزمه الا التفاوت بين أجرة المنفعة التي استوفاها و أجرة المنفعة المستأجر عليها لو كان، فإذا استأجرها للحمل بخمسة فركبها و كانت اجرة الركوب عشرة لزمته العشرة، و لو لم يكن تفاوت بينهما لم تلزم عليه الا الأجرة المسماة؟

وجهان لا يخلو ثانيهما عن (3) رجحان، و الأحوط التصالح.

[مسألة: 31 لو آجر نفسه لعمل فعمل للمستأجر غير ذلك العمل بغير أمر منه]

مسألة: 31 لو آجر نفسه لعمل فعمل للمستأجر غير ذلك العمل بغير أمر منه- كما إذا استؤجر للخياطة فكتب له- لم يستحق شيئا (4) سواء كان متعمدا أو وقع منه ذلك اشتباها، و كذا لو آجر دابته لحمل متاع زيد الى مكان فاشتبه و حمل متاع عمرو لم يستحق الأجرة على واحد منهما.

[مسألة: 32 يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضا]

مسألة: 32 يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضا، بأن ينتفع الطفل منها و يتغذى بلبنها مدة معينة و ان لم يكن منها فعل. و لا يعتبر في صحة إجارتها لذلك اذن الزوج و رضاه، بل ليس له المنع عنها إذا لم يكن (5) مانعا عن حق استمتاعه منها. و كذا يجوز استيجار الشاة الحلوب للانتفاع بلبنها و البئر للاستقاء منها، و لا يضر بصحة إجارتها كون الانتفاع فيها بإتلاف الأعيان من اللبن و الماء، لأن الذي


1- الظاهر ان الإطلاق يقتضي التعجيل.
2- يعنى للحمل في وقت معين فركبها فيه.
3- بل هو الأقوى.
4- هذا في صورة فسخ المستأجر، و له أن لا يفسخ و يطالب عوض الفائت فيستحق الأجير الأجرة المسماة، و كذلك في الفرع الثاني يعني في صورة حمل متاع الغير اشتباها.
5- و الا لا يجوز إلا بإذنه.

ص: 104

يضر بصحة الإجارة بل ينافي حقيقتها كون الانتفاع المقصود بإتلاف العين المستأجرة كإجارة الخبز للأكل و اجارة الحطب للإشعال كما مر، و هنا لم تتعلق الإجارة باللبن و الماء بل تعلقت بالمرأة و الشاة و البئر و هي باقية. نعم في إجارة الأشجار للانتفاع بثمرها إشكال (1).

[مسألة: 33 إذا استؤجر لعمل من بناء أو خياطة ثوب معين أو غير ذلك لا يفيد المباشرة]

مسألة: 33 إذا استؤجر لعمل من بناء أو خياطة ثوب معين أو غير ذلك لا يفيد المباشرة، فعمله شخص آخر تبرعا عنه و مساعدة له كان ذلك بمنزلة عمله فاستحق الأجرة المسماة، و ان عمله تبرعا عن المالك لم يستحق المستأجر شيئا، بل بطلت الإجارة لفوات محلها، و لا يستحق العامل على المالك أجرة، لأنه لم يكن بأمره.

[مسألة: 34 لا يجوز للإنسان ان يؤجر نفسه للإتيان بما وجب عليه عينا كالصلاة اليومية]

مسألة: 34 لا يجوز للإنسان ان يؤجر نفسه للإتيان بما وجب عليه عينا كالصلاة اليومية، و لا ما وجب عليه كفائيا إذا كان وجوبه كذلك بعنوانه الخاص كتغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم، و أما ما وجب من جهة حفظ النظام و حاجة الأنام كالصناعات المحتاج إليها و الطبابة و نحوها فلا بأس بإجارة النفس لها و أخذ الأجرة عليها، كما أن إجارة النفس للنيابة عن الغير حيا و ميتا فيما وجب عليه و شرع فيه النيابة لا بأس به و لا اشكال فيه.

[مسألة: 35 يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضياع و حراسة الدور و البساتين عن السرقة مدة معينة]

مسألة: 35 يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضياع و حراسة الدور و البساتين عن السرقة مدة معينة، و يجوز اشتراط الضمان عليه لو حصل الضياع أو السرقة و لو من غير تقصير منه، بأن يلتزم في ضمن عقد الإجارة بأنه لو ضاع المتاع أو سرق من البستان أو الدار شي ء خسره من كيسه و أعطى عوضه، فما تداول من تضمين الناطور إذا ضاع أمر مشروع لو التزم به على نحو مشروع.

[مسألة: 36 إذا طلب من أحد أن يعمل له عملا فعمل استحق عليه اجرة مثل عمله]

مسألة: 36 إذا طلب من أحد أن يعمل له عملا فعمل استحق عليه اجرة مثل عمله إذا كان مما له أجرة و لم يقصد العامل التبرع بعمله، و إذا قصد التبرع لم يستحق أجرة و ان كان من قصد الأمر إعطاء الأجرة.


1- لكن لا وجه له، و لا فرق بينه و بين إجارة المرأة للرضاع.

ص: 105

[مسألة: 37 لو استأجر أحدا في مدة معينة لحيازة المباحات]

مسألة: 37 لو استأجر أحدا في مدة معينة لحيازة المباحات- كما إذا استأجره شهرا للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاستقاء- و قصد باستئجاره له ملكية ما يحوزه فكل ما يحوزه المستأجر في تلك المدة من الحطب أو الحشيش أو الماء مثلا يكون ملكا للمستأجر، سواء قصد الأجير ملكية المستأجر أم لا، بل و لو قصد ملكية نفسه (1).

نعم لو استأجره للحيازة لا بقصد التملك- كما إذا كان له غرض عقلائي لجمع الحطب أو الحشيش فاستأجر شخصا لذلك- لم يملك ما يحوزه و يجمعه الأجير، فلا مانع من أن ينوي الأجير تملكه، فيتملكه كما إذا لم يؤجر نفسه للحيازة.

[مسألة: 38 لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بمقدار معين من الحنطة]

مسألة: 38 لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بمقدار معين من الحنطة أو الشعير الحاصلين منها، بل و كذا بمقدار منهما في الذمة مع اشتراط أدائه مما يحصل منها، و أما إجارتها بالحنطة و الشعير من دون تقييد و لا اشتراط بكونهما منها فالأقرب جوازه، و أما إجارتها بغير الحنطة و الشعير فلا اشكال فيه أصلا (2).

[مسألة: 39 العين المستأجرة امانة في يد المستأجر في مدة الإجارة]

مسألة: 39 العين المستأجرة امانة في يد المستأجر في مدة الإجارة، فلا يضمن تلفها و لا تعيبها إلا بالتعدي أو التفريط، و كذا العين التي للمستأجر بيد من آجر نفسه لعمل فيها كالثوب للصبغ أو الخياطة و الفضة أو الذهب للصياغة، فإنه لا يضمن تلفها و نقصها بدون التعدي و التفريط. نعم إذا أفسد العين للصبغ أو القصارة أو الخياطة حتى لتفصيل الثوب و نحو ذلك ضمن و ان كان بغير قصده، بل و ان كان استادا ماهرا و قد أعمل كمال النظر و الدقة و الاحتياط في شغله، و كذا كل من آجر نفسه لعمل في


1- الأقوى انه لا يصير ملكا للمستأجر إلا مع قصد الأجير ملكيته، كما أن الأقوى انه مع قصد المؤجر ملكية نفسه يصير ملكا له، و معه فللمستأجر أن يطالب أكثر الأمرين من عوض الفائت و من أجرة الحيازة بقصد نفسه و له أن يفسخ الإجارة و يرجع إليه بالأجرة المسماة.
2- بل الحكم فيه هو الحكم فيهما.

ص: 106

مال المستأجر إذا أفسده ضمنه، و من ذلك ما إذا استؤجر القصاب لذبح الحيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي بحيث صار حراما، فإنه ضامن لقيمته، بل الظاهر أنه كذلك لو ذبحه له تبرعا.

[مسألة: 40 الختان ضامن إذا تجاوز الحد و إن كان حاذقا]

مسألة: 40 الختان ضامن إذا تجاوز الحد و إن كان حاذقا، و في ضمانه إذا لم يتجاوز الحد- كما إذا أضر الختان بالولد فمات- اشكال أظهره العدم (1).

[مسألة: 41 الطبيب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج]

مسألة: 41 الطبيب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج، و أما لو لم يباشر ففيه اشكال (2) خصوصا في بعض الصور، كما إذا وصف الدواء الفلاني و قال انه نافع للمرض الفلاني أو قال ان دواءك كذا من دون ان يأمره بشربه، بل عدم الضمان في أمثال ذلك هو الأقوى.

[مسألة: 42 إذا عثر الحمال فانكسر ما كان على ظهره أو رأسه مثلا ضمن]

مسألة: 42 إذا عثر الحمال فانكسر ما كان على ظهره أو رأسه مثلا ضمن (3)، بخلاف الدابة المستأجرة للحمل إذا عثرت فتلف أو تعيب ما حملته، فإنه لا ضمان على صاحبها إلا إذا كان هو السبب من جهة ضربها أو سوقها في مزلق و نحو ذلك.

[مسألة: 43 إذا استأجر دابة للحمل لم يجز أن يحملها أزيد مما اشترط أو المقدار المتعارف لو أطلق]

مسألة: 43 إذا استأجر دابة للحمل لم يجز أن يحملها أزيد مما اشترط أو المقدار المتعارف لو أطلق، فلو حملها أزيد من ذلك ضمن تلفها و عوارها، و كذلك إذا سار عليها زائدا عما اشترط.

[مسألة: 44 إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن الا مع التقصير]

مسألة: 44 إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن الا مع التقصير أو اشتراط الضمان (4).

[مسألة: 45 صاحب الحمام لا يضمن الثياب و غيرها إذا سرقت إلا إذا أودع عنده و فرط أو تعدى]

مسألة: 45 صاحب الحمام لا يضمن الثياب و غيرها إذا سرقت إلا إذا أودع عنده و فرط أو تعدى.


1- فيما لم يكن وظيفته الا عمل الختان من دون أن يكون رأيه في الإضرار و عدمه مؤثرا في الاقدام على العمل، و أما معه بحيث كان نظره موردا لاعتماد العقلاء مثل الجراحين في عصرنا فالأقوى الضمان الا مع البراءة.
2- لا اشكال فيه إذا كان أقوى من المباشرة كما هو الغالب في الأطباء و المرضي.
3- إذا كان عن تقصير منه و الا فالأقوى عدم الضمان.
4- بمعنى اشتراط تدارك الضرر من ماله مجانا.

ص: 107

[مسألة: 46 إذا استأجر أرضا للزراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم تبطل الإجارة]

مسألة: 46 إذا استأجر أرضا للزراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم تبطل الإجارة و لا يوجب ذلك نقصا في الأجرة. نعم لو شرط على المؤجر إبراءه من الأجرة بمقدار ما نقص أو نصفا أو ثلثا منه مثلا صح و لزم الوفاء به.

[مسألة: 47 يجوز إجارة الأرض للانتفاع بها بالزرع و غيره مدة معلومة]

مسألة: 47 يجوز إجارة الأرض للانتفاع بها بالزرع و غيره مدة معلومة و جعل الأجرة تعميرها من كري الأنهار و تنقية الآبار و غرس الأشجار و تسوية الأرض و ازالة الأحجار و نحو ذلك، بشرط ان يعين تلك الاعمال على نحو يرتفع الغرر و الجهالة أو كان تعارف مغن عن التعيين.

ص: 108

[كتاب الجعالة]

اشارة

كتاب الجعالة و هي (1) الالتزام بعوض معلوم على عمل، و يقال للملتزم «الجاعل» و لمن يعمل ذلك العمل «العامل» و المعوض «الجعل» و «الجعيلة». و يفتقر إلى الإيجاب، و هو كل لفظ أفاد ذلك الالتزام، و هو اما عام كما إذا قال «من رد عبدي أو دابتي أو خاط ثوبي أو بنى حائطي مثلا فله كذا»، و اما خاص كما إذا قال لشخص «ان رددت عبدي أو دابتي مثلا فلك كذا». و لا (2) يفتقر الى قبول حتى في الخاص فضلا عن العام.

[مسألة: 1 الفرق بين الإجارة على العمل و الجعالة]

مسألة: 1 الفرق (3) بين الإجارة على العمل و الجعالة أن المستأجر في الإجارة يملك العمل على الأجير، و هو يملك على المستأجر الأجرة بنفس المعقد كما مر، بخلافه في الجعالة حيث انه ليس أثرها إلا استحقاق العامل الجعل المقرر على الجاعل بعد العمل.

[مسألة: 2 انما تصح الجعالة على كل عمل محلل مقصود في نظر العقلاء كالإجارة]

مسألة: 2 انما تصح الجعالة على كل عمل محلل مقصود في نظر العقلاء كالإجارة، فلا تصح على المحرم و لا على ما يكون لغوا عند العقلاء و بذل المال بإزائه


1- كما هو المشهور، أو إنشاء الالتزام بعوض على عمل محلل مقصود كما اختاره في الجواهر، و الأنسب أن يقال هي جعل عوض على عمل محلل مقصود.
2- المتيقن مما لا يفتقر اليه هو القبول القولي، و أما عدم افتقاره الى القبول العملي فمحل اشكال.
3- و بينهما فروق اخرى تعرف طي ذكر المسائل.

ص: 109

سفها، كالذهاب إلى الأمكنة المخوفة و الصعود على الجبال الشاهقة و الأبنية المرتفعة و الوثبة من موضع الى موضع آخر و نحو ذلك (1).

[مسألة: 3 كما لا تصح الإجارة على الواجبات العينية و الكفائية]

مسألة: 3 كما لا تصح الإجارة على الواجبات العينية و الكفائية على التفصيل الذي مر في كتابها لا تصح الجعالة عليها.

[مسألة: 4 يعتبر في الجاعل أهلية الاستيجار]

مسألة: 4 يعتبر في الجاعل أهلية الاستيجار من البلوغ و العقل و الرشد و القصد و عدم الحجر و الاختيار، و أما العامل فلا يعتبر فيه الا إمكان تحصيل العمل بحيث لا مانع منه عقلا أو شرعا، كما إذا وقعت الجعالة على كنس المسجد فلا يمكن حصوله شرعا من الجنب و الحائض، فلو كنساه لم يستحقا شيئا على عملهما. و لا يعتبر فيه نفوذ التصرف، فيجوز أن يكون صبيا مميزا و لو بغير اذن الولي، بل و لو كان غير مميز (2) أو مجنون على الأظهر (3)، فجميع هؤلاء يستحقون الجعل المقرر بعملهم.

[مسألة: 5 يجوز أن يكون العمل مجهولا في الجعالة بما لا يغتفر في الإجارة]

مسألة: 5 يجوز أن يكون العمل مجهولا في الجعالة بما لا يغتفر في الإجارة، فإذا قال «من رد دابتي فله كذا» صح و ان لم يعين المسافة و لا شخص الدابة مع شدة اختلاف الدواب في الظفر بها من حيث السهولة و الصعوبة، و كذا يجوز أن يوقع الجعالة على المردد (4) مع اتحاد الجعل، كما إذا قال «من رد عبدي أو دابتي فله كذا» أو بالاختلاف كما إذا قال «من رد عبدي فله عشرة و من رد دابتي فله خمسة». نعم لا يجوز جعل موردها مجهولا صرفا و مبهما بحتا لا يتمكن العامل من تحصيله، كما إذا قال «من وجد و أوصلني ما ضاع مني فله كذا»، بل و كذا لو قال «من رد حيوانا ضاع مني» و لم يعين انه من جنس الطيور أو الدواب أو غيرها.

هذا كله في العمل، و أما العوض فلا بد من تعيينه جنسا و نوعا و وصفا، بل كيلا أو


1- مما لم يكن فيه غرض عقلائي.
2- إذا كان الجعل سببا لصدور العمل منهما.
3- فيما قلناه في الحاشية السابقة، و على الأحوط في غيره بناء على كفاية جعل الجعل في اشتغال ذمته.
4- أى على كل واحد بنحو التخيير.

ص: 110

وزنا أو عدا ان كان مكيلا أو موزونا أو معدودا، فلو جعله ما في يده أو إنائه مثلا بأن قال «من رد دابتي فله ما في يدي أو ما في هذا الإناء» بطلت الجعالة. نعم الظاهر أنه يصح أن يجعل الجعل حصة معينة مما يرده و لو لم يشاهد و لم يوصف، بأن قال «من رد دابتي فله نصفها»، و كذا يصح أن يجعل للدلال ما زاد على رأس المال، كما إذا قال «بع هذا المال بكذا و الزائد لك» كما مر فيما سبق.

[مسألة: 6 كل مورد بطلت الجعالة للجهالة استحق العامل أجرة المثل]

مسألة: 6 كل مورد بطلت الجعالة للجهالة استحق العامل أجرة المثل، و الظاهر انه من هذا القبيل ما هو المتعارف من جعل الحلاوة المطلقة لمن دله على ولد ضائع أو دابة ضالة.

[مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الجعل ممن له العمل]

مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الجعل ممن له العمل، فيجوز أن يجعل جعلا من ماله لمن خاط ثوب زيد أو رد دابته.

[مسألة: 8 لو عين الجعالة لشخص و أتى بالعمل غيره لم يستحق الجعل ذلك الشخص]

مسألة: 8 لو عين الجعالة لشخص و أتى بالعمل غيره لم يستحق الجعل ذلك الشخص لعدم العمل و لا ذلك الغير لانه ما أمر بإتيان العمل و لا جعل لعمله جعل فهو كالمبرع. نعم لو جعل الجعالة على العمل لا بقيد المباشرة بحيث لو حصل ذلك الشخص العمل بالإجارة أو الاستنابة أو الجعالة شملته الجعالة و كان عمل ذلك الغير تبرعا عن المجعول له و مساعدة له استحق المجعول له بسبب عمل ذلك العامل الجعل المقرر.

[مسألة: 9 إذا جعل الجعل على عمل و قد عمله شخص قبل إيقاع الجعالة أو بقصد التبرع]

مسألة: 9 إذا جعل الجعل على عمل و قد عمله شخص قبل إيقاع الجعالة أو بقصد التبرع و عدم أخذ العوض يقع عمله ضائعا و بلا جعل و أجرة.

[مسألة: 10 انما يستحق العامل الجعل المقرر لو كان عمله لأجل ذلك]

مسألة: 10 انما يستحق العامل الجعل المقرر لو كان عمله لأجل ذلك (1) فيعتبر اطلاعه على التزام العامل به، فلو عمل لا لأجل ذلك بل تبرعا لم يستحق شيئا، و كذا لو تبين كذب المخبر، كما إذا أخبر مخبر بأن فلانا قال «من رد دابتي فله كذا» فردها


1- هذا مناف لما اختاره قدس سره من استحقاق المجنون و غير المميز للجعل، و الأحوط للجاعل إعطاء الجعل و الأحوط للعامل لا لأجله عدم إجبار الجاعل.

ص: 111

أحد اعتمادا على اخباره مع انه لم يقله لم يستحق شيئا لا على صاحب الدابة و لا على المخبر الكاذب. نعم لو كان قوله أوجب الاطمئنان لا يبعد ضمانه اجرة مثل عمله للغرور.

[مسألة: 11 لو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من كان ماله في يده لم يستحق شيئا]

مسألة: 11 لو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من كان ماله في يده لم يستحق شيئا لأنه واجب عليه شرعا، و أما لو قال من رد مالي فله كذا فان كان المال مما في رده كلفة و مئونة كالعبد الآبق و الدابة الشاردة استحق الجعل المقرر (1)، و ان لم يكن كذلك كالدراهم و الدنانير لم يستحق شيئا.

[مسألة: 12 انما يستحق العامل الجعل بتسليم العمل]

مسألة: 12 انما يستحق العامل الجعل بتسليم العمل، فلو جعل على رد الدابة إلى مالكها فجاء بها في البلد فشردت لم يستحق الجعل. نعم لو كان الجعل مجرد إيصالها إلى البلد استحقه، كما انه لو كان الجعل على مجرد الدلالة عليها و اعلام محلها استحق بذلك الجعل و ان لم يكن منه إيصال أصلا.

[مسألة: 13 لو قال من رد دابتي مثلا فله كذا فردها جماعة اشتركوا في الجعل]

مسألة: 13 لو قال من رد دابتي مثلا فله كذا فردها جماعة اشتركوا في الجعل المقرر بالسوية إن تساووا في العمل و الا فيوزع عليهم بالنسبة.

[مسألة: 14 لو جعل جعلا لشخص على عمل كبناء حائط أو خياطة ثوب فشاركه غيره في ذلك العمل]

مسألة: 14 لو جعل جعلا لشخص على عمل كبناء حائط أو خياطة ثوب فشاركه غيره في ذلك العمل يسقط عن جعله المعين ما يكون بإزاء عمل ذلك الغير، فان لم يتفاوتا كان له نصف الجعل و الا فبالنسبة، و أما الأخر فلم يستحق شيئا لكونه متبرعا. نعم لو لم يشترط على العامل المباشرة بل أريد منه العمل مطلقا و لو بمباشرة غيره و كان اشتراك الغير معه بعنوان التبرع عنه و مساعدته استحق المجعول له تمام الجعل (2).


1- ان كانت يده عليه يد المحسن، و أما الغاصب فلا يستحق شيئا لأنه عليه تحمل مئونة الرد.
2- إذا كان التبرع بتسبيب من المجعول له أو إجازته و الا فلا يستحق شيئا في مقابل ما تبرع عنه لأن تأثير قصد النائب في تحقق النيابة من دون أمر المنوب عنه أو إجازته لا دليل عليه.

ص: 112

[مسألة: 15 الجعالة قبل تمامية العمل جائزة من الطرفين]

مسألة: 15 الجعالة قبل تمامية العمل جائزة من الطرفين و لو بعد تلبس العامل و شروعه فيه فله رفع اليد عن العمل، كما ان للجاعل فسخ الجعالة و نقض التزامه على كل حال، فان كان ذلك قبل التلبس لم يستحق المجعول له شيئا، و أما لو كان بعد التلبس فان كان الرجوع من العامل لم يستحق شيئا، و ان كان من طرف الجاعل فعليه للعامل اجرة مثل ما عمل. و يحتمل الفرق في الأول، و هو ما كان الرجوع من العامل بين ما كان العمل مثل الخياطة و بناء الحائط و نحوهما مما كان تلبس العامل به بإيجاد بعض العمل و بين ما كان مثل رد الضالة و الآبق و نحوهما مما كان التلبس به بإيجاد بعض مقدماته الخارجة، فله من المسمى بالنسبة الى ما عمل في الأول، بخلاف الثاني فإنه لم يستحق شيئا (1). و المسألة محل اشكال، فلا ينبغي ترك الاحتياط بالتراضي و التصالح على كل حال.

[مسألة: 16 ما ذكرنا من أن للعامل الرجوع عن عمله على كل حال و لو بعد التلبس و الاشتغال]

مسألة: 16 ما ذكرنا من أن للعامل الرجوع عن عمله على كل حال و لو بعد التلبس و الاشتغال انما هو في مورد لم يكن في عدم إنهاء العمل ضرر على الجاعل و الا فيجب عليه، اما عدم الشروع في العمل و اما إتمامه بعد شروعه. مثلا إذا وقعت الجعالة على قص عينه أو بعض العمليات المتداولة بين الأطباء في هذه الأزمنة، حيث ان الصلاح و العلاج مترتب على تكميلها، و في عدمه فساد لا يجوز له رفع اليد عن العمل بعد التلبس له و الشروع فيه، و لو رفع اليد عنه لم يستحق (2) في مثله شيئا بالنسبة الى ما عمل بلا اشكال.


1- هذا إذا كانت كيفية الجعل مجملا، و اما ان كان الجعل للإتمام فلا يستحق العامل بفسخه قبل الإتمام شيئا و يستحق بفسخ الجاعل أجرة عمله سواء كان بعض العمل أو كان من المقدمات لقاعدة الغرر، و أما إذا جعل لكل جزء من العمل جزءا من الجعل بلا شرط الإتمام فيستحق العامل المسمى بالنسبة الى ما مضى بفسخ كل منهما و لا يجوز لهما الفسخ بالنسبة الى ما مضى.
2- و ذلك لعدم جعل الجعل لمثل هذا العمل بحسب المتعارف، و أما إذا اتفق ذلك بأن جعل جعلين لشخصين لأحدهما جعلا للقص و للآخر للإصلاح فيستحق كل منهما الجعل بالنسبة إلى عمله.

ص: 113

[كتاب العارية]

اشارة

كتاب العارية و هي التسليط على العين (1) للانتفاع بها على جهة التبرع، و هي من العقود التي تحتاج إلى إيجاب و قبول، فالإيجاب كل لفظ له ظهور عرفي في إرادة هذا المعنى كقوله «أعرتك» أو «أذنت لك في الانتفاع به» أو «انتفع به» أو «خذه لتنتفع به» و نحو ذلك. و القبول كلما أفاد الرضا بذلك، و يجوز أن يكون بالفعل، بأن يأخذ العين المعارة بعد إيجاب المعير بهذا العنوان، بل الظاهر انه لا يحتاج في وقوعها و صحتها الى لفظ أصلا، فتقع بالمعاطاة، كما إذا دفع اليه قميصا ليلبسه فأخذه للبس أو دفع إليه إناء أو بساطا ليستعمله فأخذه و استعمله.

[مسألة: 1 يعتبر في المعير أن يكون مالكا للمنفعة]

مسألة: 1 يعتبر في المعير أن يكون مالكا للمنفعة و له أهلية التصرف، فلا تصح اعارة الغاصب عينا أو منفعة، و في جريان الفضولية فيها حتى تصح بإجازة المالك كالبيع و الإجارة وجه قوي (2). و كذا لا تصح اعارة الصبي و المجنون و المحجور عليه لسفه أو فلس الا مع اذن الولي أو الغرماء، و في صحة اعارة الصبي بإذن الولي احتمال لا يخلو من قوة (3).


1- و الظاهر أن حقيقتها اعتبار اضافة بين العين المستعارة و المستعير، ثمرتها تسلط المستعير على الانتفاع بها تبرعا من دون عوض.
2- بل في جريان الفضولية فيها إشكال قوى و ان كانت نفس الإجازة مفيدة فائدة الإعارة بعد الإجازة، لكنها لا تنفع في رفع ضمان تلف العين قبل الإجازة و يحتاج إلى الإبراء.
3- لم يعلم وجه اختصاص هذا العقد من الصبي بالصحة مع اذن الولي دون سائر العقود الجائزة، و كفاية اذن الولي في إيجاب العارية لعدم اعتبار لفظ مخصوص فيها لا يصحح إيجاب الصبي بإذن الولي بل الموجب على هذا هو الولي، و هذه غير تلك المسألة. و اما السيرة التي استند إليها في الجواهر فغير محققة، بل الظاهر من كلمات الأصحاب عدم الركون إليها فراجع أدلتهم. ثم الظاهر من كلماتهم اختصاص الصحة بإعارة ماله بإذن الولي مع المصلحة دون مال غيره حتى الولي، و لم يعلم الفرق بينهما أيضا.

ص: 114

[مسألة: 2 لا يشترط في المعير ملكية العين]

مسألة: 2 لا يشترط في المعير ملكية العين، بل يكفي ملكية المنفعة بالإجارة أو بكونها موصى بها له بالوصية. نعم إذا اشترط استيفاء المنفعة في الإجارة بنفسه ليس له الإعارة.

[مسألة: 3 يعتبر في المستعير أن يكون أهلا للانتفاع بالعين]

مسألة: 3 يعتبر في المستعير أن يكون أهلا للانتفاع بالعين، فلا تصح استعارة المصحف للكافر و استعارة الصيد للمحرم لا من المحل و لا من المحرم. و كذا يعتبر فيه التعيين، فلو أعار شيئا أحد هذين أو أحد هؤلاء لم يصح. و لا يشترط أن يكون واحدا، فيصح اعارة شي ء واحد لجماعة، كما إذا قال «أعرت هذا الكتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة» فيستوفون المنفعة بينهم بالتناوب أو القرعة كالعين المستأجرة، و في جواز كونه عددا غير محصور كما إذا قال أعرت هذا الشي ء لكل الناس تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 4 يعتبر في العين المستعارة كونها مما يمكن الانتفاع بها]

مسألة: 4 يعتبر في العين المستعارة كونها مما يمكن الانتفاع بها منفعة محللة مع بقاء عينها كالعقارات و الدواب و الثياب و الكتب و الأمتعة و الصفر و الحلي، بل و فحل الضراب و الهرة و الكلب للصيد و الحراسة و أشباه ذلك، فلا يجوز اعارة ما لا منفعة له محللة كآلات اللهو، و كذا آنية الذهب و الفضة بناء على عموم حرمة الانتفاع بها، و اما بناء على اختصاص الحرمة باستعمالها في الأكل و الشرب فلا تجوز إعارتها لخصوص هذه المنفعة، و كذا ما لا ينتفع به الا بإتلافه كالخبز و الدهن و الأشربة و أشباهها.

[مسألة: 5 يجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و صوفها و البئر]

مسألة: 5 يجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و صوفها و البئر للاستقاء منها.

[مسألة: 6 لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع بها لانحصار سبب حليتها بالتزويج]

مسألة: 6 لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع بها لانحصار سبب حليتها بالتزويج و ملك اليمين و بالتحليل الراجع إلى أحدهما. نعم لا بأس باعارتهن للخدمة،


1- و الأقوى عدم الجواز. نعم لا مانع من الإباحة كذلك.

ص: 115

و لا يجوز للمستعير أن ينظر الى ما لا يجوز النظر اليه منها لو لا الاستعارة الا بتحليل المعير.

[مسألة: 7 لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة]

مسألة: 7 لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة، فلو قال «أعرني احدى دوابك» فقال «ادخل الإصطبل و خذ ما شئت منها» صحت العارية (1).

[مسألة: 8 العين التي تعلقت بها العارية ان انحصرت جهة الانتفاع بها في منفعة خاصة]

مسألة: 8 العين التي تعلقت بها العارية ان انحصرت جهة الانتفاع بها في منفعة خاصة كالبساط للافتراش و اللحاف للتغطية و الخيمة للاكتنان و أشباه ذلك لا يلزم التعرض لجهة الانتفاع بها عند إعارتها و استعارتها، و ان تعددت جهات الانتفاع بها كالأرض ينتفع بها للزرع و الغرس و البناء و الدابة ينتفع بها للحمل و الركوب و نحو ذلك، فان كانت إعارتها و استعارتها لأجل منفعة أو منافع خاصة من منافعها يجب التعرض لها و اختص حلية الانتفاع للمستعير بما خصصه المعير، و ان كانت لأجل الانتفاع المطلق جاز التعميم و التصريح بالعموم، بأن يقول أعرتك هذه الدابة مثلا لأجل أن تنتفع بها كل انتفاع مباح يحصل منها، كما أنه يجوز إطلاق العارية بأن يقول أعرتك هذه الدابة، فيجوز للمستعير الانتفاع بسائر الانتفاعات المباحة المتعلقة بها. نعم ربما يكون لبعض الانتفاعات بالنسبة الى بعض الأعيان خفاء لا يندرج في الإطلاق، ففي مثله لا بد من التنصيص به أو التعميم على وجه يعمه، و ذلك كالدفن فإنه و ان كان من أحد وجوه الانتفاعات من الأرض كالبناء و الزرع و الغرس و مع ذلك لو أعيرت الأرض اعارة مطلقة لا يعمه الإطلاق.

[مسألة: 9 العارية جائزة من الطرفين]

مسألة: 9 العارية جائزة من الطرفين، فللمعير الرجوع متى شاء، كما أن للمستعير الرد متى شاء. نعم في خصوص إعارة الأرض للدفن لم يجز للمعير (2) بعد الدفن و الموت الرجوع (3) عن الإعارة و نبش القبر و قلع الميت على الأصح، و أما قبل ذلك فله الرجوع حتى بعد وضعه في القبر قبل مواراته، و ليس على المعير أجره


1- إذا أخذ واحدا من الدواب بقصد الاستعارة، إذ يكفي في صحتها اذن المعير و أخذ المستعير بقصدها.
2- بل له الرجوع عن الإعارة لكن ليس له الإجبار على النبش، و تظهر الثمرة في جواز مطالبة الأجرة للبقاء و فيما لو نبشه نابش فلا يجوز دفنه إلا بإذن جديد.
3- الظاهر ان لفظ «الموت» هنا غلط و الصحيح المواراة.

ص: 116

الحفظ و مئونته إذا رجع بعد الحفر قبل الدفن، كما أنه ليس على ولي الميت طم الحفر بعد ما كان بإذن من المعير.

[مسألة: 10 تبطل العارية بموت المعير]

مسألة: 10 تبطل العارية بموت المعير، بل بزوال سلطنته بجنون و نحوه.

[مسألة: 11 يجب على المستعير للاقتصار في نوع المنفعة على ما عينها المعير]

مسألة: 11 يجب على المستعير للاقتصار في نوع المنفعة على ما عينها المعير، فلا يجوز له التعدي إلى غيرها و لو كانت أدنى و أقل ضررا على المعير، و كذا يجب أن يقتصر في كيفية الانتفاع على ما جرت به العادة، فلو أعاره دابة للحمل لا يحملها الا القدر المعتاد بالنسبة الى ذلك الحيوان و ذلك المحمول و ذلك الزمان و المكان، فلو تعدى نوعا أو كيفية كان غاصبا و ضامنا و عليه أجرة ما استوفاه (1) من المنفعة.

[مسألة: 12 لو أعاره أرضا للبناء أو الغرس جاز له الرجوع]

مسألة: 12 لو أعاره أرضا للبناء أو الغرس جاز له الرجوع و له إلزام المستعير بالقلع لكن عليه الأرش (2)، و كذا في عاريتها للزرع إذا رجع قبل إدراكه، و يحتمل عدم استحقاق إلزام المعير بقلع الزرع لو رضي المستعير بالبقاء بالأجرة، و الأحوط لهما التراضي و التصالح. و مثل ذلك ما إذا أعار جذوعه للتسقيف ثم رجع بعد ما أثبتها المستعير في البناء.

[مسألة: 13 العارية أمانة بيد المستعير]

مسألة: 13 العارية أمانة بيد المستعير لا يضمنها لو تلفت إلا بالتعدي أو التفريط. نعم لو شرط الضمان ضمنها و ان لم يكن تعدي و لا تفريط، كما أنه لو كانت العين المعارة ذهبا أو فضة ضمنها، يشترط فيها الضمان أو لم يشترط (3).

[مسألة: 14 لا يجوز للمستعير اعارة العين المستعارة]

مسألة: 14 لا يجوز للمستعير اعارة العين المستعارة و لا إجارتها إلا بإذن المالك، فيكون إعارته (4) حينئذ في الحقيقة اعارة المالك و يكون المستعير وكيلا و نائبا عنه، فلو خرج المستعير عن قابلية الإعارة بعد ذلك- كما إذا جن- بقيت العارية الثانية على حالها.


1- نعم إذا تعدى في زمان، مثل ما إذا أجارها للانتفاع بها نهارا فتعدى المستعير و انتفع بها ليلا فالظاهر أن لا يكون عليه الا أجرة ما استوفاه ليلا.
2- بل لا أرش عليه.
3- نعم يسقط الضمان فيهما أيضا إذا اشترط السقوط.
4- و يكون فسخا للأولى و تجديدا للثانية.

ص: 117

[مسألة: 15 إذا تلفت العارية بفعل المستعير، فان كان بسبب الاستعمال المأذون فيه]

مسألة: 15 إذا تلفت العارية بفعل المستعير، فان كان بسبب الاستعمال المأذون فيه من دون تعدي عن المتعارف ليس عليه ضمان، كما إذا هلكت الدابة المستعارة للحمل بسبب الحمل عليها حملا متعارفا، و ان كان بسبب آخر ضمنها.

[مسألة: 16 إنما يبرأ المستعير عن عهدة العين المستعارة بردها الى مالكها]

مسألة: 16 إنما يبرأ المستعير عن عهدة العين المستعارة بردها الى مالكها أو وكيله أو وليه، و لو ردها الى حرزها الذي كانت فيه بلا يد من المالك و لا أذن منه لم يبرأ، كما إذا رد الدابة إلى الإصطبل و ربطها فيه بلا اذن من المالك فتلفت أو أتلفها متلف.

[مسألة: 17 إذا استعار عينا من الغاصب، فان لم يعلم بغصبه كان قرار الضمان على الغاصب]

مسألة: 17 إذا استعار عينا من الغاصب، فان لم يعلم بغصبه كان قرار الضمان على الغاصب، فان تلفت في يد المستعير (1) فللمالك الرجوع بعوض ماله على كل من الغاصب و المستعير، فان رجع على المستعير يرجع هو على الغاصب، فان رجع على الغاصب لم يكن له الرجوع على المستعير، و كذلك بالنسبة إلى بدل ما استوفاه المستعير (2) من المنفعة، فإنه إذا رجع به على المستعير يرجع هو على الغاصب دون العكس. و أما لو كان عالما بالغصب لم يرجع المستعير على الغاصب لو رجع المالك عليه، بل الأمر بالعكس فيرجع الغاصب على المستعير لو رجع المالك عليه، و لا يجوز له أن يرد العين الى الغاصب بعد ما علم بالغصبية، بل يجب أن يردها الى مالكها.


1- و كذا في الأيادي المتعاقبة لو تلف على يد غير الغاصب.
2- أو بدل ما تلف في يده من المنافع.

ص: 118

[كتاب الوديعة]

اشارة

كتاب الوديعة و هي (1) استنابة في الحفظ، و بعبارة أخرى هي وضع المال عند الغير ليحفظه لمالكه، و يطلق كثيرا على المال الموضوع، و يقال لصاحب المال «المودع» و لذلك الغير «الودعي» و «المستودع». و هي عقد يحتاج إلى الإيجاب، و هو كل لفظ دال على تلك الاستنابة، كأن يقول «أودعتك هذا المال» أو «احفظه» أو «هو وديعة عندك» و نحو ذلك. و القبول الدال على الرضا بالنيابة في الحفظ، و لا يعتبر فيها العربية بل تقع بكل لغة، و يجوز أن يكون الإيجاب باللفظ و القبول بالفعل، بأن قال له المالك مثلا هذا المال وديعة عندك فتسلم المال لذلك، بل يصح وقوعها بالمعاطاة بأن يسلم مالا الى أحد بقصد أن يكون محفوظا عنده و يحفظه فتسلمه بهذا العنوان.

[مسألة: 1 لو طرح ثوبا مثلا عند أحد و قال هذا وديعة عندك]

مسألة: 1 لو طرح ثوبا مثلا عند أحد و قال هذا وديعة عندك، فان قبلها بالقول أو الفعل الدال عليه و لو بالسكوت (2) الدال على الرضا بذلك صار وديعة و ترتبت عليها أحكامها، بخلاف ما إذا لم يقبلها حتى فيما إذا طرحه المالك عنده بهذا القصد و ذهب عنه، فلو تركه من قصد استيداعه و ذهب لم يكن عليه ضمان و ان كان الأحوط القيام بحفظه مع الإمكان.

[مسألة: 2 إنما يجوز قبول الوديعة لمن كان قادرا على حفظها]

مسألة: 2 إنما يجوز قبول الوديعة لمن كان قادرا على حفظها، فمن كان عاجزا


1- أو اعتبار اضافة بين المال و الودعي يترتب عليه أحكام الوديعة من وجوب الحفظ و عدم الضمان عند التلف بلا تفريط و غير ذلك من أحكامه.
2- في دلالة السكوت و الاكتفاء به على فرض الدلالة إشكال.

ص: 119

لم يجز له قبولها (1) على الأحوط.

[مسألة: 3 الوديعة جائزة من الطرفين]

مسألة: 3 الوديعة جائزة من الطرفين، فللمالك استرداد ماله متى شاء و للمستودع رده كذلك، و ليس للمودع الامتناع من قبوله، و لو فسخها المستودع عند نفسه انفسخت و زالت الأمانة المالكية و صار المال عنده أمانة شرعية، فيجب عليه رده الى مالكه أو الى من يقوم مقامه أو اعلامه بالفسخ و كون المال عنده، فلو أهمل في ذلك لا لعذر عقلي أو شرعي ضمن.

[مسألة: 4 يعتبر في كل من المستودع و المودع البلوغ و العقل]

مسألة: 4 يعتبر في كل من المستودع و المودع البلوغ و العقل، فلا يصح استيداع الصبي و لا المجنون و كذا إيداعهما، من غير فرق بين كون المال لهما أو لغيرهما من الكاملين، بل لا يجوز وضع اليد على ما أودعاه، و لو أخذ منهما ضمنه و لا يبرأ برده إليهما و انما يبرأ بإيصاله إلى وليهما (2). نعم لا بأس بأخذه منهما إذا خيف هلاكه و تلفه في أيديهما، فيؤخذ بعنوان الحسبة في الحفظ، و لكن لا يصير بذلك وديعة و أمانة مالكية بل تكون أمانة شرعية يجب عليه حفظها و المبادرة على إيصالها إلى وليهما (3) أو اعلامه بكونها عنده، و ليس عليه ضمان لو تلف في يده.

[مسألة: 5 لو أرسل شخص كامل مالا بواسطة الصبي أو المجنون الى شخص]

مسألة: 5 لو أرسل شخص كامل مالا بواسطة الصبي أو المجنون الى شخص ليكون وديعة عنده و قد أخذه منهما بهذا العنوان فالظاهر صيرورته وديعة عنده لكونها حقيقة بين الكاملين، و انما الصبي و المجنون بمنزلة الإله.

[مسألة: 6 لو أودع عند الصبي و المجنون مالا لم يضمناه بالتلف]

مسألة: 6 لو أودع عند الصبي و المجنون مالا لم يضمناه بالتلف، بل بالإتلاف أيضا إذا لم يكونا مميزين في وجه قوي لكونه هو السبب الأقوى.

[مسألة: 7 يجب على المستودع حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به]

مسألة: 7 يجب على المستودع حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به و وضعها في الحرز الذي يناسبها كالصندوق المقفل للثوب و الدراهم و الحلي و نحوها و الإصطبل المضبوط بالغلق للدابة و المراح كذلك للشاة. و بالجملة حفظها في محل


1- الا مع علم المودع و استدعاء القبول و الحفظ على حسب قدرته.
2- ان كان المال لهما و الا فلا يبرأ إلا بإيصاله الى صاحب المال.
3- أو الى صاحب المال أو اعلامه كما مر.

ص: 120

لا يعد معه عند العرف مضيعا و مفرطا و خائنا، حتى فيما إذا علم المودع بعدم وجود حرز لها عند المستودع، فيجب عليه بعد ما قبل الاستيداع تحصيله مقدمة للحفظ الواجب عليه، و كذا يجب عليه القيام بجميع ماله دخل في صونها من التعيب أو التلف، كالثوب ينشره في الصيف إذا كان من الصوف أو الإبريسم و الدابة يعلفها و يسقيها و يقيها من الحر و البرد، فلو أهمل عن ذلك ضمنها.

[مسألة: 8 لو عين المودع موضعا خاصا لحفظ الوديعة اقتصر عليه]

مسألة: 8 لو عين المودع موضعا خاصا لحفظ الوديعة (1) اقتصر عليه، و لا يجوز نقلها الى غيره بعد وضعها فيه و ان كان أحفظ، فلو نقلها منه ضمنها. نعم لو كانت في ذلك المحل في معرض التلف جاز نقلها الى مكان آخر أحفظ و لا ضمان عليه حتى مع نهي المالك، بأن قال لا تنقلها و ان تلفت، و ان كان الأحوط حينئذ مراجعة الحاكم مع الإمكان (2).

[مسألة: 9 لو تلفت الوديعة في يد المستودع من دون تعدي منه و لا تفريط لم يضمنها]

مسألة: 9 لو تلفت الوديعة في يد المستودع من دون تعدي منه و لا تفريط لم يضمنها، و كذا لو أخذها منه ظالم قهرا، سواء انتزعها من يده أو أمره بدفعها له بنفسه فدفعها كرها. نعم يقوى الضمان لو كان هو السبب لذلك و لو من جهة إخباره بها أو إظهارها في محل كان (3) مظنة الوصول الى الظالم فوصل اليه بل مطلقا على احتمال قوي.

[مسألة: 10 لو تمكن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الوديعة وجب]

مسألة: 10 لو تمكن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الوديعة وجب، حتى أنه لو توقف دفعه عنها على إنكارها كاذبا بل الحلف على ذلك جاز بل وجب، فان لم يفعل ضمن، و في وجوب التورية عليه مع الإمكان إشكال أحوطه ذلك و أقواه العدم.


1- بنحو التقييد.
2- ان لم يمكن المراجعة إلى المودع و الا فيرجع اليه و يستأذن منه تغيير المكان أو يفسخ الوديعة و يرد اليه المال.
3- بل مطلقا و ان لم يكن في مظنة الوصول إذا اتفق الوصول اليه و صار سببا لانتزاعه منه لأنه حينئذ سبب للإتلاف و الأمين لا يضمن التلف فقط دون الإتلاف و ان كان عن قصور، و لعله المراد من قوله بل مطلقا على احتمال قوى.

ص: 121

[مسألة: 11 إذا كانت مدافعته عن الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح و غيره]

مسألة: 11 إذا كانت مدافعته عن الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح و غيره أو هتك في عرضه أو خسارة في ماله لا يجب تحمله، بل لا يجوز في غير الأخير، بل فيه أيضا ببعض مراتبه. نعم لو كان ما يترتب عليها يسيرا جدا بحيث يتحمله غالب الناس- كما إذا تكلم معه بكلام خشن لا يكون هاتكا له بالنظر الى شرفه و رفعة قدره و ان تأذى منه بالطبع- فالظاهر وجوب تحمله.

[مسألة: 12 لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره]

مسألة: 12 لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره، فان كان بدفع بعضها وجب، فلو أهمل فأخذ الظالم كلها ضمن المقدار الزائد على ما يندفع به منها لإتمامها، فلو كان يندفع بدفع نصفها فأهمل فأخذ تمامها ضمن النصف، و لو كان يقنع بالثلث فأهمل فأخذ الكل ضمن الثلثين و هكذا. و كذا الحال فيما إذا كان عنده من شخص وديعتان و كان الظالم يندفع بدفع إحداهما فأهمل حتى أخذ كلتيهما، فان كان يندفع بإحداهما المعين ضمن الأخرى، و ان كان بإحداهما لا بعينها ضمن أكثرهما قيمة. و لو توقف دفعه على المصانعة معه بدفع مال من المستودع لم يجب عليه دفعه تبرعا و مجانا، و أما مع الرجوع به على المالك فإن أمكن الاستيذان منه أو ممن يقوم مقامه كالحاكم عند عدم الوصول اليه لزم، فان دفع بلا استيذان لم يستحق الرجوع به عليه و ان كان من قصده ذلك، و ان لم يمكن الاستيذان فله ان يدفع و يرجع به على المالك إذا كان من قصده الرجوع عليه.

[مسألة: 13 لو كانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها و علفها و لو لم يأمره المالك]

مسألة: 13 لو كانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها و علفها و لو لم يأمره المالك بل و لو نهاه، و لا يجب أن يكون ذلك بمباشرته و أن يكون ذلك في موضعها، فيجوز أن يسقيها بغلامه مثلا، و كذا يجوز إخراجها من منزله للسقي و ان أمكن سقيها في موضعها بعد جريان العادة بذلك. نعم لو كان الطريق مخوفا لم يجز إخراجها، كما أنه لا يجوز أن يولى غيره لذلك إذا كان غير مأمون إلا مع مصاحبته أو مصاحبة أمين معه.

و بالجملة لا بد من مراعاة حفظها على المعتاد بحيث لا يعد معها عرفا مفرطا و متعديا. هذا بالنسبة إلى أصل سقيها و علفها، و أما بالنسبة إلى نفقتها فان وضع المالك عنده عينها

ص: 122

أو قيمتها أو أذن له في الإنفاق عليها من ماله على ذمته فلا اشكال، و الا فالواجب أولا الاستيذان من المالك أو وكيله، فان تعذر رفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بما يراه صلاحا و لو ببيع بعضها للنفقة، فإن تعذر الحاكم أنفق هو (1) من ماله و يرجع به على المالك مع نيته.

[مسألة: 14 تبطل الوديعة بموت كل واحد من المودع و المستودع أو جنونه]

مسألة: 14 تبطل الوديعة بموت كل واحد من المودع و المستودع أو جنونه، فان كان هو المودع تكون في يد الودعي أمانة شرعية، فيجب عليه فورا ردها الى الوارث المودع أو وليه أو اعلامهما بها، فإن أهمل لا لعذر شرعي ضمن. نعم لو كان ذلك لعدم العلم (2) بكون من يدعي الإرث وارثا أو انحصار الوارث فيمن علم كونه وارثا فأخر الرد و الاعلام لأجل التروي و الفحص عن الواقع لم يكن عليه ضمان على الأقوى، و ان كان الوارث متعددا سلمها الى الكل أو الى من يقوم مقامهم، و لو سلمها الى البعض من غير اذن ضمن حصص الباقين، و ان كان هو المستودع تكون أمانة شرعية في يد وارثه (3) أو وليه يجب عليهما ما ذكر من الرد الى المودع أو اعلامه فورا.

[مسألة: 15 يجب رد الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان]

مسألة: 15 يجب رد الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان و ان كان المودع كافرا محترم المال، بل و ان كان حربيا مباح المال على الأحوط. و الذي هو الواجب عليه رفع يده عنها و التخلية بين المالك و بينها لا نقلها الى المالك، فلو كانت في صندوق مقفل أو بيت مغلق ففتحهما عليه فقال ها هي وديعتك خذها فقد أدى ما هو تكليفه و خرج من عهدته، كما أن الواجب عليه مع الإمكان الفورية العرفية، فلا يجب عليه الركض و نحوه و الخروج من الحمام فورا و قطع الطعام و الصلاة و ان كانت نافلة و نحو ذلك. و هل يجوز له التأخير ليشهد عليه؟ قولان أقواهما ذلك (4)،


1- مع عدم إمكان الرد عليه أو على القائم مقامه، و الا فلا يجوز له ذلك بل يرده.
2- الأحوط فيه الرجوع الى الحاكم.
3- بل في يد من كانت الوديعة بيده و ان لم يكن وارثا أو وليا له.
4- إذا كان في معرض الخسارة مع عدم الاشهاد.

ص: 123

خصوصا لو كان الإيداع مع الاشهاد. هذا إذا لم يرخص في التأخير و عدم الإسراع و التعجيل، و الا فلا إشكال في عدم وجوب المبادرة.

[مسألة: 16 لو أودع اللص ما سرقه عند أحد لا يجوز له رده عليه مع الإمكان]

مسألة: 16 لو أودع اللص ما سرقه عند أحد لا يجوز له رده عليه مع الإمكان، بل يكون أمانة شرعية في يده، فيجب عليه إيصاله الى صاحبه ان عرفه و الأعرف سنة فان لم يجد صاحبه تصدق به عنه، فان جاء بعد ذلك خيره بين الأجر و الغرم، فان اختار أجر الصدقة كان له و ان اختار الغرامة غرم له و كان الأجر له.

[مسألة: 17 و كما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالك يجب ردها إذا خاف عليها من تلف]

مسألة: 17 و كما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالك يجب ردها إذا خاف عليها من تلف أو سرق أو حرق و نحو ذلك، فإن أمكن إيصالها إلى المالك أو وكيله الخاص أو العام تعين و الا فليوصلها الى الحاكم لو كان قادرا على حفظها، و لو فقد الحاكم أو كانت عنده أيضا في معرض التلف بسبب من الأسباب أودعها عند ثقة أمين متمكن من حفظها.

[مسألة: 18 إذا ظهر للمستودع امارة الموت بسبب المرض المخوف أو غيره]

مسألة: 18 إذا ظهر للمستودع امارة الموت بسبب المرض المخوف أو غيره يجب عليه ردها الى مالكها أو وكيله مع الإمكان، و الا فإلى الحاكم و مع فقده يوصى و يشهد بها، فلو أهمل عن ذلك ضمن، و ليكن الإيصاء و الاشهاد بنحو يترتب عليهما حفظ الوديعة و عدم ذهابها على مالكها، فلا بد من ذكر الجنس و الوصف و تعيين المكان و المالك، فلا يكفي قوله عندي وديعة لبعض الناس، فان مثل هذا لا يجدي في إيصالها إلى مالكها. نعم يقوى عدم لزومها رأسا و من أصله فيما إذا كان الوارث مطلعا عليها و كان ثقة أمينا (1).

[مسألة: 19 يجوز للمستودع أن يسافر و يبقي الوديعة في حرزها السابق عند أهله]

مسألة: 19 يجوز للمستودع أن يسافر و يبقي الوديعة في حرزها السابق عند أهله و عياله لو لم يكن السفر ضروريا إذا لم يتوقف حفظها على حضوره، و الا فيلزم عليه اما الإقامة و ترك السفر و اما من ردها الى مالكها أو وكيله مع الإمكان أو إيصالها إلى الحاكم مع التعذر، و مع فقده فالظاهر تعين الإقامة و ترك السفر، و لا يجوز أن


1- يرد الوديعة بلا إشهاد و لا وصية من دون مزاحمة سائر الورثة.

ص: 124

يسافر بها و لو مع أمن الطريق و لا إيداعها عند الأمين على الأحوط لو لم يكن أقوى.

و أما لو كان السفر ضروريا فان تعذر ردها الى المالك أو وكيله و كذا إيصالها إلى الحاكم تعين إيداعها عند أمين، فإن تعذر سافر بها محافظا لها بقدر الإمكان و ليس عليه ضمان. نعم في مثل سفر الحج و نحوه من الأسفار الطويلة الكثيرة الخطر اللازم أن يعامل فيه معاملة من ظهر له امارة الموت من ردها ثم الإيصاء و الاشهاد بها على ما سبق تفصيله.

[مسألة: 20 المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده]

مسألة: 20 المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده الا عند التفريط أو التعدي كما هو الحال في كل أمين، أما التفريط فهو الإهمال في محافظتها و ترك ما يوجب حفظها على مجرى العادات بحيث يعد معه عند العرف مضيعا و مسامحا، كما إذا طرحها في محل ليس بحرز و ذهب عنها غير مراقب لها، أو ترك سقي الدابة و علفها، أو ترك نشر ثوب الصوف أو الإبريسم في الصيف، أو أودعها أو سافر بها (1) من غير ضرورة، أو ترك التحفظ من الندى فيما تفسده النداوة كالكتب و بعض الأقمشة و غير ذلك. و أما التعدي فهو أن يتصرف فيها بما لم يأذن له المالك، مثل ان يلبس الثوب أو يفرش الفراش أو يركب الدابة إذا لم يتوقف حفظها على التصرف، كما إذا توقف حفظ الثوب و الفراش من الدود على اللبس و الافتراش أو يصدر منه بالنسبة إليها ما ينافي الامانة و يكون يده عليها على وجه الخيانة، كما إذا جحدها لا لمصلحة الوديعة و لا لعذر من نسيان و نحوه. و قد يجتمع التفريط مع التعدي، كما إذا طرح الثوب أو القماش أو الكتب و نحوها في موضع يعفنها أو يفسدها، و لعل من ذلك ما إذا أودعه دراهم مثلا في كيس مختوم أو مخيط أو مشدود فكسر ختمه أو حل خيطه و شده من دون ضرورة و مصلحة. و من التعدي خلط الوديعة بماله، سواء كان بالجنس أو بغيره، و سواء كان بالمساوي أو بالأجود أو بالأردى، و أما لو مزجه بالجنس من مال المودع- كما إذا أودع عنده دراهم في كيسين غير


1- و لم يكن السفر بها مقدمة لحفظها.

ص: 125

مختومين و لا مشدودين فجعلهما كيسا واحدا (1)- ففيه إشكال.

[مسألة: 21 معنى كونها مضمونة بالتفريط و التعدي كون ضمانها عليه لو تلفت]

مسألة: 21 معنى كونها مضمونة بالتفريط و التعدي كون ضمانها عليه لو تلفت و لو لم يكن تلفها مستندا الى تفريطه و تعديه، و بعبارة أخرى تتبدل يده الأمانية الغير الضمانية إلى الخيانة الضمانية.

[مسألة: 22 لو نوى التصرف في الوديعة و لم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية]

مسألة: 22 لو نوى التصرف في الوديعة و لم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية. نعم لو نوى الغصبية بأن قصد الاستيلاء عليها و التغلب على مالكها كسائر الغاصبين ضمنها لصيرورة يده يد عدوان بعد ما كانت يد استيمان، و لو رجع عن قصده لم يزل الضمان، و مثله ما إذا جحد الوديعة أو طلبت منه فامتنع من الرد مع التمكن عقلا و شرعا فإنه يضمنها بمجرد ذلك و لم يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه.

[مسألة: 23 لو كانت الوديعة في كيس مختوم مثلا ففتحها و أخذ بعضها ضمن الجميع]

مسألة: 23 لو كانت الوديعة في كيس مختوم مثلا ففتحها و أخذ بعضها ضمن الجميع، بل المتجه الضمان بمجرد الفتح كما سبق، و أما لو لم تكن مودعة في حرز أو كانت في حرز من المستودع (2) فأخذ بعضها فان كان من قصده الاقتصار عليه فالظاهر قصر الضمان على المأخوذ دون ما بقي، و أما لو كان من قصده عدم الاقتصار بل أخذ التمام شيئا فشيئا فلا يبعد ان يكون ضامنا للجميع.

[مسألة: 24 لو سلمها الى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن]

مسألة: 24 لو سلمها الى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن الا ان يكونوا كالالة لكون ذلك بمحضره و باطلاعه و مشاهدته (3).

[مسألة: 25 إذا فرط في الوديعة ثم رجع عن تفريطه- بأن جعلها في الحرز المضبوط]

مسألة: 25 إذا فرط في الوديعة ثم رجع عن تفريطه- بأن جعلها في الحرز المضبوط و قام بما يوجب حفظها- أو تعدى ثم رجع- كما إذا لبس الثوب ثم


1- إذا لم يكن ذلك مقدمة لحفظها و لم يحرز أن غرض المودع حفظهما منفصلين أو مخلوطين.
2- إذا لم يجعل المودع فيه و الا فحرز المستودع كحرز المودع.
3- مشاهدته- أى المعير- و سكوته الكاشف عن رضاه بحسب العادة، و أما مع احتمال كون سكوته للحياء ففيه اشكال، خصوصا إذا جرت العادة بحفظ أمثالها مباشرة.

ص: 126

نزعه- لم يبرأ من الضمان. نعم لو جدد المالك له الاستيمان (1) ارتفع الضمان، فهو مثل ما إذا كان مال بيد الغاصب فجعله بيده أمانة فان الظاهر انه بذلك يرتفع الضمان من جهة تبدل عنوان يده من العدوان الى الاستيمان، و لو أبرأه من الضمان ففي سقوطه بذلك قولان (2). نعم لو تلفت العين في يده و اشتغلت ذمته بعوضها لا إشكال في صحة الإبراء و سقوط الحق به.

[مسألة: 26 لو أنكر الوديعة أو اعترف بها و ادعى التلف أو الرد و لا بينة فالقول قوله بيمينه]

مسألة: 26 لو أنكر الوديعة أو اعترف بها و ادعى التلف أو الرد و لا بينة فالقول قوله بيمينه، و كذلك لو تسالما على التلف و لكن ادعى عليه المودع التفريط أو التعدي.

[مسألة: 27 لو دفعها الى غير المالك و ادعى الاذن من المالك فأنكر المالك و لا بينة]

مسألة: 27 لو دفعها الى غير المالك و ادعى الاذن من المالك فأنكر المالك و لا بينة فالقول قول المالك، و أما لو صدقه على الاذن لكن أنكر التسليم الى من اذن له فهو كدعواه الرد الى المالك مع إنكاره في أن القول قوله.

[مسألة: 28 إذا أنكر الوديعة فلما اقام المالك البينة عليها صدقها]

مسألة: 28 إذا أنكر الوديعة فلما اقام المالك البينة عليها صدقها لكن ادعى كونها تالفة قبل أن ينكر الوديعة لا تسمع دعواه، فلا يقبل منه اليمين و لا البينة على اشكال (3). و أما لو ادعى تلفها بعد ذلك فلا إشكال في انه تسمع دعواه (4) لكن يحتاج إلى البينة.

[مسألة: 29 إذا أقر بالوديعة ثم مات فان عينها في عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من التركة]

مسألة: 29 إذا أقر بالوديعة ثم مات فان عينها في عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من التركة، و كذا إذا عينها في ضمن مصاديق من جنس واحد موجودة حال الموت، كما إذا قال احدى هذه الشياة وديعة عندي من فلان و لم يعينها،


1- فان كان بالإيجاب و القبول فيكون وديعة جديدة محكومة بأحكامها، و ان كان بمجرد الاذن في البقاء تحت يده فيرتفع الضمان لكن لا تترتب عليه أحكام الوديعة.
2- أقواهما عدم السقوط إلا إذا فهم منه الرضا ببقائه تحت يده.
3- و ان لم يبعد السماع لو أبدى عذرا مسموعا عند العقلاء.
4- لكنه لا اثر لدعواه و لو ثبت بالبينة إلا عدم إلزامه برد العين، و أما الضمان فاستقر عليه بإنكار الوديعة. نعم لو اذن بعد الإثبات في إبقائه عنده و ثبت بالبينة تلفه فلا ضمان عليه الا مع التفريط.

ص: 127

فعلى الورثة إذا احتملوا صدق المورث و لم يميزوا الوديعة عن غيرها ان يعاملوا معها معاملة ما إذا علموا إجمالا بأن إحدى هذه الشياة لفلان، و إذا عين الوديعة و لم يعين المالك كان من مجهول المالك، و قد مر حكم الصورتين في كتاب الخمس (1).

و هل يعتبر قول المودع و يجب تصديقه لو عينها في معين و احتمل صدقه؟ وجهان (2).

و إذا لم يعينها بأحد الوجهين لا اعتبار (3) بقوله إذا لم يعلم الورثة بوجود الوديعة في تركته حتى إذا ذكر الجنس و لم يوجد من ذلك الجنس في تركته الا واحد، إلا إذا علم ان مراده ذلك الواحد.

[خاتمة]

(خاتمة) الامانة على قسمين مالكية و شرعية:

أما الأول فهو ما كان باستيمان من المالك و اذنه، سواء كان عنوان عمله ممحضا في ذلك كالوديعة أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن و العارية و الإجارة و المضاربة، فإن العين بيد المرتهن و المستعير و المستأجر و العامل أمانة مالكية، حيث ان المالك قد سلمها بعنوان الاستيمان و تركها بيدهم من دون مراقبة فجعل حفظها على عهدتهم.

و أما الثاني فهو ما لم يكن الاستيلاء على العين و وضع اليد عليها باستيمان من المالك و لا اذن منه و قد صارت تحت يده لا على وجه العدوان، بل اما قهرا كما


1- مر ما يعلم فيه حكم الصورتين في المخلوط بالحرام و ان الحكم في الصورة الاولى هو التصالح و التراضي مع المالك و في الصورة الثانية مر تفصيله فراجع.
2- أقواهما اعتبار قوله ان لم يكن له معارض.
3- إذا لم يعين المالك و لا المال و لا محله بحيث تردد بين كونه في تركته أو محل آخر، و أما ان عين المالك دون المال فيجب على الورثة إرضاؤه أو التسليم بحكم الحاكم على التصالح أو القرعة أو غيرها، و ان عين المال دون المالك فيحكم عليه حكم مجهول المالك، و ان عين ان في تركته وديعة لأحد فمن حيث المال يحكم عليه بالمسألة بين المحصور و من حيث المالك يعامل معه معاملة مجهول المالك.

ص: 128

إذا أطارته الريح أو جاء بها السيل مثلا في ملكه (1)، و اما بتسليم المالك لها بدون اطلاع منهما، كما إذا اشترى صندوقا فوجد فيه المشتري شيئا من مال البائع بدون اطلاعه أو تسلم البائع أو المشتري زائدا على حقهما من جهة الغلط في الحساب، و اما برخصة من الشرع كاللقطة و الضالة و ما ينتزع من يد السارق أو الغاصب من مال الغير حسبة للإيصال الى صاحبه، و كذا ما يؤخذ من الصبي أو المجنون من مالهما عند خوف التلف في أيديهما حسبة للحفظ، و ما يؤخذ مما كان في معرض الهلاك و التلف من الأموال المحترمة، كحيوان معلوم المالك في مسبعة أو مسيل و نحو ذلك، فان العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها أمانة شرعية يجب عليه حفظها و إيصالها في أول أزمنة الإمكان إلى صاحبها و لو مع عدم المطالبة، و ليس عليه ضمان لو تلف في يده الا مع التفريط أو التعدي كالأمانة المالكية. و يحتمل عدم وجوب إيصالها و كفاية إعلام صاحبها بكونها عنده و تحت يده و التخلية بينها و بينه بحيث كلما أراد ان يأخذها أخذها، بل لا يخلو هذا من قوة.

و لو كانت العين أمانة مالكية بتبع عنوان آخر و قد ارتفع ذلك العنوان- كالعين المستأجرة بعد انقضاء مدة الإجارة و العين المرهونة بعد فك الرهن و المال الذي بيد العامل بعد فسخ المضاربة- ففي كونها أمانة مالكية أو شرعية وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما (2) من رجحان.


1- و تحت سلطنته بحيث يصدق عليه انه في يده.
2- فيما إذا كان بقاء العين عنده برضا المالك أو لم يكن زائدا على زمان يستلزمه الإجارة و المضاربة و غيرهما مما ذكر، و أما إذا كان التأخير من جهة عجزه من الوصول الى المالك فأمانه شرعية.

ص: 129

[كتاب المضاربة]

اشارة

كتاب المضاربة و يسمى قراضا، و هي عقد واقع (1) بين شخصين على أن يكون رأس المال في التجارة من أحدهما و العمل من الأخر و إذا حصل ربح يكون بينهما، و إذا جعل تمام الربح للمالك يقال له «البضاعة». و حيث انها عقد من العقود تحتاج إلى الإيجاب و القبول. و الإيجاب من طرف المالك و القبول من العامل، و يكفي في الإيجاب كل لفظ يفيد هذا المعنى بالظهور العرفي كقوله «ضاربتك» أو «قارضتك» أو «عاملتك على كذا» و ما أفاد هذا المعنى، و في القبول «قبلت» و شبهه.

[مسألة: 1 يشترط في المتعاقدين البلوغ و العقل و الاختيار]

مسألة: 1 يشترط في المتعاقدين البلوغ و العقل (2) و الاختيار، و في رأس المال أن يكون عينا فلا تصح بالمنفعة و لا بالدين سواء كان على العامل أو على غيره الا بعد قبضه، و أن يكون درهما أو دينارا فلا يصح بالذهب و الفضة الغير المسكوكين و السبائك و الفلوس السود فضلا عن العروض، و أن يكون معينا فلا يصح بالمبهم كأن يقول قارضتك بأحد هذين المالين أو بأيهما شئت، و أن يكون معلوما قدرا و وصفا.

و في الربح أن يكون معلوما فلو قال على أن لك مثل ما شرط فلان لعامله و لم يعلما ما شرط بطل، و ان يكون مشاعا مقدرا بأحد الكسور كالنصف أو الثلث فلو قال على ان لك


1- و حقيقتها توكيل صاحب المال العامل ليتجر بماله على أن يكون الربح بينهما، فتكون المضاربة بمنزلة وكالة محدودة و جعالة مخصوصة لشخص معين في عمل خاص بجعل مخصوص.
2- و عدم الحجر في المالك.

ص: 130

من الربح مائة و الباقي لي أو بالعكس أو على أن لك نصف الربح و عشرة دراهم مثلا لم يصح، و أن يكون بين المالك و العالم لا يشاركهما الغير، فلو جعلا جزءا منه لأجنبي بطل الا أن يكون له عمل متعلق بالتجارة.

[مسألة: 2 يشترط في المضاربة أن يكون الاسترباح بالتجارة]

مسألة: 2 يشترط في المضاربة أن يكون الاسترباح بالتجارة، فلو دفع الى الزارع مالا ليصرفه في الزراعة و يكون الحاصل بينهما أو الى الطباخ أو الخباز أو الصباغ مثلا ليصرفوها في حرفتهم و يكون الربح و الفائدة بينهما لم يصح و لم تقع مضاربة.

[مسألة: 3 الدراهم المغشوشة ان كانت رائجة مع وصف كونها مغشوشة يجوز إيقاع المضاربة بها]

مسألة: 3 الدراهم المغشوشة ان كانت رائجة مع وصف كونها مغشوشة يجوز إيقاع المضاربة بها، فلا يعتبر الخلوص عن الغش فيها. نعم لو كانت قلبا يجب كسرها و لم يجز المعاملة بها لم يصح المضاربة عليها.

[مسألة: 4 إذا كان له دين على أحد يجوز أن يوكل أحدا في استيفائه ثم إيقاع المضاربة عليه]

مسألة: 4 إذا كان له دين على أحد يجوز أن يوكل أحدا في استيفائه ثم إيقاع المضاربة عليه، بأن يكون موجبا من طرف المالك و قابلا من نفسه، و كذا لو كان المديون هو العامل يجوز توكيله في تعيين ما كان في ذمته في دراهم أو دنانير معينة للدائن ثم إيقاع عقد المضاربة عليها موجبا و قابلا من الطرفين.

[مسألة: 5 لو دفع اليه عروضا و قال بعها و يكون ثمنها مضاربة لم يصح]

مسألة: 5 لو دفع اليه عروضا و قال بعها و يكون ثمنها مضاربة لم يصح الا إذا أوقع عقدها بعد ذلك على ثمنها.

[مسألة: 6 إذا دفع إليه شبكة مثلا على أن يكون ما وقع فيها من السمك بينهما بالتنصيف أو التثليث]

مسألة: 6 إذا دفع إليه شبكة مثلا على أن يكون ما وقع فيها من السمك بينهما بالتنصيف أو التثليث مثلا لم يكن مضاربة بل هي معاملة فاسدة (1)، فيكون ما وقع فيها من الصيد للصائد و عليه أجرة مثل الشبكة لصاحبها.

[مسألة: 7 لو دفع اليه مالا ليشتري نخيلا أو أغناما على أن تكون الثمرة و النتاج بينهما]

مسألة: 7 لو دفع اليه مالا ليشتري نخيلا أو أغناما على أن تكون الثمرة و النتاج بينهما لم يكن مضاربة، فهي معاملة فاسدة تكون الثمرة و النتاج لرب المال


1- لكن لو اذن له التصرف في شبكته بشرط أن يتملك نصف ما يأخذه لصاحب الشبكة فالظاهر أنه لا مانع منه، و إذا قصد ذلك يصير صاحب الشبكة شريكا بمقدار ما قصده.

ص: 131

و عليه أجرة مثل عمل العامل.

[مسألة: 8 يصح المضاربة على المشاع كالمفروز]

مسألة: 8 يصح المضاربة على المشاع كالمفروز، فلو كان دراهم معلومة مشتركة بين اثنين فقال أحدهما للعامل قارضتك بحصتي من هذه الدراهم صح مع العلم بمقدار حصته، و كذا لو كان عنده ألف دينار مثلا و قال قارضتك بنصف هذه الدنانير.

[مسألة: 9 لا فرق بين أن يقول خذ هذا المال قرضا و لكل منا نصف الربح و بين أن يقول و الربح بيننا]

مسألة: 9 لا فرق بين أن يقول خذ هذا المال قرضا (1) و لكل منا نصف الربح و بين أن يقول و الربح بيننا أو يقول و لك نصف الربح أو لي نصف الربح في أن الظاهر انه جعل لكل منهما نصف الربح، و كذلك لا فرق بين أن يقول خذه قراضا و لك نصف ربحه أو يقول لك ربح نصفه، فان مفاد الجميع واحد عرفا.

[مسألة: 10 يجوز اتحاد المالك و تعدد العامل في مال واحد]

مسألة: 10 يجوز اتحاد المالك و تعدد (2) العامل في مال واحد مع اشتراط تساويهما فيما يستحقان من الربح و فضل أحدهما على الأخر و ان تساويا في العمل، و لو قال قارضتكما و لكما نصف الربح كانا فيه سواء، و كذا يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل، بأن كان المال مشتركا بين اثنين فقارضا واحدا بالنصف مثلا متساويا بينهما، بأن يكون النصف للعامل و النصف بينهما بالسوية، و بالاختلاف بأن يكون في حصة أحدهما بالنصف و في حصة الأخر بالثلث مثلا (3)، فإذا كان الربح اثني عشر استحق العامل خمسه و استحق أحد الشريكين ثلاثة و الأخر أربعة. نعم إذا لم يكن اختلاف


1- الظاهر ان كلمة «قرضا» خطأ و الصحيح قراضا.
2- ان كان المقصود من المضاربة مع الاثنين مثلا كون كل منهما عاملا في نصف المال فلا اشكال فيه، فيكون عقدا واحدا معهما بمنزلة عقدين، سواء كان نصف كل منهما مميزا في الخارج أو مشاعا كان في حصة أحدهما فضل أولا، و ان كان المقصود صدور العمل منهما معا لا من أحدهما منفردا فلا يبعد صحته أيضا، و يجوز التسوية بينهما في الحصة و التفاضل و لكن لا يجوز لكل منهما العمل مستقلا، و هما شريكان في الربح على ما جعل لهما في العقد. و أما ان كان المقصود جواز العمل لكل منهما في جميع المال مستقلا أو منضما و لكن كلما عمل أحدهما يكون الأخر شريكا له في ربحه سواء عمل أم لم يعمل، ففي صحته تأمل و اشكال كانا في الحصة متساويين أو متفاوتين.
3- بشرط ان يكون المقصود معلوما و لو بالقرينة.

ص: 132

في استحقاق العامل بالنسبة إلى حصة الشريكين و كان التفاضل في استحقاق الشريكين فقط- كما إذا اشترط أن يكون للعامل النصف و النصف الأخر بينهما بالتفاضل مع تساويهما في رأس المال بأن يكون للعامل الستة من اثني عشر و لأحد الشريكين اثنين و للآخر أربعة- ففي صحته وجهان بل قولان، أقواهما البطلان.

[مسألة: 11 المضاربة جائزة من الطرفين]

مسألة: 11 المضاربة جائزة من الطرفين، يجوز لكل منهما فسخها (1) قبل الشروع في العمل و بعده قبل حصول الربح و بعده، صار المال كله نقدا أو كان فيه أجناس لم ينض بعد، بل إذا اشترطا فيها الأجل جاز لكل منهما فسخها قبل انقضائه، و لو اشترطا فيها عدم الفسخ فان كان المقصود لزومها بحيث لا ينفسخ بفسخ أحدهما بطل الشرط دون أصل المضاربة على الأقوى، و ان كان المقصود التزامهما بأن لا يفسخاها فلا بأس به و ان لم يلزم عليهما (2) العمل به، الا إذا جعلا هذا الشرط في ضمن عقد خارج لازم (3) كالبيع و الصلح و نحوهما.

[مسألة: 12 الظاهر جريان المعاطاة و الفضولية في المضاربة فتصح بالمعاطاة]

مسألة: 12 الظاهر جريان المعاطاة و الفضولية في المضاربة فتصح بالمعاطاة، و إذا وقعت فضولا من طرف المالك أو العامل تصح بإجازتهما كالبيع.

[مسألة: 13 تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل]

مسألة: 13 تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل، و هل يجوز لورثة المالك اجازة العقد فتبقى المضاربة بحالها بسبب إجازتهم أم لا؟ فيه تأمل و إشكال (4).

[مسألة: 14 العامل أمين]

مسألة: 14 العامل أمين، فلا ضمان عليه لو تلف المال أو تعيب تحت يده الا مع التعدي أو التفريط، كما أنه لا ضمان عليه من جهة الخسارة في التجارة، بل هي واردة على صاحب المال. و لو اشترط المالك على العامل أن يكون شريكا معه


1- يعنى للمالك الرجوع من الاذن في التصرف و للعامل الامتناع من العمل في أي وقت، و اما الفسخ بعد العمل و الرجوع الى أجرة المثل دون ما عيناه من الربح فالأقوى عدم جوازه.
2- و لكن الأحوط العمل به.
3- فيجب العمل به تكليفا لكن إذا فسخ ينفسخ.
4- و الأقوى عدم الجواز.

ص: 133

في الخسارة كما يكون شريكا معه في الربح ففي صحته وجهان أقواهما العدم. نعم لو كان مرجعه الى اشتراط انه على تقدير وقوع الخسارة على المالك خسر العامل نصفه مثلا من كيسه لا بأس به، لكن لزوم الوفاء به على العامل يتوقف على إيقاع هذا الشرط في ضمن عقد لازم (1) لا في ضمن مثل عقد المضاربة مما هو جائز من الطرفين.

[مسألة: 15 يجب على العامل بعد عقد المضاربة القيام بوظيفته من تولى ما يتولاه التاجر لنفسه]

مسألة: 15 يجب على العامل بعد عقد المضاربة القيام بوظيفته من تولى ما يتولاه التاجر لنفسه على المعتاد بالنسبة إلى مثل تلك التجارة في مثل ذلك المكان و الزمان و مثل ذلك العامل من عرض القماش و النشر و الطي مثلا و قبض الثمن و إحرازه في حرزه و استيجار من جرت العادة باستئجاره كالدلال و الوزان و الحمال و يعطى أجرتهم من أصل المال، بل لو باشر مثل هذه الأمور هو بنفسه لا بقصد التبرع فالظاهر جواز أخذ الأجرة. نعم لو استأجر لما يتعارف فيه مباشرة العامل بنفسه كان عليه الأجرة (2).

[مسألة: 16 مع إطلاق عقد المضاربة يجوز للعامل الاتجار بالمال على حسب ما يراه من المصلحة]

مسألة: 16 مع إطلاق عقد المضاربة يجوز للعامل الاتجار بالمال على حسب ما يراه من المصلحة من حيث الجنس المشتري و البائع و المشتري و غير ذلك، حتى في الثمن فلا يتعين عليه ان يبيع بالنقد بل يجوز أن يبيع الجنس بجنس آخر الا أن يكون هناك تعارف ينصرف إليه الإطلاق. نعم لو شرط عليه المالك أن لا يشتري الجنس الفلاني أو إلا الجنس الفلاني أو لا يبيع من الشخص الفلاني أو الطائفة الفلانية و غير ذلك من الشروط لم يجز له المخالفة، و لو خالف ضمن المال و الخسارة، لكن لو حصل الربح و كانت التجارة رابحة شارك المالك في الربح على ما قرراه في عقد المضاربة.

[مسألة: 17 لا يجوز للعامل خلط رأس المال بمال آخر لنفسه أو لغيره]

مسألة: 17 لا يجوز للعامل خلط رأس المال بمال آخر لنفسه أو لغيره إلا بإذن المالك عموما أو خصوصا، فلو خلط ضمن لكن إذا دار المجموع في التجارة


1- فيجب العمل به حينئذ تكليفا.
2- و ضمن المال لو تلف في يد الأجير إلا إذا كان مأذونا في ذلك.

ص: 134

و حصل ربح فهو بين المالين على النسبة.

[مسألة: 18 لا يجوز مع الإطلاق أن يبيع نسيئة خصوصا في بعض الأزمان و على بعض الأشخاص]

مسألة: 18 لا يجوز مع الإطلاق أن يبيع نسيئة خصوصا في بعض الأزمان و على بعض الأشخاص، الا ان يكون متعارفا بين التجار و لو بالنسبة الى ذلك البلد أو الجنس الفلاني بحيث ينصرف إليه الإطلاق (1)، فلو خالف في غير مورد الانصراف ضمن و لكن لو استوفاه و حصل ربح كان بينهما.

[مسألة: 19 ليس للعامل أن يسافر بالمال برا و بحرا و الاتجار به في بلاد آخر]

مسألة: 19 ليس للعامل أن يسافر بالمال برا و بحرا و الاتجار به في بلاد آخر غير بلد المال الا مع اذن المالك (2)، فلو سافر ضمن التلف و الخسارة لكن لو حصل الربح يكون بينهما كما مر، و كذا لو أمره بالسفر إلى جهة فسافر الى غيرها.

[مسألة: 20 ليس للعامل أن ينفق في الحضر من مال القراض شيئا و ان قل]

مسألة: 20 ليس للعامل أن ينفق في الحضر من مال القراض شيئا و ان قل حتى فلوس السقاء، و كذا في السفر (3) إذا لم يكن بإذن المالك، و أما لو كان باذنه فله الإنفاق من رأس المال إلا إذا اشترط المالك أن يكون نفقته على نفسه. و المراد بالنفقة ما يحتاج اليه من مأكول و مشروب و ملبوس و مركوب و آلات و أدوات كالقربة و الجوالق و أجرة المسكن و نحو ذلك مع مراعاة ما يليق بحاله عادة على وجه الاقتصاد، فلو أسرف حسب عليه و لو قتر على نفسه أو لم يحتج إليها من جهة صيرورته ضيفا عند أحد مثلا لم يحسب له. و لا يكون من النفقة هنا جوائزه و عطاياه و ضيافاته و غير ذلك، فهي على نفسه إلا إذا كانت لمصلحة التجارة.

[مسألة: 21 المراد بالسفر المجوز للإنفاق من المال هو العرفي لا الشرعي]

مسألة: 21 المراد بالسفر المجوز للإنفاق من المال هو العرفي لا الشرعي، فيشمل ما دون المسافة، كما أنه يشمل إقامته عشرة أيام أو أزيد في بعض البلاد، لكن إذا كان لأجل عوارض السفر- كما إذا كان للراحة من التعب أو لانتظار الرفقة أو لخوف الطريق و غير ذلك أو لأمور متعلقة بالتجارة كما إذا كان لدفع العشور و أخذ


1- بل يكفي في صحة العقد عدم الانصراف عنه.
2- أو كان السفر متعارفا فيه.
3- مشكل بل لا يبعد كونها من رأس المال ما دامت المضاربة باقية. و على هذا كان الربح بينهما، و لا ينافي ذلك كون الخسارة عليه لمخالفة المالك.

ص: 135

التذكرة من العشار- و أما إذا بقي للتفرج أو لتحصيل مال لنفسه و نحو ذلك فالظاهر كون نفقته على نفسه، خصوصا لو كانت الإقامة لأجل مثل هذه الأغراض بعد تمام العمل.

[مسألة: 22 لو كان عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و غيره توزع النفقة]

مسألة: 22 لو كان عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و غيره (1) توزع النفقة، و هل هو على نسبة المالين أو على نسبة العملين؟ فيه تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط برعاية أقل الأمرين (2).

[مسألة: 23 لا يعتبر ظهور الربح في استحقاق النفقة]

مسألة: 23 لا يعتبر ظهور الربح في استحقاق النفقة، بل ينفق من أصل المال و ان لم يكن ربح. نعم لو أنفق و حصل ربح فيما بعد يجبر ما أنفقه من رأس المال بالربح كسائر الغرامات و الخسارات، فيعطى المالك تمام رأس ماله، فإن بقي شي ء من الربح يكون بينهما.

[مسألة: 24 الظاهر أنه كما يجوز للعامل الشراء بعين مال المضاربة]

مسألة: 24 الظاهر أنه كما يجوز للعامل الشراء بعين مال المضاربة- بأن يعين دراهم شخصية و يشتري شيئا بتلك الدراهم الشخصية- يجوز الشراء (3) بالكلي في الذمة و الدفع و الأداء منه، بأن يشتري جنسا بألف درهم كلي على ذمة المالك و دفعه بعد ذلك من المال الذي عنده، فلو فرض تلف مال المضاربة قبل الأداء أداه المالك من غيرها و لا يتعين النحو الأول كما نسب الى المشهور. هذا مع الإطلاق، و أما مع الاذن في النحو الثاني فلا إشكال في جوازه، كما أنه لا إشكال في عدم الجواز لو اشترط عليه عدمه.

[مسألة: 25 لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في الاتجار]

مسألة: 25 لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في الاتجار، بأن يوكل الى الغير أصل التجارة من دون اذن المالك. نعم يجوز له التوكيل و الاستيجار


1- و لم تكن المضاربة علة مستقلة للسفر، و الا فلا يبعد جواز أخذ التمام من رأس مال التجارة للغير.
2- فيما كان عاملا لنفسه و غيره، و أما فيما كان عاملا لاثنين فالاحتياط يقتضي التصالح و ان كان الأقوى التوزيع بنسبة المالين.
3- مشكل فلا يترك الاحتياط بالاقتصار على ما أسند إلى المشهور بل ادعى عليه الإجماع.

ص: 136

في بعض المقدمات (1)، و كذلك لا يجوز له أن يضارب غيره أو يشاركه فيها إلا بإذن المالك، و مع الاذن إذا ضارب غيره مرجعه الى فسخ المضاربة الاولى (2) و إيقاع مضاربة جديدة بين المالك و عامل آخر أو بينه و بين العامل مع غيره بالاشتراك، و أما لو كان المقصود إيقاع مضاربة بين العامل و غيره- بأن يكون العامل الثاني عاملا للعامل الأول- ففي صحته تأمل و إشكال (3).

[مسألة: 26 الظاهر أنه يصح ان يشترط أحدهما على الأخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا]

مسألة: 26 الظاهر أنه يصح ان يشترط أحدهما على الأخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا، كما إذا شرط المالك على العامل أن يخيط له ثوبا أو يعطيه درهما و بالعكس.

[مسألة: 27 الظاهر أنه يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره]

مسألة: 27 الظاهر أنه يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره و لا يتوقف على الإنضاض- بمعنى جعل الجنس نقدا- و لا على القسمة، كما أن الظاهر صيرورته شريكا مع المالك في نفس العين الموجودة بالنسبة، فيصح له مطالبة القسمة و له التصرف في حصته من البيع و الصلح و يرتب عليه جميع آثار الملكية من الإرث (4) و تعلق الخمس و الزكاة و حصول الاستطاعة و تعلق حق الغرماء و غير ذلك.

[مسألة: 28 لا إشكال في أن الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح]

مسألة: 28 لا إشكال في أن الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح ما دامت المضاربة باقية، سواء كانت سابقة عليه أو لا حقة، فملكية العامل له بالظهور متزلزلة تزول كلها أو بعضها بعروض الخسران فيما بعد الى ان تستقر، و الاستقرار يحصل بعد الإنضاض و فسخ المضاربة و القسمة قطعا، فلا جبران بعد ذلك جزما. و في


1- المتعارفة فيها الإيكال إلى الغير.
2- ان قصد فسخها، و أما ان قصد المضاربة للثاني أيضا حتى يجوز لكل منهما العمل في أي مقدار كان، فالظاهر انه لا مانع من صحتها مع بقاء الاولى على حالها، نظير جعل الوكالة لاثنين في بيع ماله أو جعل الجعالة لكل من رد ضالته مثلا، فكل منهما إذا عمل في مجموع المال أو مقدار منه يستحق حصته من الربح و لا يبقى للآخر شي ء حتى يجوز له فيه العمل.
3- و الأقوى عدم الصحة.
4- الظاهر أن تلك الثمرة مرتبة على جميع الأقوال، غاية الأمر ان ما يورث ملك على تقدير و حق على الأخر، و أما الخمس فالظاهر أن استقرار الملك شرط في تعلقه و كذا في حصول الاستطاعة.

ص: 137

حصوله بدون اجتماع الثلاثة وجوه و أقوال، أقواها تحققه (1) بالفسخ مع القسمة و ان لم يحصل الإنضاض، بل لا يبعد تحققه بالفسخ و الإنضاض و ان لم يحصل القسمة.

[مسألة: 29 و كما يجبر الخسران في التجارة بالربح كذلك يجبر به التلف]

مسألة: 29 و كما يجبر الخسران في التجارة بالربح كذلك يجبر به التلف (2)، فلو كان المال الدائر في التجارة تلف بعضها بسبب غرق أو حرق أو سرقة أو غيرها و ربح بعضها يجبر تلف البعض بربح البعض حتى يكمل مقدار رأس المال لرب المال، فإذا زاد عنه شي ء يكون بينهما.

[مسألة: 30 إذا حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة فإن كان قبل الشروع في العمل و مقدماته فلا اشكال]

مسألة: 30 إذا حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة فإن كان قبل الشروع في العمل و مقدماته فلا اشكال و لا شي ء للعامل و لا عليه، و كذا ان كان بعد تمام العمل و الإنضاض، إذ مع حصول الربح يقتسمانه و مع عدمه يأخذ المالك رأس ماله و لا شي ء للعامل و لا عليه، و ان كان في الأثناء بعد التشاغل بالعمل فان كان قبل حصول الربح ليس للعامل شي ء و لا أجرة له لما مضى من عمله، سواء كان الفسخ منه أو من المالك، أو حصل الانفساخ القهري كما أنه ليس عليه شي ء مطلقا حتى فيما إذا حصل الفسخ من العامل في السفر المأذون فيه من المالك (3)، فلا يضمن ما صرف في نفقته من رأس المال، و لو كان في المال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون اذن المالك، كما انه ليس للمالك إلزامه بالبيع و الإنضاض. و ان كان بعد حصول الربح، فان كان بعد الانفضاض فقد تم العمل فيقتسمان و يأخذ كل منهما حقه، و ان كان قبل الإنضاض فعلى ما مر من تملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره شارك المالك في العين، فان رضيا بالقسمة على هذا الحال أو انتظرا الى أن تباع العروض و يحصل الإنضاض كان لهما ذلك و لا اشكال، و ان طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته، بل و كذا ان طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته و ان قلنا بعدم استقرار


1- بل لا يبعد كفاية إفراز حصة العامل من الربح و دفع الباقي الى المالك برضايتهما.
2- نعم لو تلف الكل قبل الشروع يوجب انفساخ المعاملة فلا يبقى موضوع للجبر.
3- بل و غير المأذون فيه أيضا كما مر.

ص: 138

ملكية العامل للربح الا بعد الإنضاض (1)، غاية الأمر لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح.

[مسألة: 31 لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب على العامل أخذها و جمعها بعد الفسخ]

مسألة: 31 لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب على العامل أخذها و جمعها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ فيه إشكال، الأحوط إجابة المالك لو طلب منه ذلك (2).

[مسألة: 32 لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك و ماله]

مسألة: 32 لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك و ماله، فلا يجب عليه الإيصال إليه (3) حتى لو أرسل المال الى بلد آخر غير بلد المالك و كان ذلك بإذنه. نعم لو كان ذلك بدون اذنه يجب عليه الرد اليه حتى أنه لو احتاج الى أجرة كانت عليه.

[مسألة: 33 إذا كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك]

مسألة: 33 إذا كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك (4)، سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين، و للعامل أجرة مثل عمله (5) لو كان جاهلا بالفساد، سواء كان المالك عالما أو جاهلا، و لا يستحق شيئا لو كان عالما بالفساد (6).

و على كل حال لا يضمن العامل التلف و النقص الواردين على المال. نعم يضمن على الأقوى ما أنفقه في السفر على نفسه و ان كان جاهلا بالفساد.


1- قد مر أن الظاهر كفاية القسمة في الاستقرار إذا رضيا بها بلا إنضاض.
2- ان لم يكن أقوى، لقوة احتمال ان يكون ذلك من لوازم المضاربة عرفا بحيث يكون الاقدام عليها ملازما للتعهد على الإنضاض و إيفاء الديون و استيفائها و تسليم رأس المال بعد الإتمام أو الفسخ و الانفساخ. نعم إذا رضى المالك بتركها فلا اشكال فيه.
3- مشكل لما مر من أمثال ذلك من لوازم المضاربة و تعهداته خصوصا ان لم يكن الفسخ مستندا الى المالك.
4- إذا كانت التجارة باذنه و لو كانت مضاربة باطلة أو أجاز المالك بعد العلم ببطلان المضاربة، و اما إذا كان اذنه في التجارة أو إجازته مقيدا بصحة المضاربة فالمعاملة باطلة بتمامها و لا ربح.
5- إذا كان مأذونا في التجارة، و أما إذا لم يكن مأذونا فلا يستحق شيئا و لو أجاز المالك المعاملة بعد وقوعها.
6- إلا إذا عمل بأمر المالك و لو مع علمه بالفساد فله الأجرة، و كذا لا يضمن نفقة السفر إذا سافر بأمره.

ص: 139

[مسألة: 34 لو ضارب مع الغير بمال الغير من دون ولاية و لا وكالة وقع فضوليا]

مسألة: 34 لو ضارب مع الغير بمال الغير من دون ولاية و لا وكالة وقع فضوليا، فان اجازه المالك وقع له و كان الخسران عليه و الربح بينه و بين العامل على ما شرطاه، و ان رده فان كان قبل أن عومل بماله طالبه و يجب على العامل رده اليه، و ان تلف أو تعيب كان له الرجوع على كل من المضارب و العامل، فان رجع على الأول لم يرجع على الثاني و ان رجع على الثاني (1) رجع على الأول، و ان كان بعد أن عومل به كانت المعاملة فضولية، فان أمضاها وقعت له و كان تمام الربح له و تمام الخسران عليه، و ان ردها رجع بماله الى كل من شاء من المضارب و العامل كما في صورة التلف، و يجوز له أن يجيزها على تقدير حصول الربح و يردها على تقدير وقوع الخسران، بأن يلاحظ مصلحته فإذا رآها تجارة رابحة أجازها و إذا رآها خاسرة ردها. هذا حال المالك مع كل من المضارب و العامل، و أما معاملة العامل مع المضارب، فإذا لم يعمل عملا لم يستحق شيئا، و كذا إذا عمل و كان عالما بكون المال لغير المضارب، و أما إذا عمل و لم يعلم بكونه لغيره استحق اجرة مثل عمله و رجع بها على المضارب.

[مسألة: 35 إذا أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الاتجار به و تعطيله عنده]

مسألة: 35 إذا أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الاتجار به و تعطيله عنده بمقدار لم تجر العادة على تعطيله و عد متوانيا متسامحا كالتأخير سنة مثلا، فان عطله كذلك ضمنه (2) لو تلف لكن لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، و ليس له مطالبته بالربح الذي كان يحصل على تقدير الاتجار به.

[مسألة: 36 إذا اشترى نسيئة بإذن المالك كان الدين في ذمة المالك]

مسألة: 36 إذا اشترى نسيئة (3) بإذن المالك كان الدين في ذمة المالك فللدائن الرجوع عليه، و له ان يرجع على العامل خصوصا مع جهل الدائن بالحال، و إذا


1- هذا إذا كان المضارب غارا و العامل مغرورا، و الا فيكون قرار الضمان على من تلف المال عنده و للمالك الرجوع على كل منهما.
2- لا لعذر موجه و كان الاذن بإمساكه مقيدا بالمعاملة.
3- قد مر الإشكال في الاشتراء بالذمة بعنوان المضاربة.

ص: 140

رجع عليه رجع هو على المالك، و لو لم يتبين للدائن ان الشراء للغير يتعين له في الظاهر الرجوع الى العامل، و ان كان له في الواقع الرجوع على المالك.

[مسألة: 37 لو ضاربه على خمسمائة مثلا فدفعها اليه و عامل بها و في أثناء التجارة]

مسألة: 37 لو ضاربه على خمسمائة مثلا فدفعها اليه و عامل بها و في أثناء التجارة دفع إليه خمسمائة أخرى للمضاربة فالظاهر انهما مضاربتان، فلا تجبر خسارة إحداهما بربح الأخرى. نعم لو ضاربه على ألف مثلا فدفع إليه خمسمائة فعامل بها ثم دفع إليه خمسمائة أخرى فهي مضاربة واحدة تجبر خسارة كل من التجارتين بربح الأخرى.

[سألة: 38 إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين]

مسألة: 38 إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين، فالظاهر انها تنفسخ من الأصل حتى بالنسبة إلى الشريك الأخر (1).

[مسألة: 39 إذا تنازع المالك مع العامل في مقدار رأس المال و لم يكن بينة قدم قول العامل]

مسألة: 39 إذا تنازع المالك مع العامل في مقدار رأس المال و لم يكن بينة قدم قول العامل، سواء كان المال موجودا أو كان تالفا و كان مضمونا على العامل.

[مسألة: 40 لو ادعى العامل التلف أو الخسارة أو عدم حصول المطالبات التي عند الناس مع عدم كونه مضمونا عليه]

مسألة: 40 لو ادعى العامل التلف أو الخسارة أو عدم حصول المطالبات التي عند الناس مع عدم كونه مضمونا عليه و ادعى المالك خلافه و لم يكن بينة قدم قول العامل.

[مسألة: 41 لو اختلفا في الربح و لم يكن بينة قدم قول العامل]

مسألة: 41 لو اختلفا في الربح و لم يكن بينة قدم قول العامل، سواء اختلفا في أصل حصوله أو في مقداره، بل و كذا الحال فيما إذا قال العامل ربحت كذا لكن خسرت بعد ذلك بمقداره فذهب الربح.

[مسألة: 42 لو اختلفا في نصيب العامل من الربح و انه النصف مثلا أو الثلث]

مسألة: 42 لو اختلفا في نصيب العامل من الربح و انه النصف مثلا أو الثلث و لم يكن بينة قدم قول المالك.

[مسألة: 43 إذا تلف المال أو وقع خسران فادعى المالك على العامل الخيانة]

مسألة: 43 إذا تلف المال أو وقع خسران فادعى المالك على العامل الخيانة أو التفريط في الحفظ و لم يكن له بينة قدم قول العامل، و كذا لو ادعى عليه


1- بل مقتضى القاعدة عدم الانفساخ بالنسبة إلى الأخر لأن المضاربة مع الشريكين ينحل الى مضاربتين.

ص: 141

مخالفته لما شرط عليه، سواء كان النزاع في أصل الاشتراط أو في مخالفته لما شرط عليه، كما إذا ادعى المالك انه قد اشترط عليه أن لا يشتري الجنس الفلاني و قد اشتراه فخسر و أنكر العامل أصل هذا الاشتراط أو أنكر مخالفته لما اشترط عليه. نعم لو كان النزاع في صدور الاذن من المالك فيما لا يجوز للعامل إلا بإذنه- كما لو سافر بالمال أو باع نسيئة فتلف أو خسر- فادعى العامل كونه بإذن المالك و أنكره قدم قول المالك.

[مسألة: 44 إذا ادعى رد المال الى المالك و أنكره قدم قول المالك]

مسألة: 44 إذا ادعى رد المال الى المالك و أنكره قدم قول المالك.

[مسألة: 45 إذا اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال اشتريتها لنفسي]

مسألة: 45 إذا اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال اشتريتها لنفسي و قال المالك اشتريتها للقراض، أو ظهر خسران فادعى العامل انه اشتراها للقراض و قال صاحب المال بل اشتريتها لنفسك، قدم قول العامل بيمينه.

[مسألة: 46 إذا حصل تلف أو خسارة فادعى المالك انه أقرضه و ادعى العامل انه قارضه]

مسألة: 46 إذا حصل تلف أو خسارة فادعى المالك انه أقرضه و ادعى العامل انه قارضه قدم قول المالك على اشكال (1)، و أما لو حصل ربح فادعى المالك أنه قارضه و ادعى العامل أنه أقرضه قدم قول المالك بلا إشكال.

[مسألة: 47 لو ادعى المالك انه أعطاه المال بعنوان البضاعة فلا يستحق العامل شيئا من الربح]

مسألة: 47 لو ادعى المالك انه أعطاه المال بعنوان البضاعة فلا يستحق العامل شيئا من الربح و ادعى العامل المضاربة فله حصة منه، الظاهر انه يقدم قول المالك بيمينه، فيحلف على نفي المضاربة، فله تمام الربح لو كان، و لو لم يكن ربح أصلا فلا ثمرة في هذه الدعوى.

[مسألة: 48 يجوز إيقاع الجعالة على الاتجار بمال و جعل الجعل حصة من الربح]

مسألة: 48 يجوز إيقاع الجعالة على الاتجار بمال و جعل الجعل حصة من الربح، بأن يقول صاحب المال مثلا إذا اتجرت بهذا المال و حصل ربح فلك نصفه أو ثلثه، فتكون جعالة تفيد فائدة المضاربة، لكن لا يشترط فيها ما يشترط في المضاربة، فلا يعتبر كون رأس المال من النقدين، بل يجوز أن يكون عروضا أو دينا أو منفعة.

[مسألة: 49 يجوز للأب و الجد المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة]

مسألة: 49 يجوز للأب و الجد المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة (2)،


1- لا يبعد تقدم قول العامل مع حلفه على نفي القرض لعدم الأثر في القراض بخلاف القرض.
2- و الأحوط مراعاة المصلحة أيضا.

ص: 142

و كذا القيم الشرعي كالوصي و الحاكم الشرعي مع الأمن من الهلاك و ملاحظة الغبطة و المصلحة، بل يجوز للوصي على ثلث الميت ان يدفعه الى الغير بالمضاربة و صرف حصة الميت من الربح في المصارف المعينة للثلث إذا أوصى به الميت، بل و ان لم يوص به لكن فوض أمر الثلث بنظر الوصي فرأى الصلاح في ذلك.

[مسألة: 50 إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة]

مسألة: 50 إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة، فإن علم بوجوده فيما تركه بعينه فلا اشكال، و ان علم بوجوده فيه من غير تعيين- بأن كان ما تركه مشتملا على مال نفسه و مال المضاربة أو كان عنده أيضا ودائع أو بضائع لأناس آخرين و اشتبه أعيانها بعضها مع بعض- يعامل ما هو العلاج في نظائره من اشتباه أموال ملاك متعددين بعضها مع بعض، و هل هو باعمال القرعة أو إيقاع المصالحة؟ وجهان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول. نعم الظاهر انه لو علم المال جنسا و قدرا و اشتبه بين أموال من جنسه له أو لغيره كان بحكم المال المشترك (1)، كما إذا كان له في مخزنة مقدار من القند أو الشكر و علم أن مقدارا معينا من ذلك الجنس مال المضاربة من غير تعيين لشخصه، فإنه يكون المجموع مشتركا بين رب المال و ورثة الميت بالنسبة، و أما إذا علم بعدم وجوده فيها و احتمل انه قد رده الى مالكه أو تلف بتفريط منه أو بغيره فالظاهر انه لم يحكم على الميت بالضمان و كان الجميع لورثته، و كذا لو احتمل بقاءه فيها. نعم لو علم بأن مقدارا من مال المضاربة قد كان قبل موته داخلا في هذه الأجناس الباقية التي قد تركها و لم يعلم انه هل بقي فيها أو رده الى المالك أو تلف، لا يبعد (2) أن يكون حاله حال ما لو علم بوجوده فيها فيجب إخراجه منها.


1- في المخلوط بلا تميز، و أما مع التميز الواقع و الاشتباه في الظاهر فيأتي فيه ما تقدم من الوجهين.
2- بل بعيد، و الاستصحاب إما مختلة الأركان و اما مثبت، فالأقوى ان التركة كلها موروثة.

ص: 143

[كتاب الشركة]

اشارة

كتاب الشركة و هي كون شي ء واحد لاثنين أو أزيد، و هي اما في عين أو دين أو منفعة أو حق. و سببها قد يكون إرثا و قد يكون عقدا ناقلا، كما إذا اشترى اثنان معا مالا أو استأجر أعينا أو صولحا عن حق تحجير مثلا. و لها سببان آخران يختصان بالشركة في الأعيان: أحدهما الحيازة، كما إذا اقتلع اثنان معا شجرة مباحة أو اغترفا ماء مباحا بآنية واحدة دفعة. و ثانيهما الامتزاج، كما إذا امتزج ماء أو خل من شخص بماء أو خل شخص آخر، سواء وقع قهرا أو عمدا و اختيارا.

[مسائل في الشركة]
[مسألة: 1 الامتزاج قد يوجب الشركة الواقعية الحقيقة]

مسألة: 1 الامتزاج قد يوجب الشركة الواقعية الحقيقة، و هو فيما إذا حصل خلط و امتزاج تام بين مائعين متجانسين كالماء بالماء و الدهن بالدهن، بل و غير متجانسين كدهن اللوز بدهن الجوز مثلا، و مثله على الظاهر خلط الجامدات الناعمة بعضها ببعض كالادقة، بل لا يبعد أن يلحق بها ذوات الحبات الصغيرة كالخشخاش و الدخن و السمسم و أشباهها. و قد يوجب الشركة الظاهرية الحكمية (1)، و هي في مثل خلط الحنطة بالحنطة و الشعير بالشعير، بل و الجوز بالجوز و اللوز باللوز، و كذا الدراهم أو الدنانير المتماثلة إذا اختلط بعضها ببعض على نحو يرفع الامتياز،


1- كون الشركة ظاهرية فيما ذكر من الأمثلة محل تأمل و منع، بل لا يبعد كون الشركة واقعية فيما لا تميز للممتزجين عرفا و كان بحيث يعدان شيئا واحدا كما هو المرتكز في الأذهان مع عدم ردع معلوم، و في مثل خلط الأغنام و الثياب مما لا يعد شيئا واحدا عند العرف فلا شركة لا ظاهرا و لا واقعا.

ص: 144

فان الظاهر في أمثال ذلك بقاء أجزاء كل من المالين على ملك مالكه، لكن عند الخلط الرافع للامتياز يعامل مع المجموع معاملة المال المشترك و يكون بحكم الشركة الواقعية من صحة التقسيم و الافراز و سائر أحكام المال المشترك. نعم الظاهر انه لا تتحقق الشركة لا واقعا و لا ظاهرا بخلط القيميات بعضها ببعض و ان لم يتميز، كما إذا اختلط بعض الثياب ببعضها مع تقارب الصفات و العبيد في العبيد و الإماء في الإماء و الأغنام في الأغنام و نحو ذلك، بل ذلك من اشتباه مال أحد المالكين بمال الأخر، فيكون العلاج بالمصالحة أو القرعة.

[مسألة: 2 لا يجوز لبعض الشركاء التصرف في المال المشترك الا برضى الباقين]

مسألة: 2 لا يجوز لبعض الشركاء التصرف في المال المشترك الا برضى الباقين، بل لو أذن أحد الشريكين شريكه في التصرف جاز للمأذون و لم يجز للإذن الا أن يأذن له المأذون أيضا، و يجب أن يقتصر المأذون بالمقدار المأذون فيه كماً و كيفا. نعم الاذن في الشي ء اذن في لوازمه عند الإطلاق، فإذا أذن له في سكنى الدار يلزمه إسكان أهله و عياله و أطفاله و تردد أصدقائه و نزول ضيوفه بالمقدار المعتاد، فيجوز ذلك كله الا أن يمنع عنه (1) كلا أو بعضا فيتبع.

[مسألة: 3 كما تطلق الشركة على المعنى المتقدم]

مسألة: 3 كما تطلق الشركة على المعنى المتقدم- و هو كون شي ء واحد لاثنين أو أزيد- تطلق أيضا على معنى آخر، و هو العقد الواقع بين اثنين أو أزيد على المعاملة بمال مشترك بينهم، و تسمى الشركة العقدية و الاكتسابية، و ثمرته جواز تصرف الشريكين (2) فيما اشتركا فيه بالتكسب به و كون الربح و الخسران بينهما على نسبة مالهما. و حيث انها عقد من العقود تحتاج إلى إيجاب و قبول، و يكفي قولهما «اشتركنا» أو قول أحدهما ذلك مع قبول الأخر، و لا يبعد جريان المعاطاة فيها، بأن خلطا المالين (3) بقصد اشتراكهما في الاكتساب و المعاملة به.

[مسألة: 4 يعتبر في الشركة العقدية كل ما اعتبر في العقود المالية]

مسألة: 4 يعتبر في الشركة العقدية كل ما اعتبر في العقود المالية من البلوغ


1- أو تكون قرينة مانعة عن التمسك بالإطلاق.
2- و اما حصول الشركة فلا بد من أسبابه المتقدمة كما يأتي منه.
3- بشرط أن يعد الخليطان شيئا واحدا عند العرف كما مر.

ص: 145

و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه.

[مسألة: 5 لا تصح الشركة العقدية إلا في الأموال نقودا كانت أو عروضا]

مسألة: 5 لا تصح الشركة العقدية إلا في الأموال (1) نقودا كانت أو عروضا، و تسمى تلك شركة العنان، و لا تصح في الأعمال، و هي المسماة بشركة الأبدان، بأن أوقع العقد اثنان على أن يكون اجرة عمل كل منهما مشتركا بينهما، سواء اتفقا في العمل كالخياطين أو اختلفا كالخياط مع النساج. و من ذلك معاقدة شخصين على أن كل ما يحصل كل منهما بالحيازة من الحطب أو الحشيش مثلا يكون مشتركا بينهما، فلا تتحقق الشركة بذلك، بل يختص كل منهما بأجرته و بما حازه. نعم لو صالح أحدهما الأخر بنصف منفعته إلى مدة كذا كسنة أو سنتين بنصف منفعة الأخر إلى تلك المدة و قبل الأخر صح و اشترك كل منهما فيما يحصله الأخر في تلك المدة بالأجرة أو الحيازة، و كذا لو صالح أحدهما الأخر عن نصف منفعته إلى مدة بعوض معين كدينار مثلا و صالحه الأخر أيضا نصف منفعته في تلك المدة بذلك العوض.

و لا تصح أيضا شركة الوجوه، و هي أن يوقع العقد اثنان وجيهان عند الناس لا مال لهما على أن يبتاع كل منهما في ذمته إلى أجل و يكون ما يبتاعه كل منهما بينهما فبيعانه و يؤديان الثمن و يكون ما حصل من الربح بينهما، و لو أرادا حصول هذه النتيجة بوجه مشروع و كل كل منهما الأخر في أن يشاركه فيما اشتراه، بأن يشتري لهما و في ذمتهما، فإذا اشترى شيئا كذلك يكون لهما فيكون الربح و الخسران بينهما.

و لا تصح أيضا شركة المفاوضة، و هي أن يعقد اثنان على أن يكون كل ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو فائدة زراعة أو اكتساب أو إرث أو وصية أو غير ذلك شاركه فيه الأخر، و كذا كل غرامة و خسارة ترد على أحدهما تكون عليهما، فانحصرت الشركة العقدية الصحيحة بالشركة في الأموال المسماة بشركة العنان.

[مسألة: 6 لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد بأجرة معينة كانت الأجرة مشتركة بينهما]

مسألة: 6 لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد بأجرة معينة كانت الأجرة مشتركة بينهما، و كذا لو حاز اثنان معا مباحا، كما لو اقتلعا معا شجرة أو اغترفا


1- في الأعيان، فلا تصح في الديون و لا في الحقوق و لا في المنافع.

ص: 146

ماء دفعة بآنية واحدة كان ما حازاه مشتركا بينهما، و ليس ذلك من شركة الأبدان حتى تكون باطلة، و يقسم الأجرة و ما حازاه بنسبة عملهما، و لو لم تعلم النسبة فالأحوط التصالح.

[مسألة: 7 حيث أن الشركة العنانية هي العقد على المعاملة و التكسب بالمال المشترك]

مسألة: 7 حيث أن الشركة العنانية هي العقد على المعاملة و التكسب بالمال المشترك، فلا بد من أن يكون رأس المال مشتركا بأحد أسباب الشركة، فإن كان مشتركا قبل إيقاع عقدها كالمال الموروث قبل القسمة فهو، و الا بأن كان المالان ممتازين، فان كانا مما تحصل الشركة بمزجهما كالمائعات و الأدقة بل و الحبوبات و الدراهم و الدنانير على ما مر مزجاهما قبل العقد أو بعده ليتحقق الاشتراك في رأس المال، و ان كانا من غيره- بأن كان عند أحدهما جنس و عند الأخر جنس آخر- فلا بد من إيجاد أحد أسباب الشركة غير المزج ليصير رأس المال مشتركا، كأن يبيع أو يصالح كل منهما نصف ماله بنصف مال الأخر. و ما اشتهر من أن في الشركة العقدية لا بد من خلط المالين قبل العقد أو بعده مبني على ما هو الغالب من كون رأس المال من الدراهم أو الدنانير و كان لكل منهما مقدار ممتاز عما للآخر، و حيث ان الخلط و المزج فيها أسهل أسباب الشركة ذكروا أنه لا بد من امتزاج الدراهم بالدراهم و الدنانير بالدنانير حتى يحصل الاشتراك في رأس المال، لا انه يعتبر ذلك حتى انه لو فرض كون الدراهم أو الدنانير مشتركة بين اثنين بسبب آخر غير المزج كالإرث أو كان المالان مما لا يوجب خلطهما الاشتراك لم تقع الشركة العقدية.

[مسألة: 8 إطلاق عقد الشركة يقتضي جواز تصرف كل منهما بالتكسب برأس المال]

مسألة: 8 إطلاق عقد الشركة يقتضي (1) جواز تصرف كل منهما بالتكسب برأس المال، و إذا اشترطا كون العمل من أحدهما أو من كليهما مع انضمامهما فهو المتبع. هذا من حيث العامل، و أما من حيث العمل و التكسب فمع الإطلاق يجوز مطلقه مما يريان فيه المصلحة كالعامل في المضاربة، و لو عينا جهة خاصة كبيع و شراء


1- و الظاهر أن المنشأ بذاك العقد هو التعهد و الالتزام بلوازم الشركة في التجارة، بأن يتجرا معا في المال المعين الى زمان معين مع شرائط معينة من العامل و المعاملة و مكانها و كيفيتها، فان كان العقد مشتملا لتعيين العامل فهو و الا فتحتاج المعاملة من كل منهما إلى إذن جديد.

ص: 147

الأغنام أو الطعام أو البزازة أو غير ذلك اقتصر على ذلك و لا يتعدى الى غيره.

[مسألة: 9 حيث أن كل واحد من الشريكين كالوكيل و العامل عن الأخر]

مسألة: 9 حيث أن كل واحد من الشريكين كالوكيل و العامل عن الأخر، فإذا عقدا على الشركة في مطلق التكسب أو تكسب خاص يقتصر على المتعارف، فلا يجوز البيع بالنسيئة و لا السفر بالمال الا مع الاذن الخاص، و ان جاز له كل ما تعارف من حيث الجنس المشتري و البائع و المشتري و أمثال ذلك. نعم لو عينا شيئا من ذلك لم يجز لهما المخالفة عنه الا بإذن من الشريك، و ان تعدى أحدهما عما عينا أو عن المتعارف ضمن الخسارة و التلف (1).

[مسألة: 10 إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح و الخسران على الشريكين على نسبة مالهما]

مسألة: 10 إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح و الخسران على الشريكين على نسبة مالهما، فإذا تساوى مالهما تساويا في الربح و الخسران، و مع التفاوت يتفاضلان فيهما على حسب تفاوت ماليهما، من غير فرق بين ما كان العمل من أحدهما أو منهما مع التساوي فيه أو الاختلاف. و لو شرطا التفاوت في الربح مع التساوي في المال أو تساويهما فيه مع التفاوت فيه، فان جعلت الزيادة للعامل منهما أو لمن كان عمله أزيد صح بلا اشكال، و ان جعلت لغير العامل أو لمن لم يكن عمله أزيد ففي صحة العقد و الشرط معا أو بطلانهما أو صحة العقد دون الشرط أقوال، أقواها أولها (2).

[مسألة: 11 العامل من الشريكين أمين]

مسألة: 11 العامل من الشريكين أمين، فلا يضمن التلف إذا لم يكن تعدى منه و لا تفريط. و إذا ادعى التلف قبل قوله مع اليمين، و كذا إذا ادعى الشريك عليه التعدي أو التفريط و قد أنكر.

[مسألة: 12 عقد الشركة جائز من الطرفين]

مسألة: 12 عقد الشركة جائز من الطرفين، فيجوز لكل منهما فسخه، فينفسخ لكن لا يبطل (3) بذلك أصل الشركة، و كذا ينفسخ بعروض الموت و الجنون


1- إلا إذا أجاز الشريك المعاملة الغير المأذون فيها.
2- بل أوسطها، و ذلك لان الشرط مخالف لمقتضى العقد لانه يرجع الى تفكيك لوازم الشركة عنها، نعم لو كان الاذن في التجارة غير مقيد بالشرط المذكور فالأقوى هو الثالث، يعني صحة العقد و بطلان الشرط.
3- فيما إذا حصل بأسبابه على ما مر.

ص: 148

و الإغماء و الحجر بالفلس أو السفه و تبقى أيضا أصل الشركة.

[مسألة: 13 لو جعلا للشركة أجلا لم يلزم]

مسألة: 13 لو جعلا للشركة أجلا لم يلزم، فيجوز لكل منهما الرجوع قبل انقضائه إلا إذا اشترطاه في ضمن عقد لازم فيلزم (1).

[مسألة: 14 إذا تبين بطلان عقد الشركة كانت المعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة]

مسألة: 14 إذا تبين بطلان عقد الشركة كانت المعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة و لهما الربح و عليهما الخسران على نسبة المالين، و لكل منهما اجرة مثل عمله بالنسبة إلى حصة الأخر.

[القول في القسمة]
اشارة

القول في القسمة:

و هي تميز (2) حصص الشركاء بعضها عن بعض، و ليست ببيع و لا معاوضة، فلا يجري فيها خيار المجلس و لا خيار الحيوان المختصان بالبيع، و لا يدخل فيها الربا و ان عممناها لجميع المعاوضات.

[مسألة: 1 لا بد في القسمة من تعديل السهام]

مسألة: 1 لا بد في القسمة من تعديل السهام، و هو اما بحسب الاجزاء و الكمية كيلا أو وزنا أو عدا أو مساحة، و تسمى «قسمة إفراز» و هي جارية في المثليات كالحبوب و الادهان و الخلول و الألبان، و في بعض القيميات المتساوية الاجزاء كما في الثوب الواحد الذي تساوت أجزاؤه كطاقة من كرباس و قطعة واحدة من أرض بسيطة تساوت أجزاؤها. و اما بحسب القيمة و المالية، كما في القيميات إذا تعددت كالعبيد و الأغنام و العقار و الأشجار إذا ساوى بعضها مع بعض بحسب القيمة، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام قد ساوى قيمة أحدها مع اثنين منها فيجعل الواحد سهما


1- مشكل. نعم لو شرطا عدم الفسخ يجب الوفاء به تكليفا لكنها تنفسخ بالفسخ.
2- التعبير مشعر بأن القسمة لإخراج المشتبه، و هو محل القرعة، و ليست القرعة بناقلة، فمعنى الإشاعة أن سهم كل شريك دائر بين مصاديق متعددة يشخص و يتعين بالقرعة، و ذلك ليس ببعيد لو لا الإجماع على خلافه كما في الجواهر. و اما بناء على كون الإشاعة استحقاق كل شريك في كل جزء يفرز فمع قطع النظر عن الإشكال في الجزء الذي لا يتجزأ فالمناسب في تعريفها ان يقال القسمة هي نقل سهم كل شريك من الحصة التي بيد شريكه بإزاء سهم شريكه في الحصة التي بيده. و هذا لا يستقيم في قسمة الرد و لا يحتاج الى تعديل القسمة لأنه من المعاوضات و لا يحتاج الى أكثر من رضاء الطرفين، لان الناس مسلطون على أموالهم.

ص: 149

و الاثنان سهما، و تسمى ذلك «قسمة التعديل». و اما بضم مقدار من المال مع بعض السهام ليعادل البعض الأخر، كما إذا كان بين اثنين عبدان قيمة أحدهما خمسة دنانير و الأخر أربعة فإنه إذا ضم الى الثاني نصف دينار ساوى مع الأول، و تسمى هذه «قسمة الرد».

[مسألة: 2 الأموال المشتركة قد لا يتأتى فيها إلا قسمة الافراز]

مسألة: 2 الأموال المشتركة قد لا يتأتى فيها إلا قسمة الافراز (1)، و هو فيما إذا كان من جنس واحد من المثليات، كما إذا اشترك اثنان أو أزيد في وزنة من حنطة.

و قد لا يتأتى فيها إلا قسمة التعديل، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة عبيد قد ساوى أحدهم مع اثنين منهم بحسب القيمة. و قد لا يتأتى فيها إلا قسمة الرد، كما إذا كان بين اثنين عبدان قيمة أحدهما خمسة دنانير و الأخر أربعة. و قد يتأتى فيها قسمة الافراز و التعديل معا، كما إذا اشترك اثنان في جنسين مثليين مختلفي القيمة و المقدار و كانت قيمة أقلهما مساوية لقيمة أكثرهما، كما إذا كان بين اثنين وزنة من حنطة و وزنتان من شعير و كانت قيمة وزنة من حنطة مساوية لقيمة وزنتين من شعير، فإذا قسم المجموع بجعل الحنطة سهما و الشعير سهما يكون من قسمة التعديل، و إذا قسم كل منهما منفردا يكون من قسمة إفراز. و قد يتأتى فيها قسمة الافراز و الرد معا، كما في المثال السابق إذا فرض كون قيمة الحنطة خمسة عشر درهما و قيمة الشعير عشرة. و قد يتأتى فيها قسمة التعديل مع قسمة الرد، كما إذا كان بينهما ثلاثة عبيد أحدهم يقوم بعشرة دنانير و اثنان منهم كل منهما بخمسة، فيمكن أن يجعل الأول سهما و الآخران سهما فتكون من قسمة التعديل، و ان يجعل الأول مع واحد من الآخرين سهما و الأخر منهما مع عشرة دنانير سهما فتكون من قسمة الرد. و قد يتأتى فيها كل من قسمتي الافراز و الرد، كما إذا كان بينهما وزنة


1- ان كان المقصود من ذكر الأقسام إمكان التقسيم بما ذكر فيمكن التقسيم بالرد في جميع ما ذكر حتى فيما يأتي فيه قسمة الافراز، لأنه يمكن أن يأخذ أحد الشريكين زائدا على قسمه و يعطى قيمة الزائد من حقه على شريكه، و ان كان المقصود انه لا يجبر الشريك إلا بقسمة الإفراز فمسلم انه لا يجبر أحد على غير الافراز مع إمكانه، و مع عدم إمكانه لا يجبر الا بتقسيم العدل فيما يمكن، و الرد لا يجبر عليه الا مع عدم إمكان قسيميه. و أما جواز التقسيم بغير ما يجوز أن يجبر عليه فمشكل، لان المتيقن من الأدلة و الدائر عند المتشرعة ذلك. و التقسيم بالرد مع إمكان الافراز فنوع معاوضة لا بأس بالمصالحة المفيدة لفائدته كما افاده قدس سره في آخر المسألة.

ص: 150

حنطة كانت قيمتها اثنى عشر درهما مع وزنة شعير قيمتها عشرة، فيمكن قسمة الافراز بتقسيم كل منهما منفردا و قسمة الرد بجعل الحنطة سهما و الشعير مع درهمين سهما.

و قد يتأتى الأقسام الثلاثة، كما إذا اشترك اثنان في وزنة حنطة قيمتها عشرة دراهم مع وزنة شعير قيمتها خمسة و وزنة حمص قيمتها خمسة عشر، فإذا قسمت كل منهما بانفرادها كانت قسمة إفراز، و ان جعلت الحنطة مع الشعير سهما و الحمص سهما كانت قسمة تعديل، و ان جعل الحمص مع الشعير سهما و الحنطة مع عشرة دراهم سهما كانت قسمة الرد. و لا إشكال في صحة الجميع مع التراضي إلا في قسمة الرد مع إمكان غيرها، فان في صحتها اشكالا، بل الظاهر العدم. نعم لا بأس بالمصالحة المفيدة فائدتها.

[مسألة: 3 لا يعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدلة]

مسألة: 3 لا يعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدلة، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة فجعلها ثلاثة أقسام معدلة بمكيال مجهول المقدار أو كانت بينهم عرصة أرض متساوية الأجزاء فجعلها ثلاثة أجزاء متساوية بخشبة أو حبل لا يدرى أن طولهما كم ذراع صح، لما عرفت من أن القسمة ليست ببيع و لا معاوضة.

[مسألة: 4 إذا طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها]

مسألة: 4 إذا طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها، فإن كانت قسمة رد أو كانت مستلزمة للضرر فللشريك الأخر الامتناع عنها و لم يجبر عليها لو امتنع، و تسمى القسمة «قسمة تراض»، بخلاف ما إذا لم تكن قسمة رد و لا مستلزمة للضرر فإنه يجبر عليها (1) الممتنع لو طلبها الشريك الأخر، و تسمى القسمة «قسمة إجبار». فإن كان المال المشترك مما لا يمكن فيه الا قسمة الافراز أو التعديل فلا اشكال، و اما فيما أمكن كلتاهما فان طلب قسمة الافراز يجبر عليها الممتنع، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء كحنطة و شعير و تمر و زبيب فطلب أحدهما قسمة كل نوع بانفراده قسمة إفراز أجبر الممتنع، و ان طلب قسمتها بالتعديل بحسب القيمة لم يجبر، و كذا إذا كانت بينهما قطعتا أرض أو داران أو دكانان


1- بنحو ما مر في الحاشية من تقديم الافراز على التعديل مع الإمكان كما يأتي منه تفصيله.

ص: 151

فإنه يجبر الممتنع لو طلب أحد الشريكين قسمة كل منها على حدة و لم يجبر إذا طلب قسمتها بالتعديل. نعم لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل أجبر الممتنع على الثانية ان طلبها أحد الشريكين دون الأولى.

[مسألة: 5 إذا اشترك اثنان في دار ذات علو و سفل و أمكن قسمتها على نحو يحصل لكل منهما حصة من العلو]

مسألة: 5 إذا اشترك اثنان في دار ذات علو و سفل و أمكن قسمتها على نحو يحصل لكل منهما حصة من العلو و السفل بالتعديل (1)، و قسمتها على نحو يحصل لأحدهما العلو و لأحدهما السفل، و قسمة كل من العلو و السفل بانفراده، فان طلب أحد الشريكين النحو الأول و لم يستلزم الضرر يجبر الأخر لو امتنع و لا يجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين. هذا مع إمكان النحو الأول و عدم استلزام الضرر، و أما مع عدم إمكانه أو استلزامه الضرر و انحصار الأمر في النحوين الأخيرين فالظاهر تقدم الثاني، فلو طلبه أحدهما يجبر الأخر لو امتنع بخلاف الأول. نعم لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر و لا الرد و الا لم يجبر كما مر.

[مسألة: 6 لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة و طلب بعض الشركاء القسمة أجبر الباقون]

مسألة: 6 لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة و طلب بعض الشركاء القسمة أجبر الباقون، إلا إذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما و كثرة الشركاء.

[مسألة: 7 إذا كانت بينهما بستان مشتملة على نخيل و أشجار فقسمتها باشجارها و نخيلها]

مسألة: 7 إذا كانت بينهما بستان مشتملة على نخيل و أشجار فقسمتها باشجارها و نخيلها بالتعديل قسمة إجبار إذا طلبها أحدهما يجبر الأخر، بخلاف قسمة كل من الأرض و الأشجار على حدة فإنها قسمة تراض لا يجبر عليها الممتنع.

[مسألة: 8 إذا كانت بينهما أرض مزروعة يجوز قسمة كل من الأرض و الزرع قصيلا كان أو سنبلا على حدة]

مسألة: 8 إذا كانت بينهما أرض مزروعة يجوز قسمة كل من الأرض و الزرع قصيلا كان أو سنبلا على حدة و تكون القسمة قسمة إجبار، و أما قسمتهما معا فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها. هذا إذا كان الزرع قصيلا أو سنبلا، و أما إذا كان حبا مدفونا أو مخضرا في الجملة و لم يكمل نباته فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها و بقاء الزرع على إشاعته، كما أنه لا إشكال في عدم جواز قسمة الزرع مستقلا. نعم لا يبعد جواز قسمة الأرض


1- قد مر تقدم قسمة الافراز، فقسمة كل من العلو و السفل بنحو التساوي إذا أمكن مقدمة على غيرها و بعدها فالتعديل مقدم.

ص: 152

بزرعها بحيث يجعل من توابعها (1)، و ان كان الأحوط قسمة الزرع و حدها و إفراز الزرع بالمصالحة.

[مسألة: 9 إذا كانت بينهم دكاكين متعددة متجاورة أو منفصلة]

مسألة: 9 إذا كانت بينهم دكاكين متعددة متجاورة أو منفصلة، فإن أمكن قسمة كل منها بانفراده و طلبها بعض الشركاء و طلب بعضهم قسمة بعضها في بعض بالتعديل لكي يتعين حصة كل منهم في دكان تام أو أزيد يقدم ما طلبه الأول و يجبر البعض الأخر، إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر في النحو الثاني فيجبر الأول.

[سألة: 10 إذا كان بينهما حمام و شبهه مما لم يقبل القسمة الخالية عن الضرر]

مسألة: 10 إذا كان بينهما حمام و شبهه مما لم يقبل القسمة الخالية عن الضرر لم يجبر الممتنع. نعم لو كان كبيرا بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمامية من دون ضرر و لو باحداث مستوقد أو بئر آخر فالأقرب الإجبار.

[مسألة: 11 لو كان لأحد الشريكين عشر من دار مثلا و هو لا يصلح للسكنى و يتضرر هو بالقسمة دون الشريك الأخر]

مسألة: 11 لو كان لأحد الشريكين عشر من دار مثلا و هو لا يصلح للسكنى و يتضرر هو بالقسمة دون الشريك الأخر، فلو طلب هو القسمة بغرض صحيح يجبر شريكه و لم يجبر هو لو طلبها الأخر.

[مسألة: 12 يكفي في الضرر المانع عن الإجبار ترتب نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة]

مسألة: 12 يكفي في الضرر المانع عن الإجبار ترتب نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة بما لا يتسامح فيه في العادة و ان لم يسقط المال عن قابلية الانتفاع بالمرة.

[مسألة: 13 لا بد في القسمة من تعديل السهام ثم القرعة]

مسألة: 13 لا بد في القسمة من تعديل السهام ثم القرعة: اما كيفية التعديل فان كانت حصص الشركاء متساوية- كما إذا كانوا اثنين و لكل منهما نصف أو ثلاثة و لكل منهم ثلث و هكذا- يعدل السهام بعدد الرءوس، فيجعل سهمين متساويين ان كانوا اثنين و ثلاثة أسهم متساويات ان كانوا ثلاثة و هكذا، و يعلم كل سهم بعلامة تميزه عن غيره، فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة مثلا تجعل ثلاث قطع متساوية بحسب المساحة و يميز بينها أحدها الاولى و الأخرى الثانية و الثالثة ثالثة،


1- بحيث يصدق عرفا أنها قسمة إفراز، و الا فلا يترك الاحتياط بقسمة الأرض وحدها و قسمة الزرع بالإفراز.

ص: 153

و إذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة مثلا تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة و تميز كل منها بمميز كالقطعة الشرقية و الغربية و الشمالية و الجنوبية المحدودات بحدود كذائية، و ان كانت الحصص متفاوتة- كما إذا كان المال بين ثلاثة سدس لعمرو و ثلث لزيد و نصف لبكر- يجعل السهام على أقل الحصص، ففي المثال تجعل السهام ستة معلمة كل منها بعلامة كما مر.

و أما كيفية القرعة ففي الأول- و هو فيما إذا كانت الحصص متساوية- تؤخذ رقاع بعدد رءوس الشركاء رقعتان إذا كانوا اثنين و ثلاث ان كانوا ثلاثة و هكذا، و يتخير بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء على إحداها زيد و اخرى عمرو و ثالثة بكر مثلا و أسماء السهام على إحداها أول و على أخرى ثاني و على الأخرى ثالث مثلا، ثم تشوش و تستر و يؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة، فإن كتب عليها اسم الشركاء يعين السهم كالأول و يخرج رقعة باسم ذلك السهم قاصدين ان يكون هذا السهم لكل من خرج اسمه، فكل من خرج اسمه يكون ذلك السهم له ثم يعين السهم الثاني، و يخرج رقعة أخرى لذلك السهم فكل من خرج اسمه كان السهم له و هكذا. و ان كتب عليها اسم السهام يعين أحد الشركاء و يخرج رقعة، فكل سهم خرج اسمه كان ذلك السهم له، ثم يخرج رقعة أخرى لشخص آخر و هكذا. و أما في الثاني- و هو ما كانت الحصص متفاوتة كما في المثال المتقدم الذي قد تقدم انه يجعل السهام على أقل الحصص و هو السدس- يتعين فيه ان تؤخذ الرقاع بعدد الرءوس يكتب مثلا على إحداها زيد و على الأخرى عمرو و على الثالثة بكر و تستر كما مر، و يقصد أن كل من خرج اسمه على سهم كان له ذلك مع ما يليه بما يكمل تمام حصته، ثم يخرج إحداها على السهم الأول، فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعين له، ثم يخرج أخرى على السهم الثاني فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني و الثالث له، و يبقى الرابع و الخامس و السادس لصاحب النصف و لا يحتاج إلى إخراج الثالثة، و ان كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني و الثالث و الرابع و يبقى الأخير لصاحب

ص: 154

الثلث، و ان كان ما خرج على السهم الأول صاحب الثلث كان الأول و الثاني له، ثم يخرج أخرى على السهم الثالث فان خرج اسم صاحب السدس كان ذلك له و يبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب السدس، و ان خرج صاحب النصف كان الثالث و الرابع و الخامس له و يبقى السادس لصاحب السدس، و قس على ذلك غيرها.

[مسألة: 14 الظاهر أنه ليست للقرعة كيفية خاصة]

مسألة: 14 الظاهر أنه ليست للقرعة كيفية خاصة، و انما تكون الكيفية منوطة بمواضعة القاسم و المتقاسمين بإناطة التعين بأمر ليس لإرادة المخلوق مدخلية مفوضا للأمر إلى الخالق جل شأنه، سواء كان بكتابة رقاع أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب أو غير ذلك.

[مسألة: 15 الأقوى انه إذا بنوا على التقسيم و عدلوا السهام و أوقعوا القرعة قد تمت القسمة]

مسألة: 15 الأقوى انه إذا بنوا على التقسيم و عدلوا السهام و أوقعوا القرعة قد تمت القسمة و لا يحتاج الى تراض آخر بعدها فضلا عن إنشائه، و ان كان هو الأحوط في قسمة الرد.

[مسألة: 16 إذا طلب بعض الشركاء المهايأة في الانتفاع بالعين المشتركة]

مسألة: 16 إذا طلب بعض الشركاء المهايأة في الانتفاع بالعين المشتركة، اما بحسب الزمان بأن يسكن هذا في شهر و ذاك في شهر مثلا، و اما بحسب الأجزاء بأن يسكن هذا في الفوقاني و ذاك في التحتاني مثلا، لم يلزم على شريكه القبول و لم يجبر إذا امتنع. نعم يصح مع التراضي لكن ليس بلازم، فيجوز لكل منهما الرجوع. هذا في شركة الأعيان، و أما في شركة المنافع فينحصر افرازها بالمهاياة لكنها فيها أيضا غير لازمة. نعم لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد لأجل حسم النزاع و الجدال يجبر الممتنع و تلزم.

[مسألة: 17 القسمة في الأعيان إذا وقعت و تمت لزمت ليس لأحد من الشركاء إبطالها و فسخها]

مسألة: 17 القسمة في الأعيان إذا وقعت (1) و تمت لزمت ليس لأحد من الشركاء إبطالها و فسخها، بل الظاهر أنه ليس لهم فسخها و إبطالها بالتراضي، لأن الظاهر عدم مشروعية الإقالة فيها.


1- يعنى تمت بالقرعة كما مر في الفرع الخامس عشر.

ص: 155

[مسألة: 18 لا تشرع القسمة في الديون المشتركة]

مسألة: 18 لا تشرع القسمة في الديون المشتركة، فإذا كان لزيد و عمرو معا ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث فأرادا تقسيمها قبل استيفائها فعدلا بين الديون و جعلا ما على الحاضر مثلا لأحدهما و ما على البادي لأحدهما لم يفرز بل تبقى على إشاعتها، فكل ما حصل كل منهما يكون لهما و كل ما يبقى على الناس يكون بينهما. نعم لو اشتركا في دين على أحد و استوفى أحدهما حصته- بأن قصد كل من الدائن و المديون أن يكون ما يأخذه وفاء و أداء لحصته من الدين المشترك- الظاهر تعينه له (1) و بقاء حصة الشريك في ذمة المديون.

[مسألة: 19 لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها و أنكر الأخر]

مسألة: 19 لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها و أنكر الأخر لا تسمع دعواه إلا بالبينة، فإن أقامت على دعواه نقضت القسمة و احتاجت إلى قسمة جديدة، و ان لم يكن بينة كان له إحلاف الشريك.

[مسألة: 20 إذا قسم الشريكان فصار في حصة هذا بيت و في حصة الأخر بيت آخر و قد كان يجري ماء أحدهما على الأخر]

مسألة: 20 إذا قسم الشريكان فصار في حصة هذا بيت و في حصة الأخر بيت آخر و قد كان يجري ماء أحدهما على الأخر لم يكن للثاني منعه إلا إذا اشترطا حين القسمة رد الماء عنه، و مثل ذلك لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الأخر من الدار.

[مسألة: 21 لا يجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم]

مسألة: 21 لا يجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم إلا إذا وقع تشاح بينهم (2) مؤد إلى خرابه لا يرتفع غائلته إلا بالقسمة. نعم يصح قسمة الوقف عن


1- مشكل، سواء اجازه الشريك أو لم يجزه. نعم مع الإجازة تكون تلك الحصة مشتركة بينهما، و مع عدم الإجازة تبقى ملكا للدائن، فإن أراد إعطاء حصة أحد الشريكين فيحتال بمصالحة شي ء له على إبراء ذمته.
2- بحيث لا يرتفع غائلته الا بالتقسيم حتى بالنسبة إلى البطون اللاحقة، و أما إذا أمكن ارتفاع الغائلة بالقسمة بالنسبة إلى زمان حياة الموجودين حتى يبقى على اشتراكه بين البطون اللاحقة فهو المتعين.

ص: 156

الطلق، بأن كان ملك واحد نصفه المشاع وقفا و نصفه ملكا، بل الظاهر جواز قسمة وقف عن وقف، و هو فيما إذا كان ملك بين اثنين فوقف أحدهما حصته على ذريته مثلا و الأخر حصته على ذريته، فيجوز إفراز أحدهما عن الأخر بالقسمة، و المتصدي لذلك الموجودون من الموقوف عليهم و ولي البطون اللاحقة.

ص: 157

[كتاب المزارعة]

اشارة

كتاب المزارعة و هي المعاملة (1) على أن تزرع الأرض بحصة من حاصلها، و هي عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض، و هو كل لفظ أفاد إنشاء هذا المعنى (2) كقوله «زارعتك» أو «سلمت إليك الأرض مدة كذا على أن تزرعها على كذا» و أمثال ذلك.

و قبول من الزارع بلفظ أفاد إنشاء الرضا بالإيجاب كسائر العقود، و الظاهر كفاية القبول الفعلي (3) بعد الإيجاب القولي، بأن يتسلم الأرض بهذا القصد و يشتغل لها.

و لا يعتبر فيها العربية، بل يقع عقدها بأي لغة كان، و في جريان المعاطاة فيها إشكال (4).

[مسألة: 1 يعتبر فيها زائدا على ما اعتبر في المتعاقدين في سائر العقود]

مسألة: 1 يعتبر فيها زائدا على ما اعتبر في المتعاقدين في سائر العقود من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و الرشد (5) أمور:


1- و حقيقتها اعتبار اضافة بين الأرض و العامل مستتبعة لسلطنته عليها بالزراعة ببذره أو ببذر المالك أو غيره، و اضافة أخرى بين المالك و العامل مستتبعة لسلطنته عليه بالعمل بإزاء حصة من الحاصل أو السلطنة على الأرض، فعقدها بمنزلة إجارة الأرض و العامل و مال الإجارة للأرض حصة من الزراعة ان كان البذر من العامل مع التزامه بالعمل و مجرد العمل ان كان البذر من المالك أو غيره و اجرة العامل حصة من الحاصل ان كان البذر للمالك و الانتفاع من الأرض ان كان للعامل.
2- و كان ظاهرا فيه و لو مع القرينة.
3- الأحوط عدم الاكتفاء.
4- الظاهر جريان المعاطاة فيه بعد تعيين ما يلزم تعيينه بالمقاولة.
5- و عدم الحجر حتى من العامل إذا كان البذر له أو احتاج الزرع الى صرف المال.

ص: 158

أحدها: جعل الحاصل مشاعا بينهما، فلو جعل الكل لأحدهما أو شرطا أن يكون بعضه الخاص كالذي يحصل متقدما أو الذي يحصل من القطعة الفلانية لأحدهما و الأخر للآخر لم يصح.

ثانيها: تعيين حصة الزارع بمثل النصف أو الثلث أو الربع و نحو ذلك.

ثالثها: تعيين المدة بالأشهر و السنين، و لو اقتصر على ذكر المزروع في سنة واحدة ففي الاكتفاء به عن تعيين المدة وجهان أوجههما الأول، لكن فيما إذا عين مبدأ الشروع في الزرع، و إذا عين المدة بالزمان لا بد أن تكون مدة يدرك فيها الزرع بحسب العادة، فلا تكفي المدة القليلة التي تقصر عن إدراكه.

رابعها: ان تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح و طم الحفر و حفر النهر و نحو ذلك، فلو كانت سبخة لا تقبل للزرع أو لم يكن لها ماء و لا يكفيه ماء السماء و لا يمكن تحصيل الماء لها و لو بمثل حفر النهر أو البئر أو الشراء لم يصح.

خامسها: تعيين المزروع (1) من أنه حنطة أو شعير أو غيرهما مع اختلاف الأغراض فيه. نعم لو صرح بالتعميم صح، فيتخير الزارع بين أنواعه.

سادسها: تعيين الأرض، فلو زارعه على قطعة من هذه القطعات أو مزرعة من هذه المزارع بطل. نعم لو عين قطعة معينة من الأرض التي لم تختلف اجزاؤها و قال «زارعتك على جريب من هذه القطعة» على نحو الكلي في المعين فالظاهر الصحة و يكون التخيير في تعيينه لصاحب الأرض.

سابعها: ان يعينا كون البذر و سائر المصارف على أي منهما إذا لم يكن تعارف.

[مسألة: 2 لا يعتبر في المزارعة كون الأرض ملكا للمزارع]

مسألة: 2 لا يعتبر في المزارعة كون الأرض ملكا للمزارع، بل يكفي كونه مالكا لمنفعتها أو انتفاعها بالإجارة (2) و نحوها أو أخذا لها من مالكها بعنوان المزارعة أو كانت أرضا خراجية و قد تقبلها من السلطان أو غيره. نعم لو لم يكن له فيها حق و لا


1- و لو بالانصراف الى ما هو المتعارف.
2- مع عدم اشتراط المباشرة بالزراعة في عقد الإجارة.

ص: 159

عليها سلطنة أصلا كالموات لم يصح مزارعتها، و ان أمكن أن يتشاركا في زرعها و حاصلها مع الاشتراك في البذر، لكنه ليس من المزارعة في شي ء.

[مسألة: 3 إذا أذن مالك الأرض أو المزرعة اذنا عاما بأن كل من زرع أرضه أو مزرعته فله نصف الحاصل مثلا]

مسألة: 3 إذا أذن مالك الأرض أو المزرعة اذنا عاما بأن كل من زرع أرضه أو مزرعته فله نصف الحاصل مثلا، فأقدم واحد على ذلك استحق المالك حصته.

[مسألة: 4 إذا اشترطا أن يكون الحاصل بينهما بعد إخراج الخراج أو بعد إخراج البذر لباذله]

مسألة: 4 إذا اشترطا أن يكون الحاصل بينهما بعد إخراج الخراج أو بعد إخراج البذر لباذله أو ما يصرف في تعمير الأرض لصارفه فان اطمأنا ببقاء شي ء بعد ذلك من الحاصل ليكون بينهما صح و الا بطل.

[مسألة: 5 إذا انقضت المدة المعينة و لم يدرك الزرع لم يستحق الزارع إبقاءه و لو بالأجرة]

مسألة: 5 إذا انقضت المدة المعينة و لم يدرك الزرع لم يستحق الزارع إبقاءه و لو بالأجرة، بل للمالك الأمر بإزالته من دون أرش، و له إبقاؤه مجانا أو مع الأجرة ان رضي الزارع بها.

[مسألة: 6 لو ترك الزارع الزرع حتى انقضت المدة، فهل يضمن اجرة المثل أو ما يعادل حصة المالك]

مسألة: 6 لو ترك الزارع الزرع حتى انقضت المدة، فهل يضمن اجرة المثل أو ما يعادل حصة المالك بحسب التخمين أو لا يضمن شيئا؟ وجوه و الأحوط التراضي و التصالح، و ان كان الأخير لا يخلو من قوة (1). هذا إذا لم يكن ترك الزرع لعذر عام كالثلوج الخارقة أو صيرورة المحل معسكرا أو مسبعة و نحوها و الا انفسخت المزارعة.

[مسألة: 7 إذا زارع على أرض ثم تبين للزارع انه لا ماء لها فعلا]

مسألة: 7 إذا زارع على أرض ثم تبين للزارع انه لا ماء لها فعلا لكن أمكن تحصيله بحفر بئر و نحوه صحت المزارعة لكن للعامل خيار الفسخ، و كذا لو تبين كون الأرض غير صالح للزراعة الا بالعلاج التام، كما إذا كانت مستوليا عليها الماء لكن يمكن قطعه عنها. نعم لو تبين انه لا ماء لها فعلا و لا يمكن تحصيله أو كانت مشغولة بمانع لا يمكن إزالته و لا يرجى زواله كان باطلا.

[مسألة: 8 إذا عين المالك له نوعا من الزرع كالحنطة أو الشعير أو غيرهما فزرع غيره ببذره]

مسألة: 8 إذا عين المالك له نوعا من الزرع كالحنطة أو الشعير أو غيرهما فزرع غيره ببذره كان له الخيار (2) بين الفسخ و الإمضاء، فإن أمضاه أخذ حصته، و ان


1- ان لم تكن الأرض تحت يده و سلطنته و الا فالأول أوجه.
2- ان كان التعيين بنحو الاشتراط، و ان كان بنحو التقييد فكان كمن تركه بغير زرع ان لم يرض المالك بما زرع، فعليه أجرة مثل الأرض و أرش نقصها، و أما الزرع فلمالك البذر، و ان رضى بما زرع فهو بمنزلة إقالة مزارعة الاولى و إنشاء مزارعة جديدة أو بمنزلة رضاء المالك بالحصة من الزرع الموجود بدل أجرة الأرض و لا مانع منه.

ص: 160

فسخ كان الزرع للزارع و عليه للمالك أجرة الأرض.

[مسألة: 9 الظاهر أنه يعتبر في حقيقة المزارعة كون الأرض من أحدهما و العمل من الأخر]

مسألة: 9 الظاهر أنه يعتبر في حقيقة المزارعة (1) كون الأرض من أحدهما و العمل من الأخر، و أما البذر و العوامل و سائر المصارف فبحسب ما يشترطانه، فيجوز جعل كلها على المزارع أو على الزارع أو بعضها على هذا و بعضها على ذاك، و لا بد من تعيين ذلك حين العقد الا إذا كان هناك معتاد يغني عن التعيين.

[مسألة: 10 يجوز للزارع أن يشارك غيره في مزارعته بجعل حصة من حصته لمن شاركه]

مسألة: 10 يجوز للزارع أن يشارك غيره في مزارعته بجعل حصة من حصته لمن شاركه بحيث كأنهما معا طرف للمالك، كما انه يجوز أن يزارع غيره بحيث كان الزارع الثاني طرفا للمالك (2) لكن لا بد أن تكون حصة المالك محفوظة، فإذا كانت المزارعة الاولى بالنصف لم يجز أن تجعل المزارعة الثانية بالثلث للمالك و الثلثين للعامل. نعم يجوز أن يجعل حصة الزارع الثاني أقل من حصة الزارع في المزارعة الاولى، فيأخذ الزارع الثاني حصته و المالك حصته و ما بقي يكون للزارع في المزارعة الأولى. مثلا إذا كانت المزارعة الاولى بالنصف و جعل حصة الزارع في المزارعة الثانية الربع كان للمالك نصف الحاصل و للزارع الثاني الربع و يبقى الربع للزارع في المزارعة الاولى، و لا فرق في ذلك كله بين أن يكون البذر في المزارعة الأولى على المالك أو على العامل، و لو جعل في الأولى على العامل يجوز في الثانية أن يجعل على المزارع أو على الزارع. و لا يعتبر في صحة التشريك في المزارعة و لا إيقاع المزارعة الثانية اذن المالك. نعم لا يجوز تسليم الأرض إلى الغير إلا بإذنه، كما أنه لو شرط عليه المالك أن يباشر بنفسه بحيث لا يشاركه غيره و لا يزارعه كان هو المتبع.


1- بل الأظهر عدم اعتباره، فيجوز أن يكون الأرض و العمل من شخص و البذر و العوامل من الأخر.
2- ان كان المقصود نقل المزارعة بحيث يكون الثاني مزارعا للمالك بلا واسطة كما هو ظاهر العبارة فذلك لا يصح الا بفسخ الاولى و مزارعة جديدة. نعم يصح للمزارع ان يزارع بنحو يكون المزارع الثاني متلقيا من الأول لا من المالك نظير المستأجر من المستأجر.

ص: 161

[مسألة: 11 المزارعة عقد لازم من الطرفين]

مسألة: 11 المزارعة عقد لازم من الطرفين، فلا تنفسخ بفسخ أحدهما إلا إذا كان له الخيار بسبب الاشتراط و غيره، و تنفسخ بالتقايل كسائر العقود اللازمة، كما انه تبطل و تنفسخ قهرا بخروج الأرض عن قابلية الانتفاع لانقطاع الماء عنه أو استيلائه عليه و غير ذلك.

[مسألة: 12 لا تبطل المزارعة بموت أحد المتعاقدين]

مسألة: 12 لا تبطل المزارعة بموت أحد المتعاقدين، فان مات رب الأرض قام وارثه مقامه، و ان مات العامل فكذلك، فأما ان يتموا العمل و لهم حصة مورثهم و اما أن يستأجروا أحدا لإتمام العمل من مال المورث و لو الحصة المزبورة، فإن زاد شي ء كان لهم. نعم إذا اشترط على العامل مباشرته للعمل تبطل بموته (1).

[مسألة: 13 إذا تبين بطلان المزارعة بعد ما زرع الأرض، فإن كان البذر لصاحب الأرض كان الزرع له]

مسألة: 13 إذا تبين بطلان المزارعة بعد ما زرع الأرض، فإن كان البذر لصاحب الأرض كان الزرع له و عليه أجرة العامل (2)، و كذا أجرة العوامل ان كانت من العامل، و ان كان من العامل كان الزرع له و عليه أجرة الأرض، و كذا أجرة العوامل ان كانت من صاحب الأرض، و ليس عليه إبقاء الزرع الى بلوغ الحاصل و لو بالأجرة، فله ان يأمر بقلعه.

[مسألة: 14 كيفية اشتراك العامل مع المالك في الحاصل تابعة للجعل و القرار الواقع بينهما]

مسألة: 14 كيفية اشتراك العامل مع المالك في الحاصل تابعة للجعل و القرار الواقع بينهما، فتارة يشتركان في الزرع من حين طلوعه و بروزه، فيكون حشيشه و قصيله و تبنه و حبه كلها مشتركة بينهما، و أخرى يشتركان في خصوص حبه اما من حين انعقاده أو بعده الى زمان حصاده (3)، فيكون الحشيش و القصيل و التبن كلها لصاحب البذر. هذا مع التصريح منهما، و أما مع عدمه فالظاهر من مقتضى وضع المزارعة عند الإطلاق الوجه الأول، فالزرع بمجرد خروجه يكون مشتركا بينهما. و يترتب


1- ان كانت المباشرة مأخوذة في العمل قيدا، و أما إذا أخذت شرطا فالظاهر ان للمالك ان يفسخ لتخلف الشرط و ان يختار البقاء و مطالبة إتمام العمل من تركة العامل من الورثة و يكون الورثة شريكا في الحصة.
2- إذا عمل بأمر المالك و لو بعنوان المطالبة لحقه بتوهم صحة العقد أو كان مغرورا من قبل المالك و الا فلا وجه لضمان أجرته و كذا أجرة العوامل.
3- في صحة اشتراط صيرورة المنفعة المشاعة بينهما بعد مدة متأخرة عن وجودها تأمل.

ص: 162

على ذلك أمور:

منها: كون القصيل و التبن أيضا بينهما.

و منها: تعلق الزكاة بكل منهما إذا كان حصة كل منهما بالغا حد النصاب، و تعلقها بمن بلغ نصيبه حد النصاب ان بلغ نصيب أحدهما و عدم تعلقها أصلا ان لم يبلغ النصاب نصيب واحد منهما.

و منها: انه لو حصل فسخ من أحدهما بخيار أو منهما بالتقايل في الأثناء يكون الزرع بينهما، و ليس لصاحب الأرض على العامل أجرة أرضه و لا للعامل عليه أجرة عمله بالنسبة الى ما مضى.

و أما بالنسبة إلى الآتي الى زمان البلوغ و الحصاد، فان وقع بينهما التراضي بالبقاء بلا أجرة أو معها أو على القطع قصيلا فلا اشكال، و الا فكل منهما مسلط على حصته، فلصاحب الأرض مطالبة القسمة و إبقاء حصته و إلزام الزارع بقطع حصته، كما ان للزارع مطالبتها ليقطع حصته و تبقى حصة صاحبه.

[مسألة: 15 خراج الأرض و مال الإجارة للأرض المستأجرة على المزارع]

مسألة: 15 خراج الأرض و مال الإجارة للأرض المستأجرة على المزارع و ليس على الزارع إلا إذا شرط عليه كلا أو بعضا، و أما سائر المؤن كشق الأنهار و حفر الآبار و إصلاح النهر و تهيئة آلات السقي و نصب الدولاب و الناعور و نحو ذلك فلا بد من تعيين كونها على أي منهما إلا إذا كانت هناك عادة تغني عن التعيين.

[مسألة: 16 يجوز لكل من المالك و الزارع عند بلوغ الحاصل تقبل حصة الأخر بحسب الخرص بمقدار معين]

مسألة: 16 يجوز لكل من المالك و الزارع عند بلوغ الحاصل تقبل حصة الأخر بحسب الخرص بمقدار معين بالتراضي، و الأقوى لزومه من الطرفين (1) بعد القبول، و ان تبين بعد ذلك زيادتها أو نقيصتها فعلى المتقبل تمام ذلك المقدار و لو تبين أن حصة صاحبه أقل منه، كما أن على صاحبه قبول ذلك و ان تبين كونها أكثر منه و ليس له مطالبة الزائد.

[مسألة: 17 إذا بقيت في الأرض أصول الزرع بعد جمع الحاصل و انقضاء المدة فنبتت بعد ذلك في العام المستقبل]

مسألة: 17 إذا بقيت في الأرض أصول الزرع بعد جمع الحاصل و انقضاء المدة فنبتت بعد ذلك في العام المستقبل، فان كان القرار الواقع بينهما على اشتراكهما


1- و المتيقن من الاخبار الواردة فيه كون المقدار المخروص من حاصل ذلك الزرع فلا يصح في غيره.

ص: 163

في الزرع و أصوله كان الزرع الجديد بينهما على حسب الزرع السابق، و ان كان القرار على اشتراكهما فيما خرج من الزرع في ذلك العام فقد كان ذلك لصاحب البذر إلا إذا أعرض عنه فهو لمن سبق.

[مسألة: 18 يجوز المزارعة على أرض بائرة لا يمكن زرعها الا بعد إصلاحها و تعميرها]

مسألة: 18 يجوز المزارعة على أرض بائرة لا يمكن زرعها الا بعد إصلاحها و تعميرها على أن يعمرها و يصلحها و يزرعها سنة أو سنتين مثلا لنفسه، ثم يكون الحاصل (1) بينهما بالإشاعة بحصة معينة في مدة مقدرة.


1- و تكون المزارعة من حين الاشتراك، و اما قبله فالعامل يزرع لنفسه ملزما بالشرط.

ص: 164

[كتاب المساقاة]

اشارة

كتاب المساقاة و هي المعاملة على أصول ثابتة (1) بأن يسقيها مدة معينة بحصة من ثمرها، و هي عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب و قبول، و اللفظ الصريح في إيجابها أن يقول رب الأصول «ساقيتك» أو «عاملتك» أو «سلمت إليك» و ما أشبه ذلك، و في القبول «قبلت» و نحو ذلك. و يكفي فيهما كل لفظ دال على المعنى المذكور بأي لغة كانت، و الظاهر كفاية القبول الفعلي (2) بعد الإيجاب القولي كالمزارعة. و يعتبر فيها بعد شرائط المتعاقدين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر (3) ان تكون الأصول مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط (4)، و ان تكون معينة عندهما معلومة لديهما، و أن تكون مغروسة ثابتة، فلا تصح في الفسيل قبل الغرس و لا على أصول غير ثابتة كالبطيخ و الخيار و الباذنجان و أشباهها، و أن تكون المدة معلومة مقدرة بما لا يحتمل الزيادة و النقصان كالاشهر و السنين، و الظاهر كفاية جعل المدة إلى بلوغ الثمر في العام الواحد


1- أو هي معاملة على سقي أصول ثابتة كما عن بعض، فحقيقتها اعتبار اضافة بين المالك و العامل مستتبعة لتسلطه عليه لان يعمل ما عليه بإزاء الحصة من الثمر، نظير الإجارة بل هي نوع منها. و غاية ما يغتفر فيها الجهالة الملازمة لها، و يصح ان يقال ان حقيقتها اعتبار اضافة بين الأصول الثابتة و العامل مستتبعة لتسلطه على سقيها و إصلاحها بإزاء الحصة من ثمرتها، و اضافة أخرى بين المالك و العامل مستتبعة لتسلط المالك على العامل بأن يجبره على ما يأتي من الاعمال.
2- مشكل لكن يجرى فيها المعاطاة كما في المزارعة.
3- لسفه مطلقا أو فلس في المالك دون العامل.
4- أو كون المساقى نافذ التصرف فيها لولاية أو وكالة أو تولية.

ص: 165

إذا عين مبدأ الشروع في السقي (1)، و ان تكون الحصة معينة مشاعة بينهما مقدرة بمثل النصف أو الثلث أو الربع و نحو ذلك، فلا تصح ان يجعل لأحدهما مقدارا معينا و البقية للآخر، أو يجعل لأحدهما أشجارا معلومة و للآخر أخرى. نعم لا يبعد جواز ان يشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة (2) و الاشتراك في البقية، أو يشترط لأحدهما مقدار معين (3) مع الاشتراك في البقية إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار و أنه تبقى بقية.

[مسألة: 1 لا إشكال في صحة المساقاة قبل ظهور الثمر]

مسألة: 1 لا إشكال في صحة المساقاة قبل ظهور الثمر، كما لا إشكال في عدم الصحة بعد البلوغ و الإدراك بحيث لا يحتاج الى عمل غير الحفظ و الاقتطاف، و في صحتها بعد الظهور و قبل البلوغ قولان أقواهما أولهما، خصوصا إذا كان في جملتها بعض الأشجار التي لم تظهر بعد ثمرها.

[مسألة: 2 لا يجوز المساقاة على الأشجار الغير المثمرة كالخلاف و نحوه]

مسألة: 2 لا يجوز المساقاة على الأشجار الغير المثمرة كالخلاف و نحوه.

نعم لا يبعد جوازها على ما ينتفع منها بورقه (4) كالتوت الذكر و الحناء و نحوهما.

[مسألة: 3 يجوز المساقاة على فسلان مغروسة قبل أن صارت مثمرة]

مسألة: 3 يجوز المساقاة على فسلان مغروسة قبل أن صارت مثمرة بشرط أن تجعل المدة بمقدار تصير مثمرة فيها كخمس سنين أو ست أو أزيد.

[مسألة: 4 إذا كانت الأشجار لا تحتاج إلى السقي لاستغنائها بماء السماء أو لمصها من رطوبات الأرض]

مسألة: 4 إذا كانت الأشجار لا تحتاج إلى السقي لاستغنائها بماء السماء أو لمصها من رطوبات الأرض، و لكن احتاجت إلى إعمال أخرى يشكل صحة المساقاة عليها (5)، فلا يترك فيه الاحتياط.

[مسألة: 5 إذا اشتملت البستان على أنواع من الشجر و النخيل]

مسألة: 5 إذا اشتملت البستان على أنواع من الشجر و النخيل يجوز أن يفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من النوع الأخر، كما إذا جعل النصف في ثمرة


1- و كانت المنتهى معلومة و لو بحسب العادة كما هو المفروض.
2- بأن تكون هذه الأشجار خارجة عن المساقاة و الا فمشكل.
3- مشكل.
4- أو ورده.
5- إلا إذا احتاج الى عمل يوجب زيادة الثمر كما و كيفا.

ص: 166

النخل و الثلث في الكرم و الربع في الرمان مثلا، لكن إذا علما بمقدار كل نوع من الأنواع.

[مسألة: 6 من المعلوم أن ما تحتاج اليه البساتين و النخيل و الأشجار في إصلاحها]

مسألة: 6 من المعلوم أن ما تحتاج اليه البساتين و النخيل و الأشجار في إصلاحها و تعميرها و استزادة ثمارها و حفظها أعمال كثيرة:

فمنها: ما يتكرر كل سنة، مثل إصلاح الأرض و تنقية الأنهار و إصلاح طريق الماء و ازالة الحشيش المضر و تهذيب جرائد النخل و الكرم و التلقيح و اللقاط و التشميس و إصلاح موضعه و حفظ الثمرة إلى وقت القسمة و غير ذلك.

و منها: ما لا يتكرر غالبا كحفر الآبار و الأنهار و بناء الحائط و الدولاب و الدالية و نحو ذلك. فمع إطلاق عقد المساقاة الظاهر أن القسم الثاني على المالك، و أما القسم الأول فيتبع التعارف و العادة، فما جرت العادة على كونه على المالك أو العامل كان هو المتبع و لا يحتاج الى التعيين، و لعل ذلك يختلف باختلاف البلاد، و إذا لم يكن عادة لا بد من التعيين و انه على المالك أو العامل.

[مسألة: 7 المساقاة لازمة من الطرفين لا تنفسخ الا بالتقايل أو الفسخ]

مسألة: 7 المساقاة لازمة من الطرفين لا تنفسخ الا بالتقايل أو الفسخ بخيار بسبب الاشتراط أو تخلف بعض الشروط، و لا تبطل بموت أحدهما بل يقوم و ارثهما مقامهما. نعم لو كانت مقيدة بمباشرة العامل تبطل بموته.

[مسألة: 8 لا يشترط في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه]

مسألة: 8 لا يشترط في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه، فيجوز أن يستأجر أجيرا لبعض الاعمال و تمامها و يكون عليه الأجرة، و كذا يجوز أن يتبرع عنه متبرع بالعمل و يستحق العامل الحصة المقررة. نعم لو لم يقصد التبرع عنه ففي كفايته اشكال، و أشكل منه إذا قصد التبرع عن المالك، و كذا الحال فيما إذا لم يكن عليه الا السقي و يستغنى عنه بالأمطار و لم يحتج إلى السقي أصلا. نعم لو كان عليه أعمال أخرى غير السقي و استغنى عنه بالمطر و بقي سائر الأعمال فالظاهر استحقاق حصته (1).


1- بشرط أن يكون الباقي من العمل مما يستزاد به الثمر و الا فالصحة محل إشكال.

ص: 167

[مسألة: 9 يجوز أن يشترط للعامل مع الحصة من الثمر شيئا آخر من ذهب أو فضة أو غيرهما]

مسألة: 9 يجوز أن يشترط للعامل مع الحصة من الثمر شيئا آخر من ذهب أو فضة أو غيرهما، و كذا حصة (1) من الأصول مشاعا أو مفروزا.

[مسألة: 10 كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك و للعامل أجرة مثل عمله]

مسألة: 10 كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك و للعامل أجرة مثل عمله (2) إلا إذا كان عالما بالفساد و مع ذلك أقدم على العمل.

[مسألة: 11 يملك العامل الحصة من الثمر حين ظهوره]

مسألة: 11 يملك العامل الحصة من الثمر حين ظهوره، فإذا مات بعد الظهور قبل القسمة و بطلت المساقاة من جهة انه قد اشترط مباشرته للعمل انتقلت الى وارثه و تجب عليه الزكاة إذا بلغت حصته النصاب (3).

[مسألة: 12 المغارسة باطلة، و هي أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون المغروس بينهما]

مسألة: 12 المغارسة باطلة (4)، و هي أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون المغروس بينهما، سواء اشترط كون حصة من الأرض أيضا للعامل أولا، و سواء كانت الأصول من المالك أو من العامل، و حينئذ يكون الغرس لصاحبه، فان كانت من مالك الأرض فعليه أجرة عمل الغارس (5)، و ان كانت من الغارس فعليه أجرة الأرض للمالك، فان تراضيا على الإبقاء بالأجرة أو لا معها فذاك و الا فلمالك الأرض الأمر بالقلع و عليه أرش نقصانه ان نقص بسبب القلع، كما ان للغارس قلعه و عليه طم الحفر و نحو ذلك مما حصل بالغرس، و ليس لصاحب الأرض إلزامه بالإبقاء و لو بلا أجرة.

[مسألة: 13 بعد بطلان المغارسة يمكن أن يتوصل الى نتيجتها بإدخالها تحت عنوان آخر مشروع]

مسألة: 13 بعد بطلان المغارسة يمكن أن يتوصل الى نتيجتها بإدخالها تحت عنوان آخر مشروع، كأن يشتركا في الأصول أما بشرائها بالشركة- و لو بأن يوكل صاحب الأرض الغارس في أن كل ما يشتري من الفسيل يشتريه لهما بالاشتراك


1- مشكل بل لا يبعد بطلانه، لان الشرط المذكور على خلاف وضع المساقاة.
2- إذا كان مغرورا من قبل المالك أو عمل بأمره أو وعده، سواء كان عالما بالفساد أو جاهلا و الا فلا وجه للاستحقاق عالما كان أو جاهلا.
3- و كان الموت بعد تعلق الزكاة.
4- على الأحوط.
5- إذا كان مغرورا منه أو عمل بأمره كما مر نظيره.

ص: 168

ثم يؤاجر الغارس نفسه لغرس حصة صاحب الأرض و سقيها و خدمتها في مدة معينة بنصف منفعة أرضه إلى تلك المدة أو بنصف عينها، أو بتمليك أحدهما للآخر نصف الأصول. مثلا إذا كانت من أحدهما و يجعل العوض إذا كانت من صاحب الأرض الغرس و الخدمة إلى مدة معينة شارطا على نفسه بقاء حصة الغارس في أرضه مجانا الى تلك المدة، و إذا كانت من الغارس يجعل العوض نصف عين الأرض أو نصف منفعتها إلى مدة معينة شارطا على نفسه غرس حصة صاحب الأرض و خدمتها الى تلك المدة.

[مسألة: 14 الخراج الذي يأخذه السلطان من النخيل و الأشجار في الأراضي الخراجية على المالك]

مسألة: 14 الخراج الذي يأخذه السلطان من النخيل و الأشجار في الأراضي الخراجية على المالك إلا إذا اشترطا كونه على العامل أو عليهما.

[مسألة: 15 لا يجوز للعامل في المساقاة ان يساقي غيره الا بإذن المالك]

مسألة: 15 لا يجوز للعامل في المساقاة ان يساقي غيره الا بإذن المالك، لكن مرجع اذنه فيها الى توكيله في إيقاع مساقاة أخرى للمالك مع شخص ثالث بعد فسخ المساقاة الاولى، فلا يستحق العامل الأول شيئا.

ص: 169

[كتاب الدين و القرض]

اشارة

كتاب الدين و القرض الدين هو المال الكلي الثابت في ذمة شخص لآخر بسبب من الأسباب، و يقال لمن اشتغلت ذمته به «المديون» و «المدين» و للآخر «الدائن» و «الغريم».

و سببه اما الاقتراض أو أمور أخر اختيارية كجعله مبيعا في السلم أو ثمنا في النسيئة أو أجرة في الإجارة أو صداقا في النكاح أو عوضا للطلاق في الخلع و غير ذلك، أو قهرية كما في موارد الضمانات و نفقة الزوجة الدائمة و نحو ذلك، و له أحكام مشتركة و أحكام مختصة بالقرض:

[القول في أحكام الدين]
اشارة

القول في أحكام الدين:

[مسألة: 1 الدين اما حال]

مسألة: 1 الدين اما حال، و هو ما كان للدائن مطالبته و اقتضاؤه، و يجب على المديون أداؤه مع التمكن و اليسار في كل وقت. و اما مؤجل، و هو ما لم يكن للدائن حق المطالبة، و لا يجب على المديون القضاء الا بعد انقضاء المدة المضروبة و حلول الأجل. و تعيين الأجل تارة بجعل المتداينين كما في السلم و النسيئة، و أخرى بجعل الشارع كالنجوم و الأقساط المقررة في الدية كما يأتي في بابه إن شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 2 إذا كان الدين حالا أو مؤجلا و قد حل الأجل]

مسألة: 2 إذا كان الدين حالا أو مؤجلا و قد حل الأجل فكما يجب على المديون الموسر أداؤه عند مطالبة الدائن كذلك يجب على الدائن أخذه و تسلمه إذا صار المديون بصدد أدائه و تفريغ ذمته، و أما الدين المؤجل قبل حلول الأجل فلا إشكال في انه ليس للدائن حق المطالبة (1)، و انما الإشكال في انه هل يجب عليه القبول لو تبرع


1- في مثل المثمن في السلم و الثمن في النسيئة و الأجرة في الإجارة إذا كانت مؤجلة، و اما في القرض المؤجل فللدائن مطالبة الدين قبل حلول الأجل، من غير فرق بين شرط الأجل في ضمن عقد القرض أو في ضمن عقد خارج لازم. نعم إذا شرط الدائن عدم المطالبة إلى أجل في ضمن عقد لازم خارج يجب عليه العمل بما شرط، لكن إذا تخلف و طلب يجب على المديون أداؤه، و كذلك الحكم في كل دين حال اشترط تأجيله في ضمن عقد لازم.

ص: 170

المديون بأدائه أم لا؟ وجهان بل قولان أقواهما الثاني (1)، الا إذا علم بالقرائن ان التأجيل لمجرد إرفاق على المديون من دون أن يكون حقا للدائن.

[مسألة: 3 قد عرفت انه إذا أدى المديون الدين عند حلوله يجب على الدائن أخذه]

مسألة: 3 قد عرفت انه إذا أدى المديون الدين عند حلوله يجب على الدائن أخذه، فإذا امتنع أجبره الحاكم لو التمس منه المديون، و لو تعذر إجباره أحضره عنده و مكنه منه بحيث صار تحت يده و سلطانه عرفا و به تفرغ ذمته، و لو تلف بعد ذلك لا ضمان عليه و كان من مال الدائن، و لو نعذر عليه ذلك له أن يسلمه الى الحاكم و قد فرغت ذمته. و هل يجب على الحاكم القبول؟ فيه تأمل و اشكال. و لو لم يوجد الحاكم له أن يعين الدين (2) في مال مخصوص و يعزله و به تبرأ ذمته، و ليس عليه ضمان لو تلف من غير تفريط منه. هذا إذا كان الدائن حاضرا و امتنع من أخذه، و لو كان غائبا و لا يمكن إيصال المال اليه و أراد المديون تفريغ ذمته أوصله الى الحاكم عند وجوده، و في وجوب القبول عليه الاشكال السابق، و لو لم يوجد الحاكم يبقى في ذمته الى أن يوصله إلى الدائن أو من يقوم مقامه.

[مسألة: 4 يجوز التبرع بأداء دين الغير حيا كان أو ميتا]

مسألة: 4 يجوز التبرع بأداء دين الغير حيا كان أو ميتا، و به تبرأ ذمته و ان كان بغير اذنه، بل و ان منعه. و يجب على من له الدين القبول كما في أدائه عن نفسه.

[مسألة: 5 لا يتعين الدين فيما عينه المدين و لا يصير ملكا للدائن ما لم يقبضه]

مسألة: 5 لا يتعين الدين فيما عينه المدين و لا يصير ملكا للدائن ما لم يقبضه إلا إذا سقط اعتبار قبضه بسبب الامتناع كما مر (3)، فلو كان عليه درهم و اخرج من كيسه


1- فيما ذكر مما لا يجوز له المطالبة قبل الأجل، و أما فيما يجوز للدائن المطالبة قبل الأجل كالدين الحاصل من القرض يجب عليه القبول إذا أداه المديون قبل الأجل.
2- فيه اشكال بل منع.
3- مر الاشكال و المنع في بعض صوره.

ص: 171

درهما ليدفعه اليه وفاء عما عليه و قبل وصوله بيده سقط و تلف كان التالف من ماله و بقي ما في ذمته على حاله.

[مسألة: 6 يحل الدين المؤجل إذا مات المديون قبل حلول الأجل]

مسألة: 6 يحل الدين المؤجل إذا مات المديون قبل حلول الأجل، و لو مات الدائن يبقى على حاله ينتظر ورثته انقضاء الأجل، فلو كان الصداق مؤجلا إلى مدة معينة و مات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته، بخلاف ما إذا ماتت الزوجة فليس لورثتها المطالبة قبل انقضاء المدة. و لا يلحق بموت الزوج طلاقه، فلو طلق زوجته يبقى صداقها المؤجل على حاله، كما انه لا يلحق بموت المديون تحجيره بسبب الفلس، فلو كان عليه ديون حالة و ديون مؤجلة يقسم ماله بين أرباب الديون الحالة و لا يشاركهم أرباب المؤجلة.

[مسألة: 7 لا يجوز بيع الدين بالدين، بأن كان العوضان كلاهما دينا قبل البيع]

مسألة: 7 لا يجوز بيع الدين بالدين (1)، بأن كان العوضان كلاهما دينا قبل البيع، كما إذا كان لأحدهما على الأخر طعام كوزنة من حنطة و للآخر عليه طعام آخر كوزنة من شعير فباع الشعير الذي له على الأخر بالحنطة التي للآخر عليه، أو كان لأحدهما على شخص طعام و لآخر على ذلك الشخص طعام آخر فباع ماله على ذلك الشخص بما للآخر على ذلك الشخص، أو كان لأحدهما طعام على شخص و للآخر طعام على شخص آخر فبيع أحد الطعامين بالآخر. و أما إذا لم يكن العوضان كلاهما دينا قبل البيع و ان صارا معا أو صار أحدهما دينا بسبب البيع- كما إذا باع ماله في


1- و مجمل الكلام ان الدين الذي يقع في البيع ثمنا و مثمنا لا يخلو من أن يكون حاصلا قبل البيع بسبب آخر أو حاصلا بنفس البيع، و كل منهما اما ان يكونا حين البيع مؤجلين أو حالين لم يؤجلا أصلا أو أجلا و لكن حل أجلهما أو مختلفين، فان كان كل من الثمن و المثمن دينا مؤجلا بسبب آخر حين البيع فلا إشكال في عدم جوازه قبل حلول أجلهما بل بعد حلول الأجل أيضا على الأحوط، و ان كان كل منهما دينا مؤجلا حاصلا بنفس البيع فلا إشكال أيضا في بطلانه، و هو المعبر عنه ببيع الكالي بالكالي. و أما ان كان أحدهما دينا مؤجلا و الأخر دين حال غير مؤجل أصلا كالكلي في الذمة نقدا فالظاهر صحة البيع ان حصل اشتغال ذمته بالبيع، و أما ان كان اشتغال ذمته به بسبب آخر فالأحوط تركه.

ص: 172

ذمة الأخر بثمن في ذمته نسيئة مثلا- فله شقوق و صور كثيرة (1) لا يسع هذا المختصر تفصيلها.

[مسألة: 8 يجوز تعجيل الدين المؤجل بنقصان مع التراضي]

مسألة: 8 يجوز تعجيل الدين المؤجل بنقصان مع التراضي، و هو الذي يسمى في الوقت الحاضر في لسان التجار بالنزول، و لا يجوز تأجيل الحال و لا زيادة أجل المؤجل بزيادة. نعم لا بأس بالاحتياط بجعل الزيادة المطلوبة في ثمن مبيع مثلا و يجعل التأجيل و التأخير إلى أجل معين شرطا على البائع، بأن يبيع الدائن من الدين مثلا ما يسوى عشرة دراهم بخمسة عشر درهما على ان لا يطالب المشتري (2) عن الدين الذي عليه الى وقت كذا، و مثله ما إذا باع المديون من الدائن ما يكون قيمته خمسة عشر درهما بعشرة شارطا عليه تأخير الدين الى وقت كذا.

[مسألة: 9 لا يجوز قسمة الدين]

مسألة: 9 لا يجوز قسمة الدين، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم متعددة- كما إذا باعا عينا مشتركا بينهما من أشخاص أو كان لمورثهما دين على اشخاص فورثاه فجعلا بعد التعديل ما في ذمة بعضهم لأحدهما و ما في ذمة آخرين لآخر- لم يصح و بقي ما في الذمم على الاشتراك السابق، فكل ما استوفى منها يكون بينهما و كل ما توى و تلف يكون منهما. نعم الظاهر كما مر في كتاب الشركة (3) انه إذا كان لهما دين مشترك على أحد يجوز أن يستوفي أحدهما منه حصته، فيتعين له و يبقى حصة الأخر في ذمته، و هذا ليس من قسمة الدين في شي ء.

[مسألة: 10 يجب على المديون عند حلول الدين و مطالبة الدائن السعي في أدائه بكل وسيلة]

مسألة: 10 يجب على المديون عند حلول الدين و مطالبة الدائن السعي في أدائه بكل وسيلة و لو ببيع سلعته و متاعه و عقاره أو مطالبة غريم له أو إجارة أملاكه و غير ذلك، و هل يجب عليه التكسب اللائق بحاله من حيث الشرف و القدرة؟ وجهان بل قولان أحوطهما ذلك، خصوصا فيما لا يحتاج الى تكلف و فيمن شغله التكسب، بل وجوبه حينئذ قوي جدا. نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه المحتاج إليها و لو للتجمل و دابة ركوبه و خادمه إذا كان من أهلهما و احتاج إليهما، بل و ضروريات


1- مر تفصيلها في الحاشية السابقة.
2- فيحرم عليه المطالبة لكن إذا طلب وجب على المديون أداؤه، و كذا في تأخير الدين.
3- قد مر منا الاشكال فيه في كتاب القسمة فراجع مسألة 18.

ص: 173

بيته من فراشه و غطائه و ظروفه و إنائه لا كله و شربه و طبخه و لو لا ضيافة، مراعيا في ذلك كله مقدار الحاجة بحسب حاله و شرفه و انه بحيث لو كلف ببيعها لوقع في عسر و شدة و حزازة و منقصة. و هذه كلها مستثنيات الدين لا خصوص (1) الدار و المركوب و الخادم و الثياب، بل لا يبعد أن يعد منها الكتب العلمية لأهلها بمقدار ما يحتاج اليه بحسب حاله و مرتبته.

[مسألة: 11 لو كانت دار سكناه أزيد عما يحتاجه سكن ما احتاجه و باع ما فضل عن حاجته]

مسألة: 11 لو كانت دار سكناه أزيد عما يحتاجه سكن ما احتاجه و باع ما فضل عن حاجته أو باعها و اشترى ما هو أدون مما يليق بحاله، و إذا كانت له دور متعددة و احتاج إليها لسكناه لم يبع شيئا منها، و كذلك الحال في الخادم و المركوب و الثياب.

[مسألة: 12 لو كانت عنده دار موقوفة عليه تكفي لسكناه و له دار مملوكة]

مسألة: 12 لو كانت عنده دار موقوفة عليه (2) تكفي لسكناه و له دار مملوكة الأحوط لو لم يكن الأقوى ان يبيع المملوكة و يكتفي بالموقوفة.

[مسألة: 13 انما لا تباع دار السكنى في أداء الدين ما دام المديون حيا]

مسألة: 13 انما لا تباع دار السكنى في أداء الدين ما دام المديون حيا، فلو مات و لم يترك غير دار سكناه تباع و تصرف في الدين.

[مسألة: 14 معنى كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين انه لا يجبر على بيعها لأجل أدائه]

مسألة: 14 معنى كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين انه لا يجبر على بيعها لأجل أدائه و لا يجب عليه ذلك، و أما لو رضي هو بذلك و قضى به دينه جاز للدائن أخذه. نعم ينبغي ان لا يرضى ببيع مسكنه و لا يكون سببا له و ان رضي هو به و أراده، ففي خبر عثمان بن زياد قال: قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السلام: ان لي على رجل دينا و قد أراد أن يبيع داره فيقضي لي. فقال أبو عبد اللّٰه: أعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه، أعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه، أعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه.

[مسألة: 15 لو كان عنده متاع أو سلعة أو عقار زائدا على المستثنيات لا تباع إلا بأقل من قيمتها]

مسألة: 15 لو كان عنده متاع أو سلعة أو عقار زائدا على المستثنيات لا تباع إلا بأقل من قيمتها يجب بيعها للدين عند حلوله و مطالبة صاحبه، و لا يجوز له التأخير و انتظار من يشتريها بالقيمة. نعم لو كان ما يشترى به أقل من قيمته بكثير جدا بحيث


1- و الضابط كل ما يحتاج اليه المديون في ضروريات معاشه.
2- و لم يكن السكنى فيها نقصا لشرفه.

ص: 174

يعد بيعه به تضييعا للمال (1) و إتلافا له لا يبعد عدم وجوب بيعه.

[مسألة: 16 و كما لا يجب على المعسر الأداء و القضاء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء]

مسألة: 16 و كما لا يجب على المعسر الأداء و القضاء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء، بل يجب أن ينظره الى اليسار، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: و كما لا يحل لغريمك ان يمطلك و هو موسر لا يحل لك ان تعسره إذا علمت انه معسر.

و عن مولانا الصادق عليه السلام في وصية طويلة كتبها إلى أصحابه: إياكم و إعسار أحد من إخوانكم المسلمين ان تعسروه بشي ء يكون لكم قبله و هو معسر، فإن أبانا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله كان يقول: ليس للمسلم ان يعسر مسلما، و من أنظر معسرا أظله اللّٰه يوم القيامة بظله يوم لا ظل الا ظله.

و عن مولانا الباقر عليه السلام قال: يبعث يوم القيامة قوم تحت ظل العرش وجوههم من نور و رياشهم من نور جلوس على كراسي من نور- الى ان قال- فينادي مناد: هؤلاء قوم كانوا ييسرون على المؤمنين ينظرون المعسر حتى ييسر.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: من سره ان يقيه اللّٰه من نفحات جهنم فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه. و الاخبار في هذا المعنى كثيرة.

[مسألة: 17 مماطلة الدائن مع القدرة معصية كبيرة]

مسألة: 17 مماطلة الدائن مع القدرة معصية كبيرة (2)، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من مطل على ذي حق حقه و هو يقدر على أداء حقه فعليه كل يوم خطيئة عشار. بل يجب عليه نية القضاء مع عدم القدرة، بأن يكون من قصده الأداء عند القدرة.

[القول في القرض]
اشارة

القول في القرض:

و هو تمليك مال الأخر بالضمان، بأن يكون على عهدته أدائه بنفسه (3) أو بمثله


1- التضييع و الإتلاف لا خصوصية له بل لا بد أن يكون بحد يصدق عليه انه يكون ضرريا كي يتمسك بلا ضرر أو يكون البيع بأقل من القيمة حرجيا عليه.
2- لرواية أعمش حيث عد حبس الحقوق من غير عسر من الكبائر.
3- فيه إشكال.

ص: 175

أو قيمته، و يقال للمملك «المقرض» و للمتملك «المقترض» و «المستقرض».

[مسألة: 1 يكره الاقتراض مع عدم الحاجة]

مسألة: 1 يكره الاقتراض مع عدم الحاجة، و تخف كراهته مع الحاجة، و كلما خفت الحاجة اشتدت الكراهة، و كلما اشتدت خفت الى ان زالت، بل ربما وجب إذا توقف عليه أمر واجب كحفظ نفسه أو عرضه و نحو ذلك، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم و الدين فإنها مذلة بالنهار و مهمة بالليل و قضاء في الدنيا و قضاء في الآخرة. و عن مولانا الكاظم عليه السلام: من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه و عياله كان كالمجاهد في سبيل اللّٰه، فان غلب عليه فليستدن على اللّٰه و على رسوله ما يقوت به عياله. و الأحوط لمن لم يكن عنده ما يوفي به دينه و لم يترقب حصوله عدم الاستدانة (1) إلا عند الضرورة.

[مسألة: 2 إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة]

مسألة: 2 إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة، سيما لذوي الحاجة، لما فيه من قضاء حاجته و كشف كربته، و قد قال النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف اللّٰه عنه كربه يوم القيامة، و اللّٰه في عون العبد ما كان العبد في حاجة أخيه. و عنه صلى اللّٰه عليه و آله: من أقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، و من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات، و ان رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب، و من شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم اللّٰه عز و جل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين.

[مسألة: 3 حيث أن القرض عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب كقوله «أقرضتك» و ما يؤدي معناه، و قبول]

مسألة: 3 حيث أن القرض عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب كقوله «أقرضتك» و ما يؤدي معناه، و قبول دال على الرضا بالإيجاب. و لا يعتبر في عقده العربية، بل يقع بكل لغة، بل الظاهر جريان المعاطاة فيه، فيتحقق حقيقته بإقباض العين و قبضها و تسلمها بهذا العنوان من دون احتياج إلى صيغة. و يعتبر في المقرض و المقترض


1- و ان استدان فالأحوط اعلام المستدان بحاله.

ص: 176

ما يعتبر في المتعاقدين في سائر المعاملات و العقود من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (1).

[مسألة: 4 يعتبر في المال أن يكون عينا مملوكا]

مسألة: 4 يعتبر في المال أن يكون عينا مملوكا، فلا يصح إقراض الدين و لا المنفعة و لا ما لا يصح تملكه كالخمر و الخنزير، و لا يعتبر كونه عينا شخصيا، فيصح إقراض الكلي، بأن يوقع العقد على الكلي و ان كان إقباضه لا يكون الا بدفع عين شخصي. و يعتبر مع ذلك كونه مما يمكن ضبط أوصافه (2) و خصوصياته التي تختلف باختلافها القيمة و الرغبات مثليا كان كالحبوبات و الادهان و نحوهما أو قيميا كالأغنام و الجواري و العبيد و أمثالها، فلا يجوز إقراض ما لا يمكن ضبط أوصافه إلا بالمشاهدة كاللحم و الجواهر و نحوهما.

[مسألة: 5 لا بد من أن يقع القرض على معين]

مسألة: 5 لا بد من أن يقع القرض على معين، فلا يصح إقراض المبهم كأحد هذين، و ان يكون المال معينا قدره بالكيل أو الوزن فيما يكال أو يوزن و بالعد فيما يقدر بالعد، فلا يصح إقراض صبرة من طعام جزافا، و لو قدر بكلية معينة و ملأ إناء معين غير الكيل المتعارف أو وزن بصخرة معينة غير العيار المتعارف عند العامة لم يبعد الاكتفاء به، لكن الأحوط خلافه.

[مسألة: 6 يشترط في صحة القرض القبض و الإقباض]

مسألة: 6 يشترط في صحة القرض القبض و الإقباض، فلا يملك المستقرض المال المقترض الا بعد القبض، و لا يتوقف على التصرف.

[مسألة: 7 الأقوى أن القرض عقد لازم]

مسألة: 7 الأقوى أن القرض عقد لازم، فليس للمقرض فسخه (3) و الرجوع بالعين المقترضة لو كانت موجودة. نعم له عدم الانظار و مطالبة المقترض (4) بالأداء و القضاء و لو قبل قضاء وطره أو مضي زمان يمكن فيه ذلك.


1- و عدم السفه و الحجر في المقرض.
2- في المثليات، و أما في القيميات فلا يبعد كفاية العلم بقيمتها حين التسليم مع مشاهدته و ان لم يمكن ضبط أوصافه بنحو يصح فيه السلم.
3- و لا للمقترض.
4- و للمقترض أيضا الأداء قبل قضاء وطره و ليس للمقرض الامتناع.

ص: 177

[مسألة: 8 لو كان المال المقترض مثليا كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها ثبت في ذمة المقترض]

مسألة: 8 لو كان المال المقترض مثليا كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، و لو كان قيميا كالغنم و نحوها ثبت في ذمته قيمته. و في اعتبار قيمة وقت الاقتراض (1) أو قيمة حال الأداء و القضاء وجهان (2)، الأحوط التراضي و التصالح في مقدار التفاوت بين القيمتين لو كان.

[مسألة: 9 لا يجوز شرط الزيادة]

مسألة: 9 لا يجوز شرط الزيادة، بأن يقرض مالا على أن يؤدي المقترض أزيد مما اقترضه، سواء اشترطاه صريحا أو أضمراه بحيث وقع القرض مبنيا عليه.

و هذا هو الربا القرضي المحرم الذي وعدنا ذكره في كتاب البيع و ذكرنا هناك بعض ما ورد في الكتاب و السنة من التشديد عليه. و لا فرق في الزيادة بين أن تكون عينية كما إذا أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدي اثنى عشر، أو عملا كخياطة ثوب له، أو منفعة أو انتفاعا كالانتفاع بالعين المرهونة عنده، أو صفة مثل أن يقرضه دراهم مكسورة على أن يؤديها صحيحة. و كذا لا فرق بين أن يكون المال المقترض ربويا بأن كان من المكيل و الموزون، و غيره بأن كان معدودا كالجوز و البيض.

[مسألة: 10 إذا أقرضه شيئا و شرط عليه أن يبيع منه شيئا بأقل من قيمته أو يؤاجره بأقل من أجرته]

مسألة: 10 إذا أقرضه شيئا و شرط عليه أن يبيع منه شيئا بأقل من قيمته أو يؤاجره بأقل من أجرته كان داخلا في شرط الزيادة. نعم لو باع المقترض من المقرض مالا بأقل من قيمته و شرط عليه ان يقرضه مبلغا معينا لا بأس به و ان أفاد فائدة الأول، و به يحتال في الفرار عن الربا كسائر الحيل الشرعية، و لنعم الفرار من الحرام الى الحلال.

[مسألة: 11 إنما تحرم الزيادة مع الشرط]

مسألة: 11 إنما تحرم الزيادة مع الشرط، و أما بدونه فلا بأس به، بل يستحب ذلك للمقترض، حيث انه من حسن القضاء و خير الناس أحسنهم قضاءا، بل يجوز ذلك إعطاء و أخذا لو كان الإعطاء لأجل أن يراه المقرض حسن القضاء فيقرضه كلما احتاج الى الاقتراض، أو كان الاقتراض لأجل أن ينتفع من المقترض


1- يعنى وقت التسليم الى المقترض.
2- أقواهما الأول.

ص: 178

لكونه حسن القضاء و يكافئ من أحسن اليه بأحسن الجزاء بحيث لو لا ذلك لم يقرضه.

نعم يكره أخذه للمقرض، خصوصا إذا كان إقراضه لأجل ذلك، بل يستحب انه إذا أعطاه المقترض شيئا بعنوان الهدية و نحوها يحسبه عوض طلبه، بمعنى أنه يسقط منه بمقداره.

[مسألة: 12 انما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض]

مسألة: 12 انما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض، فلا بأس بشرطها للمقترض، كما إذا أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدي ثمانية، أو أقرضه دراهم صحيحة على أن يؤديها مكسورة، فما تداول بين التجار من أخذ الزيادة و إعطائها في الحوائل المسماة عندهم بصرف البرات و يطلقون عليه بيع الحوالة و شراؤها، ان كان بإعطاء مقدار من الدراهم و أخذ الحوالة من المدفوع إليه بالأقل منه لا بأس به، كما إذا احتاج أحد إلى إيصال وجه الى بلد فيجي ء عند التاجر و يعطي له مائة درهم على ان يعطيه الحوالة بتسعين درهما على طرفه في ذلك البلد، حيث أن في هذا الفرض يكون مائة درهم في ذمة التاجر و هو المقترض و جعل الزيادة له. و ان كان بإعطاء الأقل و أخذ الحوالة بالأكثر يكون داخلا في الربا، كما إذا احتاج أحد إلى مقدار من الدراهم و يكون له المال في بلد آخر فيجي ء عند التاجر و يأخذ منه تسعين درهما على أن يعطيه الحوالة بمائة درهم على من كان عنده المال في بلد آخر ليدفع الى طرف التاجر في ذلك البلد، حيث ان التاجر في هذا الفرض قد أقرض تسعين و جعل له زيادة عشرة، فلا بد لأجل التخلص من الربا من اعمال بعض الحيل الشرعية (1).

[مسألة: 13 المال المقترض ان كان مثليا كالدراهم و الدنانير و الحنطة و الشعير و كان وفاؤه و أداؤه]

مسألة: 13 المال المقترض ان كان مثليا كالدراهم و الدنانير و الحنطة و الشعير و كان وفاؤه و أداؤه بإعطاء ما يماثله في الصفات من جنسه، سواء بقي على سعره الذي كان له وقت الاقتراض أو ترقى أو تنزل، و هذا هو الوفاء الذي لا يتوقف على التراضي، فللمقرض ان يطالب المقترض به و ليس له الامتناع و لو ترقى سعره عما أخذه بكثير، كما ان المقترض لو أعطاه للمقرض ليس له الامتناع و لو تنزل بكثير. و يمكن أن


1- و لو بأن يجعل عشرة دراهم اجرة عمله، يعنى إيصال الحوالة و أخذ الوجه، فيأخذ المقترض العين وفاء لقرضه و العشرة أجرة لعمله.

ص: 179

يؤدي بالقيمة أو بغير جنسه، بأن يعطى بدل الدراهم دنانير مثلا أو بالعكس، لكن هذا النحو من الأداء و الوفاء يتوقف على التراضي، فلو أعطى بدل الدراهم دنانير فللمقرض الامتناع من أخذها و لو تساويا في القيمة، بل و لو كانت الدنانير أغلا كما انه لو أراده المقرض كان للمقترض الامتناع و ان تساويا في القيمة أو كانت الدنانير أرخص. و ان كان قيميا فقد مر انه تشتغل ذمة المقترض بالقيمة، و انما تكون بالنقود الرائجة، فأداؤه الذي لا يتوقف على التراضي بإعطائها، و يمكن أن يؤدي بجنس آخر من غير النقود بالقيمة لكنه يتوقف على التراضي. و لو كانت العين المقترضة موجودة فأراد المقرض أداء الدين بإعطائها أو أراد المقترض ذلك، ففي جواز امتناع الأخر تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط (1).

[مسألة: 14 يجوز في قرض المثلي ان يشترط المقرض على المقترض أن يؤديه من غير جنسه]

مسألة: 14 يجوز في قرض المثلي ان يشترط المقرض على المقترض أن يؤديه من غير جنسه (2) بأن يؤدي عوض الدراهم مثلا دنانير و بالعكس، و يلزم عليه ذلك بشرط أن يكونا متساويين في القيمة أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترض.

[مسألة: 15 الأقوى انه لو شرط التأجيل في القرض صح و لزم العمل به]

مسألة: 15 الأقوى انه لو شرط التأجيل في القرض صح و لزم العمل به (3) و كان كسائر الديون المؤجلة ليس للمقرض مطالبته قبل حلول الأجل.

[مسألة: 16 لو شرط على المقترض أداء القرض و تسليمه في بلد معين صح و لزم]

مسألة: 16 لو شرط على المقترض أداء القرض و تسليمه في بلد معين صح و لزم و ان كان في حمله إليه مئونة، فإن طالبه في غير ذلك البلد لم تلزم عليه الأداء، كما أنه لو أداه في غيره لم يلزم على المقرض القبول. و ان أطلق القرض و لم يعين بلد التسليم، فالذي يجب على المقترض أداؤه فيه لو طالبه المقرض و يجب على المقرض القبول


1- و ان كان الأقوى الجواز.
2- إذا لم يصدق عليه قرض يجر النفع و ان كان ذلك النفع نفعا غير مالي، و الا فمشكل لا يترك الاحتياط.
3- و الأقوى انه لو شرط التأجيل في القرض لم يلزم، و قد مر التفصيل فيه فراجع الحاشية التي كتبناها في أول كتاب الدين.

ص: 180

لو أداه المقترض فيه هو بلد القرض، و أما غيره فيحتاج إلى التراضي (1)، و ان كان الأحوط للمقترض (2) مع عدم الضرر و عدم الاحتياج إلى مئونة الحمل الأداء لو طالبه الغريم فيه.

[مسألة: 17 يجوز ان يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل و كل شرط سائغ لا يكون فيه النفع للمقرض و لو كان مصلحة له]

مسألة: 17 يجوز ان يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل و كل شرط سائغ لا يكون فيه النفع للمقرض و لو كان مصلحة له.

[مسألة: 18 لو اقترض دراهم ثم أسقطها السلطان و جاء بدراهم غيرها لم يكن عليه الا الدراهم الاولى]

مسألة: 18 لو اقترض دراهم ثم أسقطها السلطان و جاء بدراهم غيرها لم يكن عليه الا الدراهم الاولى (3). نعم في مثل الصكوك المتعارفة في هذه الأزمنة المسماة بالنوط و الاسكناس و غيرهما إذا سقطت عن الاعتبار الظاهر اشتغال الذمة بالدراهم و الدنانير التي تتناول هذه الصكوك بدلا عنها، لان الاقتراض في الحقيقة يقع على الدراهم (4) أو الدنانير التي هي من النقدين و من الفضة و الذهب المسكوكين، و ان كان في مقام التسليم و الإيصال يكتفى بتسليم تلك الصكوك و إيصالها (5). نعم لو فرض وقوع القرض على الصك الخاص بنفسه- بأن قال مثلا أقرضتك هذا الكاغذ الكذائي المسمى بالنوط الكذائي- كان حالها حال الدراهم في انه إذا أسقط اعتبارها لم يكن على المقترض إلا أداء الصك (6)، و هكذا الحال في المعاملات و المهور الواقعة على الصكوك.


1- إذا فهم اشتراط الأداء في بلد القرض و لو بالانصراف.
2- بل الأقوى في صورة اشتراط الأداء في بلد القرض، كما ان الأقوى وجوب القبول على المقرض في القرض المذكور.
3- مع بقاء ماليتها و لو يسيرا و الا فعليه قيمة يوم السقوط.
4- هذا خلاف ما هو المتعارف في المعاملات فان لها مالية من جهة الاعتبار يقع عليها بنفسها من دون نظر الى الدراهم و الدنانير، كيف و هي غير مقدور التسليم لكثير من الناس.
5- قد مر ان الأقوى عدم كفاية قبض هذا الكاغذ عن قبض النقدين.
6- بل الأقوى لزوم أداء ما كان له من المالية قبل السقوط، لان سقوط هذه الكواغذ ليس الا كتلف المثلي في المثليات فيتبدل بالقيمة.

ص: 181

[كتاب الرهن]

اشارة

كتاب الرهن و هو دفع العين (1) للاستيثاق على الدين، و يقال للعين «الرهن» و «المرهون» و لدافعها «الراهن» و لأخذها «المرتهن»، و يحتاج الى العقد المشتمل على الإيجاب و القبول، و الأول من الراهن، و هو كل لفظ أفاد المعنى المقصود في متفاهم أهل المحاورة كقوله «رهنتك» أو «أرهنتك» أو «هذا وثيقة عندك على مالك» و نحو ذلك، و الثاني من المرتهن، و هو كل لفظ دال على الرضا بالإيجاب. و لا يعتبر فيه العربية، بل الظاهر عدم اعتبار الصيغة فيه أصلا فيقع بالمعاطاة.

[مسألة: 1 يشترط في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار]

مسألة: 1 يشترط في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، و في خصوص الأول عدم الحجر بالسفه و الفلس، و يجوز لولي الطفل و المجنون رهن مالهما و الارتهان لهما مع المصلحة و الغبطة.

[مسألة: 2 يشترط في صحة الرهن القبض من المرتهن بإقباض من الراهن أو بإذن منه]

مسألة: 2 يشترط في صحة الرهن القبض من المرتهن بإقباض من الراهن أو بإذن منه، و لو كان في يده شي ء وديعة أو عارية بل و لو غصبا فأوقعا عقد الرهن عليه كفى و لا يحتاج الى قبض جديد، و لو رهن المشاع لا يجوز تسليمه الى المرتهن الا برضا شريكه، و لكن لو سلمه إليه فالظاهر كفايته في تحقق القبض الذي هو شرط لصحة الرهن و ان تحقق العدوان بالنسبة إلى حصة شريكه.


1- و الاولى أن يقال هو اعتبار اضافة بين العين المرهونة و المرتهن مستتبعة لتسلط المرتهن على استيفاء دينه منها على فرض امتناع الدائن عن الأداء بإيجاب و قبول يعبر عنهما بعقد الرهن، و دفع العين وفاء لذلك العقد و متمم للاستيثاق.

ص: 182

[مسألة: 3 انما يعتبر القبض في الابتداء و لا يعتبر استدامته]

مسألة: 3 انما يعتبر القبض في الابتداء و لا يعتبر استدامته، فلو قبضه المرتهن ثم صار في يد الراهن أو غيره بإذن الراهن أو بدونه لم يضر و لم يطرأه البطلان.

نعم الظاهر ان للمرتهن استحقاق ادامة القبض و كونه تحت يده، فلا يجوز انتزاعه منه الا إذا شرط في العقد كونه بيد الراهن (1) أو يد ثالث.

[مسألة: 4 يشترط في المرهون أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه و يصح بيعه]

مسألة: 4 يشترط في المرهون أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه و يصح بيعه، فلا يصح رهن الدين (2) قبل قبضه و لا المنفعة و لا الحر و لا الخمر و الخنزير و لا مال الغير إلا بإذنه أو إجازته و لا الأرض الخراجية (3) و لا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد عوده و لا الوقف و لو كان خاصا.

[مسألة: 5 لو رهن ما يملك و ما لا يملك في عقد واحد صح في ملكه]

مسألة: 5 لو رهن ما يملك و ما لا يملك (4) في عقد واحد صح في ملكه و وقف في ملك غيره على اجازة مالكه.

[مسألة: 6 لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية لا إشكال في صحة رهن ما فيها مستقلا]

مسألة: 6 لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية لا إشكال في صحة رهن ما فيها مستقلا، و كذا مع أرضها بعنوان التبعية (5)، و أما رهن أرضها مستقلا ففيه إشكال (6).

[مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الرهن ملكا لمن عليه الدين]

مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الرهن ملكا لمن عليه الدين، فيجوز لشخص ان يرهن ماله على دين شخص آخر تبرعا و لو من غير اذنه، بل و لو مع نهيه، و كذا يجوز للمديون ان يستعير شيئا ليرهنه على دينه، و لو رهنه و قبضه المرتهن ليس لمالكه الرجوع (7) و يبيعه المرتهن كما يبيع ما كان ملكا لمن عليه الدين، و لو بيع كان لمالكه


1- بعد القبض مثل ان يشترط على المرتهن أن يعيد العين المرهونة بعد القبض على الراهن أو على الثالث، و أما قبل القبض فاشتراط كونها بيد الراهن أو الثالث فغير جائز.
2- و كذا لا يصح رهن الكلي في ذمة الراهن ثم اقباض مصداقه.
3- كالمفتوحة عنوة و التي صولح على أهلها ان تكون ملكا للمسلمين و ضرب عليهم الخراج.
4- أى ملك غيره.
5- بناء على انها تملك تبعا.
6- بل منع.
7- لكن له مطالبة الراهن بالفك عند انقضاء الأجل المأذون فيه و مطلقا في غير المؤجل.

ص: 183

مطالبة المستعير بما بيع به لو بيع بالقيمة أو بالأكثر و بقيمته تامة لو بيع بأقل من قيمته، و لو عين له ان يرهنه على حق مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معين لم يجز له مخالفته، و لو اذنه في الرهن مطلقا جاز له الجميع و تخير.

[مسألة: 8 لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع اليه الفساد قبل الأجل]

مسألة: 8 لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع اليه الفساد قبل الأجل، فإن شرط بيعه قبل ان يطرأ عليه الفساد صح الرهن و يبيعه الراهن أو يوكل المرتهن في بيعه و ان امتنع أجبره الحاكم، فان تعذر باعه الحاكم، و مع فقده باعه المرتهن، فإذا بيع يجعل ثمنه رهنا. و كذلك الحال لو أطلق و لم يشترط البيع و لا عدمه، و أما لو شرط عدم البيع الا بعد الأجل بطل الرهن. و لو رهن ما لا يتسارع اليه الفساد فعرض ما صيره عرضة للفساد كالحنطة تبتل لم ينفسخ الرهن بل يباع و يجعل الثمن رهنا.

[مسألة: 9 لا إشكال في انه يعتبر في المرهون كونه معينا، فلا يصح رهن المبهم]

مسألة: 9 لا إشكال في انه يعتبر في المرهون كونه معينا، فلا يصح رهن المبهم كأحد هذين. نعم الظاهر صحة (1) رهن الكلي في المعين كعبد من عبدين و صاع من صبرة و شاة من هذا القطيع، و قبضه اما بقبض الجميع أو بقبض ما عينه الراهن منه، فإذا عين بعد العقد عبدا أو صاعا أو شاة و قبضه المرتهن صح الرهن و لزم.

و الظاهر عدم صحة رهن المجهول من جميع الوجوه (2)، كما إذا رهن ما في الصندوق المقفل، و إذا رهن الصندوق بما فيه صح بالنسبة إلى الظرف دون المظروف. و أما المعلوم الجنس و النوع المجهول المقدار كصبرة من حنطة مشاهدة فالظاهر صحة رهنه (3).

[مسألة: 10 يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة لتحقق موجبه من اقتراض]

مسألة: 10 يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة لتحقق موجبه من اقتراض أو اسلاف مال أو شراء أو استيجار عين بالذمة و غير ذلك حالا كان الدين أو مؤجلا، فلا يصح الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد، فلو رهن شيئا ما يقترض ثم اقترض لم يصر بذلك رهنا، و لا على الدية قبل استقرارها بتحقق


1- فيه اشكال.
2- حتى من حيث القيمة و المالية.
3- إذا كانت قيمته معلومة.

ص: 184

الموت و ان علم أن الجناية تؤدي اليه، و لا على مال الجعالة قبل تمام العمل.

[مسألة: 11 و كما يصح في الإجارة أن يأخذ الموجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر]

مسألة: 11 و كما يصح في الإجارة أن يأخذ الموجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر، كذلك يصح ان يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمة المؤجر.

[مسألة: 12 الظاهر أنه يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة و العارية المضمونة]

مسألة: 12 الظاهر أنه يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة و العارية المضمونة و المقبوض بالسوم و نحوها، و أما عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح و غيرها لو خرجت مستحقة للغير ففي صحة الرهن عليها تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 13 لو اشترى شيئا بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهنا على الثمن]

مسألة: 13 لو اشترى شيئا بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهنا على الثمن.

[مسألة: 14 لو رهن على دينه رهنا ثم استدان مالا آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهنا على الثاني]

مسألة: 14 لو رهن على دينه رهنا ثم استدان مالا آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهنا على الثاني أيضا و كان رهنا عليهما معا، سواء كان الثاني مساويا للأول في الجنس و القدر أو مخالفا، و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع الى ما شاء، و كذا إذا رهن شيئا على دين جاز أن يرهن شيئا آخر على ذلك الدين، و كانا جميعا رهنا عليه.

[مسألة: 15 لو رهن شيئا عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضا باتفاق من المرتهنين كان رهنا على الحقين]

مسألة: 15 لو رهن شيئا عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضا باتفاق من المرتهنين كان رهنا على الحقين إلا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأول و كونه رهنا على خصوص الدين الثاني.

[مسألة: 16 لو استدان اثنان من واحد كل منهما دينا ثم رهنا عنده مالا مشتركا بينهما و لو بعقد واحد]

مسألة: 16 لو استدان اثنان من واحد كل منهما دينا ثم رهنا عنده مالا مشتركا بينهما و لو بعقد واحد ثم قضى أحدهما دينه انفكت حصته عن الرهانة و صارت طلقا، و لو كان الراهن واحدا و المرتهن متعددا- بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئا عندهما بعقد واحد- فكل منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين، و مع التفاوت فالظاهر التقسيط و التوزيع بنسبة حقهما، فان قضى دين أحدهما انفك عن الرهانة ما يقابل


1- و الأقوى عدم الصحة قبل انكشاف خروجها مستحقة للغير للشك في كونها من الأعيان المضمونة، و أما بعد الانكشاف فلا إشكال في أخذ الرهن للمضمون من الثمن و المثمن دينا كانا أو عينا أو مختلفين.

ص: 185

حقه. هذا كله في التعدد ابتداء، و أما التعدد الطارئ فالظاهر أنه لا عبرة به، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفك نصيب أحدهما بأداء حصته من الدين، كما انه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطى أحدهما نصيبه من الدين لم ينفك بمقداره من الرهن.

[مسألة: 17 لا يدخل الحمل الموجود في رهن الحامل و لا الثمر في رهن النخل]

مسألة: 17 لا يدخل الحمل الموجود (1) في رهن الحامل و لا الثمر في رهن النخل و الشجر و كذا ما يتجدد إلا إذا اشترط دخولها. نعم الظاهر دخول الصوف و الشعر و الوبر في رهن الحيوان، و كذا الأوراق و الأغصان حتى اليابسة في رهن الشجر، و أما اللبن في الضرع و مغرس الشجر (2) و أس الجدار- أعني موضع الأساس من الأرض- ففي دخولها تأمل و اشكال لا يبعد عدم الدخول، و ان كان الأحوط التصالح و التراضي.

[مسألة: 18 الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن]

مسألة: 18 الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن، فليس للراهن انتزاعه منه بدون رضاه الا أن يسقط حقه من الارتهان أو ينفك الرهن بفراغ ذمة الراهن من الدين بالأداء أو الإبراء أو غير ذلك، و لو برئت ذمته من بعض الدين فالظاهر بقاء الجميع رهنا على ما بقي، إلا إذا اشترطا التوزيع فينفك منه على مقدار ما برأ منه و يبقى رهنا على مقدار ما بقي، أو شرطا كونه رهنا على المجموع من حيث المجموع، فينفك الجميع بالبراءة عن بعض الدين.

[مسألة: 19 لا يجوز للراهن التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن]

مسألة: 19 لا يجوز للراهن التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن، سواء كان ناقلا للعين كالبيع أو المنفعة كالإجارة أو مجرد انتفاع به و ان لم يضر به كالاستخدام و الركوب و السكنى و نحوها، فان تصرف بغير الناقل اثم، و لم يترتب عليه شي ء إلا إذا كان بالإتلاف، فيلزم قيمته و تكون رهنا. و ان كان البيع أو الإجارة و غيرهما من النواقل وقف على اجازة المرتهن، ففي مثل الإجارة تصح بالإجازة و بقيت الرهانة على حالها، بخلافها في البيع فإنه يصح بها و تبطل الرهانة، كما أنها تبطل إذا كان


1- لو لا قرينة تدل على دخوله و لو كانت هي التعارف عند العرف.
2- كل ذلك محول إلى القرائن الحالية و المتعارفة عند الناس.

ص: 186

عن اذن سابق من المرتهن.

[مسألة: 20 لا يجوز للمرتهن التصرف في الرهن بدون اذن الراهن]

مسألة: 20 لا يجوز للمرتهن التصرف في الرهن بدون اذن الراهن، فلو تصرف فيه بركوب أو سكنى و نحوهما ضمن العين لو تلفت تحت يده للتعدي و لزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة، و لو كان ببيع و نحوه أو بإجارة و نحوها وقع فضوليا، فان اجازة الراهن صح و كان الثمن و الأجرة المسماة له، و كان الثمن (1) رهنا في البيع لم يجز لكل منهما التصرف فيه الا بإذن الأخر، و بقي العين رهنا في الإجارة، و ان لم يجز كان فاسدا.

[مسألة: 21 منافع الرهن كالسكنى و الخدمة و كذا نماءاته المنفصلة]

مسألة: 21 منافع الرهن كالسكنى و الخدمة و كذا نماءاته المنفصلة كالنتاج و الثمر و الصوف و الشعر و الوبر و المتصلة كالسمن و الزيادة في الطول و العرض كلها للراهن، سواء كانت موجودة حال الارتهان أو وجدت بعده، و لا يتبعه في الرهانة إلا نماءاته المتصلة.

[مسألة: 22 لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح]

مسألة: 22 لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح، فلو كان الدين مؤجلا و أدركت الثمرة قبل حلول الأجل، فإن كانت تجفف و يمكن إبقاؤها بالتجفيف جففت و الا بيعت و كان الثمن رهنا (2).

[مسألة: 23 إذا كان الدين حالا أو حل و أراد المرتهن استيفاء حقه]

مسألة: 23 إذا كان الدين حالا أو حل و أراد المرتهن استيفاء حقه، فان كان وكيلا عن الراهن في بيع الرهن و استيفاء دينه منه له ذلك من دون مراجعة اليه، و ان لم يكن وكيلا عنه في ذلك ليس له أن يبيعه بل يراجع الراهن و يطالبه بالوفاء و لو ببيع الرهن أو توكيله في بيعه، فان امتنع من ذلك رفع أمره الى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع، فان امتنع على الحاكم إلزامه باعه عليه بنفسه أو بتوكيل الغير


1- هذا إذا باع المرتهن للراهن بشرط كون الثمن رهنا فأجاز الراهن، و أما إذا لم يشترط فيبطل الرهن بعد الإجازة سواء باع المرتهن لنفسه أو باع للراهن، و صيرورة الثمن رهنا يحتاج الى عقد جديد.
2- إذا اذن المرتهن بيعه بشرط كون الثمن رهنا، و الا فكون الثمن رهنا يحتاج الى عقد جديد كما مر.

ص: 187

و لو كان هو المرتهن نفسه، و مع فقد الحاكم أو عدم اقتداره على الإلزام بالبيع و على البيع عليه لعدم بسط اليد باعه المرتهن بنفسه (1) و استوفى حقه أو بعضه من ثمنه إذا ساواه أو كان أقل، و ان كان أزيد كان الزائد عنده أمانة شرعية يوصله الى صاحبه.

[مسألة: 24 إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه]

مسألة: 24 إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه و خاف من أنه لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن للدين فأخذ منه الرهن بموجب اعترافه و طولب بالبينة على حقه جاز له بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم (2)، و كذا لو مات المرتهن و خاف الراهن جحود الوارث.

[مسألة: 25 لو وفي بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه على الأحوط]

مسألة: 25 لو وفي بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه على الأحوط لو لم يكن أقوى و بقي الباقي امانة عنده، إلا إذا لم يمكن التبعيض و لو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكل.

[مسألة: 26 إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه]

مسألة: 26 إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه (3) و استيفاء طلبه منه كسائر الرهون.

[مسألة: 27 إذا كان الراهن مفلسا أو مات و عليه ديون للناس كان المرتهن أحق من باقي الغرماء]

مسألة: 27 إذا كان الراهن مفلسا أو مات و عليه ديون للناس كان المرتهن أحق من باقي الغرماء باستيفاء حقه من الرهن، فان فضل شي ء يوزع على الباقين بالحصص، و ان نقص عن حقه استوفى بعض حقه من الرهن و يضرب بما بقي مع الغرماء في سائر أموال الراهن لو كان.

[مسألة: 28 الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و تفريط]

مسألة: 28 الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و تفريط. نعم لو كان في يده مضمونا لكونه مغصوبا أو عارية مضمونة مثلا ثم ارتهن عنده لم يزل الضمان إلا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان


1- بل بإذن الحاكم ان أمكن و مع عدمه بنفسه.
2- بل يستأذن منه من دون ذكر اسم الراهن لئلا يؤاخذ بإقراره، و ان لم يمكن فيبيع بنفسه، و كذا في موت المرتهن.
3- و لكن لا ينبغي للمسلم أن يخرج المسلم من ظل رأسه.

ص: 188

على الأقوى، و إذا انفك الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة المالكية في يده لا يجب تسليمه الى المالك الا مع المطالبة كسائر الأمانات.

[مسألة: 29 لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن]

مسألة: 29 لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن، فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهونا على دين مورثهم و ينتقل إلى ورثة المرتهن حق الرهانة، فإن امتنع الراهن من استيمانهم كان له ذلك، فان اتفقوا على أمين و الا سلمه الحاكم الى من يرتضيه، و ان فقد الحاكم فعدول المؤمنين.

[مسألة: 30 إذا ظهر للمرتهن أمارات الموت يجب عليه الوصية بالرهن]

مسألة: 30 إذا ظهر للمرتهن أمارات الموت يجب عليه الوصية بالرهن و تعيين المرهون و الراهن و الإشهاد كسائر الودائع، و لو لم يفعل كان مفرطا و عليه ضمانه.

[مسألة: 31 لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات و لم يعلم بوجوده في تركته لا تفصيلا و لا إجمالا]

مسألة: 31 لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات و لم يعلم بوجوده في تركته لا تفصيلا و لا إجمالا و لم يعلم كونه تالفا بتفريط منه لم يحكم به في ذمته و لا بكونه موجودا في تركته، بل يحكم بكونها لورثته. نعم لو علم أنه قد كان موجودا في أمواله الباقية الى بعد موته و لم يعلم أنه بعد باق فيها أم لا- كما إذا كان سابقا في صندوقه داخلا في الأموال التي كانت فيه و بقيت الى زمان موته و لم يعلم انه قد أخرجه و أوصله الى مالكه أو باعه و استوفى ثمنه أو تلف بغير تفريط منه أم لا- لم يبعد (1) ان يحكم ببقائه فيها، فيكون بحكم معلوم البقاء، و قد مر بعض ما يتعلق بهذه المسألة في بعض مسائل المضاربة.

[مسألة: 32 لو اقترض من شخص دينارا مثلا برهن و دينارا آخر منه بلا رهن]

مسألة: 32 لو اقترض من شخص دينارا مثلا برهن و دينارا آخر منه بلا رهن ثم دفع اليه دينارا بنية الأداء و الوفاء، فان نوى كونه عن ذي الرهن سقط و انفك رهنه، و ان نوى كونه عن الأخر لم ينفك الرهن و بقي دينه، و ان لم يقصد إلا أداء دينار من


1- بل لا يصح ذلك، لان الاستصحاب إبقاء ما كان ثابتا، و كون بعض التركة الموجودة للراهن سابقا غير متيقن، و قد ذكرنا ذلك في المضاربة أيضا.

ص: 189

الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره لا إشكال في عدم انفكاك الرهن.

و هل يوزع ما دفعه على الدينين فإذا أكمل أداء دين ذي الرهن انفك رهنه، أو يحسب ما دفعه أداء لغير ذي الرهن و يبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفك رهنه الا بأدائه؟ وجهان (1).


1- بل وجوه و احتمالات، و مقتضى الاستصحاب بقاء الرهن حتى يعلم فكه.

ص: 190

[كتاب الحجر]

اشارة

كتاب الحجر و هو في الأصل بمعنى المنع، و شرعا كون الشخص ممنوعا في الشرع عن التصرف في ماله بسبب من الأسباب، و هي كثيرة نذكر منها ما هو العمدة، و هي:

الصغر، و السفه، و الفلس، و مرض الموت.

[القول في الصغر]
اشارة

القول في الصغر:

[مسألة: 1 الصغير- و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ- محجور عليه شرعا]

مسألة: 1 الصغير- و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ- محجور عليه شرعا لا تنفذ تصرفاته (1) في أمواله ببيع و صلح و هبة و إقراض و اجارة و إيداع و اعارة و غيرها و ان كان في كمال التميز و الرشد و كان التصرف في غاية الغبطة و الصلاح، بل لا يجدي في الصحة اذن الولي سابقا و لا اجازته لا حقا عند المشهور.

[مسألة: 2 كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته]

مسألة: 2 كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته، فلا يصح منه الاقتراض و لا البيع و الشراء في الذمة بالسلم و النسيئة و ان كان مدة الأداء مصادفة لزمان البلوغ، و كذلك بالنسبة إلى نفسه فلا ينفذ منه التزويج و الطلاق و لا اجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك. نعم يجوز حيازته المباحات بالاحتطاب و الاحتشاش و نحوهما و يملكها بالنية، بل و كذا يملك الجعل (2) في الجعالة بعمله و ان لم يأذن له الولي فيهما.


1- و يأتي حكم وصيته إذا بلغ عشرا إن شاء اللّٰه تعالى.
2- إذا تحرك بجعل الجاعل كما مر.

ص: 191

[مسألة: 3 يعرف البلوغ في الذكر و الأنثى بأحد أمور ثلاثة]

مسألة: 3 يعرف البلوغ في الذكر و الأنثى بأحد أمور ثلاثة:

الأول: نبات الشعر الخشن على العانة، و لا اعتبار بالزغب و الشعر الضعيف.

الثاني: خروج المني، سواء خرج يقظة أو نوما بجماع أو احتلام أو غيرهما.

الثالث: السن، و هو في الذكر خمسة عشر سنة و في الأنثى تسع سنين.

[مسألة: 4 لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي]

مسألة: 4 لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي، بل لا بد معه من الرشد و عدم السفه بالمعنى الذي سنبينه.

[مسألة: 5 ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شئونه لأبيه و جده لأبيه]

مسألة: 5 ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شئونه لأبيه و جده لأبيه، و مع فقدهما للقيم من أحدهما، و هو الذي أوصى أحدهما بأن يكون ناظرا في أمره، و مع فقد الوصي يكون الولاية و النظر للحاكم الشرعي، و أما الأم و الجد للأم و الأخ فضلا عن الأعمام و الأخوال فلا ولاية لهم عليه بحال. نعم الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنين (1) مع فقد الحاكم.

[مسألة: 6 الظاهر أنه لا يشترط العدالة في ولاية الأب و الجد]

مسألة: 6 الظاهر أنه لا يشترط العدالة في ولاية الأب و الجد، فلا ولاية للحاكم مع فسقهما، لكن متى ظهر له و لو بقرائن الأحوال الضرر منهما (2) على المولى عليه عزلهما و منعهما من التصرف في أمواله، و لا يجب عليه الفحص عن عملهما و تتبع سلوكهما.

[مسألة: 7 الأب و الجد مشتركان في الولاية]

مسألة: 7 الأب و الجد مشتركان في الولاية، فينفذ تصرف السابق منهما و لغا تصرف اللاحق، و لو اقترنا ففي تقديم الجد (3) أو الأب أو عدم الترجيح و بطلان تصرف كليهما وجوه بل أقوال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 8 الظاهر أنه لا فرق بين الجد القريب و البعيد]

مسألة: 8 الظاهر أنه لا فرق بين الجد القريب و البعيد، فلو كان له أب و جد و أب الجد و جد الجد اشتركوا كلهم في الولاية.

[مسألة: 9 يجوز للولي بيع عقار الصبي مع الحاجة و اقتضاء المصلحة]

مسألة: 9 يجوز للولي بيع عقار الصبي مع الحاجة و اقتضاء المصلحة،


1- و مع فقدهم للموثقين منهم.
2- بل إذا ظهر منهما الخيانة عزلهما دون مجرد الضرر و لو عن اشتباه.
3- و هو الأقوى.

ص: 192

فان كان البائع هو الأب أو الجد جاز للحاكم تسجيله و ان لم يثبت عنده أنه مصلحة، و أما غيرهما كالوصي، فلا يسجله الا بعد ثبوت كونه مصلحة عنده على الأحوط (1).

[مسألة: 10 يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه بشرط وثاقة العامل و أمانته]

مسألة: 10 يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه بشرط وثاقة العامل و أمانته، فإن دفعه الى غيره ضمن.

[مسألة: 11 يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة]

مسألة: 11 يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة أو الى من يعلمه القراءة و الخط و الحساب و العلوم العربية و غيرها من العلوم النافعة لدينه و دنياه، و يلزم عليه أن يصونه عما يفسد أخلاقه فضلا عما يضر بعقائده.

[مسألة: 12 يجوز لولي اليتيم افراده بالمأكول و الملبوس من ماله]

مسألة: 12 يجوز لولي اليتيم افراده بالمأكول و الملبوس من ماله و ان يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيوزع المصارف عليهم على الرءوس، لكن هذا بالنسبة إلى المأكول و المشروب و أما الكسوة فيحسب على كل شخص كسوته، و كذلك الحال في اليتامى المتعددين، فيجوز لمن يتولى إنفاقهم افراد كل واحد منهم و ان يخلطهم في المأكول و المشروب و يوزع المصارف عليهم على الرءوس دون الكسوة فإنه يثبت و يحسب على كل واحد ما يحتاج اليه منها.

[مسألة: 13 إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة]

مسألة: 13 إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة، لكن لا يحل على المتصالح باقي المال و ليس للولي إسقاطه بحال.

[مسألة: 14 المجنون كالصغير في جميع ما ذكر.]

مسألة: 14 المجنون كالصغير في جميع ما ذكر. نعم في ولاية الأب و الجد و وصيهما عليه إذا تجدد جنونه بعد بلوغه و رشده أو كونها للحاكم اشكال، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معا (2).

[مسألة: 15 ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير]

مسألة: 15 ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير ملاحظا له عادته و نظرائه و أطعمه و كساه ما يليق بشأنه.

[مسألة: 16 لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق]

مسألة: 16 لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق و أنكر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو كيفيته، القول قول الولي مع اليمين الا


1- و ان كان الأقوى جوازه حملا لفعل المؤمن على الصحة.
2- و ان كان الأقوى فيه ولاية الحاكم.

ص: 193

أن يكون مع الصبي البينة.

[القول في السفه]
اشارة

القول في السفه:

السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله و الاعتناء بحاله يصرفه في غير موقعه و يتلفه بغير محله، و ليس معاملاته مبنية على المكايسة و التحفظ عن المغابنة، لا يبالي بالانخداع فيها، يعرفه أهل العرف و العقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجا عن طورهم و مسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلا و صرفا. و هو محجور عليه شرعا لا ينفذ تصرفاته في ماله ببيع و صلح و اجارة و إيداع و غيرها و عارية، و لا يتوقف حجره (1) على حكم الحاكم على الأقوى. و لا فرق بين أن يكون سفهه متصلا بزمان صغره أو تجدد بعد البلوغ، فلو كان سفيها ثم حصل له الرشد ارتفع حجره، فان عاد الى حالته السابقة حجر عليه، و لو زالت فك حجره، و لو عاد عاد الحجر عليه و هكذا.

[مسألة: 1 ولاية السفيه للأب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيها]

مسألة: 1 ولاية السفيه للأب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيها، و في من طرأ عليه السفه بعد البلوغ للحاكم الشرعي.

[مسألة: 2 كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته]

مسألة: 2 كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته، بأن يتعهد مالا أو عملا، فلا يصح اقتراضه و ضمانه و لا بيعه و شراؤه بالذمة و لا اجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك.

[مسألة: 3 معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله]

مسألة: 3 معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله، فلو كان بإذن الولي أو اجازته صح و نفذ. نعم في مثل العتق و الوقف مما لا يجري فيه الفضولية يشكل صحته بالإجازة اللاحقة من الولي، و لو أوقع معاملة في حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها كانت كإجازة الولي.

[مسألة: 4 لا يصح زواج السفيه بدون اذن الولي أو إجازته]

مسألة: 4 لا يصح زواج السفيه بدون اذن الولي أو إجازته، لكن يصح


1- فيحكم بكونه محجورا عليه في أمواله مع العلم بسفاهته، و كذا لا يتوقف زوال الحجر عنه بحكمه مع العلم بزوال سفاهته، و مع الشك في الحدوث أو الزوال يحكم ببقاء الحالة السابقة في الشبهة الموضوعية و يرجع الى المجتهد في الشبهة الحكمية لو فرض تحققها.

ص: 194

طلاقه و ظهاره و خلعه و يقبل إقراره إذا لم يتعلق بالمال كما لو أقر بالنسب (1) أو بما يوجب القصاص و نحو ذلك، و لو أقر بالسرقة يقبل في القطع دون المال.

[مسألة: 5 لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلا جاز]

مسألة: 5 لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلا جاز، و لو كان وكيلا في أصل المعاملة لا في مجرد إجراء الصيغة.

[مسألة: 6 إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شي ء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره]

مسألة: 6 إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شي ء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره، و لو حنث كفر كسائر ما أوجب الكفارة كقتل الخطأ و الإفطار في شهر رمضان، و هل يتعين عليه الصوم لو تمكن منه أو يتخير بينه و بين كفارة مالية كغيره؟ وجهان، أحوطهما الأول بل لا يخلو من قوة. نعم لو لم يتمكن من الصوم تعين غيره، كما إذا فعل ما يوجب الكفارة المالية على التعيين كما في كفارات الإحرام كلها أو جلها.

[مسألة: 7 لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه]

مسألة: 7 لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه، بخلاف الدية و أرش الجناية.

[مسألة: 8 إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلا من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته]

مسألة: 8 إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلا من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته، فان لم يقع الا بمجرد العقد ألغاه، و ان وقع تسليم و تسلم للعوضين فما سلمه الى الطرف الأخر يسترده و يحفظه و ما تسلمه و كان موجودا يرده الى مالكه و ان كان تالفا ضمنه السفيه، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير اذن من مالكه و ان كان بإذن منه و تسليمه لم يضمنه (2) و قد تلف من مال مالكه. نعم يقوى الضمان لو كان المالك الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله، خصوصا إذا كان التلف بإتلاف منه، و كذا الحال فيما لو اقترض السفيه و أتلف المال.


1- و في لوازمه المالية كالنفقات فلا يترك مراعاة الاحتياط.
2- هذا على مبناه من عدم ضمان المأخوذ بالعقد الفاسد إذا سلم صاحب المال الى طرف المعاملة مع العلم بالفساد، و أما على ما اخترناه من الضمان فيه فلا فرق بين السفيه و غيره، و كذا لا فرق بين التلف و الإتلاف و بين جهل المالك بالحال و علمه.

ص: 195

[مسألة: 9 لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى]

مسألة: 9 لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى، سواء علم المودع بحاله أو جهل بها. نعم لو تلف عنده لم يضمنه حتى مع تفريطه في حفظها (1).

[مسألة: 10 لا يسلم الى السفيه ماله ما لم يحرز رشده]

مسألة: 10 لا يسلم الى السفيه ماله ما لم يحرز رشده، و إذا اشتبه حاله يختبر، بأن يفوض إليه مدة معتد بها بعض الأمور مما يناسب شأنه كالبيع و الشراء و الإجارة و الاستيجار لمن يناسبه مثل هذه الأمور و الرتق و الفتق في بعض الأمور مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه أو مصالح الولي و نحو ذلك فيمن يناسبه ذلك. و في السفيهة يفوض إليها ما يناسب النساء من ادارة بعض مصالح البيت و المعاملة مع النساء من الإجارة و الاستيجار للخياطة أو الغزل و النساجة و أمثال ذلك، فإن أنس منه الرشد- بأن رأى منه المداقة و المكايسة و التحفظ عن المغابنة في معاملاته و صيانة المال من التضييع و صرفه في موضعه و جريه مجاري العقلاء- دفع اليه ماله و الا فلا.

[مسألة: 11 الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ يجب اختباره قبله ليسلم اليه ماله بمجرد بلوغه]

مسألة: 11 الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ يجب اختباره قبله ليسلم اليه ماله بمجرد بلوغه لو أنس منه الرشد، و الا ففي كل زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده، و أما غيره فان ادعى حصول الرشد له و احتمله الولي يجب اختباره، و ان لم يدع حصوله ففي وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال اشكال لا يبعد عدم الوجوب (2) بل لا يخلو من قوة.

[القول في المفلس]
اشارة

القول في المفلس:

و هو من حجر عليه عن ماله لقصوره عن ديونه.

[مسألة: 1 من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يجوز له التصرف]

مسألة: 1 من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يجوز له التصرف فيها بأنواعه و نفذ أمره فيها بأصنافه و لو بإخراجها جميعا عن ملكه مجانا أو بعوض ما


1- بل يضمن مع التفريط كغيره.
2- بل لا يترك الاحتياط بالاختبار مع الاحتمال.

ص: 196

لم يحجر عليه الحاكم الشرعي. نعم لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلا لأجل الفرار من أداء الديون يشكل الصحة، خصوصا فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب و نحوه.

[مسألة: 2 لا يجوز الحجر على المفلس الا بشروط أربعة]

مسألة: 2 لا يجوز الحجر على المفلس الا بشروط أربعة:

الأول: أن تكون ديونه ثابتة شرعا.

الثاني: أن تكون أمواله من عروض و نقود و منافع و ديون على الناس ما عدا مستثنيات الدين قاصرة عن ديونه.

الثالث: أن تكون الديون حالة، فلا يحجر عليه لأجل الديون المؤجلة و ان لم يف ماله بها لو حلت، و لو كان بعضها حالا و بعضها مؤجلا فإن قصر ماله عن الحالة يحجر عليه و الا فلا.

الرابع: ان يرجع الغرماء كلهم أو بعضهم (1) الى الحاكم و يلتمسوا منه الحجر عليه (2).

[مسألة: 3 بعد ما تمت الشرائط الأربعة و حجر عليه الحاكم و حكم بذلك تعلق حق الغرماء بأمواله]

مسألة: 3 بعد ما تمت الشرائط الأربعة و حجر عليه الحاكم و حكم بذلك تعلق حق الغرماء بأمواله، و لا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع و الإجارة و بغير عوض كالوقف و الهبة إلا بإذنهم أو إجازتهم. و انما يمنع عن التصرفات الابتدائية، فلو اشترى شيئا سابقا بخيار ثم حجر عليه فالخيار باق و كان له فسخ البيع و اجازته. نعم لو كان له حق مالي سابقا على الغير ليس له إسقاطه و إبراؤه كلا أو بعضا.

[مسألة: 4 إنما يمنع عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه]

مسألة: 4 إنما يمنع عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه، و أما الأموال المتجددة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث أو باختياره بمثل الاحتطاب و الاصطياد و قبول الوصية و الهبة و نحو ذلك ففي شمول الحجر لها اشكال (3). نعم


1- بشرط أن يكون دين ذلك البعض أكثر من ماله و ان عم الحجر حينئذ له و لغيره.
2- فلا يحجر عليه مع عدم التماس أحدهم الا أن يكون الدين لمن كان الحاكم وليه من يتيم أو مجنون أو نحوهما.
3- و الأقوى عدم الشمول.

ص: 197

لا إشكال في جواز تجديد الحجر عليها.

[مسألة: 5 لو أقر بعد الحجر بدين سابق صح و شارك]

مسألة: 5 لو أقر بعد الحجر بدين سابق صح و شارك المقر له مع الغرماء، و كذا لو أقر بدين لاحق و أسنده إلى سبب لا يحتاج الى رضاء الطرفين مثل الإتلاف و الجناية و نحوهما، و أما لو أسنده إلى سبب يحتاج الى ذلك كالاقتراض و الشراء بما في الذمة و نحو ذلك نفذ الإقرار في حقه لكن لا يشارك المقر له مع الغرماء.

[مسألة: 6 لو أقر بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص لا إشكال في نفوذ إقراره في حقه]

مسألة: 6 لو أقر بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص لا إشكال في نفوذ إقراره في حقه، فلو سقط حق الغرماء و انفك الحجر لزمه تسليمها الى المقر له أخذا بإقراره، و أما نفوذه في حق الغرماء بحيث تدفع الى المقر له في الحال ففيه إشكال الأقوى العدم.

[مسألة: 7 بعد ما حكم الحاكم بحجر المفلس و منعه عن التصرف في أمواله يشرع في بيعها و قسمتها بين الغرماء]

مسألة: 7 بعد ما حكم الحاكم بحجر المفلس و منعه عن التصرف في أمواله يشرع في بيعها و قسمتها بين الغرماء بالحصص و على نسبة ديونهم مستثنيا منها مستثنيات الدين و قد مرت في كتاب الدين، و كذا أمواله المرهونة عند الديان لو كان، فان المرتهن (1) أحق باستيفاء حقه من الرهن الذي عنده و لا يحاصه فيه سائر الغرماء، و قد مر في كتاب الرهن.

[مسألة: 8 ان كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار]

مسألة: 8 ان كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع و يأخذ عين ماله و بين الضرب مع الغرماء بالثمن و لو لم يكن له مال سواها.

[مسألة: 9 قيل هذا الخيار على الفور]

مسألة: 9 قيل هذا الخيار على الفور، فان لم يبادر بالرجوع في العين تعين له الضرب مع الغرماء، و هو أحوط، لكن الظاهر العدم. نعم ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث يعطل أمر التقسيم على الغرماء، فإذا وقع منه ذلك خيره الحاكم بين الأمرين، فإن امتنع عن اختيار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن.

[مسألة: 10 يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين]

مسألة: 10 يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين، فلا رجوع


1- و يوزع الفاضل من دينه بين الغرماء كما مر منه.

ص: 198

لو كان مؤجلا (1).

[مسألة: 11 لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع ان يرجع إليها على الأظهر]

مسألة: 11 لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع ان يرجع إليها على الأظهر.

[مسألة: 12 المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض]

مسألة: 12 المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض، بل و كذا المؤجر، فإن له فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة.

[مسألة: 13 لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع الى الموجود]

مسألة: 13 لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع الى الموجود بحصته من الدين و الضرب بالباقي مع الغرماء، كما أن لهما الضرب بتمام الدين معهم، و كذا إذا استوفى المستأجر بعض المنفعة كان للموجر فسخ الإجارة بالنسبة الى ما بقي من المدة بحصتها من الأجرة و الضرب مع الغرماء بما قابلت المنفعة الماضية، كما أن له الضرب معهم بتمام الأجرة.

[مسألة: 14 لو زادت في العين المبيعة أو المقترضة زيادة متصلة السمن تتبع الأصل]

مسألة: 14 لو زادت في العين المبيعة أو المقترضة زيادة متصلة السمن (2) تتبع الأصل، فيرجع البائع أو المقترض الى العين كما هي، و أما الزيادة المنفصلة كالحمل و الولد و اللبن و الثمر على الشجر فهي للمشتري و المقترض و ليس للبائع و المقرض الرجوع الى الأصل.

[مسألة: 15 لو تعيبت العين عند المشتري مثلا، فان كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي]

مسألة: 15 لو تعيبت العين عند المشتري مثلا، فان كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي بدل الثمن و ان يضرب بالثمن مع الغرماء، و كذا لو كان بفعل البائع (3)، و أما ان كان بفعل الأجنبي فالبائع بالخيار بين أن يضرب مع الغرماء بتمام الثمن و بين أن يأخذ العين معيبا، و حينئذ فيحتمل أن يضارب الغرماء


1- و لم يحل عليه قبل قسمة الكل أو البعض، و الا فالأقرب الرجوع بها، كما أن الأقرب مشاركة الدين المؤجل الحال قبل القسمة لسائر الديون.
2- إذا كانت يسيرة بحيث يصدق عليها أنها عين ماله، و أما إذا كانت خطيرة بحيث يصدق عليها ماله مع الزيادة فالأحوط التصالح في الزيادة مع الغرماء.
3- الظاهر أن البائع كالأجنبي في جناياته.

ص: 199

في جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة الأرش إلى قيمة العين، و يحتمل أن يضاربهم في تمام الأرش، فإذا كان الثمن عشرة و قيمة العين عشرين و أرش النقصان أربعة خمس القيمة، فعلى الأول يضاربهم في اثنين و على الثاني في أربعة، و لو فرض العكس- بأن كان الثمن عشرين و القيمة عشرة و كان الأرش اثنين خمس العشرة يكون الأمر بالعكس يضاربهم في أربعة على الأول و في اثنين على الثاني، و المسألة محل إشكال، فالأحوط للبائع أن يقتصر على أقل الأمرين (1) و هو الاثنان في الصورتين.

[مسألة: 16 لو اشترى أرضا فأحدث فيها بناء أو غرسا ثم فلس كان للبائع الرجوع الى أرضه]

مسألة: 16 لو اشترى أرضا فأحدث فيها بناء أو غرسا ثم فلس كان للبائع الرجوع الى أرضه، لكن البناء و الغرس للمشتري و ليس له حق البقاء و لو بالأجرة، فإن تراضيا على البقاء مجانا أو بالأجرة و الا فللبائع إلزامه بالقلع لكن مع دفع الأرش، كما ان للمشتري القلع لكن مع طم الحفر، و الأحوط للبائع (2) عدم إلزامه بالقلع و الرضا ببقائه و لو بالأجرة إذا أراده المشتري.

[مسألة: 17 لو خلط المشتري مثلا ما اشتراه بماله]

مسألة: 17 لو خلط المشتري مثلا ما اشتراه بماله، فان كان بغير جنسه ليس للبائع الرجوع في ماله و بطل حقه من العين (3)، و ان كان بجنسه كان له ذلك سواء خلط بالمساوي أو الأردإ أو الأجود، و بعد الرجوع يشارك المفلس بنسبة مالهما في المقدار لكن فيما إذا اختلط بالمساوي اقتسماه عينا بنسبة مالهما. و أما في غيره فيباع المجموع و يخص كل منهما من الثمن بنسبة قيمة ماله، فإذا خلط منّ من زيت يسوى درهما بمن من زيت يسوى درهمين يقسم الثمن بينهما أثلاثا (4)، و إذا أراد أحدهما البيع


1- كما ان الأحوط للغرماء أيضا ان يقتصروا على أقل الأمرين مما يجوز لهم المشاركة فيه، و هو غير الأربعة في الصورتين، فينحصر التخلص عن المحذور بالتصالح و التراضي.
2- كما ان الأحوط للمشتري أيضا القلع مع إبرام البائع و لو مع الأرش، فالأحوط و الأوفق لتخلص الطرفين إتمام العمل بالتصالح و التراضي.
3- إذا كان الخلط بحيث لم يصدق معه بقاء العين، كما إذا خلط الجلاب باللبن أو الخل بالانجبين. و اما إذا صدق عليه بقاء العين و لو معيوبا فيعامل معه معاملة المعيوب، مثل ما إذا خلط الماء باللبن بمقدار لا يسلب عنه اسم اللبن و ان صار معيوبا.
4- فيما إذا لا يتفاوت قيمتها بالخلط بحيث يساوي في المثال قيمة المنين ثلاث دراهم،و أما إذا نقصت قيمة المخلوط من غير المخلوط مثل ان يساوي المنان المخلوطان درهمين بحيث كان الخلط موجبا لنقص قيمة الأجود دون الأردإ فلا وجه لتقسيم الثمن أثلاثا بل يقسم الثمن بينهما بالسوية لأن الخلط بالأجود لا يوجب نقصان قيمة الأردإ غالبا.

ص: 200

ليس للآخر الامتناع. نعم لصاحب الأجود مطالبة القسمة العينية بنسبة مقدار المالين، فإنه قد رضي بدون حقه و ليس للآخر الامتناع و مطالبة البيع و تقسيم الثمن بنسبة القيمة. هذا و لكن في أصل المسألة- و هو كون البائع أحق بماله في صورة الامتزاج- عندي تأمل و إشكال، فالأحوط عدم الرجوع الا مع رضى الغرماء.

[مسألة: 18 لو اشترى غزلا فنسجه أو دقيقا فخبزه أو ثوبا فقصره أو صبغه لم يبطل حق البائع من العين]

مسألة: 18 لو اشترى غزلا فنسجه أو دقيقا فخبزه أو ثوبا فقصره أو صبغه لم يبطل حق البائع من العين على اشكال في الأولين.

[مسألة: 19 غريم الميت كغريم المفلس]

مسألة: 19 غريم الميت كغريم المفلس، فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع اليه، لكن بشرط أن يكون ما تركه وافيا بدين الغرماء، و الا فليس له ذلك بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم و ان كان الميت قد مات محجورا عليه.

[مسألة: 20 يجرى على المفلس الى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته]

مسألة: 20 يجرى على المفلس الى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته و نفقة من يجب عليه نفقته و كسوته على ما جرت عليه عادته، و لو مات قدم كفنه بل و سائر مؤن تجهيزه من السدر و الكافور و ماء الغسل و نحو ذلك على حقوق الغرماء و يقتصر على الواجب على الأحوط، و ان كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لا يخلو من قوة.

[مسألة: 21 لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر لم ينتقض القسمة]

مسألة: 21 لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر لم ينتقض القسمة (1) على الأقوى، بل يشارك مع كل منهم على الحساب، فإذا كان مجموع ماله ستين و كان له غريمان يطلب أحدهما ستين و الأخر ثلاثين فأخذ الأول أربعين و الثاني عشرين ثم ظهر ثالث يطلب منه عشرة يأخذ من الأول أربعة و من الثاني اثنين، فيصير حصة الأول ستة و ثلاثين و الثاني ثمانية عشر و الثالث ستة يأخذ كل منهم ثلاثة أخماس طلبه- و هكذا.


1- بل يحكم ببطلانها من رأس بعد انكشاف كونها بين بعض الشركاء.

ص: 201

[القول في المرض]
اشارة

القول في المرض:

المريض إذا لم يتصل مرضه بموته فهو كالصحيح يتصرف في ماله بما شاء و كيف شاء و ينفذ جميع تصرفاته في جميع ما يملكه الا فيما أوصى بأن يصرف شي ء بعد موته فإنه لا ينفذ فيما زاد على ثلث ما يتركه، كما أن الصحيح أيضا كذلك و يأتي تفصيل ذلك في محله. و اما إذا اتصل مرضه بموته لا إشكال في عدم نفوذ وصيته بما زاد على الثلث كغيره، كما انه لا إشكال في نفوذ عقوده المعاوضية المتعلقة بماله كالبيع بثمن المثل و الإجارة بأجرة المثل و نحو ذلك، و كذا أيضا لا إشكال في جواز انتفاعه بماله بالأكل و الشرب و الإنفاق على نفسه و من يعوله و الصرف على أضيافه و في مورد يحفظ شأنه و اعتباره و غير ذلك. و بالجملة كل صرف يكون فيه غرض عقلائي مما لا يعد سرفا و تبذيرا أي مقدار كان، و انما الاشكال و الخلاف في مثل الهبة و العتق و الوقف و الصدقة و الإبراء و الصلح بغير عوض و نحو ذلك من التصرفات التبرعية في ماله مما لا يقابل بالعوض و يكون فيه إضرار بالورثة، و هي المعبر عنها بالمنجزات و انها هل هي نافذة من الأصل- بمعنى نفوذها و صحتها مطلقا و ان زادت على ثلث ماله بل و ان تعلقت بجميع ماله بحيث لم يبق شي ء للورثة- أو هي نافذة بمقدار الثلث، فان زادت يتوقف صحتها و نفوذها في الزائد على إمضاء الورثة، و الأقوى هو الأول.

[مسألة: 1 لا اشكال و لا خلاف في أن الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته]

مسألة: 1 لا اشكال و لا خلاف في أن الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته كالخمس و الزكاة و الكفارات تخرج من الأصل.

[مسألة: 2 البيع و الإجارة المحاباتيان كالهبة بالنسبة إلى ما حاباه]

مسألة: 2 البيع و الإجارة المحاباتيان كالهبة بالنسبة إلى ما حاباه، فيدخلان في المنجزات التي هي محل الاشكال و الخلاف، فإذا باع شيئا يسوى مائة بخمسين فقد أعطى المشتري خمسين كما إذا وهبه.

[مسألة: 3 و ان كانت الصدقة من المنجزات كما أشرنا إليه]

مسألة: 3 و ان كانت الصدقة من المنجزات كما أشرنا إليه لكن الظاهر أنه ليس منها ما يتصدق المريض لأجل شفائه و عافيته، بل هي ملحقة بالمعاوضات (1) فكأن


1- و حيث ان المختار في المنجزات نفوذه في الأصل فالأمر سهل فيه و في نظائره.

ص: 202

المريض يشتري به حياته و سلامته.

[مسألة: 4 لو قلنا بكون المنجزات تنفذ من الثلث يشكل القول به في المرض الذي يطول سنة أو سنتين أو أزيد]

مسألة: 4 لو قلنا بكون المنجزات تنفذ من الثلث يشكل القول به في المرض الذي يطول سنة أو سنتين أو أزيد إلا فيما إذا وقع التصرف في أواخره القريب من الموت، بل ينبغي أن يقتصر على المرض المخوف الذي يكون معرضا للخطر و الهلاك، فمثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف مجاري العادة يمكن القول بخروجه، كما انه ينبغي الاقتصار على ما إذا كان الموت بسبب ذلك المرض الذي وقع التصرف فيه، فإذا مات فيه لكن بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو لذع حية و نحو ذلك يكون خارجا.

[مسألة: 5 لا يبعد ان يلحق بالمرض حال كونه معرض الخطر و الهلاك]

مسألة: 5 لا يبعد (1) ان يلحق بالمرض حال كونه معرض الخطر و الهلاك، كأن يكون في حال المراماة في الحرب أو في حال اشراف السفينة على الغرق أو كانت المرأة في حال الطلق.

[مسألة: 6 لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي]

مسألة: 6 لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي، فإن كان مأمونا غير متهم نفذ إقراره في جميع ما أقر به و ان كان زائدا على ثلث ماله بل و ان استوعبه، و الا فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه. و المراد بكونه متهما وجود أمارات يظن معها بكذبه، كأن يكون بينه و بين الورثة معاداة يظن معها بأنه يريد بذلك اضرارهم، أو كان له محبة شديدة مع المقر له يظن معها بأنه يريد بذلك نفعه.

[مسألة: 7 إذا لم يعلم حال المقر و أنه كان متهما أو مأمونا ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال]

مسألة: 7 إذا لم يعلم حال المقر و أنه كان متهما أو مأمونا ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال، فالأحوط التصالح بين الورثة و المقر له.

[مسألة: 8 انما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال]

مسألة: 8 انما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال عينا أو دينا أو منفعة أو حقا ماليا يبذل بإزائه المال كحق التحجير، و هل تحسب الدية من التركة و تضم إليها و يحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا؟ وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان.


1- بل بعيد.

ص: 203

[مسألة: 9 ما ذكرنا من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات على القول به]

مسألة: 9 ما ذكرنا من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات على القول به انما هو إذا لم يجز الورثة و الا نفذتا بلا اشكال، و لو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصته، و لو أجازوا بعضا من الزائد عن الثلث نفذ بقدره.

[مسألة: 10 لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث]

مسألة: 10 لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث، و هل تصح منه في حال حياته بحيث تلزم عليه و لا يجوز له الرد بعد ذلك أم لا؟ قولان أقواهما الأول، خصوصا في الوصية، و إذا رد في حال الحياة يمكن أن يلحقه الإجازة بعد ذلك على الأقوى.

ص: 204

[كتاب الضمان]

اشارة

كتاب الضمان و هو التعهد بمال ثابت في ذمة شخص لآخر. و حيث انه عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب صادر من الضامن و قبول من المضمون له، و يكفي في الأول كل لفظ دال بالمتفاهم العرفي على التعهد المزبور و لو بضميمة القرائن، مثل أن يقول «ضمنت لك» أو «تعهدت لك الدين الذي لك على فلان» و نحو ذلك، و في الثاني كل ما دل على الرضا بذلك، و لا يعتبر فيه رضاء المضمون عنه.

[مسألة: 1 يشترط في كل من الضامن و المضمون له أن يكون بالغا عاقلا رشيدا]

مسألة: 1 يشترط في كل من الضامن و المضمون له أن يكون بالغا عاقلا رشيدا (1) مختارا، و لا يشترط ذلك كله في المضمون عنه، فلا يصح ضمان الصبي و لا الضمان له و لكن يصح الضمان عنه و هكذا.

[مسألة: 2 يشترط في صحة الضمان أمور]

مسألة: 2 يشترط في صحة الضمان أمور:

منها: التنجيز، فلو علق على أمر كأن يقول انا ضامن لما على فلان ان اذن لي أبي أو انا ضامن ان لم يف المديون الى زمان كذا أو ان لم يف أصلا بطل.

و منها: كون الدين الذي يضمنه ثابتا في ذمة المضمون عنه، سواء كان مستقرا كالقرض و الثمن أو المثمن في البيع الذي لا خيار فيه أو متزلزلا كأحد العوضين في البيع الخياري أو كالمهر قبل الدخول و نحو ذلك، فلو قال أقرض فلانا أو بعه نسيئة و أنا ضامن لم يصح.

و منها: تميز الدين و المضمون له و المضمون عنه، بمعنى عدم الإبهام و الترديد،


1- و ان لا يكون المضمون له محجورا لفلس.

ص: 205

فلا يصح ضمان أحد الدينين و لو لشخص معين على شخص معين، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو لواحد معين، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو على واحد معين.

نعم لو كان الدين معينا في الواقع و لم يعلم جنسه أو مقداره أو كان المضمون له أو المضمون عنه متعينا في الواقع و لم يعلم شخصه صح على الأقوى، خصوصا في الأخيرين. فلو قال ضمنت ما لفلان على فلان و لم يعلم انه درهم أو دينار أو انه دينار أو ديناران صح على الأصح، و كذا لو قال ضمنت الدين الذي على فلان لمن يطلبه من هؤلاء العشرة و يعلم بأن واحدا منهم يطلبه و لم يعلم شخصه ثم قبل بعد ذلك الواحد المعين الذي يطلبه، أو قال ضمنت ما كان لفلان على المديون من هؤلاء و لم يعلم شخصه صح الضمان على الأقوى.

[مسألة: 3 إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و برئت ذمته]

مسألة: 3 إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و برئت ذمته، فإذا أبرأ المضمون له- و هو صاحب الدين- ذمة الضامن برئت الذمتان الضامن و المضمون عنه، و إذا أبرأ ذمة المضمون عنه كان لغوا لانه لم يشتغل ذمته بشي ء حتى يبرئه.

[مسألة: 4 الضمان لازم من طرف الضامن فليس له فسخه بعد وقوعه مطلقا]

مسألة: 4 الضمان لازم من طرف الضامن فليس له فسخه بعد وقوعه مطلقا، و كذا من طرف المضمون له الا إذا كان الضامن معسرا و كان المضمون له جاهلا بإعساره، فإنه يجوز له فسخ الضمان و الرجوع بحقه على المضمون عنه. و المدار على الإعسار حال الضمان، فلو كان موسرا في تلك الحال ثم أعسر لم يكن له الخيار، كما انه لو كان معسرا ثم أيسر لم يزل الخيار.

[مسألة: 5 يجوز اشتراط الخيار لكل من الضامن و المضمون له على الأقوى]

مسألة: 5 يجوز اشتراط الخيار لكل من الضامن و المضمون له على الأقوى (1).

[مسألة: 6 يجوز ضمان الدين الحال حالا و مؤجلا]

مسألة: 6 يجوز ضمان الدين الحال حالا و مؤجلا، و كذا ضمان الدين المؤجل مؤجلا و حالا، و كذا يجوز ضمان الدين المؤجل مؤجلا بأزيد من أجله


1- لكن حيث أن الفسخ بالخيار مستلزم لاشتغال ذمة المضمون عنه بعد الحلول و ذلك بدون رضاه على خلاف القاعدة فالأحوط ان لم يكن أقوى عدم الفسخ الا برضاه.

ص: 206

و بأنقص منه.

[مسألة: 7 إذا ضمن من دون اذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه]

مسألة: 7 إذا ضمن من دون اذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه، و ان كان باذنه فله الرجوع عليه لكن بعد أداء الدين لا بمجرد الضمان، و انما يرجع عليه بمقدار ما أداه، فلو صالح المضمون له مع الضامن الدين بنصفه أو ثلثه أو أبرأ ذمته عن بعضه لم يرجع عليه بالمقدار الذي سقط عن ذمته بالمصالحة أو الإبراء.

[مسألة: 8 إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه فإنما يرجع عليه بالأداء فيما إذا حل أجل الدين]

مسألة: 8 إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه فإنما يرجع عليه بالأداء فيما إذا حل أجل الدين الذي كان على المضمون عنه، و الا فليس له الرجوع عليه (1) الا بعد حلول أجله، فلو ضمن الدين المؤجل حالا أو الدين المؤجل بأقل من أجله فأداه ليس له الرجوع عليه الا بعد حلول أجل الدين، و أما لو كان بالعكس- بأن ضمن الدين الحال مؤجلا أو المؤجل بأكثر من أجله فأداه و لو برضى المضمون له قبل حلول أجله- جاز له الرجوع اليه بمجرد الأداء، و كذا لو مات قبل انقضاء الأجل فحل الدين و أداه الورثة من تركته كان لهم الرجوع على المضمون عنه (2).

[مسألة: 9 لو ضمن بالاذن الدين المؤجل مؤجلا فمات قبل انقضاء الأجلين و حل ما عليه فأخذ من تركته]

مسألة: 9 لو ضمن بالاذن الدين المؤجل مؤجلا فمات قبل انقضاء الأجلين و حل ما عليه فأخذ من تركته ليس لورثته الرجوع الى المضمون عنه الا بعد حلول أجل الدين الذي كان عليه، و لا يحل الدين بالنسبة إلى المضمون عنه بموت الضامن و انما يحل بالنسبة إليه.

[مسألة: 10 لو دفع المضمون عنه الدين الى المضمون له من دون اذن الضامن برئت ذمته]

مسألة: 10 لو دفع المضمون عنه الدين الى المضمون له من دون اذن الضامن برئت ذمته و ليس له الرجوع عليه.

[مسألة: 11 يجوز الترامي في الضمان]

مسألة: 11 يجوز الترامي في الضمان، بأن يضمن مثلا عمرو عن زيد ثم يضمن بكر عن عمرو ثم يضمن خالد عن بكر و هكذا، فتبرأ ذمة الجميع و استقر الدين على الضامن الأخير: فإن كانت جميع الضمانات بغير اذن من المضمون عنه لم يرجع


1- إلا إذا كان بإذن منه بضمانه حالا أو بأقل من اجله، فإنه يرجع عليه بمجرد الأداء.
2- في الفرع الثاني دون الأول.

ص: 207

واحد منهم على سابقه لو أدى الدين الضامن الأخير، و ان كانت جميعها بالاذن يرجع الضامن الأخير على سابقه و هو على سابقه الى أن ينتهي إلى المديون الأصلي، و ان كان بعضها بالاذن و بعضها بدونه، فان كان الأخير بدون الاذن كان كالأول لم يرجع واحد منهم على سابقه، و ان كان بالاذن رجع هو على سابقه و هو على سابقه لو ضمن باذنه و الا لم يرجع و انقطع الرجوع عليه. و بالجملة كل ضامن أدى شيئا و كان ضمانه بإذن من ضمن عنه يرجع عليه بما أداه.

[مسألة: 12 لا إشكال في جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك]

مسألة: 12 لا إشكال في جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك، بأن يكون على كل منهما بعض الدين، فتشتغل ذمة كل منهما بمقدار منه على حسب ما عيناه و لو بالتفاوت، و لو أطلقا يقسط عليهما بالتساوي فبالنصف لو كانا اثنين و بالثلث لو كانوا ثلاثة و هكذا، و لكل منهما أداء ما عليه و تبرأ ذمته و لا يتوقف على أداء الأخر ما عليه، و للمضمون له مطالبة كل منهما بحصته و مطالبة أحدهما أو إبراؤه دون الأخر. و لو كان ضمان أحدهما بالإذن دون الأخر رجع هو الى المضمون عنه بما أداه دون الأخر.

و الظاهر أنه لا فرق في جميع ما ذكر بين أن يكون ضمانهما بعقدين- بأن ضمن أحدهما عن نصف الدين ثم ضمن الأخر عن نصفه الأخر- أو بعقد واحد كما إذا ضمن عنهما وكيلهما في ذلك فقبل المضمون له. هذا كله في ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك، و أما ضمانهما عنه بالاستقلال- بأن كان كل منهما ضامنا لتمام الدين- فهو و ان لم يخل عن اشكال (1) لكن لا يبعد جوازه، و حينئذ فللمضمون له مطالبة من شاء منهما بكل الدين، كما ان له مطالبة أحدهما ببعضه و بالباقي من الأخر. و لو أبرأ أحدهما انحصر المديون بالآخر، و لو كان ضمان أحدهما بالإذن رجع المأذون إلى المضمون عنه دون غيره.

[مسألة: 13 ضمان اثنين عن واحد بالاستقلال لا يمكن إلا بإيقاع الضمانين دفعة]

مسألة: 13 ضمان اثنين عن واحد بالاستقلال (2) لا يمكن إلا بإيقاع الضمانين دفعة، كما إذا ضمن عنهما كذلك وكيلهما بإيجاب واحد ثم قبل المضمون له ذلك أو


1- الأقوى بطلانه فتسقط التفريعات.
2- قد مر أن الأقوى بطلانه.

ص: 208

بتعاقب الإيجابين منهما ثم قبول واحد من المضمون له متعلق بكليهما، بأن قال أحدهما مثلا ضمنت لك مالك على فلان ثم قال الأخر مثل ذلك فقال المضمون له قبلت قاصدا قبول كلا الضمانين. و أما لو تم عقد الضمان على تمام الدين فلا يمكن أن يتعقبه ضمان آخر، إذ بمجرد وقوع الضمان الأول برئت ذمة المضمون عنه، فلا يبقى محل لضمان آخر.

[مسألة: 14 يجوز الضمان بغير جنس الدين]

مسألة: 14 يجوز الضمان بغير جنس الدين (1)، لكن إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه الا بجنس الدين.

[مسألة: 15 كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذمم يجوز الضمان عن المنافع و الأعمال المستقرة في الذمم]

مسألة: 15 كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذمم يجوز الضمان عن المنافع و الأعمال المستقرة في الذمم، فكما أنه يجوز أن يضمن عن المستأجر ما عليه من الأجرة كذلك يجوز أن يضمن عن الأجير ما عليه من العمل. نعم لو كان ما عليه يعتبر فيه مباشرته- كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرة- لم يصح ضمانه.

[مسألة: 16 لو ادعى شخص على شخص دينا فقال ثالث للمدعى علي ما عليه فرضي به المدعى]

مسألة: 16 لو ادعى شخص على شخص دينا فقال ثالث للمدعى علي ما عليه فرضي به المدعى صح الضمان، بمعنى ثبوت الدين في ذمته على تقدير ثبوته، فيسقط الدعوى عن المضمون عنه و يصير الضامن طرف الدعوى، فإذا أقام المدعى البينة على ثبوته يجب على الضامن أداؤه، و كذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدين. و أما إقراره بعد الضمان فلا يثبت به شي ء (2) لا على المقر لبراءة ذمته بالضمان حسب الفرض و لا على الضامن لكونه إقرارا على الغير.

[مسألة: 17 الأقوى عدم جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب و المقبوض بالعقد الفاسد لمالكها]

مسألة: 17 الأقوى عدم جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب و المقبوض بالعقد الفاسد لمالكها عمن كانت هي في يده.

[مسألة: 18 لا إشكال في جواز ضمان عهدة الثمن للمشتري عن البائع]

مسألة: 18 لا إشكال في جواز ضمان عهدة الثمن للمشتري عن البائع لو ظهر المبيع مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع لفقد شرط من شروط صحته إذا كان


1- بمعنى اشتراط الأداء من غير الجنس و الا فمشكل.
2- هذا إذا كان الضمان بغير اذن المضمون عنه، و أما معه فالإقرار بالدين بعد الضمان إقرار على نفسه و مأخوذ به فيرجع الضامن بعد الأداء إليه.

ص: 209

ذلك بعد قبض البائع الثمن، و أما ضمان درك ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس في الأرض المشتراة إذا ظهرت مستحقة للغير و قلعه المالك المشتري عن البائع ففيه إشكال (1).

[مسألة: 19 إذا كان على الدين الذي على المضمون عنه رهن ينفك بالضمان على اشكال]

مسألة: 19 إذا كان على الدين الذي على المضمون عنه رهن ينفك بالضمان على اشكال (2). نعم لو شرط الضامن مع المضمون له انفكاكه انفك بلا إشكال.

[مسألة: 20 لو كان على أحد دين فالتمس من غيره أداءه فأداه بلا ضمان عنه للدائن]

مسألة: 20 لو كان على أحد دين فالتمس من غيره أداءه فأداه بلا ضمان عنه للدائن جاز له الرجوع على الملتمس.


1- و الأقوى عدم جوازه.
2- بل لا ينفك بلا اشكال.

ص: 210

[كتاب الحوالة و الكفالة]

اشارة

كتاب الحوالة و الكفالة أما الحوالة فحقيقتها تحويل المديون ما في ذمته إلى ذمة غيره، و هي متقومة بأشخاص ثلاثة: المحيل و هو المديون، و المحتال و هو الدائن، و المحال عليه.

و يعتبر في الثلاثة البلوغ و العقل و الرشد و الاختيار (1). و حيث انها عقد من العقود تحتاج إلى إيجاب من المحيل و قبول من المحتال، و أما المحال عليه فليس طرفا للعقد و ان قلنا باعتبار قبوله (2). و يعتبر في عقدها ما يعتبر في سائر العقود، و منها التنجيز، فلو علقها على شي ء بطل. و يكفي في الإيجاب كل لفظ يدل على التحويل المزبور مثل «أحلتك بما في ذمتي من الدين على فلان» و ما يفيد معناه، و في القبول ما يدل على الرضا نحو «قبلت» و «رضيت» و نحوهما.

[مسائل في الحوالة]
[مسألة: 1 يشترط في صحة الحوالة مضافا الى ما اعتبر في المحيل و المحتال و المحال عليه]

مسألة: 1 يشترط في صحة الحوالة مضافا الى ما اعتبر في المحيل و المحتال و المحال عليه و ما اعتبر في العقد أمور:

منها: ان يكون المحال به ثابتا في ذمة المحيل، فلا تصح في غير الثابت في ذمته و ان وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل فضلا عما لم يوجد سببه كالحوالة بما سيستقرضه فيما بعد.

و منها: تعيين المال المحال به، بمعنى عدم الإبهام و الترديد، و أما معلومية مقداره أو جنسه عند المحيل أو المحتال فالظاهر عدم اعتبارها، فلو كان مجهولا عندهما


1- و عدم الحجر لفلس في المحتال و كذا في المحيل إلا في الحوالة على البري ء.
2- بل لا مانع من أن يكون عقدها مركبا من إيجاب و قبولين.

ص: 211

لكن كان معلوما و معينا في الواقع لا بأس به، خصوصا مع فرض إمكان ارتفاع الجهالة بعد ذلك، كما إذا كان عليه دين لأحد قد أثبته في دفتره و لم يعلما مقداره فحوله على شخص آخر قبل مراجعتهما الى الدفتر.

و منها: رضى المحال عليه و قبوله، و ان اشتغلت ذمته للمحيل بمثل ما أحال عليه على الأقوى.

[مسألة: 2 لا يعتبر في صحة الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه بالدين للمحيل]

مسألة: 2 لا يعتبر في صحة الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه بالدين للمحيل، فتصح الحوالة على البري ء على الأقوى.

[مسألة: 3 لا فرق في المحال به بين كونه عينا ثابتا في ذمة المحيل و بين كونه منفعة أو عملا]

مسألة: 3 لا فرق في المحال به بين كونه عينا ثابتا في ذمة المحيل و بين كونه منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة، فتصح احالة مشغول الذمة بخياطة ثوب أو زيارة أو صلاة أو حج أو قراءة قرآن و نحو ذلك على بري ء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلك، و كذا لا فرق بين كونه مثليا كالحنطة و الشعير أو قيميا كالعبد و الثوب بعد ما كان موصوفا بما يرفع الجهالة، فإذا اشتغلت ذمته بشاة موصوفة مثلا بسبب كالسلم جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف أو كان بريئا.

[مسألة: 4 لا إشكال في صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه]

مسألة: 4 لا إشكال في صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه جنسا و نوعا، كما إذا كان عليه لرجل دراهم و له على آخر دراهم فيحيل الأول على الثاني، و أما مع الاختلاف- بأن كان عليه دراهم و له على آخر دنانير فيحيل الأول على الثاني- فهو يقع على أنحاء: فتارة يحيل الأول بدراهمه على الثاني بالدنانير، بأن يأخذ منه و يستحق عليه بدل الدراهم دنانير. و أخرى يحيله عليه بالدراهم، بأن يأخذ منه الدراهم و يعطى المحال عليه بدل ما عليه من الدنانير الدراهم. و ثالثة يحيله عليه بالدراهم، بأن يأخذ منه دراهمه و تبقى الدنانير على حالها. لا إشكال في صحة النحو الأول (1)، و كذا الثالث و يكون هو كالحوالة


1- بل الأقوى عدم الصحة و لو مع رضا المحال عليه بنقل ما في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فلا وجه لاستحقاق المحتال الدنانير من المحال عليه بحوالة الدراهم، فلو صحت هذه لكانت معاوضة لا حوالة.

ص: 212

على البري ء، و أما الثاني ففيه إشكال (1)، فالأحوط فيما إذا أرادا ذلك ان يقلب الدنانير التي على المحال عليه دراهم بناقل شرعي أولا ثم بحال عليه الدراهم.

[مسألة: 5 إذا تحققت الحوالة جامعة للشرائط برئت ذمة المحيل عن الدين]

مسألة: 5 إذا تحققت الحوالة جامعة للشرائط برئت ذمة المحيل عن الدين و ان لم يبرئه المحتال و اشتغلت ذمة المحال عليه للمحتال بما أحيل عليه. هذا حال المحيل مع المحتال و المحتال مع المحال عليه، و أما حال المحال عليه مع المحيل فان كانت الحوالة بمثل ما عليه برئت ذمته مما له عليه، و كذا ان كانت بغير الجنس و وقعت على النحو الأول (2) من الأنحاء الثلاثة المتقدمة، و ان وقعت على النحو الثاني فقد عرفت ان فيه اشكالا (3)، و على فرض صحته كان كالأول في براءة ذمة المحال عليه عما عليه. و اما ان وقعت على النحو الأخير أو كانت الحوالة على البري ء اشتغلت ذمة المحيل للمحال عليه بما أحال عليه، و ان كان له عليه دين يبقى على حاله فيتحاسبان بعد ذلك.

[مسألة: 6 لا يجب على المحتال قبول الحوالة و ان كان على طي غير مماطل]

مسألة: 6 لا يجب على المحتال قبول الحوالة و ان كان على طي غير مماطل، و لو قبلها لزم و ان كانت على فقير معدم. نعم لو كان جاهلا بحاله ثم بان إعساره و فقره وقت الحوالة كان له الفسخ و العود على المحيل، و ليس له الفسخ بسبب الفقر الطارئ، كما انه لا يزول الخيار لو تبدل فقره باليسار.

[مسألة: 7 الحوالة لازمة بالنسبة الى كل من الثلاثة الا على المحتال مع إعسار]

مسألة: 7 الحوالة لازمة بالنسبة الى كل من الثلاثة الا على المحتال مع إعسار


1- بل لا اشكال فيه مع رضاء المحال عليه، نظير الحوالة على البري ء ثم اذنه له في إعطاء ما عليه من الدنانير بدل الدراهم مع التراضي.
2- قد مر أن الحوالة بهذا النحو باطلة.
3- و قد عرفت انه لا اشكال فيه، و حيث انه حوالة بمثل ما عليه برئت ذمته بمجرد تمامية الحوالة.

ص: 213

المحال عليه و جهله بالحال كما أشرنا اليه، و المراد بالإعسار أن لا يكون عنده ما يوفي به الدين زائدا على مستثنيات الدين، و يجوز اشتراط خيار فسخ الحوالة لكل من الثلاثة.

[مسألة: 8 يجوز الترامي في الحوالة بتعدد المحال عليه و اتحاد المحتال]

مسألة: 8 يجوز الترامي في الحوالة بتعدد المحال عليه و اتحاد المحتال، كما لو أحال المديون زيدا على عمرو ثم أحال عمرو زيدا على بكر ثم أحال بكر زيدا على خالد و هكذا، أو يتعدد المحال مع اتحاد المحال عليه، كما لو أحال المحتال من له دين عليه على المحال عليه ثم أحال المحتال من له عليه دين على ذاك المحال عليه و هكذا.

[مسألة: 9 إذا قضى المحيل الدين بعد الحوالة برئت ذمة المحال عليه]

مسألة: 9 إذا قضى المحيل الدين بعد الحوالة برئت ذمة المحال عليه، فان كان ذلك بمسألته رجع المحيل عليه و ان تبرأ لم يرجع عليه.

[مسألة: 10 إذا أحال على بري ء و قبل المحال عليه هل له الرجوع على المحيل بمجرد القبول]

مسألة: 10 إذا أحال على بري ء و قبل المحال عليه هل له الرجوع على المحيل بمجرد القبول أو ليس له الرجوع عليه الا بعد أداء الدين للمحتال؟ فيه تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 11 إذا أحال البائع من له عليه دين على المشتري أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر]

مسألة: 11 إذا أحال البائع من له عليه دين على المشتري أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ثم تبين بطلان البيع بطلت الحوالة، بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار أو بالإقالة فإنه تبقى الحوالة و لم تتبع البيع في الانفساخ.

[مسألة: 12 إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معين خارجي فأحال دائنه عليه ليدفع اليه]

مسألة: 12 إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معين خارجي فأحال دائنه عليه ليدفع اليه و قبل المحتال (2) وجب عليه دفعه اليه، و إذا لم يدفع له الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمته.


1- الأقوى انه ليس له الرجوع الا بعد الأداء كما مر نظيره في الضمان.
2- إذا كان المقصود وكالة الأمين في رد عين ماله على غريمه فهذا لا يحتاج الى قبول المحتال و المحال عليه، بل في جواز رد الأمين عليه يكفي اذن المالك، و لا يتعين الرد على الغريم بل هو مخير بين الرد عليه أو على غريمه باذنه، و أما الغريم فان كان المردود اليه مصداقا لدينه فملزم بالقبول، و هذا ليس من الحوالة في شي ء لا المصطلحة و لا غير المصطلحة.

ص: 214

[القول في الكفالة]
اشارة

القول في الكفالة:

و حقيقتها (1) التعهد و الالتزام لشخص بإحضار نفس له حق عليها، و هي عقد واقع بين الكفيل و المكفول له و هو صاحب الحق، و الإيجاب من الأول و القبول من الثاني. و يكفي في الإيجاب كل لفظ دال على الالتزام المزبور كأن يقول «كفلت لك بدن فلان أو نفسه أو أنا كفيل لك بإحضاره» و نحو ذلك، و في القبول كل ما يدل على الرضا بذلك.

[مسألة: 1 يعتبر في الكفيل البلوغ و العقل و الاختيار و التمكن من الإحضار]

مسألة: 1 يعتبر في الكفيل البلوغ و العقل و الاختيار و التمكن من الإحضار، و لا يشترط في المكفول له البلوغ و العقل، فيصح الكفالة للصبي و المجنون إذا قبلها الولي.

[مسألة: 2 لا إشكال في اعتبار رضى الكفيل و المكفول له]

مسألة: 2 لا إشكال في اعتبار رضى الكفيل و المكفول له، و أما المكفول ففي اعتبار رضاه تأمل و اشكال، و الأحوط اعتباره (2)، بل الأحوط كونه طرفا للعقد، بأن يكون عقدها مركبا من إيجاب و قبولين من المكفول له و المكفول.

[مسألة: 3 كل من عليه حق مالي صحت الكفالة ببدنه]

مسألة: 3 كل من عليه حق مالي صحت الكفالة ببدنه، و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال. نعم يشترط أن يكون ذلك المال ثابتا في الذمة بحيث يصح ضمانه، فلو تكفل بإحضار من لا مال عليه و ان وجد سببه كمن جعل الجعالة قبل أن يعمل العامل لم يصح، و كذا تصح كفالة كل من يستحق عليه الحضور الى مجلس الشرع، بأن تكون عليه دعوى مسموعة و ان لم تقم البينة عليه بالحق، و لا تصح كفالة من عليه عقوبة (3) من حد أو تعزير.


1- و الظاهر أنها اعتبار اضافة بين الكفيل و المكفول له مستتبعة لتسلط المكفول له على إلزام الكفيل بإحضار المكفول أو أداء ما عليه بالعقد المشتمل على الإيجاب من الكفيل و القبول من المكفول له.
2- يعني الأحوط على المكفول له عدم إلزام الكفيل على إحضار المكفول في صورة عدم قبوله و رضاه، لكن الأحوط على الكفيل إحضار المكفول في تلك الصورة مع مطالبة المكفول له، و كذا الأحوط على المكفول حضوره مع الكفيل و لو في صورة عدم قبوله.
3- ان لم تكن من حقوق الناس، و أما ان كانت منها كالقصاص فتصح الكفالة فيها.

ص: 215

[مسألة: 4 يصح إيقاع الكفالة حالة مؤجلة]

مسألة: 4 يصح إيقاع الكفالة حالة (1) مؤجلة (2) و مع الإطلاق تكون معجلة (3)، و لو كانت مؤجلة يلزم تعيين الأجل على وجه لا يختلف زيادة و نقصا.

[مسألة: 5 عقد الكفالة لازم لا يجوز فسخه الا بالإقالة]

مسألة: 5 عقد الكفالة لازم لا يجوز فسخه الا بالإقالة، و يجوز جعل الخيار فيه لكل من الكفيل و المكفول له مدة معينة.

[مسألة: 6 إذا تحققت الكفالة جامعة للشرائط جازت مطالبة المكفول له الكفيل بالمكفول عاجلا]

مسألة: 6 إذا تحققت الكفالة جامعة للشرائط جازت مطالبة المكفول له الكفيل بالمكفول عاجلا إذا كانت الكفالة مطلقة (4) أو معجلة و بعد الأجل ان كانت مؤجلة، فإن كان المكفول حاضرا وجب على الكفيل إحضاره، فإن أحضره و سلمه تسليما تاما بحيث يتمكن المكفول له منه فقد بري ء مما عليه، و ان امتنع عن ذلك كان له حبسه (5) عند الحاكم حتى يحضره أو يؤدي ما عليه (6)، و ان كان غائبا فإن كان موضعه معلوما يمكن الكفيل رده منه أمهل بقدر ذهابه و مجيئه، فإذا مضى قدر ذلك و لم يأت به من غير عذر حبس كما مر، و ان كان غائبا غيبة منقطعة لا يعرف موضعه و انقطع خبره (7) لم يكلف الكفيل إحضاره. و هل يلزم بأداء ما عليه؟ الأقرب ذلك، خصوصا إذا كان ذلك بتفريط من الكفيل، بأن طالبه المكفول له و كان متمكنا منه فلم يحضره حتى هرب. نعم لو كان بحيث لا يرجى الظفر به (8) بحسب العادة يشكل صحة الكفالة من أصلها.

[مسألة: 7 إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ منه المال]

مسألة: 7 إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ منه المال، فان لم يأذن له المكفول لا في الكفالة و لا في الأداء ليس له الرجوع عليه بما أداه، و إذا أذن له في


1- في الحقوق الحالة.
2- في الحالة و المؤجلة.
3- في خصوص المعجلة دون المؤجلة.
4- و الحق معجل.
5- بل له طلب حبسه من الحاكم.
6- فيما يمكن تأديته كالديون أو بدله كالدية فيما إذا تراضيا عليها مع ورثة المقتول.
7- بحيث لا يرجى الظفر به.
8- و كذا لو كان المرجو الظفر ثم انكشف خلافه فإنه ينكشف بطلانها.

ص: 216

الأداء كان له ان يرجع به عليه، سواء اذن له في الكفالة أيضا أم لا. و أما إذا اذن له في الكفالة دون الأداء فهل يرجع عليه أم لا؟ لا يبعد أن يفصل بين ما إذا أمكن له مراجعته و إحضاره للمكفول له فالثاني، و بين ما إذا تعذر له ذلك فالأول.

[مسألة: 8 إذا عين الكفيل في الكفالة مكان التسليم تعين]

مسألة: 8 إذا عين الكفيل في الكفالة مكان التسليم تعين، فلا يجب عليه تسليمه في غيره، و لو طلب ذلك المكفول له لم تجب إجابته، كما أنه لو سلمه في غير ما عين لم يجب على المكفول له تسلمه، و لو أطلق و لم يعين مكان التسليم فان أوقعا العقد في بلد المكفول له أو بلد قراره انصرف اليه، و ان أوقعاه في برية أو بلد غربة لم يكن من قصده القرار و الاستقرار فيه، فان كانت قرينة على التعيين فهو بمنزلته و الا بطلت الكفالة من أصلها.

[مسألة: 9 يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول]

مسألة: 9 يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول، حتى انه لو احتاج الى الاستعانة بشخص قاهر لم يكن فيها مفسدة أو مضرة دينية أو دنيوية لم يبعد وجوبها، و لو كان غائبا و احتاج حمله إلى مئونة فعلى المكفول نفسه، و لو صرفها الكفيل لا بعنوان التبرع له أن يرجع بها (1) عليه على اشكال في بعضها (2).

[مسألة: 10 تبرأ ذمة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره و تسليم نفسه تسليما تاما]

مسألة: 10 تبرأ ذمة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره و تسليم نفسه تسليما تاما، و كذا تبرأ ذمته لو أخذ المكفول له المكفول طوعا أو كرها بحيث تمكن من استيفاء حقه أو إحضاره مجلس الحكم أو أبرأ المكفول عن الحق الذي عليه أو الكفيل من الكفالة.

[مسألة: 11 إذا مات الكفيل أو المكفول بطلت الكفالة]

مسألة: 11 إذا مات الكفيل أو المكفول بطلت الكفالة، بخلاف ما لو مات المكفول له فإنه تكون الكفالة باقية و ينتقل حق المكفول له منها الى ورثته.

[مسألة: 12 لو نقل المكفول له الحق الذي له على المكفول الى غيره ببيع أو صلح]

مسألة: 12 لو نقل المكفول له الحق الذي له على المكفول الى غيره ببيع أو صلح أو حوالة بطلت الكفالة.


1- إذا أذن له المكفول في الصرف و الا فليس له الرجوع عليه.
2- و هو فيما كانت الكفالة و صرف المئونة بغير اذنه أو كانت الكفالة باذنه لكن لا يتوقف إحضاره على المئونة من قبل الكفيل و سبق هو الى الصرف بدون استيذان من المكفول.

ص: 217

[مسألة: 13 من خلى غريما من يد صاحبه قهرا و إجبارا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه]

مسألة: 13 من خلى غريما من يد صاحبه قهرا و إجبارا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه (1)، و لو خلى قاتلا من يد ولي الدم لزمه إحضاره أو إعطاء الدية و ان كان القتل عمدا.

[مسألة: 14 يجوز ترامي الكفالات، بأن يكفل الكفيل كفيل آخر ثم يكفل كفيل الكفيل كفيل آخر]

مسألة: 14 يجوز ترامي الكفالات، بأن يكفل الكفيل كفيل آخر ثم يكفل كفيل الكفيل كفيل آخر و هكذا، و حيث ان الكل فروع الكفالة الاولى و كل لاحق فرع سابقه فلو أبرأ المستحق الكفيل الأول أو أحضر الأول المكفول الأول أو مات أحدهما برئوا أجمع، و لو أبرأ المستحق بعض من توسط بري ء هو و من بعده دون من قبله، و كذا لو مات بري ء من كان فرعا له.

[مسألة: 15 يكره التعرض للكفالات، و قد قال مولانا الصادق عليه السلام في خبر لبعض أصحابه]

مسألة: 15 يكره التعرض للكفالات، و قد قال مولانا الصادق عليه السلام في خبر لبعض أصحابه: مالك و الكفالات، أما علمت أنها أهلكت القرون الاولى.

و عنه عليه السلام: الكفالة خسارة غرامة ندامة.


1- مما يمكن أن يؤدى مثل الدين أو الدية مع التراضي أو التعذر.

ص: 218

[كتاب الوكالة]

اشارة

كتاب الوكالة و هي تولية الغير في إمضاء أمر أو استنابته في التصرف (1) فيما كان له ذلك، و حيث انها من العقود تحتاج إلى إيجاب و قبول، و يكفي في الإيجاب كل ما دل على التولية و الاستنابة المزبورتين كقوله «وكلتك» أو «أنت وكيلي في كذا» أو «فوضته إليك» أو «استنبتك فيه» و نحوها، بل الظاهر كفاية قوله «بع داري» مثلا (2) قاصدا به الاستنابة في بيعها. و في القبول كل ما دل على الرضا، بل الظاهر انه يكفي فيه فعل ما وكل فيه، كما إذا وكله في بيع شي ء فباعه (3) أو شراء شي ء فاشتراه له، بل يقوى وقوعها بالمعاطاة، بأن سلم اليه متاعا ليبيعه فتسلمه لذلك، بل لا يبعد تحققها بالكتابة من طرف الموكل و الرضا بما فيها من طرف الوكيل و ان تأخر وصولها إليه مدة، فلا يعتبر فيها الموالاة بين إيجابها و قبولها. و بالجملة يتسع الأمر فيها بما لا يتسع غيرها من العقود، حتى انه لو قال الوكيل أنا وكيلك في بيع دارك مستفهما (4) فقال نعم صح و تم و ان لم نكتف بمثله في سائر العقود (5).


1- و كان قابلا للاستنابة، و يأتي تفصيله ان شاء اللّٰه تعالى.
2- في صحة البيع، و أما في ترتب آثار الوكالة فمشكل.
3- إذا قصد بها القبول أيضا.
4- إذا قصد القبول أيضا، و أما بدونه لا تتحقق الوكالة و ان صح البيع، و قد مر منه قدس سره احتياج الوكالة إلى الإيجاب و القبول أو ما يقوم مقامهما كالمعاطاة.
5- المتيقن مما يوسع في الوكالة هو صحة أمر يستناب فيه، و اما ان ذلك من جهة التوسعة في أمر الوكالة أو ان ذلك من جهة انه اذن و اعلام و أمر فلا دليل عليه الا دعوى الإجماع ان تم، و هو غير محقق.

ص: 219

[مسألة: 1 يشترط فيها التنجيز، بمعنى عدم تعليق أصل الوكالة بشي ء]

مسألة: 1 يشترط فيها التنجيز، بمعنى عدم تعليق أصل الوكالة بشي ء، كأن يقول مثلا إذا قدم زيد أو جاء رأس الشهر وكلتك أو أنت وكيلي في أمر كذا. نعم لا بأس بتعليق متعلق الوكالة و التصرف الذي استنابه فيه، كما لو قال أنت وكيلي في أن تبيع داري إذا قدم زيد أو وكلتك في شراء كذا في وقت كذا.

[مسألة: 2 يشترط في كل من الموكل و الوكيل البلوغ]

مسألة: 2 يشترط في كل من الموكل و الوكيل البلوغ (1) و العقل و القصد و الاختيار، فلا يصح التوكيل و لا التوكل من الصبي و المجنون و المكره. و في الموكل كونه جائز التصرف فيما وكل فيه، فلا يصح توكيل المحجور عليه لسفه أو فلس فيما حجر عليهما فيه دون ما لم يحجر عليهما فيه كالطلاق و نحوهما. و في الوكيل كونه متمكنا عقلا و شرعا من مباشرة ما توكل فيه، فلا تصح وكالة المحرم (2) فيما لا يجوز له كابتياع الصيد و إمساكه و إيقاع عقد النكاح.

[مسألة: 3 لا يشترط في الوكيل الإسلام، فتصح وكالة الكافر]

مسألة: 3 لا يشترط في الوكيل الإسلام، فتصح وكالة الكافر، بل و المرتد و ان كان عن فطرة عن المسلم و الكافر الا فيما لا يصح وقوعه من الكافر كابتياع مصحف أو مسلم لكافر أو مسلم على اشكال فيما إذا كان لمسلم (3) و كاستيفاء حق أو مخاصمة مع مسلم على تردد خصوصا إذا كان لمسلم.

[مسألة: 4 تصح وكالة المحجور عليه لسفه أو فلس عن غيرهما ممن لا حجر عليه]

مسألة: 4 تصح وكالة المحجور عليه لسفه أو فلس عن غيرهما ممن لا حجر عليه، لاختصاص ممنوعيتها بالتصرف في أموالهما.

[مسألة: 5 لو جوزنا للصبي بعض التصرفات في ماله كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين]

مسألة: 5 لو جوزنا للصبي بعض التصرفات في ماله كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين كما يأتي جاز له التوكيل فيما جاز له.

[مسألة: 6 ما كان شرطا في الموكل و الوكيل ابتداء شرط فيهما استدامة]

مسألة: 6 ما كان شرطا في الموكل و الوكيل ابتداء شرط فيهما استدامة، فلو جنا أو أغمي عليهما أو حجر على الموكل بالنسبة الى ما وكل فيه بطلت الوكالة،


1- إلا فيما صح صدوره منه كالوصية و الصدقة و الطلاق ممن بلغ عشرا على القول به كما سيأتي كل في محله.
2- لا يجوز توكيله فيها.
3- الأقوى فيه الصحة خصوصا إذا كان التسليم و التسلم من الموكل دون الوكيل.

ص: 220

و لو زال المانع احتاج عودها الى توكيل جديد.

[مسألة: 7 يشترط فيما و كل فيه أن يكون سائغا في نفسه]

مسألة: 7 يشترط فيما و كل فيه أن يكون سائغا في نفسه، و أن يكون للموكل السلطنة شرعا على إيقاعه، فلا توكيل في المعاصي كالغصب و السرقة و القمار و نحوها و لا فيما ليس له السلطنة على إيقاعه كبيع مال الغير من دون ولاية له عليه. و لا يعتبر القدرة عليه خارجا مع كونه مما يصح وقوعه منه شرعا، فيجوز لمن لم يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكل في أخذه منه من يقدر عليه.

[مسألة: 8 إذا لم يتمكن شرعا أو عقلا من إيقاع أمر إلا بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل]

مسألة: 8 إذا لم يتمكن شرعا أو عقلا من إيقاع أمر إلا بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل- كتطليق امرأة لم تكن في حبالته و تزويج من كانت مزوجة أو معتدة و إعتاق عبد غير مملوك له و نحو ذلك- لا إشكال في جواز التوكيل فيه تبعا لما تمكن منه بأن يوكله في إيقاع المرتب عليه، ثم إيقاع ما رتب عليه بأن يوكله مثلا في تزويج امرأة له ثم طلاقها أو شراء عبد له ثم إعتاقه أو شراء مال ثم بيعه و نحو ذلك. و أما التوكيل فيه استقلالا من دون التوكيل في المرتب عليه ففيه اشكال، بل الظاهر عدم الصحة، من غير فرق بين ما كان المرتب عليه غير قابل للتوكيل كانقضاء العدة و بين غيره، فلا يجوز أن يوكل في تزويج المعتدة بعد انقضاء العدة و المزوجة بعد طلاق زوجها أو بعد موته، و كذا في طلاق زوجة سينكحها أو إعتاق عبد سيملكه أو بيع متاع سيشتريه (1) و نحو ذلك.

[مسألة: 9 يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلا للنيابة]

مسألة: 9 يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلا للنيابة، بأن لم يعتبر في مشروعية وقوعه عن الإنسان إيقاعه بالمباشرة كالعبادات البدنية من الطهارات الثلاث (2) و الصلاة (3) و الصيام فرضها و نفلها، دون المالية منها كالزكاة و الخمس و الكفارات،


1- نعم الظاهر أنه يصح ان يوكل شخصا و يستنيبه في كل ما هو أهل له من غير فرق بين الموجود و المتجدد له من ملك و غيره، فللوكيل أن يبيع ما يدخل في ملكه بإرث أو هبة أو غيرهما، و له أن ينكح امرأة تقضى عدتها و هكذا.
2- للقادر، و أما العاجز فيستنيب للغسلات و المسحات و في التيمم للضرب و المسحات.
3- الا فيما شرع فيه النيابة مثل صلاة الطواف و صلاة الزيارة المستحبة و بعض النوافل كصلاة جعفر و بعض مستحبات أخرى.

ص: 221

فإنه لا يعتبر فيها المباشرة فيصح التوكيل و النيابة فيها إخراجا و إيصالا إلى مستحقيها.

[مسألة: 10 يصح التوكيل في جميع العقود]

مسألة: 10 يصح التوكيل في جميع العقود كالبيع و الصلح و الإجارة و الهبة و العارية و الوديعة و المضاربة و المزارعة و المساقاة و القرض و الرهن و الشركة و الضمان و الحوالة و الكفالة و الوكالة و النكاح إيجابا و قبولا في الجميع، و كذا في الوصية و الوقف و في الطلاق و الإعتاق و الإبراء و الأخذ بالشفعة و إسقاطها و فسخ العقد في موارد ثبوت الخيار و إسقاطه. نعم الظاهر أنه لا يصح التوكيل في الرجوع الى المطلقة (1) في الطلاق الرجعي، كما انه لا يصح (2) في اليمين و النذر و العهد و اللعان و الإيلاء و الظهار و في الشهادة و الإقرار على اشكال في الأخير (3).

[مسألة: 11 يصح التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما]

مسألة: 11 يصح التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما، كما في الرهن و القرض و الصرف بالنسبة إلى العوضين و السلم بالنسبة إلى الثمن، و في إيفاء الديون و استيفائها و غيرها.

[مسألة: 12 يجوز التوكيل في الطلاق غائبا كان الزوج أم حاضرا]

مسألة: 12 يجوز التوكيل في الطلاق غائبا كان الزوج أم حاضرا، بل يجوز توكيل الزوجة في أن تطلق نفسها بنفسها أو بأن توكل الغير عن الزوج أو عن نفسها.

[مسألة: 13 يجوز الوكالة و النيابة في حيازة المباح كالاستقاء و الاحتطاب]

مسألة: 13 يجوز الوكالة و النيابة في حيازة المباح كالاستقاء و الاحتطاب و الاحتشاش و غيرها، فإذا وكل و استناب شخصا في حيازتها و قد حازها بعنوان النيابة عنه كانت بمنزلة حيازة المنوب عنه و صار ما حازه ملكا له.

[مسألة: 14 يشترط في الموكل فيه التعيين، بأن لا يكون مجهولا أو مبهما]

مسألة: 14 يشترط في الموكل فيه التعيين، بأن لا يكون مجهولا أو مبهما، فلو قال وكلتك من غير تعيين أو على أمر من الأمور أو على شي ء مما يتعلق به و نحو


1- لا يبعد صحتها فيما لم يكن التوكيل في الرجوع رجوعا، مثل أن يوكل شخصا في تطليق زوجته ثلاثا فيكون الوكيل وكيلا في الرجعتين بينهما، أو يوكل شخصا في تطليق زوجته بطلاق الخلع و الرجوع في صورة رجوعها في البذل فيقول رجعت عنه الى زوجته، فيكون نظير صالحت عنه.
2- في عدم صحة الوكالة في اليمين و النذر و العهد و الظهار اشكال.
3- يمكن أن يقال ان التوكيل في الإقرار و الشهادة إقرار و شهادة و الوكيل يشهد عليهما، لا انه يقر و يشهد عنه.

ص: 222

ذلك لم يصح. نعم لا بأس بالتعميم أو الإطلاق كما نفصله.

[مسألة: 15 الوكالة: اما خاصة، و اما عامة، و اما مطلقة: فالأولى ما تعلقت بتصرف معين في شخص معين]

مسألة: 15 الوكالة: اما خاصة، و اما عامة، و اما مطلقة:

فالأولى ما تعلقت بتصرف معين في شخص معين، كما إذا وكله في شراء عبد شخصي معين، و هذا مما لا إشكال في صحته.

و أما الثانية فاما عامة من جهة التصرف و خاصة من جهة متعلقه، كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة في داره المعينة من بيعها و هبتها و إجارتها و غيرها، و أما بالعكس كما إذا وكله في بيع جميع ما يملكه، و اما عامة من كلتا الجهتين، كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة في جميع ما يملكه أو في إيقاع جميع ما كان له فيما يتعلق به بحيث يشمل التزويج له و طلاق زوجته.

و كذا الثالثة قد تكون مطلقة من جهة التصرف خاصة من جهة متعلقه، كما إذا وكله في انه اما يبيع داره المعينة بيعا لازما (1) أو خياريا أو يرهنها أو يؤجرها و أوكل التعيين الى نظره، و قد تكون بالعكس كما إذا احتاج الى بيع أحد أملاكه من داره أو عقاره أو دوابه أو غيرها فوكل شخصا في أن يبيع أحدها و فوض الأمر في تعيينه بنظره و مصلحته، و قد تكون مطلقة من كلتا الجهتين، كما إذا وكله في إيقاع أحد العقود المعاوضية من البيع أو الصلح أو الإجارة مثلا على أحد أملاكه من داره أو دكانه أو خانه مثلا و أوكل التعيين من الجهتين الى نظره. و الظاهر صحة الجميع و ان كان بعضها لا يخلو من مناقشة (2) لكنها مندفعة.

[مسألة: 16 قد مر أنه يعتبر في الموكل فيه التعيين و لو بالإطلاق]

مسألة: 16 قد مر أنه يعتبر في الموكل فيه التعيين و لو بالإطلاق أو التعميم فإنهما أيضا نحو من التعيين، و يقتصر الوكيل في التصرف على ما شمله عقد الوكالة صريحا أو ظاهرا و لو بمعونة القرائن الحالية أو المقالية، و لو كانت هي العادة الجارية


1- بنحو يجعله وكيلا في جميعها و نائبا عنه في كل ما يختار، و اما إذا جعل له الوكالة التخييرية نظير الواجب التخييري ففي صحته اشكال بل منع.
2- من احتمال الضرر المندفع لاعتبار المصلحة في فعل الوكيل الموثق عند الموكل.

ص: 223

على أن من يوكل في أمر كذا يريد ما يشمل كذا، كما إذا وكله في البيع بالنسبة إلى تسليم المبيع أو في الشراء بالنسبة إلى تسليم الثمن دون قبض الثمن و المثمن، إلا إذا شهدت قرائن الأحوال بأنه قد وكله في البيع أو الشراء بجميع ما يترتب عليهما.

[سألة: 17 لو خالف الوكيل عما عين له و أتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة]

مسألة: 17 لو خالف الوكيل عما عين له و أتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة، فإن كان مما يجري فيه الفضولية كالعقود توقفت صحته على اجازة الموكل، و الا بطل. و لا فرق في ذلك بين أن يكون التخالف بالمباينة كما إذا وكله في بيع داره فآجرها، أو ببعض الخصوصيات كما إذا وكله في أن يبيع نقدا فباع نسيئة أو بالعكس أو يبيع بخيار فباع بدونه أو بالعكس أو يبيعه من فلان فباعه من غيره و هكذا.

نعم لو علم شمول التوكيل لفاقد الخصوصية أيضا صح، كما إذا وكله في ان يبيع السلعة بدينار فباعها بدينارين، حيث ان الظاهر عرفا بل المعلوم من حال الموكل ان تحديد الثمن بدينار انما هو من طرف النقيصة فقط (1) لا من طرف النقيصة و الزيادة معا، فكأنه قال ان ثمنها لا ينقص عن دينار. نعم لو فرض وجود غرض صحيح في التحديد به زيادة و نقيصة كان بيعها بالزيادة كبيعها بالنقيصة فضوليا يحتاج إلى الإجازة.

و من هذا القبيل ما إذا وكله في ان يبيعها في سوق مخصوصة بثمن معين فباعها في غيرها بذلك الثمن، فربما يفهم عرفا انه ليس الغرض الا تحصيل الثمن، فيكون ذكر السوق المخصوص من باب المثال، و لو فرض احتمال وجود غرض عقلائي في تعيينها احتمالا معتدا به لم يجز التعدي عنه.

[مسألة: 18 يجوز للولي كالأب و الجد للصغير أن يوكل غيره فيما يتعلق بالمولى عليه]

مسألة: 18 يجوز للولي كالأب و الجد للصغير أن يوكل غيره فيما يتعلق بالمولى عليه مما له الولاية فيه.

[مسألة: 19 لا يجوز للوكيل ان يوكل غيره في إيقاع ما توكل فيه لا عن نفسه و لا عن الموكل]

مسألة: 19 لا يجوز للوكيل ان يوكل غيره في إيقاع ما توكل فيه لا عن نفسه و لا عن الموكل إلا بإذن الموكل، و يجوز باذنه بكلا النحوين، فان عين الموكل في


1- بشرط أن يكون الكلام مع تلك القرائن ظاهرا في إنشاء الوكالة في البيع بالدينار و أكثر، و كذا في باقي الأمثلة.

ص: 224

اذنه أحدهما- بأن قال مثلا وكل غيرك عني أو عنك- فهو المتبع و لا يجوز له التعدي عما عينه، و لو أطلق فإن وكله في ان يوكل- كما إذا قال مثلا وكلتك في ان توكل غيرك- فهو اذن في توكيل الغير عن الموكل، و ان كان مجرد الاذن فيه- كما إذا قال و كل غيرك- فهو اذن في توكيله عن نفسه على تأمل (1).

[مسألة: 20 لو كان الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل كان في عرض الوكيل الأول]

مسألة: 20 لو كان الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل كان في عرض الوكيل الأول، فليس له أن يعزله و لا ينعزل بانعزاله، بل لو مات الأول يبقى الثاني على وكالته. و أما لو كان وكيلا عن الوكيل كان له أن يعزله و كانت وكالته تبعا لوكالته فينعزل بانعزاله أو موته، و هل للموكل أن يعزله حينئذ من دون ان يعزل الوكيل الأول؟

لا يبعد أن يكون له ذلك.

[مسألة: 21 يجوز أن يتوكل اثنان فصاعدا عن واحد في أمر واحد]

مسألة: 21 يجوز أن يتوكل اثنان فصاعدا عن واحد في أمر واحد، فان صرح الموكل (2) بانفرادهما جاز لكل منهما الاستقلال في التصرف من دون مراجعة الأخر، و الا لم يجز الانفراد لأحدهما و لو مع غيبة صاحبه أو عجزه، سواء صرح بالانضمام و الاجتماع أو أطلق، بأن قال مثلا وكلتكما أو أنتما وكيلاي و نحو ذلك.

و لو مات أحدهما بطلت الوكالة رأسا مع شرط الاجتماع أو الإطلاق المنزل منزلته، و بقي وكالة الباقي فيما لو صرح بالانفراد.

[مسألة: 22 الوكالة عقد جائز من الطرفين]

مسألة: 22 الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللوكيل ان يعزل نفسه مع حضور الموكل و غيبته، و كذا للموكل ان يعزله، لكنه انعزاله بعزله مشروط ببلوغه إياه، فلو أنشأ عزله و لكن لم يطلع عليه الوكيل لم ينعزل، فلو أمضى أمرا قبل أن يبلغه العزل و لو بإخبار ثقة كان ماضيا نافذا.

[مسألة: 23 تبطل الوكالة بموت الوكيل]

مسألة: 23 تبطل الوكالة بموت الوكيل، و كذا بموت الموكل و ان لم


1- المناط في تعيين أحد القسمين هو الظهور العرفي و لو بقرينة المقام، فإطلاق ما أفاده محل منع.
2- بل يكفي ظهور كلامه في ذلك عرفا و لو بالقرينة المقالية أو الحالية.

ص: 225

يعلم الوكيل بموته، و بعروض الجنون و الإغماء على كل منهما، و بتلف ما تعلقت به الوكالة، و بفعل الموكل ما تعلقت به الوكالة كما لو وكله في بيع سلعة ثم باعها، أو فعل ما ينافيه كما لو وكله في بيع عبد ثم أعتقه.

[مسألة: 24 يجوز التوكيل في الخصومة و المرافعة]

مسألة: 24 يجوز التوكيل في الخصومة (1) و المرافعة، فيجوز لكل من المدعي و المدعى عليه أن يوكل شخصا عن نفسه، بل يكره لذوي المروات من أهل الشرف و المناصب الجليلة أن يتولوا المنازعة و المرافعة بأنفسهم، خصوصا إذا كان الطرف بذي ء اللسان. و لا يعتبر رضى صاحبه، فليس له الامتناع عن خصومة الوكيل.

[مسألة: 25 الوكيل بالخصومة ان كان وكيلا عن المدعي كان وظيفته بث الدعوى على المدعى عليه عند الحاكم]

مسألة: 25 الوكيل بالخصومة ان كان وكيلا عن المدعي كان وظيفته بث الدعوى على المدعى عليه عند الحاكم و اقامة البينة و تعديلها و تحليف المنكر و طلب الحكم على الخصم و القضاء عليه، و بالجملة كل ما يقع وسيلة إلى الإثبات. و أما الوكيل عن المدعى عليه فوظيفته الإنكار و الطعن على الشهود و اقامة بينة الجرح و مطالبة الحاكم بسماعها و الحكم بها، و بالجملة عليه السعي في الدفع ما أمكن.

[مسألة: 26 لو ادعى منكر الدين مثلا في أثناء مرافعة وكيله و مدافعته عنه الأداء أو الإبراء انقلب مدعيا]

مسألة: 26 لو ادعى منكر الدين مثلا في أثناء مرافعة وكيله و مدافعته عنه الأداء أو الإبراء انقلب مدعيا، و صارت وظيفة وكيله إقامة البينة على هذه الدعوى و طلب الحكم بها من الحاكم، و صارت وظيفة وكيل خصمه الإنكار و الطعن في الشهود و غير ذلك.

[مسألة: 27 لا يقبل إقرار الوكيل في الخصومة على موكله]

مسألة: 27 لا يقبل إقرار الوكيل في الخصومة على موكله، فإذا أقر وكيل المدعي القبض أو الإبراء أو قبول الحوالة أو المصالحة أو بأن الحق مؤجل أو ان البينة فسقه أو وكيل المدعى عليه بالحق للمدعي لم يقبل و بقيت الخصومة على حالها، سواء أقر في مجلس الحكم أو في غيره، لكن ينعزل و تبطل وكالته و ليس له المرافعة، لأنه بعد الإقرار ظالم في الخصومة بزعمه.


1- بشرط أن لا يكون في الخصومة ظالما بزعمه، سواء علم بكون موكله محقا أو احتمل.

ص: 226

[مسألة: 28 الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح عن الحق و لا الإبراء منه]

مسألة: 28 الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح عن الحق و لا الإبراء منه الا أن يكون وكيلا في ذلك أيضا بالخصوص.

[مسألة: 29 يجوز أن يوكل اثنين فصاعدا بالخصومة]

مسألة: 29 يجوز أن يوكل اثنين فصاعدا بالخصومة كسائر الأمور، فان لم يصرح (1) باستقلال كل واحد منهما لم يستقل بها أحدهما، بل يتشاوران و يتباصران و يعضد كل واحد منهما صاحبه و يعينه على ما فوض إليهما.

[مسألة: 30 إذا وكل الرجل وكيلا بحضور الحاكم في خصوماته و استيفاء حقوقه مطلقا]

مسألة: 30 إذا وكل الرجل وكيلا بحضور الحاكم في خصوماته و استيفاء حقوقه مطلقا أو في خصومة شخصية ثم قدم الوكيل خصما لموكله و نشر الدعوى عليه يسمع الحاكم دعواه عليه، و كذا إذا ادعى عند الحاكم أن يكون وكيلا في الدعوى و اقام البينة عنده على وكالته، و أما إذا ادعى الوكالة من دون بينة عليها فان لم يحضر خصما عنده أو أحضر و لم يصدقه في وكالته لم يسمع دعواه، و أما إذا صدقه فيها فالظاهر أنه يسمع دعواه لكن لم يثبت بذلك وكالته عن موكله بحيث يكون حجة عليه، فإذا قضت موازين القضاء بحقية المدعي يلزم المدعى عليه بالحق، و أما إذا قضت بحقية المدعى عليه فالمدعي على حجته، فإذا أنكر الوكالة تبقى دعواه على حالها (2).

[مسألة: 31 إذا وكله في الدعوى و تثبيت حقه على خصمه و ثبته لم يكن له قبض الحق]

مسألة: 31 إذا وكله في الدعوى و تثبيت حقه على خصمه و ثبته لم يكن له قبض الحق، فللمحكوم عليه ان يمتنع عن تسليم ما ثبت عليه الى الوكيل.

[مسألة: 32 لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته]

مسألة: 32 لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته و المرافعة معه و تثبيت الحق عليه ما لم يكن وكيلا في الخصومة.

[مسألة: 33 يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل، و انما يستحق الجعل فيما جعل له الجعل بتسليم العمل الموكل فيه]

مسألة: 33 يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل، و انما يستحق الجعل فيما جعل له الجعل بتسليم العمل الموكل فيه، فلو وكله في البيع أو الشراء و جعل له جعلا كان للوكيل مطالبة الموكل به بمجرد إتمام المعاملة و ان لم يتسلم الموكل الثمن أو المثمن،


1- قد مر أن الظهور العرفي يكفي في ثبوت الاستقلال و ان لم يكن صريحا.
2- ان لم تثبت الوكالة.

ص: 227

و كذا لو وكله في المرافعة و تثبيت حقه استحق الجعل بمجرد إتمام المرافعة و ثبوت الحق و ان لم يتسلمه الموكل.

[مسألة: 34 لو وكله في قبض دينه من شخص فمات قبل الأداء لم يكن له مطالبة وارثه]

مسألة: 34 لو وكله في قبض دينه من شخص فمات قبل الأداء لم يكن له مطالبة وارثه. نعم لو كانت عبارة الوكالة شاملة له- كما لو قال اقبض حقي الذي على فلان- كان له ذلك.

[مسألة: 35 لو وكله في استيفاء دينه من زيد فجاء الى زيد للمطالبة]

مسألة: 35 لو وكله في استيفاء دينه من زيد فجاء الى زيد للمطالبة فقال زيد للوكيل خذ هذه الدراهم و اقض بها دين فلان (1) يعني موكله فأخذها صار الوكيل وكيل زيد في قضاء دينه و كانت الدراهم باقية على ملك زيد ما لم يقبضها صاحب الدين، فلزيد استردادها ما دامت في يد الوكيل، و لو تلفت عنده بقي الدين بحاله، و لو قال خذها عن الدين الذي تطالبني به لفلان فأخذها كان قابضا للموكل و برئت ذمة زيد و ليس له الاسترداد.

[مسألة: 36 الوكيل أمين بالنسبة الى ما في يده لا يضمنه الا مع التفريط أو التعدي]

مسألة: 36 الوكيل أمين بالنسبة الى ما في يده لا يضمنه الا مع التفريط أو التعدي، كما إذا لبس ثوبا توكل في بيعه أو حمل على دابة توكل في بيعها، لكن لا تبطل بذلك وكالته، فلو باع الثوب بعد لبسه صح بيعه و ان كان ضامنا له لو تلف قبل أن يبيعه، و بتسليمه الى المشتري (2) يبرأ عن ضمانه.

[مسألة: 37 لو وكله في إيداع مال فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعي لم يضمنه الوكيل]

مسألة: 37 لو وكله في إيداع مال فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعي لم يضمنه الوكيل (3) إلا إذا وكله في أن يودعه عنده مع الإشهاد فأودع بلا إشهاد، و كذا الحال


1- هذا إذا كان مقصود المديون منه جعل الدراهم امانة عند الوكيل بحيث لا يكون له التصرف فيها إلا أداؤها إلى شخص الدائن، و الا جاز له قبضها عن موكله و به يخرج عن ملك المديون.
2- لكن يضمن ما استوفاه من المنافع، و كذا لو أذن له المشتري ان يكون المبيع عنده أمانة أو عارية.
3- إلا إذا كان هذا العمل بالنسبة إلى خصوص هذا الودعي يعد تفريطا في حق صاحب المال و كذا في أداء الدين.

ص: 228

فيما لو وكله في قضاء دينه فأداه بلا إشهاد و أنكر الدائن.

[مسألة: 38 إذا وكله في بيع سلعة أو شراء متاع فان صرح بكون البيع أو الشراء من غيره]

مسألة: 38 إذا وكله في بيع سلعة أو شراء متاع فان صرح بكون البيع أو الشراء من غيره أو بما يعم نفسه فلا اشكال، و ان أطلق و قال أنت وكيلي في ان تبيع هذه السلعة أو تشتري لي المتاع الفلاني فهل يعم نفس الوكيل فيجوز ان يبيع السلعة من نفسه أو يشتري له المتاع من نفسه أم لا؟ وجهان بل قولان، أقواهما الأول و أحوطهما الثاني.

[مسألة: 39 إذا اختلفا في الوكالة فالقول قول منكرها]

مسألة: 39 إذا اختلفا في الوكالة فالقول قول منكرها، و لو اختلفا في التلف أو في تفريط الوكيل فالقول قول الوكيل، و إذا اختلفا في دفع المال الى الموكل فالظاهر أن القول قول الموكل، خصوصا إذا كانت بجعل. و كذا الحال فيما إذا اختلف الوصي و الموصى له في دفع المال الموصى به اليه و الأولياء حتى الأب و الجد إذا اختلفوا مع المولى عليه بعد زوال الولاية عليه في دفع ماله إليه، فإن القول قول المنكر في جميع ذلك. نعم لو اختلف الأولياء مع المولى عليهم في الإنفاق عليهم أو على ما يتعلق بهم في زمان ولايتهم، الظاهر ان القول قول الأولياء بيمينهم.

ص: 229

[كتاب الإقرار]

اشارة

كتاب الإقرار الذي هو الاخبار بحق لازم (1) على المخبر أو بنفي حق له، كقوله «له أو لك علي كذا أو عندي أو في ذمتي كذا أو هذا الذي في يدي لفلان أو ليس لي حق على فلان» و ما أشبه ذلك بأي لغة كان، بل يصح إقرار العربي بالعجمي و بالعكس و الهندي بالتركي و بالعكس إذا كان عالما بمعنى ما تلفظ به في تلك اللغة. و المعتبر فيه الجزم، بمعنى عدم إظهار الترديد و عدم الجزم به، فلو قال أظن أو احتمل انك تطلبني كذا لم يكن إقرارا.

[مسألة: 1 يعتبر في صحة الإقرار بل في حقيقته و أخذ المقر بإقراره كونه دالا على الاخبار المزبور]

مسألة: 1 يعتبر في صحة الإقرار بل في حقيقته و أخذ المقر بإقراره كونه دالا على الاخبار المزبور بالصراحة أو الظهور، فان احتمل ارادة غيره احتمالا يخل بظهوره عند أهل المحاورة لم يصح، و تشخيص ذلك راجع الى العرف و أهل اللسان كسائر التكلمات العادية، فكل كلام و لو لخصوصية مقام يفهم منه أهل اللسان انه قد أخبر بثبوت حق عليه أو سلب حق عن نفسه من غير ترديد كان ذلك إقرارا، و كل ما لم يفهم منه ذلك من جهة تطرق الاحتمال الموجب للتردد و الإجمال لم يكن إقرارا.

[مسألة: 2 لا يعتبر في الإقرار صدوره من المقر ابتداء و كونه مقصودا بالإفادة]

مسألة: 2 لا يعتبر في الإقرار صدوره من المقر ابتداء و كونه مقصودا بالإفادة بل يكفي كونه مستفادا من تصديقه لكلام آخر، و استفادة ذلك من كلامه بنوع من


1- من غير فرق بين حقوق الناس و حقوق اللّٰه تعالى، و من غير فرق بين الاعتراف بنفس الحق أو بملزومه كالإقرار بالنسب و القتل و شرب الخمر، و لا بين الأعيان و المنافع و الحقوق كحق الشفعة و حق الخيار و نحوهما.

ص: 230

الاستفادة كقوله نعم أو بلى أو أجل في جواب من قال لي عليك كذا أو قال أ ليس لي عليك كذا (1)، و كقوله في جواب من قال استقرضت ألفا أو لي عليك ألف رددتها أو أديتها لأنه إقرار منه بأصل ثبوت الحق عليه و دعوى منه بسقوطه، و مثل ذلك ما إذا قال في جواب من قال هذه الدار التي تسكنها لي اشتريتها منك، فإن الأخبار بالاشتراء اعتراف منه بثبوت الملك له و دعوى منه بانتقاله اليه. و من ذلك ما إذا قال لمن يدعي ملكية شي ء معين ملكني. نعم قد توجد قرائن على أن تصديقه لكلام الأخر ليس تصديقا حقيقيا له، فلم يتحقق الإقرار بل دخل في عنوان الإنكار، كما إذا قال في جواب من قال لي عليك ألف دينار نعم أو صدقت محركا رأسه مع صدور حركات منه دلت على انه في مقام الاستهزاء و التهكم و شدة التعجب و الإنكار.

[مسألة: 3 يشترط في المقر به أن يكون امرا لو كان المقر صادقا في اخباره]

مسألة: 3 يشترط في المقر به أن يكون امرا لو كان المقر صادقا في اخباره كان للمقر له (2) حق إلزام عليه و مطالبته به، بأن يكون مالا في ذمته عينا أو منفعة أو عملا أو ملكا تحت يده أو حقا يجوز مطالبته كحق الشفعة و الخيار و القصاص و حق الاستطراق في درب و اجراء الماء في نهر و نصب الميزاب على ملك و وضع الجذوع على حائط، أو يكون نسبا أوجب نقصا في الميراث أو حرمانا في حق المقر و غير ذلك.

[مسألة: 4 انما ينفذ الإقرار بالنسبة إلى المقر و يمضى عليه فيما يكون ضررا عليه]

مسألة: 4 انما ينفذ الإقرار بالنسبة إلى المقر و يمضى عليه فيما يكون ضررا عليه لا بالنسبة إلى غيره و لا فيما يكون فيه نفع المقر إذا لم يصدقه الغير، فإذا أقر بزوجية امرأة لم تصدقه تثبت الزوجية بالنسبة إلى وجوب إنفاقها عليه (3) لا بالنسبة إلى وجوب تمكينها منه.


1- الظاهر أن قوله «نعم» في جواب هذا السؤال لا يخلو عن إجمال. نعم إذا قال في جوابه «بلى» صريح أو ظاهر في الإقرار.
2- أو كان المقر به موضوعا لحكم شرعي على ضرر المقر أو نفع للغير، مثل الإقرار بارتكاب ما يوجب الحد أو الإقرار بكون ما في يده مسجدا و مباحا من دون حيازته و أمثال ذلك.و إذا أقر بأنه جنب يجب منعه عن التوقف في المساجد، و كذا في نظائره.
3- وجوب الإنفاق مع إنكار الزوجة النكاح ممنوع. نعم تثبت الزوجية بالنسبة إلى حرمة تزويج أختها جمعا و أمها و الخامس عليه.

ص: 231

[مسألة: 5 يصح الإقرار بالمجهول و المبهم و يقبل من المقر و يلزم]

مسألة: 5 يصح الإقرار بالمجهول و المبهم و يقبل من المقر و يلزم و يطالب بالتفسير و البيان و رفع الإبهام، و يقبل منه ما فسره به و يلزم به لو طابق التفسير مع المبهم بحسب العرف و اللغة و أمكن بحسبهما ان يكون مرادا منه، فلو قال لك علي شي ء ألزم التفسير، فإذا فسره بأي شي ء كان مما يصح ان يكون في الذمة و على العهدة يقبل منه و ان لم يكن متمولا كحبة من حنطة، و أما لو قال لك علي مال لم يقبل منه الا إذا كان ما فسره به من الأموال لا مثل حبة من حنطة أو حفنة من تراب أو الخمر أو الخنزير.

[مسألة: 6 لو قال لك علي أحد هذين مما كان تحت يده أو لك علي اما وزنة من حنطة أو شعير]

مسألة: 6 لو قال لك علي أحد هذين مما كان تحت يده أو لك علي اما وزنة من حنطة أو شعير ألزم بالتفسير و كشف الإبهام، فإن عين الزم به و لا يلزم بغيره، فان لم يصدقه المقر له و قال ليس لي ما عينت سقط حقه (1) لو كان المقر به في الذمة، و لو كان عينا كان بينهما مسلوبا بحسب الظاهر عن كل منهما فيبقى الى أن يتضح الحال و لو برجوع المقر عن إقراره أو المنكر عن إنكاره. و لو ادعى عدم المعرفة حتى يفسره، فان صدقه المقر له في ذلك و قال أنا أيضا لا أدرى فلا محيص عن الصلح أو القرعة مع احتمال الحكم بالاشتراك، و الأحوط هو الأول، و ان ادعى المعرفة و عين أحدهما فان صدقه المقر فذاك و الا فله أن يطالبه بالبينة، و مع عدمها فله ان يحلفه، و ان نكل أو لم يمكن إحلافه يكون الحال كما لو جهلا معا، فلا محيص عن التخلص بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة.

[مسألة: 7 و كما لا يضر الإبهام و الجهالة في المقر به لا يضران في المقر له]

مسألة: 7 و كما لا يضر الإبهام و الجهالة في المقر به لا يضران في المقر له، فلو قال هذه الدار التي بيدي لأحد هذين يقبل و يلزم بالتعيين، فمن عينه يقبل و يكون هو المقر له، فان صدقه الأخر فذاك و الا تقع المخاصمة بينه و بين من عينه المقر. و لو ادعى عدم المعرفة و صدقاه في ذلك سقط عنه الإلزام بالتعيين، و لو ادعيا أو أحدهما عليه العلم كان القول قوله بيمينه.


1- يعنى يلزم بإقراره إلا إذا قال ذلك بقصد الإبراء و كان كلامه ظاهرا فيه فيسقط حقه واقعا، و هذا خارج عن مسألة الإقرار.

ص: 232

[مسألة: 8 يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار]

مسألة: 8 يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، فلا اعتبار بإقرار الصبي و المجنون و السكران، و كذا الهازل و الساهي و الغافل، و كذا المكره. نعم لا يبعد صحة إقرار الصبي إذا تعلق بماله ان يفعله (1) كالوصية بالمعروف ممن له عشر سنين.

[مسألة: 9 السفيه ان أقر بمال في ذمته أو تحت يده لم يقبل و يقبل فيما عدا المال كالطلاق و الخلع]

مسألة: 9 السفيه ان أقر بمال في ذمته أو تحت يده لم يقبل و يقبل فيما عدا المال كالطلاق و الخلع (2) و نحوهما، و ان أقر بأمر مشتمل على مال و غيره كالسرقة لم يقبل بالنسبة إلى المال و قبل بالنسبة إلى غيره، فيحد من أقر بالسرقة و لا يلزم بأداء المال.

[مسألة: 10 المملوك لا يقبل إقراره بما يوجب حدا عليه]

مسألة: 10 المملوك لا يقبل إقراره (3) بما يوجب حدا عليه، و لا بجناية أوجبت أرشا أو قصاصا أو استرقاقا، و لا بمال تحت يده من مولاه أو من نفسه بناء على ملكه. نعم لو كان مأذونا في التجارة من مولاه يقبل إقراره بما يتعلق بها و يؤخذ ما أقر به مما في يده، فان كان أكثر لم يضمنه المولى بل يضمنه المملوك يتبع به إذا أعتق، كما انه لو أقر بما يوجب مالا على ذمته من إتلاف و نحوه يقبل في حقه و يتبع به إذا أعتق.

[مسألة: 11 يقبل إقرار المفلس بالدين سابقا و لاحقا]

مسألة: 11 يقبل إقرار المفلس بالدين سابقا و لاحقا، و يشارك المقر له مع الغرماء على التفصيل الذي تقدم في كتاب الحجر، كما تقدم الكلام في إقرار المريض بمرض الموت و انه نافذ الا مع التهمة، فينفذ بمقدار الثلث.

[مسألة: 12 إذا ادعى الصبي البلوغ، فان ادعاه بالإنبات اعتبر و لا يثبت بمجرد دعواه]

مسألة: 12 إذا ادعى الصبي البلوغ، فان ادعاه بالإنبات اعتبر و لا يثبت بمجرد دعواه، و كذا ان ادعاه بالسن فإنه يطالب بالبينة، و أما لو ادعاه بالاحتلام في


1- ان قلنا بصحته.
2- يعنى يقبل إقراره بطلاق الخلع على ضرره، فيمنع عن رجوعه الى زوجته قبل رجوعها الى البذل.
3- ان لم يصدقه المولى و الا يقبل قوله سواء كان في الحدود أو في الأموال و يعجل الحد و يؤخذ المال. نعم لو أقر بمال في ذمته غير مربوط بالمولى فيتبع به بعد العتق سواء صدقة أم لم يصدقه، و اما الحدود إذا لم يصدقه المولى فاجراؤها بعد محل تأمل، لأن الحدود تدرأ بالشبهة. نعم لو أقر بعد العتق أيضا قبل التوبة فالظاهر عدم المانع من إجرائها.

ص: 233

الحد الذي يمكن وقوعه فثبوته بقوله بلا يمين بل مع اليمين محل تأمل و إشكال.

[مسألة: 13 يعتبر في المقر له أن يكون له أهلية الاستحقاق]

مسألة: 13 يعتبر في المقر له أن يكون له أهلية الاستحقاق، فلو أقر لدابة (1) مثلا لغا. نعم لو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو رباط أو مدرسة و نحوها بمال الظاهر قبوله و صحته، حيث ان المقصود من ذلك في المتعارف اشتغال ذمته ببعض ما يتعلق بها من غلة موقوفاتها أو المنذور أو الموصى به لمصالحها و نحوها.

[مسألة: 14 إذا كذب المقر له المقر في إقراره]

مسألة: 14 إذا كذب المقر له المقر في إقراره، فإن كان المقر به دينا أو حقا لم يطالب به المقر و فرغت ذمته في الظاهر، و ان كان عينا كانت مجهول المالك بحسب الظاهر فتبقى في يد المقر أو في يد الحاكم الى ان يتبين مالكه. هذا بحسب الظاهر، و أما بحسب الواقع فعلى المقر بينه و بين اللّٰه تفريغ ذمته من الدين و تخليص نفسه من العين بالإيصال إلى المالك و ان كان بدسه في أمواله، و لو رجع المقر له عن إنكاره يلزم المقر بالدفع إليه (2).

[مسألة: 15 إذا أقر بشي ء ثم عقبه بما يضاده و ينافيه يؤخذ بإقراره و يلغى ما ينافيه]

مسألة: 15 إذا أقر بشي ء ثم عقبه بما يضاده و ينافيه يؤخذ بإقراره و يلغى ما ينافيه، فلو قال له علي عشرة لا بل تسعة يلزم بالعشرة، و لو قال له علي كذا و هو من ثمن الخمر أو بسبب القمار يلزم بالمال و لا يسمع منه ما عقبه، و كذا لو قال عندي وديعة و قد هلكت، فان اخباره بتلف الوديعة و هلاكها ينافي قوله له عندي الظاهر في وجودها عنده. نعم لو قال كانت له عندي وديعة و قد هلكت فهو بحسب الظاهر إقرار بالإيداع عنده سابقا و لا تنافي بينه و بين طرو الهلاك عليها، لكن هذا دعوى منه لا بد من فصلها على الموازين الشرعية.

[مسألة: 16 ليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي]

مسألة: 16 ليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي، بل يكون المقر به ما بقي بعد الاستثناء ان كان الاستثناء من المثبت و نفس المستثنى ان كان الاستثناء من المنفي، لأن الاستثناء من الإثبات نفي و من النفي إثبات، فلو قال له علي عشرة إلا درهما أو هذه


1- ان لم يرجع الى الإقرار لصاحب الدابة و لم تكن الدابة موقوفة.
2- ما دام باقيا على إقراره.

ص: 234

الدار التي بيدي لزيد إلا القبة الفلانية كان إقرارا بالتسعة و بالدار ما عدا القبة، و لو قال ما له علي شي ء إلا درهم أو ليس له من هذه الدار إلا القبة الفلانية كان إقرارا بدرهم و القبة. هذا إذا كان الاخبار بالإثبات أو النفي متعلقا بحق الغير عليه، و أما لو كان متعلقا بحقه على الغير كان الأمر بالعكس، فلو قال لي عليك عشرة إلا درهما اولي هذه الدار إلا القبة الفلانية كان إقرارا بالنسبة إلى نفي حقه عن الدراهم الزائد على التسعة و نفي ملكية القبة، فلو ادعى بعد ذلك استحقاقه تمام العشرة أو تمام الدار حتى القبة لم يسمع منه، و لو قال ليس لي عليك الا درهم أو ليس لي من هذه الدار إلا القبة الفلانية كان إقرارا منه بنفي استحقاق ما عدا درهم و ما عدا القبة.

[مسألة: 17 لو أقر بعين لشخص ثم أقر بها لشخص آخر- كما إذا قال هذه الدار لزيد]

مسألة: 17 لو أقر بعين لشخص ثم أقر بها لشخص آخر- كما إذا قال هذه الدار لزيد ثم قال بل لعمرو- حكم بكونها للأول و أعطيت له و أغرم للثاني بقيمتها.

[مسألة: 18 من الأقارير النافذة الإقرار بالنسب كالبنوة و الاخوة و غيرهما]

مسألة: 18 من الأقارير النافذة الإقرار بالنسب كالبنوة و الاخوة و غيرهما، و المراد بنفوذه إلزام المقر و أخذه بإقراره بالنسبة الى ما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركته معه في إرث أو وقف و نحو ذلك، و أما ثبوت النسب بين المقر و المقر به بحيث يترتب جميع آثاره ففيه تفصيل، و هو أنه ان كان الإقرار بالولد و كان صغيرا غير بالغ يثبت ولادته بإقراره إذا لم يكذبه الحس و العادة، كالإقرار ببنوة من يقاربه في السن بما لم تجر العادة بتولده من مثله، و لا الشرع كإقراره ببنوة من كان ملتحقا بغيره من جهة الفراش و نحوه و لم ينازعه فيه منازع، فحينئذ يثبت بإقراره كونه ولدا له و يترتب جميع آثاره و يتعدى الى أنسابهما، فيثبت بذلك كون ولد المقر به حفيدا للمقر و ولد المقر أخا للمقر به و أبيه جده و يقع التوارث بينهما و كذا بين أنسابهما بعضهم مع بعض، و كذا الحال لو كان كبيرا و صدق المقر في إقراره مع الشروط المزبورة، و ان كان الإقرار بغير الولد- و ان كان ولد ولد- فان كان المقر به كبيرا أو صدقه أو كان صغيرا و صدقه بعد بلوغه يتوارثان إذا لم يكن لهما وارث معلوم و محقق، و لا يتعدى التوارث الى غيرهما من أنسابهما حتى إلى أولادهما، و مع

ص: 235

عدم التصادق أو وجود وارث محقق لا يثبت بينهما النسب الموجب للتوارث بينهما إلا بالبينة.

[مسألة: 19 إذا أقر بولد صغير فثبت نسبه ثم بلغ فأنكر لم يلتفت الى إنكاره]

مسألة: 19 إذا أقر بولد صغير فثبت نسبه ثم بلغ فأنكر لم يلتفت الى إنكاره.

[مسألة: 20 إذا أقر أحد ولدي الميت بولد آخر و أنكر الأخر لم يثبت نسب المقر به]

مسألة: 20 إذا أقر أحد ولدي الميت بولد آخر و أنكر الأخر لم يثبت نسب المقر به، فيأخذ المنكر نصف التركة و يأخذ المقر الثلث، حيث ان هذا نصيبه بمقتضى إقراره و يأخذ المقر به السدس، و هو تكملة نصيب المقر و قد تنقص بسبب إقراره.

[مسألة: 21 لو كان للميت أخوة و زوجة فأقرت بولد له كان لها الثمن و كان الباقي للولد]

مسألة: 21 لو كان للميت أخوة و زوجة فأقرت بولد له كان لها الثمن و كان الباقي للولد ان صدقها الاخوة، و ان أنكروا كان لهم ثلاثة أرباع و للزوجة الثمن و باقي حصتها للولد.

[مسألة: 22 إذا مات صبي مجهول النسب فأقر إنسان ببنوته ثبت نسبه و كان ميراثه للمقر]

مسألة: 22 إذا مات صبي مجهول النسب فأقر إنسان ببنوته (1) ثبت نسبه و كان ميراثه للمقر إذا كان له مال.

[مسألة: 23 ينفذ إقرار المريض كالصحيح و يصح الا في فرض الموت مع التهمة]

مسألة: 23 ينفذ إقرار المريض كالصحيح و يصح الا في فرض الموت مع التهمة فلا ينفذ إقراره فيما زاد على الثلث، سواء أقر لوارث أو أجنبي، و قد تقدم في كتاب الحجر.

[مسألة: 24 لو أقر الورثة بأسرهم بدين على الميت أو بشي ء من ماله للغير كان مقبولا]

مسألة: 24 لو أقر الورثة بأسرهم بدين على الميت أو بشي ء من ماله للغير كان مقبولا لانه كإقرار الميت، و لو أقر بعضهم و أنكر البعض فإن أقر اثنان و كانا عدلين ثبت الدين على الميت و كذا العين للمقر له بشهادتهما، و ان لم يكونا عدلين أو كان المقر واحدا نفذ إقرار المقر في حق نفسه خاصة و يؤخذ منه من الدين الذي أقر به مثلا بنسبة نصيبه من التركة، فإذا كانت التركة مائة و نصيب كل من الوارثين خمسين فأقر أحدهما لأجنبي بخمسين و كذبه الأخر أخذ المقر له من نصيب المقر خمسة و عشرين، و كذا الحال فيما إذا أقر بعض الورثة بأن الميت أوصى لأجنبي بشي ء و أنكر البعض.


1- و لم يكن له منازع فينازعه.

ص: 236

[كتاب الهبة]

اشارة

كتاب الهبة و هي تمليك عين مجانا و من غير عوض (1)، و قد يعبر عنها بالعطية و النحلة، و هي عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول، و يكفي في الإيجاب كل لفظ دال على التمليك المذكور، مثل «وهبتك» أو «ملكتك» أو «هذا لك» و نحو ذلك، و في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب. و لا يعتبر فيه العربية، و الأقوى وقوعها بالمعاطاة بتسليم العين و تسلمها بعنوان التمليك و التملك.

[مسألة: 1 يعتبر في كل من الواهب و الموهوب له]

مسألة: 1 يعتبر في كل من الواهب و الموهوب له (2) البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، و في الواهب عدم الحجر عليه بسفه أو فلس، و تصح من المريض بمرض الموت و ان زاد على الثلث بناء على ما هو الأقوى من أن منجزات المريض تنفذ من الأصل كما تقدم في كتاب الحجر.

[مسألة: 2 يشترط في الموهوب أن يكون عينا]

مسألة: 2 يشترط في الموهوب أن يكون عينا، فلا تصح هبة المنافع. و أما الدين فان كانت لمن عليه الحق صحت بلا اشكال و أفادت فائدة الإبراء، و يعتبر فيها القبول على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و ان لم يعتبر في الإبراء على الأقوى. و الفرق بين هذه الهبة و الإبراء ان الثاني إسقاط لما في ذمة المديون و هذه تمليك له، و ان كان


1- يعنى من غير عوض من الموهوب، فلا ينتقض بالهبة المعوضة، لأن العوض فيها عوض عن نفس الهبة دون الموهوب، و يشترط في الهبة المصطلحة أن تكون منجزة مجردة عن القربة فتمتاز عن الوصية و الصدقات.
2- و يعتبر أيضا في الموهوب له قابلية تملك الموهوب، فلا تصح هبة المصحف و المسلم للكافر.

ص: 237

يترتب عليه السقوط كبيع الدين على من عليه الدين، و ان كانت لغير من عليه الحق ففيه إشكال (1).

[مسألة: 3 يشترط في صحة الهبة قبض الموهوب له و لو في غير مجلس العقد]

مسألة: 3 يشترط في صحة الهبة قبض الموهوب له و لو في غير مجلس العقد، و يشترط في صحة القبض كونه بإذن الواهب. نعم لو وهب ما كان في يد الموهوب له صح و لا يحتاج الى قبض جديد و لا مضي زمان يمكن فيه القبض، و كذا لو كان الواهب وليا على الموهوب له كالأب و الجد للولد الصغير و قد وهبه ما في يده صح بمجرد العقد لان قبض الولي قبض عن المولى عليه، و الأحوط أن يقصد القبض عن المولى عليه بعد الهبة، و لو وهب الصغير غير الولي فلا بد من القبض و يتولاه الولي.

[مسألة: 4 القبض في الهبة كالقبض في البيع]

مسألة: 4 القبض في الهبة كالقبض في البيع، و هو في غير المنقول كالدار و البستان التخلية برفع يده عنه و رفع المنافيات و الاذن للموهوب له في التصرف بحيث صار تحت استيلائه، و في المنقول الاستقلال و الاستيلاء عليه باليد أو ما هو بمنزلته كوضعه في حجره أو في جيبه و نحو ذلك.

[مسألة: 5 يجوز هبة المشاع لإمكان قبضه و لو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل المتهب]

مسألة: 5 يجوز هبة المشاع لإمكان قبضه و لو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل المتهب إياه في قبض الحصة الموهوبة عنه، بل الظاهر تحقق القبض الذي هو شرط للصحة في المشاع باستيلاء المتهب عليه من دون اذن الشريك أيضا، و ترتب الأثر عليه و ان كان تعديا (2) بالنسبة إليه.

[مسألة: 6 لا يعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد]

مسألة: 6 لا يعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد و لو بزمان كثير، و لو تراخى يحصل الانتقال الى الموهوب له من حينه، فما كان له من النماء سابقا على القبض يكون للواهب.

[مسألة: 7 لو مات الواهب بعد العقد و قبل القبض بطل العقد]

مسألة: 7 لو مات الواهب بعد العقد و قبل القبض بطل العقد و انفسخ و انتقل


1- و الأقوى عدم الصحة.
2- مثل أن يقبض المجموع للمتهب من دون اذن الشريك، فيكون المتهب غاصبا لحصة الشريك، و يكفي مثل هذا القبض لصحة الهبة.

ص: 238

الموهوب الى ورثته و لا يقومون في مقامه في الإقباض، فيحتاج إلى إيقاع هبة جديدة بينهم و بين الموهوب له، كما أنه لو مات الموهوب له لا يقوم ورثته مقامه في القبض بل يحتاج إلى هبة جديدة من الواهب إياهم.

[مسألة: 8 إذا تمت الهبة بالقبض فان كانت لذي رحم أبا كان أو أما أو ولدا أو غيرهم]

مسألة: 8 إذا تمت الهبة بالقبض فان كانت لذي رحم أبا كان أو أما أو ولدا أو غيرهم و كذا ان كانت للزوج أو الزوجة على الأقوى لم يكن للواهب الرجوع في هبته، و ان كانت لأجنبي غير الزوج و الزوجة كان له الرجوع فيها ما دامت العين باقية (1)، فان تلفت كلا أو بعضا (2) فلا رجوع، و كذا لا رجوع ان عوض المتهب عنها و لو كان يسيرا، من غير فرق بين ما كان إعطاء العوض لأجل اشتراطه في الهبة و بين غيره بأن أطلق في العقد لكن المتهب أثاب الواهب و أعطاه العوض، و كذا لا رجوع فيها لو قصد الواهب في هبته القربة أو أراد بها وجه اللّٰه تعالى.

[مسألة: 9 يلحق بالتلف التصرف الناقل كالبيع و الهبة أو المغير للعين]

مسألة: 9 يلحق بالتلف التصرف الناقل كالبيع و الهبة أو المغير للعين بحيث يصدق معه عدم قيام العين بعينها كالحنطة يطحنها و الدقيق يخبزه و الثوب يفصله أو يصبغه و نحو ذلك، دون غير المغير كالثوب يلبسه و الفراش يفرشه و الدابة يركبها أو يعلفها أو يسقيها و نحوها، فإن أمثال ذلك لا يمنع عن الرجوع. من الأول على الظاهر الامتزاج الرافع للامتياز و لو بالجنس، كما أن من الثاني على الظاهر قصارة الثوب (3).

[مسألة: 10 فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكل و البعض]

مسألة: 10 فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكل و البعض، فلو وهب شيئين لأجنبي بعقد واحد يجوز له الرجوع في أحدهما، بل لو وهب شيئا واحدا يجوز له الرجوع في بعضه مشاعا أو معينا أو مفروزا.

[مسألة: 11 الهبة اما معوضة أو غير معوضة]

مسألة: 11 الهبة اما معوضة أو غير معوضة، و المراد بالأولى ما شرط فيها الثواب و العوض و ان لم يعط العوض أو عوض عنها و ان لم يشترط فيها العوض.

[مسألة: 12 إذا وهب و أطلق لم يلزم على المتهب إعطاء الثواب و العوض]

مسألة: 12 إذا وهب و أطلق لم يلزم على المتهب إعطاء الثواب و العوض،


1- قائمة بعينها كما في الصحيح.
2- بحيث لا تبقى قائمة بعينها.
3- إذا لم يحدث فيه بسببها نقص لم يصدق معه القيام بعينها.

ص: 239

سواء كانت من الأدنى للأعلى أو العكس أو من المساوي للمساوي، و ان كان الاولى بل الأحوط في الصورة الأولى إعطاء العوض. و كيف كان لو اعطى العوض لم يجب على الواهب قبوله، و ان قبل و أخذه لزمت الهبة و لم يكن له الرجوع فيما وهبه و لم يكن للمتهب (1) أيضا الرجوع في ثوابه.

[مسألة: 13 إذا شرط الواهب في هبته على المتهب إعطاء العوض]

مسألة: 13 إذا شرط الواهب في هبته على المتهب إعطاء العوض- بأن يهبه شيئا مكافأة و ثوابا لهبته- و وقع منه القبول على ما اشترط و كذا القبض للموهوب يلزم عليه دفع العوض (2)، فان دفع لزمت الهبة الأولى على الواهب و الا فله الرجوع في هبته.

[مسألة: 14 لو عين العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعين و يلزم على المتهب بذل ما عين]

مسألة: 14 لو عين العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعين و يلزم على المتهب بذل ما عين، و لو أطلق- بأن شرط عليه أن يثيب و يعوض و لم يعين العوض- فان اتفقا على قدر فذاك و الا وجب عليه ان يثيب مقدار الموهوب مثلا أو قيمة (3).

[مسألة: 15 الظاهر أنه لا يعتبر في الهبة المشروط فيها العوض أن يكون التعويض المشروط بعنوان الهبة]

مسألة: 15 الظاهر أنه لا يعتبر في الهبة المشروط فيها العوض أن يكون التعويض المشروط بعنوان الهبة، بأن يشترط على المتهب أن يهبه شيئا، بل يجوز أن يكون بعنوان الصلح عن شي ء، بأن يشترط عليه ان يصالحه عن مال أو حق، فإذا صالحه عنه و تحقق منه القبول فقد عوضه و لم يكن له الرجوع في هبته، و كذا يجوز أن يكون إبراء عن حق أو إيقاع عمل له كخياطة ثوبه أو صياغة خاتمه و نحو ذلك، فإذا أبرأه عن ذلك الحق أو عمل له ذلك العمل فقد أثابه و عوضه.

[مسألة: 16 لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع و كان في الموهوب نماء منفصل حدث بعد العقد و القبض]

مسألة: 16 لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع و كان في الموهوب نماء منفصل حدث بعد العقد و القبض كالثمرة و الحمل و الولد و اللبن في الضرع كان من مال المتهب و لا يرجع الى الواهب، بخلاف المتصل كالسمن فإنه يرجع اليه.


1- فيه اشكال لعدم صدق المعوضة على تلك الهبة و لم يصدق أنه أثيب في هبته إلا بالمسامحة العرفية. نعم مع الشك مقتضى الاستصحاب عدم تأثير الرجوع بعد القبض.
2- ان كان معينا و ان كان مطلقا فيأتي حكمه إن شاء اللّٰه تعالى.
3- و يجوز له في هذه الصورة رد العين الموهوبة عوضا و ثوابا بدل المثل أو القيمة.

ص: 240

و يحتمل أن يكون ذلك مانعا عن الرجوع لعدم كون الموهوب معه قائما بعينه، بل لا يخلو من قوة (1).

[مسألة: 17 لو مات الواهب بعد اقباض الموهوب لزمت الهبة]

مسألة: 17 لو مات الواهب بعد اقباض الموهوب لزمت الهبة و ان كانت لأجنبي و لم تكن معوضة و ليس لورثته الرجوع، و كذلك لو مات الموهوب له، فينتقل الموهوب الى ورثته انتقالا لازما.

[مسألة: 18 لو باع الواهب العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم]

مسألة: 18 لو باع الواهب (2) العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم أو معوضة أو قصد بها القربة يقع البيع فضوليا، فإن أجاز المتهب صح و الا بطل، و ان كانت غير لازمة فالظاهر صحة البيع و وقوعه من الواهب و كان رجوعا في الهبة. هذا إذا كان ملتفتا الى هبته، و أما لو كان ناسيا أو غافلا و ذاهلا ففي كونه رجوعا قهريا تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 19 الرجوع اما بالقول، كأن يقول «رجعت» و ما يفيد معناه]

مسألة: 19 الرجوع اما بالقول، كأن يقول «رجعت» و ما يفيد معناه، و اما بالفعل كاسترداد العين و أخذها من يد المتهب، و من ذلك بيعها بل و إجارتها و رهنها إذا كان ذلك بقصد الرجوع.

[مسألة: 20 لا يشترط في الرجوع اطلاع المتهب]

مسألة: 20 لا يشترط في الرجوع اطلاع المتهب، فلو أنشأ الرجوع من غير اطلاعه صح.

[مسألة: 21 يستحب العطية للأرحام الذين أمر اللّٰه تعالى أكيدا بصلتهم و نهى شديدا عن قطيعتهم]

مسألة: 21 يستحب العطية للأرحام الذين أمر اللّٰه تعالى أكيدا بصلتهم و نهى شديدا عن قطيعتهم، فعن مولانا الباقر عليه السلام: في كتاب علي عليه السلام ثلاثة لا يموت صاحبهن ابدا حتى يرى وبالهن: البغي، و قطيعة الرحم، و اليمين الكاذبة يبارز اللّٰه بها. و ان أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، و ان القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمي أموالهم و يثرون، و ان اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها، و خصوصا الوالدين الذين أمر اللّٰه تعالى ببرهما، فعن مولانا الصادق


1- إلا إذا كان السمن يسيرا بحيث يصدق انها قائمة بعينها عرفا.
2- بعد قبض المتهب.

ص: 241

عليه السلام ان رجلا اتى النبي صلى اللّٰه عليه و آله و قال: أوصني. قال: لا تشرك باللّه شيئا و ان أحرقت بالنار و عذبت الا و قلبك مطمئن بالايمان، و والديك فأطعمها و برهما حين كانا أو ميتين، و ان أمراك ان تخرج من أهلك و مالك فافعل فان ذلك من الايمان.

و عن منصور بن حازم عنه عليه السلام قال: قلت أي الأعمال أفضل؟ قال:

الصلاة لوقتها و بر الوالدين و الجهاد في سبيل اللّٰه.

و لا سيما الام التي يتأكد برها و صلتها أزيد من الأب، فعن الصادق عليه السلام:

جاء رجل الى النبي صلى اللّٰه عليه و آله فقال: يا رسول اللّٰه من أبر؟ قال: أمك.

قال: ثم الى من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك.

و عنه عليه السلام: انه سئل صلى اللّٰه عليه و آله عن بر الوالدين قال: ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أباك، ابرر أباك، ابرر أباك. و بدأ بالأم قبل الأب.

و الاخبار في هذه المعاني كثيرة لا تحصى فلتطلب من مظانها.

[مسألة: 22 يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطية على كراهية]

مسألة: 22 يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطية على كراهية، و ربما يحرم إذا كان سببا لإثارة الفتنة و الشحناء و البغضاء المؤدية إلى الفساد، كما انه ربما يفضل التفضيل فيما إذا يؤمن من الفساد و يكون لبعضهم خصوصية موجبة لأولوية رعايته.

ص: 242

[كتاب الوقف و أخواته]

اشارة

كتاب الوقف و أخواته الوقف هو تحبيس العين و تسبيل منفعتها، و فيه فضل كثير و ثواب جزيل، قال رسول اللّٰه (1) صلى اللّٰه عليه و آله: إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا عن ثلاثة: ولد صالح يدعو له، و علم ينتفع به بعد موته، و صدقة جارية. و فسرت الصدقة الجارية بالوقف.

[مسائل في الوقف]
[مسألة: 1 يعتبر في الوقف الصيغة]

مسألة: 1 يعتبر في الوقف الصيغة (2)، و هي كل ما دل على إنشاء المعنى المذكور مثل «وقفت» و «حبست» و «سبلت» بل و «تصدقت» إذا اقترن به بعض ما يدل على ارادة المعنى المقصود، كقوله «صدقة مؤبدة لاتباع و لا توهب» و نحو ذلك، و كذا قوله «جعلت أرضي أو داري أو بستاني موقوفة أو محبسة أو مسبلة على كذا».

و لا يعتبر فيه العربية و لا الماضوية، بل يكفي الجملة الاسمية كقوله هذا وقف أو هذه أرضي موقوفة أو محبسة أو مسبلة.

[مسألة: 2 لا بد في وقف المسجد قصد عنوان المسجدية]

مسألة: 2 لا بد في وقف المسجد قصد عنوان المسجدية، فلو وقف مكانا على صلاة المصلين و عبادة المتعبدين لم يصر بذلك مسجدا ما لم يكن المقصود ذلك العنوان، و الظاهر كفاية قوله «جعلته مسجدا» في صيغته و ان لم يذكر ما يدل على


1- على ما رواه العامة، و قريب منه ما رواه في الكافي عن الحلبي عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته و صدقة مبتولة لا تورث، أو سنة هدى يعمل بها بعد موته، أو ولد صالح يدعو له. و الاخبار في فضله كثيرة.
2- و يأتي كفاية المعاطاة في بعض الموارد.

ص: 243

وقفه و تحبيسه و ان كان أحوط، بأن يقول وقفت هذا المكان أو هذا البنيان مسجدا أو على أن يكون مسجدا.

[مسألة: 3 الظاهر كفاية المعاطاة في مثل المساجد و المقابر و الطرق و الشوارع]

مسألة: 3 الظاهر كفاية المعاطاة في مثل المساجد و المقابر و الطرق و الشوارع و القناطر و الربط المعدة لنزول المسافرين و الأشجار المغروسة لانتفاع المارة بظلها أو ثمرها، بل و مثل البواري للمساجد و القناديل للمشاهد و أشباه ذلك. و بالجملة ما كان محبسا على مصلحة عامة، فلو بنى بناء بعنوان المسجدية و اذن في الصلاة فيه للعموم و صلى فيه بعض الناس كفى في وقفه و صيرورته مسجدا، و كذا لو عين قطعة من الأرض لأن تكون مقبرة للمسلمين و خلى بينها و بينهم و اذن اذنا عاما لهم في الإقبار فيها فأقبروا فيها بعض الأموات، أو بنى قنطرة و خلى بينها و بين العابرين فشرعوا في العبور عليها، و هكذا.

[مسألة: 4 ما ذكرنا من كفاية المعاطاة في المسجد انما هو فيما إذا كان أصل البناء و التعمير في المسجد بقصد المسجدية]

مسألة: 4 ما ذكرنا من كفاية المعاطاة في المسجد انما هو فيما إذا كان أصل البناء و التعمير في المسجد بقصد المسجدية، بأن نوى ببنائه و تعميره أن يكون مسجدا، خصوصا إذا حاز أرضا مباحا لأجل المسجد و بنى فيها بتلك النية. و أما إذا كان له بناء مملوك له كدار أو خان فنوى ان يكون مسجدا و صرف الناس بالصلاة فيه من دون إجراء صيغة الوقف عليه يشكل الاكتفاء (1) به. و كذلك الحال في مثل الرباط و القنطرة، فإذا بنى رباطا في ملكه أو في أرض مباح للمارة و المسافرين ثم خلى بينه و بينهم و نزل به بعض القوافل كفى ذلك في وقفية تلك الجهة، بخلاف ما إذا كان له خان مملوك له معد للإجارة و محلا للتجارة مثلا فنوى أن يكون وقفا على الغرباء و النازلين من المسافرين و خلى بينه و بينهم من دون إجراء صيغة الوقف عليه.

[مسألة: 5 لا إشكال في جواز التوكيل في الوقف]

مسألة: 5 لا إشكال في جواز التوكيل في الوقف، و في جريان الفضولية


1- الظاهر انه بناء على كفاية المعاطاة في الوقف يكفي تسليم الدار الى المسلمين بقصد كونها مسجدا، و كذا الخان إذا خلى اليد عنه و سلمه بقصد الوقف الى الغرباء أو الى من قصد كونه متوليا. و المناط في جميع الأمثلة هو الإقباض بقصد الوقف و لا مدخلية للبقاء بهذا القصد في صحة المعاطاة.

ص: 244

فيه خلاف و اشكال، لا يبعد جريانها فيه (1)، لكن الأحوط خلافه، فلو وقع فضولا لا يكتفى بالإجازة، بل تجدد الصيغة.

[مسألة: 6 الأقوى عدم اعتبار القبول في الوقف على الجهات العامة]

مسألة: 6 الأقوى عدم اعتبار القبول في الوقف على الجهات العامة كالمساجد و المقابر و القناطر و نحوها، و كذا الوقف على العناوين الكلية كالوقف على الفقراء و الفقهاء و نحوهم. و أما الوقف الخاص كالوقف على الذرية فالأحوط اعتباره فيه (2)، فيقبله الموقوف عليهم و ان كانوا صغارا قام به وليهم، و يكفي قبول الموجودين و لا يحتاج الى قبول ابن سيوجد منهم بعد وجوده. و الأحوط رعاية القبول (3) في الوقف العام أيضا، و القائم به الحاكم أو المنصوب من قبله.

[مسألة: 7 الأحوط قصد القربة في الوقف]

مسألة: 7 الأحوط قصد القربة (4) في الوقف، و ان كان في اعتباره نظر، خصوصا في الوقف الخاص كالوقف على زيد و ذريته و نحو ذلك.

[مسألة: 8 يشترط في صحة الوقف القبض]

مسألة: 8 يشترط في صحة الوقف القبض، و يعتبر فيه أن يكون بإذن الواقف ففي الوقف الخاص- و هو الوقف الذي كان على أشخاص كالوقف على أولاده و ذريته- يعتبر قبض الموقوف عليهم (5) و يكفي قبض الطبقة الأولى عن بقية الطبقات، فلا يعتبر قبض الطبقات اللاحقة، بل يكفي قبض الموجودين من الطبقة الأولى عمن يوجد منه فيما بعد، فإذا وقف على أولاده ثم على أولاد أولاده و كان الموجود من أولاده ثلاثة فقبضوا ثم تولد رابع بعد ذلك فلا حاجة الى قبضه، و لو كان الموجودون جماعة فقبض بعضهم دون بعض صح بالنسبة الى من قبض و بطل بالنسبة الى من لم يقبض.


1- في الوقف الخاص المجرد عن قصد القربة على القول بصحتها، و أما الوقف الملازم لقصد القربة فجريانها فيه بعيد بل ممنوع.
2- بل الأقوى.
3- لا ينبغي ترك هذا الاحتياط.
4- لا يترك هذا الاحتياط حتى في الوقف الخاص.
5- أو وليهم أو من جعله الواقف قيما و متوليا.

ص: 245

و أما الوقف على الجهات و المصالح كالمساجد و ما وقف عليها، فان جعل الواقف له قيما و متوليا اعتبر قبضه (1) أو قبض الحاكم، و الأحوط عدم الاكتفاء بالثاني مع وجود الأول، و ان لم يكن قيم تعين قبض الحاكم. و كذا الحال في الوقف على العناوين العامة كالفقراء و الطلبة و العلماء. و هل يكفي قبض بعض المستحقين من افراد ذلك العنوان العام بأن يقبض مثلا فقير من الفقراء في الوقف على الفقراء أو عالم من العلماء في الوقف على العلماء. قيل نعم و قيل لا، و لعل الأول هو الأقوى فيما إذا سلم الوقف الى المستحق لاستيفاء ما يستحق، كما إذا سلم الدار الموقوفة على سكنى الفقراء الى فقير فسكنها، أو الدابة الموقوفة على الزوار و الحجاج إلى زائر و حاج فركبها.

نعم لا يكفي مجرد استيفاء المنفعة و الثمرة من دون استيلاء على العين، فإذا وقف بستانا على الفقراء لا يكفي في القبض إعطاء شي ء من ثمرتها لبعض الفقراء مع كون البستان تحت يده.

[مسألة: 9 لو وقف مسجدا أو مقبرة كفى في قبضها صلاة واحدة في المسجد]

مسألة: 9 لو وقف مسجدا أو مقبرة كفى في قبضها صلاة واحدة في المسجد (2) و دفن ميت واحد في المقبرة.

[مسألة: 10 لو وقف الأب على أولاده الصغار لم يحتج الى قبض جديد]

مسألة: 10 لو وقف الأب على أولاده الصغار لم يحتج الى قبض جديد، و كذا كل ولي إذا وقف على المولى عليه، لان قبض الولي قبض المولى عليه، و الأحوط أن يقصد كون قبضه عنه (3).

[مسألة: 11 فيما يعتبر أو يكفي قبض المتولي كالوقف على الجهات العامة لو جعل الواقف التولية لنفسه]

مسألة: 11 فيما يعتبر أو يكفي قبض المتولي كالوقف على الجهات العامة لو جعل الواقف التولية لنفسه لا يحتاج الى قبض آخر و يكفي قبضه الذي هو حاصل.

[مسألة: 12 لو كانت العين الموقوفة بيد الموقوف عليه قبل الوقف]

مسألة: 12 لو كانت العين الموقوفة بيد الموقوف عليه قبل الوقف بعنوان


1- و يكفي في إقباضه على تلك الجهة ان يفتح مثلا باب المسجد و يأذن للصلاة فيه فيصلون فيه، و كذا الخان للغرباء و القنطرة للعابرين فيسكنون فيها و يعبرون عليها و ان لم يطلع عليه المتولي و لم يأذن به، و بهذا الاعتبار يكفي قبض الحاكم لأنه ولي الجهة.
2- بإذن الواقف و تسليمه بعنوان المسجدية، و كذا في المقبرة.
3- الاولى.

ص: 246

الوديعة أو العارية أو على وجه آخر لم يحتج الى قبض جديد، بأن يستردها ثم يقبضها. نعم لا بد أن يكون بقاؤها في يده بإذن الواقف (1) بناء على اشتراط كون القبض باذنه كما مر.

[مسألة: 13 لا يشترط في القبض الفورية]

مسألة: 13 لا يشترط في القبض الفورية، فلو وقف عينا في زمان ثم أقبضها في زمان متأخر كفى و تم الوقف من حينه.

[مسألة: 14 لو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف و كان ميراثا]

مسألة: 14 لو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف و كان ميراثا.

[مسألة: 15 يشترط في الوقف الدوام، بمعنى عدم توقيته بمدة]

مسألة: 15 يشترط في الوقف الدوام، بمعنى عدم توقيته بمدة، فلو قال «وقفت هذه البستان على الفقراء إلى سنة» بطل وقفا، و في صحته حبسا أو بطلانه كذلك أيضا وجهان، أوجههما الثاني (2) الا إذا علم انه قصد كونه حبسا.

[مسألة: 16 إذا وقف على من ينقرض- كما إذا وقف على أولاده و اقتصر على بطن أو بطون ممن ينقرض غالبا]

مسألة: 16 إذا وقف على من ينقرض- كما إذا وقف على أولاده و اقتصر على بطن أو بطون ممن ينقرض غالبا و لم يذكر المصرف بعد انقراضهم- ففي صحته وقفا أو حبسا أو بطلانه رأسا أقوال، و الأقوى هو الأول، فيصح الوقف المنقطع الأخر، بأن يكون وقفا حقيقة إلى زمان الانقراض و الانقطاع، و ينقضي بعد ذلك و يرجع الى الواقف أو ورثته.

[مسألة: 17 الفرق بين الوقف و الحبس ان الوقف يوجب زوال ملك الواقف]

مسألة: 17 الفرق بين الوقف و الحبس ان الوقف يوجب زوال ملك الواقف (3) أو ممنوعيته (4) من جميع التصرفات و سلب أنحاء السلطنة منه حتى انه لا يورث، بخلاف الحبس فإنه باق على ملك الحابس (5) و يورث و يجوز له جميع التصرفات غير المنافية لاستيفاء المحبس عليه المنفعة.


1- و تخلية يده بعنوان الوقفية.
2- بل الأول الا إذا علم انه قصد كونه وقفا حملا لفعله على الصحة.
3- على القول بكونه تمليكا كما هو المشهور في الأوقاف الخاصة، أو فكا في الأوقاف لمصالح المسلمين كالمساجد و أمثالها.
4- على القول بكونه ايقافا فقط من دون تمليك و لا فك كما اختاره صاحب العروة.
5- في الموقت منه، و أما المؤبد منه فالظاهر انه يوجب زوال الملك و لا يجوز للحابس التصرف فيه كالوقف.

ص: 247

[مسألة: 18 إذا انقرض الموقوف عليه و رجع الى ورثة الواقف فهل يرجع الى ورثته حين الموت]

مسألة: 18 إذا انقرض الموقوف عليه و رجع الى ورثة الواقف فهل يرجع الى ورثته حين الموت أو ورثته حين الانقراض؟ قولان، أظهرهما الأول. و نظهر الثمرة بين القولين فيما لو وقف على من ينقرض كزيد و أولاده ثم مات الواقف عن ولدين و مات بعده أحد الولدين عن ولد قبل انقراض الموقوف عليهم ثم انقرضوا، فعلى الثاني يرجع الى الولد الباقي خاصة لأنه الوارث حين الانقراض، و على الأول يشاركه ابن أخيه حيث انه يقوم مقام أبيه فشارك عمه.

[مسألة: 19 و من الوقف المنقطع الأخر ما كان الوقف مبنيا على الدوام]

مسألة: 19 و من الوقف المنقطع الأخر ما كان الوقف مبنيا على الدوام لكن كان وقفا على من يصح الوقف عليه في أوله دون آخره، كما إذا وقف على زيد و أولاده و بعد انقراضهم على الكنائس و البيع مثلا، فعلى ما اخترناه في الوقف على من ينقرض يصح وقفا بالنسبة الى من يصح الوقف عليه و يبطل بالنسبة الى ما لا يصح، فظهر أن صور الوقف المنقطع الأخر ثلاث، يبطل الوقف رأسا في صورة و يصح في صورتين.

[مسألة: 20 الوقف المنقطع الأول اما بجعل الواقف، كما إذا وقفه إذا جاء رأس الشهر الكذائي]

مسألة: 20 الوقف المنقطع الأول اما بجعل الواقف، كما إذا وقفه إذا جاء رأس الشهر الكذائي، و اما بحكم الشرع، بأن وقف أولا على ما لا يصح الوقف عليه ثم على غيره، الظاهر بطلانه رأسا، و ان كان الأحوط في الثاني تجديد صيغة الوقف عند انقراض الأول أو عمل الوقف بعده، و أما المنقطع الوسط- كما إذا كان الموقوف عليه في الوسط غير صالح للوقف عليه- بخلافه في المبدأ و المنتهى، فهو بالنسبة إلى شطره الأول كالمنقطع الأخر فيصح وقفا، و بالنسبة إلى شطره الأخر كالمنقطع الأول يبطل رأسا.

[مسألة: 21 إذا وقف على غيره أو على جهة و شرط عوده اليه عند حاجته صح على الأقوى]

مسألة: 21 إذا وقف على غيره أو على جهة و شرط عوده اليه عند حاجته صح على الأقوى، و مرجعه الى كونه وقفا ما دام لم يحتج اليه، فإذا احتاج اليه ينقطع و يدخل في منقطع الأخر و قد مر حكمه. و إذا مات الواقف فان كان بعد طرو الحاجة كان ميراثا و الا بقي على وقفيته.

[مسألة: 22 يشترط في صحة الوقف التنجيز]

مسألة: 22 يشترط في صحة الوقف التنجيز، فلو علقه على شرط متوقع

ص: 248

الحصول كمجي ء زيد أو شي ء غير حاصل يقيني الحصول فيما بعد- كما إذا قال وقفت إذا جاء رأس الشهر- بطل. نعم لا بأس بالتعليق على شي ء حاصل مع القبض به (1)، كما إذا قال وقفت ان كان اليوم يوم الجمعة مع علمه.

[مسألة: 23 لو قال هو وقف بعد موتي، فإن فهم منه في متفاهم العرف انه وصية بالوقف صح]

مسألة: 23 لو قال هو وقف بعد موتي، فإن فهم منه في متفاهم العرف انه وصية بالوقف صح (2) و الا بطل.

[مسألة: 24 و من شرائط صحة الوقف إخراج نفسه عن الوقف]

مسألة: 24 و من شرائط صحة الوقف إخراج نفسه عن الوقف، فلو وقف على نفسه لم يصح، و لو وقف على نفسه و على غيره فان كان بنحو التشريك بطل بالنسبة إلى نفسه و صح بالنسبة إلى غيره، و ان كان بنحو الترتيب فان وقف على نفسه ثم على غيره كان من الوقف المنقطع الأول و ان كان بالعكس كان من المنقطع الأخر، و ان كان على غيره ثم على نفسه ثم على غيره كان من المنقطع الوسط، و قد مر حكم هذه الصور.

[مسألة: 25 لو وقف على غيره كأولاده أو الفقراء مثلا و شرط ان يقضي ديونه]

مسألة: 25 لو وقف على غيره كأولاده أو الفقراء مثلا و شرط ان يقضي ديونه أو يؤدى ما عليه من الحقوق المالية كالزكاة و الخمس أو ينفق عليه من غلة الوقف لم يصح و بطل الوقف، من غير فرق بين ما لو أطلق الدين أو عين، و كذا بين أن يكون الشرط الإنفاق عليه و إدرار مئونته إلى آخر عمرة أو إلى مدة معينة، و كذا بين تعيين مقدار المئونة و عدمه. نعم لو شرط ذلك على الموقوف عليه من ماله و لو من غير منافع الوقف جاز (3).

[مسألة: 26 لو شرط أكل أضيافه و من يمر عليه من ثمرة الوقف جاز]

مسألة: 26 لو شرط أكل أضيافه و من يمر عليه من ثمرة الوقف جاز، و كذا لو شرط إدرار مئونة أهله و عياله، و ان كان ممن يجب عليه نفقته حتى الزوجة الدائمة


1- الظاهر أن كلمة «القبض» غلط و الصحيح مع القطع به.
2- فيجب على الورثة وقفه ان كان بمقدار الثلث أو أزيد مع إمضائهم، و لا يتحقق الوقف بمجرد تلك الوصية.
3- لكن الأحوط تركه أيضا.

ص: 249

إذا لم يكن بعنوان النفقة الواجبة عليه حتى تسقط عنه، و الا رجع الى الوقف على النفس مثل شرط أداء ديونه.

[مسألة: 27 إذا آجر عينا ثم وقفها صح الوقف و بقيت الإجارة على حالها]

مسألة: 27 إذا آجر عينا ثم وقفها صح الوقف و بقيت الإجارة على حالها و كان الوقف مسلوبة المنفعة في مدة الإجارة، فإذا انفسخت الإجارة بالفسخ أو الإقالة بعد تمام الوقف رجعت المنفعة إلى الواقف الموجر و لا يملكها الموقوف عليهم، فلمن أراد أن ينتفع بما يوقف الاحتيال بأن يؤجره مدة كعشرين سنة مثلا مع شرط خيار الفسخ له ثم يفسخ الإجارة بعد تمامية الوقف فترجع اليه منفعة تلك المدة.

[مسألة: 28 لا إشكال في جواز انتفاع الواقف بالاوقاف على الجهات العامة]

مسألة: 28 لا إشكال في جواز انتفاع الواقف بالاوقاف على الجهات العامة كالمساجد و المدارس و القناطر و الخانات المعدة لنزول الزوار و الحجاج و المسافرين و نحوها، و أما الوقف على العناوين العامة كالفقراء و العلماء إذا كان الواقف داخلا في العنوان حين الوقف أو صار داخلا فيه فيما بعد، فان كان المراد التوزيع عليهم فلا إشكال في عدم جواز أخذ حصته من المنافع، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين الوقف من عدا نفسه و يقصد خروجه عنه، و من ذلك ما إذا وقف شيئا على ذرية أبيه أو جده إذا كان المقصود البسط و التوزيع كما هو الشائع المتعارف، و ان كان المراد بيان المصرف كما هو الغالب المتعارف في الوقف على الفقراء و الزوار و الحجاج و الفقهاء و الطلبة و نحوهم فلا إشكال في خروجه و عدم جواز انتفاعه منه إذا قصد خروجه، و انما الإشكال فيما لو قصد الإطلاق و العموم بحيث شمل نفسه و انه هل يجوز له الانتفاع به أم لا؟ أقواهما الأول، و أحوطهما الثاني، خصوصا فيما إذا قصد دخول نفسه (1).

[مسألة: 29 يعتبر في الواقف البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه]

مسألة: 29 يعتبر في الواقف البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه، فلا يصح وقف الصبي و ان بلغ عشرا على الأقوى. نعم حيث أن الأقوى صحة وصية من بلغ ذلك كما يأتي فإذا أوصى بالوقف صح وقف الوصي عنه.


1- لا يترك الاحتياط فيه.

ص: 250

[مسألة: 30 لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلما]

مسألة: 30 لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلما، فيصح وقف الكافر فيما يصح من المسلم على الأقوى (1).

[مسألة: 31 يعتبر في الموقوف أن يكون عينا مملوكا يصح الانتفاع به]

مسألة: 31 يعتبر في الموقوف أن يكون عينا مملوكا (2) يصح الانتفاع به منفعة محللة مع بقاء عينه (3) و يمكن قبضه، فلا يصح وقف المنافع و لا الديون و لا وقف ما لا يملك مطلقا كالحر أو لا يملكه المسلم كالخنزير، و لا ما لا انتفاع به الا بإتلافه كالأطعمة و الفواكه، و لا ما انحصر انتفاعه المقصود في المحرم كالات اللهو و القمار.

و يلحق به ما كانت المنفعة المقصودة من الوقف محرمة، كما إذا وقف الدابة لحمل الخمر أو الدكان لحرزه أو بيعه، و كذا لا يصح ما لا يمكن قبضه كالعبد الآبق و الدابة الشاردة، و يصح وقف كل ما صح الانتفاع به مع بقاء عينه كالأراضي و الدور و العقار و الثياب و السلاح و الآلات المباحة و الأشجار و المصاحف و الكتب و الحلي و صنوف الحيوان حتى الكلب المملوك و السنور و نحوها.

[مسألة: 32 لا يعتبر في العين الموقوفة كونها مما ينتفع بها فعلا]

مسألة: 32 لا يعتبر في العين الموقوفة كونها مما ينتفع بها فعلا، بل يكفي كونها معرضا للانتفاع و لو بعد مدة و زمان، فيصح وقف الدابة الصغيرة و الأصول المغروسة التي لا تثمر الا بعد سنين.

[مسألة: 33 المنفعة المقصودة في الوقف أعم من المنفعة المقصودة في العارية و الإجارة]

مسألة: 33 المنفعة المقصودة في الوقف أعم من المنفعة المقصودة في العارية و الإجارة، فتشمل النماءات و الثمرات، فيصح وقف الأشجار لثمرها و الشاة لصوفها و لبنها و نتاجها و ان لم يصح إجارتها لذلك.

[مسألة: 34 ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين]

مسألة: 34 ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين: «الوقف الخاص» و هو ما كان وقفا على شخص أو أشخاص، كالوقف على أولاده و ذريته أو على زيد و ذريته. «و الوقف العام» و هو ما كان على جهة و مصلحة عامة، كالمساجد


1- و كذا فيما لا يصح من المسلم ان صح في مذهبه من باب إقرارهم على دينهم، لا بمعنى الصحة الواقعية.
2- طلقا فلا يصح وقف العين المرهونة و أم الولد و أمثالها.
3- مدة معتد بها، فلا يصح وقف الورد المشم و النار للاصطلاء.

ص: 251

و القناطر و الخانات المعدة لنزول القوافل، أو على عنوان عام كالفقراء و الفقهاء و الطلبة و الأيتام.

[مسألة: 35 يعتبر في الوقف الخاص وجود الموقوف عليه حين الوقف]

مسألة: 35 يعتبر في الوقف الخاص وجود الموقوف عليه حين الوقف، فلا يصح الوقف ابتداء على المعدوم و من سيوجد، بل و كذا على الحمل قبل أن يولد. و المراد بكونه ابتداء ان يكون هو الطبقة الاولى من دون مشاركة موجود في تلك الطبقة. نعم لو وقف على المعدوم أو الحمل تبعا للموجود- بأن يجعل طبقة ثانية أو مساويا للموجود في الطبقة بحيث لو وجد لشاركه- صح بلا اشكال، كما إذا وقف على أولاده الموجودين و من سيولد له على التشريك أو الترتيب.

و بالجملة لا بد في الوقف الخاص من وجود شخص خاص في كل زمان يكون هو الموقوف عليه في ذلك الزمان، و لا يكفي كونه ممن سيوجد إذا لم يوجد شخص في ذلك الزمان، فإذا وقف على من سيوجد و سيولد من ولده ثم على الموجود لم يتحقق الوقف في الابتداء و كان من المنقطع الأول. و لو وقف على ولده الموجود ثم على أولاد الولد ثم على زيد فتوفي ولده قبل أن يولد له الولد ثم تولد انقطع الوقف بعد موت ولد الواقف و كان من المنقطع الوسط، كما انه لو وقف على ذريته نسلا بعد نسل و كان له أولاد و أولاد أولاد ثم انقرضوا كان من المنقطع الأخر.

[مسألة: 36 لا يعتبر في الوقف على العنوان العام وجوده في كل زمان]

مسألة: 36 لا يعتبر في الوقف على العنوان العام وجوده في كل زمان، بل يكفي إمكان وجوده مع وجوده فعلا في بعض الأزمان، فإذا وقف بستانا مثلا على فقراء البلد و لم يكن في زمان الوقف فقير في البلد لكن سيوجد صح الوقف و لم يكن من المنقطع الأول، كما انه لو كان موجودا لكن لم يوجد في زمان ثم وجد لم يكن من المنقطع الوسط بل هو باق على وقفيته فيحفظ غلته في زمان عدم وجود الفقير الى أن يوجد.

[مسألة: 37 يشترط في الموقوف عليه التعيين]

مسألة: 37 يشترط في الموقوف عليه التعيين، فلو وقف على أحد الشخصين أو أحد المشهدين أو أحد المسجدين أو أحد الفريقين لم يصح.

ص: 252

[مسألة: 38 لا يصح الوقف على الكافر الحربي و المرتد عن فطرة]

مسألة: 38 لا يصح الوقف على الكافر الحربي (1) و المرتد عن فطرة، و أما الذمي و المرتد لا عن فطرة فالظاهر صحته، سيما إذا كان رحما للواقف.

[مسألة: 39 لا يصح الوقف على الجهات المحرمة و ما فيه اعانة على المعصية]

مسألة: 39 لا يصح الوقف على الجهات المحرمة و ما فيه اعانة على المعصية، كمعونة الزنا و قطاع الطريق و كتابة كتب الضلال، و كالوقف على البيع و الكنائس و بيوت النيران لجهة عمارتها و خدمتها و فرشها و متعلقاتها و غيرها. نعم يصح وقف الكافر عليها.

[مسألة: 40 إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف الى فقراء المسلمين]

مسألة: 40 إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف الى فقراء المسلمين، بل الظاهر أنه لو كان الواقف شيعيا انصرف الى فقراء الشيعة، و إذا وقف كافر على الفقراء انصرف الى فقراء نحلته، فاليهود الى اليهود و النصارى الى النصارى و هكذا، بل الظاهر أنه لو كان الواقف سنيا انصرف الى فقراء أهل السنة. نعم الظاهر أنه لا يختص بمن يوافقه في المذهب، فلا انصراف لو وقف الحنفي إلى الحنفي و الشافعي إلى الشافعي و هكذا.

[مسألة: 41 إذا كان افراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في افراد محصورة- كما إذا وقف على فقراء محلة]

مسألة: 41 إذا كان افراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في افراد محصورة- كما إذا وقف على فقراء محلة أو قرية صغيرة- توزع منافع الوقف على الجميع، و ان كانوا غير محصورين لم يجب الاستيعاب، لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي مع كثرة المنفعة، فيوزع على جماعة معتد بها بحسب مقدار المنفعة.

[مسألة: 42 إذا وقف على فقراء قبيلة كبني فلان و كانوا متفرقين لم يقتصر على الحاضرين]

مسألة: 42 إذا وقف على فقراء قبيلة كبني فلان و كانوا متفرقين لم يقتصر على الحاضرين (2) بل يجب تتبع الغائبين و حفظ حصتهم للإيصال إليهم. نعم إذا لم يمكن التفتيش عنهم و صعب إحصاؤهم لم يجب الاستقصاء بل يقتصر على من حضر (3).


1- على المشهور.
2- إذا علم أن المقصود أعم من الحاضرين أو كان اللفظ ظاهرا فيه و لو بمعونة القرائن و كان المقصود التوزيع، و أما إذا احتمل أن يكون المقصود الحاضرين من فقرائهم أو احتمل ان يكون مقصود الواقف المصرف دون التوزيع و التشريك كما هو المتعارف في الوقف على عنوان أفراد كثيرين متفرقين في البلاد، ففي كلا الاحتمالين لا يجب التتبع بل لا يجوز التعدي من الحاضرين الا مع العلم أو الظهور في الأعم، لأن المتيقن حينئذ هو الحاضرون، و لعله على ذلك تحمل مكاتبة النوفلي.
3- بعد العلم بأن مقصود الواقف عام بنحو التشريك و التوزيع، فالاكتفاء بمن حضر بمجرد صعوبة إحصائهم لا يوافق القواعد، بل اللازم حينئذ الاستقصاء إن أمكن ثم المعاملة مع حصصهم معاملة أموال الغيب. و لا فرق في ذلك بين كونهم محصورين أو غير محصورين.نعم ظاهر مكاتبة النوفلي الاقتصار على الحاضرين مطلقا، لكنها بهذا الإطلاق غير معمول بها.

ص: 253

[مسألة: 43 إذا وقف على المسلمين كان لكل من أقر بالشهادتين]

مسألة: 43 إذا وقف على المسلمين كان لكل من أقر بالشهادتين (1)، و لو وقف على المؤمنين اختص بالاثني عشرية لو كان الواقف إماميا، و كذا لو وقف على الشيعة.

[مسألة: 44 إذا وقف في سبيل اللّٰه يصرف في كل ما يكون وصلة الى الثواب]

مسألة: 44 إذا وقف في سبيل اللّٰه يصرف في كل ما يكون وصلة الى الثواب، و كذلك لو وقف في وجوه البر.

[مسألة: 45 إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف]

مسألة: 45 إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف، و إذا وقف على الأقرب فالأقرب كان ترتيبيا على كيفية طبقات الإرث.

[مسألة: 46 إذا وقف على أولاده اشترك الذكر و الأنثى و الخنثى]

مسألة: 46 إذا وقف على أولاده اشترك الذكر و الأنثى و الخنثى، و يكون التقسيم بينهم على السواء، و إذا وقف على أولاد أولاده عم أولاد البنين و البنات ذكورهم و إناثهم بالسوية.

[مسألة: 47 إذا قال وقفت على ذريتي عم الأولاد بنين و بنات و أولادهم بلا واسطة و معها ذكورا و إناثا]

مسألة: 47 إذا قال وقفت على ذريتي عم الأولاد بنين و بنات و أولادهم بلا واسطة و معها ذكورا و إناثا، و يكون الوقف تشريكيا تشارك الطبقات اللاحقة مع السابقة، و يكون على الرءوس بالسوية. و أما إذا قال وقفت على أولادي أو قال على أولادي و أولاد أولادي فالمشهور ان الأول ينصرف إلى الصلبي فلا يشمل أولاد الأولاد، و الثاني يختص بطنين فلا يشمل سائر البطون، لكن الظاهر خلافه و ان الظاهر منهما عرفا التعميم (2) خصوصا في الثاني.

[مسألة: 48 إذا قال وقفت على أولادي نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن]

مسألة: 48 إذا قال وقفت على أولادي نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن، الظاهر المتبادر منه عند العرف انه وقف ترتيب، فلا يشارك الولد أباه و لا ابن الأخ عمه.

[مسألة: 49 إذا قال وقفت على ذريتي أو قال على أولادي و أولاد أولادي]

مسألة: 49 إذا قال وقفت على ذريتي أو قال على أولادي و أولاد أولادي


1- و لم يحكم بكفره من جهة النصب أو الغلو و أمثالهما مما يوجب الكفر. هذا ان كان المقصود المسلم الواقعي و اما إذا كان المقصود المسلم على مذهبه فيتبع مذهبه.
2- في ظهورهما في التعميم بنحو الإطلاق إشكال، بل يختلف باختلاف موارد الاستعمال و لا كلية له.

ص: 254

و لم يذكر انه وقف تشريك أو وقف ترتيب يحمل على الأول، و كذا لو علم من الخارج (1) وقفية شي ء على الذرية و لم يعلم أنه وقف تشريك أو وقف ترتيب.

[مسألة: 50 لو قال وقفت على أولادي الذكور نسلا بعد نسل يختص بالذكور]

مسألة: 50 لو قال وقفت على أولادي الذكور نسلا بعد نسل يختص بالذكور (2) من الذكور في جميع الطبقات، و لا يشمل الذكور من الإناث.

[مسألة: 51 إذا كان الوقف ترتيبيا كانت الكيفية تابعة لجعل الواقف]

مسألة: 51 إذا كان الوقف ترتيبيا كانت الكيفية تابعة لجعل الواقف، فتارة جعل الترتيب بين الطبقة السابقة و اللاحقة و يراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف، فلا يشارك الولد أباه و لا ابن الأخ عمه و عمته و لا ابن الأخت خاله و خالته، و أخرى جعل الترتيب بين خصوص الآباء من كل طبقة و أبنائهم، فإذا كانت إخوة و لبعضهم أولاد لم يكن للأولاد شي ء ما دام حياة الآباء، فإذا توفي الآباء شارك الأولاد أعمامهم.

و يمكن ان يجعل الترتيب على نحو آخر و يتبع، فان الوقوف على حسب ما يقفها أهلها.

[مسألة: 52 لو قال وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة و إذا مات أحدهم و كان له ولد فنصيبه لولده]

مسألة: 52 لو قال وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة و إذا مات أحدهم و كان له ولد فنصيبه لولده، فلو مات أحدهم و له ولد يكون نصيبه لولده، و لو تعدد الولد يقسم النصيب بينهم على الرءوس، و إذا مات من لا ولد له فنصيبه لمن كان في طبقته و لا يشاركهم الولد الذي أخذ نصيب والده.

[مسألة: 53 لو وقف على العلماء انصرف الى علماء الشريعة]

مسألة: 53 لو وقف على العلماء انصرف الى علماء الشريعة، فلا يشمل غيرهم كعلماء الطب و النجوم و الحكمة (3).

[مسألة: 54 لو وقف على مشهد كالنجف مثلا اختص بالمتوطنين و المجاورين]

مسألة: 54 لو وقف على مشهد كالنجف مثلا اختص بالمتوطنين و المجاورين و لا يشمل الزوار و المترددين.

[مسألة: 55 لو وقف على المشتغلين في النجف مثلا من أهل البلد الفلاني]

مسألة: 55 لو وقف على المشتغلين في النجف مثلا من أهل البلد الفلاني كطهران أو غيره من البلدان اختص بمن هاجر من بلده الى النجف للاشتغال، و لا


1- فيه منع، بل لا بد من التصالح بالتراضي في الزائد من سهم الطبقة الاولى و الا فالرجوع إلى القرعة.
2- هذا أيضا مثل سائر الألفاظ يختلف بحسب الموارد.
3- ان لم يكونوا عالمين بعلم الشريعة.

ص: 255

يشمل من جعله وطنا له معرضا عن بلده (1).

[مسألة: 56 لو وقف على مسجد صرفت منافعه مع الإطلاق في تعميره وضوئه]

مسألة: 56 لو وقف على مسجد صرفت منافعه مع الإطلاق في تعميره وضوئه و فرشه و خادمه (2)، و لو زاد شي ء يعطى لإمامه.

[مسألة: 57 لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه و خدامه المواظبين]

مسألة: 57 لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه (3) و خدامه المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلقة بذلك المشهد.

[مسألة: 58 لو وقف على الحسين عليه السلام يصرف في إقامة تعزيته]

مسألة: 58 لو وقف على الحسين عليه السلام يصرف في إقامة تعزيته (4) من أجرة القاري و ما يتعارف صرفه في المجلس للمستمعين.

[مسألة: 59 لا إشكال في انه بعد تمام الوقف ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه]

مسألة: 59 لا إشكال في انه بعد تمام الوقف ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه بإخراج بعض من كان داخلا أو إدخال من كان خارجا إذا لم يشترط ذلك في ضمن عقد الوقف، و هل يصبح ذلك إذا شرط ذلك؟ فالمشهور و هو المنصور جواز الإدخال (5) دون الإخراج، فلو شرط إدخال من يريد صح و جاز له ذلك، و لو شرط إخراج من يريد بطل الشرط بل الوقف أيضا على اشكال. و مثل ذلك لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم الى من سيوجد. نعم لو وقف على جماعة الى أن يوجد من سيوجد و بعد ذلك كان الوقف على من سيوجد صح بلا إشكال.

[مسألة: 60 إذا علم وقفية شي ء و لم يعلم مصرفه و لو من جهة نسيانه]

مسألة: 60 إذا علم وقفية شي ء و لم يعلم مصرفه و لو من جهة نسيانه، فان كانت المحتملات متصادقة غير متباينة يصرف في المتيقن، كما إذا لم يدر أنه وقف على الفقراء أو على الفقهاء، فيقتصر على مورد تصادق العنوانين و هو الفقهاء الفقراء، و ان كانت متباينة فإن كان الاحتمال بين أمور محصورة- كما إذا لم يدر انه وقف


1- و لا كلية له بل تابع للصدق العرفي.
2- و مؤذنه إذا كان معدا لذلك.
3- و فرشه و وسائل الحرارة في الشتاء و البرودة في الصيف و سائر حوائجه من وسائل الوضوء و التطهير و تطهير أماكنه إذا تنجست و أمثال ذلك.
4- على ما هو المنصرف اليه، و أما إذا علم أن الواقف لم يقصد التعزية بل قصد الحسين عليه السلام فقط فلا يبعد جواز صرفه في أي خير له عليه السلام.
5- فيه اشكال.

ص: 256

على أهالي النجف أو كربلاء أو لم يدر انه وقف على المسجد الفلاني أو المشهد الفلاني و نحو ذلك- يوزع بين المحتملات بالتنصيف لو كان مرددا بين أمرين و التثليث لو كان مرددا بين ثلاثة و هكذا، و يحتمل القرعة (1). و ان كان بين أمور غير محصورة فإن كان مرددا بين عناوين و اشخاص غير محصورين- كما إذا لم يدر أنه وقف على فقراء البلد الفلاني أو فقهاء البلد الفلاني أو سادة البلد الفلاني أو ذرية زيد أو ذرية عمرو أو ذرية خالد و هكذا- كانت منافعه بحكم مجهول المالك فيتصدق بها، و ان كان مرددا بين جهات غير محصورة- كما إذا يعلم انه وقف على المسجد أو المشهد أو القناطر أو اعانة الزوار أو تعزية سيد الشهداء عليه السلام و هكذا- يصرف في وجوه البر (2).

[مسألة: 61 إذا كانت للعين الموقوفة منافع متجددة و ثمرات متنوعة]

مسألة: 61 إذا كانت للعين الموقوفة منافع متجددة و ثمرات متنوعة يملك الموقوف عليهم جميعها مع إطلاق الوقف، فإذا وقف العبد يملكون جميع منافعه من مكتسباته و حيازاته من الالتقاط و الاصطياد و الاحتشاش و غير ذلك، و في الشاة الموقوفة يملكون صوفها المتجدد و لبنها و نتاجها، و في الشجر و النخل ثمرهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الأغصان و الأوراق اليابسة بل و غيرها إذا قطعت للإصلاح، و كذا فروخهما و غير ذلك، و هل يجوز التخصيص ببعض المنافع حتى يكون للموقوف عليهم بعض المنافع دون بعض؟ فيه تأمل و إشكال (3).

[مسألة: 62 لو وقف على مصلحة فبطل رسمها- كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت]

مسألة: 62 لو وقف على مصلحة فبطل رسمها- كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت و لم يمكن تعميرها أو لم يحتج المسجد الى مصرف لانقطاع من يصلي فيه و المدرسة لعدم الطلبة و القنطرة لعدم المارة- صرف الوقف في وجوه البر، و الأحوط صرفه في مصلحة أخرى من جنس تلك المصلحة، و مع التعذر يراعى الأقرب فالأقرب منها.


1- الأحوط التصالح و التراضي فيما أمكن و مع عدمه فالقرعة.
2- بشرط أن لا يقطع بخروجه عن مصرفه.
3- فلا يترك فيه مراعاة الاحتياط.

ص: 257

[مسألة: 63 إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجدية]

مسألة: 63 إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجدية (1)، فتجري عليها أحكامها، و كذا لو خربت القرية التي هو فيها بقي المسجد على صفة المسجدية.

[مسألة: 64 لو وقف دارا على أولاده أو على المحتاجين منهم]

مسألة: 64 لو وقف دارا على أولاده أو على المحتاجين منهم، فإن أطلق فهو وقف منفعة، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خانا أو دكانا و نحوها يملكون منافعها، فلهم استنمائها فيقسمون بينهم ما يحصلون منها بإجارة و غيرها على حسب ما قرر الواقف من الكمية و الكيفية، و ان لم يقرر كيفية في القسمة يقسمونه بينهم بالسوية، و ان وقفها عليهم لسكناهم فهو وقف انتفاع و يتعين لهم ذلك و ليس لهم إجارتها، و حينئذ فإن كفت لسكنى الجميع سكنوها و ليس لبعضهم أن يستقل به و يمنع غيره، و إذا وقع بينهم التشاح في اختيار الحجر فان جعل الواقف متوليا يكون له النظر في تعيين المسكن للساكن كان نظره و تعيينه هو المتبع، و مع عدمه كانت القرعة هي المرجع (2). و لو سكن بعضهم و لم يسكنها البعض فليس له مطالبة الساكن بأجرة حصته إذا لم يكن مانعا عنه، بل كان باذلا له الإسكان و هو لم يسكن بميله و اختياره أو لمانع خارجي. هذا كله إذا كانت كافية لسكنى الجميع، و ان لم تكف لسكنى الجميع سكنها البعض (3)، و مع التشاح و عدم متولي من قبل الواقف يكون له النظر في تعيين الساكن و عدم تسالمهم على المهايأة لا محيص عن القرعة، و من خرج اسمه يسكن و ليس لمن لم يسكن مطالبته بأجرة حصته.

[مسألة: 65 الثمر الموجود حال الوقف على النخل و الشجر لا يكون للموقوف عليهم]

مسألة: 65 الثمر الموجود حال الوقف على النخل و الشجر لا يكون للموقوف عليهم بل هو باق على ملك الواقف، و كذلك الحمل الموجود حال وقف الحامل.

نعم في الصوف على الشاة و اللبن في ضرعها اشكال فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 66 لو قال وقفت على أولادي و أولاد أولادي شمل جميع البطون]

مسألة: 66 لو قال وقفت على أولادي و أولاد أولادي شمل جميع البطون (4)


1- في غير الأراضي المفتوحة عنوة.
2- لو لم يحصل التراضي بينهم.
3- الظاهر أن المتعين في الفرض المهايأة، و مع التشاح القرعة.
4- في بعض الموارد، و قد مر أن الظهور يختلف باختلاف الموارد.

ص: 258

كما أشرنا سابقا، فمع اشتراط الترتيب أو التشريك أو المساواة أو التفضيل أو قيد الذكورية أو الأنوثية أو غير ذلك يكون هو المتبع، و إذا أطلق فمقتضاه التشريك و الشمول للذكور و الإناث و المساواة و عدم التفضيل، و لو قال وقفت على أولادي ثم على أولاد أولادي أفاد الترتيب بين الأولاد و أولاد الأولاد قطعا، و أما أولاد الأولاد بناء على شموله لجميع البطون فالظاهر عدم الدلالة على الترتيب بينهم (1) إلا إذا قامت قرينة على أن حكمهم كحكمهم مع الأولاد و ان ذكر الترتيب بين الأولاد و أولاد الأولاد من باب المثال، و المقصود الترتيب في سلسلة الأولاد و ان الوقف للأقرب فالأقرب إلى الواقف.

[مسألة: 67 لا ينبغي الإشكال في أن الوقف بعد ما تم يوجب زوال ملك الواقف عن العين الموقوفة]

مسألة: 67 لا ينبغي الإشكال في أن الوقف بعد ما تم يوجب زوال ملك الواقف عن العين الموقوفة، كما أنه لا ينبغي الريب في أن الوقف على الجهات العامة كالمساجد و المشاهد و القناطر و الخانات المعدة لنزول القوافل و المقابر و المدارس و كذا أوقاف المساجد و المشاهد و أشباه ذلك لا يملكها أحد، بل هو فك ملك بمنزلة التحرير بالنسبة إلى الرقية و تسبيل للمنافع على جهات معينة. و أما الوقف الخاص كالوقف على الأولاد و الوقف العام على العناوين العامة- كالوقف على الفقراء و الفقهاء و الطلبة و نحوهم- فان كانت وقف منفعة بأن وقف عليهم ليكون منافع الوقف لهم فيستوفونها بأنفسهم أو بالإجارة أو ببيع الثمرة و غير ذلك، فالظاهر انهم كما يملكون المنافع ملكا طلقا يملكون الرقبة أيضا (2) ملكا غير طلق، و ان كان وقف انتفاع كما إذا وقف الدار لسكنى ذريته أو الخان لسكنى الفقراء ففي كونه كوقف المنفعة فيكون ملكا غير طلق للموقوف عليهم، أو كالوقف على الجهات العامة فلا يملكه أحد، أو الفرق بين الوقف الخاص فالأول و الوقف العام فالثاني؟ وجوه (3).


1- لا كلية له و الموارد مختلفة و الحكم دائر مدار الظهور العرفي و لو بمعونة القرائن.
2- و ذلك لان اعتبار تسبيل المنافع لهم إلى الأبد ملازم لاعتبار ملك الرقبة لهم عرفا.
3- الأقوى هو الأول، فتكون الرقبة ملكا لهم مثل ما تكون المنافع ملكا لهم.

ص: 259

[مسألة: 68 لا يجوز تغيير الوقف و إبطال رسمه و ازالة عنوانه و لو الى عنوان آخر]

مسألة: 68 لا يجوز تغيير الوقف و إبطال رسمه و ازالة عنوانه و لو الى عنوان آخر، كجعل الدار خانا أو دكانا أو بالعكس. نعم إذا كان الوقف وقف منفعة و صار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة (1) أو قليلها في الغاية لا يبعد جواز تبديله الى عنوان آخر ذي منفعة، كما إذا صارت البستان الموقوفة من جهة انقطاع الماء عنها أو لعارض آخر لم ينتفع منها، بخلاف ما إذا جعلت دارا أو خانا.

[مسألة: 69 لو خرب الوقف و انهدم و زال عنوانه كالبستان انقلعت أو يبست أشجارها]

مسألة: 69 لو خرب الوقف و انهدم و زال عنوانه كالبستان انقلعت أو يبست أشجارها و الدار تهدمت حيطانها و عفت آثارها فإن أمكن تعميره و اعادة عنوانه و لو بصرف حاصله الحاصل بالإجارة و نحوها فيه لزم و تعين (2)، و الا ففي خروج العرصة عن الوقفية و عدمه فيستنمى منها بوجه آخر و لو بزرع و نحوه، وجهان بل قولان أقواهما الثاني، و الأحوط ان يجعل وقفا (3) و يجعل مصرفه و كيفياته على حسب الوقف الأول.

[مسألة: 70 إذا احتاجت الاملاك الموقوفة إلى تعمير و ترميم و إصلاح لبقائها]

مسألة: 70 إذا احتاجت الاملاك الموقوفة إلى تعمير و ترميم و إصلاح لبقائها و الاستنماء بها، فان عين الواقف لها ما يصرف فهو و الا يصرف فيها من نمائها (4) مقدما على حق الموقوف عليهم، حتى انه إذا توقف بقاؤها على بيع بعضها جاز.

[مسألة: 71 الأوقاف على الجهات العامة التي قد مر أنه لا يملكها أحد كالمساجد]

مسألة: 71 الأوقاف على الجهات العامة التي قد مر أنه لا يملكها أحد كالمساجد و المشاهد و المدارس و المقابر و القناطر و نحوها لا يجوز بيعها بلا اشكال، و ان آل الى ما آل حتى عند خرابها و اندراسها بحيث لا يرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة أصلا بل تبقى على حالها، فلو خرب المسجد و خربت القرية التي هو فيها و انقطعت المارة عن الطريق الذي يسلك اليه لم يجز بيعه و صرف ثمنه في


1- بل و ان لم يصر مسلوب المنفعة إذا كان الوقف وقف منفعة و كان التبديل أكثر منفعة.
2- بإذن الموقوف عليهم أو المتولي على الأحوط.
3- بإذن الواقف أو ورثته، و أما بدون الاذن فالاحتياط المذكور لا أثر له، لانه اما انها باقية على وقفيتها فلا احتياج الى الوقف ثانيا، و اما ان الوقفية زالت بسبب الخراب فملك للواقف أو ورثته فجعلها وقفا لا أثر له من دون اذن المالك.
4- بإذن الموقوف عليهم أو المتولي على الأحوط.

ص: 260

إحداث مسجد آخر أو تعميره. هذا بالنسبة إلى أعيان هذه الأوقاف، و أما ما يتعلق بها من الآلات و الفرش و الحيوانات و ثياب الضرائح و أشباه ذلك فما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها، فإن أمكن الانتفاع بها في المحل الذي أعدت له و لو بغير ذلك الانتفاع الذي أعدت له بقيت على حالها في ذلك المحل، فالفرش المتعلقة بمسجد أو مشهد إذا أمكن الانتفاع بها في ذلك المحل بقيت على حالها فيه، و لو فرض استغناء المحل عن الافتراش بالمرة لكن يحتاج الى ستر يقي أهله من الحر أو البرد تجعل سترا لذلك المحل. و لو فرض استغناء المحل عنها بالمرة بحيث لا يترتب على إمساكها و إبقائها فيه الا الضياع و الضرر و التلف تجعل في محل آخر مماثل له، بأن تجعل ما للمسجد لمسجد آخر و ما للمشهد لمشهد آخر، فان لم يكن المماثل أو استغنى عنها بالمرة جعلت في المصالح العامة. هذا إذا أمكن الانتفاع بها باقية على حالها، و أما لو فرض انه لا يمكن الانتفاع بها الا ببيعها و كانت بحيث لو بقيت على حالها ضاعت و تلفت بيعت و صرف ثمنها في ذلك المحل ان احتاج اليه، و الا ففي المماثل ثم المصالح حسب ما مر.

[مسألة: 72 كما لا يجوز بيع تلك الأوقاف الظاهر انه لا يجوز إجارتها]

مسألة: 72 كما لا يجوز بيع تلك الأوقاف الظاهر انه لا يجوز إجارتها، و لو غصبها غاصب و استوفى منها غير تلك المنافع المقصودة منها- كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت المسكن أو محرزا- لم يكن عليه أجرة المثل. نعم لو أتلف أعيانها متلف الظاهر ضمانه (1) فيؤخذ منه القيمة و تصرف في بدل التالف و مثله.

[مسألة: 73 الأوقاف الخاصة كالوقف على الأولاد و الأوقاف العامة التي كانت على العناوين العامة]

مسألة: 73 الأوقاف الخاصة كالوقف على الأولاد و الأوقاف العامة التي كانت على العناوين العامة كالفقراء و ان كانت ملكا للموقوف عليهم كما مر لكنها ليست ملكا طلقا لهم حتى يجوز لهم بيعها و نقلها بأحد النواقل متى شاءوا و أرادوا كسائر أملاكهم، و انما يجوز لهم ذلك لعروض بعض العوارض و طرو بعض الطوارئ، و هي أمور:


1- على الأحوط.

ص: 261

«أحدها»- فيما إذا خربت بحيث لا يمكن إعادتها إلى حالتها الاولى و لا الانتفاع بها الا ببيعها فينتفع بثمنها، كالحيوان المذبوح و الجذع البالي و الحصير الخلق، فتباع و يشترى بثمنها (1) ما ينتفع به الموقوف عليهم، و الأحوط لو لم يكن الأقوى مراعاة الأقرب فالأقرب إلى العين الموقوفة.

«الثاني»- ان يسقط بسبب الخراب أو غيره عن الانتفاع المعتد به بحيث كان الانتفاع به بحكم العدم بالنسبة إلى منفعة أمثال العين الموقوفة، كما إذا انهدمت الدار و اندرست البستان فصارت عرصة لا يمكن الانتفاع بها الا بمقدار جزئي جدا يكون بحكم العدم بالنسبة إليهما، لكن إذا بيعت يمكن أن يشترى بثمنها دار أو بستان أخرى أو ملك آخر تكون منفعتها تساوي منفعة الدار و البستان أو تقرب منها. نعم لو فرض انه على تقدير بيع العرصة لا يشترى بثمنها الا ما يكون منفعتها بمقدار منفعتها باقية على حالها لم يجز بيعها بل تبقى على حالها.

«الثالث»- فيما إذا علم أو ظن انه يؤدي بقاؤه إلى خرابه (2) على وجه لا ينتفع به أصلا أو ينتفع به قليلا ملحقا بالعدم، سواء كان ذلك بسبب الاختلاف الواقع بين أربابه أو لأمر آخر.

«الرابع»- فيما إذا اشترط الواقف في وقفه ان يباع عند حدوث أمر مثل قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو المخارج أو وقوع الاختلاف بين أربابه أو حصول ضرورة أو حاجة لهم أو غير ذلك، فإنه لا مانع حينئذ من بيعه عند حدوث ذلك الأمر على الأقوى.

«الخامس»- فيما إذا وقع بين أرباب الوقف اختلاف شديد لا يؤمن معه من تلف الأموال و النفوس و لا ينحسم ذلك الا ببيعه، فيجوز حينئذ بيعه و تقسيم ثمنه بينهم.

نعم لو فرض أنه يرتفع الاختلاف بمجرد بيعه و صرف الثمن في شراء عين أخرى لهم أو تبديل العين الموقوفة بعين أخرى تعين ذلك، فيشترى بالثمن عينا أخرى أو يبدل


1- و الأحوط أن يشترى بثمنه شي ء يمكن وقفه و يوقف عليهم مع الإمكان على الأحوط.
2- فيه إشكال إلا إذا بلغ حد الاطمئنان الذي يعامل العقلاء معه معاملة العلم.

ص: 262

بملك آخر فيجعل وقفا و يبقى لسائر البطون و الطبقات.

[مسألة: 74 لا إشكال في جواز اجارة ما وقف وقف منفعة]

مسألة: 74 لا إشكال في جواز اجارة ما وقف وقف منفعة، سواء كان وقفا خاصا أو عاما كالدكاكين و المزارع و الخانات الموقوفة على الأولاد أو الفقراء أو الجهات و المصالح العامة، حيث ان المقصود استنمائها بإجارة و نحوها و وصول نفعها و نمائها إلى الموقوف عليهم، بخلاف ما كان وقف انتفاع كالدار الموقوفة على سكنى الذرية و كالمدرسة و المقبرة و القنطرة و الخانات الموقوفة لنزول المارة، فإن الظاهر عدم جواز إجارتها في حال من الأحوال.

[مسألة: 75 إذا خرب بعض الوقف بحيث جاز بيعه و احتاج بعضه الأخر إلى تعمير]

مسألة: 75 إذا خرب بعض الوقف بحيث جاز بيعه و احتاج بعضه الأخر إلى تعمير و لو لأجل توفير المنفعة لا يبعد أن يكون الاولى (1) بل الأحوط أن يصرف ثمن البعض الخراب في تعمير البعض الأخر.

[مسألة: 76 لا إشكال في جواز قسمة الوقف عن الملك الطلق فيما إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الطلق]

مسألة: 76 لا إشكال في جواز قسمة الوقف عن الملك الطلق فيما إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الطلق، فيتصداها مالك الطلق مع متولي الوقف أو الموقوف عليهم، بل الظاهر جواز قسمة الوقف أيضا لو تعدد الوقف و الموقوف عليه، كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما حصته على أولاده، بل لا يبعد جوازها فيما إذا تعدد الوقف و الموقوف عليه مع اتحاد الواقف، كما إذا وقف نصف داره مشاعا على مسجد و النصف الأخر على مشهد، و لا يجوز قسمته بين أربابه إذا اتحد الوقف و الواقف مع كون الموقوف عليهم بطونا متلاحقة. نعم لو وقع خلف بين أربابه بما جاز معه بيع الوقف و لا ينحسم ذلك الاختلاف إلا بالقسمة جازت على الأقوى (2).

[مسألة: 77 لو آجر الوقف البطن الأول و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة]

مسألة: 77 لو آجر الوقف البطن الأول و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة


1- ان لم يمكن تبديل الخراب بملك آخر يجعل وقفا، و ان أمكن فهو المتعين.
2- ان كانت القسمة لانتفاع كل منهم من قسمة الوقف ما دام حيا فلا مانع منها و لو لم يقع خلاف بين أربابها، و أما القسمة بغير هذا المعنى فالأقوى عدم جوازها مطلقا.

ص: 263

بطلت بالنسبة إلى بقية المدة، و في صحتها بإجازة البطن اللاحق إشكال (1)، فالأحوط تجديد الإجارة منهم لو أرادوا بقاءها. هذا إذا آجر البطن الأول، و أما لو آجر المتولي فان لاحظ في ذلك مصلحة الوقف صحت و نفذت بالنسبة إلى سائر البطون، و أما لو كانت لأجل مراعاة البطن اللاحق دون أصل الوقف فنفوذها بالنسبة إليهم بدون إجازتهم لا يخلو من اشكال (2).

[مسألة: 78 يجوز للواقف أن يجعل تولية الوقف و نظارته لنفسه دائما]

مسألة: 78 يجوز للواقف أن يجعل تولية الوقف و نظارته لنفسه دائما (3) أو الى مدة مستقلا أو مشتركا مع غيره، و كذا يجوز جعلها للغير كذلك، بل يجوز أن يجعل أمر التولية بيد شخص، بأن يكون المتولي كل من يعينه ذلك الشخص، بل يجوز التولية لشخص و يجعل أمر تعيين المتولي بعده بيده، و هكذا كل متول يعين المتولي بعده.

[مسألة: 79 انما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره حين إيقاع الوقف]

مسألة: 79 انما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره حين إيقاع الوقف و في ضمن عقده، و أما بعد تمامه فهو أجنبي عن الوقف، فليس له جعل التولية لأحد و لا عزل من جعله متوليا عن التولية إلا إذا اشترط لنفسه ذلك، بأن جعل التولية لشخص و شرط انه متى أراد أن يعزله عزله.

[مسألة: 80 لا إشكال في عدم اعتبار العدالة فيما إذا جعل التولية و النظر لنفسه]

مسألة: 80 لا إشكال في عدم اعتبار العدالة فيما إذا جعل التولية و النظر لنفسه، و في اعتبارها فيما إذا جعل النظر لغيره قولان، أقواهما العدم. نعم الظاهر أنه يعتبر فيه الامانة و الكفاية، فلا يجوز جعل التولية- خصوصا في الجهات و المصالح العامة- لمن كان خائنا غير موثوق به، و كذا من ليس له الكفاية في تولية أمور الوقف. و من


1- قد مر ان الأقوى عدم التأثير لاجازتهم حيث لم يكونوا مالكين حين العقد.
2- بل في كلتا الصورتين، إذ البطن اللاحق لم يكونوا مالكين حين الإجارة حتى تؤثر إجازة المتولي في حقهم و ان كانت لمصلحة الوقف، أو تؤثر إجازتهم في العقد الصادر من المتولي قبل مالكيتهم، فإنه نظير اجارة الأب لولده الصغير ملكا لم يملكه بعد، فالأحوط تجديد الإجارة في كلتا الصورتين.
3- يعنى ما دام حيا.

ص: 264

هنا يقوى اعتبار التميز و العقل فيه، فلا يصح تولية المجنون و الصبي الغير المميز (1).

[مسألة: 81 لو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول]

مسألة: 81 لو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول، سواء كان حاضرا في مجلس العقد أو لم يكن حاضرا فيه ثم بلغ اليه الخبر و لو بعد وفاة الواقف.

و لو جعل التولية لأشخاص على الترتيب و قبل بعضهم لم يجب القبول على المتولين بعده، فمع عدم القبول كان الوقف بلا متولي منصوب، و لو قبل التولية فهل يجوز له عزل نفسه بعد ذلك كالوكيل أم لا؟ قولان لا يترك الاحتياط، بأن لا يرفع اليد عن الأمر و لا يعزل نفسه، و لو عزل يقوم بوظائفه مع المراجعة إلى الحاكم.

[مسألة: 82 لو شرط التولية لاثنين، فان صرح باستقلال كل منهما استقل و لا يلزم عليه مراجعة الأخر]

مسألة: 82 لو شرط التولية لاثنين، فان صرح باستقلال كل منهما استقل و لا يلزم عليه مراجعة الأخر، و إذا مات أحدهما أو خرج عن الأهلية انفرد الأخر، و ان صرح بالاجتماع ليس لأحدهما الاستقلال، و كذا لو أطلق و لم تكن على ارادة الاستقلال قرائن الأحوال، و حينئذ لو مات أحدهما أو خرج عن الأهلية يضم الحاكم إلى الأخر شخصا آخر على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 83 لو عين الواقف وظيفة المتولي و شغله فهو المتبع]

مسألة: 83 لو عين الواقف وظيفة المتولي و شغله فهو المتبع، و لو أطلق كانت وظيفته ما هو المتعارف من تعمير الوقف و إجارته و تحصيل أجرته و قسمتها على أربابه و أداء خراجه و نحو ذلك، كل ذلك على وجه الاحتياط و مراعاة الصلاح، و ليس لأحد مزاحمته في ذلك حتى الموقوف عليهم. و يجوز ان ينصب الواقف متوليا في بعض الأمور و آخر في الأخر، كما إذا جعل أمر التعمير و تحصيل المنافع الى أحد و أمر حفظها و قسمتها على أربابها إلى آخر، أو جعل لواحد أن يكون الوقف بيده و حفظه و للآخر التصرف. و لو فوض الى واحد التعمير و تحصيل الفائدة و أهمل باقي الجهات من الحفظ و القسمة و غيرهما كان الوقف بالنسبة الى غير ما فوض اليه بلا متولي منصوب، فيجري عليه حكمه و سيأتي.

[مسألة: 84 لو عين الواقف للمتولي شيئا من المنافع تعين]

مسألة: 84 لو عين الواقف للمتولي شيئا من المنافع تعين و كان ذلك أجرة


1- بل و المميز على الأقوى.

ص: 265

عمله ليس له أزيد من ذلك و ان كان أقل من أجرة مثله، و لو لم يذكر شيئا فالأقرب ان له أجرة المثل.

[مسألة: 85 ليس للمتولي تفويض التولية إلى غيره حتى مع عجزه عن التصدي]

مسألة: 85 ليس للمتولي تفويض التولية إلى غيره حتى مع عجزه عن التصدي إلا إذا جعل الواقف له ذلك عند جعله متوليا. نعم يجوز له التوكيل في بعض ما كان تصديه من وظيفته إذا لم يشترط عليه المباشرة.

[مسألة: 86 يجوز للواقف ان يجعل ناظرا على المتولي]

مسألة: 86 يجوز للواقف ان يجعل ناظرا على المتولي، فان أحرز أن المقصود مجرد اطلاعه على أعماله لأجل الاستيثاق فهو مستقل في تصرفاته و لا يعتبر اذن الناظر في صحتها و نفوذها و انما اللازم عليه اطلاعه، و ان كان المقصود اعمال نظره و تصويب عمله لم يجز له التصرف إلا باذنه و تصويبه، و لو لم يحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرين (1).

[مسألة: 87 إذا لم يعين الواقف متوليا أصلا: فأما الأوقاف العامة فالمتولي لها الحاكم]

مسألة: 87 إذا لم يعين الواقف متوليا أصلا: فأما الأوقاف العامة فالمتولي لها الحاكم أو المنصوب من قبله على الأقوى، و أما الأوقاف الخاصة فالحق انه بالنسبة الى ما كان راجعا إلى مصلحة الوقف و مراعاة البطون من تعميره و حفظ الأصول و إجارته على البطون اللاحقة و نحوها كالأوقاف العامة توليتها للحاكم أو منصوبه، و أما بالنسبة إلى تنميته و اصلاحاته الجزئية المتوقف عليها في حصول النماء الفعلي كتنقية أنهاره و كريه و حرثه و جمع حاصله و تقسيمه و أمثال ذلك فأمرها راجع الى الموقوف عليهم الموجودين.

[مسألة: 88 في الأوقاف التي توليتها للحاكم و منصوبه مع فقده و عدم الوصول اليه توليتها لعدول المؤمنين]

مسألة: 88 في الأوقاف التي توليتها للحاكم و منصوبه مع فقده و عدم الوصول اليه توليتها لعدول المؤمنين (2).

[مسألة: 89 لا فرق فيما كان أمره راجعا الى الحاكم بين ما إذا لم يعين الواقف متوليا و بين ما إذا عين]

مسألة: 89 لا فرق فيما كان أمره راجعا الى الحاكم بين ما إذا لم يعين الواقف متوليا و بين ما إذا عين و لم يكن أهلا لها أو خرج عن الأهلية، فإذا جعل التولية للعادل من أولاده و لم يكن بينهم عادل أو كان ففسق كان كأن لم ينصب متوليا.


1- على الأحوط.
2- و مع عدمهم للموثقين و الأمناء منهم.

ص: 266

[مسألة: 90 لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلا و لم يكن فيهم الا عدل واحد ضمن الحاكم اليه عدلا آخر]

مسألة: 90 لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلا و لم يكن فيهم الا عدل واحد ضمن الحاكم اليه عدلا آخر، و أما لو لم يوجد فيهم عدل أصلا فهل اللازم على الحاكم نصب عدلين أو يكفي نصب واحد؟ أحوطهما الأول و أقواهما الثاني.

[مسألة: 91 إذا احتاج الوقف الى التعمير و لم يكن وجه يصرف فيه يجوز للمتولي أن يقترض له قاصدا]

مسألة: 91 إذا احتاج الوقف الى التعمير و لم يكن وجه يصرف فيه يجوز للمتولي أن يقترض له قاصدا أداء ما في ذمته بعد ذلك مما يرجع اليه كمنافعه أو منافع موقوفاته، فيقترض متولي البستان مثلا لتعميرها بقصد أن يؤدي بعد ذلك دينه من عائداتها، و متولي المسجد أو المشهد أو المقبرة و نحوها بقصد أن يؤدي دينه من عائدات موقوفاتها، بل يجوز ان يصرف في ذلك من ماله بقصد الاستيفاء مما ذكر.

نعم لو اقترض له لا بقصد الأداء منه أو صرف من ماله لا بنية الاستيفاء منه لم يكن له ذلك بعد ذلك.

[مسألة: 92 تثبت الوقفية بالشياع إذا أفاد العلم أو الاطمئنان]

مسألة: 92 تثبت الوقفية بالشياع إذا أفاد العلم أو الاطمئنان، و بإقرار ذي اليد أو ورثته، و بكونه في تصرف الوقف، بأن يعامل المتصرفون فيه معاملة الوقف بلا معارض، و كذا تثبت بالبينة الشرعية.

[مسألة: 93 إذا أقر بالوقف ثم ادعى ان إقراره كان لمصلحة يسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات]

مسألة: 93 إذا أقر بالوقف ثم ادعى ان إقراره كان لمصلحة يسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات، بخلاف ما إذا أوقع العقد و حصل القبض ثم ادعى انه لم يكن قاصدا فإنه لا يسمع منه أصلا، كما هو الحال في جميع العقود و الإيقاعات.

[مسألة: 94 كما أن معاملة المتصرفين معاملة الوقفية دليل على أصل الوقفية ما لم يثبت خلافها]

مسألة: 94 كما أن معاملة المتصرفين معاملة الوقفية دليل على أصل الوقفية ما لم يثبت خلافها، كذلك كيفية عملهم من الترتيب أو التشريك و المصرف و غير ذلك دليل على كيفيته، فيتبع ما لم يعلم خلافها.

[مسألة: 95 إذا كان ملك بيد شخص يتصرف فيه بعنوان الملكية لكن علم أنه قد كان في السابق وقفا]

مسألة: 95 إذا كان ملك بيد شخص يتصرف فيه بعنوان الملكية لكن علم أنه قد كان في السابق وقفا لم ينتزع من يده بمجرد ذلك ما لم يثبت وقفيته فعلا، و كذا لو ادعى أحد انه قد وقف على آبائه نسلا بعد نسل و اثبت ذلك من دون ان يثبت كونه وقفا فعلا. نعم لو أقر ذو اليد في مقابل خصه بأنه قد كان وقفا الا انه قد حصل المسوغ

ص: 267

للبيع و قد اشتراه سقط حكم يده و ينتزع منه و يلزم بإثبات الأمرين: وجود المسوغ للبيع، و وقوع الشراء.

[مسألة: 96 إذا كان كتاب أو مصحف أو صفر مثلا بيد شخص و هو يدعي ملكيته]

مسألة: 96 إذا كان كتاب أو مصحف أو صفر مثلا بيد شخص و هو يدعي ملكيته و كان مكتوبا عليه انه وقف لم يحكم بوقفيته بمجرد ذلك، فيجوز الشراء منه. نعم الظاهر أن وجود مثل ذلك عيب و نقص في العين، فلو خفي على المشتري ثم اطلع عليه كان له خيار الفسخ.

[مسألة: 97 لو ظهر في تركة الميت ورقة بخطه أن ملكه الفلاني وقف و انه وقع القبض و الإقباض]

مسألة: 97 لو ظهر في تركة الميت ورقة بخطه أن ملكه الفلاني وقف و انه وقع القبض و الإقباض لم يحكم بوقفيته بمجرد ذلك ما لم يحصل العلم أو الاطمئنان به، لاحتمال انه كتب ليجعله وقفا كما يتفق ذلك كثيرا.

[مسألة: 98 إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالأنعام الثلاثة]

مسألة: 98 إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالأنعام الثلاثة لم يجب على الموقوف عليهم زكاتها و ان بلغت حصة كل منهم حد النصاب، و أما لو كانت نماؤها منها كالعنب و التمر ففي الوقف الخاص وجبت الزكاة على كل من بلغت حصته النصاب من الموقوف عليهم لأنها ملك طلق لهم، بخلاف الوقف العام و ان كان مثل الوقف على الفقراء لعدم كونه ملكا لواحد منهم الا بعد قبضه. نعم لو أعطي الفقير مثلا حصة من الحاصل على الشجر قبل وقت تعلق الزكاة- كما قبل احمرار التمر أو اصفراره- وجبت عليه الزكاة إذا بلغت حد النصاب.

[مسألة: 99 الوقف المتداول بين الاعراب و بعض الطوائف من غيرهم حيث يعمدون إلى نعجة أو بقرة]

مسألة: 99 الوقف المتداول بين الاعراب و بعض الطوائف من غيرهم حيث يعمدون إلى نعجة أو بقرة و يتكلمون بألفاظ متعارفة بينهم و يكون المقصود أن تبقى و تذبح أولادها الذكور و تبقى الإناث و هكذا، الظاهر بطلانها (1) لعدم الصيغة و عدم القبض و عدم تعيين المصرف و غير ذلك.


1- إلا إذا كان المصرف عنده معلوما بحسب المتعارف و المتولي أيضا كان نفسه بحسب الارتكاز و تكلم بقصد الوقف كلمة ظاهرة فيه كان صحيحا.

ص: 268

[خاتمة]
اشارة

(خاتمة) تشتمل على أمرين: أحدهما في الحبس و ما يلحق به، ثانيهما في الصدقة:

[القول في الحبس و أخواته]
اشارة

القول في الحبس و أخواته:

[مسألة: 1 يجوز للإنسان أن يحبس ملكه على كل ما يصح الوقف عليه]

مسألة: 1 يجوز للإنسان أن يحبس ملكه على كل ما يصح الوقف عليه، بأن يصرف منافعه فيما عينه على ما عينه، فلو حبسه على سبيل من سبل الخير و مواقع قرب العبادات مثل الكعبة المعظمة و المساجد و المشاهد المشرفة، فإن كان مطلقا أو صرح بالدوام فلا رجوع (1) و لا يعود على ملك المالك و لا يورث، و ان كان الى مدة لا رجوع في تلك المدة (2) و بعد انقضائها يرجع الى المالك. و لو حبسه على شخص فان عين مدة أو مدة حياته لزم حبسه عليه في تلك المدة، و لو مات الحابس قبل انقضائها يبقى على حاله الى أن تنقضي، و ان أطلق و لم يعين وقتا لزم ما دام حياة الحابس و ان مات كان ميراثا. و هكذا الحال لو حبس على عنوان عام كالفقراء، فان حدده بوقت لزم إلى انقضائه، و ان لم يوقف لزم ما دام حياة الحابس.

[مسألة: 2 إذا جعل لأحد سكنى داره مثلا- بأن سلطه على إسكانها مع بقائها على ملكه- يقال له «السكنى»]

مسألة: 2 إذا جعل لأحد سكنى داره مثلا- بأن سلطه على إسكانها مع بقائها على ملكه- يقال له «السكنى»، سواء أطلق و لم يعين مدة أصلا، كأن يقول «أسكنتك داري» أو «لك سكناها»، أو قدره بعمر أحدهما، كما إذا قال «لك سكنى داري مدة حياتك» أو «مدة حياتي»، أو قدره بالزمان كسنة و سنتين مثلا. نعم في كل من الأخيرين له اسم يختص به، و هو «العمرى» في أولهما و «الرقبى» في ثانيهما.

[مسألة: 3 يحتاج كل من هذه الثلاثة إلى عقد مشتمل على إيجاب من المالك و قبول من الساكن]

مسألة: 3 يحتاج كل من هذه الثلاثة إلى عقد مشتمل على إيجاب من المالك و قبول من الساكن (3)، فالإيجاب كل ما أفاد التسليط المزبور بحسب المتفاهم العرفي،


1- بعد القبض كما يأتي منه.
2- المقصود عدم عود المنافع و عدم إرثها، و أما رقبة الملك فباقية على ملك الحابس.
3- و الظاهر صحة المعاطاة فيها، بأن يعطى داره الى غيره ليسكن فيها مدة معينة بالمقاولة قبل الإعطاء بقصد الرقبى أو العمرى أو السكنى.

ص: 269

كأن يقول في السكنى «أسكنتك هذه الدار» أو «لك سكناها» و ما أفاد معناهما بأي لغة كان، و في العمرى «أسكنتكها» أو «لك سكناها مدة حياتك» و في الرقبى «أسكنتكها سنة أو سنتين» مثلا. و للعمرى و الرقبى لفظان آخران: فللاولى «أعمرتك هذه الدار عمرك أو عمري أو ما بقيت أو بقيت أو ما حييت أو حييت أو ما عشت أو عشت» و نحوها، و للثانية «أرقبتك مدة كذا». و أما القبول فهو كل ما دل على الرضا و القبول من الساكن.

[مسألة: 4 يشترط في كل من الثلاثة قبض الساكن]

مسألة: 4 يشترط في كل من الثلاثة قبض الساكن، فلو لم يقبض حتى مات المالك بطلت كالوقف.

[مسألة: 5 هذه العقود الثلاثة لازمة يجب العمل بمقتضاها و ليس للمالك الرجوع و إخراج الساكن]

مسألة: 5 هذه العقود الثلاثة لازمة يجب العمل بمقتضاها و ليس للمالك الرجوع و إخراج الساكن، ففي السكنى المطلقة حيث ان الساكن استحق مسمى الإسكان و لو يوما لزم العقد في هذا المقدار، فليس للمالك منعه عن ذلك. نعم له الرجوع و الأمر بالخروج في الزائد متى شاء. و في العمرى المقدرة بعمر الساكن أو عمر المالك لزمت مدة حياة أحدهما، و في الرقبى لزمت في المدة المضروبة، فليس للمالك إخراجه قبل انقضائها.

[مسألة: 6 إذا جعل داره سكنى أو عمرى أو رقبى لشخص لم تخرج عن ملكه]

مسألة: 6 إذا جعل داره سكنى أو عمرى أو رقبى لشخص لم تخرج عن ملكه و جاز له بيعها و لم يبطل الإسكان (1) و لا الإعمار و لا الإرقاب، بل يستحق الساكن السكنى على النحو الذي جعلت له، و كذا ليس للمشتري إبطالها. نعم لو كان جاهلا كان الخيار بين فسخ البيع و إمضائه بجميع الثمن.

[مسألة: 7 لو جعل المدة في العمرى طول حياة المالك و مات الساكن قبله كان لورثته السكنى]

مسألة: 7 لو جعل المدة في العمرى طول حياة المالك و مات الساكن قبله كان لورثته السكنى الى أن يموت المالك، و لو جعل المدة طول حياة الساكن و مات المالك قبله لم يكن لورثته إزعاج الساكن بل يسكن طول حياته، و لو مات الساكن لم يكن لورثته السكنى إلا إذا جعل له السكنى مدة حياته و لعقبه و نسله بعد وفاته،


1- حتى في المطلقة منها الا إذا رجع عن سكناه حيث يجوز له.

ص: 270

فلهم ذلك ما لم ينقرضوا، فإذا انقرضوا رجعت الى المالك أو ورثته.

[مسألة: 8 إطلاق السكنى يقتضي أن يسكن من جعلت له السكنى بنفسه و أهله و أولاده]

مسألة: 8 إطلاق السكنى يقتضي أن يسكن من جعلت له السكنى بنفسه و أهله و أولاده، و الأقرب جواز إسكان من جرت العادة السكنى معه كغلامه و جاريته و مرضعة ولده و ضيوفه، بل كذا دابته إذا كان الموضع معدا لمثلها. و لا يجوز أن يسكن غيرهم (1) الا أن يشترط ذلك أو يرضى المالك، و كذا لا يجوز أن يؤجر المسكن أو يعيره لغيره على الأقوى.

[مسألة: 9 كل ما صح وقفه صح إعماره من العقار و الحيوان و الأثاث و غيرها]

مسألة: 9 كل ما صح وقفه صح إعماره من العقار و الحيوان و الأثاث و غيرها، و يختص مورد السكنى بالمساكن، و أما الرقبى ففي كونها في ذلك بحكم العمرى أو بحكم السكنى تأمل و اشكال (2).

[القول في الصدقة]
اشارة

القول في الصدقة:

التي قد تواترت النصوص على ندبها و الحث عليها خصوصا في أوقات مخصوصة كالجمعة و عرفة و شهر رمضان و على طوائف مخصوصة كالجيران و الأرحام، بل ورد في الخبر لا صدقة و ذو الرحم محتاج، و هي دواء المريض و دافعة البلاء و قد أبرم إبراما، و بها يستنزل الرزق و يقضى الدين و تخلف البركة و تزيد في المال، و بها تدفع ميتة السوء و الداء و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون الى سبعين بابا من السوء، و بها في أول كل يوم يدفع نحوسة ذلك اليوم و شروره، و في أول كل ليلة تدفع نحوسة تلك الليلة و شرورها، و لا يستقل قليلها فقد ورد تصدقوا و لو بقبضة أو ببعض قبضة و لو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة، و لا يستكثر كثيرها فإنها تجارة رابحة، ففي الخبر إذا أملقتم تاجروا اللّٰه بالصدقة، و في خبر آخر انها خير الذخائر، و في آخر ان اللّٰه تعالى يربى الصدقات لصاحبها حتى يلقيها يوم القيامة كجبل عظيم.


1- بل الأقوى جواز ذلك، و كذا الإجارة و الإعارة إلا إذا اشترط المالك انتفاعا خاصا و لو من جهة الانصراف الى المنافع المتعارفة.
2- لا يبعد أن تكون بحكم العمرى.

ص: 271

[مسألة: 1 يعتبر في الصدقة قصد القربة]

مسألة: 1 يعتبر في الصدقة قصد القربة، و الأقوى انه لا يعتبر فيها العقد المشتمل على الإيجاب و القبول كما نسب الى المشهور، بل يكفي المعاطاة (1)، فتتحقق بكل لفظ أو فعل من إعطاء أو تسليط قصد به التمليك مجانا مع نية القربة، و يشترط فيها الإقباض و القبض.

[مسألة: 2 لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض و ان كانت على أجنبي على الأصح]

مسألة: 2 لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض و ان كانت على أجنبي على الأصح.

[مسألة: 3 تحل صدقة الهاشمي لمثله و لغيره مطلقا]

مسألة: 3 تحل صدقة الهاشمي لمثله و لغيره مطلقا حتى الزكاة المفروضة و الفطرة، و أما صدقة غير الهاشمي للهاشمي فتحل في المندوبة و تحرم في الزكاة المفروضة و الفطرة، و أما المفروضة غيرهما كالمظالم و الكفارة و نحوها فالظاهر انها كالمندوبة، و ان كان الأحوط عدم إعطائهم لها و تنزههم عنها (2).

[مسألة: 4 يعتبر في المتصدق البلوغ و العقل و عدم الحجر لفلس أو سفه]

مسألة: 4 يعتبر في المتصدق البلوغ و العقل و عدم الحجر لفلس أو سفه.

نعم في صحة صدقة من بلغ عشر سنين وجه، لكنه لا يخلو عن إشكال.

[مسألة: 5 لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر و لا الايمان]

مسألة: 5 لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر و لا الايمان، بل و لا الإسلام، فيجوز على الغني و على المخالف و على الذمي و ان كانا أجنبيين.

نعم لا يجوز على الناصب و على الحربي و ان كانا قريبين.

[مسألة: 6 الصدقة المندوبة سرا أفضل]

مسألة: 6 الصدقة المندوبة سرا أفضل، فقد ورد أن صدقة السر تطفئ غضب الرب و تطفئ الخطيئة كما يطفي الماء النار و تدفع سبعين بابا من البلاء، و في خبر آخر عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله سبعة يظلهم اللّٰه في ظله يوم لا ظل الا ظله- الى أن قال- و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لم تعلم يمينه ما تنفق شماله. نعم إذا اتهم بترك المواساة فأراد دفع التهمة عن نفجه أو قصد غيره به لا بأس بالإجهار بها و لم يتأكد إخفائها. هذا في الصدقة المندوبة، و أما الواجبة فالأفضل إظهارها مطلقا.


1- و هي فيها بعد القبض لازمة لمكان قصد القربة.
2- لا يترك.

ص: 272

[مسألة: 7 يستحب المساعدة و التوسط في إيصال الصدقة إلى المستحق]

مسألة: 7 يستحب المساعدة و التوسط في إيصال الصدقة إلى المستحق، فعن مولانا الصادق عليه السلام: لو جرى المعروف على ثمانين كفا لأوجروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئا. بل في خبر آخر عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال في خطبة له: من تصدق بصدقة عن رجل الى مسكين كان له مثل أجره، و لو تداولها أربعون ألف إنسان ثم وصلت الى المسكين كان لهم أجر كامل.

[مسألة: 8 يكره كراهة شديدة أن يتملك من الفقير ما تصدق به بشراء أو اتهاب أو بسبب آخر]

مسألة: 8 يكره كراهة شديدة أن يتملك من الفقير ما تصدق به بشراء أو اتهاب أو بسبب آخر، بل قيل بحرمته. نعم لا بأس بأن يرجع اليه بالميراث.

[مسألة: 9 يكره رد السائل و لو ظن غناه]

مسألة: 9 يكره رد السائل و لو ظن غناه، بل أعطاه و لو شيئا يسيرا، فعن مولانا الباقر عليه السلام: أعط السائل و لو كان على ظهر فرس. و عنه عليه السلام قال: كان فيما ناجى اللّٰه عز و جل به موسى عليه السلام قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل- الخبر.

[مسألة: 10 يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج]

مسألة: 10 يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج، بل مع الحاجة أيضا، و ربما يقال بحرمة الأول، و لا يخلو من قوة، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله:

من فتح على نفسه باب مسألة فتح اللّٰه عليه باب فقر.

و عن مولانا الصادق عليه السلام قال: قال على بن الحسين عليه السلام:

ضمنت على ربي انه لا يسأل أحد من غير حاجة الا اضطر به المسألة يوما الى أن يسأل من حاجة.

و عن مولانا الباقر عليه السلام: لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المعطى ما في العطية ما رد أحد أحدا. ثم قال عليه السلام: انه من سئل و هو يظهر غنى لقي اللّٰه مخموشا وجهه يوم القيامة.

و في خبر آخر: من سأل من غير فقر فإنما يأكل الخمر.

و في خبر آخر: من سأل الناس و عنده قوت ثلاثة أيام لقي اللّٰه يوم القيامة

ص: 273

و ليس على وجهه لحم.

و في آخر قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام: ثلاثة لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب اليم، الديوث، و الفاحش المتفحش، و الذي يسأل الناس و في يده يظهر غنى.

ص: 274

[كتاب الوصية]

اشارة

كتاب الوصية و هي على ضربين (1): تمليكية كأن يوصى بشي ء من تركته لزيد، و عهدية كأن يوصى بما يتعلق بتجهيزه أو باستئجار الحج أو الصوم أو الصلاة أو الزيارات له.

[مسألة: 1 إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت يجب عليه أن يوصى بإيصال ما عنده من أموال الناس]

مسألة: 1 إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت يجب عليه أن يوصى (2) بإيصال ما عنده من أموال الناس مع الودائع و البضائع و نحوها إلى أربابها و الاشهاد عليها، خصوصا إذا خفيت على الورثة، و كذا بأداء ما عليه من الحقوق المالية خلقيا كان كالديون و الضمانات و الديات و أروش الجنايات أو خالقيا كالخمس و الزكاة و المظالم و الكفارات، بل يجب عليه أن يوصى بأن يستأجر عنه ما عليه من الواجبات البدنية مما يصح فيها النيابة و الاستيجار كقضاء الصوم و الصلاة إذا لم يكن له ولي يقضيها عنه، بل و لو كان له ولي لا يصح منه العمل كالصبي أو كان ممن لا وثوق بإتيانه أو صحة عمله.

[مسألة: 2 إذا كان عنده أموال الناس أو كان عليه حقوق و واجبات]

مسألة: 2 إذا كان عنده أموال الناس أو كان عليه حقوق و واجبات لكن يعلم أو يطمئن بأن اخلافه يوصلون الأموال و يؤدون الحقوق و الواجبات لم يجب عليه الإيصاء، و ان كان أحوط و أولى.

[مسألة: 3 يكفي في الوصية كل ما دل عليها من الألفاظ من أي لغة كان]

مسألة: 3 يكفي في الوصية كل ما دل عليها من الألفاظ من أي لغة كان، و لا


1- بل على ضروب، لأنها قد تكون تمليك عين أو منفعة و قد تكون جعل ولاية أو سلطنة أو وكالة و قد تكون إبراء لدين و إسقاطا لحق أو إعتاقا لرقبة و قد تكون عهدا و اذنا و استدعاء لتجهيزه و غسله و صلاته و قضاء صلاته و صومه و حجه ورد أماناته و أمثال ذلك، و كتبنا تفصيل ذلك في حاشية العروة على كتاب الوصية- فراجع.
2- ان لم يتمكن من إيصاله بنفسه و الا وجب أن يأتي بجميع ما ذكر بنفسه و يضيق عليه ما كان موسعا في حياته.

ص: 275

يعتبر فيها لفظ خاص، و لفظها الصريح في التمليكية أن يقول «أوصيت لفلان بكذا» أو «أعطوا فلانا» أو «ادفعوا اليه بعد موتي» أو «لفلان بعد موتى كذا» و هكذا، و في العهدية «افعلوا بعد موتى كذا و كذا» و هكذا. و الظاهر عدم كفاية الإشارة (1) إلا مع العجز عن النطق، بخلاف الكتابة فإن الظاهر الاكتفاء بها مطلقا، خصوصا في الوصية العهدية إذا علم أنه قد كان في مقام الوصية و كانت العبارة ظاهرة الدلالة على المعنى المقصود، فيكفي وجود مكتوب من الموصى بخطه و خاتمه إذا علم من قرائن الأحوال كونه بعنوان الوصية فيجب تنفيذها.

[مسألة: 4 الوصية التمليكية لها أركان ثلاثة]

مسألة: 4 الوصية التمليكية لها أركان ثلاثة: الموصي، و الموصى به، و الموصى له. و أما الوصية العهدية فإنما يكون قوامها بأمرين: الموصى، و الموصى به. نعم إذا عين الموصي شخصا لتنفيذها تقوّم حينئذ بأمور ثلاثة: الموصي، و الموصى به، و الموصى اليه. و هو الذي يطلق عليه الوصي.

[مسألة: 5 لا إشكال في ان الوصية العهدية لا تحتاج الى قبول]

مسألة: 5 لا إشكال في ان الوصية العهدية لا تحتاج الى قبول. نعم لو عين وصيا لتنفيذها لا بد من قبوله، لكن في وصايته لا في أصل الوصية، و أما الوصية التمليكية فإن كانت تمليكا للنوع كالوصية للفقراء و السادة و الطلبة فهي كالعهدية لا يعتبر فيها القبول (2)، و ان كانت تمليكا للشخص فالمشهور على أنه يعتبر فيها القبول من الموصى له، و لا يبعد عدم اعتباره (3) و كفاية عدم الرد، فتبطل الوصية بالرد (4) لا ان القبول شرط.

[مسألة: 6 يكفي في القبول بناء على اعتباره كل ما دل على الرضا قولا أو فعلا، كأخذ الموصى به و التصرف فيه]

مسألة: 6 يكفي في القبول بناء على اعتباره كل ما دل على الرضا قولا أو فعلا، كأخذ الموصى به (5) و التصرف فيه.


1- على الأحوط، كما ان الأحوط في الكتابة الاقتصار على حال الضرورة.
2- بل لعلها تحسب من العهدية فيجب إعطاء ما أوصى به عليهم.
3- بل بعيد.
4- إذا كان بعد الموت و قبل القبول.
5- مع قصد القبول به.

ص: 276

[مسألة: 7 بناء على اعتبار القبول لا فرق بين وقوعه في حياة الموصى أو بعد موته]

مسألة: 7 بناء على اعتبار القبول لا فرق بين وقوعه في حياة الموصى أو بعد موته، كما انه لا فرق في الواقع بعد الموت بين أن يكون متصلا به أو متأخرا عنه مدة.

[مسألة: 8 لو رد بعضها و قبل بعضها صح فيما قبله]

مسألة: 8 لو رد بعضها و قبل بعضها صح فيما قبله (1) و بطل فيما رده على الأقوى.

[مسألة: 9 لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه رد أو قبول قام ورثته مقامه]

مسألة: 9 لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه رد أو قبول قام ورثته مقامه في الرد و القبول، فيملكون الموصى به بقبولهم أو عدم ردهم كمورثهم لو لم يرجع الموصى عن وصيته قبل موته.

[مسألة: 10 الظاهر ان الوارث يتلقى المال الموصى به من الموصي ابتداء]

مسألة: 10 الظاهر ان الوارث يتلقى المال الموصى به من الموصي ابتداء لا انه ينتقل الى الموصى له أولا ثم الى وارثه و ان كانت القسمة بين الورثة في صورة التعدد على حسب قسمة المواريث، فعلى هذا لا يخرج من الموصى به ديون الموصى له و لا تنفذ فيه وصاياه.

[مسألة: 11 إذا قبل بعض الورثة و رد بعضهم صحت الوصية]

مسألة: 11 إذا قبل بعض الورثة و رد بعضهم صحت الوصية فيمن قبل (2) و بطلت فيمن رد بالنسبة.

[مسألة: 12 يعتبر في الموصي البلوغ و العقل و الاختيار و الرشد و الحرية]

مسألة: 12 يعتبر في الموصي البلوغ و العقل و الاختيار و الرشد و الحرية، فلا تصح وصية الصبي. نعم الأقوى صحة وصية البالغ عشرا إذا كانت في البر و المعروف كبناء المساجد و القناطر و وجوه الخيرات و المبرات، و كذا لا تصح وصية المجنون و لو أدواريا في دور جنونه، و لا السكران، و كذا المكره و السفيه (3) و المملوك و ان قلنا بملكه كما هو الأقوى.


1- مشكل لعدم تطابق القبول مع الإيجاب. نعم بناء على عدم اعتبار القبول و كون الرد مبطلا صح ما ذكر و لكن القول به ضعيف.
2- مر الإشكال في نظيره. نعم لو كان الإيجاب مركبا من إيجابين كأن يقول هذا لزيد و هذا لعمرو صح ما ذكر دون ما إذا قال هذا لهما.
3- سواء كان قبل حجر الحاكم أو بعده في وصاياه المالية، أما في غير ما يحتاج الى صرف المال كالأمور الراجعة إلى تجهيزه و أمثاله فتصح وصيته كسائر عقوده غير المالية.

ص: 277

[مسألة: 13 يعتبر في الموصى مضافا الى ما ذكر أن لا يكون قاتل نفسه متعمدا]

مسألة: 13 يعتبر في الموصى مضافا الى ما ذكر أن لا يكون قاتل نفسه متعمدا، فمن أوقع على نفسه جرحا أو شرب السم أو ألقى نفسه من شاهق مثلا مما يقطع أو يظن كونه مؤديا إلى الهلاك لم تصح وصيته المتعلقة بأمواله (1) إذا وقع منه ذلك متعمدا، فان كان إيقاع ذلك خطاء أو كان مع ظن السلامة فاتفق موته به نفذت وصيته، و لو أوصى ثم أحدث في نفسه ما يؤدي الى هلاكه لم تبطل وصيته و ان كان حين الوصية بانيا على أن يحدث ذلك بعدها.

[مسألة: 14 لا تبطل الوصية بعروض الإغماء و الجنون للموصي]

مسألة: 14 لا تبطل الوصية بعروض الإغماء و الجنون للموصي و ان داما حين الممات.

[مسألة: 15 يشترط في الموصى له الوجود حين الوصية]

مسألة: 15 يشترط في الموصى له الوجود حين الوصية، فلا تصح الوصية للمعدوم، كما أوصى للميت أو لما تحمله المرأة في المستقبل و لمن يوجد من أولاد فلان، و يجوز الوصية للحمل بشرط وجوده حين الوصية و ان لم تلجه الروح و انفصاله حيا، فلو انفصل ميتا بطلت الوصية و رجع المال ميراثا لورثة الموصى.

[مسألة: 16 تصح الوصية للذمي و كذا للمرتد الملي إذا لم يكن المال مما لا يملكه الكافر كالمصحف]

مسألة: 16 تصح الوصية للذمي و كذا للمرتد الملي إذا لم يكن المال مما لا يملكه الكافر كالمصحف و العبد المسلم، و لا تصح للحربي و لا للمرتد عن فطرة على اشكال (2).

[مسألة: 17 لا تصح الوصية لمملوك الغير و ان أجاز المالك]

مسألة: 17 لا تصح الوصية لمملوك (3) الغير و ان أجاز المالك، و تصح لمملوك نفسه و لكن لا يملك الموصى به كالأحرار، بل ان كان بقدر قيمته ينعتق و لا شي ء له، و ان كان أكثر من قيمته انعتق و كان الفاضل له، و ان كان أقل ينعتق منه بمقداره و سعى للورثة (4) في البقية.


1- بل مطلقا و ان لم يتعلق بأمواله على اشكال فيه.
2- فيهما.
3- حتى في المبعض بالنسبة إلى بعضه المملوك.
4- هذا في القن و أما المدبر و المكاتب ففيهما تفصيل لا حاجة الى ذكره في هذا الزمان.

ص: 278

[مسألة: 18 يشترط في الموصى به في الوصية التمليكية أن يكون مالا أو حقا قابلا للنقل]

مسألة: 18 يشترط في الموصى به في الوصية التمليكية أن يكون مالا أو حقا قابلا للنقل كحقي التحجير و الاختصاص، من غير فرق في المال بين كونه عينا أو دينا في ذمة الغير أو منفعة، و في العين كونها موجودة فعلا أو مما سيوجد، فتصح الوصية بما تحمله الدابة أو تثمر الشجرة في المستقبل.

[مسألة: 19 لا بد أن تكون العين الموصى بها ذات منفعة محللة مقصودة حتى تكون مالا شرعا]

مسألة: 19 لا بد أن تكون العين الموصى بها ذات منفعة محللة مقصودة حتى تكون مالا شرعا، فلا تصح الوصية بالخمر و الخنزير و آلات اللهو و القمار و لا بالحشرات و كلب الهراش و نحوها. و ان تكون المنفعة الموصى بها محللة مقصودة، فلا تصح الوصية بمنفعة المغنية و آلات اللهو، و كذا منافع القردة و نحوها.

[مسألة: 20 لا تصح الوصية بمال الغير و ان أجاز المالك]

مسألة: 20 لا تصح الوصية بمال الغير و ان أجاز المالك، سواء كان الإيصاء به عن نفسه بأن جعل مال الغير لشخص بعد وفاة نفسه، أو عن الغير بأن جعله لشخص بعد وفاة مالكه.

[مسألة: 21 يشترط في الوصية العهدية أن يكون ما أوصى به عملا سائغا تعلق به أغراض العقلاء]

مسألة: 21 يشترط في الوصية العهدية أن يكون ما أوصى به عملا سائغا تعلق به أغراض العقلاء، فلا تصح الوصية بصرف ماله في معونة الظلام و قطاع الطريق و تعمير الكنائس و نسخ كتب الضلال و نحوها، و كذا الوصية بما يكون صرف المال فيه سفها أو عبثا.

[مسألة: 22 لو أوصى بما هو سائغ عنده اجتهادا أو تقليدا أو غير سائغ عند الوصي]

مسألة: 22 لو أوصى بما هو سائغ عنده اجتهادا أو تقليدا أو غير سائغ عند الوصي- كما إذا أوصى بنقل جنازته مع عروض الفساد عليها الى أحد المشاهد و كان ذلك سائغا عند الموصى- لم يجب بل لم يجز عليه تنفيذها، و لو انعكس الأمر انعكس الأمر.

[مسألة: 23 لو اوصى لغير الولي بمباشرة تجهيزه كتغسيله و الصلاة عليه مع وجود الولي]

مسألة: 23 لو اوصى لغير الولي بمباشرة تجهيزه كتغسيله و الصلاة عليه مع وجود الولي ففي نفوذها و تقديمه على الولي و عدمه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما عن رجحان، و الأحوط ان يكون ذلك بإذن الولي، بأن يستأذن الوصي من الولي

ص: 279

و يأذن الولي للوصي (1).

[مسألة: 24 يشترط في نفوذ الوصية في الجملة أن لا يكون زائدا على الثلث]

مسألة: 24 يشترط في نفوذ الوصية في الجملة أن لا يكون زائدا على الثلث. و تفصيله: ان الوصية ان كانت بواجب مالي كأداء ديونه و أداء ما عليه من الحقوق كالخمس و الزكاة و المظالم و الكفارات تخرج من أصل المال بلغ ما بلغ، بل لو لم يوص بها يخرج من الأصل و ان استوعبت التركة، و يلحق به الواجب المالي المشوب بالبدني كالحج و لو كان منذورا على الأقوى. و ان كانت تمليكية أو عهدية تبرعية- كما إذا أوصى بإطعام الفقراء أو الزيارات أو إقامة التعزية و نحو ذلك- نفذت بمقدار الثلث، و في الزائد يتوقف على إمضاء الورثة و إجازتهم، فان أمضوا صحت و الا بطلت، من غير فرق بين وقوع الوصية في حال الصحة أو في حال المرض.

و كذلك إذا كانت بواجب غير مالي على الأقوى، كما إذا أوصى بالصلاة و الصوم عنه إذا اشتغلت ذمته بهما.

[مسألة: 25 لا فرق فيما ذكر بين ما إذا كانت الوصية بكسر مشاع أو بمال معين أو بمقدار من المال]

مسألة: 25 لا فرق فيما ذكر بين ما إذا كانت الوصية بكسر مشاع أو بمال معين أو بمقدار من المال، فكما انه لو أوصى بثلث ماله نفذت في تمامه، و لو أوصى بالنصف نفذت بمقدار الثلث و بطلت في الزائد و هو السدس بدون اجازة الورثة، كذلك لو أوصى بمال معين فإنه ينسب الى مجموع التركة فإن كان بمقدار ثلث المجموع أو أقل نفذت في تمامه و ان كان أكثر نفذت فيه بمقدار ما يساوي الثلث، و في الزائد يتوقف على إمضاء الورثة، و كذلك الحال لو أوصى بمقدار من المال، كما إذا أوصى بألف دينار مثلا يقوم مجموع التركة و ينسب ما أوصى به الى قيمة المجموع، فتنفذ في تمامه لو كان بمقدار الثلث أو أقل، و في المقدار الذي يساوي ثلث التركة لو كان أزيد و لم يجز الورثة.

[مسألة: 26 لو كانت اجازة الوارث لما زاد على الثلث بعد موت الموصي نفذت بلا اشكال]

مسألة: 26 لو كانت اجازة الوارث لما زاد على الثلث بعد موت الموصي نفذت بلا اشكال ان ردها قبل الموت، و كذا لو أجازها قبل الموت و بقي إجازتها الى ما بعد الموت و أما لو ردها بعد الموت فهل تنفذ الإجازة السابقة و لا أثر للرد بعدها


1- لا يترك الاحتياط فيهما.

ص: 280

أم لا؟ قولان أقواهما الأول.

[مسألة: 27 لو أجاز الوارث بعض الزيادة لإتمامها نفذت بمقدار ما أجاز]

مسألة: 27 لو أجاز الوارث بعض الزيادة لإتمامها نفذت بمقدار ما أجاز، فلو أوصى بثلثي ماله و أجاز الوارث النصف نفذت في هذا المقدار و بطلت في الزائد و هو السدس من ماله.

[مسألة: 28 لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم نفذت الوصية في حق المجيز في الزيادة]

مسألة: 28 لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم نفذت الوصية في حق المجيز في الزيادة و بطلت في حق غيره، فإذا كان للموصي ابن و بنت و أوصى لزيد بنصف ماله قسمت التركة ثمانية عشر و نفذت في ثلثها و هو ستة، و في الزائد- و هو ثلاثة- احتاج الى إمضاء الابن و البنت، فإن أمضيا معا نفذت في تمامها، و ان أمضى الابن دون البنت نفذت في الاثنين و بطلت في واحد فكان للموصى له ثمانية، و ان كان بالعكس كان بالعكس و كان للموصى له سبعة.

[مسألة: 29 لو أوصى بعين معينة أو مقدار كلي من المال كمائة دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث]

مسألة: 29 لو أوصى بعين معينة أو مقدار كلي من المال كمائة دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أزيد بالنسبة إلى أموال الموصي حين الوفاة لا بالنسبة إلى أمواله الموجودة حال الوصية، فلو أوصى لزيد بعين كانت بمقدار نصف أمواله حين الوصية لكن من جهة نقصان قيمتها أو زيادة قيمة غيرها أو تجدد مال آخر له بعد ذلك صارت قيمتها بمقدار الثلث، و لو فرض انها كانت بمقدار الثلث حين الوصية لكن من جهة ارتفاع قيمتها أو نقصان قيمة غيرها أو تلف بعض أمواله صارت بمقدار نصف ما تركه حين الموت نفذت فيها بما يساوي الثلث و بطلت في الزائد لو لم تجز الورثة.

و هذا مما لا اشكال فيه، و انما الإشكال فيما إذا أوصى بكسر مشاع- كما إذا قال ثلث مالي لزيد بعد وفاتي- ثم تجدد له بعد الوصية بعض الأموال و أنه هل تشمل الوصية الزيادات المتجددة بعدها أم لا، سيما إذا لم تكن متوقعة الحصول. لكن الظاهر (1) نظرا الى شاهد الحال أن المراد بالمال المال الذي لو لم يوص بالثلث كان جميعه للورثة و هو ما كان له عند الوفاة. نعم لو كانت قرينة في كلامه تدل على ان المراد


1- الظاهر يختلف باختلاف الموارد، فان ظهر المراد و لو بالقرينة فبها و الا فيكتفى بالأقل لأنه المتيقن و الزائد محكوم بكونه ملكا للورثة.

ص: 281

الأموال الموجودة حال الوصية اقتصر عليها، كما إذا عد أمواله ثم قال ثلث أموالي لزيد بعد وفاتي.

[مسألة: 30 الإجازة من الوارث إمضاء و تنفيذ]

مسألة: 30 الإجازة من الوارث إمضاء و تنفيذ، فلا يكفي مجرد الرضا و طيب النفس من دون قول أو فعل يدلان على التنفيذ و الإمضاء.

[مسألة: 31 لا يعتبر في الإجازة كونها على الفور]

مسألة: 31 لا يعتبر في الإجازة كونها على الفور.

[مسألة: 32 يحسب من التركة ما يملك بالموت كالدية]

مسألة: 32 يحسب من التركة ما يملك بالموت كالدية، بل و كذا ما يملك بعد الموت إذا أوجد الميت سببه قبل الموت، مثل ما يقع في الشبكة التي نصبها الميت في زمان حياته فيخرج منه الدين و وصايا الميت إذا أوصى بالثلث.

[مسألة: 33 للموصي تعيين ثلثه في عين مخصوصة من التركة]

مسألة: 33 للموصي تعيين ثلثه في عين مخصوصة من التركة، و له تفويض التعيين إلى الوصي فيتعين فيما عينه. و مع الإطلاق، كما لو قال ثلث مالي لفلان كان شريكا مع الورثة بالإشاعة، فلا بد أن يكون الافراز و التعيين برضى الجميع كسائر الأموال المشتركة.

[مسألة: 34 انما يحسب الثلث بعد إخراج ما يخرج من الأصل كالدين و الواجبات المالية]

مسألة: 34 انما يحسب الثلث بعد إخراج ما يخرج من الأصل كالدين و الواجبات المالية، فإن بقي بعد ذلك شي ء يخرج ثلثه.

[مسألة: 35 لو أوصى بوصايا متعددة غير متضادة]

مسألة: 35 لو أوصى بوصايا متعددة غير متضادة، فإن كانت من نوع واحد فان كانت الجميع واجبة مالية أو واجبة بدنية كانت الجميع بمنزلة وصية واحدة فتنفذ الجميع (1) من الأصل في الواجب المالي و من الثلث في الواجب البدني، فان و في الثلث بالجميع نفذت في الجميع و كذا ان زادت عليه و أجاز الورثة، و أما لو لم يجيزوا يوزع النقص على الجميع بالنسبة (2)، فلو أوصى بمقدار من الصوم و مقدار


1- ان لم يوص بإخراجها من الثلث أو لم يف بها و بسائر وصاياه.
2- ان لم يكن بينها ترتيب و تقديم و تأخير في الذكر، بأن أوصى بواجباته البدنية مجموعها بوصية واحدة، و اما إذا كان بينها ترتيب- بأن أوصى بالصلاة أولا ثم بالصوم- فيبدأ بالأول ثم الأول حتى يكمل الثلث. نعم في الواجبات المالية ان لم تكف التركة بمجموعها يوزع النقص على المجموع أوصى أم لم يوص إلا في الحج، فإنه يقدم على الواجبات المالية من أقرب ما يمكن ثم يوزع البقية على غيره.

ص: 282

من الصلاة و لم يف الثلث بهما و كانت أجرة الصلاة ضعف أجرة الصوم ينتقص من وصية الصلاة ضعف ما ينتقص من وصية الصوم، كما إذا كانت التركة ثمانية عشر و أوصى بستة لاستئجار الصلاة ثم أوصى بثلاثة لاستئجار الصوم، فإن أجاز الوارث نفذت الوصيتان و ان لم يجز بطلتا بالنسبة إلى ثلاثة و توزعت على الوصيتين بالنسبة، فينتقص عن الوصية الأولى اثنان و عن الثانية واحد، فيصرف في الصلاة أربعة و في الصوم اثنان، و ان كانت الجميع تبرعية فان لم يكن بينها ترتيب بل كانت مجتمعة- كما إذا قال أعطوا زيدا و عمرا و خالدا كلا منهم مائة- كانت بمنزلة وصية واحدة، فإن زادت على الثلث و لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة، و ان كانت بينها ترتيب و تقديم و تأخير في الذكر- بأن كانت الثانية بعد تمامية الوصية الاولى و الثالثة بعد تمامية الثانية و هكذا- كما إذا قال أعطوا زيدا مائة ثم قال أعطوا عمرا مائة ثم قال أعطوا خالدا مائة و كانت المجموع أزيد من الثلث و لم يجز الورثة- يبدأ بالأول فالأول الى ان يكمل الثلث، فإذا كان الثلث مائة نفذت الاولى و لغت الأخيرتان، و ان كان مائتين نفذت الأوليان و لغت الأخيرة، و ان كان مائة و خمسين نفذت الاولى و الثانية في نصف الموصى به و لغت البواقي و هكذا.

[مسألة: 36 لو أوصى بوصايا مختلفة بالنوع- كما إذا أوصى بأن يعطى مقدارا معينا خمسا و زكاة]

مسألة: 36 لو أوصى بوصايا مختلفة بالنوع- كما إذا أوصى بأن يعطى مقدارا معينا خمسا و زكاة و مقدارا صوما و صلاة و مقدارا لإطعام الفقراء- فإن أطلق و لم يذكر المخرج يبدأ بالواجب المالي فيخرج من الأصل، فإذا بقي شي ء يعين ثلثه و يخرج منه البدني و التبرعي، فان و في بهما أو لم يف بهما و أجاز الوارث نفذت في كليهما، و ان لم يف بهما و لم يجز الوارث في الزيادة يقدم الواجب البدني و يرد النقص على التبرعي. و ان ذكر المخرج و أوصى بأن تخرج من الثلث يعين الثلث، فيخرج منه الواجب المالي (1)، فإن بقي منه شي ء يصرف في الواجب البدني، فان


1- بل يخرج منه المقدم ذكرا من الواجبات حتى يكمل الثلث، فإن بقي بعد ذلك واجب مالي أو شي ء منه يخرج من الأصل، و ان بقي واجب بدني لغت الوصية بالنسبة اليه، و كذلك تلغى بالنسبة إلى التبرعي ما لم يؤت بالواجبات. هذا ان كانت الوصايا مرتبة و الا فيلغى التبرعي و يوزع النقص على الجميع و يكمل الواجب المالى من أصل التركة.

ص: 283

بقي شي ء يصرف في التبرعي، حتى انه لو لم يف الثلث الا بالواجبات المالية لغت الوصايا الأخيرة بالمرة الا أن يجيز الورثة.

[مسألة: 37 لو أوصى بوصايا متعددة متضادة- بأن كانت المتأخرة منافية للمتقدمة]

مسألة: 37 لو أوصى بوصايا متعددة متضادة- بأن كانت المتأخرة منافية للمتقدمة- كما لو أوصى بعين شخصية لواحد ثم أوصى بها لآخر، و مثله ما إذا أوصى بثلثه لشخص و قال أعطوا ثلثي لزيد بعد موتى ثم قال أعطوا ثلثي لعمرو بعد موتى كانت اللاحقة عدولا عن السابقة، فيعمل باللاحقة. و لو أوصى بعين شخصي لشخص ثم أوصى بنصفها مثلا لشخص آخر فالظاهر كون الثانية عدولا بالنسبة إلى نصفها لإتمامها، فيبقى النصف الأخر للأول.

[مسألة: 38 متعلق الوصية ان كان كسرا مشاعا من التركة كالثلث أو الربع مثلا ملكه الموصى له بالموت و القبول]

مسألة: 38 متعلق الوصية ان كان كسرا مشاعا من التركة كالثلث أو الربع مثلا ملكه الموصى له بالموت و القبول بناء على اعتباره، و كان له من كل شي ء ثلثه أو ربعه مثلا و شارك الورثة في التركة من حين ما ملكه. هذا في الوصية التمليكية، و أما في الوصية العهدية- كما إذا أوصى بصرف ثلثه أو ربع تركته في العبادات و الزيارات- كان الموصى به فيها باقيا على حكم مال الميت، فهو يشارك الورثة حين ما ملكوا بالإرث، فكان للميت من كل شي ء ثلثه أو ربعه مثلا و الباقي للورثة، و هذه الشركة باقية ما لم يفرز الموصى به عن مال الورثة و لم تقع القسمة بينهم و بين الموصى له، فلو حصل نماء متصل أو منفصل قبل القسمة كان بينهما، و لو تلفت من التركة شي ء كان منهما. و ان كان ما أوصى به مالا معينا يساوي الثلث أو دونه اختص به الموصى له و لا اعتراض فيه للورثة و لا حاجة الى إجازتهم، لما عرفت سابقا ان للموصى تعيين ثلثه فيما شاء من تركته، لكن انما يستقر ملكية الموصى له أو الميت في تمام الموصى به إذا كان يصل الى الوارث ضعف ما أوصى به، فإذا كان له مال حاضر عند الورثة هذا المقدار استقرت ملكية تمام المال المعين، فللموصى له أو الوصي ان يتصرف فيه أنحاء التصرف، و ان كان

ص: 284

ما عدا ما عين للوصية غائبا توقف التصرف فيه على حصول مثلية بيد الورثة (1)، فان لم يحصل بيدهم شي ء منه شاركوا الموصى له في المال المعين أثلاثا ثلث للموصى له و ثلثان للورثة.

[مسألة: 39 يجوز للموصى أن يعين شخصا لتنجيز وصاياه و تنفيذها]

مسألة: 39 يجوز للموصى أن يعين شخصا لتنجيز وصاياه و تنفيذها، فيتعين و يقال له «الموصى اليه» و «الوصي»، و يشترط فيه أمور البلوغ و العقل و الإسلام، فلا تصح وصاية الصغير و لا المجنون و لا الكافر عن المسلم و ان كان ذميا قريبا، و هل يشترط فيه العدالة كما نسب الى المشهور أم يكفي الوثاقة؟ لا يبعد الثاني، و ان كان الأول أحوط.

[مسألة: 40 انما لا تصح وصاية الصغير منفردا، و أما منضما الى الكامل فلا بأس به]

مسألة: 40 انما لا تصح وصاية الصغير منفردا، و أما منضما الى الكامل فلا بأس به، فيستقل الكامل بالتصرف الى زمن بلوغ الصغير و لا ينتظر بلوغه، فإذا بلغ شاركه من حينه و ليس له اعتراض فيما أمضاه الكامل سابقا الا ما كان على خلاف ما أوصى به الميت فيرده الى ما أوصى به، و لو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل كان للكامل الانفراد بالوصاية (2).

[مسألة: 41 لو طرأ الجنون على الوصي بعد موت الموصى بطلت]

مسألة: 41 لو طرأ الجنون على الوصي بعد موت الموصى بطلت وصايته، و لو أفاق بعد ذلك لم تعد (3) و احتاج الى نصب جديد من الحاكم.

[مسألة: 42 لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية]

مسألة: 42 لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية (4) و له ان يردها ما دام


1- أى يتوقف التصرف في تمامه على ما ذكر لكون الغائب في معرض التلف، و أما التصرف في ثلثه فلا مانع منه الا اذن الشركاء فيما يتوقف على إذنهم دون مثل البيع و الصلح و أمثاله.
2- و ان كان الأحوط الاستيذان من الحاكم الشرعي إلا مع العلم بكونه وصيا مستقلا في هذه الصورة.
3- إلا إذا صرح الموصى بوصايته بعد العود.
4- لكن لا ينبغي للولد أن يرد وصية أبيه بل يجب عليه القبول إذا أمر به فيما ينجر رده الى العقوق، و كذا الأم إذا انجر رد وصيتها الى العقوق. و لو رد في حياتهما و أبلغ و لم يقبل حتى ماتا فليس بوصي و ان كان آثما في رده، و الأحوط للموصى إليه عدم الرد إذا لم يتمكن الموصى من نصب غيره و لو بالإشارة.

ص: 285

الموصي حيا بشرط ان يبلغه الرد، فلو كان الرد بعد موت الموصى أو قبله و لكن لم يبلغه الرد حتى مات لم يكن أثر للرد و كانت الوصاية لازمة على الوصي، بل لو لم يبلغه انه قد أوصى اليه و جعله وصيا الا بعد موت الموصى لزمته الوصاية و ليس له ردها.

[مسألة: 43 يجوز للموصى أن يجعل الوصاية لاثنين فما فوق]

مسألة: 43 يجوز للموصى أن يجعل الوصاية لاثنين فما فوق، فان نص (1) على الاستقلال و الانفراد فهو و الا فليس لكل منهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به و لا في بعضه، و ليس لهما ان يقسما الثلث مثلا و ينفرد كل منهما في نصفه، من غير فرق في ذلك بين أن يشترط عليهما الاجتماع أو يطلق، و لو تشاحا و لم يجتمعا أجبرهما الحاكم على الاجتماع، فان تعذر استبدل بهما.

[مسألة: 44 لو مات أحد الوصيين أو طرأ عليه الجنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته استقل الأخر]

مسألة: 44 لو مات أحد الوصيين أو طرأ عليه الجنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته استقل الأخر (2) و لا يحتاج الى ضم شخص آخر من قبل الحاكم. نعم لو ماتا معا احتاج الى النصب من قبله، فهل اللازم نصب اثنين أو يكفي نصب واحد إذا كان كافيا؟ وجهان أحوطهما الأول و أقواهما الثاني.

[مسألة: 45 يجوز أن يوصى الى واحد في شي ء بعينه]

مسألة: 45 يجوز أن يوصى الى واحد في شي ء بعينه و الى آخر في غيره، و لا يشارك أحدهما الأخر.

[مسألة: 46 لو قال «أوصيت الى زيد فان مات فإلى عمرو» صح و يكونان وصيين الا ان وصاية عمرو موقوفة على موت زيد]

مسألة: 46 لو قال «أوصيت الى زيد فان مات فإلى عمرو» صح و يكونان وصيين الا ان وصاية عمرو موقوفة على موت زيد، و كذا لو قال «أوصيت الى زيد فان كبر ابني أو تاب عن فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصيي».

[مسألة: 47 إذا ظهرت خيانة الوصي فللحاكم عزله]

مسألة: 47 إذا ظهرت خيانة الوصي فللحاكم عزله (3) و نصب شخص آخر مكانه أو ضم أمين إليه حسب ما يراه من المصلحة، و أما لو ظهر منه العجز ضم اليه من


1- أو استظهر من كلامه و لو بمعونة القرائن.
2- إذا كان مستقلا قبل طرو ذلك على عدله، و أما في غيره فالأحوط بل الأقوى ضم الحاكم اليه شخصا آخر يعمل معه بالوصية مشتركا.
3- بل لا يبعد انعزاله بنفس الخيانة.

ص: 286

يساعده (1).

[مسألة: 48 إذا لم ينجز الوصي ما أوصى اليه في زمن حياته ليس له أن يجعل وصيا لتنجيزه و إمضائه بعد موته]

مسألة: 48 إذا لم ينجز الوصي ما أوصى اليه في زمن حياته ليس له أن يجعل وصيا لتنجيزه و إمضائه بعد موته إلا إذا كان مأذونا من الموصى في الإيصاء.

[مسألة: 49 الوصي أمين، فلا يضمن ما كان في يده الا مع التعدي أو التفريط]

مسألة: 49 الوصي أمين، فلا يضمن ما كان في يده الا مع التعدي أو التفريط و لو بمخالفة الوصية، فيضمن لو تلف فضلا عما لو أتلف.

[مسألة: 50 لو أوصى اليه بعمل خاص أو قدر مخصوص أو كيفية خاصة اقتصر عليه]

مسألة: 50 لو أوصى اليه بعمل خاص أو قدر مخصوص أو كيفية خاصة اقتصر عليه و لم يتجاوز عنه الى غيره، و أما لو أطلق- بأن قال أنت وصيي- من دون ذكر المتعلق فالأقرب وقوعه لغوا إلا إذا كان هناك عرف خاص و تعارف يدل على المراد فهو المتبع كما في عرف الاعراب و بعض طوائف الاعجام، حيث ان مرادهم بحسب الظاهر الولاية على أداء ما عليه من الديون و استيفاء ماله على الناس ورد الأمانات و البضائع إلى أهلها و أخذها و إخراج ثلثه و صرفه فيما ينفعه و لو بنظر حاكم الشرع من استيجار العبادات و أداء الحقوق و المظالم و نحوها. نعم في شموله بمجرده للقيمومة على الأطفال تأمل و إشكال، فالأحوط ان يكون تصديه لأمورهم بإذن من الحاكم، و لعل المنساق منه في بعض البلاد ما يشملها. و بالجملة بعد ما كان التعارف هو المدار فيختلف باختلاف الأعصار و الأمصار.

[مسألة: 51 ليس للوصي أن يعزل نفسه بعد موت الموصى و لا ان يفوض أمر الوصية إلى غيره]

مسألة: 51 ليس للوصي أن يعزل نفسه بعد موت الموصى و لا ان يفوض أمر الوصية إلى غيره. نعم له التوكيل في إيقاع بعض الأعمال المتعلقة بالوصية مما لم يتعلق الغرض الا بوقوعها من أي مباشر كان، خصوصا إذا كان مما لم تجر العادة على مباشرة أمثال هذا الوصي و لم يشترط عليه المباشرة.

[مسألة: 52 لو نسي الوصي مصرف الوصية صرف الموصى به في وجوه البر]

مسألة: 52 لو نسي الوصي مصرف الوصية صرف الموصى به في وجوه البر (2).


1- إذا احتاج الى المساعدة، و ينصب مكانه إذا عجز رأسا.
2- المحتملة أن تكون مصرفا له لا فيما يقطع بخروجه عنه. هذا في غير المحصورة من المحتملات، و اما في المحصورة فلا بد من التراضي أو التصالح القهري أو القرعة.

ص: 287

[مسألة: 53 إذا أوصى الميت وصية عهدية و لم يعين وصيا أو بطل وصاية من عينه بموت]

مسألة: 53 إذا أوصى الميت وصية عهدية و لم يعين وصيا (1) أو بطل وصاية من عينه بموت أو جنون و غير ذلك تولى الحاكم أمرها أو عين من يتولاه، و لو لم يكن الحاكم و لا منصوبه تولاه من المؤمنين من يوثق به.

[مسألة: 54 يجوز للموصى أن يجعل ناظرا على الوصي]

مسألة: 54 يجوز للموصى أن يجعل ناظرا على الوصي، و وظيفته تابعة لجعل الموصى، فتارة من جهة الاستيثاق على وقوع ما أوصى به على ما أوصى به يجعل الناظر رقيبا على الوصي و ان يكون أعماله باطلاعه حتى انه لو رأى منه خلاف ما قرره الموصى لاعترض عليه، و اخرى من جهة عدم الاطمئنان بانظار الوصي و الاطمئنان التام بانظار الناظر يجعل على الوصي ان يكون أعماله طبق نظر الناظر و لا يعمل الا ما رآه صلاحا، فالوصي و ان كان وليا مستقلا في التصرف لكنه غير مستقل في الرأي و النظر فلا يمض من أعماله الا ما وافق نظر الناظر، فلو استبد الوصي بالعمل على نظره من دون مراجعة الناظر و اطلاعه و كان عمله على طبق ما قرره الموصى فالظاهر صحة عمله و نفوذه على الأول، بخلافه على الثاني. و لعل الغالب المتعارف في جعل الناظر في الوصايا هو النحو الأول.

[مسألة: 55 يجوز للأب مع عدم الجد و للجد للأب مع فقد الأب جعل القيم على الصغار]

مسألة: 55 يجوز للأب مع عدم الجد و للجد للأب مع فقد الأب جعل القيم على الصغار، و معه لا ولاية للحاكم، و ليس لغير الأب و الجد للأب ان ينصب القيم عليهم حتى الأم.

[مسألة: 56 يشترط في القيم على الأطفال ما اشترط في الوصي على المال]

مسألة: 56 يشترط في القيم على الأطفال ما اشترط في الوصي على المال، و القول باعتبار العدالة هنا لا يخلو من قوة، و ان كان الاكتفاء بالأمانة و وجود المصلحة ليس ببعيد.

[مسألة: 57 لو عين الموصى على القيم تولى جهة خاصة و تصرفا مخصوصا اقتصر عليه]

مسألة: 57 لو عين الموصى على القيم تولى جهة خاصة و تصرفا مخصوصا اقتصر عليه و يكون أمره في غيره الى الحاكم أو المنصوب من قبله، فلو جعله قيما بالنسبة إلى حفظ أمواله و ما يتعلق بإنفاقه ليس له الولاية على أمواله بالبيع و الإجارة


1- و لم يوكل إلى الورثة.

ص: 288

و المزارعة و غيرها و على نفسه بالإجارة و نحوها و على ديونه بالوفاء و الاستيفاء، و لو أطلق و قال فلان قيم على أولادي مثلا كان وليا على جميع ما يتعلق بهم مما كان للموصي الولاية عليه، فله الإنفاق عليهم بالمعروف و الإنفاق على من عليهم نفقته كالأبوين الفقيرين (1) و حفظ أموالهم و استنمائها و استيفاء ديونهم و إيفاء ما عليهم كأرش ما أتلفوا من أموال الناس و كفارة القتل (2) دون الدية فإنها في العمد و الخطأ على العاقلة، و كذا إخراج الحقوق المتعلقة بأموالهم كالخمس إذا تعلق بمالهم و غير ذلك. نعم في ولايته على تزويجهم (3) كلام يأتي في محله إن شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 58 يجوز جعل الولاية على الأطفال لاثنين فما زاد بالاستقلال و الاشتراك]

مسألة: 58 يجوز جعل الولاية على الأطفال لاثنين فما زاد بالاستقلال و الاشتراك و جعل الناظر على الوصي كالوصية بالمال.

[مسألة: 59 ينفق الوصي على الصبي من غير إسراف و لا تقتير]

مسألة: 59 ينفق الوصي على الصبي من غير إسراف و لا تقتير، فيطعمه و يلبسه عادة أمثاله و نظرائه، فإن أسرف ضمن الزيادة، و لو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادعى عليه الإسراف فالقول قول الوصي بيمينه، و كذا لو ادعى عليه انه باع ماله من غير حاجة و لا غبطة. نعم لو اختلفا في دفع المال اليه بعد البلوغ فادعاه الوصي و أنكره الصبي قدم قول الصبي و البينة على الوصي.

[مسألة: 60 يجوز للقيم الذي يتولى أمور اليتيم ان يأخذ من ماله أجرة مثل عمله]

مسألة: 60 يجوز للقيم الذي يتولى أمور اليتيم ان يأخذ من ماله أجرة مثل عمله، سواء كان غنيا أو فقيرا، و ان كان الأحوط الأولى للأول التجنب. و اما الوصي على الأموال، فإن عين الموصى مقدار المال الموصى به و طبقه على مصرفه المعين المقدر بحيث لم يبق شيئا لأجرة الوصي و استلزم أخذ الأجرة اما الزيادة عن المال الموصى به أو النقصان في مقدار المصرف- كما إذا أوصى بأن يصرف ثلثه أو عينا معينا من تركته أو مقدارا من المال كألف درهم في استيجار عشرين سنة عبادة كل


1- لعل المقصود من الأب هنا أب الام.
2- ان قلنا بلزومه عليه.
3- الأحوط لغير الأب و الجد عدم تزويج الصغير و الصغيرة إلا مع الضرورة.

ص: 289

سنة كذا مقدارا و إطعام خمسين فقيرا بخمسين درهما و قد ساوى المال مع المصرف بحيث لو أراد أن يأخذ شيئا لنفسه لزم أحد الأمرين المذكورين- لم يجز له أن يأخذ الأجرة لنفسه، حيث أن مرجع هذه الوصية إلى الإيصاء إليه بأن يتولى أمور الوصية تبرعا و بلا أجرة، فهو كما لو نص على ذلك و الوصي قد قبل الوصاية على هذا النحو فلم يستحق شيئا. و ان عين المال و المصرف على نحو قابل للزيادة و النقصان كان حاله حال متولي الوقف في انه لو لم يعين له جعلا معينا جاز له أن يأخذ أجرة مثل عمله، و ذلك كما إذا أوصى بأن يصرف ثلثه أو مقدارا معينا من المال في بناء القناطر و تسوية المعابر و تعمير المساجد، و كذا لو أوصى بأن يعمر المسجد الفلاني من ماله أو من ثلثه.

[مسألة: 61 الوصية جائزة من طرف الموصى]

مسألة: 61 الوصية جائزة من طرف الموصى، فله ان يرجع عن وصيته ما دام فيه الروح و تبديلها من أصلها أو من بعض جهاتها و كيفياتها و متعلقاتها، فله تبديل الموصى به كلا أو بعضا و تغيير الوصي و الموصى له و غير ذلك، و لو رجع عن بعض الجهات يبقى غيرها بحالها، فلو أوصى بصرف ثلثه في مصارف مخصوصة و جعل الوصاية لزيد ثم بعد ذلك عدل عن وصاية زيد و جعل الوصاية لعمرو تبقى أصل الوصية بحالها، و كذلك إذا أوصى بصرف ثلثه في مصارف معينة على يد زيد ثم بعد ذلك عدل عن تلك المصارف و عين مصارف أخر و هكذا. و كما له الرجوع في الوصية المتعلقة بالمال كذلك له الرجوع في الوصية بالولاية على الأطفال.

[مسألة: 62 يتحقق الرجوع على الوصية بالقول]

مسألة: 62 يتحقق الرجوع على الوصية بالقول، و هو كل لفظ دال عليه بحسب متفاهم العرف بأي لغة كان، نحو «رجعت عن وصيتي أو أبطلتها أو عدلت عنها أو نقضتها» و نحوها، و بالفعل و هو اما بإعدام موضوعها كإتلاف الموصى به، و كذا نقله الى الغير بعقد لازم كالبيع أو جائز كالهبة مع القبض، و اما بما يعد عند العرف رجوعا و ان بقي الموصى به بحاله و في ملكه، كما إذا و كل شخصا على بيعه أو وهبه و لم يقبضه بعد.

ص: 290

[مسألة: 63 الوصية بعد ما وقعت تبقى على حالها و يعمل بها ما لم يرجع الموصي]

مسألة: 63 الوصية بعد ما وقعت تبقى على حالها و يعمل بها ما لم يرجع الموصي و ان طالت المدة، و لو شك في الرجوع- و لو للشك في كون لفظ أو فعل رجوعا- يحكم ببقائها و عدم الرجوع، لكنه فيما إذا كانت الوصية مطلقة بأن كان مقصود الموصى وقوع مضمون الوصية و العمل بها بعد موته في أي زمان قضى اللّٰه عليه، فلو كانت مقيدة بموته في سفر كذا أو عن مرض كذا و لم يتفق موته في ذلك السفر أو عن ذاك المرض بطلت تلك الوصية و احتاج الى وصية جديدة. و لا ريب ان الغالب في الوصايا و لا سيما ما تقع عند المسافرة إلى البلاد البعيدة بالطرق غير المأمونة كسفر الحج و نحوه و في حال الأمراض الشديدة و أمثال ذلك قصر نظر الموصي إلى موته في ذلك السفر و في ذلك المرض، و قد يصرح بذلك، و قد يشهد بذلك ظاهر حاله، بحيث لو سئل عنه إذا رجعت عن هذا السفر سالما أو طبت عن هذا المرض إن شاء اللّٰه تعالى و بقيت مدة مديدة هل نعمل بهذه الوصية أم لا، لقال لا لا بد لي من نظر جديد أو وصية أخرى. و حينئذ يشكل العمل بالوصايا الصادرة عند الاسفار و في حال الأمراض بمجرد عدم رجوع الموصى و عدم نسخها بوصية أخرى، خصوصا مع طول المدة (1) إلا إذا علم بالقرائن و ظهر من حاله ان عدم الإيصاء الجديد منه انما هو لأجل الاعتماد على الوصية السابقة، كما إذا شوهد منه المحافظة على ورقة الوصية و تكرر منه ذكرها عند الناس و اشهادهم بها.

[مسألة: 64 لا تثبت الوصية للولاية، سواء كانت على المال أو على الأطفال إلا بشهادة عدلين من الرجال]

مسألة: 64 لا تثبت الوصية للولاية، سواء كانت على المال أو على الأطفال إلا بشهادة عدلين من الرجال، و لا تقبل فيها شهادة النساء لا منفردات و لا منضمات بالرجال. و أما الوصية بالمال فهي كسائر الدعاوي المالية تثبت بشهادة رجلين عدلين و شاهد و يمين و شهادة رجل و امرأتين، و تمتاز من بين الدعاوي المالية بأمرين:


1- بل يستصحب بقاء الوصية السابقة ما لم يعلم أو لم يستظهر و لو بالقرائن تقيدها بموته في هذا السفر و لم يعلم رجوعه عنها.

ص: 291

أحدهما- انها تثبت بشهادة النساء منفردات (1) و ان لم تكمل أربع و لم تنضم اليمين، فتثبت ربع الوصية بواحدة و نصفها باثنتين و ثلاثة أرباعها بثلاث و تمامها بأربع.

ثانيهما- انها تثبت بشهادة رجلين ذميين عدلين في دينهما عند الضرورة و عدم عدول المسلمين، و لا تقبل شهادة غير أهل الذمة من الكفار.

[مسألة: 65 إذا كانت الورثة كبارا أو أقروا كلهم بالوصية بالثلث و ما دونه لوارث]

مسألة: 65 إذا كانت الورثة كبارا أو أقروا كلهم بالوصية بالثلث و ما دونه لوارث أو أجنبي أو بأن يصرف على الفقراء مثلا تثبت في تمام الموصى به و يلزمون بالعمل بها أخذا بإقرارهم و لا يحتاج الى بينة، و إذا أقر بها بعضهم دون بعض: فان كان المقر اثنين عادلين ثبتت أيضا في التمام لكونه إقرارا بالنسبة إلى المقر و شهادة بالنسبة إلى غيره فلا يحتاج الى بينة اخرى، و الا ثبتت بالنسبة إلى حصة المقر خاصة أخذا بإقراره، و أما بالنسبة إلى حصة الباقين يحتاج إلى البينة. نعم لو كان المقر عدلا واحدا و كانت الوصية بالمال لشخص أو أشخاص كفى ضم يمين المقر له مع إقرار المقر في ثبوت التمام، بل لو كان المقر امرأة ثبتت في ربع حصة الباقين ان كانت واحدة و في نصفها ان كانت اثنتين و في ثلاثة أرباعها ان كانت ثلاثا و في تمامها ان كانت أربع. و بالجملة بعد ما كان المقر من الورثة شاهدا بالنسبة إلى حصة الباقي كان كالشاهد الأجنبي، فيثبت به ما يثبت به.

[مسألة: 66 إذا أقر الوارث بأصل الوصية كان كالأجنبي]

مسألة: 66 إذا أقر الوارث بأصل الوصية كان كالأجنبي، فليس له إنكار وصاية من يدعي الوصاية، و لا يسمع منه هذا الإنكار كغيره. نعم لو كانت الوصية متعلقة بالقصر أو العناوين العامة كالفقراء أو وجوه القرب كالمساجد و المشاهد أو الميت نفسه كاستيجار العبادات و الزيارات له و نحو ذلك كان لكل من يعلم بكذب من يدعي الوصاية خصوصا إذا رأى منه الخيانة الإنكار عليه و الترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة، لكن الوارث و الأجنبي في ذلك سيان. نعم فيما إذا تعلقت بأمور الميت لا يبعد أولوية الوارث من غيره و اختصاص حق الدعوى به مقدما على غيره.


1- بشرط عدالتهن.

ص: 292

[مسألة: 67 إذا تصرف الإنسان في مرض موته، فان كان معلقا على موته كما إذا قال أعطوا فلانا بعد موتي كذا]

مسألة: 67 إذا تصرف الإنسان في مرض موته، فان كان معلقا على موته- كما إذا قال أعطوا فلانا بعد موتي كذا أو هذا المال المعين أو ثلث مالي أو ربعه أو نصفه مثلا لفلان بعد موتي و نحو ذلك- فهو وصية، و قد عرفت أنها نافذة مع اجتماع الشرائط ما لم تزد على الثلث، و في الزائد موقوف على اجازة الورثة كالواقعة في مرض آخر غير مرض الموت أو في حال الصحة. و ان كان منجزا- بمعنى كونه غير معلق على الموت و ان كان معلقا على أمر آخر- فان لم يكن مشتملا على المجانية و المحاباة كبيع شي ء بثمن المثل و اجارة عين بأجرة المثل فهو نافذ بلا اشكال، و ان كان مشتملا على المحاباة- بأن لم يصل ما يساوي ماله اليه سواء كان مجانا محضا كالوقف و العتق و الإبراء و الهبة غير المعوضة أم لا كالبيع بأقل من ثمن المثل و الإجارة بأقل من أجرة المثل و الهبة المعوضة بما دون القيمة و غير ذلك- ففي نفوذه مطلقا أو كونه مثل الوصية في توقف ما زاد على الثلث على إمضاء الورثة؟ قولان معروفان، أقواهما الأول كما مر في كتاب الحجر.

[مسألة: 68 إذا جمع في مرض الموت بين عطية منجزة و معلقة بالموت]

مسألة: 68 إذا جمع في مرض الموت بين عطية منجزة و معلقة بالموت، فان وفى الثلث بهما لا إشكال في نفوذهما في تمام ما تعلقتا به، و ان لم يف بهما فعلى المختار من إخراج المنجزة من الأصل يبدأ بها، فتخرج من الأصل و تخرج المعلقة من ثلث ما بقي، و اما على القول الأخر فإن أمضى الورثة تنفذان معا و ان لم يمضوا تخرجان معا من الثلث، و يبدأ أولا بالمنجزة فإن بقي شي ء يصرف في المعلقة.

الجزء الثالث

اشارة

ص: 2

ص: 3

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[كتاب الأيمان و النّذور]

اشارة

كتاب الأيمان و النّذور

[القول في اليمين]

اشارة

القول في اليمين:

و يطلق عليه الحلف و القسم، و هو على ثلاثة أقسام:

الأول: ما يقع تأكيدا و تحقيقا للاخبار عما وقع في الماضي أو عن الواقع في الحال (1)، كما يقال «و اللّٰه جاء زيد بالأمس» أو «هذا المال لي».

الثاني: يمين المناشدة، و هو ما يقرن به الطلب و السؤال يقصد به حث المسئول على إنجاح المقصود، كقول السائل «أسألك باللّه أن تعطيني كذا». و يقال للقائل «الحالف» و «المقسم» و للمسؤول «المحلوف عليه» و «المقسم عليه».

و الأدعية المأثورة و غيرها مشحونة بهذا القسم من القسم.

الثالث: يمين العقد، و هو ما يقع تأكيدا أو تحقيقا لما بنى عليه و التزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل، كقوله «و اللّٰه لأصومن أو لأتركن شرب الدخان» مثلا.

لا إشكال في انه لا ينعقد القسم الأول و لا يترتب عليه شي ء سوى الإثم فيما لو


1- أو عما يقع في الاستقبال من غير التزام بإيقاعه.

ص: 4

كان كاذبا في اخباره عن عمد، و هي المسماة بيمين الغموس (1) التي في بعض الاخبار عدت من الكبائر، و في بعضها انها تدع الديار بلاقع، و قد قيل انها سميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار. و كذا لا ينعقد القسم الثاني و لا يترتب عليه شي ء من إثم أو كفارة لا على الحالف في إحلافه و لا على المحلوف عليه في حنثه و عدم إنجاح مسئوله.

و اما القسم الثالث فهو الذي ينعقد عند اجتماع الشرائط الآتية، و يجب بره و الوفاء به، و يحرم حنثه و يترتب على حنثه الكفارة.

[مسألة: 1 لا ينعقد اليمين الا باللفظ أو ما يقوم مقامه كاشارة الأخرس]

مسألة: 1 لا ينعقد اليمين الا باللفظ أو ما يقوم مقامه كاشارة الأخرس، و في انعقاده بالكتابة إشكال (2)، و الظاهر انه لا يعتبر فيه العربية، خصوصا في متعلقاته.

[مسألة: 2 لا ينعقد اليمين إلا إذا كان المقسم به هو «اللّٰه» جل شأنه]

مسألة: 2 لا ينعقد اليمين إلا إذا كان المقسم به هو «اللّٰه» جل شأنه، أعني ذاته المقدسة: اما بذكر اسمه العلمي المختص به كلفظ الجلالة و يلحق به ما لا يطلق على غيره كالرحمن، أو بذكر الأوصاف و الأفعال المختصة به التي لا يشاركه فيها غيره كقوله و مقلب القلوب و الابصار و الذي نفسي بيده و الذي فلق الحبة و بري ء النسمة و أشباه ذلك، أو بذكر الأوصاف و الأفعال المشتركة التي تطلق في حقه تعالى و في حق غيره، لكن الغالب إطلاقها في حقه بحيث ينصرف إطلاقها إليه كقوله و الرب و الخالق و البارئ و الرازق و الرحيم. و لا ينعقد بما لا ينصرف إطلاقه إليه كالموجود و الحي و السميع و البصير و القادر و ان نوى بها الحلف بذاته المقدسة على اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 3 المعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحلف باللّه تعالى لا بغيره]

مسألة: 3 المعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحلف باللّه تعالى لا بغيره، فكل ما صدق عرفا انه قد حلف به تعالى انعقد اليمين به. و الظاهر صدق ذلك بأن


1- كما في اللغة، و في الرواية «الغموس التي توجب النار الرجل يحلف على حق امرئ مسلم ما حبس ماله»، و في أخرى «يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حبس ماله»، و لا منافاة حيث ان الغموس هو الأمر الشديد و كلا الحلفين كذلك.
2- للقادر على التكلم، و أما العاجز فلا يترك الاحتياط بالبر و الكفارة مع الحنث.

ص: 5

يقول و حق اللّٰه و بجلال اللّٰه و عظمة اللّٰه و كبرياء اللّٰه، بل و بقوله و قدرة اللّٰه (1) و علم اللّٰه و لعمر اللّٰه.

[مسألة: 4 لا يعتبر في انعقاده ان يكون إنشاء القسم بحروفه]

مسألة: 4 لا يعتبر في انعقاده ان يكون إنشاء القسم بحروفه، بأن يقول و اللّٰه أو باللّه أو تاللّه لأفعلن، بل لو أنشأه بصيغتي القسم و الحلف كقوله أقسمت باللّه أو حلفت باللّه انعقد أيضا. نعم لا يكفي لفظي أقسمت و حلفت بدون لفظ الجلالة أو ما هو بمنزلته.

[مسألة: 5 لا ينعقد اليمين بالحلف بالنبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام]

مسألة: 5 لا ينعقد اليمين بالحلف بالنبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام و سائر النفوس المقدسة المعظمة و لا بالقرآن الشريف و لا بالكعبة المشرفة و سائر الأمكنة الشريفة المحترمة.

[مسألة: 6 لا ينعقد اليمين بالطلاق و العتاق، بأن يقول زوجتي طالق و عبدي حر ان فعلت كذا]

مسألة: 6 لا ينعقد اليمين بالطلاق و العتاق، بأن يقول زوجتي طالق و عبدي حر ان فعلت كذا أو ان لم افعل كذا، فلا يؤثر مثل هذا اليمين لا في حصول الطلاق و العتاق بالحنث و لا في ترتب إثم أو كفارة عليه، و كذا اليمين بالبراءة من اللّٰه أو من رسوله صلى اللّٰه عليه و آله أو من دينه أو من الأئمة، بأن يقول مثلا برئت من اللّٰه أو من دين الإسلام ان فعلت كذا أو ان لم أفعل كذا، فلا يؤثر في ترتب الإثم أو الكفارة على حنثه. نعم هذا اليمين بنفسه حرام و يأثم حالفه، من غير فرق بين الصدق و الكذب و الحنث و عدمه، ففي خبر يونس بن ظبيان عن الصادق عليه السلام انه قال: يا يونس لا تحلف بالبراءة منا، فان من حلف بالبراءة منا صادقا أو كاذبا بري ء منا. و في خبر آخر عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه سمع رجلا يقول انا بري ء من دين محمد، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: ويلك إذا برئت من دين محمد فعلى دين من تكون.

قال: فما كلمه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله حتى مات. بل الأحوط تكفير الحالف بإطعام عشرة مساكين (2) لكل مسكين مد و يستغفر اللّٰه تعالى شأنه. و مثل اليمين بالبراءة (3)


1- على الأحوط في العلم و القدرة.
2- بالحنث و ينبغي مراعاة هذا الاحتياط لكن لا يجب.
3- في عدم الانعقاد، و أما في الإثم و الكفارة فعلى الأحوط.

ص: 6

ان يقول ان لم يفعل كذا أو لم يترك كذا فهو يهودي أو نصراني مثلا.

[مسألة: 7 لو علق اليمين على مشية اللّٰه- بأن قال و اللّٰه لأفعلن كذا ان شاء اللّٰه]

مسألة: 7 لو علق اليمين على مشية اللّٰه- بأن قال و اللّٰه لأفعلن كذا ان شاء اللّٰه- و كان المقصود التعليق على مشيته تعالى لا مجرد التبرك بهذه الكلمة لم تنعقد إلا إذا كان المحلوف عليه فعل واجب (1) أو ترك حرام، بخلاف ما إذا علق على مشية غيره- بأن قال و اللّٰه لأفعلن كذا ان شاء زيد مثلا- فإنه تنعقد على تقدير مشيته، فان قال زيد أنا شئت ان تفعل كذا انعقدت و تحقق الحنث بتركه، و ان قال لم أشأ لم تنعقد، و كذا لو لم يعلم انه شاء أو لم يشأ، و كذلك الحال لو علق على شي ء آخر غير المشية، فإنه تنعقد على تقدير حصول المعلق عليه، فيحنث لو لم يأت بالمحلوف عليه على ذلك التقدير.

[مسألة: 8 يعتبر في الحالف البلوغ و العقل و الاختيار و القصد]

مسألة: 8 يعتبر في الحالف البلوغ و العقل و الاختيار و القصد، فلا تنعقد يمين الصغير و المجنون مطبقا أو أدوارا و لا المكره و لا السكران، بل و لا الغضبان في شدة الغضب السالب للقصد.

[مسألة: 9 لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، و لا يمين الزوجة مع منع الزوج]

مسألة: 9 لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، و لا يمين الزوجة مع منع الزوج، و لا يمين المملوك مع منع المالك الا ان يكون المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام. و لو حلف أحد الثلاثة في غير ذلك كان للأب أو الزوج أو المالك حل اليمين و ارتفع أثرها، فلو حنث لا كفارة عليه. و هل يشترط إذنهم و رضاهم في انعقاد يمينهم حتى انه لو لم يطلعوا على حلفهم أو لم يحلوا مع علمهم لم تنعقد من أصلها أو لا بل كان منعهم مانعا عن انعقادها و حلهم رافعا لاستمرارها فصحت و انعقدت في الصورتين المزبورتين؟ قولان أحوطهما ثانيهما، بل لا يخلو من قوة (2).

[مسألة: 10 لا إشكال في انعقاد اليمين إذا تعلقت بفعل واجب أو مستحب أو بترك حرام أو مكروه]

مسألة: 10 لا إشكال في انعقاد اليمين إذا تعلقت بفعل واجب أو مستحب أو بترك حرام أو مكروه، و في عدم انعقادها إذا تعلقت بترك واجب أو مستحب أو بفعل


1- على الأحوط الأولى فيهما.
2- بل الأقوى هو الأول و ان كان الثاني هو الأحوط.

ص: 7

حرام أو مكروه. و اما المباح المتساوي الطرفين في الدين و في نظر الشرع، فان ترجح فعله على تركه بحسب المنافع و الأغراض العقلائية الدنيوية أو العكس فلا إشكال في انعقادها إذا تعلقت بطرفه الراجح و عدم انعقادها إذا تعلقت بطرفه المرجوح، و اما إذا ساوى طرفاه بحسب الدنيا أيضا فهل تنعقد إذا تعلقت به فعلا أو تركا؟ قولان أشهرهما و أحوطهما أولهما، و لا يخلو من قوة.

[مسألة: 11 فكما لا تنعقد اليمين على ما كان مرجوحا تنحل إذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحا]

مسألة: 11 فكما لا تنعقد اليمين على ما كان مرجوحا تنحل إذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحا، و لو عاد الى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها على الأقوى (1).

[مسألة: 12 إنما تنعقد اليمين على المقدور دون غيره]

مسألة: 12 إنما تنعقد اليمين على المقدور دون غيره، و لو كان مقدورا ثم طرأ العجز عنه (2) بعد اليمين انحلت اليمين، و يلحق بالعجز العسر و الحرج الرافعان للتكليف.

[مسألة: 13 إذا انعقدت اليمين وجب عليه الوفاء بها و حرمت عليه مخالفتها و وجبت الكفارة بحنثها]

مسألة: 13 إذا انعقدت اليمين وجب عليه الوفاء بها و حرمت عليه مخالفتها و وجبت الكفارة بحنثها، و الحنث الموجب للكفارة هي المخالفة عمدا، فلو كانت جهلا (3) أو نسيانا أو اضطرارا أو إكراها فلا حنث و لا كفارة.

[مسألة: 14 إذا كان متعلق اليمين الفعل كالصلاة و الصوم]

مسألة: 14 إذا كان متعلق اليمين الفعل كالصلاة و الصوم، فان عين له وقتا تعين و كان الوفاء بها بالإتيان به في وقته و حنثها بعدم الإتيان به في وقته، و ان أتى به في وقت آخر و ان أطلق كان الوفاء بها بإيجاده في أي وقت كان و لو مرة و حنثها بتركه بالمرة. و لا يجب التكرار و لا الفور و البدار، و يجوز له التأخير و لو بالاختيار الى أن يظن الفوت لظن طرو العجز أو عروض الموت. و ان كان متعلقها الترك- كما إذا حلف ان لا يأكل الثوم أو لا يشرب الدخان- فان قيده بزمان كان حنثها بإيجاده و لو مرة في ذلك الزمان، و ان أطلق كان مقتضاه التأبيد مدة العمر، فلو أتى به مدته و لو مرة في أي زمان كان تحقق الحنث.


1- و مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بعد العود الى الرجحان.
2- بالمرة غير مستند اليه و لو بالمسامحة في إتيانه عند ظن طرو العجز.
3- بالموضوع.

ص: 8

[مسألة: 15 إذا كان المحلوف عليه الإتيان بعمل كصوم يوم- سواء كان مقيدا بزمان]

مسألة: 15 إذا كان المحلوف عليه الإتيان بعمل كصوم يوم- سواء كان مقيدا بزمان كصوم يوم من شعبان أو مطلقا من حيث الزمان- لم يكن له الاحنث واحد، فلا تتكرر فيه الكفارة، إذ مع الإتيان به في الوقت المعين أو مدة العمر و لو مرة لا مخالفة و لا حنث، و مع تركه بالمرة تحقق الحنث الموجب للكفارة. و كذلك إذا كان ترك عمل على الإطلاق، سواء كان مقيدا بزمان كما إذا حلف على ترك شرب الدخان في يوم الجمعة أو غير مقيد به كما إذا حلف على تركه مطلقا، لان الوفاء بهذا اليمين انما هو بترك ذلك العمل بالمرة و حنثها بإيقاعه و لو مرة، فلو أتى به حنث و انحلت اليمين، فلو أتى به مرارا لم يحنث إلا بالمرة الاولى فلا تتكرر الكفارة.

و هذا مما لا اشكال فيه، انما الإشكال في مثل ما إذا حلف على أن يصوم كل خميس أو حلف على أن لا يأكل الثوم في كل جمعة مثلا، فهل يتكرر الحنث و الكفارة إذا ترك الصوم في أكثر من يوم أو أكل الثوم في أكثر من جمعة واحدة أم لا بل تنحل اليمين بالمخالفة الاولى فلا حنث بعدها؟ قولان أحوطهما الأول (1) و أشهرهما الثاني.

[مسألة: 16 كفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم]

مسألة: 16 كفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، و سيجي ء تفصيلها و ما يتعلق بها من الاحكام في كتاب الكفارات إن شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 17 الأيمان الصادقة كلها مكروهة، سواء كانت على الماضي أو المستقبل]

مسألة: 17 الأيمان الصادقة كلها مكروهة، سواء كانت على الماضي أو المستقبل، و تتأكد الكراهة في الأول. ففي خبر الخزاز عن مولانا الصادق عليه السلام:

لا تحلفوا باللّه صادقين و لا كاذبين، فإنه يقول عز و جل وَ لٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ.

و في خبر ابن سنان عنه عليه السلام: اجتمع الحواريون الى عيسى على نبينا و آله و عليه السلام فقالوا: يا معلم الخير أرشدنا. فقال لهم: ان موسى نبي الهّٰع أمركم ان لا تحلفوا باللّه كاذبين، و انا آمركم ان لا تحلفوا باللّه كاذبين و لا صادقين.


1- بل الأقوى حيث ان ظاهر كل خميس الاستغراق، و معه ينحل اليمين الى الايمان.

ص: 9

نعم لو قصد بها رفع مظلمة عن نفسه أو عن غيره من إخوانه جاز بلا كراهة و لو كذبا. ففي خبر زرارة عن الباقر عليه السلام: انا نمر بالمال على العشارين فيطلبون منا ان نحلف لهم و يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك؟ فقال: احلف لهم فهو أحلى من التمر و الزبد.

بل ربما يجب اليمين الكاذبة لدفع ظالم عن نفسه أو عرضه أو عن نفس مؤمن أو عرضه، لكن إذا كان ملتفتا إلى التورية و يحسنها فالأحوط لو لم يكن الأقوى ان يوري، بأن يقصد باللفظ خلاف ظاهره من دون قرينة مفهمة.

[مسألة: 18 الأقوى انه يجوز الحلف بغير اللّٰه في الماضي و المستقبل]

مسألة: 18 الأقوى انه يجوز الحلف بغير اللّٰه في الماضي و المستقبل و ان لم يترتب على مخالفتها اثم و لا كفارة، كما أنه ليس قسما فاصلا في الدعاوي و المرافعات.

[القول في النذر و العهد]

اشارة

القول في النذر و العهد:

[مسألة: 1 النذر- و هو الالتزام بعمل للّٰه تعالى على نحو مخصوص]

مسألة: 1 النذر- و هو الالتزام بعمل للّٰه تعالى على نحو مخصوص- لا ينعقد بمجرد النية، بل لا بد من الصيغة، و هي ما كانت مفادها إنشاء الالتزام بفعل أو ترك للّٰه تعالى، كأن يقول «للّٰه على أن أصوم أو أن اترك شرب الخمر» مثلا. و هل يعتبر في الصيغة قول «للّٰه» بالخصوص أو يجزي غير هذه اللفظة من أسمائه المختصة كما تقدم في اليمين؟ الظاهر هو الثاني، فكل ما دل على الالتزام بعمل للّٰه جل شأنه يكفي في الانعقاد، بل لا يبعد انعقاده بما يرادف القول المزبور من كل لغة، خصوصا لمن لم يحسن العربية. نعم لو اقتصر على قوله «علي كذا» لم ينعقد النذر و ان نوى في ضميره معنى للّٰه، و لو قال «نذرت للّٰه ان أصوم» مثلا أو «للّٰه علي نذر صوم يوم» مثلا لم ينعقد على اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 2 يشترط في الناذر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و انتفاء الحجر في متعلق النذر]

مسألة: 2 يشترط في الناذر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و انتفاء الحجر في متعلق النذر، فلا ينعقد نذر الصبي و ان كان مميزا و بلغ عشرا، و لا المجنون و لو

ص: 10

أدواريا حال دوره، و لا المكروه و لا السكران، بل و لا الغضبان غضبا رافعا للقصد، و كذا السفيه ان كان المنذور ما لا و لو: في ذمته، و المفلس ان كان المنذور من المال الذي حجر عليه و تعلق به حق الغرماء.

[مسألة: 3 لا يصح نذر الزوجة مع منع الزوج]

مسألة: 3 لا يصح نذر الزوجة مع منع الزوج (1)، و لو نذرت بدون اذنه كان له حله كاليمين، و ان كان متعلقا بمالها و لم يكن العمل به مانعا عن الاستمتاع بها، و لو أذن لها في النذر فنذرت عن اذنه انعقد و ليس له بعد ذلك حله و لا المنع عن الوفاء به. و هل يشترط انعقاد نذر الولد بإذن الوالد فلا ينعقد بدونه أو ينعقد و له حله (2) أو لا يشترط بالاذن و لا له حله؟ فيه خلاف و اشكال، و الأحوط أن يكون باذنه ثم بعد ذلك لزم و ليس له حله و لا منعه عن الوفاء به.

[مسألة: 4 النذر: اما نذر بر، و يقال له «نذر المجازاة»، و هو ما علق على أمر]

مسألة: 4 النذر: اما نذر بر، و يقال له «نذر المجازاة»، و هو ما علق على أمر اما شكرا لنعمة دنيوية أو أخروية، كأن يقول ان رزقت ولدا أو ان وفقت لزيارة بيت اللّٰه فلله علي كذا، و اما استدفاعا لبلية، كأن يقول ان شفى اللّٰه مريضي فلله علي كذا. و اما نذر زجر، و هو ما علق على فعل حرام أو مكروه زجرا للنفس عن ارتكابهما مثل أن يقول ان تعمدت الكذب أو بلت في الماء فلله علي كذا، أو على ترك واجب أو مستحب زجرا لها عن تركهما، مثل أن يقول ان تركت فريضة أو نافلة الليل فلله علي كذا. و اما نذر تبرع، و هو ما كان مطلقا و لم يعلق على شي ء، كأن يقول للّٰه على أن أصوم غدا. لا اشكال و لا خلاف في انعقاد الأولين، و في انعقاد الأخير قولان، أقواهما الانعقاد.

[مسألة: 5 يشترط في متعلق النذر- سواء كان معلقا و مشروطا شكرا أو زجرا أو كان تبرعا]

مسألة: 5 يشترط في متعلق النذر- سواء كان معلقا و مشروطا شكرا أو زجرا أو كان تبرعا- ان يكون مقدورا للناذر، و ان يكون طاعة للّٰه تعالى صلاة أو صوما أو حجا أو صدقة أو عتقا و نحوها مما يعتبر في صحتها القربة أو أمرا ندب اليه


1- بل لا يصح بدون اذنه.
2- هذا هو الأقوى، بأن ينهى عن المنذور لا بما هو منذور، فيصير مرجوحا في غير فعل الواجب و ترك الحرام و ينحل النذر.

ص: 11

الشرع، و يصح التقرب به كزيارة المؤمنين و تشييع الجنائز و عيادة المرضى و غيرها، فينعقد في كل واجب أو مندوب و لو كفائيا كتجهيز الموتى إذا تعلق بفعله و في كل حرام أو مكروه إذا تعلق بتركه. و اما المباح- كما إذا نذر أكل طعام أو تركه- فان قصد به معنى راجحا كما لو قصد بأكله التقوي على العبادة أو بتركه منع النفس عن الشهوة فلا إشكال في انعقاده، كما لا إشكال في عدم الانعقاد فيما إذا صار متعلق النذر فعلا أو تركا بسبب اقترانه ببعض العوارض مرجوحا و لو دنيويا، و أما إذا لم يقصد به معنى راجحا و لم يطرأ عليه ما يوجب رجحانه أو مرجوحيته فالظاهر عدم انعقاد النذر به.

[مسألة: 6 قد عرفت ان النذر اما معلق على أمر أو غير معلق]

مسألة: 6 قد عرفت ان النذر اما معلق على أمر أو غير معلق، و الأول على قسمين نذر شكر و نذر زجر، فليعلم ان المعلق عليه في نذر الشكر اما من فعل الناذر أو من فعل غيره أو من فعل اللّٰه تعالى، و لا بد في الجميع من أن يكون امرا صالحا لان يشكر عليه حتى يقع المنذور مجازاة له، فان كان من فعل الناذر فلا بد أن يكون طاعة للّٰه تعالى من فعل واجب أو مندوب أو ترك حرام أو مكروه، فيلتزم بالمنذور شكرا له تعالى حيث انه وفقه عليها، مثل أن يقول «ان حججت في هذه السنة أو زرت زيارة عرفة أو ان تركت الكبائر أو المكروه الفلاني في شهر رمضان فلله على أن أصوم شهرا»، فلو علق النذر شكرا على ترك واجب أو مندوب أو فعل حرام أو مكروه لم ينعقد و ان كان من فعل غيره، فلا بد أن يكون مما فيه منفعة دينية أو دنيوية للناذر صالحة لأن يشكر عليها شرعا أو عرفا، مثل ان يقول «ان أقبل الناس على الطاعات فلله علي كذا» أو يقول «ان قدم مسافري أو لم يقدم عدوي و الذي يؤذيني فلله علي كذا».

فان كان على عكس ذلك مثل ان يقول «ان تجاهر الناس على المعاصي أو شاع بينهم المنكرات فلله على صوم شهر» مثلا لم ينعقد، و ان كان من فعله تعالى لزم ان يكون امرا يسوغ تمنيه و يحسن طلبه منه تعالى كشفاء مريض أو إهلاك عدو ديني أو أمن في البلاد أو سعة على العباد و نحو ذلك، فلا ينعقد ان كان على عكس ذلك، كما إذا

ص: 12

قال «ان أهلك اللّٰه هذا المؤمن الصالح» أو «ان شفى اللّٰه هذا الكافر الطالح» أو قال «ان وقع القحط في البلاد أو شمل الخوف على العباد فلله على كذا». هذا في نذر الشكر، و أما نذر الزجر فلا بد ان يكون الشرط و المعلق عليه فعلا أو تركا اختياريا للناذر و كان صالحا لان يزجر عنه حتى يقع النذر زاجرا عنه، كفعل حرام أو مكروه، مثل أن يقول «ان تعمدت الكذب أو تعمدت الضحك في المقابر مثلا فلله علي كذا» أو ترك واجب أو مندوب كما إذا قال «ان تركت الصلاة أو نافلة الليل فلله علي كذا».

[مسألة: 7 إذا كان الشرط فعلا اختياريا للناذر فالنذر المعلق عليه قابل لان يكون نذر شكر]

مسألة: 7 إذا كان الشرط فعلا اختياريا للناذر فالنذر المعلق عليه قابل لان يكون نذر شكر و ان يكون نذر زجر، و المائز هو القصد، مثلا إذا قال «ان شربت الخمر فلله علي كذا» ان كان في مقام زجر النفس و صرفها عن الشرب و انما أوجب على نفسه شيئا على تقدير شربه ليكون زاجرا عنه فهو نذر زجر فينعقد، و ان كان في مقام تنشيط النفس و ترغيبها و قد جعل المنذور جزاء لصدوره منه و تهيؤ أسبابه له كان نذر شكر فلا ينعقد.

[مسألة: 8 لو نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين تعين]

مسألة: 8 لو نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين تعين، فلو اتى بها في زمان آخر مقدم أو مؤخر لم يجز، و كذا لو نذرها في مكان فيه رجحان فلا يجزي في غيره و ان كان أفضل. و أما لو نذرها في مكان ليس فيه رجحان ففي انعقاده و تعينه وجهان بل قولان، أقواهما الانعقاد (1). نعم لو نذر إيقاع بعض فرائضه أو بعض نوافله الراتبة كصلاة الليل أو شهر رمضان مثلا في مكان أو بلد لا رجحان فيه بحيث لم يتعلق النذر بأصل الصلاة و الصيام بل تعلق بإيقاعهما في المكان الخاص، فالظاهر عدم انعقاد النذر لعدم الرجحان في متعلقه. هذا إذا لم يطرأ عليه عنوان راجح (2)، مثل كونه افرغ للعبادة أو أبعد عن الرياء و نحو ذلك، و الا فلا إشكال في الانعقاد.


1- ان تعلق النذر بإتيان هذا الفرد من الصلاة.
2- حين العمل مع كونه معلوما حين النذر.

ص: 13

[مسألة: 9 لو نذر صوما و لم يعين العدد كفى صوم يوم]

مسألة: 9 لو نذر صوما و لم يعين العدد كفى صوم يوم، و لو نذر صلاة و لم يعين الكيفية و الكمية يجزي ركعتان و لا يجزى ركعة (1) على الأقوى، و لو نذر صدقة و لم يعين جنسها و مقدارها كفى أقل ما يتناوله الاسم، و لو نذر أن يفعل قربة أتى بعمل قربى و يكفى صيام يوم أو التصدق بشي ء أو صلاة و لو مفردة الوتر و غير ذلك.

[مسألة: 10 لو نذر صوم عشرة أيام مثلا، فان قيد بالتتابع أو التفريق تعين و الا تخير بينهما]

مسألة: 10 لو نذر صوم عشرة أيام مثلا، فان قيد بالتتابع أو التفريق تعين و الا تخير بينهما، و كذا لو نذر صيام سنة فان الظاهر انه مع الإطلاق يكفى صوم اثنى عشر شهرا و لو متفرقا (2). نعم لو نذر صوم شهر لم يبعد ظهوره في التتابع و يكفى ما بين الهلالين من شهر و لو ناقصا، و له ان يشرع فيه في أثناء الشهر، و حينئذ فهل يجب إكمال ثلاثين أو يكفي التلفيق- بأن يكمل من الشهر التالي مقدار ما مضى من الشهر الأول- أظهرهما الثاني و أحوطهما الأول.

[مسألة: 11 إذا نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان]

مسألة: 11 إذا نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان، فيفطر فيهما و لا قضاء عليه، و كذا يفطر في الأيام التي عرض فيها ما لا يجوز معه الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر (3)، لكن يجب القضاء على الأقوى.

[مسألة: 12 لو نذر صوم كل خميس مثلا فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيح للإفطار]

مسألة: 12 لو نذر صوم كل خميس مثلا فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيح للإفطار من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر أفطر، و يجب عليه القضاء حتى في الأول على الأقوى.

[مسألة: 13 لو نذر صوم يوم معين فأفطر عمدا يجب قضاؤه مع الكفارة]

مسألة: 13 لو نذر صوم يوم معين فأفطر عمدا يجب قضاؤه مع الكفارة.

[مسألة: 14 إذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر و ان كان غير ضروري]

مسألة: 14 إذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر و ان كان غير ضروري، و يفطر ثم يقضيه و لا كفارة عليه.


1- ان كان المنذور غير الرواتب و الا فلا يبعد إجزاء مفردة الوتر. نعم في أجزاء ركعة الاحتياط تأمل.
2- الظاهر عدم الفرق بين صيام سنة أو صوم شهر. نعم لو نذر صيام اثنى عشر شهرا فالظاهر انه يكفى الإتيان بها متفرقا.
3- إلا إذا نذر الصوم سفرا و حضرا فله ان يسافر و يصوم في السفر.

ص: 14

[مسألة: 15 لو نذر زيارة أحد من الأئمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم]

مسألة: 15 لو نذر زيارة أحد من الأئمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم، و يكفى الحضور و السلام على المزور، و الظاهر عدم وجوب غسل الزيارة و صلاتها مع الإطلاق و عدم ذكرهما في النذر، و ان عين اماما لم يجز غيره و ان كان زيارته أفضل، كما انه ان عجز عن زيارة من عينه لم يجب زيارة غيره بدلا عنه.

و ان عين للزيارة زمانا تعين، فلو تركها في وقتها عامدا حنث و يجب الكفارة، و هل يجب معها القضاء؟ فيه تردد و إشكال (1).

[مسألة: 16 لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشيا انعقد مع القدرة]

مسألة: 16 لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشيا انعقد مع القدرة و عدم الضرر، فلو حج أو زار راكبا مع القدرة على المشي فإن كان النذر مطلقا و لم يعين الوقت أعاده ماشيا، و ان عين وقتا و فات الوقت حنث بلا اشكال و لزم الكفارة، و هل يجب مع ذلك القضاء ماشيا؟ فيه تردد، و الأحوط القضاء (2). و كذلك الحال لو ركب في بعض الطريق و مشى في البعض.

[مسألة: 17 ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا ان يركب البحر أو يسلك طريقا يحتاج الى ركوب السفينة]

مسألة: 17 ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا ان يركب البحر أو يسلك طريقا يحتاج الى ركوب السفينة و نحوها و لو لأجل العبور من الشط و نحوه، و لو انحصر الطريق في البحر فان كان كذلك من أول الأمر لم ينعقد النذر، و ان طرأ ذلك بعد النذر فان كان النذر مطلقا و توقع المكنة من طريق البر و المشي منه فيما بعد انتظر، و ان كان معينا و طرأ ذلك في الوقت أو مطلقا و يئس من المكنة بالمرة سقط عنه و لا شي ء عليه.

[مسألة: 18 لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض]

مسألة: 18 لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض، الأحوط لو لم يكن الأقوى أن يمشى مقدار ما يستطيع و يركب في البعض و لا شي ء عليه، و لو اضطر الى ركوب السفينة الأحوط أن يقوم فيها بقدر الإمكان (3).

[مسألة: 19 لو نذر التصدق بعين شخصية تعينت و لا يجزي مثلها أو قيمتها]

مسألة: 19 لو نذر التصدق بعين شخصية تعينت و لا يجزي مثلها أو قيمتها


1- و الأحوط القضاء.
2- بل الأقوى.
3- ان لم يكن أقوى.

ص: 15

مع وجودها، و مع التلف فان كان لا بإتلاف منه انحل النذر و لا شي ء عليه، و ان كان بإتلاف منه ضمنها بالمثل أو القيمة، فيتصدق بالبدل، بل يكفر أيضا على الأحوط (1).

[مسألة: 20 لو نذر الصدقة على شخص معين لزم و لا يملك المنذور له الإبراء منه]

مسألة: 20 لو نذر الصدقة على شخص معين لزم و لا يملك المنذور له الإبراء منه فلا يسقط عن الناذر بإبرائه، و هل يلزم على المنذور له القبول؟ الظاهر لا، فينحل النذر بعدم قبوله للتعذر (2). و لو امتنع ثم رجع الى القبول فهل يعود النذر و يجب التصدق عليه؟ فيه تأمل (3) و الاحتياط لا يترك. و لو مات الناذر قبل أن يفي بالنذر يخرج من أصل تركته، و كذا كل نذر تعلق بالمال كسائر الواجبات المالية. و لو مات المنذور له قبل أن يتصدق عليه قام وارثه مقامه على احتمال مطابق للاحتياط، و يقوى هذا الاحتمال لو نذر أن يكون مال معين صدقة على فلان (4) فمات قبل قبضه.

[مسألة: 21 لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه]

مسألة: 21 لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه، كتعميره و ضيائه و طيبه و فرشه و قوامه و خدامه و نحو ذلك و في معونة زواره (5)، و أما لو نذر شيئا للإمام أو بعض أولاد الأئمة- كما لو نذر شيئا للأمير أو الحسين أو العباس عليهم السلام- فالظاهر أن المراد صرفه في سبل الخير بقصد رجوع ثوابه إليهم، من غير فرق بين الصدقة على المساكين و اعانة الزائرين و غيرهما من وجوه الخير كبناء مسجد أو قنطرة و نحو ذلك، و ان كان الأحوط الاقتصار على معونة زوارهم وصلة من يلوذ بهم من المجاورين المحتاجين و الصلحاء من الخدام المواظبين بشؤون مشاهدهم و اقامة مجالس تعازيهم. هذا إذا لم يكن في قصد الناذر جهة خاصة (6) و الا اقتصر عليها.


1- بل الأقوى.
2- إذا كان الامتناع دائما.
3- إذا رجع الى القبول بعد انقضاء وقت العمل، و اما إذا رجع في الوقت فالأقوى وجوب العمل بالنذر لانكشاف الرجوع عن عدم التعذر.
4- بنحو نذر النتيجة و لا يبعد صحته.
5- مع استغناء المشهد عما ذكر.
6- و لو بالانصراف.

ص: 16

[مسألة: 22 لو عين شاة للصدقة أو لأحد الأئمة أو لمشهد من المشاهد يتبعها نماؤها المتصل كالسمن]

مسألة: 22 لو عين شاة للصدقة أو لأحد الأئمة أو لمشهد من المشاهد يتبعها نماؤها المتصل كالسمن، و أما المنفصل كالنتاج و اللبن فالظاهر انه ملك للناذر (1).

[مسألة: 23 لو نذر التصدق بجميع ما يملكه لزم، فان شق عليه قوم الجميع بقيمة عادلة على ذمته و تصرف في أمواله]

مسألة: 23 لو نذر التصدق بجميع ما يملكه لزم، فان شق عليه قوم الجميع بقيمة عادلة على ذمته و تصرف في أمواله بما يشاء و كيف يشاء ثم يتصدق عما في ذمته شيئا فشيئا و يحسب منها ما يعطى الى الفقراء و المساكين و أرحامه المحتاجين و يقيد ذلك في دفتر الى أن يوفي التمام، فإن بقي منه شي ء أوصى بأن يؤدي مما تركه بعد موته.

[مسألة: 24 إذا عجز الناذر عن المنذور في وقته ان كان موقتا و مطلقا إذا كان مطلقا انحل نذره]

مسألة: 24 إذا عجز الناذر عن المنذور في وقته ان كان موقتا و مطلقا إذا كان مطلقا انحل نذره و سقط عنه و لا شي ء عليه. نعم لو نذر صوما فعجز عنه تصدق عن كل يوم بمد من طعام على الأحوط (2)، و أحوط منه التصدق بمدين.

[مسألة: 25 النذر كاليمين في انه إذا تعلق بإيجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها]

مسألة: 25 النذر كاليمين في انه إذا تعلق بإيجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها، فان عين له وقتا تعين و يتحقق الحنث و يجب الكفارة بتركه فيه، فان كان صوما أو صلاة يجب قضاؤه أيضا على الأقوى، بل و ان كان غيرهما أيضا على الأحوط. و ان كان مطلقا كان وقته العمر و جاز له التأخير الى أن يظن بالوفاة فيتضيق، و يتحقق الحنث بتركه مدة الحياة. هذا إذا كان المنذور فعل شي ء، و ان كان ترك شي ء فان عين له الوقت كان حنثه بإيجاده فيه، و ان كان مطلقا كان حنثه بإيجاده مدة حياته و لو مرة، و لو أتى به تحقق الحنث و انحل النذر (3) كما مر في اليمين.

[مسألة: 26 انما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختيارا]

مسألة: 26 انما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختيارا، فلو أتى بشي ء تعلق النذر بتركه نسيانا أو جهلا (4) أو اضطرارا لم يترتب عليه شي ء، بل الظاهر عدم انحلال النذر به، فيجب الترك بعد ارتفاع العذر لو كان النذر مطلقا


1- الا إذا كان بنحو نذر النتيجة.
2- و الأولى.
3- إلا إذا نذر ترك جميع الافراد بنحو الاستغراق فإنه يتكرر الحنث و الكفارة بتكرر الافراد.
4- بالموضوع.

ص: 17

أو موقتا و قد بقي الوقت.

[مسألة: 27 لو نذر ان بري ء مريضة أو قدم مسافرة صام يوما مثلا فبان ان المريض بري ء]

مسألة: 27 لو نذر ان بري ء مريضة أو قدم مسافرة صام يوما مثلا فبان ان المريض بري ء أو المسافر قدم قبل النذر لم يلزم.

[مسألة: 28 كفارة حنث النذر كفارة اليمين]

مسألة: 28 كفارة حنث النذر كفارة اليمين، و قيل كفارة من أفطر شهر رمضان (1)، و سيجي ء في كتاب الكفارات إن شاء اللّٰه تعالى.

[القول في العهد]
اشارة

القول في العهد:

لا ينعقد العهد بمجرد النية، بل يحتاج إلى الصيغة على الأقوى، و صورتها ان يقول «عاهدت اللّٰه» أو «علي عهد اللّٰه»، و يقع مطلقا و معلقا على شرط كالنذر، و الظاهر أنه يعتبر في المعلق عليه إذا كان مشروطا ما اعتبر فيه في النذر المشروط.

و أما ما عاهد عليه فهو بالنسبة إليه كاليمين يعتبر فيه أن لا يكون مرجوحا دينا أو دنيا، و لا يعتبر فيه الرجحان فضلا عن كونه طاعة كما اعتبر ذلك في النذر، فلو عاهد على فعل مباح لزم كاليمين. نعم لو عاهد على فعل كان تركه أرجح أو على ترك أمر كان فعله اولى و لو من جهة الدنيا لم ينعقد، و لو لم يكن كذلك من أول الأمر ثم طرأ عليه ذلك انحل (2).

[مسألة مخالفة العهد بعد انعقاده يوجب الكفارة]

مسألة مخالفة العهد بعد انعقاده يوجب الكفارة، و هل هي كفارة من أفطر شهر رمضان أو كفارة اليمين؟ قولان، أظهرهما الأول كما يجي ء في الكفارات.


1- و هو الأقوى.
2- إذا لم يترقب زوال عنوان المرجوحية و لم يتسامح في العمل بعهده قبل طريان تلك الحالة، خصوصا إذا كان في معرض ذلك و الا وجبت عليه الكفارة.

ص: 18

[كتاب الكفارات]

اشارة

كتاب الكفارات و الكلام في أقسامها و أحكامها:

[القول في أقسام الكفارات]

اشارة

القول في أقسام الكفارات:

و هي على أربعة أقسام: مرتبة، و مخيرة، و ما اجتمع فيه الأمران، و كفارة الجمع.

اما المرتبة فهي ثلاث: كفارة الظهار، و كفارة قتل الخطأ يجب فيهما العتق فان عجز صيام شهرين متتابعين فان عجز فإطعام ستين مسكينا، و كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال و هي إطعام عشرة مساكين فان عجز فصيام ثلاثة أيام متتابعات (1).

و اما المخيرة فهي أيضا ثلاث: كفارة من أفطر في شهر رمضان بأحد الأسباب الموجبة للكفارة التي مرت في كتاب الصوم، و كفارة حنث العهد (2)، و كفارة جز المرأة شعرها في المصاب و هي العتق أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مخيرا بينها على الأظهر.

و أما ما اجتمع فيه الأمران فهي: كفارة حنث اليمين، و كفارة حنث النذر على


1- أو متفرقات و ان كان ما في المتن أحوط.
2- بل و حنث النذر أيضا كما مر، فالمخيرة أربع أو خمس بناء على كون كفارة الاعتكاف مخيرة كما هو الأقوى، و ان كان الأحوط فيها الترتيب كالظهار.

ص: 19

الأظهر (1)، و كفارة نتف المرأة شعرها و خدش وجهها في المصاب و شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته. يجب في جميع ذلك عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم مخيرا بينها، فان عجز عن الجميع فصيام ثلاثة أيام. و قيل ان كفارة النذر مثل كفارة إفطار شهر رمضان، و حيث ان هذا هو المشهور فلا ينبغي ترك الاحتياط لمن عجز عن العتق باختيار الإطعام و إكمال ستين، و مع العجز عنه صيام شهرين متتابعين فقط مع العجز عن اكساء عشرة مساكين و الجمع بينهما مع التمكن منه.

و اما كفارة الجمع فهي كفارة قتل المؤمن عمدا و ظلما، و كفارة الإفطار في شهر رمضان بالمحرم على الأحوط (2) لو لم يكن الأقوى، و هي عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا.

[مسألة: 1 لا فرق في جز المرأة شعرها بين جز تمام شعر رأسها و جز بعضه بما يصدق عرفا انه قد جزت شعرها]

مسألة: 1 لا فرق في جز المرأة شعرها بين جز تمام شعر رأسها و جز بعضه بما يصدق عرفا انه قد جزت شعرها، كما أنه لا فرق بين كونه في مصاب زوجها و مصاب غيره و بين القريب و البعيد، و لا يبعد إلحاق الحلق بالجز (3)، بل الأحوط إلحاق الإحراق به أيضا.

[مسألة: 2 لا يعتبر في خدش الوجه خدش تمامه]

مسألة: 2 لا يعتبر في خدش الوجه خدش تمامه، بل يكفي مسماه. نعم الظاهر أنه يعتبر فيه الإدماء، و لا عبرة بخدش غير الوجه و لو مع الإدماء، و لا بشق ثوبها و ان كان على ولدها أو زوجها، كما لا عبرة بخدش الرجل وجهه و لا بجز شعره و لا بشق ثوبه على غير ولده و زوجته. نعم لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى، و في شموله لولد الولد خصوصا ولد البنت تأمل و ان كان الأحوط الشمول (4)، و كذلك في شمول الزوجة لغير الدائمة، فإنه قد يشك فيه، لكن لا يبعد الشمول خصوصا لمن كانت مدتها طويلة كتسعين سنة.


1- قد مر ما هو الأقوى فيه.
2- بل على الأقوى.
3- بل بعيد، و كذا الإحراق و ان كان الاحتياط فيهما حسنا.
4- لا يترك.

ص: 20

[القول في أحكام الكفارات]

اشارة

القول في أحكام الكفارات:

[مسألة: 1 لا يجزي عتق الكافر في الكفارة مطلقا]

مسألة: 1 لا يجزي عتق الكافر في الكفارة مطلقا، فيشترط فيه الإسلام، و يستوي في الاجزاء الذكر و الأنثى و الكبير و الصغير الذي كان بحكم المسلم، بأن كان أحد أبويه مسلما. و يشترط أن يكون سالما من العيوب التي توجب الانعتاق قهرا كالعمى و الجذام و الإقعاد و التنكيل، و لا بأس بسائر العيوب، فيجزي عتق الأصم و الأخرس و غيرهما، و يجزي عتق الآبق و ان لم يعلم مكانه إذا لم يعلم موته.

[مسألة: 2 يعتبر في الخصال الثلاث العتق و الصيام و الإطعام النية المشتملة على قصد العمل]

مسألة: 2 يعتبر في الخصال الثلاث العتق و الصيام و الإطعام النية المشتملة على قصد العمل و قصد القربة و قصد كونه عن الكفارة، و تعيين نوعها إذا كانت عليه أنواع متعددة، فلو كان عليه كفارة ظهار و كفارة يمين و كفارة إفطار فأعتق عبدا و نوى القربة و التكفير لم يجز عن واحد منها. نعم في المتعدد من نوع واحد يكفي قصد النوع و لا يحتاج الى تعيين آخر، فلو أفطر أياما من شهر رمضان من سنة أو سنين متعددة فأعتق عبدا بقصد انه عن كفارة الإفطار كفى و ان لم يعين اليوم الذي أفطر فيه، و كذلك بالنسبة إلى الصيام و الإطعام. و لو كان عليه كفارة و لا يدري نوعها كفى الإتيان بإحدى الخصال ناويا عما في ذمته، بل لو علم أن عليه إعتاق عبد مثلا و لا يدري انه منذور أو عن كفارة القتل مثلا كفى إعتاق عبد بقصد ما في الذمة.

[مسألة: 3 يتحقق العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام أو الإطعام في الكفارة المرتبة]

مسألة: 3 يتحقق العجز عن العتق (1) الموجب لوجوب الصيام أو الإطعام في الكفارة المرتبة إما بعدم الرقبة أو عدم ثمنها أو عدم التمكن من شرائها، و ان وجد الثمن أو احتياجه الى خدمتها لمرض أو كبر أو زمانة أو لرفعة شأن أو احتياجه الى ثمنها في نفقته و نفقة عياله الواجبي النفقة أو أداء ديونه، بل كل واجب يجب


1- حيث ان لسان النص «أعتق رقبة فان لم تجد فصيام شهرين»، فوجدان الرقبة في الكفارة كوجدان الماء للوضوء و يستكشف من فروعه فروعها. و الذي يسهل الأمر في زماننا هذا أن موضوعه منتف فلا يحتاج الى بيان ما يتحقق به العجز.

ص: 21

صرف المال فيه، بل إذا لم يكن عنده الا مستثنيات الدين لاتباع في العتق و كان داخلا في عنوان العاجز عنه. نعم لو بيع العبد بأزيد من ثمن المثل و كان عنده الثمن وجب الشراء و لا يعد ذلك عجزا إلا إذا استلزم قبحا و ضررا مجحفا، و كذا لو كان له مال غائب يصل اليه قريبا أو كان عنده ثمن الرقبة دون عينها و يتوقع وجودها بعد مدة غير مديدة لم يعد ذلك من العجز بل ينتظر، إلا إذا شق عليه تأخير التكفير كالمظاهر الشبق الذي يشق عليه ترك مباشرة زوجته. و يتحقق العجز من الصيام الموجب لتعين الإطعام بالمرض المانع منه أو خوف حدوثه أو زيادته و بكونه شاقا عليه مشقة لا يتحمل. و هل يكفي وجود المرض أو خوف حدوثه أو زيادته في الحال و لو مع رجاء البرء و تبدل الأحوال أو يعتبر اليأس؟ وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان. نعم لو رجي البرء بعد زمان قصير كيوم أو يومين يشكل الانتقال إلى الإطعام. و كيف كان لو أخر الصيام و الإطعام الى أن بري ء من المرض و تمكن من الصوم لا شك في تعينه في المرتبة و لم يجز الإطعام.

[مسألة: 4 ليس طرو الحيض و النفاس موجبا للعجز عن الصيام و الانتقال إلى الإطعام]

مسألة: 4 ليس طرو الحيض و النفاس موجبا للعجز عن الصيام و الانتقال إلى الإطعام، و كذا طرو الاضطرار على السفر الموجب للإفطار لعدم انقطاع التتابع بطرو ذلك.

[مسألة: 5 المعتبر في العجز و القدرة على حال الأداء لا حال الوجوب]

مسألة: 5 المعتبر في العجز و القدرة على حال الأداء لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفارة قادرا على العتق عاجزا عن الصيام فلم يعتق حتى صار بالعكس صار فرضه الصيام و سقط عنه وجوب العتق (1).

[مسألة: 6 إذا عجز عن العتق في المرتبة فشرع في الصوم و لو ساعة من النهار]

مسألة: 6 إذا عجز عن العتق في المرتبة فشرع في الصوم و لو ساعة من النهار ثم وجد ما يعتق لم يلزمه العتق فله إتمام الصيام و يجزى عن الكفارة، و في جواز رفع اليد عن الصوم و اختيار العتق وجه، بل ربما قيل انه الأفضل، لكن لا


1- و ان كان آثما في التأخير مع القدرة إذا كان في معرض طرو العجز.

ص: 22

يخلو من اشكال، فالأحوط إتمام الصيام (1). نعم لو عرض ما يوجب استينافه- بأن عرض في أثنائه ما أبطل التتابع- تعين عليه العتق مع بقاء القدرة عليه، و كذا الكلام فيما لو عجز عن الصيام فدخل في الإطعام ثم زال العجز.

[مسألة: 7 يجب التتابع في الصيام في جميع الكفارات بعدم تخلل الإفطار]

مسألة: 7 يجب التتابع في الصيام (2) في جميع الكفارات بعدم تخلل الإفطار و لا صوم آخر غير الكفارة بين أيامها، من غير فرق بين ما وجب فيه شهران مرتبا على غيره أو مخيرا أو جمعا، و كذا بين ما وجب فيه شهران و ما وجب فيه ثلاثة أيام ككفارة اليمين، و متى أخل بالتتابع وجب الاستيناف. و يتفرع على وجوب التتابع انه لا يجوز الشروع في الصوم من زمان يعلم بتخلل صوم آخر يجب في زمان معين بين أيامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيام قبل شهر رمضان أو قبل خميس معين نذر صومه بيوم أو يومين لم يجز، بل وجب استينافه.

[مسألة: 8 إنما يضر بالتتابع ما إذا وقع الإفطار في البين بالاختيار]

مسألة: 8 إنما يضر بالتتابع ما إذا وقع الإفطار في البين بالاختيار، فلو وقع ذلك لعذر من الاعذار- كما إذا كان الإفطار بسبب الإكراه أو الاضطرار أو بسبب عروض المرض أو طرو الحيض أو النفاس- لم يضر به، و من العذر وقوع السفر في الأثناء إذا كان ضروريا دون ما كان بالاختيار، و كذا منه ما إذا نسي النية حتى فات وقتها، بأن تذكرها بعد الزوال. و كذا الحال فيما إذا كان تخلل صوم آخر في البين لا بالاختيار، كما إذا نسي فنوى صوما آخر و لم يتذكر الا بعد الزوال. و منه ما إذا نذر صوم كل خميس مثلا ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين فلا يضر بالتتابع تخلل المنذور في البين، و لا يتعين عليه البدل في المخيرة و لا ينتقل إلى الإطعام في المرتبة.

نعم في صوم ثلاثة أيام يخل تخلله فيلزم الشروع فيها من زمان لم يتخلل المنذور بينها كما أشرنا إليه في المسألة السابقة.


1- و أحوط منه الجمع.
2- في صيام شهرين تعيينا و تخييرا، و في كفارة اليمين على الأقوى، و في سائر الكفارات على الأحوط.

ص: 23

[مسألة: 9 يكفي في تتابع الشهرين في الكفارة مرتبة كانت أو مخيرة صيام شهر و يوم متتابعا]

مسألة: 9 يكفي في تتابع الشهرين في الكفارة مرتبة كانت أو مخيرة صيام شهر و يوم متتابعا، و يجوز له التفريق في البقية و لو اختيارا لا لعذر، فمن كان عليه صيام شهرين متتابعين يجوز له الشروع فيه قبل شعبان بيوم، و لا يجوز له الاقتصار على شعبان لتخلل شهر رمضان قبل إكمال شهر و يوم. و كذا يجوز له الشروع قبل الأضحى بواحد و ثلاثين يوما، و لا يجوز قبله بثلاثين.

[مسألة: 10 من وجب عليه صيام شهرين، فان شرع فيه من أول الشهر يجزي هلاليان و ان كانا ناقصين]

مسألة: 10 من وجب عليه صيام شهرين، فان شرع فيه من أول الشهر يجزي هلاليان و ان كانا ناقصين، و ان شرع في أثناء الشهر و ان كان فيه وجوه بل أقوال، و لكن الأحوط انكسار الشهرين و جعل كل شهر ثلاثين فيصوم ستين يوما مطلقا (1)، سواء كان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامين أو ناقصين أو مختلفين، و يتعين ذلك بلا اشكال فيما إذا وقع التفريق بين الأيام بتخلل ما لا يضر بالتتابع شرعا.

[مسألة: 11 يتخير في الإطعام الواجب في الكفارات بين إشباع المساكين و التسليم لهم]

مسألة: 11 يتخير في الإطعام الواجب في الكفارات بين إشباع المساكين و التسليم لهم، و يجوز إشباع البعض و التسليم الى البعض، و لا يتقدر الإشباع بمقدار بل المدار على ان يأكلوا بمقدار شبعهم قل أو كثر، و اما التسليم فلا بد من ان يسلم الى كل منهم مدا من الطعام لا أقل، و الأفضل بل الأحوط مدان. و لا بد في كل من النحوين كمال العدد من ستين أو عشرة، فلا يجزى إشباع ثلاثين أو خمسة مرتين أو تسليم كل واحد منهم مدين. و لا يجب الاجتماع لا في التسليم و لا في الإشباع، فلو أطعم ستين مسكينا في أوقات متفرقة من بلاد مختلفة و لو كان هذا في سنة و ذلك في سنة أخرى لأجزأ و كفى.

[مسألة: 12 الواجب في الإشباع إشباع كل واحد من العدد مرة]

مسألة: 12 الواجب في الإشباع إشباع كل واحد من العدد مرة، و ان كان الأفضل إشباعه في يومه و ليله غداة و عشاء.


1- و ان كان الأقوى كفاية تكميل ما أفطر من الأول من الشهر الثاني ثم الشروع في الثاني و تكميل ما احتسبه للأول من الثالث، سواء كانا تامين أو ناقصين أو مختلفين.

ص: 24

[مسألة: 13 يجزى في الإشباع كل ما يتعارف التغذي و التقوت به لغالب الناس من المطبوخ]

مسألة: 13 يجزى في الإشباع (1) كل ما يتعارف التغذي و التقوت به لغالب الناس من المطبوخ و ما يصنع من أنواع الأطعمة و من الخبز من أي جنس كان مما يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو ذرة أو دخن و غيرها و ان كان بلا إدام، و الأفضل أن يكون مع الإدام، و هو كل ما جرت العادة على أكله مع الخبز جامدا أو مائعا و ان كان خلا أو ملحا أو بصلا و كل ما كان أفضل كان أفضل. و في التسليم بذل ما يسمى طعاما من ني و مطبوخ من الحنطة و الشعير و دقيقهما و خبزهما و الأرز و غير ذلك، و الأحوط الحنطة أو دقيقة، و يجزى التمر و الزبيب تسليما و إشباعا.

[مسألة: 14 التسليم الى المسكين تمليك له كسائر الصدقات]

مسألة: 14 التسليم الى المسكين تمليك له كسائر الصدقات، فيملك ما قبضه و يفعل به ما شاء و لا يتعين عليه صرفه في الأكل.

[مسألة: 15 يتساوى الصغير و الكبير ان كان التكفير بنحو التسليم]

مسألة: 15 يتساوى الصغير و الكبير ان كان التكفير بنحو التسليم، فيعطى الصغير مدا من طعام كما يعطى الكبير، و ان كان اللازم في الصغير التسليم الى الولي و ان كان بنحو الإشباع، فكذلك إذا اختلط الصغار مع الكبار، فإذا أشبع عائلة كانت ستين نفسا مشتملة على كبار و صغار أجزأ (2)، و ان كان الصغار منفردين فاللازم احتساب اثنين بواحد، فيلزم إشباع مائة و عشرين بدل ستين و عشرين بدل عشرة. و الظاهر انه لا يعتبر في إشباع الصغير اذن الولي.

[مسألة: 16 لا إشكال في جواز إعطاء كل مسكين أزيد من مد من كفارات متعددة و لو مع الاختيار]

مسألة: 16 لا إشكال في جواز إعطاء كل مسكين أزيد من مد من كفارات متعددة و لو مع الاختيار، من غير فرق بين الإشباع و التسليم، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له إشباع ستين شخصا معينين في ثلاثين يوما، أو تسليم ثلاثين مدا من طعام لكل واحد منهم و ان وجد غيرهم.

[مسألة: 17 لو تعذر العدد في البلد وجب النقل الى غيره، و ان تعذر انتظر]

مسألة: 17 لو تعذر العدد في البلد وجب النقل الى غيره، و ان تعذر انتظر، و لو وجد بعض العدد كرر على الموجود حتى يستوفي المقدار، و يقتصر في التكرار


1- و ان كان الأحوط في كفارة اليمين ان لا يكون أدون مما يطعمون أهليهم.
2- الأحوط في الإشباع احتساب صغيرين بكبير واحد، و أحوط منه الاقتصار في الإشباع على الكبار.

ص: 25

على مقدار التعذر، فلو تمكن من عشرة كرر عليهم ست مرات، و لا يجوز التكرار على خمسة اثنتي عشرة مرة، و الأحوط عند تعذر العدد الاقتصار على الإشباع دون التسليم و ان يكون في أيام متعددة.

[مسألة: 18 المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير الذي يستحق الزكاة]

مسألة: 18 المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير الذي يستحق الزكاة، و هو من لم يملك قوت سنته لا فعلا و لا قوة، و يشترط فيه الإسلام بل الايمان على الأحوط (1)، و ان لا يكون من يجب نفقته على الدافع كالوالدين و الأولاد و المملوك و الزوجة الدائمة دون المنقطعة و دون سائر الأقارب و الأرحام حتى الاخوة و الأخوات، و لا يشترط فيه العدالة و لا عدم الفسق. نعم لا يعطى المتجاهر بالفسق الذي ألقى جلباب الحياء، و في جواز إعطاء غير الهاشمي الى الهاشمي قولان، لا يخلو الجواز من رجحان، و ان كان الأحوط (2) الاقتصار على مورد الاضطرار و الاحتياج التام الذي يحل معه أخذ الزكاة.

[مسألة: 19 يعتبر في الكسوة التي تخير بينها و بين العتق و الإطعام في كفارة اليمين و ما بحكمها]

مسألة: 19 يعتبر في الكسوة التي تخير بينها و بين العتق و الإطعام في كفارة اليمين و ما بحكمها أن يكون ما يعد لباسا عرفا، من غير فرق بين الجديد و غيره ما لم يكن منخرقا (3) أو منسحقا و باليا بحيث ينخرق بالاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة و القلنسوة و الحذاء و الخف و الجورب، و الأحوط عدم الاكتفاء بثوب واحد (4) خصوصا بمثل السراويل أو القميص القصير، بل لا يكون أقل من قميص مع سراويل. و يعتبر فيها العدد كالإطعام، فلو كرر على واحد- بأن كساه عشر مرات- لم تحسب له الا واحدة. و لا فرق في المكسو بين الصغير و الكبير و الحر و العبد و الذكر و الأنثى (5)


1- و مع عدم وجودهم يعطى الضعفاء من غير أهل الولاية إلا الناصب.
2- لا يترك هذا الاحتياط.
3- أو مرقعا.
4- نعم عند عدم القدرة على الثوبين لا يبعد كفاية ثوب واحد يكسو ظهره و يوارى عورته.
5- و الأحوط في الأنثى ان يوارى ما يحرم منها كشفه.

ص: 26

نعم في الاكتفاء بكسوة البالغ نهاية الصغر كابن شهر أو شهرين (1) اشكال، فلا يترك الاحتياط. و الظاهر اعتبار كونه مخيطا (2)، فلو سلم اليه الثوب غير مخيط لم يكن مجزيا. نعم الظاهر انه لا بأس بأن يدفع أجرة الخياطة معه ليخيطه و يلبسه، و لا يجزي إعطاء لباس الرجال للنساء و بالعكس و لا إعطاء لباس الصغير للكبير، و لا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتان أو قنب أو حرير، و في الاجتزاء بالحرير المحض للرجال اشكال. و لو تعذر تمام العدد كسى الموجود و انتظر للباقي، و الأحوط التكرار (3) على الموجود فإذا وجد باقي العدد كساه.

[مسألة: 20 لا تجزى القيمة في الكفارة لا في الإطعام و لا في الكسوة]

مسألة: 20 لا تجزى القيمة في الكفارة لا في الإطعام و لا في الكسوة، بل لا بد في الإطعام من بذل الطعام إشباعا أو تمليكا و كذلك في الكسوة. نعم لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحق (4) و يوكله في ان يشتري بها طعاما فيأكله أو كسوة فيلبسها، فيكون هو المعطى عن المالك و معطي له لنفسه باعتبارين.

[مسألة: 21 إذا وجبت عليه كفارة مخيرة لم يجز أن يكفر بجنسين]

مسألة: 21 إذا وجبت عليه كفارة مخيرة لم يجز أن يكفر بجنسين، بأن يصوم شهر أو يطعم ثلاثين في كفارة شهر رمضان أو يطعم خمسة و يكسو خمسة مثلا في كفارة اليمين. نعم لا بأس باختلاف افراد الصنف الواحد منها، كما لو أطعم بعض العدد طعاما خاصا و بعضه غيره، أو كسى بعضهم ثوبا من جنس و بعضهم من جنس آخر، بل يجوز في الإطعام أن يشبع بعضا و يسلم الى بعض كما مر.

[مسألة: 22 لا بدل شرعا للعتق في الكفارة مخيرة كانت أو مرتبة أو كفارة الجمع فيسقط بالتعذر]

مسألة: 22 لا بدل شرعا للعتق في الكفارة مخيرة كانت أو مرتبة أو كفارة الجمع فيسقط بالتعذر. و أما صيام شهرين متتابعين و الإطعام لو تعذر بالتمام صام


1- بل الأحوط عدم الاكتفاء باكساء غير البالغ.
2- أو مثل المخيط.
3- و ان كان لا دليل عليه الا الاحتمال.
4- لكن لا يسقط الكفارة إلا بالأكل و اللبس أو التملك، فلو شك يجب الفحص حتى يحصل له اليقين أو الطريق المعتبر.

ص: 27

ثمانية عشر (1) يوما متتابعات (2)، فان عجز عنه صام ما استطاع (3) أو تصدق بما وجد، و مع العجز عنهما بالمرة استغفر اللّٰه تعالى و لو مرة.

[مسألة: 23 الظاهر أن وجوب الكفارات موسع، فلا تجب المبادرة إليها]

مسألة: 23 الظاهر أن وجوب الكفارات موسع (4)، فلا تجب المبادرة إليها، و يجوز التأخير ما لم يؤد الى حد التهاون.

[مسألة: 24 يجوز التوكيل في إخراج الكفارات المالية و أدائها]

مسألة: 24 يجوز التوكيل في إخراج الكفارات المالية و أدائها، و يتولى (5) الوكيل النية إذا كان وكيلا في الإخراج و الموكل (6) حين دفعه الى الوكيل إذا كان وكيلا في الأداء. و اما الكفارات البدنية فلا يجري فيها التوكيل، و لا تجوز فيها النيابة على الأقوى إلا عن الميت.

[مسألة: 25 الكفارات المالية بحكم الديون]

مسألة: 25 الكفارات المالية بحكم الديون، فإذا مات من وجبت عليه تخرج من أصل المال، و أما البدنية فلا يجب على الورثة أداؤها و لا إخراجها من التركة ما لم يوص بها الميت، فيخرج من ثلثه. نعم في وجوبها على الولي و هو الولد الأكبر احتمال قوى، و انما يجري هذا الاحتمال فيما إذا تعين على الميت الصيام، و أما إذا تعين عليه غيره- بأن كانت مرتبة و تعين عليه الإطعام أو كانت مخيرة و كان متمكنا من الصيام و الإطعام- لم يجب على الولي قطعا، بل يخرج من تركة الميت مقدار الإطعام.


1- في الظهار و في غيره على الأحوط الا في كفارة إفطار شهر رمضان فإن الأحوط فيه مع العجز عن الخصال الثلاث التصدق بما يطيق، و مع العجز عنه فالأحوط الجمع بين الممكن من الصوم و الاستغفار، و مع العجز يكفى الاستغفار.
2- على الأحوط.
3- على الأحوط فيهما.
4- لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالتعجيل.
5- و الأحوط للمالك ان يتولى النية حين دفعه للوكيل.
6- و الأحوط له استمرارها الى حين دفع الوكيل.

ص: 28

[كتاب الصيد و الذباحة]

اشارة

كتاب الصيد و الذباحة

[القول في الصيد]

اشارة

القول في الصيد:

و ليعلم انه كما يذكى الحيوان و يحل أكل لحم ما حل اكله بالذبح الواقع على النحو المعتبر شرعا، يذكى أيضا بالصيد على النحو المعتبر. و هو اما بالحيوان أو بغير الحيوان، و بعبارة أخرى الإله التي يصاد بها اما حيوانية أو جمادية، و يتم الكلام في القسمين في ضمن مسائل:

[مسألة: 1 لا يحل من صيد الحيوان و مقتوله الا ما كان بالكلب المعلم]

مسألة: 1 لا يحل من صيد الحيوان و مقتوله الا ما كان بالكلب المعلم، سواء كان سلوقيا أو غيره، و سواء كان أسود أو غيره، فلا يحل صيد غير الكلب من جوارح السباع كالفهد و النمر و غيرهما و جوارح الطير كالبازي و العقاب و الباشق و غيرها.

و ان كانت معلمة، فما يأخذه الكلب المعلم و يقتله بعقره و جرحه مذكى حلال أكله من غير ذبح، فيكون عض الكلب و جرحه على أي موضع من الحيوان كان بمنزلة ذبحه.

[مسألة: 2 يعتبر في حلية صيد الكلب ان يكون معلما للاصطياد]

مسألة: 2 يعتبر في حلية صيد الكلب ان يكون معلما للاصطياد، و علامة كونه بتلك الصفة أن يكون من عادته مع عدم المانع ان يسترسل و يهيج الى الصيد لو أرسله صاحبه و أغراه به، و ان ينزجر (1) و يقف عن الذهاب و الهياج إذا زجره.


1- و عن غير واحد من أعاظم العلماء قدست أسرارهم كفاية الانزجار قبل الإرسال في كونه معلما، و عدم تقييد الانزجار بكونه بعد الإرسال و الإغراء، فلا يقدح عدم انزجاره بعده لانه قل ما يتحقق التعليم بهذا الوجه. و هذا ليس ببعيد، بل يستفاد من بعض الروايات ان أمر التعليم أسهل من ذلك، ففي رواية: فإن كان غير معلم فعلمه في ساعة ثم يرسله فيأكل منه.

ص: 29

و اعتبر المشهور مع ذلك أن يكون من عادته التي لا تتخلف الا نادرا أن يمسك الصيد و لا يأكل منه شيئا حتى يصل صاحبه، و في اعتبار ذلك نظر و ان كان أحوط.

[مسألة: 3 يشترط في حلية صيد الكلب أمور]

مسألة: 3 يشترط في حلية صيد الكلب أمور:

«الأول»- ان يكون ذلك بإرساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله و ان أغراه صاحبه بعد الاسترسال، حتى فيما إذا أثر اغراؤه فيه، بأن زاد في عدوه بسببه على الأحوط، و كذلك الحال لو أرسله لا للاصطياد بل لأمر آخر من دفع عدو أو طرد سبع أو غير ذلك فصادف غزالا مثلا فصاده. و المعتبر قصد الجنس لا الشخص، فلو أرسله مسلما الى صيد غزال فصادف غزالا آخر فأخذه و قتله كفى في حله، و كذا لو أرسله إلى صيد فصاده و غيره حلا معا.

«الثاني»- ان يكون المرسل مسلما أو بحكمه كالصبي الملحق به (1)، فلو أرسله كافر بجميع أنواعه أو من كان بحكمه كالنواصب لم يحل أكل ما يقتله.

«الثالث»- ان يسمي، بأن يذكر اسم اللّٰه عند إرساله، فلو ترك التسمية عمدا لم يحل مقتوله، و لا يضر لو كان الترك نسيانا. و في الاكتفاء بالتسمية قبل الإصابة وجه قوي (2) الا ان الأحوط احتياطا لا يترك أن تكون عند الإرسال.

«الرابع»- أن يكون موت الحيوان مستندا الى جرحه و عقره، فلو كان بسبب صدمه أو خنقه أو إتعابه في العدو أو ذهاب مرارته من جهة شدة خوفه لم يحل.

«الخامس»- عدم إدراك صاحب الكلب الصيد حيا مع تمكنه من تذكيته، بأن أدركه ميتا أو أدركه حيا لكن لم يسع الزمان لذبحه. و ملخص هذا الشرط انه إذا أرسل كلبه الى الصيد فان لحق به بعد ما أخذه و عقره و صار غير ممتنع فوجده ميتا كان ذكيا و حل


1- ان كان مميزا فلا يحل لو أرسله غير المميز، و كذا يشترط ان يكون عاقلا فلا يحل لو أرسله المجنون.
2- إذا نسي حين الإرسال و تذكر قبل الإصابة و سمى فالأقوى جواز الاكتفاء به، و اما إذا تركه حين الإرسال عمدا و سمى قبل الإصابة فالاكتفاء به مشكل و لا يترك الاحتياط.

ص: 30

أكله، و كذا ان وجده حيا و لم يتسع الزمان لذبحه فتركه حتى مات، و أما ان اتسع الزمان لذبحه لا يحل الا بالذبح، فلو تركه حتى مات كان ميتة. و أدنى ما يدرك ذكاته ان يجده تطرف عينيه أو تركض رجله أو يحرك ذنبه أو يده، فان وجده هكذا و اتسع الزمان لذبحه لم يحل أكله إلا بالذبح. و كذلك الحال لو وجده بعد عقر الكلب عليه ممتنعا فجعل يعدو خلفه فوقف له، فإن بقي من حياته زمان يتسع لذبحه لم يحل الا بالذبح، و ان لم يتسع له حل بدونه. و يلحق بعدم اتساع الزمان ما إذا وسع و لكن كان ترك التذكية لا بتقصير منه، كما إذا اشتغل بأخذ الإله و سل السكين و امتنع الصيد من التمكين بما فيه من بقية قوة و نحو ذلك فمات قبل ان يمكنه الذبح. نعم لا يلحق به فقد الإله على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلو وجده حيا و اتسع الزمان لذبحه الا أنه لم يكن عنده السكين (1) فلم يذبحه لذلك حتى مات لم يحل أكله.

[مسألة: 4 هل يجب على من أرسل الكلب المسارعة و المبادرة إلى الصيد من حين الإرسال]

مسألة: 4 هل يجب على من أرسل الكلب المسارعة و المبادرة إلى الصيد من حين الإرسال أو من حين ما رآه قد أصاب الصيد و ان كان بعد على امتناعه أو من حين ما أوقفه و صار غير ممتنع، أو لا تجب أصلا؟ الظاهر وجوبها من حين الإيقاف، إذا أشعر بإيقافه و عدم امتناعه يجب عليه المسارعة العرفية حتى انه لو أدركه حيا ذبحه، فلو لم يتسارع ثم وجده ميتا لم يحل أكله، و أما قبل ذلك فالظاهر عدم وجوبها، و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه. هذا إذا احتمل ترتب أثر على المسارعة و اللحوق بالصيد، بأن احتمل انه يدركه حيا و يقدر على ذبحه من جهة اتساع الزمان و وجود الإله، و أما مع عدم احتماله و لو من جهة عدم ما يذبح به (2) فلا إشكال في عدم وجوبها، فلو خلاه حينئذ على حاله الى أن قتله الكلب و أزهق روحه بعقره حل أكله. نعم لو توقف


1- أو كان و لم يقدر على سله من غمده بسرعة متعارفة لانجماده من برودة الهواء أو مانع آخر، بحيث لو لم يكن ذلك المانع لأدرك ذكاته بالنحو المتعارف.
2- هذا أيضا مشكل، فلا يترك الاحتياط فيه.

ص: 31

إحراز كون موته بسبب جرح الكلب لا بسبب آخر على التسارع اليه و تعرف حاله لزم عليه لأجل ذلك.

[مسألة: 5 لا يعتبر في حلية الصيد وحدة المرسل و لا وحدة الكلب]

مسألة: 5 لا يعتبر في حلية الصيد وحدة المرسل و لا وحدة الكلب، فلو أرسل جماعة كلبا واحدا و أرسل واحدا أو جماعة كلابا متعددة فقتلت صيدا حل أكله. نعم يعتبر في المتعدد صائدا أو آلة ان يكون الجميع واجدا للأمور المعتبرة شرعا، فلو كان المرسل اثنين و أحدهما مسلم و الأخر كافر أو سمى أحدهما دون الأخر أو أرسل كلبان أحدهما معلما و الأخر غير معلم لم يحل.

[مسألة: 6 لا يؤكل من الصيد المقتول بالالة الجمادية إلا ما قتله السيف و السكين و الخنجر]

مسألة: 6 لا يؤكل من الصيد المقتول بالالة الجمادية إلا ما قتله السيف و السكين و الخنجر و نحوها من الأسلحة التي تقطع بحدها، أو الرمح و السهم و النشاب مما يشاك بحده حتى العصا التي في طرفها حديدة محددة، من غير فرق بين ما كان فيه نصل كالسهم الذي يركب عليه الريش أو صنع قاطعا أو شائكا بنفسه، بل لا يبعد عدم اعتبار كونه من الحديد، فيكفي بعد كونه سلاحا قاطعا أو شائكا كونه من أي فلز كان حتى الصفر و الذهب و الفضة، بل يحتمل قويا عدم اعتبار كونه مستعملا سلاحا في العادة، فيشمل المخيط و الشك و السفود و نحوها، الا ان الأحوط خلافه (1).

و الظاهر انه لا يعتبر الخرق و الجرح في الأدلة المذكورة- أعني ذات الحديد المحددة- فلو رمى الصيد بسهم أو طعنة برمح فقتله بالرمي و الطعن من دون أن يكون فيه اثر السهم و الرمح حل أكله. و يلحق بالآلة الحديدية ما لم تشتمل على الحديد لكن تكون محددة كالمعراض (2) الذي هو كما قيل خشبة لا نصل فيها الا انها محددة الطرفين ثقيلة الوسط، و السهم الحاد الرأس الذي لا نصل فيه. لكن انما يحل مقتول هذه الإله لو قتلت الصيد بخرقها إياه و شوكها فيه و لو يسيرا، فلو قتلته بثقلها من دون خرق لم


1- لا يترك.
2- و الأحوط هو الاقتصار على ما صنع لذلك.

ص: 32

يحل. و الحاصل انه يعتبر في الإله الجمادية اما ان تكون حديدة محددة (1) و ان لم تكن خارقة و اما ان تكون محددة غير حديدية بشرط كونها خارقة (2).

[مسألة: 7 كل آلة جمادية لم تكن ذات حديد محددة و لا محددة غير حديدية قتلت بخرقها من المثقلات]

مسألة: 7 كل آلة جمادية لم تكن ذات حديد محددة و لا محددة غير حديدية قتلت بخرقها من المثقلات كالحجارة و المقمعة و العمود و البندقية لا يحل مقتولها كالمقتول بالحبالة و الشبكة و الشرك و نحوها. نعم لا بأس بالاصطياد بها و بالحيوان غير الكلب كالفهد و النمر و البازي و نحوها، بمعنى جعل الحيوان الممتنع بها غير ممتنع و تحت اليد، لكنه لا يحل ما يصطاد بها إلا إذا أدرك ذكاته فذكاه.

[مسألة: 8 لا يبعد حلية ما قتل بالالة المعروفة المسماة بالتفنك]

مسألة: 8 لا يبعد حلية ما قتل بالالة المعروفة المسماة بالتفنك إذا سمى الرامي و اجتمعت سائر الشرائط، و البندقية التي قلنا في المسألة السابقة بحرمة مقتولها غير هذه البندقية النافذة الخارقة، خصوصا في الطرز الجديد منها المستحدث في هذه الأعصار الأخيرة مما صنع الرصاص فيه بشكل يشبه المخروط و لا يكون بشكل البندقة.

[مسألة: 9 لا يعتبر في حلية الصيد بالالة الجمادية و حدة الصائد و لا وحدة الإله]

مسألة: 9 لا يعتبر في حلية الصيد بالالة الجمادية و حدة الصائد و لا وحدة الإله، فلو رمى شخص بالسهم و طعن آخر بالرمح و سميا معا فقتلا صيدا حل إذا اجتمعت الشرائط في كليهما، بل إذا أرسل أحد كلبه الى صيد و رماه آخر بسهم فقتل بهما حل ما قتلاه.

[مسألة: 10 يشترط في الصيد بالالة الجمادية جميع ما اشترط في الصيد بالالة الحيوانية]

مسألة: 10 يشترط في الصيد بالالة الجمادية جميع ما اشترط في الصيد بالالة الحيوانية، فيشترط كون الصائد مسلما و التسمية عند استعمال الإله و ان يكون استعمال الإله للاصطياد، فلو رمى الى هدف أو الى عدو أو الى خنزير فأصاب غزالا فقتله لم يحل و ان كان مسميا عند الرمي لغرض من الأغراض، و كذا لو أفلت من يده فأصاب صيدا فقتله. و ان لا يدركه حيا زمانا اتسع للذبح، فلو أدركه كذلك لم يحل


1- إذا استعمل سلاحا، و أما في غيره فقد مر الاحتياط فيه.
2- و قد مر الاحتياط في الاقتصار على ما صنع لذلك.

ص: 33

الا بالذبح. و الكلام في وجوب المسارعة و عدمه كما مر. و ان يستقل الإله المحللة في قتل الصيد، فلو شاركها فيه غيرها لم يحل، فلو سقط بعد اصابة السهم من الجبل أو وقع في الماء و استند موته إليهما- بل و ان لم يعلم استقلال اصابة السهم في إماتته- لم يحل، و كذا لو رماه شخصان فقتلاه و سمى أحدهما و لم يسم الأخر أو كان أحدهما مسلما دون الأخر.

[مسألة: 11 لا يشترط في حلية الصيد إباحة الإله]

مسألة: 11 لا يشترط في حلية الصيد إباحة الإله، فيحل الصيد بالكلب أو السهم المغصوبين و ان فعل حراما و عليه الأجرة، و يملكه الصائد دون صاحب الإله.

[مسألة: 12 الحيوان الذي يحل مقتوله بالكلب و الإله مع اجتماع الشرائط كل حيوان ممتنع مستوحش من طير أو وحش]

مسألة: 12 الحيوان الذي يحل مقتوله بالكلب و الإله مع اجتماع الشرائط كل حيوان ممتنع مستوحش من طير أو وحش، سواء كان كذلك بالأصل كالحمام و الظبي و بقر الوحش أو كان إنسيا فتوحش أو استعصى كالبقر المستعصي و البعير العاصي، و كذلك الصائل من البهائم كالجاموس الصائل و نحوه. و بالجملة كل ما لا يجي ء تحت اليد و لا يقدر عليه غالبا الا بالعلاج، فلا تقع التذكية الصيدية على كل حيوان أهلي مستأنس، سواء كان استيناسه أصليا كالدجاج و الشاة و البعير و البقر أو عارضا كالظبي و الطير المستأنسين، و كذا ولد الوحش قبل ان يقدر على العدو و فرخ الطير قبل نهوضه للطيران، فلو رمى طائرا و فرخه الذي لم ينهض فقتلهما حل الطائر دون الفرخ.

[مسألة: 13 الظاهر أنه كما تقع التذكية الصيدية على الحيوان المأكول اللحم فيحل بها أكل لحمه]

مسألة: 13 الظاهر أنه كما تقع التذكية الصيدية على الحيوان المأكول اللحم فيحل بها أكل لحمه تقع على غير المأكول اللحم (1) القابل للتذكية أيضا، فيطهر بها جلده و يجوز الانتفاع به. نعم القدر المتيقن ما إذا كانت بالالة الجمادية، و أما الحيوانية ففيها تأمل و اشكال.


1- لا ينبغي ترك الاحتياط فيه خصوصا في المقتول بالكلب.

ص: 34

[مسألة: 14 لو قطعت الإله قطعة من الحيوان، فان كانت الإله غير محللة]

مسألة: 14 لو قطعت الإله قطعة من الحيوان، فان كانت الإله غير محللة كالشبكة و الحبالة يحرم الجزء الذي ليس فيه الرأس و محال التذكية، و كذلك الجزء الأخر إذا زال عنه الحياة المستقرة، و ان بقيت حياته (1) المستقرة يحل بالتذكية. و ان كانت الإله محللة كالسيف في الصيد مع اجتماع الشرائط، فإن زال الحياة المستقرة عن الجزءين بهذا التقطيع حلا معا، و كذا ان بقيت الحياة المستقرة و لم يتسع الزمان للتذكية، و ان اتسع لها لا يحل الجزء الذي فيه الرأس إلا بالذبح، و أما الجزء الأخر فهو جزء مبان من الحي فيكون ميتة.

[مسألة: 15 يملك الحيوان الوحشي وحشا كان أو طيرا بأحد أمور ثلاثة]

مسألة: 15 يملك الحيوان الوحشي وحشا كان أو طيرا بأحد أمور ثلاثة:

أحدها: وضع اليد عليه (2) و أخذه حقيقة، مثل ان يأخذ رجله أو قرنه أو جناحه أو شده بحبل و نحوه.

ثانيها: وقوعه في آلة معتادة للاصطياد بها، كالحبالة و الشرك و الشبكة و نحوها إذا نصبها لذلك.

ثالثها: أن يصيره غير ممتنع و يمسكه بآلة، مثل ان رماه فجرحه جراحة منعته عن العدو أو كسر جناحه فمنعه عن الطيران، سواء كانت الإله من الآلات المحللة للصيد كالسهم و الكلب المعلم أو من غيرها كالحجارة و الخشب و الفهد و الباز و الشاهين و غيرها.

و يعتبر في هذا أيضا أن يكون اعمال الإله بقصد الاصطياد و التملك، فلو رماه عبثا أو هدفا أو لغرض آخر لم يملكه الرامي، فلو أخذه شخص آخر بقصد التملك ملكه.

[مسألة: 16 الظاهر أنه يلحق بآلة الاصطياد كل ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان و زوال امتناعه]

مسألة: 16 الظاهر أنه يلحق بآلة الاصطياد كل ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان و زوال امتناعه و لو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها فوقع فيها أو باتخاذ أرض أو إجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحل فيها أو فتح باب البيت و إلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه


1- يعني أدرك ذكاته، و يأتي تفصيل ما يدرك به الذكاة.
2- بقصد الاصطياد و التملك.

ص: 35

العصافير فدخلت فأغلق عليها الباب (1). نعم لو عشش الطير في داره لم يملكه بمجرد ذلك، و كذا لو توحل حيوان في أرضه الموحلة ما لم يجعلها كذلك لأجل ذلك، فلو أخذه إنسان بعد ذلك ملكه و ان عصى في دخول داره أو أرضه بغير إذنه.

[مسألة: 17 لو سعى خلف حيوان حتى أعياه و وقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه]

مسألة: 17 لو سعى خلف حيوان حتى أعياه و وقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه، فلو أخذه غيره قبل أن يأخذه ملكه.

[مسألة: 18 لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد و لم تمسكه الشبكة لضعفها و قوته]

مسألة: 18 لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد و لم تمسكه الشبكة لضعفها و قوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها، و كذا ان أخذ الشبكة و انفلت بها من دون ان يزول عنه الامتناع، فان صاده غيره ملكه ورد الشبكة إلى صاحبها. نعم لو أمسكته الشبكة و أثبتته ثم انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجية لم يخرج بذلك عن ملكه، كما لو أمسكه بيده ثم انفلت منها، و كذا لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع فإنه لناصبها، فلو أخذه غيره لم يملكه بل يجب ان يرده إليه.

[مسألة: 19 لو رماه فجرحه لكن لم يخرجه عن الامتناع فدخل دارا فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار]

مسألة: 19 لو رماه فجرحه لكن لم يخرجه عن الامتناع فدخل دارا فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار، كما انه لو رماه و لم يثبته فرماه شخص آخر فهو للثاني (2) لا الأول.

[مسألة: 20 لو أطلق الصائد صيده من يده فان لم يقصد الاعراض عنه لم يخرج عن ملكه و لا يملكه غيره باصطياده]

مسألة: 20 لو أطلق الصائد صيده من يده فان لم يقصد الاعراض عنه لم يخرج عن ملكه و لا يملكه غيره باصطياده، و ان قصد الاعراض و زوال ملكه عنه فالظاهر أنه يصير كالمباح جاز اصطياده لغيره و يملكه، و ليس للأول الرجوع الى الثاني بعد ما ملكه على الأقوى.


1- فيه اشكال، و لعل الأشبه هنا انه لا يملك الا مع القبض باليد أو الإله بقصد التملك.
2- ان أخذه أو أثبته.

ص: 36

[مسألة: 21 إنما يملك غير الطير بالاصطياد إذا لم يعلم كونه ملكا للغير]

مسألة: 21 إنما يملك غير الطير بالاصطياد إذا لم يعلم كونه ملكا للغير و لو من جهة وجود آثار اليد التي هي امارة على الملك فيه، كما إذا كان طوق في عنقه أو قرط في اذنه أو شد حبل في أحد قوائمه، و أما إذا علم ذلك لم يملكه الصائد بل يرد الى صاحبه ان عرفه و ان لم يعرفه يكون بحكم اللقطة و مجهول المالك. و اما الطير فان كان مقصوص الجناحين كان بحكم ما علم ان له مالكا فيرد الى صاحبه ان عرف و ان لم يعرف كان لقطة. و اما ان ملك جناحيه يتملك بالاصطياد إلا إذا كان له مالك معلوم (1) فيجب عليه رده اليه، و الأحوط فيما إذا علم ان له مالكا و لم يعرفه أن يعامل معه معاملة اللقطة و مجهول المالك كغير الطير.

[مسألة: 22 لو صنع برجا لتعشيش الحمام فعششت فيه لم يملكها]

مسألة: 22 لو صنع برجا لتعشيش الحمام فعششت فيه لم يملكها، خصوصا لو كان الغرض حيازة رزقها مثلا، فيجوز لغيره صيدها و يملك ما صاده، بل لو أخذ حمامة من البرج ملكها و ان اثم من جهة الدخول فيه بغير اذن مالكه، و كذلك فيما إذا عششت في بئر مملوك فإنه لا يملكها مالك البئر.

[مسألة: 23 الظاهر أنه يكفي في تملك النحل الغير المملوكة أخذ أميرها]

مسألة: 23 الظاهر أنه يكفي في تملك النحل الغير المملوكة أخذ أميرها، فمن أخذه من الجبال مثلا و استولى عليه يملكه و يملك كل ما تتبعه (2) من النحل مما تسير بسيرة و تقف بوقوفه و تدخل الكن و تخرج منه بدخوله و خروجه.

[مسألة: 24 ذكاة السمك اما بإخراجه من الماء حيا أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته]

مسألة: 24 ذكاة السمك اما بإخراجه من الماء حيا أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته، سواء كان ذلك باليد أو بآلة كالشبكة و نحوها، فلو وثب على الجد أو نبذه البحر الى الساحل أو نضب الماء الذي كان فيه حل لو أخذه إنسان قبل أن يموت، و حرم لو مات قبل الأخذ و ان أدركه حيا ناظرا اليه على الأقوى.


1- أو كان فيه امارة على الملك كما ذكر في غير الطير.
2- ان لم يكن ما تتبعه متحيرا أو مستعصيا.

ص: 37

[مسألة: 25 لا يشترط في تذكية السمك عند إخراجه من الماء أو أخذه بعد خروجه منه التسمية]

مسألة: 25 لا يشترط في تذكية السمك عند إخراجه من الماء أو أخذه بعد خروجه منه التسمية، كما أنه لا يعتبر في صائده الإسلام، فلو أخرجه كافر أو أخذه فمات بعد أخذه (1) حل، سواء كان كتابيا أو غيره. نعم لو وجده في يده ميتا لم يحل أكله ما لم يعلم انه قد مات خارج الماء بعد إخراجه أو أخذه بعد خروجه و قبل موته، و لا يحرز ذلك بكونه في يده و لا بقوله لو أخبر به، بخلاف ما إذا كان في يد مسلم (2) فإنه يحكم بتذكيته حتى يعلم خلافها.

[مسألة: 26 لو وثب من الماء سمكة إلى السفينة لم يحل ما لم يؤخذ باليد]

مسألة: 26 لو وثب من الماء سمكة إلى السفينة لم يحل ما لم يؤخذ باليد، و لم يملكه السفان و لا صاحب السفينة بل كل من أخذه ملكه. نعم لو قصد صاحب السفينة الصيد بها- بأن جعل في السفينة ضوء بالليل و دق بشي ء كالجرس ليثب فيها السموك فوثبت فيها- فالوجه انه يملكها و يكون وثوبها فيها بسبب هذا الصنع بمنزلة إخراجها حيا فيكون به تذكيتها.

[مسألة: 27 لو نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد السمك فكل ما وقع و احتبس فيهما ملكه]

مسألة: 27 لو نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد السمك فكل ما وقع و احتبس فيهما ملكه، فإن أخرج ما فيها من الماء حيا حل بلا اشكال، و كذا لو نضب الماء و غار و لو بسبب جزره فماتت فيهما بعد نضوبه، و أما لو ماتت في الماء فهل هي حلال أم لا؟ قولان أشهرهما و أحوطهما الثاني، بل لا يخلو من قوة (3). نعم لو أخرج الشبكة من الماء فوجد بعض ما فيه من السمك أو كله ميتا و لم يدر أنه قد مات في الماء أو بعد خروجه، لا يبعد البناء على الثاني و حلية أكله.

[مسألة: 28 لو اخرج السمك من الماء حيا ثم أعاده إلى الماء مربوطا أو غير مربوط فمات فيه حرم]

مسألة: 28 لو اخرج السمك من الماء حيا ثم أعاده إلى الماء مربوطا أو غير مربوط فمات فيه حرم.


1- خارج الماء.
2- إذا عامل معه معاملة الحلال، حيث أن يد المسلم عليه أعم لجواز الانتفاع المحلل من ميتة السمك.
3- القوة ممنوعة. نعم هو أحوط و ان كان الأول غير بعيد.

ص: 38

[مسألة: 29 لو طفي السمك على الماء و زال امتناعه بسبب من الأسباب مثل أن ضرب بمضراب]

مسألة: 29 لو طفي السمك على الماء و زال امتناعه بسبب من الأسباب مثل أن ضرب بمضراب أو بلع ما يسمى بالزهر في لسان بعض الناس أو غير ذلك، فإن أدركه إنسان و أخذه و أخرجه من الماء قبل أن يموت حل و ان مات على الماء حرم، و ان ألقى الزهر أحد فبلعه السمك و صار على وجه الماء لم يملكه الملقي ما لم يأخذه، فلو أخذه غيره ملكه، من غير فرق بين ما إذا لم يقصد سمكا معينا- كما إذا ألقاه في الشط فبلعه بعض السموك- أو قصد سمكا معينا و ألقاه له فبلعه فطفى على الماء، على اشكال في الثاني، لاحتمال (1) كونه كاثبات صيد البر و ازالة امتناعه بالرمي، و قد مر في بابه أنه للرامي فلا يملكه غيره بالأخذ، و كذلك الحال فيما إذا أزيل امتناع السمك باستعمال آلة- كما لو رماه بالرصاص فطفى على الماء و فيه حياة- بل الأمر فيه أشكل لقوة احتمال كونه ملكا لراميه لا لمن أخذه.

[مسألة: 30 لا يعتبر في حلية السمك بعد ما اخرج من الماء حيا أو أخذ حيا بعد خروجه ان يموت خارج الماء بنفسه]

مسألة: 30 لا يعتبر في حلية السمك بعد ما اخرج من الماء حيا أو أخذ حيا بعد خروجه ان يموت خارج الماء بنفسه، فلو قطعه قبل ان يموت و مات بالتقطيع بل لو شواه حيا حل أكله، بل لا يعتبر في حله الموت من أصله، فيحل بلعه حيا، بل لو قطع منه قطعة و أعيد الباقي الى الماء حل ما قطعه، سواء مات الباقي في الماء أم لا.

نعم لو قطع منه قطعة و هو في الماء حي أو ميت لم يحل ما قطعه.

[مسألة: 31 ذكاة الجراد أخذه حيا، سواء كان باليد أو بالالة]

مسألة: 31 ذكاة الجراد أخذه حيا، سواء كان باليد أو بالالة، فلو مات قبل أخذه حرم. و لا يعتبر فيه التسمية و لا إسلام الأخذ كما مر في السمك. نعم لو وجده ميتا في يد الكافر لم يحل ما لم يعلم بأخذه حيا، و لا يجدي يده و لا اخباره في إحراز ذلك كما تقدم في السمك.

[مسألة: 32 لو وقعت نار في أجمة و نحوها فأحرقت ما فيها من الجراد لم يحل و ان قصده المحرق]

مسألة: 32 لو وقعت نار في أجمة و نحوها فأحرقت ما فيها من الجراد لم يحل و ان قصده المحرق. نعم لو أحرقها أو شواها أو طبخها بعد ما أخذت قبل أن


1- هذا الاحتمال قوى في الفروض الثلاثة إذا كان بقصد التملك و الاصطياد.

ص: 39

تموت حل كما مر في السمك، كما أنه لو فرض كون النار آلة صيد الجراد- بأنه لو أججها اجتمعت من الأطراف و ألقت أنفسها فيها- فأججها لذلك فاجتمعت و احترقت بها لا يبعد حلية ما احترقت بها من الجراد، لكونها حينئذ من آلات الصيد كالشبكة و الحظيرة للسمك.

[مسألة: 33 لا يحل من الجراد ما لم يستقل بالطيران]

مسألة: 33 لا يحل من الجراد ما لم يستقل بالطيران، و هو المسمى بالدبا على وزن العصا، و هو الجراد إذا تحرك و لم تنبت بعد أجنحته.

[القول في الذباحة]

اشارة

القول في الذباحة:

و الكلام في: الذابح، و آلة الذبح، و كيفيته، و بعض الأحكام المتعلقة به في طي مسائل.

[مسألة: 1 يشترط في الذابح أن يكون مسلما أو بحكمه كالمتولد منه]

مسألة: 1 يشترط في الذابح أن يكون مسلما أو بحكمه كالمتولد منه، فلا تحل ذبيحة الكافر مشركا كان أم غيره حتى الكتابي على الأقوى. و لا يشترط فيه الايمان، فتحل ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا (1) النواصب المحكوم بكفرهم و هم المعلنون بعداوة أهل البيت عليهم السلام كالخارجي و ان أظهر الإسلام.

[مسألة: 2 لا يشترط فيه الذكورة و لا البلوغ و لا غير ذلك]

مسألة: 2 لا يشترط فيه الذكورة و لا البلوغ و لا غير ذلك، فتحل ذبيحة المرأة فضلا عن الخنثى، و كذا الحائض و الجنب و النفساء و الطفل إذا كان مميزا (2) و الأعمى و الأغلف و ولد الزنا.

[مسألة: 3 لا يجوز الذبح بغير الحديد مع الاختيار]

مسألة: 3 لا يجوز الذبح بغير الحديد مع الاختيار، فان ذبح بغيره مع التمكن منه لم يحل و ان كان من المعادن المنطبعة كالصفر و النحاس و الذهب و الفضة


1- و غيرهم من المنتحلين للإسلام المحكوم بكفرهم، مثل الغلاة و الخوارج و غيرهم.
2- و أحسن الذبح، لكن لو شك في صحة ذبحه لا يجرى فيه أصالة الصحة، و في اعتبار قوله اشكال.

ص: 40

و غيرها. نعم لو لم يوجد الحديد و خيف (1) فوت الذبيحة بتأخير ذبحها جاز بكل ما يفري أعضاء الذبح و لو كان قصبا أو ليطة أو حجارة حادة أو زجاجة أو غيرها. نعم في وقوع الذكاة بالسن و الظفر مع الضرورة إشكال، و ان كان الوقوع لا يخلو من رجحان (2).

[مسألة: 4 الواجب في الذبح قطع تمام الأعضاء الأربعة]

مسألة: 4 الواجب في الذبح قطع تمام (3) الأعضاء الأربعة: الحلقوم، و هو مجرى النفس دخولا و خروجا. و المري، و هو مجرى الطعام و الشراب و محله تحت الحلقوم. و الودجان، و هما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم أو المري. و ربما يطلق على هذه الأربعة الأوداج الأربعة، و اللازم قطعها رأسا، فلا يكفي شقها من دون قطعها و فصلها.

[مسألة: 5 محل الذبح في الحلق تحت اللحيين على نحو يقطع به الأوداج الأربعة]

مسألة: 5 محل الذبح في الحلق تحت اللحيين على نحو يقطع به الأوداج الأربعة، و اللازم وقوعه تحت العقدة المسماة في لسان أهل هذا الزمان بالجوزة و جعلها في الرأس دون الجثة و البدن، بناء على ما قد يدعى من تعلق الحلقوم أو الأعضاء الأربعة بتلك العقدة على وجه لو لم يبقها الذابح في الرأس بتمامها و لم يقع الذبح من تحتها لم تقطع الأوداج بتمامها. و هذا أمر يعرفه أهل الخبرة الممارسون لذلك، فان كان الأمر كذلك أو لم يحصل القطع بقطع الأوداج بتمامها بدون ذلك فاللازم مراعاته، كما انه يلزم أن يكون شي ء من هذه الأعضاء الأربعة على الرأس حتى يعلم انها قد انقطعت و انفصلت عما يلي الرأس.

[مسألة: 6 يشترط أن يكون الذبح من القدام]

مسألة: 6 يشترط أن يكون الذبح من القدام، فلو ذبح من القفا و أسرع الى أن قطع ما يعتبر قطعه من الأوداج قبل خروج الروح حرمت. نعم لو قطعها من القدام


1- أو احتاج الى الذبح عاجلا.
2- فيه تأمل، و الأحوط عدم وقوعه بهما حتى فيما إذا كانا منفصلين عن البدن.
3- مع الإمكان، و أما مع التعذر فيأتي حكمه إن شاء اللّٰه في المستعصي و المتردي.

ص: 41

لكن لا من الفوق بأن أدخل السكين تحت الأعضاء و قطعها الى فوق لم تحرم الذبيحة، و ان فعل مكروها على قول و محرما على قول آخر، و لعله الأظهر.

[مسألة: 7 يجب التتابع في الذبح، بأن يستوفي قطع الأعضاء قبل زهوق الروح من الذبيحة]

مسألة: 7 يجب التتابع في الذبح، بأن يستوفي قطع الأعضاء قبل زهوق الروح من الذبيحة، فلو قطع بعضها و أرسلها حتى انتهت الى الموت ثم استأنف و قطع الباقي حرمت، بل لا يترك الاحتياط بأن لا يفصل بينها بما يخرج عن المتعارف المعتاد و لا يعد معه عملا واحدا عرفا بل يعد عملين، و ان استوفى التمام قبل خروج الروح منها.

[مسألة: 8 لو قطع رقبة الذبيحة من القفا و بقيت أعضاء الذباحة]

مسألة: 8 لو قطع رقبة الذبيحة من القفا و بقيت أعضاء الذباحة، فإن بقيت لها الحياة المستكشفة بالحركة (1) و لو كانت يسيرة ذبحت و حلت، و الا لم تحل و صارت ميتة.

[مسألة: 9 لو أخطأ الذابح و ذبح من فوق العقدة و لم يقطع الأعضاء الأربعة]

مسألة: 9 لو أخطأ الذابح و ذبح من فوق العقدة و لم يقطع الأعضاء الأربعة، فان لم تبق لها الحياة حرمت، و ان بقيت لها الحياة يمكن أن يتدارك، بأن يتسارع إلى إيقاع الذبح من تحت و قطع الأعضاء و حلت.

[مسألة: 10 لو أكل الذئب مثلا مذبح الحيوان و أدركه حيا]

مسألة: 10 لو أكل الذئب مثلا مذبح الحيوان و أدركه حيا، فإن أكل الأوداج من فوق أو من تحت و بقي مقدار (2) من الجميع معلقة بالرأس أو متصلة بالبدن يمكن ذبحه الشرعي، بأن يقطع ما بقي منها. و كذلك لو أكل بعضها تماما و أبقى بعضها كذلك، كما إذا أكل الحلقوم بالتمام و أبقى الباقي كذلك و كان بعد حيا، فلو قطع الباقي مع الشرائط وقعت عليه الذكاة و كان حلالا. و أما ان أكل التمام بالتمام بحيث لم يبق شي ء منها، فالظاهر انه غير قابل للتذكية.

[مسألة: 11 يشترط في التذكية الذبيحة مضافا الى ما مر أمور]

مسألة: 11 يشترط في التذكية الذبيحة مضافا الى ما مر أمور:

«أحدها»- الاستقبال بالذبيحة حال الذبح، بأن يوجه مذبحها و مقاديم بدنها


1- بعد تمامية الذبح كما يأتي منه قدس سره.
2- في حليته ما لم يبق تمام أعضائه الأربعة سليما اشكال فلا يترك الاحتياط.

ص: 42

إلى القبلة، فإن أخل به فان كان عامدا عالما حرمت و ان كان ناسيا أو جاهلا أو خطأ في القبلة أو في العمل لم تحرم، و لو لم يعلم جهة القبلة أو لم يتمكن من توجيهها إليها سقط هذا الشرط. و لا يشترط استقبال الذابح على الأقوى، و ان كان أحوط و أولى.

«ثانيها»- التسمية من الذابح، بأن يذكر اسم اللّٰه عليه حينما بتشاغل بالذبح أو متصلا به عرفا (1)، فلو أخل بها فان كان عمدا حرمت و ان كان نسيانا لم تحرم.

و في إلحاق الجهل بالحكم بالنسيان أو العمد قولان، أظهرهما الثاني. و المعتبر في التسمية وقوعها بهذا القصد، أعني بعنوان كونها على الذبيحة، و لا تجزى التسمية الاتفاقية الصادرة لغرض آخر.

«ثالثها»- صدور حركة منها بعد تمامية الذبح كي تدل على وقوعه على الحي و لو كانت جزئية، مثل أن تطرف عينها أو تحرك اذنها أو ذنبها أو تركض برجلها و نحوها. و لا يحتاج مع ذلك الى خروج الدم المعتدل، فلو تحرك و لم يخرج الدم أو خرج متثاقلا و متقاطرا لا سائلا معتدلا كفى في التذكية. و في الاكتفاء به أيضا حتى يكون المعتبر أحد الأمرين من الحركة أو خروج الدم المعتدل قول مشهور (2)، لكن عندي فيه تردد و اشكال. هذا إذا لم يعلم حياته، و اما إذا علم حياته بخروج مثل هذا الدم اكتفى به بلا إشكال.

[مسألة: 12 لا يعتبر كيفية خاصة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح]

مسألة: 12 لا يعتبر كيفية خاصة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح، فلا فرق بين أن يضعها على الجانب الأيمن كهيئة الميت حال الدفن و ان يضعها على الأيسر.

[مسألة: 13 لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة و ان يكون في ضمن البسملة]

مسألة: 13 لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة و ان يكون في ضمن البسملة، بل المدار على صدق ذكر اسم اللّٰه عليها، فيكفي أن يقول «باسم اللّٰه» أو «اللّٰه أكبر» أو «الحمد للّٰه» أو «لا إله إلا اللّٰه» و نحو ذلك. و في الاكتفاء بلفظ «اللّٰه» من دون


1- قبل الشروع.
2- و عليه أكثر المتأخرين و هو الأقوى.

ص: 43

ان يقرن بما يصير به كلاما تاما دالا على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد اشكال، كالتعدي من لفظ اللّٰه الى سائر أسمائه الحسنى كالرحمن و الرحيم و الخالق و غيرها، و كذا التعدي الى ما يرادف هذه اللفظة المباركة في لغة أخرى كلفظة يزدان في الفارسية و غيرها في غيرها، فان فيه اشكالا، بل عدم الجواز قوي جدا (1).

[مسألة: 14 ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه يشترط في حلية الذبيحة استقرار الحياة لها قبل الذبح]

مسألة: 14 ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه يشترط في حلية الذبيحة استقرار الحياة لها قبل الذبح، فلو كانت غير مستقرة الحياة لم تحل بالذبح و كانت ميتة، و فسروا الاستقرار المزبور بأن لا تكون مشرفة على الموت بحيث لا يمكن أن يعيش مثلها اليوم أو نصف يوم، كالمشقوق بطنه و المخرج حشوته و المذبوح من قفاه الباقية أوداجه و الساقط عن شاهق تكسرت عظامه و ما أكل السبع بعض ما به حياته و أمثال ذلك، و الأقوى عدم اعتبار استقرار الحياة بالمعنى المزبور، بل المعتبر أصل الحياة و لو كانت عند اشراف انقطاعها و خروجها، فان علم ذلك و الا يكون الكاشف عنها الحركة بعد الذبح و لو كانت جزئية يسيرة (2) كما تقدم.

[مسألة: 15 لا يشترط في حلية أكل الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حيا أن يكون خروج روحها بذلك الذبح]

مسألة: 15 لا يشترط في حلية أكل الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حيا أن يكون خروج روحها بذلك الذبح، فلو وقع عليها الذبح الشرعي ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت من جبل و نحو ذلك فماتت بذلك حلت على الأقوى.

[مسألة: 16 يختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيته بالنحر]

مسألة: 16 يختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيته بالنحر، كما أن غيره يختص بالذبح، فلو ذبح الإبل أو نحر غيره كان ميتة. نعم لو بقيت له الحياة بعد ذلك أمكن التدارك- بأن يذبح ما يجب ذبحه بعد ما نحر أو ينحر ما يجب نحره بعد ما ذبحه- و وقعت عليه التذكية.

[مسألة: 17 كيفية النحر و محله]

مسألة: 17 كيفية النحر و محله أن يدخل سكينا أو رمحا و نحوهما من


1- أو خروج الدم المعتدل كما قويناه.
2- القوة ممنوعة لكنه أحوط.

ص: 44

الآلات الحادة الحديدية في لبته، و هي المحل المنخفض الواقع بين أصل العتق و الصدر. و يشترط فيه كل ما اشترط في التذكية الذبحية، فيشترط في الناحر ما اشترط في الذابح. و في آلة النحر ما اشترط في آلة الذبح، و يجب التسمية عند النحر كما تجب عند الذبح، و يجب الاستقبال بالمنحور كما يجب بالذبيحة، و في اعتبار الحياة أو استقرارها هنا ما مر في الذبيحة.

[مسألة: 18 يجوز نحر الإبل قائمة و باركة مقبلة إلى القبلة]

مسألة: 18 يجوز نحر الإبل قائمة و باركة مقبلة إلى القبلة، بل يجوز نحرها ساقطة على جنبها مع توجيه منحرها و مقاديم بدنها إلى القبلة، و ان كان الأفضل كونها قائمة.

[مسألة: 19 كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان اما لاستعصائه أو لوقوعه في موضع]

مسألة: 19 كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان اما لاستعصائه أو لوقوعه في موضع لا يتمكن الإنسان من الوصول الى موضع الذكاة ليذبحه أو ينحره- كما لو تردى في البئر أو وقع في مكان ضيق و خيف موته- جاز أن يعقره بسيف أو سكين أو رمح أو غيرها مما يجرحه و يقتله، و يحل أكله و ان لم يصادف العقر موضع التذكية، و سقطت شرطية الذبح و النحر و كذلك الاستقبال. نعم سائر الشرائط من التسمية و شرائط الذابح و الناحر تجب مراعاتها، و أما الإله فيعتبر فيها ما مر في آلة الصيد الجمادية فراجع، و في الاجتزاء هنا بعقر الكلب وجهان أقواهما ذلك في المستعصي (1) دون غيره كالمتردي (2).

[مسألة: 20 للذباحة و النحر آداب و وظائف بين مستحبة و مكروهة]

مسألة: 20 للذباحة و النحر آداب و وظائف بين مستحبة و مكروهة:

اما المستحبة:

فمنها: ان يربط يدي الغنم مع احدى رجليه و يطلق الأخرى و يمسك صوفه و شعره بيده حتى تبرد، و في البقر أن يعقل قوائمه الأربع و يطلق ذنبه، و في الإبل


1- و الصائل.
2- و الواقع في مكان ضيق.

ص: 45

أن تكون قائمة و يربط يديها ما بين الخفين الى الركبتين أو الإبطين و يطلق رجليها، و في الطير أن يرسله بعد الذبح حتى يرفرف.

و منها: أن يكون الذابح أو الناحر مستقبل القبلة.

و منها: ان يعرض عليه الماء قبل الذبح أو النحر.

و منها: ان يعامل مع الحيوان في الذبح أو النحر و مقدماتهما ما هو الأسهل و الأروح و أبعد من التعذيب و الأذية له، بأن يساق الى الذبح أو النحر برفق و يضجعه للذبح برفق، و ان يحدد الشفرة و توارى و تستر عنه حتى لا يراها، و ان يسرع في العمل و يمر السكين في المذبوح بقوة، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله «ان اللّٰه تعالى شأنه كتب عليكم الإحسان في كل شي ء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته». و في نبوي آخر انه صلى اللّٰه عليه و آله أمر أن تحد الشفار و ان توارى عن البهائم.

و اما المكروهة:

فمنها: إبانة الرأس قبل خروج الروح منها (1) عند الأكثر، و حرمها جماعة و هو الأحوط، و لا تحرم الذبيحة بفعلها و لو قلنا بالحرمة على الأقوى. هذا مع التعمد، و أما مع الغفلة أو سبق السكين فلا حرمة و لا كراهة لا في الأكل و لا في الإبانة بلا اشكال.

و منها: أن تنخع الذبيحة، بمعنى اصابة السكين الى نخاعها، و هو الخيط الأبيض وسط الفقار الممتد من الرقبة إلى عجز الذنب.

و منها: أن يسلخ جلدها قبل خروج الروح منها، و قيل فيه بالحرمة و ان لم تحرم الذبيحة، و هي الأحوط.

و منها: أن يقرب السكين و يدخلها تحت الحلقوم و يقطع الى فوق.

و منها: ان يذبح حيوان و حيوان آخر ينظر اليه.


1- لا يترك الاحتياط بترك الإبانة، و كذا بترك سلخ الجلد قبل خروج الروح.

ص: 46

و منها: ان يذبح ليلا و بالنهار قبل الزوال يوم الجمعة إلا مع الضرورة.

و منها: ان يذبح بيده ما رباه من النعم.

[مسألة: 21 إذا خرج الجنين أو اخرج من بطن امه، فمع حياة الأم أو موتها بدون التذكية لم يحل أكله]

مسألة: 21 إذا خرج الجنين أو اخرج من بطن امه، فمع حياة الأم أو موتها بدون التذكية لم يحل أكله إلا إذا كان حيا و وقعت عليه التذكية، و كذا ان خرج أو أخرج حيا من بطن امه المذكاة فإنه لم يحل إلا بالتذكية، فلو لم يذك لم يحل و ان كان عدم التذكية من جهة عدم اتساع الزمان لها على الأقوى، و اما لو خرج أو أخرج ميتا من بطن امه المذكاة حل أكله و كانت تذكيته بتذكية أمه لكن بشرط كونه تام الخلقة و قد أشعر أو أوبر، فان لم تتم خلقته و لم يشعر و لا أوبر كان ميتة و حراما.

و لا فرق في حليته مع الشرط المزبور بين ما لم تلجه الروح بعد و بين ما ولجته فمات في بطن امه على الأقوى (1).

[مسألة: 22 لو كان الجنين حيا حال إيقاع الذبح أو النحر على امه و مات بعده]

مسألة: 22 لو كان الجنين حيا حال إيقاع الذبح أو النحر على امه و مات بعده قيل أن يشقوا بطنها و يستخرج منها حل على الأقوى لو بادر الى شق بطنها و لم يدرك حياته، بل و لو لم يبادر و لم يؤخر زائدا على القدر المتعارف في شق بطون الذبائح بعد الذبح، و ان كان الأحوط المبادرة و عدم التأخير حتى بالمقدار المتعارف، و أما لو أخر زائدا عن المقدار المتعارف و مات قبل أن يشق البطن فالظاهر عدم حليته.

[مسألة: 23 لا إشكال في وقوع التذكية على كل حيوان حل أكله ذاتا و ان حرم بالعارض]

مسألة: 23 لا إشكال في وقوع التذكية على كل حيوان حل أكله ذاتا و ان حرم بالعارض كالجلال و الموطوء بحريا كان أو بريا وحشيا كان أو إنسيا طيرا كان أو غيره، و ان اختلف في كيفية التذكية على ما سبق تفصيلها، و أثر التذكية فيها طهارة لحمها و جلدها و حلية أكل لحمها لو لم يحرم بالعارض، و أما غير المأكول من الحيوان


1- بعد التذكية، و أما ان مات قبل التذكية بسبب ضربة وقعت على أمه أو مرض فحرام قطعا.

ص: 47

فما ليس له نفس سائلة لا أثر للتذكية فيه لا من حيث الطهارة و لا من حيث الحلية لأنه طاهر و محرم اكله على كل حال، و أما ما كان له نفس سائلة فما كان نجس العين كالكلب و الخنزير ليس قابلا للتذكية، و كذا المسوخ غير السباع كالفيل و الدب و القرد و نحوها، و الحشرات و هي الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض كالفأرة و ابن عرس و الضب و نحوها على الأحوط لو لم يكن الأقوى فيهما. و اما السباع- و هي ما تفترس الحيوان و تأكل اللحم سواء كانت من الوحوش كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و ابن آوى و غيرها أو من الطيور كالصقر و البازي و الباشق و غيرها- فالأقوى قبولها التذكية و بها يطهر لحومها و جلودها، فيحل الانتفاع بها، بأن تلبس في غير الصلاة و يفترش بها، بل بأن تجعل وعاء للمائعات، كأن تجعل قربة ماء أو عكة سمن أو دبة دهن و نحوها و ان لم تدبغ على الأقوى، و ان كان الأحوط ان لا تستعمل ما لم تكن مدبوغة.

[مسألة: 24 الظاهر أن جميع أنواع الحيوان المحرم الأكل مما كانت له نفس سائلة غير ما ذكر من أنواع الوحوش]

مسألة: 24 الظاهر أن جميع أنواع الحيوان المحرم الأكل مما كانت له نفس سائلة غير ما ذكر من أنواع الوحوش و الطيور المحرمة تقع عليها التذكية، فتطهر بها لحومها و جلودها.

[مسألة: 25 تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرم الأكل انما يكون بالذبح]

مسألة: 25 تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرم الأكل انما يكون بالذبح مع الشرائط المعتبرة في ذبح الحيوان المحلل، و كذا بالاصطياد بالالة الجمادية في خصوص الممتنع منها كالمحلل، و في تذكيتها بالاصطياد بالكلب المعلم تردد و إشكال.

[مسألة: 26 ما كان بيد المسلم من اللحوم و الشحوم و الجلود]

مسألة: 26 ما كان بيد المسلم (1) من اللحوم و الشحوم و الجلود إذا لم يعلم كونها من غير الذكي يؤخذ منه و يعامل معه معاملة المذكى، فيجوز بيعه و شراؤه و أكله و استصحابه في الصلاة و سائر الاستعمالات المتوقفة على التذكية، و لا يجب عليه الفحص و السؤال، بل و لا يستحب، بل نهي عنه، و كذلك ما يباع منها في سوق المسلمين، سواء كان بيد المسلم أو مجهول الحال، بل و كذا ما كان مطروحا في


1- في سوق المسلمين و أما المأخوذ منه في سوق الكفار فالأحوط الاجتناب عنه.

ص: 48

أرضهم إذا كان فيه اثر الاستعمال، كما إذا كان اللحم مطبوخا أو الجلد مخيطا أو مدبوغا. و بالجملة كانت فيه أمارة تدل على وقوع اليد عليه، بل و كذا إذا أخذ من الكافر و علم كونه مسبوقا بيد المسلم على الأقوى. و أما ما يؤخذ من يد الكافر و لو في بلاد المسلمين و لم يعلم كونه مسبوقا بيد المسلم و ما كان بيد مجهول الحال في بلاد الكفار أو كان مطروحا في أرضهم يعامل معه معاملة غير المذكى، و هو بحكم الميتة.

و المدار في كون البلد أو الأرض منسوبا الى المسلمين غلبة السكان و القاطنين بحيث ينسب عرفا إليهم و لو كانوا تحت سلطنة الكفار، كما ان هذا هو المدار في بلد الكفار.

و لو تساوت النسبة من جهة عدم الغلبة فحكمه حكم بلد الكفار.

[مسألة: 27 لا فرق في إباحة ما يؤخذ من يد المسلم بين كونه مؤمنا أو مخالفا يعتقد طهارة جلد الميتة بالدبغ]

مسألة: 27 لا فرق في إباحة ما يؤخذ من يد المسلم بين كونه مؤمنا أو مخالفا يعتقد طهارة جلد الميتة بالدبغ و يستحل ذبائح أهل الكتاب و لا يراعي الشروط التي اعتبرناها في التذكية، و كذا لا فرق بين كون الأخذ موافقا من المأخوذ منه في شرائط التذكية اجتهادا أو تقليدا أو مخالفا معه فيها إذا احتمل تذكيته على وفق مذهب الآخذ.

كما إذا كان المأخوذ منه يعتقد كفاية قطع الحلقوم في الذبح و يعتقد الآخذ لزوم قطع الأوداج الأربعة، إذا احتمل ان ما بيده قد روعي فيه ذلك و ان لم يلزم رعايته عنده.

و اللّٰه العالم.

ص: 49

[كتاب الأطعمة و الأشربة]

اشارة

كتاب الأطعمة و الأشربة و المقصود من هذا الكتاب بيان المحلل و المحرم من الحيوان و غير الحيوان.

[القول في الحيوان]

اشارة

القول في الحيوان:

[مسألة: 1 لا يؤكل من حيوان البحر الا السمك فيحرم غيره من أنواع حيوانه]

مسألة: 1 لا يؤكل من حيوان البحر الا السمك (1) فيحرم غيره من أنواع حيوانه، حتى ما يؤكل مثله في البر كبقرة على الأقوى.

[مسألة: 2 لا يؤكل من السمك الا ما كان له فلس و قشور بالأصل و ان لم تبق و زالت بالعارض]

مسألة: 2 لا يؤكل من السمك الا ما كان له فلس و قشور بالأصل و ان لم تبق و زالت بالعارض، كالكنعت فإنه على ما ورد فيه حوت سيئة الخلق تحتك بكل شي ء فيذهب فلسها و لذا لو نظرت إلى أصل أذنها وجدته فيه. و لا فرق بين أقسام السمك ذي القشور، فيحل جميعها صغيرها و كبيرها من البز و البني و الشبوط و القطان و الطبراني و الإبلامي و غيرها، و لا يؤكل منه ما ليس له فلس في الأصل كالجري و الزمار و الزهو و المارماهي.

[مسألة: 3 الإربيان المسمى في لسان أهل هذا الزمان بالروبيان من جنس السمك]

مسألة: 3 الإربيان المسمى في لسان أهل هذا الزمان بالروبيان من جنس السمك الذي له فلس فيجوز أكله.

[مسألة: 4 بيض السمك تتبع السمك، فبيض المحلل حلال و ان كان أملس]

مسألة: 4 بيض السمك تتبع السمك، فبيض المحلل حلال و ان كان أملس، و بيض المحرم حرام و ان كان خشنا. و إذا اشتبه انه من المحلل أو من المحرم حل


1- أو الطير مما يحل مثله في البر.

ص: 50

أكله، و الأحوط في حال الاشتباه عدم أكل ما كان أملس.

[مسألة: 5 البهائم البرية من الحيوان صنفان: إنسية، و وحشية]

مسألة: 5 البهائم البرية من الحيوان صنفان: إنسية، و وحشية:

اما الإنسية فيحل منها جميع أصناف الغنم و البقر و الإبل و يكره الخيل و البغال و الحمير، أخفها كراهة الأول، و اختلف في الأخيرين فقيل بأخفية الثاني و قيل بأخفية الأول، و تحرم منها غير ذلك كالكلب و السنور و غيرهما.

و اما الوحشية فتحل منها الظبي و الغزلان و البقر و الكباش الجبلية و اليحمور و الحمير الوحشية، و تحرم منها السباع، و هي ما كان مفترسا و له ظفر و ناب قويا كان كالأسد و النمر و الفهد و الذئب أو ضعيفا كالثعلب و الضبع و ابن آوى، و كذا يحرم الأرنب و ان لم يكن من السباع، و كذا تحرم الحشرات كلها كالحية و الفارة و الضب و اليربوع و القنفذ و الصراصر و الجعل و البراغيث و القمل و غيرها مما لا تحصى.

[مسألة: 6 يحل من الطير الحمام بجميع أصنافه كالقماري و هو الأزرق و الدباسي]

مسألة: 6 يحل من الطير الحمام بجميع أصنافه كالقماري و هو الأزرق و الدباسي و هو الأحمر و الورشان و هو الأبيض، و الدراج و القبج و القطا و الطيهوج و البط و الكروان و الحبارى و الكركي و الدجاج بجميع اقسامه، و العصفور بجميع أنواعه و منه البلبل و الزرزور و القبرة و هي التي على رأسها القنزعة، و قد ورد انها من مسحة سليمان عليه السلام. و يكره منه الهدهد و الخطاف، و هو الذي يأوي البيوت و آنس الطيور بالناس، و الصرد و هو طائر ضخم الرأس و المنقار يصيد العصافير أبقع نصفه و نصفه أبيض، و الصوام و هو طائر أغبر اللون طويل الرقبة أكثر ما يبيت في النخل، و الشقراق و هو طائر أخضر مليح بقدر الحمام خضرته حسنة مشبعة في أجنحته سواد و يكون مخططا بحمرة و خضرة و سواد. و لا يحرم شي ء منها حتى الخطاف على الأقوى. و يحرم منه الخفاش و الطاوس و كل ذي مخلب، سواء كان قويا يقوى به على افتراس الطير كالبازي و الصقر و العقاب و الشاهين و الباشق، أو ضعيفا لا يقوى به على ذلك كالنسر و البغاث.

ص: 51

[مسألة: 7 الأحوط التنزه و الاجتناب عن الغراب بجميع أنواعه حتى الزاغ]

مسألة: 7 الأحوط (1) التنزه و الاجتناب عن الغراب بجميع أنواعه حتى الزاغ و هو غراب الزرع و الغداف الذي هو أصغر منه أغبر اللون كالرماد، و يتأكد الاحتياط في الأبقع الذي فيه سواد و بياض و يقال له العقعق و الأسود الكبير الذي يسكن الجبال و هما يأكلان الجيف، و يحتمل قويا كونهما من سباع الطير، فيقوى فيهما الحرمة.

[مسألة: 8 يميز محلل الطير عن محرمه بأمرين جعل كل منهما في الشرع علامة للحل و الحرمة]

مسألة: 8 يميز محلل الطير عن محرمه بأمرين جعل كل منهما في الشرع علامة للحل و الحرمة فيما لم ينص على حليته و لا على حرمته دون ما نص فيه على حكمه من حيث الحل أو الحرمة كالانواع المتقدمة:

«أحدهما»- الصفيف و الدفيف، فكل ما كان صفيفه و هو بسط جناحيه عند الطيران أكثر من دفيفه و هو تحريكهما عنده فهو حرام، و ما كان بالعكس بأن كان دفيفه أكثر من صفيفه فهو حلال.

«ثانيهما»- الحوصلة و القانصة و الصيصية، فما كان فيه أحد هذه الثلاثة فهو حلال و ما لم يكن فيه شي ء منها فهو حرام. و الحوصلة ما يجتمع فيه الحب و غيره من المأكول عند الحلق. و القانصة في الطير بمنزلة الكرش لغيره (2) أو هي قطعة صلبة تجتمع فيها الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير. و الصيصية هي الشوكة التي في رجل الطير موضع العقب. و يتساوى طير الماء مع غيره في العلامتين المزبورتين، فما كان دفيفه أكثر من صفيفه أو كان فيه أحد الثلاثة الحوصلة و القانصة و الصيصية فهو حلال و ان كان يأكل السمك، و ما كان صفيفه أكثر من دفيفه أو من لم يوجد فيه شي ء من الثلاثة فهو حرام.

[مسألة: 9 لو تعارضت العلامتان- كما إذا كان ما صفيفه أكثر من دفيفه ذا حوصلة أو قانصة أو صيصية]

مسألة: 9 لو تعارضت العلامتان- كما إذا كان ما صفيفه أكثر من دفيفه ذا حوصلة أو قانصة أو صيصية أو كان ما دفيفه أكثر من صفيفه فاقدا للثلاثة- فالظاهر أن


1- بل الأقوى خصوصا مع ما يقال من ان الغربان كلها ذو مخالب.
2- كما في المسالك أو بمنزلة المصارين كما في الجواهر، و في المنجد بمنزلة المعدة من الإنسان.

ص: 52

الاعتبار بالصفيف و الدفيف، فيحرم الأول و يحل الثاني على اشكال في الثاني (1) فلا يترك الاحتياط، لكن ربما قيل بالتلازم بين العلامتين و عدم وقوع التعارض بينهما فلا إشكال.

[مسألة: 10 لو رأى طيرا يطير و له صفيف و دفيف و لم يتبين أيهما أكثر تعين له الرجوع الى العلامة الثانية]

مسألة: 10 لو رأى طيرا يطير و له صفيف و دفيف و لم يتبين أيهما أكثر تعين له الرجوع الى العلامة الثانية، و هي وجود أحد الثلاثة و عدمها فيه، و كذا إذا وجد طيرا مذبوحا لم يعرف حاله.

[مسألة: 11 لو فرض تساوي الصفيف و الدفيف فيه فالمشهور على حليته]

مسألة: 11 لو فرض تساوي الصفيف و الدفيف فيه فالمشهور على حليته لكن لا يخلو من اشكال، فالأحوط أن يرجع فيه الى العلامة الثانية (2).

[مسألة: 12 بيض الطيور تابعة لها في الحل و الحرمة]

مسألة: 12 بيض الطيور تابعة لها في الحل و الحرمة، فبيض المحلل حلال و بيض المحرم حرام، و ما اشتبه انه من المحلل أو المحرم يؤكل ما اختلف طرفاها و تميز رأسها من تحتها مثل بيض الدجاج، دون ما اتفق و تساوى طرفاه.

[مسألة: 13 النعامة من الطيور، و هي حلال لحما و بيضا على الأقوى]

مسألة: 13 النعامة من الطيور، و هي حلال لحما و بيضا على الأقوى.

[مسألة: 14 اللقلق لم ينص على حرمته و لا على حليته]

مسألة: 14 اللقلق لم ينص على حرمته و لا على حليته، فليرجع في حكمه الى علامات الحل و الحرمة. أما من جهة الدفيف و الصفيف فقد اختلف في ذلك أنظار من تفقده، فبعض ادعى أن دفيفه أكثر من صفيفه، و بعض ادعى العكس، و لعل طيرانه غير منتظم. و كيف كان إذا تبين حاله من جهة الدفيف و الصفيف فهو، و الا فليرجع إلى العلامة الثانية، و هي وجود احدى الثلاث و عدمها.

[مسألة: 15 تعرض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل من أمور]

مسألة: 15 تعرض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل من أمور:

فمنها: الجلل، و هو أن يتغذى الحيوان عذرة الإنسان بحيث يصدق عرفا انها


1- لم يعلم وجه الفرق بينهما.
2- و ان لم يعرف حاله لا من العلامة الاولى و لا من الثانية، فإن علم انه يقبل التذكية فأكله حلال، و ان احتمل عدم قبوله للتذكية فبأصالة عدم التذكية يحكم بحرمته سواء كانت الشبهة موضوعية أو حكمية.

ص: 53

غذاؤه، و لا يلحق بعذرة الإنسان عذرة غيره و لا سائر النجاسات. و يتحقق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها، فلو كان يتغذى بها مع غيرها لم يتحقق الصدق، فلم يحرم الا ان يكون تغذيه بغيرها نادرا جدا بحيث يكون بأنظار العرف بحكم العدم. و بأن يكون تغذيه بها مدة معتدا بها، و الظاهر عدم كفاية يوم و ليلة، بل يشك صدقه بأقل من يومين بل ثلاثة.

[مسألة: 16 يعم حكم الجلل كل حيوان محلل حتى الطير و السمك]

مسألة: 16 يعم حكم الجلل كل حيوان محلل حتى الطير و السمك.

[مسألة: 17 و كما يحرم لحم الحيوان بالجلل يحرم لبنه و بيضه و يحلان بما يحل به لحمه]

مسألة: 17 و كما يحرم لحم الحيوان بالجلل يحرم لبنه و بيضه و يحلان بما يحل به لحمه و بالجملة هذا الحيوان المحرم بالعارض كالحيوان المحرم بالأصل في جميع الاحكام (1) قبل أن يستبرأ و يزول حكمه.

[مسألة: 18 الظاهر أن الجلل ليس مانعا عن وقوع التذكية]

مسألة: 18 الظاهر أن الجلل ليس مانعا عن وقوع التذكية، فيذكى الجلال بما يذكى به غيره، و يترتب عليها طهارة لحمه و جلده كسائر الحيوان المحرم بالأصل القابل للتذكية.

[مسألة: 19 تزول حرمة الجلال بالاستبراء بترك التغذي بالعذرة و التغذي بغيرها مدة]

مسألة: 19 تزول حرمة الجلال بالاستبراء بترك التغذي بالعذرة و التغذي بغيرها مدة: و هي في الإبل أربعون يوما، و في البقر عشرون يوما و الأحوط ثلاثون يوما، و في الشاة عشرة أيام، و في البطة خمسة أيام، و في الدجاجة ثلاثة أيام، و في السمك يوم و ليلة، و في غير ما ذكرنا فالمدار على زوال اسم الجلل بحيث لم يصدق عليه انه يتغذى بالعذرة بل صدق ان غذاءه غيرها.

[مسألة: 20 كيفية الاستبراء أن يمنع الحيوان بربط أو حبس عن التغذي بالعذرة في المدة المقررة]

مسألة: 20 كيفية الاستبراء أن يمنع الحيوان بربط أو حبس عن التغذي بالعذرة في المدة المقررة، و يعلف في تلك المدة علفا طاهرا على الأحوط، و ان كان الاكتفاء بالتغذي بغير ما أوجب الجلل مطلقا و ان كان متنجسا أو نجسا لا يخلو من قوة خصوصا في المتنجس.


1- حتى عدم جواز الصلاة في فضلاته الطاهرة أو أجزائه و ان كان ذكيا على اشكال.

ص: 54

[مسألة: 21 يستحب ربط الدجاجة التي يراد أكلها أياما ثم ذبحها و ان لم يعلم جللها]

مسألة: 21 يستحب ربط الدجاجة التي يراد أكلها أياما ثم ذبحها و ان لم يعلم جللها.

[مسألة: 22 و مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالأصل ان يطأه الإنسان قبلا أو دبرا]

مسألة: 22 و مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالأصل ان يطأه الإنسان قبلا أو دبرا و ان لم ينزل، صغيرا كان الواطي أو كبيرا عالما كان أو جاهلا مختارا كان أو مكرها فحلا كان الموطوء أو أنثى، فيحرم بذلك لحمه و لحم نسله المتجدد بعد الوطي و لبنهما.

[مسألة: 23 الحيوان الموطوء ان كان مما يراد أكله كالشاة و البقرة و الناقة يجب أن يذبح ثم يحرق]

مسألة: 23 الحيوان الموطوء ان كان مما يراد أكله كالشاة و البقرة و الناقة يجب أن يذبح ثم يحرق، و يغرم الواطي قيمته لمالكه إذا كان غير المالك. و ان كان مما يراد ظهره حملا أو ركوبا و ليس يعتاد أكله كالحمار و البغل و الفرس أخرج من المحل الذي فعل به الى بلد آخر فيباع فيه فيعطى ثمنه للواطي و يغرم قيمته ان كان غير المالك، و لعلنا نستوفي بعض ما يتعلق بهذه المسألة في كتاب الحدود لو ساعدنا التوفيق.

[مسألة: 24 و مما يوجب عروض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل أن يرضع حمل أو جدي]

مسألة: 24 و مما يوجب عروض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل أن يرضع حمل أو جدي أو عجل (1) من لبن خنزيرة حتى قوى و نبت لحمه و اشتد عظمه، فيحرم لحمه و لحم نسله (2) و لبنهما. و لا تلحق بالخنزيرة الكلبة و لا الكافرة، و في تعميم الحكم للشرب من دون رضاع و للرضاع بعد ما كبر و فطم اشكال و ان كان أحوط.

هذا إذا اشتد، و أما إذا لم يشتد كره لحمه و تزول الكراهة بالاستبراء سبعة أيام، بأن يمنع عن التغذي بلبن الخنزيرة و يعلف ان استغنى عن اللبن، و ان لم يستغن عنه يلقى على ضرع شاة مثلا في تلك المدة.

[مسألة: 25 لو شرب الحيوان المحلل الخمر حتى سكر و ذبح في تلك الحال يؤكل لحمه لكن بعد غسله]

مسألة: 25 لو شرب الحيوان المحلل الخمر حتى سكر و ذبح في تلك الحال يؤكل لحمه لكن بعد غسله (3) و لا يؤكل ما في جوفه من الأمعاء و الكرش و القلب و الكبد


1- على الأحوط فيه و في سائر الحيوانات المحلل لحمها، و لا يبعد الاختصاص بالغنم.
2- و لو من فحله.
3- على الأحوط.

ص: 55

و غيرها و ان غسل، و لو شرب بولا ثم ذبح عقيب الشرب حل لحمه بلا غسل، و يؤكل ما في جوفه بعد ما يغسل (1).

[مسألة: 26 لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن امرأة حتى فطم و كبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه]

مسألة: 26 لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن امرأة حتى فطم و كبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه.

[مسألة: 27 يحرم من الحيوان المحلل و ان ذكي أربعة عشر شيئا: الدم]

مسألة: 27 يحرم من الحيوان المحلل و ان ذكي أربعة عشر شيئا: الدم، و الروث، و الطحال، و القضيب، و الأنثيان، و المثانة، و المرارة، و النخاع و هو خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر، و الغدد و هي كل عقدة في الجسد مدورة تشبه البندق في الأغلب، و المشيمة و هي موضع الولد أو قرينة الذي يخرج معه و يجب الاحتياط بالتنزه عنهما، و العلباوان و هما عصبتان عريضتان صفراوان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب، و خرزة الدماغ و هي حبة في وسط الدماغ بقدر الحمصة تميل إلى الغبرة في الجملة يخالف لونها لون المخ الذي في الجمجمة، و الحدقة (2) و هي الحبة الناظرة من العين لا جسم العين كله.

[مسألة: 28 تختص حرمة الأشياء المذكورة بالذبيحة و المنحورة]

مسألة: 28 تختص حرمة الأشياء المذكورة بالذبيحة و المنحورة، فلا يحرم من السمك و الجراد شي ء منها ما عدا الرجيع و الدم على اشكال فيهما.

[مسألة: 29 لا يوجد في الطيور شي ء مما ذكر عدا الرجيع و الدم و المرارة]

مسألة: 29 لا يوجد في الطيور شي ء مما ذكر عدا الرجيع و الدم و المرارة و الطحال و البيضتين في الديكة، و لا إشكال في حرمة الأولين منها فيها، و أما البواقي ففيها اشكال فلا يترك فيها الاحتياط (3).

[مسألة: 30 يؤكل من الذبيحة غير ما مر، فيؤكل القلب و الكبد و الكرش]

مسألة: 30 يؤكل من الذبيحة غير ما مر، فيؤكل القلب و الكبد و الكرش و الأمعاء و الغضروف و العضلات و غيرها. نعم يكره الكليتان و اذنا القلب و العروق


1- على الأحوط.
2- و الفرج ظاهره و باطنه و به يتم أربعة عشر، و الظاهر أنه سقط عن قلمه الشريف.
3- و كذا في غيرها من المحرمات إذا وجد فيها.

ص: 56

خصوصا الأوداج، و هل يؤكل منها الجلد و العظم مع عدم الضرر أم لا؟ أظهرهما الأول و أحوطهما الثاني. نعم لا إشكال في جلد الرأس و جلد الدجاج و غيره من الطيور، و كذا في عظم صغار الطيور كالعصفور.

[مسألة: 31 يجوز أكل لحم ما حل أكله نيا و مطبوخا، بل و محروقا أيضا إذا لم يكن مضرا]

مسألة: 31 يجوز أكل لحم ما حل أكله نيا و مطبوخا، بل و محروقا أيضا إذا لم يكن مضرا، نعم يكره أكله غريضا، بمعنى كونه طريا لم يتغير بشمس و لا نار و لا بذر الملح عليه و تجفيفه في الظل و جعله قديدا.

[مسألة: 32 اختلفوا في حلية بول ما يؤكل لحمه كالغنم و البقر عند عدم الضرورة]

مسألة: 32 اختلفوا في حلية بول ما يؤكل لحمه كالغنم و البقر عند عدم الضرورة على قولين: فقال بعض بالحلية، و حرمة جماعة، و هو الأحوط. نعم لا إشكال في حلية بول الإبل للاستشفاء.

[مسألة: 33 يحرم رجيع كل حيوان و لو كان مما حل أكله]

مسألة: 33 يحرم رجيع كل حيوان و لو كان مما حل أكله. نعم الظاهر عدم حرمة فضلات الديدان الملتصقة بأجواف الفواكه و البطائخ و نحوها، و كذا ما في جوف السمك و الجراد إذا أكل معهما.

[مسألة: 34 يحرم الدم من الحيوان ذي النفس حتى العلقة و الدم في البيضة]

مسألة: 34 يحرم الدم من الحيوان ذي النفس حتى العلقة و الدم في البيضة عدا ما يتخلف في الذبيحة (1)، على اشكال فيما يجتمع منه في القلب و الكبد، و أما الدم من غير ذي النفس فما كان مما حرم أكله كالوزغ و الضفدع و القرد فلا إشكال في حرمته، و أما ما كان مما حل أكله كالسمك الحلال ففيه خلاف، و الظاهر حليته إذا أكل مع السمك، بأن أكل السمك بدمه، و أما إذا أكل منفردا ففيه إشكال.

[مسألة: 35 قد مر في كتاب الطهارة ما لا تحله الحياة من الميتة حتى اللبن و البيضة]

مسألة: 35 قد مر في كتاب الطهارة ما لا تحله الحياة من الميتة حتى اللبن و البيضة إذا اكتست جلدها الا على الصلب، و الانفحة و هي كما أنها طاهرة حلال أيضا.

[مسألة: 36 لا إشكال في حرمة القيح و الوسخ و البلغم و النخامة من كل حيوان]

مسألة: 36 لا إشكال في حرمة القيح و الوسخ و البلغم و النخامة من كل حيوان، و أما البصاق و العرق من غير نجس العين فالظاهر حليتهما، خصوصا الأول،


1- مع الاستهلاك، و أما بدونه فالأقوى الحرمة.

ص: 57

و خصوصا إذا كان من الإنسان أو مما يؤكل لحمه من الحيوان.

[القول في غير الحيوان]

اشارة

القول في غير الحيوان:

[مسألة: 1 يحرم تناول الأعيان النجسة، و كذا المتنجسة ما دامت باقية على النجاسة]

مسألة: 1 يحرم تناول الأعيان النجسة، و كذا المتنجسة ما دامت باقية على النجاسة، مائعة كانت أو جامدة.

[مسألة: 2 يحرم تناول كل ما يضر بالبدن]

مسألة: 2 يحرم تناول كل ما يضر بالبدن، سواء كان موجبا للهلاك كشرب السموم القاتلة و شرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين، أو سببا لانحراف المزاج أو لتعطيل بعض الحواس ظاهرة أو باطنة أو لفقد بعض القوى كالرجل يشرب ما يقطع به قوة الباه و التناسل أو المرأة تشرب ما به تصير عقيما لا تلد.

[مسألة: 3 لا فرق في حرمة تناول المضر بين المعلوم الضرر و مظنونه]

مسألة: 3 لا فرق في حرمة تناول المضر بين المعلوم الضرر و مظنونه، بل و محتمله أيضا إذا كان احتماله معتدا به عند العقلاء بحيث أوجب الخوف عندهم.

و كذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتب عليه عاجلا أو بعد مدة.

[مسألة: 4 يجوز التداوي و المعالجة بما يحتمل فيه الخطر و يؤدي إليه أحيانا]

مسألة: 4 يجوز التداوي و المعالجة بما يحتمل فيه الخطر و يؤدي إليه أحيانا إذا كان النفع المترتب عليه حسب ما ساعدت عليه التجربة و حكم به الحذاق و أهل الخبرة غالبيا، بل يجوز المعالجة بالمضر العاجل الفعلي المقطوع به إذا يدفع به ما هو أعظم ضررا و أشد خطرا. و من هذا القبيل قطع بعض الأعضاء دفعا للسراية المؤدية إلى الهلاك و بط الجرح و الكي بالنار و بعض العمليات المعمولة في هذه الأعصار، بشرط أن يكون الاقدام على ذلك جاريا مجرى العقلاء، بأن يكون المباشر للعمل حاذقا محتاطا مباليا غير مسامح و لا متهور لا إذا كان على خلاف ذلك كبعض المتطببين.

[مسألة: 5 ما كان يضر كثيره دون قليله يحرم كثيره المضر دون قليله غير المضر]

مسألة: 5 ما كان يضر كثيره دون قليله يحرم كثيره المضر دون قليله غير المضر، و لو فرض العكس كان بالعكس، و كذا ما يضر منفردا لا منضما مع غيره يحرم منفردا

ص: 58

لا منضما، و ما كان بالعكس كان بالعكس.

[مسألة: 6 إذا كان لا يضر تناوله مرة أو مرتين مثلا و لكن يضر إدمانه و زيادة تكريره]

مسألة: 6 إذا كان لا يضر تناوله مرة أو مرتين مثلا و لكن يضر إدمانه و زيادة تكريره و التعود به يحرم تكريره المضر خاصة، و من ذلك شرب الأفيون بابتلاعه أو شرب دخانه، فإنه لا يضر مرة أو مرتين لكن تكراره و المداومة عليه و التعود به كما هو المتداول في بعض البلاد خصوصا بعض كيفياته المعروفة عند أهله- مضر غايته و فيه فساد و أي فساد، بل هو بلاء و أي بلاء داء عظيم و بلاء جسيم و خطر خطير و فساد كبير، أعاذ اللّٰه المسلمين منه. فمن رام شربه لغرض من الأغراض فليلتفت الى أن لا يكثره و لا يكرره الى حد يتعود و يبتلى به، و من تعود به يجب عليه الاجتهاد في تركه (1) و كف النفس و العلاج بما يزيل عنه هذا الاعتياد.

[مسألة: 7 يحرم أكل الطين، و هو التراب المختلط بالماء حال بلته]

مسألة: 7 يحرم أكل الطين، و هو التراب المختلط بالماء حال بلته، و كذا المدر و هو الطين اليابس، و يلحق بهما التراب أيضا على الأحوط. نعم لا بأس بما يختلط (2) به الحنطة أو الشعير مثلا من التراب و المدر، و كذا ما يكون على وجه الفواكه و نحوها من التراب و الغبار، و كذا الطين الممتزج بالماء المتوحل الباقي على إطلاقه، و ذلك لاستهلاك الخليط في المخلوط. نعم لو أحست ذائقته الاجزاء الطينية حين الشرب فلا يترك الاحتياط (3) بترك شربه أو تركه الا أن يصفو و ترسب تلك الأجزاء.

[مسألة: 8 الظاهر أنه لا يلحق بالطين الرمل و الأحجار و أنواع المعادن]

مسألة: 8 الظاهر أنه لا يلحق بالطين (4) الرمل و الأحجار و أنواع المعادن، فهي حلال كلها مع عدم الضرر.


1- ان لم يكن في تركه ضرر أعظم.
2- إذا كان مستهلكا في الخبز بحيث لا يعد من أكل الطين عرفا، و كذا ما على وجه الفواكه إذا كان قليلا بحيث لا يعد أكلا للغبار و التراب، و كذا في الممزوج بالماء و غيره.
3- الظاهر أن الحكم دائر مدار الاستهلاك بنظر العرف، و لا اعتبار بالطعم أو اللون و ان كان الاحتياط حسنا.
4- الأحوط إلحاق التراب و الأرض كلها بالطين حتى الرمل و الأحجار.

ص: 59

[مسألة: 9 يستثنى من الطين طين قبر الحسين عليه السلام للاستشفاء]

مسألة: 9 يستثنى من الطين طين قبر الحسين عليه السلام للاستشفاء، فان في تربته المقدسة الشفاء من كل داء، و انها من الأدوية المفردة، و انها لا تمر بداء الا هضمته. و لا يجوز أكلها لغير الاستشفاء، و لا أكل ما زاد عن قدر الحمصة المتوسطة.

و لا يلحق به طين قبر النبي و الأئمة عليهم السلام على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

نعم لا بأس بأن يمزج بماء (1) أو شربه و التبرك و الاستشفاء بذلك الماء و تلك الشربة.

[مسألة: 10 لأخذ التربة المقدسة و تناولها عند الحاجة آداب و أدعية مذكورة في محالها]

مسألة: 10 لأخذ التربة المقدسة و تناولها عند الحاجة آداب و أدعية مذكورة في محالها، خصوصا في كتب المزار، و لا سيما مزار بحار الأنوار، لكن الظاهر أنها كلها شروط كمال لسرعة تأثيرها لا انها شرط لجواز تناولها.

[مسألة: 11 القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف و ما يقرب]

مسألة: 11 القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف و ما يقرب منه على وجه يلحق به عرفا، و لعله كذلك الحائر المقدس بأجمعه، لكن في بعض الاخبار يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعا، و في بعضها طين قبر الحسين فيه شفاء و ان أخذ على رأس ميل، بل و في بعضها أنه يستشفى مما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال، بل و في بعضها على عشرة أميال، و في بعضها فرسخ في فرسخ، بل و روى إلى أربعة فراسخ. و لعل الاختلاف من جهة تفاوت مراتبها في الفضل، فكل ما قرب الى القبر الشريف كان أفضل، و الأحوط (2) الاقتصار على ما حول القبر الى سبعين ذراعا، و فيما زاد على ذلك ان تستعمل ممزوجا بماء أو شربة على نحو لا يصدق عليه الطين و يستشفى به رجاء.

[مسألة: 12 تناول التربة المقدسة للاستشفاء اما بازدرادها و ابتلاعها]

مسألة: 12 تناول التربة المقدسة للاستشفاء اما بازدرادها و ابتلاعها، و اما


1- بحيث يستهلك، و كذا لا بأس بالاستشفاء بغير الأكل، بأن يمسح التراب بموضع الوجع أو حمل معه تبركا مع رعاية احترامه.
2- لا ينبغي تركه في مقام الاستشفاء، و ان كان الأقوى جواز تناول المشكوك منه في الشبهة الموضوعية.

ص: 60

بحلها في الماء و شربه، أو بأن يمزجها بشربة و يشربها بقصد التبرك و الشفاء.

[مسألة: 13 إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأن هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا اشكال]

مسألة: 13 إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأن هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا اشكال، و كذا إذا قامت على ذلك البينة، بل الظاهر كفاية قول عدل واحد، بل شخص ثقة، و هل يكفي إخبار ذي اليد بكونه منها أو بذله لها على أنه منها؟ لا يبعد ذلك، و ان كان الأحوط (1) في غير صورة العلم و قيام البينة تناولها بالامتزاج بماء أو شربة.

[مسألة: 14 قد استثنى بعض العلماء من الطين طين الأرمني للتداوي به]

مسألة: 14 قد استثنى بعض العلماء من الطين طين الأرمني للتداوي به، و هو غير بعيد، لكن الأحوط عدم تناوله الا عند انحصار العلاج أو ممزوجا بالماء أو شربة أو أجزاء أخر بحيث لا يصدق معه أكل الطين.

[مسألة: 15 يحرم الخمر بالضرورة من الدين]

مسألة: 15 يحرم الخمر بالضرورة من الدين، بحيث يكون مستحله في زمرة الكافرين (2)، بل عن مولانا الباقر عليه السلام انه لا يبعث اللّٰه نبيا و لا يرسل رسولا الا و يجعل في شريعته تحريم الخمر.

و عن الرضا عليه السلام: انه ما بعث اللّٰه نبيا قط الا بتحريم الخمر.

و عن الصادق عليه السلام: ان الخمر أم الخبائث و رأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه، و لا يترك معصية الا ركبها، و لا يترك حرمة إلا انتهكها و لا رحما ماسة إلا قطعها و لا فاحشة إلا أتاها، و ان من شرب منها جرعة


1- هذا هو مقتضى القاعدة في الشبهة الحكمية من الاقتصار على المتيقن مما خرج من عمومات حرمة الطين، و أما في الشبهة الموضوعية المبتلى بها كثيرا في هذا الزمن فمقتضى البراءة و ان كان جواز الأكل ما لم يعلم بالحرمة، لكن حيث ان المقصود الاستشفاء به ينبغي أن يستشفى به بنحو الاستهلاك في الماء ليسلم عن الاستشفاء بما يحتمل أن يكون حراما واقعا و ان كان حلالا بحسب الظاهر.
2- و مكذب للقرآن الكريم. هذا مع الالتفات إلى أنه تكذيب للقرآن و النبي، و أما مع عدم الالتفات فالأحوط للمسلم معاملة الكافر معه.

ص: 61

لعنه اللّٰه و ملائكته و رسله و المؤمنون، و ان شربها حتى سكر منها نزع روح الايمان من جسده و ركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة و لم تقبل صلاته أربعين يوما، و يأتي شاربها يوم القيامة مسودا وجهه مدلعا لسانه يسيل لعابه على صدره ينادي العطش العطش.

و قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: من شرب الخمر بعد ما حرمها اللّٰه على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب و لا يشفع إذا شفع و لا يصدق إذا حدث و لا يعاد إذا مرض و لا يشهد له جنازة و لا يؤتمن على امانة.

بل لعن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله فيها عشرة: غارسها، و حارسها، و عاصرها، و شاربها، و ساقيها، و حاملها، و المحلول اليه، و بائعها، و مشتريها، و آكل ثمنها.

و قد ورد: ان من تركها و لو لغير اللّٰه بل صيانة لنفسه سقاه اللّٰه من الرحيق المختوم.

و بالجملة الاخبار في تشديد أمرها و الترغيب في تركها أكثر من أن تحصى، بل نص في بعضها انه أكبر الكبائر، خصوصا مد منه، فقد ورد في أخبار مستفيضة أو متواترة انه كعابد وثن أو كمن عبد الأوثان، و قد فسر المدمن في بعض الاخبار بأنه ليس الذي يشربها كل يوم و لكنه الموطن نفسه انه إذا وجدها شربها. هذا مع كثرة المضار في شربها التي اكتشفها حذاق الأطباء في هذه الأزمنة و أذعن بها المنصفون من غير ملتنا.

[مسألة: 16 يلحق بالخمر موضوعا أو حكما كل مسكر جامدا كان أو مائعا]

مسألة: 16 يلحق بالخمر موضوعا أو حكما كل مسكر جامدا كان أو مائعا، و ما أسكر كثيره دون قليله حرم قليله و كثيره.

[مسألة: 17 إذا انقلبت الخمر خلا حلت، سواء كان بنفسها أو بعلاج]

مسألة: 17 إذا انقلبت الخمر خلا حلت، سواء كان بنفسها أو بعلاج، و سواء كان العلاج بدون ممازجة شي ء فيها كما إذا كان بتدخين أو مجاورة شي ء أو كان بالممازجة، سواء استهلك الخليط فيها قبل ان تنقلب خلا- كما إذا مزجت بقليل من الملح أو الخل فاستهلكا فيها ثم انقلبت خلا- أو لم يستهلك بل بقي فيها الى ما بعد

ص: 62

الانقلاب، و يطهر ذلك الممتزج (1) الباقي بالتعبية كما يطهر بها الإناء.

[مسألة: 18 و من المحرمات المائعة الفقاع إذا صار فيه غليان و نشيش و ان لم يسكر]

مسألة: 18 و من المحرمات المائعة الفقاع إذا صار فيه غليان و نشيش و ان لم يسكر (2)، و هو شراب معروف كان في الصدر الأول يتخذ من الشعير في الأغلب، و ليس منه ماء الشعير المعمول بين الأطباء.

[مسألة: 19 يحرم عصير العنب إذا نش و غلى بنفسه أو غلى بالنار]

مسألة: 19 يحرم عصير العنب (3) إذا نش و غلى بنفسه أو غلى بالنار، و كذا عصير الزبيب (4) على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و أما عصير التمر فالأقوى أنه يحرم إذا غلى بنفسه و يحل إذا غلى بالنار، و الظاهر أن الغليان بالشمس كالغليان بالنار فله حكمه.

[مسألة: 20 الظاهر أن الماء الذي في جوف حبة العنب بحكم عصيرة]

مسألة: 20 الظاهر أن الماء الذي في جوف حبة العنب بحكم عصيرة، فيحرم إذا غلى بنفسه أو بالنار. نعم لا يحكم بحرمته ما لم يعلم بغليانه، و هو نادر جدا لعدم الاطلاع على باطنها غالبا، فلو وقعت حبة من العنب في قدر يغلي و هي تعلو و تسفل في الماء المغلي فمن يطلع على كيفية ما في جوف تلك الحبة، و لا ملازمة بين غليان ماء القدر و غليان ما في جوفها، بل لعل المظنون عدمها لان المظنون انه لو غلى ما في جوفها لتفسخت و انشقت. و بالجملة المدار على حصول العلم بالغليان و عدمه، فمن علم به حرم عليه و من لم يعلم به حل له.

[مسألة: 21 من المعلوم ان الزبيب ليس له عصير في نفسه]

مسألة: 21 من المعلوم ان الزبيب ليس له عصير في نفسه، فالمراد بعصيره


1- مع كونه للعلاج و صدق التبعية، فلو صب قليل من الخمر في حب من الخل للعلاج لا يطهر الخل المتنجس بتبع صيرورة الخمر خلا، بخلاف العكس فلو صب شي ء من الخل في حب من الخمر للعلاج يطهر المجموع بصيرورته خلا حتى مثل حبات العنب الداخلة في الخل المصبوب فيه.
2- و يقال ان فيه سكرا خفيا.
3- إذا غلى، و اما إذا نش فالأحوط الاجتناب عنه.
4- الأقوى فيه عدم الحرمة و عدم النجاسة إلا بالاسكار، و كذا عصير التمر.

ص: 63

ما اكتسب منه الحلاوة: اما بأن يدق و يخلط بالماء و اما بأن ينقع في الماء و يمكث الى أن يكتسب حلاوته بحيث صار في الحلاوة بمثابة عصير العنب، و اما بأن يمرس و يعصر بعد النقع فيستخرج عصارته. و اما إذا كان الزبيب على حاله و حصل في جوفه ماء فالظاهر أن ما فيه ليس من عصير الزبيب فلا يحرم بالغليان، و ان كان الأحوط الاجتناب عنه (1) لكن العلم به غير حاصل عادة، فإذا ألقى زبيب في قدر فيه ماء أو مرق و كان يغلي فرأينا الزبيب فيه منتفخا من أين ندري ان ما في جوفه قد غلى، مع انه بحسب العادة لو غلى ما في جوفه لانشق و تفسخ، و أولى من ذلك بعدم وجوب الاجتناب ما إذا وضع في وسط طبيخ أو كبة أو محشى و نحوها مما ليس فيه ماء، و ان انتفخ فيه لأجل الأبخرة الحاصلة فيه.

[مسألة: 22 الظاهر أن ما غلى بنفسه من أقسام العصير لا تزول حرمته الا بالتخليل]

مسألة: 22 الظاهر أن ما غلى بنفسه من أقسام العصير لا تزول حرمته الا بالتخليل كالخمر حيث انها لا تحل الا بانقلابها خلا و لا أثر فيه لذهاب الثلثين، و أما ما غلى بالنار تزول حرمته بذهاب ثلثيه و بقاء ثلث منه، و الأحوط أن يكون ذلك بالنار (2) لا بالهواء و طول المكث مثلا. نعم لا يلزم أن يكون ذهاب الثلثين في حال غليانه، بل يكفي كون ذلك مستندا الى النار و لو بضميمة ما ينقص منه بعد غليانه قبل أن يبرد، فلو كان العصير في القدر على النار و قد غلى حتى ذهب نصفه ثلاثة أسداسه ثم وضع القدر على الأرض فنقص منه قبل أن يبرد بسبب صعود البخار سدس آخر كفى في الحلية.

[مسألة: 23 إذا صار العصير المغلي دبسا قبل أن يذهب ثلثاه لا يكفي في حليته على الأقوى]

مسألة: 23 إذا صار العصير المغلي دبسا قبل أن يذهب ثلثاه لا يكفي في حليته على الأقوى (3).

[مسألة: 24 إذا اختلط العصير بالماء ثم غلى يكفي في حليته ذهاب ثلثي المجموع و بقاء ثلثه]

مسألة: 24 إذا اختلط العصير بالماء ثم غلى يكفي في حليته ذهاب ثلثي المجموع و بقاء ثلثه، فلو صب عشرين رطلا من ماء في عشرة أرطال من عصير العنب


1- قد مر أن الأقوى الحلية و الطهارة في عصير الزبيب و التمر و لو مع العلم بالغليان.
2- لا يبعد أن يكون الغليان بحرارة القوة الكهربائية و البرق بمنزلة الغليان بالنار.
3- بل على الأحوط.

ص: 64

ثم طبخه حتى ذهب منه عشرون و بقي عشرة فهو حلال. و بهذا يمكن العلاج في طبخ بعض أقسام العصير مما لا يمكن لغلظها و قوامها ان تطبخ على الثلث لانه يحترق و يفسد قبل أن يذهب ثلثاه، فيصب فيه الماء بمقداره أو أقل منه أو أكثر ثم يطبخ الى ان يذهب الثلثان و يبقى الثلث.

[مسألة: 25 لو صب على العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مقدار من العصير غير المغلي]

مسألة: 25 لو صب على العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مقدار من العصير غير المغلي وجب ذهاب ثلثي مجموع ما بقي من الأول مع ما صب ثانيا، و لا يحسب ما ذهب من الأول أولا، فإذا كان في القدر تسعة أرطال من العصير فغلى حتى ذهب منه ثلاثة و بقي ستة ثم صب عليه تسعة أرطال أخر فصار خمسة عشر يجب أن يغلي حتى يذهب عشرة و يبقى خمسة، و لا يكفي ذهاب تسعة و بقاء ستة.

[مسألة: 26 لا بأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين مثل اليقطين]

مسألة: 26 لا بأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين مثل اليقطين و السفرجل و التفاح و غيرها و يطبخ فيه حتى يذهب ثلثاه، فإذا حل حل ما طبخ فيه.

[مسألة: 27 يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم و بالبينة و باخبار ذي اليد المسلم]

مسألة: 27 يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم و بالبينة و باخبار ذي اليد المسلم، بل و بالأخذ منه إذا كان ممن يعتقد حرمة ما لم يذهب ثلثاه، بل و إذا لم يعلم اعتقاده أيضا. نعم إذا علم أنه ممن يستحل العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مثل أن يعتقد انه يكفي في حليته صيرورته دبسا اما اجتهادا أو تقليدا- ففي جواز الاستيمان بقوله إذا أخبر عن حصول التثليث خلاف و اشكال، و أولى بالإشكال جواز الأخذ منه و البناء على انه طبخ على الثلث إذا احتمل ذلك من دون تفحص عن حاله، و لكن الأقوى جواز الاعتماد بقوله (1) و كذا جواز الأخذ منه و البناء على التثليث على كراهية.

[مسألة: 28 يحرم تناول مال الغير و ان كان كافرا محترم المال بدون اذنه و رضاه]

مسألة: 28 يحرم تناول مال الغير و ان كان كافرا محترم المال بدون اذنه و رضاه، حتى ورد أن من أكل من طعام لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار.


1- إذا حصل الاطمئنان بصدقه.

ص: 65

[مسألة: 29 يجوز أن يأكل الإنسان و لو مع عدم الضرورة من بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور]

مسألة: 29 يجوز أن يأكل الإنسان و لو مع عدم الضرورة من بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور، و هم الإباء و الأمهات و الاخوان و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات، و كذا يجوز لمن كان وكيلا على بيت أحد مفوضا إليه أموره و حفظه بما فيه أن يأكل من بيت موكله، و هو المراد من «مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ» المذكور في تلك الآية الشريفة، و كذا يجوز أن يأكل الصديق من بيت صديقه، و كذا الزوجة من بيت زوجها و الأب و الام من بيت الولد. و انما يجوز الأكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت، فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقف جواز الأكل منها على إحراز الرضا و الاذن من صاحبها، فيجوز مع الشك بل و مع الظن بالعدم أيضا (1) على الأقوى، بخلاف غيرها. و الأحوط اختصاص الحكم بما يعتاد أكله من الخبز و التمر و الإدام و الفواكه و البقول و نحوها دون نفائس الأطعمة التي تدخر غالبا لمواقع الحاجة و للأضياف ذوي الشرف و العزة، و الظاهر التعدية الى غير المأكول من المشروبات العادية من الماء و اللبن المخيض و اللبن الحليب و غيرها. نعم لا يتعدى الى بيوت غيرهم و لا الى غير بيوتهم كدكاكينهم و بساتينهم، كما أنه يقتصر على ما في البيت من المأكول، فلا يتعدى الى ما يشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت.

[مسألة: 30 تباح جميع المحرمات المزبورة حال الضرورة]

مسألة: 30 تباح جميع (2) المحرمات المزبورة حال الضرورة، اما لتوقف حفظ نفسه و سد رمقه على تناوله أو لعروض المرض الشديد الذي لا يتحمل عادة بتركه أو لأداء تركه الى لحوق الضعف المفرط المؤدي إلى المرض (3) أو التلف أو المؤدي للتخلف عن الرفقة مع ظهور امارة العطب، و منها ما إذا خيف بتركه على


1- و الأحوط الاجتناب مع الظن بالكراهة.
2- إلا أكل مال الغير بدون رضاه و انه لا يحل بالاضطرار. نعم يحل لحفظ النفس و العرض لا للاضطرار بل لكونه أهم.
3- الشديد الذي لا يتحمل عادة.

ص: 66

نفس أخرى محترمة كالحامل تخاف على جنينها و المرضعة على طفلها، بل و من الضرورة خوف طول المرض (1) أو عسر علاجه بترك التناول. و المدار في الكل على الخوف الحاصل من العلم أو الظن بالترتب، لا مجرد الوهم و الاحتمال.

[مسألة: 31 و من الضرورات المبيحة للمحرمات الإكراه و التقية عمن يخاف منه على نفسه]

مسألة: 31 و من الضرورات المبيحة للمحرمات الإكراه و التقية عمن يخاف منه على نفسه أو نفس محترمة أو على عرضه أو عرض محترم أو مال محترم يجب عليه حفظه (2).

[مسألة: 32 في كل مورد يتوقف حفظ النفس على ارتكاب محرم يجب الارتكاب]

مسألة: 32 في كل مورد يتوقف حفظ النفس على ارتكاب محرم يجب الارتكاب، فلا يجوز له التنزه و الحال هذه. و لا فرق بين الخمر و الطين و بين سائر المحرمات في هذا الحكم، و القول بوجوب التنزه عن الخمر و الطين حتى مع الضرورة و انه لا يباحان بها ضعيف خصوصا في ثانيهما، فإذا أصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا جاز بل وجب شربها، و كذا ان اضطر إلى أكل الطين.

[مسألة: 33 إذا اضطر الى محرم فليقتصر على مقدار الضرورة و لا يجوز له الزيادة]

مسألة: 33 إذا اضطر الى محرم فليقتصر على مقدار الضرورة و لا يجوز له الزيادة، فإذا اقتضت الضرورة ان يأكل الميتة لسد رمقه فليقتصر على ذلك و لا يجوز له أن يأكل حد الشبع إلا إذا فرض ان ضرورته لا تندفع الا بالشبع.

[مسألة: 34 يجوز التداوي لمعالجة الأمراض بكل محرم إذا انحصر به العلاج]

مسألة: 34 يجوز التداوي لمعالجة الأمراض بكل محرم إذا انحصر به العلاج و لو بحكم الحذاق الثقات من الأطباء، و المدار على انحصار العلاج به بين ما بأيدي الناس مما يعالج به هذا الداء لا الانحصار واقعا، فإنه مما لا يحيط به إدراك البشر.

[مسألة: 35 المشهور عدم جواز التداوي بالخمر بل بكل مسكر حتى مع الانحصار]

مسألة: 35 المشهور عدم جواز التداوي بالخمر بل بكل مسكر حتى مع الانحصار، لكن الجواز لا يخلو من قوة، بشرط العلم بكون المرض قابلا للعلاج و العلم بأن ترك معالجته يؤدي الى الهلاك أو الى ما يدانيه و العلم بانحصار العلاج به


1- الشديد الذي لا يتحمل عادة.
2- في إطلاقه اشكال.

ص: 67

بالمعنى الذي ذكرناه. نعم لا يخفى شدة أمر الخمر، فلا يبادر الى تناولها و المعالجة بها إلا إذا رأى من نفسه الهلاك لو ترك التداوي بها، و لو بسبب توافق جماعة من الحذاق و اولي الديانة و الدراية من الأطباء، و الا فليصطبر على المشقة فلعل الباري تعالى شأنه يعافيه لما رأى منه التحفظ على دينه.

فعن الثقة الجليل عبد اللّٰه بن أبي يعفور انه قال: كان إذا أصابته هذه الأوجاع فإذا اشتدت شرب الحسو من النبيذ فسكن عنه، فدخل على أبي عبد اللّٰه عليه السلام فأخبره بوجعه و أنه إذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه، فقال له: لا تشربه، فلما أن رجع الى الكوفة هاج به وجعه فأقبل أهله فلم يزالوا به حتى شرب، فساعة شرب منه سكن عنه، فعاد الى أبي عبد اللّٰه عليه السلام فأخبره بوجعه و شربه، فقال له:

يا ابن أبي يعفور لا تشرب فإنه حرام انما هو الشيطان موكل بك و لو قد يئس منك ذهب.

فلما ان رجع الى الكوفة هاج به وجعه أشد مما كان، فأقبل أهله عليه، فقال لهم: لا و اللّٰه ما أذوق منه قطرة ابدا، فأيسوا منه أهله، فكان يتهم على شي ء و لا يحلف و كان إذا حلف على شي ء لا يخلف، فلما سمعوا أيسوا منه و اشتد به الوجع أياما، ثم أذهب اللّٰه به عنه فما عاد اليه حتى مات رحمة اللّٰه عليه.

[مسألة: 36 لو اضطر إلى أكل طعام الغير لسد رمقه و كان المالك حاضرا]

مسألة: 36 لو اضطر إلى أكل طعام الغير لسد رمقه و كان المالك حاضرا:

فان كان هو أيضا مضطرا لم يجب عليه بل لا يجوز له بذله و لا يجوز للمضطر قهره، و ان لم يكن مضطرا يجب عليه بذله للمضطر، و ان امتنع عن البذل جاز له قهره بل مقاتلته و الأخذ منه قهرا. و لا يتعين على المالك بذله مجانا، فله ان لا يبذله الا بالعوض و ليس للمضطر قهره بدونه، فان اختار البذل بالعوض فان لم يقدره بمقدار كان له عليه ثمن مثل ما أكله أو مثله ان كان مثليا، و ان قدره لم يتعين عليه تقديره بثمن المثل أو أقل بل له ان يقدره بأزيد منه، و حينئذ إذا كان المضطر قادرا على دفعه يجب عليه الدفع إذا طالبه به، و ان كان عاجزا يكون في ذمته يتبع تمكنه.

ص: 68

هذا إذا كان المالك حاضرا، و أما إذا كان غائبا فله الأكل منه بمقدار سد رمقه و تقدير الثمن و جعله في ذمته و لا يكون أقل من ثمن المثل، و الأحوط المراجعة إلى الحاكم لو وجد، و مع عدمه فإلى عدول المؤمنين.

[مسألة: 37 يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي ء من الخمر]

مسألة: 37 يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي ء من الخمر، بل و غيرها من المسكرات، و كذا الفقاع، بل ذهب بعض العلماء إلى حرمة كل طعام يعصى اللّٰه تعالى به أو عليه.

[خاتمة في بعض الآداب المتعلقة بالأكل و الشرب]

اشارة

(خاتمة) في بعض الآداب المتعلقة بالأكل و الشرب فأما آداب الأكل فهي بين مستحب و مكروه، أما المستحب فأمور:

منها: غسل اليدين معا قبل الطعام و بعده، مائعا كان الطعام أو جامدا، و إذا كانت جماعة على المائدة يبدأ في الغسل الأول بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه و يدور الى أن يتم الدور على من في يسار صاحب الطعام، و في الغسل الثاني يبدأ بمن في يسار صاحب الطعام ثم يدور الى ان يختم بصاحب الطعام.

و منها: المسح بالمنديل بعد الغسل الثاني و ترك المسح به بعد الغسل الأول.

و منها: ان يسمي عند الشروع في الأكل، بل على كل لون على انفراده عند الشروع في الأكل منه.

و منها: ان يحمد اللّٰه تعالى بعد الفراغ.

و منها: الأكل باليمين.

و منها: ان يبدأ صاحب الطعام و ان يكون آخر من يمتنع.

و منها: أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر و لا يأكل بإصبعين، و قد ورد انه من فعل الجبارين.

ص: 69

و منها: أن يأكل مما يليه إذا كان مع جماعة على مائدة و لا يتناول من قدام الأخر.

و منها: تصغير اللقمة.

و منها: تجويد المضغ.

و منها: طول الجلوس على الموائد و طول الأكل.

و منها: لعق الأصابع و مصها و كذا لطع القصعة و لحسها بعد الفراغ.

و منها: الخلال بعد الطعام و ان لا يكون بعود الريحان و قضيب الرمان و الخوص و القصب.

و منها: التقاط ما يسقط من الخوان خارج السفرة و الطبق و أكله، فإنه شفاء من كل داء إذا قصد به الاستشفاء، و انه ينفي الفقر و يكثر الولد، و هذا في غير الصحراء و نحوها، و أما فيها فيستحب أن يترك للطير و السبع، بل ورد أن ما كان في الصحراء فدعه و لو فخذ شاة.

و منها: الأكل غداء و عشيا و عدم الأكل بينهما.

و منها: ان يستلقي بعد الأكل على قفاه و يجعل رجله اليمنى على اليسرى.

و منها: الافتتاح بالملح و الاختتام به، فقد ورد ان فيه المعافاة عن اثنين و سبعين من البلاء. و في خبر آخر: ابدءوا بالملح في أول طعامكم، فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب.

و منها: غسل الثمار بالماء قبل أكلها، ففي الخبر: ان لكل ثمرة سما فإذا أتيتم بها اغمسوها في الماء يعنى اغسلوها.

و أما المكروه:

فمنها: الأكل على الشبع.

و منها: التملي من الطعام، ففي الخبر: ما من شي ء أبغض الى اللّٰه من بطن مملو. و في خبر آخر: أقرب ما يكون العبد الى اللّٰه إذا خف بطنه، و أبغض ما يكون

ص: 70

العبد الى اللّٰه إذا امتلأ بطنه.

و في خبر آخر: لو أن الناس قصدوا في المطعم لاستقامت أبدانهم.

بل ينبغي الاقتصار على ما دون الشبع، ففي الخبر: ان البطن إذا شبع طغى.

و في خبر آخر عن مولانا الصادق عليه السلام: ان عيسى بن مريم قام خطيبا فقال: يا بني إسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا، و إذا جعتم فكلوا و لا تشبعوا، فإنكم إذا شبعتم غلظت رقابكم و سمنت جنوبكم و نسيتم ربكم.

و منها: النظر في وجوه الناس عند الأكل على المائدة.

و منها: أكل الحار.

و منها: النفخ على الطعام و الشراب.

و منها: انتظار غير الخبز إذا وضع الخبز.

و منها: قطع الخبز بالسكين.

و منها: ان يوضع الخبز تحت إناء و وضع الإناء عليه.

و منها: المبالغة في أكل اللحم الذي على العظم.

و منها: تقشير الثمرة.

و منها: رمي بقية الثمرة قبل الاستقصاء في أكلها.

و اما آداب الشرب فهي أيضا بين مندوب و مكروه، اما المندوب:

فمنها: ان يشرب الماء مصا لاعبا، فإنه كما في الخبر يوجد منه الكباد، يعني وجع الكبد.

و منها: ان يشرب قائما بالنهار، فإنه أقوى و أصح للبدن و يمرئ الطعام.

و منها: ان يسمي عند الشروع و يحمد اللّٰه بعد ما فرغ.

و منها: ان يشرب بثلاثة أنفاس.

ص: 71

و منها: التلذذ بالماء، ففي الخبر: من تلذذ بالماء في الدنيا لذذه اللّٰه من أشربة الجنة.

و منها: ان يذكر الحسين عليه السلام و أهل بيته و يلعن قاتله بعد شرب الماء، فعن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد اللّٰه عليه السلام إذ استسقى الماء، فلما شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي: يا داود لعن اللّٰه قاتل الحسين، فما أنغص ذكر الحسين عليه السلام للعيش، اني ما شربت ماء باردا الا ذكرت الحسين عليه السلام، و ما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام و أهل بيته و لعن قاتله الا كتب اللّٰه عز و جل له مائة ألف حسنة و حط عنه مائة ألف سيئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّٰه يوم القيامة ثلج الفؤاد.

و أما المكروه:

فمنها: الإكثار في شرب الماء، فإنه كما في الخبر: مادة لكل داء. و كان مولانا الصادق عليه السلام يوصي رجلا فقال له: أقل شرب الماء فإنه يمد كل داء، و اجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء. و عنه عليه السلام: لو ان الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم.

و منها: شرب الماء بعد أكل الطعام الدسم، فإنه كما في الخبر يهيج الداء، و عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: إذا أكل الدسم أقل شرب الماء. فقيل له: يا رسول اللّٰه انك لتقل شرب الماء؟ قال: هو أمرأ لطعامي.

و منها: الشرب باليسار.

و منها: الشرب من قيام في الليل، فإنه كما في الخبر يورث الماء الأصفر.

و منها: ان يشرب من عند كسر الكوز ان كان فيه كسر و من عند عروته.

ص: 72

[تذييل]

تذييل في الكافي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه السلام: من سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّٰه من الرحيق المختوم.

و عن أبي عبد اللّٰه قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه بكل شربة سبعين ألف حسنة، و ان سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل.

و في الأمالي بإسناده عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله قال: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه اللّٰه من ثمار الجنة، و من كساه من عرى كساه اللّٰه من إستبرق و حرير، و من سقاه شربة من عطش سقاه اللّٰه من الرحيق المختوم، و من أعانه أو كشف كربته أظله اللّٰه في ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله.

و في المحاسن قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن عمل يعدل عتق رقبة؟

فقال: لأن أدعو ثلاثة نفر من المسلمين فأطعمهم حتى يشبعوا و أسقيهم حتى يرووا أحب الي ان أعتق نسمة و نسمة حتى عد سبعا أو أكثر.

ص: 73

[كتاب الغصب]

اشارة

كتاب الغصب و هو الاستيلاء على ما للغير من مال أو حق عدوانا، و قد تطابق العقل و النقل كتابا و سنة و إجماعا على حرمته، و هو من أفحش الظلم الذي قد استقل العقل بقبحه، و في النبوي صلى اللّٰه عليه و آله: من غصب شبرا من الأرض طوقه اللّٰه من سبع أرضين يوم القيامة. و في نبوي آخر: من خان جاره شبرا من الأرض جعله اللّٰه طوقا في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتى يلقى اللّٰه يوم القيامة مطوقا الا أن يتوب و يرجع.

و في آخر: من أخذ أرضا بغير حق كلف ان يحمل ترابها الى المحشر. و من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها.

[مسألة: 1 المغصوب اما عين مع المنفعة من مالك واحد أو مالكين]

مسألة: 1 المغصوب اما عين مع المنفعة من مالك واحد أو مالكين، و اما عين بلا منفعة، و اما منفعة مجردة، و اما حق مالي متعلق بالعين:

فالأول- كغصب الدار من مالكها، و كغصب العين المستأجرة إذا غصبها غير الموجر و المستأجر، فهو غاصب للعين من الموجر و للمنفعة من المستأجر.

و الثاني- كما إذا غصب المستأجر العين المستأجرة من مالكها مدة الإجارة.

و الثالث- كما إذا غصب العين المؤجرة و انتزعها من يد المستأجر و استولى على منفعتها مدة الإجارة.

ص: 74

و الرابع- كما إذا استولى على أرض محجرة أو العين المرهونة بالنسبة إلى المرتهن الذي له فيها حق الرهانة، و من ذلك غصب المساجد و المدارس و الربط و القناطر و الطرق و الشوارع العامة، و غصب المكان الذي سبق إليه أحد في المساجد و المشاهد.

[مسألة: 2 المغصوب منه قد يكون شخصا كما في غصب الأعيان و المنافع المملوكة للأشخاص و الحقوق كذلك]

مسألة: 2 المغصوب منه قد يكون شخصا كما في غصب الأعيان و المنافع المملوكة للأشخاص و الحقوق كذلك، و قد يكون هو النوع كما في غصب مال تعين خمسا أو زكاة قبل أن يدفع الى المستحق و غصب الرباط المعد لنزول القوافل و المدرسة المعدة لسكنى الطلبة، فإذا استولى على حجرة قد سكنها واحد من الطلبة و انتزعها منه فهو غاصب لحق الشخص، و إذا استولى على أصل المدرسة و منع عن أن يسكنها الطلبة فهو غاصب لحق النوع.

[مسألة: 3 للغصب حكمان تكليفيان، و هما: الحرمة، و وجوب رفع اليد و الرد الى المغصوب منه أو وليه]

مسألة: 3 للغصب حكمان تكليفيان، و هما: الحرمة، و وجوب رفع اليد و الرد الى المغصوب منه أو وليه. و حكم وضعي، و هو الضمان، بمعنى كون المغصوب على عهدة الغاصب و كون تلفه و خسارته عليه و انه إذا تلف يجب عليه دفع بدله.

و يقال لهذا الضمان «ضمان اليد».

[مسألة: 4 يجري الحكمان التكليفيان في جميع أقسام الغصب]

مسألة: 4 يجري الحكمان التكليفيان في جميع أقسام الغصب، ففي الجميع الغاصب آثم و يجب عليه رفع اليد ورد المغصوب الى المغصوب منه. و أما الحكم الوضعي- و هو الضمان- فيختص بما إذا كان المغصوب من الأموال عينا كان أو منفعة، فليس في غصب الحقوق هذا الضمان- أعني ضمان اليد- على اشكال في بعضها كحقي التحجير و الاختصاص (1).

[مسألة: 5 لو استولى على حر فحبسه لم يتحقق الغصب لا بالنسبة إلى عينه و لا بالنسبة إلى منفعته]

مسألة: 5 لو استولى على حر فحبسه لم يتحقق الغصب لا بالنسبة إلى عينه و لا بالنسبة إلى منفعته و ان أثم بذلك و ظلمه، سواء كان كبيرا أو صغيرا فليس عليه ضمان اليد


1- ان كان مما يبذل بإزائهما مال.

ص: 75

الذي هو من أحكام الغصب، فلو أصابه حرق أو غرق أو مات تحت استيلائه من غير تسبيب منه لم يضمن، و كذا لا يضمن منافعه، كما إذا كان صانعا و لم يشتغل بصنعته في تلك المدة فلا يضمن أجرته. نعم لو استوفى منه بعض منافعه- كما إذا استخدمه- لزمه أجرته، و كذا لو تلف بتسبيب منه، مثل ما إذا حبسه في دار فيه حية مؤذية فلدغته أو في محل السباع فافترسته ضمنه من جهة سببيته للتلف لا لأجل الغصب و اليد.

[مسألة: 6 لو منع غيره عن إمساك دابته المرسلة أو من القعود على فراشه]

مسألة: 6 لو منع غيره عن إمساك دابته المرسلة أو من القعود على فراشه أو عن الدخول في داره أو عن بيع متاعه لم يكن غاصبا لعدم وضع اليد على ماله و ان كان عاصيا و ظالما له من جهة منعه، فلو هلكت الدابة أو تلف الفراش أو انهدمت الدار أو نقصت قيمة المتاع بعد المنع لم يكن على المانع ضمان من جهة الغصب و اليد، و هل عليه ضمان من جهة أخرى أم لا؟ أقواهما العدم في الأخير، و هو ما إذا تنقصت القيمة، و اما في غيره فان كان الهلاك و التلف و الانهدام غير مستند الى منعه- بأن كانت بآفة سماوية و سبب قهري لا يتفاوت في ترتبها بين ممنوعية المالك و عدمها- لم يكن عليه ضمان قطعا، و اما إذا كان مستندا اليه كما إذا كانت الدابة ضعيفة أو في موضع السباع و كان المالك يحفظها فلما منعه المانع و لم يقدر على حفظها وقع عليها الهلاك، فللضمان وجه بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 7 و حيث عرفت ان المدار في تحقق الغصب على استيلاء الغاصب على المغصوب و صيرورته تحت يده عرفا]

مسألة: 7 و حيث عرفت ان المدار في تحقق الغصب على استيلاء الغاصب على المغصوب و صيرورته تحت يده عرفا بدون اذن صاحبه (1) فليعلم انه يختلف ذلك باختلاف المغصوبات، ففي المنقول غير الحيوان يتحقق بأخذه باليد أو بنقله اليه أو الى بيته أو دكانه أو انباره و غيرها مما يكون محرزا لأمواله و لو كان ذلك بأمره، فلو


1- ظلما و اما إحسانا فلا كمن استولى على مال يكون في معرض التلف ليرده على صاحبه أو ليحفظه له فلا يكون غاصبا و لا ضامنا و لو تلف بدون تقصير، و من كانت عنده أمانة إذا عزم على الخيانة يكون غاصبا و ضامنا.

ص: 76

نقل حمال بأمره متاعا من الغير بدون إذنه إلى بيته أو طعاما منه الى أنباره كان بذلك غاصبا للمتاع و الطعام. و يلحق بالأخذ باليد قعوده على البساط و الفراش بقصد الاستيلاء (1).

و اما في الحيوان ففي الصامت منه يكفي الركوب عليه أو أخذ مقوده و زمامه، بل و كذا سوقه بعد طرد المالك أو عدم حضوره إذا كان يمشي بسياقه و يكون منقادا لسائقه، فلو كانت قطيع غنم في الصحراء معها راعيها فطرده و استولى عليها بعنوان القهر و الانتزاع من مالكها و جعل يسوقها و صار بمنزلة راعيها يحافظها و يمنعها عن التفرق و التشتت فالظاهر أنه يكفي ذلك في تحقق الغصب لصدق الاستيلاء و وضع اليد عرفا.

و أما في العبيد و الإماء فيكفي مع رفع يد المالك أو عدم حضوره القهر عليه بحبسه عنده أو في بيته و استخدامه في حوائجه.

هذا كله في المنقول، و أما غير المنقول فيكفي في غصب الدار أن يسكنها أو يسكن غيره ممن يأتمر بأمره فيها بعد إزعاج المالك عنها أو عدم حضوره، و كذا لو أخذ مفاتحها من صاحبها قهرا و كان يغلق الباب و يفتحه و يتردد فيها، و كذلك الحال في الدكان و الخان.

و اما البستان، فان كان لها باب و حيطان فيكفي في غصبها أخذ المفتاح و غلق الباب و فتحه مع التردد فيها بعنوان الاستيلاء، و أما لو لم يكن لها باب و لا حيطان فيكفي دخولها و التردد فيها بعد طرد المالك بعنوان الاستيلاء و بعض التصرفات فيها، و كذا الحال في غصب القرية و المزرعة.

هذا كله في غصب الأعيان، و اما غصب المنافع فإنما هو بانتزاع العين ذات المنفعة عن مالك المنفعة و جعلها تحت يده، كما في العين المستأجرة إذا أخذها المؤجر أو شخص ثالث من المستأجر و استولى عليها في مدة الإجارة، سواء استوفى تلك


1- مع كونه مستوليا عرفا.

ص: 77

المنفعة التي ملكها المستأجر أم لا.

[مسألة: 8 لو دخل الدار و سكنها مع مالكها، فان كان المالك ضعيفا غير قادر على مدافعته و إخراجه]

مسألة: 8 لو دخل الدار و سكنها مع مالكها، فان كان المالك ضعيفا غير قادر على مدافعته و إخراجه فإن اختص استيلاؤه و تصرفه بطرف معين منها اختص الغصب و الضمان بذلك الطرف دون الأطراف الأخر، و ان كان استيلاؤه و تصرفاته و تقلباته في أطراف الدار و أجزائها بنسبة واحدة و تساوى يد الساكن مع يد المالك عليها، فالظاهر كونه غاصبا للنصف فيكون ضامنا له خاصة، بمعنى أنه لو انهدمت تمام الدار ضمن الساكن نصفها، و لو انهدم بعضها ضمن نصف ذلك البعض، و كذا يضمن نصف منافعها. و لو فرض ان المالك الساكن أزيد من واحد ضمن الساكن الغاصب بالنسبة، فإن كانا اثنين ضمن الثلث، و ان كانوا ثلاثة ضمن الربع و هكذا. هذا إذا كان المالك ضعيفا، و أما لو كان الساكن ضعيفا- بمعنى أنه لا يقدر على مقاومة المالك و انه كلما أراد أن يخرجه من داره أخرجه- فالظاهر عدم تحقق الغصب بل و لا اليد، فليس عليه ضمان اليد. نعم عليه بدل ما استوفاه من منفعة الدار ما دام كونه فيها لو كان لها بدل.

[مسألة: 9 لو أخذ بمقود الدابة فقادها و كان المالك راكبا عليها]

مسألة: 9 لو أخذ بمقود الدابة فقادها و كان المالك راكبا عليها، فان كان في الضعف و عدم الاستقلال بمثابة المحمول عليها كان القائد غاصبا لها بتمامها و يتبعه الضمان، و لو كان بالعكس- بأن كان المالك الراكب قويا قادرا على مقاومته و مدافعته- فالظاهر عدم تحقق الغصب من القائد أصلا، فلا ضمان عليه لو تلفت الدابة في تلك الحال. نعم لا إشكال في ضمانه لها لو اتفق تلفها بسبب قوده لها، كما يضمن السائق لها لو كان لها جماح فشردت بسوقه فوقعت في بئر أو سقطت عن مرتفع فتلفت.

[مسألة: 10 إذا اشترك اثنان في الغصب، فان لم يستقل واحد منهما بانفراده]

مسألة: 10 إذا اشترك اثنان في الغصب، فان لم يستقل واحد منهما بانفراده- بأن كان كل واحد منهما ضعيفا و انما كان استيلاؤهما على المغصوب و دفع المالك بالتعاضد و التعاون- فالظاهر اشتراكهما في اليد و الضمان، فكل منهما يضمن النصف.

ص: 78

و اما إذا كان كل واحد منهما مستقلا في الاستيلاء- بأن كان كل منهما كافيا في دفع المالك و القهر عليه- أو لم يكن المالك حاضرا فالظاهر أن كل واحد منهما ضامن للتمام (1)، فيتخير المالك في تضمين أيهما شاء، كما يأتي في الأيادي المتعاقبة.

[مسألة: 11 غصب الأوقاف العامة كالمساجد و المقابر و المدارس و القناطر]

مسألة: 11 غصب الأوقاف العامة كالمساجد و المقابر و المدارس و القناطر و الربط المعدة لنزول المسافرين و الطرق و الشوارع العامة و نحوها و الاستيلاء عليها و ان كان حراما و يجب ردها و رفع اليد عنها، لكن الظاهر أنه لا يوجب الضمان لا عينا و لا منفعة ضمان اليد، فلو غصب مسجدا أو مدرسة أو رباطا و وضع اليد عليها فانهدمت تحت يده من دون تسبيب منه لم يضمن عينهما، كما انه لو كانت تحت يده مدة ثم رفع يده عنها لم يكن عليه أجرتها في تلك المدة. نعم الأوقاف العامة على العناوين الكلية كالفقراء و الطلبة بنحو وقف المنفعة يوجب غصبها الضمان عينا و منفعة، فإذا غصب خانا أو دكانا أو بستانا كانت وقفا على الفقراء أو الطلبة على أن يكون منفعتها و نماؤها لهم ترتب عليه الضمان، فإذا تلفت تحت يده كان ضامنا لعينها، و إذا كانت تحت يده مدة ثم ردها كان عليه أجرة مثلها، فيكون غصبها كغصب الأعيان المملوكة للأشخاص.

[مسألة: 12 إذا حبس حرا لم يضمن لا نفسه و لا منافعه ضمان اليد حتى فيما إذا كان صانعا]

مسألة: 12 إذا حبس حرا لم يضمن لا نفسه و لا منافعه ضمان اليد حتى فيما إذا كان صانعا، فليس على الحابس أجرة صنعته مدة حبسه. نعم لو كان أجيرا لغيره ضمن منفعته الفائتة للمستأجر، و كذا لو استخدمه و استوفى منفعته كان عليه أجرة عمله.

هذا كله في حبس الحر، و أما لو غصب عبدا أو دابة مثلا ضمن منافعها سواء استوفاها الغاصب أم لا.


1- بل الظاهر اشتراكهما في اليد و الضمان، فكل منهما يضمن النصف كما في الفرع السابق، غاية الأمر ان عدم الاستيلاء لكل منهما على التمام في الفرع السابق كان لعدم المقتضى و في هذا الفرع للمانع، و هو استيلاء شريكه، فعدم ضمان الكل مستند الى عدم الاستيلاء على الكل، من غير فرق بين كونه لعدم المقتضي أو لوجود المانع.

ص: 79

[مسألة: 13 لو منع حرا أو عبدا عن عمل له أجرة من غير تصرف و استيفاء]

مسألة: 13 لو منع حرا أو عبدا عن عمل له أجرة من غير تصرف و استيفاء و لا وضع يده عليه لم يضمن عمله (1) و لم يكن عليه أجرته.

[مسألة: 14 يلحق بالغصب في الضمان المقبوض بالعقد المعاوضي الفاسد]

مسألة: 14 يلحق بالغصب في الضمان المقبوض بالعقد المعاوضي الفاسد، فالمبيع الذي يأخذه المشتري و الثمن الذي يأخذه البائع في البيع الفاسد يكون في ضمانهما كالمغصوب، سواء علما بالفساد أو جهلا به، و كذلك الأجرة التي يأخذها المؤجر في الإجارة الفاسدة. و أما المقبوض بالعقد الفاسد غير المعاوضي فليس فيه الضمان، فلو قبض المتهب ما وهب له بالهبة الفاسدة ليس عليه ضمان. و كذا يلحق بالغصب المقبوض بالسوم (2)، و المراد به ما يأخذه الشخص لينظر فيه أو يضع عنده ليطلع على خصوصياته لكي يشتريه إذا وافق نظره، فهذا في ضمان آخذه، فلو تلف عنده ضمنه.

[مسألة: 15 يجب رد المغصوب الى مالكه ما دام باقيا و ان كان في رده مئونة]

مسألة: 15 يجب رد المغصوب الى مالكه ما دام باقيا و ان كان في رده مئونة، بل و ان استلزم رده الضرر عليه، حتى أنه لو أدخل الخشبة المغصوبة في بناء لزم عليه إخراجها و ردها لو أرادها المالك و ان ادى الى خراب البناء، و كذا إذا أدخل اللوح المغصوب في سفينة يجب عليه نزعه إلا إذا خيف (3) من قلعه الغرق الموجب لهلاك نفس محترمة أو مال محترم (4)، و هكذا الحال فيما إذا خاط ثوبه بخيوط مغصوبة، فإن للمالك إلزامه بنزعها و يجب عليه ذلك و ان أدى الى فساد الثوب، و ان ورد نقص


1- إلا إذا كانا أجيرين لذلك العمل و فات بمنعه المستأجر عن العمل، فإنه ضامن له لما فوته بمنعه.
2- و كذا المقبوض بالقمار و المأخوذ أجرة للزنا و سائر المحرمات على الأقوى.
3- فيصبر المالك حتى يرتفع ذلك المحذور و على الغاصب أجرته في المدة التي كانت تحت يده.
4- لغير الغاصب العامد.

ص: 80

على الخشب أو اللوح أو الخيط بسبب إخراجها و نزعها يجب على الغاصب تداركه.

هذا إذا يبقى للمخرج من الخشبة و المنزوع من الخيط قيمة، و أما إذا كان بحيث لا يبقى له قيمة بعد الإخراج أصلا- كما إذا كان الخيط ضعيفا يفسد بنزعه- فالظاهر أنه بحكم التالف، فيلزم الغاصب بدفع البدل و ليس للمالك مطالبة العين.

[مسألة: 16 لو مزج المغصوب بما يمكن تميزه و لكن مع المشقة- كما إذا مزج الشعير المغصوب]

مسألة: 16 لو مزج المغصوب بما يمكن تميزه و لكن مع المشقة- كما إذا مزج الشعير المغصوب بالحنطة أو الدخن بالذرة- يجب عليه أن يميزه و يرده.

[مسألة: 17 يجب على الغاصب مع رد العين بدل ما كانت لها من المنفعة]

مسألة: 17 يجب على الغاصب مع رد العين بدل ما كانت لها من المنفعة في تلك المدة ان كانت لها منفعة، سواء استوفاها كالدار سكنها و الدابة ركبها أو لم يستوفها بل كانت العين معطلة.

[مسألة: 18 إذا كانت للعين منافع متعددة و كانت معطلة فالمدار على المنفعة]

مسألة: 18 إذا كانت للعين منافع متعددة و كانت معطلة فالمدار على المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين و لا ينظر الى مجرد قابليتها لبعض المنافع، فمنفعة الدار بحسب المتعارف هي السكنى و ان كانت قابلة في نفسها بأن تجعل محرزا أو مسكنا لبعض الدواب و غير ذلك فلا ينظر الى غير السكنى، و منفعة بعض الدواب كالفرس بحسب المتعارف الركوب، و منفعة بعضها الحمل و ان كانت قابلة في نفسها لان تستعمل في إدارة الرحى و الدولاب أيضا، فالمضمون في غصب كل عين هو المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين، و لو فرض تعدد المتعارف منها فيها- كبعض الدواب التي تعارف استعمالها في الحمل و الركوب معا (1)- فان لم تتفاوت أجرة تلك المنافع ضمن تلك الأجرة، فلو غصب يوما دابة تستعمل في الركوب و الحمل معا و كانت أجرة كل منهما في كل يوم درهما كان عليه درهم واحد، و ان كانت اجرة بعضها أعلى ضمن الأعلى، فلو فرض ان اجرة الحمل في كل يوم


1- على التبادل.

ص: 81

درهمان و اجرة الركوب درهم كان عليه درهمان. و الظاهر أن الحكم كذلك مع الاستيفاء أيضا، فمع تساوي المنافع في الأجرة كان عليه اجرة ما استوفاه، و مع التفاوت كان عليه أجرة الأعلى، سواء استوفى الأعلى أو الأدنى.

[مسألة: 19 ان كان المغصوب منه شخصا يجب الرد اليه أو الى وكيله ان كان كاملا و الى وليه ان كان قاصرا]

مسألة: 19 ان كان المغصوب منه شخصا يجب الرد اليه أو الى وكيله ان كان كاملا و الى وليه ان كان قاصرا، كما إذا كان صبيا أو مجنونا، فلو رد في الثاني إلى نفس المالك لم يرتفع منه الضمان و ان كان المغصوب منه هو النوع، كما إذا كان المغصوب وقفا على الفقراء. وقف منفعة، فإن كان له متولي خاص يرده اليه و الا فيرده إلى الولي العام و هو الحاكم، و ليس له ان يرده الى بعض افراد النوع، بأن يسلمه في المثال المذكور الى أحد الفقراء. نعم في مثل المساجد و الشوارع و القناطر بل الربط إذا غصبها يكفي في ردها رفع اليد عنها و إبقاؤها على حالها، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في المدارس، فإذا غصب مدرسة يكفي في ردها رفع اليد عنها و التخلية بينها و بين الطلبة، لكن الأحوط الرد الى الناظر الخاص لو كان و الا فإلى الحاكم (1).

[مسألة: 20 إذا كان المغصوب و المالك كلاهما في بلد الغصب فلا اشكال]

مسألة: 20 إذا كان المغصوب و المالك كلاهما في بلد الغصب فلا اشكال، و كذا ان نقل المال الى بلد آخر و كان المالك في بلد الغصب، فإنه يجب عليه عود المال الى ذلك البلد و تسليمه الى المالك، و أما ان كان المالك في غير بلد الغصب فان كان في بلد المال فله إلزامه بأحد أمرين: اما بتسليمه له في ذلك البلد، و اما بنقله الى بلد الغصب. و اما ان كان في بلد آخر فلا إشكال في أن له إلزامه بنقل المال الى بلد الغصب، و هل له إلزامه بنقل المال الى البلد الذي يكون فيه المالك؟ فيه إشكال (2).

[مسألة: 21 لو حدث في المغصوب نقص و عيب وجب على الغاصب]

مسألة: 21 لو حدث في المغصوب نقص و عيب وجب على الغاصب أرش


1- أو الموقوف عليهم الساكنين فيه قبل الغصب بإذن المتولي الشرعي.
2- و الأحوط النقل مع إلزامه.

ص: 82

النقصان، و هو التفاوت بين قيمته صحيحا و قيمته معيبا ورد المعيوب الى مالكه، و ليس للمالك إلزامه بأخذ المعيوب و دفع تمام القيمة. و لا فرق على الظاهر بين ما كان العيب مستقرا و بين ما كان مما يسري و يتزايد شيئا فشيئا حتى يتلف المال بالمرة، كما إذا عرضت على الحنطة أو الأرز بلة و عفونة ففي الثاني أيضا يجب على الغاصب أرش النقصان و تفاوت القيمة بين كونها مبلولة و غير مبلولة، فإن للحنطة المبلولة أيضا قيمة عند العرف و أهل الخبرة (1).

[مسألة: 22 لو كان المغصوب باقيا لكن نزلت قيمته السوقية رده و لم يضمن نقصان القيمة]

مسألة: 22 لو كان المغصوب باقيا لكن نزلت قيمته السوقية رده و لم يضمن نقصان القيمة ما لم يكن ذلك بسبب نقصان في العين.

[مسألة: 23 لو تلف المغصوب أو ما بحكمه كالمقبوض بالعقد الفاسد و المقبوض بالسوم قبل رده الى المالك ضمنه بمثله]

مسألة: 23 لو تلف المغصوب أو ما بحكمه كالمقبوض بالعقد الفاسد و المقبوض بالسوم قبل رده الى المالك ضمنه بمثله ان كان مثليا و بقيمته ان كان قيميا. و المراد بالمثلي ما تساوت قيمة أجزائه لتقاربها في غالب الصفات و الخواص كالحبوبات من الحنطة و الشعير و الأرز و الذرة و الدخن و الماش و العدس و غيرها، و كذا الادهان و عقاقير الأدوية و نحوها، و المراد من القيمي ما يكون بخلافه كالعبيد و الإماء و أنواع الحيوان كالفرس و البغل و الحمار و الغنم و البقر و غيرها، و كذا الجواهر الكبار و الثياب و الفرش و البسط و أنواع المصنوعات و غيرها.

[مسألة: 24 انما يكون مثل الحنطة مثليا إذا لو حظ أشخاص كل صنف منها على حده]

مسألة: 24 انما يكون مثل الحنطة مثليا إذا لو حظ أشخاص كل صنف منها على حده و لم يلاحظ أشخاص صنف مع أشخاص صنف آخر منها مبائن له في كثير من الصفات و الخصوصيات، فإذا تلف عنده مقدار من صنف خاص من الحنطة يجب عليه دفع ذلك المقدار من ذلك الصنف لا صنف آخر. نعم التفاوت الذي بين أشخاص ذلك الصنف لا ينظر اليه، و كذلك الأرز فإن فيه أصنافا متفاوتة جدا، فأين العنبر من الحويزاوي أو غيره، فإذا تلف عنده مقدار من العنبر يجب عليه دفع ذلك المقدار


1- و ان لم يكن لأحد فيه رغبة و لم يبذل بإزائه مال فهو في حكم التلف يضمن الغاصب تمام القيمة.

ص: 83

منه لا من غيره، و كذلك الحال في التمر و أصنافه و الادهان و غير ذلك مما لا يحصى.

[مسألة: 25 لو تعذر المثل في المثلي ضمن قيمته]

مسألة: 25 لو تعذر المثل في المثلي ضمن قيمته، و ان تفاوتت القيمة و زادت و نقصت بحسب الأزمنة، بأن كان له حين الغصب قيمة و في وقت تلف العين قيمة و يوم التعذر قيمة و اليوم الذي يدفع الى المغصوب منه قيمة، فالمدار على الأخير فيجب عليه دفع تلك القيمة.

فلو غصب منا من الحنطة كان قيمتها درهمين فأتلفها في زمان كانت الحنطة موجودة و كانت قيمتها ثلاثة دراهم ثم تعذرت و كانت قيمتها أربعة دراهم ثم مضى زمان و أراد أن يدفع القيمة من جهة تفريغ ذمته و كانت قيمة الحنطة في ذلك الزمان خمسة دراهم يجب عليه دفع هذه القيمة.

[مسألة: 26 يكفي في التعذر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه في البلد و ما حوله]

مسألة: 26 يكفي في التعذر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه في البلد و ما حوله مما ينقل منها إليه عادة.

[مسألة: 27 لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل وجب عليه الشراء و دفعه الى المالك]

مسألة: 27 لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل وجب عليه الشراء و دفعه الى المالك (1).

[مسألة: 28 لو وجد المثل و لكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلا إعطاؤه]

مسألة: 28 لو وجد المثل و لكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلا إعطاؤه، و ليس للمالك مطالبته بالقيمة و لا بالتفاوت، فلو غصب منا من الحنطة في زمان كانت قيمتها عشرة دراهم و أتلفها و لم يدفع مثلها قصورا أو تقصيرا الى زمان قد تنزلت قيمتها و صارت خمسة دراهم لم يكن عليه الا إعطاء من من الحنطة و لم يكن للمالك مطالبة القيمة و لا مطالبة خمسة دراهم مع من من الحنطة، بل ليس له الامتناع عن الأخذ فعلا و إبقائها في ذمة الغاصب الى أن تترقى القيمة إذا كان الغاصب يريد الأداء و تفريغ ذمته فعلا.

[مسألة: 29 لو سقط المثل عن المالية بالمرة من جهة الزمان أو المكان]

مسألة: 29 لو سقط المثل عن المالية بالمرة من جهة الزمان أو المكان فالظاهر أنه ليس للغاصب إلزام المالك بأخذ المثل، و لا يكفي دفعه في ذلك الزمان أو المكان


1- و ان كان حرجيا لان الحرج لا يجوز منع حق الغير و لا التصرف في ماله.

ص: 84

في ارتفاع الضمان لو لم يرض به المالك، فلو غصب جمدا في الصيف و أتلفه و أراد أن يدفع الى المالك مثله في الشتاء أو قربة ماء في مفازة فأراد أن يدفع اليه قربة ماء عند الشط ليس له ذلك و للمالك الامتناع، فله ان يصبر و ينتظر زمانا أو مكانا آخر، فيطالبه بالمثل الذي له القيمة، و له ان يطالب الغاصب بالقيمة فعلا كما في صورة تعذر المثل، و حينئذ فالظاهر انه يراعى قيمة المغصوب في زمان الغصب و مكانه (1).

[مسألة: 30 لو تلف المغصوب و كان قيميا كالدواب و الثياب ضمن قيمته]

مسألة: 30 لو تلف المغصوب و كان قيميا كالدواب و الثياب ضمن قيمته، فان لم يتفاوت قيمته في الزمان الذي غصبه مع قيمته في زمان تلفه فلا اشكال، و ان تفاوتت- بأن كانت قيمته يوم الغصب أزيد من قيمته يوم التلف أو العكس- فهل يراعى الأول أو الثاني؟ فيه قولان مشهوران لا يخلو ثانيهما من رجحان (2)، لكن الأحوط التراضي و التصالح فيما به التفاوت. هذا إذا كان تفاوت القيمة من جهة السوق و تفاوت رغبة الناس، و أما ان كان من جهة زيادة و نقصان في العين كالسمن و الهزال فلا إشكال في أنه يراعي أعلى القيم و أحسن الأحوال، بل لو فرض أنه لم يتفاوت قيمة زماني الغصب و التلف من هذه الجهة لكن حصل فيه ارتفاع بين الزمانين ثم زال ضمن ارتفاع قيمته الحاصل في تلك الحال، مثل انه كان الحيوان هازلا حين الغصب ثم سمن ثم عاد الى الهزال و تلف فإنه يضمن قيمته حال سمنه.

[مسألة: 31 إذا اختلفت القيمة باختلاف المكان]

مسألة: 31 إذا اختلفت القيمة باختلاف المكان- كما إذا كان المغصوب في بلد الغصب بعشرة و في بلد التلف بعشرين- فالظاهر اعتبار محل التلف.

[مسألة: 32 كما أنه عند تلف المغصوب يجب على الغاصب دفع بدله الى المالك مثلا]

مسألة: 32 كما أنه عند تلف المغصوب يجب على الغاصب دفع بدله الى المالك مثلا أو قيمة كذلك فيما إذا تعذر على الغاصب عادة تسليمه، كما إذا سرق أو


1- لا يبعد ضمان قيمة مكان التلف و زمانه إذا كان تالفا، و أما مع بقائه فلا يبعد وجوب قيمته في آخر زمان أو مكان سقط بعده عن القيمة.
2- بل هو الأقوى بحسب القواعد و ان كان لا ينبغي ترك الاحتياط.

ص: 85

دفن في مكان لا يقدر على إخراجه أو أبق العبد أو شردت الدابة و نحو ذلك، فإنه يجب عليه إعطاء مثله أو قيمته ما دام كذلك، و يسمى ذلك البدل «بدل الحيلولة»، و يملك المالك البدل مع بقاء المغصوب في ملكه، و إذا أمكن تسليم المغصوب و رده يسترجع البدل.

[مسألة: 33 لو كان للبدل نماء و منافع في تلك المدة كان للمغصوب منه]

مسألة: 33 لو كان للبدل نماء و منافع في تلك المدة كان للمغصوب منه. نعم نماؤه المتصل كالسمن تتبع العين، فإذا استرجعها الغاصب استرجعها بنمائها، و أما المبدل فلما كان باقيا على ملك مالكه فنماؤه و منافعه له، لكن الغاصب لا يضمن منافعها غير المستوفاة في تلك المدة على الأقوى.

[مسألة: 34 القيمة التي يضمنها الغاصب في القيميات و في المثليات عند تعذر المثل هو نقد البلد]

مسألة: 34 القيمة التي يضمنها الغاصب في القيميات و في المثليات عند تعذر المثل هو نقد البلد من الذهب و الفضة (1) المضروبين بسكة المعاملة، و هذا هو الذي يستحقه المغصوب منه، كما هو كذلك في جميع الغرامات و الضمانات، فليس للضامن دفع غيره الا بالتراضي بعد مراعاة قيمة ما يدفعه مقيسا الى النقدين.

[مسألة: 35 الظاهر أن الفلزات و المعادن المنطبعة كالحديد و الرصاص و النحاس كلها مثلية]

مسألة: 35 الظاهر أن الفلزات و المعادن المنطبعة كالحديد و الرصاص و النحاس كلها مثلية حتى الذهب و الفضة مضروبين أو غير مضروبين، و حينئذ تضمن جميعها بالمثل، و عند التعذر تضمن بالقيمة كسائر المثليات المتعذر المثل. نعم في خصوص الذهب و الفضة تفصيل، و هو انه إذا قوم بغير الجنس- كما إذا قوم الذهب بالدرهم أو قوم الفضة بالدينار- فلا اشكال، و أما إذا قوم بالجنس- بأن قوم الفضة بالدرهم أو قوم الذهب بالدينار- فان تساوى القيمة و المقوم وزنا كما إذا كانت الفضة المضمونة المقومة عشرة مثاقيل فقومت بثمانية دراهم و كان وزنها أيضا عشرة مثاقيل فلا إشكال أيضا، و ان كان بينهما التفاوت- بأن كانت الفضة المقومة عشرة مثاقيل مثلا و قد قومت بثمانية دراهم وزنها ثمانية مثاقيل- فيشكل دفعها غرامة عن الفضة، لاحتمال كونه داخلا في الربا فيحرم،


1- و غيرهما إذا كان رائجا.

ص: 86

كما أفتى به جماعة، فالأحوط أن يقوم بغير الجنس، بأن يقوم الفضة بالدينار و الذهب بالدرهم حتى يسلم من شبهة الربا.

[مسألة: 36 لو تعاقبت الأيادي الغاصبة على عين ثم تلفت- بأن غصبها شخص عن مالكها]

مسألة: 36 لو تعاقبت الأيادي الغاصبة على عين ثم تلفت- بأن غصبها شخص عن مالكها ثم غصبها من الغاصب شخص آخر ثم غصبها من الثاني شخص ثالث و هكذا- ثم تلفت ضمن الجميع فللمالك أن يرجع ببدل ماله من المثل أو القيمة الى كل واحد منهم و الى أكثر من واحد بالتوزيع متساويا أو متفاوتا، حتى انه لو كانوا عشرة مثلا له أن يرجع الى الجميع و يأخذ من كل منهم عشر ما يستحقه من البدل، و له أن يأخذ من واحد منهم النصف و الباقي من الباقين بالتوزيع متساويا أو بالتفاوت.

هذا حكم المالك معهم، و أما حكم بعضهم مع بعض: فأما الغاصب الأخير الذي تلف المال عنده فعليه قرار الضمان، بمعنى أنه لو رجع عليه المالك و غرمه لم يرجع هو على غيره (1) بما غرمه، بخلاف غيره من الأيادي السابقة، فإن المالك لو رجع الى واحد منهم فله أن يرجع على الأخير الذي تلف المال عنده، كما أن لكل منهم الرجوع على تاليه و هو على تاليه و هكذا الى أن ينتهي إلى الأخير.

[مسألة: 37 لو غصب شيئا مثليا فيه صنعة محللة كالحلي من الذهب و الفضة]

مسألة: 37 لو غصب شيئا مثليا فيه صنعة محللة كالحلي من الذهب و الفضة و كالانية من النحاس و شبهه فتلف عنده أو أتلفه ضمن مادته بالمثل و صنعته بالقيمة، فلو غصب قرطا من ذهب كان وزنه مثقالين و قيمة صنعته و صياغته عشرة دراهم ضمن مثقالين من ذهب بدل مادته و عشرة دراهم قيمة صنعته. و يحتمل قريبا صيرورته بعد الصياغة و بعد ما عرض عليه الصنعة قيميا، فيقوم القرط مثلا بمادته و صنعته و يعطى قيمته السوقية، و الأحوط التصالح. و اما احتمال كون المصنوع مثليا مع صنعته فبعيد جدا. نعم لا يبعد ذلك بل قريب جدا في المصنوعات التي لها أمثال متقاربة جدا، كالمصنوعات بالمكائن و المعامل المعمولة في هذه الأعصار من أنواع الظروف و الأدوات


1- إلا إذا كان مغرورا فيرجع الى الغار.

ص: 87

و الأثواب و غيرها، فتضمن كلها بالمثل مع مراعاة صنفها.

[مسألة: 38 لو غصب المصنوع و تلفت عنده الهيئة و الصنعة فقط دون المادة رد العين]

مسألة: 38 لو غصب المصنوع و تلفت عنده الهيئة و الصنعة فقط دون المادة رد العين و عليه قيمة الصنعة، و ليس للمالك إلزامه بإعادة الصنعة، كما أنه ليس عليه القبول لو بذله الغاصب و قال اني أصنعه كما كان سابقا.

[مسألة: 39 لو كانت في المغصوب المثلي صنعة محرمة غير محترمة- كما في آلات القمار و الملاهي]

مسألة: 39 لو كانت في المغصوب المثلي صنعة محرمة غير محترمة- كما في آلات القمار و الملاهي و آنية الذهب و الفضة و نحوها- لم يضمن الصنعة، سواء أتلفها خاصة أو مع ذيها، فيرد المادة لو بقيت الى المالك و ليس عليه شي ء لأجل الهيئة و الصنعة.

[مسألة: 40 إذا تعيب المغصوب في يد الغاصب كان عليه أرش النقصان]

مسألة: 40 إذا تعيب المغصوب في يد الغاصب كان عليه أرش النقصان، و لا فرق في ذلك بين الحيوان و غير الحيوان. نعم اختص العبيد و الإماء ببعض الاحكام و تفاصيل لا يسعها المقام.

[مسألة: 41 لو غصب شيئين تنقص قيمة كل واحد منهما منفردا عنها فيما إذا كانا مجتمعين كمصراعي الباب]

مسألة: 41 لو غصب شيئين تنقص قيمة كل واحد منهما منفردا عنها فيما إذا كانا مجتمعين كمصراعي الباب و الخفين فتلف أحدهما أو أتلفه ضمن قيمة التالف مجتمعا ورد الباقي مع ما نقص من قيمته بسبب انفراده، فلو غصب خفين كان قيمتها مجتمعين عشرة و كان قيمة كل منهما منفردا ثلاثة فتلف أحدهما عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعا و هي خمسة ورد الأخر مع ما ورد عليه من النقص بسبب انفراده و هو اثنان، فيعطى للمالك سبعة مع أحد الخفين. و لو غصب أحدهما و تلف عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعا و هي خمسة في الفرض المذكور، و هل يضمن النقص الوارد على الثاني و هو اثنان حتى تكون عليه سبعة أم لا؟ فيه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان.

[مسألة: 42 لو زادت بفعل الغاصب زيادة في العين المغصوبة فهي على أقسام ثلاثة]

مسألة: 42 لو زادت بفعل الغاصب زيادة في العين المغصوبة فهي على أقسام ثلاثة:

أحدها- أن يكون أثرا محضا، كتعليم الصنعة في العبد و خياطة الثوب بخيوط

ص: 88

المالك و غزل القطن و نسج الغزل و طحن الطعام و صياغة الفضة و نحو ذلك.

ثانيها- أن تكون عينية محضة، كغرس الأشجار و البناء في الأرض البسيطة و نحو ذلك.

ثالثها- أن تكون أثرا مشوبا بالعينية، كصبغ الثوب و نحوه.

[مسألة: 43 لو زادت في العين المغصوبة بما يكون أثرا محضا ردها كما هي و لا شي ء له لأجل تلك الزيادة]

مسألة: 43 لو زادت في العين المغصوبة بما يكون أثرا محضا ردها كما هي و لا شي ء له لأجل تلك الزيادة و لا من جهة أجرة العمل، و ليس له إزالة الأثر و اعادة العين الى ما كانت بدون اذن المالك، حيث انه تصرف في مال الغير بدون اذنه. بل لو أزاله بدون اذنه ضمن قيمته للمالك و ان لم يرد نقص على العين، و للمالك إلزامه بإزالة الأثر و اعادة الحالة الأولى للعين إذا كان فيه غرض عقلائي، و لا يضمن الغاصب حينئذ قيمة الصنعة. نعم لو ورد نقص على العين ضمن أرش النقصان.

[مسألة: 44 لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزرع و الغرس و نماؤهما للغاصب و عليه أجرة الأرض]

مسألة: 44 لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزرع و الغرس و نماؤهما للغاصب و عليه أجرة الأرض ما دامت مزروعة أو مغروسة، و يلزم عليه ازالة غرسه و زرعه و ان تضرر بذلك، و عليه أيضا طم الحفر و أرش النقصان ان نقصت الأرض بالزرع و القلع الا أن يرضى المالك بالبقاء مجانا أو بالأجرة. و لو بذل صاحب الأرض بالزرع و القلع الا أن يرضى المالك بالبقاء مجانا أو بالأجرة. و لو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس أو الزرع لم يجب على الغاصب إجابته، و كذا لو بذل الغاصب أجرة الأرض أو قيمتها لم يجب على صاحب الأرض قبوله. و لو حفر الغاصب في الأرض بئرا كان عليه طمها مع طلب المالك و ليس له طمها مع عدم الطلب فضلا عما لو منعه، و لو بنى في الأرض المغصوبة بناء فهو كما لو غرس فيها، فيكون البناء للغاصب ان كان اجزاؤه له و للمالك إلزامه بالقلع، فحكمه حكم الغرس في جميع ما ذكر.

[مسألة: 45 لو غرس أو بنى في أرض غصبها و كان الغراس و أجزاء البناء لصاحب الأرض كان الكل له]

مسألة: 45 لو غرس أو بنى في أرض غصبها و كان الغراس و أجزاء البناء لصاحب الأرض كان الكل له و ليس للغاصب قلعها أو مطالبة الأجرة، و للمالك إلزامه

ص: 89

بالقلع و الهدم (1) ان كان له غرض عقلائي في ذلك.

[مسألة: 46 لو غصب ثوبا و صبغه بصبغه، فإن أمكن إزالته مع بقاء مالية له كان له ذلك]

مسألة: 46 لو غصب ثوبا و صبغه بصبغه، فإن أمكن إزالته مع بقاء مالية له كان له ذلك و ليس لمالك الثوب منعه، كما أن للمالك إلزامه به، و لو ورد نقص على الثوب بسبب ازالة صبغه ضمنه الغاصب، و لو طلب مالك الثوب من الغاصب أن يملكه الصبغ بقيمته لم يجب عليه إجابته كالعكس بأن يطلب الغاصب منه ان يملكه الثوب.

هذا إذا أمكن إزالة الصبغ، و أما إذا لم يمكن الإزالة أو تراضيا على بقائه اشتركا في الثوب المغصوب بنسبة القيمة (2)، فلو كان قيمة الثوب قبل الصبغ يساوي قيمة الصبغ كان بينهما نصفين، و ان كانت ضعف قيمته كان بينهما أثلاثا ثلثان لصاحب الثوب و ثلث لصاحب الصبغ، فان بقيت قيمة كل واحد منهما محفوظة من غير زيادة و لا نقصان فالثمن بينهما على نسبة ماليهما و لم يكن على الغاصب ضمان، كما إذا كانت قيمة الثوب عشرة و قيمة الصبغ عشرة و قيمة الثوب المصبوغ عشرين أو كانت قيمة الثوب عشرين و قيمة الصبغ عشرة و قيمة المجموع ثلاثين فيكون الثمن بينهما بالتنصيف في الأول و في الثاني أثلاثا، و كذا لو زادت قيمة المجموع تكون الزيادة بينهما بتلك النسبة، فلو فرض أنه بيع الثوب المصبوغ في الأول بثلاثين كانت العشرة الزائدة بينهما بالسوية، و لو بيع في الفرض الثاني بأربعين كانت العشرة الزائدة بينهما أثلاثا ثلثان لصاحب الثوب و ثلث لصاحب الصبغ، و ان نقصت قيمته مصبوغا عن قيمتهما منفردين- كما إذا كانت قيمة كل منهما عشرة و كانت قيمة الثوب مصبوغا خمسة عشر- فان كان ذلك من جهة انتقاص الثوب بسبب الصبغ ضمنه الغاصب و ان كان بسبب تنزل القيمة السوقية فهو محسوب على صاحبه و لا يضمنه الغاصب.


1- و عليه تدارك النقص و كسر القيمة.
2- بشرط بقاء المالية للصبغ بنسبة القيمة بعد الصبغ دون قبله كما في المتن، فلو زاد بعد الصبغ قيمة أحدهما كانت الزيادة له، و لو نقص قيمة المصبوغ بالصبغ فعلى الغاصب تداركه.

ص: 90

[مسألة: 47 لو صبغ الثوب المغصوب بصبغ مغصوب حصلت الشركة]

مسألة: 47 لو صبغ الثوب المغصوب بصبغ مغصوب حصلت الشركة (1) بين صاحبي الثوب و الصبغ بنسبة قيمتهما، و لا غرامة على الغاصب لو لم يرد نقص عليهما، و ان ورد ضمنه الغاصب لمن ورد عليه. فلو فرض أن قيمة كل من الثوب و الصبغ عشرة و كانت قيمة الثوب المصبوغ خمسة عشر ضمن الغاصب لهما خمسة لكل منهما اثنان و نصف (2).

[مسألة: 48 لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج في يده بغير اختيار مزجا رافعا للتميز بينهما]

مسألة: 48 لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج في يده بغير اختيار مزجا رافعا للتميز بينهما، فان كان بجنسه و كانا متماثلين ليس أحدهما أجود من الأخر و أردى تشاركا في المجموع بنسبة ماليهما و ليس على الغاصب غرامة بالمثل أو القيمة، بل الذي عليه تسليم المال و الاقدام على الافراز (3) و التقسيم بنسبة المالين أو البيع و أخذ كل واحد منهما حصته من الثمن كسائر الأموال المشتركة. و ان خلط المغصوب بما هو أجود أو أردى منه تشاركا أيضا بنسبة المالين، الا ان التقسيم و توزيع الثمن بينهما بنسبة القيمة، فلو خلط منا من زيت قيمته خمسة بمن منه قيمته عشرة كان لكل منهما نصف المجموع، لكن إذا بنيا على القسمة يجعل ثلاثة أسهم و يعطى لصاحب الأول سهم و لصاحب الثاني سهمان، و إذا باعاه يقسم الثمن بينهما أثلاثا، و الأحوط في مثل ذلك- أعني اختلاط مختلفي القيمة من جنس واحد- البيع و توزيع الثمن بنسبة القيمة لا التقسيم بالتفاضل بنسبتها، من جهة شبهة لزوم الربا في الثاني كما قال به جماعة.

هذا إذا مزج المغصوب بجنسه، و اما إذا اختلط بغير جنسه فان كان فيما يعد معه تالفا- كما إذا اختلط ماء الورد المغصوب بالزيت- ضمن المثل، و ان لم يكن كذلك- كما خلط دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو خلط الخل بالعسل- فالظاهر أنه


1- بشرط بقاء المالية للصبغ لكن بنسبة قيمة كل منهما بعد الصبغ كما مر.
2- ان كان النقص الوارد على كل منهما بالسوية، و إلا فيقتسمان بحسب النسبة.
3- إذا رضيا به و طالباه عنه، و لا يجوز الإقدام بأي نحو من التصرفات الا برضاهما.

ص: 91

بحكم الخلط بالأجود أو الأردى من جنس واحد، فيشتركان في العين بنسبة المالين و يقسمان العين و يوزعان الثمن بينهما بنسبة القيمتين كما مر.

[مسألة: 49 لو خلط المغصوب بالأجود أو الأردى و صار قيمة المجموع المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين]

مسألة: 49 لو خلط المغصوب بالأجود أو الأردى و صار قيمة المجموع المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين، فورد بذلك النقص المالي على المغصوب ضمنه الغاصب، كما لو غصب منا من زيت جيد قيمته عشرة و خلطه بمن من ردي ء قيمته خمسة، و بسبب الاختلاط يكون قيمة المنين اثني عشر، فصار حصة المغصوب منه من الثمن بعد التوزيع ثمانية، و الحال ان زيته غير مخلوط كان يسوى عشرة، فورد النقص عليه باثنين، و هذا النقص يغرمه الغاصب (1). و ان شئت قلت: يستوفي المالك قيمة ماله غير مخلوط من الثمن و ما بقي يكون للغاصب.

[مسألة: 50 فوائد المغصوب مملوكة للمغصوب منه و ان تجددت بعد الغصب]

مسألة: 50 فوائد المغصوب مملوكة للمغصوب منه و ان تجددت بعد الغصب، و هي كلها مضمونة على الغاصب أعيانا كانت كاللبن و الولد و الشعر و الثمر أو منافع كسكنى الدار و ركوب الدابة، بل كل صفة زادت بها قيمة المغصوب لو وجدت في زمان الغصب ثم زالت و تنقصت بزوالها قيمته ضمنها الغاصب و ان رد العين كما كانت قبل الغصب، فلو غصب دابة هازلة أو عبدا جاهلا ثم سمنت الدابة أو تعلم العبد الصنعة فزادت قيمتهما بسبب ذلك ثم هزلت الدابة أو نسي المملوك الصنعة ضمن الغاصب تلك الزيادة التي حصلت ثم زالت. نعم لو زادت القيمة لزيادة صفة ثم زالت تلك الصفة ثم عادت الصفة بعينها لم يضمن قيمة الزيادة التالفة لانجبارها بالزيادة العائدة، كما إذا سمنت الدابة في يده فزادت قيمتها ثم هزلت ثم سمنت فإنه لا يضمن الزيادة الحاصلة بالسمن الأول (2) الا إذا نقصت الزيادة الثانية عن الأولى، بأن كانت الزيادة


1- و لو زادت قيمة المجموع بعد الخلط مثل أن تكون ثمانية عشر في المثال فالظاهر أن الزيادة لصاحب الأردى.
2- مشكل، و الظاهر أنه لا فرق بين هذه المسألة و المسألة الآتية.

ص: 92

الحاصلة بالسمن الأول درهمين و الحاصلة بالثاني درهما مثلا، فيضمن التفاوت.

[مسألة: 51 لو حصلت فيه صفة فزادت قيمته ثم زالت فنقصت ثم حصلت فيه صفة أخرى زادت بها قيمته]

مسألة: 51 لو حصلت فيه صفة فزادت قيمته ثم زالت فنقصت ثم حصلت فيه صفة أخرى زادت بها قيمته لم يزل ضمان الزيادة الاولى و لم ينجبر نقصانها بالزيادة الثانية، كما إذا سمنت الجارية المغصوبة ثم هزلت فنقصت قيمتها ثم تعلمت الخياطة فزادت قيمتها بقدر الزيادة الأولى أو أزيد لم يزل ضمان الغاصب للزيادة الاولى.

[مسألة: 52 إذا غصب حبا فزرعه أو بيضا فاستفرخه تحت دجاجته مثلا كان الزرع و الفرخ للمغصوب منه]

مسألة: 52 إذا غصب حبا فزرعه أو بيضا فاستفرخه تحت دجاجته مثلا كان الزرع و الفرخ للمغصوب منه، و كذا لو غصب خمرا فصار خلا أو غصب عصيرا فصار خمرا عنده ثم صار خلا فإنه ملك للمغصوب منه لا الغاصب، و أما لو غصب فحلا فأنزاه على الأنثى و أولدها كان الولد لصاحب الأنثى و ان كان هو الغاصب و عليه أجرة الضراب (1).

[مسألة: 53 جميع ما مر من الضمان و كيفيته و أحكامه و تفاصيله جارية في كل يد جارية على مال الغير بغير حق]

مسألة: 53 جميع ما مر من الضمان و كيفيته و أحكامه و تفاصيله جارية في كل يد جارية على مال الغير بغير حق و ان لم تكن عادية و غاصبة و ظالمة، إلا في موارد الأمانات مالكية كانت أو شرعية، كما عرفت التفصيل في كتاب الوديعة، فتجري في جميع ما يقبض بالمعاملات الفاسدة. و ما وضع اليد عليه بسبب الجهل و الاشتباه كما إذا لبس حذاء غيره أو ثوبه اشتباها أو أخذ شيئا من سارق عارية باعتقاد انه ماله و غير ذلك مما لا يحصى.

[مسألة: 54 كما أن اليد الغاصبة و ما يلحق بها موجبة للضمان- و هو المسمى «بضمان اليد»]

مسألة: 54 كما أن اليد الغاصبة و ما يلحق بها موجبة للضمان- و هو المسمى «بضمان اليد» و قد عرفت تفصيله في المسائل السابقة- كذلك للضمان سببان آخران:

الإتلاف، و التسبيب. و بعبارة أخرى له سبب آخر، و هو الإتلاف، سواء كان بالمباشرة أو التسبيب.

[مسألة: 55 الإتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه]

مسألة: 55 الإتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه، كما إذا ذبح حيوانا (2)


1- و ان لم يكن صاحب الأنثى.
2- بل كما إذا قتل حيوانا بغير الذبح الشرعي، و أما الذبح فليس إتلافا للمذبوح بل إتلاف لوصف كونه حيا و يضمن المتلف تفاوت كونه حيا و مذبوحا.

ص: 93

أو رماه بسهم فقتله أو ضرب على إناء فكسره أو رمى شيئا في النار فأحرقه و غير ذلك مما لا يحصى، و أما الإتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شي ء يترتب عليه الإتلاف بسبب وقوع شي ء، كما لو حفر بئرا في المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان أو طرح المعاثر و المزالق كقشر البطيخ و الرقي في المسالك أو أوتد وتدا في الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان أو وضع شيئا على الطريق فتمر به الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره أو أخرج ميزابا على الطريق فأضر بالمارة أو ألقى صبيا أو حيوانا يضعف عن الفرار في مسبعة فقتله السبع. و من ذلك ما لو فك القيد عن الدابة فشردت أو فتح قفصا عن طائر فطار مبادرا أو بعد مكث و غير ذلك، ففي جميع ذلك يكون فاعل السبب ضامنا و يكون عليه غرامة التالف و بدله، ان كان مثليا فبالمثل و ان كان قيميا فبالقيمة، و ان صار سببا لتعيب المال كان عليه الأرش كما مر في ضمان اليد.

[مسألة: 56 لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعا أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها]

مسألة: 56 لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعا أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها فاتفق تلفها لم يضمن بسبب التسبيب إلا إذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من امه و كانت الماشية في محال السباع و مظان الخطر و انحصر حفظها بحراسة راعيها، فعليه الضمان حينئذ على الأقوى.

[مسألة: 57 و من التسبيب الموجب للضمان ما لو فك وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه]

مسألة: 57 و من التسبيب الموجب للضمان ما لو فك وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه، و أما لو فتح رأس الظرف ثم اتفق انه قلبته الريح الحادثة أو انقلب بوقوع طائر عليه مثلا فسال ما فيه ففي الضمان تردد و اشكال (1). نعم يقوى الضمان فيما كان ذلك في حال هبوب الرياح العاصفة أو في مجتمع الطيور و مظان وقوعها عليه.

[مسألة: 58 ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح بابا على مال فسرق أو دل سارقا عليه فسرقه]

مسألة: 58 ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح بابا (2) على مال فسرق أو دل سارقا عليه فسرقه، فلا ضمان عليه.


1- و ان كان الأقوى فيه الضمان.
2- في إطلاقه إشكال.

ص: 94

[مسألة: 59 لو وقع الحائط على الطريق مثلا فتلف بوقوعه مال أو نفس لم يضمن صاحبه]

مسألة: 59 لو وقع الحائط على الطريق مثلا فتلف بوقوعه مال أو نفس لم يضمن صاحبه، إلا إذا بناه مائلا إلى الطريق أو مال اليه بعد ما كان مستويا و قد تمكن صاحبه من الإزالة (1) و لم يزله، فعليه الضمان في الصورتين على الأقوى (2).

[مسألة: 60 لو وضع شربة أو كوزا مثلا على حائطه فسقط و تلف به مال أو نفس لم يضمن]

مسألة: 60 لو وضع شربة أو كوزا مثلا على حائطه فسقط و تلف به مال أو نفس لم يضمن إلا إذا وضعه مائلا إلى الطريق أو وضعه على وجه يسقط مثله (3).

[مسألة: 61 و من التسبيب الموجب للضمان ان يشعل نارا في ملكه و داره فتعدت]

مسألة: 61 و من التسبيب الموجب للضمان ان يشعل نارا في ملكه و داره فتعدت و أحرقت دار جاره مثلا فيما إذا تجاوز قدر حاجته و يعلم أو يظن تعديها لعصف الهواء مثلا، بل الظاهر كفاية الثاني، فيضمن مع العلم أو الظن بالتعدي و لو كان بمقدار الحاجة، بل لا يبعد الضمان إذا اعتقد عدم كونها متعدية فتبين خلافه، كما إذا كانت ريح حين إشعال النار و هو قد اعتقد أن بمثل هذه الريح لا تسري النار الى الجار فتبين خلافه. نعم لو كان الهواء ساكنا بحيث يؤمن معه من التعدي فاتفق عصف الهواء بغتة فطارت شرارتها يقوى عدم الضمان.

[مسألة: 62 إذا أرسل الماء في ملكه فتعدى الى ملك غيره فأضر به ضمن مطلقا]

مسألة: 62 إذا أرسل الماء في ملكه فتعدى الى ملك غيره فأضر به ضمن مطلقا (4) و لو مع اعتقاده عدم التعدي فضلا عما لو علم أو ظن به.

[مسألة: 63 لو تعب حمال الخشبة فأسندها الى جدار الغير ليستريح بدون اذن صاحب الجدار فوقع بإسناده اليه ضمنه]

مسألة: 63 لو تعب حمال الخشبة فأسندها الى جدار الغير ليستريح بدون اذن صاحب الجدار فوقع بإسناده اليه ضمنه و ضمن ما تلف بوقوعه عليه، و لو وقعت الخشبة فأتلفت شيئا ضمنه، سواء وقعت في الحال أو بعد ساعة (5).


1- أو تمكن من الاعلام و لم يعلمه.
2- بشرط ان لا يكون بإقدام من التالف أو المتلف منه.
3- أو يكون في معرض للسقوط.
4- بشرط أن لا يكون ذلك مستندا الى المتضرر و الا فلا ضمان، و ان كان مستندا الى غيرهما فالضمان عليه.
5- بشرط أن يكون ذلك مستندا إلى إسناده.

ص: 95

[مسألة: 64 لو فتح قفصا عن طائر فخرج و كسر بخروجه قارورة شخص مثلا ضمنها الفاتح]

مسألة: 64 لو فتح قفصا عن طائر فخرج و كسر بخروجه قارورة شخص مثلا ضمنها الفاتح، و كذا لو كان القفص ضيقا مثلا فاضطرب بخروجه فسقط و انكسر ضمنه.

[مسألة: 65 إذا أكلت دابة شخص زرع غيره أو أفسده]

مسألة: 65 إذا أكلت دابة شخص زرع غيره أو أفسده، فإن كان معها صاحبها راكبا أو سائقا أو قائدا أو مصاحبا ضمن ما أتلفته، و ان لم يكن معها- بأن انفلتت من مراحها مثلا فدخلت زرع غيره- ضمن ما أتلفته ان كان ذلك ليلا و ليس عليه ضمان ان كان نهارا.

[مسألة: 66 لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابة في يد المستعير أو المستأجر فاتلفتا زرعا أو غيره]

مسألة: 66 لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابة في يد المستعير أو المستأجر فاتلفتا زرعا أو غيره كان الضمان على الراعي و المستأجر و المستعير لا على المالك و المعير.

[مسألة: 67 لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين، فان لم يكن أحدهما أسبق في التأثير اشتركا في الضمان]

مسألة: 67 لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين، فان لم يكن أحدهما أسبق في التأثير اشتركا في الضمان، و الا كان الضمان على المتقدم في التأثير. فلو حفر شخص بئرا في الطريق و وضع شخص آخر حجرا بقربها فعثر به إنسان أو حيوان فوقع في البئر كان الضمان على واضع الحجر دون حافر البئر، و يحتمل قويا اشتراكهما في الضمان مطلقا.

[مسألة: 68 لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر دون فاعل السبب]

مسألة: 68 لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر دون فاعل السبب، فلو حفر شخص بئرا في الطريق فدفع غيره فيها إنسانا أو حيوانا كان الضمان على الدافع دون الحافر (1). نعم لو كان السبب أقوى من المباشر كان الضمان عليه لا على المباشر، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمد رجله و كسرها كان الضمان على الواضع دون النائم.


1- ان كان الدافع مختارا في دفعه، و أما إذا خرج عن اختياره فالضمان على الحافر ان كان البئر موجبا للتلف.

ص: 96

[مسألة: 69 لو اكره على إتلاف مال غيره كان الضمان على من أكرهه و ليس عليه ضمان]

مسألة: 69 لو اكره على إتلاف مال غيره كان الضمان على من أكرهه و ليس عليه ضمان، لكون ذي السبب أقوى من المباشر. هذا إذا لم يكن المال مضمونا في يده، بأن أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده أو على إتلاف الوديعة التي عنده مثلا، و أما إذا كان المال مضمونا في يده- كما إذا غصب مالا فأكرهه شخص على إتلافه- فالظاهر ضمان كليهما، فللمالك الرجوع على أيهما شاء، فان رجع على المكره (بالكسر) لم يرجع على المكره (بالفتح)، بخلاف العكس. هذا إذا أكره على إتلاف المال، و أما لو اكره على قتل أحد معصوم الدم فقتله فالضمان على القاتل من دون رجوع على المكره (بالكسر) و ان كان عليه عقوبة، فإنه لا إكراه في الدماء.

[مسألة: 70 لو غصب مأكولا مثلا فأطعمه المالك مع جهله بأنه ماله- بأن قال له هذا ملكي و طعامي- أو قدمه إليه ضيافة]

مسألة: 70 لو غصب مأكولا مثلا فأطعمه المالك مع جهله بأنه ماله- بأن قال له هذا ملكي و طعامي- أو قدمه إليه ضيافة. مثلا لو غصب شاة و استدعى من المالك ذبحها فذبحها مع جهله بأنها شاته ضمن الغاصب (1) و ان كان المالك هو المباشر للإتلاف. نعم لو دخل المالك دار الغاصب مثلا و رأى طعاما فأكله على اعتقاد أنه طعام الغاصب فكان طعام الأكل فالظاهر عدم ضمان الغاصب و قد بري ء عن ضمان الطعام.

[مسألة: 71 لو غصب طعاما من شخص و أطعمه غير المالك على أنه ماله مع جهل الأكل بأنه مال غيره]

مسألة: 71 لو غصب طعاما من شخص و أطعمه غير المالك على أنه ماله مع جهل الأكل بأنه مال غيره- كما إذا قدمه اليه بعنوان الضيافة مثلا- ضمن كلاهما، فللمالك ان يغرم أيهما شاء، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الأكل و ان أغرم الأكل رجع على الغاصب لانه قد غره.

[مسألة: 72 إذا سعى الى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالا بغير حق]

مسألة: 72 إذا سعى الى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالا بغير حق لم يضمن الساعي و المشتكي ما خسره، و ان أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حق، و انما الضمان على من أخذ المال.

[مسألة: 73 إذا تلف المغصوب و تنازع المالك و الغاصب في القيمة]

مسألة: 73 إذا تلف المغصوب و تنازع المالك و الغاصب في القيمة و لم يكن


1- التفاوت بين الحي و المذبوح كما مر.

ص: 97

بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه (1)، و كذا لو تنازعا في صفة تزيد بها الثمن، بأن ادعى المالك وجود تلك الصفة فيه يوم غصبه أو حدوثها بعده، و ان زالت فيما بعد و أنكره الغاصب و لم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه.

[مسألة: 74 إذا كان على العبد المغصوب الذي تحت يد الغاصب ثوب أو خاتم مثلا أو على الدابة المغصوبة]

مسألة: 74 إذا كان على العبد المغصوب الذي تحت يد الغاصب ثوب أو خاتم مثلا أو على الدابة المغصوبة رحل أو علق بها حبل و اختلفا فيما عليهما فقال المغصوب منه هو لي و قال الغاصب هو لي و لم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه لكونه ذا يد فعلية عليه.


1- على المختار من اشتغال ذمة الضامن بالقيمة بتلف العين المضمونة.

ص: 98

[كتاب احياء الموات و المشتركات]

اشارة

كتاب احياء الموات و المشتركات

[القول في إحياء الموات]

اشارة

القول في إحياء الموات:

الموات هي الأرض المعطلة التي لا ينتفع بها، أما لانقطاع الماء عنها أو لاستيلاء المياه أو الرمول أو السبخ أو الأحجار عليها أو لاستيجامها و التفاف القصب و الأشجار بها أو لغير ذلك، و هو على قسمين:

الأول- الموات بالأصل، و هو ما لم يعلم مسبوقيته بالملك (1) و الاحياء، أو علم عدم مسبوقيته بهما كأكثر المفاوز و البراري و البوادي و صفحات الجبال و أذيالها و نحوها.

الثاني- الموات بالعارض، و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران، كالأراضي الدارسة التي بها آثار المرور و الأنهار و القرى الخربة التي بقيت منها رسوم العمارة.

[مسألة: 1 الموات بالأصل و ان كان ملكا للإمام عليه السلام حيث انه من الأنفال]

مسألة: 1 الموات بالأصل و ان كان ملكا للإمام عليه السلام حيث انه من الأنفال كما مر في كتاب الخمس، لكن يجوز في زمان الغيبة لكل أحد إحياؤه مع الشروط الآتية و القيام بعمارته و يملكه المحيي على الأقوى، سواء كان في دار الإسلام أو في دار الكفر، و سواء كان في أرض الخراج كأرض العراق أو في غيرها، و سواء


1- الموات بالأصل هي ما لم يسبق بالاحياء، و ما لم يعلم ذلك يعمل معه معاملة الموات بالأصل، و لعله المتبادر عند العرف من الموات بالأصل.

ص: 99

كان المحيي مسلما أو كافرا.

[مسألة: 2 الموات بالعارض الذي كان مسبوقا بالملك و الاحياء إذا لم يكن له مالك معروف على قسمين]

مسألة: 2 الموات بالعارض الذي كان مسبوقا بالملك و الاحياء إذا لم يكن له مالك معروف على قسمين:

الأول- ما باد أهلها و صارت بسبب مرور الزمان و تقادم الأيام بلا مالك، و ذلك كالأراضي الدارسة و القرى و البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضين الذين لم يبق منهم اسم و لا رسم أو نسبت إلى أقوام أو أشخاص لم يعرف منهم الا الاسم.

الثاني- ما لم يكن كذلك (1) و لم تكن بحيث عدت بلا مالك، بل كانت لمالك موجود و لم يعرف شخصه و يقال لها مجهولة المالك.

فأما القسم الأول فهو بحكم الموات بالأصل في كونه من الأنفال و انه يجوز إحياؤه و يملكه المحيي، فيجوز إحياء الأراضي الدارسة التي بقيت فيها آثار الأنهار و السواقي و المروز و تنقية القنوات و الآبار المطمومة و تعمير الخربة من القرى و البلاد القديمة التي بقيت بلا مالك، و لا يعامل معها معاملة مجهول المالك، و لا يحتاج الى الاذن من حاكم الشرع أو الشراء منه، بل يملكها المحيي و المعمر بنفس الاحياء و التعمير.

و أما القسم الثاني فلا إشكال في جواز إحيائه و القيام بتعميره و التصرف فيه بأنواع التصرفات، و هل يملكه المحيي عينا و منفعة و ليس عليه شي ء إلا الزكاة عند اجتماع شرائطها كالقسم الأول أم لا؟ ظاهر المشهور هو الأول، لكنه لا يخلو من اشكال، فالأحوط أن يتفحص عن صاحبه (2) و بعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول


1- و لم يعلم اعراض صاحبه.
2- و أحوط منه أن يستأذن الحاكم في أصل الإحياء أيضا، فيأذن له على ما يؤدى نظره من التملك بالاحياء بعوض أو بلا عوض و الانتفاع كذلك و يتصدق الحاكم العوض على الفقراء كما في المتن، كما أن الأحوط لصاحب الأرض المصالحة و المراضاة مع المحيي إذا أحياها بقصد التملك.

ص: 100

المالك، فأما ان يشتري عينها من حاكم الشرع و يصرف ثمنها على الفقراء، و اما أن يستأجرها منه بأجرة معينة، أو يقدر ما هو أجرة مثلها لو انتفع بها و يتصدق بها على الفقراء. نعم لو علم أن مالكها قد أعرض عنها أو انجلى عنها أهلها و تركوها لقوم آخرين جاز إحياؤها و تملكها بلا اشكال.

[مسألة: 3 إذا كان ما طرأ عليه الخراب لمالك معلوم، فإن أعرض عنه مالكه كان لكل أحد إحياؤه و تملكه]

مسألة: 3 إذا كان ما طرأ عليه الخراب لمالك معلوم، فإن أعرض عنه مالكه كان لكل أحد إحياؤه و تملكه، و ان لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتا للانتفاع بها في تلك الحال من جهة تعليف دوابه أو بيع حشيشه أو قصبه و نحو ذلك فربما ينتفع منها مواتا أكثر مما ينتفع منها محياة فلا إشكال في انه لا يجوز لأحد إحياؤها و التصرف فيها بدون اذن مالكها، و كذا فيما إذا كان مهتما بإحيائها عازما عليه و انما أخر الاشتغال به لجمع الآلات و تهيئة الأسباب المتوقعة الحصول أو لانتظار وقت صالح له.

و أما لو ترك تعمير الأرض و إصلاحها و أبقاها إلى الخراب من جهة عدم الاعتناء بشأنها و عدم الاهتمام و الالتفات الى مرمتها و عدم عزمه على إحيائها اما لعدم حاجته إليها أو لاشتغاله بتعمير غيرها فبقيت مهجورة مدة معتدا بها حتى آل الى الخراب، فان كان سبب ملك المالك غير الاحياء- مثل أنه ملكها بالإرث أو الشراء- فليس لأحد وضع اليد عليها و إحياؤها و التصرف فيها إلا بإذن مالكها، و لو أحياها أحد و تصرف فيها و انتفع بها بزرع أو غيره فعليه أجرتها لمالكها. و ان كان سبب ملكه الإحياء- بأن كانت أرضا مواتا بالأصل فأحياها و ملكها ثم بعد ذلك عطلها و ترك تعميرها حتى آلت الى الخراب- فالظاهر أنه يجوز إحياؤها لغيره (1)، فلو أحياها غيره و عمرها كان الثاني أحق بها من الأول و ليس للأول انتزاعها من يده، و ان كان الأحوط أنه لو رجع الأول إليه أعطي حقه اليه و لم يتصرف فيها إلا بإذنه.


1- مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الاحياء بدون إذن المحيي الأول، كما أن الأحوط له أيضا المراضاة و المصالحة مع المحيي الثاني لو أحياها بقصد التملك.

ص: 101

[مسألة: 4 كما يجوز احياء القرى الدارسة و البلاد القديمة التي باد أهلها و صارت بلا مالك بجعلها مزرعا أو مسكنا أو غيرهما]

مسألة: 4 كما يجوز احياء القرى الدارسة و البلاد القديمة التي باد أهلها و صارت بلا مالك بجعلها مزرعا أو مسكنا أو غيرهما، كذا يجوز حيازة اجزائها الباقية من أحجارها و أخشابها و آجرها و غيرها، و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

[مسألة: 5 لو كانت الأرض موقوفة و طرأها الموتان و الخراب، فان كانت من الموقوفات القديمة الدارسة]

مسألة: 5 لو كانت الأرض موقوفة و طرأها الموتان و الخراب، فان كانت من الموقوفات القديمة الدارسة التي لم يعلم كيفية وقفها و انها خاص أو عام أو وقف على الجهات و لم يعلم من الاستفاضة و الشهرة غير كونها وقفا على أقوام ماضين لم يبق منهم اسم و لا رسم أو قبيله لم يعرف منهم الا الاسم، فالظاهر أنها من الأنفال، فيجوز إحياؤها، كما إذا كان الموات المسبوق بالملك على هذا الحال. و ان علم انها وقف على الجهات و لم تتعين- بأن علم انها وقف اما على مسجد أو مشهد أو مقبرة أو مدرسة أو غيرها- و لم يعلم بعينها، أو علم انها وقف على أشخاص لم يعرفهم بأشخاصهم أو أعيانهم، كما إذا علم ان مالكها قد وقفها على ذريته و لم يعلم من الواقف و من الذرية، فالظاهر أن ذلك بحكم الموات المجهول المالك الذي نسب الى المشهور القول بأنه من الأنفال، و قد مر ما فيه من الاشكال، بل القول به هنا أشكل، فالأحوط القيام بإحيائها (1) و تعميرها و التصرف فيها و الانتفاع بها بزرع أو غيره و ان يصرف أجرة مثلها في الأول في وجوه البر و في الثاني على الفقراء، بل الأحوط خصوصا في الأول مراجعة حاكم الشرع. و أما لو طرأ الموتان على الوقف الذي علم مصرفه أو الموقوف عليهم، فلا ينبغي الإشكال (2) في انه لو أحياه أحد و عمره وجب عليه صرف منفعته في مصرفه المعلوم في الأول، و دفعها و إيصالها إلى الموقوف عليهم المعلومين


1- بل الأحوط عدم القيام بإحيائها و التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي مع عدم العلم بالمتولي المنصوص لها، ثم لا يصرف اجرة المثل في المصارف المذكورة إلا بإذن الحاكم.
2- كما لا ينبغي الإشكال في انه لا يجوز لأحد ان يتصرف فيه اى تصرف إلا بإذن المتولي المنصوص أو الحاكم أو الموقوف عليهم، و كذا لا يجوز صرف اجرة المثل في مصرفها إلا بإذن المتولي أو الحاكم. نعم يعطى الموقوف عليهم حقهم إذا لم يكن للموقوفة متول منصوص.

ص: 102

في الثاني، و ان كان المتولي أو الموقوف عليهم تاركين إصلاحه و تعميره و مرمته الى أن آل الى الخراب.

[مسألة: 6 إذا كانت الموات بالأصل حريما لعامر مملوك لا يجوز لغير مالكه إحياؤه]

مسألة: 6 إذا كانت الموات بالأصل حريما لعامر مملوك لا يجوز لغير مالكه إحياؤه، و ان أحياه لم يملكه. و توضيح ذلك: أن من أحيى مواتا لإحداث شي ء من دار أو بستان أو مزرع أو غيرها تبع ذلك الشي ء الذي أحدثه مقدار من الأرض الموات القريبة من ذلك الشي ء الحادث مما يحتاج إليها لتمام الانتفاع به و يتعلق بمصالحه عادة، و يسمى ذلك المقدار التابع حريما لذلك المتبوع، و يختلف مقدار الحريم زيادة و نقيصة باختلاف ذي الحريم، و ذلك من جهة تفاوت الأشياء في المصالح و المرافق المحتاج إليها، فما يحتاج اليه الدار من المرافق بحسب العادة غير ما يحتاج إليه البئر و النهر مثلا، و هكذا باقي الأشياء. بل يختلف ذلك باختلاف البلاد و العادات أيضا، فإذا أراد شخص احياء حوالي ماله الحريم لا يجوز له احياء مقدار الحريم بدون اذن المالك و رضاه، و ان أحياه لم يملكه و كان غاصبا.

[مسألة: 7 حريم الدار مطرح ترابها و كناستها و رمادها و مصب مائها و مطرح ثلوجها]

مسألة: 7 حريم الدار مطرح ترابها و كناستها و رمادها و مصب مائها و مطرح ثلوجها و مسلك الدخول و الخروج منها في الصوب الذي يفتح اليه الباب، فلو بنى دارا في أرض موات تبعه هذا المقدار من الموات من حواليها، فليس لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضى صاحب الدار. و ليس المراد من استحقاق الممر في قبالة الباب استحقاقه على الاستقامة و على امتداد الموات، بل المراد أن يبقى مسلك له يدخل و يخرج الى الخارج بنفسه و عياله و أضيافه و ما تعلق به من دوابه و أحماله و أثقاله بدون مشقة بأي نحو كان، فيجوز لغيره احياء ما في قبالة الباب من الموات إذا بقي له الممر و لو بانعطاف و انحراف.

و حريم الحائط لو لم يكن جزء من الدار- بأن كان مثلا جدار حصار أو بستان أو غير ذلك- مقدار ما يحتاج اليه لطرح التراب و الآلات و بل الطين لو انتقض و احتاج

ص: 103

الى البناء و الترميم.

و حريم النهر مقدار مطرح طينه و ترابه إذا احتاج الى التنقية، و المجاز على حافتيه للمواظبة عليه و لإصلاحه على قدر ما يحتاج اليه.

و حريم البئر ما يحتاج إليه لأجل السقي منها و الانتفاع بها من الموضع الذي يقف فيه النازح ان كان الاستقاء منها باليد، و موضع الدولاب و متردد البهيمة ان كان الاستقاء بهما، و مصب الماء و الموضع الذي يجتمع فيه لسقي الماشية أو الزرع من حوض و نحوه، و الموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منها من الطين و غيره لو اتفق الاحتياج اليه.

و حريم العين ما يحتاج إليه لأجل الانتفاع بها أو إصلاحها و حفظها على قياس غيرها.

[مسألة: 8 لكل من البئر و العين و القناة- أعني بئرها الأخيرة]

مسألة: 8 لكل من البئر و العين و القناة- أعني بئرها الأخيرة التي هي منبع الماء (1) و يقال لها بئر العين و أم الآبار- حريم آخر بمعنى آخر، و هو المقدار الذي ليس لأحد أن يحدث بئرا أو قناة أخرى فيما دون ذلك المقدار بدون اذن صاحبهما، و هو في البئر أربعون ذراعا إذا كان حفرها لأجل استقاء الماشية من الإبل و نحوها منها، و ستون ذراعا إذا كان لأجل الزرع و غيره، فلو أحدث شخص بئرا في موات من الأرض لم يكن لشخص آخر احداث بئر أخرى في جنبها بدون اذنه، بل ما لم يكن الفصل بينهما أربعين ذراعا أو ستين فما زاد على ما فصل.

و في العين و القناة خمسمائة ذراع في الأرض الصلبة و ألف ذراع في الأرض الرخوة، فإذا استنبط إنسان عينا أو قناة في أرض موات صلبة و أراد غيره حفر أخرى تباعد عنه بخمسمائة ذراع و ان كانت رخوة تباعد بألف ذراع، و لو فرض ان الثانية


1- بل كل بئر ينبع فيه الماء و ان كان متعددا في قناة واحدة، كما يتفق كثيرا.

ص: 104

تضر بالأولى و تنقص ماؤها مع البعد المزبور فالأحوط (1) لو لم يكن الأقوى زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو التراضي مع صاحب الاولى.

[مسألة: 9 اعتبار البعد المزبور في القناة انما هو في أحداث قناة أخرى]

مسألة: 9 اعتبار البعد المزبور في القناة انما هو في أحداث قناة أخرى كما أشرنا إليه آنفا، و اما إحياء الموات الذي في حواليها لزرع أو بناء أو غيرهما فلا مانع منه إذا بقي من جوانبها مقدار تحتاج للنزح أو الاستقاء أو الإصلاح و التنقية و غيرهما مما ذكر في مطلق البئر، بل لا مانع من احياء الموات الذي فوق الآبار و ما بينها إذا أبقى من أطراف حلقها مقدار ما يحتاج اليه لمصالحها، فليس لصاحب القناة المنع عن الاحياء للزرع و غيره فوقها إذا لم يضر بها.

[سألة: 10 الظاهر أن التباعد المزبور في القناة انما يلاحظ بالنسبة إلى البئر التي هي منبع الماء]

مسألة: 10 الظاهر أن التباعد المزبور في القناة انما يلاحظ بالنسبة إلى البئر التي هي منبع الماء المسماة بأم الآبار (2)، فلا يجوز أن يحدث قناة أخرى يكون منبعها بعيدا عن منبع الأخرى بأقل من خمسمائة أو ألف ذراع. و اما الآبار الأخر التي هي مجرى الماء فلا يراعى الفصل المذكور بينها، فلو أحدث الثاني قناة في أرض صلبة و كان منبعها بعيدا عن منبع الاولى بخمسمائة ذراع ثم تقارب في الآبار الأخر التي هي مجرى الماء إلى الآبار الأخر للأخرى الى أن صار بينها و بينها عشرة أذرع مثلا لم يكن لصاحب الاولى منعه. نعم لو فرض أن قرب تلك الآبار أضر بتلك الآبار من جهة جذبها للماء الجاري فيها أو من جهة أخرى تباعد بما يندفع به الضرر.

[مسألة: 11 القرية المبنية في الموات لها حريم ليس لأحد إحياؤه]

مسألة: 11 القرية المبنية في الموات لها حريم ليس لأحد إحياؤه، و لو أحياه لم يملكه، و هو ما يتعلق بمصالحها و مصالح أهليها من طرقها المسلوكة منها و إليها و مسيل مائها و مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مشرعها و مجمع


1- و الأحوط لصاحب الاولى ان لا يمنع الثاني من الحفر في مكان لا يعلم بكون الثانية مضرة بالأولى.
2- بل التباعد يلاحظ بالنسبة إلى الآبار النابعة من غير فرق بين الام و غيرها كما مر.

ص: 105

أهاليها لمصالحهم على حسب مجرى عاداتهم و مدفن موتاهم و مرعى ماشيتهم و محتطبهم و غير ذلك. و المراد بالقرية البيوت و المساكن المجتمعة المسكونة، فلم يثبت هذا الحريم للضيعة و المزرعة ذات المزارع و البساتين المتصلة الخالية من البيوت و المساكن و السكنة، فلو أحدث شخص قناة في فلاة و أحيى أرضا بسيطة بمقدار ما يكفيه ماء القناة و زرع فيها و غرس فيها النخيل و الأشجار لم يكن الموات المجاور لتلك المحياة حريما لها فضلا عن التلال و الجبال القريبة منها، بل لو أحدث بعد ذلك في تلك المحياة دورا و مساكن حتى صارت قرية كبيرة يشكل ثبوت الحريم لها، فالقدر المتيقن من ثبوت الحريم للقرية فيما إذا أحدثت في أرض موات. نعم للمزرعة بنفسها أيضا حريم، و هو ما تحتاج إليه في مصالحها و يكون من مرافقها من مسالك الدخول و الخروج و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و ترابها (1) و غيرها.

[مسألة: 12 حد المرعى الذي هو حريم للقرية و محتطبها مقدار حاجة أهاليها بحسب العادة]

مسألة: 12 حد المرعى الذي هو حريم للقرية و محتطبها مقدار حاجة أهاليها بحسب العادة، بحيث لو منعهم مانع أو زاحمهم مزاحم لوقعوا في الضيق و الحرج، و يختلف ذلك بكثرة الاهالي و قلتهم و كثرة المواشي و الدواب و قلتها، و بذلك يتفاوت المقدار سعة و ضيقا طولا و عرضا.

[مسألة: 13 إذا كان موات يقرب العامر و لم يكن من حريمه و مرافقه جاز لكل أحد إحياؤه]

مسألة: 13 إذا كان موات يقرب العامر و لم يكن من حريمه و مرافقه جاز لكل أحد إحياؤه و لم يختص بمالك ذاك العامر و لا أولوية له، فإذا طلع شاطئ من الشط بقرب أرض محياة أو بستان مثلا كان كسائر الموات، فمن سبق إلى إحيائه و حيازته كان له و ليس لصاحب الأرض أو البستان منعه.

[مسألة: 14 لا إشكال في أن حريم القناة المقدار بخمسمائة ذراع أو ألف ذراع ليس ملكا لصاحب القناة]

مسألة: 14 لا إشكال في أن حريم القناة المقدار بخمسمائة ذراع أو ألف ذراع ليس ملكا لصاحب القناة و لا متعلقا لحقه المانع عن سائر تصرفات غيره بدون اذنه، بل ليس له الا حق المنع عن إحداث قناة أخرى كما مر. و الظاهر أن حريم


1- و مرعى مواشيها بمقدار الحاجة.

ص: 106

القرية أيضا ليس ملكا لسكانها و أهليها، بل انما لهم حق الأولوية، و أما حريم النهر و الدار فالظاهر انه ملك لصاحب ذي الحريم (1)، فيجوز له بيعه منفردا كسائر الاملاك.

[مسألة: 15 ما مر من الحريم لبعض الاملاك انما هو فيما إذا ابتكرت في أرض موات]

مسألة: 15 ما مر من الحريم لبعض الاملاك انما هو فيما إذا ابتكرت في أرض موات، و أما في الاملاك المتجاورة فلا حريم لها، فلو أحدث المالكان المجاوران حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين، و لو أحدث أحدهما في آخر حدود ملكه حائطا أو نهرا لم يكن لهما حريم في ملك الأخر، و كذا لو حفر أحدهما قناة في ملكه كان للآخر احداث قناة أخرى في ملكه و ان لم يكن بينهما الحد.

[مسألة: 16 ذكر جماعة انه يجوز لكل من المالكين المتجاورين التصرف في ملكه بما شاء]

مسألة: 16 ذكر جماعة انه يجوز لكل من المالكين المتجاورين التصرف في ملكه بما شاء و حيث شاء و ان استلزم ضررا على الجار، لكنه مشكل على إطلاقه، بل الحق عدم جواز ما يكون سببا لعروض فساد في ملك الجار، كما إذا دق دقا عنيفا انزعج منه حيطان داره بما أوجب خللا فيها، أو حبس الماء في ملكه بحيث تنشر منه النداوة في حائطه، أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار أوجب فساد مائها، بل و كذا لو حفر بئرا بقرب بئره إذا أوجب نقص مائها و كان ذلك من جهة جذب الثانية ماء الاولى. و اما إذا كان من جهة ان الثانية لكونها أعمق و وقوعها في سمت مجرى المياه ينحدر فيها الماء من عروق الأرض قبل أن يصل الى الأول فالظاهر انه لا مانع منه، و المائز بين الصورتين أو لو الحدس الصائب من أهل الخبرة. و كذا لا مانع من إطالة البناء و ان كان مانعا من الشمس و القمر و الهواء، أو جعل داره مدبغة أو مخبزة مثلا و ان تأذى الجار من الريح و الدخان إذا لم يكن بقصد الإيذاء، و كذا احداث ثقبة في جداره الى دار جاره موجبة للإشراف أو لانجذاب الهواء، فان المحرم هو التطلع على دار الجار لا مجرد ثقب الجدار.


1- في مثل الممر و المدخل و مجاري المياه و مطرح الثلج بما يعد محياة عند العرف لا حريما، و اما مثل مطرح التراب و الكناسة فالظاهر عدم الفرق بين الدار و القرية.

ص: 107

[مسألة: 17 لا يخفى ان أمر الجار شديد، و حث الشرع الأقدس على رعايته أكيد]

مسألة: 17 لا يخفى ان أمر الجار شديد، و حث الشرع الأقدس على رعايته أكيد، و الاخبار في وجوب كف الأذى عن الجار و في الحث على حسن الجوار كثيرة لا تحصى: فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال: ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه.

و في حديث آخر انه صلى اللّٰه عليه و آله أمر عليا عليه السلام و سلمان و أبا ذر- قال الراوي و نسيت آخر و أظنه المقداد- ان ينادوا في المسجد بأعلى صوتهم بأنه لا ايمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثا.

و في الكافي عن الصادق عليه السلام عن أبيه قال: قرأت في كتاب علي عليه السلام ان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله كتب بين المهاجرين و الأنصار و من لحق بهم من أهل يثرب: ان الجار كالنفس غير مضار و لا آثم، و حرمة الجار كحرمة أمه.

و روى الصدوق بإسناده عن الصادق عليه السلام عن علي عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله قال: من آذى جاره حرم اللّٰه عليه ريح الجنة و مأواه جهنم و بئس المصير، و من ضيع جاره فليس مني.

و عن الرضا عليه السلام: ليس منا من لم يأمن جاره بوائقه.

و عن الصادق عليه السلام انه قال و البيت غاص بأهله: اعلموا أنه ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: حسن الجوار يعمر الديار و ينسئ في الأعمار.

فاللازم على كل من يؤمن باللّه و رسوله صلى اللّٰه عليه و آله و اليوم الأخر الاجتناب عن كل ما يؤذي الجار و ان لم يكن مما يوجب فسادا و ضررا في ملكه، الا ان يكون في تركه ضررا فاحشا على نفسه. و لا ريب أن مثل ثقب الجدار الموجب للإشراف على دار الجار إيذاء عليه و أي إيذاء، و كذا احداث ما يتأذى من ريحه أو دخانه أو

ص: 108

صوته أو يمنع عن وصول الهواء اليه أو عن إشراق الشمس عليه و غير ذلك.

[مسألة: 18 يشترط في التملك بالإحياء ان لا يسبق اليه سابق بالتحجير]

مسألة: 18 يشترط في التملك بالإحياء ان لا يسبق اليه سابق بالتحجير، فان التحجير يفيد أولوية المحجر، فهو أولى بالاحياء و التملك من غيره، فله منعه.

و لو أحياه قهرا على المحجر لم يملكه.

و المراد بالتحجير أن يحدث ما يدل على إرادة الإحياء، كوضع أحجار أو جمع تراب أو حفر أساس أو غرز خشب أو قصب أو نحو ذلك في أطرافه و جوانبه، أو يشرع في احياء ما يريد إحياءه، كما إذا حفر بئرا من آبار القناة الدارسة التي يريد إحياءها، فإنه تحجير بالنسبة إلى سائر آبار القناة، بل و بالنسبة إلى أراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه، فليس لأحد إحياء تلك القناة و لا احياء تلك الأراضي، و كما إذا أراد إحياء أجمة فيها الماء و القصب فعمد على قطع مائها فقط فهو تحجير لها، فليس لأحد إحياؤها بقطع قصبها.

[مسألة: 19 لا بد من أن يكون التحجير مضافا الى دلالته على أصل الاحياء دالا على مقدار ما يريد إحياءه]

مسألة: 19 لا بد من أن يكون التحجير مضافا الى دلالته على أصل الاحياء دالا على مقدار ما يريد إحياءه، فلو كان ذلك بوضع الأحجار أو جمع التراب أو غرز الخشب أو القصب مثلا لا بد أن يكون ذلك في جميع الجوانب حتى يدل على ان جميع ما أحاطت به العلامة يريد إحياءه. نعم في مثل احياء القناة البائرة يكفي الشروع في حفر احدى آبارها كما أشرنا إليه آنفا، فإنه دليل بحسب العرف في كونه بصدد احياء جميع القناة، بل الأراضي المتعلقة بها أيضا، بل إذا حفر بئرا في أرض موات بالأصل لأجل احداث قناة يمكن أن يقال انه يكون تحجيرا بالنسبة إلى أصل القناة و الى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد تمامها و جريان مائها، فليس لأحد إحياء تلك الجوانب حتى يتم القناة و يعين ما تحتاج اليه من الأراضي. نعم الأرض الموات التي ليس من حريم القناة و مما علم انه لا يصل إليه ماؤها بعد جريانه لا بأس بإحيائها.

[مسألة: 20 التحجير كما أشرنا إليه يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية]

مسألة: 20 التحجير كما أشرنا إليه يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية، فلا

ص: 109

يصح بيعه. نعم يصح الصلح عنه و يورث و يقع ثمنا في البيع لانه حق قابل للنقل و الانتقال.

[مسألة: 21 يشترط في مانعية التحجير أن يكون المحجر متمكنا من القيام بتعميره]

مسألة: 21 يشترط في مانعية التحجير أن يكون المحجر متمكنا من القيام بتعميره (1)، فلو حجر من لم يقدر على احياء ما حجره اما لفقره أو لعجزه عن تهيئة أسبابه فلا أثر لتحجيره و جاز لغيره إحياؤه، و كذا لو حجر زائدا على مقدار تمكنه من الاحياء لا أثر لتحجيره إلا في مقدار ما تمكن من تعميره، و أما في الزائد فليس له منع الغير عن إحيائه. فعلى هذا ليس لمن عجز عن احياء الموات تحجيره ثم نقل ما حجره الى غيره بصلح أو غيره مجانا أو بالعوض، لانه لم يحصل له حق حتى ينقله الى غيره.

[مسألة: 22 لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة]

مسألة: 22 لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة، بل يجوز أن يكون بتوكيل الغير أو استيجاره، فيكون الحق الحاصل بسببه ثابتا للموكل و المستأجر لا للوكيل و الأجير، بل لا يبعد كفاية وقوعه عن شخص نيابة عن غيره ثم اجازة ذلك الغير في ثبوته للمنصوب عنه و ان لم يخل عن اشكال (2)، فلا ينبغي ترك الاحتياط.

[مسألة: 23 لو انمحت آثار التحجير قبل أن يقوم المحجر بالتعمير بطل حقه]

مسألة: 23 لو انمحت آثار التحجير قبل أن يقوم المحجر بالتعمير بطل حقه (3) و عاد الموات الى ما كان قبل التحجير.

[مسألة: 24 ليس للمحجر تعطيل الموات المحجر عليه و الإهمال في التعمير]

مسألة: 24 ليس للمحجر تعطيل الموات المحجر عليه و الإهمال في التعمير، بل اللازم أن يشتغل بالعمارة عقيب التحجير، فإن أهمل و طالت المدة و أراد شخص آخر إحياءه فالأحوط أن يرفع الأمر إلى الحاكم مع وجوده و بسط يده، فيلزم المحجر


1- فعلا و لو بالتسبيب، و أما تحجير العاجز فعلا برجاء حصول القدرة في الأزمنة الآتية فغير مؤثر، بل و ان علم بذلك إذا احتاج الى زمان يعد عاجزا فعلا.
2- غير وجيه.
3- ان كان مستندا الى طول الزمان و المسامحة في الاحياء، و اما ان كان مستندا الى فعل الغير أو بسبب غير عادى فالظاهر بقاء حقه الا إذا علم بذلك و لم يجدد التحجير.

ص: 110

بأحد أمرين إما العمارة أو رفع يده عنه ليعمره غيره، الا أن يبدي عذرا موجها مثل انتظار وقت صالح له أو إصلاح آلاته أو حضور العملة، فيميل بمقدار ما يزول معه العذر. و ليس من العذر عدم التمكن من تهيئة الأسباب لفقره منتظرا للغني (1) و التمكن، فإذا مضت المدة و لم يشتغل بالعمارة بطل حقه و جاز لغيره القيام بالعمارة، و إذا لم يكن حاكم يقوم بهذه الشئون فالظاهر انه يسقط حقه أيضا لو أهمل في التعمير و طال الإهمال مدة طويلة يعد مثله في العرف تعطيلا، فجاز لغيره إحياؤه و ليس له منعه.

و الأحوط مراعاة حقه ما لم تمض مدة تعطيله و إهماله ثلاث سنين.

[مسألة: 25 الظاهر انه يشترط في التملك بالاحياء قصد التملك كالتملك بالحيازة]

مسألة: 25 الظاهر انه يشترط في التملك بالاحياء قصد التملك كالتملك بالحيازة، مثل الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش و نحوها، فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ما دام باقيا لم يملكه، بل لم يكن له الا حق الأولوية ما دام مقيما، فإذا ارتحل زالت تلك الأولوية و صارت مباحا للجميع.

[مسألة: 26 الاحياء المفيدة للملك عبارة عن جعل الأرض حية بعد الموتان و إخراجها عن صفة الخراب الى العمران]

مسألة: 26 الاحياء المفيدة للملك عبارة عن جعل الأرض حية بعد الموتان و إخراجها عن صفة الخراب الى العمران، و من المعلوم ان عمارة الأرض: اما بكونها مزرعا أو بستانا، و اما بكونها مسكنا و دارا، و اما حظيرة للأغنام و المواشي أو لحوائج أخر كتجفيف الثمار أو جمع الحطب أو غير ذلك، فلا بد في صدق احياء الموات من العمل فيه و إنهائه إلى حد صدق عليه أحد العناوين العامرة، بأن صدق عليه المزرع أو الدار مثلا أو غيرها عند العرف، و يكفي تحقق أول مراتب وجودها و لا يعتبر انهائها الى حد كمالها، و قبل أن يبلغ الى ذلك الحد و ان صنع فيه ما صنع لم يكن احياء بل يكون تحجيرا، و قد مر أنه لا يفيد الملك بل لا يفيد إلا الأولوية.

فإذا تبين هذه الجملة فليعلم انه يختلف ما اعتبر في الاحياء باختلاف العمارة التي يقصدها المحيي، فما اعتبر في إحياء الموات مزرعا أو بستانا غير ما اعتبر في


1- و كان في معرضة عن قريب.

ص: 111

إحيائه مسكنا أو دارا، و ما اعتبر في إحيائه قناة أو بئرا غير ما اعتبر في إحيائه نهرا و هكذا. و يشترط في الكل ازالة الأمور المانعة عن التعمير كالمياه الغالبة أو الرمول و الأحجار أو القصب و الأشجار لو كانت مستأجمة و غير ذلك. و يختص كل منها ببعض الأمور عند المشهور، و نحن نبينها في ضمن مسائل.

[مسألة: 27 يعتبر في إحياء الموات دارا و مسكنا بعد ازالة الموانع لو كان، أن يدار عليه حائط بما يعتاد]

مسألة: 27 يعتبر في إحياء الموات دارا و مسكنا بعد ازالة الموانع لو كان، أن يدار عليه حائط بما يعتاد في تلك البلاد و لو كان بخشب أو قصب أو حديد أو غيرها، و يسقف و لو بعضها مما يمكن أن يسكن فيه. و لا يعتبر فيه مع ذلك نصب الباب، و لا يكفي ادارة الحائط بدون التسقيف. نعم يكفي ذلك في إحيائه حظيرة للغنم و غيره، أو لأن يجفف فيها الثمار، أو يجمع فيها الحشيش و الحطب. و لو بنى حائطا في الموات بقصد بناء الدار و قبل ان يسقف عليه بدا له و قصد كونه حظيرة ملكها (1)، كما لو قصد ذلك من أول الأمر، و كذلك في العكس، بأن حوطه بقصد كونه حظيرة فبدا له ان يسقفه و يجعله دارا.

[مسألة: 28 يعتبر في إحياء الموات مزرعا بعد ازالة الموانع تسوية الأرض لو كانت فيها حفر]

مسألة: 28 يعتبر في إحياء الموات مزرعا بعد ازالة الموانع تسوية الأرض لو كانت فيها حفر و تلال مانعة عن قابليتها للزرع و ترتيب مائها اما بشق ساقية من نهر أو حفر قناة لها أو بئر، و بذلك يتم إحياؤها و يملكها المحيي، و لا يعتبر في إحيائها حرثها فضلا عن زرعها. و ان كانت الأرض مما لا تحتاج في زراعتها الى ترتيب ماء لانه يكفيه ماء السماء كفى في إحيائها اعمال الأمور الأخر عدا ترتيب الماء، و ان كانت مهيأة للزرع بنفسها- بأن لم يكن فيها مانع عنه مما ذكر و لم يحتج الا الى سوق الماء- كفى في إحيائها إدارة التراب حولها مع سوق الماء إليها. و ان لم يحتج الى سوق الماء أيضا من جهة أنه يكفيه ماء السماء كبعض الأراضي السهلة و التلال التي


1- إذا تركها بلا سقف مع قصد تملكها حظيرة، و اما العكس فبعد تتميم الحظيرة تصير ملكا له و يفعل في ملكه ما يشاء.

ص: 112

لا تحتاج في زرعها الى علاج و قابلة لان تزرع ديميا، فالظاهر أن إحياءها المفيد لتملكها انما هو بإدارة المرز حولها مع حرثها و زرعها، بل لا يبعد الاكتفاء بالحرث في تملكها. و اما الاكتفاء بالمرز من دون حراثة و زراعة ففيه اشكال. نعم لا إشكال في كونه تحجيرا مفيدا للأولوية.

[مسألة: 29 يعتبر في إحياء البستان كل ما اعتبر في إحياء الزرع بزيادة غرس النخيل]

مسألة: 29 يعتبر في إحياء البستان كل ما اعتبر في إحياء الزرع بزيادة غرس النخيل أو الأشجار مع سقيها (1) حتى تستعد للنمو ان لم يسقها ماء السماء، و لا يعتبر التحويط حتى في البلاد التي جرت عاداتهم عليه على الأقوى.

[مسألة: 30 يحصل إحياء البئر في الموات، بأن يحفرها الى أن يصل الى الماء]

مسألة: 30 يحصل إحياء البئر في الموات، بأن يحفرها الى أن يصل الى الماء، فيملكها بذلك، و قبل ذلك يكون تحجيرا لا أحياء. و احياء القناة بأن يحفر الآبار الى أن يجري ماؤها على الأرض، و احياء النهر بحفره و إنهائه إلى الماء المباح كالشط و نحوه بحيث كان الفاصل بينهما يسيرا كالمرز و المسناة الصغيرة و بذلك يتم احياء النهر فيملكه الحافر، و لا يعتبر فيه جريان الماء فيه فعلا و ان اعتبر ذلك في تملك المياه.

[القول في المشتركات]

اشارة

القول في المشتركات:

و هي الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن.

[مسألة: 1 الطريق نوعان نافذ و غير نافذ]

مسألة: 1 الطريق نوعان نافذ و غير نافذ.

فالأول- و هو المسمى بالشارع العام- فهو محبوس على كافة الأنام، و الناس فيه شرع سواء، و ليس لأحد إحياؤه و الاختصاص به و لا التصرف في أرضه ببناء دكة أو حائط أو حفر بئر أو نهر أو غرس شجر أو غير ذلك، و ان لم يضر بالمارة (2). نعم


1- لا يبعد كفاية غرس الأشجار في إحياء البستان.
2- ان كانت الطرق الوسيعة بحيث تكفى لجميع حوائج المجتازين، و لا تضر المذكورات بالمارة على حسب حوائجهم العادية، فلا مانع لبناء الحائط أو حفر النهر أو غرس الأشجار أطرافها، سيما إذا كان ذلك صلاحا لها كما هو كذلك في الغالب، و ليست هذه الا كالخراج الرواشن إذا لم تضر بالمارة.

ص: 113

الظاهر انه يجوز أن يحفر فيه بالوعة ليجتمع فيها ماء المطر و غيره لكونها من مصالحه و مرافقه، لكن مع سدها في غير أوقات الحاجة حفظا للمستطرقين و المارة، بل الظاهر جواز حفر سرداب تحته إذا أحكم الأساس و السقف بحيث يؤمن معه من النقض و الخسف، و اما التصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو بناء ساباط أو فتح باب أو نصب ميزاب و نحو ذلك فلا إشكال في جوازه إذا لم يضر بالمارة، و ليس لأحد منعه حتى من يقابل داره داره كما مر في كتاب الصلح.

و أما الثاني- أعني الطريق غير النافذ المسمى بالسكة المرفوعة و قد يطلق عليه الدريبة و هو الذي لا يسلك منه الى طريق آخر أو مباح بل احيط بثلاث جوانبه الدور و الحيطان و الجدران- فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون من كان حائط داره اليه من غير أن يكون بابها اليه، فيكون هو كسائر الأملاك المشتركة يجوز لأربابه سده و تقسيمه بينهم (1) و إدخال كل منهم حصته في داره، و لا يجوز لأحد من غيرهم بل و لا منهم أن يتصرف فيه و لا في فضائه إلا بإذن الجميع و رضاهم.

[مسألة: 2 الظاهر أن أرباب الدور المفتوحة في الدريبة كلهم مشتركون في كلها]

مسألة: 2 الظاهر أن أرباب الدور المفتوحة في الدريبة كلهم مشتركون في كلها (2) من رأسها إلى صدرها، حتى انه إذا كانت في صدرها فضلة لم يفتح إليها باب اشترك الجميع فيها، فلا يجوز لأحد منهم إخراج جناح أو روشن أو بناء ساباط أو حفر بالوعة أو سرداب و لا نصب ميزاب و غير ذلك في أي موضع منها الا بإذن الجميع. نعم لكل منهم حق الاستطراق الى داره من أي موضع من جداره، فلكل منهم فتح باب آخر ادخل من بابه الأول أو أسبق مع سد الباب الأول و عدمه.


1- على ما يأتي في الفرع الآتي.
2- هذا إذا علم اشتراك الكل في الكل، و اما مع الشك في كيفية اشتراكهم فلا يحكم باشتراك الكل الا فيما هو تحت يد الكل و هو من أول الدريبة الى الباب الأول من الداخل و بعده، فحيث انه خارج من يد صاحب الباب الأول فيختص به غيره من سائر الشركاء، و هكذا الى ان تنحصر الدريبة بباب واحد فيختص بها صاحبه دون الشركاء.

ص: 114

[مسألة: 3 ليس لمن كان حائط داره الى الدريبة فتح باب إليها إلا بإذن أربابها]

مسألة: 3 ليس لمن كان حائط داره الى الدريبة فتح باب إليها إلا بإذن أربابها.

نعم له فتح ثقبة و شباك إليها و ليس لهم منعه لكونه تصرفا في جداره لا في ملكهم، و هل له فتح باب إليها لا للاستطراق بل لمجرد استضاءة و دخول الهواء؟ فيه إشكال (1).

[مسألة: 4 يجوز لكل من أرباب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق و التردد منها الى داره بنفسه]

مسألة: 4 يجوز لكل من أرباب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق و التردد منها الى داره بنفسه و ما يتعلق به من عياله و دوابه و أضيافه و عائديه و زائريه، و كذا وضع الحطب و نحوه فيها لإدخاله في الدار و وضع الأحمال و الأثقال عند إدخالها و إخراجها من دون اذن الشركاء، بل و ان كان فيهم القصر و المولى عليهم من دون رعاية المساواة مع الباقين.

[مسألة: 5 الشوارع و الطرق العامة و ان كانت معدة لاستطراق عامة الناس و منفعتها الأصلية التردد فيها بالذهاب و الإياب]

مسألة: 5 الشوارع و الطرق العامة و ان كانت معدة لاستطراق عامة الناس و منفعتها الأصلية التردد فيها بالذهاب و الإياب، الا انه يجوز لكل أحد الانتفاع بها بغير ذلك من جلوس أو نوم أو صلاة و غيرها، بشرط أن لا يتضرر بها أحد (2) و لم يزاحم المستطرقين و لم يتضيق على المارة.

[مسألة: 6 لا فرق في الجلوس غير المضر بين ما كان للاستراحة أو النزهة و بين ما كان للحرفة و المعاملة]

مسألة: 6 لا فرق في الجلوس غير المضر بين ما كان للاستراحة أو النزهة و بين ما كان للحرفة و المعاملة إذا جلس في الرحاب و المواضع المتسعة لئلا يتضيق على المارة، فلو جلس فيها بأي غرض من الأغراض لم يكن لأحد إزعاجه.

[مسألة: 7 لو جلس في موضع من الطريق ثم قام عنه فان كان جلوس استراحة و نحوها بطل حقه]

مسألة: 7 لو جلس في موضع من الطريق ثم قام عنه فان كان جلوس استراحة و نحوها بطل حقه فجاز لغيره الجلوس فيه، و كذا ان كان لحرفة و معاملة و قام بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود، فلو عاد اليه بعد أن جلس في مجلسه غيره لم يكن له دفعه، و أما لو قام قبل استيفاء غرضه ناويا للعود فإن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط


1- لا اشكال فيه، بل له ان يخرب جداره كله إذا كان مخصوصا به و في ملكه. نعم يحرم عليه التصرف في الدريبة إلا بإذن مالكيها.
2- بل يشترط ان لا يضر بالمارة، و اما إذا تضرر أحد من عدم التمكن عن وضع متاعه في مكان هذا الجالس مثلا فلا مانع من جلوسه.

ص: 115

فالظاهر بقاء حقه، و ان لم يكن منه فيه شي ء ففي بقاء حقه بمجرد نية العود اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 8 كما أن موضع الجلوس حق للجالس للمعاملة فلا يجوز مزاحمته كذا ما حوله قدر ما يحتاج اليه]

مسألة: 8 كما أن موضع الجلوس حق للجالس للمعاملة فلا يجوز مزاحمته كذا ما حوله قدر ما يحتاج اليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين فيه، بل ليس لغيره أن يقعد (1) حيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه.

[مسألة: 9 يجوز للجالس للمعاملة أن يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب]

مسألة: 9 يجوز للجالس للمعاملة أن يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب أو بارية و نحوهما، و ليس له بناء دكة و نحوها فيها.

[مسألة: 10 إذا جلس في موضع من الطريق للمعاملة في يوم فسبقه في يوم آخر شخص آخر و أخذ مكانه]

مسألة: 10 إذا جلس في موضع من الطريق للمعاملة في يوم فسبقه في يوم آخر شخص آخر و أخذ مكانه كان الثاني أحق به، فليس للأول إزعاجه.

[مسألة: 11 إنما يصير الموضع شارعا عاما بأمور]

مسألة: 11 إنما يصير الموضع شارعا عاما بأمور:

أحدها: بكثرة التردد و الاستطراق و مرور القوافل في الأرض الموات، كالجادات الحاصلة في البراري و القفار التي يسلك فيها من بلاد الى بلاد.

الثاني: أن يجعل إنسان ملكه شارعا و سبله تسبيلا دائميا لسلوك عامة الناس و سلك فيه بعض الناس، فإنه يصير بذلك طريقا عاما و لم يكن للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث: أن يحيي جماعة أرضا مواتا قرية أو بلدة و يتركوا مسلكا نافذا بين الدور و المساكن و يفتحوا اليه الأبواب، و المراد بكونه نافذا أن يكون له مدخل و مخرج يدخل فيه الناس من جانب و يخرجون من جانب آخر إلى جادة عامة أو أرض موات.

[مسألة: 12 لا حريم للشارع العام لو وقع بين الاملاك]

مسألة: 12 لا حريم للشارع العام لو وقع بين الاملاك، فلو كانت بين الاملاك


1- على الأحوط لغير المارة، و اما المارة فلهم المرور في أي مكان من الطريق و ان صار ذا مانعا من رؤية متاع الغير مثلا.

ص: 116

قطعة أرض موات عرضها ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا و استطرقها الناس حتى صارت جادة لم يجب على الملاك توسيعها و ان تضيقت على المارة، و كذا لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا للشارع.

و أما لو كان الشارع محدودا بالموات بطرفيه أو أحد طرفيه فكان له الحريم، و هو المقدار الذي يوجب إحياؤه نقص الشارع عن سبعة أذرع، فلو حدث بسبب الاستطراق شارع في وسط الموات جاز احياء طرفيه (1) الى حد يبقى سبعة أذرع و لا يتجاوز عن هذا الحد، و كذا لو كان لأحد في وسط المباح ملك عرضه أربعة أذرع مثلا فسبله شارعا لا يجوز احياء طرفيه بما لم يبق للطريق سبعة أذرع، و لو كان في أحد طرفي الشارع أرض مملوك و في الطرف الأخر أرض موات كان الحريم من طرف الموات، بل لو كان طريق بين الموات و سبق شخص و أحيى أحد طرفيه الى حد الطريق اختص الحريم بالطرف الأخر، فلا يجوز لآخر الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق سبعة أذرع، فلو بنى بناء مجاوزا لذلك الحد ألزم هو بهدمه و تبعيده دون المحيي الأول.

[مسألة: 13 إذا استأجم الطريق أو انقطعت عنه المارة زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه]

مسألة: 13 إذا استأجم الطريق أو انقطعت عنه المارة زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه، فجاز لكل أحد إحياؤه كالموات، من غير فرق في صورة انقطاع المارة بين أن يكون ذلك لعدم وجودهم أو بمنع قاهر إياهم (2) أو لهجرهم إياه و استطراقهم


1- و الأحوط في زماننا ترك احياء طرفي الشوارع العامة التي تعبر منها السيارات الكبيرة و المكائن بالمقدار المحتاج اليه، لاحتمال أن يكون التحديد في الروايات و كلمات السابقين بالخمسة أو السبعة بلحاظ أهل زمانهم، و الا فحريم الطريق بحسب العرف ما يحتاج إليه المارة، و لذا تختلف الشوارع و الطرق سعة و ضيقا بحسب اختلافها احتياجا.
2- بمجرد المنع لا يجوز إحياؤه إلا إذا صار مهجورا متروكا بعد ذلك بحيث يصدق عليه الموات.

ص: 117

غيره أو بسبب آخر.

[مسألة: 14 لو زاد عرض الطريق المسلوك عن سبعة أذرع]

مسألة: 14 لو زاد عرض الطريق المسلوك عن سبعة أذرع: فاما المسبل فلا يجوز لأحد أخذ ما زاد عليها و إحياؤه و تملكه قطعا، و أما غيره ففي جواز إحياء الزائد و عدمه وجهان، أوجههما التفصيل (1) بين الحاجة إليه لكثرة المارة فالثاني و عدمها لقلتهم فالأول.

[مسألة: 15 و من المشتركات المسجد]

مسألة: 15 و من المشتركات المسجد، و هو المكان المعد لتعبد المتعبدين (2) و صلاة المصلين، و هو من مرافق المسلمين يشترك فيه عامتهم و هم شرع سواء في الانتفاع به الا بما لا يناسبه، و نهى الشرع عنه كمكث الجنب فيه و نحوه، فمن سبق الى مكان منه لصلاة أو عبادة أو قراءة قرآن أو دعاء بل و تدريس أو وعظ أو إفتاء و غيرها كان أحق به و ليس لأحد إزعاجه، سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أو تخالفا فيه، فليس لأحد بأي غرض كان مزاحمة من سبق الى مكان منه بأي غرض كان. نعم لا يبعد تقدم الصلاة جماعة أو فرادى على غيرها من الأغراض، فلو كان جلوس السابق لغرض القراءة أو الدعاء أو التدريس و أراد أحد أن يصلي في ذلك المكان جماعة أو فرادى يجب عليه تخلية المكان له. نعم ينبغي تقييد ذلك (3) بما إذا لم يكن اختيار مريد الصلاة في ذلك المكان لمجرد الاقتراح، بل كان اما لانحصار محل الصلاة فيه أو لغرض راجح ديني كالالتحاق بصفوف الجماعة و نحوه. هذا و لكن أصل المسألة لا تخلو من اشكال فيما إذا كان جلوس السابق لغرض العبادة كالدعاء


1- و الأحوط الترك مطلقا الا في الرحاب الذي احياء مقدار منه لا يعد تصرفا في الطريق عرفا.
2- الموقوف للصلاة و سائر العبادات، فالمكان المعد في البيت للصلاة و سائر العبادات من دون أن يوقف لا يحكم عليه بأحكام المساجد.
3- بل اللازم التقييد بالمزاحمة، يعني إذا تزاحم بين الصلاة و غيرها فالصلاة مقدمة.

ص: 118

و القراءة لا لمجرد النزهة و الاستراحة، فلا ينبغي فيه ترك الاحتياط للمسبوق بعدم المزاحمة و للسابق بتخلية المكان له. و الظاهر تسوية الصلاة فرادى مع الصلاة جماعة، فلا أولوية للثانية على الاولى، فمن سبق الى مكان للصلاة منفردا فليس لمريد الصلاة جماعة إزعاجه لها و ان كان الاولى له تخلية المكان له إذا وجد مكان آخر له، و لا يكون مناعا للخير عن أخيه.

[مسألة: 16 لو قام الجالس السابق و فارق المكان رافعا يده منه معرضا عنه بطل حقه]

مسألة: 16 لو قام الجالس السابق و فارق المكان رافعا يده منه معرضا عنه بطل حقه و ان بقي رحله، فلو عاد اليه و قد أخذه غيره كان هو الاولى و ليس له إزعاجه.

و ان كان ناويا للعود فان كان رحله باقيا بقي حقه بلا اشكال و الا ففيه اشكال، و الأحوط شديدا مراعاة حقه، خصوصا إذا كان خروجه لضرورة (1) كتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو قضاء حاجة و نحوها.

[مسألة: 17 الظاهر أن وضع الرحل مقدمة للجلوس كالجلوس في إفادة الأولوية]

مسألة: 17 الظاهر أن وضع الرحل مقدمة للجلوس كالجلوس في إفادة الأولوية، لكن إذا كان ذلك بمثل فرش سجادة و نحوها مما يشغل مقدار مكان الصلاة (2) أو معظمه، لا بمثل وضع تربة أو سبحة أو مسواك و شبهها.

[مسألة: 18 يعتبر أن لا يكون بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث استلزم تعطيل المكان]

مسألة: 18 يعتبر أن لا يكون بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان (3) بحيث استلزم تعطيل المكان و الا لم يفد حقا فجاز لغيره أخذ المكان قبل مجيئه و رفع رحله و الصلاة مكانه إذا شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه الا برفعه، و الظاهر أنه يضمنه الرافع الى ان يوصله الى صاحبه، و كذا الحال فيما لو فارق المكان معرضا عنه مع بقاء رحله فيه.


1- إذا كان معلوما من حاله، و أما لو لم يكن ذلك معلوما فجلس أحد لا يجوز مزاحمته.
2- الظاهر كفاية ما صدق عليه الرحل.
3- إلا إذا كان الرحل موضوعا للزمان المتأخر، مثل أن يضع الرحل بالليل لصلاة الظهر لكن لا يمنع ذلك عن الصلاة في غير موقع صلاة الظهر فلمن يريد أن يصلى مع الحاجة دفع الرحل و صلى في ذلك المكان لكن يضمن الرحل حينئذ.

ص: 119

[مسألة: 19 المشاهد كالمساجد في جميع ما ذكر من الاحكام]

مسألة: 19 المشاهد كالمساجد في جميع ما ذكر من الاحكام، فان المسلمين فيها شرع سواء، العاكف فيها و الباد و المجاور لها و المتحمل إليها من بعد البلاد، و من سبق الى مكان منها لزيارة أو صلاة أو دعاء أو قراءة كان أحق و أولى به و ليس لأحد إزعاجه، و هل للزيارة أولوية على غيرها كالصلاة في المسجد بالنسبة إلى غيرها لو قلنا بأولويتها؟ لا يخلو من وجه، لكنه غير وجيه كأولوية من جاء إليها من البلاد البعيدة بالنسبة إلى المجاورين، و ان كان ينبغي لهم مراعاتهم. و حكم مفارقة المكان و وضع الرحل و بقائه كما سبق في المساجد.

[مسألة: 20 و من المشتركات المدارس بالنسبة إلى طالبي العلم أو الطائفة الخاصة منهم]

مسألة: 20 و من المشتركات المدارس بالنسبة إلى طالبي العلم أو الطائفة الخاصة منهم إذا خصها الواقف بصنف خاص، كما إذا خصها بصنف العرب أو العجم أو طالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه مثلا، فهي بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها كالمساجد، فمن سبق الى سكنى حجرة منها فهو أحق بها ما لم يفارقها معرضا عنها و ان طالت مدة السكنى، إلا إذا اشترط الواقف له مدة معينة كثلاث سنين مثلا، فيلزمه الخروج بعد انقضائها بلا مهلة و ان لم يؤمر به، أو شرط اتصافه بصفة فزالت عنه تلك الصفة، كما إذا شرط كونه مشغولا بالتحصيل أو التدريس فطرأ عليه العجز لمرض أو هرم و نحو ذلك.

[مسألة: 21 لا يبطل حق الساكن بالخروج لحاجة معتادة كشراء مأكول أو مشروب]

مسألة: 21 لا يبطل حق الساكن بالخروج لحاجة معتادة كشراء مأكول أو مشروب أو كسوة و نحوها قطعا و ان لم يترك رحله، و لا يلزم تخليف أحد مكانه، بل و لا بالاسفار المتعارفة المعتادة كالرواح للزيارة أو لتحصيل المعاش أو للمعالجة مع نية العود و بقاء متاعه و رحله ما لم تطل المدة إلى حد لم يصدق معه السكنى و الإقامة عرفا و لم يشترط الواقف لذلك مدة معينة (1)، كما إذا شرط ان لا يكون خروجه أزيد


1- أو المتولي و لم يعطل المحل زائدا عن المتعارف مع وجود المحتاج من الموقوف عليهم.

ص: 120

من شهر أو شهرين مثلا فيبطل حقه لو تعدى زمن خروجه عن تلك المدة.

[مسألة: 22 من اقام في حجرة منها ممن يستحق السكنى بها له أن يمنع من أن يشاركه غيره]

مسألة: 22 من اقام في حجرة منها ممن يستحق السكنى بها له أن يمنع من أن يشاركه غيره إذا كان المسكن معدا لواحد اما بحسب قابلية المحل أو بسبب شرط الواقف، و لو أعد لما فوقه لم يكن له منع غيره الا إذا بلغ العدد الذي أعد له فللسكنة منع الزائد.

[مسألة: 23 و يلحق بالمدارس الربط]

مسألة: 23 و يلحق بالمدارس الربط، و هي المواضع المبنية لسكنى الفقراء و الملحوظ فيها غالبا للغرباء، فمن سبق منهم إلى إقامة بيت منها كان أحق به و ليس لأحد إزعاجه. و الكلام في مقدار حقه و ما به يبطل حقه و جواز منع الشريك و عدمه فيها كما سبق في المدارس (1).

[مسألة: 24 و من المشتركات المياه، و المراد بها مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات و النيل]

مسألة: 24 و من المشتركات المياه، و المراد بها مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات و النيل، أو الصغار التي لم يجرها أحد بل جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج، و كذلك العيون المنفجرة من الجبال أو في أراضي الموات و المياه المجتمعة في الوهاد من نزول الأمطار، فإن الناس في جميع ذلك شرع سواء، و من حاز منها شيئا بآنية أو مصنع أو حوض و نحوها ملكه (2) و جرى عليه احكام الملك، من غير فرق بين المسلم و الكافر.

و اما مياه العيون و الآبار و القنوات التي حفرها شخص في ملكه أو في الموات بقصد تملك مائها فهي ملك للحافر كسائر الأملاك، لا يجوز لأحد أخذها و التصرف فيها (3) إلا بإذن المالك، و ينتقل الى غيره بالنواقل الشرعية قهرية كانت كالإرث أو اختيارية كالبيع و الصلح و الهبة و غيرها.


1- هذا إذا كانت مبنية للفقراء، و اما إذا كانت مبنية للمسافر فلا يجوز التوقف فيها أكثر مما تعارف- توقف المسافر فيها على حسب عاداتهم الا المواقع التي لم يكن مسافر.
2- إذا قصد به التملك، و اما بدونه فحصول الملك محل منع.
3- الأمر في محله من جواز بعض التصرفات في الأنهار الكبيرة.

ص: 121

[مسألة: 25 إذا شق نهرا من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ما يدخل فيه من الماء]

مسألة: 25 إذا شق نهرا من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ما يدخل فيه من الماء (1) و يجري عليه أحكام الملك كالماء المحوز في آنية و نحوها، و تتبع ملكية الماء ملكية النهر، فان كان النهر لواحد ملك الماء بالتمام و ان كان لجماعة ملك كل منهم من الماء بمقدار حصته من ذلك النهر، فان كان لواحد نصفه و لآخر ثلثه و لثالث سدسه ملكوا الماء بتلك النسبة و هكذا. و لا يتبع مقدار استحقاق الماء مقدار الأراضي التي تسقى منه، فلو كان النهر مشتركا بين ثلاثة أشخاص بالتساوي كان لكل منهم ثلث الماء، و ان كانت الأراضي التي تسقى منه لأحدهم ألف جريب و لآخر جريبا و لآخر نصف جريب يصرفان ما زاد على احتياج أرضهما فيما شاءا، بل لو كان لأحدهما رحى يدور به و لم يكن له أرض أصلا يساوي مع كل من شريكيه في استحقاق الماء.

[مسألة: 26 إنما يملك النهر المتصل بالمباح اما بحفره في أرض مملوكة له و اما بحفره في الموات]

مسألة: 26 إنما يملك النهر المتصل بالمباح اما بحفره في أرض مملوكة له و اما بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا مع نية تملكه الى ان أوصله بالمباح كما مر في إحياء الموات، فان كان الحافر واحدا ملكه بالتمام و ان كان جماعة كان بينهم على قدر ما عملوا و أنفقوا، فمع التساوي (2) بالتساوي و مع التفاوت بالتفاوت.

[مسألة: 27 لما كان الماء الذي يفيضه النهر المشترك بين جماعة مشتركا بينهم كان حكمه حكم سائر الأموال المشتركة]

مسألة: 27 لما كان الماء الذي يفيضه النهر المشترك بين جماعة مشتركا بينهم كان حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه و أخذه و السقاية به الا بإذن باقي الشركاء، فان لم يكن بينهم تعاسر و يبيح كل منهم سائر شركائه ان يقضي منه حاجته في كل وقت و زمان فلا بحث، و ان وقع بينهم تعاسر فان تراضوا بالتناوب و المهايأة بحسب الساعات أو الأيام أو الأسابيع مثلا فهو، و الا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالاجزاء، بأن توضع على فم النهر خشبة أو صخرة أو حديدة ذات ثقب متساوية السعة حتى يتساوى الماء الجاري فيها و يجعل لكل


1- إذا قصد التملك.
2- و الميزان تساوى الموجب بنظر أهل الخبرة و ان كان العمل من بعض و النفقة من آخر.

ص: 122

منهم من الثقب بمقدار حصته و يجري كل منهم ما يجري في الثقبة المختصة به في ساقية تختص به، فإذا كان بين ثلاثة و سهامهم متساوية فإن كانت الثقب ثلاث متساوية جعلت لكل منهم ثقبة، و ان كانت ستا جعلت لكل منهم ثقبتان، و ان كانت سهامهم متفاوتة تجعل الثقب على أقلهم سهما، فإذا كان لأحدهم نصفه و لآخر ثلثه و لثالث سدسه جعلت الثقب ستا ثلاث منها لذي النصف و اثنتان لذي الثلث و واحدة لذي السدس و هكذا، و بعد ما أفرزت حصة كل منهم من الماء يصنع بمائه ما شاء ان شاء استعمله في الاستقاء أو في غيره و ان شاء باعه أو إباحة لغيره.

[مسألة: 28 الظاهر ان القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار]

مسألة: 28 الظاهر ان القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء يجبر الممتنع منهم عليها، و هي لازمة ليس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها.

و اما المهايأة فهي موقوفة على التراضي و ليست بلازمة، فلبعضهم الرجوع عنها حتى فيما إذا استوفى تمام نوبته و لم يستوف الأخر نوبته و ان ضمن حينئذ مقدار ما استوفاه بالقيمة.

[مسألة: 29 إذا اجتمعت أملاك على ماء مباح من عين أو واد أو نهر و نحوها]

مسألة: 29 إذا اجتمعت أملاك على ماء مباح من عين أو واد أو نهر و نحوها- بأن أحياها أشخاص عليه ليسقوها منه بواسطة السواقي أو الدوالي أو النواعير أو المكائن المتداولة في هذه الأعصار- كان للجميع حق السقي منه، فليس لأحد ان يشق نهرا فوقها يقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج تلك الاملاك، و حينئذ فإن و في الماء لسقي الجميع من دون مزاحمة في البين فهو، و ان لم يف و وقع بين أربابها في التقدم و التأخر التشاح و التعاسر يقدم الأسبق فالأسبق في الاحياء ان علم السابق، و الا يقدم الأعلى فالأعلى و الأقرب فالأقرب إلى فوهة الماء و أصله، فيقضي الأعلى حاجته (1) ثم يرسله لمن يليه و هكذا.


1- في الأراضي المنحدرة التي لم يقف فيها الماء، و اما في غيرها فالأحوط ان لا يزيد في النخل عن أول الساق و في الشجر عن المقدم و في الزرع عن الشراك.

ص: 123

[مسألة: 30 الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط و نحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها]

مسألة: 30 الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط و نحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها- بأن كان الشط لا يفي في زمان واحد بإملاء جميع تلك الأنهار- كان حالها كحال اجتماع الاملاك على الماء المباح المتقدم في المسألة السابقة، فالاحق ما كان شقه أسبق ثم الأسبق، و ان لم يعلم الأسبق فالمدار على الأعلى فالأعلى، فيقبض الأعلى ما يسعه ثم ما يليه و هكذا.

[مسألة: 31 لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقيه أو حفر أو إصلاح]

مسألة: 31 لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقيه أو حفر أو إصلاح أو سد خرق و نحو ذلك، فإن أقدم الجميع على ذلك كانت المئونة على الجميع بنسبة ملكهم للنهر، سواء كان أقدامهم بالاختيار أو بالإجبار من حاكم قاهر (1) جائر أو بإلزام من الشرع، كما إذا كان مشتركا بين المولى عليهم و رأى الولي المصلحة الملزمة في تعميره مثلا، و ان لم يقدم الا البعض لم يجبر الممتنع و ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المئونة ما لم يكن أقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته.

نعم لو كان النهر مشتركا بين القاصر و غيره و كان اقدام غير القاصر متوقفا على مشاركة القاصر اما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب على ولي القاصر مراعاة لمصلحته تشريكه في التعمير و بذل المئونة من ماله بمقدار حصته.

[مسألة: 32 و من المشتركات المعادن]

مسألة: 32 و من المشتركات المعادن، و هي: اما ظاهرة، و هي ما لا يحتاج في استخراجها و الوصول إليها إلى عمل و مئونة، كالملح و القير و الكبريت و الموميا و الكحل، و كذا النفط إذا لم يحتج في استخراجه الى الحفر و العمل. و اما باطنة، و هي ما لا تظهر الا بالعمل و العلاج، كالذهب و الفضة و النحاس و الرصاص، و كذا النفط إذا احتاج في استخراجه الى حفر آبار كما هو المعمول غالبا في هذه الأعصار.

فأما الظاهرة فهي تملك بالحيازة لا بالاحياء، فمن أخذ منها شيئا ملك ما أخذه قليلا كان أو كثيرا و ان كان زائدا على ما يعتاد لمثله و على مقدار حاجته، و يبقى الباقي مما


1- هذا إذا ألزم الجائر كلهم، اما إذا أجبر بعضهم فليس لهم الرجوع على غير الملزمين في مقدار سهامهم.

ص: 124

لم يأخذه على الاشتراك، و لا يختص بالسابق في الأخذ، و ليس له ان يجوز (1) مقدارا أوجب الضيق و المضارة على الناس. و أما الباطنة فهي تملك بالإحياء، بأن ينهى العمل و النقب و الحفر الى ان يبلغ نيلها، فيكون حالها حال الآبار المحفورة في الموات لأجل استنباط الماء، و قد مر أنها تملك بحفرها حتى يبلغ الماء و يملك بتبعها الماء، و لو عمل فيها عملا لم يبلغ به نيلها كان تحجيرا أفاد الأحقية و الأولوية دون الملكية.

[مسألة: 33 إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبر على إتمام العمل أو رفع يده عنه]

مسألة: 33 إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبر على إتمام العمل أو رفع يده عنه، و لو أبدى عذرا أنظر بمقدار زوال عذره (2) ثم ألزم على أحد الأمرين، كما سبق ذلك كله في إحياء الموات.

[مسألة: 34 لو أحيا أرضا مزرعا أو مسكنا مثلا فظهر فيها معدن ملكه تبعا لها]

مسألة: 34 لو أحيا أرضا مزرعا أو مسكنا مثلا فظهر فيها معدن ملكه تبعا لها، سواء كان عالما به حين إحيائها أم لا.

[مسألة: 35 لو قال رب المعدن لآخر اعمل فيه و لك نصف الخارج مثلا]

مسألة: 35 لو قال رب المعدن لآخر اعمل فيه و لك نصف الخارج مثلا، بطل ان كان بعنوان الإجارة، و صح لو كان بعنوان الجعالة.


1- يصح هذا ان كان المقصود من الحيازة مثل التخطيط أو التحجير لكنه لا يؤثر في تملك المباحات غير المحتاجة إلى عمل غير الأخذ، و اما ان كان المقصود أخذها أو جمعها للأخذ فلا مانع من أخذها و تملكها بمقدار يتمكن و يملكها و يبيع على الناس.
2- ان لم يتجاوز المتعارف.

ص: 125

[كتاب اللقطة]

اشارة

كتاب اللقطة التي بمعناها الأعم كل مال ضائع عن مالكه و لم يكن يد عليه، و هي اما حيوان أو غير حيوان:

[القول في لقطة الحيوان]

اشارة

القول في لقطة الحيوان:

و هي المسماة بالضالة.

[مسألة: 1 إذا وجد الحيوان في العمران لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه أي حيوان كان]

مسألة: 1 إذا وجد الحيوان في العمران لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه أي حيوان كان، فمن أخذه ضمنه و يجب عليه حفظه من التلف (1) و الإنفاق عليه بما يلزم، و ليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق. نعم لو كان في معرض الخطر لمرض أو غيره جاز له أخذه من دون ضمان، و يجب عليه الإنفاق عليه، و جاز له الرجوع بما أنفقه على مالكه لو كان إنفاقه عليه بقصد الرجوع عليه، و ان كان له منفعة من ركوب أو حمل عليه أو لبن و نحوه جاز له استيفاؤها و احتسابها بإزاء ما أنفق (2).

[مسألة: 2 بعد ما أخذ الحيوان في العمران و صار تحت يده]

مسألة: 2 بعد ما أخذ الحيوان في العمران (3) و صار تحت يده يجب عليه


1- و يجوز دفعه الى الحاكم، و ان كان شاة فلا يبعد جواز بيعها بعد حبسها ثلاثة أيام و التصدق بثمنها مع الضمان لو لم يرض صاحبها بالصدقة.
2- مع التساوي و مع التفاضل فالفاضل لصاحبه.
3- هذا في غير الشاة، و اما الشاة فقد مر حكمها.

ص: 126

الفحص عن صاحبه في صورتي جواز الأخذ و عدمه، فإذا يئس من صاحبه تصدق به أو بثمنه كغيره من مجهول المالك.

[مسألة: 3 ما يدخل في دار الإنسان من الحيوان كالدجاج و الحمام مما لم يعرف صاحبه]

مسألة: 3 ما يدخل في دار الإنسان من الحيوان كالدجاج و الحمام مما لم يعرف صاحبه الظاهر خروجه عن عنوان اللقطة، بل هو داخل في عنوان مجهول المالك، فيتفحص عن صاحبه و عند اليأس منه يتصدق به. و الفحص اللازم هو المتعارف في أمثال ذلك، بأن يسأل من الجيران و القريبة من الدور و العمران. نعم لا يبعد جواز تملك مثل الحمام إذا ملك جناحيه (1) و لم يعرف صاحبه من دون فحص عنه، كما مر في كتاب الصيد.

[مسألة: 4 ما يوجد من الحيوان في غير العمران من الطرق و الشوارع و المفاوز و الصحاري و البراري و الجبال و الإجام]

مسألة: 4 ما يوجد من الحيوان في غير العمران من الطرق و الشوارع و المفاوز و الصحاري و البراري و الجبال و الإجام و نحوها ان كان مما يحفظ نفسه بحسب العادة من صغار السباع مثل الثعالب و ابن آوى و الذئب و الضبع و نحوها اما لكبر جثته كالبعير أو لسرعة عدوه كالفرس و الغزال أو لقوته و بطشه كالجاموس و الثور لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه إذا كان في كلاء و ماء أو كان صحيحا يقدر على تحصيل الماء و الكلاء، و ان كان مما تغلب عليه صغار السباع كالشاة و أطفال البعير و الدواب جاز أخذه، فإذا أخذه عرفه في المكان الذي أصابه (2) و حواليه ان كان فيه أحد، فإن عرف صاحبه رده اليه و الا كان له تملكه و بيعه و أكله مع الضمان لمالكه لو وجد، كما ان له إبقاؤه و حفظه لمالكه و لا ضمان عليه.

[مسألة: 5 لو أخذ البعير و نحوه في صورة لا يجوز له أخذه ضمنه]

مسألة: 5 لو أخذ البعير و نحوه في صورة لا يجوز له أخذه ضمنه و يجب عليه الإنفاق عليه، و ليس له الرجوع بما أنفقه على صاحبه و ان كان من قصده الرجوع عليه كما مر فيما يؤخذ من العمران.


1- و لم يكن فيه امارة على الملك.
2- بل في سائر مظان الإصابة لصاحبه بل و محتملها.

ص: 127

[مسألة: 6 إذا ترك الحيوان صاحبه و سرحه في الطرق أو الصحاري و البراري]

مسألة: 6 إذا ترك الحيوان صاحبه و سرحه في الطرق أو الصحاري و البراري، فإن كان بقصد الاعراض عنه جاز لكل أحد أخذه و تملكه، كما هو الحال في كل مال اعرض عنه صاحبه، و ان لم يكن بقصد الاعراض بل كان من جهة العجز عن إنفاقه أو من جهة جهد الحيوان و كلالة- كما يتفق كثيرا ان الإنسان إذا كلت دابته في الطرق و المفاوز و لم يتمكن من الوقوف عندها يأخذ رحلها أو سرجها و يسرحها و يذهب، فان تركه في كلاء و ماء و أمن ليس لأحد أن يأخذه، فلو أخذه كان غاصبا ضامنا له، و ان أرسله بعد ما أخذه لم يخرج من الضمان، و في وجوب حفظه و الإنفاق عليه و عدم الرجوع على صاحبه ما مر فيما يؤخذ في العمران. و ان تركه في خوف و على غير ماء و كلاء جاز أخذه و الإنفاق عليه، و هو للأخذ إذا تملكه.

[مسألة: 7 إذا أصاب دابة و علم بالقرائن ان صاحبها قد تركها و لم يدر أنه قد تركها بقصد الاعراض أو بسبب آخر]

مسألة: 7 إذا أصاب دابة و علم بالقرائن ان صاحبها قد تركها و لم يدر أنه قد تركها بقصد الاعراض أو بسبب آخر كان بحكم الثاني، فليس له أخذها و تملكها إلا إذا كانت في مكان خوف بلا ماء و لا كلاء.

[مسألة: 8 إذا أصاب حيوانا في غير العمران و لم يدر أن صاحبه قد تركه بأحد النحوين أو لم يتركه]

مسألة: 8 إذا أصاب حيوانا في غير العمران و لم يدر أن صاحبه قد تركه بأحد النحوين أو لم يتركه بل ضاعه أو شرد عنه كان بحكم الثاني من التفصيل المتقدم فان كان مثل البعير لم يجز أخذه و تملكه إلا إذا كان غير صحيح و لم يكن في ماء و كلاء، و ان كان مثل الشاة جاز أخذه مطلقا.

[القول في لقطة غير الحيوان]

اشارة

القول في لقطة غير الحيوان:

التي يطلق عليها اللقطة عند الإطلاق و اللقطة بالمعنى الأخص. و يعتبر فيها عدم معرفة المالك، فهو قسم من مجهول المالك له أحكام خاصة.

[مسألة: 1 يعتبر فيه الضياع عن المالك، فما يؤخذ من يد الغاصب و السارق ليس من اللقطة لعدم الضياع عن مالكه]

مسألة: 1 يعتبر فيه الضياع عن المالك، فما يؤخذ من يد الغاصب و السارق ليس من اللقطة لعدم الضياع عن مالكه، بل لا بد في ترتيب أحكامها من إحراز

ص: 128

الضياع و لو بشاهد الحال، فالحذاء المتبدل بحذائه في المساجد و نحوها يشكل ترتيب أحكام اللقطة عليه، و كذا الثوب المتبدل بثوبه في الحمام و نحوه لاحتمال تقصد المالك في التبديل (1) و معه يكون من مجهول المالك لا من اللقطة.

[مسألة: 2 يعتبر في صدق اللقطة و ثبوت أحكامها الأخذ و الالتقاط]

مسألة: 2 يعتبر في صدق اللقطة و ثبوت أحكامها الأخذ و الالتقاط، فلو رأى شيئا و أخبر به غيره فأخذه كان حكمها على الأخذ دون الرائي و ان تسبب منه، بل لو قال ناولنيه فنوى المأمور الأخذ لنفسه كان هو الملتقط دون الأمر. نعم لو أخذه لا لنفسه و ناوله إياه الظاهر صدق الملتقط على الأمر المتناول (2)، بل بناء على صحة الاستنابة و النيابة في الالتقاط كما في حيازة المباحات و احياء الموات يكفي مجرد أخذ المأمور النائب في صيرورة الأمر ملتقطا، لكون يده بمنزلة يده و أخذه بمنزلة أخذه.

[مسألة: 3 لو رأى شيئا مطروحا على الأرض فأخذه بظن انه ما له فتبين أنه ضائع عن غيره]

مسألة: 3 لو رأى شيئا مطروحا على الأرض فأخذه بظن انه ما له فتبين أنه ضائع عن غيره صار بذلك لقطة و عليه حكمها، و كذا لو رأى مالا ضائعا فنحاه من جانب الى آخر (3). نعم لو دفعه برجله ليتعرفه الظاهر عدم صيرورته بذلك ملتقطا بل و لا ضامنا، لعدم صدق اليد و الأخذ.

[مسألة: 4 المال المجهول المالك غير الضائع لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه]

مسألة: 4 المال المجهول المالك غير الضائع لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه، فان أخذه كان غاصبا ضامنا إلا إذا كان في معرض التلف فيجوز بقصد الحفظ، و يكون حينئذ في يده أمانة شرعية لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط. و على كل من تقديري جواز الأخذ و عدمه لو أخذه يجب عليه الفحص عن مالكه الى أن ييأس من


1- و كذا لو تبدل اشتباها لعدم صدق اللقطة عليه أيضا.
2- مشكل فلا يترك الاحتياط بتعريف كل منهما على فرض ترك الأخر، و كذا في النائب.
3- بعد التقاطه و بدونه لا يكون ملتقطا و ان كان ضامنا له بسبب هذا التصرف.

ص: 129

الظفر به (1)، و عند ذلك يجب عليه ان يتصدق به (2).

[مسألة: 5 كل مال غير الحيوان أحرز ضياعه عن مالكه المجهول و لو بشاهد الحال]

مسألة: 5 كل مال غير الحيوان أحرز ضياعه عن مالكه المجهول و لو بشاهد الحال و هو الذي يطلق عليه «اللقطة» كما مر يجوز أخذه و التقاطه (3) على كراهة، و ان كان المال الضائع في الحرم- اي حرم مكة زادها اللّٰه شرفا و تعظيما- اشتدت كراهة التقاطه، بل نسب الى المشهور حرمته (4)، فلا يترك فيه الاحتياط.

[مسألة: 6 اللقطة ان كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها في الحال من دون تعريف و فحص عن مالكها]

مسألة: 6 اللقطة ان كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها في الحال من دون تعريف و فحص عن مالكها، و لا يملكها قهرا بدون قصد التملك على الأقوى، فإن جاء مالكها بعد ما التقطها دفعها اليه مع بقائها و ان تملكها على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و ان كانت تالفة لم يضمنها الملتقط و ليس عليه عوضها ان كان بعد التملك (5). و ان كانت قيمتها درهما أو أزيد وجب عليه تعريفها و الفحص عن صاحبها، فان لم يظفر به فان كانت لقطة الحرم تخير بين أمرين التصدق بها (6) أو إبقائها عنده و حفظها لمالكها (7) و ليس له تملكها، و ان كانت لقطة غير الحرم تخير بين أمور ثلاثة: تملكها، و التصدق بها مع الضمان فيهما، و إبقائها أمانة بيده من غير ضمان (8).


1- و يجوز له الدفع الى الحاكم الشرعي.
2- بإذن الحاكم على الأحوط. هذا فيما يبقى و لا يفسد باقتنائه، و أما فيه فيبيعه و يتصدق بثمنه أو يقومه و يأكله في الأطعمة و الثمار و يتصدق بثمنه بعد اليأس، و الأحوط أن يكون جميع ذلك بإذن الحاكم.
3- بقصد التعريف، و اما بدونه فلا يجوز أخذه و يضمنه لو أخذه.
4- كما ادعى الإجماع على جوازه، و الاحتياط طريق النجاة.
5- و لو كان ذلك بتفريط منه، بخلافه قبل التملك فإنه يضمن مع التفريط.
6- مع الضمان لو لم يرض صاحبها بالصدقة و يجوز له دفعها الى الحاكم، و كذا في لقطة غير الحرم.
7- بلا ضمان الا مع التفريط.
8- الا مع التفريط.

ص: 130

[مسألة: 7 الدرهم هو الفضة المسكوكة الرائجة في المعاملة]

مسألة: 7 الدرهم هو الفضة المسكوكة الرائجة في المعاملة، و هو و ان اختلف عياره بحسب الأزمنة و الأمكنة الا ان المراد هنا ما كان على وزن اثنتي عشرة حمصة و نصف حمصة و عشرها. و بعبارة أخرى نصف مثقال و ربع عشر مثقال بالمثقال الصيرفي الذي يساوي أربعة و عشرين حمصة معتدلة، فالدرهم يقارب نصف ريال عجمي (1) و كذا ربع روبية انگليزية.

[مسألة: 8 المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه في اللقطة و في الدرهم]

مسألة: 8 المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه في اللقطة و في الدرهم، فان وجد شيئا في بلاد العجم مثلا و كان قيمته في بلد الالتقاط و زمانه أقل من نصف ريال أو وجد في بلاد تكون الرائج فيها الروبية و كان قيمته أقل من ربعها جاز تملكه في الحال و لا يجب تعريفه.

[مسألة: 9 يجب التعريف فورا فيما لم يكن أقل من درهم]

مسألة: 9 يجب التعريف فورا فيما لم يكن أقل من درهم، فلو أخره من أول زمن الالتقاط عصى إلا إذا كان لعذر، و لو أخره لعذر أو لا لعذر لم يسقط.

[مسألة: 10 قيل لا يجب التعريف إلا إذا كان ناويا للتملك بعده]

مسألة: 10 قيل لا يجب التعريف إلا إذا كان ناويا للتملك بعده، و الأقوى وجوبه مطلقا و ان كان من نيته التصدق أو الحفظ لمالكها أو غير ناو لشي ء أصلا.

[مسألة: 11 مدة التعريف الواجب سنة كاملة، و لا يشترط فيها التوالي]

مسألة: 11 مدة التعريف الواجب سنة كاملة، و لا يشترط فيها التوالي (2)، فإن عرفها في ثلاثة شهور في سنة على نحو يقال في العرف انه عرفها في تلك المدة ثم ترك التعريف بالمرة ثم عرفها في سنة أخرى ثلاثة شهور و هكذا الى ان كمل مقدار سنة في أربع سنوات مثلا كفى في تحقق التعريف الذي هو شرط لجواز التملك و التصدق و سقط عنه ما وجب عليه و ان كان عاصيا في تأخيره ان كان بدون عذر.

[مسألة: 12 لا يعتبر في التعريف مباشرة الملتقط]

مسألة: 12 لا يعتبر في التعريف مباشرة الملتقط، بل يجوز استنابة الغير


1- تقريبا.
2- بمعنى التعريف في كل يوم من أيام السنة، و اما التوالي بمعنى صدق التعريف إلى سنة واحدة عرفا و لو بالتعريف كل أسبوع أو أقل أو أكثر مرة واحدة فالأحوط مراعاته، و ان لم يسقط وجوب التعريف مع تركه.

ص: 131

مجانا أو بالأجرة مع الاطمئنان بإيقاعه، و الظاهر أن اجرة التعريف على الملتقط إلا إذا كان من قصده ان يبقى بيده و يحفظها لمالكه.

[مسألة: 13 لو علم بأن التعريف لا فائدة فيه أو حصل له اليأس من وجدان مالكها قبل تمام السنة سقط]

مسألة: 13 لو علم بأن التعريف لا فائدة فيه أو حصل له اليأس من وجدان مالكها قبل تمام السنة سقط و تخير بين الأمرين في لقطة الحرم و الأمور الثلاثة في لقطة غيره، و الأحوط في الثاني (1) ان يتصدق بها و لا يتملك.

[مسألة: 14 لو تعذر التعريف في أثناء السنة انتظر رفع العذر]

مسألة: 14 لو تعذر التعريف في أثناء السنة انتظر رفع العذر، و ليس عليه بعد ارتفاع العذر استيناف السنة بل يكفي تتميمها.

[مسألة: 15 لو علم بعد تعريف سنة انه لو زاد عليها عثر على صاحبه فهل يجب الزيادة الى ان يعثر عليه أم لا؟]

مسألة: 15 لو علم بعد تعريف سنة انه لو زاد عليها عثر على صاحبه فهل يجب الزيادة الى ان يعثر عليه أم لا؟ وجهان أحوطهما الأول (2)، و ان كان الثاني لا يخلو من قوة.

[مسألة: 16 لو ضاعت اللقطة من الملتقط و وجدها شخص آخر لم يجب عليه التعريف]

مسألة: 16 لو ضاعت اللقطة من الملتقط و وجدها شخص آخر لم يجب عليه التعريف، بل يجب عليه إيصالها إلى الملتقط الأول. نعم لو لم يعرفه وجب عليه التعريف سنة طالبا به المالك أو الملتقط الأول، فأيا منهما (3) عثر عليه يجب دفعها اليه من غير فرق بين ما كان ضياعها من الملتقط قبل تعريفه سنة أو بعده.

[مسألة: 17 إذا كانت اللقطة مما لا تبقى سنة كالطبيخ و البطيخ و اللحم و الفواكه و الخضراوات]

مسألة: 17 إذا كانت اللقطة مما لا تبقى سنة كالطبيخ و البطيخ و اللحم و الفواكه و الخضراوات جاز أن يقومها على نفسه (4) و يأكلها و يتصرف بها أو يبيعها من غيره و يحفظ ثمنها لمالكها، و الأحوط ان يكون بيعها بإذن الحاكم مع الإمكان، و لا يسقط التعريف فيحفظ خصوصياتها و صفاتها قبل أن يأكلها أو يبيعها ثم يعرفها سنة، فان


1- لا يترك، و كذا في لقطة الحرم فإنه لا وجه لتخييره بين الأمرين مع كونه مأيوسا من أحدهما، و الا فلا فرق بينهما.
2- بل أقواهما إلا إذا كان حرجيا عليه لطول زمانه، و الأحوط حينئذ دفعه الى الحاكم.
3- وحده و ان عثر عليهما فيجب عليه الدفع الى المالك.
4- في زمان يخاف في إبقائه الفساد.

ص: 132

جاء صاحبها و قد باعها دفع ثمنها اليه و ان أكلها غرمه بقيمته، و ان لم يجئ فلا شي ء عليه (1).

[مسألة: 18 يتحقق تعريف سنة بأن يكون في مدة سنة متوالية أو غير متوالية مشغولا بالتعريف]

مسألة: 18 يتحقق تعريف سنة بأن يكون في مدة سنة متوالية أو غير متوالية مشغولا بالتعريف، بحيث لم يعد في العرف متسامحا متساهلا في الفحص عن مالكه بل عدوه فاحصا عنه في هذه المدة، و لا يتقدر ذلك بمقدار معين، بل هو أمر عرفي، و قد نسب الى المشهور تحديده بأن يعرف في الأسبوع الأول في كل يوم مرة ثم في بقية الشهر في كل أسبوع مرة و بعد ذلك في كل شهر مرة، و الظاهر أن المراد بيان أقل ما يصدق عليه تعريف سنة عرفا، و مرجعه إلى كفاية بضع و عشرين مرة بهذه الكيفية، و فيه اشكال من جهة الإشكال في كفاية كل شهر مرة في غير الشهر الأول، و الظاهر كفاية كل أسبوع مرة إلى تمام الحول، و الأحوط أن يكون في الأسبوع الأول كل يوم مرة.

[مسألة: 19 محل التعريف مجامع الناس كالاسواق و المشاهد و محل اقامة الجماعات و مجالس التعازي]

مسألة: 19 محل التعريف مجامع الناس كالاسواق و المشاهد و محل اقامة الجماعات و مجالس التعازي، و كذا المساجد حين اجتماع الناس فيها و ان كره ذلك فيها، فينبغي أن يكون على أبوابها حين دخول الناس فيها أو خروجهم عنها.

[مسألة: 20 يجب أن يعرف اللقطة في موضع الالتقاط ان وجدها في محل متأهل من بلد أو قرية و نحوهما]

مسألة: 20 يجب أن يعرف اللقطة في موضع الالتقاط (2) ان وجدها في محل متأهل من بلد أو قرية و نحوهما، و لو لم يقدر على البقاء لم يسافر بها بل استناب شخصا أمينا ثقة ليعرفها، و ان وجدها في المفاوز و البراري و الشوارع و أمثال ذلك عرفها لمن يجده فيها حتى انه لو اجتازت قافلة تبعهم و عرفها فيهم، فان لم يجد المالك فيها أتم التعريف في غيرها من البلاد أي بلد شاء مما احتمل وجود صاحبها فيه، و ينبغي


1- لكن له أن يتصدق بثمنه أو القيمة بعد الحول مع الضمان في لقطة غير الحرم أو يحفظه لصاحبه بلا ضمان من غير تفريط، و اما في لقطة الحرم فيتعين عليه الصدقة مع الضمان أو الحفظ بلا ضمان، و له الدفع فيهما الى الحاكم بلا ضمان.
2- و في سائر مظان الإصابة لصاحبها بل و محتملها.

ص: 133

أن يكون في أقرب البلدان إليها فالأقرب مع الإمكان.

[مسألة: 21 كيفية التعريف أن يقول المنادي «من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب» و ما شاكل ذلك من الألفاظ بلغة يفهمها الأغلب]

مسألة: 21 كيفية التعريف أن يقول المنادي «من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب» و ما شاكل ذلك من الألفاظ بلغة يفهمها الأغلب، و يجوز أن يقول «من ضاع له شي ء أو مال»، بل ربما قيل ان ذلك أحوط و أولى، فإذا ادعى أحد ضياعه سأله عن خصوصياته و صفاته و علاماته من وعائه و خيطه و صنعته و أمور يبعد اطلاع غير المالك عليه من عدده و زمان ضياعه و مكانه و غير ذلك، فإذا توافقت الصفات و الخصوصيات التي ذكره مع الخصوصيات الموجودة في ذلك المال فقد تم التعريف، و لا يضر جهله ببعض الخصوصيات التي لا يطلع عليها المالك غالبا و لا يلتفت إليها إلا نادرا، أ لا ترى ان الكتاب الذي يملكه الإنسان و يقرؤه و يطالعه مدة طويلة من الزمان لا يطلع غالبا على عدد أوراقه و صفحاته، فلو لم يعرف مثل ذلك لكن وصفه بصفات و علامات أخر لا تخفى على المالك كفى في تعريفه و توصيفه.

[مسألة: 22 إذا لم تكن اللقطة قابلة للتعريف]

مسألة: 22 إذا لم تكن اللقطة قابلة للتعريف- بأن لم تكن لها علامة و خصوصيات ممتازة عن غيرها حتى يصف بها من يدعيها و يسأل عنها الملتقط كدينار واحد من الدنانير المتعارفة غير مصرور و لا مكسور- سقط التعريف، و حينئذ هل يتخير بين الأمور الثلاثة المتقدمة من دون تعريف مثل ما حصل اليأس من وجدان مالكه أو يعامل معه معاملة مجهول المالك فيتعين التصدق به؟ وجهان أحوطهما الثاني.

[مسألة: 23 إذا التقط اثنان لقطة واحدة، فإن كان المجموع دون درهم جاز لهما تملكها في الحال]

مسألة: 23 إذا التقط اثنان لقطة واحدة، فإن كان المجموع دون درهم جاز لهما تملكها في الحال من دون تعريف و كان بينهما بالتساوي، و ان كانت بمقدار درهم فما زاد وجب عليهما تعريفها، و ان كانت حصة كل منهما أقل من درهم، و يجوز ان يتصدى للتعريف كلاهما أو أحدهما (1) أو يوزع الحول عليهما بالتساوي أو التفاضل، فان توافقا على أحد الأنحاء فقد تأدى ما هو الواجب عليهما و سقط عنهما، و ان تعاسرا


1- و يسقط بفعل كل منهما عن الأخر لأن ذلك التكليف توصلي طريقي و لا موضوعية لمباشرته أو تسبيبه، نظير وجوب تطهير الثوب للصلاة.

ص: 134

يوزع الحول عليهما بالتساوي، و هكذا بالنسبة إلى أجرة التعريف لو كانت عليهما.

و بعد ما تم حول التعريف يجوز اتفاقهما على التملك و التصدق أو الإبقاء امانة، و يجوز أن يختار أحدهما غير ما يختاره الأخر، بأن يختار أحدهما التملك و الأخر التصدق مثلا كل في نصفه.

[مسألة: 24 إذا التقط الصبي أو المجنون فما كان دون درهم ملكاه ان قصدا]

مسألة: 24 إذا التقط الصبي أو المجنون فما كان دون درهم ملكاه (1) ان قصدا أو قصد وليهما التملك، و ما كان مقدار درهم فما زاد يعرف و كان التعريف على وليهما، و بعد تمام الحول يختار من التملك لهما و التصدق و الإبقاء أمانة ما هو الأصلح لهما.

[مسألة: 25 اللقطة في مدة التعريف امانة لا يضمنها الملتقط الا مع التعدي أو التفريط]

مسألة: 25 اللقطة في مدة التعريف امانة (2) لا يضمنها الملتقط الا مع التعدي أو التفريط، و كذا بعد تمام الحول ان اختار بقاءها عنده امانة لمالكها، و أما ان اختار التملك أو التصدق فإنه يصير في ضمانه كما تعرفه.

[مسألة: 26 ان وجد المالك و قد تملكه الملتقط بعد التعريف]

مسألة: 26 ان وجد المالك و قد تملكه الملتقط بعد التعريف، فان كانت العين باقية أخذها و ليس له إلزام الملتقط بدفع البدل من المثل أو القيمة، و كذا ليس له إلزام المالك بأخذ البدل، و ان كانت تالفة أو منتقلة إلى الغير ببيع و نحوه أخذ بدله من الملتقط من المثل أو القيمة، و ان وجد بعد ما تصدق به فليس له أن يرجع الى العين و ان كانت موجودة عند المتصدق له، و انما له ان يرجع على الملتقط و يأخذ منه بدل ماله ان لم يرض بالتصدق، و ان رضي به لم يكن له الرجوع عليه و كان أجر الصدقة له. هذا إذا وجد المالك، و أما إذا لم يوجد فلا شي ء عليه في الصورتين.


1- كما مر في حيازة المباحات نظيره.
2- ان قام بوظيفته الشرعية من ادامة التعريف في تمام الحول، و اما إذا ترك في البين شهورا أو سنوات فهي مضمونة عليه و لو كان مخيرا بعد تكميل التعريف كما كان مخيرا في الأول.

ص: 135

[مسألة: 27 لا يسقط التعريف عن الملتقط بدفع اللقطة إلى الحاكم]

مسألة: 27 لا يسقط التعريف عن الملتقط بدفع اللقطة إلى الحاكم (1) و ان جاز له دفعها اليه قبل التعريف و بعده، بل ان اختار التصدق بها بعد التعريف كان الاولى أن يدفعها اليه ليتصدق بها.

[مسألة: 28 لو وجد المالك و قد حصل للقطة نماء متصل يتبع العين]

مسألة: 28 لو وجد المالك و قد حصل للقطة نماء متصل يتبع العين، فيأخذ العين بنمائه سواء حصل قبل تمام التعريف أو بعده، و سواء حصل قبل التملك أو بعده.

و اما النماء المنفصل، فان حصل بعد التملك كان للملتقط، فإذا كانت العين موجودة تدفعها الى المالك دون نمائها، و ان حصل في زمن التعريف أو بعده قبل التملك كان للمالك.

[مسألة: 29 لو حصل لها نماء منفصل بعد الالتقاط فعرف العين حولا و لم يجد المالك]

مسألة: 29 لو حصل لها نماء منفصل بعد الالتقاط فعرف العين حولا و لم يجد المالك، فهل له تملك النماء بتبع العين أم لا؟ وجهان بل قولان، أظهرهما الأول و أحوطهما الثاني (2)، بأن يعمل معه معاملة مجهول المالك، فيتصدق به بعد اليأس عن المالك.

[مسألة: 30 ما يوجد مدفونا في الخربة الدارسة التي باد أهلها و في المفاوز و كل أرض لا رب لها فهو لواجده]

مسألة: 30 ما يوجد مدفونا في الخربة الدارسة التي باد أهلها و في المفاوز و كل أرض لا رب لها فهو لواجده من دون تعريف و عليه الخمس (3) كما مر في كتابه، و كذا ما كان مطروحا و علم أو ظن بشهادة بعض العلائم و الخصوصيات انه ليس لأهل زمن الواجد، و أما ما علم انه لأهل زمانه فهو لقطة، فيجب تعريفها ان كان بمقدار الدرهم فما زاد، و قد مر انه يعرف في أي بلد شاء (4).

[مسألة: 31 لو علم مالك اللقطة قبل التعريف أو بعده لكن لم يمكن الإيصال]

مسألة: 31 لو علم مالك اللقطة قبل التعريف أو بعده لكن لم يمكن الإيصال


1- و يجب على الحاكم حفظها الى كمال التعريف ثم يوكل الأمر إلى الملتقط في اختيار ما كان مخيرا فيه، و لا يجوز للحاكم التصدق به الا بإذن الملتقط.
2- لا يترك.
3- ان كان يصدق عليه الكنز عرفا.
4- ان كان مظان الإصابة أو محتملها.

ص: 136

اليه و لا الى وارثه ففي إجراء حكم اللقطة عليه من التخيير بين الأمور الثلاثة أو إجراء حكم مجهول المالك عليه و تعين الصدقة به، وجهان الأحوط الثاني بل لا يخلو من قوة (1).

[مسألة: 32 لو مات الملتقط فان كان بعد التعريف و التملك ينتقل الى وارثه]

مسألة: 32 لو مات الملتقط فان كان بعد التعريف و التملك ينتقل الى وارثه، و ان كان بعد التعريف و قبل التملك يتخير وارثه بين الأمور الثلاثة، و ان كان قبل التعريف أو في أثنائه يتولاه وارثه في الأول و يتمه في الثاني ثم هو مخير بين الأمور الثلاثة (2)، و لو تعددت الورثة كان حكمهم حكم الملتقط المتعدد مع وحدة اللقطة، و قد مر حكمه في بعض المسائل السابقة.

[مسألة: 33 لو وجد مالا في دار معمورة يسكنها الغير]

مسألة: 33 لو وجد مالا في دار معمورة يسكنها الغير، سواء كانت ملكا له أو مستأجرة أو مستعارة بل أو مغصوبة عرفه الساكن، فان ادعى ملكيته فهو له فليدفع اليه بلا بينة، و كذا لو قال لا أدري (3)، و ان سلبه عن نفسه فقد نسب الى المشهور انه ملك للواجد، و فيه إشكال، فالأحوط إجراء حكم اللقطة عليه، و أحوط منه اجراء حكم مجهول المالك، فيتصدق به بعد اليأس عن المالك.

[مسألة: 34 لو وجد شيئا في جوف حيوان قد انتقل اليه من غيره]

مسألة: 34 لو وجد شيئا في جوف حيوان قد انتقل اليه من غيره، فان كان غير السمك كالغنم و البقر عرفه صاحبه السابق، فان ادعاه دفعه اليه، و كذا ان قال لا أدري على الأحوط (4)، و ان أنكره كان للواجد. و ان وجد شيئا لؤلؤة أو غيرها في جوف سمكة اشتراها من غيره فهو له، و الظاهر أن الحيوان الذي لم يكن له مالك سابق غير السمك بحكم السمك، كما إذا اصطاد غزالا فوجد في جوفه شيئا، و ان كان الأحوط إجراء حكم اللقطة أو المجهول المالك عليه.


1- بل هو الأقوى لكن الأحوط التصدق بإذن الحاكم.
2- بل يعامل معه بعد تعريف السنة معاملة مجهول المالك على الأحوط.
3- و كان الدار لا يدخلها غيره.
4- و الأقوى انه للواجد.

ص: 137

[مسألة: 35 لو وجد في داره التي يسكنها شيئا و لم يعلم انه ماله أو مال غيره]

مسألة: 35 لو وجد في داره التي يسكنها شيئا و لم يعلم انه ماله أو مال غيره، فان لم يدخلها غيره أو يدخلها آحاد من الناس من باب الاتفاق كالدخلانية المعدة لأهله و عياله فهو له، و ان كانت مما يتردد فيها الناس كالبرانية المعدة للأضياف و الواردين و العائدين و المضايف و نحوها فهو لقطة يجري عليه حكمها، و ان وجد في صندوقه شيئا و لم يعلم انه ماله أو مال غيره فهو له الا إذا كان غيره يدخل يده فيه أو يضع فيه شيئا فيعرفه ذلك الغير، فإن أنكره كان له لا لذلك الغير و ان ادعاه دفعه اليه، و ان قال لا أدري فالأحوط التصالح.

[مسألة: 36 لو أخذ من شخص مالا ثم علم انه لغيره قد أخذ منه بغير وجه شرعي و عدوانا]

مسألة: 36 لو أخذ من شخص ما لا ثم علم انه لغيره قد أخذ منه بغير وجه شرعي و عدوانا و لم يعرف المالك يجري عليه حكم مجهول المالك لا اللقطة، لما مر أنه يعتبر في صدقها الضياع عن المالك و لا ضياع في هذا الفرض. نعم في خصوص ما إذا أودع عنده سارق مالا ثم تبين انه مال غيره و لم يعرفه يجب عليه ان يمسكه و لا يرده الى السارق مع الإمكان ثم هو بحكم اللقطة فيعرفها حولا فإن أصاب صاحبها ردها عليه و الا تصدق بها (1)، فان جاء صاحبها بعد ذلك خيره بين الأجر و الغرم، فان اختار الأجر فله و ان اختار الغرم غرم له و كان الأجر له، و ليس له ان يتملكه بعد التعريف فليس هو بحكم اللقطة من هذه الجهة.

[مسألة: 37 لو التقط شيئا فبعد ما صار في يده ادعاه شخص حاضر و قال انه مالي يشكل دفعه اليه بمجرد دعواه]

مسألة: 37 لو التقط شيئا فبعد ما صار في يده ادعاه شخص حاضر و قال انه مالي يشكل دفعه اليه بمجرد دعواه بل يحتاج إلى البينة، إلا إذا كان بحيث يصدق عرفا انه في يده أو ادعاه قبل ان يلتقطه فيحكم بكونه ملكا للمدعي، و لا يجوز له أن يلتقطه.

[مسألة: 38 لا يجب دفع اللقطة الى من يدعيها الا مع العلم أو البينة]

مسألة: 38 لا يجب دفع اللقطة الى من يدعيها الا مع العلم أو البينة، و ان وصفها بصفات و علامات لا يطلع عليها غير المالك غالبا إذا لم يفد القطع بكونه


1- الأحوط عدم التصدق قبل اليأس و لو بعد تعريفه حولا.

ص: 138

المالك. نعم نسب إلى الأكثر أنه ان أفاد الظن جاز دفعها إليه، فإن تبرع بالدفع عليه لم يمنع و ان امتنع لم يجبر و فيه إشكال، فالأحوط الاقتصار في الدفع على صورة العلم أو البينة (1).

[مسألة: 39 لو تبدل حذاؤه بحذاء آخر في مسجد أو غيره أو تبدل ثيابه في حمام]

مسألة: 39 لو تبدل حذاؤه بحذاء آخر في مسجد أو غيره أو تبدل ثيابه في حمام أو غيره بثياب آخر، فان علم ان الموجود لمن أخذ ماله جاز أن يتصرف فيه، بل يتملكه بعنوان التقاص عن ماله، خصوصا (2) فيما إذا علم و لو بشاهد الحال أن صاحبه قد بدله متعمدا. نعم لو كان الموجود أجود مما أخذ يلاحظ التفاوت فيقومان معا و يتصدق مقدار التفاوت بعد اليأس عن صاحب المتروك، و ان لم يعلم بأن المتروك لمن أخذ ماله أو لغيره يعامل معه معاملة مجهول المالك، فيتفحص عن صاحبه و مع اليأس عنه يتصدق به، بل الأحوط ذلك أيضا فيما لو علم ان الموجود للأخذ لكن لم يعلم انه قد بدل متعمدا.

[ (خاتمة)]

اشارة

(خاتمة) إذا وجد صبيا ضائعا لا كافل له و لا يستقل بنفسه على السعي فيما يصلحه و الدفع عما يضره و يهلكه و يقال له «اللقيط» يجوز بل يستحب التقاطه و أخذه، بل يجب إذا كان في معرض التلف، سواء كان منبوذا قد طرحه أهله في شارع أو مسجد و نحوهما عجزا عن النفقة أو خوفا من التهمة أو غيره، بل و ان كان مميزا بعد صدق كونه ضائعا تائها لا كافل له، و بعد ما أخذ اللقيط و التقطه يجب عليه حضانته و حفظه و القيام بضرورة تربيته بنفسه أو بغيره، و هو أحق به من غيره الا ان يبلغ، فليس لأحد أن ينتزعه من يده و يتصدى حضانته غير من له حق الحضانة تبرعا بحق النسب كالأبوين


1- بل الأقوى.
2- الظاهر أن التقاص مخصوص بما إذا علم ان صاحبه بدله عمدا أو اشتباها، اما ان كان بدله نفسه عمدا أو اشتباها فليس له التقاص بل يجب عليه معاملة مجهول المالك معه.

ص: 139

و الأجداد و سائر الأقارب أو بحق الوصاية كوصي الأب أو الجد إذا وجد أحد هؤلاء، فيخرج بذلك عن عنوان اللقيط لوجود الكافل له حينئذ. و اللقيط من لا كافل له، و كما لهؤلاء حق الحضانة فلهم انتزاعه من يد آخذه كذلك عليهم ذلك، فلو امتنعوا أجبروا عليه.

[مسألة: 1 إذا كان للقيط مال من فراش أو غطاء زائدين على مقدار حاجته أو غير ذلك]

مسألة: 1 إذا كان للقيط مال من فراش أو غطاء زائدين على مقدار حاجته أو غير ذلك جاز للملتقط صرفه في إنفاقه بإذن الحاكم أو وكيله، و مع تعذرهما جاز له ذلك بنفسه (1) و لا ضمان عليه، و ان لم يكن له مال فان وجد من ينفق عليه من حاكم بيده بيت المال أو من كان عنده حقوق تنطبق عليه من زكاة أو غيرها أو متبرع كان له الاستعانة بهم في إنفاقه أو الإنفاق عليه من ماله، و ليس له حينئذ الرجوع على اللقيط بما أنفقه بعد بلوغه و يساره و ان نوى الرجوع عليه، و ان لم يكن من ينفق عليه من أمثال ما ذكر تعين عليه و كان له الرجوع عليه مع قصد الرجوع لا بدونه.

[مسألة: 2 يشترط في الملتقط البلوغ و العقل و الحرية و كذا الإسلام ان كان اللقيط محكوما بالإسلام]

مسألة: 2 يشترط في الملتقط البلوغ و العقل و الحرية و كذا الإسلام ان كان اللقيط محكوما بالإسلام.

[مسألة: 3 لقيط دار الإسلام محكوم بالإسلام]

مسألة: 3 لقيط دار الإسلام محكوم بالإسلام، و كذا لقيط دار الكفر إذا وجد فيها مسلم احتمل تولد اللقيط منه، و ان كان في دار الكفر و لم يكن فيها مسلم أو كان و لم يحتمل كونه منه يحكم بكفره، و فيما كان محكوما بالإسلام لو أعرب عن نفسه الكفر بعد البلوغ يحكم بكفره، لكن لا يجري عليه حكم المرتد الفطري على الأقوى.

[مسألة: 4 اللقيط محكوم بالحرية ما لم يعلم خلافه أو أقر على نفسه بالرق بعد بلوغه]

مسألة: 4 اللقيط محكوم بالحرية ما لم يعلم خلافه أو أقر على نفسه بالرق بعد بلوغه حتى فيما لو التقط من دار الكفر و لم يكن فيها مسلم احتمل تولده منه، غاية الأمر انه يجوز استرقاقه حينئذ، و هذا غير الحكم برقيته كما لا يخفى.


1- الأحوط في الفرض الاستيذان من عدول المؤمنين، و مع التعذر يتصدى بنفسه.

ص: 140

[كتاب النكاح]

اشارة

كتاب النكاح و هو من المستحبات الأكيدة، و ما ورد في الحث عليه و الذم على تركه مما لا يحصى كثرة:

فعن مولانا الباقر عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: ما بني بناء في الإسلام أحب الى اللّٰه عز و جل من التزويج.

و عن مولانا الصادق عليه السلام: ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها عزب.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: رذال موتاكم العزاب.

و في خبر آخر عنه صلى اللّٰه عليه و آله: أكثر أهل النار العزاب.

و لا ينبغي ان يمنعه عنه الفقر و العيلة بعد ما وعد اللّٰه عز و جل بالاغناء و السعة بقوله عز من قائل «إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ».

فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن باللّه عز و جل.

هذا

[و مما يناسب تقديمه على مقاصد هذا الكتاب أمور]

اشارة

و مما يناسب تقديمه على مقاصد هذا الكتاب أمور بعضها متعلق بمن ينبغي اختياره للزواج و من لا ينبغي، و بعضها في آداب العقد، و في بعضها في آداب الخلوة

ص: 141

مع الزوجة، و بعضها من اللواحق التي لها مناسبة بالمقام، و هي تذكر في ضمن مسائل:

[مسألة: 1 مما ينبغي ان يهتم به الإنسان النظر في صفات من يريد تزويجها]

مسألة: 1 مما ينبغي ان يهتم به الإنسان النظر في صفات من يريد تزويجها:

فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: اختاروا لنطفكم، فان الخال أحد الضجيعين.

و في خبر آخر: تخيروا لنطفكم، فإن الأبناء تشبه الأخوال.

و عن مولانا الصادق عليه السلام لبعض أصحابه حين قال قد هممت أن أتزوج:

أنظر أين تضع نفسك و من تشركه في مالك و تطلعه على دينك و سرك، فان كنت لا بد فاعلا فبكرا تنسب الى الخير و حسن الخلق- الخبر.

و عنه عليه السلام: إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد، و ليس للمرأة خطر لا لصالحتهن و لا لطالحتهن، فأما صالحتهن فليس خطرها الذهب و الفضة هي خير من الذهب و الفضة، و اما طالحتهن فليس خطرها التراب التراب خير منها.

و كما ينبغي للرجل أن ينظر فيمن يختارها للتزويج كذلك ينبغي ذلك للمرأة و أوليائها بالنسبة الى الرجل، فعن مولانا الرضا عليه السلام عن آبائه عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله انه قال: النكاح رق، فإذا أنكح أحدكم وليدته فقد أرقها، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته.

[مسألة: 2 ينبغي أن لا يكون النظر في اختيار المرأة مقصورا على الجمال و المال]

مسألة: 2 ينبغي أن لا يكون النظر في اختيار المرأة مقصورا على الجمال و المال، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: من تزوجها المرأة لا يتزوجها الا لجمالها لم ير فيها ما يحب، و من تزوجها لمالها لا يتزوجها الا له و كله اللّٰه اليه، فعليكم بذات الدين.

بل يختار من كانت واجدة لصفات شريفة صالحة قد وردت في مدحها الاخبار فاقدة لصفات ذميمة قد نطقت بذمها الآثار، و أجمع خبر في هذا الباب ما عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال: خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع

ص: 142

بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله و تطيع أمره- الى أن قال- ألا أخبركم بشرار نسائكم الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها العقيم الحقود التي لا تورع من قبيح المتبرجة إذا غاب عنها بعلها الحصان معه إذا حضر لا تسمع قوله و لا تطيع امره و إذا خلا بها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها لا تقبل منه عذرا و لا تقيل له ذنبا.

و في خبر آخر عنه صلّى اللّٰه عليه و آله: إياكم و خضراء الدمن. قيل: يا رسول اللّٰه و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء. أشار الى كونها ممن تنال آباءها و أمهاتها و عشيرتها الألسن، و كانوا معروفين بعدم النجابة.

[مسألة: 3 يكره تزويج الزانية و المتولدة من الزنا و ان يتزوج الشخص قابلته أو ابنتها]

مسألة: 3 يكره تزويج الزانية و المتولدة من الزنا و ان يتزوج الشخص قابلته أو ابنتها.

[مسألة: 4 لا ينبغي للمرأة ان تختار زوجا سيّئ الخلق و المخنث و الفاسق و شارب الخمر]

مسألة: 4 لا ينبغي للمرأة ان تختار زوجا سيّئ الخلق و المخنث و الفاسق و شارب الخمر و من كان من الزنج أو الأكراد أو الخوزي أو الخزر.

[مسألة: 5 يستحب: الاشهاد في العقد]

مسألة: 5 يستحب: الاشهاد في العقد، و الإعلان به، و الخطبة امامه، أكملها ما اشتمل على التحميد و الصلاة على النبي و الأئمة المعصومين و الشهادتين و الوصية بالتقوى و الدعاء للزوجين، و يجزي «الحمد للّٰه و الصلاة على محمد و آله»، و إيقاعه ليلا. و يكره إيقاعه و القمر في برج العقرب، و إيقاعه في محاق الشهر و في أحد الأيام المنحوسة في كل شهر المشتهرة في الألسن بكوامل الشهر، و هي سبعة الثالث و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادي و العشرون و الرابع و العشرون و الخامس و العشرون.

[مسألة: 6 يستحب ان يكون الزفاف ليلا، و الوليمة في ليله أو نهاره]

مسألة: 6 يستحب ان يكون الزفاف ليلا، و الوليمة في ليله أو نهاره، فإنها من سنن المرسلين. و عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: لا وليمة إلا في خمس في عرس أو خرس أو عذار أو زكار أو زكار- يعني للتزويج أو ولادة الولد أو الختان أو شراء الدار أو القدوم من مكة.

ص: 143

و انما تستحب يوما أو يومين لا أزيد، للنبوي: الوليمة في الأول حق و يومان مكرمة و ثلاثة أيام رياء و سمعة. و ينبغي ان يدعى لها المؤمنون، و يستحب لهم الإجابة و الأكل و ان كان المدعو صائما نفلا. و ينبغي ان يعم صاحب الدعوة الأغنياء و الفقراء و ان لا يخصها بالأغنياء، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: شر الولائم ان يدعى لها الأغنياء و يترك الفقراء.

[مسألة: 7 يستحب لمن أراد الدخول بالمرأة ليلة الزفاف أو يومه ان يصلي ركعتين]

مسألة: 7 يستحب لمن أراد الدخول بالمرأة ليلة الزفاف أو يومه ان يصلي ركعتين ثم يدعو بعدهما بالمأثور، و ان يكونا على طهر، و ان يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة و يقول «اللهم على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها، فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله ذكرا مسلما سويا و لا تجعله شرك شيطان».

[مسألة: 8 للخلوة بالمرأة مطلقا و لو في غير ليلة الزفاف آداب]

مسألة: 8 للخلوة بالمرأة مطلقا و لو في غير ليلة الزفاف آداب، و هي بين مستحب و مكروه:

أما المستحب:

فمنها: ان يسمي عند الجماع، فإنه وقاية عن شرك الشيطان، فعن الصادق عليه السلام: إذا أتى أحدكم أهله فليذكر اللّٰه، فان لم يفعل و كان منه ولد كان شرك شيطان. و في معناه أخبار كثيرة.

و منها: ان يسأل اللّٰه تعالى ان يرزقه ولدا تقيا مباركا زكيا ذكرا سويا.

و منها: ان يكون على وضوء، سيما إذا كانت المرأة حاملا.

و اما المكروه: فيكره الجماع في ليلة خسوف القمر، و يوم كسوف الشمس، و يوم هبوب الريح السوداء و الصفراء و الزلزلة، و عند غروب الشمس حتى يذهب الشفق، و بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس، و في المحاق، و في أول ليلة من كل شهر ما عدا شهر رمضان، و في ليلة النصف من كل شهر، و ليلة الأربعاء، و في ليلتي الأضحى

ص: 144

و الفطر. و يستحب ليلة الاثنين و الثلاثاء و الخميس و الجمعة، و يوم الخميس عند الزوال، و يوم الجمعة بعد العصر.

و يكره الجماع في السفر إذا لم يكن معه ماء يغتسل به، و الجماع و هو عريان، و عقيب الاحتلام قبل الغسل. نعم لا بأس بأن يجامع مرات من غير تخلل الغسل بينها و يكون غسله أخيرا لكن يستحب غسل الفرج و الوضوء عند كل مرة، و ان يجامع و عنده من ينظر اليه حتى الصبي و الصبية، و الجماع مستقبل القبلة و مستدبرها و في السفينة، و الكلام عند الجماع بغير ذكر اللّٰه، و الجماع و هو مختضب أو هي مختضبة، و على الامتلاء من الطعام. فعن الصادق عليه السلام: ثلاث يهدمن للبدن و ربما قتلن:

دخول الحمام على البطنة، و الغشيان على الامتلاء، و نكاح العجائز. و يكره الجماع قائما و تحت السماء و تحت الشجرة المثمرة، و يكره أن تكون خرقة الرجل و المرأة واحدة، بل يكون له خرقة و لها خرقة و لا يمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة، ففي الخبر ان ذلك يعقب بينهما العداوة.

[مسألة: 9 يستحب التعجيل في تزويج البنت و تحصينها بالزوج عند بلوغها]

مسألة: 9 يستحب التعجيل في تزويج البنت و تحصينها بالزوج عند بلوغها، فعن الصادق عليه السلام: من سعادة المرء ان لا تطمث ابنته في بيته.

و في الخبر: ان الأبكار بمنزلة الثمر على الشجر إذا أدرك ثمارها فلم تجتن أفسدته الشمس و نثرته الرياح، و كذلك الأبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فليس لهن دواء إلا البعولة.

و ان لا يرد الخاطب إذا كان من يرضى خلقه و دينه و أمانته و كان عفيفا صاحب يسار، و لا ينظر إلى شرافة الحسب و علو النسب، فعن علي عليه السلام عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه. قلت: يا رسول اللّٰه و ان كان دنيئا في نسبه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه، إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ.

ص: 145

[مسألة: 10 يستحب السعي في التزويج و الشفاعة فيه و إرضاء الطرفين]

مسألة: 10 يستحب السعي في التزويج و الشفاعة فيه و إرضاء الطرفين، فعن الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أفضل الشفاعات ان تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع اللّٰه بينهما.

و عن الكاظم عليه السلام قال: ثلاثة يستظلون بظل عرش اللّٰه يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله: رجل زوج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرا.

و عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: من عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوجه اللّٰه ألف امرأة من الحور العين كل امرأة في قصر من در و ياقوت، و كان له بكل خطوة خطاها أو بكل كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قام ليلها و صام نهارها، و من عمل في فرقة بين امرأة و زوجها كان عليه غضب اللّٰه و لعنته في الدنيا و الآخرة، و كان حقا على اللّٰه ان يرضخه بألف صخرة من نار، و من مشى في فساد ما بينهما و لم يفرق كان في سخط اللّٰه عز و جل و لعنته في الدنيا و الآخرة و حرم عليه النظر الى وجهه.

[مسألة: 11 المشهور جواز وطي الزوجة و المملوكة دبرا على كراهية شديدة]

مسألة: 11 المشهور جواز وطي الزوجة و المملوكة دبرا على كراهية شديدة، و الأحوط تركه (1) خصوصا مع عدم رضاها.

[مسألة: 12 لا يجوز وطي الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواما كان النكاح أو منقطعا]

مسألة: 12 لا يجوز وطي الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواما كان النكاح أو منقطعا، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و التقبيل و الضم و التفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة، و لو وطأها قبل التسع و لم يفضها لم يترتب عليه (2) شي ء غير الإثم على الأقوى، و ان أفضاها- بأن جعل مسلكي البول و الحيض أو مسلكي الحيض و الغائط واحدا (3)- حرم عليه وطيها أبدا و لكن لم تخرج عن زوجيته على الأقوى، فيجري عليها أحكامها من التوارث و حرمة الخامسة و حرمة أختها معها و غيرها.

و يجب عليه نفقتها ما دامت حية و ان طلقها، بل و ان تزوجت بعد الطلاق على الأحوط.


1- لا ينبغي ترك هذا الاحتياط.
2- لا يترك الاحتياط بترك الوطي ابدا فيما لو دخل بها قبل التسع و ان لم يفضها.
3- أو جعل الجميع واحدا.

ص: 146

و يجب عليه دية الإفضاء، و هي دية النفس، فإذا كانت حرة فلها نصف دية الرجل مضافا الى المهر الذي استحقته بالعقد و الدخول. و لو دخل بزوجته بعد إكمال التسع، فأفضاها لم تحرم عليه و لم تثبت الدية، و لكن الأحوط الإنفاق عليها ما دامت حية (1).

[مسألة: 13 لا يجوز ترك وطي الزوجة أكثر من أربعة أشهر إلا بإذنها حتى المنقطعة على الأحوط]

مسألة: 13 لا يجوز (2) ترك وطي الزوجة أكثر من أربعة أشهر إلا بإذنها حتى المنقطعة على الأحوط (3)، و يختص الحكم بصورة عدم العذر، و اما معه فيجوز الترك مطلقا ما دام وجود العذر، كما إذا خيف الضرر عليه أو عليها، و من العذر عدم الميل المانع عن انتشار العضو. و هل يختص الحكم بالحاضر فلا بأس على المسافر و ان طال سفره أو يعمهما فلا يجوز للمسافر اطالة سفره أزيد من أربعة أشهر بل يجب عليه مع عدم العذر الحضور لإيفاء حق زوجته؟ قولان، أظهرهما الأول، لكن بشرط كون السفر ضروريا و لو عرفا كسفر تجارة أو زيارة أو تحصيل علم و نحو ذلك، دون ما كان لمجرد الميل و الانس و التفرج و نحو ذلك.

[مسألة: 14 لا إشكال في جواز العزل]

مسألة: 14 لا إشكال في جواز العزل، و هو إخراج الإله عند الانزال و إفراغ المني إلى الخارج في غير الزوجة الدائمة الحرة و كذا فيها مع اذنها، و أما فيها بدون اذنها ففيه قولان، أشهرهما الجواز مع الكراهة (4)، و هو الأقوى، كما ان الأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه و ان قلنا بالحرمة، و قيل بوجوبها عليه للزوجة، و هي عشرة دنانير، و هو ضعيف في الغاية.


1- و ان طلقها و تزوجت بالغير.
2- في الشابة و أما الشائبة فالأحوط عدم الترك.
3- بل الأقوى.
4- بل يمكن القول بعدمها في العقيمة و العجوزة و السليطة و البذية و التي لا ترضع ولدها هذا في الزوج و أما منع الزوجة من الإنزال في فرجها فالظاهر حرمتها بدون رضاء الزوج، و يمكن القول بوجوب دية النطفة عليها.

ص: 147

[مسألة: 15 يجوز لكل من الزوج و الزوجة النظر الى جسد الأخر ظاهره و باطنه حتى العورة]

مسألة: 15 يجوز لكل من الزوج و الزوجة النظر الى جسد الأخر ظاهره و باطنه حتى العورة، و كذا مس كل منهما بكل عضو منه كل عضو من الأخر مع التلذذ و بدونه.

[مسألة: 16 لا إشكال في جواز نظر الرجل الى ما عدا العورة من مماثله]

مسألة: 16 لا إشكال في جواز نظر الرجل الى ما عدا العورة من مماثله شيخا كان المنظور اليه أو شابا حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذذ و ريبة، و العورة هي القبل و الدبر و البيضتان كما سبق في أحكام التخلي من كتاب الطهارة، و كذا لا إشكال في جواز نظر المرأة الى ما عدا العورة من مماثلها، و أما عورتها فيحرم ان تنظر إليها كالرجل.

[مسألة: 17 يجوز للرجل أن ينظر الى جسد محارمه ما عدا العورة إذا لم يكن مع تلذذ و ريبة]

مسألة: 17 يجوز للرجل أن ينظر الى جسد محارمه ما عدا العورة إذا لم يكن مع تلذذ و ريبة، و المراد بالمحارم من يحرم عليه نكاحهن من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة، و كذا يجوز لهن النظر الى ما عدا العورة من جسده بدون تلذذ أو ريبة.

[مسألة: 18 لا إشكال في عدم جواز نظر الرجل الى ما عدا الوجه و الكفين من المرأة الأجنبية من شعرها و سائر جسدها]

مسألة: 18 لا إشكال في عدم جواز نظر الرجل الى ما عدا الوجه و الكفين من المرأة الأجنبية من شعرها و سائر جسدها، سواء كان فيه تلذذ و ريبة أم لا، و كذا الوجه و الكفان إذا كان بتلذذ و ريبة، و أما بدونها ففيه قولان بل أقوال: الجواز مطلقا، و عدمه مطلقا، و التفصيل بين نظرة واحدة فالأول و تكرار النظر فالثاني. و أحوط الأقوال بل أقواها أوسطها.

[مسألة: 19 لا يجوز للمرأة النظر إلى الأجنبي كالعكس]

مسألة: 19 لا يجوز للمرأة النظر إلى الأجنبي كالعكس، و استثناء الوجه و الكفين فيه أشكل منه في العكس (1).

[مسألة: 20 كل من يحرم النظر اليه يحرم مسه]

مسألة: 20 كل من يحرم النظر اليه يحرم مسه، فلا يجوز مس الأجنبي الأجنبية و بالعكس، بل لو قلنا بجواز النظر الى الوجه و الكفين من الأجنبية لم نقل


1- بل أسهل كما سيأتي.

ص: 148

بجواز مسهما منها، فلا يجوز للرجل مصافحتها. نعم لا بأس بها من وراء الثوب (1).

[مسألة: 21 لا يجوز النظر الى العضو المبان من الأجنبي و الأجنبية]

مسألة: 21 لا يجوز النظر الى العضو المبان من الأجنبي و الأجنبية. نعم الظاهر انه لا بأس بالنظر الى السن و الظفر و الشعر المنفصلات.

[مسألة: 22 يستثنى من حرمة النظر و اللمس في الأجنبي و الأجنبية مقام المعالجة إذا لم يمكن بالمماثل]

مسألة: 22 يستثنى من حرمة النظر و اللمس في الأجنبي و الأجنبية مقام المعالجة إذا لم يمكن بالمماثل، كمعرفة النبض (2) و الفصد و الحجامة و جبر الكسر و نحو ذلك، و مقام الضرورة كما إذا توقف استنقاذه من الغرق أو الحرق على النظر و اللمس، و إذا اقتضت الضرورة أو توقف العلاج على النظر دون اللمس أو العكس اقتصر على ما اضطر اليه، فلا يجوز الأخر.

[مسألة: 23 و كما يحرم على الرجل النظر إلى الأجنبية يجب عليها التستر من الأجانب]

مسألة: 23 و كما يحرم على الرجل النظر إلى الأجنبية يجب عليها التستر من الأجانب، و لا يجب على الرجال التستر و ان كان يحرم على النساء النظر إليهم.

نعم إذا علموا بأن النساء يتعمدن النظر إليهم يجب عليهم (3) التستر منهن من باب حرمة الإعانة على الإثم.

[مسألة: 24 لا إشكال في أن غير المميز من الصبي و الصبية خارج عن أحكام النظر و اللمس]

مسألة: 24 لا إشكال في أن غير المميز من الصبي و الصبية خارج عن أحكام النظر و اللمس و التستر، بل هو بمنزلة سائر الحيوانات.

[مسألة: 25 يجوز للرجل أن ينظر إلى الصبية ما لم تبلغ إذا لم يكن فيه تلذذ و شهوة]

مسألة: 25 يجوز للرجل أن ينظر إلى الصبية ما لم تبلغ إذا لم يكن فيه تلذذ و شهوة. نعم الأحوط الاقتصار على مواضع لم تجر العادة على سترها بالالبسة المتعارفة


1- من دون غمز على الأحوط.
2- مع انحصار المعالجة به و عدم إمكانها من وراء الثوب.
3- إلا في غير ما جرت السيرة مستمرة من زمان المعصوم عليه السلام الى زماننا على عدم ستره و لو مع العلم بتعمد النساء في النظر عليه مثل الوجه. نعم مع العلم بنظرهن مع الريبة و الالتذاذ يمكن القول بوجوب الستر لحرمة الإعانة، لكن المتيقن منها حكما و موضوعا هو مع قصد الإعانة و أما بدونه فمحل تأمل. نعم التستر أحوط.

ص: 149

مثل الوجه و الكفين و شعر الرأس و الذراعين و القدمين، لا مثل الفخذ و الأليين و الظهر و الصدر و الثديين، و كذا الأحوط عدم تقبيلها و عدم وضعها في حجره إذا بلغت ست سنين.

[مسألة: 26 يجوز للمرأة النظر إلى الصبي المميز ما لم يبلغ]

مسألة: 26 يجوز للمرأة النظر إلى الصبي المميز ما لم يبلغ، و لا يجب عليها التستر عنه ما لم يبلغ مبلغا يترتب على النظر منه أو إليه ثوران الشهوة.

[مسألة: 27 يجوز النظر الى نساء أهل الذمة]

مسألة: 27 يجوز النظر الى نساء أهل الذمة، بل مطلق الكفار مع عدم التلذذ و الريبة، أعني خوف الوقوع في الحرام، و الأحوط الاقتصار على المواضع التي جرت عادتهن على عدم التستر عنها (1). و قد تلحق بهن نساء أهل البوادي و القرى من الاعراب و غيرهم اللاتي جرت عادتهن على عدم التستر و إذا نهين لا ينتهين، و هو مشكل. نعم الظاهر أنه يجوز التردد في القرى و الأسواق و مواقع تردد تلك النسوة و مجامعهن و محال معاملاتهن مع العلم عادة بوقوع النظر عليهن، و لا يجب غض البصر في تلك المحال إذا لم يكن خوف افتتان.

[مسألة: 28 يجوز لمن يريد تزويج امرأة ان ينظر إليها بشرط أن لا يكون بقصد التلذذ]

مسألة: 28 يجوز لمن يريد (2) تزويج امرأة ان ينظر إليها بشرط أن لا يكون بقصد التلذذ و ان علم انه يحصل بسبب النظر قهرا، و الأحوط الاقتصار على وجهها و كفيها و شعرها و محاسنها، كما أن الأحوط لو لم يكن الأقوى الاقتصار على ما إذا كان قاصدا لتزويج المنظورة بالخصوص (3)، فلا يعم الحكم ما إذا كان قاصدا لمطلق التزويج و كان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختبار، و يجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الاطلاع عليها بالنظرة الاولى.


1- و الأحوط الاقتصار على ما كانت عادتهن على عدم ستره في زمان النبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام، و اما ما استحدث في زماننا من عدم ستر المحاسن بل و القبائح نعوذ باللّه فالأحوط ترك النظر، بل الأقوى في بعضها.
2- الأحوط الاقتصار على الوجه و الكفين بشرط ان لا يكون عارفا بحالها.
3- و لا أقل من ان تكون المنظورة بالخصوص محتمل التزويج.

ص: 150

[مسألة: 29 الأقوى جواز سماع صوت الأجنبية ما لم يكن تلذذ و ريبة]

مسألة: 29 الأقوى جواز سماع صوت الأجنبية ما لم يكن تلذذ و ريبة، و كذا يجوز لها إسماع صوتها للأجانب إذا لم يكن خوف فتنة، و ان كان الأحوط الترك في غير مقام الضرورة، خصوصا في الشابة. و ذهب جماعة إلى حرمة السماع و الاسماع، و هو ضعيف في الغاية. نعم يحرم عليها المكالمة مع الرجال بكيفية مهيجة بترقيق القول و تليين الكلام و تحسين الصوت، فيطمع الذي في قلبه مرض.

[ (فصل) في عقد النكاح و أحكامه]

اشارة

(فصل) في عقد النكاح و أحكامه النكاح على قسمين دائما و منقطع، و كل منهما يحتاج الى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظين دالين على إنشاء المعنى المقصود و الرضا به دلالة معتبرة عند أهل المحاورة، فلا يكفي مجرد الرضا القلبي من الطرفين و لا المعاطاة الجارية في غالب المعاملات و لا الكتابة، و كذا الإشارة المفهمة في غير الأخرس، و الأحوط لزوما كونه فيهما باللفظ العربي، فلا يجزي غيره من سائر اللغات الا مع العجز عنه و لو بتوكيل الغير (1)، و عند ذلك لا بأس بإيقاعه بغيره، لكن بعبارة يكون مفادها مفاد اللفظ العربي بحيث تعد ترجمته.

[مسألة: 1 الأحوط لو لم يكن الأقوى ان يكون الإيجاب من طرف الزوجة و القبول من طرف الزوج]

مسألة: 1 الأحوط (2) لو لم يكن الأقوى ان يكون الإيجاب من طرف الزوجة و القبول من طرف الزوج، و كذا الأحوط تقديم الأول على الثاني، و ان كان الأظهر جواز العكس إذا لم يكن القبول بلفظ قبلت.

[مسألة: 2 الأحوط أن يكون الإيجاب في النكاح الدائم بلفظي «أنكحت» أو «زوجت»]

مسألة: 2 الأحوط أن يكون الإيجاب في النكاح الدائم بلفظي «أنكحت» أو «زوجت»، فلا يوقع بلفظ «متعت» (3) فضلا عن ألفاظ «بعت أو وهبت أو ملكت


1- و الظاهر كفاية غيره لغير المتمكن منه و لو مع التمكن من التوكيل.
2- بل الأقوى.
3- و ان لم يبعد كفايته مع الإتيان بما يدل على ارادة الدوام.

ص: 151

أو آجرت»، و أن يكون القبول بلفظ «قبلت» أو «رضيت»، و يجوز الاقتصار في القبول بذكر «قبلت» فقط (1) بعد الإيجاب من دون ذكر المتعلقات التي ذكر فيه، فلو قال الموجب الوكيل عن الزوجة للزوج «أنكحتك موكلتي فلانة على المهر الفلاني» فقال الزوج «قبلت» من دون ان يقول «قبلت النكاح لنفسي على المهر الفلاني» صح.

[مسألة: 3 يتعدى كل من الإنكاح و التزويج الى مفعولين]

مسألة: 3 يتعدى كل من الإنكاح و التزويج الى مفعولين، و يجعل الزوجة مفعولا (2) أولا و الزوج مفعولا ثانيا، حيث أنها بمنزلة المملك نفسها له و انه بمنزلة المتملك لها لنفسه، و يشتركان في أن كلا منهما يتعديان الى المفعول الثاني بنفسه تارة و بواسطة من اخرى، فيقال «أنكحت أو زوجت هندا زيدا أو من زيد»، و يختص الأول بتعديته اليه باللام، فيقال «أنكحت هندا لزيد»، و الثاني بتعديته إليه بواسطة الباء، فيقال «زوجت هندا بزيد». و بالجملة يتعدى كل منهما الى المفعول الثاني على ثلاثة أوجه. هذا بحسب المشهور و المأنوس من الاستعمال، و ربما يستعملان على غير تلك الوجوه و لكنه ليس بمشهور و لا مأنوس.

[مسألة: 4 عقد النكاح قد يقع بين الزوج و الزوجة و بمباشرتهما]

مسألة: 4 عقد النكاح قد يقع بين الزوج و الزوجة و بمباشرتهما، فبعد التقاول و التواطي و تعيين المهر تقول الزوجة مخاطبة للزوج «أنكحتك نفسي أو أنكحت نفسي منك أو لك على المهر المعلوم»، فيقول الزوج بغير فصل معتد به «قبلت النكاح لنفسي على المهر المعلوم أو هكذا» أو تقول «زوجتك نفسي أو زوجت نفسي منك أو بك على المهر المعلوم»، فيقول «قبلت التزويج لنفسي على المهر المعلوم أو هكذا».


1- أو رضيت.
2- و يجوز العكس كما في قوله تعالى حاكيا عن شعيب «أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ».

ص: 152

و قد يقع بين وكيليهما، فبعد التقاول و تعيين الموكلين و المهر يقول وكيل الزوجة مخاطبا لوكيل الزوج «أنكحت موكلتي فلانة موكلك فلان (1) أو من موكلك أو لموكلك فلان على المهر المعلوم»، فيقول وكيل الزوج «قبلت النكاح لموكلي على المهر المعلوم أو هكذا»، أو يقول وكيلها «زوجت موكلتي موكلك أو من موكلك أو بموكلك فلان على المهر المعلوم»، فيقول وكيله «قبلت التزويج لموكلي على المهر المعلوم أو هكذا».

و قد يقع بين ولييهما كالأب و الجد، فبعد التقاول و تعيين المولى عليهما و المهر يقول ولي الزوجة «أنكحت ابنتي أو ابنة ابني فلانة مثلا ابنك أو ابن ابنك فلان أو من ابنك أو ابن ابنك أو لابنك أو لابن ابنك على المهر المعلوم»، أو يقول «زوجت بنتي ابنك مثلا أو من ابنك أو بابنك»، فيقول ولي الزوج «قبلت النكاح أو التزويج لابني أو لابن ابني على المهر المعلوم».

و قد يكون بالاختلاف، بأن يقع بين الزوجة و وكيل الزوج و بالعكس أو بينها و بين ولي الزوج و بالعكس أو بين وكيل الزوجة و ولي الزوج و بالعكس، و يعرف كيفية إيقاع العقد في هذه الصور الست مما فصلناه في الصور الثلاث المتقدمة.

[مسألة: 5 لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الإيجاب]

مسألة: 5 لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الإيجاب، بل يصح الإيجاب بلفظ و القبول بلفظ آخر، فلو قال «زوجتك» فقال «قبلت النكاح» أو قال «أنكحتك» فقال «قبلت التزويج» صح، و ان كان الأحوط المطابقة.

[مسألة: 6 إذا لحن في الصيغة فان كان مغيرا للمعنى بحيث يعد اللفظ عبارة لمعنى آخر غير ما هو المقصود لم يكف]

مسألة: 6 إذا لحن في الصيغة فان كان مغيرا للمعنى بحيث يعد اللفظ عبارة لمعنى آخر غير ما هو المقصود لم يكف، و ان لم يكن مغيرا بل كان بحيث يفهم منه المعنى المقصود و يعد لفظا لهذا المعنى الا انه يقال له لفظ ملحون و عبارة ملحونة من


1- و يجوز العكس، فيقول «أنكحت موكلك موكلتي» بتقديم الزوج كما مر، و كذا في سائر الصيغ.

ص: 153

حيث المادة أو من جهة الاعراب و الحركات فالاكتفاء به لا يخلو من قوة، و ان كان الأحوط خلافه، و أولى بالاكتفاء اللغات المحرفة عن اللغة العربية الأصلية كلغة أهالي سواد العراق في هذا الزمان إذا كان المباشر للعقد من أهالي تلك اللغة، فلو قال عراقي في الإيجاب «جوزت» بدل «زوجت» صح (1).

[مسألة: 7 يعتبر في العقد القصد الى مضمونه]

مسألة: 7 يعتبر في العقد القصد الى مضمونه، و هو متوقف على فهم معنى لفظي أنكحت و زوجت و لو بنحو الإجمال (2) حتى لا يكون مجرد لقلقة لسان. نعم لا يعتبر العلم بالقواعد العربية و لا العلم و الإحاطة بخصوصيات معنى اللفظين على التفصيل، بل يكفي علمه إجمالا، فإذا كان الموجب بقوله أنكحت أو زوجت قاصدا لإيقاع العلقة الخاصة المعروفة المرتكزة في الأذهان التي يطلق عليها النكاح و الزواج في لغة العرب و يغني عنها في لغات أخر بعبارات أخر و كان القابل قابلا لذلك المعنى كفى.

[مسألة: 8 يعتبر في العقد قصد الإنشاء]

مسألة: 8 يعتبر في العقد قصد الإنشاء، بأن يكون الموجب في قوله «أنكحت» أو «زوجت» قاصدا إيقاع النكاح و الزواج و احداث و إيجاد ما لم يكن لا الاخبار و الحكاية عن وقوع شي ء في الخارج، و القابل بقوله «قبلت» منشئا لقبول ما أوقعه الموجب.

[مسألة: 9 يعتبر الموالاة و عدم الفصل المعتد به بين الإيجاب و القبول]

مسألة: 9 يعتبر الموالاة (3) و عدم الفصل المعتد به بين الإيجاب و القبول.

[مسألة: 10 يشترط في صحة العقد التنجيز، فلو علقه على شرط أو مجي ء زمان بطل]

مسألة: 10 يشترط في صحة العقد التنجيز، فلو علقه على شرط أو مجي ء زمان بطل. نعم لو علقه على أمر محقق الحصول كما إذا قال في يوم الجمعة «أنكحت إذا كان اليوم يوم الجمعة» لم يبعد الصحة (4) و كذا لو علقه على أمر كان صحة العقد متوقفة عليه، كما إذا قالت «إذا صح نكاحي معك و لم أكن أختك فقد أنكحتك نفسي».


1- الأقوى عدم الصحة لكونه مغيرا، و صيرورته كالمنقول بعيد.
2- لا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بعقد من لا يكون عازفا بمعنى الجملة تفصيلا.
3- و تكفي العرفية منها.
4- مع علمه بأنه يوم الجمعة، و أما مع جهله فباطل.

ص: 154

[مسألة: 11 يشترط في العاقد المجري للصيغة البلوغ و العقل]

مسألة: 11 يشترط في العاقد المجري للصيغة البلوغ و العقل، فلا اعتبار بعقد الصبي و المجنون و لو أدواريا حال جنونه، سواء عقدا لنفسهما أو لغيرهما، على اشكال في الصبي إذا كان مميزا (1) قاصدا للمعنى و عقد لغيره وكالة أو فضولا و أجاز، بل و فيما إذا عقد لنفسه مع اذن الولي أو إجازته أو أجاز هو بعد البلوغ. و كذا يعتبر فيه القصد، فلا اعتبار بعقد الساهي و الغالط و السكران (2) و أشباههم.

[مسألة: 12 يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتازان عن غيرهما بالاسم أو الإشارة]

مسألة: 12 يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتازان عن غيرهما بالاسم أو الإشارة أو الوصف الموجب لذلك، فلو قال زوجتك إحدى بناتي أو قال زوجت بنتي فلانة من أحد بنيك أو من أحد هذين بطل. نعم يشكل فيما لو كانا معينين بحسب قصد المتعاقدين و متميزين في ذهنهما لكن لم يعيناهما عند إجراء الصيغة و لم يكن ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية مفهمة، كما إذا تقاولا و تعاهدا على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير و لكن في مقام إجراء الصيغة قال زوجت إحدى بناتي (3) من أحد بنيك و قبل الأخر.

[مسألة: 13 لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة يتبع العقد]

مسألة: 13 لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة يتبع العقد لما هو المقصود و يلغى ما وقع غلطا و خطأ، فإذا كان المقصود تزويج البنت الكبرى و تخيل ان اسمها فاطمة و كانت المسماة بفاطمة هي الصغرى و كانت الكبرى مسماة بخديجة و قال زوجتك الكبرى من بناتي فاطمة وقع العقد على الكبرى


1- لا يترك في المميز في الفروع المذكورة بترك إيقاعه، و مع إيقاعه فالأحوط عدم الاكتفاء به مع إرادة الإمساك، و مع ارادة التفريق فالأحوط الطلاق.
2- نعم في السكران ورد النص بالصحة إذا أجازت بعد الإفاقة، و لا بأس بالعمل به إذا لم يكن السكر بحيث لا التفات لها الى ما يقول، و أما معه فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد مع ارادة البقاء و الطلاق مع ارادة التفريق.
3- فلا يترك الاحتياط، و أما إذا قال في الفرض «زوجت بنتي» مع ارادة الكبرى و قرينة مفهمة فلا يبعد الصحة.

ص: 155

التي اسمها خديجة و يلغى تسميتها بفاطمة، و ان كان المقصود تزويج فاطمة و تخيل انها كبرى فتبين انها صغرى وقع العقد على المسماة بفاطمة و ألغي وصفها بأنها الكبرى، و كذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة و تخيل انها كبرى و اسمها فاطمة فقال زوجتك هذه و هي فاطمة و هي الكبرى من بناتي فتبين انها الصغرى و اسمها خديجة وقع العقد على المشار إليها، و يلغى الاسم و الوصف، و لو كان المقصود العقد على الكبرى فلما تخيل ان هذه المرأة الحاضرة هي تلك الكبرى قال زوجتك هذه و هي الكبرى وقع العقد على تلك الكبرى (1) و تلغى الإشارة و هكذا.

[مسألة: 14 لا إشكال في صحة التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من طرفين بتوكيل الزوج]

مسألة: 14 لا إشكال في صحة التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من طرفين بتوكيل الزوج أو الزوجة ان كانا كاملين أو بتوكيل وليهما إذا كانا قاصرين، و يجب على الوكيل ان لا يتعدى عما عينه الموكل من حيث الشخص و المهر و سائر الخصوصيات، فان تعدى كان فضوليا موقوفا على الإجازة، و كذا يجب عليه مراعاة مصلحة الموكل، فان تعدى و أتى بما هو خلاف المصلحة كان فضوليا. نعم لو عين خصوصية تعين و نفذ عمل الوكيل و ان كان ذلك على خلاف مصلحة الموكل.

[مسألة: 15 لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها ليس له أن يزوجها من نفسه إلا إذا صرحت بالتعميم]

مسألة: 15 لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها ليس له أن يزوجها من نفسه إلا إذا صرحت بالتعميم أو كان كلامها بحسب متفاهم العرف ظاهرا في العموم بحيث شمل نفسه أيضا.

[مسألة: 16 الأقوى جواز تولي شخص واحد في طرفي العقد]

مسألة: 16 الأقوى جواز تولي شخص واحد في طرفي العقد، بأن يكون موجبا و قابلا من الطرفين، أصالة من طرف و وكالة من آخر، أو ولاية من الطرفين أو وكالة عنهما أو بالاختلاف، و ان كان الأحوط مع الإمكان تولي الاثنين و عدم تولي شخص واحد للطرفين، خصوصا في تولي الزوج طرفي العقد أصالة من طرفه و وكالة


1- ان قصد الكبرى و يزعم انها حاضرة و قال هذه، و أما إذا قصد عقد هذه بخيال انها كبرى فالعقد وقع عليها دون الكبرى و صح مع إجازتها ان لم يكن مأذونا منها قبل ذلك.

ص: 156

عن الزوجة في عقد الانقطاع، فإنه لا يخلو من اشكال (1) فلا ينبغي فيه ترك الاحتياط.

[مسألة: 17 إذا وكلا وكيلا في العقد في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد ذلك الزمان]

مسألة: 17 إذا وكلا وكيلا في العقد في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد ذلك الزمان ما لم يحصل لهما العلم بإيقاعه و لا يكفي الظن. نعم لو أخبر الوكيل بالإيقاع كفى لان قوله حجة فيما و كل فيه.

[مسألة: 18 لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواما أو انقطاعا لا للزوج و لا للزوجة]

مسألة: 18 لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواما أو انقطاعا لا للزوج و لا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط، بل المشهور على بطلان العقد أيضا (2)، و قيل ببطلان الشرط دون العقد، و لا يخلو من قوة (3). و يجوز اشتراط الخيار في المهر (4) مع تعيين المدة، فلو فسخ ذو الخيار سقط المهر المسمى، فيكون كالعقد بلا ذكر المهر، فيرجع الى مهر المثل. هذا في العقد الدائم الذي لا يعتبر فيه ذكر المهر، و أما المتعة التي لا تصح بلا مهر فالظاهر أنه لا يصح فيها اشتراط الخيار في المهر.

[مسألة: 19 إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها حكم لهما بذلك]

مسألة: 19 إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها حكم لهما بذلك و ليس لأحد الاعتراض عليهما، من غير فرق بين كونهما بلديين معروفين أو غريبين. و أما إذا ادعى أحدهما الزوجية و أنكر الأخر فالبينة على المدعي و اليمين على من أنكر (5)، فإن كان للمدعي بينة حكم له و الا فيتوجه اليمين على المنكر، فان حلف سقط دعوى المدعي، و ان نكل عن اليمين ثبت دعواه، و ان رد اليمين على المدعي و حلف ثبت دعواه، و ان نكل سقطت. هذا بحسب موازين القضاء


1- لرواية محمولة على الكراهة أو غيرها من المحامل.
2- و هو الأقوى.
3- لو لا الإجماع على خلافه كما ادعاه الشيخ قدس سره في الخلاف.
4- كما هو المشهور لكن لا يخلو من كلام.
5- ان كان منكرا جزما، و ان كان يظهر الشك فالظاهر عدم السماع إلا بالبينة لعدم جواز الحلف مع الشك و لا الرد، من غير فرق بين كون المنكر زوجا أو زوجة.

ص: 157

و قواعد الدعوى، و أما بحسب الواقع فيجب على كل منهما العمل على ما هو تكليفه بينه و بين اللّٰه تعالى.

[مسألة: 20 إذا رجع المنكر عن إنكاره إلى الإقرار يسمع منه و يحكم بالزوجية بينهما]

مسألة: 20 إذا رجع المنكر عن إنكاره إلى الإقرار يسمع منه و يحكم بالزوجية بينهما و ان كان ذلك بعد الحلف على الأقوى (1).

[مسألة: 21 إذا ادعى رجل زوجية امرأة و أنكرت فهل لها ان تتزوج من غيره]

مسألة: 21 إذا ادعى رجل زوجية امرأة و أنكرت فهل لها ان تتزوج من غيره و للغير أن يتزوجها قبل فصل الدعوى و الحكم ببطلان دعوى المدعي أم لا؟

وجهان أقواهما الأول، خصوصا فيما لو تراخى المدعي في الدعوى أو سكت عنها حتى طال الأمر عليها، و حينئذ ان أقام المدعي بعد العقد عليها بينة حكم له بها و بفساد العقد عليها، و ان لم تكن بينة يتوجه اليمين (2) على المعقود عليها، فان حلفت بقيت على زوجيتها و سقطت دعوى المدعي، و كذا لو ردت اليمين الى المدعي و نكل عن اليمين. و انما الإشكال فيما إذا نكلت عن اليمين أو ردت اليمين الى المدعي و حلف، فهل يحكم بسببهما على فساد العقد عليها فيفرق بينها و بين زوجها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني، لكن إذا طلقها الذي عقد عليها أو مات عنها زال المانع، فترد على المدعي بسبب نكولها عن اليمين أو اليمين المردودة.

[مسألة: 22 يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خلية من الزوج مع احتمال صدقها من غير فحص]

مسألة: 22 يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خلية من الزوج مع احتمال صدقها من غير فحص حتى فيما إذا كانت ذات بعل سابقا فادعت طلاقها أو موته (3). نعم لو كانت متهمة في دعواها فالأحوط الفحص عن حالها، فمن غاب غيبة منقطعة لم يعلم موته و حياته إذا ادعت زوجته حصول العلم لها بموته من الأمارات و القرائن و اخبار المخبرين جاز تزويجها و ان لم يحصل العلم بقولها، و يجوز للوكيل ان يجري العقد عليها إذا لم يعلم كذبها في دعوى العلم، و لكن الأحوط الترك خصوصا إذا كانت متهمة.


1- بناء على عدم كون الحلف فسخا كما احتمله بعض.
2- الظاهر عدم سماع الدعوى فيها و في نظائرها بلا بينة.
3- الأحوط عدم الاعتماد إلا في دعواها انها خلية مع احتمال صدقها.

ص: 158

[مسألة: 23 إذا تزوج بامرأة تدعي أنها خلية عن الزوج فادعى رجل آخر زوجيتها]

مسألة: 23 إذا تزوج بامرأة تدعي أنها خلية عن الزوج فادعى رجل آخر زوجيتها، فهذه الدعوى متوجهة على كل من الزوج و الزوجة، فان اقام المدعي بينة شرعية حكم له عليهما و فرق بينهما و سلمت اليه، و مع عدم البينة توجه اليمين عليهما، فان حلفا معا على عدم زوجيته سقطت دعواه عليهما، و ان نكلا عن اليمين أو رداها عليه و حلف ثبت مدعاه، و ان حلف أحدهما دون الأخر- بأن نكل عن اليمين أو رد اليمين على المدعي فحلف- سقط دعواه بالنسبة إلى الحالف، و أما بالنسبة إلى الأخر و ان ثبت دعوى المدعي بالنسبة إليه لكن ليس لهذا الثبوت أثر بالنسبة الى من حلف، فان كان الحالف هو الزوج و الناكل هي الزوجة ليس لنكولها أثر بالنسبة إلى الزوج، الا أنه لو طلقها أو مات عنها ردت الى المدعي، و ان كان الحالف هي الزوجة و الناكل هو الزوج سقطت دعوى المدعي بالنسبة إليها، و ليس له سبيل إليها على كل حال

[مسألة: 24 إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك انها كانت ذات بعل لم يسمع دعواها]

مسألة: 24 إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك انها كانت ذات بعل لم يسمع دعواها (1). نعم لو أقامت البينة على ذلك فرق بينهما، و يكفي في ذلك أن تشهد بأنها ذات بعل من غير تعيين زوج معين (2).

[مسألة: 25 يشترط في صحة العقد الاختيار، أعني اختيار الزوجين]

مسألة: 25 يشترط في صحة العقد الاختيار، أعني اختيار الزوجين، فلو أكرها أو أكره أحدهما على الزواج لم يصح. نعم لو لحقه الرضا فيما بعد ذلك صح على الأقوى.


1- نعم لو ادعت ذلك قبل الدخول فالأحوط للزوج التفحص و ان كان الأقوى عدم لزومه.
2- بل اللازم أن تشهد بأنها ذات بعل غير هذا الرجل أو كانت ذات بعل حين وقع عليه عقد ذات الرجل.

ص: 159

[ (فصل) في أولياء العقد]

اشارة

(فصل) في أولياء العقد

[مسألة: 1 للأب و الجد من طرف الأب- بمعنى أب الأب فصاعدا- ولاية على الصغير و الصغيرة]

مسألة: 1 للأب و الجد من طرف الأب- بمعنى أب الأب فصاعدا- ولاية على الصغير و الصغيرة و المجنون المتصل جنونه بالبلوغ، و أما المنفصل عنه ففيه اشكال (1)، و لا ولاية للأم عليهم و للجد من طرف الام و لو من قبل أم الأب، بأن كان أبا لأم الأب مثلا، و لا للأخ و العم و الخال و أولادهم.

[مسألة: 2 ليس للأب و الجد للأب ولاية على البالغ الرشيد]

مسألة: 2 ليس للأب و الجد للأب ولاية على البالغ الرشيد و لا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيبة، و أما إذا كانت بكرا ففيه أقوال: استقلالها و عدم الولاية لهما عليها مستقلا و لا منضما، و استقلالهما و عدم سلطنة و ولاية لها كذلك، و التشريك بمعنى اعتبار اذن الولي و اذنها معا، و التفصيل بين الدوام و الانقطاع اما باستقلالها في الأول دون الثاني أو العكس. و الأقوى هو القول الأول (2)، و ان كان الأحوط شديدا الاستيذان منهما. نعم لا إشكال في سقوط اعتبار إذنهما ان منعاها من التزويج بمن هو كفؤ لها شرعا و عرفا مع ميلها، و كذا إذا كانا غائبين بحيث لا يمكن الاستيذان منهما مع حاجتها الى التزويج.

[مسألة: 3 ولاية الجد ليست منوطة بحياة الأب و لا موته]

مسألة: 3 ولاية الجد ليست منوطة بحياة الأب و لا موته، فعند وجودهما استقل كل منهما بالولاية، و إذا مات أحدهما اختصت بالآخر، و أيهما سبق في تزويج المولى عليه عند وجودهما لم يبق محل للآخر. و لو زوج كل منهما من شخص، فان علم السابق منهما فهو المقدم و لغا الأخر، و ان علم التقارن قدم عقد الجد و لغا عقد


1- الأقوى فيه ولاية الحاكم، و الأحوط الاستيذان من أحدهما أيضا.
2- و لكن لا يترك الاحتياط مع ذلك،

ص: 160

الأب. و كذا ان جهل تاريخ العقدين (1) فلا يعلم السبق و اللحوق و التقارن. و ان علم تاريخ أحدهما دون الأخر، فإن كان المعلوم تاريخ عقد الجد قدم على عقد الأب، و ان كان عقد الأب ففي تقدم أي منهما على الأخر إشكال (2) فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 4 يشترط في صحة تزويج الأب و الجد و نفوذه عدم المفسدة]

مسألة: 4 يشترط في صحة تزويج الأب و الجد و نفوذه عدم المفسدة و الا يكون العقد فضوليا كالأجنبي يتوقف صحته على اجازة الصغير بعد البلوغ، بل الأحوط مراعاة المصلحة.

[مسألة: 5 إذا وقع العقد من الأب أو الجد عن الصغير أو الصغيرة مع مراعاة ما يجب مراعاته]

مسألة: 5 إذا وقع العقد من الأب أو الجد عن الصغير أو الصغيرة مع مراعاة ما يجب مراعاته لا خيار لهما بعد بلوغهما، بل هو لازم عليهما.

[مسألة: 6 لو زوج الولي الصغيرة بدون مهر المثل أو زوج الصغير بأزيد منه]

مسألة: 6 لو زوج الولي الصغيرة بدون مهر المثل أو زوج الصغير بأزيد منه، فان كانت هناك مصلحة تقتضي ذلك صح العقد و المهر و لزم، و ان كانت المصلحة في نفس التزويج دون المهر فالأقوى صحة العقد و لزومه و بطلان المهر، بمعنى عدم نفوذه و توقفه على الإجازة بعد البلوغ، فإن أجاز استقر و الا رجع الى مهر المثل.

[مسألة: 7 السفيه المبذر لا يصح نكاحه إلا بإذن أبيه]

مسألة: 7 السفيه المبذر (3) لا يصح نكاحه إلا بإذن أبيه (4) أو جده أو الحاكم مع فقدهما، و تعيين المهر و المرأة إلى الولي. و لو تزوج بدون الاذن وقف على الإجازة، فان رأى المصلحة و أجاز جاز، و لا يحتاج إلى إعادة الصيغة.


1- بل فيه يجب الاحتياط عليها بترك التمكين لهما و ترك الازدواج مطلقا مع غيرهما قبل طلاقهما و مع أحدهما إلا بعد طلاق الأخر، و كذا يجب على الرجال الاحتياط قبل طلاقهما، و كذا على أحدهما بترك تزويجها الا بعد طلاق الأخر للعلم الإجمالي بكونها زوجة لأحدهما من دون معين لأحدهما و استصحاب عدم الزوجية لكل منهما، و يأتي في نظيره منه قدس سره الحكم بالقرعة مع عدم الطلاق.
2- يقدم عقد الأب في الفرض بلا اشكال موجه.
3- و كذا غير المبذر على الأحوط إذا كان سفيها في أمر التزويج.
4- إذا بلغ سفيها، و اما إذا عرض عليه السفه بعد البلوغ فأمره بيد الحاكم الشرعي و ان كان الأحوط الاستيذان منهما.

ص: 161

[مسألة: 8 إذا زوج الولي المولى عليه بمن له عيب لم يصح و لم ينفذ]

مسألة: 8 إذا زوج الولي المولى عليه بمن له عيب لم يصح (1) و لم ينفذ، سواء كان من العيوب الموجبة للخيار أو غيرها، ككونه منهمكا في المعاصي أو كونه شارب الخمر أو بذي ء اللسان سيئ الخلق و أمثال ذلك، إلا إذا كانت مصلحة ملزمة في تزويجه، و حينئذ لم يكن خيار الفسخ لا له و لا للمولى عليه إذا لم يكن العيب من العيوب المجوزة للفسخ، و ان كان منها فالظاهر ثبوت الخيار للمولى عليه بعد بلوغه.

[مسألة: 9 ينبغي بل يستحب للمرأة المالكة أمرها ان تستأذن أباها أو جدها]

مسألة: 9 ينبغي بل يستحب للمرأة المالكة أمرها ان تستأذن أباها أو جدها، و ان لم يكونا فأخاها، و ان تعدد الأخ قدمت الأكبر.

[مسألة: 10 لا ولاية للوصي، أي القيم من قبل الأب أو الجد على الصغير و الصغيرة]

مسألة: 10 لا ولاية للوصي، أي القيم من قبل الأب أو الجد على الصغير و الصغيرة، و ان نص له الموصى على النكاح على الأظهر (2).

[مسألة: 11 ليس للحاكم ولاية في النكاح على الصغير ذكرا كان أو أنثى مع فقد الأب و الجد]

مسألة: 11 ليس للحاكم (3) ولاية في النكاح على الصغير ذكرا كان أو أنثى مع فقد الأب و الجد. نعم لو قضت الحاجة و الضرورة و المصلحة اللازمة المراعاة على النكاح بحيث ترتبت على تركه مفسدة يلزم التحرز عنها كانت له الولاية من باب الحسبة، و كذا له الولاية حينئذ على من بلغ فاسد العقل أو تجدد فساد عقله و لم يكن له أب و لا جد (4).

[مسألة: 12 للمولى أن يزوج مملوكه بغيره]

مسألة: 12 للمولى أن يزوج مملوكه بغيره ذكرا كان أو أنثى صغيرا كان


1- و يكون فضوليا، من غير فرق بين علم الولي بالعيب أو جهله بعد ما انكشفت المفسدة في ذلك العقد، و احتمال كفاية مراعاته بحسب نظره في صحة العقد و لو انكشف خلافه بعيد لا يعبأ به.
2- بل الأحوط.
3- الأحوط لغير الأب و الجد من الأولياء عدم تزويج الصغير أو الصغيرة إلا مع الضرورة اللازمة المراعاة.
4- بل و ان كان له أب أو جد فيمن تجدد فساد عقله، لكن الأحوط حينئذ الاستيذان منهما و كذا من وصيهما لو كان.

ص: 162

أو كبيرا عاقلا كان أو مجنونا راغبا كان أو كارها، و لا خيار له معه.

[مسألة: 13 يشترط في ولاية الأولياء البلوغ و العقل و الحرية و الإسلام إذا كان المولى عليه مسلما]

مسألة: 13 يشترط في ولاية الأولياء البلوغ و العقل و الحرية و الإسلام إذا كان المولى عليه مسلما، فلا ولاية للصغير و الصغيرة على مملوكهما من عبد أو امة، بل الولاية حينئذ لوليهما، و كذا لا ولاية للأب و الجد إذا جنا، و ان جن أحدهما تختص الولاية بالآخر، و كذا لا ولاية للمملوك على ولده حرا كان أو عبدا، و كذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم، فتكون للجد إذا كان مسلما، و الظاهر ثبوت ولايته على ولده الكافر (1).

[مسألة: 14 العقد الصادر من غير الوكيل و الولي المسمى بالفضولي يصح مع الإجازة]

مسألة: 14 العقد الصادر من غير الوكيل و الولي المسمى بالفضولي يصح مع الإجازة، سواء كان فضوليا من الطرفين أو من أحدهما، و سواء كان المعقود عليه صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا، و سواء كان العاقد قريبا للمعقود عليه كالأخ و العم و الخال أو أجنبيا. و منه العقد الصادر من العبد أو الأمة لنفسهما بدون اذن المولى، و الصادر من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه، بأن أوقع الولي على خلاف المصلحة أو الوكيل على خلاف ما عينه الموكل.

[مسألة: 15 ان كان المعقود له ممن صح منه العقد لنفسه- بأن كان بالغا عاقلا حرا]

مسألة: 15 ان كان المعقود له ممن صح منه العقد لنفسه- بأن كان بالغا عاقلا حرا- فإنما يصح العقد الصادر من الفضولي بإجازته، و ان كان ممن لا يصح منه العقد و كان مولى عليه بأن كان صغيرا أو مجنونا أو مملوكا فإنما يصح اما بإجازة وليه في زمان قصوره أو إجازته بنفسه بعد كماله، فلو أوقع الأجنبي عقد على الصغير أو الصغير وقفت صحة عقده على إجازتهما له بعد بلوغهما و رشدهما ان لم يجز أبوهما أو جدهما في حال صغرهما، فأي من الإجازتين حصلت كفت. نعم يعتبر في صحة اجازة الولي ما اعتبر في صحة عقده، فلو أجاز العقد الواقع على خلاف مصلحة


1- ان لم يكن له جد مسلم و الا فالولاية له، و ان كانت امه مسلمة فالولاية للحاكم الشرعي ان لم يكن له ولى مسلم.

ص: 163

الصغير لغت اجازته و انحصر الأمر في إجازته بنفسه بعد بلوغه و رشده.

[مسألة: 16 ليست الإجازة على الفور، فلو تأخرت عن العقد بزمن طويل صحت]

مسألة: 16 ليست الإجازة على الفور، فلو تأخرت عن العقد بزمن طويل صحت، سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوعه أو لأجل التروي أو للاستشارة أو غير ذلك.

[مسألة: 17 لا أثر للإجازة بعد الرد، و كذا لا أثر للرد بعد الإجازة فيها يلزم العقد و به ينفسخ]

مسألة: 17 لا أثر للإجازة بعد الرد، و كذا لا أثر للرد بعد الإجازة فيها يلزم العقد و به ينفسخ، سواء كان السابق من الرد أو الإجازة واقعا من المعقود له أو وليه، فلو أجاز أو رد ولي الصغير من العقد الواقع عليهما فضولا ليس لهما بعد البلوغ رد في الأول و لا اجازة في الثاني.

[مسألة: 18 إذا كان أحد الزوجين كارها حال العقد لكن لم يصدر منه رد له]

مسألة: 18 إذا كان أحد الزوجين كارها حال العقد لكن لم يصدر منه رد له فالظاهر انه يصح لو أجاز بعد ذلك. نعم لو استؤذن فنهى و لم يأذن و مع ذلك أوقع الفضولي العقد يشكل صحته بالإجازة (1)، و لا يقاس بما إذا كان مكرها على الزواج فعقد لنفسه بالمباشرة أو بتوكيل الغير، و قد مر أن الأقوى صحته إذا لحقه الرضا.

[مسألة: 19 يكفي في الإجازة المصححة لعقد الفضولي كل ما دل على إنشاء الرضا بذلك العقد]

المسألة: 19 يكفي في الإجازة المصححة لعقد الفضولي كل ما دل على إنشاء الرضا بذلك العقد، بل يكفي الفعل الدال عليه.

[مسألة: 20 لا يكفي الرضا القلبي في صحة العقد و خروجه عن الفضولية و عدم الاحتياج إلى الإجازة]

المسألة: 20 لا يكفي الرضا القلبي في صحة العقد و خروجه عن الفضولية و عدم الاحتياج إلى الإجازة، فلو كان حاضرا حال العقد راضيا به الا أنه لم يصدر منه قول أو فعل يدل على رضاه فالظاهر أنه من الفضولي، فله أن لا يجيز و يرده. نعم في خصوص البكر إذا ظهر من حالها الرضا و انما سكتت و لم تنطق بالاذن لحيائها كفى ذلك و كان سكوتها اذنها، كما نطقت بذلك بعض الاخبار و أفتى به علماؤنا الأخيار.

[مسألة: 21 لا يعتبر في وقوع العقد فضوليا قصد الفضولية و لا الالتفات إليها]

مسألة: 21 لا يعتبر في وقوع العقد فضوليا قصد الفضولية و لا الالتفات إليها، بل المدار في الفضولية و عدمها على كون العقد بحسب الواقع صادرا عن غير من هو


1- بل الأقوى صحته إذا أجاز.

ص: 164

مالك للعقد أو عن مالكه و ان تخيل خلافه، فلو تخيل كونه وليا أو وكيلا و أوقع العقد فتبين خلافه كان من الفضولي و يصح بالإجازة، كما انه لو اعتقد أنه ليس بوكيل و لا ولي فأوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين خلافه صح العقد (1) و لزم بلا توقف على الإجازة.

[مسألة: 22 إذا زوج صغيران فضولا فإن أجاز وليهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف]

مسألة: 22 إذا زوج صغيران فضولا فإن أجاز وليهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف بأن أجاز ولي أحدهما قبل بلوغه فأجاز الأخر بعد بلوغه- ثبتت الزوجية و يترتب جميع أحكامها، و ان رد وليهما قبل بلوغهما أو رد ولي أحدهما قبل بلوغه أو ردا بعد بلوغهما أو رد أحدهما بعد بلوغه أو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة بطل العقد من أصله، بحيث لم يترتب عليه أثر أصلا من توارث و غيره من سائر الآثار. نعم لو بلغ أحدهما و أجاز ثم مات قبل بلوغ الأخر و اجازته يعزل من تركته مقدار ما يرث الأخر على تقدير الزوجية، فان بلغ و أجاز يدفع اليه لكن بعد ما يحلف على انه لم تكن اجازته للطمع في الإرث (2)، و ان لم يجز أو أجاز و لم يحلف على ذلك لم يدفع اليه بل يرد إلى الورثة. و الظاهر أن الحاجة الى الحلف انما هو فيما إذا كان متهما بأن اجازته لأجل الإرث، و اما مع عدمه- كما إذا أجاز مع الجهل بموت الأخر أو كان الباقي هو الزوج و كان المهر اللازم عليه على تقدير الزوجية أزيد مما يرث- يدفع اليه بدون الحلف.

[مسألة: 23 و كما يترتب الإرث على تقدير الإجازة و الحلف تترتب الآثار الأخر المترتبة على الزوجية أيضا من المهر]

مسألة: 23 و كما يترتب الإرث على تقدير الإجازة و الحلف تترتب الآثار الأخر المترتبة على الزوجية أيضا من المهر و حرمة الأم و البنت (3) و حرمتها على أب


1- إذا كان موافقا لما شرط عليه الموكل و مراعيا لمصلحة المولى عليه.
2- هذا ما عبر به الفقهاء قدست أسرارهم، و في الرواية «يحلف على أنه ما دعاه الى أخذ الميراث الا رضاه بالتزويج»، و الفرق بين التعبيرين واضح، و لعلهم استفادوا من الرواية ما عبروا به.
3- كلمة «البنت» من سهو القلم أو غلط النساخ.

ص: 165

الزوج و ابنه ان كانت الزوجة هي الباقية و غير ذلك، بل يمكن ان يقال بترتب تلك الآثار بمجرد الإجازة من غير حاجة الى الحلف و ان كان متهما، فيفكك بين الإرث و سائر الآثار على اشكال، خصوصا بالنسبة إلى استحقاق المهر إذا كانت الباقية هي الزوجة.

[مسألة: 24 الظاهر جريان هذا الحكم في كل مورد مات من لزم العقد من طرفه]

مسألة: 24 الظاهر جريان هذا الحكم في كل مورد مات من لزم العقد من طرفه و بقي من يتوقف زوجيته على اجازته، كما إذا زوج أحد الصغيرين الولي و زوج الأخر الفضولي فمات الأول قبل بلوغ الثاني و اجازته. نعم يشكل جريان الحكم فيما لو كانا كبيرين فأجاز أحدهما و مات قبل موت الثاني و اجازته، بل المتجه فيه بطلان العقد (1).

[مسألة: 25 إذا كان العقد فضوليا من أحد الطرفين كان لازما من طرف الأصيل]

مسألة: 25 إذا كان العقد فضوليا من أحد الطرفين كان لازما من طرف الأصيل، فلو كان هي الزوجة ليس لها ان تتزوج بالغير قبل ان يرد الأخر العقد و يفسخه، و هل يثبت في حقه تحريم المصاهرة قبل إجازة الأخر و رده فلو كان زوجا حرم عليه نكاح أم المرأة و بنتها و أختها و الخامسة ان كانت هي الرابعة؟ الأحوط ذلك (2).

[مسألة: 26 إذا رد المعقود أو المعقودة العقد الواقع فضولا صار العقد كأنه لم يقع]

مسألة: 26 إذا رد المعقود أو المعقودة العقد الواقع فضولا صار العقد كأنه لم يقع، سواء كان العقد فضوليا من الطرفين و رداه معا أو رده أحدهما، بل و لو أجاز أحدهما ورد الأخر أو من طرف واحد ورد ذلك الطرف فتحل المعقودة على أب المعقود و ابنه و تحل بنتها و أمها على المعقود، على اشكال في الأم (3).

[مسألة: 27 إذا زوج الفضولي امرأة لرجل من دون اطلاعها و تزوجت هي برجل آخر صح و لزم الثاني]

مسألة: 27 إذا زوج الفضولي امرأة لرجل من دون اطلاعها و تزوجت هي برجل آخر صح و لزم الثاني و لم يبق محل لإجازة الأول، و كذا لو زوج الفضولي


1- بل المتجه صحة العقد و جريان حكمه فيه كما في الصغيرتين.
2- و الأقوى خلافه على مختاره من كون الإجازة ناقلة، كما هو المختار عندنا حقيقة و ان قلنا بكونها كاشفة حكما.
3- لا إشكال في عدم حرمة الأم بعد الرد.

ص: 166

رجلا بامرأة من دون اطلاعه و زوج هو بأمها أو بنتها ثم علم.

[مسألة: 28 لو زوج فضوليان امرأة كل منهما برجل كانت بالخيار في إجازة أيهما شاءت]

مسألة: 28 لو زوج فضوليان امرأة كل منهما برجل كانت بالخيار في إجازة أيهما شاءت و ان شاءت ردتهما، سواء تقارن العقدان أو تقدم أحدهما على الأخر، و كذلك الحال فيما إذا زوج أحد الفضولين رجلا بامرأة و الأخر بأمها أو بنتها أو أختها فإن له إجازة أيهما شاء.

[مسألة: 29 لو وكلت رجلين في تزويجها فزوجها كل منهما برجل]

مسألة: 29 لو وكلت رجلين في تزويجها فزوجها كل منهما برجل، فان سبق أحدهما صح و لغا الأخر، و ان تقارنا بطلا معا، و ان لم يعلم الحال فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الأخر، و ان جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معا في حق كل من الزوجة و الزوجين، و ان علم عدم التقارن فيعلم إجمالا بصحة أحد العقدين و تكون المرأة زوجة لأحد الرجلين أجنبية عن أحدهما، فليس للزوجة أن تتزوج بغيرهما و لا للغير أن يتزوج بها لكونها ذات بعل قطعا. و اما حالها بالنسبة إلى الزوجين و حالهما بالنسبة إليها فالأولى أن يطلقاها (1) و يجدد النكاح عليها أحدهما برضاها، و ان تعاسرا و كان في التوقف الى أن يظهر الحال عسر و حرج على الزوجة أو لا يرجى ظهور الحال فالمتجه تعيين الزوج منهما بالقرعة (2)، فيحكم بزوجية من وقعت عليه.

[مسألة: 30 لو ادعى أحد الزوجين سبق عقده، فان صدقه الأخر و كذا الزوجة أو صدقه أحدهما]

مسألة: 30 لو ادعى أحد الزوجين سبق عقده، فان صدقه الأخر و كذا الزوجة أو صدقه أحدهما و قال الأخر لا أدري أو قال كلاهما لا أدري فالزوجة لمدعي السبق (3)،


1- و ان طلقها أحدهما و جدد الأخر نكاحها صح.
2- لكن الأحوط على الزوجة إرضاؤهما بالطلاق مع التمكن و لو بإعطاء شي ء لهما و صرف النظر عن الصداق، كما ان الأحوط عليهما الطلاق.
3- و ذلك لان وكيلها يدعى إيقاع العقد الصحيح و لا معارض له و قوله حجة فيبقى استصحاب عدم حصول علاقة الزوجية في الطرف الأخر من المعلوم بالإجمال بلا معارض.

ص: 167

و ان صدقه الأخر و لكن كذبته الزوجة كانت الدعوى بين الزوجة و كلا الزوجين، فالزوج الأول يدعي زوجيتها و صحة عقده و هي تنكر زوجيته و تدعى فساد عقده، و تنعكس الدعوى بينها و بين الزوج الثاني، حيث انه يدعى فساد عقده و هي تدعي صحته، ففي الدعوى الاولى تكون هي المدعية (1) و الزوج هو المنكر، و في الثانية بالعكس، فإن أقامت البينة على فساد الأول المستلزم لصحة الثاني (2) حكم لها بزوجيتها للثاني دون الأول، و ان أقام الزوج الثاني بينة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيتها له و ثبوتها للأول، و ان لم تكن بينة يتوجه الحلف الى الزوج الأول في الدعوى الاولى و الى الزوجة في الدعوة الثانية، فإن حلف الزوج الأول و نكلت الزوجة ثبتت زوجيتها للأول، و ان كان العكس- بأن حلفت هي دونه- حكم بزوجيتها للثاني، و ان حلفا معا فالمرجع هي القرعة.

و ان ادعى كل من الزوجين سبق عقده، فان قالت الزوجة لا أدري تكون الدعوى بين الزوجين، فإن أقام أحدهما بينة دون الأخر حكم له و كانت الزوجة له، و ان أقام كل منهما بينة تعارضت البينتان فيرجع الى القرعة فيحكم بزوجية من وقعت عليه، و ان لم تكن بينة يتوجه الحلف إليهما، فإن حلف أحدهما حكم له، و ان حلفا أو نكلا يرجع الى القرعة، و ان صدقت المرأة أحدهما كان أحد طرفي الدعوى من لم تصدقه الزوجة و الطرف الأخر الزوج الأخر مع الزوجة، فمع إقامة البينة من أحد الطرفين أو من كليهما الحكم كما مر. و أما مع عدمها و انتهاء الأمر إلى الحلف،


1- ان كان مصب الدعوى صحة العقد و عدمها دون السبق و عدمه الا بناء على القول بكفاية لازم الدعوى إذا كان ذا أثر شرعي.
2- على تقدير العلم بعدم المقارنة.

ص: 168

فإن حلف من لم تصدقه الزوجة يحكم له على كل من الزوجة و الزوج الأخر، و أما مع حلف من صدقته فلا يترتب على حلفه رفع دعوى الزوج الأخر على الزوجة بل لا بد من حلفها أيضا.

[المسألة: 31 لو زوج أحد الوكيلين عن الرجل له بامرأة و الأخر بنتها صح السابق و لغا اللاحق]

المسألة: 31 لو زوج أحد الوكيلين عن الرجل له بامرأة و الأخر بنتها صح السابق و لغا اللاحق، و مع التقارن بطلا معا، و ان لم يعلم السابق فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الأخر، و ان جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما يحكم ببطلان كليهما، و ان علم بعدم التقارن فقد علم بصحة أحد العقدين و بطلان أحدهما، فلا يجوز للزوج مقاربة واحدة منهما، كما انه لا يجوز لهما التمكين منه. نعم يجوز له النظر بالأم و لا يجب عليها التستر عنه للعلم بأنه إما زوجها أو زوج بنتها، و أما البنت فحيث انه لم يحرز زوجيتها و بنت الزوجة إنما يحل النظر إليها ان دخل بالأم و المفروض عدمه فلم يحرز ما هو سبب لحلية النظر إليها و يجب عليها التستر عنه. نعم لو فرض الدخول بالأم (1) و لو بالشبهة كان حالها حال الام.

[ (فصل) في أسباب التحريم]

اشارة

(فصل) في أسباب التحريم أعني ما بسببه يحرم و لا يصح تزويج الرجل بالمرأة و لا يقع الزواج بينهما، و هي أمور: النسب، و الرضاع، و المصاهرة و ما يلحق بها، و الكفر، و عدم الكفاءة، و استيفاء العدد، و الاعتداد، و الإحرام:

[القول في النسب]
اشارة

القول في النسب:

يحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء على سبعة أصناف من الرجال:


1- بعد العقد.

ص: 169

الام بما شملت الجدات عاليات و سافلات لأب كن أو لام، فتحرم المرأة على ابنها و على ابن ابنها و ابن ابن ابنها و على ابن بنتها و ابن بنت بنتها و ابن بنت ابنها و هكذا. و بالجملة تحرم على كل ذكر ينتمي إليها بالولادة، سواء كان بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط، و سواء كانت الوسائط ذكورا أو إناثا أو بالاختلاف.

و البنت بما شملت الحفيدة و لو بواسطة أو وسائط، فتحرم هي على أبيها بما شمل الجد لأب كان أو لام، فتحرم على الرجل بنته و بنت ابنه و بنت ابن ابنه و بنت بنته و بنت بنت بنته و بنت ابن بنته. و بالجملة كل أنثى تنتمي إليه بالولادة بواسطة أو وسائط ذكورا كانوا أو إناثا أو بالاختلاف.

و الأخت لأب كانت أو لام أو لهما.

و بنت الأخ، سواء كان لأب أو لام أو لهما، و هي كل مرأة تنتمي بالولادة إلى أخيه بلا واسطة أو معها و ان كثرت، سواء كان الانتماء اليه بالإباء أو الأمهات أو بالاختلاف، فتحرم عليه بنت أخيه و بنت ابنه و بنت ابن ابنه و بنت بنته و بنت بنت بنته و بنت ابن بنته و هكذا.

و بنت الأخت، و هي كل أنثى تنتمي إلى أخته بالولادة على النحو الذي ذكر في بنت الأخ و العمة، و هي أخت أبيه لأب أو لام أو لهما. و المراد بها ما يشمل العاليات، أعني عمة الأب أخت الجد للأب لأب أو لام أو لهما و عمة الأم أخت أبيها لأب أو لام أو لهما و عمة الجد للأب و الجد للأم و الجدة كذلك، فمراتب العمات مراتب الإباء، فهي كل أنثى هي أخت الذكر تنتمي إليك بالولادة من طرف أبيك أو أمك.

و الخالة، و المراد بها أيضا ما يشمل العاليات، فهي كالعمة الا انها أخت إحدى أمهاتك و لو من طرف أبيك و العمة أخت أحد آبائك و لو من طرف أمك، فأخت

ص: 170

جدتك للأب خالتك حيث انها خالة أبيك، و أخت جدك للأم عمتك حيث انها عمة أمك.

[مسألة: 1 لا تحرم عمة العمة و لا خالة الخالة ما لم تدخلا في عنواني العمة و الخالة و لو بالواسطة]

مسألة: 1 لا تحرم عمة العمة و لا خالة الخالة ما لم تدخلا في عنواني العمة و الخالة و لو بالواسطة، و هما قد تدخلان فيهما فتحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأب و أم أو لأب و لأبي أبيك أخت لأب أو أم أو لهما، فهذه عمة لعمتك بلا واسطة و عمة لك معها، و كما إذا كانت خالتك أختا لأمك لامها أو لامها و أبيها و كانت لأم أمك أخت، فهي خالة لخالتك بلا واسطة و خالة لك معها. و قد لا تدخلان فيهما فلا تحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأمة لا لأبيه و كانت لأبي الأخت أخت، فالأخت الثانية عمة لعمتك و ليس بينك و بينها نسب أصلا، و كما إذا كانت خالتك أختا لأمك لأبيها لا لامها و كانت لأم الأخت أخت، فهي خالة لخالتك و ليست خالتك و لو مع الواسطة، و كذلك أخت الأخ أو الأخت إنما تحرم إذا كانت أختا لا مطلقا، فلو كان لك أخ أو أخت لأبيك و كانت لامها بنت من زوج آخر فهي أخت لأخيك أو أختك و ليست أختا لك لا من طرف أبيك و لا من طرف أمك فلا تحرم عليك.

[مسألة: 2 النسب: إما شرعي]

مسألة: 2 النسب: إما شرعي، و هو ما كان بسبب وطي حلال ذاتا بسبب شرعي من نكاح أو ملك يمين أو تحليل و ان حرم لعارض من حيض أو صيام أو اعتكاف أو إحرام و نحوها، و يلحق به وطي الشبهة. و اما غير شرعي، و هو ما حصل بالسفاح و الزنا. و الأحكام المترتبة على النسب الثابتة في الشرع من التوارث و غيره و ان اختصت بالأول لكن الظاهر بل المقطوع أن موضوع حرمة النكاح أعم فيعم غير الشرعي، فلو زنى بامرأة فولدت منه ذكرا و أنثى حرمت المزاوجة بينهما، و كذا بين كل منهما و بين أولاد الزاني و الزانية الحاصلين بالنكاح الصحيح (1)، و كذا حرمت


1- أو الوطي بالشبهة أو الزنا و لو بامرأة أخرى، فلو زنى رجل بامرأتين فولدت إحداهما الذكر و الأخرى أنثى فهما أخ و أخت من أب واحد و يحرم ازدواجهما.

ص: 171

الزانية و أمها و أم الزاني و أختها على الذكر و حرمت الأنثى على الزاني و أبيه و أجداده و اخوته و أعمامه.

[مسألة: 3 المراد بوطي الشبهة الوطي الذي ليس بمستحق مع عدم العلم بالتحريم]

مسألة: 3 المراد بوطي الشبهة الوطي الذي ليس بمستحق مع عدم العلم بالتحريم (1)، كما إذا وطئ أجنبية باعتقاد أنها زوجته. و يلحق به وطي المجنون و النائم و شبههما، دون السكران إذا كان سكره بشرب المسكر عن عمد (2).

[القول في الرضاع]
اشارة

القول في الرضاع:

انتشار الحرمة بالرضاع يتوقف على شروط:

«الأول»- ان يكون اللبن حاصلا من وطي جائز (3) شرعا بسبب نكاح أو ملك يمين أو تحليل، و يلحق به وطي الشبهة (4) على الأقوى، فلو در اللبن من الامرأة من دون نكاح لم ينشر الحرمة، و كذا لو كان اللبن من زنا.

[مسألة: 1 لا يعتبر في النشر بقاء المرأة في حبال الرجل]

مسألة: 1 لا يعتبر في النشر بقاء المرأة في حبال الرجل، فلو طلقها الزوج أو مات عنها و هي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولدا نشر الحرمة، و ان تزوجت و دخل بها الزوج الثاني و لم تحمل منه أو حملت منه و كان اللبن بحاله لم ينقطع و لم تحدث فيه زيادة (5).

«الثاني»- ان يكون شرب اللبن بالامتصاص من الثدي، فلو وجر في حلقه اللبن أو شرب اللبن المحلوب من المرأة لم ينشر الحرمة.


1- بل مع اعتقاد الصحة جهلا بالموضوع أو الحكم.
2- يعنى مع معصية.
3- بالذات و ان كان حراما بالعرض كوطي الحائض أو الصائم أو المحرم.
4- فيه اشكال فلا يترك الاحتياط.
5- علم استنادها الى الحمل و بدونه ينشر الحرمة و ان كان ذلك محتملا.

ص: 172

«الثالث»- ان تكون المرضعة حية، فلو ماتت في أثناء الرضاع و أكمل النصاب حال موتها و لو رضعة لم ينشر الحرمة.

«الرابع»- ان يكون المرتضع في أثناء الحولين و قبل استكمالهما، فلا عبرة برضاعة بعدهما. و لا يعتبر الحولان في ولد المرضعة على الأقوى، فلو وقع الرضاع بعد كمال حولية نشر الحرمة (1) إذا كان قبل حولي المرتضع.

[مسألة: 2 المراد بالحولين أربع و عشرون شهرا هلاليا من حين الولادة]

مسألة: 2 المراد بالحولين أربع و عشرون شهرا هلاليا من حين الولادة، و لو وقعت في أثناء الشهر يكمل من الشهر الخامس و العشرين ما مضى من الشهر الأول على الأظهر، فلو تولد في العاشر من شهر تكمل حولاه في العاشر من الخامس و العشرين.

«الشرط الخامس»- الكمية، و هي بلوغه حدا معينا، فلا يكفي مسمى الرضاع و لا رضعة كاملة. و له في الاخبار و عند فقهائنا الأخيار تحديدات و تقديرات ثلاثة: الأثر، و الزمان، و العدد. و أي واحد منها حصل كفى في نشر الحرمة: فأما الأثر فهو أن يرضع بمقدار نبت اللحم و شد العظم، و اما الزمان فهو أن يرتضع من المرأة يوما و ليلة مع اتصالهما بأن يكون غذاؤه في هذه المدة منحصرا بلبن المرأة، و اما العدد فهو ان يرتضع منها خمس عشرة رضعة كاملة.

[مسألة: 3 المعتبر في انبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع في حصولهما على وجه ينسبان اليه]

مسألة: 3 المعتبر في انبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع في حصولهما على وجه ينسبان اليه، فلو فرض ضم السكر و نحوه اليه على نحو ينسبان إليهما أشكل ثبوت التحريم، كما أن المدار على الإنبات و الشد المعتد به منهما على مبان يصدقان عرفا و لا يكفي حصولهما بالدقة العقلية، و إذا شك في حصولهما بهذه المرتبة أو في استقلال الرضاع في حصولهما يرجع الى التقديرين الآخرين.


1- فيه تأمل فلا يترك الاحتياط.

ص: 173

[مسألة: 4 يعتبر في التقدير بالزمان ان يكون غذاؤه في اليوم و الليلة منحصرا باللبن]

مسألة: 4 يعتبر في التقدير بالزمان ان يكون غذاؤه في اليوم و الليلة منحصرا باللبن (1)، و لا يقدح شرب الماء للعطش و لا ما يأكل أو يشرب دواء، و الظاهر كفاية التلفيق في التقدير بالزمان لو ابتدأ بالرضاع في أثناء الليل أو النهار.

[مسألة: 5 يعتبر في التقدير بالعدد أمور]

مسألة: 5 يعتبر في التقدير بالعدد أمور:

منها: كمال الرضعة، بأن يروى الصبي و يصدر من قبل نفسه، و لا تحسب الرضعة الناقصة، و لا تضم الناقصات بعضها ببعض، بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات مثلا واحدة. نعم لو التقم الصبي الثدي ثم رفضه لا بقصد الاعراض بأن كان للتنفس أو الالتفات الى ملاعب أو الانتقال من ثدي إلى آخر أو غير ذلك كان الكل رضعة واحدة.

و منها: توالي الرضعات، بأن لا يفصل بينها رضاع امرأة أخرى (2). و لا يقدح في التوالي تخلل غير الرضاع من المأكول و المشروب و ان تغذى به.

و منها: ان يكون كمال العدد من امرأة واحدة، فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة و أكملها من امرأة أخرى لم ينشر الحرمة، و ان اتحد الفحل فلا تكون واحدة من المرضعتين اما للمرتضع و لا الفحل أبا له.

و منها: اتحاد الفحل، بأن يكون تمام العدد من لبن فحل واحد، و لا يكفي اتحاد المرضعة، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات ثم طلقها الفحل و تزوجت بآخر و حملت منه ثم أرضعت ذلك الطفل من لبن الفحل الثاني تكملة العدد من دون تخلل رضاع امرأة أخرى (3) في البين- بأن يتغذى الولد في هذه المدة المتخللة بالمأكول و المشروب- لم ينشر الحرمة.


1- حسب ما يتعارف في الرضيع، فلا يضر تناول شي ء قليل بنحو يتعارف فيه كثيرا.
2- و لو ناقصا على الأحوط.
3- و لو ناقصا على الأحوط.

ص: 174

[مسألة: 6 ما ذكرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة]

مسألة: 6 ما ذكرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة، فلو انتفى بعضها لا أثر له و ليس بناشر لها أصلا حتى بين الفحل و المرتضعة، و كذا بين المرتضع و المرضعة فضلا عن الأصول و الفروع و الحواشي. و في الرضاع شرط آخر زائد على ما مر مختص بنشر الحرمة بين المرتضعين، و هو اتحاد الفحل الذي ارتضع المرتضعان من لبنه، فلو ارتضع صبيي من امرأة من لبن شخص رضاعا كاملا و ارتضعت صبية من تلك المرأة من لبن شخص آخر كذلك- بأن طلقها الأول و زوجها الثاني و صارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعا كاملا- لم تحرم الصبية على ذلك الصبي و لا فروع أحدهما على الأخر، بخلاف ما إذا كان الفحل و صاحب اللبن واحدا و تعددت المرضعة، كما إذا كانت لشخص نسوة متعددة و أرضعت كل واحدة منهن من لبنه طفلا رضاعا كاملا، فإنه يحرم بعضهم على بعض و على فروعه لحصول الاخوة الرضاعية بينهم.

[مسألة: 7 إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا]

مسألة: 7 إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا و اما للمرتضع و أصولهما أجدادا و جدات و فروعهما اخوة و أولاد اخوة له و من في حاشيتهما و في حاشية أصولهما أعماما أو عمات و أخوالا أو خالات له، و صار هو أعني المرتضع ابنا أو بنتا لهما و فروعه احفادا لهما، و إذا تبين ذلك فكل عنوان نسبي محرم من العناوين السبعة المتقدمة إذا تحقق مثله في الرضاع يكون محرما: فالام الرضاعية كالأم النسبية، و البنت الرضاعية كالبنت النسبية و هكذا. فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلا حرمت المرضعة و أمها و أم الفحل على المرتضع للأمومة و المرتضعة و بناتها و بنات المرتضع على الفحل و على أبيه و أبي المرضعة للبنتية، و حرمت أخت الفحل و أخت المرضعة على المرتضع لكونهما عمة و خالة له، و المرتضعة على أخي الفحل و أخي المرضعة لكونها بنت أخ أو بنت أخت لهما، و حرمت بنات الفحل

ص: 175

على المرتضع و المرتضعة على أبنائه نسبيين كانوا أم رضاعيين و كذا بنات المرضعة على المرتضع و المرتضعة على ابنائها إذا كانوا نسبيين للاخوة. و أما أولاد المرضعة الرضاعيون ممن أرضعتهم بلبن فحل آخر غير الفحل الذي ارتضع المرتضع بلبنه لم يحرموا على المرتضع، لما مر من اشتراط اتحاد الفحل في نشر الحرمة بين المرتضعين.

[مسألة: 8 تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه في الجملة]

مسألة: 8 تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه في الجملة، فقد تحصل من دون دخالة غيره فيها كعلاقة الأبوة و الأمومة و الابنية و البنتية الحاصلة بين الفحل و المرضعة و بين المرتضع، و كذا الحاصلة بينه و بين أصولهما الرضاعيين، كما إذا كان لهما أب أو أم من الرضاعة حيث انهما جد و جدة للمرتضع من جهة الرضاع محضا، و قد تحصل به مع دخالة النسب في حصولها كعلاقة الاخوة الحاصلة بين المرتضع و أولاد الفحل و المرضعة النسبيين، فإنهم و ان كانوا منسوبين إليهما بالولادة الا أن إخوتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع، فهم اخوة أو أخوات له من الرضاعة.

توضيح ذلك: ان النسبة بين شخصين قد تحصل بعلاقة واحدة كالنسبة بين الولد و والده و والدته، و قد تحصل بعلاقتين كالنسبة بين الأخوين فإنها تحصل بعلاقة كل منهما مع الأب أو الأم أو كليهما، و كالنسبة بين الشخص وجده الأدنى فإنها تحصل بعلاقة بينه و بين أبيه مثلا و علاقة بين أبيه و بين جده، و قد تحصل بعلاقات ثلاث كالنسبة بين الشخص و بين جده الثاني، و كالنسبة بينه و بين عمه الأدنى فإنه تحصل بعلاقة بينك و بين أبيك و بعلاقة كل من أبيك و أخيه مع أبيهما مثلا، و هكذا تتصاعد و تتنازل النسب و تنشعب بقلة العلاقات و كثرتها، حتى انه قد تتوقف نسبة بين شخصين على عشر علائق أو أقل أو أكثر. و إذا تبين ذلك، فان كانت تلك العلائق كلها حاصلة بالولادة كانت العلاقة نسبية، و ان حصلت كلها أو بعضها و لو واحدة من العشر بالرضاع

ص: 176

كانت العلاقة رضاعية.

[مسألة: 9 لما كانت المصاهرة التي هي أحد أسباب تحريم النكاح كما يأتي علاقة بين أحد الزوجين و بعض الأقرباء الأخر]

مسألة: 9 لما كانت المصاهرة التي هي أحد أسباب تحريم النكاح كما يأتي علاقة بين أحد الزوجين و بعض الأقرباء الأخر، فهي تتوقف على أمرين مزاوجة و قرابة، و الرضاع انما يقوم مقام الثاني دون الأول، فمرضعة ولدك لا تكون بمنزلة زوجتك حتى تحرم أمها عليك، لكن الام و البنت الرضاعيتين لزوجتك تكونان كالأم و البنت النسبيين لها فتحرمان عليك، و كذلك حليلة الابن الرضاعي كحليلة الابن النسبي و حليلة الأب الرضاعي كحليلة الأب النسبي تحرم الاولى على أبيه الرضاعي و الثانية على ابنه الرضاعي.

[مسألة: 10 قد تبين مما سبق أن العلاقة الرضاعية المحضة قد تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع و بين المرضعة]

مسألة: 10 قد تبين مما سبق أن العلاقة الرضاعية المحضة قد تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع و بين المرضعة و صاحب اللبن، و قد تحصل برضاعين كالحاصلة بين المرتضع و بين أبوي الفحل و المرضعة الرضاعيين، و قد تحصل برضاعات متعددة. فإذا كان لصاحب اللبن مثلا أب من جهة الرضاع و كان لذلك الأب الرضاعي أيضا أب من الرضاع و كان للأخير أيضا أب من الرضاع و هكذا الى عشرة آباء كان الجميع أجدادا رضاعيين للمرتضع الأخير و جميع المرضعات جدات له، فان كانت أنثى حرمت على جميع الأجداد و ان كان ذكرا حرمت عليه جميع الجدات، بل لو كانت للجد الرضاعي الا على أخت رضاعية حرمت على المرتضع الأخير لكونها عمته العليا من الرضاع و لو كانت للمرضعة إلا بعد التي هي الجدة العليا للمرتضع أخت حرمت عليه لكونها خالته العليا من الرضاع.

[مسألة: 11 قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الاخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل]

مسألة: 11 قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الاخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل، و يتفرع على ذلك مراعاة هذا الشرط في العمومة و الخؤولة الحاصلتين بالرضاع أيضا، لأن العم و العمة أخ و أخت للأب و الخال و الخالة أخ و أخت للأم، فلو تراضع أبوك أو أمك مع صبية من امرأة فإن اتحد الفحل

ص: 177

كانت الصبية عمتك أو خالتك من الرضاعة بخلاف ما إذا لم يتحد، فحيث لم تحصل الاخوة الرضاعية بين أبيك أو أمك مع الصبية لم تكن هي عمتك أو خالتك فلم تحرم عليك.

[مسألة: 12 لا يجوز أن ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعا]

مسألة: 12 لا يجوز أن ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعا (1)، و كذا في أولاد المرضعة نسبا لا رضاعا، و أما أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن فيجوز نكاحهم في أولاد صاحب اللبن و في أولاد المرضعة (2) التي أرضعت أخاهم، و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

[مسألة: 13 إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثم أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلك الفحل]

مسألة: 13 إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثم أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلك الفحل، فتلك البنت و ان حرمت على ذلك الابن لكن تحل أخوات كل منهما لإخوة الأخر.

[مسألة: 14 الرضاع المحرم كما يمنع من النكاح لو كان سابقا يبطله لو حصل لاحقا]

مسألة: 14 الرضاع المحرم كما يمنع من النكاح لو كان سابقا يبطله لو حصل لاحقا، فلو كانت له زوجة صغيرة فأرضعته بنته أو أمه أو أخته أو بنت أخيه أو بنت أخته أو زوجة أخيه بلبنه رضاعا كاملا بطل نكاحها و حرمت عليه، لصيرورتها بالرضاع بنتا أو أختا أو بنت أخ أو بنت أخت له فحرمت عليه لاحقا كما كانت تحرم عليه سابقا. و كذا لو كانت له زوجتان صغيرة و كبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت عليه الكبيرة لأنها صارت أم زوجته، و كذلك الصغيرة ان كان رضاعها من لبنه أو دخل بالكبيرة (3) لكونها بنتا له في الأول و بنت زوجته المدخول بها في الثاني.


1- على الأحوط.
2- بل و نفس المرضعة أيضا و ان كانت أم أخيهم.
3- و ان كانت الكبيرة غير مدخول بها و كان اللبن من غير الزوج ففي بطلان نكاح الكبيرة لكونها أم الزوجة دون الصغيرة لأنها ربيبة من التي لم يدخل بها أو بطلان نكاحهما لحرمة الجمع احتمالان لا يترك الاحتياط بتجديد نكاح الصغيرة ان أراد البقاء و بالطلاق ان أراد التفريق.

ص: 178

[تنبيه]
اشارة

(تنبيه) إذا كان أخوان في بيت واحد مثلا و كانت زوجة كل منهما أجنبية عن الأخر و أرادا أن تصير زوجة كل منهما من محارم الأخر حتى يحل له النظر إليها، يمكن لهما الاحتيال بأن يتزوج كل منهما بصبية و ترضع زوجة كل منهما زوجة الأخر رضاعا كاملا فصارت زوجة كل منهما أما لزوجة الأخر فصارت من محارمه و حل نظره إليها و بطل نكاح كلتا الصبيتين لصيرورة كل منهما بالرضاع بنت أخي زوجها.

[مسألة: 1 إذا أرضعت امرأة ولد بنتها- و بعبارة أخرى أرضعت الولد جدته من طرف الام- حرمت بنتها أم الولد على زوجها]

مسألة: 1 إذا أرضعت امرأة ولد بنتها- و بعبارة أخرى أرضعت الولد جدته من طرف الام- حرمت بنتها أم الولد على زوجها و بطل نكاحها، سواء أرضعته بلبن أبي البنت أو بلبن غيره، و ذلك لان زوج البنت أب للمرتضع و زوجته بنت للمرضعة جدة الولد، و قد مر أنه يحرم على أبي المرتضع نكاح أولاد المرضعة، فإذا منع منه سابقا أبطله لاحقا، و كذا إذا أرضعت زوجة أبي البنت من لبنه ولد البنت بطل نكاح البنت، لما مر من انه يحرم نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن. و أما الجدة من طرف الأب إذا أرضعت ولد أبيها فلا يترتب عليه شي ء، كما أنه لو كان رضاع الجدة من طرف الام ولد بنتها بعد وفاة بنتها أو طلاقها أو وفاة زوجها لم يترتب عليه شي ء (1) فلا مانع منه.

[مسألة: 2 لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت جدتهما من طرف الأب أو الأم أحدهما انفسخ نكاحهما]

مسألة: 2 لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت جدتهما من طرف الأب أو الأم أحدهما انفسخ نكاحهما، لان المرتضع ان كان هو الذكر فإن أرضعته جدته من طرف الأب صار عما لزوجته، و ان أرضعته جدته من طرف الام صار خالا لزوجته، و ان كان هو الأنثى صارت هي عمة لزوجها على الأول و خالة له على الثاني، فبطل النكاح على أي حال.


1- من بطلان النكاح، لكن يترتب عليه حرمة المطلقة و أختها و أخت المتوفّاة.

ص: 179

[مسألة: 3 إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح، فاما ان يبطل نكاح المرضعة بإرضاعها]

مسألة: 3 إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح، فاما ان يبطل نكاح المرضعة بإرضاعها كما في إرضاع الزوجة الكبيرة لشخص زوجته الصغيرة بالنسبة إلى نكاحها، و اما ان يبطل نكاح المرتضعة كالمثال بالنسبة إلى نكاح الصغيرة، و اما ان يبطل نكاح غيرهما كما في إرضاع الجدة من طرف الام ولد بنتها. و الظاهر بقاء استحقاق الزوجة للمهر في الجميع إلا في الصورة الأولى (1) فيما إذا كان الإرضاع و انفساخ العقد قبل الدخول، و هل تضمن المرضعة ما يغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فيما إذا كان إرضاعها مبطلا لنكاح غيرها؟ قولان أقواهما العدم، و الأحوط التصالح (2).

[مسألة: 4 قد سبق ان العناوين المحرمة من جهة الولادة و النسب سبعة]

مسألة: 4 قد سبق ان العناوين المحرمة من جهة الولادة و النسب سبعة:

الأمهات، و البنات، و الأخوات، و العمات، و الخالات، و بنات الأخ، و بنات الأخت.

فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوين كان محرما كالحاصل بالولادة، و قد عرفت فيما سبق كيفية حصولها بالرضاع مفصلا، و أما لو لم يحصل بسببه أحد تلك العناوين السبعة لكن حصل عنوان خاص لو كان حاصلا بالولادة لكان ملازما و متحدا مع أحد تلك العناوين السبعة، كما لو أرضعت امرأة ولد بنته فصارت أم ولد بنته و أم ولد البنت ليست من تلك السبع، لكن لو كانت أمومة ولد البنت بالولادة كانت بنتا له و البنت من المحرمات السبعة، فهل مثل هذا الرضاع أيضا محرم فتكون مرضعة ولد البنت كالبنت أم لا؟ الحق هو الثاني، و قيل بالأول. و هذا هو الذي اشتهر في الألسنة بعموم المنزلة الذي ذهب اليه بعض الأجلة، و لنذكر لذلك أمثلة:

أحدها- زوجتك أرضعت بلبنك أخاها فصار ولدك و زوجتك أخت له، فهل تحرم عليك من جهة ان أخت ولدك اما بنتك أو ربيبتك و هما محرمتان عليك و زوجتك


1- الحكم بسقوط المهر في تلك الصورة مشكل فلا يترك الاحتياط بالمصالحة.
2- لا يترك.

ص: 180

بمنزلتهما أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

ثانيها- زوجتك أرضعت بلبنك ابن أخيها فصار ولدك و هي عمته و عمة ولدك حرام عليك لأنها أختك، فهل تحرم من الرضاع أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

ثالثها- زوجتك أرضعت عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها فصارت أمهم و أم عم و عمة زوجتك حرام عليك حيث انها جدتها من الأب و كذا أم خال و خالة زوجتك حرام عليك حيث انها جدتها من الام، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

رابعها- زوجتك أرضعت بلبنك ولد عمها أو ولد خالها فصرت أبا ابن عمها أو أبا ابن خالها و هي تحرم على أبي ابن عمها و أبي ابن خالها لكونهما عمها و خالها، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

خامسها- امرأة أرضعت أخاك أو أختك لأبويك فصارت اما لهما و هي محرمة في النسب لأنها أم لك، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع و يبطل نكاح المرضعة ان كانت زوجتك أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

سادسها- امرأة أرضعت ولد بنتك فصارت اما له، فهل تحرم عليك لكونها بمنزلة بنتك و ان كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

سابعها- امرأة أرضعت ولد أختك فصارت أما له فهل تحرم عليك من جهة ان أم ولد الأخت حرام عليك لأنها أختك و ان كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

ثامنها- امرأة أرضعت عمك أو عمتك أو خالك أو خالتك فصارت أمهم و أم

ص: 181

عمك و عمتك نسبا تحرم عليك لأنها جدتك من طرف أبيك و كذا أم خالك و خالتك لأنها جدتك من طرف الام، فهل تحرم عليك بسبب الرضاع و ان كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

[مسألة: 5 لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية بنى على العدم]

مسألة: 5 لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية بنى على العدم. نعم يشكل فيما لو علم بوقوع الرضاع بشروطه و لم يعلم بوقوعه في الحولين أو بعدهما و علم تاريخ الرضاع و جهل تاريخ ولادة المرتضع، فحينئذ لا يترك الاحتياط.

[مسألة: 6 لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة]

مسألة: 6 لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة، بأن يشهد الشهود على الارتضاع في الحولين بالامتصاص من الثدي خمس عشرة رضعة متواليات مثلا، الى آخر ما مر من الشروط. و لا يكفي الشهادة المطلقة و المجملة، بأن يشهد على وقوع الرضاع المحرم أو يشهد مثلا على ان فلان ولد فلانة أو فلانة بنت فلان من الرضاع، بل يسأل منه التفصيل.

[مسألة: 7 الأقوى أنه تقبل شهادة النساء العادلات في الرضاع مستقلات]

مسألة: 7 الأقوى أنه تقبل شهادة النساء العادلات في الرضاع مستقلات، بأن تشهد أربع نسوة عليه، و منضمات بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد.

[مسألة: 8 يستحب أن يختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة ذات الأوصاف الحسنة]

مسألة: 8 يستحب أن يختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة ذات الأوصاف الحسنة، فإن للبن تأثيرا تاما في المرتضع، كما يشهد به الاختبار و نطقت به الاخبار و الآثار:

فعن الباقر عليه السلام: قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله: لا تسترضعوا الحمقاء و العمشاء، فان اللبن يعدي.

و عن أمير المؤمنين عليه السلام: لا تسترضعوا الحمقاء، فان اللبن يغلب الطباع.

و عنه عليه السلام: أنظروا من ترضع أولادكم، فإن الولد يشب عليه.

ص: 182

الى غير ذلك من الاخبار المستفاد منها رجحان اختيار ذوات الصفات الحميدة خلقا و خلقا، و مرجوحية اختيار اضدادهن و كراهته، و لا سيما الكافرة، و ان اضطر الى استرضاعها فليختر اليهودية و النصرانية على المشتركة و المجوسية، و مع ذلك لا يسلم الطفل إليهن و لا يذهبن بالولد الى بيوتهن و يمنعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير، و مثل الكافرة أو أشد كراهة استرضاع الزانية باللبن الحاصل من الزنا و المرأة المتولدة من زنا.

فعن الباقر عليه السلام: لبن اليهودية و النصرانية و المجوسية أحب الي من ولد الزنا.

و عن الكاظم عليه السلام سئل عن امرأة زنت هل يصلح ان تسترضع؟ قال:

لا يصلح و لا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا.

[القول في المصاهرة و ما يلحق بها]
اشارة

القول في المصاهرة و ما يلحق بها:

المصاهرة هي علاقة بين أحد الزوجين (1) مع أقرباء الأخر موجب لحرمة النكاح اما عينا أو جمعا على تفصيل يأتي:

[مسألة: 1 تحرم معقودة الأب على ابنه و بالعكس فصاعدا في الأول و نازلا في الثاني حرمة دائمية]

مسألة: 1 تحرم معقودة الأب على ابنه و بالعكس فصاعدا في الأول و نازلا في الثاني حرمة دائمية، سواء كان العقد دائميا أو انقطاعيا، و سواء دخل العاقد بالمعقودة أو لم يدخل بها، و سواء كان الأب و الابن نسبيين أو رضاعيين.

[مسألة: 2 إذا عقد على امرأة حرمت عليه أمها و ان علت نسبا أو رضاعا]

مسألة: 2 إذا عقد على امرأة حرمت عليه أمها و ان علت نسبا أو رضاعا، سواء دخلت بها أو لا، و سواء كان العقد دواما أو انقطاعا، و سواء كانت المعقودة صغيرة


1- بل و غيرهما مثل المالك و المملوكة و الزاني و الزانية و الواطى بالشبهة و موطوأتها و غيرها على ما يأتي تفصيله في طي المسائل.

ص: 183

أو كبيرة. نعم الأحوط (1) لو لم يكن الأقوى في العقد على الصغيرة انقطاعا أن تكون بالغة الى حد تقبل للاستمتاع و التلذذ بها و لو بغير الوطي، بأن كانت بالغة ست سنوات فما فوق مثلا أو يدخل في المدة بلوغها الى هذا الحد، فما تعارف من إيقاع عقد الانقطاع ساعة أو ساعتين على الصغيرة الرضيعة أو من يقاربها مريدين بذلك محرمية أمها على المعقود له في غاية الإشكال، من جهة الإشكال في صحة مثل هذا العقد حتى يترتب عليه حرمة أم المعقود عليها.

[مسألة: 3 إذا عقد على امرأة حرمت عليه بنتها و ان نزلت إذا دخل بالأم و لو دبرا]

مسألة: 3 إذا عقد على امرأة حرمت عليه بنتها و ان نزلت إذا دخل بالأم و لو دبرا، و أما إذا لم يدخل بها لم تحرم عليه بنتها عينا و انما تحرم عليه جمعا، بمعنى انها تحرم عليه ما دامت الأم في حباله، فإذا خرجت بموت أو طلاق أو غير ذلك جاز له نكاحها.

[مسألة: 4 لا فرق في حرمة بنت الزوجة بين أن تكون البنت موجودة في زمان زوجية الأم أو تولدت بعد خروجها عن الزوجية]

مسألة: 4 لا فرق في حرمة بنت الزوجة بين أن تكون البنت موجودة في زمان زوجية الأم أو تولدت بعد خروجها عن الزوجية، فلو عقد على امرأة و دخل بها ثم طلقها ثم تزوجت و ولدت من الزوج الثاني بنتا تحرم هذه البنت على الزوج الأول.

[مسألة: 5 لا إشكال في ترتب الحرمات الأربع على النكاح و الوطي الصحيحين]

مسألة: 5 لا إشكال في ترتب الحرمات الأربع على النكاح و الوطي الصحيحين، و هل تترتب على الزنا و وطي الشبهة أم لا؟ قولان أقواهما و أشهرهما أولهما، فلو زنى بامرأة حرمت على أبي الزاني و حرمت على الزاني أم المزني بها و بنتها، و كذلك الموطوءة بالشبهة. نعم الزنا الطارئ على التزويج لا يوجب الحرمة، سواء كان بعد الوطي أو قبله (2)، فلو تزوج بامرأة ثم زنى بأمها أو بنتها لم تحرم عليه امرأته، و كذا لو زنى الأب بامرأة الابن لم تحرم على الابن، و لو زنى الابن بامرأة الأب لم تحرم على أبيه.


1- بل الأقوى عدم اعتبار الشرط المذكور و صحة عقدها و لو لم تبلغ حد الاستمتاع ساعة أو ساعتين. نعم الاحتياط حسن.
2- لا يترك الاحتياط فيما إذا كان قبل الوطي و كذا في الوطي بالشبهة.

ص: 184

[مسألة: 6 لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل و الدبر]

مسألة: 6 لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل و الدبر (1).

[مسألة: 7 إذا علم بالزنا و شك في كونه سابقا على العقد أو طارئا بنى على الثاني]

مسألة: 7 إذا علم بالزنا و شك في كونه سابقا على العقد أو طارئا بنى على الثاني.

[مسألة: 8 إذا لمس امرأة أجنبية أو نظر إليها بشهوة حرمت الملموسة و المنظورة على أبي اللامس و الناظر]

مسألة: 8 إذا لمس امرأة أجنبية أو نظر إليها بشهوة حرمت الملموسة و المنظورة على أبي اللامس و الناظر و ابنهما على قول، بل قيل بحرمة أم المنظورة و الملموسة على الناظر و اللامس أيضا، و هذا و ان كان أحوط لكن الأقوى خلافه.

نعم لو كانت للأب جارية منظورة أو ملموسة له بشهوة (2) حرمت على ابنه، و كذا العكس على الأقوى.

[مسألة: 9 لا يجوز نكاح بنت الأخ على العمة و بنت الأخت على الخالة إلا بإذنهما]

مسألة: 9 لا يجوز نكاح بنت الأخ على العمة و بنت الأخت على الخالة إلا بإذنهما، من غير فرق بين كون النكاحين دائمين أو منقطعين أو مختلفين، و لا بين علم العمة و الخالة حال العقد و جهلهما، و لا بين اطلاعهما على ذلك و عدم اطلاعهما ابدا، فلو تزوجهما عليهما بدون إذنهما كان العقد الطارئ كالفضولي على الأقوى يتوقف صحته على إجازة العمة و الخالة، فإن أجازتا جاز و الا بطل. و يجوز نكاح العمة و الخالة على بنتي الأخ و الأخت و ان كانت العمة و الخالة جاهلتين، و ليس لهما الخيار لا في فسخ عقد أنفسهما و لا في فسخ عقد بنتي الأخ و الأخت على الأقوى.

[مسألة: 10 الظاهر أنه لا فرق في العمة و الخالة بين الدنيا منهما و العليا]

مسألة: 10 الظاهر أنه لا فرق في العمة و الخالة بين الدنيا منهما و العليا، كما انه لا فرق بين نسبيتين منهما و الرضاعيتين.

[مسألة: 11 إذا اذنتا ثم رجعتا عن الإذن، فإن كان رجوعهما بعد العقد لم يؤثر في البطلان]

مسألة: 11 إذا اذنتا ثم رجعتا عن الإذن، فإن كان رجوعهما بعد العقد لم يؤثر في البطلان، و ان كان قبله بطل الاذن السابق، فلو لم يبلغه الرجوع و تزوج اعتمادا عليه توقفت صحته على الإجازة اللاحقة.


1- و كذا في الوطي بالشبهة.
2- بل و ان لم يكونا بشهوة على الأحوط، الا إذا كان النظر الى ما لا يحرم لغير المالك النظر إليه.

ص: 185

[مسألة: 12 الظاهر أن اعتبار إذنهما ليس حقا لهما كالخيار حتى يسقط بالإسقاط]

مسألة: 12 الظاهر أن اعتبار إذنهما ليس حقا لهما كالخيار حتى يسقط بالإسقاط، فلو اشترط في ضمن عقدهما أن لا يكون لهما ذلك لم يؤثر شيئا، و لو اشترط عليهما أن يكون للزوج العقد على بنت الأخ أو الأخت ففي سقوط اعتبار إذنهما بذلك اشكال، فلا يترك الاحتياط (1).

[مسألة: 13 إذا تزوج بالعمة و ابنة الأخ و شك في السابق منهما حكم بصحة العقدين]

مسألة: 13 إذا تزوج بالعمة و ابنة الأخ و شك في السابق منهما حكم بصحة العقدين، و كذلك فيما إذا تزوج ببنت الأخ أو الأخت و شك في أنه هل كان عن اذن من العمة أو الخالة أم لا حكم بالصحة و حصول الاذن منهما.

[مسألة: 14 إذا طلق العمة أو الخالة]

مسألة: 14 إذا طلق العمة أو الخالة، فإن كان بائنا صح العقد على بنتي الأخ و الأخت بمجرد الطلاق، و ان كان رجعيا لم يجز الا بعد انقضاء العدة.

[مسألة: 15 لا يجوز الجمع في النكاح بين الأختين نسبيتين أو رضاعيتين دواما أو انقطاعا أو بالاختلاف]

مسألة: 15 لا يجوز الجمع في النكاح بين الأختين نسبيتين أو رضاعيتين دواما أو انقطاعا أو بالاختلاف، فلو تزوج بإحدى الأختين ثم تزوج بأخرى بطل العقد الثاني دون الأول، سواء دخل بالأولى أو لا. و لو اقترن عقدهما- بأن تزوجهما بعقد واحد أو عقد هو على إحداهما و وكيله على الأخرى في زمان واحد مثلا- بطلا معا.

[مسألة: 16 لو تزوج بالأختين و لم يعلم السابق و اللاحق من العقدين]

مسألة: 16 لو تزوج بالأختين و لم يعلم السابق و اللاحق من العقدين، فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الأخر، و ان جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معا و ان علم عدم الاقتران فقد علم إجمالا بصحة أحد العقدين و بطلان أحدهما، فلا يجوز له وطئهما و لا وطي إحداهما ما دام الاشتباه، فيحتمل تعيين السابق بالقرعة، لكن الأحوط (2) ان يطلقهما أو يطلق الزوجة الواقعية منهما ثم يتزوج من شاء منهما على اشكال في الثاني، و له أن يطلق إحداهما و يجدد العقد على الأخرى بعد


1- الظاهر ان الشرط المذكور يكون بمنزلة الإذن، فيصح العقد عليهما ان لم تظهرا الكراهة قبل العقد.
2- لا يترك.

ص: 186

انقضاء عدة الأولى إذا كانت مدخولا بها.

[مسألة: 17 لو طلقهما و الحال هذه، فان كان قبل الدخول فعليه للزوجة الواقعية نصف مهرها]

مسألة: 17 لو طلقهما و الحال هذه، فان كان قبل الدخول فعليه للزوجة الواقعية نصف مهرها، و ان كان بعد الدخول فلها عليه تمام مهرها، فان كان المهران مثليين و اتفقا جنسا و قدرا فقد علم من عليه الحق و مقدار الحق، و انما الاشتباه فيمن له الحق، و في غير ذلك يكون الاشتباه في الحق أيضا، فإن اصطلحوا بما تسالموا عليه فهو و الا فلا محيص الا عن القرعة، فمن خرجت عليها من الأختين كان لها نصف مهرها المسمى أو تمامه و لم تستحق الأخرى شيئا. نعم مع الدخول بها تفصيل لا يسعه هذا المختصر.

[مسألة: 18 الظاهر جريان حكم تحريم الجمع فيما إذا كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من زنا]

مسألة: 18 الظاهر جريان حكم تحريم الجمع فيما إذا كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من زنا.

[مسألة: 19 إذا طلق زوجته، فان كان الطلاق رجعيا لا يجوز و لا يصح نكاح أختها ما لم تنقض عدتها]

مسألة: 19 إذا طلق زوجته، فان كان الطلاق رجعيا لا يجوز و لا يصح نكاح أختها ما لم تنقض عدتها، و ان كان بائنا كالطلاق الثالث أو كانت المطلقة ممن لا عدة لها كالصغيرة و غير المدخولة و اليائسة جاز له نكاح أختها في الحال. نعم لو كانت متمتعة و انقضت مدتها أو وهب المدة لا يجوز له على الأحوط لو لم يكن أقوى نكاح أختها قبل انقضاء العدة و ان كانت بائنة.

[مسألة: 20 ذهب بعض الأخباريين إلى حرمة الجمع بين الفاطميتين في النكاح]

مسألة: 20 ذهب بعض الأخباريين إلى حرمة الجمع بين الفاطميتين في النكاح، و الحق جوازه و ان كان الترك أحوط و أولى، و لو قلنا بالحرمة فهي تكليفية لا يترتب عليها غير الإثم و المعصية من دون ان تؤثر في بطلان عقديهما، و القول به كما عن بعضهم و جعله كالجمع بين الأختين إفراط من القول ضعيف في الغاية.

[مسألة: 21 الأحوط ترك تزويج الحر للأمة دواما]

مسألة: 21 الأحوط ترك تزويج الحر للأمة دواما (1) إلا إذا لم يتمكن من مهر الحرة و شق عليه الصبر على الشبق بحيث خيف من الوقوع في الزنا فيجوز بلا اشكال.


1- بل و كذا متعة و مستند التفصيل غير معلوم.

ص: 187

[مسألة: 22 لا يجوز تزويج الأمة على الحرة إلا بإذنها]

مسألة: 22 لا يجوز تزويج الأمة على الحرة إلا بإذنها، فلو نكحها عليها تتوقف صحة عقد الأمة على إجازة الحرة، فإن أجازت جاز و الا بطل. و يجوز العكس، و هو نكاح الحرة على الأمة، فإن كانت الحرة عالمة بالحال لزم العقدان، و ان كانت جاهلة فلها الخيار في فسخ عقدها لا في فسخ عقد الأمة.

[مسألة: 23 لو زنت مرأة ذات بعل لم تحرم على زوجها]

مسألة: 23 لو زنت مرأة ذات بعل لم تحرم على زوجها، و لا يجب على زوجها ان يطلقها و ان كانت مصرة على ذلك.

[مسألة: 24 من زنى بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه ابدا]

مسألة: 24 من زنى بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه ابدا، سواء كانت حرة أو امة مسلمة كانت أو كافرة مدخولا بها من زوجها أو غيرها، فلا يجوز له نكاحها بعد موت زوجها أو زوال عقدها بطلاق أو فسخ أو انقضاء مدة و غيرها. و لا فرق على الظاهر بين أن يكون الزاني عالما بأنها ذات بعل أو لا، و لو كان مكرها على الزنا ففي لحوق الحكم إشكال (1).

[مسألة: 25 إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه ابدا كذات البعل دون البائنة و عدة الوفاة]

مسألة: 25 إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه ابدا كذات البعل دون البائنة و عدة الوفاة، و لو علم بأنها كانت في العدة و لم يعلم بأنها كانت رجعية أو بائنة فلا حرمة (2). نعم لو علم بكونها في عدة رجعية و شك في انقضائها فالظاهر الحرمة.

[مسألة: 26 من لاط بغلام فأوقبه و لو ببعض الحشفة حرمت عليه أبدا أم الغلام]

مسألة: 26 من لاط بغلام فأوقبه و لو ببعض الحشفة حرمت عليه أبدا أم الغلام و ان علت و بنته و ان نزلت و أخته، من غير فرق بين كونهما صغيرين أو كبيرين أو مختلفين، و لا تحرم على المفعول أم الفاعل و بنته و أخته على الأقوى، و الام و البنت و الأخت الرضاعيات للمفعول كالنسبيات.

[مسألة: 27 إنما يوجب اللواط حرمة المذكورات إذا كان سابقا]

مسألة: 27 إنما يوجب اللواط حرمة المذكورات إذا كان سابقا، و اما إذا


1- فلا يترك الاحتياط.
2- ظاهرا ما دام شاكا.

ص: 188

كان طارئا على التزويج (1) فلا يوجب الحرمة و بطلان النكاح، فلو تزوج امرأة ثم لاط بابنها أو أبيها أو أخيها لم تحرم عليه امرأته، و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

[مسألة: 28 لو شك في تحقق الإيقاب حينما عبث بالغلام أو بعده بنى على العدم]

مسألة: 28 لو شك في تحقق الإيقاب حينما عبث بالغلام أو بعده بنى على العدم.

[القول في النكاح في العدة و تكميل العدد]
اشارة

القول في النكاح في العدة و تكميل العدد:

[مسألة: 1 لا يجوز نكاح المرأة لا دائما و لا منقطعا إذا كانت في عدة الغير رجعية كانت أو بائنة]

مسألة: 1 لا يجوز (2) نكاح المرأة لا دائما و لا منقطعا إذا كانت في عدة الغير رجعية كانت أو بائنة عدة وفاة أو غيرها من نكاح دائم أو منقطع أو من وطي شبهة، و لو تزوجها فان كانا عالمين بالموضوع و الحكم- بأن علما بكونها في العدة و علما بأنه لا يجوز النكاح في العدة أو كان أحدهما عالما بهما- بطل النكاح و حرمت عليه ابدا سواء دخل بها أو لا، و كذا ان جهلا بهما أو بأحدهما و دخل بها و لو دبرا، و أما لو لم يدخل بها بطل العقد و لكن لم تحرم عليه أبدا، فله استيناف العقد عليها بعد انقضاء العدة التي كانت فيها.

[مسألة: 2 لو وكل أحدا في تزويج امرأة له و لم يعين الزوجة فزوجه امرأة ذات عدة لم تحرم عليه]

مسألة: 2 لو وكل أحدا في تزويج امرأة له و لم يعين الزوجة فزوجه امرأة ذات عدة لم تحرم عليه و ان علم الوكيل بكونها في العدة، و انما تحرم عليه مع الدخول (3)، و اما لو عين الزوجة فان كان الموكل عالما بالحكم و الموضوع حرمت


1- و كان بعد الدخول على الأحوط كما مر في زنا الطارئ.
2- و كذا لا يجوز التصريح بالخطبة في عدة الغير مطلقا، و أما التعريض فيجوز في غير الرجعية.
3- بل لا تحرم عليه مع الدخول في الفرض، لان وكالته كانت مختصة بالعقد الصحيح، فعقد ذات العدة غير مستند اليه و دخوله مع الجهل بالعدة حين الدخول وطي بالشبهة و لا يوجب الحرمة، و لو علم بكونها في العدة و مع ذلك دخل بها بدون إمضاء العقد فهو زناء لا يوجب الحرمة إلا في الرجعية، و ان امضى العقد فدخل ففي ترتب احكام العقد في العدة على إمضائه اشكال جدا، و لكن لا يترك الاحتياط فيه.

ص: 189

عليه، و ان كان الوكيل جاهلا بهما بخلاف العكس فالمدار على علم الموكل و جهله لا الوكيل.

[مسألة: 3 لا يلحق بالتزويج في العدة وطي الشبهة أو الزنا بالمعتدة]

مسألة: 3 لا يلحق بالتزويج في العدة وطي الشبهة أو الزنا بالمعتدة، فلو وطئ شبهة أو زنى بالمرأة في حال عدتها لم يؤثر في الحرمة الأبدية أية عدة كانت إلا العدة الرجعية إذا زنى بها فيها فإنه يوجب الحرمة كما مر.

[مسألة: 4 إذا كانت المرأة في عدة الرجل جاز له العقد عليها في الحال]

مسألة: 4 إذا كانت المرأة في عدة الرجل جاز له العقد (1) عليها في الحال و لا ينتظر انقضاء العدة. نعم فيما إذا كانت معتدة له بالعدة الرجعية يبطل منه العقد عليها لكونها بمنزلة زوجته و لا يصح عقد الزوج على زوجته، فلو كانت عنده متعة و أراد ان يجعل عقدها دواما جاز أن يهب مدتها و يعقد عليها العقد الدوام في الحال، بخلاف ما إذا كانت عنده زوجة دائمة و أراد أن يجعلها منقطعة فطلقها لذلك طلاقا غير بائن، فإنه لا يجوز له إيقاع عقد الانقطاع عليها الا بعد خروجها عن العدة.

[مسألة: 5 هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط للحرمة الأبدية في صورة الجهل ان يكون في العدة]

مسألة: 5 هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط للحرمة الأبدية في صورة الجهل ان يكون في العدة أو يكفي وقوع العقد في العدة و ان كان الدخول واقعا بعد انقضائها؟ قولان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول (2).

[مسألة: 6 لو شك في أنها معتدة أم لا حكم بالعدم و جاز له تزويجها و لا يجب عليه التفحص عن حالها]

مسألة: 6 لو شك في أنها معتدة أم لا حكم بالعدم و جاز له تزويجها و لا يجب عليه التفحص عن حالها، و كذا لو شك في انقضاء عدتها و أخبرت هي بالانقضاء فتصدق و جاز تزويجها.

[مسألة: 7 لو علم ان التزويج كان في العدة مع الجهل موضوعا أو حكما]

مسألة: 7 لو علم ان التزويج كان في العدة مع الجهل موضوعا أو حكما و لكن شك في انه قد دخل بها حتى تحرم عليه أبدا أو لا، بنى على عدم الدخول فلم تحرم عليه. و كذا لو علم بعدم الدخول لكن شك في ان أحدهما قد كان عالما أم لا، بنى على عدم العلم فلا يحكم بالحرمة الأبدية.


1- ان لم يكن له مانع من تزويجها.
2- لا قوة فيه و لكن لا يترك الاحتياط بترك التزويج و بالطلاق على فرض التزويج.

ص: 190

[مسألة: 8 يلحق بالتزويج في العدة في إيجاب الحرمة الأبدية التزويج بذات البعل]

مسألة: 8 يلحق بالتزويج في العدة في إيجاب الحرمة الأبدية التزويج بذات البعل، فلو تزوجها مع العلم بأنها ذات بعل حرمت عليه ابدا، سواء دخل بها أم لا، و لو تزوجها مع الجهل لم تحرم عليه الا مع الدخول بها.

[مسألة: 9 إذا تزوج بامرأة عليها عدة و لم تشرع فيها لعدم تحقق مبدأها]

مسألة: 9 إذا تزوج بامرأة عليها عدة و لم تشرع فيها لعدم تحقق مبدأها- كما إذا تزوج بمن مات زوجها و لم يبلغها الخبر فإن مبدأ عدتها من حين بلوغ الخبر- فهل يوجب الحرمة الأبدية أم لا، قولان أحوطهما الأول و أرجحهما الثاني (1).

[مسألة: 10 من كان عنده أربع زوجات دائمية تحرم عليه الخامسة ما دامت الأربع في حباله]

مسألة: 10 من كان عنده أربع زوجات دائمية تحرم عليه الخامسة ما دامت الأربع في حباله، سواء كان حرا أو عبدا، و سواء كن حرائر أو إماء أو مختلفات، و كذا يحرم على الحر أزيد من أمتين و على العبد أزيد من حرتين و ان لم تزد من عنده من الزوجات على الأربع، فلا يجوز للأول الجمع بين ثلاث إماء و حرة و لا للثاني الجمع بين ثلاث حرائر و امة، و يجوز للأول الجمع بين أربع حرائر فضلا عن ثلاث حرائر و امة أو حرتين و أمتين، و اما الثاني فلا يجوز له الا الجمع بين أربع إماء أو حرتين أو حرة و أمتين و لا يجوز له الجمع بين ثلاث إماء و حرة و كذا بين أمتين و حرتين (2) فضلا عن أربع حرائر أو ثلاث.

[مسألة: 11 ما ذكر انما هو في العقد الدائم، و أما في المنقطع فيجوز الجمع بما شاء]

مسألة: 11 ما ذكر انما هو في العقد الدائم، و أما في المنقطع فيجوز الجمع بما شاء و ان كانت عند الحر أربع دائميات حرائر و عند العبد أربع إماء دائميات، فيجوز لكل منهما ان يزيد عليهن انقطاعا بما شاء و لو الى ألف (3).

[مسألة: 12 إذا كانت عنده أربع فماتت إحداهن يجوز له تزويج أخرى في الحال]

مسألة: 12 إذا كانت عنده أربع فماتت إحداهن يجوز له تزويج أخرى في الحال، و كذا لو فارق إحداهن بالفسخ أو الانفساخ أو بالطلاق البائن (4)، و أولى


1- و لكن لا يترك الاحتياط.
2- بل و لا بين امة و حرتين، فان العبد إذا جمع بين حرتين فلا يجوز له الزيادة لا من الحرائر و لا من الإماء.
3- كملك اليمين.
4- الأحوط في جميع الفروض الصبر الى انقضاء العدة.

ص: 191

بذلك ما إذا لم تكن لها عدة كغير المدخول بها و اليائسة، و أما إذا طلقها بالطلاق الرجعي فلا يجوز له تزويج أخرى إلا بعد انقضاء عدة الأولى.

[مسألة: 13 إذا طلق الرجل حرا كان أو عبدا زوجته الحرة ثلاث طلقات لم يتخلل بينها نكاح رجل آخر حرمت عليه]

مسألة: 13 إذا طلق الرجل حرا كان أو عبدا زوجته الحرة ثلاث طلقات لم يتخلل بينها نكاح رجل آخر حرمت عليه، و لا يجوز له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره بالشروط الآتية في كتاب الطلاق، و كذا إذا طلق زوجته غير الحرة طلقتين لم يتخلل بينهما نكاح رجل آخر، و إذا طلقها تسعا للعدة بتخلل محللين في البين- بأن نكحت غير المطلق بعد الثلاثة الاولى و الثانية- حرمت عليه ابدا. و كيفية وقوع تسع طلقات للعدة أن يطلقها بالشرائط ثم يراجعها في العدة و يطأها، ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجع ثم يطأ، ثم يطلقها الثالثة ثم ينكحها بعد عدتها زوج آخر، ثم يفارقها بعد أن يطأها ثم يتزوجها الأول بعد عدتها، ثم يوقع عليها ثلاث طلقات مثل ما أوقع أولا، ثم ينكحها زوج آخر و يطأها ثم يفارقها و يتزوجها الأول و يوقع عليها ثلاث طلقات أخرى، الى ان يكمل لها تسعا تخلل بينها نكاح رجلين، فتحرم عليه في التاسعة أبدا. و سيجي ء تفاصيل هذه المسائل في كتاب الطلاق إن شاء اللّٰه تعالى.

[القول في الكفر]
اشارة

القول في الكفر:

لا يجوز للمسلمة أن تنكح الكافر دواما و انقطاعا، سواء كان أصليا حربيا كان أو كتابيا أو كان مرتدا عن فطرة كان أو عن ملة، و كذا لا يجوز للمسلم تزويج غير الكتابية من أصناف الكفار و لا المرتدة عن فطرة كانت أو ملة. و اما الكتابية من اليهودية و النصرانية ففيه أقوال، أشهرها المنع في النكاح الدائم و الجواز في المنقطع، و قيل بالمنع مطلقا، و قيل بالجواز كذلك، و هو لا يخلو من قوة على كراهية خصوصا في الدائم، بل الاحتياط فيه لا يترك ان استطاع نكاح المسلمة.

ص: 192

[مسألة: 1 الأقوى ان المجوسية بحكم اليهودية و النصرانية]

مسألة: 1 الأقوى (1) ان المجوسية بحكم اليهودية و النصرانية، و اما الصابئة ففيها اشكال حيث انه لم يتحقق عندنا إلى الان حقيقة دينهم، فان تحقق أنهم طائفة من النصارى كما قيل كانوا بحكمهم.

[مسألة: 2 العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم و على طبق مذهبهم يرتب عليه آثار الصحيح عندنا]

مسألة: 2 العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم و على طبق مذهبهم يرتب عليه آثار الصحيح عندنا، سواء كان الزوجان كتابيين أو وثنيين أو مختلفين، حتى انه لو أسلما معا دفعة أقرا على نكاحهما الأول و لم يحتج الى عقد جديد على طبق مذهبنا، بل و كذا لو أسلم أحدهما أيضا في بعض الصور الآتية. نعم لو كان نكاحهم مشتملا على ما يقتضي الفساد ابتداء و استدامة كنكاح احدى المحرمات عينا أو جمعا جرى عليه بعد الإسلام حكم الإسلام.

[مسألة: 3 إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول]

مسألة: 3 إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول، سواء كان كتابيا أو وثنيا، و سواء كان إسلامه قبل الدخول أو بعده. و إذا أسلم زوج الوثنية وثنيا كان أو كتابيا، فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال و ان كان بعده ينتظر انقضاء العدة (2)، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما و الا انفسخ النكاح، بمعنى انه يتبين انفساخه من حين إسلام الزوج.

[مسألة: 4 إذا أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية]

مسألة: 4 إذا أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية، فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، و ان كان بعده وقف على انقضاء العدة، فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته و الا بان أنها بانت منه حين إسلامها.

[مسألة: 5 لو ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال]

مسألة: 5 لو ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال، سواء كان الارتداد عن فطرة أو ملة، و كذا بعد الدخول إذا كان الارتداد


1- بل الأحوط فيهم ترك النكاح الا بملك اليمين.
2- لكن يفرق بينهما حتى يعلم الحال، و كذا في نظائره من الفروع الآتية في نكاح المنفسخ.

ص: 193

من الزوج و كان عن فطرة، و اما ان كان ارتداده عن ملة أو كان الارتداد من الزوجة مطلقا وقف الفسخ على انقضاء العدة، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته و الا انكشف انها بانت منه عند الارتداد.

[مسألة: 6 العدة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة و في غيره كالطلاق]

مسألة: 6 العدة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة و في غيره كالطلاق.

[مسألة: 7 لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام]

مسألة: 7 لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام، و لا الغالي المعتقد بألوهيتهم أو نبوتهم، و كذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبة و الغالية لأنهما بحكم الكفار و ان انتحلا دين الإسلام.

[مسألة: 8 لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة]

مسألة: 8 لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة، و اما نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب ففيه خلاف: الجوار مع الكراهة لا يخلو من قوة، و حيث أنه نسب الى المشهور عدم الجواز فلا ينبغي ترك الاحتياط مهما أمكن.

[مسألة: 9 لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة]

مسألة: 9 لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة. نعم لو زوج الصغيرة وليها بغير القادر عليها لم يلزم العقد عليها فلها الرد بعد كمالها، لما مر من أنه يعتبر في نفوذ عقد الولي على المولى عليه عدم المفسدة، و لا ريب أن هذا مفسدة و أي مفسدة إلا إذا زوحمت بمصلحة غالبة عليها.

[مسألة: 10 بعد ما لم يكن التمكن من النفقة شرطا لصحة العقد و لا لزومه]

مسألة: 10 بعد ما لم يكن التمكن من النفقة شرطا لصحة العقد و لا لزومه، فلو كان متمكنا منها حين العقد ثم تجدد العجز عنها بعد ذلك لم يكن لها التسلط على الفسخ لا بنفسها و لا بالحاكم على الأقوى. نعم لو كان ممتنعا عن الإنفاق مع اليسار و رفعت أمرها إلى الحاكم ألزمه بأحد الأمرين اما الإنفاق أو الطلاق، فإذا امتنع عن الأمرين و لم يمكن الإنفاق من ماله و لا إجباره بالطلاق فالظاهر أن للحاكم ان يطلقها إن أرادت الطلاق.

[مسألة: 11 لا إشكال في جواز تزويج الحرة بالعبد و العربية بالعجمي]

مسألة: 11 لا إشكال في جواز تزويج الحرة بالعبد و العربية بالعجمي

ص: 194

و الهاشمية بغير الهاشمي و بالعكس، و كذا ذوات البيوتات الشريفة بأرباب الصنائع الدنيئة كالكناس و الحجام و نحوهما، لان المسلم كفؤ المسلمة و المؤمن كفؤ المؤمنة و المؤمنون بعضهم أكفاء بعض كما في الخبر. نعم يكره التزويج بالفاسق خصوصا شارب الخمر و الزاني كما مر.

[مسألة: 12 و مما يوجب الحرمة الأبدية التزويج حال الإحرام دواما أو انقطاعا]

مسألة: 12 و مما يوجب الحرمة الأبدية التزويج حال الإحرام دواما أو انقطاعا، سواء كانت المرأة محرمة أو محلة، و سواء كان إيقاع التزويج له بمباشرته أو بتوكيل الغير محرما كان الوكيل أو محلا، كان التوكيل قبل الإحرام أو حاله.

هذا مع العلم بالحرمة، و أما مع جهله بها و ان بطل النكاح في جميع الصور المذكورة لكن لا يوجب الحرمة الأبدية.

[مسألة: 13 لا فرق فيما ذكر من التحريم مع العلم و البطلان مع الجهل بين أن يكون الإحرام لحج واجب أو مندوب]

مسألة: 13 لا فرق فيما ذكر من التحريم مع العلم و البطلان مع الجهل بين أن يكون الإحرام لحج واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة، و لا بين أن يكون حجه و عمرته لنفسه أو نيابة عن غيره.

[مسألة: 14 لو كانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة و كان الزوج محلا فهل يوجب الحرمة الأبدية بينهما؟]

مسألة: 14 لو كانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة و كان الزوج محلا فهل يوجب الحرمة الأبدية بينهما؟ قولان أحوطهما ذلك، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 15 يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية]

مسألة: 15 يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية، و كذا يجوز له أن يوكل محلا في أن يزوج له بعد إحلاله، بل و كذا ان يوكل محرما في ان يزوج له بعد احلالهما.

[مسألة: 16 و من أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه]

مسألة: 16 و من أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه، بأن يرميها بالزنا و يدعي المشاهدة بلا بينة أو ينفي ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به، و تنكر ذلك و رفعا أمرهما إلى الحاكم فيأمرهما بالملاعنة بالكيفية الخاصة، فإذا تلاعنا سقط عنه حد القذف و عنها حد الزنا و انتفى الولد عنه و حرمت عليه مؤبدا.

ص: 195

[مسألة: 17 نكاح الشغار باطل]

مسألة: 17 نكاح الشغار باطل، و هو أن تتزوج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى و لا يكون بينهما مهر غير النكاحين و التزويجين، مثل ان يقول أحد الرجلين للآخر زوجتك بنتي أو أختي على أن تزوجني بنتك أو أختك و يكون صداق كل منهما نكاح الأخرى، و يقول الأخر قبلت و زوجتك بنتي أو أختي هكذا. و اما لو زوج إحداهما الأخر بمهر معلوم و شرط عليه أن يزوجه الأخرى بمهر معلوم فصح العقدان، مثل أن يقول زوجتك بنتي أو أختي على صداق مائة دينار على أن تزوجني أختك أو بنتك هكذا، و يقول الأخر قبلت و زوجتك بنتي أو أختي على مائة دينار. بل و كذا لو شرط ان يزوجه الأخرى و لم يذكر مهرا أصلا، مثل ان يقول زوجتك بنتي على ان تزوجني بنتك، فقال قبلت و زوجتك بنتي، فإنه يصح العقدان، لكن حيث انه لم يذكر المهر تستحق كل منهما مهر المثل، كما يأتي في محله من أن ذكر المهر ليس شرطا في صحة النكاح الدائم و انهما تستحق المرأة مهر المثل لو لم يذكر المهر.

[القول في النكاح المنقطع]

اشارة

القول في النكاح المنقطع:

و يقال له المتعة و النكاح المؤجل.

[مسألة: 1 النكاح المنقطع كالدائم في انه يحتاج الى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظيين]

مسألة: 1 النكاح المنقطع كالدائم في انه يحتاج الى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظيين و انه لا يكفي مجرد الرضا القلبي من الطرفين و لا المعاطاة و لا الكتابة و لا الإشارة، و في اعتبار العربية و في كون الإيجاب من طرف الزوجة كما فصل ذلك كله فيما سبق.

[مسألة: 2 ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة «متعت» و «زوجت» و «أنكحت»،]

مسألة: 2 ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة «متعت» و «زوجت» و «أنكحت»، أيها حصل وقع الإيجاب به، و لا ينعقد بغيرها كلفظ التمليك و الهبة و الإجارة. و القبول كل لفظ دال على إنشاء الرضا بذلك الإيجاب كقوله «قبلت المتعة»

ص: 196

أو «التزويج» أو «النكاح»، و لو قال «قبلت» أو «رضيت» و اقتصر كفى. و لو بدأ بالقبول فقال تزوجتك فقال زوجتك نفسي صح.

[مسألة: 3 لا يجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه]

مسألة: 3 لا يجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه، و كذا لا يجوز تمتع المسلم بغير الكتابية من أصناف الكفار و لا بالمرتدة و لا بالناصبية المعلنة بالعداوة كالخارجية.

[مسألة: 4 لا يتمتع بأمة و عنده حرة إلا بإذنها]

مسألة: 4 لا يتمتع بأمة و عنده حرة إلا بإذنها، و لو فعل وقف على إجازتها، و كذا لا يدخل على العمة بنت أخيها و لا على الخالة بنت أختها إلا بإذنهما أو إجازتهما، و كذا لا يجمع بين الأختين.

[مسألة: 5 يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر]

مسألة: 5 يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر، فلو أخل به بطل. و يعتبر فيه أن يكون مما يتمول، سواء كان عينا خارجيا أو كليا في الذمة أو منفعة و عملا محللا صالحا للعوضية، بل و حقا من الحقوق المالية كحق التحجير و نحوه، و أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن في المكيل و الموزون و العد في المعدود أو المشاهدة أو الوصف الرافعين للجهالة، و يتقدر بالمراضاة قل أو كثر، و لو كان كفا من طعام.

[مسألة: 6 تملك المتمتعة المهر بالعقد، فيلزم عليه دفعه إليها بعده لو طالبته]

مسألة: 6 تملك المتمتعة المهر بالعقد، فيلزم عليه دفعه إليها بعده لو طالبته، و ان كان استقراره بالتمام مراعى بالدخول و وفائها بالتمكين في تمام المدة، فلو وهبها المدة فإن كان قبل الدخول لزمه نصف المهر، و ان كان بعده لزمه الجميع، و ان مضت من المدة ساعة و بقيت منها شهور أو أعوام فلا يسقط المهر على ما مضى منها و ما بقي.

نعم لو لم يهب المدة و لكنها لم تف بها و لم تمكنه من نفسها في تمامها كان له أن يضع من المهر بنسبتها، ان نصفا فنصف و ان ثلثا فثلث و هكذا ما عدا أيام حيضها، فلا ينقص لها شي ء من المهر. و في إلحاق سائر الأعذار كالمرض المدنف و نحوه بها أو عدمه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان، و الأحوط التصالح (1).


1- لا يترك

ص: 197

[مسألة: 7 لو أوقع العقد و لم يدخل بها حتى انقضت المدة استقر عليه تمام المهر]

مسألة: 7 لو أوقع العقد و لم يدخل بها (1) حتى انقضت المدة استقر عليه تمام المهر.

[مسألة: 8 لو تبين فساد العقد- بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته أو أمها مثلا]

مسألة: 8 لو تبين فساد العقد- بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته أو أمها مثلا و لم يدخل بها- فلا مهر لها، و لو قبضته كان له استعادته، بل لو تلف كان عليها بدله.

و كذا ان دخل بها و كانت عالمة بالفساد، و أما ان كانت جاهلة فلها مهر المثل، فان كان ما أخذت أزيد منه استعاد الزائد و ان كان أقل أكمله.

[مسألة: 9 يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل]

مسألة: 9 يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل، فلو لم يذكره متعمدا أو نسيانا بطل متعة و انعقد دائما على اشكال (2). و تقدير الأجل إليهما طال أو قصر، و لا بد أن يكون معينا بالزمان محروسا من الزيادة و النقصان، و لو قدره بالمرة أو مرتين من دون أن يقدره بزمان بطل متعة و انعقد دائما، و فيه الاشكال المتقدم، بل هنا أشكل (3).

[مسألة: 10 إذا قالت زوجتك نفسي إلى شهر أو شهرا مثلا و أطلقت اقتضى الاتصال بالعقد]

مسألة: 10 إذا قالت زوجتك نفسي إلى شهر أو شهرا مثلا و أطلقت اقتضى الاتصال بالعقد، و هل يجوز أن تجعل المدة منفصلا عن العقد، بأن تعين المدة شهرا مثلا و يجعل مبدأه بعد شهر من حين وقوع العقد أم لا؟ قولان أحوطهما الثاني، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 11 لا يصح تجديد العقد عليها دائما و منقطعا قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة]

مسألة: 11 لا يصح تجديد العقد عليها دائما و منقطعا قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة، فلو كانت المدة شهرا و أراد أن تكون شهرين لا بد أن يهبها المدة ثم يعقد عليها و يجعل المدة شهرين، و لا يجوز أن يعقد عليها عقدا آخر و يجعل المدة شهرا بعد الشهر الأول حتى يصير المجموع شهرين.


1- و كان القصور من قبله.
2- غير وجيه.
3- لا يترك الاحتياط بالجمع بين هبة المدة و الطلاق ثم تجديد العقد على ما تراضيا عليه من المتعة أو الدائم، و في حكم هبة المدة انقضاؤها.

ص: 198

[مسألة: 12 يجوز أن يشترط عليها و عليه الإتيان ليلا أو نهارا]

مسألة: 12 يجوز أن يشترط عليها و عليه الإتيان ليلا أو نهارا، و ان يشترط المرة أو المرات مع تعيين المدة بالزمان.

[مسألة: 13 يجوز العزل للمتمتع من دون اذنها و ان قلنا بعدم جوازه في الدائم]

مسألة: 13 يجوز العزل للمتمتع من دون اذنها و ان قلنا بعدم جوازه في الدائم، و لكن يلحق به الولد لو حملت و ان عزل لاحتمال سبق المني من غير تنبه، و لو نفاه عن نفسه انتفى ظاهرا (1) و لم يفتقر الى اللعان، و لكن لا يجوز له النفي بينه و بين اللّٰه الا مع العلم بالانتفاء.

[مسألة: 14 لا يقع بها طلاق و انما تبين بانقضاء المدة أو هبتها، و لا رجوع له بعد ذلك]

مسألة: 14 لا يقع بها طلاق و انما تبين بانقضاء المدة أو هبتها، و لا رجوع له بعد ذلك.

[مسألة: 15 لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين]

مسألة: 15 لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين، و لو شرطا التوارث أو توريث أحدهما فالظاهر التوريث على حسب شرطهما، و ان كان الأحوط التصالح مع باقي الورثة.

[مسألة: 16 إذا انقضى أجلها أو وهب مدتها قبل الدخول فلا عدة عليها]

مسألة: 16 إذا انقضى أجلها أو وهب مدتها قبل الدخول فلا عدة عليها، و ان كان بعده لم تكن غير بالغة و لا يائسة فعليها العدة، و عدتها على الأشهر الأظهر حيضتان ان كانت في سن من تحيض و لا تحيض فعدتها خمسة و أربعون يوما. و الظاهر اعتبار حيضتين تامتين، فلو انقضى الأجل أو وهب المدة في أثناء الحيض لم يحسب تلك الحيضة منها، بل لا بد من حيضتين تامتين بعد ذلك. هذا فيما إذا كانت حائلا، و اما لو كانت حاملا فعدتها الى ان تضع حملها كالمطلقة على اشكال، فالأحوط مراعاة أبعد الأجلين من وضع الحمل و من انقضاء خمسة و أربعين يوما أو حيضتين. و اما عدتها من الوفاة فهي أربعة أشهر و عشرة أيام ان كانت حائلا، و أبعد الأجلين منها و من وضع حملها ان كانت حاملا كالدائمة.

[مسألة: 17 يستحب ان تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة]

مسألة: 17 يستحب ان تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة، و السؤال عن حالها


1- مع احتمال صدقه.

ص: 199

و انها ذات بعل أو ذات عدة أم لا، و ليس السؤال و الفحص عن حالها شرطا في الصحة.

[مسألة: 18 يجوز التمتع بالزانية على كراهية، خصوصا لو كانت من العواهر]

مسألة: 18 يجوز التمتع بالزانية على كراهية، خصوصا لو كانت من العواهر و المشهورات بالزنا (1) و ان فعل فليمنعها من الفجور.

[القول في نكاح العبيد و الإماء]

اشارة

القول في نكاح العبيد و الإماء:

[مسألة: 1 لا يجوز للعبد و لا للأمة أن يتزوجا بدون اذن المولى]

مسألة: 1 لا يجوز للعبد و لا للأمة أن يتزوجا بدون اذن المولى، فلو تزوجا من غير اذنه وقف على إجازته، فإذا أجاز جاز و لو رد ثم أجاز أو العكس لا أثر للتالي، و لو كان العبد و الأمة لمالكين أو أكثر وقف على اذن الجميع أو إجازتهم، فلو أذن أو أجاز بعضهم دون بعض بطل النكاح.

[مسألة: 2 للسيد تزويج عبده بحرة أو امة]

مسألة: 2 للسيد تزويج عبده بحرة أو امة، و كذا تزويج أمته بحر أو عبد قهرا عليهما، و لو كانا مبغضين توقف صحته على رضاهما و اذن السيد معا، و ليس له إجبارهما.

[مسألة: 3 لو اذن المولى عبده في التزويج كان عليه المهر و نفقة زوجته]

مسألة: 3 لو اذن المولى عبده في التزويج كان عليه المهر و نفقة زوجته.

نعم ان عين كون المهر في ذمة العبد تعين و يتبع به بعد العتق (2).

[مسألة: 4 مهر الأمة المزوجة للمولى]

مسألة: 4 مهر الأمة المزوجة للمولى، سواء كان هو المباشر لتزويجها أو هي بإذنه أو إجازته و نفقتها على الزوج و للمولى استخدامها بما لا ينافي حق الزوج.

[مسألة: 5 يجوز للمولى تزويج أمته من عبده قهرا عليهما و له بعد ذلك التفريق بينهما]

مسألة: 5 يجوز للمولى تزويج أمته من عبده قهرا عليهما و له بعد ذلك التفريق بينهما، و لا يحتاج الى الطلاق بل يكفي أن يأمرهما بالمفارقة و الاعتزال.


1- الأحوط في المشهورات الترك الا بعد التوبة.
2- سلطنة المولى على اشغال ذمة العبد مستقلا بحيث يتبع به بعد العتق محل اشكال بل منع و لو مع رضاه، لان رضاه غير مؤثر في شي ء و سلطنة المولى محدودة بحدود ملكه، و لا معنى لعهدة العبد إلا عهدة المولى.

ص: 200

[مسألة: 6 لا يجوز للمولى وطي أمته المزوجة و لو من عبده حتى يفارقها و تخرج من العدة]

مسألة: 6 لا يجوز للمولى وطي أمته المزوجة و لو من عبده حتى يفارقها و تخرج من العدة، بل لا يجوز له النظر منها الى ما لا يجوز لغير الزوج و المالك فضلا عن سائر الاستمتاعات بها كاللمس و القبلة على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 7 المتولد بين الرقين رق]

مسألة: 7 المتولد بين الرقين رق، سواء كان عن نكاح صحيح أو شبهة أو عن زنا من طرف واحد أو طرفين، فان كان العبد و الأمة لمالك واحد فالولد له، و ان كان كل منهما لمالك فالولد بينهما بالسوية إلا إذا كان الولد عن زنا من طرف العبد، فان الولد لمالك الأمة، سواء كان من طرفها زنا أو شبهة.

[مسألة: 8 إذا أوقع المالكان العقد بين العبد و الأمة و شرطا أن يكون الولد لأحدهما دون الأخر]

مسألة: 8 إذا أوقع المالكان العقد بين العبد و الأمة و شرطا أن يكون الولد لأحدهما دون الأخر أو كان نصيب أحدهما منه أزيد من الأخر- بأن يكون له ثلثاه و للآخر ثلث مثلا- صح الشرط و لزم.

[مسألة: 9 إذا كان أحد أبوي الولد حرا فالولد حر]

مسألة: 9 إذا كان أحد أبوي الولد حرا فالولد حر، و إذا شرط مالك العبد أو الأمة في ضمن العقد كونه رقا له فالمشهور صحة الشرط (1) و لزومه، و هو لا يخلو من قوة و ان لم يخل من اشكال.

[مسألة: 10 إذا زنى العبد بحرة فالولد حر و ان كانت هي أيضا زانية]

مسألة: 10 إذا زنى العبد بحرة فالولد حر و ان كانت هي أيضا زانية، بخلاف ما لو زنى حر بأمة الغير فان الولد رق لمولاها و ان كانت هي أيضا زانية، و كذا لو زنى عبد شخص بأمة الغير فان الولد لمولاها.

[مسألة: 11 إذا أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ نكاحها و ان كانت تحت حر على الأقوى]

مسألة: 11 إذا أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ نكاحها و ان كانت تحت حر على الأقوى، سواء كان نكاحها دائما أو منقطعا، و سواء كان قبل الدخول أو بعده، و هذا الخيار على الفور على الأحوط (2) فورا عرفيا. نعم لو كانت جاهلة بالعتق أو


1- و الأقوى بطلان الشرط و صحة العقد و ان كان الشرط في ضمنه.
2- فلا يترك الاحتياط بترك الفسخ مع التراخي و ترك الازدواج بعد الفسخ مع التراخي إلا بعد الطلاق.

ص: 201

الخيار أو الفورية جاز لها الفسخ بعد العلم و لا يضره التأخير الواقع من جهة الجهل بأحدها.

[مسألة: 12 يجوز للمولى تحليل أمته للغير في وطيها و سائر الاستمتاعات منها]

مسألة: 12 يجوز للمولى تحليل أمته للغير في وطيها و سائر الاستمتاعات منها، و لو اقتصر على بعضها كالنظر أو التقبيل أو اللمس مثلا لا يستبيح غيره. نعم لو أحل له الوطي حل له ما دونه (1) من ضروب الاستمتاع لكن لا يحل بذلك استخدامها.

[مسألة: 13 لا يكفي في التحليل مجرد التراضي و التعاطي]

مسألة: 13 لا يكفي في التحليل مجرد التراضي و التعاطي، بل يحتاج إلى الصيغة، بأن يقول «أحللت لك وطيها» أو «جعلتك في حل من وطيها» مثلا. و الأقوى جواز إيقاعه بلفظ الإباحة، بأن يقول «أبحت لك وطيها» مثلا، بل عدم اعتبار لفظ مخصوص و كفاية كل لفظ أفاد المقصود بحسب متفاهم العرف لا يخلو من قوة، بل الظاهر عدم اعتبار العربية أيضا.

[مسألة: 14 المحللة للوطي كالمزوجة على الأحوط لو لم يكن أقوى]

مسألة: 14 المحللة للوطي كالمزوجة (2) على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلا يجوز للمولى وطيها و لا سائر الاستمتاعات بها، و أما المحللة لغير الوطي فالظاهر جواز وطيها للمالك فضلا عن النظر و سائر الاستمتاعات، الا أن الأحوط خلافه، خصوصا في الوطي، بل الاحتياط فيه لا يترك.

[القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ و التدليس]

اشارة

القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ و التدليس:

و هي قسمان مشترك و مختص:

اما المشترك فهو الجنون، و هو اختلال العقل، و ليس منه الإغماء و مرض


1- الكلية ممنوعة، فإذا أحل له الوطي في القبل لا يجوز له الوطي في الدبر و كذا العكس. نعم يحل بتحليل أحدهما ما هو الملازم له عادة مثل النظر و اللمس و القبلة و الملاعبة.
2- يحرم للمولى وطي المحللة بعد الدخول لأنها معتدة، و اما قبله فله وطيها و الرجوع من الاذن.

ص: 202

الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة في بعض الأوقات، و لكل من الزوجين فسخ النكاح بجنون صاحبه في الرجل مطلقا، سواء كان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به أو حدث بعده (1) قبل الوطي أو بعده، و أما في المرأة ففيما إذا كان جنونها قبل العقد و لم يعلم الرجل دون ما إذا طرأ بعده. و لا فرق في الجنون الموجب للخيار بين المطبق و الأدوار و ان وقع العقد حال إفاقته، كما أن الظاهر عدم الفرق في الحكم بين النكاح الدائم و المنقطع.

و اما المختص: فأما المختص بالرجل فثلاثة: الخصاء و هو سل الأنثيين أو رضهما، و تفسخ به المرأة مع سبقه على العقد و عدم علمها به. و الجب و هو قطع الذكر، بشرط أن لا يبقى منه ما يمكن معه الوطي و لو قدر الحشفة و تفسخ به المرأة، سواء سبق العقد أو لحقه بشرط كونه قبل الوطي لا بعده. و العنن و هو مرض تضعف معه الإله عن الانتشار بحيث يعجز عن الإيلاج، و هو سبب لتسلط المرأة على الفسخ بشرط عجزه عن الوطي بها و غيرها، فلو لم يقدر على وطيها و قدر على وطي غيرها لا خيار لها، و يثبت به الخيار سواء سبق العقد أو تجدد بعده، لكن بشرط أن لم يقع منه وطيها و لو مرة، فلو وطأها ثم حدثت به العنة بحيث لم يقدر على الوطي بالمرة فلا خيار لها.

و أما المختص بالمرأة فستة: البرص، و الجذام، و الإفضاء و قد مر تفسيره فيما سبق. و القرن و يقال له العفل، و هو لحم (2) ينبت في فم الرحم يمنع من الوطي (3).

و العرج البين و ان لم يبلغ حد الإقعاد و الزمانة على الأظهر. و العمى و هو ذهاب البصر عن العينين و ان كانتا مفتوحتين. و لا اعتبار بالعور و لا بالعشا، و هي علة في


1- هذا إذا كان لا يعرف أوقات الصلاة و الا فلا يترك الاحتياط بضم الطلاق إذا فسخ.
2- أو عظم كالسن.
3- بل و ان لم يمنع إذا أوجب الانقباض و الانزجار لعدم تكميل التذاذ الوطي بسببه على الظاهر و ان كان الأحوط عدم الفسخ لذلك.

ص: 203

العين لا يبصر في الليل و يبصر بالنهار، و لا بالعمش و هو ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في غالب الأوقات.

[مسألة: 1 إنما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبين وجودها قبل العقد]

مسألة: 1 إنما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبين وجودها قبل العقد، و أما ما يتجدد بعده فلا اعتبار به، سواء كان قبل الوطي أو بعده.

[مسألة: 2 ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار لا من طرف الرجل و لا من طرف المرأة]

مسألة: 2 ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار لا من طرف الرجل و لا من طرف المرأة.

[مسألة: 3 ليس الجذام و البرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة عند المشهور]

مسألة: 3 ليس الجذام و البرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة عند المشهور (1)، و قيل بكونهما منها، فهما من العيوب المشتركة بين الرجل و المرأة.

و هو ليس ببعيد، لكن لا يترك الاحتياط من طرف الزوجة بإرضاء الزوج بالطلاق و من طرف الزوج بتطليقها إذا أرادت الفسخ و فسخت النكاح.

[مسألة: 4 خيار الفسخ في كل من الرجل و المرأة على الفور]

مسألة: 4 خيار الفسخ في كل من الرجل و المرأة على الفور، فلو علم الرجل أو المرأة بالعيب فلم يبادرا بالفسخ لزم العقد. نعم الظاهر أن الجهل بالخيار بل و الفورية عذر، فلو كان عدم المبادرة بالفسخ من جهة الجهل بأحدهما لم يسقط بالخيار.

[مسألة: 5 إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره مع اليمين إذا لم يكن لمدعيه بينة]

مسألة: 5 إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره مع اليمين إذا لم يكن لمدعيه بينة، و يثبت بها العيب حتى العنن (2) على الأقوى، كما أنه يثبت كل عيب بإقرار صاحبه أو البينة على إقراره، و كذا يثبت باليمين المردودة على المدعي و نكول المنكر عن اليمين (3) كسائر الدعاوي، و تثبت العيوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات كما في نظائرها.

[مسألة: 6 إذا ثبت عنن الرجل بأحد الوجوه المذكورة]

مسألة: 6 إذا ثبت عنن الرجل بأحد الوجوه المذكورة، فإن صبرت فلا كلام و ان لم تصبر و رفعت أمرها إلى حاكم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجلها سنة كاملة من حين المرافعة، فإن واقعها أو واقع غيرها في أثناء هذه المدة فلا خيار لها، و الا


1- و هو الأقوى.
2- إذا فرض علم البينة به و ان كان الفرض نادرا.
3- بناء على ثبوت الدعوى به.

ص: 204

كان لها الفسخ فورا عرفيا، و ان لم تبادر بالفسخ فان كان بسبب جهلها بالخيار أو فوريته لم يضر كما مر و الا سقط خيارها، و كذا ان رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الفسخ بعد ذلك فإنه ليس لها ذلك.

[مسألة: 7 الفسخ بالعيب ليس بطلاق، سواء وقع من الزوج أو الزوجة]

مسألة: 7 الفسخ بالعيب ليس بطلاق، سواء وقع من الزوج أو الزوجة، فليس له احكامه و لا يترتب عليه لوازمه و لا يعتبر فيه شروطه، فلا يحسب من الثلاثة المحرمة المحتاجة إلى المحلل، و لا يعتبر فيه الخلو من الحيض و النفاس و لا حضور العدلين.

[مسألة: 8 يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون اذن الحاكم]

مسألة: 8 يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون اذن الحاكم، و كذا المرأة بعيب الرجل. نعم مع ثبوت العنن يفتقر الى الحاكم، لكن من جهة ضرب الأجل حيث أنه من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها، فبعد ما ضرب الأجل لها كان لها التفرد بالفسخ عند انقضائه و تعذر الوطي في المدة من دون مراجعته.

[مسألة: 9 إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة، فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها]

مسألة: 9 إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة، فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها، و ان كان بعده استقر عليه المهر المسمى. و كذا الحال فيما إذا فسخت المرأة بعيب الرجل، فتستحق تمام المهر ان كان بعد الدخول، و ان كان قبله لم تستحق شيئا إلا في العنن فإنها تستحق عليه فيه نصف المهر المسمى.

[مسألة: 10 إذا دلست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار و تبين له بعد الدخول]

مسألة: 10 إذا دلست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار و تبين له بعد الدخول، فان اختار البقاء فعليه تمام المهر كما مر، و ان اختار الفسخ لم تستحق المهر، و ان دفعه إليها استعاده، و ان كان المدلس غير الزوجة فالمهر المسمى- و ان استقر على الزوج بالدخول و استحقت عليه الزوجة- الا أنه بعد ما دفعه إليها يرجع به على المدلس و يأخذه منه.

[مسألة: 11 يتحقق التدليس بتوصيف المرأة بالصحة عند الزوج للتزويج]

مسألة: 11 يتحقق التدليس بتوصيف المرأة بالصحة عند الزوج للتزويج بحيث صار ذلك سببا لغروره و انخداعه، فلا يتحقق بالاخبار لا للتزويج أو لغير الزوج و الظاهر تحققه أيضا بالسكوت عن العيب مع العلم به و خفائه على الزوج و اعتقاده بالعدم.

ص: 205

[مسألة: 12 من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند اليه التزويج من وليها الشرعي أو العرفي]

مسألة: 12 من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند اليه التزويج من وليها الشرعي أو العرفي (1) كأبيها وجدها و أمها و أخيها الكبير و عمها و خالها ممن لا تصدر الا عن رأيهم و يتصدون تزويجها و ترجع إليهم فيه في العرف و العادة، و مثلهم على الظاهر بعض الأجانب ممن له شدة علاقة و ارتباط بها بحيث لا تصدر الا عن رأيه و يكون هو المرجع في أمورها المهمة و يركن اليه فيما يتعلق بها، بل لا يبعد أن يلحق بمن ذكر الغير (2) الذي يراود عند الطرفين و يعالج في إيجاد وسائل الايتلاف في البين.

[مسألة: 13 كما يتحقق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون و العمى و غيرهما، كذلك يتحقق في مطلق النقص]

مسألة: 13 كما يتحقق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون و العمى و غيرهما، كذلك يتحقق في مطلق النقص كالعور و نحوه باخفائه، و كذا في صفات الكمال كالشرف و الحسب و النسب و الجمال و البكارة و غيرها بتوصيفها بها مع فقدانها، و لا أثر للأول- أي التدليس في العيوب الموجبة للخيار- الا رجوع الزوج على المدلس بالمهر كما مر، و أما الخيار فإنما هو بسبب نفس وجود العيب. و أما الثاني- و هو التدليس في سائر أنواع النقص و في صفة الكمال- فهو موجب للخيار إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال مذكورين في العقد بنحو الاشتراط. و يلحق به توصيفها به في العقد و ان لم يكن بعبارة الاشتراط، كما إذا قال «زوجتك هذه البنت الباكرة أو غير الثيبة»، بل الظاهر أنه إذا وصفها بصفتي الكمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة و المقاولة ثم أوقع العقد مبنيا على ما ذكر (3) كان بمنزلة الاشتراط فيوجب الخيار. و إذا تبين ذلك بعد العقد و الدخول و اختار الفسخ و دفع المهر رجع به على المدلس.

[مسألة: 14 ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليها عن النقص مع وجوده]

مسألة: 14 ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليها عن النقص مع وجوده و اعتقاد الزوج عدمه في غير العيوب الموجبة للخيار، و أولى بذلك


1- بحيث عد كالمذكور في العقد.
2- بحيث عد كالمذكور في العقد.
3- إذا أسند التقرير اليه.

ص: 206

سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها.

[مسألة: 15 لو تزوج امرأة على أنها حرة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من اشتراط الحرية في العقد]

مسألة: 15 لو تزوج امرأة على أنها حرة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من اشتراط الحرية في العقد أو توصيفها بها أو إيقاع العقد بانيا عليها فبانت امة مع اذن السيد أو إجازته كان له الفسخ، و لا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول، و لها المهر تماما لو كان الفسخ بعده، و كان المهر لمولى الأمة، و يرجع الزوج به على المدلس. و كذا لو تزوجت المرأة برجل على أنه حر فبان مملوكا كان لها الفسخ قبل الدخول و بعده، و لا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول، و لها المهر المسمى لو فسخت بعده.

[مسألة: 16 لو تزوج امرأة على أنها بكر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ]

مسألة: 16 لو تزوج امرأة على أنها بكر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ إلا إذا ثبت بالإقرار أو البينة سبق ذلك على العقد فحينئذ كان له الفسخ. نعم لو تزوجها باعتقاد البكارة و لم يكن اشتراط و لا توصيف و اخبار، و بناء على ثبوتها فبان خلافها ليس له الفسخ و ان ثبت زوالها قبل العقد.

[مسألة: 17 إذا فسخ حيث يكون له الفسخ، فان كان قبل الدخول فلا مهر]

مسألة: 17 إذا فسخ حيث يكون له الفسخ، فان كان قبل الدخول فلا مهر، و ان كان بعده استقر المهر و رجع به على المدلس، و ان كانت هي المدلس لم تستحق شيئا، و ان لم يكن تدليس استقر عليه المهر و لا رجوع له على أحد. و إذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ- كما في صورة (1) اعتقاد البكارة من دون اشتراط و توصيف و بناء- كان له أن ينقص من مهرها شيئا، و هو نسبة التفاوت بين مهر مثلها بكرا و ثيبا، فإذا كان المهر المسمى مائة و كان مهر مثلها بكرا ثمانين و ثيبا ستين ينقص من المائة ربعها و هي خمسة و عشرون و تبقى خمسة و سبعون.

[فصل في المهر و يقال له الصداق]

اشارة

فصل في المهر و يقال له الصداق:

[مسألة: 1 كل ما يملكه المسلم يصح جعله مهر عينا كان أو دينا أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان]

مسألة: 1 كل ما يملكه المسلم يصح جعله مهر عينا كان أو دينا أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان، و يصح جعله منفعة الحر كتعليم صنعة و نحوه من


1- أو في صورة احتمال تجدد الثيبوبة.

ص: 207

كل عمل محلل، بل الظاهر صحة جعله حقا ماليا قابلا للنقل و الانتقال كحق التحجير و نحوه، و لا يتقدر بقدر بل ما تراضى عليه الزوجان كثيرا كان أو قليلا ما لم يخرج بسبب القلة عن المالية كحبة من حنطة. نعم يستحب في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السنة و هو خمسمائة درهم.

[مسألة: 2 لو جعل المهر ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر]

مسألة: 2 لو جعل المهر (1) ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر، فلم تملك شيئا بالعقد و انما تستحق مهر المثل بالدخول.

[مسألة: 3 لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام]

مسألة: 3 لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام، فلو أمهرها أحد هذين أو خياطة أحد ثوبين مثلا بطل المهر دون العقد و كان لها مع الدخول مهر المثل.

نعم لا يعتبر فيه التعيين الذي يعتبر في البيع و نحوه من المعاوضات، فيكفي مشاهدة عين حاضرة و ان جهل كيله أو وزنه أو عده أو ذرعه كصبرة من الطعام و قطعة من الذهب و طاقة مشاهدة من الثوب و صبرة حاضرة من الجوز و أمثال ذلك.

[مسألة: 4 ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم]

مسألة: 4 ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم، فلو عقد عليها و لم يذكر مهرا أصلا- بأن قالت الزوجة للزوج مثلا زوجتك نفسي أو قال وكيلها زوجت موكلتي فلانة فقال الزوج قبلت- صح العقد، بل لو صرحت بعدم المهر- بأن قالت زوجتك نفسي بلا مهر فقال قبلت- صح، و يقال لهذا أي لإيقاع العقد بلا مهر «تفويض البضع» و للمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر «مفوضة البضع».

[مسألة: 5 إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا، إلا إذا طلقها حينئذ]

مسألة: 5 إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا، إلا إذا طلقها حينئذ فتستحق عليه أن يعطيها شيئا بحسب حاله من الغنى و الفقر و اليسار و الإعسار من دينار أو درهم أو ثوب أو دابة أو غيرها، و يقال لذلك الشي ء «المتعة».

و لو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غير الطلاق لم تستحق شيئا لا مهر و لا متعة، و كذا لو مات أحدهما قبله، و أما لو دخل بها استحقت عليه بسبب الدخول مهر أمثالها.


1- يعني لو جعل المسلم المهر ما لا يملكه المسلم.

ص: 208

[مسألة: 6 المعتبر في مهر المثل هنا و في كل مورد نحكم به ملاحظة حال المرأة و صفاتها]

مسألة: 6 المعتبر في مهر المثل هنا و في كل مورد نحكم به ملاحظة حال المرأة و صفاتها من السن و البكارة و النجابة و العفة و العقل و الأدب و الشرف و الجمال و الكمال و أضدادها، بل يلاحظ كل ماله دخل في العرف و العادة في ارتفاع المهر و نقصانه (1)، فتلاحظ أقاربها و عشيرتها و بلدها و غير ذلك أيضا.

[مسألة: 7 لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحر أو ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر]

مسألة: 7 لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحر أو ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر و استحقت عليه مهر المثل بالدخول، و كذلك الحال فيما إذا جعل المهر شيئا باعتقاد كونه خلا فبان خمرا أو شخصا باعتقاد كونه عبدا فبان حرا، بل و كذا الحال فيما إذا جعل المهر مال الغير أو شيئا باعتقاد كونه ماله فبان خلافه.

[مسألة: 8 لو شرك أباها في المهر- بأن سمي لها مهرا و لأبيها شيئا معينا- تعين ما سمى لها مهرا لها]

مسألة: 8 لو شرك أباها في المهر- بأن سمي لها مهرا و لأبيها شيئا معينا- تعين ما سمى لها مهرا لها و سقط ما سمى لأبيها، فلا يستحق الأب شيئا (2).

[مسألة: 9 ما تعارف في بعض البلاد من انه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا]

مسألة: 9 ما تعارف في بعض البلاد من انه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا و هو المسمى في لسان بعض بالشير بها و في لسان بعض آخر بشي ء آخر ليس بعنوان المهر و جزء منه بل هو شي ء آخر يؤخذ زائدا على المهر، و حكمه أنه ان كان إعطاؤه و أخذه بعنوان الجعالة لعمل مباح- كما إذا أعطى شيئا للأخ لان يتوسط في البين و يرضي أخته و يسعى في رفع بعض الموانع- فلا إشكال في جوازه و حليته، بل في استحقاق القريب له و عدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد إعطائه، و ان لم يكن بعنوان الجعالة فإن كان إعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه و ان كان لأجل جلب خاطره و تحبيبه و إرضائه حيث ان رضاه في نفسه مقصود أو من جهة ان رضى البنت منوط برضاه فبملاحظة هذه الجهات يطيب خاطر الزوج ببذل المال، فالظاهر جواز أخذه للقريب لكن يجوز للزوج استرجاعه ما دام موجودا، و اما مع عدم الرضى من الزوج و انما أعطاه من جهة استخلاص البنت حيث ان القريب


1- و لو تردد بين الأقل و الأكثر فالمتيقن أقل ما يصدق عليه و ان كان الأحوط التصالح.
2- و ان وقع عليه العقد جزءا للمهر أو استقلالا، لإطلاق النص.

ص: 209

مانع عن تمشية الأمر مع رضائها بالتزويج بما بذل لها من المهر فيحرم أخذه و أكله، و يجوز للزوج الرجوع فيه باقيا كان أو تالفا.

[مسألة: 10 إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شي ء]

مسألة: 10 إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شي ء، سواء كان بقدر مهر المثل أو أقل منه أو أكثر، و يتعين ذلك مهرا و كان كالمذكور في العقد.

[مسألة: 11 يجوز أن يجعل المهر كله حالا أي بلا أجل و مؤجلا]

مسألة: 11 يجوز أن يجعل المهر كله حالا أي بلا أجل و مؤجلا، و ان يجعل بعضه حالا و بعضه مؤجلا، و للزوجة مطالبة الحال في كل حال بشرط مقدرة الزوج و اليسار، بل لها أن تمتنع من التمكين و تسليم نفسها حتى تقبض مهرها الحال، سواء كان الزوج موسرا أو معسرا. نعم ليس لها الامتناع فيما لو كان المهر مؤجلا كله أو بعضه و قد أخذت بعضه الحال.

[مسألة: 12 يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة و يفوض تقديره و تعيينه الى أحد الزوجين]

مسألة: 12 يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة و يفوض تقديره و تعيينه الى أحد الزوجين، بأن تقول الزوجة مثلا زوجتك نفسي على ما تحكم أو احكم من المهر فقال قبلت، فان كان الحاكم الذي فوض اليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز أن يحكم بما شاء و لم يتقدر بقدر لا في طرف الكثرة و لا في طرف القلة ما دام متمولا، و ان كان الحكم إليها كان لها الحكم في طرف القلة بما شاءت، و اما في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد على مهر السنة و هو خمسمائة درهم.

[مسألة: 13 إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى و بقي نصفه]

مسألة: 13 إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى و بقي نصفه، فان كان دينا عليه و لم يكن قد دفعه برئت ذمته من نصفه، و ان كان عينا صارت مشتركة بينه و بينها، و لو كان دفعه إليها استعاد نصفه ان كان باقيا، و ان كان تالفا استعاد نصف مثله ان كان مثليا و نصف قيمته ان كان قيميا. و في حكم التلف نقله الى الغير بناقل لازم، و أما لو كان انتقاله منها الى الغير بناقل جائز كالبيع بخيار تخيرت في الرجوع و دفع نصف العين و في دفع بدل النصف.

[مسألة: 14 إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول]

مسألة: 14 إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور استحقاق المرأة

ص: 210

تمام المهر (1)، و قيل بأن الموت كالطلاق يكون سببا لتنصيف المهر، و هو الأقوى، خصوصا في موت المرأة، و ان كان الأحوط التصالح خصوصا في موت الرجل.

[مسألة: 15 الصداق تملكه المرأة بنفس العقد و تستقر ملكية تمامه بالدخول]

مسألة: 15 الصداق تملكه المرأة بنفس العقد و تستقر ملكية تمامه بالدخول، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول عاد اليه النصف و بقي للمرأة النصف، فلها التصرف فيه بعد العقد بأنواع التصرفات. و لو حصل له نماء كان لها خاصة، و بعد ما طلقها قبل الدخول كان له نصف ما وقع عليه العقد، و لا يستحق من النماء السابق شيئا.

[مسألة: 16 لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إليها]

مسألة: 16 لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إليها، و كذا لو كان الصداق عينا فوهبته إياها رجع بنصف مثلها إليها أو قيمة نصفها.

[مسألة: 17 الدخول الذي يستقر به تمام المهر هو مطلق الوطي و لو دبرا]

مسألة: 17 الدخول الذي يستقر به تمام المهر هو مطلق الوطي و لو دبرا، و إذا اختلف الزوجان بعد ما طلقها فادعت وقوع المواقعة و أنكرها فالقول قوله بيمينه، و له ان يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البينة على العدم ان أمكن، كما إذا ادعت المواقعة قبلا و كانت بكرا و كانت عنده بينة على بقاء بكارتها (2).

[مسألة: 18 إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة و أنكر الزوج]

مسألة: 18 إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة و أنكر الزوج، فان كان قبل الدخول فالقول قوله بيمينه، و ان كان بعد الدخول كلفت بالتعيين، بل لا يبعد عدم سماع الدعوى منها ما لم تفسر و انه لا يسمع منها مجرد قولها لي عليه المهر ما لم تبين المقدار، فإذا فسرت و قالت اني اطلب منك مهري و هو المبلغ الفلاني و لم يكن أزيد من مهر المثل حكم لها عليه بما تدعيه و لا يسمع منه إنكار أصل المهر.

نعم لو قال في جوابها نعم قد كان علي كذا الا انه قد سقط عني اما بالأداء أو الإبراء يسمع منه ذلك الا انه يحتاج إلى الإثبات، فإن أقام البينة على ذلك ثبت مدعاه و الا فله عليها اليمين، فان حلفت على نفي الأداء أو الإبراء ثبتت دعواها، و ان نكلت


1- و هو الأقوى في موت كل منهما.
2- أو تشهد البينة بعدم ملاقاتها بعد العقد لكونه مسافرا أو مجبوبا أو غيره من الموانع.

ص: 211

سقطت (1) و لها رد اليمين على الزوج، فان حلف على الإبراء أو الأداء سقطت دعواها، و ان نكل عن اليمين ثبتت. هذا لو كان ما تدعيه بمقدار مهر المثل أو أقل، و ان كان أكثر كان عليها الإثبات و الا فلها على الزوج اليمين.

[مسألة: 19 إذا توافقا على أصل المهر و اختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه]

مسألة: 19 إذا توافقا على أصل المهر و اختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلا إذا أثبتت الزوجة بالموازين الشرعية، و كذا إذا ادعت كون عين من الأعيان كدار أو بستان مهرا لها و أنكر الزوج فان القول قوله بيمينه و عليها البينة.

[مسألة: 20 إذا اختلفا في التعجيل و التأجيل]

مسألة: 20 إذا اختلفا في التعجيل و التأجيل فقالت المرأة انه حال معجل و قال الزوج أنه مؤجل و لم يكن بينة كان القول قولها بيمينها، و كذا لو اختلفا في زيادة الأجل، كما إذا ادعت أنه سنة و ادعى أنه سنتان.

[مسألة: 21 لو توافقا على المهر و ادعى تسليمه و لا بينة فالقول قولها بيمينها]

مسألة: 21 لو توافقا على المهر و ادعى تسليمه و لا بينة فالقول قولها بيمينها.

[مسألة: 22 لو دفع إليها قدر مهرها ثم اختلفا بعد ذلك فقالت دفعته هبة و قال بل دفعته صداقا]

مسألة: 22 لو دفع إليها قدر مهرها ثم اختلفا بعد ذلك فقالت دفعته هبة و قال بل دفعته صداقا فالقول قوله بيمينه.

[مسألة: 23 إذا زوج ولده الصغير فان كان للولد مال فالمهر على الولد]

مسألة: 23 إذا زوج ولده الصغير فان كان للولد مال فالمهر على الولد (2)، و ان لم يكن له مال فالمهر في عهدة (3) الوالد، فلو مات الوالد أخرج المهر من أصل تركته سواء بلغ الولد و أيسر أم لا.

[مسألة: 24 لو دفع الوالد المهر الذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثم بلغ الصبي فطلق قبل الدخول]

مسألة: 24 لو دفع الوالد المهر الذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثم بلغ الصبي فطلق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر و كان له دون والده.


1- بناء على سقوط الدعوى بالنكول.
2- لو لم يضمن الوالد.
3- ضمن أو لم يضمن.

ص: 212

[ (خاتمة) في الشروط المذكورة في عقد النكاح]

اشارة

(خاتمة) في الشروط المذكورة في عقد النكاح

[مسألة: 1 يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ]

مسألة: 1 يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ، و يجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود، لكن تخلفه أو تعذره لا يوجب الخيار في عقد النكاح بخلاف سائر العقود. نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين- مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج حرا أو مؤمنا غير مخالف- فتبين خلافه أوجب الخيار كما مرت الإشارة إليه في ضمن بعض المسائل السابقة.

[مسألة: 2 إذا شرط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل ان لا يتزوج عليها]

مسألة: 2 إذا شرط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل ان لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يمنعها من الخروج من المنزل متى شاءت و الى أين شاءت أو لا يعطي حق ضرتها من المضاجعة أو المواقعة أو النفقة و نحو ذلك بطل الشرط (1) لكن صح العقد و المهر و ان قلنا بأن الشرط الفاسد يفسد العقد، فبهذا أيضا امتاز عقد النكاح عن سائر العقود.

[مسألة: 3 لو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط، و لو أذنت بعد ذلك جاز]

مسألة: 3 لو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط، و لو أذنت بعد ذلك جاز من غير فرق في ذلك بين النكاح الدائم و المنقطع.

[مسألة: 4 إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها أو ان يسكنها في بلد معلوم أو منزل مخصوص]

مسألة: 4 إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها أو ان يسكنها في بلد معلوم أو منزل مخصوص يلزم العمل بالشرط.

[ (فصل) في القسم و النشوز و الشقاق]

اشارة

(فصل) في القسم و النشوز و الشقاق لكل واحد من الزوجين حق على صاحبه يجب عليه القيام به و ان كان حق الزوج أعظم، حتى انه قد ورد عن سيد البشر «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر و لو صلح


1- في بطلان شرط أن لا يتزوج أو لا يتسرى كلام، فلا يترك مراعاة الاحتياط.

ص: 213

لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها» الخبر.

و من حقه عليها ان تطيعه (1) و لا تعصيه و لا تخرج من بيتها إلا باذنه و لو الى أهلها و لو لعيادة والدها أو في عزائه، بل ليس لها أمر مع زوجها في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها، بل أيما امرأة قالت لزوجها ما رأيت منك خيرا قط أو من وجهك خيرا فقد حبط عملها، و أيما امرأة باتت و زوجها ساخط عليها في حق لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها، و ان خرجت من غير اذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتى ترجع الى بيتها.

و اما حقها عليه فهو أن يشبعها و يكسوها، و ان يغفر لها إذا جهلت و لا يقبح لها وجها، و في الخبر عن سيد البشر صلّى اللّٰه عليه و آله: أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت انه لا ينبغي طلاقها الا من فاحشة مبينة، و عيال الرجل أسراؤه و أحب العباد الى اللّٰه تعالى أحسنهم صنعا إلى أسرائه.

[مسألة: 1 من كانت له زوجة واحدة ليس لها على زوجها حق المبيت عندها و المضاجعة معها في كل ليلة]

مسألة: 1 من كانت له زوجة واحدة ليس لها على زوجها حق المبيت عندها و المضاجعة معها في كل ليلة، بل و لا في كل أربع ليال ليلة على الأقوى، بل القدر اللازم أن لا يهجرها و لا يذرها كالمعلقة لا هي ذات بعل و لا مطلقة. نعم لها عليه حق المواقعة في كل أربعة أشهر مرة كما مر. نعم ان كانت عنده أكثر من واحدة إذا بات عند إحداهن يجب عليه أن يبيت عند غيرها أيضا، فإذا كن أربع و بات عند إحداهن طاف عليهن في أربع ليالي لكل منهن ليلة و لا يفضل بعضهن على بعض، و إذا كانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهن يجب عليه ان يبيت عند الأخريين في ليلتين (2)، و إذا كانت عنده زوجتان و بات عند إحداهما بات في ليلة أخرى عند الأخرى (3) و بعد ذلك


1- ان تطيعه في غير معصية اللّٰه، و الواجب منه ما يأتي في النشوز.
2- و له ان يفضل إحداهن بليلتين.
3- و له ان يجعل لإحداهما ثلاث ليال و لأخرى واحدة.

ص: 214

ان شاء ترك المبيت عند الجميع و ان شاء شرع فيه على النحو المتقدم. و المشهور انه إذا كانت عنده زوجة واحدة كانت لها في كل اربع ليال ليلة و له ثلاث ليال، و إذا كانت عنده زوجات متعددة يجب عليه القسم بينهن في كل أربع ليال، فإذا كانت عنده أربع كانت لكل منهن ليلة، فإذا تم الدور يجب عليه الابتداء بإحداهن و إتمام الدور و هكذا، فليس له ليلة بل يكون جميع لياليه لزوجاته. و إذا كانت له زوجتان فلهما ليلتان من كل أربع ليال و ليلتان له، و إذا كانت له ثلاث كانت لهن ثلاث و الفاضل له. و العمل بهذا القول أحوط، خصوصا في أكثر من واحدة، و لكن الأقوى ما قدمناه خصوصا في الواحدة.

[مسألة: 2 يختص وجوب المبيت و المضاجعة فيما قلنا به بالدائمة]

مسألة: 2 يختص وجوب المبيت و المضاجعة فيما قلنا به بالدائمة، فليس للمتمتع بها هذا الحق، سواء كانت واحدة أو متعددة.

[مسألة: 3 في كل ليلة كان للمرأة حق المبيت يجوز لها ان ترفع اليد عنه و تهبه للزوج ليصرف ليله فيما يشاء]

مسألة: 3 في كل ليلة كان للمرأة حق المبيت يجوز لها ان ترفع اليد عنه و تهبه للزوج (1) ليصرف ليله فيما يشاء و ان تهبه لضرتها فصار الحق لها.

[مسألة: 4 تختص البكر أول عرسها بسبع ليال و الثيب بثلاث تنفصلان بذلك على غيرهما]

مسألة: 4 تختص البكر أول عرسها بسبع ليال (2) و الثيب بثلاث تنفصلان بذلك على غيرهما، و لا يجب عليه أن يقضي تلك الليالي لنسائه القديمة.

[مسألة: 5 لا قسمة للصغيرة و لا للمجنونة المطبقة و لا للناشزة]

مسألة: 5 لا قسمة للصغيرة و لا للمجنونة المطبقة (3) و لا للناشزة، و تسقط القسمة و حق المضاجعة بالسفر و ليس عليه القضاء.

[مسألة: 6 إذا شرع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء بأي منهن شاء]

مسألة: 6 إذا شرع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء بأي منهن شاء (4)،


1- بلا عوض أو مع العوض و كذا لضرتها.
2- له ذلك و له ان يخصها بثلاث مثل الثيب كما ورد في الرواية أيضا، و له ان لا يخصها بشي ء أصلا و ان كان الاختصاص أحسن.
3- الأحوط عدم ترك القسمة لها إذا كانت ملتفتة تنتفع بها، الا ان لا يكون مأمونا من البيتوتة عندها.
4- و كذا يعد تمام قسمة الاولى و ان كان الاحتياط فيه آكد.

ص: 215

و ان كان الاولى و الأحوط التعين بالقرعة.

[مسألة: 7 تستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق و الالتفات و إطلاق الوجه و المواقعة]

مسألة: 7 تستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق و الالتفات و إطلاق الوجه و المواقعة، و أن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها، و ان يأذن لها في حضور موت أبيها و أمها، و ان كان له منعها عن ذلك و عن عيادة أبيها و أمها فضلا عن غيرهما و عن الخروج من منزله إلا لحق واجب.

[القول في النشوز]
اشارة

القول في النشوز:

و هو في الزوجة خروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها، من عدم تمكين نفسها و عدم ازالة المنفرات المضادة للتمتع و الالتذاذ بها، بل و ترك التنظيف و التزيين مع اقتضاء الزوج لها، و كذا خروجها من بيته من دون اذنه و غير ذلك. و لا يتحقق النشوز بترك طاعته فيما ليست بواجبة عليها، فلو امتنعت من خدمات البيت و حوائجه التي لا تتعلق بالاستمتاع من الكنس أو الخياطة أو الطبخ أو غير ذلك حتى سقي الماء و تمهيد الفراش لم يتحقق النشوز.

[مسألة: 1 إذا ظهرت منها أمارات النشوز و الطغيان بسبب تغيير عادتها معه في القول أو الفعل]

مسألة: 1 إذا ظهرت منها أمارات النشوز و الطغيان بسبب تغيير عادتها معه في القول أو الفعل- بأن تجيبه بكلام خشن بعد ما كان بكلام لين أو ان تظهر عبوسا و تقطبا في وجهه و تثاقلا و دمدمة بعد أن كانت على خلاف ذلك و غير ذلك- جاز له هجرها في المضجع (1)، أما بأن يحول إليها ظهره في الفراش أو يعتزل فراشها بعد أن يعظها، فإذا لم يؤثر ذلك فيها حتى وقع منها النشوز جاز له ضربها، و يقتصر على ما يؤمل معه رجوعها، فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به، و الا تدرج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن مدميا و لا شديدا مؤثرا في اسوداد بدنها أو احمراره، و اللازم


1- الأقوى عدم جواز الهجر قبل وقوع النشوز، فإذا وقع يعظها فان لم يؤثر يهجرها، فان لم يؤثر جاز له ان يضربها. نعم لا بأس بالموعظة قبله إذا ظهرت أمارات النشوز خصوصا إذا كان بلسان لين و تلطف، و لكن ذلك لا يجزى عن الموعظة بعد النشوز.

ص: 216

ان يكون ذلك بقصد الإصلاح لا التشفي و الانتقام، و لو حصل بالضرب جناية وجب الغرم.

[مسألة: 2 و كما يكون النشوز من طرف الزوجة يكون من طرف الزوج أيضا بتعديه عليها]

مسألة: 2 و كما يكون النشوز من طرف الزوجة يكون من طرف الزوج أيضا بتعديه عليها و عدم القيام على حقوقها الواجبة، فإذا ظهر منه النشوز بمنع حقوقها من قسم و نفقة و نحوهما فلها المطالبة بها و وعظها إياه، فان لم يؤثر رفعت أمرها إلى الحاكم فيلزمه بها، و ليس لها هجره و لا ضربه، و إذا اطلع الحاكم على نشوزه و تعديه نهاه عن فعل ما يحرم عليه و امره بفعل ما يجب، فان نفع و الا عزره بما يراه، و له أيضا الإنفاق من ماله مع امتناعه من ذلك و لو ببيع عقاره إذا توقف عليه.

[مسألة: 3 إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة أو هم بطلاقها لكراهته لها لكبر سنها أو غيره]

مسألة: 3 إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة أو هم بطلاقها لكراهته لها لكبر سنها أو غيره أو هم بالتزويج عليها فبذلت له مالا أو بعض حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له صح و حل له ذلك، و أما لو ترك بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم و غير ذلك فبذلت مالا أو تركت بعض حقوقها ليقوم بما ترك من حقها أو ليمسك عن أذيتها أو ليخلعها فتخلص من يده حرم عليه ما بذلت و ان لم يكن من قصده الجاؤها بالبذل على الأقوى.

[مسألة: 4 إذا وقع نشوز من الزوجين و منافرة و شقاق بين الطرفين و انجر أمرهما إلى الحاكم]

مسألة: 4 إذا وقع نشوز من الزوجين و منافرة و شقاق بين الطرفين و انجر أمرهما إلى الحاكم بعث حكمين (1) حكما من جانبه و حكما من جانبها للإصلاح و رفع الشقاق بما رأياه من الصلاح من الجمع أو الفراق (2)، و يجب عليهما البحث و الاجتهاد في حالهما و فيما هو السبب و العلة لحصول الشقاق بينهما ثم يسعيان في أمرهما فكلما استقر عليه رأيهما و حكما به نفذ على الزوجين و يلزم عليهما الرضا به بشرط كونه سائغا، كما لو شرطا على الزوج ان يسكن الزوجة في البلد الفلاني أو في مسكن مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار أمه أو أخته و لو في بيت منفرد أو لا تسكن معها ضرتها في دار واحدة و نحو ذلك، أو شرطا عليها ان تؤجله بالمهر


1- بل يبعث بمجرد تحقق النشوز و خوف استمراره.
2- بإذنهما كما يأتي منه.

ص: 217

الحال إلى أجل أو ترد عليه ما قبضته فرضا و نحو ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق الضرة من قسم أو نفقة أو رخصة المرأة في خروجها من بيته حيث شاءت و أين شاءت و نحو ذلك.

[مسألة: 5 إذا اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك إلا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما إن شاءا جمعا]

مسألة: 5 إذا اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك إلا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما إن شاءا جمعا و ان شاءا فرقا، و حيث أن التفريق لا يكون الا بالطلاق فلا بد من وقوعه عند اجتماع شرائطه، بأن وقع في طهر لم يواقعها فيه و عند حضور العدلين و غير ذلك.

[مسألة: 6 الاولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين]

مسألة: 6 الاولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين، بأن يكون حكم من أهله و حكم من أهلها، فان لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما أهلا لهذا الأمر تعين من غيرهم. و لا يعتبر ان يكون من جانب كل منهما حكم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعين.

[مسألة: 7 ينبغي للحكمين إخلاص النية و قصد الإصلاح]

مسألة: 7 ينبغي للحكمين إخلاص النية و قصد الإصلاح، فمن حسنت نيته فيما تحراه أصلح اللّٰه مسعاه، كما يرشد الى ذلك قوله جل شأنه في هذا المقام «إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا».

[ (فصل) في أحكام الأولاد و الولادة]

اشارة

(فصل) في أحكام الأولاد و الولادة

[مسألة: 1 إنما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط ثلاثة]

مسألة: 1 إنما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها (1) بشروط ثلاثة: الدخول (2)، و مضي ستة أشهر أو أكثر من حين الوطي إلى زمن الولادة، و ان لا يتجاوز عن أقصى


1- مع الشك.
2- و لو في الدبر و به يتحقق الفراش و يلحق الولد بالزوج مع احتمال كونه له و إمكانه من حيث المدة و من حيث السبب، فباحتمال جذب المني أو التزريق بالإبرة لا يلحق قبل الدخول و ان كان الولد ملحقا به مع القطع بذلك.

ص: 218

مدة الحمل و هو تسعة أشهر على الأقوى. فلو لم يدخل بها أصلا (1) لم يلحق به قطعا، بل يجب نفيه عنه (2)، و كذا لو دخل بها و جاءت بولد حي كامل لأقل من ستة أشهر من حين الدخول، أو جاءت به و قد مضى من حين وطيه إياها أزيد من تسعة أشهر (3)، كما إذا اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر (4) أو أكثر و ولدت بعدها.

[مسألة: 2 إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد به]

مسألة: 2 إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد به، و لا يجوز له نفيه و ان وطئها واط فجورا فضلا عما لو اتهمها بالفجور، و لا ينتفي عنه لو نفاه ان كان العقد دائما إلا باللعان، بخلاف ما إذا كان العقد منقطعا و جاءت بولد أمكن إلحاقه به، فإنه و ان لم يجز له نفيه لكن لو نفاه ينتفي منه ظاهرا من غير لعان، لكن عليه اليمين مع دعواها أو دعوى الولد النسب.

[مسألة: 3 لا يجوز نفي الولد لمكان العزل، فلو نفاه لم ينتف الا باللعان]

مسألة: 3 لا يجوز نفي الولد لمكان العزل، فلو نفاه لم ينتف الا باللعان.

[مسألة: 4 الموطوءة بشبهة- كما إذا وطئ أجنبية بظن انها زوجته- يلحق ولدها بالواطئ]

مسألة: 4 الموطوءة بشبهة- كما إذا وطئ أجنبية بظن انها زوجته- يلحق ولدها بالواطئ، بشرط ان تكون ولادته (5) لستة أشهر من حين الوطي أو أكثر و ان لا يتجاوز عن أقصى الحمل.

[مسألة: 5 إذا اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد و عدمه فادعته المرأة ليلحق الولد به و أنكره]

مسألة: 5 إذا اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد و عدمه فادعته المرأة ليلحق الولد به و أنكره، أو اختلفا في ولادته فنفاها الزوج و ادعى انها أتت به من خارج، فالقول قوله بيمينه. و اما لو اتفقا في الدخول و الولادة و اختلفا في المدة فادعى


1- و لو في الدبر.
2- مع القطع بنفيه، و أما مع احتمال كونه له- كما إذا أنزل في فرجها من غير دخول أو حواليه أو أدخل الماء بوسيلة الإبرة و احتمل ان يكون الولد منه- فلا يجوز له نفيه و ان كان في إلحاقهما بالدخول في تحقق الفراش بهما اشكال.
3- بل أزيد من سنة حيث ان المختار كون أكثر مدة الحمل سنة.
4- بل غاب عنها أكثر من سنة أو جاءت بولد بعد موت الزوج في أكثر من سنة.
5- بشرط أن لا تكون موطوءة بغير شبهة أو لم تكن بحيث أمكن لحوقه بكل منهم و الا أقرع بين المحتملات.

ص: 219

ولادتها لدون ستة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل و ادعت هي خلافه فالقول قولها بيمينها، و يلحق الولد به و لا ينتفي عنه الا باللعان.

[مسألة: 6 لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت و تزوجت ثم أتت بولد]

مسألة: 6 لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت و تزوجت ثم أتت بولد، فان لم يمكن لحوقه بالثاني و أمكن لحقوقه بالأول- كما إذا ولدته لدون ستة أشهر من وطي الثاني و لتمامها من غير تجاوز عن أقصى الحمل من وطي الأول- فهو للأول و تبين بطلان نكاح الثاني لتبين وقوعه في العدة و حرمت عليه مؤبدا لوطيه إياها، و ان انعكس الأمر- بأن أمكن لحوقه بالثاني دون الأول- لحق بالثاني، بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطئ الأول و لأقل الحمل إلى الأقصى من وطي الثاني، و ان لم يمكن لحوقه بأحدهما- بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطي الأول و لدون ستة أشهر من وطي الثاني- انتفى منهما، و ان أمكن إلحاقه بهما- بأن كان ولادته لستة أشهر من وطي الثاني و لدون أقصى الحمل من وطي الأول- فهو للثاني.

[مسألة: 7 لو طلقها ثم بعد ذلك وطئت بشبهة ثم أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدة]

مسألة: 7 لو طلقها ثم بعد ذلك وطئت بشبهة ثم أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدة، فتجي ء فيه الصور الأربع المتقدمة حتى الصورة الأخيرة، و هي ما إذا أمكن اللحوق بكل منهما فإنه يلحق بالأخير هنا أيضا.

[مسألة: 8 إذا كانت تحت زوج و وطئها شخص آخر بشبهة ثم أتت بولد]

مسألة: 8 إذا كانت تحت زوج و وطئها شخص آخر بشبهة ثم أتت بولد فإن أمكن لحوقه بأحدهما دون الأخر يلحق به، و ان لم يمكن اللحوق بهما انتفى عنهما، و ان أمكن لحوقه بكل منهما أقرع بينهما.

[القول في أحكام الولادة و ما يلحق بها]
اشارة

القول في أحكام الولادة و ما يلحق بها:

للولادة و المولود سنن و آداب بعضها واجبة و بعضها مندوبة نذكر مهماتها في ضمن مسائل

ص: 220

[مسألة: 1 يجب استبداد النساء في شؤن المرأة حين ولادتها دون الرجال]

مسألة: 1 يجب استبداد النساء في شؤن المرأة حين ولادتها دون الرجال (1) الا مع عدم النساء. نعم لا بأس بالزوج و ان وجدت النساء.

[مسألة: 2 يستحب غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر]

مسألة: 2 يستحب غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر، و الأذان في اذنه اليمنى و الإقامة فاليسرى فإنه عصمة من الشيطان الرجيم، و تحنيكه بماء الفرات و تربة الحسين عليه السلام، و تسميته بالأسماء المستحسنة، فإن ذلك من حق الولد على الوالد، و أفضلها ما يتضمن العبودية للّٰه جل شأنه كعبد اللّٰه و عبد الرحيم و عبد الرحمن و نحو ذلك، و يليها أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام، و أفضلها اسم محمد صلّى اللّٰه عليه و آله، بل يكره ترك التسمية به إذا ولد له أربعة أولاد، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال: من ولد له أربعة أولاد و لم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني. و يكره ان يكنيه أبا القاسم إذا كان اسمه محمد، و يستحب ان يحلق رأس الولد يوم السابع و ان يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، و يكره أن يحلق من رأسه موضع و يترك موضع.

[مسألة: 3 و تستحب الوليمة عند الولادة، و هي إحدى الخمس التي سن فيها الوليمة]

مسألة: 3 و تستحب الوليمة عند الولادة، و هي إحدى الخمس التي سن فيها الوليمة، كما أن إحداها عند الختان، و لا يعتبر في السنة الأولى إيقاعها في يوم الولادة، فلا بأس بتأخيرها عنه بأيام قلائل، و الظاهر انه ان ختن في اليوم السابع أو قبله فأولم في يوم الختان بقصدهما تتأدى السنتان.

[مسألة: 4 يجب ختان الذكور، بل ربما يعد من الضروريات]

مسألة: 4 يجب ختان الذكور، بل ربما يعد من الضروريات، و يستحب إيقاعه في اليوم السابع، و يجوز التأخير عنه، و ان تأخر الى ما بعد البلوغ يجب عليه أن يختن نفسه، حتى ان الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان و ان طعن في السن. و هل يجب على الولي أن يختن الصبي فلا يجوز له تأخيره الى ما بعد بلوغه الا لعذر، فإن أخره إليه بدون عذر عصى الولي و ان وجب حينئذ على الصبي أم لا؟


1- إذا استلزم امدادهم للنظر أو اللمس المحرم عليهم. هذا عند الاختيار اما مع الاضطرار فلا بأس بل قد يجب.

ص: 221

قولان المشهور على الثاني (1)، و قيل بالأول، و هو الأحوط.

[مسألة: 5 الختان واجب لنفسه و شرط لصحة طوافه في حج أو عمرة واجبين أو مندوبين]

مسألة: 5 الختان واجب لنفسه و شرط لصحة طوافه في حج أو عمرة واجبين أو مندوبين، و ليس شرطا في صحة الصلاة على الأقوى فضلا عن سائر العبادات.

[مسألة: 6 الظاهر أن الحد الواجب في الختان أن تقطع الجلدة الساترة للحشفة المسماة بالغلفة]

مسألة: 6 الظاهر أن الحد الواجب في الختان أن تقطع الجلدة الساترة للحشفة المسماة بالغلفة بحيث تظهر ثقبة الحشفة و مقدار من بشرتها و ان لم تستأصل تلك الجلدة و لم يظهر تمام الحشفة، و بعبارة أخرى قطعها بحيث لم يصدق عليه الأغلف الذي ورد أن الأرض تضج من بوله أربعين صباحا.

[مسألة: 7 لا بأس بكون الختان كافرا حربيا أو ذميا، فلا يعتبر فيه الإسلام]

مسألة: 7 لا بأس بكون الختان كافرا حربيا أو ذميا، فلا يعتبر فيه الإسلام.

[مسألة: 8 لو ولد الصبي مختونا سقط الختان و ان استحب إمرار الموس على المحل لإصابة السنة]

مسألة: 8 لو ولد الصبي مختونا سقط الختان و ان استحب إمرار الموس على المحل لإصابة السنة.

[مسألة: 9 و من المستحبات الأكيدة العقيقة للذكر و الأنثى]

مسألة: 9 و من المستحبات الأكيدة العقيقة للذكر و الأنثى، و يستحب ان يعق عن الذكر ذكرا و عن الأنثى أنثى، و ان يكون يوم السابع، و ان تأخر عنه لعذر أو لغير عذر لم يسقط، بل لو لم يعق عن الصبي حتى بلغ و كبر عق عن نفسه، بل لو لم يعق عن نفسه في حياته يستحب أن يعق عنه بعد موته. و لا بد ان تكون من أحد الأنعام الثلاثة: الغنم ضأنا كان أو معزا، و البقر، و الإبل. و لا يجزي عنها التصدق بثمنها. و يستحب ان تجتمع فيها شروط الأضحية (2) من كونها سليمة من العيوب لا يكون سنها أقل من خمس سنين كاملة في الإبل و أقل من سنتين في البقر و أقل من سنة كاملة في المعز و أقل من سبعة شهور في الضأن، و يستحب ان تخص القابلة منها بالرجل و الورك (3) و لو لم تكن قابلة أعطى الأم تتصدق به.


1- و هو الأقوى.
2- و في الموثق «يذبح عنه كبش»، و إذا لم يوجد كبش أجزأه ما يجزى في الأضحية، بل يجزى و ان لم يكن واجدا لشرائط الأضحية.
3- بل الاولى اختصاصها بالثلث و دونه الربع، و ان كان مشتملا على الرجل و الورك فهو أفضل.

ص: 222

[مسألة: 10 يتخير في العقيقة بين أن يفرقها لحما أو مطبوخا أو تطبخ و يدعى عليها جماعة من المؤمنين]

مسألة: 10 يتخير في العقيقة بين أن يفرقها لحما أو مطبوخا أو تطبخ و يدعى عليها جماعة من المؤمنين، و لا أقل من عشرة، و ان زاد فهو أفضل يأكلون منها و يدعون للولد، و أفضل أحوال طبخها أن يكون بماء و ملح، و لا بأس بإضافة شي ء إليها من الحبوب كالحمص و غيره.

[مسألة: 11 لا يجب على الأم إرضاع ولدها لا مجانا و لا بالأجرة مع عدم الانحصار بها]

مسألة: 11 لا يجب على الأم إرضاع ولدها لا مجانا و لا بالأجرة مع عدم الانحصار بها (1)، كما أنه لا يجب عليها إرضاعه مجانا و ان انحصر بها، بل لها المطالبة بأجرة رضاعها من مال الولد إذا كان له مال و من أبيه إذا لم يكن له مال و كان الأب موسرا. نعم لو لم يكن للولد مال و لم يكن الأب موسرا (2) تعين على الأم إرضاعه مجانا اما بنفسها أو باستئجار مرضعة أخرى و تكون أجرتها عليها من حيث وجوب إنفاقه عليها.

[مسألة: 12 الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها إذا كانت متبرعة أو تطلب ما تطلب غيرها أو أنقص]

مسألة: 12 الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها إذا كانت متبرعة أو تطلب ما تطلب غيرها أو أنقص، و اما لو طلبت زيادة أو تطلب الأجرة و وجدت متبرعة كان للأب نزعه منها و تسليمه الى غيرها، و هل يسقط حينئذ حق الحضانة الثابت للأم أيضا؟ أقواهما العدم لعدم التنافي بين سقوط حق الإرضاع و ثبوت الحق الأخر، لإمكان كون الولد في حضانة الأم مع كون رضاعه من امرأة اخرى، اما بحمل الام الولد إلى المرضعة عند الاحتياج الى اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلا.

[مسألة: 13 لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم و لم يكن له بينة على وجودها فالقول قولها بيمينها]

مسألة: 13 لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم و لم يكن له بينة على وجودها فالقول قولها بيمينها.

[مسألة: 14 يستحب أن يكون رضاع الصبي بلبن امه]

مسألة: 14 يستحب أن يكون رضاع الصبي بلبن امه، فإنه ابرك من غيره الا إذا اقتضت بعض الجهات أولوية غيرها من حيث شرافتها و طيب لبنها و خباثة الأم.


1- يعني مع عدم انحصار حفظ الولد و تغذيته بمقدار الحاجة بلبن امه.
2- أو الجد و ان علا كما يأتي في النفقات.

ص: 223

[مسألة: 15 كمال الرضاع حولان كاملان أربع و عشرون شهرا]

مسألة: 15 كمال الرضاع حولان كاملان أربع و عشرون شهرا، و يجوز أن ينقص عن ذلك الى ثلاثة شهور، بأن يفطم على أحد و عشرين شهرا، و لا يجوز أن ينقص عن ذلك، و لو نقص عن ذلك مع الإمكان و من غير ضرورة كان جورا على الصبي كما في الخبر.

[مسألة: 16 الأم أحق بحضانة الولد و تربيته و ما يتعلق بها من مصلحة حفظه مدة الرضاع]

مسألة: 16 الأم أحق بحضانة الولد (1) و تربيته و ما يتعلق بها من مصلحة حفظه مدة الرضاع أعني حولين كاملين- ذكرا كان أو أنثى، سواء أرضعته هي بنفسها أو بغيرها، فلا يجوز للأب ان يأخذه في هذه المدة منها، فإذا فصل و انقضت مدة الرضاع فالأب أحق بالذكر (2) و الام أحق بالأنثى حتى تبلغ سبع سنين من عمرها، ثم يكون الأب أحق بها. و ان فارق الام بفسخ أو طلاق قبل أن تبلغ سبع سنين لم يسقط حق حضانتها ما لم تتزوج بالغير، فلو تزوجت سقط حقها (3) و كانت الحضانة للأب، و لو فارقها الثاني فهل تعود حضانتها أم لا؟ وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (4)، و الأحوط لهما التصالح و التسالم.

[مسألة: 17 لو مات الأب بعد انتقال الحضانة اليه أو قبله كانت الأم أحق بحضانة الولد]

مسألة: 17 لو مات الأب بعد انتقال الحضانة اليه أو قبله كانت الأم أحق بحضانة الولد- و ان كانت مزوجة ذكرا كان أو أنثى- من وصي أبيه و كذا من باقي أقاربه حتى أبي أبيه و امه فضلا عن غيرهما، كما أنه لو ماتت الأم في زمان حضانتها كان الأب أحق بها من وصيها و من أبيها و أمها فضلا عن باقي أقاربها، و إذا فقد الأبوان فالحضانة لأبي الأب، و إذا عدم و لم يكن وصي له و لا للأب كانت الحضانة لأقارب الولد على ترتيب مراتب الإرث الأقرب منهم يمنع الا بعد، و مع التعدد و التساوي في المرتبة و التشاح أقرع بينهم، و إذا وجد وصي لأحدهما ففي كون الأمر كذلك أو


1- بشرط ان تكون حرة مسلمة إذا كان الولد مسلما و ان تكون عاقلة.
2- بشرط ان يكون حرا عاقلا و ان يكون مسلما إذا كان الولد مسلما.
3- منهما حتى في مدة الرضاع.
4- بل ثانيهما.

ص: 224

كون الحضانة للوصي ثم إلى الأقارب وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان و الأحوط التصالح (1) و التسالم.

[مسألة: 18 تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا، فإذا بلغ الرشد ليس لأحد حق الحضانة عليه حتى الأبوين]

مسألة: 18 تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا، فإذا بلغ الرشد ليس لأحد حق الحضانة عليه حتى الأبوين فضلا عن غيرهما، بل هو مالك لنفسه و كان اليه الخيار في الانضمام الى من شاء منهما، أو من غيرهما ذكرا كان أم أنثى.

[ (فصل) في النفقات]

اشارة

(فصل) في النفقات انما تجب النفقة بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية، و القرابة، و الملك.

[مسألة: 1 انما تجب نفقة الزوجة على الزوج بشرط أن تكون دائمة]

مسألة: 1 انما تجب نفقة الزوجة على الزوج بشرط أن تكون دائمة، فلا نفقة للمنقطعة، و ان تكون مطيعة للزوج (2) فيما يجب اطاعتها له فلا نفقة للناشزة، و قد مر بيان ما يتحقق به النشوز سابقا، و لا فرق بين أن تكون مسلمة أو ذمية و ان تكون حرة أو امة.

[مسألة: 2 لو نشزت ثم عادت الى الطاعة لم تستحق النفقة حتى تظهرها و علم بها و انقضى زمان]

مسألة: 2 لو نشزت ثم عادت الى الطاعة لم تستحق النفقة حتى تظهرها و علم بها و انقضى زمان أمكن الوصول إليها.

[مسألة: 3 لو ارتدت سقطت النفقة و ان عادت عادت]

مسألة: 3 لو ارتدت سقطت النفقة و ان عادت عادت (3).

[مسألة: 4 الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها]

مسألة: 4 الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها، خصوصا إذا كان صغيرا غير قابل للتمتع و التلذذ، و كذا للزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا غير قابل لان يستمتع منها. نعم لو كانت الزوجة مراهقة و كان الزوج مراهقا أو كبيرا أو كان الزوج مراهقا و كانت الزوجة كبيرة لم يبعد استحقاق الزوجة


1- لا يترك، و أحوط منه الاستيذان من الحاكم أيضا.
2- إذا طلب منها.
3- في العدة و الا تبين منه كما مر.

ص: 225

للنفقة (1) مع تمكينها له من نفسها على ما يمكنه من التلذذ و الاستمتاع منها.

[مسألة: 5 لا تسقط نفقتها بعدم تمكينها له من نفسها لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض]

مسألة: 5 لا تسقط نفقتها بعدم تمكينها له من نفسها لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض أو غير ذلك، و كذا لا تسقط إذا سافرت بإذن الزوج، سواء كان في واجب أو مندوب أو مباح، و كذا لو سافرت في واجب مضيق كالحج الواجب بغير اذنه، بل و لو مع منعه و نهيه، بخلاف ما لو سافرت بغير اذنه في مندوب أو مباح فإنه تسقط نفقتها، بل الأمر كذلك لو خرجت من بيته بغير اذنه و لو لغير سفر فضلا عما كان له لتحقق النشوز المسقط للنفقة.

[مسألة: 6 تثبت النفقة و السكنى لذات العدة الرجعية ما دامت في العدة]

مسألة: 6 تثبت النفقة و السكنى لذات العدة الرجعية ما دامت في العدة كما تثبت للزوجة، من غير فرق بين كونها حائلا أو حاملا، و لو كانت ناشزة و طلقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة (2) كالزوجة الناشزة. و اما ذات العدة البائنة فتسقط نفقتها و سكناها، سواء كانت عن طلاق أو فسخ، إلا إذا كانت عن طلاق و كانت حاملا فإنها تستحق النفقة و السكنى حتى تضع حملها. و لا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدتها، و كذا الحامل المتوفّى عنها زوجها، فإنه لا نفقة لها مدة حملها لا من تركة زوجها و لا من نصيب ولدها على الأقوى.

[مسألة: 7 لو ادعت المطلقة بائنا انها حامل مستندة الى وجود الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النسوان صدقت]

مسألة: 7 لو ادعت المطلقة بائنا انها حامل مستندة الى وجود الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النسوان صدقت و أنفق عليها يوما فيوما الى أن يتبين الحال، فان تبين الحمل و الا استعيد منها ما صرف إليها، و في جواز مطالبتها بكفيل قبل تبين الحال وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (3).


1- المتيقن ممن تجب نفقتها هي الزوجة الكبيرة المتمكنة للزوج الكبير. نعم ما ذكره أحوط في خصوص ما إذا كان الزوج كبيرا.
2- ما دامت باقية على النشوز، فان رجعت و أظهرت التمكين فالظاهر وجوب نفقتها عليه.
3- بل ثانيهما بعد ما كانت مصدقة.

ص: 226

[مسألة: 8 لا تقدير للنفقة شرعا]

مسألة: 8 لا تقدير للنفقة شرعا، بل الضابط القيام بما تحتاج اليه المرأة من طعام و أدام و كسوة و فراش و غطاء و إسكان و إخدام و آلات تحتاج إليها لشربها و طبخها و تنظيفها و غير ذلك، فأما الطعام فكميته بمقدار ما يكفيها لشبعها، و في جنسه يرجع الى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها و الموالم لمزاجها و ما تعودت به بحيث تتضرر بتركه. و اما الإدام فقدرا و جنسا كالطعام يراعى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها و ما يوالم مزاجها و ما هو معتاد لها، حتى انه لو كانت عادة أمثالها أو الموالم لمزاجها دوام اللحم مثلا لوجب، و كذا لو اعتادت بشي ء خاص من الإدام (1) بحيث تتضرر بتركه، بل الظاهر مراعاة ما تعارف اعتياده لأمثالها من غير الطعام و الإدام كالشاي و التنباك و القهوة و نحوها، و أولى بذلك المقدار اللازم من الفواكه الصيفية التي تناولها كاللازم في الأهوية الحارة، و كذلك الحاصل في الكسوة فيلاحظ في قدرها و جنسها عادة أمثالها و بلد سكناها و الفصول التي تحتاج إليها شتاء و صيفا ضرورة شدة الاختلاف في الكم و الكيف و الجنس بالنسبة الى ذلك، بل لو كانت من ذوات التجمل وجب لها زيادة على ثياب البدن ثياب له على حسب أمثالها، و هكذا الفراش و الغطاء فان لها ما تفرشها على الأرض و ما تحتاج إليها للنوم من لحاف و مخدة و ما تنام عليها، و يرجع في قدرها و جنسها و وصفها الى ما ذكر في غيرها. و تستحق في الإسكان أن يسكنها دارا يليق بها بحسب عادة أمثالها و كانت لها من المرافق ما تحتاج إليها، و لها ان تطالبه بالتفرد بالمسكن عن مشاركة غير الزوج ضرة أو غيرها من دار أو حجرة منفردة المرافق إما بعارية أو إجارة أو ملك، و لو كانت من أهل البادية كفاها كوخ أو بيت شعر منفرد يناسب حالها. و اما الإخدام فإنما يجب ان كانت ذات حشمة و شأن و من ذوي الاخدام و الا خدمت نفسها، و إذا وجبت الخدمة فالزوج بالخيار بين ان يبتاع خادمة لها أو يستأجرها أو يستعيرها لها أو يأمر مملوكته بأن تخدمها أو يخدمها بنفسه على اشكال في الأخير. و اما الآلات و الأدوات المحتاج إليها فهي أيضا تلاحظ ما هو


1- في لزوم بذل ما اعتادت شخصا بما هو غير متعارف اشكال بل منع.

ص: 227

المتعارف لأمثالها بحسب حاجات بلدها التي تسكن و تتعيش بها ضرورة اختلافها بحسبها اختلافا فاحشا (1).

[مسألة: 9 الظاهر أنه من الإنفاق الذي تستحقه الزوجة اجرة الحمام عند الحاجة]

مسألة: 9 الظاهر أنه من الإنفاق الذي تستحقه الزوجة اجرة الحمام عند الحاجة، سواء كان للاغتسال أو للتنظيف إذا كانت في بلدها لم يتعارف الغسل و الاغتسال في البيت أو يتعذر أو يتعسر ذلك لها لبرد أو غيره، و منه أيضا الفحم و الحطب في زمان الاحتياج إليهما، و كذا الأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها بسبب الأمراض و الآلام التي قلما يخلو الشخص منها في الشهور و الأعوام. نعم الظاهر أنه ليس من الدواء ما يصرف في المعالجات الصعبة التي يكون الاحتياج إليها من باب الاتفاق، خصوصا فيما إذا احتاج الى بذل مال خطير، و هل يكون منه اجرة القصد و الحجامة عند الاحتياج إليهما؟ فيه تأمل و إشكال (2).

[مسألة: 10 تملك الزوجة على الزوج نفقة كل يوم من الطعام و الإدام و غيرهما]

مسألة: 10 تملك الزوجة على الزوج نفقة كل يوم من الطعام (3) و الإدام و غيرهما مما يصرف و لا يبقى عينه في صبيحته، فلها أن تطالبه بها عندها، فلو منعها و انقضى اليوم استقرت في ذمته و كانت دينا عليه و ليست لها مطالبة نفقة الأيام الآتية.

و لو مضت أيام و لم ينفق عليها فيها اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة، سواء طالبته بها أو سكتت عنها، و سواء قدرها الحاكم و حكم بها أم لا، و سواء كان موسرا أو معسرا، غاية الأمر انه مع الإعسار ينظر في المطالبة إلى اليسار.

[مسألة: 11 لو دفعت إليها نفقة أيام كأسبوع أو شهر مثلا و انقضت المدة و لم تصرفها على نفسها]

مسألة: 11 لو دفعت إليها نفقة أيام كأسبوع أو شهر مثلا و انقضت المدة و لم تصرفها على نفسها اما بأن أنفقت من غيرها أو أنفق عليها أحد كانت ملكا لها و ليس


1- و في اختلاف مصاديق المتعارف يلاحظ المتوسط بحسب حالهما شأنا و زمانا و مكانا.
2- لا اشكال فيه مع التعارف لكنه فعلا غير متعارف.
3- بل تملك عليه بشرط التمكين الإنفاق، أما بإباحة النفقة لها و اما بتمليكها إياها، فإن ملكها تملكها مراعى بحصول التمكين، فان نشزت تسترد البقية و نرد المثل و القيمة مع الصرف، و كذا لو أباح لها و أتلفت أو كانت باقية.

ص: 228

للزوج استردادها، و كذا لو استفضلت منها شيئا بالتقتير على نفسها كانت الزيادة ملكا لها فليس له استردادها. نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائنا يوزع المدفوع على الأيام الماضية و الآتية و يسترد منها بالنسبة الى ما بقي من المدة، بل الظاهر ذلك أيضا فيما إذا دفع لها نفقة يوم و عرضت أحد تلك العوارض في أثناء اليوم، فيسترد الباقي من نفقة ذلك اليوم.

[مسألة: 12 كيفية الإنفاق بالطعام و الإدام: اما بمؤاكلتها مع الزوج في بيته على العادة كسائر عياله]

مسألة: 12 كيفية الإنفاق بالطعام و الإدام: اما بمؤاكلتها مع الزوج في بيته على العادة كسائر عياله، و اما بتسليم النفقة لها. و ليس له إلزامها بالنحو الأول، فلها أن تمتنع من المؤاكلة معه و تطالبه بكون نفقتها بيدها تفعل بها ما تشاء، الا انه إذا أكلت و شربت معه على العادة سقط ما على الزوج من النفقة، فليس لها ان تطالبه بها بعد ذلك.

[مسألة: 13 ما يدفع لها للطعام و الإدام إما عين المأكول]

مسألة: 13 ما يدفع لها للطعام و الإدام إما عين المأكول كالخبز و التمر و الطبيخ و اللحم المطبوخ مما لا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج و مزاولة و مئونة و كلفة، و اما عين يحتاج في ذلك الى ذلك كالحب و الأرز و الدقيق و نحو ذلك، و الظاهر أن الزوج بالخيار بين النحوين (1) و ليس للزوجة الامتناع و إلزامه بالنحو الأول. نعم لو اختار النحو الثاني و احتاج اعداد المدفوع للأكل إلى أجرة أو الى مئونة كالحطب و غيره كان عليه.

[مسألة: 14 إذا تراضيا على بذل الثمن و قيمة الطعام و الإدام و تسلمت ملكته]

مسألة: 14 إذا تراضيا على بذل الثمن و قيمة الطعام و الإدام و تسلمت ملكته و سقط ما هو الواجب على الزوج و ليس لكل منهما إلزام الأخر به.

[مسألة: 15 إنما تستحق بالكسوة على الزوج أن يكسوها بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره]

مسألة: 15 إنما تستحق بالكسوة على الزوج أن يكسوها بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره، و لا تستحق عليه ان يدفع إليها بعنوان التمليك، و لو دفع إليها كسوة لمدة جرت العادة ببقائها إليها فكستها فخلقت قبل تلك المدة أو سرقت وجب عليه دفع كسوة أخرى إليها، و لو انقضت المدة و الكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة


1- بشرط ان لا يخرج عن إمساك بمعروف أو كان باختيارها.

ص: 229

أخرى، و لو خرجت في أثناء المدة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق تسترد إذا كانت باقية، و كذلك الكلام في الفراش و الغطاء و اللحاف و الآلات التي دفعها إليها من جهة الإنفاق مما ينتفع بها مع بقاء عينها، فإنها كلها باقية (1) على ملك الزوج تنتفع بها الزوجة، فله استردادها (2) إذا زال استحقاقها الا مع التصريح بإنشاء التمليك لها.

[مسألة: 16 إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على الاستحقاق]

مسألة: 16 إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على الاستحقاق، فان كان الزوج غائبا أو كانت الزوجة منعزلة عنه فالقول قولها بيمينها إذا لم يكن له بينة، و ان كانت في بيته داخلة في عيالاته فالظاهر أن القول قول الزوج بيمينه إذا لم يكن لها بينة.

[مسألة: 17 إذا كانت الزوجة حاملا و وضعت و قد طلقت رجعيا و اختلفا في وقوع زمان الطلاق]

مسألة: 17 إذا كانت الزوجة حاملا و وضعت و قد طلقت رجعيا و اختلفا في وقوع زمان الطلاق، فادعى الزوج انه قبل الوضع و قد انقضت عدتها بالوضع فلا نفقة لها الان، و ادعت هي أنه بعده لتثبت لها النفقة و لم تكن بينة، فالقول قولها مع اليمين، فان حلفت ثبت لها استحقاق النفقة، لكن يحكم عليه بالبينونة و عدم جواز الرجوع من جهة اعترافه بأنها قد خرجت من العدة بالوضع.

[مسألة: 18 إذا طالبته بالإنفاق و ادعى الإعسار و عدم الاقتدار و لم تصدقه بل ادعت عليه اليسار]

مسألة: 18 إذا طالبته بالإنفاق و ادعى الإعسار و عدم الاقتدار و لم تصدقه بل ادعت عليه اليسار فالقول قوله بيمينه إذا لم يكن لها بينة، إلا إذا كان مسبوقا باليسار و ادعى تلف أمواله و صيرورته معسرا و أنكرته فإن القول قولها بيمين إذا لم يكن بينة.

[مسألة: 19 لا يشترط في استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتياجها]

مسألة: 19 لا يشترط في استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتياجها، فلها على زوجها الإنفاق و بذل مقدار النفقة و ان كانت من أغنى الناس.

[مسألة: 20 إذا لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه و زوجته و أقاربه الواجبي النفقة فهو مقدم على زوجته]

مسألة: 20 إذا لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه و زوجته و أقاربه الواجبي النفقة فهو مقدم على زوجته و هي على أقاربه، فما فضل من قوته صرفه إليها و لا يدفع الى الأقارب إلا ما يفضل من نفقتها.


1- و له تمليكها لها كما مر في النفقة.
2- كما ان لها المطالبة بالتبديل لو خرجت عن شأنها بطول الزمان مع بقاء استحقاقها.

ص: 230

[القول في نفقة الأقارب]
اشارة

القول في نفقة الأقارب:

[مسألة: 1 يجب الإنفاق على الأبوين و آبائهما و أمهاتهما و ان علوا]

مسألة: 1 يجب الإنفاق على الأبوين و آبائهما و أمهاتهما و ان علوا، و على الأولاد و أولادهم و ان نزلوا ذكورا و إناثا صغيرا كانوا أو كبيرا مسلما كانوا أو كافرا، و لا تجب على غير العمودين من الأقارب كالإخوة و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و غيرهم، و ان استحب خصوصا الوارث منهم.

[مسألة: 2 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره و احتياجه]

مسألة: 2 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره و احتياجه، بمعنى عدم وجدانه لما يتقوت به فعلا، فلا يجب إنفاق من قدر على نفقته فعلا و ان كان فقيرا لا يملك قوت سنة و جاز له أخذ الزكاة و نحوها. و اما غير الواجد لها فعلا القادر على تحصيلها، فان كان ذلك بغير الاكتساب كالاقتراض و الاستعطاء و السؤال لم يمنع ذلك عن وجوب الإنفاق عليه بلا إشكال، فإذا لم يكن للأب مثلا ما ينفق على نفسه لكن يمكن له الاقتراض أو السؤال و كان بحيث لو اقترض يقرضونه و لو سأل يعطونه و قد تركهما فالواجب على ولده الموسر نفقته (1) و ان كان ذلك بالاكتساب، فان كان ذلك بالاقتدار على تعلم صنعة بها إمرار معاشه كالبنت تقدر على تعلم الخياطة المكفية عن معيشتها و الابن يقدر على تعلم الكتابة أو الصياغة أو النجارة المكفية عن نفقته و قد تركا التعلم فبقيا بلا نفقة فلا إشكال في وجوب الإنفاق عليه (2)، و كذا الحال لو أمكن له التكسب بما يشق عليه تحمله كحمل الأثقال أو لا يناسب شأنه كبعض الأشغال لبعض الأشخاص و لم يتكسب لذلك فإنه يجب على قريبه الإنفاق عليه، و ان كان قادرا على التكسب بما يناسب حاله و شأنه كالقوي القادر على حمل الأثقال و الوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال و من كان كسوبا و له بعض الأشغال و الصنائع و قد ترك ذلك طلبا للراحة فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه. نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجا


1- وجوب نفقة القادر على الاقتراض المتمكن من أدائه محل منع.
2- في حال عجزه.

ص: 231

فعلا بالنسبة إلى يوم و أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الإنفاق عليه و ان كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما انه قد ترك التشاغل بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الإنفاق عليه.

[مسألة: 3 إذا أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها و يقوم بنفقتها دائما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر]

مسألة: 3 إذا أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها و يقوم بنفقتها دائما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو ابنها الإنفاق عليها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني.

[مسألة: 4 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه و نفقة زوجته]

مسألة: 4 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه و نفقة زوجته لو كانت له زوجة دائمة، فلو حصل له قدر كفاية نفسه خاصة اقتصر على نفسه، و لو فرض انه فضل منه شي ء و كانت له زوجة فلزوجته، فلو فضل منه شي ء فللأبوين و الأولاد.

[مسألة: 5 المراد بنفقة نفسه المقدمة على نفقة زوجته مقدار قوت يومه]

مسألة: 5 المراد بنفقة نفسه المقدمة على نفقة زوجته مقدار قوت يومه و ليلته و كسوته اللائقة بحاله و كل ما اضطر اليه من الآلات للطعام و الشراب و الفراش و الغطاء و غيرها، فان زاد على ذلك شي ء صرفه الى زوجته ثم الى قرابته.

[مسألة: 6 لو زاد عن نفقته شي ء و لم تكن عنده زوجة]

مسألة: 6 لو زاد عن نفقته شي ء و لم تكن عنده زوجة، فإن اضطر الى التزويج بحيث يكون في تركه عسر و حرج شديد أو مظنة فساد ديني فله أن يصرفه في التزويج و ان لم يبق لقريبه شي ء، و ان لم يكن كذلك ففي جواز صرفه في الزواج و ترك إنفاق القريب تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 7 لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل الى تحصيله بأي وسيلة حتى بالاستعطاء و السؤال]

مسألة: 7 لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل الى تحصيله بأي وسيلة حتى بالاستعطاء و السؤال فضلا عن الاكتساب اللائق بالحال، و اما لو لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فلا ينبغي الإشكال في أنه يجب عليه تحصيله


1- الظاهر التفصيل بين الحاجة و لو لم تكن بحد الاضطرار و عدمها، فعلى الأول يصرفه في التزويج لانه يحسب من مئونته و على الثاني بصرفه في القريب.

ص: 232

بالاكتساب اللائق بشأنه و حاله، و لا يجب عليه التوسل الى تحصيله بمثل الاستيهاب و السؤال. نعم لا يبعد وجوب الاقتراض إذا أمكن من دون مشقة و كان له محل الإيفاء فيما بعد، و كذا الشراء نسيئة بالشرطين المذكورين.

[مسألة: 8 لا تقدير في نفقة الأقارب]

مسألة: 8 لا تقدير في نفقة الأقارب، بل الواجب قدر الكفاية من الطعام و الإدام و الكسوة و المسكن مع ملاحظة الحال و الشأن و الزمان و المكان حسب ما مر في نفقة الزوجة.

[مسألة: 9 لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولدا كان أو والدا بتزويج أو إعطاء مهر له أو تمليك امة أو تحليلها عليه]

مسألة: 9 لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولدا كان أو والدا بتزويج أو إعطاء مهر له أو تمليك امة أو تحليلها عليه، و ان كان أحوط مع حاجته الى النكاح و عدم قدرته على التزويج و بذل الصداق خصوصا في الأب.

[مسألة: 10 يجب على الولد نفقة والده دون أولاده لأنهم اخوته و دون زوجته]

مسألة: 10 يجب على الولد نفقة والده دون أولاده لأنهم اخوته و دون زوجته، و يجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته. نعم يجب عليه نفقة أولاده أيضا لأنهم أولاده.

[مسألة: 11 لا تقضى نفقة الأقارب و لا يتداركه لو فات في وقته و زمانه و لو بتقصير من المنفق]

مسألة: 11 لا تقضى نفقة الأقارب و لا يتداركه لو فات في وقته و زمانه و لو بتقصير من المنفق، و لا يستقر في ذمته بخلاف الزوجة كما مر. نعم لو لم ينفق عليه لغيبته أو امتنع عن إنفاقه مع يساره و رفع المنفق عليه أمره الى الحاكم فأمره بالاستدانة عليه فاستدان عليه اشتغلت ذمته بما استدانه و وجب عليه قضاؤه، و ان تعذر الحاكم فالظاهر أنه يجتزي بنيته (1)، بمعنى أنه لو استدان بقصد كونه على المنفق وجب عليه قضاؤه.

[مسألة: 12 قد ظهر مما مر أن وجوب الإنفاق ثابت بشروطه في عمودي النسب]

مسألة: 12 قد ظهر مما مر أن وجوب الإنفاق ثابت بشروطه في عمودي النسب- أعني بين الأصول و الفروع دون الحواشي كالإخوة و الأعمام و الأخوال- فليعلم أن لوجوب الإنفاق ترتيب من جهتين: من جهة المنفق، و من جهة المنفق عليه.

اما من جهة الاولى فتجب نفقة الولد ذكرا كان أو أنثى على أبيه، و مع عدمه أو فقره فعلى جدة للأب، و مع عدمه أو إعساره فعلى جد الأب، و هكذا متعاليا الأقرب


1- و الأحوط أن يكون ذلك بعد رفع الأمر إلى العدول و تكون الاستدانة بأمرهم.

ص: 233

فالأقرب. و لو عدمت الإباء أو كانوا معسرين فعلى أم الولد، و مع عدمها أو إعسارها فعلى أبيها و أمها و أبي أبيها و أم أبيها و أبي أمها و أم أبيها و هكذا الأقرب فالأقرب، و مع التساوي في الدرجة يشتركون في الإنفاق بالسوية، و ان اختلفوا في الذكورة و الأنوثة. و في حكم آباء الام و أمهاتها أم الأب و كل من تقرب الى الأب بالأم كأبي أم الأب و أم أم الأب و أم أبي الأب و هكذا، فإنه تجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه و أمه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلى الولد، فإذا كان له أب وجد موسران كانت نفقته على الأب، و إذا كان له أب مع أم كانت نفقته على الأب، و إذا كان له جد لأب مع أم كانت نفقته على الجد، و إذا كان له جد لام مع أم كانت نفقته على الام، و إذا كان له جد و جدة لأم تشاركا في الإنفاق عليه بالسوية، و إذا كانت له جدة لأب مع جد و جدة لأم تشاركوا فيه ثلاثا.

هذا كله في الأصول أعني الإباء و الأمهات، و اما الفروع أعني الأولاد فتجب نفقة الأب و الام عند الإعسار على الولد مع اليسار ذكرا كان أم أنثى، و مع فقده أو إعساره فعلى ولد الولد- أعني ابن ابن أو بنت و بنت ابن أو بنت- و هكذا الأقرب فالأقرب، و مع التعدد و التساوي في الدرجة يشتركون بالسوية، فلو كان له ابن أو بنت مع ابن ابن مثلا كانت نفقته على الابن أو البنت، و لو كان له ابنان أو بنتان أو ابن و بنت اشتركا في الإنفاق بالسوية، و إذا اجتمع الأصول مع الفروع يراعى الأقرب فالأقرب، و مع التساوي يتشاركون، فإذا كان له أب مع ابن أو بنت تشاركا بالسوية، و إذا كان له أب مع ابن ابن أو ابن بنت كانت نفقته على الأب، و إذا كان له ابن و جد لأب كانت على الابن، و إذا كان له ابن ابن مع جد لأب تشاركا بالسوية. و إذا كانت له أم مع ابن ابن أو ابن بنت مثلا كانت نفقته على الام. و يشكل الأمر فيما إذا اجتمعت الام مع الابن أو البنت، و الأحوط التراضي (1) و التصالح على الاشتراك بالتسوية.


1- بل الأحوط التراضي و التصالح في أكثر الفروع المذكورة مما لم يكن فيه وجه صحيح لتقدم بعض على بعض.

ص: 234

و أما من الجهة الثانية فإذا كان عنده زائدا على نفقته و نفقة زوجته ما يكفي لإنفاق جميع أقاربه المحتاجين وجب عليه نفقة الجميع، و إذا لم يكف الا لإنفاق بعضهم ينفق على الأقرب فالأقرب منهم، فإذا كان عنده ابن أو بنت مع ابن ابن و كان عنده ما يكفي أحدهما ينفق على الابن أو البنت دون ابن ابن، و إذا كان عنده أبواه مع ابن ابن و ابن بنت أو مع جد و جدة لأب أو لام أو بالاختلاف و كان عنده ما يكفي اثنين أنفق على الأبوين و هكذا. و اما إذا كان عنده قريبان أو أزيد في مرتبة واحدة و كان عنده ما لا يكفي الجميع فالأقرب انه يقسم بينهم بالسوية (1).

[مسألة: 13 لو كان له ولدان و لم يقدر الا على نفقة أحدهما و كان له أب موسر]

مسألة: 13 لو كان له ولدان و لم يقدر الا على نفقة أحدهما و كان له أب موسر، فان اختلفا في قدر النفقة و كان ما عنده يكفي لأحدهما بعينه كالاقل نفقة اختص به و كان نفقة الأخر على أبيه جد الولدين، و ان اتفقا في مقدار النفقة فإن توافق مع الجد في ان يشتركا في إنفاقهما أو تراضيا على أن يكون أحدهما المعين في نفقة أحدهما و الأخر في نفقة آخر فهو، و الا رجعا إلى القرعة.

[مسألة: 14 لو دافع و امتنع من وجبت عليه النفقة عن الإنفاق أجبره الحاكم]

مسألة: 14 لو دافع و امتنع من وجبت عليه النفقة عن الإنفاق أجبره الحاكم، و مع عدمه فعدول المؤمنين، و ان لم يمكن إجباره فإن كان له مال أمكن للمنفق عليه أن يقتص منه (2) مقدار نفقته جاز له، و الا أمره الحاكم بالاستدانة عليه، و مع تعذر الحاكم (3) جاز له ذلك كما مر.

[مسألة: 15 تجب نفقة المملوك رقيقا كان أو غيره حتى النحل ودود القز على مالكه]

مسألة: 15 تجب نفقة المملوك رقيقا كان أو غيره حتى النحل ودود القز على مالكه، و مولى الرقيق بالخيار بين الإنفاق عليه من خالص ماله أو من كسبه، بأن يرخصه في ان يكتسب و يصرف ما حصله في نفقته و ما زاد لسيده، فلو قصر كسبه عن نفقته كان على المولى إتمامه، و لا تقدير لنفقته بل الواجب قدر الكفاية من طعام و إدام و كسوة، و يرجع في جنس ذلك الى عادة مماليك أمثال السيد مع أهل بلده، كما


1- ان أمكن و الا يرجع الى القرعة.
2- بإذن الحاكم على الأحوط.
3- و تعذر العدول.

ص: 235

انه لا تقدير لنفقة البهيمة، بل الواجب القيام بما تحتاج اليه من أكل و سقي و مكان رحل و نحو ذلك، و أما مالكها بالخيار بين علفها و إطعامها و بين تخليتها ترعى في خصب الأرض، فإن اجتزأت بالرعي و الا علفها بمقدار كفايتها.

[مسألة: 16 لو امتنع المولى من الإنفاق على رقيقه أجبر على بيعه أو غيره ما يزيل ملكه عنه]

مسألة: 16 لو امتنع المولى من الإنفاق على رقيقه أجبر على بيعه أو غيره ما يزيل ملكه عنه أو الإنفاق عليه، كما أنه لو امتنع المالك من الإنفاق على البهيمة و لو بتخليتها للرعي الكافي لها أجبر على بيعها أو الإنفاق عليها أو ذبحها ان كانت مما يقصد بذبحها اللحم.

ص: 236

[كتاب الطلاق]

اشارة

كتاب الطلاق و له شروط و لواحق و أحكام

[القول في شروطه]

اشارة

القول في شروطه:

[مسألة: 1 يشترط في الزوج المطلق البلوغ و العقل]

مسألة: 1 يشترط في الزوج المطلق البلوغ و العقل، فلا يصح طلاق الصبي لا بالمباشرة و لا بتوكيل الغير و ان كان مميزا و له عشر سنين، و ان كان الاحتياط في الطلاق الواقع ممن بلغ العشر لا ينبغي تركه (1) لمكان بعض الاخبار و فتوى جماعة من الفقهاء بصحته، و لا طلاق المجنون مطبقا أو أدوارا حال جنونه، و يلحق به السكران و نحوه ممن زال عقله.

[مسألة: 2 و كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة و التوكيل لا يصح طلاق وليه عنه كأبيه]

مسألة: 2 و كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة و التوكيل لا يصح طلاق وليه عنه كأبيه و جده فضلا عن الوصي و الحاكم. نعم لو بلغ فاسد العقل أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ طلق عنه وليه مع مراعاة الغبطة و الصلاح، فان لم يكن له أب و جد فالأمر إلى الحاكم، و ان كان أحدهما معه فالأحوط ان يكون الطلاق منه مع الحاكم (2).

[مسألة: 3 و يشترط في الزوج المطلق القصد و الاختيار]

مسألة: 3 و يشترط في الزوج المطلق القصد و الاختيار، بمعنى عدم الإكراه


1- بل لا يترك.
2- الأقوى فيمن بلغ فاسد العقل كون الولاية للأب و الجد، و فيمن طرأ عليه الجنون كون الولاية للحاكم، و ان كان الاحتياط في استيذانهما في الفرض الأول من الحاكم و استيذانه في الفرض الثاني منهما حسنا.

ص: 237

و الإجبار، فلا يصح طلاق غير القاصد كالنائم و الساهي و الغالط، بل الهازل الذي لا يريد وقوع الطلاق جدا بل يتكلم بلفظه هزلا. و كذا لا يصح طلاق المكره الذي قد الزم على إيقاعه مع التوعيد و التهديد على تركه.

[مسألة: 4 الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضر بحاله عليه]

مسألة: 4 الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضر بحاله عليه (1) نفسا أو عرضا أو مالا، بشرط كون الحامل قادرا على إيقاع ما توعد به مع العلم أو الظن بإيقاعه (2) على تقدير عدم امتثاله. و يلحق به (3) موضوعا أو حكما ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور به من عقوبته و الإضرار عليه لو خالفه و ان لم يقع منه توعيد أو تهديد. و لا يلحق به موضوعا و لا حكما ما لو أوقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه، فلو تزوج على امرأة ثم رأى انه لو بقيت في حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلقيها كأبيها أو أخيها فالتجأ إلى طلاقها فطلقها فإنه يصح طلاقها.

[مسألة: 5 لو قدر المأمور على دفع ضرر الأمر ببعض التفصيات مما ليس فيه ضرر عليه]

مسألة: 5 لو قدر المأمور على دفع ضرر الأمر ببعض التفصيات مما ليس فيه ضرر عليه (4) كالفرار و الاستعانة بالغير لم يتحقق الإكراه، فلو أوقع الطلاق مثلا حينئذ وقع صحيحا. نعم لو قدر على التورية و أوقع الطلاق من دون تورية (5) فالظاهر وقوعه مكرها عليه و باطلا.

[مسألة: 6 لو أكرهه على طلاق احدى زوجتيه فطلق إحداهما المعينة وقع مكرها عليه]

مسألة: 6 لو أكرهه على طلاق احدى زوجتيه فطلق إحداهما المعينة وقع مكرها عليه، و لو طلقهما معا ففي وقوع طلاق إحداهما مكرها عليه فيعين بالقرعة أو صحة كليهما وجهان لا يخلو أولهما من رجحان، و أما لو أكرهه على طلاق كلتيهما فطلق إحداهما فالظاهر أنه وقع مكرها عليه.


1- أو بحال منسوبيه ممن يجرى مجرى نفسه كالولد و الوالد و الزوجة مثلا أو عبده و خادمه و كل من يتعلق به.
2- بل يكفى خوف إيقاعه فيما كان احتماله احتمالا عقلائيا.
3- فيه تأمل و اشكال فلا يترك فيه مراعاة الاحتياط.
4- و لم يكن شاقا عليه.
5- مع عدم الالتفات اليه لدهشة و نحوها.

ص: 238

[مسألة: 7 لو أكرهه على أن يطلق زوجته ثلاث طلقات بينهما رجعتان فطلقها واحدة أو اثنين]

مسألة: 7 لو أكرهه على أن يطلق زوجته ثلاث طلقات بينهما رجعتان فطلقها واحدة أو اثنين ففي وقوع ما أوقعه مكرها عليه إشكال، إلا إذا كان ذلك بقصد احتمال التخلص عن المكروه و انه لعل المكره اقتنع بما أوقعه (1) و أغمض عما لم يوقعه.

[مسألة: 8 لو أوقع الطلاق عن إكراه ثم تعقبه الرضا لم يفد ذلك في صحته]

مسألة: 8 لو أوقع الطلاق عن إكراه ثم تعقبه الرضا لم يفد ذلك في صحته، و ليس كالعقد المكره عليه الذي تعقبه الرضا.

[مسألة: 9 لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به]

مسألة: 9 لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به.

[مسألة: 10 يشترط في المطلقة أن تكون زوجة دائمة فلا يقع الطلاق على المتمتع بها]

مسألة: 10 يشترط في المطلقة أن تكون زوجة دائمة فلا يقع الطلاق على المتمتع بها، و ان تكون طاهرا من الحيض و النفاس فلا يصح طلاقي الحائض و النفساء و المراد بهما ذات الدمين فعلا أو حكما كالنقاء المتخلل في البين (2)، فلو نقتا من الدمين و لما تغتسلا من الحدث صح طلاقهما، و ان لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها.

[مسألة: 11 انما يشترط خلو المطلقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها]

مسألة: 11 انما يشترط خلو المطلقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها و دون الحامل بناء على مجامعة الحيض للحمل كما هو الأقوى، فإنه يصح طلاقهما في حال الحيض. و كذا يشترط ذلك فيما إذا كان الزوج حاضرا، بمعنى كونهما في بلد واحد حين الطلاق، و أما إذا كان غائبا فيصح طلاقها و ان وقع في حال الحيض، لكن إذا لم يعلم حالها من حيث الطهر و الحيض و تعذر أو تعسر عليه استعلامها، فإذا علم أنها في حال الحيض و لو من جهة علمه بعادتها الوقتية على الأظهر أو تمكن من استعلام حالها و طلقها فتبين وقوعه في حال الحيض بطل الطلاق.

[مسألة: 12 إذا غاب الزوج، فان خرج في حال حيضها لم يجز طلاقها الا بعد مضي مدة قطع بانقطاع ذلك الحيض]

مسألة: 12 إذا غاب الزوج، فان خرج في حال حيضها لم يجز طلاقها الا بعد مضي مدة قطع بانقطاع ذلك الحيض، فان طلقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها


1- أو كان ما أوعده على ترك الثالث أهون و كان تحمله عليه أسهل.
2- هذا على مختاره من إلحاق المتخلل بالدم، و اما على ما مر منا من لزوم الاحتياط في أيام النقاء فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بالطلاق فيها للتسريح و عدم الإمساك بعده الا بعقد جديد.

ص: 239

حائضا في ذلك الزمان صح طلاقها و ان تبين وقوعه في حال الحيض، و ان خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه طلقها في أي زمان لم يعلم بكونها حائضا و صح طلاقها و ان صادف زمان الحيض، و أما ان خرج في الطهر الذي واقعها فيه ينتظر مضي زمان انتقلت بمقتضى العادة (1) من ذلك الطهر الى طهر آخر و يكفي تربص شهر (2)، و الأحوط أن لا ينقص عن ذلك (3)، و الاولى تربص ثلاثة أشهر (4)، فإذا أوقع الطلاق بعد التربص لم يضر مصادفة الحيض في الواقع، بل الظاهر أنه لا يضر مصادفته للطهر الذي واقعها فيه، بأن طلقها بعد شهر مثلا ثم تبين انها لم تخرج من الطهر الأول الى ذلك الزمان.

[مسألة: 13 الحاضر الذي يتعذر أو يتعسر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض كالغائب]

مسألة: 13 الحاضر الذي يتعذر أو يتعسر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض كالغائب، كما أن الغائب لو فرض إمكان علمه بحالها (5) كان كالحاضر.

[مسألة: 14 يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه في اليائسة و الصغيرة]

مسألة: 14 يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه في اليائسة و الصغيرة و في الحامل و المسترابة و هي المرأة التي كانت في سن من تحيض و هي لا ترى الحيض لخلقة أو عارض، لكن يشترط في الأخيرة- يعني المسترابة- مضي ثلاثة أشهر من زمان المواقعة، فإذا أراد تطليق هذه المرأة اعتزلها ثلاثة أشهر ثم طلقها، فلو طلقها قبل مضي ثلاثة أشهر من حين المواقعة لم يقع الطلاق.

[مسألة: 15 لا يشترط في تربص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك]

مسألة: 15 لا يشترط في تربص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك و بقصد أن يطلقها بعد ذلك، فلو واقعها ثم لم يتفق له المواقعة بسبب من الأسباب الى أن مضى ثلاثة أشهر ثم بدا له ان يطلقها صح طلاقها في الحال و لم


1- إذا علم بمقتضاها، و الا فكون العادة طريقا للانتقال محل منع حيث انها طريق للحكم بكون الدم المشتبه حيضا، و اما كونها طريقا لرؤية الدم عند الشك فيها فلم يدل عليه دليل.
2- ان لم يعلم بعدم انتقاله بتربص الشهر.
3- لا يترك.
4- ان لم يعلم قبل ذلك بانتقالها.
5- بلا تعسر.

ص: 240

يحتج الى تجديد الاعتزال.

[مسألة: 16 لو واقعها في حال الحيض لم يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة]

مسألة: 16 لو واقعها في حال الحيض لم يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة، بل لا بد من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر، لان ما هو شرط في الحقيقة هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا مجرد وقوع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة.

[مسألة: 17 يشترط في صحة الطلاق تعين المطلقة]

مسألة: 17 يشترط في صحة الطلاق تعين المطلقة، بأن يقول «فلانة طالق» أو يشير إليها بما يرفع الإبهام و الإجمال، فلو كانت له زوجة واحدة فقال «زوجتي طالق» صح، بخلاف ما إذا كانت له زوجتان أو أكثر و قال «زوجتي طالق»، فإنه لا يصح الا إذا نوى في نفسه معينة، و يقبل تفسيره بمعينة من غير يمين.

[القول في الصيغة]

اشارة

القول في الصيغة:

[مسألة: 1 لا يقع الطلاق إلا بصيغة خاصة، و هي قوله «أنت طالق»]

مسألة: 1 لا يقع الطلاق إلا بصيغة خاصة، و هي قوله «أنت طالق» أو «فلانة أو هذه» أو ما شاكلها من الألفاظ الدالة على تعيين المطلقة، فلا يقع بقوله «أنت أو هي مطلقة» (1) أو «طلقت فلانة» فضلا عن بعض الكنايات كقوله «أنت خلية أو برية أو حبلك على غاربك أو الحقي بأهلك» و غير ذلك، فإنه لا يقع له الطلاق و ان نواه، حتى قوله «اعتدي» المنوي به الطلاق على الأقوى.

[مسألة: 2 يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة]

مسألة: 2 يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة، فلو كانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال «زوجتاي طالقان أو زوجاتي طوالق» صح طلاق الجميع.

[مسألة: 3 لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من لغة غير عربية مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة]

مسألة: 3 لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من لغة غير عربية مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة، و اما مع العجز عنها فيجزي إيقاعه بما يرادفها بأي لغة كان، و كذا لا يقع بالإشارة و لا بالكتابة مع القدرة على النطق، و أما مع العجز


1- و لا بقوله «من المطلقات» أو «أنت الطلاق» أو «طلاق».

ص: 241

عنه كما في الأخرس يصح منه إيقاعه بهما، و الأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة.

[مسألة: 4 يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته بنفسه بالمباشرة أو بتوكيل غيره]

مسألة: 4 يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته بنفسه بالمباشرة أو بتوكيل غيره، سواء كان الزوج غائبا أو حاضرا، بل و كذا له أن يوكل نفس الزوجة في تطليق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها.

[مسألة: 5 يجوز أن يوكلها على انه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلا أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر]

مسألة: 5 يجوز أن يوكلها على انه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلا أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر مثلا طلقت نفسها، لكن يشترط ان يكون الشرط قيدا للموكل فيه لا تعليقا في الوكالة فتبطل كما مر في كتاب الوكالة.

[مسألة: 6 يشترط في صيغة الطلاق التنجيز، فلو علقه بشرط بطل]

مسألة: 6 يشترط في صيغة الطلاق التنجيز، فلو علقه بشرط بطل، سواء كان مما يحتمل وقوعه كما إذا قال «أنت طالق ان جاء زيد» أو مما يتيقن حصوله كما إذا قال «إذا طلعت الشمس». نعم لا يبعد جواز تعليقه بما يكون معلقا عليه في الواقع كما إذا قال «ان كانت فلانة زوجتي فهي طالق»، سواء كان عالما بأنها زوجته أو جاهلا به.

[مسألة: 7 لو كرر صيغتي الطلاق ثلاثا فقال «هي طالق، هي طالق، هي طالق» من دون تخلل رجعة في البين]

مسألة: 7 لو كرر صيغتي الطلاق ثلاثا فقال «هي طالق، هي طالق، هي طالق» من دون تخلل رجعة في البين قاصدا تعدد الطلاق تقع واحدة و لغت الأخريان، و لو قال «هي طالق ثلاثا» لم تقع الثلاث قطعا، و هل تقع واحدة كالصورة السابقة أو يبطل الطلاق و لغت الصيغة بالمرة قولان، أقواهما الثاني (1) و ان كان الأشهر هو الأول، و عند العامة وقوع الثلاث في الصورتين فتبين منه و حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره.

[مسألة: 8 لو كان الزوج من العامة ممن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكررة و أوقع الطلاق ثلاثا]

مسألة: 8 لو كان الزوج من العامة ممن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكررة و أوقع الطلاق ثلاثا بأحد النحوين الزم بذلك، سواء كانت المرأة شيعية أو مخالفة و نرتب نحن عليها آثار المطلقة ثلاثا، فلو رجع إليها نحكم ببطلانه (2) فنتزوج


1- ان أراد بهذه اللفظة إيقاع ثلاث طلقات.
2- يعد ما كانت باطلة عندهم.

ص: 242

بها بعد انقضاء العدة، و كذلك الزوجة إذا كانت شيعية جاز لها التزويج بالغير. و لا فرق في ذلك بين الطلاق ثلاثا و غيره مما هو صحيح عندهم فاسد عندنا كالطلاق المعلق و الحلف بالطلاق و الطلاق في طهر المواقعة و الحيض و بغير شاهدين، فان المذكورات و ان كانت فاسدة عندنا فإذا وقعت من رجل منا لا نرتب على زوجته آثار المطلقة، و لكن إذا وقعت من أحد المخالفين القائلين بصحتها نرتب على طلاقه بالنسبة إلى زوجته آثار الطلاق الصحيح فنتزوج بها بعد انقضاء العدة. و هذا الحكم جار في غير الطلاق أيضا، فنأخذ بالعول و التعصيب منهم الميراث مثلا مع أنهما باطلان عندنا، و التفصيل لا يسع هذا المختصر.

[مسألة: 9 يشترط في صحة الطلاق زائدا على ما مر الاشهاد]

مسألة: 9 يشترط في صحة الطلاق زائدا على ما مر الاشهاد، بمعنى إيقاعه بحضور عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء، سواء قال لهما اشهدا أو لم يقل، و يعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء، فلو شهد أحدهما و سمع في مجلس ثم كرر اللفظ و سمع الأخر في مجلس آخر بانفراده لم يقع الطلاق. نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما لا في تحمل الشهادة و لا في أدائها. و لا اعتبار بشهادة النساء و سماعهن لا منفردات و لا منضمات بالرجال.

[مسألة: 10 لو طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين]

مسألة: 10 لو طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين، كما أنه لا يكتفى بالموكل مع عدل آخر.

[مسألة: 11 المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غير المقام ما رتب عليه بعض الاحكام]

مسألة: 11 المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غير المقام ما رتب عليه بعض الاحكام، و هو من كانت له حالة رادعة عن ارتكاب الكبائر و الإصرار على الصغائر، و هي التي تسمى بالملكة، و الكاشف عنها حسن الظاهر، بمعنى كونه عند الناس حسن الافعال، بحيث لو سألوا عن حاله قالوا في حقه هو رجل خير لم نر منه الا خيرا، و مثل هذا الشخص ليس عزيز المنال.

[مسألة: 12 لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلق]

مسألة: 12 لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلق أصيلا كان أو وكيلا

ص: 243

فاسقين في الواقع يشكل ترتيب آثار الطلاق الصحيح لمن يطلع على فسقهما (1)، و كذلك إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكل فإنه يشكل جواز ترتيب آثار الطلاق على طلاقه، بل الأمر فيه أشكل من سابقه.

[القول في أقسام الطلاق]

اشارة

القول في أقسام الطلاق:

الطلاق نوعان: بدعي، و سني. فالأول هو غير الجامع للشرائط المتقدمة، و هو على أقسام: فاسدة عندنا صحيحة عند غيرنا، فالبحث عنها لا يهمنا. و الثاني ما جمع الشرائط في مذهبنا، و هو قسمان بائن و رجعي، فالبائن ما ليس للزوج الرجوع إليها بعده، سواء كانت لها عدة أم لا، و هو ستة:

الأول الطلاق قبل الدخول، الثاني طلاق الصغيرة أعني من لم تبلغ التسع و ان دخل بها، الثالث طلاق اليائسة و هذه الثلاث ليس لها عدة كما يأتي، الرابع و الخامس طلاق الخلع و المبارأة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت و الا كانت له الرجعة، السادس الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان في البين (2) بين الأول و الثاني و بين الثاني و الثالث و اما إذا وقع الثلاث متوالية بلا رجعة صحت و وقعت واحدة كما مر.

[مسألة: 1 إذا طلقها ثلاثا مع تخلل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد جديد]

مسألة: 1 إذا طلقها ثلاثا مع تخلل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد جديد، و لا تحل له الا بعد أن تنكح زوجا غيره، فإذا نكحها غيره ثم فارقها بموت أو طلاق و انقضت عدتها جاز للأول نكاحها.

[مسألة: 2 كل امرأة حرة و ان كانت تحت عبد إذا استكملت الطلاق ثلاثا مع تخلل رجعتين في البين حرمت على المطلق]

مسألة: 2 كل امرأة حرة و ان كانت تحت عبد إذا استكملت الطلاق ثلاثا مع تخلل رجعتين في البين حرمت على المطلق حتى تنكح زوجا غيره، سواء واقعها بعد كل رجعة و طلقها في طهر آخر غير طهر المواقعة و هذا يقال له «طلاق العدة» أو لم يواقعها، سواء وقع كل طلاق في طهر أو وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلقها


1- بل لا يجوز بلا اشكال فيه و في الفرض الثاني.
2- أو عقدان أو عقد و رجوع كما يأتي منه تفصيله.

ص: 244

مع الشرائط ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها في مجلس واحد حرمت عليه، فضلا عما إذا طلقها ثم راجعها ثم تركها حتى حاضت و طهرت ثم طلقها و راجعها ثم تركها حتى حاضت و طهرت ثم طلقها. هذا في الحرة و أما الأمة فإذا طلقت طلاقين بينهما رجعة حرمت على زوجها حتى تنكح زوجا غيره و ان كانت تحت حر.

[مسألة: 3 العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق]

مسألة: 3 العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلقها ثلاثا بينها عقدان مستأنفان حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، سواء لم تكن لها عدة، كما إذا طلقها قبل الدخول ثم عقد عليها ثم طلقها ثم عقد عليها ثم طلقها أو كانت ذات عدة و عقد عليها بعد انقضاء العدة.

[مسألة: 4 المطلقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر و فارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول]

مسألة: 4 المطلقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر و فارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول و جاز له العقد عليها بعد انقضاء العدة من الزوج الثاني، فإذا طلقها ثلاثا حرمت عليه أيضا حتى تنكح زوجا آخر و ان كان ذاك الزوج الثاني في الثلاثة الأولى، فإذا فارقها حلت للأول، فإذا عقد عليها و طلقها ثلاثا حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، و هكذا تحرم عليه بعد كل طلاق ثالث و تحل له بنكاح الغير بعده و ان طلقت مائة مرة. نعم لو طلقت تسعا طلاق العدة بالتفسير الذي أشرنا إليه حرمت عليه ابدا، و ذلك بأن طلقها ثم راجعها ثم واقعها ثم طلقها في طهر آخر ثم راجعها ثم واقعها ثم طلقها في طهر آخر، و هذا هو طلاق العدة، فإذا حلت للمطلق بنكاح زوج آخر و عقد عليها ثم طلقها ثلاثا كالثلاثة الاولى ثم حلت له بمحلل آخر ثم عقد عليها ثم طلقها ثلاثا كالأوليين حرمت عليه ابدا.

و بالجملة انما توجب تسع طلقات الحرمة المؤبدة إذا وقع طلاق العدة ثلاث مرات، و يعتبر فيه أمران:

أحدهما- تخلل رجعتين، فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين و لا وقوع رجعة و عقد مستأنف في البين.

ص: 245

الثاني- وقوع المواقعة بعد كل رجعة، فطلاق العدة مركب من ثلاث طلقات اثنتان منها رجعية و واحدة منها بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتى كملت تسع طلقات حرمت عليه ابدا. هذا و الأحوط الاجتناب عن المطلقة تسعا مطلقا و ان لم يكن الجميع طلاق العدة.

[مسألة: 5 إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجا آخر]

مسألة: 5 إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجا آخر، و اما ان تزوجت للغير انهدم حكم ما سبق و تكون كأنها غير مطلقة، و يتوقف التحريم على إيقاع ثلاث طلقات مستأنفة.

[مسألة: 6 قد مر أن المطلقة ثلاثا تحرم على المطلق حتى تنكح زوجا غيره]

مسألة: 6 قد مر أن المطلقة ثلاثا تحرم على المطلق حتى تنكح زوجا غيره و يعتبر في زوال التحريم به أمور ثلاثة:

الأول: ان يكون الزوج المحلل بالغا، فلا اعتبار بنكاح غير البالغ و ان كان مراهقا.

الثاني: ان يطأها قبلا وطيا موجبا للغسل بغيبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوعها، و هل يعتبر الانزال؟ فيه إشكال، الأحوط اعتباره.

الثالث: ان يكون العقد دائما لا متعة.

[مسألة: 7 لو طلقها ثلاثا و انقضت مدة فادعت انها تزوجت و فارقها الزوج الثاني و مضت العدة و احتمل صدقها]

مسألة: 7 لو طلقها ثلاثا و انقضت مدة فادعت انها تزوجت و فارقها الزوج الثاني و مضت العدة و احتمل صدقها صدقت و يقبل قولها بلا يمين، فللزوج الأول أن ينكحها بعقد جديد و ليس عليه الفحص و التفتيش، و الأحوط الاقتصار على ما إذا كانت ثقة أمينة (1).

[مسألة: 8 إذا دخل المحلل فادعت الدخول و لم يكذبها صدقت و حلت للزوج الأول]

مسألة: 8 إذا دخل المحلل فادعت الدخول و لم يكذبها صدقت و حلت للزوج الأول، و ان كذبها لا يبعد قبول قولها أيضا، لكن الأحوط (2) الاقتصار على صورة حصول الاطمئنان بصدقها. و لو ادعت الإصابة ثم رجعت عن قولها، فان كان


1- بل يكفى ان لا تكون متهمة.
2- بل يكفى ان لا تكون متهمة.

ص: 246

قبل أن يعقد الأول عليها لم تحل له، و ان كان بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها.

[مسألة: 9 لا فرق في الوطي المعتبر في المحلل بين المحرم و المحل]

مسألة: 9 لا فرق في الوطي المعتبر في المحلل بين المحرم و المحل، فلو وطأها محرما كالوطي في الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض و نحو ذلك كفى في حصول التحليل للزوج الأول.

[مسألة: 10 لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق بل يحكم ظاهرا ببقاء علقة النكاح]

مسألة: 10 لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق بل يحكم ظاهرا ببقاء علقة النكاح، و لو علم بأصل الطلاق و شك في عدده بنى على الأقل، سواء كان الطرف الأكثر الثلاث أو التسع، فلا يحكم مع الشك بالحرمة الغير مؤبدة في الأول و بالحرمة الأبدية في الثاني. نعم لو شك بين الثلاث و التسع يشكل البناء على الأول بحيث تحل له بالمحلل.

[القول في العدد]

القول في العدد:

انما يجب الاعتداد بأمور ثلاثة: الفراق بين الزوج و الزوجة بطلاق أو فسخ أو انفساخ في العقد الدائم و انقضاء مدة أو بذلها في المتعة، و موت الزوج، و وطي الشبهة.

[ (فصل) في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره]

اشارة

(فصل) في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره

[مسألة: 1 لا عدة على من لم يدخل بها و لا على الصغيرة]

مسألة: 1 لا عدة (1) على من لم يدخل بها (2) و لا على الصغيرة، و هي من لم تكمل التسع و ان دخل بها، و لا على اليائسة، سواء بانت في ذلك كله بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها.


1- في غير المتوفّى عنها زوجها و يأتي حكمها مفصلا.
2- نعم إذا سبق ماؤه في فرجها من غير وطي بالمساحقة أو بالإنزال أو بوسيلة الإبرة فالظاهر وجوب العدة سواء حملت أم لا، فالموجب لها أحد الأمرين من الدخول و لو بغير إنزال و دخول مائه و لو بغير وطي.

ص: 247

[مسألة: 2 يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا أو دبرا و ان لم ينزل]

مسألة: 2 يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا أو دبرا و ان لم ينزل، بل و ان كان مقطوع الأنثيين.

[مسألة: 3 يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها]

مسألة: 3 يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها، و الأحوط مراعاة الستين مطلقا بالنسبة إلى التزويج بالغير و خمسين كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها.

[مسألة: 4 لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين]

مسألة: 4 لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين ثم يئست أكملت العدة بشهر أو شهرين، و كذلك ذات الشهور إذا اعتدت شهرا أو شهرين ثم يئست أتمت ثلاثة.

[مسألة: 5 المطلقة و من ألحقت بها ان كانت حاملا فعدتها مدة حملها]

مسألة: 5 المطلقة و من ألحقت بها ان كانت حاملا فعدتها مدة حملها، و تنقضي بأن تضع حملها و لو بعد الطلاق بلا فصل، سواء كان تاما أو غير تام، و لو كان مضغة أو علقة ان تحقق انه حمل.

[مسألة: 6 انما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة]

مسألة: 6 انما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدته، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدة بالوضع، بل يكون انقضاؤها بالأقراء و الشهور كغير الحامل، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلا لا بالنسبة إلى الزاني لأنه لا عدة له و لا بالنسبة إلى المطلق لان الولد ليس له. نعم إذا حملت من وطي الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطي لا بالزوج فوضعه سبب لانقضاء العدة، لكن بالنسبة إلى الواطي لا بالنسبة إلى الزوج المطلق.

[مسألة: 7 لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول، فلا رجعة للزوج بعده]

مسألة: 7 لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول (1)، فلا رجعة للزوج بعده، و لا تنكح زوجا الا بعد وضع الأخير على الأحوط فيهما.

[مسألة: 8 لو وطئت شبهة فحملت و ألحق الولد بالواطي لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلقها الزوج]

مسألة: 8 لو وطئت شبهة فحملت و ألحق الولد بالواطي لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلقها الزوج أو طلقها ثم وطئت شبهة على نحو ألحق الولد بالواطي كانت عليها عدتان عدة لوطي الشبهة تنقضي بالوضع و عدة للطلاق تستأنفها فيما بعده


1- بل الثاني على الأقوى، و الاحتياط حسن.

ص: 248

و كان مدتها بعد انقضاء نفاسها (1).

[مسألة: 9 إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها و أنكر الزوج]

مسألة: 9 إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها و أنكر الزوج، أو انعكس فادعى الوضع و أنكرت هي، أو ادعت الحمل و أنكر، أو ادعت الحمل و الوضع معا و أنكرهما، يقدم قولها في الجميع بينهما.

[مسألة: 10 لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدم و المتأخر]

مسألة: 10 لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدم و المتأخر فقال الزوج مثلا وضعت بعد الطلاق فانقضت عدتك و قالت الزوجة وضعت قبل الطلاق و الطلاق وقع و أنا حامل فبعد أنا في العدة أو انعكس فقال الزوج وضعت قبل الطلاق فأنت في العدة و يريد الرجوع إليها و ادعت الزوجة خلافه، فالظاهر أنه يقدم قول من يدعي بقاء العدة، سواء كان هو الزوج أو الزوجة، من غير فرق بين ما لم يتفقا على زمان أحدهما كما إذا ادعى أحدهما ان الطلاق كان في شعبان و الوضع في رمضان و ادعى الأخر العكس أو اتفقا على زمان أحدهما كما إذا اتفقا على أن الطلاق وقع في رمضان و اختلفا في زمان الوضع فقال أحدهما انه كان في شوال و ادعى الأخر انه كان في شعبان أو اتفقا في ان الوضع كان في رمضان و اختلفا في ان الطلاق كان في شوال أو شعبان.

[مسألة: 11 إذا طلقت الحائل أو انفسخ نكاحها، فان كانت مستقيمة الحيض- بأن تحيض في كل شهر مرة]

مسألة: 11 إذا طلقت الحائل أو انفسخ نكاحها، فان كانت مستقيمة الحيض- بأن تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في الأغلب- كانت عدتها ثلاثة قروء، و كذا إذا تحيض في كل شهر أزيد من مرة أو ترى الدم في كل شهرين مرة. و بالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين منها أقل من ثلاثة أشهر، و ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض اما لكونها صغيرة السن لم تبلغ الحد الذي ترى الحيض غالب النساء و اما لانقطاع حيضها لمرض أو حمل أو رضاع كانت عدتها ثلاثة أشهر. و تلحق بها من تحيض لكن الطهر الفاصل بين حيض و حيض منها ثلاثة أشهر أو أزيد. هذا


1- في النفاس المتصل بالولادة، و في المنفصل تحسب النقاء بعد الولادة طهرا للعدة الثانية.

ص: 249

في الحرة و ان كانت تحت عبد، و اما الأمة و ان كانت تحت حر فعدتها قرءان في الأول و خمسة و أربعون يوما في الثاني.

[مسألة: 12 المراد بالقروء و القرائن الأطهار و الطهرين]

مسألة: 12 المراد بالقروء و القرائن الأطهار و الطهرين، و يكفي في الطهر الأول مسماه و لو قليلا، فلو طلقها و قد بقيت من طهرها لحظة يحسب ذلك طهرا، فإذا رأت طهرين آخرين تامين بتخلل حيضة بينهما في الحرة و طهر آخر تام بين حيضتين في الأمة انقضت العدة، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث أو الثاني. نعم لو اتصل آخر صيغة الطلاق بأول زمان الحيض صح الطلاق، لكن لا بد في انقضاء العدة من أطهار تامة، فتنقضي برؤية الدم الرابع في الحرة و رؤية الدم الثالث في الأمة.

[مسألة: 13 بناء على كفاية مسمى الطهر في الطهر الأول و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد]

مسألة: 13 بناء على كفاية مسمى الطهر في الطهر الأول و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرة ستة و عشرون يوما و لحظتان- بأن كان طهرها الأول لحظة ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض- فبمجرد رؤية الدم الأخير لحظة من أوله انقضت العدة، و هذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدة، و انما يتوقف عليها تمامية الطهر الثالث. هذا في الحرة و اما في الأمة فأقل ما يمكن انقضاء عدتها لحظتان و ثلاثة عشر يوما.

[مسألة: 14 عدة المتعة في الحامل وضع حملها، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان]

مسألة: 14 عدة المتعة في الحامل وضع حملها، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان، و المراد بهما هنا حيضتان على الأقوى، و ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض فخمسة و أربعون يوما. و لا فرق بين كون المتمتع بها حرة أو امة، و المراد من الحيضتين الكاملتان، فلو وهبت مدتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين.

[مسألة: 15 المدار في الشهور على الهلالي، فإن وقع الطلاق في أول رؤية الهلال فلا اشكال]

مسألة: 15 المدار في الشهور على الهلالي، فإن وقع الطلاق في أول رؤية الهلال فلا اشكال، و أما ان وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف و اشكال. و لعل الأقوى

ص: 250

في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأول من الرابع بمقدار ما فات منه.

[مسألة: 16 لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها]

مسألة: 16 لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها، سواء ادعت الانقضاء أو عدمه، و سواء كانت عدتها بالأقراء أو الأشهر.

[القول في عدة الوفاة]

اشارة

القول في عدة الوفاة:

[مسألة: 1 عدة الحرة المتوفّى عنها زوجها و ان كانت تحت عبد أربعة أشهر و عشرة أيام]

مسألة: 1 عدة الحرة المتوفّى عنها زوجها و ان كانت تحت عبد أربعة أشهر و عشرة أيام إذا كانت حائلا صغيرة كانت أو كبيرة يائسة كانت أو غيرها، و سواء كانت مدخولا بها أو غيرها و دائمة كانت أو منقطعة و كانت من ذوات الأقراء أو غيرها. و اما ان كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين من وضع الحمل و المدة المزبورة، فلو وضعت قبل تلك المدة لم تنقض العدة، و كذا لو تمت المدة و لما وضعت بعد. هذا في الحرة، و اما الأمة و ان كانت تحت حر ففيها خلاف، و الأحوط مساواتها للحرة (1)، فتعتد بأربعة أشهر و عشرا ان كانت حائلا و بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل ان كانت حاملا كالحرة.

[مسألة: 2 المراد بالأشهر هي الهلالية]

مسألة: 2 المراد بالأشهر هي الهلالية، فان مات عند رؤية الهلال اعتدت بأربعة أشهر هلاليات و ضمت إليها من الشهر الخامس عشرة أيام. و ان مات في أثناء الشهر فالأظهر أنها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط و أكملت الأول بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس حتى صارت ثلاثة أشهر هلاليات و شهرا ملفقا و تضيف إليها من الشهر الخامس عشرة.

[مسألة: 3 لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة، فإن كان رجعيا بطلت عدة الطلاق]

مسألة: 3 لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة، فإن كان رجعيا بطلت عدة الطلاق و اعتدت به من حين موته عدة الوفاة، فإن كانت حائلا اعتدت أربعة أشهر و عشرا، و ان كانت حاملا (2) اعتدت بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل كغير المطلقة،


1- في غير أم الولد و اما فيها فالأقوى مساواتها للحرة.
2- و ان كانت مسترابة فالأحوط أن تعتد بأبعد الأجلين من عدة المتوفّى عنها زوجها و المطلقة المسترابة.

ص: 251

و ان كانت بائنا اقتصرت على إتمام عدة الطلاق و لا عدة عليها بسبب الوفاة.

[مسألة: 4 يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدة]

مسألة: 4 يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدة، و المراد به ترك الزينة في البدن بمثل التكحيل و التطيب و الخضاب و تحمير الوجه و الخطاط و نحوها، و في اللباس بلبس الأحمر و الأصفر و الحلي و نحوها. و بالجملة ترك كل ما يعد زينة يتزين به للزوج في الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد و الأعراس و نحوها، و يختلف ذلك بحسب الأشخاص و الأزمان و البلاد، فيلاحظ في كل بلد ما هو المعتاد و المتعارف فيه للتزين. نعم لا بأس بتنظيف البدن و اللباس و تسريح الشعر و تقليم الأظفار و دخول الحمام و الافتراش بالفراش الفاخر و السكنى في المساكن المزينة و تزيين أولادها و خدمها.

[مسألة: 5 الأقوى أن الحداد ليس شرطا في صحة العدة]

مسألة: 5 الأقوى أن الحداد ليس شرطا في صحة العدة، بل هو تكليف على حدة في زمانها، فلو تركته عصيانا أو جهلا أو نسيانا في تمام المدة أو بعضها لم يجب عليها استينافها أو تدارك مقدار ما اعتدت بدونه.

[مسألة: 6 لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمية]

مسألة: 6 لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمية، كما انه لا فرق على الظاهر بين الدائمة و المنقطعة. نعم لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كيوم أو يومين أو ساعة أو ساعتين، و هل يجب على الصغيرة و المجنونة أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب، بمعنى وجوبه على وليهما، فيجنبهما عن التزيين ما دامتا في العدة، و فيه تأمل و ان كان أحوط.

[مسألة: 7 لا حداد على الأمة لا من موت سيدها و لا من موت زوجها إذا كانت مزوجة]

مسألة: 7 لا حداد على الأمة لا من موت سيدها و لا من موت زوجها إذا كانت مزوجة.

[مسألة: 8 يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدتها و التردد في حوائجها]

مسألة: 8 يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدتها و التردد في حوائجها، خصوصا إذا كانت ضرورية (1) أو كان خروجها لأمور راجحة كالحج


1- عرفا.

ص: 252

و الزيارة و عيادة المرضى و زيارة أرحامها و لا سيما والديها. نعم ينبغي بل الأحوط أن لا تبيت إلا في بيتها الذي كانت تسكنه في حياة زوجها (1)، بأن تخرج بعد الزوال و ترجع عند العشي أو تخرج بعد نصف الليل و ترجع صباحا.

[مسألة: 9 لا إشكال في ان مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه حاضرا كان الزوج أو غائبا بلغ الزوجة الخبر أم لا]

مسألة: 9 لا إشكال في ان مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه حاضرا كان الزوج أو غائبا بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلقها غائبا و لم يبلغها الا بعد مدة و لو كانت سنة أو أكثر فقد انقضت عدتها و ليس عليها عدة بعد بلوغ الخبر إليها. و مثل عدة الطلاق عدة الفسخ و الانفساخ على الظاهر، و كذا عدة وطي الشبهة، و ان كان الأحوط الاعتداد من حين ارتفاع الشبهة، بل هذا الاحتياط لا يترك (2). و اما عدة الوفاة فإذا مات الزوج غائبا فعدتها من حين بلوغ الخبر إليها، و لا يبعد (3) عدم اختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج، بل يعم صورة حضوره أيضا إذا خفي عليها موته لمرض أو حبس أو غير ذلك، فتعتد من حين اخبارها بموته.

[مسألة: 10 لا يعتبر في الاخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية]

مسألة: 10 لا يعتبر في الاخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية، فلا يعتبر أن يكون من عدلين بل و لا عدل واحد (4) نعم لا يجوز لها التزويج بالغير ما لم تقم حجة شرعية على موته، و لا تكتفي بمجرد بلوغ الخبر. و فائدته إذا لم يكن حجة انه بعد ما ثبت موته شرعا يكتفى بالاعتداد من حين البلوغ و لا يحتاج الى الاعتداد من حين الثبوت.

[مسألة: 11 لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدة من ذلك الوقت]

مسألة: 11 لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدة من ذلك الوقت اعتدت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخره عنه، و الأحوط أن تعتد من حين


1- أو انتقلت اليه بعد موته للاعتداد فيها.
2- فيما إذا كان الوطي بعد العقد شبهة.
3- لا يخلو من اشكال. نعم هو أحوط.
4- بشرط كون الخبر بحيث يعتمد عليه العقلاء من حيث كونه مفيدا للظن أو الاطمئنان على الأحوط.

ص: 253

بلوغ الخبر إليها، بل هذا الاحتياط لا يترك (1).

[مسألة: 12 إذا فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته و لا حياته]

مسألة: 12 إذا فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته (2) و لا حياته، فإن بقي له مال تنفق به زوجته أو كان له ولي يتولى أموره و يتصدى لإنفاقها أو متبرع للإنفاق عليها وجب عليها الصبر و الانتظار، و لا يجوز لها ان تتزوج ابدا حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه، و ان لم يكن له مال و لا من ينفق عليها فان صبرت فلها ذلك و ان لم تصبر و أرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين من حين رفع الأمر إليه ثم يتفحص عنه في تلك المدة، فان لم يتبين لا موته و لا حياته فان كان للغائب ولي- أعني من كان يتولى أموره بتفويضه أو توكيله- يأمر الحاكم بطلاق المرأة، و ان لم يقدم على الطلاق و لم يمكن إجباره عليه طلقها الحاكم ثم تعتد أربعة أشهر و عشرا عدة الوفاة، فإذا تمت هذه الأمور جاز لها التزويج بلا اشكال، و ان كان اعتبار بعضها محل التأمل و النظر الا ان الجميع هو الأحوط.

[مسألة: 13 ليست للفحص و الطلب كيفية خاصة]

مسألة: 13 ليست للفحص و الطلب كيفية خاصة، بل المدار على ما يعد طلبا و فحصا و تفتيشا، و يتحقق ذلك ببعث من يعرف المفقود رعاية باسمه و شخصه أو بحليته الى مظان وجوده للظفر به و بالكتابة و نحوها كالتلغراف المتداول في هذه الأعصار الى من يعرفه ليتفقد عنه في بلده، و بالالتماس من المسافرين كالزوار و الحجاج و التجار و غيرهم بأن يتفقدوا عنه في مسيرهم و منازلهم و مقامهم، و بالاستخبار منهم إذا رجعوا من أسفارهم.

[مسألة: 14 لا يشترط في المبعوث و المكتوب اليه و المستخبرين منهم من المسافرين العدالة بل تكفي الوثاقة]

مسألة: 14 لا يشترط في المبعوث و المكتوب اليه و المستخبرين منهم من المسافرين العدالة بل تكفي الوثاقة.

[مسألة: 15 لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم]

مسألة: 15 لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم،


1- لا بأس بتركه في مقدار ثبت سبقه.
2- و ان علم حياته وجب على زوجته الصبر الى ان يعلم طلاقه أو موته و ان طالت المدة.

ص: 254

بل يكفي كونه من كل أحد حتى نفس الزوجة إذا كان بأمره بعد رفع الأمر اليه، فإذا رفعت أمرها إليه فقال تفحصوا عنه الى أن تمضي أربع سنين ثم تصدت الزوجة أو تصدى بعض أقاربها للفحص و الطلب حتى مضت المدة كفى.

[مسألة: 16 مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام، و لا يعتبر فيه الاتصال التام]

مسألة: 16 مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام، و لا يعتبر فيه الاتصال التام، بل هو على الظاهر نظير تعريف اللقطة ستة كاملة يكفي فيه تصدي الطلب عنه بحيث يصدق عرفا انه قد تفحص عنه في تلك المدة.

[مسألة: 17 المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد]

مسألة: 17 المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد، فلا يعتبر استقصاء الممالك و البلاد، و لا يعتنى بمجرد إمكان وصوله الى مكان و لا بالاحتمالات البعيدة، بل انما يتفحص عنه في مظان وجوده فيه و وصوله اليه و ما احتمل فيه ذلك احتمالا قريبا.

[مسألة: 18 إذا علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثم انقطع أثره يتفحص عنه أولا]

مسألة: 18 إذا علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثم انقطع أثره يتفحص عنه أولا في ذلك البلد على المعتاد، فيكتفى التفقد عنه في جوامعه و مجامعة و أسواقه و منتزهاته و مستشفياته و خاناته المعدة لنزول الغرباء و نحوها، و لا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش أو السؤال، بل يكتفي الاكتفاء بالبعض المعتد به من مشتهراتها، و ينبغي ملاحظة زي المفقود و صنعته و حرفته، فيتفقد عنه في المحال المناسبة له و يسأل عنه من أبناء صنفه و حرفته. مثلا إذا كان من طلبة العلم فالمحل المناسب له المدارس و مجامع العلم و ينبغي ان يسأل عنه من العلماء و الطلبة، بخلاف ما إذا كان من غيرهم، كما إذا كان جنديا مثلا. فإذا تم الفحص في ذلك البلد و لم يظهر منه أثر و لم يعلم موته و لا حياته، فان لم يحتمل انتقاله منه الى محل آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص و السؤال و اكتفى بانقضاء مدة التربص أربع سنين، و ان احتمل الانتقال فان تساوت الجهات في احتمال انتقاله منه إليها تفحص عنه في تلك الجهات و لا يلزم الاستقصاء بالتفتيش في كل قرية قرية و لا في كل بلدة بلدة، بل يكفي الاكتفاء ببعض المحال المهمة و المشتهرة في كل جهة مراعيا للأقرب ثم الا بعد الى البلد الأول، و ان كان الاحتمال

ص: 255

في بعضها أقوى جاز جعل محل الفحص ذلك البعض و الاكتفاء به، خصوصا إذا بعد احتمال انتقاله الى غيره، و إذا علم انه قد كان في مملكة كالهند أو إيران أو العراق أو سافر إليها ثم انقطع أثره كفى ان يتفحص عنه مدة التربص في بلادها المشهورة التي تشد إليها الرحال، و ان سافر الى بلد معين من مملكة كالعراقي سافر الى خراسان يكفي الفحص عنه في البلاد و المنازل الواقعة في طريقه الى ذلك البلد و في نفس ذلك البلد و لا ينظر إلى الأماكن البعيدة عن الطريق فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف المملكة، و إذا خرج من منزله مريدا للسفر أو هرب و لا يدرى إلى أين توجه و انقطع أثره تفحص عنه مدة التربص في الأطراف و الجوانب مما يحتمل قريبا وصوله اليه و لا ينظر الى ما بعد احتمال توجهه إليه.

[مسألة: 19 أن الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم]

مسألة: 19 قد عرفت أن الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم، فإذا لم يمكن الوصول إليه فإن كان للحاكم وكيل و مأذون في التصدي للأمور الحسبية (1) فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر، و مع عدمه فالظاهر قيام عدول المؤمنين مقامه (2).

[مسألة: 20 إذا علم أن الفحص لا ينفع و لا يترتب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه]

مسألة: 20 إذا علم أن الفحص لا ينفع و لا يترتب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه، و كذا لو حصل اليأس من الاطلاع على حاله في أثناء المدة، فيكفي مضي المدة في جواز طلاقها و زواجها.

[مسألة: 21 يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلق]

مسألة: 21 يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلق و لو بعد تحقق الفحص و انقضاء الأجل، فليست هي ملزومة باختيار الطلاق، و لها ان تعدل عن اختيار البقاء الى اختيار الطلاق، و حينئذ لا يلزم تجديد ضرب الأجل و الفحص بل يكتفى بالأول.

[مسألة: 22 الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق]

مسألة: 22 الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق و ان كانت بقدر


1- الشاملة لمثل ذلك.
2- فيه اشكال.

ص: 256

عدة الوفاة أربعة أشهر و عشرا، و يكون الطلاق رجعيا فتستحق النفقة في أيامها (1)، و إذا ماتت يرثها لو كان في الواقع حيا، و إذا تبين موته فيها ترثه و ليس عليها حداد بعد الطلاق.

[مسألة: 23 إذا تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدة الوفاة]

مسألة: 23 إذا تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدة الوفاة، و إذا تبين بعد انقضاء العدة اكتفى بها، سواء كان التبيين قبل التزويج أو بعده، و سواء كان موته المتبين وقع قبل العدة أو بعدها أو في أثنائها أو بعد التزويج، و أما لو تبين موته في أثناء العدة فهل يكتفي بإتمامها أو تستأنف عدة الوفاة من حين التبين؟ وجهان بل قولان، أحوطهما الثاني لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 24 إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل]

مسألة: 24 إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل، فإن كان قبل الطلاق فهي زوجته، و ان كان بعد ما تزوجت بالغير فلا سبيل له عليها، و ان كان في أثناء العدة فله الرجوع إليها، كما ان له إبقاءها على حالها حتى تنقضي عدتها و تبين عنه. و اما ان كان بعد انقضاء العدة و قبل التزويج ففي جواز رجوعها إليها و عدمه قولان أقواهما الثاني.

[مسألة: 25 إذا حصل لزوجه الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلم بموته]

مسألة: 25 إذا حصل لزوجه الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلم بموته جاز لها بينها و بين اللّٰه أن تتزوج بعد العدة من دون حاجة الى مراجعة الحاكم، و ليس لأحد عليها اعتراض ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم. نعم في جواز الاكتفاء بقولها و اعتقادها لمن أراد تزويجها و كذا لمن يصير وكيلا عنها في إيقاع العقد عليها اشكال، و الأحوط أن تتزوج ممن لم يطلع بالحال و لم يدر أن زوجها قد فقد و لم يكن في البين الا دعواها بأنها عالمة بموته، بل يقدم على تزويجها مستندا الى دعواها (2) انها خلية و بلا مانع، و كذلك توكل من كان كذلك.


1- الأحوط في النفقة و التوارث المصالحة.
2- بشرط ان لا تكون متهمة.

ص: 257

[القول في عدة وطي الشبهة]

اشارة

القول في عدة وطي الشبهة:

و المراد به وطي الأجنبية بشبهة انها حليلته، اما لشبهة في الموضوع كما إذا وطئ امرأة باعتقاد انها زوجته فتبين أنها أجنبية، و اما لشبهة في الحكم كما إذا عقد على أخت الموطوء معتقدا صحته و دخل بها.

[مسألة: 1 لا عدة على المزني بها سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى]

مسألة: 1 لا عدة على المزني بها سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى، و اما الموطوءة شبهة فعليها العدة سواء كانت ذات بعل أو خلية و سواء كانت الشبهة من الطرفين أو من طرف الواطي خاصة، و اما ان كانت من طرف الموطوءة خاصة ففيه قولان، أحوطهما لزوم العدة بل لا يخلو من قوة (1).

[مسألة: 2 عدة وطي الشبهة كعدة الطلاق بالاقراء و الشهور و بوضع الحمل لو حملت من هذا الوطي]

مسألة: 2 عدة وطي الشبهة كعدة الطلاق بالاقراء و الشهور و بوضع الحمل لو حملت من هذا الوطي على التفصيل المتقدم، و من لم يكن عليها عدة الطلاق كالصغيرة و اليائسة ليس عليها هذه العدة أيضا.

[مسألة: 3 إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطيها في مدة عدتها]

مسألة: 3 إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطيها في مدة عدتها، و هل يجوز له سائر الاستمتاعات منها أم لا؟ قولان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول، و الظاهر أنه لا تسقط نفقتها في أيام العدة و ان قلنا بحرمة جميع الاستمتاعات عليه.

[مسألة: 4 إذا كانت خلية يجوز لواطيها أن يتزوج بها في زمن عدتها]

مسألة: 4 إذا كانت خلية يجوز لواطيها أن يتزوج بها في زمن عدتها، بخلاف غيره فإنه لا يجوز له ذلك على الأقوى.

[مسألة: 5 لا فرق في حكم وطي الشبهة من حيث العدة و غيرها بين أن يكون مجردا أو يكون بعد العقد]

مسألة: 5 لا فرق في حكم وطي الشبهة من حيث العدة و غيرها بين أن يكون مجردا أو يكون بعد العقد، بأن وطئ المعقود عليها بشبهة صحة العقد مع فساده واقعا.

[مسألة: 6 إذا كانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو وطئت ثم طلقها]

مسألة: 6 إذا كانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو وطئت ثم طلقها أو مات عنها زوجها فعليها عدتان عند المشهور، و هو الأحوط لو لم يكن الأقوى، فإن كانت حاملا من أحدهما تقدم عدة الحمل، فبعد وضعه تستأنف العدة


1- بل لا قوّة فيه و لكنه أحوط.

ص: 258

الأخرى أو تستكمل الاولى، و ان كانت حائلا يقدم الأسبق منهما، و بعد تمامها استقبلت عدة أخرى من الأخر.

[مسألة: 7 إذا طلق زوجته بائنا ثم وطأها شبهة اعتدت عدة أخرى]

مسألة: 7 إذا طلق زوجته بائنا ثم وطأها شبهة اعتدت عدة أخرى على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة.

[مسألة: 8 الموجب للعدة أمور: الوفاة، و الطلاق بأقسامه، و الفسخ بالعيوب]

مسألة: 8 الموجب للعدة أمور: الوفاة، و الطلاق بأقسامه، و الفسخ بالعيوب، و الانفساخ بمثل الارتداد أو الإسلام أو الرضاع، و الوطي بالشبهة مجردا عن العقد أو معه و انقضاء المدة أو هبتها. و يشترط في الجميع كونها مدخولا بها، عدا الأول و الوطي بالشبهة (1).

[مسألة: 9 قد مر سابقا انه لا عدة على من لم يدخل بها]

مسألة: 9 قد مر سابقا انه لا عدة على من لم يدخل بها، فليعلم انه إذا طلقها رجعيا بعد الدخول ثم رجع ثم طلقها قبل الدخول لا يجري عليه حكم الطلاق قبل الدخول حتى لا يحتاج إلى العدة، من غير فرق بين كون الطلاق الثاني رجعيا أو بائنا. و اما إذا طلقها بائنا ثم جدد نكاحها في أثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول عليه و عدمه وجهان بل قولان، أحوطهما الثاني (2).

و بحكمه ما إذا عقد عليها بالعقد المنقطع ثم وهب مدتها بعد الدخول ثم تزوجها ثم طلقها قبل الدخول، فيشكل ما ربما يحتال في نكاح جماعة في يوم واحد بل في مجلس واحد امرأة شابة ذات عدة مع دخول الجميع بها، و ذلك بأن يتمتع بها أحدهم ثم يهب مدتها بعد الدخول ثم يعقد عليها ثم يطلقها قبل الدخول ثم يفعل بها الثاني ما فعل بها الأول و هكذا، بزعمهم أنه لا عدة عليها اما من العقد الأول فبسبب وقوع العقد الثاني و أما من العقد الثاني فلأنه طلقها قبل الدخول.


1- المقصود ان الجميع غير الأول و الوطي بالشبهة بنفسها ليست سببا للعدة بل محتاجة إلى سبق دخول الزوج، بخلافهما فان المعتدة بالوفاة لا يشترط فيها الدخول و المعتدة بالشبهة هي المرأة مزوجة كانت أم غير مزوجة مدخولة كانت بغير الواطي بالشبهة أم غير مدخولة.
2- بل أقواهما.

ص: 259

[مسألة: 10 المطلقة بالطلاق الرجعي زوجة أو بحكم الزوجة ما دامت في العدة]

مسألة: 10 المطلقة بالطلاق الرجعي زوجة أو بحكم الزوجة ما دامت في العدة، فيترتب عليها آثار الزوجية من استحقاق النفقة و السكنى و الكسوة إذا لم تكن (1) و لم تصر ناشزة، و من التوارث بينهما لو مات أحدهما في العدة، و عدم جواز نكاح أختها و الخامسة، و كون كفنها و فطرتها عليه (2). و اما البائنة كالمختلعة (3) و المبارأة و المطلقة ثلاثا، فلا يترتب عليها آثار الزوجية أصلا لا في زمن العدة و لا بعده لانقطاع العصمة بينهما بالمرة. نعم إذا كانت حاملا من زوجها استحقت النفقة و الكسوة و السكنى عليه حتى تضع حملها كما مر في باب النفقات من كتاب النكاح.

[مسألة: 11 قد عرفت أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقا و في الرجعي بعد انقضاء العدة]

مسألة: 11 قد عرفت أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقا و في الرجعي بعد انقضاء العدة، لكنه إذا طلقها مريضا ترثه الزوجة ما بين الطلاق و بين سنة، بمعنى أنه ان مات الزوج بعد ما طلقها في حال المرض (4) فان كان موته بعد سنة من حين الطلاق و لو يوما أو أقل لا ترثه، و ان كان بمقدار سنة و ما دونها ترثه، سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، و ذلك بشروط ثلاثة:

الأول: ان لا تتزوج المرأة، فلو طلقها في حال المرض و تزوجت بعد انقضاء العدة ثم مات الزوج قبل انقضاء سنة لم ترثه.

الثاني: ان لا يبرأ الزوج من المرض الذي طلقها فيه، فلو بري ء من ذلك المرض ثم تمرض ثم مات في أثناء السنة لم ترثه، إلا إذا كان موته في أثناء العدة الرجعية.

الثالث: أن لا يكون الطلاق بالتماس منها، فلا ترث المختلعة و المبارأة، لأن الطلاق انما هو بالتماس منهما.

[مسألة: 12 لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج المطلقة من بيته حتى تنقضي]

مسألة: 12 لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج المطلقة من بيته حتى تنقضي


1- أو رجعت من النشوز بعد ما كانت.
2- مع العيلولة.
3- قبل ان ترجع الى ما بذلت.
4- الذي طلق فيه.

ص: 260

عدتها، الا ان تأتي بفاحشة أعلاها ما أوجب الحد و أدناها أن تؤذي أهل البيت بالشتم و بذاءة اللسان (1)، و كذا لا يجوز لها الخروج بدون اذن الزوج (2) إلا لضرورة أو لأداء واجب مضيق.

[القول في الرجعة]

اشارة

القول في الرجعة:

و هي رد المطلقة في زمان عدتها الى نكاحها السابق، فلا رجعة في البائنة و لا في الرجعية بعد انقضاء العدة.

[مسألة: 1 الرجعة إما بالقول و هو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع كقوله راجعتك أو رجعتك]

مسألة: 1 الرجعة إما بالقول و هو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع كقوله راجعتك أو رجعتك أو ارتجعتك الى نكاحي، أو دل على الإمساك بزوجيتها كقوله رددتك إلى نكاحي أو أمسكتك في نكاحي، و يجوز في الجميع إسقاط قوله إلى نكاحي و في نكاحي. و لا يعتبر فيه العربية، بل يقع بكل لغة إذا كان بلفظ أفاد المعنى المقصود في تلك اللغة، و اما بالفعل، بأن يفعل بها ما يحل فعله للزوج بحليلته كالوطي و التقبيل و اللمس بشهوة أو بدونها.

[مسألة: 2 لا يتوقف حلية الوطي و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظا]

مسألة: 2 لا يتوقف حلية الوطي و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظا و لا على قصد الرجوع به، لما عرفت سابقا من أن المطلقة الرجعية زوجة أو بحكم الزوجة، فيستباح منها للزوج ما يستباح منها. و هل يعتبر في كونه رجوعا أن يقصد به الرجوع؟ قولان أقواهما العدم، بل يحتمل قويا كونه رجوعا و ان قصد العدم. نعم لا عبرة بفعل الغافل و الساهي و النائم و نحوها مما لا قصد فيه للفعل، كما لا عبرة بالفعل المقصود به غير المطلقة، كما لو واقعها باعتقاد انها غيرها.

[مسألة: 3 لو أنكر أصل الطلاق و هي في العدة كان ذلك رجوعا و ان علم كذبه]

مسألة: 3 لو أنكر أصل الطلاق و هي في العدة كان ذلك رجوعا و ان علم كذبه.

[مسألة: 4 لا يعتبر الاشهاد في الرجعة و ان استحب دفعا لوقوع التخاصم]

مسألة: 4 لا يعتبر الاشهاد في الرجعة و ان استحب دفعا لوقوع التخاصم


1- بحيث ينجر الى النشوز.
2- بل و معه على الأحوط.

ص: 261

و النزاع، و كذا لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها، فان راجعها عند نفسه من دون اطلاع أحد صحت الرجعة و عادت الى النكاح السابق واقعا، لكن لو ادعاها بعد انقضاء المدة و لم تصدقه الزوجة لم تسمع دعواه، غاية الأمر له عليها يمين، ففي العلم لو ادعى عليها العلم بذلك- كما أنه لو ادعى الرجوع الفعلي كالوطي و أنكرته- كان القول قولها بيمينها لكنه على البت لا على نفي العلم.

[مسألة: 5 إذا اتفقا على الرجوع و انقضاء العدة و اختلفا في المتقدم منهما]

مسألة: 5 إذا اتفقا على الرجوع و انقضاء العدة و اختلفا في المتقدم منهما فادعى الزوج ان المتقدم هو الرجوع و ادعت هي أن المتقدم انقضاء العدة، فإن تعين زمان الانقضاء و ادعى الزوج أن رجوعه كان قبله فوقع في محله و ادعت هي وقوعه بعده فوقع في غير محله، فالأقرب أن القول قوله بيمينه (1)، و ان كان بالعكس- بأن تعين زمان الرجوع و انه يوم الجمعة مثلا و ادعى ان انقضاء العدة كان في يوم السبت و ادعت هي انه كان في يوم الخميس- فالقول قولها بيمينها (2).

[مسألة: 6 لو طلق و راجع فأنكرت هي الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها عدة]

مسألة: 6 لو طلق و راجع فأنكرت هي الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها عدة و لا تكون له الرجعة و ادعى هو الدخول كان القول قولها مع يمينها.

[مسألة: 7 الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط]

مسألة: 7 الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط و ليس حقا قابلا للإسقاط كالخيار في البيع الخياري، فلو قال الزوج أسقطت ما كان لي من حق الرجوع لم يسقط و كان له الرجوع بعد ذلك، و كذلك إذا صالح عنه بعوض أو غير عوض.


1- و ذلك لان قوله مطابق لأصالة الصحة في الرجوع المتفق عليه وقوعه.
2- و ذلك لان الاختلاف في انقضاء يوم الجمعة و عدمه و أمر العدة بيدها و قولها فيها مسموع.

ص: 262

[كتاب الخلع و المبارأة]

اشارة

كتاب الخلع و المبارأة

[مسألة: 1 الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها]

مسألة: 1 الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، فهو قسم من الطلاق. و يعتبر فيه جميع شروط الطلاق المتقدمة، و يزيد عليها بأنه يعتبر فيه كراهة الزوجة لزوجها خاصة، فإن كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة و ان كان من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعا و لا مباراة.

[مسألة: 2 الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الأخر أو منضما]

مسألة: 2 الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الأخر أو منضما (1)، فبعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها مثلا يجوز أن يقول خلعتك على كذا أو أنت مختلعة على كذا، و يكتفى به أو يتبعه بقوله فأنت طالق على كذا أو يقول أنت طالق على كذا، و يكتفى به أو يتبعه بقوله فأنت مختلعة على كذا.

[مسألة: 3 الخلع و ان كان قسما من الطلاق و هو من الإيقاعات الا انه يشبه العقود في الاحتياج الى طرفين و انشائين]

مسألة: 3 الخلع و ان كان قسما من الطلاق و هو من الإيقاعات الا انه يشبه العقود في الاحتياج الى طرفين و انشائين بدل شي ء من طرف الزوجة ليطلقها الزوج و إنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت، و يقع ذلك على نحوين: الأول ان يقدم البذل من طرفها على ان يطلقها، فيطلقها على ما بذلت. الثاني أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرحا بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده، و الأحوط ان يكون الترتيب على النحو الأول، بل هذا الاحتياط لا يترك.


1- و صحته منضما مورد وفاق.

ص: 263

[مسألة: 4 يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما لا يخل بالفورية العرفية]

مسألة: 4 يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما لا يخل بالفورية العرفية، فلو أخل بها بطل الخلع و لم يستحق الزوج العوض، و لكن لم يبطل الطلاق (1) و وقع رجعيا مع فرض اجتماع شرائطه و الا كان بائنا.

[مسألة: 5 يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف]

مسألة: 5 يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، و يجوز أن يوكلا شخصا واحدا ليبذل عنها و يطلق عنه، بل الظاهر أنه يجوز لكل منهما أن يوكل الأخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلا فيما يرجع اليه و وكيلا فيما يرجع الى الأخر.

[مسألة: 6 يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه]

مسألة: 6 يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق، و من المرأة في جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه.

[مسألة: 7 إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فاما ان تبدأ الزوجة و تقول بذلت لك أو أعطيتك ما عليك من المهر]

مسألة: 7 إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فاما ان تبدأ الزوجة و تقول بذلت لك أو أعطيتك ما عليك من المهر أو الشي ء الفلاني لتطلقني، فيقول فورا أنت طالق أو مختلعة- بكسر اللام- على ما بذلت أو على ما أعطيت، و اما ان يبتدئ الزوج بعد ما تواطئا على الطلاق بعوض فيقول أنت طالق أو مختلعة بكذا أو على كذا، فتقول فورا قبلت أو رضيت. و ان وقع من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطبا لوكيل الزوج عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلك ما عليه من المهر أو المبلغ الفلاني ليخلعها و ليطلقها، فيقول وكيل الزوج فورا زوجة موكلي طالق على ما بذلت، أو يقول عن قبل موكلي خلعت موكلتك على ما بذلت. و ان وقع من وكيل أحدهما مع الأخر كوكيل الزوجة مع الزوج يقول وكيلها مخاطبا للزوج عن قبل موكلتي فلانة أو زوجتك بذلت لك ما عليك من المهر أو الشي ء الفلاني على أن تطلقها فيقول الزوج فورا هي أو زوجتي طالق على ما بذلت، أو يبتدئ الزوج مخاطبا لوكيلها موكلتك أو زوجتي فلانة طالق على كذا، فيقول عن قبل موكلتي قبلت ذلك. و ان وقع ممن كان وكيلا عن


1- إذا كان إيقاعه بلفظ الطلاق مجردا أو منضما بالخلع.

ص: 264

الطرفين يقول عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشي ء الفلاني ليطلقها، ثم يقول فورا زوجة موكلي طالق على ما بذلت، أو يبتدئ من طرف الزوج و يقول زوجة موكلي طالق على الشي ء الفلاني، ثم يقول من طرف الزوجة عن قبل موكلتي قبلت. و لو فرض أن الزوجة وكلت الزوج في البذل يقول عن قبل موكلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لأطلقها، ثم يقول فورا هي طالق على ما بذلت.

[مسألة: 8 يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة باستدعائها الطلاق من الزوج بعوض معلوم]

مسألة: 8 يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة باستدعائها الطلاق من الزوج بعوض معلوم، بأن تقول له طلقني أو اخلعني بكذا، فيقول فورا أنت طالق أو مختلعة بكذا فيتم الخلع، و الأحوط اتباعه بالقبول منها (1) بأن تقول بعد ذلك قبلت.

[مسألة: 9 يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق]

مسألة: 9 يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق، و يجوز الفداء بكل متمول من عين أو دين أو منفعة قل أو كثر و ان زاد عن المهر المسمى، فان كان عينا حاضرا يكفي فيه المشاهدة، و ان كان كليا في الذمة أو غائبا ذكر جنسه و وصفه و قدره، فلو جعل الفداء ألف و لم يذكر المراد فسد الخلع. و يصح جعل الفداء إرضاع ولده لكن مشروطا بتعيين المدة، و إذا جعل كليا في ذمتها يجوز جعله حالا و مؤجلا مع تعيين الأجل بما لا إجمال فيه.

[مسألة: 10 يصح بذل الفداء منها و من وكيلها]

مسألة: 10 يصح بذل الفداء منها و من وكيلها، بأن يبذل وكالة عنها من مالها الموجود أو بمال في ذمتها، و هل يصح ممن يضمنه في ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل، بأن تقول لشخص أطلب من زوجي أن يطلقني بألف درهم مثلا عليك و بعد ما دفعتها إليه ارجع الي، ففعل ذلك و طلقها الزوج على ذلك، وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (2). نعم الظاهر انه لا يصح من المتبرع الذي يبذل من ماله من دون رجوع إليها، فلو قالت الزوجة لزوجها طلقني على دار زيد أو ألف في ذمته فطلقها على ذلك و قد أذن زيد في ذلك أو أجاز بعد ذلك لم يصح الخلع، و كذا لو


1- لا يترك، و كذا في جميع الفروع الآتية التي يحكم بصحة الطلاق و بطلان الخلع.
2- بل ثانيهما.

ص: 265

وكلت زيدا على أن يطلب من زوجها أن يطلقها على ذلك فطلقها على ذلك.

[مسألة: 11 إذا قال أبوها طلقها و أنت بري ء من صداقها و كانت بالغة رشيدة فطلقها صح الطلاق]

مسألة: 11 إذا قال أبوها طلقها و أنت بري ء من صداقها و كانت بالغة رشيدة فطلقها صح الطلاق و كان رجعيا و لم تبرأ ذمته بذلك ما لم تبرئ، و لم يلزم عليها الإبراء و لا يضمنه الأب.

[مسألة: 12 لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل]

مسألة: 12 لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل فبطل الخلع و كان الطلاق رجعيا، و أما لو جعلته مال الغير مع الجهل بأنه مال الغير فالمشهور صحة الخلع و ضمانها للمثل أو القيمة، و فيه تأمل.

[مسألة: 13 يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج من دون عكس]

مسألة: 13 يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج من دون عكس كما مر، و الأحوط أن تكون الكراهة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة و الوقوع في المعصية.

[مسألة: 14 الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج]

مسألة: 14 الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره و سوء خلقه و فقره و غير ذلك، و بين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة و عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق المستحبة أو الواجبة كالقسم و النفقة. نعم ان كانت الكراهة و طلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب و الشتم و الضرب و نحوها فتريد تخليص نفسها منه فبذلت شيئا ليطلقها فطلقها لم يتحقق الخلع و حرم عليه ما يأخذه منها، و لكن الطلاق صح رجعيا.

[مسألة: 15 لو طلقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع]

مسألة: 15 لو طلقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع و لم يملك العوض و لكن صح الطلاق، فان كان مورد الطلاق الرجعي كان رجعيا و الا كان بائنا.

[مسألة: 16 طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت]

مسألة: 16 طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، و لها الرجوع فيه ما دامت في العدة، فإذا رجعت كان له الرجوع إليها.

[مسألة: 17 الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها]

مسألة: 17 الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد

ص: 266

رجوعها، فلو لم يجز له الرجوع كالمطلقة ثلاثا و كما إذا كانت المختلعة ممن ليست لها عدة كاليائسة و غير المدخول بها لم يكن لها الرجوع في البذل، بل لا يبعد عدم صحة رجوعها فيما بذلت مع فرض عدم علمه بذلك الى انقضاء محل رجوعه، فلو رجعت عند نفسها و لم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدة لا أثر لرجوعها.

[مسألة: 18 المبارأة قسم من الطلاق، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدمة]

مسألة: 18 المبارأة قسم من الطلاق، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدمة، و يعتبر فيه ما يشترط في الخلع من الفدية و الكراهة، فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة، و تقع بلفظ الطلاق مجردا، بأن يقول الزوج بعد ما بذلت المرأة له شيئا ليطلقها «أنت طالق على ما بذلت» و بلفظ «بارأتك» متبعا بلفظ الطلاق، بأن يقول الزوج «بارأتك على كذا فأنت طالق»، و لا يقع بلفظ بارأتك مجردا.

[مسألة: 19 المبارأة و ان كانت كالخلع لكنها تفارقه بأمور ثلاثة]

مسألة: 19 المبارأة و ان كانت كالخلع لكنها تفارقه بأمور ثلاثة:

أحدها: انها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع فإنه يترتب على كراهة الزوجة خاصة كما مر.

ثانيها: انه يشترط فيها ان لا تكون الفداء أكثر من مهرها، بل الأحوط أن بكون أقل منه، بخلاف الخلع فإنه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أو زاد عليه أو نقص عنه.

ثالثها: انه إذا أوقعت بلفظ «بارأت» يجب فيه اتباعه بالطلاق بقوله «فأنت أو هي طالق»، بخلاف الخلع، إذ يجوز أن يوقعه بلفظ «الخلع» مجردا كما مر، و ان قيل فيه أيضا بوجوب اتباعه بالطلاق لكن الأقوى خلافه كما مر.

[مسألة: 20 طلاق المبارأة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع الا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدة]

مسألة: 20 طلاق المبارأة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع الا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدة، فله الرجوع حينئذ إليها كما تقدم في الخلع.

ص: 267

[كتاب الظهار و الإيلاء و اللعان]

اشارة

كتاب الظهار و الإيلاء و اللعان

[القول في الظهار]

اشارة

القول في الظهار:

الذي كان طلاقا في الجاهلية و موجبا للحرمة الأبدية، و قد غير شرع الإسلام حكمه و جعله موجبا لتحريم الزوجة المظاهرة و لزوم الكفارة بالعود (1) كما ستعرف تفصيله.

[مسألة: 1 صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطبا للزوجة «أنت علي كظهر أمي»]

مسألة: 1 صيغة الظهار أن يقول الزوج (2) مخاطبا للزوجة «أنت علي كظهر أمي» أو يقول بدل أنت «هذه» مشيرا إليها أو زوجتي فلانة، و يجوز تبديل علي بقوله مني أو عندي أو لدي، بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة علي و أشباهها أصلا، بأن يقول «أنت كظهر أمي»، و لو شبهها بجزء آخر من أجزاء الأم غير الظهر كرأسها أو يدها أو بطنها ففي وقوع الظهار قولان: أحوطهما ذلك بل لا يخلو من قوة، و لو قال «أنت كأمي أو أمي» قاصدا به التحريم لا علو المنزلة و التعظيم أو كبر السن و غير ذلك لم يقع، و ان كان الأحوط خلافه، بل لا يترك الاحتياط.

[مسألة: 2 لو شبهها بإحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت و الأخت]

مسألة: 2 لو شبهها بإحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت و الأخت فمع


1- و حرمه بقوله تعالى «وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً» مع ما ورد في الرواية في شأن نزول الآية من التصريح بكونه معصية.
2- و يصح أن يقول «أنت كظهر أمي إن فعلت كذا»، فإذا فعلت ذلك وجبت الكفارة و يحرم عليه الوطي بعده، و اما قبل ذلك الفعل تجب الكفارة و لو كان الوطي هو الشرط.

ص: 268

ذكر الظهر بأن قال مثلا «أنت علي كظهر أختي» يقع الظهار على الأقوى، و بدونه كما إذا قال «كأختي» أو «كرأس أختي» لم يقع على اشكال (1).

[مسألة: 3 الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل]

مسألة: 3 الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها «أنت علي كظهر أبي أو أخي» لم يؤثر شيئا.

[مسألة: 4 يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق]

مسألة: 4 يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق، و في المظاهر البلوغ و العقل و الاختيار (2)، فلا يقع من الصبي و المجنون و لا المكره و الساهي، بل و لا مع الغضب السالب للقصد، و في المظاهرة خلوها عن الحيض و النفاس و كونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق، و في اشتراط كونها مدخولا بها قولان أصحهما ذلك.

[مسألة: 5 الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية في المظاهرة]

مسألة: 5 الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية في المظاهرة، بل يقع على المتمتع بها بل و على المملوكة.

[مسألة: 6 إذا تحقق الظهار بشرائطه حرم على المظاهر وطي المظاهرة]

مسألة: 6 إذا تحقق الظهار بشرائطه حرم على المظاهر وطي المظاهرة، و لا يحل له حتى يكفر فإذا كفر حل له وطيها، و لا تلزم كفارة أخرى بعد وطيها، و لو وطئها قبل أن يكفر كانت عليه كفارتان (3)، و هل يحرم عليه قبل التكفير غير الوطي من سائر الاستمتاعات كالقبلة و الملامسة؟ فيه إشكال.

[مسألة: 7 إذا طلقها رجعيا ثم راجعها لم يحل له وطيها حتى يكفر]

مسألة: 7 إذا طلقها رجعيا ثم راجعها لم يحل له وطيها حتى يكفر، بخلاف ما إذا تزوجها جديدا بعد انقضاء العدة أو في العدة إذا كان الطلاق بائنا، فإنه يسقط حكم الظهار و يجوز له وطيها بلا تكفير.

[مسألة: 8 كفارة الظهار كما مر في كتاب الكفارات أحد أمور ثلاثة مرتبة]

مسألة: 8 كفارة الظهار كما مر في كتاب الكفارات أحد أمور ثلاثة مرتبة:

عتق رقبة، و إذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، و إذا عجز عنه فإطعام ستين مسكينا.


1- فلا يترك الاحتياط.
2- و القصد فلا يقع من الهازل و السكران و النائم.
3- و إذا تكرر الوطي تكررت الكفارة.

ص: 269

[مسألة: 9 إذا صبرت المظاهرة على ترك وطيها فلا اعتراض]

مسألة: 9 إذا صبرت المظاهرة على ترك وطيها فلا اعتراض، و ان لم تصبر رفعت أمرها إلى الحاكم، فيحضره و يخيره بين الرجعة بعد التكفير و بين طلاقها، فان اختار أحدهما و الا أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت المدة و لم يختر أحد الأمرين حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يختار أحدهما، و لا يجبره على خصوص أحدهما و لا يطلق عنه.

[القول في الإيلاء]

اشارة

القول في الإيلاء:

و هو الحلف على ترك وطي الزوجة الدائمة المدخول بها أبدا أو مدة تزيد عن أربعة أشهر للإضرار بها، فلا يتحقق الإيلاء بالحلف على ترك وطي المملوكة و لا المتمتع بها و لا لغير المدخول بها و لا بالحلف على ترك وطئها مدة لا تزيد عن أربعة أشهر و لا فيما إذا كان لملاحظة مصلحة كإصلاح لبنها أو كونها مريضة أو غير ذلك، و ان انعقد اليمين في جميع ذلك و يترتب عليه آثاره إذا اجتمع شروطه.

[مسألة: 1 لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين الا باسم اللّٰه تعالى المختص به أو الغالب إطلاقه عليه]

مسألة: 1 لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين الا باسم اللّٰه تعالى المختص به أو الغالب إطلاقه عليه، و لا يعتبر فيه العربية و لا اللفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع في القبل كإدخال الفرج في الفرج، بل المعتبر صدق كونه حالفا على ترك ذلك العمل بلفظ له ظهور في ذلك، فيكفي قوله «لا أطؤك أو لا أجامعك أو لا أمسك»، بل و قوله «لا جمع رأسي و رأسك وسادة أو مخدة» إذا قصد بذلك ترك الجماع.

[مسألة: 2 إذا تم الإيلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام]

مسألة: 2 إذا تم الإيلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام، و الا فلها المرافعة إلى الحاكم، فيحضره و ينظره أربعة أشهر، فإن رجع و واقعها في هذه المدة فهو و الا أجبره على أحد الأمرين اما الرجوع أو الطلاق، فان فعل أحدهما و الا ضيق عليه و حبسه حتى يختار أحدهما، و لا يجبره على أحدهما معينا.

ص: 270

[مسألة: 3 المشهور ان الأربعة التي ينظر فيها ثم يجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الترافع]

مسألة: 3 المشهور (1) ان الأربعة التي ينظر فيها ثم يجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الترافع، و قيل من حين الإيلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدة ألزمه بأحد الأمرين من دون إمهال و انتظار مدة، و فيه تأمل.

[مسألة: 4 يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن]

مسألة: 4 يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن، فلو عقد عليها جديدا في العدة أو بعدها كانت كأن لم يول عليها، بخلاف ما إذا طلقها رجعيا فإنه و ان خرج بذلك من حقها فليست لها المطالبة و الترافع الى الحاكم لكن لا يزول حكم الإيلاء إلا بانقضاء العدة، فلو راجعها في العدة عاد الى الحكم الأول، فلها المطالبة بحقها و المرافعة.

[مسألة: 5 متى وطئها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة]

مسألة: 5 متى وطئها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة، سواء كان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة لأنه قد حنث اليمين على كل حال و ان جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدة و مطالبتها و أمر الحاكم به تخييرا (2)، و بهذا يمتاز هذا اليمين عن سائر الايمان، كما أنه يمتاز عن غيره بأنه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلقه مباحا تساوى طرفاه أو كان راجحا دينا أو دنيا.

[القول في اللعان]

اشارة

القول في اللعان:

و هي مباهلة خاصة بين الزوجين، أثرها دفع حد أو نفي ولد كما تعرف تفصيله.

[مسألة: 1 إنما يشرع اللعان في مقامين: أحدهما فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا]

مسألة: 1 إنما يشرع اللعان في مقامين: أحدهما فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، الثاني فيما إذا نفى ولدية من ولد في فراشه مع إمكان لحوقه به.

[مسألة: 2 لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريبة و لا مع غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة]

مسألة: 2 لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريبة و لا مع غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة، بل و لا بالشياع و لا باخبار شخص ثقة. نعم يجوز مع اليقين لكن لا يصدق إذا لم تعترف به الزوجة و لم يكن بينة، بل يحد حد القذف مع مطالبتها، إلا إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتية فيدرأ عنه الحد.


1- و هو الأقوى.
2- بينه و بين الطلاق.

ص: 271

[مسألة: 3 يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعى المشاهدة]

مسألة: 3 يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعى المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدعها و من لم يتمكن منها كالأعمى فيحدان مع عدم البينة، و ان لا يكون له بينة فان كانت له بينة تتعين إقامتها لنفي الحد و لا لعان.

[مسألة: 4 يشترط في ثبوت اللعان أن تكون المقذوفة زوجة دائمة]

مسألة: 4 يشترط في ثبوت اللعان أن تكون المقذوفة زوجة دائمة (1)، فلا لعان في قذف الأجنبية بل يحد القاذف مع عدم البينة، و كذا في المنقطعة على الأقوى، و ان تكون مدخولا بها فلا لعان فيمن لم يدخل بها، و ان تكون غير مشهورة بالزنا و الا فلا لعان، بل و لا حد حتى يدفع باللعان، بل عليه التعزير (2) لو لم يدفعه عن نفسه بالبينة.

[مسألة: 5 لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولد في فراشه مع إمكان لحوقه به]

مسألة: 5 لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولد في فراشه مع إمكان لحوقه به، بأن دخل بأمه (3) و قد مضى منه الى زمان وضعه ستة أشهر فصاعدا و لم يتجاوز عن أقصى مدة الحمل حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلا عما إذا اتهمها، بل يجب عليه الإقرار بولديته، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله «أيما رجل جحد ولده و هو ينظر اليه احتجب اللّٰه منه و فضحه على رءوس الخلائق». نعم يجب عليه (4) ان ينفيه و لو باللعان مع علمه بعدم تكونه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به إذا كان بحسب ظاهر الشرع لحوقه به لو لا نفيه، لئلا يلحق بنسبه من ليس منه فيترتب عليه حكم الولد في الميراث و النكاح و نظر محارمه و غير ذلك.

[مسألة: 6 إذا نفى ولدية من ولد في فراشه فان علم انه دخل بأمه دخولا يمكن معه لحوق الولد به]

مسألة: 6 إذا نفى ولدية من ولد في فراشه فان علم انه دخل بأمه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو أقر هو بذلك و مع ذلك نفاه لا يسمع منه هذا النفي و لا ينتفي منه لا باللعان و لا بغيره، و أما لو لم يعلم ذلك و لم يقر به و قد نفاه- اما مجردا عن ذكر السبب بأن قال هذا ليس ولدي أو مع ذكر السبب بأن قال لأني لم ادخل


1- بالغة عاقلة سالمة عن الصمم و الخرس.
2- وجوبه في المشهورة المتجاهرة بالزنا غير معلوم.
3- إذا دخل ماؤه في فرجها بأي وسيلة.
4- على الأحوط.

ص: 272

بأمه أصلا (1)- أو أنكر دخولا يمكن تكونه منه فحينئذ و ان لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن باللعان ينتفي عنه.

[مسألة: 7 إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم]

مسألة: 7 إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم، و اما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان، و ان لم يجز له نفيه و لم يعلم بالانتفاء. نعم لو علم أنه قد دخل بها دخولا يمكن تكون الولد منه أو أقر بذلك و مع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه و لم يسمع منه ذلك، كما هو كذلك في الدائمة، فالفرق بين الدائمة و المتمتع بها انما هو فيما إذا كانت المرأة تحتها و ولدت ولدا و لم يعلم دخول الرجل بها دخولا يمكن تكون الولد منه و لم يقر الزوج بذلك و قد نفاه الزوج و احتمل صدقه و كذبه، ففي ولد الدائمة لم ينتف عنه الا باللعان و يشرع اللعان لنفيه، و في ولد المتمتع بها ينتفي عنه بمجرد نفيه بحسب ظاهر الشرع و لا يشرع فيه اللعان.

[مسألة: 8 لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا]

مسألة: 8 لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا.

[مسألة: 9 من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنا]

مسألة: 9 من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنا لاحتمال تكونه عن وطي شبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به و ان جاز له بل وجب عليه نفيه (2) عن نفسه لكن لا يجوز له أن يرميها بالزنا (3) و ينسب ولدها بكونه ولد زنا.

[مسألة: 10 لو أقر بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك]

مسألة: 10 لو أقر بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك، سواء كان إقراره بالصريح أو بالكناية مثل أن يبشر به و يقال له بارك اللّٰه لك في مولودك فيقول آمين أو إن شاء اللّٰه تعالى، بل قيل انه إذا كان الزوج حاضرا وقت الولادة و لم ينكر الولد مع ارتفاع


1- على قول من لم يشترط في اللعان الدخول، و اما بناء على اعتباره كما اختاره فلا لعان ما لم يثبت الدخول.
2- على الأحوط كما مر.
3- إلا إذا علم بكونه من زنا.

ص: 273

العذر لم يكن له إنكاره بعد ذلك، بل نسب ذلك الى المشهور (1).

[مسألة: 11 لا يقع اللعان الا عند الحاكم الشرعي أو من نصبه لذلك]

مسألة: 11 لا يقع اللعان الا عند الحاكم الشرعي أو من نصبه لذلك، و صورته أن يبدأ الرجل و يقول بعد ما قذفها أو نفى ولدها «أشهد باللّه اني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو من نفي ولدها» يقول ذلك اربع مرات، ثم يقول مرة واحدة «لعنة اللّٰه علي ان كنت من الكاذبين»، ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات «أشهد باللّه انه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفى الولد»، ثم تقول مرة واحدة «ان غضب اللّٰه علي ان كان من الصادقين».

[مسألة: 12 يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور]

مسألة: 12 يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور، فلو قال أو قالت أحلف أو أقسم أو شهدت أو انا شاهد أو بدلا لفظ الجلالة بالرحمن أو بخالق البشر أو بصانع الموجودات أو قال الرجل انى صادق أو لصادق أو من الصادقين من غير ذكر اللام أو قالت المرأة انه لكاذب أو كاذب أو من الكاذبين لم يقع، و كذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب و المرأة بالعكس.

[مسألة: 13 يجب أن يكون إتيان كل منهما باللعان بعد إلقاء الحاكم إياه عليه]

مسألة: 13 يجب أن يكون إتيان كل منهما باللعان بعد إلقاء الحاكم إياه عليه، فلو بادر به قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع.

[مسألة: 14 يجب أن يكون النطق بالعربية مع القدرة]

مسألة: 14 يجب أن يكون النطق بالعربية مع القدرة، و يجوز بغيرها مع التعذر.

[مسألة: 15 يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة]

مسألة: 15 يجب أن يكونا قائمين (2) عند التلفظ بألفاظهما الخمسة، و هل يعتبر ان يكون قائمين معا عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما عند تلفظه بما يخصه؟ أحوطهما الأول.

[مسألة: 16 إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة]

مسألة: 16 إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة:

الأول انفساخ عقد النكاح و الفرقة بينهما. الثاني الحرمة الأبدية، فلا تحل له ابدا و لو


1- لكنه مشكل إلا إذا ظهر منه أمارات التصديق بكونه ولده.
2- على الأحوط.

ص: 274

بعقد جديد، و هذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء كان للقذف أو لنفي الولد.

الثالث سقوط حد القذف عن الزوج بلعانه و سقوط حد الزنا عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن و نكلت هي اللعان تخلص الرجل عن حد القذف و تحد المرأة حد الزانية، لان لعان الرجل بمنزلة البينة في إثبات زنا الزوجة. الرابع انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة ان تلاعنا لنفيه، بمعنى أنه لو نفاه و ادعت الزوجة كون الولد له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل و الولد فلا يرث كل منهما عن الأخر، و كذا بين الولد و كل من انتسب إليه بالأبوة كالجد و الجدة و الأخ و الأخت للأب، و كذا الأعمام و العمات، بخلاف الام و من انتسب اليه بها، حتى ان الاخوة للأب و الام بحكم الاخوة للأم.

[مسألة: 17 إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له]

مسألة: 17 إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد (1) و لا يرثه الأب و لا من يتقرب به. و سيجي ء تفصيله في كتاب الميراث إن شاء اللّٰه تعالى.


1- لكن لا يرث أقارب أبيه بإقراره إلا إذا أقروا به أيضا، كما انهم لا يرثونه إلا بإقراره.

ص: 275

[كتاب الميراث]

اشارة

كتاب الميراث و هو مشتمل على مقدمة و مقاصد و لواحق

[أما المقدمة]

اشارة

أما المقدمة فتشتمل على أمور:

[الأمر الأول: في موجبات الإرث و أسبابه على الإجمال]
اشارة

الأمر الأول: في موجبات الإرث و أسبابه على الإجمال، و هي ثلاثة:

[الأول النسب]

الأول النسب (1)، و هو ثلاث طبقات مرتبة لا يرث واحد من المرتبة اللاحقة مع وجود وارث من المرتبة السابقة:

الطبقة الاولى: و هي صنفان الأبوان من غير ارتفاع و الأولاد ذكرا أو أنثى بلا واسطة أو معها.

الطبقة الثانية: و هي أيضا صنفان الأجداد و الجدات لأب أو أم و ان علو أو الاخوة و الأخوات و أولادهم و ان نزلوا لأب كانوا أو لام أو لهما.

الطبقة الثالثة: الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و ان علوا و أولادهم و ان نزلوا، و يعد من في هذه الطبقة كلهم صنفا واحدا.

[الثاني الزوجية]

الثاني الزوجية، و بها يرث الزوجان كل من الأخر.

[الثالث الولاء]

الثالث الولاء، و هو ثلاثة مرتبة: ولاء العتق، ثم ولاء ضامن الجريرة، ثم ولاء الإمامة.


1- بالسبب الشرعي أو ما بحكمه كالشبهة و نكاح الملل الفاسدة دون مثل الزنا بشرط صدق الرحم و القرابة عرفا.

ص: 276

[الأمر الثاني الوارث]
اشارة

الأمر الثاني الوارث: اما يرث بالفرض، و اما يرث بالقرابة. و المراد بالفرض هو السهم المقدر و الكسر المعين الذي سماه اللّٰه تعالى في كتابه الكريم، و الفروض ستة و أربابها ثلاثة عشر: النصف لبنت واحدة (1) إذا لم يكن معها ابن، و أخت واحدة لأبوين أو لأب إذا لم يكن معها أخ كذلك، و الزوج إذا لم يكن للزوجة ولد (2).

و الربع للزوج إذا كان للزوجة ولد، و للزوجة إذا لم يكن للزوج ولد. و الثمن للزوجة إذا كان للزوج ولد. و الثلث للأم مع عدم الولد للميت (3) و لا الإخوة بالشرائط الآتية، و للأخ (4) و الأخت من الام مع التعدد. و الثلثان للبنتين فصاعدا مع عدم وجود الابن، و للأختين فصاعدا لأبوين أو لأب مع وجود الأخ (5). و السدس للأب مع وجود الولد (6)، و للأم مع الولد أو وجود الاخوة للميت بالشروط الآتية، و للأخ أو الأخت للأم مع عدم التعدد.

[مسألة: 1 قد ظهر مما مر أن أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب لا فرض لهم]

مسألة: 1 قد ظهر مما مر أن أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب لا فرض لهم و انما يكون إرثهم بالقرابة و ان الزوجين وراثتهما بالفرض مطلقا، و أما الطبقة الاولى و الثانية فبعضهم لا فرض له أصلا كالابن و الأخ للأبوين أو لأب، و بعضهم ذو فرض مطلقا كالأم، و بعضهم ذو فرض على حال دون حال كالأب، فإنه ذو فرض مع وجود الولد للميت و ليس له فرض مع عدم الولد، و كالبنت و البنتين، و كذا الأخت و الأختان لأب أو أبوين، فإن لهن الفرض إذا لم يكن معهن ذكر و ليس لهن


1- بأن لم يكن معها أخ أو أخت غير ممنوع الإرث، و ممنوع الإرث في جميع الفروض كالمعدوم.
2- و ان نزل، و كذا في الفروض الثلاثة التالية.
3- و ان نزل.
4- يعنى للاثنين من ولد الام فصاعدا.
5- للأبوين في الأول و للأب في الثاني.
6- و ان نزل و كذا مع الام.

ص: 277

فرض إذا كان معهن ذكر.

[مسألة: 2 ظهر مما ذكر أن من كان له فرض على قسمين]

مسألة: 2 ظهر مما ذكر أن من كان له فرض على قسمين:

أحدهما: من ليس له الا فرض واحد و لا ينقص و لا يزيد فرضه بتبدل الأحوال، كالأب فإنه يكون ذا فرض في صورة وجود الولد و فرضه ليس الا السدس مطلقا، و كذلك البنت الواحدة و البنتان فصاعدا مع عدم الابن، و كذا الأخت و الأختان لأب أو أبوين مع عدم الأخ، فان فرضهن النصف أو الثلثان مطلقا، و هؤلاء و ان كانوا ذوي فرض على حال دون حال الا أن فرضهم لا يزيد و لا ينقص بتبدل الأحوال.

و قد يكون من كان له فرض على كل حال لا يتغير فرضه بتبدل الأحوال، و ذلك كالأخ أو الأخت للأم، فمع الوحدة كان فرضه السدس و مع التعدد الثلث، و لا يزيد على ذلك و لا ينقص في جميع الأحوال.

الثاني: من كان فرضه يتغير بتبدل الأحوال، كالأم فإن لها الثلث تارة و السدس أخرى، و كذا الزوجان فان للزوج نصف مع عدم الولد و الربع مع وجوده و للزوجة الثمن مع وجود الولد و الربع مع عدمه.

[الأمر الثالث في موانع الإرث]
اشارة

الأمر الثالث في موانع الإرث، و هي ثلاثة (1):

[الأول الكفر باصنافه]
اشارة

الأول الكفر باصنافه أصليا كان أو عن ارتداد، فلا يرث الكافر من المسلم أصلا و ان كان قريبا و انما يختص إرثه بالمسلم و ان كان بعيدا، فلو كان له ابن كافر و للابن ابن مسلم يرثه ابن الابن لا الابن، و كذا لو كان له ابن كافر و أخ أو عم أو ابن عم مسلم يرثه المسلم دونه، بل و كذا لو لم يكن له وارث من ذوي الأنساب و كان له معتق أو ضامن جريرة مسلم يختص إرثه بهما دونه، و إذا لم يكن له وارث مسلم في جميع الطبقات من ذوي الأنساب و غيرهم كان ممن لا وارث له و اختص إرثه بالإمام عليه السلام و لم يرث ابنه الكافر منه شيئا.


1- و هي المشهورة منها و الا فقد يعد عشرة و قد يعد موانع بعض الإرث منها فيكون قريبا من عشرين بل في الدروس أنهاها إلى عشرين.

ص: 278

[مسألة: 3 إذا مات الكافر أصليا أو مرتدا عن فطرة أو ملة و له وارث مسلم و كافر ورثه المسلم]

مسألة: 3 إذا مات الكافر أصليا أو مرتدا عن فطرة أو ملة و له وارث مسلم و كافر ورثه المسلم و ان كان بعيدا كالمعتق و ضامن الجريرة دون الكافر و ان كان قريبا كالأب و الابن، و ان لم يكن له وارث مسلم بل كان جميع ورثته كفارا يرثونه على قواعد الإرث، إلا إذا كان مرتدا فطريا أو مليا فان ميراثه للإمام دون ورثته الكفار.

[مسألة: 4 لو مات مسلم أو كافر و كان له وارث كافر و وارث مسلم غير الامام و أسلم بعد موته وارثه الكافر]

مسألة: 4 لو مات مسلم أو كافر و كان له وارث كافر و وارث مسلم غير الامام و أسلم بعد موته وارثه الكافر، فان كان وارثه المسلم واحدا (1) اختص بالإرث و لم ينفع لمن أسلم إسلامه، و كذا ان كان متعددا و كان إسلام من أسلم بعد قسمة الميراث بينهم، و أما لو أسلم قبل القسمة شاركهم في الإرث ان ساواهم في المرتبة و اختص بالإرث و حجبهم عنه ان تقدم عليهم، كما إذا كان ابنا للميت و هم اخوته.

[مسألة: 5 لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان لكل منهما حكمه]

مسألة: 5 لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان لكل منهما حكمه، فلم يرث فيما قسم و اختص بالإرث أو شارك فيما لم يقسم.

[مسألة: 6 لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته]

مسألة: 6 لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته اختص هو بالإرث و لم يرثه الباقون و لم ينته الأمر الى الامام، و كذا الحال لو كان الميت مرتدا و خلف ورثة كفارا و أسلم بعضهم بعد موته فإن الإرث يختص به.

[مسألة: 7 لو مات كافر أصلي و لم يخلف إلا ورثة كفارا ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته]

مسألة: 7 لو مات كافر أصلي و لم يخلف إلا ورثة كفارا ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته فالظاهر أنه لا أثر لإسلامه و كان الحكم كما قبل إسلامه، فإن تقدمت طبقته على طبقة الباقين كما إذا كان ابنا للميت و هم اخوته اختص الإرث به، و ان ساواهم في الطبقة شاركهم، و ان تأخرت طبقته كما إذا كان عما للميت و هم اخوته اختص الإرث بهم. و يحتمل (2) ان تكون مشاركته مع الباقين في صورة مساواته معهم في


1- الا إذا كانت هي الزوجة، فإنه ان أسلم الوارث الكافر قبل تقسيم الإرث بينها و بين الإمام يأخذ نصيبه، فلو كان ولدا فللزوجة نصيبها الأدنى و الا فالأعلى، و أما ان كان الوارث منحصرا بالإمام عليه السلام فإن أسلم الكافر من الورثة فهو أولى منه عليه السلام.
2- لكن لا دليل عليه.

ص: 279

الطبقة انما هو فيما إذا كان إسلامه بعد قسمة التركة بينه و بينهم، و أما إذا كان قبلها اختص الإرث به، و كذا اختصاص الطبقة السابقة بالإرث في صورة تأخر طبقة من أسلم انما هو فيما إذا كان من الطبقة السابقة واحدا أو متعددا و كان إسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم، و أما إذا كان إسلامه قبل القسمة اختص الإرث به.

[مسألة: 8 المراد بالمسلم و الكافر وارثا و موروثا و حاجبا و محجوبا أعم منهما حقيقة و مستقلا]

مسألة: 8 المراد بالمسلم و الكافر وارثا و موروثا و حاجبا و محجوبا أعم منهما حقيقة و مستقلا أو حكما و تبعا، فكل طفل كان أحد أبويه مسلما حال انعقاد نطفته مسلم حكما و تبعا فيلحقه حكمه، و ان ارتد بعد ذلك المتبوع فلا يتبعه الطفل في الارتداد الطارئ. نعم يتبعه في الإسلام إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه بعد ما كانا كافرين حين انعقاد نطفته بحكم الكافر حتى يسلم أحدهما قبل بلوغه أو أظهر الإسلام هو بعد بلوغه، فعلى ما ذكرنا لو مات كافر و له أولاد كفار و له أطفال أخ مسلم أو أخت مسلمة يرثه أولئك الأطفال دون الأولاد، و لو كان له ابن كافر و طفل ابن مسلم يرثه طفل ابنه دون ابنه، و لو مات مسلم و له طفل ثم مات ذلك الطفل و ليس له وارث مسلم في جميع الطبقات كان وارثه الامام كما هو الحال في الميت المسلم، و لو مات طفل بين كافرين و له مال و كان ورثته كلهم كفارا ليس بينهم مسلم ورثه الكفار على ما فرض اللّٰه دون الامام. هذا إذا كان أبواه كافرين أصليين، و اما إذا كانا مرتدين فهل لهذا الطفل حكم الكفر الارتدادي حتى يكون وارثه الإمام أو حكم الكافر الأصلي حتى يرثه ورثته الكفار؟ وجهان لا يخلو ثانيهما من قوة.

[مسألة: 9 المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب و الأصول و العقائد]

مسألة: 9 المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب و الأصول و العقائد، فيرث المحق منهم عن مبطلهم و بالعكس و مبطلهم عن مبطلهم. نعم الغلاة و الخوارج و النواصب و من أنكر ضروريا من ضروريات الدين كوجوب الصلاة و صوم شهر رمضان كفار أو بحكمهم، فيرث منهم المسلمون و هم لا يرثون منهم.

[مسألة: 10 الكفار يتوارثون و ان اختلفوا في الملل و النحل]

مسألة: 10 الكفار يتوارثون و ان اختلفوا في الملل و النحل، فيرث النصراني

ص: 280

من اليهودي و بالعكس، بل و يرث الذمي من الحربي و بالعكس، لكن يشترط في إرث الكافر من الكافر فقد الوارث المسلم، فان وجد و ان كان بعيدا يحجب الكافر و ان كان قريبا كما تقدم تفصيله.

[مسألة: 11 المرتد- و هو من خرج عن الإسلام و اختار الكفر بعد ما كان مسلما- على قسمين فطري و ملي]

مسألة: 11 المرتد- و هو من خرج عن الإسلام و اختار الكفر بعد ما كان مسلما- على قسمين فطري و ملي: و الأول من كان أحد أبويه مسلما حال انعقاد نطفته ثم أظهر الإسلام بعد بلوغه ثم خرج عنه، و الثاني من كان أبواه كافرين حال انعقاد نطفته ثم أظهر الكفر بعد البلوغ فصار كافرا أصليا ثم أسلم ثم عاد الى الكفر كنصراني أسلم ثم عاد الى نصرانيته.

فالفطري ان كان رجلا تبين منه زوجته و ينفسخ نكاحها بغير طلاق و تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج بالغير ان أرادت و يقسم أمواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد أداء ديونه كالميت، و لا ينتظر موته و لا تفيد توبته و رجوعه إلى الإسلام في رجوع زوجته و ماله اليه. نعم تقبل توبته باطنا على الأقوى، بل ظاهرا أيضا بالنسبة الى بعض الاحكام، فيطهر بدنه و تصح عباداته و يملك الأموال الجديدة بأسبابه الاختيارية كالتجارة و الحيازة و القهرية كالإرث، و يجوز له التزويج بالمسلمة، بل له تجديد العقد على الزوجة السابقة. و ان كان امرأة بقيت أموالها على ملكها و لا تنتقل الى ورثتها الا بموتها و تبين من زوجها المسلم في الحال بلا اعتداد ان كانت غير مدخول بها و مع الدخول بها ينفسخ نكاحها (1) لكن عليها العدة عدة الطلاق، فان تابت و هي في العدة عادت الزوجية و ان لم تتب حتى انتفت العدة بانت من زوجها.

و أما الملي سواء كان رجلا أو امرأة فلا تنتقل أمواله إلى ورثته الا بالموت، و ينفسخ النكاح بين المرتد و زوجته المسلمة و كذا بين المرتدة و زوجها المسلم بمجرد الارتداد بدون اعتداد مع عدم الدخول و مع الاعتداد عدة الطلاق مع الدخول، فان


1- قد مر منه قدس سره أن الفسخ فيها و في المرتد الملي مطلقا رجلا كان أو امرأة موقوف على انقضاء العدة، فراجع و هو الأوفق بالقواعد.

ص: 281

تاب أو تابت قبل انقضاء العدة عادت الزوجية و الا فلا كما عرفت في المرأة المرتدة عن فطرة.

[ (الثاني من موانع الإرث القتل]
اشارة

(الثاني من موانع الإرث القتل.

[مسألة: 12 لا يرث القاتل من المقتول إذا كان القتل عمدا ظلما]

مسألة: 12 لا يرث القاتل من المقتول إذا كان القتل عمدا ظلما، و يرث منه إذا قتله بحق، كما إذا كان قصاصا أو حدا أو دفاعا عن نفسه أو عرضه أو ماله و كذا إذا كان خطأ محضا كما إذا رمى الى طائر فأخطأ و أصاب قريبه فإنه يرثه. نعم لا يرث من ديته التي تتحملها العاقلة على الأقوى. و اما شبه العمد- و هو ما إذا كان قاصدا لإيقاع الفعل على المقتول غير قاصد للقتل و كان الفعل مما لا يترتب عليه القتل في العادة كما إذا ضربه ضربا خفيفا للتأديب فأدى الى قتله- ففي كونه كالعمد المحض مانعا عن الإرث أو كالخطإ المحض؟ قولان أقواهما أولهما (1)، خصوصا إذا كان إيقاع الفعل بغير حق، كما إذا ضربه ضربا خفيفا لا للتأديب أو كان الضارب من ليس له ولاية التأديب فأدى الى قتله.

[مسألة: 13 لا فرق في القتل العمدي الظلمي في مانعيته من الإرث بين ما كان بالمباشرة]

مسألة: 13 لا فرق في القتل العمدي الظلمي في مانعيته من الإرث بين ما كان بالمباشرة كما إذا ذبحه أو رماه بالرصاص، و بين ما كان بالتسبيب كما إذا رماه في مسبعة فافترسه السبع، أو حبسه في مكان زمانا طويلا بلا قوت فمات جوعا، أو أحضر عنده طعاما مسموما بدون علم منه فأكله الى غير ذلك من التسبيبات التي ينسب و يسند معها القتل الى المسبب. نعم بعض التسبيبات التي قد يترتب عليها التلف مما لم ينسب و لم يسند التلف الى المسبب كحفر البئر و إلقاء المزالق و المعاثر في الطرق و المعابر و غير ذلك و ان أوجب الضمان و الدية على مسببها إذا تلف أحد بسببها كما هو مذكور في كتابي الغصب و الديات الا انها غير مانعة من الإرث، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع و مات فيه.

[مسألة: 14 كما أن القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجبا عمن هو دونه في الدرجة]

مسألة: 14 كما أن القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجبا عمن هو دونه في الدرجة و متأخر عنه في الطبقة، فوجوده كالعدم، فلو قتل شخص أباه و كان له


1- بل ثانيهما.

ص: 282

ابن و لم يكن لأبيه أولاد غير القاتل ورث ابن القاتل من جده، و كذا إذا انحصر أولاد المقتول في ابنه القاتل و له اخوة كان ميراثه لإخوته دون ابنه، بل لو لم يكن غير القاتل قريب و كان له معتق أو ضامن جريرة كان ميراثه لهما، و ان لم يكونا له أيضا ورثه الإمام.

[مسألة: 15 الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه و يخرج منها وصاياه]

مسألة: 15 الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه و يخرج منها وصاياه أو لا قبل الإرث ثم يورث الباقي كسائر الأموال، سواء كان القتل عمدا و صالحوا عن القصاص بالدية أو كان شبه عمد أو خطأ محضا، و يرثها كل مناسب و مسابب حتى الزوجين في القتل العمدي و ان لم يكن لهما حق القصاص، لكن إذا وقع الصلح و التراضي بالدية ورثا نصيبهما منها. نعم لا يرث المتقرب (1) بالأم وحدها كالأخ و الأخت للأم من الدية شيئا.

[الثالث من الموانع الرق]
اشارة

الثالث من الموانع الرق.

[مسألة: 16 الرقية مانعة عن الإرث في الوارث و الموروث]

مسألة: 16 الرقية مانعة عن الإرث في الوارث و الموروث، فلا يرث الرق من الحر و كذا العكس و ان قلنا بقابلية الرق للملك، فان ملكه بعد موته لمولاه.

فمن مات و له وارث حر و وارث مملوك فالميراث للحر و ان كان بعيدا كضامن الجريرة دون المملوك و ان كان قريبا كالوالد و الولد، و ليس يحجب الرق من كان تقربه بالميت بسببه، فلو كان الوارث رقا و له ولد حر لم يمنع الولد عن الإرث برق أبيه بل يكون هو الوارث دونه.

[مسألة: 17 لو مات شخص و له وارث مملوك و وارث حر فأعتق المملوك بعد موته]

مسألة: 17 لو مات شخص و له وارث مملوك و وارث حر فأعتق المملوك بعد موته، فان تعدد الحر و كان عتق المملوك قبل قسمة التركة بين الأحرار شاركهم ان ساواهم في المرتبة و اختص بالإرث ان كان أولى، و ان كان الحر واحدا (2)، أو كان


1- بل خصوص الاخوة و الأخوات للأم كما مر في الرواية، و أما غيرهما من المتقرب لها فالظاهر أنه يرثها.
2- إذا كان الواحد هي الزوجة فلا يبعد ان يشترى الرق من نصيبه و يفك و يعطى عليه بقية نصيبه ان كان، و ان لم يف نصيبه بثمنه فأعتق قبل قسمة الإرث بين الزوجة و الامام عليه السلام يعطى نصيبه، و ان أعتق بعد القسمة فلا نصيب له.

ص: 283

عتق المملوك بعد القسمة لم يكن له نصيب.

[مسألة: 18 لو لم يكن له وارث في جميع الطبقات سوى المملوك يشترى من مال الميت و يعتق]

مسألة: 18 لو لم يكن له وارث في جميع الطبقات سوى المملوك يشترى من مال الميت و يعتق، و إذا بقي شي ء يعطى له بعنوان الإرث، و ليس لمالكه الامتناع عن بيعه، بل يقهر عليه لو امتنع، بل ليس له الإجحاف و الاقتراح في الثمن، فيعطى له القيمة العادلة و يؤخذ منه المملوك و يعتق، و المباشر لذلك هو الحاكم، و مع عدمه عدول المؤمنين، بل غيرهم أيضا مع عدمهم على نحو الوجوب الكفائي.

[مسألة: 19 إذا كان المملوك أبا أو اما للميت لا اشكال و لا خلاف في انه يشترى و يعتق]

مسألة: 19 إذا كان المملوك أبا أو اما للميت لا اشكال و لا خلاف في انه يشترى و يعتق، و الظاهر جريان هذا الحكم في كل قريب له و لا سيما الأولاد.

[مسألة: 20 إذا لم يف التركة بتمام ثمن المملوك فالظاهر أنه يشترى بها شقص منه]

مسألة: 20 إذا لم يف التركة بتمام ثمن المملوك فالظاهر أنه يشترى بها (1) شقص منه و يعتق و يسعى هو في الباقي.

و هنا فروع آخر لا جدوى في التعرض بها لقلة الابتلاء بها. و يلحق بموانع الإرث أمور ينبغي ان يذكر في ضمن مسائل:

[مسألة: 21 اللعان الجامع للشرائط إذا وقع بين الزوجين يقطع التوارث بينهما]

مسألة: 21 اللعان الجامع للشرائط إذا وقع بين الزوجين يقطع التوارث بينهما، و إذا وقع في مقام نفي الولد يقطع التوارث بين الأب و الولد، و كذا التوارث بين الولد و كل من تقرب إليه بواسطة الأب كالجد و الجدة للأب و الأعمام و العمات و أولادهم، فينحصر التوارث بين الولد و الام و بينه و بين من تقرب إليه بالأم كالأخ و الأخت للأم و الأخوال و الخالات و أولادهم، حتى أنه لو كان له أخ للأب و الام و أخ للأم كان كمن له اخوان للأم فيرثان بالسوية، و ان اعترف الأب بعد اللعان بولديته يرثه الولد دون العكس (2).

[مسألة: 22 الحمل يرث و يورث إذا انفصل حيا و ان مات من ساعته]

مسألة: 22 الحمل يرث و يورث إذا انفصل حيا و ان مات من ساعته، و يعرف حياته بعد انفصاله قبل موته من ساعته بأن يتحرك أو يصيح بعد سقوطه. و لا يشترط


1- بل الأظهر ان المال للإمام عليه السلام و لا يشترى به البعض.
2- إلا إذا أقر الولد به أيضا.

ص: 284

ولوج الروح فيه حين موت المورث، بل يكفي انعقاد نطفته حينه، فإذا مات أحد و تبين الحمل في زوجته بعد موته و كان بحيث يلحق به شرعا يرثه إذا انفصل حيا.

و لا يعتبر في وارثيته و مورثيته الصياح بعد السقوط بعد ما علم سقوطه حيا بالحركة البينة و غيرها.

[مسألة: 23 الحمل ما دام حملا لا يرث و لكن يحجب من كان متأخرا عنه في المرتبة أو في الطبقة]

مسألة: 23 الحمل ما دام حملا لا يرث و لكن يحجب من كان متأخرا عنه في المرتبة أو في الطبقة، فلو كان للميت حمل و له أحفاد و أخوة يحجبون عن الإرث و لم يعطوا شيئا حتى يتبين الحال، فان سقط حيا اختص بالإرث، و ان سقط ميتا يرثوا. و لو كان للميت وارث آخر في مرتبة الحمل و طبقته- كما إذا كان له أولاد أو أبوان- يعزل للحمل نصيب ذكرين و يعطى الباقي للباقين، ثم بعد تبين الحال ان سقط ميتا يعطى ما عزله للوارث الأخر، و لو تعدد وزع بينهم على ما فرض اللّٰه، فلو كان للميت ابن واحد يعطى الثلث و يعزل للحمل الثلثان، و لو كانت له بنت واحدة أعطيت الخمس و عزل للحمل أربعة أخماس، و لو كان له ابن و بنت تقسم التركة سبع حصص تعطى البنت حصة و يعطى الابن حصتين و تعزل للحمل أربع حصص.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.